الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة27%

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة مؤلف:
تصنيف: متون الأدعية والزيارات
الصفحات: 208

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة
  • البداية
  • السابق
  • 208 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128714 / تحميل: 7999
الحجم الحجم الحجم
الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

الحديقة الهلالية شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجّاديّة

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ولو كان في مضمار الدهر لها السباق »(١) .

نعم هناك من اجترأ الوقيعة فيه ، وما ذاك إلّا لقلة دين ، وإلّا فلم؟!!!!

هذا يوسف المغربيّ(٢) له هجاء للشيخ البهائي ، وليس ذلك لسبب ظاهر سوى الغيرة والحسد من علمه ومعرفته وشهرته ، أو لغلبته له في ميادين العلمحيث يقول :

إنّ اليهوديّ غدا عاملاً

في الناس بالحور بالباطل

يعمل في الدين كما يشتهي

فلعنة الله على العاملي(٣)

هذا ، ولون اخرمن الوقيعة فيه ، هو للمحبي مع اعترافه بفضله وعلمه ، ومع هذا ينسبه الى الغلوّ في الحب! حب من؟ حب آل البيت: ، وينسب الزندقة الى موال آخر ، ويعتذر للشيخ حيث يقول : « إلا أنّه لم يكن على مذهب الشاه في زندقته!!! ـ والسبب في ذلك ـ انتشار صيته ـ البهائي ـ في سداد دينه إلا أنّه غالى في حب آل البيت »(٤) .

نعم ، ما أجرأه على الوقيعة في مؤمن يقول : ربي الله.

لكنّ الرجل مندفع بدافع البغضاء ، فيقذف ولا يكترث ، ويقول ولايبالي.

وليت شعري أيّ غلو وقف عليه في حب الشيخ الأجل ـ البهائي ـ لآل بيت نبيه الأطهر؟!

نعم ، لم يجد شيئاً من الغلوّ ، لكنّه يحسب كل فضيلة رابية جعلها اللّه سبحانه لآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكل عظمة اختصهم بها غلواً ، وهذا من

________________________

(١) ريحانة الالبا ١ : ٢٠٧.

(٢) يوسف بن زكريا المغربي ، شاعر ، نزل مصر للدراسة ، له مؤلفات ، توفي سنة ١٠١٩.

له ترجمة في خلاصة الأثر ٤ : ٥٠١ ـ ٥٠٣ / نفحة الريحانة ٤ : ٤٠٦ ـ ٤٠٩ الاعلام ٨ : ٢٣١ / هدية العارفين ٢ : ٥٦٦ / معجم المؤلفين ١٣ : ٣٠١ / كشف الظنون ١ : ٨٢٩ ريحانة الألبا ٢ : ٣٢ رقم ١٨٦.

(٣) بهاء الدين العاملى : ٣٠.

(٤) خلاصة الاثر ٣ : ٤٤١.

٤١

عادة القوم سلفا وخلفا ، والى الله المشتكى(١) .

نعم ، إنّها وكما قيل :

............................

شنشنة أَعرفها من أخزم(٢)

ولعل بهذا أمكن القارئ من تكوين صورة واضحة عن الشيخ البهائيقدس‌سره .

ثم إنّ بعض الحوادث والقصص فيها من الدلالة على سمّو الخلق وصفاء الباطن الشيء الكثير ، بالخصوص سمّوخلق العلماء ، فانه فوق كل اعتبار.

و القصة هي :

أ ن الشاه عباس ركب يوماً إلى بعض متنزهاته ، وكان الشيخ البهائي وألمير الداماد في موكبه ، إذ كان لايفارقهما غالباً ، وكان الداماد عظيم الجثة ، والبهائي نحيفها.

فأراد الشاه أن في خبر صفاء الخواطر بينهما.

فقال للداماد وهو راكب فرسه في مؤخرة الجمع ، وقد ظهرت عليه آثار الإعياء والتعب ، والبهائي في مقدمة الجمع :

يا سيدنا ، ألا تنظر الى هذا الشيخ كيف تقدّم بفرسه ، ولم يمش على وقاركما تمشي أنت؟

فقال الداماد : أيها الملك ، إنّ جواد الشيخ قد استخفه الطرب بمن ركبه ، فهو لا يستطيع التأنّي ، ألا تعلم مَنْ الذي ركبه؟

ثم قال الملك للبهائي : يا شيخنا ألا تنظر الى هذا السيّد كيف أتعب مركبه بجثمانه الثقيل؟ والعالم ينبغي أن يكون مرتاضاً مثلك خفيف المؤنة.

فقال البهائي : أيها الملك إنّ جواد الشيخ أعيى بما حمل من علمه الذي لا يستطيع حمله الجبال.

فعند ذلك نزل الشاه عن جواده وسجدلله شكراً على ان يكون علماء دولته بهذا الصفاء.

________________________

(١) الغدير ١١ : ٢٥٢ بتصرف.

(٢) أنظر : « مجمع ألأمثال ١ : ٣٦١ / ١٩٣٣».

٤٢

فأكرم به من ملك كامل وسلطان عادل! وأكرم بهما من عالمين مخلصين!

لكن هناك من يدّعي وجود نفرة بينما ، وهي بعيدة كلّ البعد ، ويدلّنا على ذلك صورة رسالة عثرنا عليها(١) موجهة من الشيخ البهائي الى السيد الداماد قدس سرهما اليك هي :

طوبى لك أيّها المكتوب ، حيث تتشرف بملامسة سيدنا ومخدومنا ، بل مخدوم العالمين ، سمّي خامس أجداده الأئمة الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين(٢) .

سلام الله عليكم.

لاحاجة الى ما استقرعليه العرف العام ، واستمربه الرسم بين الأنام ، من توشيح الخطاب ، وترشيح مبتدأ الكتاب ، بذكر المزايا والألقاب ، ونشر معالى المآثر في كل باب ، إذ هو فيما نحن فيه كفت شهرته مؤنة التصدي لتحريره ، وأغنى ارتكازه في الخواطر عن التعرض لشرحه وتقريره ، ولوأنّا أطلقنا عنان القلم في هذا المضمار ، وأجرينا فلك البيان في ذا البحر الزخّار لكنّا بمنزلة من يصف الشمس بالضياء ، أوينعت حاتم بالسخاء ، ولنا دنيا المقام بأفصح لسان ، إنّ العيان يغني عن البيان.

وأمّا شرح شدة التعطش الى رشف راح الوصال ، وحدة التحرق والتلهف الى شرف الإتصال فأعظم من ان يحويه نطاق الكلام ، أو تنبئ عنه ألسنة الأقلام ، فلذلك طوينا كشحاً عن مدّ أطناب الاطناب في ذلك ، فضربنا صفحاً عن إنارة شهاب الاسهاب في تلك المسالك ، واقتصرنا على إهداء طرائف صحائف تسليمات تنهل عن رياض الوداد هواطلها ، وشرائف لطائف تحيات تتبختر في مسالك الاتحاد قوافلها وخوالص خصائص دعوات تتهادى في جادة

________________________

(١) نبهنا عليها فضيلة العلّامة المحقق الحجة السيدعبد العزيز الطباطبائي. والنسخة محفوظة في مكتبة ملك بطهران ضمن مجمو‎عة برقم ٢٨٤٢ تسلسلها ١٠٣ في الصفحة ١٧٧ ـ ١٧٨ انظرفهرستها ٦ : ١٣٧.

(٢) هذا مما تعارفت على المظروف في تلك الحقبة.

٤٣

الاخلاص رواحلها وتصدح في حدائق المودة والاخلاص بلابلها.

هذا وإنّ مجاري أحوال المحب القديم ، الذي هو خالص بالوداد ، مقيم على ما يوجب مزيد الحمد ويستدر أخلاف الشكر ، والأوقات! ـ بتوفيق الله سبحانه ـ مصروفة في تدارك ما فات ، والاستعداد لما هوعن قريب آت.

والمأمول من الألطاف القدسية الاجراء على صفحة الخاطر الأنور ، والضمير الأطهر بما يسنح من صوالح الدعوات المعطرة مشامّ الاجابات ، وفتح أبواب المكاتبات والمراسلات الجالية عن القلب صدأ الآلام والكربات ، الجالبة الى النفس أعظم الأفراح والمسرات.

والسلام عليكم وعلى العاكفين ببابكم ، واللائذين بأعتابكم ورحمة الله وبركاته.

مخلصكم حقا وصدقاً

بهاء الدين

أمّا جواب السيد الدامادقدس‌سره فهو آية من آيات الود والصفاء والمحبة والاخلاص اليك هو وإنك خيرحكم :

ياليتني كنت شيئا من هذه الأرقام ، حيث يلحظها بعين عنايته شيخنا الأفخم الأعظم ، ومخدومنا الأعلم الأكرم ، نطاق الايمان ، وعروة الدين ، قدوة أهل الحق واسوة أهل اليقين ، لازال مجده وبهاؤه ممدوداً بالتظليل على رؤوس المؤمنين وعلى مفارق العالمين(١) .

بسم الله الرحمن الرحيم

لقد هبت ريح الانس من سمت القد س ، فاتتني بصحيفة منيفة كأنها بفيوضها بروق العقل بوِمُوضها ، وكأنها بمطاويها أطباق الأفلاك بدواريها ، وكأنّ أرقامها باحكامها طبقات الملك والملكوت بنظامها ، وكأن ألفاظها برطوباتها أنهار العلوم بعذوباتها ، وكأن معانيها بأفواجها بحار الحقائق بأمواجها. وأيم الله إن

________________________

(١) تقدم انه مما يكتب على المظروف.

٤٤

طباعها من تنعيم ، ومزاجها من تسنيم ، وإنّ نسيمها من جنان الوَمَضوت ، وإنّ رحيقها لِمَنْ دنان الملكوت.

فاستقبلتها القوى الروحية ، وبرزت اليها القوى العقلية ، ومدت لها قَطَنَة سوامع الشعر أعناقها من كوى الحواس ، وروازن المدارك وشبابيك المشاعر ، وكادت حمامة النفس الناطقه تطير من وكرهاً شغفاً وهزازا ، وتستطار الى عالمهاشوقا واهتزازا ، فلعمري لقد تروّيت ولكني لفرط ظمئي ما ارتويت.

شربت الحبّ كأساً بعد كاس

فما رويت وقد نفد الشراب

 فلازالت مراحمكم الجبلّيلة مدركة للتائقين بأضواء الألطاف الخفية والجلية.

ثم إنّ صورة مراتب الشوق والإخلاص ، التي هي ما وراء ما يتناهى بما لايتناهى ، أظنّها لهي المنطبعة كما هي عليها في خاطركم الأقدس الأنور ، الذي هولاستجرار الوجوه كمرآة مجلوة ، ولغوامض أفانين العلوم ومعضلاتها كمصفاة مسطرة.

وإنكم لأنم بمزيد فضلكم المؤملون لامرار المخلص على حواشي الضمير المقدس المستنير عند صوالح الدعوات السانحات في مئنة الاستجابة ومظنّة الاجابة ، بسط الله ظلالكم وخلد مخدمكم وخلانكم.

والسلام على جنابكم الأرفع الأبهى ، وعلى من يلوذ ببابكم الألمع الأسمى ، ويعكف بفنائكم الأوسع الأسطع الاسنى ، ورحمة الله وبركاته أبداً سرمدا.

مخلصكم الملتاع

محمد باقر الداماد الحسيني

وحكايات ما وقع بينهما من المصافاة والمصادقة كثيرة ، وهكذا يسعد الزمان وأهله بامثال هؤلاء العلماء وهؤلاء الملوك.

