الأمان من اخطار الأسفار والازمان

الأمان من اخطار الأسفار والازمان0%

الأمان من اخطار الأسفار والازمان مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 280

الأمان من اخطار الأسفار والازمان

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: ابو القاسم علی بن موسی بن جعفر بن محمد بن طاووس حلّی (سيد بن طاووس)
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: الصفحات: 280
المشاهدات: 97010
تحميل: 8023

توضيحات:

الأمان من اخطار الأسفار والازمان
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 280 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 97010 / تحميل: 8023
الحجم الحجم الحجم
الأمان من اخطار الأسفار والازمان

الأمان من اخطار الأسفار والازمان

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الباب الرابع

في العلل التي تتولد من هبوب الرياح المختلفة ، المفرطة البرد أو الحر أو الغبار الكثير ، وكيف ينبغي أن يحتال لإصلاحها.

الرياح المفرطة في الحر والبرد ، قد تكون في أوقات تجني على البدن جنايات عظيمة :

فمنها ما هو يولد وجع الاذن ، وذلك يقع كثيراً.

ومنها ما يولد زكاماً ونوازل وسعالا.

ومنها ما يولد أوجاعاً في العين ، ولا سيما إذا كان مع الريح الشديد غبار وكان في العين علة ما متقدمة.

والذي يتحرز به من هذه الآفات جميعاً ، أن يشد الرأس بعمامة شداً يشتمل على الاذنين والأنف والفم ، ولا يترك في شده خلل يدخل بينه وبين الدثار ريح البتة.

وأن تشد الاذن إن كان فيها علة وكانت في جوهرها ضعيفة بقطنة قد بلت ببعض الأدهان ، فإن كانت الريح حارة كان الدهن دهن ورد أو دهن بنفسج وما أشبههما ، وإن كانت باردة كان الدهن دهن سوسن أو ياسمين أو ناردين(١) أو ما أشبه ذلك.

وأما الزكام والنزل ، فينبغي في أوقات هذه الرياح ـ أن كانت باردة ـ أن يستنشق رائحة الشونيز(٢) المقلو والمكون والأفاوية اليابسة الحارة مثل القرنفل والبسباسة(٣) والزعفران والورس والعود(٤) وما أشبه ذلك. وإن كانت الرياح حارة ، استعمل الأشياء الباردة مثل الكافور والصندل والورد وما أشبه ذلك.

__________________

(١) الناردين : هو السنبل الهندي ، وهو عقار طبي. «الجامع ٤ : ١٧٥».

(٢) الشونيز : نبات دقيق العيدان طوله نحو شبرين أو أكثر ، بزره أسود طيب الرائحة يخلط بالعجين والخبز له قوة لطيفة ولهذا صار يشفي الزكام. «الجامع ٣ : ٧٢».

(٣) البسباسة : قشر شجرة لونه يميل إلى الشقرة ، وهو غليظ قابض جداً. «الجامع ١ : ٩٣».

(٤) العود : خشب هندي طيب الرائحة يتبخر به. «الجامع ٣ : ١٤٣».

١٨١

فهذا مما يستظهر به في دفع آفات هذه العوارض الا تقع. فأما ما يتعالج به منها إذا وقعت ، فسنخبر به فيما بعد إن شاء الله تعالى.

* * *

١٨٢

الباب الخامس

في وجع الاذن الذي يعرض كثيراً من هبوب الرياح المختلفة ، وكيف ينبغي أن يحتال لاصلاحها؟

قد يعرض كثيراً من هبوب الرياح الحارة أو الباردة وجع الاذن ، وقد يكون ذلك ـ أيضاً ـ في الأسفار من غير هبوب رياح ، عند الحركة المفرطة ، وحدة الأخلاط وحرارتها وحماها.

فإن عرض وجع الاذن من برودة ، كان دليله أن الوجع يكون في داخل الاذن في عمقها ، ولا يكون معه ثفل(١) ولا تمدد ولا حمرة في ظاهر الاذن ، ويكون سائر البدن سليماً من الحرارة ، ولا يكون ما تقدم من تدبيره يوجب حرارة ، بل يكون كل تدبير تقدم له من المطعم والمشرب والهواء المحيط يوجب برودة ، وأن يكون الهواء بارداً والرياح الهابة شمالية.

فأما إن كان التدبير المقدم في المطعم والمشرب تدبيراً حاراً ، وكان الهواء حاراً وهبت الرياح جنوبية ، وكان الوجع نفسه مع تمدد ومع حمرة في اللون وثقل في الرأس ، فإن ذلك دليل على أن الوجع من حرارة.

فإن كان الوجع مع تمدد ، وكان معه طنين ، ولم يكن معه ثفل ، فإنه دليل على أن الوجع من ريح مستكنة في الاذن ليس لها مسلك تخرج منه.

علاج وجع الاذن من برد.

أذا صح عندنا ـ بالدلائل التي وصفنا ـ أن وجع الاذن من برد ، فينبغي أن نعالجه بأن نقطر في الاذن زيتا قد طبخ فيه سذاب(٢) ، أو دهن الناردين ، أو دهن الغار(٣) مفتراً ، أو دهن قد طبخ فيه أقحوان ، أو زيت قد أذيب فيه فربيون(٤) يسير ، أو

__________________

(١) الثفل : صمغ الأذن ووسخها.

