كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٩

كتاب شرح نهج البلاغة11%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 334

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 334 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 54208 / تحميل: 6810
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

كفارة قتل الخطأ

هي ككفارة الظهار في ترتيبها ومقدارها.

كفارة الوطئ في الحيض

هي دينار شرعي في أوله، ونصف دينار في وسطه وربع دينار آخره، فراجع مقدار ذلك في مبحث الدينار الشرعي.

الكلن

هو الغالون وترى تقاديره في مبحث الليتر.

الكيل

المتعارف في لبنان وسوريا ونواحيهما الآن (سنة ١٣٦١) هو (ستة أمداد) من الامداد المتعارفة هناك لكيل الحبوب. وهو (علبتان) متعارفتان، لان العلبة (ثلاثة أمداد) متعارفة. والاثنا عشر كيلا غرارة متعارفة (اثنان وسبعون مدا) وهذا لا يختلف فيه اثنان، وقد نص عليه في حلية الطلاب وكشف الحجاب، وغيرهما الكيلجة. هي من الاوزان القديمة، كبيطرة، مئتان وستة وعشرون مثقالا صيرفيا إلا نصف مثقال صيرفي كما نص عليه السيد الشبري في رسالته في الاوزان، وهو لا يجتمع مع تقدير الويبة بثلاث كيلجات كما ستعرف في مبحث الويبة إن شاء الله تعالى، والله العالم

الكيلو غرام

المستعمل في سوريا ولبنان وفرنسا وبعض بلدان الغرب هو الف غرام كما نص عليه في حلية الطلاب (ص ٨٦) وغيرها، بل هو شائع ذائع يعرفه حتى العوام. وقد قسموا الكيلو إلى خمس أواق، وكل أوقية مئتا غرام، ثم سكبوا نصف أوقية (مئة

١٠١

غرام) وربع أوقية (خمسين غراما) وثمن أوقية (٢٥ غراما). والاقة الف ومئتان وثمانون غراما تماما كما عرفت في مبحث الاقة، خلافا لصاحب حلية الطلاب، حيث قال (ص ١٣): إنها الف ومئتان واثنان وثمانون غراما، وهو غلط كما عرفت في مبحث الاوقية الاسلامبولية. والكيلو هو ثلاث مئة واثنا عشر درهما صيرفيا ونصف درهم صيرفي، لان الدرهم الصيرفي ثلاثة غرامات وعشرون جزء‌ا من مئة جزء من الغرام " أي ثلاثة غرامات و خمس). فالدرهمان ٦ غرامات وخمسان، والاربعة دراهم ١٢ غراما وأربعة أخماس، والخمسة دراهم ١٦ غراما تماما، فالعشرة دراهم ٣٢ غراما، والعشرون درهما ٦٤ غراما، والثلاثون درهما ٩٦ غراما، والثلاث مئة درهم ٩٦٠ غراما، فيبقي من الالف اربعون غراما، وهي ١٢ درهما ونصف، لان العشرة دراهم ٣٢ غراما، والدرهمين ٦ غرامات و ٤٠ جزء‌ا من مئة جزء من الغرام، والنصف درهم غرام و ٦٠ جزء‌ا من مئة جزء من الغرام. والاثنا عشر درهما ونصف هي ثمن أوقية ونصف ثمنها، فالكيلو هو ثلاثة أرباع الاقة وثمن أوقية ونصف ثمن الاوقية. فهو اربع أواق ونصف وثمن ونصف ثمن الاوقية، اي خمس أواق إلا ربع وإلا نصف ثمن الاوقية. فالنصف كيلو مئة وستة وخمسون درهما وربع درهم صيرفي بالحساب كما عرفت، وبالاختبار حيث وضعنا هذا المقدار في الميزان، ووضعنا في مقابله النصف الكيلو الحديد المتداول بين الناس، فكان لا يزيد عنه ولا ينقص، فلا إشكال بعد العيان. والمئة كيلو ٣١٢٥٠ درهما صيرفيا، لان وزن الكيلو (وهو ٣١٢ درهما ونصف) إذا ضربناه في مئة يحصل هذا المقدار من الدراهم كما ترى:

١٠٢

واذا قسمناها على ٤٠٠ درهم و (هو وزن الاقة) يخرج ٧٨ اقة و ٥٠ درهما وهي نصف ربع الاقة كما ترى: فالمئة كيلو ٧٨ أقة وثمن اقة اسلامبولية، وبهذا يسقط ما في كشف الحجاب (ص ٤٠٢) من أن المئة كيلو ٧٨ أقة. فالخمسون كيلو ٣٩ اقة و ٢٥ درهما، أعني ونصف ثمن الاقة الاسلامبولية.

والخمسة والعشرون كيلو ١٩ أقة ونصف و ١٢ درهما ونصف (اي وثمن أوقية ونصف ثمن الاوقية) لان المئة درهم أوقية ونصف، فالخمسون ثلاثة ارباع الاوقية، والخمسة والعشرون، ربع أوقية وثمن أوقية، فالاثنا عشر درهما ونصف هي ثمن أوقية ونصف ثمن الاوقية على الضبط. والمئة اقة اسلامبولية هي مئة وثمانية وعشرون كيلو تماما، لان الاقة الاسلامبولية ١٢٨٠ غراما كما عرفت، فالمئة اقة ٠٠٠، ١٢٨ غرام. وهي ١٢٨ كيلو غراما.

تنبيه مهم جدا

هناك قاعدة يستعملها كثير من الخبراء لتحويل الاقق الاسلامبولية إلى كيلوات، وهي أن نضرب الاقق بمئة وثمانية وعشرين، ثم نقطع منزلتي الآحاد والعشرات، والباقي هو كيلوات.

فمثلا اذا اردنا أن نعرف المئة اقة نضربها في ١٢٨ فيكون الحاصل ١٢٨ بعد قطع الصفرين الواقعين في منزلتي الآحاد والعشرات، فتكون المئة اقة ١٢٨ كيلو.

واذا أردنا أن نعرف ١٥٣ اقة مثلا بالكيلوات نضرب ١٥٣ في ١٢٨ ونقطع منزلتي الآحاد والعشرات فيكون الحاصل ١٩٥ كيلو و ٨٤ جزء‌ا من مئة جزء من الكيلو.

الكيلومتر

المستعمل في لسان أهل لبنان وسوريا الآن (سنة ١٣٦٠) وفرنسا وغيرها من بلدان الشرق والغرب هو ألف متر كما هو شائع معروف حتى بين العوام.

١٠٣

الليبرة

هي من ان الانكليزية بحسب الظاهر، وهي ٥٩٣ و ٤٥٣ غراما كما في مفكرة مواهب فاخوري المبنية على الضبط غالبا.

وقد عرفت في مبحث الرطل الكويتي أن الرطل الكويتي والليبرة والباوند شئ واحد

الليتر

وحدة اساسية لكيل السوائل كالحليب والزيت والماء، وغيرها ويستعمل لكيل الحبوب ايضا ويسع الليتر كيلو غراما من الماء الصافي المقطر(١) وفي مفكرة مواهب فاخوري المبنية على الدقة غالبا: البنت مكيال يسع ٥٦٨ جزء‌ا من الف جزء من الليتر.

وفي صفحة ثانية من مفكرته لسنة ١٩٦٢ جعل البنت ٥٦٨٢٥ و من الليتر، اي ٥٦٨٢٥ جزء‌ا من مئة الف جزء من الليتر، فهو نصف ليتر، وقريب من السبعة اعشار عشر الليتر، والظاهر أن هذا التقدير ادق. وفيها: كل ٨ بنت، غالون، اي ٥٨٣، ٤ والصحيح أن الغالون ٥٤٦٠٠ و ٤ كما يظهر من ضرب ٥٦٨٢٥ في ٨ وقد نص على هذا في صفحة ثانية، وبه يظهر أن الغالون اربع ليترات ونصف و ٤٦ جزء‌ا من مئة جزء من العشر. وفيها: كل ٢٢٠ غالونا ألف ليتر، وهو خطأ فظيع، والصحيح أنها الف ومئتان وخمسون ليترا، وشئ يسير، كما يظهر من ضرب ٥٦٨٢٥ في ٢٢٠ حيث يحصل ٥٠٠، ٥٠١، ١٢ وفيها: كل ٢٥٢ غالونا، طن، اي ١١٤٩ ليترا. والصحيح أنها ١٤٣٢ ليترا إلا شيئا يسيرا جدا كما يظهر من ضرب ٥٦٨٢٥ في ٢٥٢ حيث يحصل ٩٠٠، ٣١٩، ١٤ فالفرق فاحش على تقديره نفسه للبنت.

____________________

(١) نصت على ذلك جميع كتب الحساب المؤلفة حديثا، لان قاعدة المحدثين جميعهم في أقطار الارض ان الليتر يسع كيلو غراما من الماء المقطر الصافي وهو بحجم دسيمتر مكعب. فلابد من العلاقة الدائمة الآتية: الليتر يساوي كيلو غرام ماء مقطر، والكيلو غرام من الماء المقطر يساوي دسيمترا مكعبا، والدسيمتر لمكعب يساوي ليترا من الماء.

١٠٤

الليرة الافرنسية

هي قطعة ذهبية من النقد المتداول في الاقطار العربية وغيرها. وزنها درهمان صيرفيان كما في الدرة البهية (ص ١٩) قال: وفيها من الذهب الخالص درهم واحد صيرفي واثنا عشر قيرطا صيرفية وحبتان، يعني قمحتان، وفيها من الغش ثلاثة قراريط وحبتان، يعني قمحتان، وذكر (ص ٢١) أنه وجد هذا كله في كتاب البسيط الوافر في الحساب للشيخ عبد الباسط الانسي البيروتي المعاصر، وفي كتاب سمير الليالي لمحمد أمين الطرابلسي المعاصر، قال: وأكثره اعتبرناه بنفسنا فوجدناه مطابقا لما ذكراه سوى ما فيها من الذهب الخالص والغش.

ثم نقل عن كتاب الانشاء العصري للشيخ محمد عمر نجا البيروتي المعاصر وهومن العامة، وكتابه مبني على تمام الدقة كما قال، ان الليرة الافرنسية وزنها بالمتعارف درهمان وحبة واحدة وثمانون جزء‌ا من مئة جزء من حبة (بزيادة ما فوق الدرهمين عما تقدم) وفيها ذهب خالص درهم واحد وثلاثة عشر قيراطا وثمانون جزء‌ا من مئة جزء من حبة (بزيادة حبتين وثمانين جزء‌ا من مئة جزء من حبة عما تقدم) إنتهى. وقال (ص ٢٤): ولما كانت الليرة الافرنسية درهمين متعارفين، وفيها من الذهب الخالص درهم واثنا عشر قيراطا وحبتان كما عرفت، فهي مثقالان شرعيان إلا ست عشرة حبة متعارفة، وفيها من الذهب الخالص مثقال شرعي ونصف مثقال شرعي وست حبات متعارفة. إنتهي، ولم نتحقق شيئا من ذلك بنفسنا.

