كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٨

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 307

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 307
المشاهدات: 19790
تحميل: 6127


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 307 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19790 / تحميل: 6127
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 8

مؤلف:
العربية

كانت مناوشات و حملات خفيفة لا تقتضي الاتصال و الممازجة و رشق بالنشاب شديد.فلما أظلم الليل أوقد التتار نيرانا عظيمة و أوهموا أنهم مقيمون عندها و ارتحلوا في الليل راجعين إلى جهة بلادهم فأصبح العسكر البغدادي فلم ير منهم عينا و لا أثرا و ما زالوا يطوون المنازل و يقطعون القرى عائدين حتى دخلوا الدربند و لحقوا ببلادهم.و كان ما جرى من دلائل النبوة لأن الرسول ص وعد هذه الملة بالظهور و البقاء إلى يوم القيامة و لو حدث على بغداد منهم حادثة كما جرى على غيرها من البلاد لانقرضت ملة الإسلام و لم يبق لها باقية.و إلى أن بلغنا من هذا الشرح إلى هذا الموضع لم يذعر العراق منهم ذاعر بعد تلك النوبة التي قدمنا ذكرها.قلت و قد لاح لي من فحوى كلام أمير المؤمنين ع أنه لا بأس على بغداد و العراق منهم و أن الله تعالى يكفي هذه المملكة شرهم و يرد عنها كيدهم و ذلك من قوله ع و يكون هناك استحرار قتل فأتى بالكاف و هي إذا وقعت عقيب الإشارة أفادت البعد تقول للقريب هنا و للبعيد هناك و هذا منصوص عليه في العربية و لو كان لهم استحرار قتل في العراق لما قال هناك بل كان يقول هنا لأنه ع خطب بهذه الخطبة في البصرة و معلوم أن البصرة و بغداد شي‏ء واحد و بلد واحد لأنهما جميعا من إقليم العراق و ملكهما ملك واحد فيلمح هذا الموضع فإنه لطيف.

٢٤١

و كتبت إلى مؤيد الدين الوزير عقيب هذه الوقعة التي نصر فيها الإسلام و رجع التتر مخذولين ناكصين على أعقابهم أبياتا أنسب إليه الفتح و أشير إلى أنه هو الذي قام بذلك و إن لم يكن حاضرا له بنفسه و أعتذر إليه عن الإغباب بمديحه فقد كانت الشواغل و القواطع تصد عن الانتصاب لذلك:

أبقى لنا الله الوزير و حاطه

بكتائب من نصره و مقانب

و امتد وارف ظله لنزيله

وصفت متون غديره للشارب

يا كالئ الإسلام إذ نزلت به

فرغاء تشهق بالنجيع السالب

في خطة بهماء ديمومية

لا يهدى فيها السليك للاحب

لا يمتطي سلساتها مرهوبة

الإبساس جلس لا تدر لعاصب

فرجت غمرتها بقلب ثابت

في حملة ذعرى و رأي ثاقب

ما غبت ذاك اليوم عن تدبيرها

كم حاضر يعصى بسيف الغائب

عمر الذي فتح العراق و إنما

سعد حسام في يمين الضارب

أثني عليك ثناء غير موارب

و أجيد فيك المدح غير مراقب

و أنا الذي يهواك حبا صادقا

متقادما و لرب حب كاذب

حبا ملأت به شعاب جوانحي

يفعا و ها أنا ذو عذار شائب

٢٤٢

إن القريض و إن أغب متيم

بكم و رب مجانب كمواظب

و لقد يخالصك القصي و ربما

يمنى بود مماذق متقارب

سدت مسالكه هموم جعجعت

بالفكر حتى لا يبض لحالب

و من العناء مغلب في حظه

يبغي مغالبة القضاء الغالب

و هي طويلة و إنما ذكرنا منها ما اقتضته الحال

٢٤٣

129 و من خطبة له ع في ذكر المكاييل و الموازين

عِبَادَ اَللَّهِ إِنَّكُمْ وَ مَا تَأْمُلُونَ مِنْ هَذِهِ اَلدُّنْيَا أَثْوِيَاءُ مُؤَجَّلُونَ وَ مَدِينُونَ مُقْتَضَوْنَ أَجَلٌ مَنْقُوصٌ وَ عَمَلٌ مَحْفُوظٌ فَرُبَّ دَائِبٍ مُضَيَّعٌ وَ رُبَّ كَادِحٍ خَاسِرٌ وَ قَدْ أَصْبَحْتُمْ فِي زَمَنٍ لاَ يَزْدَادُ اَلْخَيْرُ فِيهِ إِلاَّ إِدْبَاراً وَ لاَ اَلشَّرُّ فِيهِ إِلاَّ إِقْبَالاً وَ لاَ اَلشَّيْطَانُ فِي هَلاَكِ اَلنَّاسِ إِلاَّ طَمَعاً فَهَذَا أَوَانٌ قَوِيَتْ عُدَّتُهُ وَ عَمَّتْ مَكِيدَتُهُ وَ أَمْكَنَتْ فَرِيسَتُهُ اِضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ اَلنَّاسِ فَهَلْ تُبْصِرُ إِلاَّ فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً أَوْ غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اَللَّهِ كُفْراً أَوْ بَخِيلاً اِتَّخَذَ اَلْبُخْلَ بِحَقِّ اَللَّهِ وَفْراً أَوْ مُتَمَرِّداً كَأَنَّ بِأُذُنِهِ عَنْ سَمْعِ اَلْمَوَاعِظِ وَقْراً أَيْنَ أَخْيَارُكُمْ وَ صُلَحَاؤُكُمْ وَ أَيْنَ أَحْرَارُكُمْ وَ سُمَحَاؤُكُمْ وَ أَيْنَ اَلْمُتَوَرِّعُونَ فِي مَكَاسِبِهِمْ وَ اَلْمُتَنَزِّهُونَ فِي مَذَاهِبِهِمْ أَ لَيْسَ قَدْ ظَعَنُوا جَمِيعاً عَنْ هَذِهِ اَلدُّنْيَا اَلدَّنِيَّةِ وَ اَلْعَاجِلَةِ اَلْمُنَغِّصَةِ وَ هَلْ خُلِّفْتُمْ خُلِقْتُمْ إِلاَّ فِي حُثَالَةٍ لاَ تَلْتَقِي إِلاَّ بِذَمِّهِمُ اَلشَّفَتَانِ اِسْتِصْغَاراً لِقَدْرِهِمْ وَ ذَهَاباً عَنْ ذِكْرِهِمْ فَإِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ظَهَرَ اَلْفَسَادُ فَلاَ مُنْكِرٌ مُغَيِّرٌ وَ لاَ زَاجِرٌ مُزْدَجِرٌ أَ فَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اَللَّهَ فِي دَارِ قُدْسِهِ وَ تَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ هَيْهَاتَ لاَ يُخْدَعُ اَللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ وَ لاَ تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ

٢٤٤

لَعَنَ اَللَّهُ اَلآْمِرِينَ بِالْمَعْرُوفِ اَلتَّارِكِينَ لَهُ وَ اَلنَّاهِينَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ اَلْعَامِلِينَ بِهِ أثوياء جمع ثوي و هو الضيف كقوي و أقوياء و مؤجلون مؤخرون إلى أجل أي وقت معلوم.و مدينون مقرضون دنت الرجل أقرضته فهو مدين و مديون و دنت أيضا إذا استقرضت و صارت على دين فأنا دائن و أنشد

ندين و يقضي الله عنا و قد نرى

مصارع قوم لا يدينون ضيعا

و مقتضون جمع مقتضى أي مطالب بأداء الدين كمرتضون جمع مرتضى و مصطفون جمع مصطفى.و قوله أجل منقوص أي عمر و قد جاء عنهم أطال الله أجلك أي عمرك و بقاءك و الدائب المجتهد ذو الجد و التعب و الكادح الساعي.و مثل قوله فرب دائب مضيع و رب كادح خاسر قول الشاعر

إذا لم يكن عون من الله للفتى

فأكثر ما يجني عليه اجتهاده

و مثله

إذا لم يكن عون من الله للفتى

أتته الرزايا من وجوه الفوائد

و هو كثير و الأصل فيه قوله تعالى( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى‏ ناراً حامِيَةً ) و يروى فرب دائب مضيع بغير تشديد.