(٢) السذاب : نبات طبي بري وبستاني ، له حب حاد لاذع الطعم يحلل الأخلاط الغليظة اللزجة. «الجامع ٣ : ٥».

(٣) الغار : شجر ضخم ورقه طيب الريح يستعمل في الطيب. «الجامع ٣ : ١٤٥».

(٤) فربيون : شجرة تشبه القثاء ، مملوءة صمغاً مفرط الحدة ، من العقاقير. «الجامع ٣ : ١٥٨».

١٨٣

زيت قد اغلي فيه شيء يسير من جند بادستر(١) ودهن البلسان(٢) ، ويطبخ أيضاً بابونج(٣) وإكليل الملك(٤) وبنفسج يابس وحرمل وورق الغار في ماء حتى يغلي الماء غلياناً جيداً ، وتكمد الاذن به.

علاج وجع الاذن الذي يكون من حرارة.

فأما إن كان وجع الاذن من حرارة ، وذلك يعلم بالدلائل التي ذكرنا فيما تقدم ، فينبغي أن يقطر في الاذن بياض البيض مفتراً مع دهن ورد ، أو مع ماء الكاكنج(٥) ، أو مع ماء الكزبرة الرطبة ، أو زيت قد طبخ فيه خراطين(٦) وأصداف البحر مع الحيوان الذي في داخلها. فإن هذا الزيت يعمل في وجع الاذن بالطبع عملاً عجيباً.

وذلك بأن يؤخذ من هذه الأصداف التي لم تنفتح ولم يخرج ما فيها ثلاثة ، فتطبخ بزيت مغسول ، ويقطر من ذلك الزيت في الاذن. ودهن اللوز الحلو إذا قطر في الاذن نفع منفعة بينة ، وكذلك الزيت الذي قد طبخ فيه الخنثى(٧) وهو أصل شجرة الأسريش(٨) .

__________________

(١) جند بادستر : حيوان يعيش في الماء وخارجه ، خصاه هو الجند بادستر العقار المعروف عندهم. «الجامع ١ : ١٧١».

(٢) البلسان : شجر ودهن البلسان يتخذ منه بأن تشرط الشجرة فما سال منه ـ وهو يسير ـ يجمع ويستعمل في الطب. «الجامع ١ : ١٠٧».

(٣) البابونج : حشيشة عطره ، وهو الأقحوان ، وردته صفراء تحيط بها وريقات بيض. «الجامع ١ : ٧٣».

(٤) إكليل الملك : حشيشة ذات ورق مدور ، وأغصان دقاق تحمل زهراً أصفر ، هو المستعمل منها في الطب. «الجامع ١ : ٥٠».

(٥) الكاكنج : هو عنب الثعلب ، إذا دق دقاً ناعماً وخلط بالملح ، وتضمد به الأورام العارضة في اصول الاذان نفعها. «الجامع ٣ : ١٣٥».

(٦) الخراطين : ديدان تخرج عند حرث الأرض ، «الجامع ٢ : ٥٧».

(٧) الخنثى : شجر له زهرأبيض. «الجامع ٢ : ٧٨».

(٨) سماه ابن البيطار الأسراش ، ونفى أن يكون هو اصول شجر الخنثى ، وذكر أنه نبات غيره. «الجامع ١ : ٣٨».

١٨٤

علاج وجع الاذن الذي يكون من ريح استكنت في موضع السمع ، أو من خلط آخر لزج قد لحج موضع السمع.

فإن كان وجع الاذن من ريح مستكنة في موضع السمع ، ودلت على ذلك الدلائل التي وصفناها فيما تقدم ، فينبغي أن يعالج بالعلاج الذي وصفناه في وجع الاذن الذي يكون من برد. ويقطر فيها من تلك الأدهان التي وصفناها في ذلك الباب ، واستعمال بخار ذلك الماء.

ويستعمل فيها ـ أيضاً ـ قطور متخذ من خل وعسل وبورق(١) ، أو من عسل ونبيذ مطبوخ ونطرون(٢) .

ويقطر في ألاذن ـ أيضاً ـ شيئاً يسيراً من مرارة الجمل مع دهن ورد ، ونبيذ مطبوخ ودهن لوز ، وماء الكراث أو البصل إذا فتر وخلط معه شيء يسير من عسل أو دهن ، أذهب وجع الاذن الذي يكون من ريح وخلط لزج.

والصعتر الجبلي إذا سحق وخلط مع عسل ولبن امرأة وقطر في الاذن أذهب وجع الاذن الذي يتولد من الريح الغليظة والأخلاط اللزجة.

صفة دواء جامع ينفع من جميع أوجاع الاذن وثقل السمع.

يؤخذ من اللوز المقشر من قشرته عشرين لوزة ، ومن البورق وزن أربعة دراهم ، ومن الأفيون وزن أربعة دراهم ، ومن الكندر وزن أربعة دراهم ، ومن الباذا ورد(٣) وزن أربعة دراهم ، ومن المر وزن أربعة دراهم ، يداف ذلك أجمع بخل ، ويتخذ منه أقراص صغار ، يكون كل قرص وزن دانق ونصف ، وعند وقت الحاجة ـ إن كان وجع الاذن شديدا ـ يداف القرص بدهن ورد ، ويقطر في الاذن. وإن كان يسيل من الاذن قيح ، ديف القرص بسكنجبين أو ببعض الأنبذة. وإن كان السمع ثقيلاً ديف القرص بخل خمر.