والذي ظهر لنا أخيرا، أن صاحب كتاب الانشاء العصري، نقل وزن الليرة، وما فيها من الذهب الخالص والغش، عن المعلم بطرس البستاني في جدول وضعه في آخر كتابه كشف الحجاب في علم الحساب، والناقل والمنقول عنه لم يحللا الليرة ليعرفا ما فيها من الغش، لانهما ليسا من الصاغة، وإنما نقلا ذلك عن مجهول لا نثق بقوله، ولا سيما بعد معارضته بقول صاحبي البسيط الوافر وسمير الليالي، واللذين خالفا هما في الوزن كما عرفت، والله العالم.

١٠٥

الليرة الانكليزية

هي قطعة ذهبية من النقد المتداول في جميع الاقطار العربية وغيرها. ووزنها درهمان صيرفيان وثمانية قراريط صيرفية اي نصف درهم صيرفي كما في الدرة البهية (ص ٢٠) قال: وفيها من الذهب الخالص درهمان صيرفيان وخمسة قراريط صيرفية وحبة وثلث حبة، وفيها من الغش قيراطان صيرفيان وحبتان وثلثا حبة. إنتهي. وذكر (ص ٢١) أنه وجد ذلك كله في كتاب البسيط الوافر في الحساب للشيخ عبد الباسط الانسي البيروتي المعاصر، وفي كتاب سمير الليالي لمحمد أمين الطرابلسي المعاصر، قال: وأكثره اعتبرناه بنفسنا فوجدناه مطابقا لما ذكراه سوى ما فيها من الذهب الخالص والغش.

ثم نقل عن كتاب الانشاء العصري المبني على تمام الدقة، كما قال، للشيخ محمد عمر نجا البيروتي المعاصر، أن الليرة الانكليزية وزنها بالمتعارف درهمان وثمانية قراريط (على وفق ما تقدم) وفيها ذهب خالص درهمان واربعة قراريط وحبتان وثلاثون جزء‌ا من مئة جزء من حبة (بنقيصة ثلاث حبات وثلاثة أجزاء وثلث جزء من مئة جزء من حبة عما تقدم). إنتهى. وقال (ص ٢٥): ولما كانت الليرة الانكليزية درهمين ونصفا بالمتعارف الآن، وفيها من الذهب الخالص درهمان وخمسة قراريط وحبة وثلث حبة كما عرفت، فهي مثقالان شرعيان وست عشرة حبة متعارفة، وفيها من الذهب الخالص مثقالان شرعيان وخمس حبات وثلث حبة متعارفة. انتهى. ولم نتحقق بنفسنا شيئا مما ذكروه، وقد عرفت اعتماد الاخير على المعلم بطرس البستاني، وهذا لم يحلل بنفسه الليرة، بل اعتمد على مجهول لا نثق بقوله، فنحن في شك من هذه التحديدات، إلا ماذكره السيد من الوزن. والله العالم.

الليرة العثمانية

الذهبية المتداولة اليوم في جميع الاقطار العربية وغيرها والتي صنعها

١٠٦

بنو عثمان السلاطين الاتراك هي مئة قرش ذهبا، وهم يعتبرونها هكذا، وليس لديهم قرش ذهب مسكوك. ووزنها مثقال صيرفي ونصف مع زيادة قليلة كما في زكاة سفينة النجاة (ص ٢٧٨) للعلامة الشيخ أحمد كاشف الغطاء، قال: فكل ليرة ديناران (يعني شرعيان)، وزيادة، فمن كانت عنده عشر ليرات عثمانيات وحال عليها الحول وجبت عليه الزكاة لوجود النصاب عنده. إنتهي كلامه، وفيه ما ستعرف، على أن الليرة المذكورة مغشوشة، فليست من الذهب الخالص بلا ريب.

ونص العلامة الامين في الدرة البهية (ص ١٣) على أن نصف الليرة العثمانية تعادل مثقالا شرعيا، والمثقال دينار، فالليرة تعادل مثقالين. ووزن الليرة العثمانية درهمان صيرفيان وأربعة قراريط صيرفية، اي ربع درهم كما في الدرة البهية (ص ١٩) قال: وفيها من الذهب الخالص درهمان وقيراط واحد، ومن الغش ثلاثة قراريط. إنتهي. وذكر (ص ٢١) أنه وجد ذلك كله في كتاب البسيط الوافر في الحساب للشيخ عبد الباسط الانسي البيروتي المعاصر، وفي كتاب سمير الليالي لمحمد أمين الطرابلسي المعاصر، ثم قال: وأكثره اعتبرناه بنفسنا فوجدناه مطابقا لما ذكراه سوى ما فيها من الذهب الخالص والغش.

ثم نقل عن كتاب الانشاء العصري المبني على تمام الدقة كما قال، للشيخ محمد عمر نجا البيروتي المعاصر، أن الليرة العثمانية وزنها بالمتعارف درهمان وثلاثة قراريط وثلاث حبات وستون جزء‌ا من مئة جزء من حبة (بنقيصة اربعين جزء‌ا من مئة جزء من حبة عما تقدم). وقال (ص ٢٤): لما كانت الليرة العثمانية وزنها بالمتعارف الآن درهمان وربع، وفيها من الذهب الخالص درهمان وقيراط واحد كما عرفت، فهي مثقالان شرعيان كما مر. وفيها من الذهب الخالص مثقالان شرعيان إلا ثلاثة قراريط متعارفة، وفي نصفها مثقال شرعي إلا ست حبات اي إلا قيراطا ونصفا. إنتهي كلامه ولم نتحقق بنفسنا كل ما ذكروه. وقد عرفت اعتماد صاحب كتاب الانشاء العصري

١٠٧

على المعلم بطرس البستاني، الذي اعتمد على مجهول لدينا. ونضيف في الليرة العثمانية بالخصوص، أن منها الرشادية، ومنها غيرها (وتسمى التجارية). والرشادية سكبوها سنة " ١٣٢٧ ه‍ "، وهي اثقل من التجارية وأغلى قيمة، والظاهر أن غشها اقل، فالتجارية حيث تكون قيمتها ٢٣ ليرة لبنانية ونصفا، تكون قيمة الرشادية ثلارثين ليرة لبنانية وثلاثة ارباع. ولكن الظاهر أن التي وزنوها وقدروا غشها هي التجارية، لان الرشادية لم تكن موجودة عند طبع كشف الحجاب (سنة ١٨٧٢) للمعلم بطرس البستاني. فكل ما ذكروه محل شك إلا الوزن الذي ذكره السيد، والظاهر أنه للتجارية، لا للرشادية والله العالم.

الليرة المصرية

الذهبية المتداولة في بلاد مصر. ووزنها درهمان صيرفيان وخمسة عشر قيراطا صيرفيا كما في الدرة البهية (ص ٢٠) قال: وفيها من الذهب الخالص درهمان صيرفيان وسبعة قراريط صيرفية وحبة واحدة. انتهى، وذكر (ص ٢١) أنه وجد ذلك كله في كتاب البسيط الوافر في الحساب للشيخ عبد الباسط الانسي البيروتي المعاصر، وفي كتاب سمير الليالي لمحمد أمين الطرابلسي المعاصر.

ثم قال: وأكثره اعتبرناه بنفسنا فوجدناه مطابقا لما ذكراه سوى ما فيها من الذهب الخالص والغش. ثم نقل من كتاب الانشاء العصري المبني على تمام الدقة كما قال، للشيخ محمد عمر نجا البيروتي المعاصر: أن الليرة المصرية وزنها بالمتعارف درهمان واربعة عشر وحبتان وتسعون جزء‌ا من مئة جزء من حبة (بزيادة قيراط وحبة وتسعين جزء‌ا من مئة جزء من حبة عما تقدم). انتهى كلامه ولم نتحقق بنفسنا كل ما ذكروه وقد عرفت أن الاخير نقل عن المعلم بطرس البستاني، وهذا نقل عن مجهول، والله العالم.

١٠٨

المتر

المستعمل في لسان جميع أهل هذا العصر هو اشهر من أن يعرف، وهو وحدة قياسية فرنسية تستعمل لقياس الابعاد. وفي رفيق الطلاب (ج ٤ ص ١٨٣) حدد المتر هكذا: المتر هو طول قضيب من البلاتين المحفوظ في متحف (بروتاوي) في متحف المكاييل والموازين في " سيفر " بالقرب من باريس.

إه‍، ويقرب منه ما في الحساب الجديدة " ج ٥ ص ٢٤٠ " نعم قال: في متحف بروتاي في مدينة " سيفر " قرب باريس. وما في الحساب الحديث المصور " ج ٥ ص ٢٠٠ " يقرب منه ايضا.

وقد قررت استعمال المتر لجنة فنية بعد الثورة الفرنسية كما في رفيق الطلاب " ج ٤ ص ١٨٢ " حيث قال: ولم يصبح إجباريا إلا منذ عام ١٨٤٠ وقد اختارته أكثر بلدان العالم، لسهولة حسابه، وصحة استعماله، إه‍. وهو عشرة دسيمترات ومئة سنتيمتر، وألف مليمتر. وهذا شائع ذائع يعرفه حتى العوام. فالدسيمتر عشرة سنتيمترات أو مئة مليمتر، والسنتيمتر عشرة ملميترات. وهذا كله لا ريب فيه ابدا.

والمتر هو جزء من عشرة ملايين من ربع خط الهاجرة كما في رفيق الطلاب ايضا، " ص ١٨٣ " قال: وخط الهاجرة هو خط وهمي، منحن، يحيط بالارض، مارا بالقطبين، طوله ٤٠ مليون متر تقريبا. إه‍، وهذا مذكور في أكثر كتب الحساب الحديثة. وقد نبه " ص ١٨٨ " إلى أن طول خط الهاجرة ٤٠ الف كيلو متر، وهو نفس التقدير المتقدم. ثم قال: يقسم خط الهاجرة إلى ٣٦٠ درجة، لانه مستدير الشكل فيكون طول الدرجة ١١١، ١١١ مترا، إه‍. والصحيح أن طولها يبلغ هذا، ويبقي ٤٠ على ٣٦٠ " اي يبقى تسع ". والمتر قد يستعمل في مساحة سطح الشئ، فيقال متر مربع لما طوله متر وعرضه متر، وقد يستعمل في مساحة الاجرام فيقال له متر مكعب، يعني أن طوله متر، وعرضه متر، وعمقه متر.