٤٥

و يؤكد ذلك السمو والصفاء أيضاً ما نقله السيد الأمين عن المنشئ في عالِمه حيث يقول :

تقلّد الشيخ منصب شيخ الإسلام في اصفهان ، زمن الشاه عباس الكبيرخلفاً للشيخ علي المنشار ، وتبوأ مكانته المعروفة في عهد الشاه المذكور ، ولم يكن لأحد من كبار الرجال الصفويين مركز يداني مركزه ، ولذلك كثر حسّاده ومناوئوه وكثر الدسّ حوله ، حتى تمنّى أَنّ والده لم يخرج به من جبل عامل الى الشرق ، في كلمة قوية عبّر بها عن تبّرمه من فساد الأَخلاق في كثيرمن أَبناء زمانه ومعاصريه.

فقال طيّب الله ثراه : لولم يأت والدي قدّس الله روحه من بلاد العرب ، ولولم يختلط بالملوك ، لكنت من اتقى الناس وأَعبدهم وأَزهدهم ، لكنه طاب ثراه أخرجني من تلك البلاد وأقام في هذه الديار ، فاختلطت بأَهل الدنيا ، واكتسبت أخلاقهم الرديئة ، واتصفت بصفاتهم ، ثم لم يحصل لي من الاختلاط بأهل الدنيا إلّا القيل والقال ، والنزاع والجدال ، وآل الأمر أنْ تصدى لمعارضتي كلّ جاهل ، وجسرعلى مباراتي كل خامل(١) .

هذا نصّ عبارة الشيخ ، وهي نفثة مصدور ، عبّربها ـ كما قلنا ـ عن آلامه وامتعاضه وتكاثر حسّاده ومنافسيه وما كان أكثر هؤلاء الحساد والمنافسين بلاشك إلّا من ذوي الأطماع وعباد المصالح الشخصية والجاه الزائف ، ولكنهم معذلك لم ينالوا منه منالاً ولا استطاعوا أَن يزعزعوا من مركزه الكبير.

ا ُ نظره يقول :

قد جرى ذكري يوماً في بعض المجالس العالية ، والمحافل السامية ، فبلغني أنّ بعض الحضّار ـ ممن يدعي الوفاق وعادته النفاق ، ويظهر الوداد ودأبه العناد ـ جرى في ميدان البغي والعدوان ، وأطلق لسانه في الغيبة والبهتان ، ونسب إليّ من العيوب ما لم تزل فيه ، ونسي قوله تعالى :( أيحب أحَدكم أن يأكل لحم

________________________

(١) الكشكول ١ : ٢١٣ ، اعيان الشيعة ٩ : ٢٤٠ ، ولم اعثر عليه في عالم آرا وانظر ١ : ١٥٥ وانظر ريحانة الأدب ٣ : ٤٠٣.

٤٦

أخيه ) (١) .

فلما علم أني علمت بذلك ، ووقفت على سلوكه في تلك المسائل ، كتب إليّ رقعة طويلة الذيل ، مشحونة بالندم والويل ، يطلب فيها الرضا ، ويلتمس الإغماض عمّا مضى.

فكتبت اليه في الجواب : جزاك الله خيراً فيما أهديت إليّ من الثواب ، وثَقّلت به ميزان حسناتي يوم الحساب ، فقد روينا عن سيد البشر ، والشفيع المشفع في المحشر أنه قال :

( يجاء بالعبد يوم القيامة ، فتوضع حسناته في كفة ، وسياته في كفة ، فترجح السيئات فتجيء بطاقة فتقع في كفة الحسنات فترجح بها. فيقول : يارب ماهذه البطاقة؟!! فيقول عزّوجل : هذا ما قيل فيك وأنت منه بريء ).

فهذا الحديث قد أوجب بمنطوقه عليّ أن أشكر ما أسديته من النعم إليّ ، فكثّر الله خيرك وأجزل مبرك.

مع أني لو فرض أنّك شافهتني بالسفاهة والبهتان ، وواجهتني بالوقاحة والعدوان ، ولم تزل مصراً على شناعتك ليلاً ونهاراً ، مقيماً على سوء صناعت كسراً وجهاراً ، ما كنت اُقابلك إلا بالصفح والصفا ، ولا اُعاملك إلا بالمودة والوفاء ، فإنّ ذلك من أحسن العادات ، وأتم السعادات ، وإن بقيت مدة الحياة اعز من أن تصرف في غيرتدارك ما فات ، وتتمة هذا العمر القصير لاتسمع مؤاخذة احد على التقصير(٢) .

نعم هذه أخلاق لومزجت بها البحر لعذب ماؤه طعماً.

وكان ذلك من بواعث تنغيص عيشه ، وتكدير صفو حياته أحياناً ، وطالما نفّس عن كربه بالعزلة أو بالسياحة والرحلة.

__________________

(١) الحجرات ، مدنية ، ٤٩ : ١٢.

(٢) الكشكول ١ : ٢١٠ / سلافة العصر : ٢٩٢.

٤٧

أدبه

إن شيخنا المصنفقدس‌سره على توغله في العلوم عامة ، وتسنّمه المناصب العالية ، لم يكن تاركاً لحلبة الأدب نظماً ونثراً. يصف أدبه المدني قائلاً :

« وأما أدبه فالروض المتأرج أنفاسه ، المتضوّع بنثره ونظمه ورده وآسه ، المستعذب قطافه وجناه ، والمستظرف لفظه ومعناه »(١) .

لِمَ لايكون كذلك وهو « تسجيل حي لخواطر يعيشها الأديب وتثيرها أماني مضطرمة ، والام محمومة ، فينظمها ليؤدي بها خدمة انسانية ، وواجباً أخلاقياً إصلاحياً بطريقة النقد البناء »(٢) .

نعم إن « شعره الحسن النائب مناب سلامة الرحيق ، فيه ماشئت من رقة الألفاظ ولطافة معان تتعلم منها السحر غمزات وألحاظ وتفنن »(٣) .

هذا وقد نظم الشيخقدس‌سره باللغتين الفارسية والعربية فأجاد فيها وأفاد.

وأمّا نثره ، فهوكما قال المحبي :

« إذا طلعت أغصان أقلامه في رياض أدبه الجنيّة الغروس ، سجدتلها ، الأقلام سجدة الشكرفي محاريب الطروس ، فأقلام إفاداته لانسب باعياء قط ، وصحائف فجره لم تسنن من حسود بنقط »(٤) .

مع كل هذا لم نجد لم ديوان شعرمجموع ، غير أن شعره مبثوث في كشكوله وغيره من مؤلفاته ، نعم جمع شعره بالعربية الشيخ محمد رضا بن الشيخ الحر العاملي في ديوان(٥) ، ولم نعثر عليه.

________________________

(١) سلافة العصر : ٢٩١.

(٢) مقدمة الكشكول : ٩٢ ، بتصرف.

(٣) نفحة الريحانة : ٢ : ٢٩٣.

(٤) نفحة الريحانة : ٢ : ٢٩٣.

(٥) أمل الآمل ١ / ١٥٧.

٤٨

وقد تجمع لدينا مجموع لابأس به ، نرجو التوفيق لجمع أكثر منه ونشره مع شرح قصيدته ـ التي هي من غررشعره ـ رائيته الشهيرة التي يمدح فيها الامام الحجة المنتظر صلوات الله عليه وعجل فرجه تناهز الخمسين بيتاً.

و هي :

سرى البرق كل من نجد فجدد تذكاري

عهوداً بحزوى والعذيب وذي قار

وهيج من أشواقنا كل كامن

واجج في احشائنا لاهب النار

ألا يا لييلات الغوير وحاجر

سقيت بهام من بني المزن مدرار

ويا جيرة بالمأزمين خيامهم

عليكم سلام الله من نازح الدار

خليلي مالي والزمان كأنما

يطالبني في كل وقت بأوتار

فابعد أحبابي واخلى مرابعي

وابدلني من كل صفو بأكدار

وعادل بي من كان اقصى مرامه

من المجد أن يسمو إلى عشر معشاري

ألم يدر أني لا اذل لخطبه

وإن سامني بخسًا وارخص اسعاري

مقامي بفرق الفرقدين فما الذي

يؤثره مسعاه في خفض مقداري

واني امرؤ لا يدرك الدهر غايتي

ولا تصل الأيدي الى سر أغواري

اُخالط أبناء الزمل بمقتضى

عقولهم كي لا يفوهوا بانكار

واظهر اني مثلهم تستفزني

صروف الليالي باحتلاء وامرار

واني ضاوي القلب مستوفز النهي

اسر بيسر أو امل باعسار

ويضجرني الخطب المهول لقاؤه

ويطربني الشادي بعود ومزمار

ويصمي فؤادي ناهد الثدي كاعب

باسمر خطار واحور سحار

واني سخي بالدموع لوقفة

على طلل بال ودارس احجار

وما علموا اني امرؤ لا يروعني

توالي الرزايا في عشي وابكار

إذ دك طور الصبر من وقع حادث

فطوراصطباري شامخ غير منهار

وخطب يزيل الروع ايسر وقعه

كؤود كوخز بالأسنة سعار

تلقيته والحتف دون لقائه

بقلب وقور في الهزاهز صبار

ووجه طليق لا يمل لقاؤه

وصدر رحيب من ورود واصدار

ولم اُبده كي لا يساء لوقعه

صديقي ويأسي من تعسره جاري

 

٤٩

ومعضلة دهماء لا يهتدى لها

طريق ولايهتدى الى ضوئها الساري

تشيب النواصي دون حل رموزها

ويحجم عن اغوارها كل مغوار

اجلت جياد الفكر في حلباتها

ووجهت تلقاها صوائب انظاري

فابرزت من مستورها كل غامض

وثقفت منها كل قسور سوار

أأضرع للبلوى واغضي على القذى

وارضى بما يرضى به كل مخوار

وافرح من دهري بلذة ساعة

واقنع من عيشي بقرص واطمار

إذ لا ورى زندي ولا عز جانبي

ولا بزغت في قمة المجد اقماري

ولا بل كفي بالسماح ولا سرت

بطيب احاديثي الركاب واخباري

ولا انتشرت في الخافقين فضائلي

ولاكان في المهدي رائق اشعاري

خليفة رب العالمين وظله

على ساكني الغبراء من كل ديار

هو العروة الوثقى الذي من بذيله

تمسك لا يخشى عظائم اوزار

امام هدى لاذ الزمان بظله

والقى اليه الدهر مقود خوار

ومقتدر لو كلف الصم نطقها

بأجذارها فاهت إليه بأجذار

علوم الورى في جنب ابحر علمه

كغرفة كف أو كغمسة منقار

فلو زار افلاطون اعتاب قدسه

ولم يعشه عنها سواطع انوار

رأى حكمة قدسية لا يشوبها

شوائب انظار وادناس افكار

بإشراقها كل العوامل اشرف

لما لاح في الكونين من نورها الساري

امام الورى طود النهى منبع الهدى

وصاحب سر الله في هذه الدار

به العالم السفلي يسمو ويعتلي

على العالم العلوي من غير انكار

ومنه العقول العشر تبغي كمالها

وليس عليها في التعلم من عار

همام لو السبع الطباق تطابقت

على نقض ما يقضيه من حكمه الجاري

لنكس من ابراجها كل شامخ

وسكن من افلاكها كل دوار

ولانتثرت منها الثوابت خيفة

وعاف السرى في سورها كل سيار

أيا حجة الله الذي ليس جارياً

بغير الذي يرضاه سابق اقدار

ويا من مقاليد الزمان بكفه

وناهيك من مجد به خصه الباري

اغث حوزة الايمان واعمر ربوعه

فلم يبق منها غير دارس آثار

٥٠

وانقذ كتاب الله من يد عصبة

عصوا وتمادوا في عتو واصرار

يحيدون عن آياته لرواية

رواها أبو شعيون عن كعب الأحبار

وفي الدين قد قاسوا وعاثوا وخبطوا

بآرائهم تخبيط عشواء معسار

وانعش قلوباً في انتظارك قرحت

واضجرها الأعداء أية اضجار

وخلص عباد الله من كل غاشم

وطهر بلاد الله من كل كفار

وعجل فداك العالمون بأسرهم

وبادرعلى اسم الله من غير انظار

تجد من جنود الله خيركتائب

واكرم اعوان وأشرف انصار

بهم من بني همدان اخلص فتية

يخوضون اغمار الوغى غير فكار

بكل شديد الباس عبل شمردل

الى الحتف مقدام على الهول صبار

تحاذره الأبطال في كل موقف

وترهبه الفرسان في كل مضمار

أيا صفوة الرحمن دونك مدحة

كدر عقود في ترائب ابكار

يهنا ابن هاني ان اتى بنظيرها

ويعنو لها الطائي من بعد بشار

اليك البهائي الحقير يزفها

كغانية مياسة القد معطار

تغار إذا قيست لطافة نظمها

بنفحة ازهار ونسمة اسحار

إذا رددت زادت قبولاً كانها

أحاديث تجد لا تمل بتكرار

وقد جاراها جمع وشرحها آخرون فممن جاراها :

