كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٤

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 282

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 282
المشاهدات: 27113
تحميل: 5880


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 282 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 27113 / تحميل: 5880
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 14

مؤلف:
العربية

کتاب شرح نهج البلاغة

الجزء الرابع عشر

ابن ابي الحديد

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما‌السلام ) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

باب الكتب و الرسائل

٣

٤

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الواحد العدل باب المختار من كتب مولانا أمير المؤمنين ع و رسائله إلى أعدائه و أولياء بلاده و يدخل في ذلك ما اختير من عهوده إلى عماله و وصاياه لأهله و أصحابه لما فرغ من إيراد المختار من خطب أمير المؤمنين ع و كلامه الجاري مجرى الخطب من المواعظ و الزواجر شرع في إيراد باب من مختار كلامه ع و هو ما كان جاريا مجرى الرسائل و الكتب و يدخل في ذلك العهود و الوصايا و قد أورد في هذا الباب ما هو بالباب الأول أشبه نحو كلامه ع لشريح القاضي لما اشترى دارا و كلامه لشريح بن هانئ لما جعله على مقدمته إلى الشام.و سمى ما يكتب للولاة عهدا اشتقاقا من قولهم عهدت إلى فلان أي أوصيته

٥

1 من كتاب له ع إلى أهل الكوفة عند مسيره من المدينة إلى البصرة

مِنْ عَبْدِ اَللَّهِ عَلِيٍّ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَهْلِ اَلْكُوفَةِ جَبْهَةِ اَلْأَنْصَارِ وَ سَنَامِ اَلْعَرَبِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أُخْبِرُكُمْ عَنْ أَمْرِ عُثْمَانَ حَتَّى يَكُونَ سَمْعُهُ كَعِيَانِهِ إِنَّ اَلنَّاسَ طَعَنُوا عَلَيْهِ فَكُنْتُ رَجُلاً مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ أُكْثِرُ اِسْتِعْتَابَهُ وَ أُقِلُّ عِتَابَهُ وَ كَانَ طَلْحَةُ وَ اَلزُّبَيْرُ أَهْوَنُ سَيْرِهِمَا فِيهِ اَلْوَجِيفُ وَ أَرْفَقُ حِدَائِهِمَا اَلْعَنِيفُ وَ كَانَ مِنْ عَائِشَةَ فِيهِ فَلْتَةُ غَضَبٍ فَأُتِيحَ لَهُ قَوْمٌ قَتَلُوهُ فَقَتَلُوهُ وَ بَايَعَنِي اَلنَّاسُ غَيْرَ مُسْتَكْرَهِينَ وَ لاَ مُجْبَرِينَ بَلْ طَائِعِينَ مُخَيَّرِينَ وَ اِعْلَمُوا أَنَّ دَارَ اَلْهِجْرَةِ قَدْ قَلَعَتْ بِأَهْلِهَا وَ قَلَعُوا بِهَا وَ جَاشَتْ جَيْشَ اَلْمِرْجَلِ وَ قَامَتِ اَلْفِتْنَةُ عَلَى اَلْقُطْبِ فَأَسْرِعُوا إِلَى أَمِيرِكُمْ وَ بَادِرُوا جِهَادَ عَدُوِّكُمْ إِنْ شَاءَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ قوله جبهة الأنصار يمكن أن يريد جماعة الأنصار فإن الجبهة في اللغة الجماعة و يمكن أن يريد به سادة الأنصار و أشرافهم لأن جبهة الإنسان أعلى أعضائه و ليس يريد بالأنصار هاهنا بني قيلة بل الأنصار هاهنا الأعوان.

