كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٠

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 290

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 290
المشاهدات: 48655
تحميل: 5879


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 290 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48655 / تحميل: 5879
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 10

مؤلف:
العربية

194 و من كلام له ع

أَيُّهَا اَلنَّاسُ لاَ تَسْتَوْحِشُوا فِي طَرِيقِ اَلْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهِ فَإِنَّ اَلنَّاسَ اِجْتَمَعُوا عَلَى مَائِدَةٍ شِبَعُهَا قَصِيرٌ وَ جُوعُهَا طَوِيلٌ أَيُّهَا اَلنَّاسُ إِنَّمَا يَجْمَعُ اَلنَّاسَ اَلرِّضَا وَ اَلسُّخْطُ وَ إِنَّمَا عَقَرَ نَاقَةَ ثَمُودَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَعَمَّهُمُ اَللَّهُ بِالْعَذَابِ لَمَّا عَمُّوهُ بِالرِّضَا فَقَالَ سُبْحَانَهُ( فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ ) فَمَا كَانَ إِلاَّ أَنْ خَارَتْ أَرْضُهُمْ بِالْخَسْفَةِ خُوَارَ اَلسِّكَّةِ اَلْمُحْمَاةِ فِي اَلْأَرْضِ اَلْخَوَّارَةِ أَيُّهَا اَلنَّاسُ مَنْ سَلَكَ اَلطَّرِيقَ اَلْوَاضِحَ وَرَدَ اَلْمَاءَ وَ مَنْ خَالَفَ وَقَعَ فِي اَلتِّيهِ الاستيحاش ضد الاستئناس و كثيرا ما يحدثه التوحد و عدم الرفيق فنهى ع عن الاستيحاش في طريق الهدى لأجل قلة أهله فإن المهتدي ينبغي أن يأنس بالهداية فلا وحشة مع الحق.و عنى بالمائدة الدنيا لذتها قليلة و نغصتها كثيرة و الوجود فيها زمان قصير جدا و العدم عنها زمان طويل جدا.ثم قال ليست العقوبة لمن اجترم ذلك الجرم بعينه بل لمن اجترمه و من رضي به و إن لم يباشره بنفسه فإن عاقر ناقة صالح إنما كان إنسانا واحدا فعم الله ثمود بالسخط

٢٦١

لما كانوا راضين بذلك الفعل كلهم و اسم كان مضمر فيها أي ما كان الانتقام منهم إلا كذا.و خارت أرضهم بالخسفة صوتت كما يخور الثور و شبه ع ذلك بصوت السكة المحماة في الأرض الخوارة و هي اللينة و إنما جعلها محماة لتكون أبلغ في ذهابها في الأرض ومن كلامه ع يوم خيبر يقوله لرسول الله ص و قد بعثه بالراية أكون في أمرك كالسكة المحماة في الأرض أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فقال له بل يرى الشاهد ما لا يرى الغائب.و قال له أيضا هذه اللفظة لما بعثه في شأن مارية القبطية و ما كانت اتهمت به من أمر الأسود القبطي و لهذا علة في العلم الطبيعي و ذلك أن السكة المحماة تخرق الأرض بشيئين أحدهما تحدد رأسها و الثاني حرارته فإن الجسم المحدد الحار إذا اعتمد عليه في الأرض اقتضت الحرارة إعانة ذلك الطرف المحدد على النفوذ بتحليلها ما تلاقي من صلابة الأرض لأن شأن الحرارة التحليل فيكون غوص ذلك الجسم المحدد في الأرض أوحى و أسهل.و التيه المفازة يتحير سالكها

قصة صالح و ثمود

قال المفسرون إن عادا لما أهلكت عمرت ثمود بلادها و خلفوهم في الأرض و كثروا و عمروا أعمارا طوالا حتى إن الرجل كان يبني المسكن المحكم فينهدم في حياته فنحتوا البيوت في الجبال و كانوا في سعة و رخاء من العيش فعتوا على الله و أفسدوا في الأرض و عبدوا الأوثان فبعث الله إليهم صالحا و كانوا قوما عربا و صالح من أوسطهم