__________________

(١) البورق : عقار معدني له صنوف كثيرة وألوان عدة. «الجامع ١ : ١٢٥».

(٢) النطرون : من جنس البورق غير أنه يفعل غير فعله. «الجامع ١ : ١٢٥».

(٣) الباذاورد : ينبت في الجبال أو الغياض ، وأصله أقوى نفعاً من ورقه. «الجامع ١ : ٧٥».

١٨٥

فهذا ما يحتاج إليه من العمل بعلاج الاذن ، من العلل التي لا يؤمن أن تحدث في الأسفار.

* * *

١٨٦

الباب السادس

في الزكام والنوازل والسعال وما شابه ذلك من الأشياء التي تعرض من اختلاف الهواء ، وعلاج ذلك.

هذه العلل ـ أعني الزكام والبحوحة والنوازل والسعال وما أشبه ذلك ـ تتولد في أكثر الأمر(١) من رطوبة فضلية تنصب من الدماغ ، فإن كان انصبابها إلى الأنف في المجاري المشاشية التي بين طرف الأنف وبين الدماغ ، سمي ذلك زكاماً. وإن كان انصبابها إلى مجاري الحلق والنغانغ(٢) سمي ذلك نزلة. وإن كان انصبابها يتجاوز ذلك حتى يصير إلى قصبة الرئة وما يلي الصدر ، سمي ذلك أيضا نزلة إلى الصدر.

فإن كان الفضل غليظا لزجا كان منه سعال شديد يقذف معه رطوبات فضلية ، وإن كان الفضل رقيقاً مائياً أحدث السعال الذي يسمى يابساً.

وهذه العلل قد تتولد من سوء مزاج حار وبارد جميعاً. فأما ما يتحرز به منها في وقت هبوب الرياح الحارة والباردة ، فقد وصفناه فيما تقدم.

وأما ما يتعالج به منها إذا حدثت واستحكمت ، فإنا نصفه الآن على أن كل ما وصفناه في التحرز من الزكام والنوازل من الروائح التي تستنشق ، قد ينتفع بها إذا استعملت بعد حدوث العلة منفعة بينة.

صفة البخورات التي تذهب بالزكام.

القراطيس إذا اشعلت بالنار ، وقربت من الأنف واستنشق دخانها دائماً ، أذهبت الزكام.

وكذلك السكر الطبرزد إذا احرق بالنار حتى يخرج منه دخان ، واستنشق دخانه نفع.

__________________

(١) في «ش» : الأحوال.

(٢) النغانغ : لحمات تكون في الحلق عند اللهاة وهي اللوزتان باستعمال العصر الحاضر. انظر «الصحاح ـ نغغ ـ ٤ : ١٣٢٨».

١٨٧

وكذلك يفعل الأصطرك والكارباه(١) والبخورات المتصلة بالأفاوية العطرية الحادة الرائحة.

فإذا اتصل الزكام ولم تنجع فيه هذه الروائح ، الزق على الجبهة الضماد الذي يقال له : بربارا ، والضماد الذي يقال له : اثينا ، والضماد الذي يقال له : انكاسوس ، وهي ضمادات مشهورة لا اختلاف في صفاتها ، فلذلك لم يكن بنا حاجة إلى نسخها.

صفة بخور نافع من النوازل ، منضج يجمع الفضول الغليظة المنحدرة من الرأس.

يؤخذ من الأصطرك ـ وهو ميعة الرمان ـ ومن المصطكي ، ومن بزر الكرفس الجبلي ، من كل واحد اوقية ، ومن الزرنيخ الأحمر وزن نصف درهم ، ومن حب الغار حبتين ، يدق ذلك ويجمع ويعجن بعسل ، ويتبخر به من الزكام الذي لم ينضج ، ومن السعال الشديد. وذلك بأن يوضع منه شيء يسير على جمر فحم ، ويوضع عليه قمع يجتمع البخار فيؤديه إلى الموضع الذي يقصد لعلاجه.

صفة دواء يشرب نافع من النوازل التي قد صارت إلى الصدور وولدت سعالا.

يؤخذ بزر البنج وزن اثني عشر درهماً ، حب الصنوبر وزن ستة دراهم ، المر وزن درهم ، يسحق ذلك ويعجن بعقيد العنب ، ويؤخذ منه في كل غداة وعشاء مقدار وزن درهم بماء حار.

صفة دواء اخريقوم مقام الحسا يذهب بأوجاع السعال كلها ، ويفعل فعلا قريب المنفعة.

يؤخذ من العسل وزن عشرة دراهم ، ومن السمن وزن خمسة دراهم ، ومن الزوفا(٢) وزن درهمين ، ومن التين أربع تينات ، ومن الصنوبر المرضوض المنقى وزن عشرة دراهم ، ومن أصل السوس وزن عشرة دراهم ، يطبخ الزوفا والتين والصنوبر وأصل السوس بماء قدر رطلين ، حتى يبقى نصف رطل ، ثم يصفى ويلقى عليه السمن والعسل ، ويطبخ حتى يصير في ثخن اللعوق.

