كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٠

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 290

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 290
المشاهدات: 48673
تحميل: 5879


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48673 / تحميل: 5879
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 10

مؤلف:
العربية

و قالت الأنصار له يوم بدر و قد نزل بمنزل لم يستصلحوه أ نزلت هذا المنزل عن رأي رأيت أم بوحي أوحي إليك قال بل عن رأي رأيته قالوا إنه ليس لنا بمنزل ارحل عنه فانزل بموضع كذا.و أما قول أبي بكر له الزم غرزه فو الله إنه لرسول الله ص فإنما هو تأكيد و تثبيت على عقيدته التي في قلبه و لا يدل ذلك على الشك فقد قال الله تعالى لنبيه( وَ لَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً ) و كل أحد لا يستغني عن زيادة اليقين و الطمأنينة و قد كانت وقعت من هذا القائل أمور دون هذه القصة كقوله دعني أضرب عنق أبي سفيان و قوله دعني أضرب عنق عبد الله بن أبي و قوله دعني أضرب عنق حاطب بن أبي بلتعة و نهي النبي ص له عن التسرع إلى ذلك و جذبه ثوب رسول الله ص حين قام على جنازة ابن سلول يصلي و قوله كيف تستغفر لرأس المنافقين و ليس في ذلك جميعه ما يدل على وقوع القبيح منه و إنما الرجل كان مطبوعا على الشدة و الشراسة و الخشونة و كان يقول ما يقول على مقتضى السجية التي طبع عليها و على أي حال كان فلقد نال الإسلام بولايته و خلافته خيرا كثيرا.قوله ع و لقد واسيته بنفسي يقال واسيته و آسيته و بالهمزة أفصح و هذا مما اختص ع بفضيلته غير مدافع ثبت معه يوم أحد و فر الناس و ثبت معه يوم حنين و فر الناس و ثبت تحت رايته يوم خيبر حتى فتحها و فر من كان بعث بها من قبله.

١٨١

و روى المحدثون أن رسول الله ص لما ارتث يوم أحد قال الناس قتل محمد رأته كتيبة من المشركين و هو صريع بين القتلى إلا أنه حي فصمدت له فقال لعلي ع اكفني هذه فحمل عليها ع و قتل رئيسها ثم صمدت له كتيبة أخرى فقال يا علي اكفني هذه فحمل عليها فهزمها و قتل رئيسها ثم صمدت له كتيبة ثالثة فكذلك

فكان رسول الله ص بعد ذلك يقول قال لي جبريل يا محمد إن هذه للمواساة فقلت و ما يمنعه و هو مني و أنا منه فقال جبريل و أنا منكما و روى المحدثون أيضا أن المسلمين سمعوا ذلك اليوم صائحا من جهة السماء ينادي لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي فقال رسول الله ص لمن حضره أ لا تسمعون هذا صوت جبريل.و أما يوم حنين فثبت معه في نفر يسير من بني هاشم بعد أن ولى المسلمون الأدبار و حامى عنه و قتل قوما من هوازن بين يديه حتى ثابت إليه الأنصار و انهزمت هوازن و غنمت أموالها.و أما يوم خيبر فقصته مشهورة.قوله ع نجدة أكرمني الله سبحانه بها النجدة الشجاعة و انتصابها هاهنا على أنها مصدر و العامل فيه محذوف.ثم ذكر ع وفاة رسول الله ص فقال لقد قبض و إن رأسه لعلى صدري و لقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي يقال إن رسول الله

١٨٢

ص قاء دما يسيرا وقت موته و إن عليا ع مسح بذلك الدم وجهه.و قد روي أن أبا طيبة الحجام شرب دمه ع و هو حي فقال له إذن لا يجع بطنك.قوله ع فضجت الدار و الأفنية أي النازلون في الدار من الملائكة أي ارتفع ضجيجهم و لجبهم يعني أني سمعت ذلك و لم يسمعه غيري من أهل الدار.و الملأ الجماعة يهبط قوم من الملائكة و يصعد قوم و العروج الصعود و الهينمة الصوت الخفي و الضريح الشق في القبر

ذكر خبر موت الرسول ع

و قد روي من قصة وفاة رسول الله ص أنه عرضت له الشكاة التي عرضت في أواخر صفر من سنة إحدى عشرة للهجرة فجهز جيش أسامة بن زيد فأمرهم بالمسير إلى البلقاء حيث أصيب زيد و جعفر ع من الروم و خرج في تلك الليلة إلى البقيع و قال إني قد أمرت بالاستغفار عليهم فقال ع السلام عليكم يا أهل القبور ليهنكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها ثم استغفر لأهل البقيع طويلا ثم قال لأصحابه إن جبريل كان يعارضني القرآن في كل عام مرة و قد عارضني به العام مرتين فلا أراه إلا لحضور أجلي ثم انصرف إلى بيته فخطب الناس في غده فقال معاشر الناس قد حان مني خفوق من بين أظهركم فمن كان له عندي عدة فليأتني أعطه إياها و من كان علي دين فليأتني أقضه أيها الناس إنه ليس بين الله و بين أحد نسب و لا أمر يؤتيه به خيرا

