كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٦

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 454

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 454
المشاهدات: 82910
تحميل: 6344


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 454 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 82910 / تحميل: 6344
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 6

مؤلف:
العربية

و كعمته أي شددت فمه لما هاج من الكعام و هو شي‏ء يجعل في فم البعير و بعير مكعوم.و الكظة الجهد و الثقل الذي يعتري الإنسان عند الامتلاء من الطعام يقول كعمت الأرض الماء حال كونه مكظوظا لشدة امتلائه و كثرته و ازدحام أمواجه فهمد أي سكن همدت النار تهمد بالضم همودا أي طفئت و ذهبت البتة و الخمود دون الهمود و النزقات الخفة و الطيش نزق الرجل بالكسر ينزق نزقا و النزقات الدفعات من ذلك.و لبد الشي‏ء بالأرض يلبد بالضم لبودا أي لصق بها ساكنا و الزيفان التبختر في المشي زاف البعير يزيف و الزيافة من النوق المختالة و يروى و لبد بعد زفيان وثباته و الزفيان شدة هبوب الريح يقال زفته الريح زفيانا أي طردته و ناقة زفيان سريعة و قوس زفيان سريعة الإرسال للسهم و أكنافها جوانبها و كنفا الطائر جناحاه و يقال صلاء مكنف أي أحيط به من جوانبه و تكنفه القوم و اكتنفوه أحاطوا به.و الجبال الشواهق العالية و مثله البذخ و العرنين أول الأنف تحت مجتمع الحاجبين و الينابيع جمع ينبوع و هو ما انفجر من الأرض عن الماء و السهوب جمع سهب و هو الفلاة و البيد جمع بيداء و هي الفلاة أيضا.و الأخاديد جمع أخدود و هو الشق في الأرض قال تعالى( قُتِلَ أَصْحابُ اَلْأُخْدُودِ ) و الراسيات الثقال و الشناخيب رءوس الجبال و الشم العالية و الجلاميد الصخور واحدها جلمود و الصياخيد جمع صيخود و هي الصخرة الصلبة.

٤٤١

و الميدان التحرك و الاضطراب و ماد الرجل يميد أي تبختر و رسوب الجبال نزولها رسب الشي‏ء في الماء أي سفل فيه و سيف رسوب ينزل في العظام.و قوله في قطع أديمها جمع قطعة يريد في أجزائها و أبعاضها و يروى في قطع أديمها بضم القاف و فتح الطاء جمع قطعة و هي القطعة مفروزة من الأرض و حكي أن أعرابيا قال ورثت من أبي قطعة و يروى في قطع أديمها بسكون الطاء و القطع طنفسة الرحل فنقل ذلك إلى هذا الموضع استعارة كأنه جعل الأرض ناقة و جعل لها قطعا و جعل الجبال ثابتة في ذلك القطع.و أديم الأرض وجهها و ظاهرها و تغلغل الماء في الشجر دخوله و تخلله في أصوله.و عروقه متسربة أي داخلة تسرب الثعلب أي دخل السرب و جوبات جمع جوبة و هي الفرجة في جبل أو غيره و خياشيمها جمع خيشوم و هو أقصى الأنف و تقول خشمت الرجل خشما أي كسرت خيشومه و جراثيمها جمع جرثومة و هي أصل الشجر.و فسح أوسع و متنسما يعني موضع النسيم و الأرض الجرز التي لا نبات فيها لانقطاع المطر عنها و هذه من الألفاظ القرآنية و الروابي التلاع و ما علا من الأرض و الجداول الأنهار الصغار جمع جدول و الذريعة الوصلة.و ناشئة سحاب ما يبتدئ ظهوره و الموات بفتح الميم القفر من الأرض و اللمع جمع لمعة و هي القطعة من السحاب أو غيره و تباين قزعه القزع قطع من السحاب رقيقة واحدها قزعة قال الشاعر

