كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 282

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 282
المشاهدات: 27118
تحميل: 5880


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 282 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27118 / تحميل: 5880
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 14

مؤلف:
العربية

يا رسول الله يوم بدر قال أما إنه رأى جبريل يوزع الملائكة قال و قد روي عن رسول الله ص أنه قال يومئذ هذا جبرائيل يسوق بريح كأنه دحية الكلبي إني نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور.قال الواقدي و كان عبد الرحمن بن عوف يقول رأيت يوم بدر رجلين أحدهما عن يمين النبي ص و الآخر عن يساره يقاتلان أشد القتال ثم ثلثهما ثالث من خلفه ثم ربعهما رابع أمامه.قال و قد روى سعد بن أبي وقاص مثل ذلك قال رأيت رجلين يوم بدر يقاتلان عن النبي ص أحدهما عن يمينه و الآخر عن يساره و إني لأراه ينظر إلى ذا مرة و إلى ذا مرة سرورا بما فتحه الله تعالى.قال الواقدي و حدثني إسحاق بن يحيى عن حمزة بن صهيب عن أبيه قال ما أدري كم يد مقطوعة و ضربة جائفة لم يدم كلمها يوم بدر قد رأيتها.قال الواقدي و روى أبو بردة بن نيار قال جئت يوم بدر بثلاثة رءوس فوضعتها بين يدي رسول الله ص فقلت يا رسول الله أما اثنان فقتلتهما و أما الثالث فإني رأيت رجلا طويلا أبيض ضربه فتدهده أمامه فأخذت رأسه فقال رسول الله ص ذاك فلان من الملائكة.

قال الواقدي و كان ابن عباسرحمه‌الله يقول لم تقاتل الملائكة إلا يوم بدر.

١٦١

قال و حدثني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال كان الملك يتصور في صورة من يعرفه المسلمون من الناس ليثبتهم فيقول إني قد دنوت من المشركين فسمعتهم يقولون لو حملوا علينا ما ثبتنا لهم و ليسوا بشي‏ء فاحملوا عليهم و ذلك قول الله عزوجل( إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى اَلْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا اَلَّذِينَ آمَنُوا... ) الآية.قال الواقدي و حدثني موسى بن محمد عن أبيه قال كان السائب بن أبي حبيش الأسدي يحدث في زمن عمر بن الخطاب فيقول و الله ما أسرني يوم بدر أحد من الناس فيقال فمن فيقول لما انهزمت قريش انهزمت معها فيدركني رجل أبيض طويل على فرس أبلق بين السماء و الأرض فأوثقني رباطا و جاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا و كان عبد الرحمن ينادي في العسكر من أسر هذا فليس أحد يزعم أنه أسرني حتى انتهى بي إلى رسول الله ص فقال لي رسول الله يا ابن أبي حبيش من أسرك قلت لا أعرفه و كرهت أن أخبره بالذي رأيت فقال رسول الله ص أسره ملك من الملائكة كريم اذهب يا ابن عوف بأسيرك فذهب بي عبد الرحمن قال السائب و ما زالت تلك الكلمة أحفظها و تأخر إسلامي حتى كان من إسلامي ما كان.قال الواقدي و كان حكيم بن حزام يقول لقد رأيتنا يوم بدر و قد وقع بوادي خلص بجاد من السماء قد سد الأفق قال و وادي خلص ناحية الرويثة قال فإذا الوادي يسيل نملا فوقع في نفسي أن هذا شي‏ء من السماء أيد به محمد فما كانت إلا الهزيمة و هي الملائكة.

١٦٢

قال الواقدي و قد قالوا إنه لما التحم القتال و رسول الله ص رافع يديه يسأل الله النصر و ما وعده و يقول اللهم إن ظهرت علي هذه العصابة ظهر الشرك و لا يقوم لك دين و أبو بكر يقول و الله لينصرنك الله و ليبيضن وجهك فأنزل الله تعالى ألفا من الملائكة مردفين عند أكتاف العدو فقال رسول الله ص يا أبا بكر أبشر هذا جبرائيل معتجر بعمامة صفراء آخذ بعنان فرسه بين السماء و الأرض ثم قال إنه لما نزل الأرض تغيب عني ساعة ثم طلع على ثناياه النقع يقول أتاك النصر من الله إذ دعوته.قال الواقدي و حدثني موسى بن يعقوب عن عمه قال سمعت أبا بكر بن سليمان بن أبي خيثمة يقول سمعت مروان بن الحكم يسأل حكيم بن حزام عن يوم بدر فجعل الشيخ يكره ذلك حتى ألح عليه فقال حكيم التقينا فاقتتلنا فسمعت صوتا وقع من السماء إلى الأرض مثل وقع الحصاة في الطست و قبض النبي ص القبضة فرمى بها فانهزمنا.قال الواقدي و قد روى عبد الله بن ثعلبة بن صغير قال سمعت نوفل بن معاوية الدؤلي يقول انهزمنا يوم بدر و نحن نسمع كوقع الحصى في الطساس بين أيدينا و من خلفنا فكان ذلك أشد الرعب علينا فأما الذين قالوا نزلت الملائكة و لم تقاتل فذكر الزمخشري في كتابه في تفسير القرآن المعروف بالكشاف أن قوما أنكروا قتال الملائكة يوم بدر و قالوا لو قاتل واحد من الملائكة جميع البشر لم يثبتوا له و لاستأصلهم بأجمعهم ببعض قوته فإن جبرائيل ع رفع مدائن قوم لوط كما جاء في الخبر على خافقة من جناحه