١٨٣

أو يصرف عنه شرا إلا العمل ألا لا يدعين مدع و لا يتمنين متمن و الذي بعثني بالحق لا ينجي إلا عمل مع رحمة و لو عصيت لهويت اللهم قد بلغت.ثم نزل فصلى بالناس صلاة خفيفة ثم دخل بيت أم سلمة ثم انتقل إلى بيت عائشة يعلله النساء و الرجال أما النساء فأزواجه و بنته ع و أما الرجال فعلي ع و العباس و الحسن و الحسين ع و كانا غلامين يومئذ و كان الفضل بن العباس يدخل أحيانا إليهم ثم حدث الاختلاف بين المسلمين أيام مرضه فأول ذلك التنازع الواقع يوم قال ص ائتوني بدواة و قرطاس و تلا ذلك حديث التخلف عن جيش أسامة و قول عياش بن أبي ربيعة أ يولى هذا الغلام على جلة المهاجرين و الأنصار.ثم اشتد به المرض و كان عند خفة مرضه يصلي بالناس بنفسه فلما اشتد به المرض أمر أبا بكر أن يصلي بالناس.و قد اختلف في صلاته بهم فالشيعة تزعم أنه لم يصل بهم إلا صلاة واحدة و هي الصلاة التي خرج رسول الله ص فيها يتهادى بين علي ع و الفضل فقام في المحراب مقامه و تأخر أبو بكر.و الصحيح عندي و هو الأكثر الأشهر أنها لم تكن آخر صلاة في حياته ص بالناس جماعة و أن أبا بكر صلى بالناس بعد ذلك يومين ثم مات ص فمن قائل يقول إنه توفي لليلتين بقيتا من صفر و هو القول الذي تقوله الشيعة و الأكثرون أنه توفي في شهر ربيع الأول بعد مضي أيام منه.و قد اختلفت الرواية في موته فأنكر عمر ذلك و قال إنه لم يمت و إنه غاب و سيعود فثناه أبو بكر عن هذا القول و تلا عليه الآيات المتضمنة أنه سيموت فرجع إلى قوله.

١٨٤

ثم اختلفوا في موضع دفنه فرأى قوم أن يدفنوه بمكة لأنها مسقط رأسه و قال من قال بل بالمدينة ندفنه بالبقيع عند شهداء أحد ثم اتفقوا على دفنه في البيت الذي قبض فيه و صلوا عليه إرسالا لا يؤمهم أحد.و قيل إن عليا ع أشار بذلك فقبلوه.و أنا أعجب من ذلك لأن الصلاة عليه كانت بعد بيعة أبي بكر فما الذي منع من أن يتقدم أبو بكر فيصلي عليه إماما.و تنازعوا في تلحيده و تضريحه فأرسل العباس عمه إلى أبي عبيدة بن الجراح و كان يحفر لأهل مكة و يضرح على عادتهم رجلا و أرسل علي رجلا إلى أبي طلحة الأنصاري و كان يلحد لأهل المدينة على عادتهم و قال اللهم اختر لنبيك فجاء أبو طلحة فلحد له و أدخل في اللحد.و تنازعوا فيمن ينزل معه القبر فمنع علي ع الناس أن ينزلوا معه و قال لا ينزل قبره غيري و غير العباس ثم أذن في نزول الفضل و أسامة بن زيد مولاهم ثم ضجت الأنصار و سألت أن ينزل منها رجل في قبره فأنزلوا أوس بن خولي و كان بدريا.فأما الغسل فإن عليا ع تولاه بيده و كان الفضل بن العباس يصب عليه الماء.و روى المحدثون عن علي ع أنه قال ما قلبت منه عضوا إلا و انقلب لا أجد له ثقلا كان معي من يساعدني عليه و ما ذلك إلا الملائكة.و أما حديث الهينمة و سماع الصوت فقد رواه خلق كثير من المحدثين عن علي