٢٦٢

نسبا فما آمن به إلا قليل منهم مستضعفون فحذرهم و أنذرهم فسألوه آية فقال أية آية تريدون قالوا تخرج معنا إلى عيدنا في يوم معلوم لهم من السنة فتدعو إلهك و ندعو إلهنا فإن استجيب لك اتبعناك و إن استجيب لنا اتبعتنا.قال نعم فخرج معهم و دعوا أوثانهم و سألوها الاستجابة فلم تجب فقال سيدهم جندع بن عمرو و أشار إلى صخرة منفردة في ناحية الجبل يسمونها الكاثبة أخرج لنا في هذه الصخرة ناقة مخترجة جوفاء وبراء و المخترجة التي شاكلت البخت فإن فعلت صدقناك و أجبناك.فأخذ عليهم المواثيق لئن فعلت ذلك لتؤمنن و لتصدقن قالوا نعم فصلى و دعا ربه فتمخضت الصخرة تمخض النتوج بولدها فانصدعت عن ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا لا يعلم ما بين جنبيها إلا الله و عظماؤهم ينظرون ثم نتجت ولدا مثلها في العظم فآمن به جندع و رهط من قومه و منع أعقابهم ناس من رءوسهم أن يؤمنوا فمكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر و تشرب الماء و كانت ترد غبا فإذا كان يومها وضعت رأسها في البئر فما ترفعه حتى تشرب كل ماء فيها ثم تتفجح فيحتلبون ما شاءوا حتى تمتلئ أوانيهم فيشربون و يدخرون فإذا وقع الحر تصيفت بظهر الوادي فتهرب منها أنعامهم فتهبط إلى بطنه و إذا وقع البرد تشتت ببطن الوادي فتهرب مواشيهم إلى ظهره فشق ذلك عليهم و زينت عقرها لهم امرأتان عنيزة أم غنم و صدفة بنت المختار لما أضرت به من مواشيهما و كانتا كثيرتي المواشي فعقروها عقرها قدار الأحمر و اقتسموا لحمها و طبخوه.

٢٦٣

فانطلق سقبها حتى رقي جبلا اسمه قارة فرغا ثلاثا و كان صالح قال لهم أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنكم العذاب فلم يقدروا عليه و انفجت الصخرة بعد رغائه فدخلها فقال لهم صالح تصبحون غدا و وجوهكم مصفرة و بعد غد وجوهكم محمرة و اليوم الثالث وجوهكم مسودة ثم يغشاكم العذاب.فلما رأوا العلامات طلبوا أن يقتلوه فأنجاه الله سبحانه إلى أرض فلسطين فلما كان اليوم الرابع و ارتفعت الضحوة تحنطوا بالصبر و تكفنوا بالأنطاع فأتتهم صيحة من السماء و خسف شديد و زلزال فتقطعت قلوبهم فهلكوا.وقد جاء في الحديث أن رسول الله ص مر بالحجر في غزوة تبوك فقال لأصحابه لا يدخلن أحد منكم القرية و لا تشربوا من مائها و لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تمروا باكين أن يصيبكم مثل ما أصابهم وروى المحدثون أن النبي ص قال لعلي ع أ تدري من أشقى الأولين قال نعم عاقر ناقة صالح قال أ فتدري من أشقى الآخرين قال الله و رسوله أعلم قال من يضربك على هذه حتى تخضب هذه

٢٦٤

195 و من كلام له ع

روي عنه : أَنَّهُ قَالَهُ عِنْدَ دَفْنِ سَيِّدَةِ اَلنِّسَاءِ فَاطِمَةَ ع كَالْمُنَاجِي بِهِ رَسُولَ اَللَّهِ ص عِنْدَ قَبْرِهِ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اَللَّهِ عَنِّي وَ عَنِ اِبْنَتِكَ اَلنَّازِلَةِ فِي جِوَارِكَ وَ اَلسَّرِيعَةِ اَللَّحَاقِ بِكَ قَلَّ يَا رَسُولَ اَللَّهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي وَ رَقَّ عَنْهَا تَجَلُّدِي إِلاَّ أَنَّ فِي اَلتَّأَسِّي لِي بِعَظِيمِ فُرْقَتِكَ وَ فَادِحِ مُصِيبَتِكَ مَوْضِعَ تَعَزٍّ فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودَةِ قَبْرِكَ وَ فَاضَتْ بَيْنَ نَحْرِي وَ صَدْرِي نَفْسُكَ فَإِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَلَقَدِ اُسْتُرْجِعَتِ اَلْوَدِيعَةُ وَ أُخِذَتِ اَلرَّهِينَةُ أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ وَ أَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ إِلَى أَنْ يَخْتَارَ اَللَّهُ لِي دَارَكَ اَلَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ وَ سَتُنَبِّئُكَ اِبْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا فَأَحْفِهَا اَلسُّؤَالَ وَ اِسْتَخْبِرْهَا اَلْحَالَ هَذَا وَ لَمْ يَطُلِ اَلْعَهْدُ وَ لَمْ يَخْلُ مِنْكَ اَلذِّكْرُ وَ اَلسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا سَلاَمَ مُوَدِّعٍ لاَ قَالٍ وَ لاَ سَئِمٍ فَإِنْ أَنْصَرِفْ فَلاَ عَنْ مَلاَلَةٍ وَ إِنْ أُقِمْ فَلاَ عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اَللَّهُ اَلصَّابِرِينَ أما قول الرضيرحمه‌الله عند دفن سيدة النساء فلأنه