١٦٣

حتى بلغ بها إلى السماء ثم قلبها فجعل عاليها سافلها فما عسى أن يبلغ قوة ألف رجل من قريش ليحتاج في مقاومتها و حربها إلى ألف ملك من ملائكة السماء مضافين إلى ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا من بني آدم و جعل هؤلاء قوله تعالى( فَاضْرِبُوا فَوْقَ اَلْأَعْناقِ... ) أمرا للمسلمين لا أمرا للملائكة.و رووا في نصرة قولهم روايات قالوا و إنما كان نزول الملائكة ليكثروا سواد المسلمين في أعين المشركين فإنهم كانوا يرونهم في مبدأ الحال قليلين في أعينهم كما قال تعالى( وَ يُقَلِّلُكُمْ ) ليطمع المشركون فيهم و يجترءوا على حربهم فلما نشبت الحرب كثرهم الله تعالى بالملائكة في أعين المشركين ليفروا و لا يثبتوا و أيضا فإن الملائكة نزلت و تصورت بصور البشر الذين يعرفهم المسلمون و قالوا لهم ما جرت العادة أن يقال مثله من تثبيت القلوب يوم الحرب نحو قولهم ليس المشركون بشي‏ء لا قوة عندهم لا قلوب لهم لو حملتم عليهم لهزمتموهم و أمثال ذلك.و لقائل أن يقول إذا كان قادرا على أن يقلل ثلاثمائة إنسان في أعين قريش حتى يظنوهم مائة فهو قادر على أن يكثرهم في أعين قريش بعد التقاء حلقتي البطان فيظنوهم ألفين و أكثر من غير حاجة إلى إنزال الملائكة.فإن قلت لعل في إنزالهم لطفا للمكلفين قلت و لعل في محاربتهم لطفا للمكلفين و أما أصحاب المعاني فإنهم لم يحملوا الكلام على ظاهره و لهم في تأويله قول ليس هذا موضع ذكره

١٦٤

القول فيما جرى في الغنيمة و الأسارى بعد هزيمة قريش و رجوعها إلى مكة

قال الواقدي لما تصاف المشركون و المسلمون قال النبي ص من قتل قتيلا فله كذا و كذا و من أسر أسيرا فله كذا و كذا فلما انهزم المشركون كان الناس ثلاث فرق فرقة قامت عند خيمة رسول الله ص و كان أبو بكر معه في الخيمة و فرقة أغارت على النهب تنتهب و فرقة طلبت العدو فأسروا و غنموا فتكلم سعد بن معاذ و كان ممن أقام على خيمة رسول الله ص فقال يا رسول الله ما منعنا أن نطلب العدو زهادة في الأجر و لا جبن عن العدو و لكنا خفنا أن نعري موضعك فيميل عليك خيل من خيل المشركين و رجال من رجالهم و قد أقام عند خيمتك وجوه الناس من المهاجرين و الأنصار و الناس كثير و متى تعط هؤلاء لا يبقى لأصحابك شي‏ء و القتلى و الأسرى كثير و الغنيمة قليلة فاختلفوا فأنزل الله عزوجل( يَسْئَلُونَكَ عَنِ اَلْأَنْفالِ قُلِ اَلْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ اَلرَّسُولِ ) الآية فرجع المسلمون و ليس لهم من الغنيمة شي‏ء ثم أنزل الله فيما بعد( وَ اِعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ ) فقسمه عليهم بينهم.قال الواقدي و قد روى عبادة بن الوليد بن عبادة عن جده عبادة بن الصامت قال سلمنا الأنفال يوم بدر لله و للرسول و لم يخمس رسول الله ص بدرا و نزلت بعد( وَ اِعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ ) فاستقبل رسول الله ص بالمسلمين