١٠٩

المتر المكعب

المستعمل في لسان أغلب أهل هذا العصر هو المتر المستعمل في مساحة الاجرام، وقد عرفت أنه يقال متر مكعب لما كان طوله مترا وعرضه مترا، وعمقه مترا،، وإلى هذا اشار في حلية الطلاب حيث قال (ص ٩١): إن المتر المكعب كعب قائم الزوايا كل ضلع من اضلاعه متر طولا وعرضا وسمكا، ويستعمل في مساحة الاجرام. وهذا التحديد موجود في اكثر الكتب الحديثة في الحساب مع اختلاف في اللفظ، وهو لا إشكال فيه.

فائدة استطرادية

إذا كان لدينا حوض ماء، وأردنا أن نعرف مساحته طولا وعرضا وعمقا " اي حجمه " فاما أن يكون مربعا، وإما أن يكون مستديرا في الغالب. فان كان مربعا ضربنا طوله في عرضه وضربنا الحاصل في عمقه، والحاصل هو حجم الحوض " أو سعته ". وأما إن كان مستديرا فالخط الذي يقسمه نصفين يسمى قطرا، والخط الذي يمتد من دائرته إلى قطبه، وهو وسطه الحقيقي يسمى شعاعا، والخط الذي يمتد من قطبه إلى دائرته يسمى شعاعها ايضا، والقطب قد يسمى مركزا ايضا.

فاذا اردنا أن نعرف مساحة هذا الحوض المستدير " اي حجمه وسعته " ضربنا الشعاع في مثله، ثم نضرب الحاصل في ثلاثة و ١٤١٦ جزء‌ا من عشرة آلاف جزء من الواحد، " ١٤١٦، ٣ " والحاصل يكون مساحة ارضه فقط ثم نضرب هذا الحاصل في العمق " ويسمى الارتفاع " والحاصل هو مساحة أوحجم اوسعة الحوض. وهذا شئ مطرد في كل حوض مستدير مضبوط الاستدارة وهذه الثلاثة و ١٤١٦ جزء‌ا من عشرة آلاف جزء من الواحد هي نسبة الدائرة إلى القطر عند المحدثين، وتسمى في اللغات الاجنبية " بي " فنسبة القطر إلى الدائرة نسبة الواحد إلى الثلاثة و ١٤١٦ جزء‌ا من عشرة آلاف جزء من الواحد عند المحدثين. أعني نسبة الواحد إلى ٣ وعشر واربعة أخماس العشر و ١٦ جزء‌ا من مئة جزء من العشر.

١١٠

أما عند العلامة ارشيمد " ارخميدس " فنسبة القطر إلى الدائرة نسبة الواحد إلى ٣ وسبع. فنسبة الدائرة إلى القطر نسبة الثلاثة وسبع إلى الواحد " اي ٢٢ / ٧ ". والقدماء كانوا على هذا، وراي المحدثين اصح وأدق.

فاذا اردنا أن نعرف مساحة ارض الشئ المستدير نضرب الشعاع في نفسه ثم نضرب الحاصل في ١٤١٦، ٣ فنحصل على مساحة الارض، وإذا أردنا أن نعرف طول دائرة الشئ المستدير نضرب الشعاع في عدد اثنين، ثم نضرب الحاصل في ١٤١٦، ٣ فنحصل على محيط الشئ المستدير او نضرب القطر في ١٤١٦، ٣ لان القطر يساوي شعاعين. فيجب الانتباه (في الحوض المستدير) إلى أننا تارة نريد معرفة مساحة ارضه فنضرب الشعاع في نفسه والحاصل في ١٤١٦ و ٣ وطورا نريد معرفة طول محيطه فنضرب الشعاع في ٢ والحاصل في ١٤١٦ و ٣ فتنبه لئلا يختلط عليك الامران.

واذا أردت أن تعرف مساحة الحوض كله " اي حجمه " فاضرب الشعاع في مثله والحاصل في ١٤١٦، ٣ والحاصل، وهو مساحة الارض، تضربه في عمقه " اي ارتفاعه " فتحصل سعة الحوض بأجمعه بالامتار المكعبة. وأما معرفة بقية الاشكال الهندسية فلتطلب من الكتب المعدة لهذا الفن فهي غنية سهلة التناول.

المثقال الشرعي

هو الدينار الشرعي كما عرفت في مبحث الدينار بلا إشكال ولا خلاف، وقد عرفت هناك اتفاقهم على أن المثقال لم يختلف في جاهلية ولا إسلام. ومرادهم به خصوص المسكوك كما هو واضح، اي لم تضرب سكتان، بخلاف الدراهم التي عرفت تعددها. وهو ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي بلا شك فيه كما في رسالة المجلسي " ص ١٣٣ " قال: واتفقت عليها الخاصة والعامة.

فالمثقال الصيرفي إذن هو مثقال وثلث شرعي بلا خلاف كما في مصباح الفقيه " م ١ ص ٢٧ " واتفاقا من الخاصة والعامة في رسالة المجلسي ونص عليه في الدرة البهية " ص ١٢ " ناقلا اتفاق كلمتهم عليه، والامر كذلك

١١١

وهو درهم وثلاثة اسباع الدرهم الشرعي. فالدرهم الشرعي نصف مثقال شرعي وخمسه، كما في زكاة المدارك وزكاة مفتاح الكرامة " ص ٨٨ " ورسالة المجلسي " ص ١٣٣ " ناقلا اتفاق الخاصة والعامة عليه، وقد عرفت في مبحث الدرهم أنه مجمع عليه، فكل سبعة مثاقيل شرعية عشرة دراهم شرعية إجماعا كما عرفت هناك. وهو وزن ثمان وستين حبة شعير واربعة اسباع الحبة كما في رسالة العلامة المجلسي " ص ١٣٤ " وكما في زكاة الجواهر، ونسبه إلى الوضوح، وكما في رسالة السيد الشبري، وهو كذلك، لان الدرهم الشرعي هو ثمان واربعون شعيرة بلا خلاف، وهو نصف المثقال الشرعي وخمسه بلا خلاف. فنصف ٦٨ حبة ٣٤ حبة، وخمسها ١٣ حبة و ٣ أخماس لان خمس الخمسين عشرة، وخمس الخمسة عشر ثلاثة، وخمس الثلاثة ثلاثة أخماس، لانا لذا قسمناها أخماسا تكون ١٥ فاذا قسمناها على ٥ يكون الخارج ٣ أخماس فيكون المجموع ٤٧ حبة و ٣ أخماس. ونصف الاربعه اسباع سبعان وخمسها ٨ أعشار السبع.

لانا اذا حولنا ٤ أسباع إلى أعشار الاسباع تكون ٤٠ سبع عشر، فاذا قسمناها على ٥ يخرج ٨ أعشار السبع فتكون مع السبعين المتقدمين اللذين هما نصف الاربعة اسباع، خمسين تماما لان كل سبع واربعة أعشار السبع هي خمس، لان بين السبعة والخمسة اثنين، فاذا حولناهما إلى أعشار يكونان ٢٠ عشرا، فنقسمها على ٥ فيخرج ٤ فيكون السبع وأربعة أعشار السبع خمسا. فاذا ضممنا هذه الخمسين إلى الثلاثة أخماس المتقدمة صار المجموع شعيرة، فيتم وزن الدرهم وهو ٤٨ شعيرة، ويكون المثقال ٦٨ شعيرة وأربعة اسباع بلا خلاف ولا إشكال.

وإن شئت فقل: إن نصف ٦٨ واربعة اسباع ٣٤ وسبعان، فلنحول ٦٨ حبة إلى اسباع بان نضربها في ٧ فيحصل ٤٧٦ سبعا، ولنضم إلى هذا الحاصل ٤ اسباع فتكون ٤٨٠ سبعا، فلنقسمها على ٣٥ (وهي حاصل ضرب ٥ في ٧) لان المقسوم والمقسوم عليه يجب تحويلهما إلى اسباع، فيخرج بعد القسمة ١٣ حبة ويبقى ٢٥ فاذا قسمناها على ٣٥ تكون خمسة اسباع، فاذا ضممنا ١٣ حبة وخمسة اسباع (وهي خمس ٦٨ واربعة اسباع) إلى ٣٤ وسبعين (وهي نصف ٦٨ واربعة اسباع) يكون المجموع ٤٨ حبة تماما.

١١٢

وهو وزن الدرهم. فيكون تقدير المثقال بثمان وستين شعيرة واربعة اسباع، كأنه مجمع عليه، ولذا نسبه في الجواهر إلى الوضوح. وهو ثماني عشرة حبة، كما أن المثقال الصيرفي أربع وعشرون حبة، لان الشرعي ثلاثة ارباع الصيرفي بلا خلاف. وقد نص على هذا في زكاة وسيلة النجاة للمحقق النائيني " ص ٢٢٩ " ووسيلته الجامعة " ص ٢٠٤ " وأمضاه سيدنا الاستاذ المحقق الحكيم مد ظله.

والمراد بالحبة المذكورة الحمصة، وهي الحبة المتعارفة في لسان العراقيين، وهي القيراط الصيرفي، وهي اربع حبات قمح، فالمثقال الشرعي إذا هو ٧٢ قمحة كما نص عليه جماعة ومنهم السيد الامين في الدرة البهية " ص ١٨ " ونقله " ص ١١ " عن كتاب الكفاية للشيخ عبد الباسط مفتي بيروت على مذهب الشافعية، وهذا لا إشكال فيه ولا ريب. وهو يزيد عن الدرهم المتعارف ثماني قمحات كما في الدرة البهية " ص ٢٦ " وهو كذلك، لان الدرهم الصيرفي ٦٤ قمحة بلا ريب، وقد عرفت أن المثقال الشرعي ٧٢ قمحة، فهو يزيد عنه ثماني حبات، فالمثقال الشرعي درهم صيرفي وثمن. وهو عشرون قيراطا شرعيا كما في زكاة الجواهر والعروة وحاشيتها للمحقق النائيني وسفينة النجاة ووسيلة النجاة الصغيرة للسيد الاصفهاني، وهو كذلك، كما عرفت في مبحث الدينار. والاربعة مثاقيل شرعية هي ثلاثة مثاقيل صيرفية، لان الشرعي ثلاثة ارباع الصيرفي بالاتفاق. والثمانية مثاقيل شرعية تسعة دراهم متعارفة كما في الدرة البهية " ص ٣٥ " وهو كذلك، لانا إذا ضربنا ٨ في ٧٢ قمحة، وهو وزن المثقال الشرعي، يحصل ٥٧٦ قمحة، وإذا ضربنا ٩ في ٦٤ وهو وزن الدرهم المتعارف يحصل ٥٧٦ قمحة. والسبعة مثاقيل إلا ثلث شرعية تعادل سبعة دراهم ونصف صيرفية كما في الدرة البهية " ص ٢٦ " وهو كذلك كما عرفت تحقيقه في مبحث الدرهم الصيرفي.

١١٣

والعشرة مثاقيل شرعية أربعة عشر درهما شرعيا وسبعان، كما في رسالة السيد الشبري، وهو مقتضى كلام المدارك الذي عرفت أنه لا خلاف فيه، وقد عرفت تحقيقه في مبحث الدرهم الشرعي.

