بلون الغار...بلون الغدير

بلون الغار...بلون الغدير0%

بلون الغار...بلون الغدير مؤلف:
تصنيف: دواوين
الصفحات: 184

  • البداية
  • السابق
  • 184 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 26662 / تحميل: 5315
الحجم الحجم الحجم
بلون الغار...بلون الغدير

بلون الغار...بلون الغدير

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

- 30 -

اختمْ صيامي بالقبول وبالرضا

يا ربِّ، واحكمْ بالأصولِ فروعَهُ

أنت الغنيُّ عن الوجود جميعِهِ

فاشملْ برحمتِكَ الوجودَ جميعَهُ

فهو عيد

أقبل العيدُ السعيدْ

بالأماني والورودْ

وصحا الطيرُ وغنَّى

للورى أحلى نشيدْ

وارتدى الكون لباساً

زاهيَ اللونِ جديدْ

وغصونُ الزهر مالتْ

فوق شطآن الوجودْ

وكأنّ الروضَ يبدو

في ركوع وسجودْ

يا ربيع الشوق أهلاً

كم دعونا كي تعودْ

أشرقت أنوار طَهَ

تغمر الصبحَ الوليدْ

كلُّ يوم قد أطعنا الله فيه، فَهْوَ عيدْ !

1993

٨١

٨٢

كبدي وجراحك الخضراء

لا تقترب يا نجم، وابق هناك محجوباً

بأسدافِ الزمنْ

لا تحرق الدنيا بطلعتك الوضيئةِ

حين تولدُ ..

فالظلام يلوك فاكهة الخلودِ

وألفُ عاصفة تهبُّ

وتكسرُ الأمواجَ، والقمرَ المعلّقَ

في الصواري المائساتِ

وتستبيح البسمةَ الحسناءَ

في ثغر السفُنْ

لا تدنُ من أرض يلذ لها الهجوعُ

وتستكينُ ذليلةً

فوق التواريخ الكسيحةِ

والمرايا السودِ

والحُمَّىٰ ..

وأكتافِ المحنْ !

وانظر إلى هذا الوجودِ

٨٣

تجدْه قفرًا، لا تداعبه النسائمُ

والخُزامىٰ والريا حينُ الطريّةُ

والبحيراتُ العذابُ، ومهرجان الطيرِ

والروضُ الأغنّْ !

واربأ بهامتكِ الكريمةِ

عن عوالمنا الذميمةِ إذْ هَوَتْ

مزقاً محرّقةً بأخدود الفتنْ ..

واعبر مداراتِ الحياة

فكأس « جعدةَ » دائرٌ

يسقى الحمامات النبيلةَ

والأحبةَ والوطنْ ..

وارحم ثكالى الخلقِ

والأملَ المذهّبَ في بطون الأمهاتِ

وهدأةَ الريف الملفّع بالطفولةِ

واشتعالَ الشيْب في رأس المدنْ

فالأرض أضعف طاقةً

من أن تراك تجود بالنفْس الزكيةِ

مرةً أخري ..

وتقتلُ يا حسنْ !!

ارفقْ بنا ..!

فعيوننا لم تكتحل بالنور دهرَا ..

٨٤

وتعودت أجفاننا برموشها السوداءِ

أن تغفوا ..

وتحلمَ أنّ أشواك الظلامِ

غدت نجيماتٍ وزهرَا

حتى مآقينا ترجح أن تشبَّ

الامنياتُ الزغْبُ في أرحامها البتراءِ

جمرَا ..

فاذا صحت ورأتك واقعَها المضيءَ

تَحيَّرَتْ !

وهي التي لم تحتضن أهدابُها

من قبلُ لالاءً وبدرَا

حتى المآذنُ ..

والسواقي ..

والفصول الخضرُ

ما عادت تؤذّنُ

أو ترش على التلال ندًى

وتكبيراً وغزلاناً

وزغردةً وعطرَا

حتى المواسمُ والمواكبُ

والكواكبُ

لم تعد تُضفي على الأعشاشِ

والأعشابِ

والليل الحزينِ

٨٥

بشاشةً سكرى ..

وإشراقا وسحْرَا ..

حتى الليالي لم تعد تنأىٰٰ

ليلتمس الحيارى البائسون هُدًى

وأسحارا وفجرَا

حتى المحافلُ ..