____________

(١) الكارباه : هو الكهرباء ، وهو صمغ شجر الدوم. «الجامع ٤ : ٤٥ و ٨٨».

(٢) الزوفا : حشيشة جبليه لها رائحة طيبة وطعم مر. «الجامع ٢ : ١٧٢».

١٨٨

الباب السابع

في علل العين التي تحدث عن اختلاف الهواء والغبار والرياح وغير ذلك.

أما غبار تراب الأرض النقية ، التي لا يشوبها شيء من الرماد والرمل ودقاق التبن وما شابه ذلك ، فإنه ليس بضار للعين الصحيحة ، وذلك أن جوهر العين بالجملة رطب ، وكل أرض طبيعتها يابسة ، وما انسحق منها حتى يصير غباراً ـ إذا كان من أرض محض لا يشوبها غيرها ـ فهو لا محالة يابس ، فمن هذه الجهة يقاوم رطوبة العين ويصلحها. فأما العين التي فيها علة من رمد أو من عرض آخر فإن الغبار لها رديء ، لأنه لا يؤمن وحده أن يحدث فيها حادث من حرارة أو حدة أو غير ذلك من الآفات. وكذلك ينبغي أن يتوقى منه في الأعين التي فيها علة غاية التوقي.

ومما يحفظ العين ويقويها ، ويمنع من افات الغبار والحر والعرق هذا البرود.

صفته : يؤخذ نشاستج(١) الحنطة وزن أربعة دراهم ، ومن الصمغ وزن در همين ، ومن أسفيداج(٢) الرصاص وأقليمياً(٣) وأثمد(٤) ، من كل واحد وزن درهم ، تجمع هذه الأدوية مسحوقة منخولة بحريرة ، وترفع في إناء وتستعمل وقت الحاجة إن شاء الله تعالى.

صفة برود آخر أبيض يقوي الناظر ويذهب بالدمعة :

يؤخذ صدف محرق ولؤلؤ ، من كل واحد درهمين ، ونشاستج الحنطة وزن درهم ، وأثمد وزن درهمين ، وتوتياء هندي وزن أربعة دراهم ، وكافور وزن دانق ، تدق هذه الأدوية وتسحق وتنخل بحريرة وترفع في إناء ، وتستعمل عند الحاجة إن شاء الله تعالى.

__________________

(١) النشاستج : دواء كانوا يستخرجونه من الحنطة ينفع من سيلان المواد إلى العين ومن القروح العارضة فيها. «الجامع ٤ : ١٨٠».

(٢) الأسفيداج : هو عقار كانوا يصنعونه قديماً. «الجامع ١ : ٣١».

(٣) قليميا : عقار من مخلفات النحاس ، ويوجد على الطبيعة في قبرص في أنهارها. «الجامع ٤ : ٣٠».

(٤) ألأثمد : حجر أسود صلب ملمع براق كحلي اللون يكتحل به. «الجامع ١ : ١٢».

١٨٩

صفة برود آخر يطفئ الحرارة من العين :

يؤخذ أسفيداج الرصاص وزن خمسة دراهم ، وشاذنج(١) هندي ، ومرقشيشا(٢) ولؤلؤ ، من كل واحد وزن ثلاثة دراهم ، وصمغ وزن درهم ، ونحاس محرق وزن أربعة دراهم ، ومسك وزن حبتين ، تجمع هذه الادوية مسحوقة منخولة بحريرة ، وترفع في إناء ، وتستعمل عند الحاجة ، إن شاء الله تعالى.

صفة طلاء للأورام الحارة الملتهبة في العين :

يؤخذ مر ، وصبر ، وعصارة الماميثا(٣) ، وحضض ، وزعفران ، وافتيمون ، واقاقيا ، وطين أرمني ، أجزاء سواء ، يسحق وينخل ويداف بماء عنب الثعلب ، ويستعمل عند الحاجة إن شاء الله تعالى.

صفة طلاء آخر يوضع على الصدغين ، فيصلح آفات العين وأوجاعها الشديدة :

يؤخذ مر وزعفران وأفيون وبزر البنج وكندر ، أجزاء سواء ، ويطلى على القرطاس ويصير على الصدغين ، إن شاء الله تعالى.

* * *

__________________

(١) الشاذنج : حجر يفيد في مداواة العين. «الجامع ٣ : ٤٩».

(٢) مرقشيشا : صنف من الحجارة يخالطها كبريت ، وهي تقدح النار مع الحديد النقي. محلل يجلو غشاوة البصر. «الجامع ٤ : ١٥٢».

(٣) الماميثا : عشب يستعمل في علاج العين. «الجامع ٤ : ١٢٤».

١٩٠

الباب الثامن

في امتحان المياه المختلفة ليعلم أيها أصلح.

