كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٧

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 307

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 307
المشاهدات: 35068
تحميل: 5951


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 307 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35068 / تحميل: 5951
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 7

مؤلف:
العربية

قالا نعم قال فما دعاكما بعد إلى ما أرى قالا أعطيناك بيعتنا على ألا تقضي الأمور و لا تقطعها دوننا و أن تستشيرنا في كل أمر و لا تستبد بذلك علينا و لنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت فأنت تقسم القسم و تقطع الأمر و تمضي الحكم بغير مشاورتنا و لا علمنا فقال لقد نقمتما يسيرا و أرجأتما كثيرا فاستغفرا الله يغفر لكما أ لا تخبرانني أدفعتكما عن حق وجب لكما فظلمتكما إياه قالا معاذ الله قال فهل استأثرت من هذا المال لنفسي بشي‏ء قالا معاذ الله قال أ فوقع حكم أو حق لأحد من المسلمين فجهلته أو ضعفت عنه قالا معاذ الله قال فما الذي كرهتما من أمري حتى رأيتما خلافي قالا خلافك عمر بن الخطاب في القسم أنك جعلت حقنا في القسم كحق غيرنا و سويت بيننا و بين من لا يماثلنا فيما أفاء الله تعالى علينا بأسيافنا و رماحنا و أوجفنا عليه بخيلنا و رجلنا و ظهرت عليه دعوتنا و أخذناه قسرا قهرا ممن لا يرى الإسلام إلا كرها فقال فأما ما ذكرتماه من الاستشارة بكما فو الله ما كانت لي في الولاية رغبة و لكنكم دعوتموني إليها و جعلتموني عليها فخفت أن أردكم فتختلف الأمة فلما أفضت إلي نظرت في كتاب الله و سنة رسوله فأمضيت ما دلاني عليه و اتبعته و لم أحتج إلى آرائكما فيه و لا رأي غيركما و لو وقع حكم ليس في كتاب الله بيانه و لا في السنة برهانه و احتيج إلى المشاورة فيه لشاورتكما فيه و أما القسم و الأسوة فإن ذلك أمر لم أحكم فيه بادئ بدء قد وجدت أنا و أنتما رسول الله ص يحكم بذلك و كتاب الله ناطق به و هو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد و أما قولكما جعلت فيئنا و ما أفاءته سيوفنا و رماحنا سواء بيننا و بين غيرنا فقديما سبق إلى الإسلام قوم و نصروه بسيوفهم و رماحهم فلم يفضلهم رسول الله ص في القسم و لا آثرهم بالسبق و الله

٤١

سبحانه موف السابق و المجاهد يوم القيامة أعمالهم و ليس لكما و الله عندي و لا لغيركما إلا هذا أخذ الله بقلوبنا و قلوبكم إلى الحق و ألهمنا و إياكم الصبر ثم قال رحم الله امرأ رأى حقا فأعان عليه و رأى جورا فرده و كان عونا للحق على من خالفه.

قال شيخنا أبو جعفر و قد روي أنهما قالا له وقت البيعة نبايعك على أنا شركاؤك في هذا الأمر فقال لهما لا و لكنكما شريكاي في الفي‏ء لا أستأثر عليكما و لا على عبد حبشي مجدع بدرهم فما دونه لا أنا و لا ولداي هذان فإن أبيتما إلا لفظ الشركة فإنما عونان لي عند العجز و الفاقة لا عند القوة و الاستقامة.قال أبو جعفر فاشترطا ما لا يجوز في عقد الأمانة و شرط ع لهما ما يجب في الدين و الشريعة.قالرحمه‌الله تعالى و قد روي أيضا أن الزبير قال في ملإ من الناس هذا جزاؤنا من علي قمنا له في أمر عثمان حتى قتل فلما بلغ بنا ما أراد جعل فوقنا من كنا فوقه.و قال طلحة ما اللوم إلا علينا كنا معه أهل الشورى ثلاثة فكرهه أحدنا يعني سعدا و بايعناه فأعطيناه ما في أيدينا و منعنا ما في يده فأصبحنا قد أخطأنا اليوم ما رجوناه أمس و لا نرجو غدا ما أخطأنا اليوم.فإن قلت فإن أبا بكر قسم بالسواء كما قسمه أمير المؤمنين ع و لم ينكروا ذلك كما أنكروه أيام أمير المؤمنين ع فما الفرق بين الحالتين.قلت إن أبا بكر قسم محتذيا لقسم رسول الله ص فلما ولي عمر الخلافة و فضل قوما على قوم ألفوا ذلك و نسوا تلك القسمة الأولى و طالت أيام عمر

٤٢

و أشربت قلوبهم حب المال و كثرة العطاء و أما الذين اهتضموا فقنعوا و مرنوا على القناعة و لم يخطر لأحد من الفريقين له أن هذه الحال تنتقض أو تتغير بوجه ما فلما ولي عثمان أجرى الأمر على ما كان عمر يجريه فازداد وثوق القوم بذلك و من ألف أمرا أشق عليه فراقه و تغيير العادة فيه فلما ولي أمير المؤمنين ع أراد أن يرد الأمر إلى ما كان في أيام رسول الله ص و أبي بكر و قد نسي ذلك و رفض و تخلل بين الزمانين اثنتان و عشرون سنة فشق ذلك عليهم و أنكروه و أكبروه حتى حدث ما حدث من نقض البيعة و مفارقة الطاعة و لله أمر هو بالغه