٤٤٢

كأن رعاله قزع الجهام

و في الحديث كأنهم قزع الخريف و تباينها افتراقها و تمخضت تحركت بقوة يقال تمخض اللبن إذا تحرك في الممخضة و تمخض الولد تحرك في بطن الحامل و الهاء في فيه ترجع إلى المزن أي تحركت لجة المزن في المزن نفسه أي تحرك من السحاب وسطه و ثبجه.و التمع البرق و لمع أي أضاء و كففه جمع كفة و الكفة كالدارة تكون في السحاب.و كان الأصمعي يقول كل ما استطال فهو كفة بالضم نحو كفة الثوب و هي حاشيته و كفة الرمل و الجمع كفاف و كل ما استدار فهو كفة بالكسر نحو كفة الميزان و كفة الصائد و هي حبالته و الجمع كفف و يقال أيضا كفة الميزان بالفتح و الوميض الضياء و اللمعان.و قوله لم ينم أي لم يفتر و لم ينقطع فاستعار له لفظة النوم و الكنهور العظيم من السحاب و الرباب الغمام الأبيض و يقال إنه السحاب الذي تراه كأنه دون السحاب و قد يكون أبيض و قد يكون أسود و هو جمع و الواحدة ربابة و به سميت المرأة الرباب.و المتراكم الذي قد ركب بعضه بعضا و الميم بدل من الباء و سحا صبا و سحابة سحوح و تسحسح الماء سال و مطر سحساح أي يسح شديدا و متداركا يلحق بعضه بعضا من غير انقطاع و أسف دنا من الأرض و هيدبه ما تهدب منه أي تدلى كما يتدلى هدب العين على أشفارها و يمري الجنوب و هو بمعنى يحلب و يستدر و يروى تمريه الجنوب.على أن يعدى الفعل إلى المفعولين كما تقول حلبت الناقة لبنا و يروى تمتري الجنوب و هو بمعنى تمري من مريت الفرس و امتريته إذا استخرجت بالسوط ما عنده من الجري و إنما

٤٤٣

خص الجنوب بذلك لأنها الريح التي يكون عليها المطر و الدرر جمع درة و هي كثرة اللبن و سيلانه و صبه و الأهاضيب جمع هضاب و الهضاب جمع هضب و هي حلبات القطر بعد القطر و الدفع جمع دفعة بالضم و هي كالدفقة من المطر بالضم أيضا و الشآبيب جمع شؤبوب و هي رشة قوية من المطر تنزل دفعة بشدة و البرك الصدر و بوانيها تثنية بوان على فعال بكسر الفاء و هو عمود الخيمة و الجمع بون بالضم قال الشاعر

أصبر من ذي ضاغط عركرك

ألقى بواني زوره للمبرك

و من روى بوانيها أراد لواصقها من قولك قوص بانية إذا التصقت بالوتر.و الرواية الأولى أصح و بعاع السحاب ثقله بالمطر قال إمرؤ القيس

و ألقى بصحراء الغبيط بعاعه

نزول اليماني بالعياب المثقل

و العب‏ء الثقل و استقلت ارتفعت و نهضت و هوامد الأرض هي الأرضون التي لا نبات بها و زعر الجبال جمع أزعر و المراد به قلة العشب و الخلى و أصله من الزعر و هو قلة الشعر في الرأس قال

من يك ذا لمة يرجلها

فإنني غير ضائري زعري

و قد زعر الرجل يزعر قل شعره و تبهج تسر و تفرح تقول بهجني أمر كذا بالفتح و أبهجني معا أي سرني و من رواه بضم الهاء أراد يحسن و يملح من البهجة و هي الحسن يقال بهج الرجل بالضم بهاجة فهو بهيج أي حسن قال الله تعالى( مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ) و تقول قد أبهجت الأرض بالهمزة أي بهج نباتها و حسن.

٤٤٤

و تزدهي أي تتكبر و هي اللغة التي حكاها ابن دريد قال تقول زها الرجل يزهو زهوا أي تكبر و على هذه اللغة تقول ازدهى الرجل يزدهي كما تقول من علا اعتلى يعتلي و من رمى ارتمى يرتمي و أما من رواها و تزدهى بما ألبسته على ما لم يسم فاعله فهي اللغة المشهورة تقول زهي فلان علينا و للعرب أحرف تتكلم بها على سبيل المفعول به و إن كانت بمعنى الفاعل كقولهم عني بالأمر و نتجت الناقة فتقول على هذه اللغة فلان يزدهى بكذا.و الريط جمع ريطة و هي الملاءة غير ذات لفقين و الأزاهير النور ذو الألوان.و سمطت به علق عليها السموط جمع سمط و هو العقد و من رواه شمطت بالشين المعجمة أراد ما خالط سواد الرياض من النور الأبيض كالأقحوان و نحوه فصارت الرياض كالشعر الأشمط و الناضر ذو النضارة و هي الحسن و الطراوة.و بلاغا للأنام أي كفاية و الآفاق النواحي و المنار الأعلام