٦

قوله ع و سنام العرب أي أهل الرفعة و العلو منهم لأن السنام أعلى أعضاء البعير.قوله ع أكثر استعتابه و أقل عتابه الاستعتاب طلب العتبى و هي الرضا قال كنت أكثر طلب رضاه و أقل عتابه و تعنيفه على الأمور و أما طلحة و الزبير فكانا شديدين عليه.و الوجيف سير سريع و هذا مثل للمشمرين في الطعن عليه حتى إن السير السريع أبطأ ما يسيران في أمره و الحداء العنيف أرفق ما يحرضان به عليه.و دار الهجرة المدينة.و قوله قد قلعت بأهلها و قلعوا بها الباء هاهنا زائدة في أحد الموضعين و هو الأول و بمعنى من في الثاني يقول فارقت أهلها و فارقوها و منه قولهم هذا منزل قلعة أي ليس بمستوطن.و جاشت اضطربت و المرجل القدر.و من لطيف الكلام قوله ع فكنت رجلا من المهاجرين فإن في ذلك من التخلص و التبري ما لا يخفى على المتأمل أ لا ترى أنه لم يبق عليه في ذلك حجة لطاعن حيث كان قد جعل نفسه كواحد من عرض المهاجرين الذين بنفر يسير منهم انعقدت خلافة أبي بكر و هم أهل الحل و العقد و إنما كان الإجماع حجة لدخولهم فيه.و من لطيف الكلام أيضا قوله فأتيح له قوم قتلوه و لم يقل أتاح الله له قوما و لا قال أتاح له الشيطان قوما و جعل الأمر مبهما.و قد ذكر أن خط الرضيرحمه‌الله مستكرهين بكسر الراء و الفتح أحسن و أصوب و إن كان قد جاء استكرهت الشي‏ء بمعنى كرهته.

٧

و قال الراوندي المراد بدار الهجرة هاهنا الكوفة التي هاجر أمير المؤمنين ع إليها و ليس بصحيح بل المراد المدينة و سياق الكلام يقتضي ذلك و لأنه كان حين كتب هذا الكتاب إلى أهل الكوفة بعيدا عنهم فكيف يكتب إليهم يخبرهم عن أنفسهم

أخبار علي عند مسيره إلى البصرة و رسله إلى أهل الكوفة

و روى محمد بن إسحاق عن عمه عبد الرحمن بن يسار القرشي قال لما نزل علي ع الربذة متوجها إلى البصرة بعث إلى الكوفة محمد بن جعفر بن أبي طالب و محمد بن أبي بكر الصديق و كتب إليهم هذا الكتاب و زاد في آخره فحسبي بكم إخوانا و للدين أنصارا ف( اِنْفِرُوا خِفافاً وَ ثِقالاً وَ جاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اَللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) و روى أبو مخنف قال حدثني الصقعب قال سمعت عبد الله بن جنادة يحدث أن عليا ع لما نزل الربذة بعث هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى أبي موسى الأشعري و هو الأمير يومئذ على الكوفة لينفر إليه الناس و كتب إليه معه من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس أما بعد فإني قد بعثت إليك هاشم بن عتبة لتشخص إلي من قبلك من المسلمين ليتوجهوا إلى قوم نكثوا بيعتي و قتلوا شيعتي و أحدثوا في الإسلام هذا الحدث العظيم فاشخص بالناس إلي معه حين يقدم عليك فإني لم أولك المصر الذي أنت فيه و لم أقرك عليه إلا لتكون من أعواني على الحق و أنصاري على هذا الأمر و السلام.