٤٣

92 و من خطبة له ع

أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اَللَّهِ وَ اَلثَّنَاءِ عَلَيْهِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ فَإِنِّي فَقَأْتُ عَيْنَ اَلْفِتْنَةِ وَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْتَرِئَ عَلَيْهَا أَحَدٌ غَيْرِي بَعْدَ أَنْ مَاجَ غَيْهَبُهَا وَ اِشْتَدَّ كَلَبُهَا فَاسْأَلُونِي قَبْلَ أَنْ تَفْقِدُونِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ تَسْأَلُونَنِي تَسْأَلُونِّي عَنْ شَيْ‏ءٍ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ اَلسَّاعَةِ وَ لاَ عَنْ فِئَةٍ تَهْدِي مِائَةً وَ تُضِلُّ مِائَةً إِلاَّ أَنْبَأْتُكُمْ بِنَاعِقِهَا وَ قَائِدِهَا وَ سَائِقِهَا وَ مُنَاخِ رِكَابِهَا وَ مَحَطِّ رِحَالِهَا وَ مَنْ يُقْتَلُ مِنْ أَهْلِهَا قَتْلاً وَ مَنْ يَمُوتُ مِنْهُمْ مَوْتاً وَ لَوْ قَدْ فَقَدْتُمُونِي وَ نَزَلَتْ بِكُمْ كَرَائِهُ اَلْأُمُورِ وَ حَوَازِبُ اَلْخُطُوبِ لَأَطْرَقَ كَثِيرٌ مِنَ اَلسَّائِلِينَ وَ فَشِلَ كَثِيرٌ مِنَ اَلْمَسْئُولِينَ وَ ذَلِكَ إِذَا قَلَّصَتْ حَرْبُكُمْ وَ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقٍ وَ كَانَتِ ضَاقَتِ اَلدُّنْيَا عَلَيْكُمْ ضِيقاً تَسْتَطِيلُونَ مَعَهُ أَيَّامَ اَلْبَلاَءِ عَلَيْكُمْ حَتَّى يَفْتَحَ اَللَّهُ لِبَقِيَّةِ اَلْأَبْرَارِ مِنْكُمْ إِنَّ اَلْفِتَنَ إِذَا أَقْبَلَتْ شَبَّهَتْ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ نَبَّهَتْ يُنْكَرْنَ مُقْبِلاَتٍ وَ يُعْرَفْنَ مُدْبِرَاتٍ يَحُمْنَ حَوْمَ اَلرِّيَاحِ يُصِبْنَ بَلَداً وَ يُخْطِئْنَ بَلَداً أَلاَ وَ إِنَّ أَخْوَفَ اَلْفِتَنِ عِنْدِي عَلَيْكُمْ فِتْنَةُ بَنِي أُمَيَّةَ فَإِنَّهَا فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ مُظْلِمَةٌ عَمَّتْ خُطَّتُهَا وَ خَصَّتْ بَلِيَّتُهَا وَ أَصَابَ اَلْبَلاَءُ مَنْ أَبْصَرَ فِيهَا وَ أَخْطَأَ اَلْبَلاَءُ مَنْ عَمِيَ عَنْهَا وَ اَيْمُ اَللَّهِ لَتَجِدُنَّ بَنِي أُمَيَّةَ لَكُمْ أَرْبَابَ سُوءٍ بَعْدِي كَالنَّابِ اَلضَّرُوسِ تَعْذِمُ