١٦٥

الخمس فيما كان من أول غنيمة بعد بدر.قال الواقدي و قد روي عن أبي أسيد الساعدي مثله.و روى عكرمة قال اختلف الناس في الغنائم يوم بدر فأمر رسول الله ص بالغنائم أن ترد في المقسم فلم يبق منها شي‏ء إلا رد و ظن أهل الشجاعة أنه ص يخصهم بها دون غيرهم من أهل الضعف ثم أمر رسول الله ص أن تقسم بينهم على سواء فقال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله تعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف فقال ص ثكلتك أمك و هل تنصرون إلا بضعفائكم.قال الواقدي فروى محمد بن سهل بن خيثمة قال أمر رسول الله ص أن ترد الأسرى و الأسلاب و ما أخذوا من المغنم ثم أقرع بينهم في الأسرى و قسم أسلاب المقتولين الذين يعرف قاتلوهم بين قاتليهم و قسم ما وجده في العسكر بين جميع المسلمين عن فراق.قال الواقدي و حدثني عبد الحميد بن جعفر قال سألت موسى بن سعد بن زيد بن ثابت كيف فعل النبي ص يوم بدر في الأسرى و الأسلاب و الأنفال فقال نادى مناديه يومئذ من قتل قتيلا فله سلبه و من أسر أسيرا فهو له و أمر بما وجد في العسكر و ما أخذ بغير قتال فقسمه بينهم عن فراق فقلت لعبد الحميد فلمن أعطى سلب أبي جهل فقال قد قيل إنه أعطاه معاذ بن عمرو بن الجموح و قيل أعطاه ابن مسعود.قال و أخذ علي ع درع الوليد بن عتبة و بيضته و مغفره و أخذ حمزة سلاح عتبة و أخذ عبيدة بن الحارث سلاح شيبة ثم صار إلى ورثته.

١٦٦

قال الواقدي فكانت القسمة على ثلاثمائة و سبعة عشر سهما لأن الرجال كانت ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا و كان معهم فرسان لهما أربعة أسهم و قسم أيضا فوق ذلك لثمانية أسهم لم يحضروا ضرب لهم بسهامهم و أجورهم ثلاثة من المهاجرين لا خلاف فيهم و هم عثمان بن عفان خلفه رسول الله ص على ابنته رقية و ماتت يوم قدم زيد بن حارثة بالبشارة إلى المدينة و طلحة بن عبيد الله و سعد بن زيد بن عمرو بن نفيل بعثهما رسول الله ص يتجسسان خبر العير و خمسة من الأنصار هم أبو لبابة بن عبد المنذر خلفه على المدينة و عاصم بن عدي خلفه على قباء و أهل العالية و الحارث بن حاطب أمره بأمر في بني عمرو بن عوف و خوات بن جبير كسر بالروحاء و الحارث بن الصمة مثله فلا اختلاف في هؤلاء و اختلف في أربعة غيرهم فروي أنه ضرب لسعد بن عبادة بسهمه و أجره و قال لئن لم يشهدها لقد كان فيها راغبا و ذلك أنه كان يحض الناس على الخروج إلى بدر فنهش فمنعه ذلك من الخروج.و روي أنه ضرب لسعد بن مالك الساعدي بسهمه و أجره و كان تجهز إلى بدر فمرض بالمدينة فمات خلاف رسول الله ص و أوصى إليه ع.و روي أنه ضرب لرجلين آخرين من الأنصار و لم يسمهما الواقدي و قال هؤلاء الأربعة غير مجمع عليهم كإجماعهم على الثمانية.قال و قد اختلف هل ضرب بسهم في الغنيمة لقتلى بدر فقال الأكثرون لم يضرب لهم و قال بعضهم بل ضرب لهم حدثني ابن أبي سبرة عن يعقوب بن زيد عن أبيه أن رسول الله ص ضرب لشهداء بدر أربعة عشر رجلا قال و قد قال عبد الله ابن سعد بن خيثمة أخذنا سهم أبي الذي ضرب له رسول الله ص حين

١٦٧

قسم الغنائم و حمله إلينا عويمر بن ساعدة قال و قد روى السائب بن أبي لبابة أن رسول الله ص أسهم لمبشر بن عبد المنذر قال و قد قدم بسهمه علينا معن بن عدي.قال الواقدي و كانت الإبل التي أصابوا يومئذ مائة و خمسين بعيرا و كان معه أدم كثير حملوه للتجارة فمنعه المسلمون يومئذ و كان فيما أصابوا قطيفة حمراء فقال بعضهم ما لنا لا نرى القطيفة ما نرى رسول الله ص إلا أخذها فأنزل الله تعالى وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ و جاء رجل إلى رسول الله ص و قال يا رسول الله إن فلانا غل قطيفة فسأل رسول الله ص الرجل فقال لم أفعل فقال الدال يا رسول الله احفروا هاهنا فحفرنا فاستخرجت القطيفة فقال قائل يا رسول الله استغفر لفلان مرتين أو مرارا فقال ع دعونا من أبي حر.قال الواقدي و أصاب المسلمون من خيولهم عشرة أفراس و كان جمل أبي جهل فيما غنموه فأخذه النبي ص فلم يزل عنده يضرب في إبله و يغزو عليه حتى ساقه في هدي الحديبية فسأله يومئذ المشركون الجمل بمائة بعير فقال لو لا أنا سميناه في الهدي لفعلنا قال الواقدي و كان لرسول الله ص صفي من الغنيمة قبل القسمة فتنفل سيفه ذا الفقار يومئذ كان لمنبه بن الحجاج و كان رسول الله ص قد غزا إلى بدر بسيف وهبه له سعد بن عبادة يقال له العضب.قال و سمعت ابن أبي سبرة يقول سمعت صالح بن كيسان يقول خرج رسول