قد تواتر الخبر عنه ص أنه قال فاطمة سيدة نساء العالمين إما هذا اللفظ بعينه أو لفظ يؤدي هذا

٢٦٥

المعنى روي أنه قال و قد رآها تبكي عند موته أ لا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة و روي أنه قال سادات نساء العالمين أربع خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و آسية بنت مزاحم و مريم بنت عمران.قوله ع و سريعة اللحاق بك جاء في الحديث أنه رآها تبكي عند موته فأسر إليها أنت أسرع أهلي لحوقا بي فضحكت.قوله عن صفيتك أجله ص عن أن يقول عن ابنتك فقال صفيتك و هذا من لطيف عبارته و محاسن كنايته يقول ع ضعف جلدي و صبري عن فراقها لكني أتأسى بفراقي لك فأقول كل عظيم بعد فراقك جلل و كل خطب بعد موتك يسير.ثم ذكر حاله معه وقت انتقاله ص إلى جوار ربه فقال لقد وسدتك في ملحودة قبرك أي في الجهة المشقوقة من قبرك و اللحد الشق في جانب القبر و جاء بضم اللام في لغة غير مشهورة.قال و فاضت بين نحري و صدري نفسك يروى أنه ص قذف دما يسيرا وقت موته و من قال بهذا القول زعم أن مرضه كان ذات الجنب و أن القرحة التي كانت في الغشاء المستبطن للأضلاع انفجرت في تلك الحال و كانت فيها نفسه ص و ذهب قوم إلى أن مرضه إنما كان الحمى و السرسام الحار و أن أهل داره ظنوا أن به ذات الجنب فلدوه و هو مغمى عليه و كانت العرب تداوي باللدود من به ذات الجنب فلما أفاق علم أنهم قد لدوه فقال لم يكن الله ليسلطها علي لدوا كل من في الدار فجعل بعضهم يلد بعضا.

٢٦٦

و احتج الذاهبون إلى أن مرضه كان ذات الجنب بما روي من انتصابه و تعذر الاضطجاع و النوم عليه قال سلمان الفارسي دخلت عليه صبيحة يوم قبل اليوم الذي مات فيه فقال لي يا سلمان أ لا تسأل عما كابدته الليلة من الألم و السهر أنا و علي فقلت يا رسول الله أ لا أسهر الليلة معك بدله فقال لا هو أحق بذلك منك.و زعم آخرون أن مرضه كان أثرا لأكلة السم التي أكلها ع و احتجوا بقوله ص ما زالت أكلة خيبر تعاودني فهذا أوان قطعت أبهري.و من لم يذهب إلى ذات الجنب فأولوا قول علي ع فاضت بين نحري و صدري نفسك فقالوا أراد بذلك آخر الأنفاس التي يخرجها الميت و لا يستطيع إدخال الهواء إلى الرئة عوضا عنها و لا بد لكل ميت من نفخة تكون آخر حركاته.و يقول قوم إنها الروح و عبر علي ع عنها بالنفس لما كانت العرب لا ترى بين الروح و النفس فرقا.و اعلم أن الأخبار مختلفة في هذا المعنى فقد روى كثير من المحدثين عن عائشة أنها قالت توفي رسول الله ص بين سحري و نحري.و روى كثير منهم هذا اللفظ عن علي ع أنه قال عن نفسه وقال في رواية أخرى ففاضت نفسه في يدي فأمررتها على وجهي.

