• البداية
  • السابق
  • 169 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 37091 / تحميل: 5999
الحجم الحجم الحجم
مسكن الفؤاد

مسكن الفؤاد

مؤلف:
العربية

في الأغلب بقاءه لنفسه ، فإن هذا هو المجبول عليه طبع الخلق ، ومنفعته لك على تقدير بقائه غير معلومة ، بل كثيراً ما يكون المظنون عدمها ، فإن الزمان قد صار في آخره ، والشقوة والغفلة قد شملت أكثر الخلائق ، وقد عز السعيد ، وقل الصالح الحميد ، فنفعه لك ـ بل لنفسه ـ على تقدير بقائه غير معلوم ، وانتفاعه الآن وسلامته من الخطر ونفعه لك قد صار معلوماً ، فلا ينبغي أن تترك الأمر المعلوم لأجل الأمر المظنون بل الموهوم ، وتأمل أكثر الخلف لأكثر السلف ، هل تجد منهم نافعاً لأبويه إلا أقلهم ، أو مستيقظاً إلا أوحديّهم حتى إذا رأيت واحداً كذلك ، فعد ألوفاً بخلافه. وإلحاقك ولدك الواحد بالفرد النادر الفذ(1) دون الأغلب الكثير ، عين الغفلة والغباوة ، فإن الناس بزمانهم أشبه منهم بآئهم. كما ذكره سيد الوصيين ، وترجمان رب العالمين ، صلوات الله عليه وسلامه عليه.

مع ان ذلك الفرد الذي تريد مثله ، إنما هو صالح نافع بحسب الظاهر ، وما الذي يدريك بباطنه وفساد نيته وظلمه لنفسه؟! فلعلك لو كشفت عن باطنه ، ظهر لك أنه منطو على معاصي وفضائح ، لا ترضاها لنفسك ولا لولدك ، وتتمنى أن ولدك لو كان على مثل حالته يموت فإنه خير له.

هذا كله إذا كنت تريد أن تجعل ولدك واحداً في العالمين ، وولياً من الصالحين ، فكيف وأنت لا تريده إلا ليرث بيتك ، أو بستانك ، أو دوابك ، وأمثال ذلك من الأمور الخسيسة الزائلة عما قريب! وتتركه يرث الفردوس الأعلى في جوار اولاد النبيين والمرسلين ، مبعوثاً مع الآمنين الفرحين ، مربىً إن كان صغيراً في حجر سارة اُم النبيين ، كما وردت به الأخبار عن سيد المرسلين(2) ، ما هذا إلا معدود من السفه لو عقلت!.

و لو كان مرادك أن تجعله من العلماء الراسخين والصلحاء المتقين ، وتورثه علمك وكتبك وغيرها من أسباب الخير ، فاذكر ايضاً أن ذلك كله لو تم معك ، فما وعد الله تعالى من العوض على فقده أعظم من مقصدك ، كما ستسمعه إن شاء الله تعالى.

مثل ما رواه الصدوق ، عن الصادقعليه‌السلام : « ولد واحد يقدمه الرجل ،

____________

1 ـ ليس في نسخة « د » و « ش ».

2 ـ روى الصدوق في الفقيه 3 : 316 / 2 ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى كفل إبراهيم وسارة أطفال المؤمنين يغذونهم بشجرة في الجنة لها أخلاف كأخلاف البقر في قصر من درة فإذا كان يوم القيامة البسوا وطيبوا واهدوا إلى آبائهم فهم ملوك في الجنة مع آبائهم وهو قول الله عز وجل : ( والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم ).

٢١

أفضل من سبعين ولداً يبقون بعده ، يدركون القائمعليه‌السلام »(1) .

و اعتبر أنه لو قيل : إن رجلاً فقيراً معه ولد عليه خلقان(2) الثياب ، قد أسكنه في خربة مقفرة ذات آفات كثيرة ، وفيها بيوت حيات وعقارب وسباع ضارية ، وهو معه على خطر عظيم ، فاطلع عليه رجل حكيم جليل ، ذو ثروة وحشمة(3) وخدم وقصور عالية ورتب سامية ، فرق لهذا الرجل ولولده ، فأرسل إليه بعض غلمانه : إن سيدي يقول لك : إني قد رحمتك مما بك في هذه الخربة ، وهو خائف عليك وعلى ولدك ( من العاهات )(4) ، وقد تفضلت عليك بهذا القصر ، ينزل به ولدك ، ويوكل به جارية عظيمة من كرائم جواريه تقوم بخدمته إلى ان تقضي أنت أغراضك التي في نفسك ، ثم إذا قدمت ، وأردت الإقامة أنزلتك معه في القصر ، بل في قصر ، بل في قصر أحسن من قصره.

فقال الرجل الفقير : أنا لا أرضى بذلك ، ولا يفارقني ولدي في هذه الخربة ، لا لعدم وثوقي بالرجل الباذل ، ولا زهداً مني في داره وقصره ، ولا لأماني على ولدي في هذه الخربة ، بل طبعي اقتضى ذلك ، وما أريد أن أخالف طبعي.

أفما كنت ـ أيها السامع لوصف هذا الرجل ـ تعده من أدنياء السفهاء وأخساء الأغبياء؟! فلا تقع(5) في خلق لا ترضاه لغيرك ، فإن نفسك أعز عليك من غيرك.

واعلم ان لسع الافاعي ، وأكل السباع ، وغيرهما من آفات الدنيا لا نسبة لها إلى أقل محنة من محن الآخرة المكتسبة في الدنيا ، بل لا نسبة لها إلى إعراض الحق(6) سبحانه ، وتوبيخه ساعة واحدة في عرصة القيامة ، أو عرضة واحدة على النار مع الخروج منها بسرعة.

فما ظنك بتوبيخ يكون ألف عام ، أو أضعافه ، وبنفحة من عذاب جهنم يبقى ألمها ألف عام ، ولسعة من حياتها وعقاربها يبقى ألمها أربعين خريفاً! وأي نسبة لأعلى قصر في دار الدنيا ، إلى أدنى مسكن في الجنة! وأي مناسبة بين خلقان الثياب في الدنيا

____________

1 ـ ثواب الأعمال : 233 / 4.

2 ـ خَلُقَ الثوب بالضم : إذا بلي « مجمع البحرين ـ خلق ـ 5 : 158 ».

3 ـ في هامش : « ح » : وحشم.

4 ـ ليس في نسخة « ش » و « د ».

5 ـ في هامش « ح » : فاياك أن تقع.

6 ـ في « ح » : الخالق.

٢٢

إلى فاخرها إلى أعلى ما في الدنيا ، بالإضافة إلى سندس الجنة وإستبرقها ، وهلم جرا إلى ما فيها من النعيم المقيم؟!

بل لو تأملت بعين بصيرتك في هذا المثل ، وأجلت فيه رؤيتك ، علمت أنّ ذلك الكريم الكبير ، بل جميع العقلاء لا يرضون من ذلك الفقير بمجرد تسليم ولده ورضاه بأخذه ، بل لا بدّ في الحكمه من حمده عليه وشكره عليه وشكره ، وإضهار الثناء عليه بما هو أهله ؛ لأن ذلك هو مقتضى حق النعمة.