والرحيلُ الحلو في زهو الذرى

والامسياتُ

ودهشةُ الشعراءِ

ما عادت تفيض على السهولِ

وهودجِ العشاقِ

وحياً وارتعاشاتٍ

وشعرَا ..

فاذا أتى الميلادُ

يحمل للحزانى فرحةً ..

ونبوءةً تشدو وبشرىٰ

وتفجرت آفاق هذا الشرق نوراً

وهجهُ:

طه، وحيدرةٌ، وزهرا ..

فلتبتهجْ يا عمرنا الخالي من الفرحِ

المجنَّحِ

فهي ذكرى أيُّ ذكرى !!

٨٦

وتجيء تسبح في الدماءِ

وفي رؤاك الطفُّ، والعطش الرهيبُ

وشهقةُ الاطفال، والشفق النحيلْ ..

وأخوك ممدودٌ على وجه الثرى

كالكونِ أضجعه الزمان على الرمالِ

فبدءُهُ: قِدَمُ الخليقةِ

والنهايةُ في امتداد المستحيلْ

وأخوك شعشعةُ النجوم على الممالكِ

واشتعالات التجلّي

واقتدارُ الضوءِ ..

والمشكاةُ والقنديلْ

وأخوك جمهرة من الأفلاكِ

ترفض أن تحطَّ على الترابِ

وأن تذوب مع انطفاءات الأصيلْ

وأخوك جلجلة الفوارسِ

والتماعاتُ السيوفِ

تضنّ أن تهوِي ..

فيسكتها الردَىٰ

وتدوسها ضعةُ السنابكِ

وانتكاساتُ الخيولْ !

وأخوك زلزلةُ الملاحمِ

وازدهاراتُ الفتوحِ

٨٧

وثورةُ البركانِ والغزواتُ ..

والفَرَسُ الأصيلْ

وأخوك خامس خمسة تحت الكساءِ

اللهُ سادسهم وجبرائيلْ

وأخوك جوهرةُ الامامةِ

وانفجارُ الوحي ..

والقولُ الثقيلْ ..

وأخوك أسفار البشارةِ

و « المؤيدُ » للمسيحِ

وصرخةُ الشهداءِ في التنزيلْ

وأخوك هدهدةُ الولايةِ

بين أحضانِ النبيِّ

ومعجزاتُ المرسلينَ

وفُلكُ نوحٍ

والأساطيرُ المجيدةُ، والشرائعُ،

والنقوشُ ..

وآيةُ الرهبان في ديرٍ علىٰ بَرَدَىٰ

وأسرارُ النبوءات الخبيئةِ

في ضفاف النيلْ

وأخوك أحزانُ الفراتِ

وولولات البدو في غسق الخيامِ

وأنة الأنسامِ في سعف النخيلْ

٨٨

وأخوك أوصال النهارِ

تناثرت فوق المدائنِ

وانشطارُ الشمسِ

والخطبُ الجليلْ

وأخوك حرقتنا وآهتنا

وقصتنا التي اختزلت بها الدنيا

حكاياها العجيبةَ ..

فهي تقصرُ كي تطولْ !

فأخوك عاشوراءُ

والقتل المحرمُ

والدم المطلولُ

والدمع الهطولْ

     

وأخوك رأسٌ

ناشرٌ حُمْرَ الجدائلِ

واختضابَ الجرح في وجع الضفائر

والتهابَ البوح في هلع الذهولْ

وأخوك أنفاسٌ وأوردةٌ

تمزقها الضغائن والنصولْ ..

وأخوك عزفٌ كالعواصف

في متاهات المدىٰ

وأخوك نزفٌ كالسيولْ

وأخوك تَقدمةٌ وأضحيةٌ

٨٩

ومذبحةٌ تجولْ !

وأخوك زينبُ والسبايا

والرسالةُ والرسولْ

وأخوك مأتمنا الموشح بالسوادِ

تنوح فيه الحور من أزلٍ

وتندب فيه حواءٌ، وآمنةٌ

ومريمُ، والبتولْ

وأخوك قبتنا الذبيحة في

جنائز كربلاءَ

تمد كفيها المخضبتين بالدمِ

للسماءِ

وتشتكي لله أحفاد المغولْ

وأخوك سامرّاءُ ..