٢٦٧

و الله أعلم بحقيقة هذه الحال و لا يبعد عندي أن يصدق الخبران معا بأن يكون رسول الله ص وقت الوفاة مستندا إلى علي و عائشة جميعا فقد وقع الاتفاق على أنه مات و هو حاضر لموته و هو الذي كان يقلبه بعد موته و هو الذي كان يعلله ليالي مرضه فيجوز أن يكون مستندا إلى زوجته و ابن عمه و مثل هذا لا يبعد وقوعه في زماننا هذا فكيف في ذلك الزمان الذي كان النساء فيه و الرجال مختلطين لا يستتر البعض عن البعض.فإن قلت فكيف تعمل بآية الحجاب و ما صح من استتار أزواج رسول الله ص عن الناس بعد نزولها.قلت قد وقع اتفاق المحدثين كلهم على أن العباس كان ملازما للرسول ص أيام مرضه في بيت عائشة و هذا لا ينكره أحد فعلى القاعدة التي كان العباس ملازمه ص كان علي ع ملازمه و ذلك يكون بأحد الأمرين إما بأن نساءه لا يستترن من العباس و علي لكونهما أهل الرجل و جزءا منه أو لعل النساء كن يختمرن بأخمرتهن و يخالطن الرجال فلا يرون وجوههن و ما كانت عائشة وحدها في البيت عند موته بل كان نساؤه كلهن في البيت و كانت ابنته فاطمة عند رأسه ص.فأما حديث مرضه ص و وفاته فقد ذكرناه فيما تقدم.قوله إنا لله إلى آخره أي عبيده كما تقول هذا الشي‏ء لزيد أي يملكه.ثم عقب الاعتراف بالملكية بالإقرار بالرجعة و البعث و هذه الكلمة تقال عند المصيبة كما أدب الله تعالى خلقه و عباده.و الوديعة و الرهينة عبارة عن فاطمة و من هذا الموضع أخذ ابن ثوابة الكاتب قوله عن قطر الندى بنت خمارويه بن أحمد بن طولون لما حملت من مصر إلى المعتضد أحمد بن

٢٦٨

طلحة بن المتوكل و قد وصلت الوديعة سالمة و الله المحمود و كيف يوصي الناظر بنوره أم كيف يحض القلب على حفظ سروره.و أخذ الصابي هذه اللفظة أيضا فكتب عن عز الدولة بختيار بن بويه إلى عدة الدولة أبي تغلب بن حمدان و قد نقل إليه ابنته قد وجهت الوديعة يا سيدي و إنما تقلب من وطن إلى سكن و من مغرس إلى مغرس و من مأوى بر و انعطاف إلى مثوى كرامة و ألطاف.فأما الرهينة فهي المرتهنة يقال للمذكر هذا رهين عندي على كذا و للأنثى هذه رهينة عندي على كذا كأنها ع كانت عنده عوضا من رؤية رسول الله ص كما تكون الرهينة عوضا عن الأمر الذي أخذت رهينة عليه.ثم ذكر ع أن حزنه دائم و أنه يسهر ليله و لا ينام إلى أن يلتحق برسول الله ص و يجاوره في الدار الآخرة و هذا من باب المبالغة كما يبالغ الخطباء و الكتاب و الشعراء في المعاني لأنه ع ما سهر منذ ماتت فاطمة و دام سهره إلى أن قتل ع و إنما سهر ليلة أو شهرا أو سنة ثم استمر مريره و ارعوى رسنه فأما الحزن فإنه لم يزل حزينا إذا ذكرت فاطمة هكذا وردت الرواية عنه.قوله ع و ستنبئك ابنتك أي ستعلمك.فأحفها السؤال أي استقص في مسألتها و استخبرها الحال أحفيت إحفاء في السؤال استقصيت و كذلك في الحجاج و المنازعة قال الحارث بن حلزة:

إن إخواننا الأراقم يغلون

علينا في قيلهم إحفاء

و رجل حفي أي مستقص في السؤال.

٢٦٩

و استخبرها الحال أي عن الحال فحذف الجار كقولك اخترت الرجال زيدا أي من الرجال أي سلها عما جرى بعدك من الاستبداد بعقد الأمر دون مشاورتنا و لا يدل هذا على وجود النص لأنه يجوز أن تكون الشكوى و التألم من إطراحهم و ترك إدخالهم في المشاورة فإن ذلك مما تكرهه النفوس و تتألم منه و هجا الشاعر قوما فقال:

و يقضى الأمر حين تغيب تيم

و لا يستأذنون و هم شهود

قوله هذا و لم يطل العهد و لم يخلق الذكر أي لم ينس.