العلّامة الأمير السيد علي بن خلف المشعشعي الحويزي(١) بقصيدة مطلعها :

هي الدار ما بين العذيب وذي قار

عنت غير سحم ما ثلات وأحجار

________________________

(١) السيد علي خان بن خلف المطلب بن حيدر بن محمد بن فلاح الموسوي الحسيني المشعشعي الحويزي ، والي الحويزة ، شاعر أديب جليل القدر ، له تصانيف ، منها : النور المبين ، ديوان شعر ، خير المقال شرح القصيدة المقصورة في الأدب ، وغيرها.

له ترجمة في أمل الآمل ٢ / ١٨٦ ت ٥٥٤ / رياض إلعلماء ٤ / ٧٧ ، سلافة العصر : ٥٤٥ الفوائد الرضوية : ٢٩٠ / أعيان الشيعة ٨ / ٢٣٥ الاجازة الكبيرة للسيد الجزائري : ٨١ / معجم المؤلفين ٧ / ٨٦.

٥١

والعلّآمة الشيخ جعفر بن محمد الخطي المعاصرللشيخ البهائي إجتمع معه في اصفهان فانشده الشيخ رائيته طالباً منه مجاراتها ، فطلب الشيخ الخطي تاجيله ثلاثة أيام ثم لم يرتض ذلك لنفسه فقام في المجلس مرتجلاً قصيدته العصماء التيأولها :

هي الدار تستسقيك مدمعك الجاري

فسقياً فخير الدمع ما كان للدارِ

 ومنهم الشاعر الفذ الفاضل علي بن زيدان العاملي المتوفى ١٢٦٠ بمعركة ( جنوب لبنان ) جارى قصيدة الشيخ بعصماء أولها :

حنانيك هل من وقفة أيها الساري

على الدار في حكم الصبابة من عارِ؟

وممن شرحها :

الشيخ أحمد بن علي المنيني الدمشقي وطبع الشرح آخر الكشكول في الطبعة المحرفة المصرية.

ومنهم العلّامة الجليل حجة البحث والتأريخ الشيخ جعفر النقديقدس‌سره وبكتابه الذي أسماه منن الرحمان.

يقع بجزءين طبع في النجف الأشرف سنة ١٣٤٤ في المطبعة المرتضوية ، والان قيد التحقيق نأمل من العلي القدير التوفيق لإ تمامه.

* * *

٥٢

مؤلفاته وآثاره

ممّا لاشك فيه أن تأريخ العلم ومعاجم التراجم تحفل بذكر عدد كبير من علماء المسلمين ، منهم من نراه قد اقتصرعلى فنّ من فنون المعرفة ، أوعالم من علوم الشريعة ؛ ومنهم من انقطع لعلوم الدنيا لاغير ، وكل منهم عاش إطارفنه وعلمهوما كتبه فيه.

ولكن نرى الشيخ البهائيقدس‌سره جمع من العلوم أكثرها ، واختص بكتابة المختصرات الحاوية لعصارة مجلدات وتفوق فيها.

فنراه فقيهاً مع الفقهاء ، محدّثاً مع أهل الحديث ، مفسّراً مع المفسرين ، أديبا مع الاُدباء ، ورياضياً وفيلسوفاً مع أصحاب التعاليم ، وو وو وإنّ قسماً من آثاره في الرياضيات والفلك لازالت مرجعاً لكثيرين من علماء المشرق والمغرب ومعيناً يرتشف منه طلاب المدارس والجامعات وعلوم الدين.

وما ذاك إلا لأنه « زين بمآثره العلوم العقلية والنقلية ، وملك بذهنه جواهرها السنية ، لا سيّما الرياضيات فانّه راضها وغرس في حدائق الألباب رياضها »(١) .

إذن هو بحق مشارك عجيب في جميع ألوان الصرفة والعلوم من عقلية ونقلية ، وقد وفق في أغلب ما كتبه ، بدليل ما نراه من اهتمام العلماء في شرحكتبه وآثاره ، وفعاليتها مع مرور الزمن ، وبقاؤها جديدة طريفة.

عزيزي القارئ كنا قد هيّئنا سرداً لما عثرنا عليه من أسماء مؤلفات الشيخ وشروحها وما علق عليها ، وحيث اقترح علينا بعض الفضلاء إلحاقها بأمكنة وجود المخطوط منها وبيان المطبوع ، ارتأينا إرجاء نشرها حيث لنا موعد مع الشيخ المصنف في شرح قصيدته ( سرى البرق ) فإلى هناك آملين منها الدعاء بالتوفيق للوصول للمأمول.

________________________

(١) ريحانة الألباء ١ : ٢٠٧.

٥٣

وفاته

كما اختلف المؤرخون في ولادته ومحلها ، فقد اختلفوا في سنة وفاته ، ويومها دون محلها.

اذ من الثابت أنها كانت في أصفهان ، في الثاني عشر او الثامن عشر من شهر شوال.

أما السنة فهناك أقوال خمسة هي :

١ ـ أنها كانت سنة ١٠٢٩ ، ومستنده التاريخ الذي صنعه الشيخ صالح البحراني ، المعاصر للسيد الجزائري وهو :

بدر العراقين خبا ضوؤه

ونيّر الشام وبدر الحجاز

أردت تاريخاً فلم أهتد

له فاُلهمت قل : ( الشيخ فاز )(١)

ويدفعه وجود نسخة من الإثني عشريات الخمس بخط تلميذه محمد هاشم الاتكاني فرغ منها في شوال ١٠٢٩ ، وعليها إجازة للشيخ البهائي في العشر الأوسط من أول ربيعي١٠٣٠ ، وفى آخر الصلاتية بلاغ مؤرخ في العشر الأول من شهر رجب من عام ١٠٣٠(٢) .

٢ ـ كونها سنة ١٠٣٠ ، وهو المنقول عن جمع ، منهم تلميذه ومصاحبه السيدحسين بن السيد حيدر بن الحسيني الكركي حيث يقول على ما حكي عنه : « وتوفى قدس الله روحه ـ الشيخ البهائي ـ في أصفهان في شهر شوال سنة ألف وثلاثين وقعت رجوعنا من زيارة بيت الله الحرام »(٣) .

وقد تساءل المحقق الحجة السيد المهدي من آل الخرسان في مقدمته عن هذه الزيارة وماهيتها قائلاً :

__________________

(١) روضات الجنات ٧ : ٧٩ / زهر الربيع ٢ : ٩ / كشكول البحراني ٢ : ٢٤٥.

(٢) انظر الذريعة ١ : ٢٣٩ ت ١٢٦٦ / الروضة النضرة : ٦٣٠. وقد رأيت مصورتها لدى العلّامة السيدأحمد الحسيني دام عزه.

(٣) روضات الجنات ٧ : ٥٩.

٥٤

 « أهي عمرة رمضانية؟ أم هي حج؟ ولا يكون الرجوع منه في شوال. أم أنّها كانت في سنة ١٠٢٩ ولم يصرح به أحد »؟(١) .

والذي يبعد احتمال سفر الشيخ أساساً هو ما عثرعليه من كتب كان أوقفها على الروضة المقدسة الرضوية ، وإجازات أجازها لتلامذته وغيرهم في هذه الفترة وهي آواخرسنة ١٠٢٩ وأوائل ١٠٣٠.

نعم عود الضمير في قول السيد الكركي « رجوعنا » كان سبباً في عدم وضوح الكلام إذ اخذ متكلماً مع الغير.

ولكن أخذه للمتكلم لوحده بقصد التعظيم ـ ولا مانع منه إذا عُرف مقام المتكلم ـ يصيّر الزيارة زيارته هو ، ولا بد أنّها كانت سنة ١٠٢٩ فيصح ما نقل عنه.

ويؤيده ما ذكره الخونساري في روضاته : من أنه راى في بعض التعليقات القديمة على كتاب توضيح المقاصد للشيخ البهائي أنّه توفي ثاني عشر شوال سنة ١٠٣٠ وتاريخه بالفارسية :

بي سر وپا گشت شرع

وأفسر فضل اُوفتاد(٢)

وممن ذهب إلى أنّها في سنة ١٠٣٠ تلميذه المولى المجلسيّ الأول حيث يقول : ومات سنة ١٠٣٠ في اصفهان ونقل جثمانه إلى مشهد الامام الرضا(٣) .

والشيخ القمي في هديته وضبطه بقوله : « تلخ »(٤) .

والنصر آبادي في تذكرته(٥) .

________________________

(١) مقدمة الكشكول الطبعة النجفية : ٩٧.

(٢) روضات الجنات ٧ : ٧٩ ، وانظر التذكرة للنصرآبادي : ١٥١ ، وبهجة الآمال ٦ : ٤٠٥ ، وريحانة : الأدب ٣ : ٣١٩ ، ومعنى البيت هكذا

اُترك من كلمة « شرع » الرأس إشارة الى حرف الشين ، والرجل إشارة الى حرف العين ، وأفسر أي اترك الفاء من كلمة فضل فالباقي من الأول الراء وهي( ٢٠٠ ) والضاد واللام وهما( ٨٣٠ ) فالمجموع ١٠٣٠. أمل الآمل ١ / ٢٥ ت ١.

(٣) روضة المتقين ١٤ : ٤٣٥ بتصرف.

(٤) هدية الاحباب : ١٢٤.

(٥) تذكرة النصرآبادي : ١٥١.

٥٥

وبه جزم جمع منهم محمد قاسم بن مظفر المنجم المعاصرللشيخ البهائي في كتابه التنبيهات(١) .

والمنشئ في كتابه تاريخ عالم آرا ، حيث ضبط الوفاة في حوادث عام ١٠٣٠ وقال ما ترجمته : ( توفى يوم الثلاثاء ١٢ شوال سنة ١٠٣٠ ) ، ولكنه بُعيد ذلك ينقل تاريخين :

أحدهما ، بعد حسابه يكون ١٠٣٠ ، وهو التاريخ الذي صنعه محمد صالح ابن اخ المنشئ وهو : ( أفسوس زمقتداي دوران ) ـ والثاني : ١٠٣١(٢) وهوإمّا غفلة أو ليظهر الترديد ، ومنه بعيد.

والتفرشي في نقده(٣) .