٤٤

بِفِيهَا وَ تَخْبِطُ بِيَدِهَا وَ تَزْبِنُ بِرِجْلِهَا وَ تَمْنَعُ دَرَّهَا لاَ يَزَالُونَ بِكُمْ حَتَّى لاَ يَتْرُكُوا مِنْكُمْ إِلاَّ نَافِعاً لَهُمْ أَوْ غَيْرَ ضَائِرٍ بِهِمْ وَ لاَ يَزَالُ بَلاَؤُهُمْ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَكُونَ اِنْتِصَارُ أَحَدِكُمْ مِنْهُمْ إِلاَّ مِثْلَ اِنْتِصَارِ كَانْتِصَارِ اَلْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ وَ اَلصَّاحِبِ مِنْ مُسْتَصْحِبِهِ تَرِدُ عَلَيْكُمْ فِتْنَتُهُمْ شَوْهاً شَوْهَاءَ مَخْشِيَّةً وَ قِطَعاً جَاهِلِيَّةً لَيْسَ فِيهَا مَنَارُ هُدًى وَ لاَ عَلَمٌ يُرَى نَحْنُ أَهْلَ اَلْبَيْتِ مِنْهَا بِنَجَاةٍ بِمَنْجَاةٍ وَ لَسْنَا فِيهَا بِدُعَاةٍ ثُمَّ يُفَرِّجُهَا اَللَّهُ عَنْكُمْ كَتَفْرِيجِ اَلْأَدِيمِ بِمَنْ يَسُومُهُمْ خَسْفاً وَ يَسُوقُهُمْ عُنْفاً وَ يَسْقِيهِمْ بِكَأْسٍ مُصَبَّرَةٍ لاَ يُعْطِيهِمْ إِلاَّ اَلسَّيْفَ وَ لاَ يُحْلِسُهُمْ إِلاَّ اَلْخَوْفَ فَعِنْدَ ذَلِكَ تَوَدُّ قُرَيْشٌ بِالدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا لَوْ يَرَوْنَنِي مَقَاماً وَاحِداً وَ لَوْ قَدْرَ جَزْرِ جَزُورٍ لِأَقْبَلَ مِنْهُمْ مَا أَطْلُبُ اَلْيَوْمَ بَعْضَهُ فَلاَ يُعْطُونَنِيهِ يُعْطُونِيهِ فقأت عينه أي بخقتها و تفقأت السحابة عن مائها تشققت و تفقأ الدمل و القرح و معنى فقئه ع عين الفتنة إقدامه عليها حتى أطفأ نارها كأنه جعل للفتنة عينا محدقة يهابها الناس فأقدم هو عليها ففقأ عينها فسكنت بعد حركتها و هيجانها و هذا من باب الاستعارة و إنما قال و لم يكن ليجترئ عليها أحد غيري لأن الناس كلهم كانوا يهابون قتال أهل القبلة و لا يعلمون كيف يقاتلونهم هل يتبعون موليهم أم لا و هل يجهزون على جريحهم أم لا و هل يقسمون فيئهم أم لا و كانوا يستعظمون قتال من يؤذن كأذاننا و يصلي كصلاتنا و استعظموا أيضا حرب عائشة و حرب طلحة و الزبير لمكانهم في الإسلام و توقف جماعتهم عن الدخول في تلك الحرب كالأحنف بن قيس و غيره فلو لا أن عليا اجترأ على سل السيف فيها ما أقدم أحد عليها حتى

٤٥

الحسن ع ابنه أشار عليه ألا يبرح عرصة المدينة و نهاه عن المسير إلى البصرة حتى قال له منكرا عليه إنكاره و لا تزال تخن خنين الأمة و قد روى ابن هلال صاحب كتاب الغارات أنه كلم أباه في قتال أهل البصرة بكلام أغضبه فرماه ببيضة حديد عقرت ساقه فعولج منها شهرين.و الغيهب الظلمة و الجمع غياهب و إنما قال بعد ما ماج غيهبها لأنه أراد بعد ما عم ضلالها فشمل فكنى عن الضلال بالغيهب و كنى عن العموم و الشمول بالتموج لأن الظلمة إذا تموجت شملت أماكن كثيرة غير الأماكن التي تشملها لو كانت ساكنة و اشتد كلبها أي شرها و أذاها و يقال للقحط الشديد كلب و كذلك للقر الشديد.

ثم قال ع سلوني قبل أن تفقدوني روى صاحب كتاب الإستيعاب و هو أبو عمر محمد بن عبد البر عن جماعة من الرواة و المحدثين قالوا لم يقل أحد من الصحابةرضي‌الله‌عنه م سلوني إلا علي بن أبي طالب و روى شيخنا أبو جعفر الإسكافي في كتاب نقض العثمانية عن علي بن الجعد عن ابن شبرمة قال ليس لأحد من الناس أن يقول على المنبر سلوني إلا علي بن أبي طالب ع.و الفئة الطائفة و الهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه و أصله في‏ء مثال فيع لأنه من فاء و يجمع على فئات مثل شيات و هبات و لدات.و ناعقها الداعي إليها من نعيق الراعي بغنمه و هو صوته نعق ينعق بالكسر نعيقا و نعاقا أي صاح بها و زجرها قال الأخطل

فانعق بضأنك يا جرير فإنما

منتك نفسك في الخلاء ضلالا

٤٦

فأما الغراب فيقال نغق بالغين المعجمة ينغق بالكسر أيضا و حكى ابن كيسان نعق الغراب أيضا بعين غير معجمه.و الركاب الإبل واحدتها راحلة و لا واحد لها من لفظها و جمعها ركب مثل كتاب و كتب و يقال زيت ركابي لأنه يحمل من الشام عليها.و المناخ بضم الميم و محط بفتحها يجوز أن يكونا مصدرين و أن يكونا مكانين أما كون المناخ مصدرا فلأنه كالمقام الذي بمعنى الإقامة و أما كون المحط مصدرا فلأنه كالمرد في قوله سبحانه وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اَللَّهِ و أما كونهما موضعين فلأن المناخ من أنخت الجمل لا من ناخ الجمل لأنه لم يأت و الفعل إذا جاوز الثلاثة فالموضع منه يأتي مضموم الميم لأنه مشبه ببنات الأربعة نحو دحرج و هذا مدحرجنا و من قال هذا مقام بني فلان أي موضع مقامهم جعله كما جعلناه نحن من أقام يقيم لا من قام يقوم و أما المحط فإنه كالمقتل موضع القتل يقال مقتل الرجل بين فكيه و يقال للأعضاء التي إذا أصيب الإنسان فيها هلك مقاتل و وجه المماثلة كونهما مضمومي العين