٨

فأما رواية محمد بن إسحاق فإنه قال لما قدم محمد بن جعفر و محمد بن أبي بكر الكوفة استنفرا الناس فدخل قوم منهم على أبي موسى ليلا فقالوا له أشر علينا برأيك في الخروج مع هذين الرجلين إلى علي ع فقال أما سبيل الآخرة فالزموا بيوتكم و أما سبيل الدنيا فاشخصوا معهما فمنع بذلك أهل الكوفة من الخروج و بلغ ذلك المحمدين فأغلظا لأبي موسى فقال أبو موسى و الله إن بيعة عثمان لفي عنق علي و عنقي و أعناقكما و لو أردنا قتالا ما كنا لنبدأ بأحد قبل قتلة عثمان فخرجا من عنده فلحقا بعلي ع فأخبراه الخبر.و أما رواية أبي مخنف فإنه قال إن هاشم بن عتبة لما قدم الكوفة دعا أبو موسى السائب بن مالك الأشعري فاستشاره فقال اتبع ما كتب به إليك فأبى ذلك و حبس الكتاب و بعث إلى هاشم يتوعده و يخوفه.قال السائب فأتيت هاشما فأخبرته برأي أبي موسى فكتب إلى علي ع لعبد الله علي أمير المؤمنين من هاشم بن عتبة أما بعد يا أمير المؤمنين فإني قدمت بكتابك على امرئ مشاق بعيد الود ظاهر الغل و الشنآن فتهددني بالسجن و خوفني بالقتل و قد كتبت إليك هذا الكتاب مع المحل بن خليفة أخي طيئ و هو من شيعتك و أنصارك و عنده علم ما قبلنا فاسأله عما بدا لك و اكتب إلي برأيك و السلام.قال فلما قدم المحل بكتاب هاشم على علي ع سلم عليه ثم قال الحمد لله الذي أدى الحق إلى أهله و وضعه موضعه فكره ذلك قوم قد و الله كرهوا نبوة محمد ص ثم بارزوه و جاهدوه فرد الله عليهم كيدهم في نحورهم و جعل دائرة السوء عليهم و الله يا أمير المؤمنين لنجاهدنهم معك في كل موطن حفظا لرسول الله ص في أهل بيته إذ صاروا أعداء لهم بعده.

٩

فرحب به علي ع و قال له خيرا ثم أجلسه إلى جانبه و قرأ كتاب هاشم و سأله عن الناس و عن أبي موسى فقال و الله يا أمير المؤمنين ما أثق به و لا آمنه على خلافك إن وجد من يساعده على ذلك فقال علي ع و الله ما كان عندي بمؤتمن و لا ناصح و لقد أردت عزله فأتاني الأشتر فسألني أن أقره و ذكر أن أهل الكوفة به راضون فأقررته و روى أبو مخنف قال و بعث علي ع من الربذة بعد وصول المحل بن خليفة أخي طيئ عبد الله بن عباس و محمد بن أبي بكر إلى أبي موسى و كتب معهما من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس أما بعد يا ابن الحائك يا عاض أير أبيه فو الله إني كنت لأرى أن بعدك من هذا الأمر الذي لم يجعلك الله له أهلا و لا جعل لك فيه نصيبا سيمنعك من رد أمري و الانتزاء علي و قد بعثت إليك ابن عباس و ابن أبي بكر فخلهما و المصر و أهله و اعتزل عملنا مذءوما مدحورا فإن فعلت و إلا فإني قد أمرتهما أن ينابذاك على سواء إن الله لا يهدي كيد الخائنين فإذا ظهرا عليك قطعاك إربا إربا و السلام على من شكر النعمة و وفى بالبيعة و عمل برجاء العاقبة.قال أبو مخنف فلما أبطأ ابن عباس و ابن أبي بكر عن علي ع و لم يدر ما صنعا رحل عن الربذة إلى ذي قار فنزلها فلما نزل ذا قار بعث إلى الكوفة الحسن ابنه ع و عمار بن ياسر و زيد بن صوحان و قيس بن سعد بن عبادة و معهم كتاب إلى أهل الكوفة فأقبلوا حتى كانوا بالقادسية فتلقاهم الناس فلما دخلوا الكوفة قرءوا

كتاب علي و هو من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من بالكوفة من المسلمين

١٠

أما بعد فإني خرجت مخرجي هذا إما ظالما و إما مظلوما و إما باغيا و إما مبغيا علي فأنشد الله رجلا بلغه كتابي هذا إلا نفر إلي فإن كنت مظلوما أعانني و إن كنت ظالما استعتبني و السلام.قال أبو مخنف فحدثني موسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال أقبلنا مع الحسن و عمار بن ياسر من ذي قار حتى نزلنا القادسية فنزل الحسن و عمار و نزلنا معهما فاحتبى عمار بحمائل سيفه ثم جعل يسأل الناس عن أهل الكوفة و عن حالهم ثم سمعته يقول ما تركت في نفسي حزة أهم إلي من ألا نكون نبشنا عثمان من قبره ثم أحرقناه بالنار.