١٦٨

الله ص يوم بدر و ما معه سيف و كان أول سيف قلده سيف منبه بن الحجاج غنمه يوم بدر.و قال البلاذري كان ذو الفقار للعاص بن منبه بن الحجاج و يقال لمنبه و يقال لشيبة و الثبت عندنا أنه كان للعاص بن منبه.قال الواقدي و كان أبو أسيد الساعدي إذا ذكر الأرقم بن أبي الأرقم يقول ما يومي منه بواحد فيقال ما هذا هو فيقول أمر رسول الله ص المسلمين أن يردوا يوم بدر ما في أيديهم من المغنم فرددت سيف أبي عائذ المخزومي و اسم السيف المرزبان و كان له قيمة و قدر و أنا أطمع أن يرد إلي فكلم الأرقم رسول الله ص فيه و كان رسول الله ص لا يمنع شيئا يسأله فأعطاه السيف و خرج بني له يفعة فاحتمله الغول فذهبت به متوركة ظهرا فقيل لأبي أسيد و كانت الغيلان في ذلك الزمان فقال نعم و لكنها قد هلكت فلقي بني الأرقم بن أبي الأرقم فبهش إليه باكيا مستجيرا به فقال من أنت فأخبره فقالت الغول أنا حاضنته فلها عنه و الصبي يكذبها فلم يعرج عليه حتى الساعة فخرج من داري فرس لي فقطع رسنه فلقيه الأرقم بالغابة فركبه حتى إذا دنا من المدينة أفلت منه فتعذر إلي أنه أفلت مني فلم أقدر عليه حتى الساعة.قال و روى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه أنه سأل رسول الله ص يوم بدر سيف العاص بن منبه فأعطاه قال و أخذ ع مماليك حضروا بدرا و لم يسهم لهم و هم ثلاثة أعبد غلام لحاطب بن أبي بلتعة و غلام لعبد الرحمن

١٦٩

بن عوف و غلام لسعد بن معاذ و استعمل ص شقران غلامه على الأسرى فأخذوا من كل أسير ما لو كان حرا ما أصابه في المقسم.و روى عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال رميت سهيل بن عمرو يوم بدر فقطعت نساءه فاتبعت أثر الدم حتى وجدته قد أخذه مالك بن الدخشم و هو ممسك بناصيته فقلت أسيري رميته فقال أسيري أخذته فأتينا رسول الله فأخذه منا جميعا و أفلت سهل الروحاء فصاح ع بالناس فخرجوا في طلبه فقال ص من وجده فليقتله فوجده هو ص فلم يقتله.قال الواقدي و أصاب أبو بردة بن نيار أسيرا من المشركين يقال له معبد بن وهب من بني سعد بن ليث فلقيه عمر بن الخطاب و كان عمر يحض على قتل الأسرى لا يرى أحدا في يديه أسيرا إلا أمر بقتله و ذلك قبل أن يتفرق الناس فلقيه معبد و هو أسير مع أبي بردة فقال أ ترون يا عمر أنكم قد غلبتم كلا و اللات و العزى فقال عمر عباد الله المسلمين أ تتكلم و أنت أسير في أيدينا ثم أخذه من أبي بردة فضرب عنقه و يقال إن أبا بردة قتله.قال الواقدي و روى أبو بكر بن إسماعيل عن أبيه عن عامر بن سعد قال قال النبي ص يومئذ لا تخبروا سعدا بقتل أخيه فيقتل كل أسير في أيديكم.قال الواقدي و لما جي‏ء بالأسرى كره ذلك سعد بن معاذ فقال له رسول الله ص كأنه شق عليك أن يؤسروا قال نعم يا رسول الله كانت أول