فصل في ذكر أمور غيبية أخبر بها الإمام ثم تحققت

و اعلم أنه ع قد أقسم في هذا الفصل بالله الذي نفسه بيده أنهم لا يسألونه عن أمر يحدث بينهم و بين القيامة إلا أخبرهم به و أنه ما صح من طائفة من الناس يهتدي بها مائة و تضل بها مائة إلا و هو مخبر لهم إن سألوه برعاتها و قائدها و سائقها و مواضع نزول ركابها و خيولها و من يقتل منها قتلا و من يموت منها موتا و هذه الدعوى ليست منه عليه ع ادعاء الربوبية و لا ادعاء النبوة و لكنه كان يقول إن رسول الله ص

٤٧

أخبره بذلك و لقد امتحنا إخباره فوجدناه موافقا فاستدللنا بذلك على صدق الدعوى المذكورة كإخباره عن الضربة يضرب بها في رأسه فتخضب لحيته و إخباره عن قتل الحسين ابنه ع و ما قاله في كربلاء حيث مر بها و إخباره بملك معاوية الأمر من بعده و إخباره عن الحجاج و عن يوسف بن عمر و ما أخبر به من أمر الخوارج بالنهروان و ما قدمه إلى أصحابه من إخباره بقتل من يقتل منهم و صلب من يصلب و إخباره بقتال الناكثين و القاسطين و المارقين و إخباره بعدة الجيش الوارد إليه من الكوفة لما شخص ع إلى البصرة لحرب أهلها و إخباره عن عبد الله بن الزبير و قوله فيه خب ضب يروم أمرا و لا يدركه ينصب حبالة الدين لاصطياد الدنيا و هو بعد مصلوب قريش و كإخباره عن هلاك البصرة بالغرق و هلاكها تارة أخرى بالزنج و هو الذي صحفه قوم فقالوا بالريح و كإخباره عن ظهور الرايات السود من خراسان و تنصيصه على قوم من أهلها يعرفون ببني رزيق بتقديم المهملة و هم آل مصعب الذين منهم طاهر بن الحسين و ولده و إسحاق بن إبراهيم و كانوا هم و سلفهم دعاة الدولة العباسية و كإخباره عن الأئمة الذين ظهروا من ولده بطبرستان كالناصر و الداعي و غيرهما في قوله ع و إن لآل محمد بالطالقان لكنزا سيظهره الله إذا شاء دعاؤه حتى يقوم بإذن الله فيدعو إلى دين الله و كإخباره عن مقتل النفس الزكية بالمدينة و قوله إنه يقتل عند أحجار الزيت و كقوله عن أخيه إبراهيم المقتول بباب حمزة يقتل بعد أن يظهر و يقهر بعد أن يقهر و قوله فيه أيضا يأتيه سهم غرب يكون فيه منيته فيا بؤسا للرامي شلت يده و وهن عضده و كإخباره عن قتلى وج و قوله فيهم هم خير أهل الأرض و كإخباره عن المملكة العلوية بالغرب و تصريحه بذكر كتامة و هم الذين نصروا أبا عبد الله الداعي المعلم و كقوله و هو يشير إلى أبي عبد الله المهدي و هو أولهم ثم يظهر

٤٨

صاحب القيروان الغض البض ذو النسب المحض المنتجب من سلالة ذي البداء المسجى بالرداء و كان عبيد الله المهدي أبيض مترفا مشربا بحمرة رخص البدن تار الأطراف و ذو البداء إسماعيل بن جعفر بن محمد ع و هو المسجى بالرداء لأن أباه أبا عبد الله جعفرا سجاه بردائه لما مات و أدخل إليه وجوه الشيعة يشاهدونه ليعلموا موته و تزول عنهم الشبهة في أمره.و كإخباره عن بني بويه و قوله فيهم و يخرج من ديلمان بنو الصياد إشارة إليهم و كان أبوهم صياد السمك يصيد منه بيده ما يتقوت هو و عياله بثمنه فأخرج الله تعالى من ولده لصلبه ملوكا ثلاثة و نشر ذريتهم حتى ضربت الأمثال بملكهم و كقوله ع فيهم ثم يستشري أمرهم حتى يملكوا الزوراء و يخلعوا الخلفاء فقال له قائل فكم مدتهم يا أمير المؤمنين فقال مائة أو تزيد قليلا و كقوله فيهم و المترف ابن الأجذم يقتله ابن عمه على دجلة و هو إشارة إلى عز الدولة بختيار بن معز الدولة أبي الحسين و كان معز الدولة أقطع اليد قطعت يده للنكوص في الحرب و كان ابنه عز الدول بختيار مترفا صاحب لهو و شرب و قتله عضد الدولة فناخسرو ابن عمه بقصر الجص على دجلة في الحرب و سلبه ملكه فأما خلعهم للخلفاء فإن معز الدولة خلع المستكفي و رتب عوضه المطيع و بهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدولة خلع الطائع و رتب عوضه القادر و كانت مدة ملكهم كما أخبر به ع.و كإخباره ع لعبد الله بن العباسرحمه‌الله تعالى عن انتقال الأمر إلى أولاده فإن علي بن عبد الله لما ولد أخرجه أبوه عبد الله إلى علي ع فأخذه و تفل في فيه