قال فلما دخل الحسن و عمار الكوفة اجتمع إليهما الناس فقام الحسن فاستنفر الناس فحمد الله و صلى على رسوله ثم قال أيها الناس إنا جئنا ندعوكم إلى الله و إلى كتابه و سنة رسوله و إلى أفقه من تفقه من المسلمين و أعدل من تعدلون و أفضل من تفضلون و أوفى من تبايعون من لم يعبه القرآن و لم تجهله السنة و لم تقعد به السابقة إلى من قربه الله تعالى إلى رسوله قرابتين قرابة الدين و قرابة الرحم إلى من سبق الناس إلى كل مأثرة إلى من كفى الله به رسوله و الناس متخاذلون فقرب منه و هم متباعدون و صلى معه و هم مشركون و قاتل معه و هم منهزمون و بارز معهم و هم محجمون و صدقه و هم يكذبون إلى من لم ترد له رواية و لا تكافأ له سابقة و هو يسألكم النصر و يدعوكم إلى الحق و يأمركم بالمسير إليه لتوازروه و تنصروه على قوم نكثوا بيعته و قتلوا أهل الصلاح من أصحابه و مثلوا بعماله و انتهبوا بيت ماله فاشخصوا إليه رحمكم الله فمروا بالمعروف و انهوا عن المنكر و احضروا بما يحضر به الصالحون.قال أبو مخنف حدثني جابر بن يزيد قال حدثني تميم بن حذيم الناجي قال قدم علينا

١١

الحسن بن علي ع و عمار بن ياسر يستنفران الناس إلى علي ع و معهما كتابه فلما فرغا من قراءة كتابه قام الحسن و هو فتى حدث و الله إني لأرثي له من حداثة سنه و صعوبة مقامه فرماه الناس بأبصارهم و هم يقولون اللهم سدد منطق ابن بنت نبينا فوضع يده على عمود يتساند إليه و كان عليلا من شكوى به فقال الحمد لله العزيز الجبار الواحد القهار الكبير المتعال( سواء منكم من أسر القول و من جهر به و من هو مستخف بالليل و سارب بالنهار ) أحمده على حسن البلاء و تظاهر النعماء و على ما أحببنا و كرهنا من شدة و رخاء و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله امتن علينا بنبوته و اختصه برسالته و أنزل عليه وحيه و اصطفاه على جميع خلقه و أرسله إلى الإنس و الجن حين عبدت الأوثان و أطيع الشيطان و جحد الرحمن فصلى الله عليه و على آله و جزاه أفضل ما جزى المسلمين أما بعد فإني لا أقول لكم إلا ما تعرفون إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أرشد الله أمره و أعز نصره بعثني إليكم يدعوكم إلى الصواب و إلى العمل بالكتاب و الجهاد في سبيل الله و إن كان في عاجل ذلك ما تكرهون فإن في آجله ما تحبون إن شاء الله و لقد علمتم أن عليا صلى مع رسول الله ص وحده و إنه يوم صدق به لفي عاشرة من سنه ثم شهد مع رسول الله ص جميع مشاهده و كان من اجتهاده في مرضاة الله و طاعة رسوله و آثاره الحسنة في الإسلام ما قد بلغكم و لم يزل رسول الله ص راضيا عنه حتى غمضه بيده و غسله وحده و الملائكة أعوانه و الفضل ابن عمه ينقل إليه الماء ثم أدخله حفرته و أوصاه بقضاء دينه و عداته و غير ذلك من أموره كل ذلك من من الله عليه ثم و الله ما دعا إلى نفسه و لقد تداك الناس عليه تداك الإبل الهيم عند ورودها فبايعوه طائعين ثم نكث منهم ناكثون بلا حدث أحدثه و لا خلاف أتاه حسدا له و بغيا عليه فعليكم عباد الله بتقوى الله و طاعته و الجد و الصبر و الاستعانة بالله