الرابع : إن في الجزع بذلك والسخط انحطاطاً عظيماً عن مرتبة الرضى بقضاء الله تعالى ، وفي فوات ذلك خطر وخيم ، وفوات نيل عظيم ، فقد ذم الله تعالى من سخط بقضائه ، وقال : « من لم يرض بقضائي ، ولم يصبر على بلائي ، فليعبد رباً سواي »(1) .

وفي كلامه تعالى لموسىعليه‌السلام حين قال له : دلني على أمر فيه رضاك ، قال : « إنّ رضاي في رضاك بقضائي »(2) .

وفي القرآن الكريم :( رَضِىَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ) (3) .

وأوحى الله تعالى إلى داود : « يا داود ، تريد وأريد ، وإنما يكون ما أريد ، فإن سلمت لما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم ما أريد أتعبك فيما تريد ، ثم لا يكون إلا ما أريد »(4) .

وقال تعالى :( لكَيْلا تَأْسَوْا عَلى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بمَا آتاكُم ) (5) .

واعلم أن الرضى بقضاء الله ـ تعالى ـ ثمرة المحبة لله ، إذ من أحب شيئاً رضي بفعله ، ورضى العبد عن الله دليل على رضى الله تعالى عن العبد ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وصاحب هذه المرتبة مع رضى الله تعالى عنه ـ الذي هو أكمل السعادات ، وأجل الكمالات ـ لا يزال مستريحاً ؛ لأنه لم يوجد منه أريد ولا أريد ، كلاهما عنده واحد ، ورضوان الله أكبر ، إن ذلك لمن عزم الاُمور.

وسيأتي لذلك بحث آخر أن شاء الله تعالى في باب الرضا(6) .

__________________

1 ـ جامع الأخبار : 133 ، دعوات الراوندي : 169 / 471 ، الجامع الصغير 2 : 235 / 6010.

2 ـ رواه الراوندي في دعواته : 164 / 453 ، باختلاف يسير.

3 ـ المائدة 5 : 119.

4 ـ رواه الصدوق في التوحيد : 337 / 4.

5 ـ الحديد 57 : 23.

6 ـ يأتي في ص 79

٢٣

واعلم أن البكاء لا ينافي الرضى ، ولا يوجب السخط ، وإنما مرجع ذلك إلى القلب ، كما ستعرفه ـ إن شاء الله تعالى ـ ومن ثم بكاء الأنبياء والأئمةعليهم‌السلام على أبنائهم وأحبائهم ، فإن ذلك أمر طبيعي للإنسان ، لا حرج فيه إذا لم يقترن بالسخط ، وسيأتي.

الخامس : أن ينظر صاحب المصيبة إلى أنه في دار قد طبعت على الكدر والعناء ، وجبلت على المصائب والبلاء ، فما يقع فيها من ذلك هو مقتضى جبلتها وموجب طبيعتها ، وإن وقع خلاف ذلك فهو على خلاف العادة لأمر آخر ، خصوصاً على الأكابر والنبلاء من الأنبياء والأوصياء والأولياء ، فقد نزل بهم من الشدائد والأهوال ما يعجز عن حمله الجبال ، كما هو معلوم في المصنفات ، التي لو ذكر بعضها لبلغ مجلدات.

وقد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أشد الناس بلاءً الأنبياء ، ثم الأولياء ، ثم الأمثل فالامثل »(1) .

وقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الدنيا سجن المؤمن ، وجنة الكافر »(2) .

وقد قيل : إن الدنيا ليس فيها لذة على الحقيقة ، إنما لذاتها راحة من مؤلم ، هذا وأحسن لذاتها ، وأبهى بهجاتها مباشرة النساء ، المترتب عليه حصول الأبناء ، كم يعقبه من قذى(3) ، أقله ضعف القوى وتعب الكسب والعناء. ومتى حصل محبوب كانت آلامه تربو على لذاته ، والسرور به لا يبلغ معشار حسراته ، وأقل آفاته في الحقيقة الفراق الذي ينكث(4) الفؤاد ، ويذيب(5) الأجساد.

فكلما تظن في الدنيا أنه شراب سراب ، وعمارتها ـ وإن حسنت ـ إلى

__________________

1 ـ رواه الكليني في الكافي 2 : 196 / 2 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1334 / 4023 ، والترمذي في سننه 4 : 28 / 2509 ، وأحمد في مسنده 1 : 172 ، 180 ، 185 ، والدارمي في سننه 2 : 320 ، والحاكم النيسابوري في مستدركه 1 : 41 و 4 : 307 ، باختلاف يسير.

2 ـ رواه الصدوق في الفقيه 4 : 262 ، والطوسي في أماليه 2 : 142 ، ومحمد بن همام في التمحيص : 48 : 76 ، ومسلم في صحيحه 4 : 2272 / 2956 ، وأحمد في مسنده 2 : 323 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1378 / 4113.

3 ـ القذى : ما يقع في العين والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك « مجمع البحرين ـ قذى ـ 1 : 335 ».

4 ـ ينكث : من النكث وهو النقض والهدم والهزال « القاموس المحيط ـ نكث ـ 1 : 176 ».

5 ـ في « ح » : ويذهب.

٢٤

خراب ، ومالها ـ وإن اغتر بها الجاهل ـ إلى ذهاب ، ومن خاض الماء الغمر(1) لا يجزع من بلل ، كما أن من دخل بين الصفين لايخلوه من وجل ، ومن العجب من أدخل يده في فم الأفاعي كيف ينكر اللسع ، وأعجب منه من يطلب من المطبوع على الضر النفع!

وما أحسن قول بعض الفضلاء(2) في مرثية ابنه :

طبعت على كدر وأنت تريدها

صفواً من الأقذاء والأكدار

ومكلف الأيام ضد طباعها

متطلب في الماء جذوة نار

وإذا رجوت المستحيل فإنما

تبني البناء على شفيرٍ هار

 و قال بعض العارفين : ينبغي لمن نزلت له مصيبة أن يسهلها على نفسه ، ولا يغفل عن تذكّر ما يعقبه من وجوب الفناء وتقتضي المسار ، وأن الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، يجمعها من لا عقل له ، ويسعى لها من لا ثقة له ، وفيها يعادي من لا علم له ، وعليها يحسد من لا فقه له ، من صح فيها سقم ، ومن سقم فيها برم ، ومن افتقر فيها حزن ، ومن استغنى فيها فتن.

واعلم أنك قد خلقت في هذه الدار لغرض خاص ؛ لأن الله تعالى منزه عن العبث. وقد قال الله تعالى :( وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) (3) وقد جعلها مكتسبا لدار القرار ، وجعل بضاعتها الأعمال الصالحة ، ووقتها العمر ، وهو قصير جداً بالنظر إلى ما يطلب من السعادة الأبدية ، التي لا انقضاء لها.