١٧٠

وقعة التقينا فيها بالمشركين فأحببت أن يذلهم الله و أن يثخن فيهم القتل.قال الواقدي و كان النضر بن الحارث أسره المقداد يومئذ فلما خرج رسول الله ص من بدر فكان الأثيل عرض عليه الأسرى فنظر إلى النضر بن الحارث فأبده البصر فقال لرجل إلى جنبه محمد و الله قاتلي لقد نظر إلي بعينين فيهما الموت فقال الذي إلى جنبه و الله ما هذا منك إلا رعب فقال النضر لمصعب بن عمير يا مصعب أنت أقرب من هاهنا بي رحما كلم صاحبك أن يجعلني كرجل من أصحابي هو و الله قاتلي إن لم تفعل قال مصعب إنك كنت تقول في كتاب الله كذا و كذا و تقول في نبيه كذا و كذا قال يا مصعب فليجعلني كأحد أصحابي إن قتلوا قتلت و إن من عليهم من علي قال مصعب إنك كنت تعذب أصحابه قال أما و الله لو أسرتك قريش ما قتلت أبدا و أنا حي قال مصعب و الله إني لأراك صادقا و لكن لست مثلك قطع الإسلام العهود.قال الواقدي و عرضت الأسرى على رسول الله ص فرأى النضر بن الحارث فقال اضربوا عنقه فقال المقداد أسيري يا رسول الله فقال اللهم أغن المقداد من فضلك قم يا علي فاضرب عنقه فقام علي فضرب عنقه بالسيف صبرا و ذلك بالأثيل فقالت أخته:

يا راكبا إن الأثيل مظنة

من صبح خامسة و أنت موفق

بلغ به ميتا فإن تحية

ما إن تزال بها الركائب تخفق

مني إليه و عبرة مسفوحة

جادت لمائحها و أخرى تخنق

١٧١

فليسمعن النضر إن ناديته

إن كان يسمع ميت أو ينطق

ظلت سيوف بني أبيه تنوشه

لله أرحام هناك تمزق

صبرا يقاد إلى المدينة راغما

رسف المقيد و هو عان موثق

أ محمد و لأنت نجل نجيبة

في قومها و الفحل فحل معرق

ما كان ضرك لو مننت و ربما

من الفتى و هو المغيظ المحنق

و النضر أقرب من قتلت وسيلة

و أحقهم إن كان عتق يعتق

قال الواقدي و روي أن النبي ص لما وصل إليه شعرها رق له و قال لو كنت سمعت شعرها قبل أن أقتله لما قتلته.قال الواقدي و لما أسر سهيل بن عمرو قال عمر بن الخطاب يا رسول الله انزع ثنيتيه يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا فقال رسول الله ص لا أمثل به فيمثل الله بي و إن كنت نبيا و لعله يقوم مقاما لا تكرهه فقام سهيل بن عمرو بمكة حين جاءه وفاة النبي ص بخطبة أبي بكر بالمدينة كأنه كان يسمعها فقال عمر حين بلغه كلام سهيل أشهد أنك رسول الله يريد قوله ص لعله يقوم مقاما لا تكرهه.قال الواقدي و كان علي ع يحدث فيقول أتى جبريل النبي ص يوم بدر فخيره في الأسرى أن يضرب أعناقهم أو يأخذ منهم الفداء و يستشهد من المسلمين في قابل عدتهم فدعا رسول الله ص أصحابه و قال هذا جبريل يخيركم في الأسرى بين أن تضرب أعناقهم أو تؤخذ منهم الفدية و يستشهد

١٧٢

منكم قابلا عدتهم قالوا بل نأخذ الفدية و نستعين بها و يستشهد منا من يدخل الجنة فقبل منهم الفداء و قتل من المسلمين قابلا عدتهم بأحد.قلت لو كان هذا الحديث صحيحا لما عوتبوا فقيل لهم( ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى‏ حَتَّى يُثْخِنَ فِي اَلْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ اَلدُّنْيا وَ اَللَّهُ يُرِيدُ اَلْآخِرَةَ ) ثم قال( لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اَللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ ) لأنه إذا كان خيرهم فقد أباحهم أخذ الفداء و أخبرهم أنه حسن فلا يجوز فيما بعد أن ينكره عليهم و يقول إنه قبيح قال الواقدي لما حبس الأسرى و جعل عليهم شقران مولى رسول الله ص طمعوا في الحياة فقالوا لو بعثنا إلى أبي بكر فإنه أوصل قريش لأرحامنا فبعثوا إلى أبي بكر فأتاهم فقالوا يا أبا بكر إن فينا الآباء و الأبناء و الإخوان و العمومة و بني العم و أبعدنا قريب كلم صاحبك فليمن علينا و يفادنا فقال نعم إن شاء الله لا آلوكم خيرا ثم انصرف إلى رسول الله ص قالوا و ابعثوا إلى عمر بن الخطاب فإنه من قد علمتم و لا يؤمن أن يفسد عليكم لعله يكف عنكم فأرسلوا إليه فجاءهم فقالوا له مثل ما قالوا لأبي بكر فقال لا آلوكم شرا ثم انصرف إلى النبي ص فوجد أبا بكر عنده و الناس حوله و أبو بكر يلينه و يغشاه و يقول يا رسول الله بأبي أنت و أمي قومك فيهم الآباء و الأبناء و العمومة و الإخوان و بنو العم و أبعدهم عنك قريب فامنن عليهم من الله عليك أو فادهم قوة للمسلمين فلعل الله يقبل بقلوبهم إليك ثم قام فتنحى ناحية و سكت رسول الله ص فلم يجبه فجاء عمر فجلس مجلس أبي بكر فقال يا رسول الله هم أعداء الله كذبوك