٤٩

و حنكه بتمرة قد لاكها و دفعه إليه و قال خذ إليك أبا الأملاك هكذا الرواية الصحيحة و هي التي ذكرها أبو العباس المبرد في كتاب الكامل و ليست الرواية التي يذكر فيها العدد بصحيحة و لا منقولة من كتاب معتمد عليه.و كم له من الأخبار عن الغيوب الجارية هذا المجرى مما لو أردنا استقصاءه لكسرنا له كراريس كثيرة و كتب السير تشتمل عليها مشروحة.فإن قلت لما ذا غلا الناس في أمير المؤمنين ع فادعوا فيه الإلهية لإخباره عن الغيوب التي شاهدوا صدقها عيانا و لم يغلوا في رسول الله ص فيدعوا له الإلهية و أخباره عن الغيوب الصادقة قد سمعوها و علموها يقينا و هو كان أولى بذلك لأنه الأصل المتبوع و معجزاته أعظم و أخباره عن الغيوب أكثر قلت إن الذين صحبوا رسول الله ص و شاهدوا معجزاته و سمعوا أخباره عن الغيوب الصادقة عيانا كانوا أشد آراء و أعظم أحلاما و أوفر عقولا من تلك الطائفة الضعيفة العقول السخيفة الأحلام الذين رأوا أمير المؤمنين ع في آخر أيامه كعبد الله بن سبإ و أصحابه فإنهم كانوا من ركاكة البصائر و ضعفها على حال مشهورة فلا عجب عن مثلهم أن تستخفهم المعجزات فيعتقدوا في صاحبها أن الجوهر الإلهي قد حله لاعتقادهم أنه لا يصح من البشر هذا إلا بالحلول و قد قيل إن جماعة من هؤلاء كانوا من نسل النصارى و اليهود و قد كانوا سمعوا من آبائهم و سلفهم القول بالحلول في أنبيائهم و رؤسائهم فاعتقدوا فيه ع مثل ذلك و يجوز أن يكون أصل هذه المقالة من قوم ملحدين أرادوا إدخال الإلحاد في دين الإسلام فذهبوا إلى ذلك و لو كانوا في أيام رسول الله ص لقالوا فيه مثل هذه المقالة إضلالا لأهل

٥٠

الإسلام و قصدا لإيقاع الشبهة في قلوبهم و لم يكن في الصحابة مثل هؤلاء و لكن قد كان فيهم منافقون و زنادقة و لم يهتدوا إلى هذه الفتنة و لا خطر لهم مثل هذه المكيدة.و مما ينقدح لي من الفرق بين هؤلاء القوم و بين العرب الذين عاصروا رسول الله ص أن هؤلاء من العراق و ساكني الكوفة و طينة العراق ما زالت تنبت أرباب الأهواء و أصحاب النحل العجيبة و المذاهب البديعة و أهل هذا الإقليم أهل بصر و تدقيق و نظر و بحث عن الآراء و العقائد و شبه معترضة في المذاهب و قد كان منهم في أيام الأكاسرة مثل ماني و ديصان و مزدك و غيرهم و ليست طينة الحجاز هذه الطينة و لا أذهان أهل الحجاز هذه الأذهان و الغالب على أهل الحجاز الجفاء و العجرفية و خشونة الطبع و من سكن المدن منهم كأهل مكة و المدينة و الطائف فطباعهم قريبة من طباع أهل البادية بالمجاورة و لم يكن فيهم من قبل حكيم و لا فيلسوف و لا صاحب نظر و جدل و لا موقع شبهة و لا مبتدع نحلة و لهذا نجد مقالة الغلاة طارئة و ناشئة من حيث سكن علي ع بالعراق و الكوفة لا في أيام مقامه بالمدينة و هي أكثر عمره.فهذا ما لاح لي من الفرق بين الرجلين في المعنى المقدم ذكره.فإن قلت لما ذا قال عن فئة تهدى مائة و ما فائدة التقييد بهذا العدد قلت لأن ما دون المائة حقير تافه لا يعتد به ليذكر و يخبر عنه فكأنه قال مائة فصاعدا.قوله ع كرائه الأمور جمع كريهة و هي الشدة في الحرب و حوازب الخطوب جمع حازب و حزبه الأمر أي دهمه.