فإن اشتغلت بها ، واستيقظت استيقاظ الرجال ، واهتممت بشأنك اهتمام الأبدال ، رجوت أن تنال نصيبك منها ، فلا تضيع عمرك في الإهتمام بغير ما خلقت له ، يضيع وقتك ، ويذهب عمرك بلا فائدة ؛ فان الغائب لايعود والميت لا يرجع ، وتفوتك

____________

1 ـ الغمر : بفتح الغين وسكون الميم : الكثير.

2 ـ هو علي بن محمد بن نهد التهامي ، أبو الحسن ، شاعر مشهور من أهل تهامة ، زار الشام والعراق ، وولي خطابة الرملة ، ثم رحل إلى مصر ، متخفيا ، فعلمت به حكومة مصر ، فاعتقل وحبس في دار البنود ، ثم قتل سراً في سجنه سنة 416 هـ ، قال ابن خلكان : له مرثية في ولده وكان قد مات صغيراً ، وهي في غاية الحسن. ويقال : إن بعض أصحابه رآه في النوم بعد موته. فقال له : ما فعل الله بك؟ فقال : غفر لي ، فقال : بأي الاعمال؟ فقال : بقولي في مرثية ولدي الصغير :

جاورت أعدائي وجاور ربه

شتان بين جواره وجواري

 اُنظر « وفيات الأعيان 3 : 378 / 471 ، الأعلام للزركلي 4 : 327 ».

3 ـ الذاريات 51 : 56.

٢٥

السعادة التي خلقت لها. فيالها حسرة لا تفنى ، وغبن لا يزول ، إذا عاينت درجات السابقين ، وأبصرت منازل المقربين ، وأنت مقصر من الأعمال الصالحة ، خلي من المتاجر الرابحة! فقس ذلك الالم على هذه الآلام ، وادفع أصعبهما عليك وأضرهما لك ، مع أنك تقدر على دفع سبب هذا ، ولا تقدر على دفع سبب ذاك.

كما قال عليعليه‌السلام : « إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت مأجور ، وأن جزعت(1) جرى عليك القضاء وأنت مأزور(2) ، فاغتنم شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، واجعل الموت نصب عينك ، واستعد له بصالح العمل ، ودع الإشتغال بغيرك ، فإن الموت يأتي إليك دونه ».

وتأمل قوله تعالى :( وان ليس للإنسان إلا ما سعى * وأن سعيه سوف يرى ) (3) فقصر أملك ، وأصلح(4) عملك ، فإن السبب الأكثري الموجب للإهتمام بالاموال والأولاد طول الأمل.

و قد قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لبعض أصحابه : « إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح ، وخذ من حياتك لموتك ، ومن صحتك لسقمك ، فإنك لا تدري ما اسمك غداً »(5) .

وقال عليعليه‌السلام : « إنّ أشدّ ما أخاف عليكم خصلتان : إتّباع الهوى ، وطول الأمل ؛ فأمّا اتّباع الهوى فإنّه يعدل عن الحق ، وأمّا طول الأمل فإنه يورث الحبّ للدنيا »(6) .

ثم قال : « ألا إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض ، وإذا أحب عبداً أعطاه الإيمان ، ألا إن للدين أبناء ، وللدنيا أبناءً ، فكونوا من أبناء الدين ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا ، ألا إن الدنيا قد أرتحلت مولية ، ألا إن الآخرة قد أرتحلت مقبلة ، إلا وإنكم في

____________

1 ـ في « ح » : لم تصبر.

2 ـ ورد في نهج البلاغة 3 : 224 / 291.

3 ـ النجم 53 : 39 و 40.

4 ـ في هامش « ح » : وأحسن.

5 ـ رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر 1 : 271 ، والشيخ الطوسي في أماليه 2 : 139 ، والديلمي في إرشاد القلوب : 18 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 4 : 243 / 17. باختلاف يسير.

6 ـ ورد في نهج البلاغة 1 : 88 / 41 ، ورواه الديلمي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في إرشاد القلوب : 21 باختلاف يسير.

٢٦

يوم عمل ليس فيه حساب ، ألا وإنكم توشكون في يوم حساب ليس فيه عمل »(1) .

واعلم ان محبوبا يفارقك ، وتبقى على نفسك حسرته وألمه ، وفي حال إصاله(2) كدك وكدحك وجدك واجتهادك ، ومع ذلك لا يخلو زمانك معه من تنغيص(3) به أو عليه ، لأجل أن تتسلى عنه ، وتطلب لنفسك محبوباً غيره ، وتجتهد في أن يكون موصوفاً بحسن الصحة ، ودوام الملازمة ، وزيادة الأنس ، وتمام المنفعة.

فإن ظفرت به فذلك هو الذي ينبغي أن يكون بغيتك التي تحفظها ، وتهتم بها ، وتنفق وقتك عليها ، وهو غاية كل محبة ، ومنتهى كل مقصد ، وما ذاك إلا الإشتغال بالله ، وصرف الهمة إليه ، وتفويض ما خرج عن ذلك إليه ، فإن ذلك دليل على حب الله تعالى ، يحبهم ويحبونه والذين آمنوا أشد حباً لله.

و قد جعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الحب لله من شرط الإيمان ، فقال : « لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما »(4) .

ولا يتحقق الحب في القلب ( أحدكم لأحد)(5) مع كراهته لفعله وسخطه به ، بل مع عدم رضاه على وجه الحقيقة ، لا على وجه التكلّف والتعنت.

وفي أخبار داودعليه‌السلام : « يا داود ، أبلغ أهل أرضي : اني حبيب من أحبني ، وجليس من جالسني ، ومؤنس لمن أنس بذكري ، وصاحب لمن صاحبني ، ومختار لمن اختارني ، ومطيع لمن أطاعني. ما أحبني أحد(6) أعلم ذلك يقيناً من قلبه إلا قبلته لنفسي ، ( وأحببته حباً )(7) لا يتقدمه أحد من خلقي ، من طلبني بالحق وجدني ، ومن طلب غيري لم يجدني. فارفضوا ـ يا أهل الأرض ـ ما أنتم عليه في غرورها ، وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي ومؤانستي ، وأنسوا بي اُؤانسكم ، واُسارع إلى محبتكم »(8) .

____________

1 ـ رواه الديلمي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في إرشاد القلوب : 21 باختلاف في ألفاظه.

2 ـ في نسخة « ش » : اتصاله.

3 ـ التنغيض : التكدير ، يقال نغص عليه العيش تنغيصاً. كدره. « مجمع البحرين ـ نغض ـ 4 : 186 ».

4 ـ أخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء 8 : 4 ، ورواه ـ باختلاف يسير ـ أحمد في مسنده 3 : 172 و248 ، النسائي في سننه 8 : 95 ، وابن ماجة في سننه 2 : 1338 / 4033.

5 ـ في نسخة « ش » : أحد.

6 ـ في نسخة « ش » : عبد.

7 ـ في « ح » : وأحييته حياة.

8 ـ أخرجه المجلسي في البحار 70 : 26 / 28 ، والحر العاملي في الجواهر السنية : 94 عن مسكن الفؤاد.

