إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق0%

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق مؤلف:
تصنيف: مكتبة الأسرة والمجتمع
الصفحات: 434

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف: السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي
تصنيف:

الصفحات: 434
المشاهدات: 208193
تحميل: 6191

توضيحات:

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 434 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 208193 / تحميل: 6191
الحجم الحجم الحجم
إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

إلى المجمع العلمي العربي بدمشق

مؤلف:
العربية

- وقال النووي في شرح مسلم ج ٢ جزء ٣ ص ٤ - ٥

قال القاضي عياض: اختلف السلف والخلف هل رأى نبينا (ص) ربه ليلة الإسراء فأنكرته عائشة.. وجاء مثله عن أبي هريرة..

... الراجح عند أكثر العلماء أن رسول الله (ص) رأى ربه بعيني رأسه ليلة الإسراء عائشة لم تنف الرؤية وإنما اعتمدت الإستنباط من الآيات... أما احتجاج عائشة بقول الله: لا تدركه الأبصار فإن الإدراك هو الإحاطة!

- وقال النووي في شرح مسلم ج ٢ ص ٩٤ - هامش الساري

عن عبد الله بن مسعودرضي‌الله‌عنه في قوله تعالىما كذب الفؤاد ما رأى قال: رأى جبريل له ستمائة جناح وهو مذهبه في هذه الآية.. وذهب الجمهور من المفسرين إلى أن المراد أنه رأى ربه سبحانه وتعالى! انتهى.

- وقال الطبري في تفسيره ج ٧ ص ٢٠١ - ٢٠٢

... إلا أنه جائز أن يكون معنى الآية: لا تدركه أبصار الظالمين في الدنيا والآخرة وتدركه أبصار المؤمنين وأولياء الله! قالوا وجائز أن يكون معناها لا تدركه الأبصار بالنهاية والإحاطة وأما الرؤية فبلى. وقال آخرون الآية على العموم ولن يدرك الله بصر أحد في الدنيا والآخرة، ولكن الله يحدث لأوليائه يوم القيامة حاسة سادسة سوى حواسهم الخمس فيرونه بها! انتهى.

ولكن دعوى الحاسة السادسة تعني التنازل عن أحاديث الرؤية التي تصرح بالرؤية بالعين البشرية المعهودة، كما سيأتي.

وأيدوا قول كعب بحديث العماء وادعوا قدم الفضاء مع الله تعالى

- مسند أحمد ج ٤ ص ١١

ابن سلمة عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قلت يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء. ما تحته هواء وما فوقه هواء. ثم خلق عرشه على الماء.

٢١

- سنن الترمذي ج ٤ ص ٣٥١

قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء. قال أحمد قال يزيد: العماء أي ليس معه شيء. هكذا يقول حماد بن سلمة. هذا حديث حسن. انتهى ورواه ابن ماجة في سننه ج ١ ص ٦٤ ورواه البيهقي في المحاسن والمساوئ ج ١ ص ٤٧

- وقال السيوطي في الدر المنثور ج ٣ ص ٣٢٢

وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وأبوالشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزينرضي‌الله‌عنه ... قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه على الماء. قال الترمذيرضي‌الله‌عنه : العماء أي ليس معه شيء. انتهى. ورواه في كنز العمّال ج ١ ص ٢٣٦ وفي ج ١٠ ص ٣٧٠ وقال في مصادره (حم وابن جرير، طب وأبوالشيخ في العظمة. عن أبي رزين) وقال في هامشه: العماء بالفتح والمد: السحاب. قال أبو عبيد: لا يدرى كيف كان ذلك العماء. وفي رواية كان في عما بالقصر، ومعناه ليس معه شيء. النهاية ٣ - ٣٠٤. انتهى.

ملاحظة: مقصود الراوي بالعماء الفضاء الخالي، وبعض روايات الحديث نصت على ذلك، فيكون الفضاء حسب تصوره إلَهاً مع الله تعالى، أو قبله! ويكون وجوده تعالى مادياً محتاجاً لأن يكون في فضاء! وقد كان الترمذي محتاطاً فابتعد عن مسؤولية تفسيره بأنه ليس معه أحد، وجعل ذلك على عهدة يزيد وحماد بن سلمة!

ويؤيد ما ذكرنا، أن كلمة العماء تستعمل عند عوام العرب لمكان الخراب في مقابل العمران، شبيهاً بالأرض البائرة والمزروعة، فيقولون كانت هذه المنطقة عماء لا عمران فيها أو لا إنسان فيها. فيكون معنى أن الله تعالى كان في عماء أن الراوي تصور أن الكون كان فضاء وهواء وكان الله تعالى في ذلك الفضاء العماء، ثم أعمره بالخلق.

٢٢

وقد يقال في توجيه الحديث إنه تفسير لقوله تعالى(وكان عرشه على الماء) ولكن السؤال فيه عما قبل العرش وقبل كل الخلق، أي عما هو قبل القبل، فكيف يصح جعل العماء والهواء قديماً أو واجب الوجود قبل القبل!

وقد يقال إن المقصود بالخلق في السؤال الملائكة والناس. ولكن إطلاق السؤال عما قبل الخلق، يأبى تخصيصه بذوي الأرواح أو ببعض المخلوقات.