١٢

و الخفوف إلى ما دعاكم إليه أمير المؤمنين عصمنا الله و إياكم بما عصم به أولياءه و أهل طاعته و ألهمنا و إياكم تقواه و أعاننا و إياكم على جهاد أعدائه و أستغفر الله العظيم لي و لكم ثم مضى إلى الرحبة فهيأ منزلا لأبيه أمير المؤمنين.قال جابر فقلت لتميم كيف أطاق هذا الغلام ما قد قصصته من كلامه فقال و لما سقط عني من قوله أكثر و لقد حفظت بعض ما سمعت.قال و لما نزل علي ع ذا قار كتبت عائشة إلى حفصة بنت عمر أما بعد فإني أخبرك أن عليا قد نزل ذا قار و أقام بها مرعوبا خائفا لما بلغه من عدتنا و جماعتنا فهو بمنزلة الأشقر إن تقدم عقر و إن تأخر نحر فدعت حفصة جواري لها يتغنين و يضربن بالدفوف فأمرتهن أن يقلن في غنائهن ما الخبر ما الخبر علي في السفر كالفرس الأشقر إن تقدم عقر و إن تأخر نحر.و جعلت بنات الطلقاء يدخلن على حفصة و يجتمعن لسماع ذلك الغناء.فبلغ أم كلثوم بنت علي ع فلبست جلابيبها و دخلت عليهن في نسوة متنكرات ثم أسفرت عن وجهها فلما عرفتها حفصة خجلت و استرجعت فقالت أم كلثوم لئن تظاهرتما عليه منذ اليوم لقد تظاهرتما على أخيه من قبل فأنزل الله فيكما ما أنزل فقالت حفصة كفى رحمك الله و أمرت بالكتاب فمزق و استغفرت الله.قال أبو مخنف روى هذا جرير بن يزيد عن الحكم و رواه الحسن بن دينار عن الحسن البصري و ذكر الواقدي مثل ذلك و ذكر المدائني أيضا مثله قال فقال سهل بن حنيف في ذلك هذه الأشعار

١٣

عذرنا الرجال بحرب الرجال

فما للنساء و ما للسباب

أ ما حسبنا ما أتينا به

لك الخير من هتك ذاك الحجاب

و مخرجها اليوم من بيتها

يعرفها الذنب نبح الكلاب

إلى أن أتانا كتاب لها

مشوم فيا قبح ذاك الكتاب

قال فحدثنا الكلبي عن أبي صالح أن عليا ع لما نزل ذا قار في قلة من عسكره صعد الزبير منبر البصرة فقال أ لا ألف فارس أسير بهم إلى علي فأبيته بياتا و أصبحه صباحا قبل أن يأتيه المدد فلم يجبه أحد فنزل واجما و قال هذه و الله الفتنة التي كنا نحدث بها فقال له بعض مواليه رحمك الله يا أبا عبد الله تسميها فتنة ثم نقاتل فيها فقال ويحك و الله إنا لنبصر ثم لا نصبر فاسترجع المولى ثم خرج في الليل فارا إلى علي ع فأخبره فقال اللهم عليك به.قال أبو مخنف و لما فرغ الحسن بن علي ع من خطبته قام بعده عمار فحمد الله و أثنى عليه و صلى على رسوله ثم قال أيها الناس أخو نبيكم و ابن عمه يستنفركم لنصر دين الله و قد بلاكم الله بحق دينكم و حرمة أمكم فحق دينكم أوجب و حرمته أعظم أيها الناس عليكم بإمام لا يؤدب و فقيه لا يعلم و صاحب بأس لا ينكل و ذي سابقة في الإسلام ليست لأحد و إنكم لو قد حضرتموه بين لكم أمركم إن شاء الله.قال فلما سمع أبو موسى خطبة الحسن و عمار قام فصعد المنبر و قال الحمد لله الذي أكرمنا بمحمد فجمعنا بعد الفرقة و جعلنا إخوانا متحابين بعد العداوة و حرم علينا دماءنا و أموالنا قال الله سبحانه( وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) .