فصول متنوعة تتعلق بالخطبة

و ينبغي أن نتكلم في هذا الموضع في فصول.الفصل الأول في كيفية ابتداء خلق الأرض.ظاهر كلام أمير المؤمنين ع أن الماء خلق قبل الأرض و قد ذكرنا فيما تقدم أنه قول لبعض الحكماء و أنه موافق لما في التوراة إلا أن في كلامه ع في هذا الموضع إشكالا و ذلك أن لقائل أن يقول كلامه يشعر بأن هيجان الماء و غليانه و موجه

٤٤٥

سكن بوضع الأرض عليه و هذا خلاف ما يشاهد و خلاف ما يقتضيه العقل لأن الماء الساكن إذا جعل فيه جسم ثقيل اضطرب و تموج و صعد علوا فكيف الماء المتموج يسكن بطرح الجسم الثقيل فيه.و الجواب أن الماء إذا كان تموجه من قبل ريح هائجة جاز أن يسكن هيجانه بجسم يحول بينه و بين تلك الريح و لذلك إذا جعلنا في الإناء ماء و روحناه بمروحة تموجه فإنه يتحرك فإن جعلنا على سطح الماء جسما يملأ حافات الإناء و روحنا بالمروحة فإن الماء لا يتحرك لأن ذلك الجسم قد حال بين الهواء المجتلب بالمروحة و بين سطح الماء فمن الجائز أن يكون الماء الأول هائجا لأجل ريح محركة له فإذا وضعت الأرض عليه حال بين سطح الماء و بين تلك الريح و قد مر في كلام أمير المؤمنين في الخطبة الأولى ذكر هذه الريح فقال ريح اعتقم مهبها و أدام مربها و أعصف مجراها و أبعد منشأها فأمرها بتصفيق الماء الزخار و إثارة موج البحار فمخضت مخض السقاء و عصفت به عصفها بالفضاء.الفصل الثاني في بيان قوله ع فلما سكن هيج الماء من تحت أكنافها و حمل شواهق الجبال البذخ على أكتافها فجر ينابيع العيون فيها و عدل حركاتها بالراسيات من جلاميدها.و ذلك لأن العامل في لما يجب أن يكون أمرا مباينا لما أضيفت إليه مثاله لما قام زيد قام عمرو فقام الثانية هي العاملة في لما فيجوز أن تكون أمرا مباينا لما أضيف لما إليه و هو قيام زيد و هاهنا قد قال ع لما حمل الله تعالى شواهق الجبال على الأرض عدل حركات الأرض بالجبال و معلوم أن أحد الأمرين هو الآخر.و الجواب أنه ليس أحد الأمرين هو الآخر بعينه بل الثاني معلول الأول و موجب

٤٤٦

عنه لأن الأول هو حمل الجبال عليها و الثاني تعديل حركاتها بالجبال المحمول عليها فكأنه قال حمل عليها الجبال فاقتضى ذلك الحمل تعديل حركاتها و معلوم أن هذا الكلام منتظم.الفصل الثالث في قوله إن الجبال هي المسكنة للأرض.فنقول إن هذا القول يخالف قول الحكماء لأن سكون الأرض عند الحكماء لم يكن لذلك بل لأنها تطلب المركز و هي حاصلة في حيزها الطبيعي لكنا و إن كان مخالفا لقول الحكماء فإنا نعتقده دينا و مذهبا و نعدل عن قول الحكماء لأن اتباع قوله ع أولى من اتباع أقوالهم.الفصل الرابع في ذكر نظائر لما وصف به المطر و السحاب.فمن ذلك ما رواه عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال سئل أعرابي عن مطر فقال استقل سد مع انتشار الطفل فشصا و احزأل ثم اكفهرت أرجاؤه و احمومت ارحاؤه و انزعرت فوارقه و تضاحكت بوارقه و استطار وادقه و أرسعت جوبه و ارتعن هيدبه و حسكت أخلافه و استقلت أردافه و انتشرت أكنافه فالرعد يرتجس و البرق يختلس و الماء ينبجس فأترع الغدر و أنبت الوجر و خلط الأوعال بالآجال و قرن الصيران بالرئال فللأودية هدير و للشراج خرير و للتلاع زفير و حط النبع و العنم من القلل الشم إلى القيعان الصحم فلم يبق في القلل إلا معصم