وكذلك لا يصح تفسير العماء بالعدم المطلق، لأن تعبير (ما تحته هواء وما فوقه هواء) يجعل تفسيره بالعدم المطلق، تعامياً!

وهاجموا أُمّهم عائشة وأساؤوا معها الأدب

- كتاب التوحيد لابن خزيمة ص ٢٢٥ - ٢٣٠

قال أبو بكر: هذه لفظة أحسب عائشة تكلمت بها في وقت غضب، ولو كانت لفظة أحسن منها يكون فيها درك لبغيتها كان أجمل بها، ليس يحسن في اللفظ أن يقول قائل أو قائلة: قد أعظم ابن عباس الفرية وأبوذر وأنس بن مالك وجماعات من الناس الفرية على ربهم! ولكن قد يتكلم المرء عند الغضب باللفظة التي يكون غيرها أحسن وأجمل منها... الى آخر هجوم ابن خزيمة المجسم وغيره على أمهم عائشة. راجع الفصل الأول من كتاب الوهابية والتوحيد.

ثم رووا الرؤية بالعين حتى عن ابن عباس وعائشة

- مستدرك الحاكم ج ٢ ص ٣١٦

أخبرنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبدالسلام، ثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأ إبراهيم بن الحكم بن أبان، حدثني أبي، عن عكرمة، عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما أنه سئل هل رأى محمد ربه؟ قال: نعم رأى كأن قدميه على خضرة دونه ستر من لؤلؤ! فقلت يا ابن عباس أليس يقول الله: لا تدركه الأبصار وهو يدرك

٢٣

الأبصار؟ قال: يا لا أم لك، ذلك نوره وهو نوره، إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

- وقال في هامش تهذيب التهذيب ج ٤ ص ١١٣

في تهذيب الكمال عن عكرمة عن ابن عباس قال: رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه تعالى، فقلت لابن عباس: أليس الله يقول: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار؟ قال: اسكت لا أم لك، إنما ذلك إذا تجلى بنوره لم يقم لنوره شيء. اهـ.

- مجمع الزوائد ج ٧ ص ١١٤

وعن ابن عباس قال: إن محمد صلى الله عليه وسلم رأى ربه، قال عكرمة: يا ابن عباس أليس يقول الله:لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ؟ فقال ابن عباس لا أم لك، إنما ذلك إذا تجلى بكيفية لم يقم له بصر.

قلت: له حديث رواه الترمذي غير هذا رواه الطبراني وفيه إبراهيم بن الحكم بن أبان وهو متروك. انتهى.

- مجمع الزوائد ج ١ ص ٧٨

... وعن ابن عباس أنه كان يقول: إن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه مرتين مرة ببصره ومرة بفؤاده. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح، خلا جهور بن منصور الكوفي، وجهور بن منصور ذكره ابن حبان في الثقات.

- كتاب التوحيد لابن خزيمة ص ١٩٨

... عن عبد الله ابن أبي سلمة أن عبد الله بن عمر بن الخطاب بعث إلى عبد الله بن العباس يسأله هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ فأرسل إليه عبد الله بن العباس أن نعم، فرد عليه عبد الله بن عمر رسوله أن كيف رآه؟ قال فأرسل أنه رآه في روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب يحمله أربعة من الملائكة، ملك في صورة رجل، وملك في صورة ثور، وملك في صورة نسر، وملك في صورة أسد. انتهى.

٢٤

هذه هي الرواية التي شهرها ابن خزيمة سيفاً على مذهب أمه عائشة، لأنها خالفت فيه مذهب الخليفة عمر، وهي رواية إسرائيلية مع الأسف! وقد علق عليها الشيخ محمد الهراس بقوله (لعل ابن عباس أخذ رأيه هذا من كعب الأحبار فقد كان كعب يقول إن الله قسم كلامه ورؤيته بين موسى ومحمد).

- ثم قال ابن خزيمة في ص ١٩٩

عن عكرمة عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما قال: إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمداً بالرؤية... عن عكرمة عن ابن عباسرضي‌الله‌عنهما قال: رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه... عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك قال: رأى محمد ربه. انتهى.

وعلق عليه الهراس بقوله (هذا رأي لا دليل عليه، وهذا مخالف لقولهعليه‌السلام في حديث أبي ذر (نور) أني أراه.

وقد روى ابن خزيمة نفسه حديث أبي ذر في نفي النبي رؤية ربه بعينه! قال في ص ٢٠٦:... محمد بن بشار بن بندار حدثنا بهذا الخبر، قال ثنا معاذ بن هشام، قال حدثني أبي، عن قتادة، عن عبد الله بن شقيق، قال قلت لأبي ذر: لو رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته، فقال عن أي شيء كنت تسأله؟ فقال كنت أسأله هل رأيت ربك؟ فقال أبوذر: قد سألته فقال رأيت نوراً. انتهى.

ويلاحظ أن ابن خزيمة لم يرو تعجب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من سؤال أبي ذر (أنى أراه!) فقد علق عليه الهراس بقوله (قوله رأيت نوراً: يفيد أنه لم يرد بذلك النور نور ذاته عز وجل، وإلا لقال للسائل نعم رأيته، فهو أراد أن يفهم السائل أن الذي رآه هو النور، ولعله نور الحجاب كما ورد في حديث أبي موسى (حجابه النور) وهو الذي حال دون رؤيته له سبحانه). انتهى.