٥١

و فشل جبن فإن قلت أما فشل المسئول فمعلوم فما الوجه في إطراق السائل قلت لشدة الأمر و صعوبته حتى أن السائل ليبهت و يدهش فيطرق و لا يستطيع السؤال.قوله ع إذا قلصت حربكم يروى بالتشديد و بالتخفيف و يروى عن حربكم فمن رواه مشددا أراد انضمت و اجتمعت و ذلك لأنه يكون أشد لها و أصعب من أن تتفرق في مواطن متباعدة أ لا ترى أن الجيوش إذا اجتمعت كلها و اصطدم الفيلقان كان الأمر أصعب و أفظع من أن تكون كل كتيبة من تلك الجيوش تحارب كتيبة أخرى في بلاد متفرقة متباعدة و ذلك لأن اصطدام الفيلقين بأجمعهما هو الاستئصال الذي لا شوى له و لا بقيا بعده و من رواها بالتخفيف أراد كثرت و تزايدت من قولهم قلصت البئر أي ارتفع ماؤها إلى رأسها أو دونه و هو ماء قالص و قليص و من روى إذا قلصت عن حربكم أراد إذا قلصت كرائه الأمور و حوازب الخطوب عن حربكم أي انكشفت عنها و المضارع من قلص يقلص بالكسر.قوله و شمرت عن ساق استعارة و كناية يقال للجاد في أمره قد شمر عن ساق و ذلك لأن سبوغ الذيل معثرة و يمكن أن يجري اللفظ على حقيقته و ذلك أن قوله تعالى( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ ) فسروه فقالوا الساق الشدة فيكون قد أراد بقوله و شمرت عن ساق أي كشفت عن شدة و مشقة.ثم قال تستطيلون أيام البلاء و ذلك لأن أيام البؤس طويلة قال الشاعر

٥٢

فأيام الهموم مقصصات

و أيام السرور تطير طيرا

و قال أبو تمام

ثم انبرت أيام هجر أردفت

بجوى أسى فكأنها أعوام

قوله ع إن الفتن إذا أقبلت شبهت معناه أن الفتن عند إقبالها و ابتداء حدوثها يلتبس أمرها و لا يعلم الحق منها من الباطل إلى أن تنقضي و تدبر فحينئذ ينكشف حالها و يعلم ما كان مشتبها منها ثم أكد ع هذا المعنى بقوله ينكرن مقبلات و يعرفن مدبرات و مثال ذلك فتنة الجمل و فتنة الخوارج كان كثير من الناس فيها في مبدإ الأمر متوقفين و اشتبه عليهم الحال و لم يعلموا موضع الحق إلى أن انقضت الفتنة و وضعت الحرب أوزارها و بان لهم صاحب الضلالة من صاحب الهداية.ثم وصف الفتن فقال إنها تحوم حوم الرياح يصبن بلدا و يخطئن بلدا حام الطائر و غيره حول الشي‏ء يحوم حوما و حومانا أي دار.ثم ذكر أن أخوف ما يخاف عليهم فتنة بني أمية و معنى قوله عمت خطتها و خصت بليتها أنها عمت الناس كافة من حيث كانت رئاسة شاملة لكل أحد و لكن حظ أهل البيت ع و شيعتهم من بليتها أعظم و نصيبهم فيها أوفر.و معنى قوله و أصاب البلاء من أبصر فيها و أخطأ البلاء من عمي عنها أن العالم بارتكابهم المنكر مأثوم إذ لم ينكر و الجاهل بذلك لا إثم عليه إذا لم ينههم عن المنكر لأن من لا يعلم المنكر منكرا لا يلزمه إنكاره و لا يعني بالمنكر هاهنا

٥٣

ما كان منكرا من الاعتقادات و لا ما يتعلق بالأمانة بل الزنى و شرب الخمر و نحوهما من الأفعال القبيحة.فإن قلت أي فرق بين الأمرين قلت لأن تلك يلحق الإثم من لا يعلمها إذا كان متمكنا من العلم بها و هذه لا يجب إنكارها إلا مع العلم بها و من لا يعلمها لا يلحقه الإثم إذا كان متمكنا من العلم بها فافترق الموضوعان.ثم أقسم ع فقال و ايم الله و أصله و ايمن الله و اختلف النحويون في هذه الكلمة فعند الأكثرين منهم أن ألفها ألف وصل و أن أيمن اسم وضع للقسم هكذا بألف وصل و بضم الميم و النون قالوا و لم يأت في الأسماء ألف وصل مفتوحة غيرها و تدخل عليها اللام لتأكيد الابتداء فتقول ليمن الله فتذهب الألف قال الشاعر

فقال فريق القوم لما نشدتهم

نعم و فريق ليمن الله ما ندري

و هذا الاسم مرفوع بالابتداء و خبره محذوف و التقدير ليمن الله قسمي فإذا خاطبت قلت ليمنك و في حديث عروة بن الزبير ليمنك لئن كنت ابتليت لقد عافيت و لئن كنت أخذت لقد أبقيت و تحذف نونه فيصير ايم الله بألف وصل مفتوحة و قد تكسر و ربما حذفوا الياء فقالوا ام الله و ربما أبقوا الميم وحدها مضمومة فقالوا م الله و قد يكسرونها لما صارت حرفا شبهوها بالباء و ربما قالوا من الله بضم الميم و النون و من الله بكسرهما و من الله بفتحهما و ذهب أبو عبيد و ابن كيسان و ابن درستويه إلى أن أيمن جمع يمين و الألف همزة قطع و إنما خففت

٥٤

و طرحت في الوصل لكثرة الاستعمال قالوا و كانت العرب تحلف باليمين فتقول يمين الله لا أفعل قال إمرؤ القيس