٣ ـ أنّها كانت سنة١٠٣١. واليه مال جمع منهم المحبّي في خلاصته(٤) والسيد المدني في سلافته وحدائقه(٥) واقدم منهما معاصر الشيخ وتلميذه نظام الدين الساوجي متمّم الجامع العباسي(٦) . ومن هنا يتصف هذا القول بنحومن القوة والشيخ يوسف البحراني في لؤلؤته(٧) وآخرون.

________________________

(١) بما أن المنجم هذا لضبطه الحوادث الفلكية أهمية خاصة وخاصة إذا أراد أن يستدل منها على حدوث امور فلابد أن تكون مضبوطة لايتطرق إليها الشك والاحتمال ، أضف إلى ذلك كونه معاصراً للحادثة المستدل عليها ، فانظره يقول ما : إنّ رجوع المريخ في برج العقرب دليل على بروزحادثة في دنيا الإسلام تكون سبباً لحصول وهن وضعف فيه ، وقد عاد سنة ١٠٣٠ وحال المشتري في ألضعف ، وبعد التفكر والتدبر وقع في خاطري أنّه يموت من العلماء وهذا ما حصل بوفاة الشخ البهائيقدس‌سره . وانظرمجلة نورعلم ٧ س ٢ : ٧٦.

(٢) تاريخ عالم آرا ٢ : ٩٦٨ ، إن المؤرخ الاسكندر ببك تركمان والملقب بالمنشئ له أهمية خاصة بسب كونه مؤرخ الدولة في حينه ، والذي كان يسجل الحوادث أولاً بأول ، ولمعاصرته لها ، ولذا فانّ ما يذكره له من الأهمّية مكان خاص. وانظرمجلة نورعلم ٧ س ٢ : ٧٦.

(٣) نقد الرجال : ٣٠٣ ت ٢٠٦.

(٤) خلاصة الأثر ٣ : ٤٥٤.

(٥) سلافة العصر : ٢٩١ / الحدائق النديّة : ٤.

(٦) حيث يقول ما معّربه : وعند اتمام الباب الخامس في الثاني عشرمن شهرشوال سنة ١٠٣١هجري انتقل الى جوار ربه الرحيم انظر الجامع العباسي : ١٣٧ ، مقدمة الباب السادس.

(٧) لؤلؤة البحرين : ٢٢ ، ونسب ١٠٣٠ للقيل.

٥٦

ويؤيده التاريخ الذي وضعه اعتماد الدولة ميرزا ابوطالب حيث يقول : فيه : ( شيخ بهاء الدين واي )(١) ، وبحسابه الأبجدي يكون ١٠٣١. وهو الظاهر من زبدة المقال وشرحها حيث جاء فيها :

وابن الحسين سبط عبد الصمد

بهاء ديننا جليل أوحدي

حاز العلوم كلها واستكملا

وعمره : ملح ، توفى في : غلا(٢)

واليه مال القمي في كناه(٣) والشيخ الطهراني في مصفى المقال(٤) .

٤ ـ أنها كانت سنة ١٠٣٢ واليه ذهب صاحب رياض العارفين(٥) .

٥ ـ كونها سنة١٠٣٥ وقد نسبه في الأمل الى مشايخه(٦) ، وهو بعيد. وقد نقل في الروضات عن الأمل أنه سمع من المشايخ أنّها كانت سنة ثلاثين بعد الألف(٧) ، ولعله في الأمل من تصحيفات النسخة ومنه سرت الى الباقين(٨) .

الرأي المختار

وعلى أية حال فان المعتمد المشهور هو القول الثاني ، أي أنّ وفاة الشيخقدس‌سره كانت سنة ١٠٣٠ ، لقوة القرائن والمصادر الذاهبة إليه المعاصرة له.

عمره الشريف :

وأمّا سني عمره الشريف فهي بعد ذلك معلومة ، اذ هي على المختار ٧٧سنة.

بناء على أنّ ولادته كانت سنة ٩٥٣ كما هو الحق المشهور.

وأمّا بناء على أنّها سنة ٩٥١ فيكون عمره الشريف : ٧٩ سنة.

________________________

(١) عالم آرا ٢ : ٩٦٨. ولعل همزة بهاء زائدة تكتب ولا تحسب اولا تكتب. فيتحد مع الذي قبله.

(٢) انظر بهجة الآمال في شرح زبدة المقال ٦ : ٣٩١.

(٣) الكنى والألقاب ٢ : ١٠١.

(٤) مصفى المقال : ٤٠٤.

(٥) رياض العارفين ، وانظر ريحانة الأدب ٣٢٠ : ٣.

(٦) أمل الآمل ١ / ١٥٨.

(٧) روضات الجنات ٧ / ٦٢.

(٨) إذ أنّ الصفر كانت كتابته اقرب الى ألخمسة.

٥٧

و مهما يكن من أمر ـ كما عرفت ـ فإن الشيخ لبّى نداء ربه الكريم في مدينة أصفهان يصف الشيخُ المولى المجلسي الأول الصلاة عليه قائلاً : « تشرّفت بالصلاة عليه في جميع الطلبة والفضلاء وكثير من الناس ، يقربون من خمسين ألف »(١) .

و نقل جثمانه الشريف الطاهر إلى مرقده الأخير في مشهد الإمام الرضا عليه آلاف التحيّة والثناء ، ليدفن في داره المجاورة للحرم الشريف وتصبح فيما بعد جزءاً منه كما هو المشاهد اليوم ، حيث يمرّمن عنده آلاف الزائرين مترحّمين على ذلك الذي كان اُمّة لوحده اُمّة في كل شيء.

فسلام عليه يوم ولد ، ويوم مات ، ويوم يبعث حيّاً.

وليكن هذا آخرما نورده في هذه المقدّمة ، والحمد لله رب العالمين أولاً وآخراً وباطناً وظاهراً ، وصلّى الله على سيدنا محمد النبي واله الطيّبين الطاهرين.

* * *

________________________

(١) روضة المتّقين ١٤ : ٤٣٦.

٥٨

منهج التحقيق

اعتمدت في عملي على نسخة الأصل ، التي هي بخطّ المصنّفقدس‌سره ، والتي أرشدني إليها سماحة العلامة المتتبّع السيد عبدالعزيز الطباطبائي دام مجده مشكوراً ، بعد أن كدت أتيه في بحر اختلافات أربع نسخ ـ محفوظة في خزانة المكتبة الرضوية العامرة ـ لما في الرسالة من بحوث في الهيئة ، وغيرها ، ممّا تحتاج إلى مقدّمات لاتعزب عن القارئ المطلع ، ولما فيها من أخطاء.

والنسخة المعتمدة محفوظة في خزانة المكتبة المركزية لجامعة طهران العامرة برقم «١» ، فاعتمدتها أصلاً للعمل ، كما هو المتّبع مع نسخة المصنّف لدى العثور عليها عادة.

والنسخة هي بطول ٣١ سنتمتر ، وعرض ٥ / ٢٠ سنتمتر ، وتحوي كل صفحة ٢١ سطراً ، و ١٥ كلمة في كل سطرتقريباً. ومجموعها ٣٣ ورقة.

وخطّها نسخ وتاريخها سنة ١٠٠٣.

وهي السنة الي تشرف فيها لزيارة العتبات المقدّسة في العراق وكان في هذا التأريخ في مدينة الكاظمية المقدسه لزيارة مرقد الإمامين الكاظمينعليها‌السلام .

وكان عملي فيها كالآتي :

١ ـ توزيع النصّ وضبطه بصورة صحيحة كما يراه القارئ العزيز.

٢ ـ توزيع الأعلام الواردة في الرسالة.

٣ ـ شرح ما لعله بحاجة إلى شرح.

٤ ـ إثبات جميع ما على النسخة من هوامش في محلّها.

٥ ـ إرجاع الأقوال إلى المصادر المنقولة عنها.

٦ ـ إرجاع الأحاديث إلى المصادر الحديثة الاُمّ.

٧ ـ الاشارة إلى موارد الآيات الكريمة.

٨ ـ عمل الفهارس الفنّية اللازمة للرسالة.

٥٩

شكر وتقدير

وأنا أختم مقدّمتي هذه أرى لزاماً عليَّ أن أشكر الذوات الّذين ساعدونيفي عملي هذا ، ومنهم :

سماحة آية الله الشيخ حسن حسن زاده الآملي ، على مراجعته الكتاب ونقده له.

فضيلة الأخ الكبير الاُستاذ أسد مولوي ، لما لمست لديه من طيبة ومحبّة ، حيث كان لي خيرِمعين ومرشد في مراحل العمل.

ولما تبذله مؤسسة آل البيت: لإحياء التراث من جهودمشكورة في مجال عملها الذي لايعلم بما تتحمّله في سبيل أداء رسالتها إلآ الله العلي القدير.

ولما بَذَلَتْه لكي ترى هذه الرسالة النور.

فلها منّي ومن كل المعنيين بتراث أهل البيت: جميل الشكروالتقدير.

قم

٩ / ربيع الأول / ١٤١٠

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وضعتْ إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسين بن عليِّعليهم‌السلام، قلت: أيّ شيء كان بكاؤها؟ قال: كانت إذا استقبلت بثوب وقع على الثَّوب شبه أثر البراغيث من الدَّم ».

١٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن الفضل(*) ، عن حنان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام ؛ فإنّه بلغنا عن بعضهم أنّها تَعدِلُ حَجّة وعُمرة؟ قال: لا تعجب بالقول هذا كلّه(١) ، ولكن زُرْه ولا تجفه فإنَّه سيِّد الشُّهداء؛ وسيِّد شَباب أهل الجنّة، وشبيهه يحيى بن زَكريّا وعليهما بكتِ السّماء والأرض ».

حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن عبدالصَّمد بن محمّد، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله سواء.

حدَّثني أبي - رحمه الله تعالى - وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حَنان بن سَدير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

١٤ - وبهذا الإسناد عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى - عن غير واحدٍ - عن جعفر بن بَشير، عن حمّاد، عن عامِر بن مِعقَل، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: كان قاتل يحيى بن زكريّا ولد زنا، وقاتل الحسينعليه‌السلام ولد زنا، ولم تبكِ السّماء عَلى أحدٍ إلاّ عليهما، قال: قلت: وكيف تبكي؟ قال: تطلع الشَّمس في حمرة، وتغيب في حمرة ».

حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيّ، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير بإسناده مثله.

١٥ - وحدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين - رحمهما الله - جميعاً، عن سعد بن

__________________

١ - في بعض النّسخ، وفي البحار: « لا تعجب، ما أصاب مَن يقول هذا كلّه ». وقال المجلسي ( ره ) -: قوله: « ما أصاب » محمولٌ على التّقيّة.

* - فيه كلام، راجع ص ٣٠٥.

١٠١

عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالله بن هِلال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ السَّماء بَكَتْ على الحسين بن عليٍّ ويحيى بن زَكريّا، ولم تبكِ على أحدٍ غيرهما، قلت: وما بُكاؤها؟ قال: مَكثوا أربعين يوماً تطلع الشّمس بحُمْرَة وتَغرُب بحُمرَة، قلت: فذاك بُكاؤها؟ قال: نَعَم ».

١٦ - وعنهما، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ محمّد بن خالد، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ، عن الحسن بن الحكم النَّخَعيِّ، عن كثير بن شِهاب الحارثيّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام في الرُّحْبَة إذ طلع الحسين عليه فضَحِك عليُّعليه‌السلام ضَحْكاً حتى بَدَتْ نَواجِذُه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً وقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهمُ السَّماءُ وَالأرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرينَ »، والّذي فَلَق الحبَّةَ وبرَأ النَّسَمَةَ ليُقتلنَّ هذا ولتبكينّ عليه السَّماء والأرض ».