ولم يترك ابن خزيمة شيئاً إلا وتشبث به لإثبات الرؤية بالعين فقد روى أن الحسن

٢٥

البصري كان يحلف الأيمان على الرؤية بالعين!! قال في ص ١٩٩:.. ابن سليمان عن المبارك بن فضالة قال: كان الحسن يحلف بالله لقد رأى محمد ربه. انتهى.

وعلق عليه الهراس بقوله: كيف يحلف الحسن سامحه الله على أمر لم يتبين صدقه، وهو محل خلاف بين الصحابة وجمهورهم على نفيه! انتهى.

ثم أفتوا بكفر وضلال من خالفهم وشملت فتواهم أُمّهم عائشة!

- قال النووي في شرح مسلم ج ٢ جزء ٣ ص ١٥ ص ٨

باب إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة لربهم.. إن مذهب أهل السنة أن رؤية الله ممكنة.. وزعمت طائفة من أهل البدع المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة أن الله تعالى لا يراه أحد من خلقه، وأن رؤيته مستحيلة عقلاً.

- قال الشاطبي في الإعتصام ج ١ ص ٣٣١

ومنها ردهم أهل البدع للأحاديث التي غير موافقة لأغراضهم ومذاهبهم.. كالمنكر لعذاب القبر والصراط المستقيم والميزان، ورؤية الله في الآخرة، وكذلك حديث الذباب وقتله، وأن في أحد جناحيه داء والآخر دواء!

- وقال الذهبي في سيره ج ١٤ ص ٣٩٦

أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه: أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك، أخبرنا أبو روح بهراة، أخبرنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليجي، أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف، حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال: من لم يقر بأن الله تعالى يعجب ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول من يسألني فأعطيه، فهو زنديق كافر، يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين.

قلت: لا يكفر إلا إن علم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله، فإن جحد بعد

٢٦

ذلك فهذا معاند، نسأل الله الهدى، وإن اعترف أن هذا حق ولكن قال أخوض في معانيه فقد أحسن، وإن آمن وأول ذلك كله أو تأول بعضه، فهو طريقة معروفة.

- وقال الذهبي في سيره ج ٧ ص ٣٨١

قال حفص بن عبد الله: سمعت إبراهيم بن طهمان يقول: والله الذي لا إلَه إلا هو لقد رأى محمد ربه.

وقال أبوحاتم: شيخان بخراسان مرجئان: أبوحمزة السكري وإبراهيم بن طهمان وهما ثقتان.

وقال أبو زرعة: كنت عند أحمد بن حنبل فذكر إبراهيم بن طهمان وكان متكئاً من علة فجلس وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ. وقال أحمد: كان مرجئاً شديداً على الجهمية.

- وقال الدميري في حياة الحيوان ج ٢ ص ٧٢

واختلف في جواز الرؤية فأكثر المبتدعة على إنكار جوازها في الدنيا والآخرة وأكثر أهل السنة والسلف على جوازها فيهما ووقوعها في الآخرة.

- وقال الذهبي في تذكرة الحفّاظ ج ٢ ص ٤٣٥

وقال أحمد بن سلمة: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: جمعني وهذا المبتدع ابن أبي صالح مجلس الأمير عبد الله بن طاهر فسألني الأمير عن أخبار النزول فسردتها، فقال ابن أبي صالح: كفرت برب ينزل من سماء إلى سماء! فقلت: آمنت برب يفعل ما يشاء.

هذه حكاية صحيحة رواها البيهقي في الأسماء والصفات. قال البخاري: مات ليلة نصف شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين وله سبع وسبعون سنة.

- وقال السبحاني في بحوث في الملل والنحل ج ٢ ص ٣٧٣

... وقفنا على فتوى لعبد العزيز بن عبد الله بن باز مؤرخة ٨/٣/١٤٠٧ مرقمة

٢٧

١٧١٧/٢ جواباً على سؤال عبد الله عبد الرحمن في جواز الإقتداء والإئتمام بمن لا يعتقد بمسألة الرؤية يوم القيامة فأفتى: من ينكر رؤية الله سبحانه وتعالى في الآخرة لا يصلى خلفه وهو كافر عند أهل السنة والجماعة. واستدل لذلك بما ذكره ابن القيم في كتابه (حادي الأرواح) ذكر الطبري وغيره أنه قيل لمالك: إن قوماً يزعمون أن الله لا يرى يوم القيامة فقال مالكرحمه‌الله : السيف السيف.

وقال أبو حاتم الرازي: قال أبو صالح كاتب الليث: أملى عليَّ عبد العزيز بن سلمة الماجشون رسالة عما جحدت الجهمية فقال: لم يزل يملي لهم الشيطان حتى جحدوا قول الله تعالى: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة.

... عن أحمد بن حنبل وقيل له في رجل يحدث بحديث عن رجل عن أبي العواطف إن الله لا يرى في الآخرة فقال: لعن الله من يحدث بهذا الحديث اليوم ثم قال: أخزى الله هذا.

وقال أبو بكر المروزي: من زعم أن الله لا يرى في الآخرة فقد كفر. وقال: من لم يؤمن بالرؤية فهو جهمي والجهمي كافر.