فالثمانية والعشرون درهما شرعيا واربعة أسباع هي عشرون مثقالا شرعيا.

والعشرون مثقالا شرعيا (وهي نصاب الذهب) هي واحد وعشرون درهما متعارفا وثلاثة أسباع الدرهم، كما نص عليه بعض العلماء على ظهر نسخة مخطوطة من المسالك، وهو غلط، لانك عرفت أن المثقال الشرعي ٧٢ قمحة، فاذا ضربناها في ٢٠ مثقالا يحصل ١٤٤٠ قمحة، فاذا قسمناها على ٦٤ قمحة (وهي مقدار الدرهم المتعارف) يخرج ٢٢ درهما متعارفا ونصف، كما ترى: والمئة واربعون مثقالا شرعيا مئتا درهم شرعي، كما في زكاة المدارك، وقد عرفت تحقيقه في مبحث الدرهم الشرعي، وأنه لا إشكال فيه.

والمثقال الشرعي وزنه يعادل وزن القرش الصاغ أي الصحيح العثماني " ثلاث مرات، وهو المسمى برغوثا صغيرا في سوريا، وقطعة صغيرة في الحجاز، وأم أربعة في العراق، كما نص على هذا في الدرة البهية (ص ١٥)، وفي الدر الثمين (ص ٣٩٠) حيث قال: والمثقال الشرعي نصف ليرة عثمانية أو ثلاثة قروش صحيحة عثمانية إه‍. ولم نتحققه. وقد الغيت هذه العملة الآن. وهو يعادل في الوزن نصف ليرة عثمانية بلا زيادة ولا نقصان كما في الدرة البهية (ص ١٦) والدر الثمين " ص ٣٩٠ " ولم نتحققه. وبقية المقادير يراجع بها الدينار الشرعي، لانه هو المثقال الشرعي بلا خلاف، والله العالم.

١١٤

المثقال الصيرفي

المستعمل الآن في العراق كثيرا وفي سائر البلاد العربية قليلا هو اختراع الدولة الفارسية كما في رسالة السيد الشبري في الاوزان حيث قال: ولم يزل الامر على ذلك " يعني المثقال الشرعي " حتى نبعت الدولة الشاهية والعثمانية، فوضعت الفارسية مثقالا جديدا زنته مثقال وثلث من المثاقيل المتقدمة، يعني الشرعية، إلى أن قال ": وكذا وضعت العثمانية درهما جديدا زنته درهم وثلث من الدرهم السابق، يعني الشرعي " إلى أن قال ": فيكون المثقال الشرعي ثلاثة ارباع الفارسي.

واشتهر هذا المثقال وهذا الدرهم بالصيرفيين، وعلى هذه الدراهم بقي المدار في الاعصار المتأخرة إلى زماننا هذا. فنسبة الدرهم الحادث إلى المثقال الحادث نسبة السبعة إلى العشرة. إنتهي.

أقول: أما المثقال الصيرفي فهو مثقال وثلث شرعي بلا خلاف، وأما الدرهم الشرعي فهو ثلاثة أرباع الدرهم الصيرفي وحبتان وخمسا حبة متعارفة، فالصيرفي ٦٤ قمحة، والشرعي ٥٠ قمحة وخمسان، كما عرفت في مبحث الدرهم الشرعي.

فالصيرفي ليس درهما وثلثا شرعيا كما قال السيد الشبري، وأما المثقال الصيرفي فهو درهم صيرفي ونصف، فنسبته إليه نسبة الواحد إلى الثلثين لا العشرة إلى السبعة كما قال السيد الشبري. وقد برهنا على ذلك في مبحث الاقة الاسلامبولية وغيرها. والمثقال الصيرفي اربعة وعشرون حمصة كما في رسالة السيد الشبري، وكما في وسيلة النجاة للمحقق النائيني (ص ٢٢٩) حيث جعل الدينار الشرعي ثماني عشرة حبة متعارفة، والمثقال الصيرفي اربعا وعشرين حبة، وجعله كذلك في وسيلته الجامعة لابواب الفقه (ص ٢٠٤)، وأمضاه سيدنا الاستاذ المحقق الحكيم مد ظله، ومعلوم أن الشرعي ثلاثة ارباع الصيرفي اتفاقا. والمراد بالحبة الحمصة، وهي اربع حبات قمح كما عرفت غير مرة. وهو أربعة وعشرون قيراطا صيرفيا كما في الدرة البهية (ص ٨) قال: وهو ست وتسعون حبة أو قمحة، لان القيراط أربع حبات أو قمحات. إه‍. وفي الدر الثمين

١١٥

" ص ٤٩٠ ": كل اربعة وعشرين قيراطا مثقال متعارف، وكل اربع حبات قيراط. إه‍. وهذا يدلنا على أن المراد بالقيراط الصيرفي الحبة المتعارفة في العراق، والحمصة، اذ عرفت تقدير السيد الشبري والمحقق النائيني للدرهم الصيرفي باربع وعشرين حبة وبأربع وعشرين حمصة، وقد نبه إلى ذلك في حلية الطلاب " ص ٥٣ وص ١١٣ " فقال: ٢٤ قيراطا أو درهم ونصف هي مثقال بعد أن ذكر أن الدرهم ١٦ قيراطا، والقيراط ٤ قمحات، وبالجملة فهذا لا إشكال فيه ولا ريب. وهو درهم ونصف صيرفي، لان هذا ٦٤ قمحة وذاك ٩٦ قمحة، وقد عرفت تحقيق هذا في مبحث الاقة وغيرها. وهو إحدى وتسعون شعيرة وثلاثة أسباع الشعيرة، لان المثقال الشرعي ثمان وستون شعيرة وأربعة اسباع الشعيرة بلا إشكال، والمثقال الصيرفي مثقال وثلث شرعي بلا خلاف، فالمثقال الصيرفي ٩١ شعيرة وثلاثة اسباع الشعيرة، لانا اذا أخذنا ثلث ٦٨ شعيرة وأربعة اسباعها وضممناها إليها تساوي هذا المقدار، وذلك يكون بقسمة ٦٨ واربعة اسباع على ٣ كما ترى: قد قسمنا ٦٨ على ٣ فخرج ٢٢ شعيرة، وبقي شعيرتان فقسمناهما اسباعا، ضممناها إلى الاربعة اسباع فصارت ١٨ سبعا فقسمناها على ٣ فخرج ٦ اسباع، فصار الثلث ٢٢ شعيرة وستة اسباع، فاذا جمعناها مع ٦٨ شعيرة واربعة اسباع تصير ٩١ شعيرة وثلاثة اسباع كما هو واضح. وهو وزن المثقال الصيرفي. وهو اربعة غرامات وثمانون جزء‌ا من مئة جزء من الغرام كما في حلية الطلاب " ص ١١٣ ". وهو كذلك، لان الدرهم ثلاثة غرامات وعشرون جزء‌ا من مئة جزء

١١٦

من الغرام، فاذا اضفنا إلى هذا المبلغ نصفه، لان المثقال درهم ونصف، يصير أربعة غرامات وثمانين جزء‌ا من مئة جزء من الغرام، وهذا واضح جلي، والله العالم.

المجيدي

هو قطعة فضية من النقود العثمانية المنقرضة في هذا الزمن، منسوب إلى السلطان عبدالمجيد. وزنه سبعة دراهم صيرفية وثمانية قراريط صيرفية، اي نصف درهم كما في الدرة البهية (ص ٢٠) قال: وفيه من الفضة الخالصة ستة دراهم صيرفية وستة قراريط صيرفية، وحبة واحدة " (يعني قمحة) وفيه من الغش درهم واحد صيرفي، وقيراط واحد صيرفي، وثلاث حبات، وذكر (ص ٢١) أنه وجد ذلك كله في كتاب البسيط الوافر في الحساب للشيخ عبد الباسط الانسي البيروتي المعاصر، وفي كتاب سمير الليالي لمحمد أمين الطرابلسي المعاصر قال: وأكثره اعتبرناه بنفسنا فوجدناه مطابقة لما ذكراه سوى ما فيه من الفضة الخالصة والغش.

ثم نقل من كتاب الانشاء العصري للشيخ محمد عمر نجا المعاصر، أن الريال المجيدي وزنه بالمتعارف سبعة دراهم وأحد عشر قيراطا " بزيادة ثلاثة قراريط عما تقدم " وفيه فضة خالصة ستة دراهم وستة قراريط وحبة واحدة " على وفق ما تقدم " إنتهي.

وهذا التقدير أخذه هذا المؤلف عن المعلم بطرس البستاني في آخر كتابه كشف الحجاب، ونحن في شك من هذا التقدير.

وقد قال السيد " ص ٢٥ ": ولما كان الريال المجيدي وزنه بالمتعارف الآن سبعة دراهم ونصف، وفيه من الفضة الخالصة ستة دراهم وستة قراريط وحبة واحدة كما عرفت، فهو يعادل ستة مثاقيل شرعية وثلثي المثقال، وفيه من الفضة الخالصة خمسة مثاقيل شرعية وثلثا مثقال شرعي وحبة واحدة متعارفة.

قال: ويعادل ايضا تسعة دراهم شرعية ونصف درهم شرعي وحبة واحدة متعارفة وخمس حبة متعارفة، وفيه من الفضة الخالصة أيضا ثمانية دراهم شرعية وست

١١٧

حبات متعارفة. إنتهي. وقال: كل عشرين قرشا صحيحا وزن ريال مجيدي واحد، ونحن لم نتحقق بنفسنا كل ما ذكر، والامر سهل لبطلان المجيدي المذكور، والله العالم.

المد الشرعي

الذي هو كفارة تأخير الصيام، ومقدار الوضوء على الاستحباب هوربع الصاع الشرعي، فكل اربعة أمداد صاع شرعي إجماعا ونصوصا كما عرفت في مبحث الصاع الشرعي. وهو رطل وثمن بالرطل المكي الذي قد عرفت أنه ضعف العراقي كما نص عليه كاشف الغطاء في رسالته في الاوزان. وهو رطلان وربع بالعراقي إجماعا كما عن الخلاف والغنية.لكن نقل عن أحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي أنه رطل وربع، وعن البيان وغيره أنه شاذ، وعن التحرير أنه تعويل على رواية ضعيفة.