١٨٥

ع و تروي الشيعة أن عليا ع عصب عيني الفضل بن العباس حين صب عليه الماء و أن رسول الله ص أوصاه بذلك و قال إنه لا يبصر عورتي أحد غيرك إلا عمي.قوله ع فمن ذا أحق به مني حيا و ميتا انتصابهما على الحال من الضمير المجرور في به أي أي شخص أحق برسول الله ص حال حياته و حال وفاته مني و مراده من هذا الكلام أنه أحق بالخلافة بعده و أحق الناس بالمنزلة منه حيث كان بتلك المنزلة منه في الدنيا و ليس يجوز أن يكونا حالين من الضمير المجرور في مني لأنه لا يحسن أن يقول أنا أحق به إذا كنت حيا من كل أحد و أحق به إذا كنت ميتا من كل أحد لأن الميت لا يوصف بمثل ذلك و لأنه لا حال ثبتت له من الأحقية إذا كان حيا إلا و هي ثابتة له إذا كان ميتا و إن كان الميت يوصف بالأحقية فلا فائدة في قوله و ميتا على هذا الفرض و لا يبقى في تقسيم الكلام إلى قسمين فائدة و أما إذا كان حالا من الضمير في به فإنه لا يلزم من كونه أحق بالمنزلة الرفيعة من رسول الله ص و هو حي أن يكون أحق بالخلافة بعد وفاته أي ليس أحدهما يلزم الآخر فاحتاج إلى أن يبين أنه أحق برسول الله ص من كل أحد إن كان الرسول حيا و إن كان ميتا و لم يستهجن أن يقسم الكلام إلى القسمين المذكورين.قوله ع فانفذوا إلى بصائركم أي أسرعوا إلى الجهاد على عقائدكم التي أنتم عليها و لا يدخلن الشك و الريب في قلوبكم.قوله ع إني لعلى جادة الحق و إنهم لعلى مزلة الباطل كلام عجيب

١٨٦

على قاعدة الصناعة المعنوية لأنه لا يحسن أن يقول و إنهم لعلى جادة الباطل لأن الباطل لا يوصف بالجادة و لهذا يقال لمن ضل وقع في بنيات الطريق فتعوض عنها بلفظ المزلة و هي الموضع الذي يزل فيه الإنسان كالمزلقة موضع الزلق و المغرقة موضع الغرق و المهلكة موضع الهلاك

١٨٧

191 و من خطبة له ع

يَعْلَمُ عَجِيجَ اَلْوُحُوشِ فِي اَلْفَلَوَاتِ وَ مَعَاصِيَ اَلْعِبَادِ فِي اَلْخَلَوَاتِ وَ اِخْتِلاَفِ اَلنِّينَانِ فِي اَلْبِحَارِ اَلْغَامِرَاتِ وَ تَلاَطُمَ اَلْمَاءِ بِالرِّيَاحِ اَلْعَاصِفَاتِ وَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً نَجِيبُ اَللَّهِ وَ سَفِيرُ وَحْيِهِ وَ رَسُولُ رَحْمَتِهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اَللَّهِ اَلَّذِي اِبْتَدَأَ خَلْقَكُمْ وَ إِلَيْهِ يَكُونُ مَعَادُكُمْ وَ بِهِ نَجَاحُ طَلِبَتِكُمْ وَ إِلَيْهِ مُنْتَهَى رَغْبَتِكُمْ وَ نَحْوَهُ قَصْدُ سَبِيلِكُمْ وَ إِلَيْهِ مَرَامِي مَفْزَعِكُمْ فَإِنَّ تَقْوَى اَللَّهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ وَ بَصَرُ عَمَى أَفْئِدَتِكُمْ وَ شِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ وَ صَلاَحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ وَ طُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ وَ جِلاَءُ غِشَاءِ عَشَا أَبْصَارِكُمْ وَ أَمْنُ فَزَعِ جَأْشِكُمْ وَ ضِيَاءُ سَوَادِ ظُلْمَتِكُمْ العجيج رفع الصوت و كذلك العج و في الحديث أفضل الحج العج و الثج أي التلبية و إراقة الدم و عجيج أي صوت و مضاعفة اللفظ دليل على تكرير التصويت.و النينان جمع نون و هو الحوت و اختلافها هاهنا هو إصعادها و انحدارها.و نجيب الله منتجبه و مختاره.و سفير وحيه رسول وحيه و الجمع سفراء مثل فقيه و فقهاء.