وقال إبراهيم بن زياد الصائغ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: الرؤية من كذب بها فهو زنديق، وقال: من زعم أن الله لا يرى فقد كفر بالله وكذب بالقرآن ورد على الله أمره، يستتاب فإن تاب وإلا قتل.. إلخ) انتهى.

ويشمل حكم الشيخ ابن باز هذا أم المؤمنين عائشة لأنها كذبت من زعم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى الله تعالى واستدلت على نفي إمكانية رؤية الله تعالى مطلقاً في الدنيا والآخرة بقوله تعالى:لا تدركه الأبصار . ولا طريق أمام ابن باز إلا أّ يقول بكفر عائشة، أو يكذب روايات البخاري ومسلم عنها!!

وقد كان الألباني أرحم من أستاذه ابن باز فقد رفع حكم التكفير عن أمه عائشة وعن عدة فئات من المسلمين فقال في فتاوىه ص ١٢٣

- علماء السلف كفروا الجهمية وأعلنوا كفرهم. وأفتوا بقتل رأسهم لكنهم لا

٢٨

يكفرون الأباضية الذين ينكرون رؤية الله في الآخرة كذلك المعتزلة.. لكنهم يكتفون بتضليلهم دون كفرهم.. وقال في ص ٢٩٢ قال ابن تيميه:... كان أبو حنيفه والشافعي وغيرهما يقبلون شهادة أهل الأهواء إلا الخطابيه ويصححون الصلاة خلفهم.. أئمة الدين لا يكفرون ولا يفسقون ولا يؤثمون أحداً من المجتهدين المخطئين لا في مسائل علمية ولا عملية... كتنازع الصحابة هل رأى محمد ربه.

.. وأهل السنه لا يبتدعون قولاً ولا يكفرون من اجتهد فأخطأ، كما لم تكفر الصحابة الخوارج مع تكفيرهم لعثمان وعلي ومن والاهما.

وفي مقابل حملة التكفير هذه، فإن الذين نفوا رؤية الله تعالى بالعين لم يكفروا أصحاب الرؤية بل أفتوا بأنهم: لا يفهمون ما يقولون! قال الشاطبي في الإعتصام ج ١ ص ٢٣٦: حكى أبو بدر العزلي عن بعض من لقي بالمشرق من المنكرين للرؤية أنه قيل له: هل يكفر من يقول بإثبات الرؤية؟ فقال لا، لأنه قال بما لا يعقل.. قال ابن العزلي: فهذه منزلتنا عندهم!

وكبَّر كعب الأحبار لأنه انتصر على المسلمين!!

- روى الذهبي في سيره ج ١٤ ص ٤٥ عن عكرمة حديث ابن عباس ، وقال الناشر في هامشه: أخرجه ابن خزيمة في التوحيد ص ١٩٩ من طريق عبد الوهاب بن الحكم الوراق، حدثنا هاشم بن القاسم، عن قيس بن الربيع، عن عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: إن الله.. الخ. وأخرجه أيضاً ص ١٩٧ من طريق محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس.... وهذا رأي لا دليل عليه، وهو مخالف للأدلة الكثيرة الوفيرة في أنه صلى الله عليه وسلم لم ير ربه في تلك الليلة. وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي اتفاق الصحابة على ذلك. أنظر التفصيل في زاد المعاد ج ٣ ص ٣٦-٣٧. انتهى.

٢٩

هذا، ولكن المعروف عن ابن عباس أنه كان ينفي التشبيه والرؤية كما تقدم، فلا يبعد أن يكون الحديث مكذوباً عليه من عكرمة غلامه، فقد كان عكرمة معروفاً بالكذب على ابن عباس في حياته وبعد وفاته، حتى ضربه ابن عباس وولده وحبسوه لهذا السبب في المرحاض، كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل. وكان عكرمة يروي الإسرائيليات عن وهب وكعب وغيرهما من اليهود.

ويؤيد ذلك أن السهيلي روى هذا الحديث في الروض الأنف ج ٢ ص ١٥٦ عن كعب وليس عن ابن عباس. وغرض كعب من هذه الرواية أن يثبت تجسم الله تعالى ورؤيته بالعين، فقد كان ذلك مطلباً مهماً يسعى إليه، فقد روى ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص ٢٢٥ - ٢٣٠.... عن الشعبي عن عبد الله بن الحرث قال: اجتمع ابن عباس وكعب فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم نزعم أو نقول: إن محمداً رأى ربه مرتين، قال فكبر كعب حتى جاوبته الجبال! فقال: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى صلى الله عليهما وسلم! انتهى.

ومن الواضح أن تكبير كعب الأحبار (حتى جاوبته الجبال!) يدل على أن إثبات رؤية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مطلباً مهماً عند كعب وأنه كان يبحث عمن يوافقه عليه ولا يجد، فلما وافقه ابن عباس كما تدعي الرواية صرخ بصوت عال من فرحه، لأن ذلك يوافق مصادره اليهودية في تجسيد الله تعالى وجلوسه على عرشه ونزوله إلى الأرض ومصارعته ليعقوب.. إلى آخر افتراءات اليهود على الله تعالى!