ويدل على الاول مرسلة تحف العقول المتقدمة في الصاع، القائلة: والمد رطلان وربع بالرطل العراقي. وتدل عليه الروايات الكثيرة المتقدمة في الصاع الدالة على أن الصاع تسعة ارطال بالرطل العراقي، حيث عرفت أن الصاع اربعة أمداد إجماعا، فربع التسعة أرطال رطلان وربع كما هو واضح. ويدل على مذهب البزنطي موثقة سماعة، قال: سالته عن الذي يجزي من الماء للغسل فقال: اغتسل رسول الله صلى الله عليه وآله بصاع وتوضأ بمد، وكان الصاع على عهده خمسة أمداد، وكان المد قدر رطل وثلاث أواق. إه‍. بناء على أن الثلاث أواق هي ربع رطل كما يظهر من زكاة مفتاح الكرامة " ص ٩٤ " حيث قال: ومثلها في هذه المخالفة موثقة سماعة التي هي دليل البزنطي إلخ، وهي الرواية الضعيفة التي اشار إليها في محكي التحرير، ويعني بضعفها شذوذها، لانها معتبرة السند، لكنها شاذة هنا وفي تقدير الصاع كما عرفت هناك، وفي رسالة العلامة المجلسى " ص ١٣٦ ": أجاب العلامة رحمه الله بأن سماعة فطحي ومع ذلك لم يسنده إلى امام. إنتهى كلام العلامة، واقول: لايخفى

١١٨

السهو في قوله ان سماعة فطحي بل هو واقفى، لكن الكفر ملة واحدة. ونحن قد حققنا تبعا لغيرنا أن سماعة إمامي اثنا عشري، وعدم إسناد الرواية إلى الامام من مثل سماعة لا يضر، لان الضمير يرجع اليه بلا ريب، وهذا الاضمار نشأ من تقطيع الاخبار وتوزيعها على أماكنها من أبواب الفقه كما هو واضح. نعم الرواية مطروحة لا عامل بها.

ولذا قال المجلسي في رسالته (ص ١٣٨) ايضا: إنه يشكل العمل بخبر سماعة، لعدم معلومية كون الرطل المأخوذ فيه اي رطل، والاوقية اي أوقية، وإن كان الظاهر أن يكون الرطل فيه العراقي، والاوقية اربعون درهما، إذ لو حمل الرطل على المدني والمكي، والاوقية على الاربعين لزاد على المشهور بكثير " قال: " نعم لو حمل الرطل على المدني والاوقية على سبعة مثاقيل يكون الصاع " أعني خمسة الامداد " ألفا ومئة وخمسة وعشرين درهما، فيقرب من الصاع المشهور كما ستعرفه، لكن قد عرفت أن حمل الاوقية على ذلك بعيد، فلو حمل الرطل بالعراقي والاوقية على الاربعين يصير المد مئتين وخمسين درهما إلخ.

وهذا كلام المجلسي، ولا حاجة له بعد ما عرفت من سقوط الرواية عند الاصحاب، لعدم العامل بها.

وفي مفتاح الكرامة ان الاصحاب متفقون على طرحها. إه‍.، وهو كذلك. وفي مختار الصحاح: والمد مكيال. وهو رطل وثلث عند أهل الحجاز، ورطلان عند أهل العراق. إه‍، ولا اعتبار به بعد ما عرفت. وهو رطل ونصف بالمدني كما نص عليه غير واحد، ومنهم كاشف الغطاء في رسالة التحقيق والتنقير والسيد الاصفهاني في زكاة وسيلة النجاة الصغيرة، اقول: وقد حدد بذلك في صحيحة زرارة عن ابي جعفر عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ بمد ويغتسل بصاع (١)، والمد رطل ونصف والصاع ستة ارطال (الوسائل م ١ ص ٦٤). قال في الوسائل: يعني ارطال المدينة، فيكون تسعة أرطال بالعراقية. إنتهى، وقد سبقه إلى هذا التفسير الشيخ، قال هامش صفحة ١١٩ (١) لا يخفى أن الصاع اربعة أمداد على التحقيق المتفق عليه. (المؤلف)

١١٩

العلامة المجلسي: والظاهر أن قوله: يعني ارطال المدينة إلخ كلام الشيخ، لانه نقله في الاستبصار بدون هذه التتمة، وظاهر كلام العلامة أنه ظنه جزء الخبر، وتدل عليه أخبار الفطرة لان بعضها بلفظ الصاع وبعضها بالتسعة ارطال وبعضها بالجمع. إه‍. وتدل عليه صريحا الروايات الخمس المتقدمة في مبحث الصاع، الدالة على أن الصاع ستة ارطال بالرطل المدني، المعمول بها لدى جميع الاصحاب، وحيث أن المد ربع الصاع إجماعا يكون رطلا ونصفا بالمدني، لانها ربع الستة كما هو واضح، فهذا التحديد لا ريب فيه. وهو مئتان واثنان وتسعون درهما شرعيا ونصف درهم شرعي كما نص عليه جماعة منهم المجلسي في رسالته (ص ١٣٨) والسيد في مفتاح الكرامة، وصاحب الجواهر في كتاب الزكاة، والسيد الامين في الدرة البهية " ص ٣٧ " والسيد الشبري في رسالته، بل نسبه في مفتاح الكرامة إلى المشهور كما ستعرف، ونسبه في موضع آخر " ص ٩٤ " إلى الاصحاب، وهذا الوزن مبني على ما عرفته في مبحث الصاع من أنه الف ومئة وسبعون درهما، والمد ربع الصاع بالاجماع، وقد دل على هذا التحديد في الصاع روايتان تقدمتا هناك، إحداهما معتبرة السند. لكن يعارض ذلك رواية المروزي الضعيفة المتقدمة التي قدرت المد بمئتين وثمانين درهما، لكنها شاذة ومرسلة، وان عمل بها الصدوق في موضع من المقنع في باب الوضوء، ووافق المشهور في باب الزكاة على ما نقله عنه صاحب مفتاح الكرامة في زكاة كتابه " ص ٨٨ "، وقال في طهارة مفتاح الكرامة " ص ٧١ " وفي خبر سليمان بن حفص المروزي عن ابي الحسن عليه السلام أن المد مئتان وثمانون " يعني درهما شرعيا " وبه افتى الصدوق في المقنع، وهو يخالف المشهور، لان المد رطلان وربع بالعراقي، فيكون مئتين واثنين وتسعين درهما ونصفا. انتهى بلفظه. وهو مئتان وأربعة مثاقيل شرعية وثلاثة ارباع المثقال الشرعي، كما في رسالة السيد الشبري، وكما في الدرة البهية " ص ٣٧ " حيث نص على أنه مئتان وخمسة مثاقيل شرعية إلا ربع مثقال، وهو كذلك، لانه رطلان وربع بالعراقي قطعا. ولان

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

١٧٢ و من كلام له ع لما عزم على لقاء القوم بصفين

اَللَّهُمَّ رَبَّ اَلسَّقْفِ اَلْمَرْفُوعِ وَ اَلْجَوِّ اَلْمَكْفُوفِ اَلَّذِي جَعَلْتَهُ مَغِيضاً لِلَّيْلِ وَ اَلنَّهَارِ وَ مَجْرًى لِلشَّمْسِ وَ اَلْقَمَرِ وَ مُخْتَلَفاً لِلنُّجُومِ اَلسَّيَّارَةِ وَ جَعَلْتَ سُكَّانَهُ سِبْطاً مِنْ مَلاَئِكَتِكَ لاَ يَسْأَمُونَ مِنْ عِبَادَتِكَ وَ رَبَّ هَذِهِ اَلْأَرْضِ اَلَّتِي جَعَلْتَهَا قَرَاراً لِلْأَنَامِ وَ مَدْرَجاً لِلْهَوَامِّ وَ اَلْأَنْعَامِ وَ مَا لاَ يُحْصَى مِمَّا يُرَى وَ مَا لاَ يُرَى وَ رَبَّ اَلْجِبَالِ اَلرَّوَاسِي اَلَّتِي جَعَلْتَهَا لِلْأَرْضِ أَوْتَاداً وَ لِلْخَلْقِ اِعْتِمَاداً إِنْ أَظْهَرْتَنَا عَلَى عَدُوِّنَا فَجَنِّبْنَا اَلْبَغْيَ وَ سَدِّدْنَا لِلْحَقِّ وَ إِنْ أَظْهَرْتَهُمْ عَلَيْنَا فَارْزُقْنَا اَلشَّهَادَةَ وَ اِعْصِمْنَا مِنَ اَلْفِتْنَةِ أَيْنَ اَلْمَانِعُ لِلذِّمَارِ وَ اَلْغَائِرُ عِنْدَ نُزُولِ اَلْحَقَائِقِ مِنْ أَهْلِ اَلْحِفَاظِ اَلْعَارُ وَرَاءَكُمْ وَ اَلْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ السقف المرفوع السماء و الجو المكفوف السماء أيضا كفه أي جمعه و ضم بعضه إلى بعض و يمر في كلامه نحو هذا و إن السماء هواء جامد أو ماء جامد.و جعلته مغيضا لليل و النهار أي غيضة لهما و هي في الأصل الأجمة يجتمع إليها الماء

٣٠١

فتسمى غيضة و مغيضا و ينبت فيها الشجر كأنه جعل الفلك كالغيضة و الليل و النهار كالشجر النابت فيها.و وجه المشاركة أن المغيض أو الغيضة يتولد منهما الشجر و كذلك الليل و النهار يتولدان من جريان الفلك.ثم عاد فقال و مجرى للشمس و القمر أي موضعا لجريانهما.و مختلفا للنجوم السيارة أي موضعا لاختلافها و اللام مفتوحة.ثم قال جعلت سكانه سبطا من ملائكتك أي قبيلة قال تعالى اِثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً.لا يسأمون لا يملون و قرارا للأنام أي موضع استقرارهم و سكونهم و مدرجا للهوام أي موضع دروجهم و سيرهم و حركاتهم و الهوام الحشرات و المخوف من الأحناش.و ما لا يحصى أي لا يضبط بالإحصاء و العد مما نراه و نعرفه و ما لا نراه و لا نعرفه.و قال بعض العلماء إن أردت أن تعرف حقيقة قوله مما يرى و ما لا يرى فأوقد نارا صغيرة في فلاة في ليلة صيفية و انظر ما يجتمع عليها من الأنواع الغريبة العجيبة الخلق التي لم تشاهدها أنت و لا غيرك قط.قوله و للخلق اعتمادا لأنهم يجعلونها كالمساكن لهم فينتفعون بها و يبنون منازل إلى جانبها فيقوم مقام جدار قد استغنوا عن بنيانه و لأنها أمهات العيون و منابع المياه باعتماد الخلق على مرافقهم و منافعهم و مصالحهم عليها.