٢٤٥

و قوله و أمكنت فريسته أي و أمكنته فحذف المفعول.و قوله فاضرب بطرفك لفظة فصيحة و قد أخذها الشاعر فقال:

فاضرب بطرفك حيث شئت فلن ترى

إلا بخيلا.............

و الوفر المال الكثير أي بخل و لم يؤد حق الله سبحانه فكثر ماله.و الوقر بفتح الواو الثقل في الأذن و روي المنغصة بفتح الغين.الحثالة الساقط الردي‏ء من كل شي‏ء.و قوله لا تلتقي بذمهم الشفتان أي يأنف الإنسان أن يذمهم لأنه لا بد في الذم من إطباق أحد الشفتين على الأخرى و كذلك في كل الكلام.و ذهابا عن ذكرهم أي ترفعا يقال فلان يذهب بنفسه عن كذا أي يرفعها.و لا زاجر مزدجر أي ليس في الناس من يزجر عن القبيح و ينزجر هو عنه.و دار القدس هي الجنة و لا يخدع الله عنها لأنه لا تخفى عليه خافية و لا يجوز عليه النفاق و التمويه ثم لعن الآمر بالمعروف و لا يفعله و الناهي عن المنكر و يرتكبه و هذا من قوله تعالى( أَ تَأْمُرُونَ اَلنَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) .و لست أرى في هذه الخطبة ذكرا للموازين و المكاييل التي أشار إليها الرضيرحمه‌الله اللهم إلا أن يكون قوله ع و أين المتورعون في مكاسبهم أو قوله ظهر الفساد و دلالتهما على الموازين و المكاييل بعيدة

نبذ من أقوال الحكماء و الصالحين

و اعلم أن هذه الخطبة قد اشتملت على كلام فصيح و موعظة بالغة من ذكر الدنيا

٢٤٦

و ذكر أهلها و نحن نذكر كلمات وردت عن الحكماء و الصالحين تناسبها على عادتنا في إيراد الأشباه و النظائر.قال بعض الصالحين ما أدري كيف أعجب من الدنيا أ من حسن منظرها و قبح مخبرها أم من ذم الناس لها و تناحرهم عليها قيل لبعضهم كيف أصبحت قال آسفا على أمسي كارها ليومي متهما لغدي.قيل لأعرابي كيف ترى الدهر قال خدوعا خلوبا وثوبا غلوبا.قيل لصوفي لم تركت الدنيا قال لأني منعت صفوها و امتنعت من كدرها.و قيل لآخر لم تركت الدنيا قال لأني عدمت الوسيلة إليها إلا بعشقها و أعشق ما أكون لها أغدر ما تكون بي و أنشد لبشر الحافي:

قرير العين لا ولد يموت

و لا حذر يبادر ما يفوت

رخي البال ليس له عيال

خلي من حربت و من دهيت

قضى وطر الصبا و أفاد علما

فعاتبه التفرد و السكوت

و أكبر همه مما عليه

تذابح من ترى خلق و قوت

قال أبو حيان سمعت ابن القصاب الصوفي يقول اسمع و اسكت و انظر و أعجب قال ابن المعتز

مل سقامي عوده

و خان دمعي مسعده

و ضاع من ليلي غده

طوبى لعين تجده

قلت من الدهر يده

يفنى و يبقى أبده

و الموت ضار أسده

و قاتل من يلده

٢٤٧

و من الشعر القديم المختلف في قائله:

قصر الجديد إلى بلى

و الوصل في الدنيا انقطاعه

أي اجتماع لم يعد

بتفرق منها اجتماعه

أم أي شعب ذي التئام

لم يبدده انصداعه

أم أي منتفع بشي‏ء

ثم تم له انتفاعه

يا بؤس للدهر الذي

ما زال مختلفا طباعه

قد قيل في مثل خلا

يكفيك من شر سماعه

قيل لصوفي كيف ترى الدنيا قال و ما الدنيا لا أعرف لها وجودا قيل له فأين قلبك قال عند ربي قيل فأين ربك قال و أين ليس هو قال ابن عائشة كان يقال مجالسة أهل الديانة تجلو عن القلوب صدا الذنوب و مجالسة ذوي المروءات تدل على مكارم الأخلاق و مجالسة العلماء تزكي النفوس.و من كلام بعض الحكماء الفصحاء كن لنفسك نصيحا و استقبل توبة نصوحا و ازهد في دار سمها ناقع و طائرها واقع و ارغب في دار طالبها منجح و صاحبها مفلح و متى حققت و آثرت الصدق بان لك أنهما لا يجتمعان و أنهما كالضدين لا يصطلحان فجرد همك في تحصيل الباقية فإن الأخرى أنت فان عنها و هي فانية عنك و قد عرفت آثارها في أصحابها و رفقائها و صنعها بطلابها و عشقائها معرفة عيان فأي حجة تبقى لك و أي حجة لا تثبت عليك و من كلام هذا الحكيم فإنا قد أصبحنا في دار رابحها خاسر و نائلها قاصر و عزيزها ذليل و صحيحها عليل و الداخل إليها مخرج و المطمئن فيها مزعج و الذائق من شرابها سكران و الواثق بسرابها ظمآن ظاهرها غرور و باطنها شرور و طالبها

٢٤٨

مكدود و عاشقها مجهود و تاركها محمود العاقل من قلاها و سلا عنها و الظريف من عافها و أنف منها و السعيد من غمض بصره عن زهرتها و صرفه عن نضرتها و ليس لها فضيلة إلا دلالتها على نفسها و إشارتها إلى نقصها و لعمري إنها لفضيلة لو صادفت قلبا عقولا لا لسانا قئولا و عملا مقبولا لا لفظا منقولا فإلى الله الشكوى من هوى مطاع و عمر مضاع فبيده الداء و الدواء و المرض و الشفاء.قال أبو حرة أتينا بكر بن عبد الله المري نعوده فدخلنا عليه و قد قام لحاجته فجلسنا ننتظره فأقبل إلينا يتهادى بين رجلين فلما نظر إلينا سلم علينا ثم قال رحم الله عبدا أعطي قوة فعمل بها في طاعة الله أو قصر به ضعف فكف عن محارم الله.و قال بكر بن عبد الله مثل الرجل في الدنيا مثل رجل له ثلاثة خلان قال له أحدهم أنا خازنك خذ مني ما شئت فاعمل به ما شئت و قال الآخر أنا معك أحملك و أضعك فإذا مت تركتك و قال الآخر أنا أصحبك أبدا حياتك و موتك فأما الأول فماله و أما الثاني فعشيرته و أما الثالث فعمله.قيل للزهري من الزاهد في الدنيا قال من لم يمنع الحلال شكره و من لم يمنع الحرام صبره.و قال سفيان الثوري ما عبد الله بمثل العقل و لا يكون الرجل عاقلا حتى تكون فيه عشر خصال يكون الكبر منه مأمونا و الخير منه مأمولا يقتدي بمن قبله و يكون إماما لمن بعده و حتى يكون الذل في طاعة الله أحب إليه من العز في معصية الله و حتى يكون الفقر في الحلال أحب إليه من الغنى في الحرام و حتى يكون عيشة القوت و حتى يستقل الكثير من عمله و يستكثر القليل من عمل غيره و حتى لا يتبرم بطلب الحوائج

٢٤٩

قبله و العاشرة و ما العاشرة بها شاد مجده و علا ذكره أن يخرج من بيته فلا يستقبله أحد من الناس إلا رأى أنه دونه.قال يونس بن حبيب كان عندنا بالبصرة جندي عابد فأحب الغزو فلما خرج شيعته فقلت أوصني فقال أوصيك بتقوى الله و أوصيك بالقرآن فإنه نور الليل المظلم و هدى النهار المشرق فاعمل به على ما كان من جهد و فاقة فإن عرض بلاء فقدم مالك دون نفسك فإن تجاوز البلاء فقدم مالك و نفسك دون دينك و اعلم أن المحروب من حرب دينه و المسلوب من سلب يقينه إنه لا غنى مع النار و لا فقر مع الجنة و إن جهنم لا يفك أسيرها و لا يستغني فقيرها.ابن المبارك كان فيما مضى جبار يقتل الناس على أكل لحوم الخنازير فلم يزل الأمر يترقى حتى بلغ إلى عابد مشهور فأراده على أكلها و هدده بالقتل فشق ذلك على الناس فقال له صاحب شرطته إني ذابح لك غدا جديا فإذا دعاك هذا الجبار لتأكل فكل فإنما هو جدي فلما دعاه ليأكل أبى أن يأكل فقال أخرجوه و اضربوا عنقه فقال له الشرطي ما منعك أن تأكل من لحم جدي قال إني رجل منظور إلي و إني كرهت أن يتأسى بي الناس في معاصي الله فقدمه فقتله.سفيان الثوري كان رجل يبكي كثيرا فقال له أهله لو قتلت قتيلا ثم أتيت وليه فرآك تبكي هذا البكاء لعفا عنك فقال قد قتلت نفسي فلعل وليها يعفو عني.و كان أيوب السختياني كثير البكاء و كان يغالط الناس عن بكائه يبكي مرة فيأخذ أنفه و يقول الزكمة ربما عرضت لي و يبكي مرة فإذا استبان من حوله بكاءه قال إن الشيخ إذا كبر مج.