واشتغل الوضّاعون وكثرت أحاديث الرؤية والتشبيه والتجسيم

تقدم عن عائشة وغيرها تكذيب أحاديث الرؤية عموماً، وقد طفح كيل هذه الأحاديث من كل لون، لأن الدول كانت تشجعه، ولأن الموضوع قابل للأسطورة.. حتى اعترفت مصادر الجرح والتعديل عند إخواننا بوضع عدد كبير منها!

٣٠

هل روى حمّاد أحاديث الرؤية والتشبيه أم دسّوها في لحيته؟

- قال ابن حجر في تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١٥

حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال: كان حماد بن سلمة لا يعترف بهذه الأحاديث أي في الصفات، حتى أخرج مرة إلى عبادان فجاء وهو يرويها، فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دست في لحيته. وقد قيل إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه..

وأنكر مالك أحاديث التشبيه واعتذر عنه الذهبي بأنه جاهل

- قال الذهبي في سيره ج ٨ ص ١٠٣

أبو أحمد بن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني، حدثنا إسحاق ابن إبراهيم بن جابر، حدثنا أبوزيد بن أبي الغمر، قال قال ابن القاسم: سألت مالكاً عمن حدث بالحديث الذين قالوا: إن الله خلق آدم على صورته. والحديث الذي جاء: إن الله يكشف عن ساقه، وأنه يدخل يده في جهنم حتى يخرج من أراد. فأنكر مالك ذلك إنكاراً شديداً ونهى أن يحدث بها أحد! فقيل له: أن ناساً من أهل العلم يتحدثون به فقال: من هو؟ قيل ابن عجلان عن أبي الزناد. قال: لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء، ولم يكن عالماً. وذكر أبا الزناد فقال: لم يزل عاملاً لهؤلاء حتى مات. رواها مقدام الرعيني عن ابن أبي الغمر والحارث بن مسكين قالا: حدثنا ابن القاسم.

قلت: أنكر الإمام ذلك لأنه لم يثبت عنده ولا اتصل به فهو معذور، كما أن صاحبي الصحيحين معذوران في إخراج ذلك أعني الحديث الأول والثاني لثبوت سندهما، وأما الحديث الثالث فلا أعرفه! انتهى.

وهذا النص يدل بوضوح على أن الأمويين كانوا يتبنون أحاديث الرؤية والتجسيم، وأن الإمام مالك ذم الراوي بأنه كان عاملاً مطيعاً لهم حتى مات. وأن أجواء هذه الإعتقادات كانت محدودة بالدولة بخلاف الجو العام للمسلمين الذي

٣١

يعيش فيه الإمام مالك. وقد بينا في كتاب الوهابية والتوحيد عدم صحة ما نسبه الوهابيون إلى الإمام مالك من تفسير الصفات بالظاهر.

نماذج من الأحاديث الموضوعة لتأييد مذهب كعب

- قال في كتابه الموضوعات ج ١ ص ١٢٤ - ١٢٥

حديث آخر في ذكر النزول يوم عرفة، إذ لو رواه الثقات كان مردوداً والرسول منزه أن يحكي عن الله عز وجل ما يستحيل عليه، وأكثر رجاله مجاهيل وفيهم ضعفاء. أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد العرار (القزاز) قال أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قال أنبأنا الحسن بن أبي بكر، قال أنبأنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، قال حدثنا نعيم بن حماد، قال حدثنا ابن وهب، قال حدثنا عمرو بن الحرث، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة شاباً موفوراً رجلاه في مخصر عليه نعلان من ذهب في وجهه مراس من ذهب.

أما نعيم فقد وثقه قوم وقال ابن عدي: كان يضع الحديث، وكان يحيى بن معين يهجنه في روايته حديث أم الطفيل وكان يقول: ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا وليس نعيم بشيء في الحديث.

وأما مروان فقال أبو عبد الرحمن النسائي: ومن مروان حتى يصدق على الله عز وجل، قال مهنى: سألت أحمد عن هذا الحديث فحول وجهه عني وقال: هذا حديث منكر هذا رجل مجهول عنى مروان. قال: ولا يعرف أيضاً عمارة.

- وقال الذهبي في ميزان الإعتدال ج ٤ ص ٢٦٩

نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل - أنها سمعت النبي

٣٢

صلى الله عليه وسلم يقول: رأيت ربي في أحسن صورة شاباً موقراً رجلاه في خصر عليه نعلان من ذهب. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ومن مروان حتى يصدق على الله تعالى.

- وقال في سيره ج ١٠ ص ٦٠٢

قال عبد الخالق بن منصور: رأيت يحيى بن معين كأنه يهجن نعيم بن حماد في خبر أم الطفيل في الرؤية ويقول: ما كان ينبغي له أن يحدث بمثل هذا. وقال أبو زرعة النصري: عرضت على دحيم ما حدثناه نعيم بن حماد، عن الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، عن ابن أبي زكريا، عن رجاء بن حيوة، عن النواس: إذا تكلم الله بالوحي. الحديث فقال لا أصل له. فأما خبر أم الطفيل فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال أن مروان بن عثمان حدثه عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أُبي بن كعب: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه في صورة كذا. فهذا خبر منكر جداً.