٣٠٢

قوله و سددنا للحق أي صوبنا إليه من قولك منهم سديد أي مصيب و سدد السنان إلى القرن أي صوبه نحوه.و الذمار ما يحامى عنه و الغائر ذو الغيرة و نزول الحقائق نزول الأمور الشديدة كالحرب و نحوها.ثم قال العار وراءكم أي إن رجعتم القهقرى هاربين.و الجنة أمامكم أي إن أقدمتم على العدو مجاهدين و هذا الكلام شريف جدا

٣٠٣

١٧٣ و من خطبة له ع

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لاَ تُوَارِي عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً وَ لاَ أَرْضٌ أَرْضاً هذا الكلام يدل على إثبات أرضين بعضها فوق بعض كما أن السماوات كذلك و لم يأت في الكتاب العزيز ما يدل على هذا إلا قوله تعالى( اَللَّهُ اَلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَ مِنَ اَلْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ ) و هو قول كثير من المسلمين.و قد تأول ذلك أرباب المذهب الآخر القائلون بأنها أرض واحدة فقالوا إنها سبعة أقاليم فالمثلية هي من هذا الوجه لا من تعدد الأرضين في ذاتها.و يمكن أن يتأول مثل ذلك كلام أمير المؤمنين ع فيقال إنها و إن كانت أرضا واحدة لكنها أقاليم و أقطار مختلفة و هي كرية الشكل فمن على حدبة الكرة لا يرى من تحته و من تحته لا يراه و من على أحد جانبيها لا يرى من على الجانب الآخر و الله تعالى يدرك ذلك كله أجمع و لا يحجب عنه شي‏ء منها بشي‏ء منها.فأما قوله ع لا تواري عنه سماء سماء فلقائل أن يقول و لا يتوارى شي‏ء من السماوات عن المدركين منا لأنها شفافة فأي خصيصة للباري تعالى في ذلك فينبغي أن يقال هذا الكلام على قاعدة غير القاعدة الفلسفية بل هو على قاعدة

٣٠٤

الشريعة الإسلامية التي تقتضي أن السماوات تحجب ما وراءها عن المدركين بالحاسة و أنها ليست طباقا متراصة بل بينها خلق من خلق الله تعالى لا يعلمهم غيره و اتباع هذا القول و اعتقاده أولى منها : وَ قَدْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّكَ عَلَى هَذَا اَلْأَمْرِ يَا اِبْنَ أَبِي طَالِبٍ لَحَرِيصٌ فَقُلْتُ بَلْ أَنْتُمْ وَ اَللَّهِ لَأَحْرَصُ وَ أَبْعَدُ وَ أَنَا أَخَصُّ وَ أَقْرَبُ وَ إِنَّمَا طَلَبْتُ حَقّاً لِي وَ أَنْتُمْ تَحُولُونَ بَيْنِي وَ بَيْنَهُ وَ تَضْرِبُونَ وَجْهِي دُونَهُ فَلَمَّا قَرَّعْتُهُ بِالْحُجَّةِ فِي اَلْمَلَإِ اَلْحَاضِرِينَ هَبَّ كَأَنَّهُ بُهِتَ لاَ يَدْرِي مَا يُجِيبُنِي بِهِ اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَعْدِيكَ عَلَى قُرَيْشٍ وَ مَنْ أَعَانَهُمْ فَإِنَّهُمْ قَطَعُوا رَحِمِي وَ صَغَّرُوا عَظِيمَ مَنْزِلَتِيَ وَ أَجْمَعُوا عَلَى مُنَازَعَتِي أَمْراً هُوَ لِي ثُمَّ قَالُوا أَلاَ إِنَّ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَأْخُذَهُ وَ فِي اَلْحَقِّ أَنْ تَتْرُكَهُ هذا من خطبة يذكر فيها ع ما جرى يوم الشورى بعد مقتل عمر و الذي قال له إنك على هذا الأمر لحريص سعد بن أبي وقاص مع روايته فيه أنت مني بمنزلة هارون من موسى و هذا عجب فقال لهم بل أنتم و الله أحرص و أبعد...الكلام المذكور و قد رواه الناس كافة.و قالت الإمامية هذا الكلام يوم السقيفة و الذي قال له إنك على هذا الأمر لحريص أبو عبيدة بن الجراح و الرواية الأولى أظهر و أشهر.

٣٠٥

و روي فلما قرعته بالتخفيف أي صدمته بها.و روي هب لا يدري ما يجيبني كما تقول استيقظ و انتبه كأنه كان غافلا ذاهلا عن الحجة فهب لما ذكرتها.أستعديك أطلب أن تعديني عليهم و أن تنتصف لي منهم.قطعوا رحمي لم يرعوا قربه من رسول الله ص.و صغروا عظيم منزلتي لم يقفوا مع النصوص الواردة فيه.و أجمعوا على منازعتي أمرا هو لي أي بالأفضلية أنا أحق به منهم هكذا ينبغي أن يتأول كلامه.و كذلك قوله إنما أطلب حقا لي و أنتم تحولون بيني و بينه و تضربون وجهي دونه.قال ثم قالوا ألا إن في الحق أن تأخذه و في الحق أن تتركه قال لم يقتصروا على أخذ حقي ساكتين عن الدعوى و لكنهم أخذوه و ادعوا أن الحق لهم و أنه يجب علي أن أترك المنازعة فيه فليتهم أخذوه معترفين بأنه حقي فكانت المصيبة به أخف و أهون.و اعلم أنه قد تواترت الأخبار عنه ع بنحو من هذا القول نحو قوله ما زلت مظلوما منذ قبض الله رسوله حتى يوم الناس هذا و قوله اللهم أخز قريشا فإنها منعتني حقي و غصبتني أمري و قوله فجزى قريشا عني الجوازي فإنهم ظلموني حقي و اغتصبوني سلطان ابن أمي

٣٠٦

و قوله و قد سمع صارخا ينادي أنا مظلوم فقال هلم فلنصرخ معا فإني ما زلت مظلوما و قوله و إنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى و قوله أرى تراثي نهبا و قوله أصغيا بإنائنا و حملا الناس على رقابنا و قوله إن لنا حقا إن نعطه نأخذه و إن نمنعه نركب أعجاز الإبل و إن طال السرى و قوله ما زلت مستأثرا علي مدفوعا عما أستحقه و أستوجبه و أصحابنا يحملون ذلك كله على ادعائه الأمر بالأفضلية و الأحقية و هو الحق و الصواب فإن حمله على الاستحقاق بالنص تكفير أو تفسيق لوجوه المهاجرين و الأنصار و لكن الإمامية و الزيدية حملوا هذه الأقوال على ظواهرها و ارتكبوا بها مركبا صعبا و لعمري إن هذه الألفاظ موهمة مغلبة على الظن ما يقوله القوم و لكن تصفح الأحوال يبطل ذلك الظن و يدرأ ذلك الوهم فوجب أن يجري مجرى الآيات المتشابهات الموهمة ما لا يجوز على البارئ فإنه لا نعمل بها و لا نعول على ظواهرها لأنا لما تصفحنا أدلة العقول اقتضت العدول عن ظاهر اللفظ و أن تحمل على التأويلات المذكورة في الكتب.و حدثني يحيى بن سعيد بن علي الحنبلي المعروف بابن عالية من ساكني قطفتا بالجانب الغربي من بغداد و أجد الشهود المعدلين بها قال كنت حاضرا مجلس الفخر إسماعيل بن علي الحنبلي الفقيه المعروف بغلام بن المنى و كان الفخر إسماعيل بن علي هذا مقدم

٣٠٧

الحنابلة ببغداد في الفقه و الخلاف و يشتغل بشي‏ء في علم المنطق و كان حلو العبارة و قد رأيته أنا و حضرت عنده و سمعت كلامه و توفي سنة عشر و ستمائة.قال ابن عالية و نحن عنده نتحدث إذ دخل شخص من الحنابلة قد كان له دين على بعض أهل الكوفة فانحدر إليه يطالبه به و اتفق أن حضرت زيارة يوم الغدير و الحنبلي المذكور بالكوفة و هذه الزيارة هي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة و يجتمع بمشهد أمير المؤمنين ع من الخلائق جموع عظيمة تتجاوز حد الإحصاء.قال ابن عالية فجعل الشيخ الفخر يسأل ذلك الشخص ما فعلت ما رأيت هل وصل مالك إليك هل بقي لك منه بقية عند غريمك و ذلك يجاوبه حتى قال له يا سيدي لو شاهدت يوم الزيارة يوم الغدير و ما يجري عند قبر علي بن أبي طالب من الفضائح و الأقوال الشنيعة و سب الصحابة جهارا بأصوات مرتفعة من غير مراقبة و لا خيفة فقال إسماعيل أي ذنب لهم و الله ما جراهم على ذلك و لا فتح لهم هذا الباب إلا صاحب ذلك القبر فقال ذلك الشخص و من صاحب القبر قال علي بن أبي طالب قال يا سيدي هو الذي سن لهم ذلك و علمهم إياه و طرقهم إليه قال نعم و الله قال يا سيدي فإن كان محقا فما لنا أن نتولى فلانا و فلانا و إن كان مبطلا فما لنا نتولاه ينبغي أن نبرأ إما منه أو منهما.قال ابن عالية فقام إسماعيل مسرعا فلبس نعليه و قال لعن الله إسماعيل الفاعل إن كان يعرف جواب هذه المسألة و دخل دار حرمه و قمنا نحن و انصرفنا : مِنْهَا فِي ذِكْرِ أَصْحَابِ اَلْجَمَلِ فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اَللَّهِ ص كَمَا تُجَرُّ اَلْأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا

٣٠٨

مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى اَلْبَصْرَةِ فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا وَ أَبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اَللَّهِ ص لَهُمَا وَ لِغَيْرِهِمَا فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاَّ وَ قَدْ أَعْطَانِيَ اَلطَّاعَةَ وَ سَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا وَ خُزَّانِ بَيْتِ مَالِ اَلْمُسْلِمِينَ وَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَ طَائِفَةً غَدْراً فَوَاللَّهِ إِنْ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ إِلاَّ رَجُلاً وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ بِلاَ جُرْمٍ جَرَّهُ لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ اَلْجَيْشِ كُلِّهِ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَ لَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَ لاَ بِيَدٍ دَعْ مَا إِنَّهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ مِثْلَ اَلْعِدَّةِ اَلَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ حرمة رسول الله ص كناية عن الزوجة و أصله الأهل و الحرم و كذلك حبيس رسول الله ص كناية عنها.و قتلوهم صبرا أي بعد الأسر و قوله فو الله إن لو لم يصيبوا إن هاهنا زائدة و يجوز أن تكون مخففة من الثقيلة.و يسأل عن قوله ع لو لم يصيبوا إلا رجلا واحدا لحل لي قتل ذلك الجيش بأسره لأنهم حضروه فلم ينكروا فيقال أ يجوز قتل من لم ينكر المنكر مع تمكنه من إنكاره.و الجواب أنه يجوز قتلهم لأنهم اعتقدوا ذلك القتل مباحا فإنهم إذا اعتقدوا إباحته فقد اعتقدوا إباحة ما حرم الله فيكون حالهم حال من اعتقد أن الزنا مباح أو أن شرب الخمر مباح.