٢٥٠

و من كلام أبي حيان التوحيدي في البصائر ما أقول في عالم الساكن فيه وجل و الصاحي بين أهله ثمل و المقيم على ذنوبه خجل و الراحل عنه مع تماديه عجل و إن دارا هذه من آفاتها و صروفها لمحقوقة بهجرانها و تركها و الصدوف منها خاصة و لا سبيل لساكنها إلى دار القرار إلا بالزهد فيها و الرضا بالطفيف منها كبلغة الثاوي و زاد المنطلق

٢٥١

130 و من كلام له ع لأبي ذررحمه‌الله لما أخرج إلى الربذة

يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّكَ غَضِبْتَ لِلَّهِ فَارْجُ مَنْ غَضِبْتَ لَهُ إِنَّ اَلْقَوْمَ خَافُوكَ عَلَى دُنْيَاهُمْ وَ خِفْتَهُمْ عَلَى دِينِكَ فَاتْرُكْ فِي أَيْدِيهِمْ مَا خَافُوكَ عَلَيْهِ وَ اُهْرُبْ مِنْهُمْ بِمَا خِفْتَهُمْ عَلَيْهِ فَمَا أَحْوَجَهُمْ إِلَى مَا مَنَعْتَهُمْ وَ مَا أَغْنَاكَ عَمَّا مَنَعُوكَ وَ سَتَعْلَمُ مَنِ اَلرَّابِحُ غَداً وَ اَلْأَكْثَرُ حَسَداً حُسَّداً وَ لَوْ أَنَّ اَلسَّمَاوَاتِ وَ اَلْأَرَضِينَ كَانَتَا عَلَى عَبْدٍ رَتْقاً ثُمَّ اِتَّقَى اَللَّهَ لَجَعَلَ اَللَّهُ لَهُ مِنْهُمَا مَخْرَجاً لاَ يُؤْنِسَنَّكَ إِلاَّ اَلْحَقُّ وَ لاَ يُوحِشَنَّكَ إِلاَّ اَلْبَاطِلُ فَلَوْ قَبِلْتَ دُنْيَاهُمْ لَأَحَبُّوكَ وَ لَوْ قَرَضْتَ مِنْهَا لَأَمَّنُوكَ

أخبار أبي ذر الغفاري حين خروجه إلى الربذة

واقعة أبي ذررحمه‌الله و إخراجه إلى الربذة أحد الأحداث التي نقمت على عثمان و قد روى هذا الكلام أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة عن عبد الرزاق عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس قال لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس ألا يكلم أحد أبا ذر و لا يشيعه و أمر مروان بن الحكم أن يخرج به فخرج به و تحاماه الناس إلا علي