١٧ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن البرقيِّ، عن عبدالعظيم الحسنيِّ، عن الحسن(١) ، عن أبي سَلَمَة « قال: قال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : ما بكتِ السَّماء والأرض إلاّ على يحيى بن زَكريّا والحسينعليهم‌السلام ».

١٨ - حدَّثني أبي؛ وأخي - رحمهما الله - عن أحمدَ بن إدريس؛ ومحمّد بن يحيى جميعاً، عن العَمْرَكي بن عليٍّ البوفكيِّ قال: حدَّثنا يحيى - وكان في خدمة أبي جعفر الثّانيعليه‌السلام - عن عليِّ(٢) ، عن صَفوانَ الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته في طريق المدينة - ونحن نُريد المكّة - فقلت: يا ابن رسول الله ما لي أراك كئيباً حَزيناً مُنْكسراً؟! فقال: لو تسمع ما أسمع لشَغَلَك عن مسألتي، قلت: فما الَّذي تَسمَعُ؟! قال: ابتهال الملائِكة إلى اللهِ(٣) عزَّوجلَّ على قَتَلةِ أمير المؤمنين وقتلة الحسينعليهما‌السلام ، ونوح الجنّ وبُكاء الملائكة الَّذين حوله وشدَّة

__________________

١ - الظّاهر هو ابن الوشّاء، أو المراد ما تقدّم « ابن الحكم النّخعيّ »، والأوّل أظهر، وأبو سلمة هو سالم بن مُكرم.

٢ - كأنّه ابن الحكم الكوفيّ الثّقة.

٣ - ابتهل إلى الله: تضرّع ودعا.

١٠٢

جَزعِهم، فمن يتهنّأ مع هذا بطعام أو بشراب أو نوم؟!! - وذكر الحديث - ».

١٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيِّ العَلويّ، عن الحسن بن الحكم النّخعيِّ، عن كثير ابن شِهاب الحارثيِّ « قال: بينما نحن جلوس عند أمير المؤمنينعليه‌السلام بالرُّحْبة إذ طلع الحسينعليه‌السلام قال: فضحك عليٌّعليه‌السلام حتّى بَدَتْ نَواجذه، ثمَّ قال: إنّ الله ذكر قوماً فقال: «فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأرضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ »، والَّذي فَلَق الحَبّة وبَرَأ النَّسَمَة لَيقتلنَّ هذا ولتبكينَّ عليه السّماء والأرض »(١) .

٢٠ - وعنه، عن نَصر بن مُزاحم، عن عُمَرَ بن سعد(٢) قال: حدَّثني أبو مُعْشر، عن الزُّهْريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام أمطرتِ السّماء دماً ». وقال عمر بن سعد: وحدَّثني أبو مَعْشَر، عن الزَّهريّ « قال: لمّا قتل الحسينعليه‌السلام لم يبق في بيت المَقْدِس حَصاةٌ إلاّ وجد تحتها دمٌ عَبيط ».

٢١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن(٣) محمّد بن الحسن بن مَهزيار(٤) ، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن فَضالَة بن أيّوبَ، عن داودَ ابن فَرْقَد « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: كان الَّذي قَتَلَ الحسينَ بنَ عليٍّعليهما‌السلام ولد زنا، والَّذي قَتل يحيى بن زَكريّا ولد زنا، وقال: احمرَّتِ السَّماء حين قُتل الحسين بن عليٍّ سنة، ثمّ قال: بَكتِ السَّماء والأرض على الحسين بن عليٍّ وعلى يحيى بن زَكريّا، وحُمرتها بُكاؤها ».

* * * * *

__________________

١ - تقدّم الخبر آنفاً بتفاوت يسير تحت رقم ١٦.

٢ - تقدّم ذكره في ص ٧١، وأبو مَعشَر هو يوسف بن يزيد البرّاء العطّار، المعنون في تهذيب التّهذيب.

٣ - كذا في النّسخ والبحار، والظّاهر تصحيف الواو بـ « عن ».

٤ - هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار.

١٠٣

الباب التّاسع والعشرون

( نوح الجنِّ على الحسين بن عليٍّ عليهما السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن نصر بن مُزاحِم، عن عُمَرَ بنِ سعد، عن عَمرو بن ثابت، عن حبيب بن أبي ثابت، عن اُمّ سلمة زوجة النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله قالتْ: ما سمعت نوح الجنّ منذ قبض الله نبيَّه إلاّ اللَّيلة، ولا أراني إلاّ وقد أصبت بابني الحسين، قالتْ: وجاءت الجنّيَّة منهم وهي تقول:

أيا عَينايّ فَانْهَمِلا بِجهْدٍ

فَمنْ يَبْكي عَلى الشُّهداء بَعْدي

عَلى رَهْطٍ تُقُودُهُمُ المنايا

إلى مُتَجبِّرٍ مِنْ نَسْلِ عَبْد (١)

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن إبراهيم بن عُقْبَة، عن أحمدَ بن عَمرو بن مسلم، عن المَيثميّ(٢) « قال: خمسة من أهل الكوفة أرادوا نصر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فمرُّوا(٣) بقرية يقال لها: شاهيّ(٤) إذ أقبل عليهم رَجلان: شيخٌ وشابٌّ فسلّما عليهم، قال: فقال الشّيخ: أنا رَجلٌ من الجنّ وهذا ابن أخي أردنا نَصرَ هذا الرَّجل المظلوم، قال: فقال لهم الشّيخ الجنّي: قد رَأيت رأياً، فقال الفتية الإنسيّون: وما هذا الرَّأي الَّذي رأيت؟ قال: رأيت أن أطير فآتيكم بخبر القوم فتذهبون على بصيرة، فقالوا له: نِعْمَ ما

__________________

١ - في أمالي الصّدوق: « في ملك عبد ». وقوله: « فانهملا » فيه: « فانهملي ».

٢ - كان من أولاد ميثم التّمّار، وهو أحمد بن الحسن بن إسماعيل، مِن أصحاب الكاظمعليه‌السلام ، وهو ثقة.

٣ - في البحار: « فعرّسوا ».

٤ - قال العلاّمة الأمينيرحمه‌الله : « شاهي » موضع بقرب القادسيّة، وأظنّها تنسب إلى شاه بن شاه بن لان بن نريمان الّذي هبط إلى تلك الدّيار بأمر كسرى بن هرمز لمحاربة الأتراك النّازلة بها.

١٠٤

رأيتَ، قال: فغابَ يومه وليلته، فلمّا كان من الغد إذا هم بصَوتٍ يسمعونه ولا يَرَونَ الشّخص وهو يقول:

وَاللهِ ما جِئتُكُمْ حَتّى بَصُرْتُ بِهِ

بِالطَّفِّ مُنْعَفَر الخَدَّينِ مَنحُورا

وَحَولَهُ فِتْيَةٌ تَدْمي نُحورُهُم

مِثْلَ المصابيح يَملُونَ (١) الدُّجى نُورا

وَقَدْ حَثَثْتُ قَلوصي (٢) كَيْ اُصادِفَهم

مِن قَبْلِ ما أنْ يُلاقُوا الخُرُدُ الحُورا (٣)

كان الحُسَينُ سِراجاً يُسْتَضاءُ بِهِ

اللهُ يَعْلم أنّي لم أقُلِ زُورا

مجاوِراً لِرَسُولِ اللهِ في غُرَفٍ

وَلِلْبَتول (٤) وَلِلطَّيّارِ مَسْرُورا

 فأجابه بعض الفِتْية من الإنسِيّين يقول:

اذْهَبْ فلا زالَ قَبرٌ أنْتَ ساكِنُهُ

إلى القِيامَةِ يَسْقَى الْغَيث ممطُورا

وَقَدْ سَلَكْتُ سَبيلاً أنْتَ سالِكُهُ

وَقَدْ شَرِبْتُ بكَأسٍ كانَ مَغْزورا (٥)

وفِتْيَةٌ فَرَّغُوا لله أنْفُسَهُم

وفارَقُوا المالَ والأحْبابَ والدُّورا

 ٣ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: حدّثني عُمَرُ بن سعد؛ وعَمروُ بنُ ثابت، عن أبي زياد القَندي (٦) « قال: كان

__________________

١ - في مجالس المفيد: « يعلون ».

٢ - القلوص: بالفتح -: النّاقة الطّويلة القوائم، خاصّ بالإناث.

٣ - قال الفيروزآبادي: « الخَرِيدُ، وبِهَاءٍ، والخَرودُ: البِكْر لم تُمْسَس، أو الخَفِرَةُ الطَّويلةُ السُّكوتِ، الخافِضَةُ الصَّوتِ المُتَسَتَّرَةُ، والجمع: خَرائِد وخُرُد و [خُرَّد] » وقال الشّارح في التّاج: الأخيرة ( يعني خُرَّد ) نادرة، لاُنّ فعيلة لا تجمع على فُعَّل. وفي البحار - نقلاً عن أمالي الشّيخ ومجالس المفيد « الحرد » - بالحاء المهملة -، وله بيان راجع ج ٤٥ ص ٢٤٠.

٤ - في مجالس المفيد: « وللوصيّ ».

٥ - في القاموس: « الغَزير: الكثير من كلّ شي ء، ومن الآبار والينابيع: الكثيرة الماء ». وفي بعض النّسخ: « مغروراً » بالرّاء المهملة. وما في المتن مثل ما في البحار.

٦ - كذا في النّسخ، وفي مجمع الزّوائد الهيثميّ: « عن أبي جناب الكلبيّ » مكان « عن أبي زياد القنديّ »، وفيه: « قال: حدّثني الجصّاصون قالوا: كنّا إذا خرجنا إلى الجبّان باللَّيل عند مقتل الحسين سمعنا الجنّ ينوحون عليه ويقولون: مسح الرّسول - إلخ ».

١٠٥

الجَصّاصون (١) يسمعون نَوحَ الجنِّ حين قُتل الحسينعليه‌السلام في السَّحر بالجَبّانَة (٢) وهم يقولون:

مَسَحَ الرَّسُولُ جَبينَهُ

فَلَهُ بَريقٌ في الخدُود

أبَواهُ مِنْ عُلْيا قُرَيْشٍ

جَدُّهُ خَيرُ الجدُودِ

 ٤ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة بن الخطّاب قال: قال عُمَرُ بن سعد: حدَّثني الوليد بن غَسّان - عمّن حدَّثه - « قال: كانت الجنّ تنوح على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام تقول:

لمنِ الاُبْياتُ بِالطَّفِّ عَلى كُرْه بَنينه

تلك أبياتُ الحسين يَتَجاوَبْنَ الرَّنيِنَه (٣)

٥ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمة قال: حدَّثني أيّوب بن سليمانَ بن أيّوب الفَزاري(٤) ، عن عليِّ بن الحَزَوَّر(٥) « قال: سمعت ليلى وهي تقول: سمعت نوح الجنّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وهي تقول:

يا عينُ جُودي بالدُّمُوعِ فإنَّما

يَبْكي الحَزِينُ بِحُرْقَةٍ وتَفَجَّع

يا عَينُ ألْهاكَ الرِّقابُ بِطيبةٍ

مِنْ ذِكْرِ آل مُحَمَّدٍ وَتَوجّع

باتَتْ ثَلاثاً بالصَّعيدِ جُسُومُهُمْ

بَين الوُحوشِ وكُلُّهم في مَصْرَع

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن نَصر بن مُزاحم، عن عبدالرَّحمن بن أبي حمّاد، عن أبي ليلى الواسِطيّ، عن

__________________

١ - الجصّ - بفتح الموحّدة وكسرها -: ما تُطلى به البيوت، والجصّاص: عامله.