٤٤٧

مجرنثم أو داحض محرجم و ذلك من فضل رب العالمين على عباده المذنبين.قلت السد السحاب الذي يسد الأفق و أصل الجبل و الطفل اختلاط الظلام و انتشاره حال غروب الشمس و شصا ارتفع و علا و احزأل انتصب و اكفهرت أرجاؤه غلظت نواحيه و جوانبه و تراكمت و احمومت اسودت مع مخالطة حمرة و أرجاؤه أوساطه و انزعرت تفرقت و الفوارق قطع من السحاب تتفرق عنه مثل فرق الإبل و هي النوق إذا أرادت الولادة فارقت الإبل و بعدت عنها حيث لا ترى و تضاحكت بوارقه لمعت و استطار انتشر و الوادق ذو الودق و هو مطر كبار و أرسعت جوبه أي تلاءمت فرجه و التحمت و ارتعن استرخى و هيدبه ما تدلى منه و حسكت أخلافه امتلأت ضروعه و أرادفه مآخره و أكنافه نواحيه و يرتجس يصوت و الرجس الصوت و يختلس يستلب البصر و ينبجس ينصب فأترع الغدر ملأها جمع غدير و أنبت الوجر حفرها جمع وجار و هو بيت الضبع و الآجال جمع إجل و هو قطيع البقر و الصيران مثله جمع صوار و الرئال جمع رأل و هو فرخ النعام و الهدير الصوت و الشراج جمع شرج و هو مسيل الماء إلى الحرة و خرير الماء صوته و زفير التلاع أن تزفر بالماء لفرط امتلائها و النبع شجر و العنم شجر آخر و كلاهما لا ينبت إلا في رءوس الجبال و الشم العالية و الصحم السود التي تضرب إلى الصفرة و المعصم المعتصم الملتجئ و المجرنثم المتقبض و الداحض الزالق الواقع و المحرجم المصروع.و من ذلك ما رواه أبو حاتم عن الأصمعي قال سألت أعرابيا من بني عامر بن صعصعة عن مطر أصاب بلادهم فقال نشأ عارضا فطلع ناهضا ثم ابتسم وامضا فاعتن في الأقطار فأشجاها و امتد في

٤٤٨

الآفاق فغطاها ثم ارتجس فهمهم ثم دوي فأظلم فأرك و دث و بغش و طش ثم قطقط فأفرط ثم ديم فأغمط ثم ركد فأثجم ثم وبل فسجم و جاد فأنعم فقمس الربا و أفرط الزبى سيعا تباعا يريد انقشاعا حتى إذا ارتوت الحزون و تضحضحت المتون ساقه ربك إلى حيث يشاء كما جلبه من حيث شاء.قلت العارض سحاب يعترض في الأفق و اعتن اعترض و أشجاها ملأها فكان كالشجى في حلقها و ارتجس صوت و الهمهمة صوت الرعد و دوي أحدث دويا فأظلم أعدم الضوء من الأرض بتكاثفه فأرك أي مطر ركا و الرك المطر الضعيف و كذلك الدث و البغش و الطش و فوق ذلك القطقط و ديم صار ديمة و هي المطر أياما لا يقلع و أغمط أي دام و أثجم أقام و وبل جاء بالوابل و هو المطر العظيم و سجم صب و أنعم بالغ و قمس غوص في الماء و أفرط الزبى ملأها جمع زبية و هي حفيرة تحفر للوحوش في مكان مرتفع و الحزون جمع حزن و هو ما غلظ من الأرض و المتون جمع متن و هو الصلب من الأرض و تضحضحت صار فوقها ضحضاح من الماء و هو الرقيق.و من ذلك ما رواه أبو حاتم أيضا عن الأصمعي قال سألت أعرابيا عن مطر أصابهم بعد جدب فقال ارتاح لنا ربك بعد ما استولى اليأس على الظنون و خامر القلوب القنوط فأنشأ بنوء الجبهة قزعة كالقرص من قبل العين فاحزألت عند ترجل النهار لأدهم السرار حتى إذا نهضت في الأفق طالعة أمر مسخرها الجنوب فتبسمت لها فانتثرت أحضانها و احمومت أركانها و بسق عنانها و اكفهرت رحاها و انبعجت كلاها و ذمرت