أجود المياه وأحمدها ما كان لا طعم له ولا رائحة ولا لون ، وهذا الجنس من المياه يكون صافياً سليماً من مخالطة سائرالأجسام إياه ، وذلك أن كل ماء يحس له طعم أو رائحة ، فإنما يحس ذلك فيه من جوهر آخر قد خالطه ، فيظهر طعم ذلك الجوهر فيه ولونه ورائحته ، ولذلك ينسب ذلك الماء إلى ذلك الجوهر الذي خالطه ، فيسمى بالكبريتي أو بورقي أو قفري أو نطروني أوغير ذلك من الأسماء ، فما كان سليماً من هذه الخواص ، فإنه لا محالة يكون صافياً في لونه ، لذيذاً في ذوقه ، طيباً في رائحته ، ينفذ عن المعدة إلى الأعضاء نفوذاً سهلا. فأما ما غلبت عليه رائحة كريهة أوطعم رديء أو لون كدر ، فينبغي أن يجتنب.

وأقوى دلائل المياه المحمودة ، الدليل الذي ذكره بقراط ، وهو أن يبرد سريعاً. ومن الناس من يمتحن المياه بالوزن ، فيحكم لأخفها بأنه أجودها ، وهذه المحنة ليست بصحيحة إلا أن يجتمع معها الدلائل الاخر المحمودة ، أعني طيب الرائحة ، وعذوبة الطعم ، وصفاء اللون ، والنفوذ من المعدة سريعاً ، وأن يسخن سريعاً ويبرد سريعاً ، وأن يكون في ينبوعه في الصيف بارداً ، وفي الشتاء فاتراً.

والمياه المجتمعة من الأمطار في نقائع نظيفة هي مياه محمودة نافعة ، لأن الشمس قد طيبتها وأذهبت عنها كل افة كانت فيها وحللت أجزاءها.

فأما المياه التي تكون من ذوبان الثلج والجليد وما شابه ذلك ، فهي كلها رديئة ضارة ، وذلك أن وقت جمودها يتحلل كل ما كان فيها من جوهر رقيق لطيف ، ويبقى أغلظ جوهرها وأكثفه ، فلذلك ينبغي أن يجتنب.

وكذلك ما كان من المياه مجتمعاً في مواضع مستترة عن الشمس ، كثيرة التبن(١) والطين فإنها كلها رديئة.

__________________

(١) في «ش» : النتن.

١٩١

الباب التاسع

في إصلاح المياه الفاسدة.

فإن اضطر مضطر إلى أن يشرب شيئاً من هذه المياه الفاسدة ، التي قد غلب عليها بعض الجواهر الرديئة ، فينبغي أن يحتال لإصلاحها بما أصف ، ينبغي أولاً أن يطبخ طبخاً صالحاً أعني يغلى على النار ، وأن يمزج بعد الطبخ ببعض الأنبذة أو الأفشرجات(١) ، وأن يكون ما يمزج به من الأنبذة في ضد طعم الماء ، فإن كان الطعم مائلاً إلى القبض والبشاعة مزج بنبيذ حلو ، وإن كان مائلاً إلى الملوحة مزج بنبيذ قابض الطعم.

وما كان من المياه غليظاً من كدورة فيه ، فينبغي أن يصفى مراراً حتى يصفو ويذهب عنه كدره ، فإن جعلت الأسوقة أحد ما يصفى به ، كان ذلك صالحاً لأن الأسوقة من شأنها تصفية الماء وتعذيبه.

وما كان من المياه شديد البرد مفرطه فينبغي أن لا يشرب إلا بعد الطعام ، وأن يكون مصاً ليواقع المعدة والأعضاء الداخلة شيئا بعد شيء ، ولا يواقعها دفعة فيؤلمها.

وما كان من المياه ظاهر الرداءة ، فينبغي أن يطبخ فيه حمص ويؤكل الحمص ويشرب ماؤه ، أو يطبخ فيه رازيانج(٢) أو القرغ ، فيوكل الرازيانج والقرع ويشرب الماء.

ومن أحمد ما يؤكل من الأطعمة مما يذهب برداءة المياه الردية وضررها ، السلق والبقلة اليمانية والبقول التي معها تفتح ، مثل الرازيانج والكرفس والشبت والهندباء وما شابه ذلك.

فأما ما يذهب برداءة طعم الماء ، فالبلوط والشاهبلوط(٣) والحبة الخضراء(٤)

__________________

(١) الأفشرجات : واحدها الأفشرج وهو بالفارسية بمعنى الرُب اي المربى الذي يعمل من الفواكه وقت كثرتها ويدخر ، أنظر «الجامع ١ : ٤٦».

(٢) الرازيانج : نبات يستعمل في الطب أصله وورقه وبزره. «الجامع ٢ : ١٣٤».

(٣) الشاهبلوط : نوع من البلوط أقوى من البلوط أثرآً. «الجامع ١ : ١١٠».

(٤) الحبة ألخضراء : شجرة جبلية حبها أخضر ، وهو مدر للبول. «الجامع ١ : ٩٨».

١٩٢

والسمسم وأصناف البقول كلها.

* * *

١٩٣

الباب العاشر

في احتيال ما يذهب بالعطش عند عدم الماء أو قلته.

منافع شرب الماء في بدن الإنسان منفعتان. إحداهما ترطيب الغذاء الجاف اليابس لتهضمه المعدة ، والاخرى تبريد الحرارة المفرطة التي تحدث عن الحركات الشديدة والهواء الحار.