٢ - الجبّانة - بالفتح ثمّ التّشديد -؛ والجبّان في الأصل الصّحراء، وأهل الكوفة يسمّون المقابر جبّانة كما يسمّيها أهل البصرة المقبرة، وبالكوفة محالّ تسمّى بهذا الاسم وتضاف إلى القبائل. ( المعجم ).

٣ - الرَّنين: الصّوت مطلقاً وقيل: الصّوت مع بكاء، وفي أساس البلاغة: سمعت له رنّة ورَنيناً، أي صيحة حزينة.

٤ - نسبة إلى حيٍّ من غَطَفان أبوها فَزارة بن ذُبيان.

٥ - الحَزَوَّر - بالحاء المهملة والزّاي المفتوحتين، والواو المشدّدة بعدها راء -.

١٠٦

عبدالله بن حَسّان الكِنانيّ قال: بَكتِ الجنُّ على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فقالت:

ماذا تَقُولونَ إذْ قالَ النَّبي لَكم

ماذا فَعلْتم وَأنْتم آخِرُ الاُمم؟

بأهْلِ بَيْتي وإخْواني ومَكْرُمَتي

مِنْ بَين أسْرى وَقَتْلى ضُرِّجُوا بِدَم؟

٧ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم قال: حدَّثني سَلَمةُ قال: حدَّثني عليُّ بن الحسن(١) ، عن مُعَمّر بن خَلاّد، عن أبي الحسن الرّضاعليه‌السلام « قال: بينما الحسينعليه‌السلام يسير في جوف اللّيل وهو متوجّه إلى العِراق وإذا برجل يَرتجز ويقول:؛

وحدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن مُعمّر بن خلاّد، عن الرّضاعليه‌السلام ، مثل ألفاظ سَلَمَةَ، قال: وهو يقول:

يا ناقَتي لا تَذْعَري مِنْ زَجْري

وشَمِّري قَبْل طُلُوعِ الْفَجر

بِخَيرِ رُكْبانٍ وخَيْر سَفْرِ

حتّى تَحلّى بِكَريمِ النّجْر

بماجِد الجدِّ رَحيبِ الصَّدْرِ

أتى بِهِ اللهُ (٢) لِخير أمر

 ثَمَّتَ أبقاهُ بقاءَ الدَّهْر

سَأمْضي وما بِالمَوتِ عارٌ عَلى الْفَتى

إذا ما نَوى حَقّاً وجَاهَد مُسْلِماً

وآسَى الرِّجالَ الصّالِحينَ بنَفسِه

وفارَقَ مَبْثوراً وخالَفَ مُجْرماً

فَإنْ عِشْتُ لَمْ أنْدَم وَإنْ مِتُّ لَمْ اُلَم

كَفى بِكَ ذُلا أنْ تَعيشَ وَترْغَماً (٣)

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خَلَف، عن محمّد بن يحيى المُعاذيِّ قال: حدَّثني الحسين(٤) بن موسى الأصمّ، عن عَمرو، عن جابر(٥) ، عن محمّد بن عليّعليهما‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام « قال: لمّا همَّ الحسينعليه‌السلام بالشُّخوص من المدينة أقْبَلَتْ نساءُ بني عبدالمطّلب فاجتمعن للنِّياحة مشى فيهنِّ

__________________

١ - الظّاهر هو ابن فضّال.

٢ - كذا في النّسخ، ولعلّ الصّواب: « أثابه الله ».

٣ - في بعض النّسخ: « كفى بك موتاً أن تذلّ وتغرماً ».

٤ - في بعض النّسخ، « الحسن ».

٥ - هو جابر بن يزيد الجعفيّ الكوفيّ، وراويه هو عمرو بن شمر الجعفيّ الكوفيّ.

١٠٧

الحسينعليه‌السلام فقال: أنشدكنّ الله أن تبدين هذا الأمر معصية لله ولرسوله، فقالت له نِساء بني عبدالمطّلب: فلمن نستبقي النِّياحة والبُكاء فهو عندنا كيوم مات فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليٌّ، وفاطمةُ ورقيّةُ وزينبُ واُمُّ كلثوم (١) ؟!! فننشدك الله جعلنا الله فِداك من الموت، يا حبيب الأبرار من أهل القبور، وأقبلتْ بعض عَمَاته تبكي وتقول: اشهد يا حسين لقد سمعتُ الجنَّ ناحَتْ بنَوحِك وهم يقولون:

فإنَّ قَتيلَ الطَّفِّ مِن آلِ هاشِم

أذلَّ رِقاباً مِنْ قُرَيْش فَذَلت

حَبيبُ رَسولِ اللهِ لم يَكُ فاحِشاً

أبانَتْ مُصيبَتُكَ الاُنوفَ وَجَلَّت

 وقلن أيضاً:

بَكُّوا (٢) حُسَيناً سَيِّداً

وَلِقَتْلِهِ شابَ الشَّعَر

وَلِقَتْلِهِ زَلْزَلتم

وَلِقَتْلِهِ انْخَسَفَ القَمَر (٣)

وَاحْمَرَّت آفاقُ السَّماءِ

مِنَ الْعَشيَّةِ وَالسَّحَر

وَتَغَبّرَتْ شَمْسُ الْبِلاد

بهم واظلَمَتِ الْكُوَر (٤)

ذاكَ ابنُ فاطمةَ المُصابُ

بِهِ الخَلائقُ والبَشَر

أورَثْتنا ذُلا بِهِ

جَدّعَ الاُنوفُ مَعَ الغَرَر

 ٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن يحيى المُعاذيّ، عن عبّاد بن يعقوبَ، عن عَمرو بن ثابت، عن عمرِ[و] بن عِكرِمَة قال: أصبحنا صَبيحة(٥) قتل الحسينعليه‌السلام بالمدينة فإذا مولى لنا يقول: سمعنا البارِحَةَ مُنادياً ينادي ويقول:

أيُّها القاتِلونَ ظلماً (٦) حُسَيناً

أبْشِرُوا بالْعَذابِ والتَّنْكيل

__________________

١ - كلّهنّ بنات رسول الله صلوات الله عليه وعليهنّ.

٢ - في بعض النّسخ: « أبكي ».

٣ - في جلّ النّسخ: « انكسف القمر ».

٤ - المراد بالشّمس ضياؤها لا اصلها، والكور جمع كورة، وهي البقعة الّتي جمع فيها المساكن والقرى.

٥ - في جلّ النّسخ: « ليلة ».

٦ - في جلّ النّسخ: « جهلاً ».

١٠٨

كلُّ أهلِ السَّماءِ يَدعُو عَلَيكم

مِن نَبيٍّ ومَلأَكٍ وَقَبيل

قد لُعِنْتم عَلى لِسانِ ابن داوُ

دَ وذي الرُّوح (١) حامل الإنجيل

١٠ - حدّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخطّاب قال: حدَّثني عبدالله بن محمّد بن سِنان، عن عبدالله بن القاسم بن الحارث، عن داودَ الرَّقيّ قال: حدَّثتْني جدَّتي أنَّ الجنّ لمّا قتل الحسينعليه‌السلام بَكَتْ عليه بهذه الأبيات:

يا عَينُ جُودي بالعِبَر وابكي فقد حَقّ الخبر

أبكي ابنَ فاطمةَ الَّذي وَرَد الفُراتَ فما صدَر(٢)

الجِنُّ تَبْكي شَجْوَها(٣) لما اُتي مِنْهُ الخَبَر

قُتِلَ الحسينُ وَرَهْطُهُ تَعْساً لِذلِكَ(٤) مِنْ خبر

فلأبْكينَّكَ حُرقَةً عِنْدَ العِشاء وبالسَّحر

ولأبينَّك ما جَرى عِرقٌ وما حمل الشَّجر

* * * * *

الباب الثّلاثون

( دعاء الحمام ولعْنها على قاتل الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يَزيدَ النَّوفَليِّ، عن إسماعيلَ بن أبي زياد السَّكونيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: اتّخذوا الحمام الرَّاعبيّة في بيوتكم(٥) ، فإنّها تلعن قَتلةَ الحسينعليه‌السلام ».

٢ - حدَّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن أحمدَ بن إدريس بن أحمد، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي

__________________

١ - كذا، وفي التّواريخ و « مثير الأحزان » لابن نما: « ابن داوود وموسى وحامل الإنجيل ».

٢ - أي لم يرجع.

٣ - الشّجو: الهمّ والحزن.

٤ - التَّعْس: الهلاك.

٥ - المراد بالرّاعبيّة الحمامة، وهي ترعب في صوتها ترعيباً.

١٠٩

حمزةَ، عن صَندل (١) ، عن داودَ بن فَرْقَد « قال: كنت جالساً في بيت أبي عبداللهعليه‌السلام فنظرت إلى الحمام الرَّاعي يُقَرقِر (٢) طَويلاً، فنظر إليَّ أبو عبداللهعليه‌السلام فقال: يا داودُ أتدري ما يقول هذا الطّير؟ قلت: لا جُعلتُ فِداك، قال: تدعو على على قَتَلة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ، فاتّخذوه في منازلكم ».

وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ بإسناده مثله.

الباب الحادي والثّلاثون

( نَوح البوم (٣) ومصيبتها على الحسين عليه السلام)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد؛ وجماعةُ مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عُبَيد، عن صفوانَ بن يحيى، عن الحسين بن أبي غُنْدَر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سَمعتُه يقول في البومة، قال: هل أحدٌ منكم رآها بالنّهار، قيل له: لا، تَكاد تظهر بالنّهار ولا تظهر إلاّ ليلاً، قال: أما إنّها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلمّا أن قتل الحسينعليه‌السلام آلت على نفسها أن لا تأوي العُمْران ابداً ولا تأوي إلاّ الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتّى يجنّها اللّيل فإذا جنّها اللّيل ( كذا ) فلا تزال ترنّم على الحسينعليه‌السلام حتّى تصبح ».

٢ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمة بن أبي الخطّاب، عن الحسين بن عليِّ بن صاعد البَربَريِّ قيّماً لقبر الرّضاعليه‌السلام قال: حدَّثني أبي « قال: دخلتُ على الرِّضاعليه‌السلام فقال لي: تَرى هذه البوم ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جُعِلتُ فِداك جِئنا نَسألك، فقال: هذه البومة كانت(٤) على عهد جدِّي

__________________

١ - في بعض النّسخ: « صفوان ».

٢ - قرقرت الحمامة والدّجاجة: ردّدت صوتها.

٣ - البوم طائر الظّلام، وهي بالفارسية: « جغد ».

٤ - في البحار: « دخلت على الرّضا عليه السلام فقال لي: ما يقول النّاس؟ قال: قلت: جعلت فداك جئنا نسألك، قال: فقال لي: ترى هذه البومة كانت - إلخ ».

١١٠

رَسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأوي المنازل والقصور والدُّور، وكانت إذا أكل النّاس الطّعام تطير وتقع أمامَهم، فيرمى إليها بالطّعام وتسقي وترجع إلى مكانها، فلمّا قتل الحسينعليه‌السلام خرجت من العُمران إلى الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الاُمّة أنتم! قتلتم ابن بنت نبيّكم، ولا آمنكم على نفسي ».

٣ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال - عن رجل - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ البوم لتصوم النّهار فإذا أفطرت تدلّهت(١) على الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام حتّى تصبح ».