فقلت يمين الله أبرح قاعدا

و لو قطعوا رأسي لديك و أوصالي

قالوا و اليمين تجمع على أيمن قال زهير

فتجمع أيمن منا و منكم

بمقسمة تمور بها الدماء

ثم حلفوا به فقالوا أيمن الله ثم كثر في كلامهم و خف على ألسنتهم حتى حذفوا منه النون كما حذفوا في قوله لم يكن فقالوا لم يك فأقسم ع لأصحابه أنهم سيجدون بني أمية بعده لهم أرباب سوء و صدق ص فيما قال فإنهم ساموهم سوء العذاب قتلا و صلبا و حبسا و تشريدا في البلاد.ثم شبه بني أمية بالناب الضروس و الناب الناقة المسنة و الجمع نيب تقول لا أفعله ما حنت النيب و الضروس السيئة الخلق تعض حالبها.و تعذم بفيها تكدم و العذم الأكل بجفاء و فرس عذوم يعض بأسنانه.و الزبن الدفع زبنت الناقة تزبن إذا ضربت بثفناتها عند الحلب تدفع الحالب عنها و الدر اللبن و في المثل لا در دره الأصل لبنه ثم قيل لكل خير و ناقة درور أي كثيرة اللبن.ثم قال لا يزالون بكم قتلا و إفناء لكم حتى لا يتركوا منكم إلا من ينفعهم إبقاؤه أو لا يضرهم و لا ينفعهم قال حتى يكون انتصار أحدكم منهم كانتصار العبد من مولاه أي لا انتصار لكم منهم لأن العبد لا ينتصر من مولاه أبدا و قد جاء في كلامه

٥٥

ع في غير هذا الموضع تتمة هذا المعنى إن حضر أطاعه و إن غاب سبعه أي ثلبه و شتمه و هذه أمارة الذل كما قال أبو الطيب

أبدو فيسجد من بالسوء يذكرني

و لا أعاتبه صفحا و إهوانا

و هكذا كنت في أهلي و في وطني

إن النفيس نفيس أينما كانا

قال ع و الصاحب من مستصحبه أي و التابع من متبوعه.و الشوه جمع شوهاء و هي القبيحة الوجه شاهت الوجوه تشوه شوها قبحت و شوهه الله فهو مشوه و هي شوهاء و لا يقال للذكر أشوه و مخشية مخوفة.و قطعا جاهلية شبهها بقطع السحاب لتراكمها على الناس و جعلها جاهلية لأنها كأفعال الجاهلية الذين لم يكن لهم دين يردعهم و يروى شوهاء و قطعاء أي نكراء كالمقطوعة اليد.قوله نحن أهل البيت منها بمنجاة أي بمعزل و النجاة و النجوة المكان المرتفع الذي تظن أنه نجاك و لا يعلوه السيل و لسنا فيها بدعاة أي لسنا من أنصار تلك الدعوة و أهل البيت منصوب على الاختصاص كقولهم نحن معشر العرب نفعل كذا و نحن آل فلان كرماء.قوله كتفريج الأديم الأديم الجلد و جمعه أدم مثل أفيق و أفق و يجمع أيضا على آدمة كرغيف و أرغفة و وجه التشبيه أن الجلد ينكشف عما تحته فوعدهم ع بأن الله تعالى يكشف تلك الغماء كانكشاف الجلد عن اللحم بمن يسومهم خسفا و يوليهم ذلا.

٥٦

و العنف بالضم ضد الرفق و كأس مصبرة ممزوجة بالصبر لهذا المر و يجوز أن يكون مصبرة مملوءة إلى أصبارها و هي جوانبها و في المثل أخذها بأصبارها أي تامة الواحد صبر بالضم.و يحلسهم يلبسهم أحلست البعير ألبسته الحلس و هو كساء رقيق يكون تحت البرذعة يقال له حلس و حلس مثل شبه و شبه.و الجزور من الإبل يقع على الذكر و الأنثى و جزرها ذبحها.و هذا الكلام إخبار عن ظهور المسودة و انقراض ملك بني أمية و وقع الأمر بموجب إخباره ص حتى لقد صدق قوله لقد تود قريش الكلام إلى آخره فإن أرباب السير كلهم نقلوا أن مروان بن محمد قال يوم الزاب لما شاهد عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس بإزائه في صف خراسان لوددت أن علي بن أبي طالب تحت هذه الراية بدلا من هذا الفتى و القصة طويلة و هي مشهورة.و هذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السير و هي متداولة منقولة مستفيضة خطب بها علي ع بعد انقضاء أمر النهروان و فيها ألفاظ لم يوردها الرضيرحمه‌الله من ذلك

قوله ع و لم يكن ليجترئ عليها غيري و لو لم أك فيكم ما قوتل أصحاب الجمل و النهروان و ايم الله لو لا أن تتكلوا فتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله عز و جل على لسان نبيكم ص لمن قاتلهم مبصرا لضلالتهم عارفا للهدى الذي نحن عليه سلوني قبل أن تفقدوني فإني ميت عن قريب أو مقتول بل قتلا ما ينتظر أشقاها أن يخضب هذه بدم و ضرب بيده إلى لحيته