١٨٨

و إليه مرامي مفزعكم إليه تفزعون و تلجئون و يقال فلان مرمى قصدي أي هو الموضع الذي أنحوه و أقصده.و يروى و جلاء عشى أبصاركم بالعين المهملة و الألف المقصورة و الجأش القلب و تقدير الكلام و ضياء سواد ظلمة عقائدكم و لكنه حذف المضاف للعلم به : فَاجْعَلُوا طَاعَةَ اَللَّهِ شِعَاراً دُونَ دِثَارِكُمْ وَ دَخِيلاً دُونَ شِعَارِكُمْ وَ لَطِيفاً بَيْنَ أَضْلاَعِكُمْ وَ أَمِيراً فَوْقَ أُمُورِكُمْ وَ مَنْهَلاً لِحِينِ وُرُودِكُمْ وَ شَفِيعاً لِدَرَكِ طَلِبَتِكُمْ وَ جُنَّةً لِيَوْمِ فَزَعِكُمْ وَ مَصَابِيحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ وَ سَكَناً لِطُولِ وَحْشَتِكُمْ وَ نَفَساً لِكَرْبِ مَوَاطِنِكُمْ فَإِنَّ طَاعَةَ اَللَّهِ حِرْزٌ مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنِفَةٍ وَ مَخَاوِفَ مُتَوَقَّعَةٍ وَ أُوَارِ نِيرَانٍ مُوقَدَةٍ فَمَنْ أَخَذَ بِالتَّقْوَى عَزَبَتْ عَنْهُ اَلشَّدَائِدُ بَعْدَ دُنُوِّهَا وَ اِحْلَوْلَتْ لَهُ اَلْأُمُورُ بَعْدَ مَرَارَتِهَا وَ اِنْفَرَجَتْ عَنْهُ اَلْأَمْوَاجُ بَعْدَ تَرَاكُمِهَا وَ أَسْهَلَتْ لَهُ اَلصِّعَابُ بَعْدَ إِنْصَابِهَا وَ هَطَلَتْ عَلَيْهِ اَلْكَرَامَةُ بَعْدَ قُحُوطِهَا.وَ تَحَدَّبَتْ عَلَيْهِ اَلرَّحْمَةُ بَعْدَ نُفُورِهَا وَ تَفَجَّرَتْ عَلَيْهِ اَلنِّعَمُ بَعْدَ نُضُوبِهَا وَ وَبَلَتْ عَلَيْهِ اَلْبَرَكَةُ بَعْدَ إِرْذَاذِهَا فَاتَّقُوا اَللَّهَ اَلَّذِي نَفَعَكُمْ بِمَوْعِظَتِهِ وَ وَعَظَكُمْ بِرِسَالَتِهِ وَ اِمْتَنَّ عَلَيْكُمْ بِنِعْمَتِهِ فَعَبِّدُوا أَنْفُسَكُمْ لِعِبَادَتِهِ وَ اُخْرُجُوا إِلَيْهِ مِنْ حَقِّ طَاعَتِهِ

١٨٩

الشعار أقرب إلى الجسد من الدثار و الدخيل ما خالط باطن الجسد و هو أقرب من الشعار.ثم لم يقتصر على ذلك حتى أمر بأن يجعل التقوى لطيفا بين الأضلاع أي في القلب و ذلك أمس بالإنسان من الدخيل فقد يكون الدخيل في الجسد و إن لم يخامر القلب.ثم قال و أميرا فوق أموركم أي يحكم على أموركم كما يحكم الأمير في رعيته.و المنهل الماء يرده الوارد من الناس و غيرهم.و قوله لحين ورودكم أي لوقت ورودكم.و الطلبة بكسر اللام ما طلبته من شي‏ء.قوله و مصابيح لبطون قبوركم

جاء في الخبر أن العمل الصالح يضي‏ء قبر صاحبه كما يضي‏ء المصباح الظلمة.و السكن ما يسكن إليه.قوله و نفسا لكرب مواطنكم أي سعة و روحا.و مكتنفة محيطة و الأوار حر النار و الشمس.و عزبت بعدت و احلولت صارت حلوة و تراكمها اجتماعها و تكاثفها.و أسهلت صارت سهلة بعد إنصابها أي بعد إتعابها لكم أنصبته أتعبته.و هطلت سالت و قحوطها قلتها و وتاحتها.و تحدبت عليه عطفت و حنت.نضوبها انقطاعها كنضوب الماء ذهابه.

١٩٠

و وبل المطر صار وابلا و هو أشد المطر و أكثره و إرذاذها إتيانها بالرذاذ و هو ضعيف المطر.قوله فعبدوا أنفسكم أي ذللوها و منه طريق معبد.و اخرجوا إليه من حق طاعته أي أدوا المفترض عليكم من العبادة يقال خرجت إلى فلان من دينه أي قضيته إياه : ثُمَّ إِنَّ هَذَا اَلْإِسْلاَمَ دِينُ اَللَّهِ اَلَّذِي اِصْطَفَاهُ لِنَفْسِهِ وَ اِصْطَنَعَهُ عَلَى عَيْنِهِ وَ أَصْفَاهُ خِيَرَةَ خَلْقِهِ وَ أَقَامَ دَعَائِمَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ أَذَلَّ اَلْأَدْيَانَ بِعِزَّتِهِ وَ وَضَعَ اَلْمِلَلَ بِرَفْعِهِ وَ أَهَانَ أَعْدَاءَهُ بِكَرَامَتِهِ وَ خَذَلَ مُحَادِّيهِ بِنَصْرِهِ وَ هَدَمَ أَرْكَانَ اَلضَّلاَلَةِ بِرُكْنِهِ وَ سَقَى مَنْ عَطِشَ مِنْ حِيَاضِهِ وَ أَتْأَقَ اَلْحِيَاضَ بِمَوَاتِحِهِ ثُمَّ جَعَلَهُ لاَ اِنْفِصَامَ لِعُرْوَتِهِ وَ لاَ فَكَّ لِحَلْقَتِهِ وَ لاَ اِنْهِدَامَ لِأَسَاسِهِ وَ لاَ زَوَالَ لِدَعَائِمِهِ وَ لاَ اِنْقِلاَعَ لِشَجَرَتِهِ وَ لاَ اِنْقِطَاعَ لِمُدَّتِهِ وَ لاَ عَفَاءَ لِشَرَائِعِهِ وَ لاَ جَذَّ لِفُرُوعِهِ وَ لاَ ضَنْكَ لِطُرُقِهِ وَ لاَ وُعُوثَةَ لِسُهُولَتِهِ وَ لاَ سَوَادَ لِوَضَحِهِ وَ لاَ عِوَجَ لاِنْتِصَابِهِ وَ لاَ عَصَلَ فِي عُودِهِ وَ لاَ وَعَثَ لِفَجِّهِ وَ لاَ اِنْطِفَاءَ لِمَصَابِيحِهِ وَ لاَ مَرَارَةَ لِحَلاَوَتِهِ فَهُوَ دَعَائِمُ أَسَاخَ فِي اَلْحَقِّ أَسْنَاخَهَا وَ ثَبَّتَ لَهَا آسَاسَهَا وَ يَنَابِيعُ غَزُرَتْ عُيُونُهَا وَ مَصَابِيحُ شَبَّتْ نِيرَانُهَا وَ مَنَارٌ اِقْتَدَى بِهَا سُفَّارُهَا وَ أَعْلاَمٌ قُصِدَ بِهَا فِجَاجُهَا وَ مَنَاهِلُ رَوِيَ بِهَا وُرَّادُهَا.