فإن قلت فما هذا الأمر الذي لم ينس و لم يخلق إن لم يكن هناك نص.قلت قوله ص إني مخلف فيكم الثقلين وقوله اللهم أدر الحق معه حيث دار و أمثال ذلك من النصوص الدالة على تعظيمه و تبجيله و منزلته في الإسلام فهو ع كان يريد أن يؤخر عقد البيعة إلى أن يحضر و يستشار و يقع الوفاق بينه و بينهم على أن يكون العقد لواحد من المسلمين بموجبه إما له أو لأبي بكر أو لغيرهما و لم يكن ليليق أن يبرم الأمر و هو غير حاضر له مع جلالته في الإسلام و عظيم أثره و ما ورد في حقه من وجوب موالاته و الرجوع إلى قوله و فعله فهذا هو الذي كان ينقم ع و منه كان يتألم و يطيل الشكوى و كان ذلك في موضعه و ما أنكر إلا منكرا فأما النص فإنه لم يذكره ع و لا احتج به و لما طال الزمان صفح عن ذلك الاستبداد الذي وقع منهم و حضر عندهم فبايعهم و زال ما كان في نفسه.

٢٧٠

فإن قلت فهل كان يسوغ لأبي بكر و قد رأى وثوب الأنصار على الأمر أن يؤخره إلى أن يخرج ع و يحضر المشورة.قلت إنه لم يلم أبا بكر بعينه و إنما تألم من استبداد الصحابة بالأمر دون حضوره و مشاورته و يجوز أن يكون أكثر تألمه و عتابه مصروفا إلى الأنصار الذين فتحوا باب الاستبداد و التغلب

ما رواه أبو حيان في حديث السقيفة

و روى القاضي أبو حامد أحمد بن بشير المروروذي العامري فيما حكاه عنه أبو حيان التوحيدي قال أبو حيان سمرنا عند القاضي أبي حامد ليلة ببغداد بدار ابن جيشان في شارع الماذيان فتصرف الحديث بنا كل متصرف و كان و الله معنا مزيلا مخلطا عزيز الرواية لطيف الدراية له في كل جو متنفس و في كل نار مقتبس فجرى حديث السقيفة و تنازع القوم الخلافة فركب كل منا فنا و قال قولا و عرض بشي‏ء و نزع إلى مذهب فقال أبو حامد هل فيكم من يحفظ رسالة أبي بكر إلى علي و جواب علي له و مبايعته إياه عقيب تلك الرسالة فقالت الجماعة لا و الله فقال هي و الله من درر الحقاق المصونة و مخبئات الصناديق في الخزائن المحوطة و منذ حفظتها ما رويتها إلا للمهلبي في وزارته فكتبها عني في خلوة بيده و قال لا أعرف في الأرض رسالة

٢٧١

أعقل منها و لا أبين و إنها لتدل على علم و حكم و فصاحة و فقاهة في دين و دهاء و بعد غور و شدة غوص.فقال له واحد من القوم أيها القاضي فلو أتممت المنة علينا بروايتها سمعناها و رويناه عنك فنحن أوعى لها من المهلبي و أوجب ذماما عليك.فقال هذه الرسالة رواها عيسى بن دأب عن صالح بن كيسان عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير عن أبي عبيدة بن الجراح.قال أبو عبيدة لما استقامت الخلافة لأبي بكر بين المهاجرين و الأنصار و لحظ بعين الوقار و الهيبة بعد هنة كاد الشيطان بها يسر فدفع الله شرها و أدحض عسرها فركد كيدها و تيسر خيرها و قصم ظهر النفاق و الفسق بين أهلها بلغ أبا بكر عن علي ع تلكؤ و شماس و تهمهم و نفاس فكره أن يتمادى الحال و تبدو له العورة و تنفرج ذات البين و يصير ذلك دريئة لجاهل مغرور أو عاقل ذي دهاء أو صاحب سلامة ضعيف القلب خوار العنان دعاني في خلوة فحضرته و عنده عمر وحده و كان عمر قبسا له و ظهيرا معه يستضي‏ء بناره و يستملي من لسانه فقال لي يا أبا عبيدة ما أيمن ناصيتك و أبين الخير بين عارضيك لقد كنت مع رسول الله ص بالمكان المحوط و المحل المغبوط ولقد قال فيك في يوم مشهود أبو عبيدة أمين هذه الأمة و طالما أعز الله الإسلام بك و أصلح ثلمة على يديك و لم تزل للدين ناصرا و للمؤمنين روحا و لأهلك ركنا و لإخوانك مردا قد أردتك