٢٧

وأوحى الله تعالى إلى بعض الصديقين : « إن لي عباداً من عبادي ، يحبوني واُحبهم ، ويشتاقون إلي وأشتاق إليهم ، ويذكروني وأذكرهم ، فإن أخذت طريقتهم وأحببتك ، وإن عدلت عنهم مقتك.

فقال : يارب وما علامتهم؟

قال : يراعون الظلال بالنهار ، كما يراعي [ الراعي ](1) الشفيق غنمه ، ويحنون إلى غروب الشمس ، كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب ، فإذا جنهم الليل ، وأختلط الظلام ، وفرشت الفرش ، ونصبت الأسرة ، وخلا كل حبيب بحبيبه ، ونصبوا إلي أقدامهم ، وافترشوا لي وجوههم ، وناجوني بكلامي ، وتملقوني بإنعامي ، ما بين(2) صارخ وباك ، وما بين متأوه وشاك ، وبين قائم وقاعد ، وبين راكع وساجد ، بعيني ما يتحملون من أجلي ، وبسمعي ما يشكون من حبي ، اقل(3) ما أعطيهم ثلاثاً :

الاول : أقذف من نوري في قلوبهم ، فيخبرون عني ، كما اُخبر عنهم.

و الثاني : لو كانت السماوات والأرضون(4) وما فيهما في موازينهم ، لا ستقللتها لهم.

والثالث : أقبل بوجهي عليهم ، أفترى من أقبلت بوجهي عليه ، يعلم أحد ما أريد أن أعطيه »(5) .

وها هنا نقطع الكلام في المقدمة ، ونشرع في الأبواب :

____________

1 ـ أثبتناه من المحجة البيضاء.

2 ـ في نسخة « ش » : فبين.

3 ـ في نسخة « ش » أول.

4 ـ في نسخة « ش » : والأرض.

5 ـ أخرجه المجلسي في بحار الأنوار 70 : 26 / 28 ، عن مسكن الفؤاد ، وأخرجه الفيض الكاشاني في المحجة البيضاء 8 : 58.

٢٨

الباب الأول

في بيان الأعواض الحاصلة من موت الأولاد ، وما يقرب من هذا المراد

إعلم أن الله ـ سبحانه ـ عدل ( كريم ، وأنه )(1) غني مطلق ، لا يليق بكمال ذاته وجميل صفاته ، أن يُنزل بعبده المؤمن في دار الدنيا شيئاً من البلاء وإن قل ، ثم لا يعوضه عنه ما يزيد عليه ، إذ لو لم يعطه شيئاً ( بالكلية كان له ظالماً )(2) ، ولو عوضه بقدرة كان عابثاً ، تعالى الله عنهما علواً كبيراً.

وقد تظافرت بذلك الأخبار النبوية ، ومنها :

« إن المؤمن لو يعلم ( ما أعد الله له )(3) على البلاء ، لتمنى أنه في دار الدنيا قرض بالمقاريض »(4) .

ولنقتصر منها على ما يختص بما نحن فيه ، فقد رواه عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أزيد من ثلاثين صحابياً.

وروى الصدوق ـرحمه‌الله ـ بإسناده إلى عمرو بن عبسة(5) السلمي ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « أيما رجل قدم ثلاثة أولاد ، لم يبلغوا الحنث ، أو امرأة قدمت ثلاثة أولاد ، فهم حجاب يسترونه عن(6) النار »(7) .

وعن أبي ذر ـرضي‌الله‌عنه ـ قال : ما من مسلمين يقدمان عليهما ثلاثة أولاد ، لم يبلغوا الحنث ، إلا أدخلهما(8) الله الجنة بفضل رحمته(9) .

__________________

1 ـ في نسخة « ش » : حكيم.

2 ـ في نسخة « ش » : كان ظالماً.

3 ـ في نسخة « ش » ما اعده الله تعالى له.

4 ـ رواه الكليني في الكافي 2 : 198 / 15 ، والحسين بن سعيد في كتاب المؤمن : 15 / 3 ، والشيخ ورام في تنبيه الخواطر 2 : 204 ، ومحمد بن همام في التمحيص : 32 / 13 باختلاف في الفاظه.

5 ـ في « ح » : عمر بن عتبة ، وفي نسخة « ش » : عمر بن عنبسة ، والصواب ما أثبتناه من ثواب الأعمال ، اُنظر « اُسد الغابة 4 : 120 ، تهذيب التهذيب 4 : 369 ».

6 ـ في نسخة « ش » وثواب الأعمال : من.

7 ـ ثواب الأعمال 233 / 2.

8 ـ في ثواب الأعمال أدخلهم.

9 ـ ثواب الأعمال 233 / 3.

٢٩

ا لحنث بكسر الحاء المهملة ، وآخره ثاء مثلثة : الإثم ، والذنب ، والمعنى : أنهم لم يبلغوا السن الذي يكتب عليهم فيه الذنوب والآثام ، قال الخليل : بلغ الغلام الحنث ، أي : جرى عليه القلم(1) .

وبإسناده إلى جابر ، عن أبي جعفر بن محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، قال : « من قدم أولاداً يحتسبهم عند الله تعالى ، حجبوه من النار بإذن الله عز وجل »(2) .

وبإسناده إلى علي بن ميسرة(3) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : « ولد واحد يقدمه الرجل أفضل من سبعين ، يخلفونه(4) من بعده ، كلهم قد ركب الخيل ، وقاتل في سبيل الله »(5) .

وعنهعليه‌السلام : « ثواب المؤمن من ولده(6) الجنة ، صبر أو لم يصبر »(7) .

وعنهعليه‌السلام : « من اُصيب بمصيبة ، جزع عليها أو لم يجزع ، صبر عليها أو لم يصبر ، كان ثوابه من الله الجنة »(8) .

وعنهعليه‌السلام : « ولد واحد يقدمه الرجل أفضل من سبعين ولداً ، يبقون بعده ، يدركون القائمعليه‌السلام »(9) .

وروى الترمذي بإسناده إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنه قال : « مانزل »(10) .

____________

1 ـ العين 3 : 206.

2 ـ رواه الصدوق في الفقيه 1 : 119 / 574 ، وثواب الأعمال : 233 / 1 ، والأمالي : 434 / 6 ، والكليني في الكافي 3 : 220 / 10.

3 ـ في « ش » : علي بن ميسر عن أبيه ، وما أثبتناه من البحار ، وهو علي بن ميسرة بن عبد الله النخعي ، مولاهم ، كوفي ، هو وأبوه من أصحاب الصادقعليه‌السلام ، اُنظر « رجال الشيخ : 242 / 310 ، معجم رجال الحديث 12 : 207 / 8545 ».

4 ـ في « ح » : يخلفهم.

5 ـ رواه الصدوق مرسلاً في الفقيه 1 : 112 / 519 باختلاف في الفاظه ، ورواه الكليني باسناده إلى أبي إسماعيل السراج في الكافي 3 : 218 / 1 ، ورواه سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار : 23 مرسلاً. وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 116 / 8 عن مسكن الفؤاد.