وقد يحدث العطش ـ أيضاً ـ من جفاف الفم واللهوات ، وفناء الرطوبة ـ التي ترطب أغشية الحنك وما يتصل به ـ من علة حادثة ، فيكون من ذلك عطش ، ولذلك يقال أن من قطعت لهاته لا يصبرعلى العطش البتة ، لأنه قد عدم العضو المولد للرطوبات ، التي يترطب بها الحنك وأغشية المعدة ترطيباً دائماً.

وقد يعرض العطش ـ أيضاً ـ من شرب نبيذ كثير ، فيحمي الجوف ويحرقه ، فيتولد عن ذلك عطش ، وتكون الحاجة عند ذلك من الماء إلى التبريد أكثر منها إلى الترطيب.

فأما العطش الذي يكون من أكل الأشياء المالحة ، فإنه يجتمع فيه المعنيان جميعاً ، أعني اليبس والحرارة ، إذ كانت الملوحة من شأنها أن تفعل ذلك.

فمن عدم الماء واحتاج أن يداوي نفسه لئلا يعطش ، فينبغي أولاً أن يقلل من الغذاء ، أو بأن يكون ما يغتذي به من الأغذية التي هي من جوهرها باردة رطبة ، كالبقول والفاكهة الباردة الرطبة. وأن يدهن بدهن الورد مبرداً ، وبغيره من الأدهان الباردة الرطبة.

وأقوى ما يستعمل في ذهاب العطش ، أن يلاك بزر الخس الأسود وأصل السوس وبزر القثاء ، كل ذلك إذا أمسك في الفم وقتاً طويلاً أذهب العطش.

وقد يتخذ أقراص تمسك في الفم فتمنع من العطش.

وصفتها : دواء يمنع من العطش.

يؤخذ بزر القثاء المقشر وزن ثمانية دراهم ، وكثيراء(١) وزن أربعة دراهم ،

__________________

(١) الكثيراء : رطوبة تخرج من أصل شجرة بجبل لبنان واسم شجرته طراعاقينا. «الجامع ٤ : ٥٢».

١٩٤

يداف الكثيراء ببياض البيض الطري ، فإذا ذاب سحق بزر القثاء المقشر والقي عليه ، وتتخذ منه أقراص وتجفف في الظل ، فإذا احتيج إليه اخذ منه قرص وامسك تحت اللسان ، فكلما ذاب منه شيء ابتلع ، فإنه يذهب بالعطش إن شاء الله تعالى.

وعصارات الفواكه الرطبة والبقول الباردة إذا عصرت واستعمطت سكنت العطش ، والبزر قطونا(١) إذا بل بماء الخيار أو ببعض مياه الفواكه حتى يستخرج لعابه وامسك في الفم لعاباً كثيراً ، ويبلع شيئاً بعد شيء يذهب العطش. وكذلك يفعل حب السفرجل.

* * *

__________________

(١) بزرقطونا : شجرته صغيرة نحو من شبر ، ورقه عليه زغب ، والمستعمل منه حبه ، وهو شبيه بالبراغيث أسود صلب. «الجامع ١ : ٩٠».

١٩٥

الباب الحادي عشر

في التحرز من جملة الهوام.

أول ما ينبغي أن يتحرز به من الهوام أن يرش أرض الموضع الذي لا يؤمن فيه الهوام بماء قد طبخ فيه بابونج وحنظل وحرمل أو ثوم أو بنجنكشت(١) ، وأن تسد مواضع جميع الأجحرة التي فيها ، والمواضع التي لا يؤمن أن يخرج منها الهوام ، بهذه البخورات.

صفة ما يتبخر به فيذهب بالهوام :

يبخر الموضع بقرن الأيل(٢) أو بأظلاف المعزى أو بشعورها ، أو بالحجر الذي يسمى عاعاطس(٣) ، أو مقل اليهود ، أو بجوز السرو(٤) ، أو بورق الشونيز ، أو شونيز أو بورق العنجنكشت أو بالسكبينج أو بالجند بادستر ، أو بالكارباه ، كل هذه الأشياء إذا تبخربها أو ببعضها أو بواحد منها أذهبت رائحتها الهوام المؤذية بإذن الله.

صفة بخور يذهب بالبعوض والبق والجرجس(٥) :

يؤخذ من القلقديس وبزر الشونيز البري والكمون ، متساوية الأجزاء ، فيبخر به الموضع مراراً كثيرة. وينبغي أن توقد نار قوية في الموضع الذي يتخوف فيه من الهوام ، فإن الهوام تهرب من ضوء النار. وينبغي أن يفرش في المواضع التي يتخوف فيها من هوام الأرض من حشيش الأشراس والفنجكشت ، وبالصعتر البري وبالفوتنج(٦) النهري

__________________

(١) بنجنكشت : تفسيره بالعربية ذو الخمسة أصابع ، وهو شجر ينبت بالقرب من المياه ، وفي مواضع وعرة ، له بزر شبه الفلفل. «الجامع ١ : ١١٥».

(٢) الأيل : التيس الجبلي : «مجمع البحرين ـ ايل ـ ٥ : ٣١٥».

(٣) في «ش» : عانماطس.

(٤) السرو : شجر كبار والمستعمل منه في الطب جوزه وورقه. «الجامع ٣ : ٨».