٢٧٢

لأمر له ما بعده خطره مخوف و صلاحه معروف و لئن لم يندمل جرحه بمسبارك و رفقك و لم تجب حيته برقيتك لقد وقع اليأس و أعضل البأس و احتيج بعدك إلى ما هو أمر من ذلك و أعلق و أعسر منه و أغلق و الله أسأل تمامه بك و نظامه على يدك فتأت له يا أبا عبيدة و تلطف فيه و انصح لله و لرسوله و لهذه العصابة غير آل جهدا و لا قال حمدا و الله كالئك و ناصرك و هاديك و مبصرك.امض إلى علي و اخفض جناحك له و اغضض من صوتك عنده و اعلم أنه سلالة أبي طالب و مكانه ممن فقدناه بالأمس مكانه و قل له البحر مغرقة و البر مفرقة و الجو أكلف و الليل أغلف و السماء جلواء و الأرض صلعاء و الصعود متعذر و الهبوط متعسر و الحق عطوف رءوف و الباطل نسوف عصوف و العجب مقدحة الشر و الضغن رائد البوار و التعريض شجار الفتنة و القحة مفتاح العداوة و الشيطان متكئ على شماله باسط ليمينه نافج حضنيه لأهله ينتظر الشتات و الفرقة و يدب بين الأمة بالشحناء و العداوة عنادا لله و لرسوله و لدينه يوسوس بالفجور و يدلي بالغرور و يمني أهل الشرور و يوحي إلى أوليائه بالباطل دأبا له منذ كان على عهد أبينا

٢٧٣

آدم و عادة منه منذ أهانه الله في سالف الدهر لا ينجى منه إلا بعض الناجذ على الحق و غض الطرف عن الباطل و وطء هامة عدو الله و الدين بالأشد فالأشد و الأجد فالأجد و إسلام النفس لله فيما حاز رضاه و جنب سخطه.و لا بد من قول ينفع إذ قد أضر السكوت و خيف غبه و لقد أرشدك من أفاء ضالتك و صافاك من أحيا مودته لك بعتابك و أراد الخير بك من آثر البقيا معك.ما هذا الذي تسول لك نفسك و يدوى به قلبك و يلتوي عليه رأيك و يتخاوص دونه طرفك و يستشري به ضغنك و يتراد معه نفسك و تكثر لأجله صعداؤك و لا يفيض به لسانك أ عجمة بعد إفصاح أ لبسا بعد إيضاح أ دينا غير دين الله أ خلقا غير خلق القرآن أ هديا غير هدي محمد أ مثلي يمشى له الضراء و يدب له الخمر أم مثلك يغص عليه الفضاء و يكسف في عينه القمر ما هذه القعقعة بالشنان و الوعوعة باللسان إنك لجد عارف باستجابتنا لله و لرسوله و خروجنا من أوطاننا و أولادنا و أحبتنا هجرة إلى الله و نصرة لدينه في زمان أنت منه في كن الصبا و خدر الغرارة غافل تشبب و تربب لا تعي ما يشاد و يراد و لا تحصل ما يساق و يقاد سوى ما أنت جار عليه من أخلاق الصبيان أمثالك و سجايا الفتيان أشكالك حتى بلغت إلى غايتك هذه التي إليها أجريت و عندها حط رحلك غير مجهول القدر

٢٧٤

و لا مجحود الفضل و نحن في أثناء ذلك نعاني أحوالا تزيل الرواسي و نقاسي أهوالا تشيب النواصي خائضين غمارها راكبين تيارها نتجرع صلبها و نشرج عيابها و نحكم آساسها و نبرم أمراسها و العيون تحدج بالحسد و الأنوف تعطس بالكبر و الصدور تستعر بالغيظ و الأعناق تتطاول بالفخر و الأسنة تشحذ بالمكر و الأرض تميد بالخوف لا ننتظر عند المساء صباحا و لا عند الصباح مساء و لا ندفع في نحر أمر إلا بعد أن نحسو الموت دونه و لا نبلغ إلى شي‏ء إلا بعد تجرع العذاب قبله و لا نقوم منآدا إلا بعد اليأس من الحياة عنده فأدين في كل ذلك رسول الله ص بالأب و الأم و الخال و العم و المال و النشب و السبد و اللبد و الهلة و البلة بطيب أنفس و قرة أعين و رحب أعطان و ثبات عزائم و صحة عقول و طلاقة أوجه و ذلاقة ألسن هذا إلى خبيئات أسرار و مكنونات أخبار كنت عنها غافلا و لو لا سنك لم تك عن شي‏ء منها ناكلا كيف و فؤادك مشهوم و عودك معجوم و غيبك مخبور و الخير منك كثير فالآن قد بلغ الله بك و أرهص الخير لك و جعل مرادك بين يديك فاسمع ما أقول لك و اقبل ما يعود قبوله عليك و دع التحبس و التعبس