١٤

و قال تعالى( وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها ) فاتقوا الله عباد الله و ضعوا أسلحتكم و كفوا عن قتال إخوانكم.أما بعد يا أهل الكوفة إن تطيعوا الله باديا و تطيعوني ثانيا تكونوا جرثومة من جراثيم العرب يأوي إليكم المضطر و يأمن فيكم الخائف إن عليا إنما يستنفركم لجهاد أمكم عائشة و طلحة و الزبير حواري رسول الله و من معهم من المسلمين و أنا أعلم بهذه الفتن أنها إذا أقبلت شبهت و إذا أدبرت أسفرت إني أخاف عليكم أن يلتقي غاران منكم فيقتتلا ثم يتركا كالأحلاس الملقاة بنجوة من الأرض ثم يبقى رجرجة من الناس لا يأمرون بالمعروف و لا ينهون عن منكر إنها قد جاءتكم فتنة كافرة لا يدرى من أين تؤتى تترك الحليم حيران كأني أسمع رسول الله ص بالأمس يذكر الفتن فيقول أنت فيها نائما خير منك قاعدا و أنت فيها جالسا خير منك قائما و أنت فيها قائما خير منك ساعيا فثلموا سيوفكم و قصفوا رماحكم و انصلوا سهامكم و قطعوا أوتاركم و خلوا قريشا ترتق فتقها و ترأب صدعها فإن فعلت فلأنفسها ما فعلت و إن أبت فعلى أنفسها ما جنت سمنها في أديمها استنصحوني و لا تستغشوني و أطيعوني و لا تعصوني يتبين لكم رشدكم و يصلى هذه الفتنة من جناها فقام إليه عمار بن ياسر فقال أنت سمعت رسول الله ص يقول ذلك قال نعم هذه يدي بما قلت فقال إن كنت صادقا فإنما عناك بذلك وحدك و اتخذ عليك الحجة فالزم بيتك و لا تدخلن في الفتنة أما إني أشهد أن رسول الله ص أمر عليا بقتال الناكثين و سمى له فيهم من سمى و أمره بقتال القاسطين و إن شئت لأقيمن لك شهودا يشهدون أن رسول الله ص

١٥

إنما نهاك وحدك و حذرك من الدخول في الفتنة ثم قال له أعطني يدك على ما سمعت فمد إليه يده فقال له عمار غلب الله من غالبه و جاهده ثم جذبه فنزل عن المنبر.و روى محمد بن جرير الطبري في التاريخ قال لما أتى عليا ع الخبر و هو بالمدينة بأمر عائشة و طلحة و الزبير و أنهم قد توجهوا نحو العراق خرج يبادر و هو يرجو أن يدركهم و يردهم فلما انتهى إلى الربذة أتاه عنهم أنهم قد أمعنوا فأقام بالربذة أياما و أتاه عنهم أنهم يريدون البصرة فسر بذلك و قال إن أهل الكوفة أشد لي حبا و فيهم رؤساء العرب و أعلامهم فكتب إليهم إني قد اخترتكم على الأمصار و إني بالأثر.