١٧٣

و قاتلوك و أخرجوك اضرب رقابهم فهم رءوس الكفر و أئمة الضلالة يوطئ الله بهم الإسلام و يذل بهم الشرك فسكت رسول الله ص و لم يجبه و عاد أبو بكر إلى مقعده الأول فقال بأبي أنت و أمي قومك فيهم الآباء و الأبناء و العمومة و الإخوان و بنو العم و أبعدهم منك قريب فامنن عليهم أو فادهم هم عشيرتك و قومك لا تكن أول من يستأصلهم و أن يهديهم الله خير من أن يهلكهم فسكت ص عنه فلم يرد عليه شيئا و قام ناحية فقام عمر فجلس مجلسه فقال يا رسول الله ما تنتظر بهم اضرب أعناقهم يوطئ الله بهم الإسلام و يذل أهل الشرك هم أعداء الله كذبوك و أخرجوك يا رسول الله اشف صدور المؤمنين لو قدروا منا على مثل هذا ما أقالونا أبدا فسكت رسول الله ص فلم يجبه فقام ناحية فجلس و عاد أبو بكر فكلمه مثل كلامه الأول فلم يجبه ثم تنحى فجاء عمر فكلمه بمثل كلامه الأول فلم يجبه ثم قام رسول الله ص فدخل قبته فمكث فيها ساعة ثم خرج و الناس يخوضون في شأنهم يقول بعضهم القول ما قال أبو بكر و آخرون يقولون القول ما قال عمر فلما خرج قال للناس ما تقولون في صاحبيكم هذين دعوهما فإن لهما مثلا مثل أبي بكر في الملائكة كميكائيل ينزل برضا الله و عفوه على عباده و مثله في الأنبياء كمثل إبراهيم كان ألين على قومه من العسل أوقد له قومه النار فطرحوه فيها فما زاد على أن قال( أُفٍّ لَكُمْ وَ لِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اَللَّهِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ ) و قال( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) و كعيسى إذ يقول( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ ) و مثل عمر في الملائكة كمثل جبريل ينزل بالسخط من الله و النقمة على أعداء الله و مثله في الأنبياء كمثل نوح كان أشد على قومه من الحجارة إذ يقول( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى

١٧٤

اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْكافِرِينَ دَيَّاراً ) فدعا عليهم دعوة أغرق الله بها الأرض جميعا و مثل موسى إذ يقول( رَبَّنَا اِطْمِسْ عَلى‏ أَمْوالِهِمْ وَ اُشْدُدْ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا اَلْعَذابَ اَلْأَلِيمَ ) و إن بكم عيلة فلا يفوتنكم رجل من هؤلاء إلا بفداء أو ضربة عنق فقال عبد الله بن مسعود يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء.قال الواقدي هكذا روى ابن أبي حبيبة و هذا وهم سهيل بن بيضاء مسلم من مهاجرة الحبشة و شهد بدرا و إنما هو أخ له و يقال له سهيل قال قال عبد الله بن مسعود فإني رأيته يظهر الإسلام بمكة قال فسكت النبي ص قال عبد الله فما مرت علي ساعة قط كانت أشد علي من تلك الساعة جعلت أنظر إلى السماء أتخوف أن تسقط علي الحجارة لتقدمي بين يدي الله و رسوله بالكلام فرفع رسول الله ص رأسه فقال إلا سهيل بن بيضاء قال فما مرت علي ساعة أقر لعيني منها إذ قالها رسول الله ص ثم قال إن الله عز و جل ليشدد القلب حتى يكون أشد من الحجارة و إنه ليلين القلب حتى يكون ألين من الزبد فقبل الفداء ثم قال بعد لو نزل عذاب يوم بدر لما نجا منه إلا عمر كان يقول اقتل و لا تأخذ الفداء و كان سعد بن معاذ يقول اقتل و لا تأخذ الفداء.قلت عندي في هذا كلام أما في أصل الحديث فلأن فيه أن رسول الله ص قال و مثله كعيسى إذ قال( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ ) و هذه الآية من المائدة و المائدة أنزلت في آخر عمره و لم ينزل بعدها إلا سورة براءة و بدر كانت في السنة الثانية من الهجرة فكيف هذا اللهم إلا أن يكون قوله تعالى( وَ إِذْ قالَ اَللَّهُ يا عِيسَى اِبْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اِتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ... ) الآيات قد كانت أنزلت أما بمكة أو بالمدينة قبل بدر،