(٥) الجرجس : البعوض الصغار. «القاموس المحيط ـ جرجس ـ ٢ : ٢٠٣».

(٦) الفوتنج : سماه ابن البيطار الفودنج وعدله ثلاثة أجناس ، بري وجبلي ونهري ، وهو نبت ، وهو نافع من نهش الهوام. «الجامع ٣ : ١٧٠».

١٩٦

والشيح والقيصوم والجعدة(١) والمشكمطرامشير(٢) ، فإن لم يتهيأ من هذه الحشائش ما يفرش به المكان كله ، جعل منها حول المرقد والمجلس ، فإنها تمنع الهوام منه ، إن شاء الله تعالى.

وإن اتفق أن يكون المنزل في هذا السفر في الصحاري ، فينبغي أن يتوقى النزول تحت الأشجار والوقود تحتها ، فإن كثيراً من الأشجار البرية تكون فيها الهوام ، فإذا جعل الوقود تحتها نزلت من حرارة بخار النار ، وقد قويت بحرارتها فأفسدت وأذت.

فأما الأواني فينبغي أن يستقصى سد رؤوسها ، ولا سيما في المواضع التي يتخوف فيها من الحيات ، ولتكن أغطية الأواني الصغار ـ من القوارير والدساتيج(٣) وما فيه الأشربة وما شابه ذلك ـ متخذة من شمع قد خلط فيه برادة العاج وبارزد(٤) وكمون كرماني ، فإن هذه الأشياء كلها لا يكاد يقربها شيء من الهوام.

فأما الزنابير والنحل فإنه يتحرز منها بالتسمح بورق الخبازى وبمائه ، وباستعمال الأدهان في المواضع التي يخاف مضرتها فيها.

* * *

__________________

(١) الجعدة : حشيشة طولها نحوشبر ، وهو نبات ثقيل الرائحة إذا افترش أو دخن به طرد الهوام. «الجامع ١ : ١٦٣».

(٢) المشكمطرامشير : هو الفودنج البستاني ، وقد مر الفودنج. «الجامع ٤ : ١٥٨».

(٣) الدساتيج : آنية صغيرة تحمل باليد ، معرب عن الفارسية. «القاموس المحيط ـ دستج ـ ١ : ١٨٨».

(٤) ذكر ابن البيطار الباذاورد وعرفه بأنه نبت ينبت في الجبال والغياض له شوك ، وإذا علق طرد الهوام من المواضع التي يعلق بها. «الجامع ١ : ٧٥». وفي «ش» : والنار ودركمون.

١٩٧

الباب الثاني عشر

في علاج عام من لسع الهوام جميعاً.

فإن عرض لأحد أن يناله آفة من بعض الهوام ـ أيها كان ـ فأول ما ينبغي أن يبدأ به من العلاج أن يمص الموضع مصاً شديداً ، وأن يكون الذي يمصه ليس بصائم ، بل يكون قد تناول طعاماً ، وأن يتمضمض قبل المص بنبيذ مطبوخ ، وأن يمسك في فيه زيتاً في وقت مصه ، فإذا مصه فينبغي أن يأخذ قدح زجاج ويشعل فتيلة بالنار فإذا استوقدت يلقيها داخل القدح ، ويكب القدح على الموضع ، فإن القدح عند ذلك يقوم مقام المحجمة ، ويجلب السم من داخل الأعضاء إلى خارجها. ثم يشرط الموضع المنتفخ ويمص حتى يخرج منه دم صالح ، فإن خروج ذلك الدم يخرج السم أيضاً إن شاء الله تعالى.

وينبغي بعد ذلك أن يضمد الموضع بالأدوية الحارة التي لها جذب قوي ، مثل رماد الكبريت ، ورماد ورق التين ، أو لباب الخبز(١) ، أو بصل مدقوق ، أو كراث البقل ، أوزبل الغنم ، كل ذلك يخلط معه ملح مدقوق ويعجن بمري أو بخل أوبهما جميعاً ويضمد به الموضع.

والزفت الرطب ـ أيضاً ـ إذا ضمد به موضع اللسع نفع منفعة بينة. وينبغي أن يبل الموضع ـ أيضاً ـ بخل قد طبخ به فوتنج جبلي وصعتر ، او بماء البحر ، او بماء مالح ، فإن هذه الأشياء تجذب السم ـ أي سم كان ـ وتخرجه إن شاء الله تعالى.

وينبغي أن يضمد الموضع بفراخ الحمام وفراريج ـ ذبحت ساعتها ـ حارة ، وتشد على العضو فإنها تجذب السم وتسكن الوجع.

وينبغي أن يضمد الموضع ـ أيضا ـ بالأضمدة المركبة المعمولة بقاقلة الطيب ، وبالأشياء العطرية القوية الرائحة ، وينبغي أن يسقى الملسوع ـ أي حيوان كان لسعه من ذوات السم ـ من جوز السرو أو حمر ـ وهوقفر اليهود ـ(٢) من كل واحد وزن درهم

__________________

(١) في «ش» : الجوزبو.

(٢) قفراليهود : هو الحمر ، هو معدن يستخرج من البحر الميت في فلسطين. «الجامع ٤ : ٢٦».