قال أبو جعفر محمد بن جريررحمه‌الله كتب علي ع من الربذة إلى أهل الكوفة أما بعد فإني قد اخترتكم و آثرت النزول بين أظهركم لما أعرف من مودتكم و حبكم لله و رسوله فمن جاءني و نصرني فقد أجاب الحق و قضى الذي عليه.قال أبو جعفر فأول من بعثه علي ع من الربذة إلى الكوفة محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر فجاء أهل الكوفة إلى أبي موسى و هو الأمير عليهم ليستشيروه في الخروج إلى علي بن أبي طالب ع فقال لهم أما سبيل الآخرة فأن تقعدوا و أما سبيل الدنيا فأن تخرجوا.و بلغ المحمدين قول أبي موسى الأشعري فأتياه و أغلظا له فأغلظ لهما و قال

١٦

لا يحل لك القتال مع علي حتى لا يبقى أحد من قتلة عثمان إلا قتل حيث كان و قالت أخت علي بن عدي من بني عبد العزى بن عبد شمس و كان أخوها علي بن عدي من شيعة علي ع و في جملة عسكره:

لا هم فاعقر بعلي جمله

و لا تبارك في بعير حمله

ألا علي بن عدي ليس له

قال أبو جعفر ثم أجمع علي ع على المسير من الربذة إلى البصرة فقام إليه رفاعة بن رافع فقال يا أمير المؤمنين أي شي‏ء تريد و أين تذهب بنا قال أما الذي نريد و ننوي فإصلاح إن قبلوا منا و أجابوا إليه قال فإن لم يقبلوا قال ندعوهم و نعطيهم من الحق ما نرجو أن يرضوا به قال فإن لم يرضوا قال ندعهم ما تركونا قال فإن لم يتركونا قال نمتنع منهم قال فنعم إذا.و قام الحجاج بن غزية الأنصاري فقال و الله يا أمير المؤمنين لأرضينك بالفعل كما أرضيتني منذ اليوم بالقول ثم قال:

دراكها دراكها قبل الفوت

و انفر بنا و اسم بنا نحو الصوت

لا وألت نفسي إن خفت الموت

و لله لننصرن الله عز و جل كما سمانا أنصارا.قال أبو جعفررحمه‌الله و سار علي ع نحو البصرة و رأيته مع ابنه محمد بن الحنفية و على ميمنته عبد الله بن عباس و على ميسرته عمر بن أبي سلمة و علي ع في القلب على ناقة حمراء يقود فرسا كميتا فتلقاه بفيد غلام من

١٧

بني سعد بن ثعلبة يدعى مرة فقال من هؤلاء قيل هذا أمير المؤمنين فقال سفرة قانية فيها دماء من نفوس فانية فسمعها علي ع فدعاه فقال ما اسمك قال مرة قال أمر الله عيشك أ كاهن سائر اليوم قال بل عائف فخلى سبيله و نزل بفيد فأتته أسد و طيئ فعرضوا عليه أنفسهم فقال الزموا قراركم ففي المهاجرين كفاية.و قدم رجل من الكوفة فيدا فأتى عليا ع فقال له من الرجل قال عامر بن مطرف قال الليثي قال الشيباني قال أخبرني عما وراءك قال إن أردت الصلح فأبو موسى صاحبك و إن أردت القتال فأبو موسى ليس لك بصاحب فقال ع ما أريد إلا الصلح إلا أن يرد علينا

قال أبو جعفر و قدم عليه عثمان بن حنيف و قد نتف طلحة و الزبير شعر رأسه و لحيته و حاجبيه فقال يا أمير المؤمنين بعثتني ذا لحية و جئتك أمرد فقال أصبت خيرا و أجرا ثم قال أيها الناس إن طلحة و الزبير بايعاني ثم نكثاني بيعتي و ألبا علي الناس و من العجب انقيادهما لأبي بكر و عمر و خلافهما علي و الله إنهما ليعلمان أني لست بدونهما اللهم فاحلل ما عقدا و لا تبرم ما قد أحكما في أنفسهما و أرهما المساءة فيما قد عملا.قال أبو جعفر و عاد محمد بن أبي بكر و محمد بن جعفر إلى علي ع فلقياه و قد انتهى إلى ذي قار فأخبراه الخبر فقال علي ع لعبد الله بن العباس اذهب أنت إلى الكوفة فادع أبا موسى إلى الطاعة و حذره من العصيان و الخلاف و استنفر الناس فذهب عبد الله بن عباس حتى قدم الكوفة فلقي أبا موسى و اجتمع الرؤساء من أهل الكوفة فقام أبو موسى فخطبهم و قال إن أصحاب رسول الله ص صحبوه في مواطن كثيرة فهم أعلم بالله ممن لم يصحبه و إن لكم علي حقا