٤٤٩

أخراها أولاها ثم استطارت عقائقها و ارتعجت بوارقها و تعقعقت صواعقها ثم ارتعبت جوانبها و تداعت سواكبها و درت حوالبها فكانت للأرض طبقا شج فهضب و عم فأحسب فعل القيعان و ضحضح الغيطان و صوح الأضواج و أترع الشراج فالحمد لله الذي جعل كفاء إساءتنا إحسانا و جزاء ظلمنا غفرانا.قلت نوء الجبهة محمود عندهم للمطر و القزعة القطعة الصغيرة من السحاب و القرص الترس و العين ما عن يمين قبلة العراق و ترجل النهار انبساط الشمس و الأدهم أحد ليالي السرار و الأحضان النواحي و احمومت اسودت و بسق علا و العنان ما يعترض من السحاب في الأفق و انبعجت انفتقت و ذمرت حضت و العقائق البروق و ارتعجت اهتزت و ارتعدت و طبقا أي غطت الأرض و هضب جاء بالمطر دفعة فدفعة و أحسب كفى و عل القيعان سقاها مرة بعد أخرى و الغيطان جمع غائط و هو ما سفل من الأرض و صوح الأضواج هدم الأجواف و أترع الشراج ملأ المسيلات.و من ذلك ما رواه ابن دريد عن عبد الرحمن عن عمه الأصمعي قال سمعت أعرابيا من بني عامر يصف مطرا قال نشأ عند القصر بنوء الغفر حيا عارضا ضاحكا وامضا فكلا و لا ما كان حتى شجيت به أقطار الهواء و احتجبت به السماء ثم أطرق فاكفهر و تراكم فادلهم و بسق فازلأم ثم حدت به الريح فخر و البرق مرتعج و الرعد مبتوج و الحدج مبتعج فأثجم ثلاثا متحيرا هثهاثا أخلافه حاشكة و دفعه متواشكة و سوامه متعاركة ثم ودع منجما و أقلع متهما محمود البلاء مترع النهاء مشكور النعماء بطول ذي الكبرياء.قلت القصر العشي و الغفر من نجوم الأسد و الحيا الداني من الأرض.و قوله كلا و لا أي في زمان قصير جدا و شجيت به الأقطار صار كالشجى لها

٤٥٠

و ازلأم انتصب و المرتعج المتدارك و المبتوج العالي الصوت و الحدج السحاب أول ما ينشأ و يتبعج يشقق و أثجم دام متحيرا أي كأنه قد تحير لا وجه له يقصده و الهثهاث المداخل و أخلافه حاشكة أي ضروعة ممتلئة و دفعه متواشكة أي مسرعة و سوامه متعاركة شبه قطع السحاب بسوام الإبل و منجما مقلعا و متهما يسير نحو تهامة

الفصل الخامس في بيان أنه ع إمام أرباب صناعة البديع

و ذلك لأن هذا الفن لا يوجد منه في كلام غيره ممن تقدمه إلا ألفاظ يسيرة غير مقصودة و لكنها واقعة بالاتفاق كما وقع التجنيس في القرآن العزيز اتفاقا غير مقصود و ذلك نحو قوله يا أَسَفى‏ عَلى‏ يُوسُفَ و كما وقعت المقابلة أيضا غير مقصودة في قوله وَ اَلسَّماءَ رَفَعَها وَ وَضَعَ اَلْمِيزانَ على أنها ليست مقابلة في المعنى بل من اللفظ خاصة و لما تأمل العلماء شعر إمرئ القيس و وجدوا فيه من الاستعارة بيتا أو بيتين نحو قوله يصف الليل

فقلت له لما تمطى بصلبه

و أردف أعجازا و ناء بكلكل

و قوله

و إن يك قد ساءتك مني خليقة

فسلي ثيابي من ثيابك تنسل

و لم ينشدوا مثل ذلك في أشعار الجاهلية حكموا له بأنه إمام الشعراء و رئيسهم.و هذا الفصل من كلام أمير المؤمنين ع قد اشتمل من الاستعارة العجيبة و غيرها من أبواب البديع على ما لو كان موجودا في ديوان شاعر مكثر أو مترسل مكثر