٢٥٢

بن أبي طالب ع و عقيلا أخاه و حسنا و حسينا ع و عمارا فإنهم خرجوا معه يشيعونه فجعل الحسن ع يكلم أبا ذر فقال له مروان إيها يا حسن أ لا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك فحمل علي ع على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته و قال تنح لحاك الله إلى النار.فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فأخبره الخبر فتلظى على علي ع و وقف أبو ذر فودعه القوم و معه ذكوان مولى أم هانئ بنت أبي طالب.قال ذكوان فحفظت كلام القوم و كان حافظا فقال علي ع يا أبا ذر إنك غضبت لله إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك فامتحنوك بالقلى و نفوك إلى الفلا و الله لو كانت السماوات و الأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله لجعل له منها مخرجا يا أبا ذر لا يؤنسنك إلا الحق و لا يوحشنك إلا الباطل ثم قال لأصحابه ودعوا عمكم و قال لعقيل ودع أخاك.فتكلم عقيل فقال ما عسى أن نقول يا أبا ذر و أنت تعلم أنا نحبك و أنت تحبنا فاتق الله فإن التقوى نجاة و اصبر فإن الصبر كرم و اعلم أن استثقالك الصبر من الجزع و استبطاءك العافية من اليأس فدع اليأس و الجزع.ثم تكلم الحسن فقال يا عماه لو لا أنه لا ينبغي للمودع أن يسكت و للمشيع أن ينصرف لقصر الكلام و إن طال الأسف و قد أتى القوم إليك ما ترى فضع عنك الدنيا بتذكر فراغها و شدة ما اشتد منها برجاء ما بعدها و اصبر حتى تلقى نبيك ص و هو عنك راض.ثم تكلم الحسين ع فقال يا عماه إن الله تعالى قادر أن يغير ما قد ترى

٢٥٣

و الله كل يوم هو في شأن و قد منعك القوم دنياهم و منعتهم دينك فما أغناك عما منعوك و أحوجهم إلى ما منعتهم فاسأل الله الصبر و النصر و استعذ به من الجشع و الجزع فإن الصبر من الدين و الكرم و إن الجشع لا يقدم رزقا و الجزع لا يؤخر أجلا.ثم تكلم عماررحمه‌الله مغضبا فقال لا آنس الله من أوحشك و لا آمن من أخافك أما و الله لو أردت دنياهم لأمنوك و لو رضيت أعمالهم لأحبوك و ما منع الناس أن يقولوا بقولك إلا الرضا بالدنيا و الجزع من الموت مالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه و الملك لمن غلب فوهبوا لهم دينهم و منحهم القوم دنياهم فحسروا الدنيا و الآخرة إلا ذلك هو الخسران المبين.فبكى أبو ذررحمه‌الله و كان شيخا كبيرا و قال رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله ص ما لي بالمدينة سكن و لا شجن غيركم إني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام و كره أن أجاور أخاه و ابن خاله بالمصرين فأفسد الناس عليهما فسيرني إلى بلد ليس لي به ناصر و لا دافع إلا الله و الله ما أريد إلا الله صاحبا و ما أخشى مع الله وحشة.و رجع القوم إلى المدينة فجاء علي ع إلى عثمان فقال له ما حملك على رد رسولي و تصغير أمري فقال علي ع أما رسولك فأراد أن يرد وجهي فرددته و أما أمرك فلم أصغره.قال أ ما بلغك نهيي عن كلام أبي ذر قال أ و كلما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه قال عثمان أقد مروان من نفسك قال مم ذا قال من شتمه و جذب راحلته قال أما راحلته فراحلتي بها و أما شتمه إياي فو الله لا يشتمني شتمه إلا شتمتك مثلها لا أكذب عليك.

٢٥٤

فغضب عثمان و قال لم لا يشتمك كأنك خير منه قال علي إي و الله و منك ثم قام فخرج.فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين و الأنصار و إلى بني أمية يشكو إليهم عليا ع فقال القوم أنت الوالي عليه و إصلاحه أجمل قال وددت ذاك فأتوا عليا ع فقالوا لو اعتذرت إلى مروان و أتيته فقال كلا أما مروان فلا آتيه و لا أعتذر منه و لكن إن أحب عثمان أتيته.فرجعوا إلى عثمان فأخبروه فأرسل عثمان إليه فأتاه و معه بنو هاشم

فتكلم علي ع فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما ما وجدت علي فيه من كلام أبي ذر و وداعه فو الله ما أردت مساءتك و لا الخلاف عليك و لكن أردت به قضاء حقه و أما مروان فإنه اعترض يريد ردي عن قضاء حق الله عز و جل فرددته رد مثلي مثله و أما ما كان مني إليك فإنك أغضبتني فأخرج الغضب مني ما لم أرده.فتكلم عثمان فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك و أما ما كان منك إلى مروان فقد عفا الله عنك و أما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق فأدن يدك فأخذ يده فضمها إلى صدره.فلما نهض قالت قريش و بنو أمية لمروان أ أنت رجل جبهك علي و ضرب راحلتك و قد تفانت وائل في ضرع ناقة و ذبيان و عبس في لطمة فرس و الأوس و الخزرج في نسعة أ فتحمل لعلي ع ما أتاه إليك فقال مروان و الله لو أردت ذلك لما قدرت عليه.و اعلم أن الذي عليه أكثر أرباب السيرة و علماء الأخبار و النقل أن عثمان نفى