١٩١

جَعَلَ اَللَّهُ فِيهِ مُنْتَهَى رِضْوَانِهِ وَ ذِرْوَةَ دَعَائِمِهِ وَ سَنَامَ طَاعَتِهِ فَهُوَ عِنْدَ اَللَّهِ وَثِيقُ اَلْأَرْكَانِ رَفِيعُ اَلْبُنْيَانِ مُنِيرُ اَلْبُرْهَانِ مُضِي‏ءُ اَلنِّيرَانِ عَزِيزُ اَلسُّلْطَانِ مُشْرِفُ اَلْمَنَارِ مُعْوِذُ اَلْمَثَارِ فَشَرِّفُوهُ وَ اِتَّبِعُوهُ وَ أَدُّوا إِلَيْهِ حَقَّهُ وَ ضَعُوهُ مَوَاضِعَهُ اصطنعه على عينه كلمة تقال لما يشتد الاهتمام به تقول للصانع اصنع لي كذا على عيني أي اصنعه صنعة كاملة كالصنعة التي تصنعها و أنا حاضر أشاهدها بعيني قال تعالى( وَ لِتُصْنَعَ عَلى‏ عَيْنِي ) .و أصفاه خيرة خلقه أي آثر به خيرة خلقه و هم المسلمون و ياء خيرة مفتوحة.قال و أقام الله دعائم الإسلام على حب الله و طاعته.و المحاد المخالف قال تعالى( مَنْ يُحادِدِ اَللَّهَ ) أي من يعاد الله كأنه يكون في حد و جهة و ذلك الإنسان في حد آخر و جهة أخرى و كذلك المشاق يكون في شق و الآخر في شق آخر.و أتأق الحياض ملأها و تئق السقاء نفسه يتأق تأقا و كذلك الرجل إذا امتلأ غضبا.قوله بمواتحه و هي الدلاء يمتح بها أي يسقى بها.و الانفصام الانكسار و العفاء الدروس.و الجذ القطع و يروى بالدال المهملة و هو القطع أيضا.و الضنك الضيق.

١٩٢

و الوعوثة كثرة في السهولة توجب صعوبة المشي لأن الأقدام تعيث في الأرض.و الوضح البياض.و العوج بفتح العين فيما ينتصب كالنخلة و الرمح و العوج بكسرها فيما لا ينتصب كالأرض و الرأي و الدين.و العصل الالتواء و الاعوجاج ناب أعصل و شجرة عصلة و سهام عصل.و الفج الطريق الواسع بين الجبلين يقول لا وعث فيه أي ليس طريق الإسلام بوعث و قد ذكرنا أن الوعوثة ما هي.قوله فهو دعائم أساخ في الحق أسناخها الأسناخ جمع سنخ و هو الأصل و أساخها في الأرض أدخلها فيها و ساخت قوائم فرسه في الأرض تسوخ و تسيخ دخلت و غابت.و الآساس بالمد جمع أسس مثل سبب و أسباب و الأسس و الأس و الأساس واحد و هو أصل البناء.و غزرت عيونها بضم الزاي كثرت و شبت نيرانها بضم الشين أوقدت و المنار الأعلام في الفلاة.قوله قصد بها فجاجها أي قصد بنصب تلك الأعلام اهتداء المسافرين في تلك الفجاج فأضاف القصد إلى الفجاج.و روي روادها جمع رائد و هو الذي يسبق القوم فيرتاد لهم الكلأ و الماء.و الذروة أعلى السنام و الرأس و غيرهما.قوله معوذ المثار أي يعجز الناس إثارته و إزعاجه لقوته و متانته