والأمل المغيّبُ في الضمائرِ

والمشاعرِ

والعقولْ

     

وأخوك نكبتنا ..

ومحنتنا الحبيسةُ في ذراري النسلِ

جيلاً بعد جيلْ

وأخوك: أنتَ ..

وأنتما: أنتمْ ..

وأنتم كلكم حيٌّ كدفق النبضِ

٩٠

في قلب الحياةِ

وكلنا نحن القتيلْ !

يا لي ويا لربابتي الرعناءِ

كيف تميتني صمتاً

لتعزف ما تمنّت أن تقولْ !!

قد كنت أرجو أن أصوغ قَصيدةَ الميلادِ

في هذا المساء الطلقِ

لكنَّ الحسينَ جراحه سكنت فمي

فتحولت فيه الأغاريد البهيجةُ نوحةً

وتحول النغمُ الطروبُ

إلى عويلْ !!

يا كلَّ آياتِ النبوةِ

والأناشيدِ النديّةِ

في شفاه المصطفىٰ ..

يا سبطَهُ المسمومَ قامَ

ومزّق الأكفانَ

وهو يطوف حول البيت متّئدًا

ويسعى بين مروةَ والصفا

قعدوا ولم تقعدْ !

ولكنّ الخيانةَ في « النّخَيْلةِ »

٩١

وانكفاءاتِ القبائلِ

حمّلتك من الشدائد ما كفىٰ !

خذلوك، وانتهبوا المصلَّى والمتاعَ

ونازعوك بساطك النبويَّ

ثم تأملوا أن يُسلموك إلى ابن هندٍ

حيلةً وتزلَّفَا !

غصصٌ على غُصصٍ !!

وهم من جرّعوا أضعافها

- يوماً - أباكَ ..

فما احتفيتَ وما احتفىٰ !

طعنتك شرذمةُ النفاقِ

ولو تخيَّرْتَ القتالَ

بدا من الغدر المبيّتِ ما خَفَىٰ !

يا عزَّ هذا الدينِ

كم ذلّت رقاب خالفتكَ

وكم من الفرسان حين البأسِ

صار مخالفا !

صلحٌ به حُقنت دماءٌ

لو جرت لاتوا على الثقلينِ

موجدةً وحقدًا تالدًا ..

وتعسفَا

عهدٌ به بَيَّضت وجه المسلمينَ

٩٢

فبئس من جافى وعزّك في الخطابِ

وأرجفا !

لو لم يكن نصراً ..

فكيف بغى معاويةٌ عليك

وما وفىٰ ؟!

مهدتَ للثوار دربهم الطويلَ

فحمحمت خيل الحسينِ

وأدرك التاريخ أن النخلَ

حين يموت من ظمأٍ

يظل على الدوام مرفرفاً

ومعانقا هام السماء

وواقفَا

يا أيها المظلومُ ..

أمنحك الفؤاد مفتتَ الرئتينِ

يخفق نازفَا

أهديك في الميلاد تاريخاً

وشمساً لا تغيبُ

ومصحفَا

٩٣

٩٤

حكايات السيف والفتى

لا سيف إلّا ذوالفقار

ولا فتى إلا عليّ

مكتوب فوق جفون الشمسِ

بأنك حين بزغتَ

انشقّ جدار في بيت اللهْ !

فزهوت على رمش الاصباحِ

شروقاً ورديّاً

وحماماً نجديّاً

ونخيلاً بَصْريّاً

     

وجريت بجنب الكعبة نيلاً مصريّاً

تؤتيك المعجزة خلوداً ..

ويرى فيك البيت المعمورُ صباهْ

وسمعنا أنك حين تنفستَ على الوادي المقفرِ

هفهفت الأغصانُ

وماسَ الريحانُ

ونبت الفرح الأخضر في كل فَلاَهْ

     

٩٥

وقرأنا أنك حين لمست الأرض بقدميك

ملأت الكون الساجى نوراً

وطفقت تؤذن في الآفاقِ

وتَحْطم آلهة الشركِ

وتخْصف من وَرَقِ الجنةِ

لتواري للأزمنة البدوية سوأتها

ورسولُ الله يذود عن البيتِ

لئلا يطّوّف أقحاح العربِ

حواليه عراهْ !