٣٠٩

و قال القطب الراوندي يريد أنهم داخلون في عموم قوله تعالى( إِنَّما جَزاءُ اَلَّذِينَ يُحارِبُونَ اَللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ يَسْعَوْنَ فِي اَلْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ) .و ل قائل أن يقول الإشكال إنما وقع في قوله لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا لحل لي قتل ذلك الجيش بأسره لأنهم حضروا المنكر و لم يدفعوه بلسان و لا يد فهو علل استحلاله قتلهم بأنهم لم ينكروا المنكر و لم يعلل ذلك بعموم الآية.و أما معنى قوله دع ما إنهم قد قتلوا من المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم فهو أنه لو كان المقتول واحدا لحل لي قتلهم كلهم فكيف و قد قتلوا من المسلمين عدة مثل عدتهم التي دخلوا بها البصرة و ما هاهنا زائدة.و صدق ع فإنهم قتلوا من أوليائه و خزان بيت المال بالبصرة خلقا كثيرا بعضهم غدرا و بعضهم صبرا كما خطب به ع

ذكر يوم الجمل و مسير عائشة إلى القتال

و روى أبو مخنف قال حدثنا إسماعيل بن خالد عن قيس بن أبي حازم و روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و روى جرين بن يزيد عن عامر الشعبي و روى محمد بن إسحاق عن حبيب بن عمير قالوا جميعا لما خرجت عائشة و طلحة و الزبير من مكة إلى البصرة طرقت ماء الحوأب و هو ماء لبني عامر بن صعصعة فنبحتهم الكلاب فنفرت صعاب إبلهم فقال قائل منهم لعن الله الحوأب فما أكثر كلابها فلما سمعت عائشة ذكر الحوأب قالت أ هذا ماء الحوأب قالوا نعم فقالت ردوني ردوني فسألوها ما شأنها ما بدا لها فقالت إني سمعت رسول الله ص يقول كأني بكلاب

٣١٠

ماء يدعى الحوأب قد نبحت بعض نسائي ثم قال لي إياك يا حميراء أن تكونيها فقال لها الزبير مهلا يرحمك الله فإنا قد جزنا ماء الحوأب بفراسخ كثيرة فقالت أ عندك من يشهد بأن هذه الكلاب النابحة ليست على ماء الحوأب فلفق لها الزبير و طلحة خمسين أعرابيا جعلا لهم جعلا فحلفوا لها و شهدوا أن هذا الماء ليس بماء الحوأب فكانت هذه أول شهادة زور في الإسلام فسارت عائشة لوجهها.

قال أبو مخنف و حدثنا عصام بن قدامة عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ص قال يوما لنسائه و هن عنده جميعا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب يقتل عن يمينها و شمالها قتلى كثيرة كلهم في النار و تنجو بعد ما كادت.قلت و أصحابنا المعتزلة رحمهم الله يحملون قوله ع و تنجو على نجاتها من النار و الإمامية يحملون ذلك على نجاتها من القتل و محملنا أرجح لأن لفظة في النار أقرب إليه من لفظة القتلى و القرب معتبر في هذا الباب أ لا ترى أن نحاة البصريين أعملوا أقرب العاملين نظرا إلى القرب.قال أبو مخنف و حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الزبير و طلحة أغذا السير بعائشة حتى انتهوا إلى حفر أبي موسى الأشعري و هو قريب من البصرة و كتبا إلى عثمان بن حنيف الأنصاري و هو عامل علي ع على البصرة أن أخل لنا دار الإمارة فلما وصل كتابهما إليه بعث الأحنف بن قيس فقال له إن هؤلاء القوم قدموا علينا و معهم زوجة رسول الله و الناس إليها سراع كما ترى فقال الأحنف

٣١١

إنهم جاءوك بها للطلب بدم عثمان و هم الذين ألبوا على عثمان الناس و سفكوا دمه و أراهم و الله لا يزايلون حتى يلقوا العداوة بيننا و يسفكوا دماءنا و أظنهم و الله سيركبون منك خاصة ما لا قبل لك به إن لم تتأهب لهم بالنهوض إليهم فيمن معك من أهل البصرة فإنك اليوم الوالي عليهم و أنت فيهم مطاع فسر إليهم بالناس و بادرهم قبل أن يكونوا معك في دار واحدة فيكون الناس لهم أطوع منهم لك.فقال عثمان بن حنيف الرأي ما رأيت لكنني أكره الشر و أن أبدأهم به و أرجو العافية و السلامة إلى أن يأتيني كتاب أمير المؤمنين و رأيه فأعمل به ثم أتاه بعد الأحنف حكيم بن جبلة العبدي من بني عمرو بن وديعة فأقرأه كتاب طلحة و الزبير فقال له مثل قول الأحنف و أجابه عثمان بمثل جوابه للأحنف فقال له حكيم فأذن لي حتى أسير إليهم بالناس فإن دخلوا في طاعة أمير المؤمنين و إلا نابذتهم على سواء.فقال عثمان لو كان ذلك رأيي لسرت إليهم نفسي قال حكيم أما و الله إن دخلوا عليك هذا المصر لينتقلن قلوب كثير من الناس إليهم و ليزيلنك عن مجلسك هذا و أنت أعلم فأبى عليه عثمان.

قال و كتب علي إلى عثمان لما بلغه مشارفة القوم البصرة من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عثمان بن حنيف أما بعد فإن البغاة عاهدوا الله ثم نكثوا و توجهوا إلى مصرك و ساقهم الشيطان لطلب ما لا يرضى الله به و الله أشد بأسا و أشد تنكيلا فإذا قدموا عليك فادعهم إلى الطاعة و الرجوع إلى الوفاء بالعهد و الميثاق الذي فارقونا عليه فإن أجابوا فأحسن جوارهم ما داموا

٣١٢

عندك و إن أبو إلا التمسك بحبل النكث و الخلاف فناجزهم القتال حتى يحكم الله بينك و بينهم و هو خير الحاكمين و كتبت كتابي هذا إليك من الربذة و أنا معجل المسير إليك إن شاء الله.و كتبه عبيد الله بن أبي رافع في سنة ست و ثلاثين.قال فلما وصل كتاب علي ع إلى عثمان أرسل إلى أبي الأسود الدؤلي و عمران بن الحصين الخزاعي فأمرهما أن يسيرا حتى يأتياه بعلم القوم و ما الذي أقدمهم فانطلقا حتى إذا أتيا حفر أبي موسى و به معسكر القوم فدخلا على عائشة فنالاها و وعظاها و أذكراها و ناشداها الله فقالت لهما القيا طلحة و الزبير فقاما من عندها و لقيا الزبير فكلماه فقال لهما إنا جئنا للطلب بدم عثمان و ندعو الناس إلى أن يردوا أمر الخلافة شورى ليختار الناس لأنفسهم فقالا له إن عثمان لم يقتل بالبصرة ليطلب دمه فيها و أنت تعلم قتلة عثمان من هم و أين هم و إنك و صاحبك و عائشة كنتم أشد الناس عليه و أعظمهم إغراء بدمه فأقيدوا من أنفسكم و أما إعادة أمر الخلافة شورى فكيف و قد بايعتم عليا طائعين غير مكرهين و أنت يا أبا عبد الله لم يبعد العهد بقيامك دون هذا الرجل يوم مات رسول الله ص و أنت آخذ قائم سيفك تقول ما أحد أحق بالخلافة منه و لا أولى بها منه و امتنعت من بيعة أبي بكر فأين ذلك الفعل من هذا القول.فقال لهما اذهبا فالقيا طلحة فقاما إلى طلحة فوجداه أخشن الملمس شديد العريكة قوي العزم في إثارة الفتنة و إضرام نار الحرب فانصرفا إلى عثمان بن حنيف فأخبراه و قال له أبو الأسود:

يا ابن حنيف قد أتيت فانفر

و طاعن القوم و جالد و اصبر

٣١٣

و ابرز لها مستلئما و شمر

فقال ابن حنيف إي و الحرمين لأفعلن و أمر مناديه فنادى في الناس السلاح السلاح فاجتمعوا إليه و قال أبو الأسود:

أتينا الزبير فدانى الكلام

و طلحة كالنجم أو أبعد

و أحسن قوليهما فادح

يضيق به الخطب مستنكد

و قد أوعدونا بجهد الوعيد

فأهون علينا بما أوعدوا

فقلنا ركضتم و لم ترملوا

و أصدرتم قبل أن توردوا

فإن تلقحوا الحرب بين الرجال

فملقحها حده الأنكد

و إن عليا لكم مصحر

ألا إنه الأسد الأسود

أما إنه ثالث العابدين

بمكة و الله لا يعبد

فرخوا الخناق و لا تعجلوا

فإن غدا لكم موعد

قال و أقبل القوم فلما انتهوا إلى المربد قام رجل من بني جشم فقال أيها الناس أنا فلان الجشمي و قد أتاكم هؤلاء القوم فإن كانوا أتوكم خائفين لقد أتوكم من المكان الذي يأمن فيه الطير و الوحش و السباع و إن كانوا إنما أتوكم بطلب دم عثمان فغيرنا ولي قتله فأطيعوني أيها الناس و ردوهم من حيث أقبلوا فإنكم إن لم تفعلوا لم تسلموا من الحرب الضروس و الفتنة الصماء التي لا تبقي و لا تذر.قال فحصبه ناس من أهل البصرة فأمسك.قال و اجتمع أهل البصرة إلى المربد حتى ملئوه مشاة و ركبانا فقام طلحة فأشار إلى الناس بالسكون ليخطب فسكتوا بعد جهد فقال أما بعد فإن عثمان بن عفان كان من أهل السابقة و الفضيلة و من المهاجرين الأولين الذيرضي‌الله‌عنه م و رضوا عنه

٣١٤

و نزل القرآن ناطقا بفضلهم و أحد أئمة المسلمين الوالين عليكم بعد أبي بكر و عمر صاحبي رسول الله ص و قد كان أحدث أحداثا نقمنا عليه فأتيناه فاستعتبناه فأعتبنا فعدا عليه امرؤ ابتز هذه الأمة أمرها غصبا بغير رضا منها و لا مشورة فقتله و ساعده على ذلك قوم غير أتقياء و لا أبرار فقتل محرما بريئا تائبا و قد جئناكم أيها الناس نطلب بدم عثمان و ندعوكم إلى الطلب بدمه فإن نحن أمكننا الله من قتلته قتلناهم به و جعلنا هذا الأمر شورى بين المسلمين و كانت خلافة رحمة للأمة جميعا فإن كل من أخذ الأمر من غير رضا من العامة و لا مشورة منها ابتزازا كان ملكه ملكا عضوضا و حدثا كثيرا.ثم قام الزبير فتكلم بمثل كلام طلحة.فقام إليهما ناس من أهل البصرة فقالوا لهما أ لم تبايعا عليا فيمن بايعه ففيم بايعتما ثم نكثتما فقالا ما بايعنا و ما لأحد في أعناقنا بيعة و إنما استكرهنا على بيعة فقال ناس قد صدقا و أحسنا القول و قطعا بالثواب و قال ناس ما صدقا و لا أصابا في القول حتى ارتفعت الأصوات.قال ثم أقبلت عائشة على جملها فنادت بصوت مرتفع أيها الناس أقلوا الكلام و اسكتوا فأسكت الناس لها فقالت إن أمير المؤمنين عثمان قد كان غير و بدل ثم لم يزل يغسل ذلك بالتوبة حتى قتل مظلوما تائبا و إنما نقموا عليه ضربه بالسوط و تأميره الشبان و حمايته موضع الغمامة فقتلوه محرما في حرمة الشهر و حرمة البلد ذبحا كما يذبح الجمل ألا و إن قريشا رمت غرضها بنبالها و أدمت أفواهها بأيديها و ما نالت بقتلها إياه شيئا و لا سلكت به سبيلا