٢٧٥

لمن لا يضلع لك إذا خطا و لا يتزحزح عنك إذا عطا فالأمر غض و في النفوس مض و أنت أديم هذه الأمة فلا تحلم لجاجا و سيفها العضب فلا تنب اعوجاجا و ماؤها العذب فلا تحل أجاجا و الله لقد سألت رسول الله ص عن هذا لمن هو فقال هو لمن يرغب عنه لا لمن يجاحش عليه و لمن يتضاءل له لا لمن يشمخ إليه و هو لمن يقال له هو لك لا لمن يقول هو لي.و لقد شاورني رسول الله ص في الصهر فذكر فتيانا من قريش فقلت له أين أنت من علي فقال إني لأكره لفاطمة ميعة شبابه و حدة سنه فقلت متى كنفته يدك و رعته عينك حفت بهما البركة و أسبغت عليهما النعمة مع كلام كثير خطبت به رغبته فيك و ما كنت عرفت منك في ذلك حوجاء و لا لوجاء و لكني قلت ما قلت و أنا أرى مكان غيرك و أجد رائحة سواك و كنت لك إذ ذاك خيرا منك الآن لي و لئن كان عرض بك رسول الله ص في هذا الأمر فقد كنى عن غيرك و إن قال فيك فما سكت عن سواك و إن اختلج في نفسك شي‏ء فهلم فالحكم مرضي و الصواب مسموع و الحق مطاع.و لقد نقل رسول الله ص إلى ما عند الله و هو عن هذه العصابة راض و عليها حدب يسره ما سرها و يكيده ما كادها و يرضيه ما أرضاها و يسخطه

٢٧٦

ما أسخطها أ لم تعلم أنه لم يدع أحدا من أصحابه و خلطائه و أقاربه و سجرائه إلا أبانه بفضيلة و خصه بمزية و أفرده بحالة لو أصفقت الأمة عليه لأجلها لكان عنده إيالتها و كفالتها.أ تظن أنه ع ترك الأمة سدى بددا عدا مباهل عباهل طلاحى مفتونة بالباطل ملوية عن الحق لا ذائد و لا رائد و لا ضابط و لا خابط و لا رابط و لا سافي و لا واقي و لا حادي و لا هادي كلا و الله ما اشتاق إلى ربه و لا سأله المصير إلى رضوانه إلا بعد أن أقام الصوى و أوضح الهدى و أمن المهالك و حمى المطارح و المبارك و إلا بعد أن شدخ يافوخ الشرك بإذن الله و شرم وجه النفاق لوجه الله و جدع أنف الفتنة في دين الله و تفل في عين الشيطان بعون الله و صدع بمل‏ء فيه و يده بأمر الله.و بعد فهؤلاء المهاجرون و الأنصار عندك و معك في بقعة جامعة و دار واحدة إن استقادوا لك و أشاروا بك فأنا واضع يدي في يدك و صائر إلى رأيهم فيك و إن تكن الأخرى فادخل في صالح ما دخل فيه المسلمون و كن العون على مصالحهم و الفاتح لمغالقهم و المرشد لضالهم و الرادع لغاويهم فقد أمر الله بالتعاون على البر و أهاب إلى التناصر على الحق و دعنا نقض هذه الحياة الدنيا بصدور بريئة من الغل و نلقى الله بقلوب سليمة من الضغن.

٢٧٧

و إنما الناس ثمامة فارفق بهم و احن عليهم و لن لهم و لا تسول لك نفسك فرقتهم و اختلاف كلمتهم و اترك ناجم الشر حصيدا و طائر الحقد واقعا و باب الفتنة مغلقا لا قال و لا قيل و لا لوم و لا تعنيف و لا عتاب و لا تثريب و الله على ما أقول وكيل و بما نحن عليه بصير.قال أبو عبيدة فلما تهيأت للنهوض قال لي عمر كن على الباب هنيهة فلي معك ذرو من الكلام فوقفت و ما أدري ما كان بعدي إلا أنه لحقني بوجه يندى تهللا و قال لي قل لعلي الرقاد محلمة و اللجاج ملحمة و الهوى مقحمة و ما منا أحد إلا له مقام معلوم و حق مشاع أو مقسوم و بناء ظاهر أو مكتوم و إن أكيس الكيسى من منح الشارد تألفا و قارب البعيد تلطفا و وزن كل أمر بميزانه و لم يجعل خبره كعيانه و لا قاس فتره بشبره دينا كان أو دنيا و ضلالا كان أو هدى و لا خير في علم معتمل في جهل و لا في معرفة مشوبة بنكر:

و لسنا كجلدة رفغ البعير

بين العجان و بين الذنب

و كل صال فبناره يصلى و كل سيل فإلى قراره يجرى و ما كان سكوت هذه العصابة إلى هذه الغاية لعي و حصر و لا كلامها اليوم لفرق أو حذر فقد جدع الله بمحمد ع أنف كل متكبر و قصم به ظهر كل جبار و سل لسان كل كذوب فما ذا بعد الحق إلا الضلال.ما هذه الخنزوانة التي في فراش رأسك و ما هذا الشجا المعترض في مدارج أنفاسك و ما هذه الوحرة التي أكلت شراسيفك و القذاة التي أعشت ناظرك و ما هذا الدحس

٢٧٨

و الدس اللذان يدلان على ضيق الباع و خور الطباع و ما هذا الذي لبست بسببه جلد النمر و اشتملت عليه بالشحناء و النكر لشد ما استسعيت لها و سريت سرى ابن أنقد إليها إن العوان لا تعلم الخمرة ما أحوج الفرعاء إلى فالية و ما أفقر الصلعاء إلى حالية و لقد قبض رسول الله ص و الأمر معبد مخيس ليس لأحد فيه ملمس لم يسير فيك قولا و لم يستنزل لك قرآنا و لم يجزم في شأنك حكما لسنا في كسروية كسرى و لا قيصرية قيصر تأمل إخوان فارس و أبناء الأصفر قد جعلهم الله جزرا لسيوفنا و دريئة لرماحنا و مرمى لطعاننا بل نحن في نور نبوة و ضياء رسالة و ثمرة حكمة و أثر رحمة و عنوان نعمة و ظل عصمة بين أمة مهدية بالحق و الصدق مأمونة على الرتق و الفتق لها من الله تعالى قلب أبي و ساعد قوي و يد ناصرة و عين ناظرة.أ تظن ظنا أن أبا بكر وثب على هذا الأمر مفتاتا على الأمة خادعا لها و متسلطا عليها أ تراه امتلخ أحلامها و أزاغ أبصارها و حل عقودها و أحال عقولها و استل من صدورها حميتها و انتكث رشاءها و انتضب ماءها و أضلها عن هداها و ساقها إلى رداها و جعل نهارها ليلا و وزنها كيلا و يقظتها رقادا و صلاحها فسادا إن كان هكذا إن سحره لمبين و إن كيده لمتين كلا و الله بأي خيل و رجل و بأي سنان و نصل و بأي منة و قوة و بأي مال و عدة و بأي أيد و شدة و بأي عشيرة و أسرة و بأي قدرة و مكنة و بأي تدرع و بسطة لقد أصبح بما وسمته منيع الرقبة رفيع العتبة لا و الله لكن سلا عنها فولهت نحوه و تطامن لها فالتفت به و مال عنها فمالت إليه و اشمأز دونها فاشتملت عليه حبوة حباه الله بها و غاية بلغه الله إليها و نعمة سربله جمالها و يد لله أوجب عليه شكرها و أمة نظر الله به

٢٧٩

لها و طالما حلقت فوقه في أيام النبي ص و هو لا يلتفت لفتها و لا يرتصد وقتها و الله أعلم بخلقه و أرأف بعباده يختار ما كان لهم الخيرة و إنك بحيث لا يجهل موضعك من بيت النبوة و معدن الرسالة و كهف الحكمة و لا يجحد حقك فيما آتاك ربك من العلم و منحك من الفقه في الدين هذا إلى مزايا خصصت بها و فضائل اشتملت عليها و لكن لك من يزاحمك بمنكب أضخم من منكبك و قربى أمس من قرباك و سن أعلى من سنك و شيبة أروع من شيبتك و سيادة معروفة في الإسلام و الجاهلية و مواقف ليس لك فيها جمل و لا ناقة و لا تذكر فيها في مقدمة و لا ساقة و لا تضرب فيها بذراع و لا إصبع و لا تعد منها ببازل و لا هبع.إن أبا بكر كان حبة قلب رسول الله ص و علاقة همه و عيبة سره و مثوى حزنه و راحة باله و مرمق طرفه شهرته مغنية عن الدلالة عليه.و لعمري إنك لأقرب منه إلى رسول الله ص قرابة و لكنه أقرب منك قربة و القرابة لحم و دم و القربة روح و نفس و هذا فرق يعرفه المؤمنون و لذلك صاروا إليه أجمعون.و مهما شككت فلا تشك في أن يد الله مع الجماعة و رضوانه لأهل الطاعة فادخل فيما هو خير لك اليوم و أنفع غدا و الفظ من فيك ما هو متعلق بلهاتك و انفث

٢٨٠