6 ـ في الفقيه والكافي زيادة : اذا مات.

7 ـ رواه الصدوق في الفقيه : 1 : 112 / 518 ، والكليني في الكافي 3 : 219 / 8 ، والبحار 82 : 116 / 8 عن مسكن الفؤاد.

8 ـ الفقيه 1 : 111 / 517 ، والبحار 82 : 116 / 8.

9 ـ ثواب الأعمال : 233 / 4.

10 ـ في المصدر : ما يزال.

٣٠

البلاء بالمؤمن والمؤمنة ، في نفسه وولده وماله ، حتى يلقى الله عز وجل ، وما عليه خطيئة »(1) .

وعن محمد بن خالد السلمي ، عن أبيه ، عن جده ـ وكانت له صحبة ـ قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « إن العبد إذا سبقت له من الله تعالى منزلة ولم يبلغها بعمل ، ابتلاه الله في جسده ، أو في ماله ، أو في ، أوفي ولده ، ثم صبره على ذلك ، حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله عز وجل »(2) .

وعن ثوبان ـ مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « بخ بخ ، خمس ما أثقلهن في الميزان! لا إله إلا الله ، وسبحان الله ، ( والحمد لله ، والله أكبر )(3) ، والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم(4) فيحتسبه »(5) .

بخ بخ ، كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء ، وتكرر للمبالغة ، وربما شددت ، ومعناها : تفخيم الأمر وتعظيمه ، ومعنى يحتسبه ، أي : يجعله حسبة وكفاية عند الله عز وجل ، أي : يحتسب بصبره على مصيبته بموته ، ورضاه بالقضاء.

وعن عبد الرحمن بن سمرة ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إني رأيت البارحة عجباً ـ فذكر حديثاً طويلاً ، وفيه ـ رأيت رجلاً من اُمتي قد خف ميزانه ، فجاء أفراطه فثقلوا ميزانه »(6) .

الفرط بفتح الفاء والراء : هو الذي لم يدرك من الأولاد ـ الذكور والإناث ـ وتتقدم وفاته على أبويه أو أحدهما ، يقال : فرط القوم ، اذا تقدمهم ، وأصله الذي يتقدم الركب إلى الماء ، ويهيئ(7) لهم أسبابه.

____________

1 ـ سنن الترمذي 4 : 28 / 2510.

2 ـ رواه أبو داود في سننه 3 : 183 / 3090 ، وأحمد في مسنده 5 : 272 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 4 : 283 / 30 ، والسيوطي في الجامع الصغير 1 : 103 / 669.

3 ـ في نسخة « ش » : والله أكبر والحمد لله.

4 ـ في « ح » : للرجل.

5 ـ رواه الصدوق في الخصال : 267 / 1 ، وأحمد في مسنده 3 : 443 و 4 : 237 و 5 : 366 ، والحاكم في مستدركه 1 : 511 ، والسيوطي في الجامع الصغير 1 : 483 / 4129 ، وأخرجه المجلسي في بحار الأنوار 82 : 117 / 9 عن مسكن الفؤاد.

6 ـ رواه السيوطي في الجامع الصغير : 1 : 406 / 2652. وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 117.

7 ـ في نسخة « ش » : ليهيئ.

٣١

وعن سهل بن حنيفرضي‌الله‌عنه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تزوجوا فإني مكاثر بكم الاُمم يوم القيامة ، حتى أن السقط ليظل محبنطئاً على باب الجنة ، فيقال له : اُدخل ، يقول : حتى يدخل أبواي »(1) .

السقط مثلث السين ، والكسر أكثر(2) : هو الذي يسقط من بطن أمه قبل تمامه ، ومحبنطئاً بالهمز وتركه : هو المتغضب المستبطئ للشيء.

وعن معاوية بن حيدة القشيري(3) ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : « سوداء ولود خير من حسناء لا تلد ، إني مكاثر بكم الامم ، حتى ان السقط ليظل محبنطئاً على باب الجنة ، فيقال له : اُدخل الجنة ، فيقول أنا وأبواي؟ فيقال له : أنت وأبواك »(4) .

وعن عبد الملك بن عمير ، عمن حدثه ، أن رجلاً أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : يا رسول الله ، أتزوج فلانة؟ فنهاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنها ، ثم أتاه ثانية فقال : يا رسول الله ، أتزوج فلانة؟ فنهاه عنها ، ثم أتاه ثالثة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « سوداء ولود(5) أحب ألي من عاقر حسناء » ، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أما علمت أني مكاثر بكم الأمم؟ حتى أن السقط ليبقى محبنطئاً على باب الجنة ، فيقال له : اُدخل ، فيقول : لا ، حتى يدخل أبواي ، فيشفع فيهما ، فيدخلان الجنة ».

وعن سهل بن الحنظلية ـ وكان لا يولد له ، وهو ممن بايع تحت الشجرة ـ قال : لئن يولد لي في الإسلام ( ولد ويموت سقطاً )(6) فأحتسبه ، أحب إلي من أن تكون لي

__________________

1 ـ رواه الصدوق عن محمد بن مسلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في الفقيه 3 : 242 / 1144 ، ومعاني الأخبار : 291 / 1 ، ورواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : 196 مرسلاً ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 117 / 9 عن مسكن الفؤاد.

2 ـ في « ح » : أفضل.

3 ـ في « ح » و « ش » : معاوية بن جيدة القشيري ، وفي هامش « ح » : معاوية بن صيدة القشيري ، وكلاهما تصحيف ، وما أثبتناه هو الصواب ، راجع « تنقيح المقال 3 : 226 ، تهذيب التهذيب 10 : 205 ، وتقريب التهذيب 2 : 259 / 1225 ، الجرح والتعديل 8 : 376 / 1721 ، الإصابة 3 : 432 / 8065 ، اُسد الغابة 4 : 385 ».

4 ـ رواه السيوطي في الجامع الصغير 2 : 55 / 4724 مرسلاً ، والمتقي الهندي عن ابن عباس في منتخب الكنز 6 : 390.

5 ـ في « ش » زيادة : يعني قبيحة.

6 ـ نسخة « ش » ولو شيئاً.

٣٢

الدنيا جميعاً وما فيها(1) .

وعن عبادة بن الصامت ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « النفساء يجرها ولدها يوم القيامة بسرره(2) إلى الجنة »(3) .

النفساء ، بضم النون وفتح الفاء : المرأة إذا ولدت ، والسرر بكسر السين المهملة وفتحها : ما تقطعه القابلة من سرة المولود ، التي هي موضع القطع ، وما بقي بعد القطع فهو السرة ، وكأنه يريد : الولد الذي لم تقطع سرته.

وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من قدم من صلبه ولداً(4) لم يبلغ الحنث ، كان أفضل من أن يخلف من بعده مائة ، كلهم يجاهدون في سبيل الله ( لا تسكن روعتهم )(5) إلى يوم القيامة ».

وعن الحسن ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لئن اُقدم سقطاً أحب إلي من أن أخلف مائة فارس ، كلهم يقاتل في سبيل الله »(6) .