١٩٨

بشراب ، أو من ماء الحشيشة التي تسمى بالبورس ـ وهي غبيراء ذكر ـ يعصر ويسقى من مائها قدر اوقيتين ، ودم السلحفاة البحرية من الأدوية القوية في دفع السموم وتسكين الوجع ، وكذلك الجدبادستر ، وأصل القثاء ، وماء الكراث ، والحشيشة المعروفة بخصى الثعلب ، والفنجنكشت ، والزراوند(١) ، وحب الغار ، والسراطين النهرية مشوية أو مطبوخة. هذه الأدوية كلها تعمل في دفع السم وتسكين الوجع عملاً صالحاً.

ومن الأدوية المركبة الترياق الأعظم ، إذا شرب نفع من لسع جميع الهوام ، ولكن يحتاج أن يبادر به قبل وصول السم إلى الأعضاء ، على أن لا تقتل آفة السم وتدفعها.

وقد ينفع من لسع الهوام استعمال الأشياء التي تولد العرق وتخرج الفضول من البدن ، ويستعمل أيضاً هذا الدواء فإنه كثير المنفعة في لسع الحيات والعقارب وجميع الهوام.

أخلاطه : يؤخذ من السكبينج وأصل السوس الأسما نجوني الأزرق والزنجبيل ، من كل واحد وزن أربعة دراهم ، ومن الزراوند وزن خمسة دراهم ، ومن السذاب والغاريقون(٢) من كل واحد ثلاثة دراهم ، ومن دقيق الكرسنة(٣) وزن درهمين ، يدق ذلك أجمع وينخل ويتخذ منه أقراص ، وزن كل قرص أربعة دوانيق ، ويشرب في وقت الحاجة بشراب ، أو ببعض الأشربة المتخذة من الفواكه ، أو بماء حار نافع إن شاء الله تعالى.

وفي نسخة اخرى : وقد ينفع من لسع الهوام فصد العرق ، لا سيما إذا كان الملسوع شاباً ممتلىء البدن.

__________________

(١) الزراوند : نبات له عدة انواع ذكرها ابن البيطار ووصفها ثم قال : إذا شرب منه مقدار درهمين بالشراب وتضمد به كان صالحاً لسموم الهوام. «الجامع ٢ : ١٥٩».

(٢) الغاريقوني : جذر نبات ينفع من لسع الهوام إذا شرب منه مقدار مثقال واحد بشراب ممزوج. «الجامع ٣ : ١٤٧».

(٣) الكرسنة : شجيرة صغيرة لها ثمر في غلف هو المستعمل منها. «الجامع ٤ : ٦٣».

١٩٩

الباب الثالث عشر

عماذا يتولد العرق المديني؟ وبماذا يتحرزمن تولده؟

من أجل أن العرق المديني يتولد كثيراً في ذلك الصقع ، حتى صار يعرف باسمه ـ أعني بالمدينة ـ رأيت أن أصف التدبير الذي يتحرز به منه.

فأقول : إن تولد هذا العرق في اللحم كتولد الحيات وحب القرع وأصناف الدود في البطن ، وكتولد سائرالأشياء التي تدب على الأرض منها.

والعلة التي تشمل هذه الأشياء في تولدها العفونة المعتدلة ، وكما أن كل ما يعفن من جميع الأجسام يولد حيواناً ما ، كذلك العفن في اللحم يكون منه تولد هذا العرق وكل تعفن فإنما يكون باجتماع حرارة ورطوبة بأقساط معلومة.

وتلك الأقساط ليس يدركها البشر ، وليس يعلم مقاديرها إلا الباري ـ سبحانه وجل ثناؤه ـ على أنها ليست محصورة حصراً لا يلزم فيها زيادة ولا نقصان ، لكنها مختلفة واختلافها على قدر اختلاف الحيوان المتولد منها ، فإن الأقساط من الحرارة والرطوبة التي تتولد عنها الحيات في البطن ، خلاف الأقساط التي تتولد عنها حبات القرع ، وإن الأقساط التي يتولد عنها القمل والبراغيث والبق والجرجس ، وكذلك الأقساط التي يتولد عنها من الأرض الضب واليربوع والجرذان ، وخلاف الأقساط التي تتولد عنها الحيات والعقارب وبنات وردان.

وعلى هذا القياس تختلف هذه الحيوانات في البلدان على قدر اختلاف ترب البلدان ، فإن كل بلد قد تخصه تربة يتولد فيها من هذه الحيوانات خلاف الحيوانات التي تتولد في التربة الأخرى ، فالأرض الجصية يتولد فيها من الحيوانات خلاف ما يتولد في الأرض الرماية ، والأرض الحمراء التربة يتولد فيها حيوان غير الحيوانات التي تتولد في الأرض السوداء ، إذ كان التعفن في كل واحد من الترب يكون في مقادير مختلفة ، مخالفة للمقادير التي تكون في التربة التي يكون منها الحيوان من غير تلك التربة.

فلهذه العلة صار يتولد في كل بلد جنس من الحيوان مخالف للجنس الذي يتولد في البلد الآخر ، حتى صار بعض البلدان لا يتولد فيها العقرب البتة ، وبعضها لا يتولد فيها

٢٠٠