١٩٣

ثُمَّ إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً ص بِالْحَقِّ حِينَ دَنَا مِنَ اَلدُّنْيَا اَلاِنْقِطَاعُ وَ أَقْبَلَ مِنَ اَلآْخِرَةِ اَلاِطِّلاَعُ وَ أَظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ إِشْرَاقٍ وَ قَامَتْ بِأَهْلِهَا عَلَى سَاقٍ وَ خَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ وَ أَزِفَ مِنْهَا قِيَادٌ فِي اِنْقِطَاعٍ مِنْ مُدَّتِهَا وَ اِقْتِرَابٍ مِنْ أَشْرَاطِهَا وَ تَصَرُّمٍ مِنْ أَهْلِهَا وَ اِنْفِصَامٍ مِنْ حَلْقَتِهَا وَ اِنْتِشَارٍ مِنْ سَبَبِهَا وَ عَفَاءٍ مِنْ أَعْلاَمِهَا وَ تَكَشُّفٍ مِنْ عَوْرَاتِهَا وَ قِصَرٍ مِنْ طُولِهَا جَعَلَهُ اَللَّهُ سُبْحَانَهُ بَلاَغاً لِرِسَالَتِهِ وَ كَرَامَةً لِأُمَّتِهِ وَ رَبِيعاً لِأَهْلِ زَمَانِهِ وَ رِفْعَةً لِأَعْوَانِهِ وَ شَرَفاً لِأَنْصَارِهِ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ اَلْكِتَابَ نُوراً لاَ تُطْفَأُ مَصَابِيحُهُ وَ سِرَاجاً لاَ يَخْبُو تَوَقُّدُهُ وَ بَحْراً لاَ يُدْرَكُ قَعْرُهُ وَ مِنْهَاجاً لاَ يُضِلُّ نَهْجُهُ وَ شُعَاعاً لاَ يُظْلِمُ ضَوْءُهُ وَ فُرْقَاناً لاَ يُخْمَدُ بُرْهَانُهُ وَ تِبْيَاناً لاَ تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ وَ شِفَاءً لاَ تُخْشَى أَسْقَامُهُ وَ عِزّاً لاَ تُهْزَمُ أَنْصَارُهُ وَ حَقّاً لاَ تُخْذَلُ أَعْوَانُهُ فَهُوَ مَعْدِنُ اَلْإِيمَانِ وَ بُحْبُوحَتُهُ وَ يَنَابِيعُ اَلْعِلْمِ وَ بُحُورُهُ وَ رِيَاضُ اَلْعَدْلِ وَ غُدْرَانُهُ وَ أَثَافِيُّ اَلْإِسْلاَمِ وَ بُنْيَانُهُ وَ أَوْدِيَةُ اَلْحَقِّ وَ غِيطَانُهُ وَ بَحْرٌ لاَ يَنْزِفُهُ اَلْمُسْتَنْزِفُونَ وَ عُيُونٌ لاَ يُنْضِبُهَا اَلْمَاتِحُونَ وَ مَنَاهِلُ لاَ يَغِيضُهَا اَلْوَارِدُونَ وَ مَنَازِلُ لاَ يَضِلُّ نَهْجَهَا اَلْمُسَافِرُونَ وَ أَعْلاَمٌ لاَ يَعْمَى عَنْهَا اَلسَّائِرُونَ وَ إِكَامٌ آكَامٌ لاَ يَجُوزُ عَنْهَا اَلْقَاصِدُونَ

١٩٤

اختلاف الأقوال في عمر الدنيا

قوله ع حين دنا من الدنيا الانقطاع أي أزفت الآخرة و قرب وقتها و قد اختلف الناس في ذلك اختلافا شديدا فذهب قوم إلى أن عمر الدنيا خمسون ألف سنة قد ذهب بعضها و بقي بعضها.و اختلفوا في مقدار الذاهب و الباقي و احتجوا لقولهم بقوله تعالى( تَعْرُجُ اَلْمَلائِكَةُ وَ اَلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) قالوا اليوم هو إشارة إلى الدنيا و فيها يكون عروج الملائكة و الروح إليه و اختلافهم بالأمر من عنده إلى خلقه و إلى رسله قالوا و ليس قول بعض المفسرين أنه عنى يوم القيامة بمستحسن لأن يوم القيامة لا يكون للملائكة و الروح عروج إليه سبحانه لانقطاع التكليف و لأن المؤمنين إما أن يطول عليهم ذلك اليوم بمقدار خمسين ألف سنة أو يكون هذا مختصا بالكافرين فقط و يكون قصيرا على المؤمنين و الأول باطل لأنه أشد من عذاب جهنم و لا يجوز أن يلقى المؤمن هذه المشقة و الثاني باطل لأنه لا يجوز أن يكون الزمان الواحد طويلا قصيرا بالنسبة إلى شخصين اللهم إلا أن يكون أحدهما نائما أو ممنوا بعلة تجري مجرى النوم فلا يحس بالحركة و معلوم أن حال المؤمنين بعد بعثهم ليست هذه الحال.قالوا و ليست هذه الآية مناقضة للآية الأخرى و هي قوله تعالى( يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ مِنَ اَلسَّماءِ إِلَى اَلْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) و ذلك لأن سياق الكلام يدل على أنه أراد به الدنيا و ذلك لأنه قد ورد في الخبر أن