٤ - حدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى، عن سعد بن عبدالله، عن موسى بن عُمَرَ، عن الحسن بن عليِّ، الميثميِّ(٢) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا يعقوب(٣) رأيت بومةً بالنّهار تنفّس قطّ، فقال: لا، قال: وتدري لم ذلك؟ قال: لا، قال: لأنّها تظلُّ يومها صائمة على ما رزقها الله، فإذا جَنّها اللّيل أفطرت على ما رُزقت، ثمَّ لم تزل ترنّم على الحسين بن عليّعليهما‌السلام حتى تصبح ».

الباب الثّاني والثّلاثون

( ثواب مَن بكى على الحسين بن علي عليهما السلام)

١ - حدِّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: أيّما مؤمنٍ دمعتْ عَيناه لقتل الحسين

__________________

١ - قال في القاموس: « الدَّلْه، ويحرّك، والدلُوه: ذَهاب الفُؤاد من هَمٍّ ونحوه. ودَلَّهه العِشْقُ تَدْليهاً فتَدَلَّه » وفي جلّ النّسخ: « اندبت »، وما في المتن مثل ما في البحار.

٢ - في جلّ نسخ الكتاب: « عن الحسن بن علي الميثمي »، والصّواب ما في المتن.

٣ - كأنّه ابن شعيب بن ميثم الأسديّ الثّقة.

١١١

ابن عليٍّعليهما‌السلام دمعةً حتّى تسيل على خدِّه بوَّأه الله بها في الجنّة غُرفاً يسكنها أحقاباً، وأيّما مؤمن دَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه فينا لاُذى مسّنا مِن عَدوِّنا في الدُّنيا بوَّأه الله بها في الجنّة مبوَّأ صِدقٍ، وأيّما مؤمنٍ مَسَّه أذىً فينا فَدَمَعَتْ عيناه حتّى تسيل على خَدِّه مِن مَضَاضةِ (١) ما اُوذِي فينا صرَّف اللهُ عن وجهه الأذى وآمنه يوم القيامة مِن سَخطه والنّار ».

٢ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: إنَّ البكاء والجزع مكروهٌ للعبد في كلِّ ما جزع ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، فإنّه فيه مأجورٌ ».

٣ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين الزَّيّات، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي هارون المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل له -: ومَن ذُكِر الحسينُعليه‌السلام عنده فخرج مِن عينه مِن الدُّموع مقدار جناح ذُباب كان ثوابه على الله عزَّوجلَّ ولم يرض له بدون الجنّة ».

٤ - حكيم بن داود بن حكيم، عن سلمة بن الخطاب قال: حدثنا بكار بن أحمد القسام؛ والحسن بن عبدالواحد، عن مخول بن إبراهيم، عن الربيع ابن منذر، عن أبيه « قال: سمعت علي بن الحسينعليهما‌السلام يقول: من قطرت عيناه فينا قطرةً ودمعت عيناه فينا دمعةً بوّأه الله بها في الجنة غُرَفاً يسكنها أحقاباً وأحقاباً ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن حمزة بن عليَّ الأشعريّ، عن الحسن بن معاوية بن وَهب - عمّن حدّثه - عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: كان عليُّ بن الحسينعليه‌السلام يقول: - وذكر مثل حديث محمّد بن جعفر الرَّزَّاز سواء(٢) .

__________________

١ - المَضاضَة - بالفتح -: وجع المصيبة. ( البحار ).

٢ - أي ما تقدّم تحت رقم ١.

١١٢

٥ - حدّثني محمّد بن جعفر القُرشيِّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن عليٍّ، عن ابن أبي عُمَير، عن عليِّ بن المغيرة، عن أبي عُمارة المنشِد « قال: ما ذكر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام عند أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام في يومٍ قطّ فرُئي أبو عبداللهعليه‌السلام في ذلك اليوم متبسِّماً قطّ إلى اللَّيل ».

٦ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حماد البصريّ، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن مِسْمَع بن عبدالملك كِرْدين البصريّ « قال: قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : يا مِسْمَع أنت مِن أهل العِراق؛ أما تأتي قبر الحسينعليه‌السلام ؟ قلت: لا؛ أنا رَجلٌ مشهورٌ عند أهل البصرة، وعندنا مَن يتّبع هوى هذا الخليفة، وعدوّنا كثير مِن أهل القبائل مِن النُّصّاب وغيرهم، ولستُ آمنهم أنْ يرفعوا حالي عند ولد سليمان(١) فيُمثِّلون بي(٢) ، قال لي: أفما تذكر ما صنع به؟ قلت: نعم، قال: فتجزع؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك حتّى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ فأمتنع مِن الطّعام حتّى يستبين ذلك في وَجهي، قال: رحِمَ الله دَمعتَك، أما إنّك مِن الَّذين يُعدُّون مِن أهل الجزع لنا، والّذينَ يَفرحون لِفَرحِنا ويحزنون لِحُزننا ويخافون لَخوْفنا ويأمنون إذا أمنّا، أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملكَ الموت بك، وما يلقّونك به مِن البشارة أفضل، ولملك الموت أرقّ عليك وأشدُّ رَحمةً لك من الاُمّ الشّفيقة على ولدها، قال: ثمَّ استعبر واستعبرتُ معه، فقال: الحمد للهِ الّذي فضّلنا على خلقِه بالرَّحمة وخصَّنا أهل البيت بالرَّحمة، يا مِسمَع إنَّ الأرض والسَّماء لتبكي مُنذُ قُتل أمير المؤمنينعليه‌السلام رَحمةً لنا، وما بكى لنا مِن الملائكة أكثر وما رَقأتْ دُموع الملائكة منذ قُتلنا، وما بكى أحدٌ رَحمةً لنا ولما لقينا إلاّ رحمه الله قبل أن تخرج الدَّمعة من عينه، فإذا سالَتْ دُموعُه على خَدِّه، فلو أنَّ قطرةً مِن دُموعِه سَقَطتْ في جهنَّم لأطْفَئتْ حَرَّها حتّى لا

__________________

١ - يعني سليمان بن عبدالملك، والمراد ولده حاكم الكوفة.

٢ - مثّل بفلان أي نكّله، وصنع به صنيعاً يحذّر غيره.

١١٣

يوجد لها حَرٌّ، وإنّ الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند مَوته فرحَةً لا تزال تلك الفرْحَة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض، وإنّ الكوثر ليفرح بمحبِّنا إذا ورد عليه حتّى أنّه ليذيقه مِن ضروب الطَّعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه، يا مِسْمع مَن شرب منه شَربةً لم يظمأ بعدها أبداً، ولم يستق بعدها أبداً، وهو في بَرْدِ الكافور وريح المِسْك وطعم الزَّنجبيل، أحلى مِن العَسل، وألين مِن الزَّبد، وأصْفى مِن الدَّمع، وأذكى مِن العَنبر يخرج من تَسْنيم (١) ، ويمرُّ بأنهار الجِنان يجري على رَضْراض (٢) الدُّرِّ والياقوت، فيه من القِدْحان أكثرُ من عدد نجوم السَّماء، يوجد ريحه مِن مَسيرةِ ألف عام، قِدْحانه مِن الذَّهب والفِضّة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشّارب منه كلُّ فائحة حتّى يقول الشّارب منه: يا ليتني تركت ههنا لا أبغي بهذا بَدلاً، ولا عنه تَحويلاً، أما إنّك يا [ابن] كِرْدين ممّن تروي منه، وما مِن عَين بَكتْ لنا إلاّ نَعِمَتْ بالنّظر إلى الكوثر وسُقِيتْ منه (٣) ، وأنَّ الشَّارب منه ممّن أحبَّنا ليعطى مِن اللَّذَّة والطَّعم والشَّهوة له أكثر ممّا يعطاه مَن هو دونه في حُبِّنا.

وإنْ على الكوثر أمير المؤمنينعليه‌السلام وفي يده عصاً مِن عَوسَج يحطم بها أعداءَنا، فيقول الرَّجل منهم: إنّي أشهد الشَّهادتين، فيقول: انطلقْ إلى إمامك فلانٍ فاسأله أنْ يشفع لك، فيقول: تبرَّأ منّي إمامي الَّذي تذكره، فيقول: ارجع إلى ورائِك فقلْ للَّذي كنتَ تتولاّه وتقدِّمه على الخلق فاسأله إذ كان خير الخلق عِندَك أن يشفعَ لك، فإنَّ خيرَ الخلق مَن يَشفَع(٤) ، فيقول: إنّي اُهلك عَطَشاً، فيقول له: زادكَ اللهُ ظَمأُ وزادَكَ اللهُ عَطَشاً.

قلت: جُعِلتُ فِداك وكيف يقدر على الدُّنوّ مِن الحوض ولم يقدر عليه

__________________

١ - هو عين في الجنّه وهو أشرف شراب في الجنّة. ( مجمع البيان ).

٢ - الرّضراض: الحصاء، أو الصِّغار منها.

٣ - إسناد السَّقْي إلى العين مجازيٌّ لسببيّتها لذلك. ( البحار ).

٤ - في بعض النّسخ: « حقيقٌ أن لا يردّ إذا شفع ».

١١٤

غيره؟ فقال: ورع عن أشياء قبيحةٍ، وكفّ عن شتمنا [أهل البيت] إذا ذكرنا، وترك أشياء اجترء عليها غيره، وليس ذلك لِحبّنا ولا لِهوى منه لنا، ولكن ذلك لشدَّة اجتهاده في عبادته وتَدَيُّنه ولما قد شغل نفسه به عن ذكر النّاس، فأمّا قلبه فمنافق ودينه النَّصب واتّباع أهل النَّصب وولاية الماضينَ وتقدُّمه لهما على كلِّ أحدٍ ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير الاُرجانيِّ(١) . وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن زُرارة، عن عبدالله بن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن بُكَير « قال: حَجَجْتُ مع أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل(٢) - فقلت: ياابن رسول الله لو نُبِش قبرُ الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام هل كان يُصابُ في قبره شيءٌ؟ فقال: ياابن بُكَير ما أعظم مسائِلُك، إنَّ الحسينعليه‌السلام مع أبيه واُمّه وأخيه في منزل رَسول اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه يُرزقون ويحبون(٣) وأنّه لعَلى يمين العَرش متعلّق ( كذا ) يقول: يارَبِّ أنْجزْ لي ما وَعَدتَني، وإنّه لينظر إلى زُوَّاره، وأنّه أعرف بهم وبأسمائهم وأسماءِ آبائهم وما في رِحالهم من أحَدِهم بولده، وأنّه لينظر إلى مَن يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له، ويقول: أيّها الباكي

__________________

١ - قال العلاّمة الأمينّيرحمه‌الله : أرّجان بفتح أوّله وتشديد ثانيه تارة، وبالتّخفيف اُخرى -: مدينة مِن بلاد فارِس، وفي بعض النّسخ: « ارحمانيّ »، وأظنّه تصحيف أرْخُمانيّ - بالفتح ثم السكون وضم الخاء المعجمة -: بلدة من مدن فارس. و « عبدالله بن بكير » أو « عبدالله بن بكر » - كما في بعض النسخ - ليس هو من ولد أعين، وله ابن اسمه الحسين ابن عبدالله الأرجانيّ.

٢ - سيأتي الخبر بتمامه في باب نوادر الزّيارات تحت رقم ٢.

٣ - فيه سقط، والسّاقط قوله: « كما يرزقون، فلو نُبِشَ في أيّامه لوُجِدَ، وأمّا اليوم فهو حيُّ عند ربّه يرزق وينظر إلى مُعَسكَره، وينظر إلى العرش متى يؤمر أن يحمله - إلخ ». كما يأتي في النّوادر.

١١٥

لَو عَلِمتَ ما أعدّ اللهُ لك لَفَرِحْتَ أكثر ممّا حَزِنْتَ، وإنّه ليستغفر له مِن كلِّ ذنبٍ وخطيئةٍ ».