٤٥١

لكان مستحق التقديم بذلك أ لا تراه كيف وصف الأمواج بأنها مستفحلة و أنها ترغو رغاء فحول الإبل ثم جعل الماء جماحا ثم وصفه بالخضوع و جعل للأرض كلكلا و جعلها واطئة للماء به و وصف الماء بالذل و الاستخذاء لما جعل الأرض متمعكة عليه كما يتمعك الحمار أو الفرس و جعل لها كواهل و جعل للذل حكمة و جعل الماء في حكمة الذل منقادا أسيرا و ساجيا مقهورا و جعل الماء قد كان ذا نخوة و بأو و اعتلاء فردته الأرض خاضعا مسكينا و طأطأت من شموخ أنفه و سمو غلوائه و جعلها كاعمة له و جعل الماء ذا كظة بامتلائه كما تعتري الكظة المستكثر من الأكل ثم جعله هامدا بعد أن كانت له نزقات و لابدا بعد أن كانت له وثبات ثم جعل للأرض أكتافا و عرانين و أنوفا و خياشيم ثم نفى النوم عن وميض البرق و جعل الجنوب مارية درر السحاب ثم جعل للسحاب صدرا و بوانا ثم جعل الأرض مبتهجة مسرورة مزدهاة و جعل لها ريطا من لباس الزهور و سموطا تحلى بها فيا لله و للعجب من قوم زعموا أن الكلام إنما يفضل بعضه بعضا لاشتماله على أمثال هذه الصنعة فإذا وجدوا في مائه ورقة كلمتين أو ثلاثا منها أقاموا القيامة و نفخوا في الصور و ملئوا الصحف بالاستحسان لذلك و الاستظراف ثم يمرون على هذا الكلام المشحون كله بهذه الصنعة على ألطف وجه و أرصع وجه و أرشق عبارة و أدق معنى و أحسن مقصد ثم يحملهم الهوى و العصبية على السكوت عن تفضيله إذا أجملوا و أحسنوا و لم يتعصبوا لتفضيل غيره عليه على أنه لا عجب فإنه كلام علي ع و حظ الكلام حظ المتكلم و أشبه امرأ بعض بزه.

٤٥٢

الفهرس

کتاب شرح نهج البلاغة الجزء السادس ابن ابي الحديد 1

يوم السقيفة 5

قصيدة أبي القاسم المغربي و تعصبه للأنصار على قريش 14

أمر المهاجرين و الأنصار بعد بيعة أبي بكر 17

ذكر أمر فاطمة مع أبي بكر 46

هاشم بن عتبة بن أبي وقاص و نسبه 55

ولاية قيس بن سعد على مصر ثم عزله 57

ولاية محمد بن أبي بكر على مصر و أخبار مقتله 65

خطبة للإمام علي بعد مقتل محمد بن أبي بكر 94

خبر مقتل محمد بن أبي حذيفة 100

طائفة من الأشعار الواردة في ذم الجبن 104

أخبار الجبناء و ذكر نوادرهم 107

خبر مقتل الإمام علي كرم الله وجهه 113

ذكر مطاعن النظام على الإمام علي و الرد عليه 129

خطبة الإمام علي بعد يوم النهروان 134

من خطب الإمام علي أيضا 136

معنى الصلاة على النبي و الخلاف في جواز الصلاة على غيره 143

مروان بن الحكم و نسبه و أخباره 148

كلام لعلي قبل المبايعة لعثمان 167

من أدعية رسول الله المأثورة 178

من أدعية الصحيفة 178

من الأدعية المأثورة عن عيسى ع 187

٤٥٣

من الأدعية المأثورة عن بعض الصالحين 187

آداب الدعاء 196

القول في أحكام النجوم 200

أخبار عائشة في خروجها من مكة إلى البصرة بعد مقتل عثمان 215

الآثار و الأخبار الواردة في الزهد 231

فصل في ذكر القبر و سؤال منكر و نكير 273

نسب عمرو بن العاص و طرف من أخباره 281

مفاخرة بين الحسن بن علي و رجالات من قريش 285

عمرو بن العاص و معاوية 294

عبد الله بن جعفر و عمرو بن العاص في مجلس معاوية 295

عبد الله بن العباس و رجالات قريش في مجلس معاوية 298

عمارة بن الوليد و عمرو بن العاص في الحبشة 304

أمر عمرو بن العاص مع جعفر بن أبي طالب في الحبشة 307

أمر عمرو بن العاص في صفين 312

خبر إسلام عمرو بن العاص 318

بعث رسول الله عمرا إلى ذات السلاسل 319

ولايات عمرو في عهد الرسول و الخلفاء 320

نبذ من كلام عمرو بن العاص 321

فصل في شرح ما نسب إلى علي من الدعابة 326

أقوال و حكايات في المزاح 330

نبذ و أقول في حسن الخلق و مدحه 337

فصل في ذكر أسباب الغلظة و الفظاظة 340

فصل في ذم الكذب و حقارة الكذابين 357

فصل في العباد و الزهاد و العارفين و أحوالهم 365

أبحاث تتعلق بالملائكة 431

فصول متنوعة تتعلق بالخطبة 445

الفهرس 453

٤٥٤