٣١٥

قاصدا أما و الله ليرونها بلايا عقيمة تنتبه النائم و تقيم الجالس و ليسلطن عليهم قوم لا يرحمونهم و يسومونهم سوء العذاب.أيها الناس إنه ما بلغ من ذنب عثمان ما يستحل به دمه مصتموه كما يماص الثوب الرحيض ثم عدوتم عليه فقتلتموه بعد توبته و خروجه من ذنبه و بايعتم ابن أبي طالب بغير مشورة من الجماعة ابتزازا و غصبا تراني أغضب لكم من سوط عثمان و لسانه و لا أغضب لعثمان من سيوفكم ألا إن عثمان قتل مظلوما فاطلبوا قتلته فإذا ظفرتم بهم فاقتلوهم ثم اجعلوا الأمر شورى بين الرهط الذين اختارهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب و لا يدخل فيهم من شرك في دم عثمان.قال فماج الناس و اختلطوا فمن قائل القول ما قالت و من قائل يقول و ما هي و هذا الأمر إنما هي امرأة مأمورة بلزوم بيتها و ارتفعت الأصوات و كثر اللغط حتى تضاربوا بالنعال و تراموا بالحصى.ثم إن الناس تمايزوا فصاروا فريقين فريق مع عثمان بن حنيف و فريق مع عائشة و أصحابها.قال و حدثنا الأشعث بن سوار عن محمد بن سيرين عن أبي الخليل قال لما نزل طلحة و الزبير المربد أتيتهما فوجدتهما مجتمعين فقلت لهما ناشدتكما الله و صحبة رسول الله ص ما الذي أقدمكما أرضنا هذه فلم يتكلما فأعدت عليهما فقالا بلغنا أن بأرضكم هذه دنيا فجئنا نطلبها.

٣١٦

قال و قد روى محمد بن سيرين عن الأحنف بن قيس أنه لقيهما فقالا له مثل مقالتهما الأولى إنما جئنا لطلب الدنيا.و قد روى المدائني أيضا نحوا مما روى أبو مخنف قال بعث علي ع ابن عباس يوم الجمل إلى الزبير قبل الحرب فقال له إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام و يقول لكم أ لم تبايعني طائعا غير مكره فما الذي رابك مني فاستحللت به قتالي قال فلم يكن له جواب إلا أنه قال لي إنا مع الخوف الشديد لنطمع لم يقل غير ذلك

قال أبو إسحاق فسألت محمد بن علي بن الحسين ع ما تراه يعني بقوله هذا فقال أما و الله ما تركت ابن عباس حتى سألته عن هذا فقال يقول إنا مع الخوف الشديد مما نحن عليه نطمع أن نلي مثل الذي وليتم و قال محمد بن إسحاق حدثني جعفر بن محمد ع عن أبيه عن ابن عباس قال بعثني علي ع يوم الجمل إلى طلحة و الزبير و بعث معي بمصحف منشور و إن الريح لتصفق ورقه فقال لي قل لهما هذا كتاب الله بيننا و بينكم فما تريدان فلم يكن لهما جواب إلا أن قالا نريد ما أراد كأنهما يقولان الملك فرجعت إلى علي فأخبرته.و قد روى قاضي القضاةرحمه‌الله في كتاب المغني عن وهب بن جرير قال قال رجل من أهل البصرة لطلحة و الزبير إن لكما فضلا و صحبة فأخبراني عن مسيركما

٣١٧

هذا و قتالكما أ شي‏ء أمركما به رسول الله ص أم رأي رأيتماه فأما طلحة فسكت و جعل ينكت في الأرض و أما الزبير فقال ويحك حدثنا أن هاهنا دراهم كثيرة فجئنا لنأخذ منها.و جعل قاضي القضاة هذا الخبر حجة في أن طلحة تاب و أن الزبير لم يكن مصرا على الحرب و الاحتجاج بهذا الخبر على هذا المعنى ضعيف و إن صح هو و ما قبله إنه لدليل على حمق شديد و ضعف عظيم و نقص ظاهر و ليت شعري ما الذي أحوجهما إلى هذا القول و إذا كان هذا في أنفسهما فهلا كتماه.ثم نعود إلى خبرهما قال أبو مخنف فلما أقبل طلحة و الزبير من المربد يريدان عثمان بن حنيف فوجداه و أصحابه قد أخذوا بأفواه السكك فمضوا حتى انتهوا إلى موضع الدباغين فاستقبلهم أصحاب ابن حنيف فشجرهم طلحة و الزبير و أصحابهما بالرماح فحمل عليهم حكيم بن جبلة فلم يزل هو و أصحابه يقاتلونهم حتى أخرجوهم من جميع السكك و رماهم النساء من فوق البيوت بالحجارة فأخذوا إلى مقبرة بني مازن فوقفوا بها مليا حتى ثابت إليهم خيلهم ثم أخذوا على مسناة البصرة حتى انتهوا إلى الرابوقة ثم أتوا سبخة دار الرزق فنزلوها.قال و أتاهما عبد الله بن حكيم التميمي لما نزلا السبخة بكتب كانا كتباها إليه فقال لطلحة يا أبا محمد أ ما هذا كتبك إلينا قال بلى قال فكتبت أمس تدعونا إلى خلع عثمان و قتله حتى إذا قتلته أتيتنا ثائرا بدمه فلعمري ما هذا رأيك لا تريد إلا هذه الدنيا مهلا إذا كان هذا رأيك فلم قبلت من علي ما عرض عليك من البيعة

٣١٨

فبايعته طائعا راضيا ثم نكثت بيعتك ثم جئت لتدخلنا في فتنتك فقال إن عليا دعاني إلى بيعته بعد ما بايع الناس فعلمت لو لم أقبل ما عرضه علي لم يتم لي ثم يغرى بي من معه.قال ثم أصبحنا من غد فصفا للحرب و خرج عثمان بن حنيف إليهما في أصحابه فناشدهما الله و الإسلام و أذكرهما بيعتهما عليا ع فقالا نطلب بدم عثمان فقال لهما و ما أنتما و ذاك أين بنوه أين بنو عمه الذين هم أحق به منكم كلا و الله و لكنكما حسدتماه حيث اجتمع الناس عليه و كنتما ترجوان هذا الأمر و تعملان له و هل كان أحد أشد على عثمان قولا منكما فشتماه شتما قبيحا و ذكرا أمه فقال للزبير أما و الله لو لا صفية و مكانها من رسول الله فإنها أدنتك إلى الظل و أن الأمر بيني و بينك يا ابن الصعبة يعني طلحة أعظم من القول لأعلمتكما من أمركما ما يسوءكما اللهم إني قد أعذرت إلى هذين الرجلين.ثم حمل عليهم و اقتتل الناس قتالا شديدا ثم تحاجزوا و اصطلحوا على أن يكتب بينهم كتاب صلح فكتب.هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الأنصاري و من معه من المؤمنين من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و طلحة و الزبير و من معهما من المؤمنين و المسلمين من شيعتهما أن لعثمان بن حنيف دار الإمارة و الرحبة و المسجد و بيت المال و المنبر و أن لطلحة و الزبير و من معهما أن ينزلوا حيث شاءوا من البصرة و لا يضار بعضهم بعضا في طريق و لا فرضة و لا سوق و لا شرعة و لا مرفق حتى يقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فإن أحبوا دخلوا فيما دخلت فيه الأمة و إن أحبوا لحق كل قوم بهواهم و ما أحبوا من

٣١٩

قتال أو سلم أو خروج أو إقامة و على الفريقين بما كتبوا عهد الله و ميثاقه و أشد ما أخذه على نبي من أنبيائه من عهد و ذمة.و ختم الكتاب و رجع عثمان بن حنيف حتى دخل دار الإمارة و قال لأصحابه ألحقوا رحمكم الله بأهلكم و ضعوا سلاحكم و داووا جرحاكم فمكثوا كذلك أياما.ثم إن طلحة و الزبير قالا إن قدم علي و نحن على هذه الحال من القلة و الضعف ليأخذن بأعناقنا فأجمعا على مراسلة القبائل و استمالة العرب فأرسلا إلى وجوه الناس و أهل الرئاسة و الشرف يدعوانهم إلى الطلب بدم عثمان و خلع علي و إخراج ابن حنيف من البصرة فبايعهم على ذلك الأزد و ضبة و قيس بن عيلان كلها إلا الرجل و الرجلين من القبيلة كرهوا أمرهم فتواروا عنهم و أرسلوا إلى هلال بن وكيع التميمي فلم يأتهم فجاءه طلحة و الزبير إلى داره فتوارى عنهما فقالت له أمه ما رأيت مثلك أتاك شيخا قريش فتواريت عنهما فلم تزل به حتى ظهر لهما و بايعهما و معه بنو عمرو بن تميم كلهم و بنو حنظلة إلا بني يربوع فإن عامتهم كانوا شيعة علي ع و بايعهم بنو دارم كلهم إلا نفرا من بني مجاشع ذوي دين و فضل.فلما استوسق لطلحة و الزبير أمرهما خرجا في ليلة مظلمة ذات ريح و مطر و معهما أصحابهما قد ألبسوهم الدروع و ظاهروا فوقها بالثياب فانتهوا إلى المسجد وقت الصلاة الفجر و قد سبقهم عثمان بن حنيف إليه و أقيمت الصلاة فتقدم عثمان ليصلي بهم فأخره أصحاب طلحة و الزبير و قدموا الزبير فجاءت السبابجة و هم الشرط حرس بيت المال فأخرجوا الزبير و قدموا عثمان فغلبهم أصحاب الزبير فقدموا الزبير و أخروا عثمان فلم يزالوا كذلك حتى كادت الشمس تطلع و صاح بهم أهل المسجد أ لا تتقون أصحاب محمد و قد طلعت الشمس فغلب الزبير فصلى بالناس فلما انصرف من

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334