٨ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمةَ، عن يعقوبَ بن يزيدَ، عن ابن أبي عُمير، عن بكر بن محمّد، عن فُضيل بن يَسار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرنا عندَه ففاضَتْ عَيناه ولو مثل جَناح بَعُوضةٍ(١) غُفِرَ له ذنوبُه ولو كانت مِثلَ زَبَد البَحر ».

حدَّثني محمّد بن عبدالله، عن أبيه، عن أحمدَ بنِ أبي عبدالله البَرقيِّ، عن أبيه، عن بَكرِ بنِ محمّد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

٩ - حدَّثني حكيم بن داود، عن سَلَمة بن الخطّاب، عن الحسن بن عليِّ، عن العَلاء بن رَزين القَلاّء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: أيّما مؤمنٍ دَمَعَتْ عيناه لِقَتلِ الحسينعليه‌السلام دَمْعَةً حتّى تَسيل على خَدِّه بَوَّأه الله بها غُرفاً في الجنّة يَسكنها أحقاباً ».

١٠ - وعنه، عن سَلَمَةَ، عن عليِّ بن سَيف، عن بَكر بن محمّد، عن فَضَيل بن فَضالة(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن ذُكِرْنا عِنده ففاضَتْ عَيناه حرَّم اللهُ وَجْهَه على النّار ».

الباب الثّالث والثّلاثون

( مَن قال في الحسين عليه السلام شعراً فبكى وأبْكى)

١ - حدَّثنا أبو العبّاس القُرشيُّ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا أبا هارون أنشدني في الحسينعليه‌السلام ؟ قال: فأنشدته فبكى،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « مثل جناح ذُباب ».

٢ - عدَّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الصّادق عليه السلام، وقال: « الفضيل بن فضالة التّغلبيّ، كوفيّ ». وفي بعض النّسخ: « عن فضيل؛ وفضالة، عن أبي عبدالله عليه السلام ».

١١٦

فقال: أنشدني كما تنشدون - يعني بالرّقّة - قال: فأنشدته:

امْرُرْ عَلى جَدَثِ (١) الحسينِ

فَقُلْ لأعْظُمِهِ الزَّكيَّة

 قال: فبكى، ثمَّ قال: زِدْني، قال: فأنشدته القصيدة الاُخْرى، قال: فبكى، وسمعتُ البكاء مِن خلفِ السَّتر، قال: فلمّا فرغتُ قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى عَشْراً كُتبتْ لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فبكى وأبكى خمسةً كُتبت لهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شعراً فبكى وأبكى واحداً كُتبتْ لهما الجنّة، ومَن ذكر الحسينعليه‌السلام عنده فخَرج مِن عينه مِن الدُّموع مِقدار جَناح ذُباب كان ثوابه على الله، ولم يَرضَ له بدون الجنّة ».

٢ - حدَّثني أبو العبّاس(٢) ، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن الحسن بن عليِّ بن أبي المغيرة، عن أبي عُمارة المُنْشِد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال لي: يا أبا عُمارة أنْشِدْني في الحسينعليه‌السلام ، قال: فأنشدته فبكى، ثمَّ أنشدته فبكى، ثمّ أنشدته فبكى، قال: فوالله ما زلتُ أُنشِدُه ويبكي حتّى سَمعتُ البكاء مِن الدَّار، فقال لي: يا أبا عُمارة مَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى خمسينَ فله الجنَّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فأبكى أربعين فلَه الجنّة، ومَن أنشد في الحسين شِعراً فأبكى ثلاثين فلَهُ الجنة، ومَن أنشَدَ في الحسينِ شِعراً فأبكى عشرين فلَه الجنّة، ومن أنشدَ في الحسين شِعراً فأبكى عشرة فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام شِعراً فأبكى واحِداً فله الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فبكى فلَه الجنّة، ومَن أنشَدَ في الحسين شِعراً فتباكى فلَه الجنّة ».

٣ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عُمَير، عن عبدالله بن حسّان، عن ابن أبي شعبة(٣) ، عن عبدالله بن غالب « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فأنشدته مَرْثِيةَ الحسينعليه‌السلام ، فلمّا انتهيتُ إلى هذا الموضع:

لَبلِيَّة تَسقو حُسَيناً

بمَسقاةِ الثَّرى غَير التُّرابِ

 فصاحت باكية من وراء السّتر: واأبتاه!!! ».

__________________

١ - الجدث: القبر.

٢ - يعني الرّزّاز.

٣ - هو عبيدالله بن علي بن أبي شعبة الحلبيّ.

١١٧

٤ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشَدَ في الحسينعليه‌السلام بيت شعرٍ فبكى وأبكى عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

٥ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن صالح بن عُقْبَة، عن أبي هارونَ المكفوف « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقال لي: أنشِدْني، فأنشدتُه، فقال: لا؛ كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره، قال: فأنشدته:

أُمْرُرُ عَلى جَدَثِ الحُسَينِ

فَقُل لأعْظُمِهِ الزَّكيَّةِ

قال: فلمّا بكى أمسكت أنا، فقال: مُرَّ، فمررت، قال: ثمَّ قال: زِدني زِدني، قال: فأنشدته:

يا مَريمُ قُومي فانْدُبي مَولاكِ

وَعَلى الحُسَين فأسْعِدي بِبُكاكِ

قال: فبكى وتهايج النّساء!! قال: فلمّا أن سَكتن قال لي: يا أبا هارون مَن أنشد في الحسينعليه‌السلام فأبكى عشرة فله الجنّة، ثمَّ جعل ينقّص واحِداً واحِداً حتّى بلغ الواحد، فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحِداً فله الجنّة، ثمّ قال: مَن ذَكرَه فبكى فله الجنّة ».

٦ - وروي عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: لكلِّ شيءٍ ثواب إلاّ الدَّمعة فينا »(١) .

٧ - حدّثني محمّد بن أحمد بن الحسين العسكريّ، عن الحسن بن عليِّ بن مهزيار، عن أبيه، عن محمّد بن سِنان، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عُقْبة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أنشد في الحسين بيتَ شعرٍ فبكى وأبكى

__________________

١ - أي ثواب معيّن إلاّ الدّمعة فينا، فلها ثواب لا يعلم حدّه، وذلك كناية عن كثرة الثَواب. وفي البحار: « لكلّ سرّ - إلخ » وله بيان راجع ج ٤٤ ص ٢٨٧.

١١٨

عشرةً فله ولهم الجنّة، ومَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى وأبكى تسعةً فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: مَن أنشد في الحسين بيتاً فبكى - وأظنّه قال: أو تباكى - فله الجنّة ».

الباب الرّابع والثّلاثون

( ثواب مَن شَرِب الماءَ وذَكر الحسين عليه السلام ولعنَ قاتلَه)

١ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ، عن محمّد بن الحسين، عن الخشّاب، عن عليِّ بن حَسّان، عن عبدالرَّحمن بن كثير، عن داودَ الرَّقّيّ « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام إذ استسقى الماءَ، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغْرَورَقتْ عَيناه بدُمُوعِه، ثمَّ قال لي: يا داودُ لعن الله قاتل الحسين، فما مِن عبدٍ شرب الماءَ فذكر الحسينعليه‌السلام ولعنَ قاتله إلاّ كتب الله له مائة ألف حَسَنةٍ، وحطّ عنه مائة ألف سيّئةٍ، ورفع له مائة ألف درجةٍ، وكأنّما أعتق مائة ألف نَسَمةٍ، وحَشَره الله تعالى يوم القيامة ثلجَ الفُؤاد(١) ».

حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن عليِّ بن محمّد، عن سَهل بن زياد، عن جعفر بن إبراهيم الحَضرَميّ، عن سعد بن سعد مثله(٢) .

الباب الخامس والثّلاثون

( بكاء « عليّ بن الحسين » على « الحسين بن علي » عليهم السلام)

١ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن جماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أبي داود المُسترق - عن بعض أصحابنا - عن

__________________

١ - أي مطمئنّة.

٢ - فيه كلام، راجع البحار ج ٤٤ ص ٣٠٣ و ٣٠٤. والخبر مذكور في الكافي ج ٦ ص ٣٩١ وسنده غير ما ذكر في الكتاب، وكذا في البحار.

١١٩

أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: بكى عليُّ بن الحسين على أبيه حسين بن عليٍّ صلوات الله عليهما عشرين سَنَة - أو أربعين سَنَة(١) -، وما وضع بين يديه طعاماً إلاّ بكى على الحسين حتّى قال له مولى له: جُعلتُ فِداك يا ابن رَسول الله إنّي أخاف عليك أن تكون مِن الهالِكين، قال: «إنَّما أشْكُو بَثِّي وَحُزْني إلى اللهِ وأعْلمُ مِنَ اللهِ ما لا يَعْلَمُون (٢) »، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خَنَقَتني العَبرة(٣) لذلك ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات، عن عليِّ بن أسباط، عن إسماعيلَ بن منصور - عن بعض أصحابنا - « قال: أشرف مولى لعليِّ بن الحسينعليهما‌السلام وهو في سقيفة له ساجدٌ يبكي، فقال له: يا مولاي يا عليَّ بن الحسين أما آنَ لِحُزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسَه إليه وقال: ويلك - أو ثَكَلَتكَ اُمُّك - [والله] لقد شكى يعقوبُ إلى رَبّه في أقلّ ممّا رأيت حتّى قال: « يا أسَفى عَلى يُوسُفَ(٤) »، إنّه فَقَدَ ابْناً واحِداً، وأنا رَأيت أبي وجماعة أهل بيتي يُذبَّحون حَولي، قال: وكان عليُّ بن الحسينعليهما‌السلام يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عَمّك هؤلاء دون آل جعفر؟ فقال: إنّي أذكر يومهم مع أبي عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام فأرقّ لهم »(٥) .

__________________

١ - الشّكّ من الرّاوي. وعاش السّجّاد بعد أبيهعليهما‌السلام ٣٤ سنة.

٢ - يوسف: ٨٦. وهو قول يعقوبعليه‌السلام حين قال ولده: «تَالله تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرَضاً أوْ تَكُونَ مِنَ الهلكينَ *قال إنّما أشكو - الآية ». وقال في المجمع: قيل: البث ما أبداه والحزن ما أخفاه.

٣ - خنقه خنقاً عصر حلقه حتى يموت.

٤ - يوسف: ٨٤.

٥ - الّذين قتلوا مع الحسينعليه‌السلام مِن أولاد عقيل ستّة بل سبعة، وهم: ١ - عبدالرّحمن بن عقيل واُمّه اُمّ ولد، ٢ - جعفر بن عقيل، واُمّه اُمّ الثّغر بنت عامر، ٣ - عبدالله بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد. ٤ - محمّد بن مسلم بن عقيل، واُمّه اُمّ ولد، ٥ - عبدالله بن مسلم، واُمّه رقية بنت أمير المؤمنينعليه‌السلام ،

٦ - محمّد بن أبي سعيد الأحول ابن عقيل، اُمّه اُمّ ولد، وهؤلاء مع مسلم بن عقيل صاروا سبعة، وأمّا من أولاد جعفر بن أبي طالب المقتول بكربلاء ثلاثة، وهم: عون بن عبدالله بن جعفر، واُمّه زينب عليها السلام، محمّد وعبيدالله ابنا عبدالله بن جعفر، واُمّهما خوصاء. ثمّ إنّ عقيل عاش معدماً، وعبدالله بن جعفر بخلافه، كما في الإصابة لابن حجر وغيرها.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208