١٧٥

فلما جمع عثمان القرآن ضمها إلى سورة المائدة فلعله قد كان ذلك فينبغي أن ننظر في هذا فهو مشكل.و أما حديث سهيل بن بيضاء فإنه يوهم مذهب موسى بن عمران في أن النبي ص كان يحكم في الوقائع بما يشاء لأنه قيل له احكم بما تشاء فإنك لا تحكم إلا بالحق و هو مذهب متروك إلا أنه يمكن أن يقال لعله لما سكت ص عند ما قال ابن مسعود ذلك القول نزل عليه في تلك السكتة الوحي و قيل له إلا سهيل بن بيضاء فقال حينئذ إلا سهيل بن بيضاء كما أوحي إليه.و أما الحديث الذي فيه لو نزل عذاب لما نجا منه إلا عمر فالواقدي و غيره من المحدثين اتفقوا على أن سعد بن معاذ كان يقول مثل ما قاله عمر بل هو المتبدئ بذلك الرأي و رسول الله ص بعد في العريش و المشركون لم ينفض جمعهم كل ذلك الانفضاض فكيف خص عمر بالنجاة وحده دون سعد و يمكن أن يقال إنه كان شديد التأليب و التحريض عليهم و كثير الإلحاح على رسول الله ص في أمرهم فنسب ذلك الرأي إليه لاشتهاره به و إن شركه فيه غيره.

قال الواقدي و حدثني معمر عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال قال رسول الله ص يوم بدر لو كان مطعم بن عدي حيا لوهبت له هؤلاء النتنى قال و كانت لمطعم بن عدي عند النبي ص يد أجاره حين رجع من الطائف.

١٧٦

قال الواقدي و حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال أمن رسول الله ص من الأسرى يوم بدر أبا عزة عمرو بن عبد الله بن عمير الجمحي و كان شاعرا فأعتقه رسول الله ص و قال له إن لي خمس بنات ليس لهن شي‏ء فتصدق بي عليهن يا محمد ففعل رسول الله ص ذلك و قال أبو عزة أعطيك موثقا ألا أقاتلك و لا أكثر عليك أبدا فأرسله رسول الله ص فلما خرجت قريش إلى أحد جاء صفوان بن أمية فقال اخرج معنا قال إني قد أعطيت محمدا موثقا ألا أقاتله و لا أكثر عليه أبدا و قد من علي و لم يمن على غيري حتى قتله أو أخذ منه الفداء فضمن له صفوان أن يجعل بناته مع بناته إن قتل و إن عاش أعطاه مالا كثيرا لا يأكله عياله فخرج أبو عزة يدعو العرب و يحشرها ثم خرج مع قريش يوم أحد فأسر و لم يؤسر غيره من قريش فقال يا محمد إنما خرجت كرها و لي بنات فامنن علي فقال رسول الله ص أين ما أعطيتني من العهد و الميثاق لا و الله لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين فقتله.قال و روى سعيد بن المسيب أن رسول الله ص قال يومئذ إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين يا عاصم بن ثابت قدمه فاضرب عنقه فقدمه عاصم فضرب عنقه.قال الواقدي و أمر رسول الله ص يوم بدر بالقلب أن تغور ثم أمر بالقتلى فطرحوا فيها كلهم إلا أمية بن خلف فإنه كان مسمنا انتفخ من يومه فلما أرادوا أن يلقوه تزايل لحمه فقال النبي ص اتركوه

١٧٧

و قال ابن إسحاق انتفخ أمية بن خلف في درعه حتى ملأها فلما ذهبوا يحركونه تزايل فأقروه و ألقوا عليه التراب و الحجارة ما غيبه.قال الواقدي و نظر رسول الله ص إلى عتبة بن ربيعة يجر إلى القليب و كان رجلا جسيما و في وجهه أثر الجدري فتغير وجه ابنه أبي حذيفة بن عتبة فقال له النبي ص ما لك كأنك ساءك ما أصاب أباك قال لا و الله يا رسول الله و لكني رأيت لأبي عقلا و شرفا كنت أرجو أن يهديه ذلك إلى الإسلام فلما أخطأه ذلك و رأيت ما أصابه غاظني فقال أبو بكر كان و الله يا رسول الله أبقى في العشيرة من غيره و لقد كان كارها لوجهه و لكن الحين و مصارع السوء فقال رسول الله ص الحمد لله الذي جعل خد أبي جهل الأسفل و صرعه و شفانا منه فلما توافوا في القليب و قد كان رسول الله ص يطوف عليهم و هم مصرعون جعل أبو بكر يخبره بهم رجلا رجلا و رسول الله ص يحمد الله و يشكره و يقول الحمد لله الذي أنجز لي ما وعدني فقد وعدني إحدى الطائفتين ثم وقف على أهل القليب فناداهم رجلا رجلا يا عتبة بن ربيعة و يا شيبة بن ربيعة و يا أمية بن خلف و يا أبا جهل بن هشام هل وجدتم ما وعد ربكم حقا فإني وجدت ما وعدني ربي حقا بئس القوم كنتم لنبيكم كذبتموني و صدقني الناس و أخرجتموني و آواني الناس و قاتلتموني و نصرني الناس فقالوا يا رسول الله أ تنادي قوما قد ماتوا فقال لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق.و قال ابن إسحاق في كتاب المغازي إن عائشة كانت تروي هذا الخبر و تقول فالناس يقولون إن رسول الله ص قال لقد سمعوا ما قلت لهم و ليس كذلك إنما قال لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق.