- وقال في هامش سير أعلام النبلاء ج ١٨ ص ٤٩

(٤) أخرجه الخطيب في تاريخه ١٣ - ٣١١ من طريق نعيم بن حماد، حدثنا ابن وهب، حدثنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل إمرأة أُبي أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر أنه رأى ربه تعالى في المنام في أحسن صورة شاباً موقراً رجلاه في خضرة له نعلان من ذهب على وجهه مراس من ذهب، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال: موضوع، نعيم وثقه قوم وقال ابن عدي: يضع، وصفه ابن عدي بسبب هذا الحديث، ومروان كذاب، وعمارة مجهول، وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال: منكر. وفي الميزان ٤ - ٩٢: مروان بن عثمان بن أبي سعيد بن المعلى الزرقي: ضعفه أبوحاتم، وقال أبو بكر محمد بن أحمد الحداد الفقيه: سمعت النسائي يقول: ومن

٣٣

مروان بن عثمان حتى يصدق على الله! قاله في حديث أم الطفيل. وأورده في الميزان ٤ - ٢٢٩ في ترجمة نعيم بن حماد في جملة الأحاديث التي أنكرت عليه. وقال الحافظ في الإصابة ٤ - ٤٧٠ في ترجمة أم الطفيل بعد أن أورده عن الدار قطني من طريق مروان بن عثمان... ومروان متروك، قال ابن معين: ومن مروان حتى يصدق.

- وقال ابن الجوزي في الموضوعات ج ١ ص ٢٩٠

عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية وفضلني بالمقام المحمود والحوض المورود.

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمتهم به محمد بن يونس وهو الكديمي، وكان وضاعاً للحديث. قال ابن حبان لعله قد وضع أكثر من ألف حديث!

- وقال في الموضوعات ج ٣ ص ٢٥٩

عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أسكن الله عز وجل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار. قال: فيهبط تبارك وتعالى إلى الجنة في كل جمعة في كل سبعة آلاف يعني سنة مرة. قال وفي وحيه: وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون فيهبط عز وجل إلى مرج الجنة فيمد بينه وبين الجنة حجاباً من نور فيبعث جبريل إلى أهل الجنة فيأمر فليزوروه، فيخرج رجل من موكب عظيم حوله صفق أجنحة الملائكة ودوي تسبيحهم والنور بين أيديهم أمثال الجبال فيمد أهل الجنة أعناقهم فيقولون: من هذا قد أذن له على الله عز وجل فتقول الملائكة: هذا المجبول بيده والمنفوخ فيه من روحه والمعلم الأسماء والمسجود له من الملائكة الذي أبيح له الجنة، هذا آدم.

وذكر نحو هذا في إبراهيم ومحمد وقال: ثم يخرج كل نبي وأمته فيخرج الصديقون والشهداء على قدر منازلهم حتى يحفوا حول العرش فيقول لهم عز وجل بلذاذة صوته وحلاوة نغمته: مرحباً بعبادي. وذكر حديثاً طويلاً لا فائدة في ذكره.

٣٤

وهو حديث موضوع لا نشك فيه والله عز وجل متنزه عن أن يوصف بلذة الصوت وحلاوة النغمة فكافأ الله من وضع هذا. وفي إسناده يزيد الرقاشي وهو متروك الحديث وضرار بن عمرو قال يحيى: ليس بشيء ولا يكتب حديثه، وقال الدار قطني: ذاهب متروك. ويحيى بن عبد الله قال ابن حبان: يأتي عن الثقاة بأشياء معضلات.

- وقال في الموضوعات ج ٣ ص ٢٦٠

عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية:وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة ، قال: والله ما نسخها منذ أنزلها يزورون ربهم فيطعمون ويسقون ويطيبون ويحلون وترفع الحجب بينه وبينهم وينظرون إليه وينظر إليهم، وذلك قوله تعالى: ولهم رزقهم فيها بكرةً وعشيا. هذا حديث لا يصح وفيه ميمون بن شياه قال ابن حبان: يتفرد بالمناكير عن المشاهير، لا يحتج به إذا انفرد. وفيه صالح المري، قال النسائي: متروك الحديث.

... قال سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله تعالى يتجلى لأهل الجنة في مقدار كل يوم على كثيب كافور أبيض. هذا حديث لا أصل له وجعفر وجده وعاصم مجهولون.

... عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فنظروا فإذا الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة فذلك قوله: سلام قولاً من رب رحيم، قال فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يزالون كذلك حتى يحتجب فيبقى نوره وبركته عليهم وفى دارهم.

طريق ثان... طريق ثالث...

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدار طرقه كلها على الفضل بن عيسى الرقاشي، قال يحيى: كان رجل سوء. ثم في طريقه الأول والثاني عبد الله بن عبيد، قال العقيلي: لا يعرف إلا به ولا يتابع عليه. وفي طريقة الثالث محمد بن يونس الكديمي وقد ذكرنا أنه كذاب، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.

٣٥

- وقال الشاطبي في الإعتصام ج ١ هامش ص ٣٩

ولا يغترن أحد بترغيب الخطباء الجاهلين ولا بالحديث الذي يذكرونه على منابرهم وهو إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا من مستغفر فأغفر له ألا مسترزق فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا كذا إلا كذا حتى يطلع الفجر. فإن هذا حديث واه أو موضوع رواه ابن ماجة وعبدالرزاق عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، وقد قال فيه ابن معين والإمام أحمد أنه يضع الحديث. نقل ذلك محشي سنن ابن ماجة عن الزوائد. ووافقه الذهبي في الميزان في الإمام أحمد، وذكر عن ابن معين أنه قال فيه: ليس حديثه بشيء، وقال الناس: متروك.

- وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد ص ٢١٤

وقد روى الوليد بن مسلم خبراً يتوهم كثير من طلاب العلم ممن لا يفهم علم الأخبار أنه خبر صحيح من وجه النقل وليس كذلك هو عند علماء أهل الحديث، وأنا مبين علله إن وفق الله لذلك حتى لا يغتر بعض طلاب الحديث به فيلتبس الصحيح بغير الثابت من الأخبار، وقد أعلمت ما لا أحصي من مرة أني لا أستحل أن أموه على طلاب العلم بالإحتجاج بالخبر الواهي وإني خائف من خالقي جل وعلا إذا موهت على طلاب العلم بالإحتجاج بالأخبار الواهية وإن كانت الأخبار حجة لمذهبي.

روى الوليد قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال ثنا خالد ابن اللجلاج، قال حدثني عبد الرحمن بن عائش الحضرمي، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي في أحسن صورة فقال فيم يختصم الملأ الأعلى.. إلخ. انتهى.

- وقال ابن الأثير في أُسد الغابة ج ٣ ص ٣٠٤

اللجلاج وأبو سلام الحبشي لا تصح صحبته لأن حديثه مضطرب، أخبرنا أبومنصور ابن مكارم بن أحمد بن سعد المؤدب بإسناده عن المعافي بن عمران، عن

٣٦

الأوزاعي، عن عبد الرحمن بن زيد أنه سمع خالد بن اللجلاج يحدث مكحولاً، عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رأيت ربي في أحسن صورة فذكر أشياء...

- وقال المزي في تهذيب الكمال ج ١٧ ص ٢٠٢

عبدالرحمان بن عائش الحضرمي ويقال: السكسكي الشامي مختلف في صحبته وفي إسناد حديثه، روي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي في أحسن صورة وقيل: عنه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: عنه عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل: غير ذلك.

وقال أبو زرعة الدمشقي: سألت عبد الرحمن بن إبراهيم قلت له: لعبدالرحمان بن عائش حديث سوى: رأيت ربي في أحسن صورة؟ فقال لي عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب، عن ربيعة بن يزيد، عن عبدالرحمان بن عائش قال: الفجر فجران... فذكر الحديث.

وقال أبو زرعة الدمشقي أيضاً: قلت لأحمد بن حنبل إن ابن جابر يحدث عن خالد بن اللجلاج عن عبدالرحمان بن عائش عن النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت ربي في أحسن صورة، ويحدث به قتادة عن أبي قلابة عن خالد بن اللجلاج عن عبد الله بن عباس فأيهما أحب اليك قال: حديث قتادة هذا ليس بشيء والقول ما قال ابن جابر.

وقال أبوحاتم الرازي: هو تابعي وأخطأ من قال له صحبة.

وقال أبو زرعة: الرازي ليس بمعروف. روى له الترمذي وقد وقع لنا حديثه بعلو.

- وقال ابن ناصر في توضيح المشتبه ج ١ ص ٥٨٨

محمد بن شجاع الثلجي الفقيه صاحب التصانيف مشهور مبتدع.. قلت:.. وبدعته كونه من أصحاب بشر المريسي يقول في القرآن، ومع ذلك رمي بالوضع

٣٧

والكذب، ومن افترائه أنه تكلم في الشافعي وأحمد.. كان يضع أحاديث التشبيه وينسبها إلى أصحاب الحديث ليثلبهم بذلك..

- وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ٤٤٠ - ٤٤١

فصل: في بيان أربعة أحاديث باطلة تتعلق بالكرسي:

الحديث الأول: روي عن سيدنا ابن عباسرضي‌الله‌عنهما أنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى:وسع كرسيّه السموات والأرض قال: كرسيه موضع قدميه والعرش لا يقدر قدره.

وهذا باطل مرفوعاً وموقوفاً! وما هو إلا هراء يجل مقام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ابن عباسرضي‌الله‌عنهما أن يفوها به، إلا إن حكياه عن اليهود في مقام ذم عقائدهم الباطلة وذكر فساد ما يقولون! وقد رواه مرفوعاً الخطيب البغدادي في تاريخه ٩ - ٢٥١ وابن الجوزي في العلل المتناهية ١ - ٢٢ ورواه موقوفاً الطبراني في الكبير ١٢ - ٣٩ والحاكم ٢ - ٢٨٢ والمجسم الكذاب محمد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب (العرش) قال ابن كثير في تفسيره ١ - ٣١٧ كذا أورد هذا الحديث الحافظ أبو بكر بن مردويه من طريق شجاع بن مخلد الفلاس فذكره وهو غلط، ثم قال بعد ذلك بقليل وقد رواه ابن مردويه من طريق الحاكم بن ظهير الفزاري الكوفي وهو متروك، عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعاً ولا يصح أيضاً.