٥٧

و منها في ذكر بني أمية يظهر أهل باطلها على أهل حقها حتى تملأ الأرض عدوانا و ظلما و بدعا إلى أن يضع الله عز و جل جبروتها و يكسر عمدها و ينزع أوتادها ألا و إنكم مدركوها فانصروا قوما كانوا أصحاب رايات بدر و حنين تؤجروا و لا تمالئوا عليهم عدوهم فتصرعكم البلية و تحل بكم النقمة

و منها إلا مثل انتصار العبد من مولاه إذا رآه أطاعه و إن توارى عنه شتمه و ايم الله لو فرقوكم تحت كل حجر لجمعكم الله لشر يوم لهم

و منها فانظروا أهل بيت نبيكم فإن لبدوا فالبدوا و إن استنصروكم فانصروهم فليفرجن الله الفتنة برجل منا أهل البيت بأبي ابن خيرة الإماء لا يعطيهم إلا السيف هرجا هرجا موضوعا على عاتقه ثمانية أشهر حتى تقول قريش لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا يغريه الله ببني أمية حتى يجعلهم حطاما و رفاتا مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلاً سُنَّةَ اَللَّهِ فِي اَلَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اَللَّهِ تَبْدِيلاً.فإن قيل لما ذا قال و لو لم أك فيكم لما قوتل أهل الجمل و أهل النهروان و لم يذكر صفين قيل لأن الشبهة كانت في أهل الجمل و أهل النهروان ظاهرة الالتباس لأن الزبير و طلحة موعودان بالجنة و عائشة موعودة أن تكون زوجة رسول الله ص في الآخرة كما هي زوجته في الدنيا و حال طلحة و الزبير في السبق و الجهاد و الهجرة معلومة و حال عائشة في محبة الرسول ص لها و ثنائه عليها و نزول القرآن فيها معلومة و أما أهل النهروان فكانوا أهل قرآن و عبادة و اجتهاد و عزوف عن الدنيا و إقبال على أمور الآخرة و هم كانوا قراء أهل العراق و زهادهم و أما معاوية فكان فاسقا مشهورا بقلة الدين و الانحراف عن الإسلام و كذلك ناصره و مظاهره على أمره عمرو بن العاص و من اتبعهما من طغام أهل الشام و أجلافهم و جهال الأعراب فلم يكن أمرهم خافيا في جواز محاربتهم و استحلال قتالهم بخلاف حال من تقدم ذكره.

٥٨

فإن قيل و من هذا الرجل الموعود به الذي قال ع عنه بأبي ابن خيرة الإماء قيل أما الإمامية فيزعمون أنه إمامهم الثاني عشر و أنه ابن أمة اسمها نرجس و أما أصحابنا فيزعمون أنه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لأم ولد و ليس بموجود الآن.فإن قيل فمن يكون من بني أمية في ذلك الوقت موجودا حتى يقول ع في أمرهم ما قال من انتقام هذا الرجل منهم حتى يودوا لو أن عليا ع كان المتولي لأمرهم عوضا عنه.قيل أما الإمامية فيقولون بالرجعة و يزعمون أنه سيعاد قوم بأعيانهم من بني أمية و غيرهم إذا ظهر إمامهم المنتظر و أنه يقطع أيدي أقوام و أرجلهم و يسمل عيون بعضهم و يصلب قوما آخرين و ينتقم من أعداء آل محمد ع المتقدمين و المتأخرين و أما أصحابنا فيزعمون أنه سيخلق الله تعالى في آخر الزمان رجلا من ولد فاطمة ع ليس موجود الآن و أنه يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا و ظلما و ينتقم من الظالمين و ينكل بهم أشد النكال و أنه لأم ولد كما قد ورد في هذا الأثر و في غيره من الآثار و أن اسمه محمد كاسم رسول الله ص و أنه إنما يظهر بعد أن يستولي على كثير من الإسلام ملك من أعقاب بني أمية و هو السفياني الموعود به في الخبر الصحيح من ولد أبي سفيان بن حرب بن أمية و أن الإمام الفاطمي يقتله و يقتل أشياعه من بني أمية و غيرهم و حينئذ ينزل المسيح ع من السماء و تبدو أشراط الساعة و تظهر دابة الأرض و يبطل التكليف و يتحقق قيام الأجساد عند نفخ الصور كما نطق به الكتاب العزيز.

٥٩

فإن قيل فإنكم قلتم فيما تقدم أن الوعد إنما هو بالسفاح و بعمه عبد الله بن علي و المسودة و ما قلتموه الآن مخالف لذلك.قيل إن ذلك التفسير هو تفسير ما ذكره الرضيرحمه‌الله تعالى من كلام أمير المؤمنين ع في نهج البلاغة و هذا التفسير هو تفسير الزيادة التي لم يذكرها الرضي و هي قوله بأبي ابن خيرة الإماء و قوله لو كان هذا من ولد فاطمة لرحمنا فلا مناقضة بين التفسيرين

٦٠