١٧٨

قال محمد بن إسحاق و حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال لما ناداهم رسول الله ص قال له المسلمون يا رسول الله أ تنادي قوما قد أنتنوا فقال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم و لكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني.قلت لقائل أن يقول لعائشة إذا جاز أن يعلموا و هم موتى جاز أن يسمعوا و هم موتى فإن قالت ما أخبرت أن يعلموا و هم موتى و لكن تعود الأرواح إلى أبدانهم و هي في القليب و يرون العذاب فيعلمون أن ما وعدهم به الرسول حق قيل لها و لا مانع من أن تعود الأرواح إلى أبدانهم و هي في القليب فيسمعوا صوت رسول الله ص فإذن لا وجه لإنكارها ما يقوله الناس.و يمكن أن ينتصر لقول عائشة على وجه حكمي و هو أن الأنفس بعد المفارقة تعلم و لا تسمع لأن الإحساس إنما يكون بواسطة الآلة و بعد الموت تفسد الآلة فأما العلم فإنه لا يحتاج إلى الآلة لأن النفس تعلم بجوهرها فقط.قال الواقدي و كان انهزام قريش و توليها حين زالت الشمس فأقام رسول الله ص ببدر و أمر عبد الله بن كعب بقبض الغنائم و حملها و أمر نفرا من أصحابه أن يعينوه فصلى العصر ببدر ثم راح فمر بالأثيل قبل غروب الشمس فنزل به و بات به و بأصحابه جراح و ليست بالكثيرة و قال من رجل يحفظنا الليلة فأسكت القوم فقام رجل فقال من أنت قال ذكوان بن عبد قيس قال اجلس ثم أعاد القول الثانية فقام رجل فقال من أنت قال ابن عبد القيس فقال اجلس ثم مكث ساعة و أعاد القول فقام رجل فقال من أنت قال أبو سبع فسكت.

١٧٩

ثم مكث ساعة و قال قوموا ثلاثتكم فقام ذكوان بن عبد قيس وحده فقال له و أين صاحباك قال يا رسول الله أنا الذي كنت أجيبك الليلة فقال رسول الله ص فحفظك الله فبات ذكوان يحرس المسلمين تلك الليلة حتى كان آخر الليل فارتحل.قال الواقدي و روي أن رسول الله ص صلى العصر بالأثيل فلما صلى ركعة تبسم فلما سلم سئل عن تبسمه فقال مر بي ميكائيل و على جناحه النقع فتبسم إلي و قال إني كنت في طلب القوم و أتاني جبريل على فرس أنثى معقود الناصية قد عم ثنيتيه الغبار فقال يا محمد إن ربي بعثني إليك و أمرني ألا أفارقك حتى ترضى فهل رضيت فقلت نعم.قال الواقدي و أقبل رسول الله ص بالأسرى حتى إذا كان بعرق الظبية أمر عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح أن يضرب عنق عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس و كان أسره عبد الله بن سلمة العجلاني فجعل عقبة يقول يا ويلي علام أقتل يا معشر قريش من بين من هاهنا فقال رسول الله ص لعداوتك لله و لرسوله فقال يا محمد منك أفضل فاجعلني كرجل من قومي إن قتلتهم قتلتني و إن مننت عليهم مننت علي و إن أخذت منهم الفداء كنت كأحدهم يا محمد من للصبية فقال النار قدمه يا عاصم فاضرب عنقه فقدمه عاصم فضرب عنقه فقال النبي ص بئس الرجل كنت و الله ما علمت كافرا بالله و برسوله و بكتابه مؤذيا لنبيه فأحمد الله الذي قتلك و أقر عيني منك.قال محمد بن إسحاق و روى عكرمة مولى ابن عباس عن أبي رافع قال كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب و كان الإسلام قد فشا فينا أهل البيت فأسلم العباس

١٨٠