قلت: الصحيح عندنا في هذا الحديث أنه إسرائيلي مأخوذ من كعب الأحبار لأن أبا هريرة وابن عباس رضوان الله عليهما رويا عن كعب الأحبار كما في تهذيب الكمال للحافظ المزي ٢٤ - ١٩٠ فإذا علمت ذلك فستعرف خطأ الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ٦ - ٣٢٣ حيث اكتفى بالتصريح بأن رجاله رجال الصحيح، وكذا الإمام الحاكم في المستدرك صحح الموقوف أيضاً على شرط الشيخين، وأقره الذهبيرحمهم‌الله فلا تغفل عن هذا، لأن هؤلاءرحمهم‌الله كثيراً ما يصححون فيرد تصحيحهم.

وقد روي نحو هذا الحديث عن أبي موسى الأشعري موقوفاً كما في الأسماء

٣٨

والصفات ص ٤٠٤ للحافظ البيهقيرحمه‌الله وقد تأول هذا النص البيهقي هناك بقوله: ذكرنا أن معناه فيما نرى أنه - أي الكرسي - موضوع من العرش موضع القدمين من السرير، وليس فيه إثبات المكان لله سبحانه.

وفي أثر أبي موسى هذا ذكر للأطيط!وقد صرح الحفاظ بأنه لايصح حديث في الأطيط وقد اعترف الشيخ المتناقض (يقصد الألباني) بذلك في ضعيفته ٢ - ٢٥٧ و ٣٠٧!

وفتحوا الطريق لنقد أحاديث الرؤية بتنازلهم عن عصمة البخاري

- فتاوى الألباني ص ٥٢٤ - ٥٣٥

السؤال هو: هل سبق للشيخ أن ضعف أحاديث في البخاري وضعفها في كتاب ما؟ وإن حصل ذلك فهل سبقك إلى ذلك العلماء؟ نرجو الجواب مع الإشارة جزاك الله خيراً.

جواب: حدد لي ذلك.. إلى ماذا.. لأن سؤالك يتضمن شيئين.. هل سبق لك أن ضعفت شيئاً من أحاديث البخاري وهل جمعت ذلك في كتاب.. فلما ذكرت هل سبقك إلى ذلك.. ماذا تعني: إلى تضعيف أو إلى تأليف.

سؤال: إلى الإثنين.

جواب: أما أنه سبق لي أن ضعفت أحاديث البخاري فهذه الحقيقة يجب الإعتراف بها ولا يجوز إنكارها. ذلك لأسباب كثيرة جداً أولها: المسلمون كافة لا فرق بين عالم أو متعلم أو جاهل مسلم.. كلهم (...) يجمعون على أنه لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. وعلى هذا، من النتائج البديهية أيضاً أن أي كتاب يخطر في بال المسلم أو يسمع باسمه قبل أن يقف على رسمه، لابد أن يرسخ في ذهنه أنه لا بد أن يكون فيه شيء من الخطأ، لأن العقيدة السابقة أن العصمة من البشر لم يحظ بها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

من هنا يروى عن الإمام الشافعيرضي‌الله‌عنه أنه قال: أبى الله أن يتم إلا كتابه. فهذه حقيقة لا تقبل المناقشة.

٣٩

هذا أولاً.. هذا كأصل.. أما كتفريع، فنحن من فضل الله علينا وعلى الناس لكن أكثر الناس لا يعلمون ولكن أكثر الناس لا يشكرون. قد مكنني الله عز وجل من دراسة علم الحديث أصولاً وفروعاً وتعليلاً وتجريحاً، حتى تمكنت إلى حد كبير بفضل الله ورحمته أيضاً أن أعرف الحديث الصحيح من الضعيف من الموضوع، من دراستي لهذا العلم.

على ذلك طبقت هذه الدراسة على بعض الأحاديث التي جاءت في صحيح البخاري فوجدت نتيجة هذه الدراسة أن هناك بعض الأحاديث التي تعتبر بمرتبة الحسن فضلاً عن مرتبة الصحة في صحيح البخاري، فضلاً عن صحيح مسلم.

هذا جوأبي عما يتعلق بي أنا..

أما عما يتعلق بغيري مما جاء في سؤالك وهو هل سبقك أحد، فأقول والحمد لله سبقت من ناس كثيرين هم أقعد مني وأعرف مني بهذا العلم الشريف وقدامي جداً بنحو ألف سنة.

فالإمام الدارقطني وغيره قد انتقدوا الصحيحين في عشرات الأحاديث.. أما أنا فلم يبلغ بي الأمر أن أنتقد عشرة أحاديث. ذلك لأنني وجدت في عصر لا يمكنني من أن أتفرغ لنقد أحاديث البخاري ثم أحاديث مسلم.. ذلك لأننا نحن بحاجة أكبر إلى تتبع الأحاديث التي وجدت في السنن الأربعة فضلاً عن المسانيد والمعاجم ونحو ذلك لنبين صحتها من ضعفها. بينما الإمام البخاري والإمام مسلم قد قاما بواجب تنقية هذه الأحاديث التي أودعوها في الصحيحين من مئات الألوف من الأحاديث.

هذا جهد عظيم جداً.. ولذلك فليس من العلم وليس من الحكمة في شيء أن أتوجه أنا إلى نقد الصحيحين (...) وأدع الأحاديث الموجودة في السنن الأربعة وغيرها، غير معروف صحيحها من ضعيفها.

٤٠