ويحكي أنك حين تجولت على البطحاءِ

انفجر الماء من الأحجار

وغنّت مكةُ لحناً عذريّاً

لروابيها الأبكارِ

فقمتَ على ضفة « زمزمَ »

تبدع للتاريخ القابع تحت خيام الصمت الوثنيِّ

عقائدَهُ

وقصائدَهُ

وحكاياهْ !

ويقال بأنك يا أكرم وجهٍ

٩٦

حين ومضتَ

تشيعت الأفلاكُ

وحفّتك الأملاكُ

وكبّرت القبلةُ

لتؤديَ للقدوس الفرضَ الأولَ

يا أول فرض وصلاهْ

منقوش في ساق العرشِ

بأنك أنت الزمنُ الماضي، والحاضر، والمستقبلُ

والابدُ المجهول مداهْ !

وبأنك آدمنا الأولُ ..

جئت لتمنح آدمَ بعد المعصيةِ

وبعد الموت الأكبرِ

غفراناً وحياهْ !

     

فهل أنك يا مولاى عليّاً ..

بشر حقاً أم أنت إلهْ ؟!!

هآنذا مفتون بك جداً يا عبدالله

فسبحان الله !

يا سِرًّا يتلألأ في سُبُحات العرصات

ويلمس بأصابعه عليّينَ

٩٧

وإكسير الملكوتِ

فتورق بالأنجم والأقمار يداهْ !

مكتوب في اللّوح بأنك نَفْسُ نبيٍّ

ووزير رسول، وخليفته الأولُ، وأخوهُ

وأنك مجرى هذا الدين ومرساه !

ويقال بأن المأمور بتبليغ التنزيل

افترش الصحراءَ

وجمع وفود الرحمانِ

على شطآن غدير الوعي

وآخذ بيدك ونادى:

من كنت أنا مولاه فهذا مولاهْ !

فلماذا انحدر التاريخُ ..

وفسقَ الزمنُ

وغاصت في الوحل المنتن قدماهْ ؟

ولماذا يتقوقع هذا العالمُ

تحت سقيفته الحبلى بالشبقِ

قروناً ..

يتمرغ في علب الليل الفاجرِ

ملتذًّا بخطاياه ؟!

٩٨

يا وتْراً في فتيان قريشٍ ما أقواهُ

وبدرًا في هاشمَ ما أحلاهْ !

مَسْطورٌ أن المؤمن يحمل وُدّاً لك

في القلبِ

وفي الكبدِ

وفي دمه الدافقِ

وجميع خلاياهْ !

يا وَجهاً أنظر في القرآن فألقاهْ

وفي السنّة فأراهْ

فيصرخ قلبي: إني أهواهْ

فيُحسد ويلامُ ويُعذلُ

ويعنّفه القومُ

فيكتم في رئتيه هواهْ

صدّقني إني أتدبر في الوحى

فأدرك أنك معناه

وحين درست المنطقَ

أيقنت بأنك صغراه وكبراهْ

وحين عَقلت وأُلهمت العشقَ

شعرت بأنك نار العشق المؤصدةُ

ولهبُ الشغفِ الحارقُ ولظاهْ

٩٩

وحين استيقظتُ على دغدغة السَّحَرِ

وجدتُ بأنك ألقُ الفجرِ الصادقِ

وضياهْ ..

ومنذ علمت بأنّ هناك ربيعاً

آمنت بأنك نرجسهُ ..

وشقائقهُ

وزنابقهُ

ونداهْ

فهبني أطبقت القلب على جمر هوايَ

فمن ذا يملك أن يغلق هذا الوردَ

على رائحة شذاهْ ؟!

يحكون بأنك يا ابنَ أبي طالبَ

أولُ من آمن باللهِ عليك سلامُ اللهْ !

هل كنت صبياً يلهو ؟!

أم كنت الغضب الآتي

يرسم للجيل خطاهْ ؟

وهل كان مبيتاً فوق فراش الهجرةِ

أم إيلافاً في ليل قريشٍ

وصعودًا نحو الصحو المطلقِ بعد المحوِ

وقد خسر العقلُ العربيُّ تجارتَهُ

وأضاع طريق الإبرِيسَمِ

١٠٠