١٩٥

بين الأرض و السماء مسيرة خمسمائة عام فإذا نزل الملك إلى الأرض ثم عاد إلى السماء فقد قطع في ذلك اليوم مسيرة ألف عام أ لا ترى إلى قوله( يُدَبِّرُ اَلْأَمْرَ مِنَ اَلسَّماءِ إِلَى اَلْأَرْضِ ) أي ينزل الملك بالوحي و الأمر و الحكم من السماء إلى الأرض ثم يعود راجعا إليه و عارجا صاعدا إلى السماء فيجتمع من نزوله و صعوده مقدار مسير ألف سنة.و ذكر حمزة بن الحسن الأصفهاني في كتابه المسمى تواريخ الأمم أن اليهود تذهب إلى أن عدد السنين من ابتداء التناسل إلى سنة الهجرة لمحمد ص أربعة آلاف و اثنتان و أربعون سنة و ثلاثة أشهر.و النصارى تذهب إلى أن عدد ذلك خمسة آلاف و تسعمائة و تسعون سنة و ثلاثة أشهر.و أن الفرس تذهب إلى أن من عهد كيومرث والد البشر عندهم إلى هلاك يزدجرد بن شهريار الملك أربعة آلاف و مائة و اثنتين و ثمانين سنة و عشرة أشهر و تسعة عشر يوما و يسندون ذلك إلى كتابهم الذي جاء به زردشت و هو الكتاب المعروف بأبستا.فأما اليهود و النصارى فيسندون ذلك إلى التوراة و يختلفون في كيفية استنباط المدة.و تزعم النصارى و اليهود أن مدة الدنيا كلها سبعة آلاف سنة قد ذهب منها ما ذهب و بقي ما بقي.و قيل إن اليهود إنما قصرت المدة لأنهم يزعمون أن شيخهم الذي هو منتظرهم يخرج في أول الألف السابع فلو لا تنقيصهم المدة و تقصيرهم أيامها لتعجل افتضاحهم و لكن سيفتضحون فيما بعد عند من يأتي بعدنا من البشر.

١٩٦

قال حمزة و أما المنجمون فقد أتوا بما يغمز هذا كله فزعموا أنه قد مضى من الدنيا منذ أول يوم سارت فيه الكواكب من رأس الحمل إلى اليوم الذي خرج فيه المتوكل بن معتصم بن الرشيد من سامراء إلى دمشق ليجعلها دار الملك و هو أول يوم من المحرم سنة أربع و أربعين و مائتين للهجرة المحمدية أربعة آلاف ألف ألف ألف ثلاث لفظات و ثلاثمائة ألف و عشرون ألف سنة بسني الشمس.قالوا و الذي مضى من الطوفان إلى صبيحة اليوم الذي خرج فيه المتوكل إلى دمشق ثلاث آلاف و سبعمائة و خمس و ثلاثون سنة و عشرة أشهر و اثنان و عشرون يوما.و ذكر أبو الريحان البيروني في كتاب الآثار الباقية عن القرون الخالية أن الفرس و المجوس يزعمون أن عمر الدنيا اثنا عشر ألف سنة على عدد البروج و عدد الشهور و أن الماضي منها إلى وقت ظهور زردشت صاحب شريعتهم ثلاثة آلاف سنة و بين ابتداء ظهور زردشت و بين أول تاريخ الإسكندر مائتان و ثمان و خمسون سنة و بين تاريخ الإسكندر و بين سنته التي كتبنا فيها شرح هذا الفصل و هي سنة سبع و أربعين و ستمائة للهجرة النبوية ألف و خمسمائة و سبعون سنة فعلى هذا يكون الماضي إلى يومنا هذا من أصل اثني عشر ألف سنة أربعة آلاف و ثمانمائة و ثماني عشرة سنة فيكون الباقي من الدنيا على قولهم أكثر من الماضي.و حكى أبو الريحان عن الهند في بعض كتبه أن مدة عمر الدنيا مقدار تضعيف الواحد من أول بيت في رقعة الشطرنج إلى آخر البيوت.فأما الأخباريون من المسلمين فأكثرهم يقولون إن عمر الدنيا سبعة آلاف سنة