وعن أيوب بن موسى ، أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للزبير : « يازبير إنك إن تقدم سقطاً ، خير من أن تدع بعدك من ولدك مائة ، كل منهم على فرس يجاهد في سبيل الله ».

وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال : « يقال للولدان يوم القيامة : أدخلوا الجنة ، فيقولون : يارب ، حتى يدخل آباؤنا وأُمهاتنا ، قال : فيأبون ، فيقول الله عزوجل : مالي أراهم محبنطئين ، أدخلوا الجنة ، فيقولون : يارب آباؤنا ، فيقول تعالى : أدخلوا الجنة أنتم وآباواكم »(7) .

وعن عبيد بن عمير الليثي ، قال : « إذا كان يوم القيامة ، خرج ولدان المسلمين من الجنة بأيديهم الشراب ، قال : فيقول الناس لهم : أسقونا ، أسقونا ، فيقولون : أبوينا ،

__________________

1 ـ رواه ابن الأثير في اُسد الغابة 2 : 364 ، والمتقي الهندي في منتخب الكنز 6 : 392 باختلاف في ألفاضه.

2 ـ في « ش » و « ح » : بسررها ، وما أثبتناه من البحار.

3 ـ رواه أحمد في مسنده 3 : 489 و 5 : 329 ، ورواه بسند آخر محمد بن علي العلوي في التعازي : 25 / 53 ، والبحار 82 : 117 / 10 عن مسكن الفؤاد.

4 ـ في نسخة « ش » : ذكراً.

5 ـ في نسخة « ش » : لا يسكن روعهم.

6 ـ تنبيه الخواطر 1 : 287 ، المحجة البيضاء 8 : 287.

7 ـ رواه أحمد في مسنده 4 : 105.

٣٣

أبوينا ، قال : حتى أن(1) السقط محبنطئاً بباب الجنة ، يقول : لا أدخل حتى يدخل أبواي»(2) .

وعن أنس بن مالك قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا كان يوم القيامة ، نودي في أطفال المؤمنين(3) : أن اخرجوا من قبوركم ، فيخرجون من قبورهم ، ثم ينادى فيهم : أن أمضوا إلى الجنة زمراً ، فيقولون : ربنا ، ووالدينا معنا ، ثم ينادى فيهم ثانية : أن امضوا إلى الجنة زمراً ، فيقولون : ربنا ووالدينا معنا ، ثم ينادى فيهم ثالثة : أن أمضوا إلى الجنة زمراً ، فيقولون ربنا : ووالدينا ، فيقول في الرابعة : ووالديكم معكم ، فيثب كل طفل إلى أبويه ، فيأخذون بأيديهم ، فيدخلون بهم الجنة ، فهم أعرف بآبائهم واُمهاتهم ـ يومئذ ـ من أولادكم الذين في بيوتكم ».(4) .

الزمر : الأفواج المتفرقة بعضها في أثر بعض ، وقيل : في الزمر الذين اتقوا(5) من الطبقات المختلفة ، أي الشهداء ، والزهاد ، والعلماء ، والفقراء ، والقراء ، والمحدثون ، وغيرهم.

وعن أنس بن مالك : ان رجلا كان يجيئ بصبي معه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنه مات ، فاحتبس والده عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسأل عنه ، فقالوا : مات صبيه الذي رأيته معه ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « هلا آذنتموني ، فقوموا إلى أخينا نعزيه » فلما دخل عليه إذا الرجل حزين وبه كآبة فعزاه ، فقال : يا رسول الله ، كنت أرجوه لكبر سني وضعفي ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أما يسرك أن يكون يوم القيامة بإزائك؟ فيقال له : أدخل الجنة ، فيقول : يا رب(6) وأبواي ، فلا يزال يشفع حتى يشفعه الله عزوجل فيكم ويدخلكم الجنة جميعاً »(7) .

احتبس ، اي تخلف عن المجيء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وآذنتموني بالمد : أي أخبرتموني ، والكآبة بالمد : تغير النفس بالإنكسار من شدة الهم والحزن ،

__________________

1 ـ ليس في نسخة « ش ».

2 ـ أخرجه المجلسي في البحار 82 : 118 / 11 عن مسكن الفؤاد.

3 ـ في نسخة « ش » المسلمين ، وفي البحار : المؤمنين والمسلمين.

4 ـ أخرجه المجلسي في البحار 82 : 118 عن مسكن الفؤاد ، وفيه : « وعنه » بدل « وعن أنس بن مالك ».

5 ـ يعني قوله تعالى في سورة الزمر : 73 : وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً.

6 ـ في نسخة « ش » : رب.

7 ـ أخرجه المجلسي في البحار 82 : 118 عن مسكن الفؤاد ، وفيه : « وروي » بدل « وعن أنس بن مالك ».

٣٤

والضعف بضم المعجمة وفتحها ، وبإزائك ، إي بحذائك.

وعن أنس ـ أيضاً ـ قال : توفي لعثمان بن مظعونرضي‌الله‌عنه ولد ، فاشتد حزنه عليه ، حتى اتخذ في داره مسجداً يتعبد فيه ، فبلغ ذلك(1) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : « يا عثمان ، إن الله ـ عزوجل ـ لم يكتب علينا الرهبانية ، إنما رهبانية اُمتي الجهاد في سبيل الله ، يا عثمان بن مظعون ، إن للجنة ثمانية أبواب ، وللنار سبعة أبواب ، أفلا يسرك ألا تأتي باباً منها إلا وجدت ابنك بجنبه(2) ، آخذاً بحجزتك ، ( ليشفع لك إلى ربه )(3) عزوجل؟ » قال : فقيل : يارسول الله ولنا في أفراطنا ما لعثمان؟ قال : « نعم ، لمن صبر منكم واحتسب »(4) .

والحجزة ، بضم الحاء المهملة والزاء : موضع شد الإزار ، ثم قيل للازار : حجزة.

وعن قرة بن اياس : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يختلف إليه رجل من الأنصار مع ابن له ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم : « يافلان ، تحبه؟ » قال : نعم ، يارسول الله ، أحبه كحبك ، ففقده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسأل عنه ، فقالوا : يا رسول الله ، مات أبنه ، فلما رآه قال عليه الصلاة والسلام : « أما ترضى أن لا تأتي يوم القيامة باباً من أبواب الجنة ، إلا جاء يسعى حتى يفتحه لك؟ » فقال رجل : يا رسول الله ، أله وحده أم لكلنا؟ قال : « بل لكلكم »(5) .

وروى البيهقي : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا جلس تحلق إليه نفر من أصحابه ، ( وكان فيهم )(6) رجل له بني صغير ، يأتيه من خلف ظهره ، فيقعده بين يديه ، إلى أن هلك ذلك الصبي ، فامتنع الرجل من الحلقة ان يحضرها تذكراً له وحزناً ، قال : ففقده النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : « ما لي لا أرى فلاناً؟ » قالوا : يا رسول الله بنيه

__________________

1 ـ في نسخة « ش » زيادة : إلى.