٢٥٥

أبا ذر أولا إلى الشام ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية ثم نفاه من المدينة إلى الربذة لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام.أصل هذه الواقعة أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم و غيره بيوت الأموال و اختص زيد بن ثابت بشي‏ء منها جعل أبو ذر يقول بين الناس و في الطرقات و الشوارع بشر الكافرين بعذاب أليم و يرفع بذلك صوته و يتلو قوله تعالى( وَ اَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ اَلذَّهَبَ وَ اَلْفِضَّةَ وَ لا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اَللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ ) فرفع ذلك إلى عثمان مرارا و هو ساكت.ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه أن انته عما بلغني عنك فقال أبو ذر أ و ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى و عيب من ترك أمر الله تعالى فو الله لأن أرضي الله بسخط عثمان أحب إلي و خير لي من أن أسخط الله برضا عثمان.فأغضب عثمان ذلك و أحفظه فتصابر و تماسك إلى أن قال عثمان يوما و الناس حوله أ يجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئا قرضا فإذا أيسر قضى فقال كعب الأحبار لا بأس بذلك فقال أبو ذر يا ابن اليهوديين أ تعلمنا ديننا فقال عثمان قد كثر أذاك لي و تولعك بأصحابي الحق بالشام فأخرجه إليها.فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوما ثلاثمائة دينار فقال أبو ذر لرسوله إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا أقبلها و إن كانت صلة فلا حاجة لي فيها و ردها عليه.ثم بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة و إن كانت من مالك فهي الإسراف و كان أبو ذر يقول بالشام و الله لقد حدثت أعمال ما أعرفها و الله ما هي في كتاب الله و لا سنة نبيه ص

٢٥٦

و الله إني لأرى حقا يطفأ و باطلا يحيا و صادقا مكذبا و أثرة بغير تقى و صالحا مستأثرا عليه.قال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة.و روى شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية عن جلام بن جندل الغفاري قال كنت غلاما لمعاوية على قنسرين و العواصم في خلافة عثمان فجئت إليه يوما أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخا على باب داره يقول أتتكم القطار تحمل النار اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له فازبأر معاوية و تغير لونه و قال يا جلام أ تعرف الصارخ فقلت اللهم لا قال من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ثم قال أدخلوه علي فجي‏ء بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية يا عدو الله و عدو رسوله تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع أما أني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك و لكني أستأذن فيك قال جلام و كنت أحب أن أرى أبا ذر لأنه رجل من قومي فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره جنأ فأقبل على معاوية و قال ما أنا بعدو لله و لا لرسوله بل أنت و أبوك عدوان لله و لرسوله أظهرتما الإسلام و أبطنتما الكفر و لقد لعنك رسول الله ص و دعا عليك مرات ألا تشبع

سمعت رسول الله ص يقول إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل و لا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه فقال معاوية ما أنا ذاك

٢٥٧

الرجل قال أبو ذر بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله ص و سمعته يقول و قد مررت به اللهم العنه و لا تشبعه إلا بالتراب و سمعته ص يقول است معاوية في النار فضحك معاوية و أمر بحبسه و كتب إلى عثمان فيه.فكتب عثمان إلى معاوية أن احمل جندبا إلي على أغلظ مركب و أوعره فوجه به مع من سار به الليل و النهار و حمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة و قد سقط لحم فخذيه من الجهد.فلما قدم بعث إليه عثمان الحق بأي أرض شئت قال بمكة قال لا قال بيت المقدس قال لا قال بأحد المصرين قال لا و لكني مسيرك إلى ربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات.و في رواية الواقدي أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له:

لا أنعم الله بقين عينا

نعم و لا لقاه يوما زينا

تحية السخط إذا التقينا

فقال أبو ذر ما عرفت اسمي قينا قط و في رواية أخرى لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب فقال أبو ذر أنا جندب و سماني رسول الله ص عبد الله فاخترت اسم رسول الله ص الذي سماني به على اسمي فقال له عثمان أنت الذي تزعم أنا نقول يد الله مغلولة و إن الله فقير و نحن أغنياء فقال أبو ذر لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده و لكني أشهد أني

سمعت رسول الله ص يقول إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا و عباده خولا و دينه دخلا.فقال عثمان لمن حضر أ سمعتموها من رسول الله قالوا لا قال عثمان ويلك يا أبا ذر أ تكذب على رسول الله فقال أبو ذر لمن حضر أ ما تدرون أني صدقت قالوا لا و الله

٢٥٨

ما ندري فقال عثمان ادعوا لي عليا فلما جاء قال عثمان لأبي ذر اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص فأعاده فقال عثمان لعلي ع أ سمعت هذا من رسول الله ص قال لا و قد صدق أبو ذر فقال كيف عرفت صدقه قال لأني سمعت رسول الله ص يقول ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر فقال من حضر أما هذا فسمعناه كلنا من رسول الله فقال أبو ذر أحدثكم أني سمعت هذا من رسول الله ص فتتهمونني ما كنت أظن أني أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد ص.و روى الواقدي في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين قال رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له أنت الذي فعلت و فعلت فقال أبو ذر نصحتك فاستغششتني و نصحت صاحبك فاستغشني قال عثمان كذبت و لكنك تريد الفتنة و تحبها قد انغلت الشام علينا فقال له أبو ذر اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام فقال عثمان ما لك و ذلك لا أم لك قال أبو ذر و الله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فغضب عثمان و قال أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب إما أن أضربه أو أحبسه أو أقتله فإنه قد فرق جماعة المسلمين أو أنفيه من أرض الإسلام فتكلم علي ع و كان حاضرا فقال أشير عليك بما قال مؤمن آل فرعون( فإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ اَلَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اَللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) فأجابه عثمان بجواب غليظ و أجابه علي ع بمثله و لم نذكر الجوابين تذمما منهما.قال الواقدي ثم إن عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر أو يكلموه فمكث

٢٥٩

كذلك أياما ثم أتى به فوقف بين يديه فقال أبو ذر ويحك يا عثمان أ ما رأيت رسول الله ص و رأيت أبا بكر و عمر هل هديك كهديهم أما إنك لتبطش بي بطش جبار فقال عثمان اخرج عنا من بلادنا فقال أبو ذر ما أبغض إلي جوارك فإلى أين أخرج قال حيث شئت قال أخرج إلى الشام أرض الجهاد قال إنما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها أ فأردك إليها قال أ فأخرج إلى العراق قال لا إنك إن تخرج إليها تقدم على قوم أولي شبه و طعن على الأئمة و الولاة قال أ فأخرج إلى مصر قال لا قال فإلى أين أخرج قال إلى البادية قال أبو ذر أصير بعد الهجرة أعرابيا قال نعم قال أبو ذر فأخرج إلى بادية نجد قال عثمان بل إلى الشرق الأبعد أقصى فأقصى امض على وجهك هذا فلا تعدون الربذة فخرج إليها.وروى الواقدي أيضا عن مالك بن أبي الرجال عن موسى بن ميسرة أن أبا الأسود الدؤلي قال كنت أحب لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة فجئته فقلت له أ لا تخبرني أخرجت من المدينة طائعا أم أخرجت كرها فقال كنت في ثغر من ثغور المسلمين أغني عنهم فأخرجت إلى المدينة فقلت دار هجرتي و أصحابي فأخرجت من المدينة إلى ما ترى ثم قال بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد علي عهد رسول الله ص إذ مر بي ع فضربني برجله و قال لا أراك نائما في المسجد فقلت بأبي أنت و أمي غلبتني عيني فنمت فيه قال فكيف تصنع إذا أخرجوك منه قلت إذا ألحق بالشام فإنها أرض مقدسة و أرض الجهاد قال فكيف تصنع إذا أخرجت منها قلت أرجع إلى المسجد قال فكيف تصنع

٢٦٠