١٩٧

و يقولون إننا في السابع و الحق أنه لا يعلم أحد هذا إلا الله تعالى وحده كما قال سبحانه( يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى‏ رَبِّكَ مُنْتَهاها ) و قال( لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ ثَقُلَتْ فِي اَلسَّماواتِ وَ اَلْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اَللَّهِ ) .و نقول مع ذلك كما ورد به الكتاب العزيز( اِقْتَرَبَتِ اَلسَّاعَةُ ) و( اِقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ ) و( أَتى‏ أَمْرُ اَللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) .و لا نعلم كمية الماضي و لا كمية الباقي و لكنا نقول كما أمرنا و نسمع و نطيع كما أدبنا و من الممكن أن يكون ما بقي قريبا عند الله و غير قريب عندنا كما قال سبحانه( إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً وَ نَراهُ قَرِيباً ) .و بالجملة هذا موضع غامض يجب السكوت عنه.قوله ع و قامت بأهلها على ساق الضمير للدنيا و الساق الشدة أي انكشفت عن شدة عظيمة.و قوله تعالى( وَ اِلْتَفَّتِ اَلسَّاقُ بِالسَّاقِ ) أي التفت آخر شدة الدنيا بأول شدة الآخرة.و المهاد الفراش و أزف منها قياد أي قرب انقيادها إلى التقضي و الزوال.و أشراط الساعة علاماتها و إضافتها إلى الدنيا لأنها في الدنيا تحدث و إن كانت علامات للأخرى و العفاء الدروس.

١٩٨

و روي من طولها و الطول الحبل.ثم عاد إلى ذكر النبي ص فقال جعله الله سبحانه بلاغا لرسالته أي ذا بلاغ و البلاغ التبليغ فحذف المضاف.و لا تخبو لا تنطفئ و الفرقان ما يفرق به بين الحق و الباطل.و أثافي الإسلام جمع أثفية و هي الأحجار توضع عليها القدر شكل مثلث.و الغيطان جمع غائط و هو المطمئن من الأرض.و لا يغيضها بفتح حرف المضارعة غاض الماء و غضته أنا يتعدى و لا يتعدى و روي لا يغيضها بالضم على قول من قال أغضت الماء و هي لغة ليست بالمشهورة.و الآكام جمع أكم مثل جبال جمع جبل و الأكم جمع أكمة مثل عنب جمع عنبة و الأكمة ما علا من الأرض و هي دون الكثيب : جَعَلَهُ اَللَّهُ رِيّاً لِعَطَشِ اَلْعُلَمَاءِ وَ رَبِيعاً لِقُلُوبِ اَلْفُقَهَاءِ وَ مَحَاجَّ لِطُرُقِ اَلصُّلَحَاءِ وَ دَوَاءً لَيْسَ بَعْدَهُ دَاءٌ وَ نُوراً لَيْسَ مَعَهُ ظُلْمَةٌ وَ حَبْلاً وَثِيقاً عُرْوَتُهُ وَ مَعْقِلاً مَنِيعاً ذِرْوَتُهُ وَ عِزّاً لِمَنْ تَوَلاَّهُ وَ سِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ وَ هُدًى لِمَنِ اِئْتَمَّ بِهِ وَ عُذْراً لِمَنِ اِنْتَحَلَهُ وَ بُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ وَ شَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ بِهِ وَ فَلْجاً لِمَنْ حَاجَّ بِهِ وَ حَامِلاً لِمَنْ حَمَلَهُ وَ مَطِيَّةً لِمَنْ أَعْمَلَهُ وَ آيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ وَ جُنَّةً لِمَنِ اِسْتَلْأَمَ وَ عِلْماً لِمَنْ وَعَى وَ حَدِيثاً لِمَنْ رَوَى وَ حُكْماً لِمَنْ قَضَى

١٩٩

الضمير يرجع إلى القرآن جعله الله ريا لعطش العلماء إذا ضل العلماء في أمر و التبس عليهم رجعوا إليه فسقاهم كما يسقي الماء العطش و كذا القول في ربيعا لقلوب الفقهاء و الربيع هاهنا الجدول و يجوز أن يريد المطر في الربيع يقال ربعت الأرض فهي مربوعة.و المحاج جمع محجة و هي جادة الطريق و المعقل الملجأ.و سلما لمن دخله أي مأمنا و انتحله دان به و جعله نحلته.و البرهان الحجة و الفلج الظفر و الفوز و حاج به خاصم.قوله ع و حاملا لمن حمله أي أن القرآن ينجي يوم القيامة من كان حافظا له في الدنيا بشرط أن يعمل به.قوله ع و مطية لمن أعمله استعارة يقول كما أن المطية تنجي صاحبها إذا أعملها و بعثها على النجاء فكذلك القرآن إذا أعمله صاحبه أنجاه و معنى إعماله اتباع قوانينه و الوقوف عند حدوده.قوله و آية لمن توسم أي لمن تفرس قال تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ.و الجنة ما يستتر به و استلأم لبس لأمة الحرب و هي الدرع.و وعى حفظ.قوله و حديثا لمن روى قد سماه الله تعالى حديثا فقال( اَللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ

٢٠٠