2 ـ في نسخة « ش » : إلى جنبه.

3 ـ في نسخة « ش » : يستشفع لك عند ربك.

4 ـ رواه الصدوق في الأمالي : 63 / 1 ، ومحمد بن علي العلوي في التعازي : 16 / 28 ، ورواه مرسلاً ابن الفتال الفارسي في روضة الواعظين : 422 باختلاف يسير.

5 ـ رواه محمد بن علي في التعازي : 14 / 24 ، وأحمد في مسنده 3 : 436 و 5 : 35 ، والنسائي في سننه 4 : 23 ، والحاكم النيسابوري في المستدرك 1 : 384 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 3 : 79 / 16.

6 ـ في نسخة « ش » : وفيهم.

٣٥

الذي رأيته هلك ، فمنعه الحزن ـ أسفاً عليه وتذكراً(1) له ـ أن يحضر الحلقة ، فلقيه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسأله عن ابنه(2) ، فأخبره بهلاكه(3) ، فعزاه ، وقال : « يا فلان ، أيما كان أحب إليك : أن تمتع به عمرك ، أولا تأتي غداً باباً من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه ، يفتحه(4) لك؟ » قال : يا نبي الله ، لا ، بل يسبقني إلى باب الجنة أحب إلي ، قال : « فذاك لك »(5) فقام رجل من الأنصار ، فقال : يا نبي الله ، أهذا لهذا خاصة ، أم من هلك له طفل من المسلمين كان له ذلك؟ قال : « بل من هلك له طفل من المسلمين كان له ذلك »(6) .

الحلقة بإسكان اللام بعد فتح الحاء : كل شيء مستدير خالي الوسط ، والجمع حلق بفتحتين ، وحكى فتحة في ( الموجز ) وهو نادر.

وعن زرارة بن أوفى : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عزى رجلا على أبنه ، فقال : « أجرك على الله ، وأعظم لك الأجر » فقال الرجل : يا رسول الله ، أنا شيخ كبير ، وكان ابني قد أجزأ عني ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أيسرك أن يشير لك ـ أو يتلقاك ـ من أبواب الجنة بالكأس؟ » قال : من لي بذلك يا رسول الله؟ فقال : « الله لك به ، ولكل مسلم ( مات ولده )(7) في الإسلام ».

أجزأ بمعنى : كفى ، والكأس بالهمز ، وقد يترك تخفيفاً ، هو الإناء فيه شراب ، ولا يسمّى بذلك إلا بانضمامه إليه ، وقيل : هو أسم لهما على الاجتماع والإنفراد ، والجمع أكؤس ، ثم كؤوس.

وعن عبد الله بن قيس ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا مات ولد العبد قال الله تعالى لملائكته : أقبضتم ولد عبدي؟ فيقول : نعم ، يقولون : قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون : نعم ، فيقول : ماذا قال عبدي؟ فيقولون : حمدك ، واسترجع ، فيقول الله تعالى : ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة ، وسموه بيت الحمد »(8) .

__________________

1 ـ في نسخة « ش » : والذكر.

2 ـ في نسخة « ش » : بنيه.

3 ـ في نسخة « ش » : أنه هلك.

4 ـ في نسخة « ش » : ففتحه.

5 ـ رواه النسائي في سننه 4 : 118 باختلاف يسير.

6 ـ السنن الكبرى للبيهقي 4 : 59 باختلاف يسير.

7 ـ في نسخة « ش » مات له ولد.

8 ـ رواه الكليني بسنده عن السكوني ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الكافي 3 :

٣٦

وروي : ان امرأة اتت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعها ابن لها مريض ، فقالت : يارسول الله ، ادع الله تعالى أن يشفي لي ابني هذا ، فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هل لك فرط؟ » قالت : نعم ، يارسول الله ، قال : « في الجاهلية أم في الإسلام؟ » قالت : بل في الإسلام ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « جُنَّةٌ حصينة ، جُنَّةٌ حصينة »(1) .

الجُنّة بضم الجيم : الوقاية ، أي وقاية لك من النار ، أو من جميع الأهوال.

وحصينة فعيل بمعنى فاعل ، أي : محصنة لصاحبها ، وساترة له من أن يصل إليه شر(2) .

وعن جابر بن سمرة ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من دفن ثلاثة أولاد ، وصبر عليهم ، واحتسب وجبت له الجنة » فقالت اُم أيمن : واثنين؟ فقال : « من دفن اثنين ، وصبر عليهما ، احتسبهما وجبت له الجنة » فقالت اُم أيمن : وواحد ، فسكت ، وأمسك ، فقال : « يا اُم أيمن ، من دفن واحداً ، وصبر عليه ، واحتسبه وجبت له الجنة »(3) .

وعن عبد الله بن مسعودرضي‌الله‌عنه ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من قدم ثلاثة لم يبلغوا الحنث كانوا له حصناً حصيناً » فقال أبو ذر : قدمت أثنين ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأثنين » ثم قال اُبي بن كعب : قدمت واحداً ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وواحداً ، ولكن ذلك عند الصدمة الأولى »(4) .

وعن أبي سعيد الخدري : إن النساء قلن للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اجعل لنا يوماً تعظنا فيه ، فوعظهن ، وقال : « أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد ، كانوا لها حجاباً من

__________________

218 / 4 ، والصدوق مرسلاً في الفقيه 1 : 112 / 523 باختلاف في ألفاظه ، ورواه ، عن أبي موسى الأشعري كل من أحمد في مسنده 4 : 415 ، والسيوطي في الجامع الصغير 1 : 131 / 854 ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 119 عن مسكن الفؤاد.

1 ـ أخرجه المجلسي في البحار 82 : 119 / 12 عن مسكن الفؤاد.

2 ـ في نسخة « ش » : شيء.

3 ـ رواه السيوطي في الدر المنثور1 / 159 ، والجامع الكبير1 : 777 باختلاف في الفاظه ، وأخرجه المجلسي في البحار 82 : 119 / 12 عن مسكن الفؤاد.

4 ـ رواه أحمد في مسنده 1 : 429 ، والترمذي في سننه 2 : 262 / 1067 ، وابن ماجة في سننه 1 : 512 / 1066 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158.

٣٧

النار » قالت امرأة : واثنان ، قال : « واثنان »(1) .

وعن بريدة ، قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتعاهد الأنصار ، ويعودهم ، ويسأل عنهم ، فبلغه أن امرأة مات ابن لها ، فجزعت عليه ، فأتاها فأمرها بتقوى الله عزوجل والصبر ، فقالت : يا رسول الله ، إني امرأة رقوب لا ألد ، ولم يكن لي ولد غيره ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الرقوب التي لا يبقى لها ولدها ، ثم قال : ما من امرئ مسلم ، أو امرأة مسلمة ، يموت لهما ثلاثة من الولد ، إلا أدخلهما الله الجنة فقيل له : واثنان : فقال : « واثنان »(2) .

وفي حديث آخر : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لها : « أما تحبين أن ترينه على باب الجنة ، وهو يدعوك إلينا؟ »(3) قالت : بلى ، قال : « فإنه كذلك »(4) .

الرقوب بفتح الراء : ( هي التي لا يولد لها )(5) ، أو لا يعيش ولدها(6) ، هذا بحسب اللغة ، وقد خصه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما ذكر.

وعن [ أبي ](7) النضر السلمي : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم ، إلا كانوا له حصناً من النار » فقالت امرأة : واثنان ، فقال : « واثنان »(8) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من قدم من ولده ثلاثاً صابراً محتسباً ( كان محجوباً )(9) من النار بإذن الله عزوجل ».

__________________

1 ـ رواه محمد بن علي في التعازي 13 / 21 باختلاف في ألفاظه ، ورواه أحمد في مسنده 3 : 34 ، والبخاري في صحيحه 1 : 36 و 2 : 92 و 9 : 124 باختلاف يسير ، ورواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة 4 : 2028 / 2632 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 3 : 76 باختلاف في الفاظه.

2 ـ رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك 1 : 384 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158 باختلاف يسير ، والبحار 82 : 120 عن مسكن الفؤاد

3 ـ في البحار : إليها.

4 ـ رواه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال 1 : 212 باختلاف في الفاظه ، والبحار 82 : 120 عن مسكن الفؤاد.

5 ـ في نسخة « ش » : الذي لا يولد له.

6 ـ في نسخة « ش » : ولده.

7 ـ ليس في « ش » و « ح » ، وما أثبتناه هو الصواب ، اُنظر « أُسد الغابة 5 : 313 ».

8 ـ رواه الشيخ ورام في تنبيه الخواطر مرسلاً 1 : 287 ، ورواه عن أبي النضر كل من مالك بن أنس في الموطأ 1 : 235 ، والسيوطي في الدر المنثور 1 : 158.

9 ـ في نسخة « ش » : حجبوه.

٣٨

وفي لفظ آخر : « من قدم شيئاً من ولده صابراً محتسباً ، حجبوه بإذن الله من النار »(1) .

وعن اُم مبشر(2) الأنصارية ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه دخل عليها ، وهي تطبخ حباً ، فقال : « من مات له ثلاثة لم يبلغوا الحنث ، كانوا له حجاباً من النار » فقالت : يا رسول الله ، واثنان ، فقال لها : « واثنان ، يا اُم مبشر ».

وفي لفظ آخر : فقالت : أو فرطان ، قال : « أو فرطان »(3) .

وعن قبيصة بن برمة ، قال : كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالساً ، إذ أتته امرأة ، فقالت : يا رسول الله ، ادع الله ، ادع الله لي ، فإنه ليس يعيش لي ولد ، قال : « وكم مات لك؟ » قالت : ثلاثة ، قال : « لقد احتظرت من النار بحظار شديد »(4) .

الحظار بكسر الحاء المهملة والظاء المشالة : الحظيرة تعمل للإبل من شجر ليقيها البرد والريح ، ومنه المحظور للمحرم ، أي : الممنوع من الدخول فيه ، كأن عليه حظيرة تمنع من دخوله.

وعن اُبي بن كعب : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لا مرأة : « هل لك فرط؟ » قالت : ثلاثة ، قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « جُنَّةٌ حصينة ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما من مسلمين يقدمان ثلاثة لم يبلغوا الحنث ، إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته » قالوا : يا رسول الله ، وذو الأثنين؟ قال : « وذو الأثنين ، إن من اُمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر ، وإن من اُمتي ( من يستطعم النار )(5) حتى يكون أحد زواياها »(6) .

رواه جماعة من أهل الحديث وصححوه.

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « قال الله تعالى : حقت محبتي للذين

__________________

1 ـ الجامع الكبير 1 : 817.

2 ـ في « ح » : اُم ميسر ، والصحيح ما أثبتناه من نسخة « ش » ، اُنظر « الأصابة 4 : 495 / 1491 ، اُسد الغابة 5 : 616 ».

3 ـ رواه السيوطي في الجامع الكبير 1 : 949 باختلاف في الفاظه.

4 ـ رواه ابن الاثير في اُسد الغابة 4 : 191 ، ورواه عن ابي هريرة باختلاف في الفاظه احمد في مسنده 2 : 419 ومسلم في صحيحه 4 : 2030.

5 ـ في نسخة « ش » : يستعظم للنار.

6 ـ رواه الحاكم النيسابوري في المستدرك 1 : 71 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 3 : 78 / 12 ، ورواه أحمد في مسنده باختلاف في ألفاظه 4 : 212 و 5 : 312.

٣٩

يتصادقون من أجلي ، وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي »(1) .

ثم قال عليه وآله السلام : « ما من مؤمن ولا مؤمنة يقدم الله تعالى له ثلاثة أولاد من صلبه لم يبلغوا الحنث ، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم »(2) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من دفن ثلاثة من الولد(3) حرم الله عليه النار »(4) .

وعن صعصعة بن معاوية قال : لقيت أبا ذر الغفاري ـرضي‌الله‌عنه ـ بالربذة ، وهو يسوق بعيراً له عليه مزادتنان ، وفي عنق البعير قربة ، فقلت : يا أباذر ، مالك؟ قال : عملي ، قلت : حدثني ، رحمك الله ، قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث ، إلا غفر الله لهما بفضل رحمته إياهم ».

قال ، قلت : فحدثني ، قال : نعم ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « ما من عبد مسلم ينفق من كل ماله زوجين في سبيل الله ، إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده » فقلت كيف ذلك؟ قال : « إن كان رجالاً فرجلين ، وإن كان ابلاً فبعيرين ، وإن كان بقراً فبقرتين » حتى عد أصناف المال(5) .

ذكره جماعة.

وعن أنس بن مالك قال : وقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مجلس من بني سلمة ، فقال : « يا بني سلمة ، ما الرقوب فيكم؟ » قالوا : الذي لا يولد له ، قال : « بل هو الذي لا فرط له ، قال : ما المعدم فيكم؟ » قالوا : الذي لا مال له ، قال : « بل هو الذي يقدم وليس له عند الله خير »(6) .

( وعن أبن مسعود قال : دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(7) على امرأة

__________________

1 ـ رواه أحمد في مسنده 4 : 386 ، وزكي الدين في الترغيب والترهيب 4 : 19 / 16 باختلاف يسير.

2 ـ رواه النسائي في سننه 4 : 34 باختلاف يسير ، والمتقي الهندي في منتخب الكنز 1 : 210 باختلاف في الفاظه.

3 ـ في « ح » : ولده.

4 ـ رواه السيوطي في الجامع الصغير 2 : 600 / 8669 ، والمتقي الهندي في منتخب الكنز 1 : 210.

5 ـ رواه أحمد في مسنده 5 : 159 و 151 و 153ب و 164 باختلاف يسير.

6 ـ رواه السيوطي في الجامع الكبير 1 : 959 باختلاف يسير.

7 ـ في نسخة « ش » : ونحوه عن ابن مسعود ، ودخلصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٤٠