١٨

و أنا مؤديه إليكم أمر ألا تستخفوا بسلطان الله و ألا تجترءوا على الله أن تأخذوا كل من قدم عليكم من أهل المدينة في هذا الأمر فتردوه إلى المدينة حتى تجتمع الأمة على إمام ترتضي به إنها فتنة صماء النائم فيها خير من اليقظان و اليقظان خير من القاعد و القاعد خير من القائم و القائم خير من الراكب فكونوا جرثومة من جراثيم العرب أغمدوا سيوفكم و أنصلوا أسنتكم و اقطعوا أوتار قسيكم حتى يلتئم هذا الأمر و تنجلي هذه الفتنة.قال أبو جعفررحمه‌الله فرجع ابن عباس إلى علي ع فأخبره فدعا الحسن ابنه ع و عمار بن ياسر و أرسلهما إلى الكوفة فلما قدماها كان أول من أتاهما مسروق بن الأجدع فسلم عليهما و أقبل على عمار فقال يا أبا اليقظان علام قتلتم أمير المؤمنين قال على شتم أعراضنا و ضرب أبشارنا قال فو الله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لكان خيرا للصابرين ثم خرج أبو موسى فلقي الحسن ع فضمه إليه و قال لعمار يا أبا اليقظان أ غدوت فيمن غدا على أمير المؤمنين و أحللت نفسك مع الفجار قال لم أفعل و لم تسوءني فقطع عليهما الحسن و قال لأبي موسى يا أبا موسى لم تثبط الناس عنا فو الله ما أردنا إلا الإصلاح و ما مثل أمير المؤمنين يخاف على شي‏ء قال أبو موسى صدقت بأبي و أمي و لكن المستشار مؤتمن سمعت رسول الله ص يقول ستكون فتنة و ذكر تمام الحديث فغضب عمار و ساءه ذلك و قال أيها الناس إنما قال رسول الله ص ذلك له خاصة و قام رجل من بني تميم فقال لعمار اسكت أيها العبد أنت أمس مع الغوغاء و تسافه أميرنا اليوم و ثار زيد بن صوحان و طبقته فانتصروا لعمار و جعل أبو موسى يكف الناس و يردعهم عن الفتنة ثم انطلق حتى صعد المنبر و أقبل زيد بن صوحان و معه كتاب من عائشة إليه خاصة و كتاب منها إلى أهل الكوفة عامة تثبطهم عن نصرة

١٩

علي و تأمرهم بلزوم الأرض و قال أيها الناس انظروا إلى هذه أمرت أن تقر في بيتها و أمرنا نحن أن نقاتل حتى لا تكون فتنة فأمرتنا بما أمرت به و ركبت ما أمرنا به فقام إليه شبث بن ربعي فقال له و ما أنت و ذاك أيها العماني الأحمق سرقت أمس بجلولاء فقطعك الله و تسب أم المؤمنين فقام زيد و شال يده المقطوعة و أومأ بيده إلى أبي موسى و هو على المنبر و قال له يا عبد الله بن قيس أ ترد الفرات عن أمواجه دع عنك ما لست تدركه ثم قرأ الم أَ حَسِبَ اَلنَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا...الآيتين ثم نادى سيروا إلى أمير المؤمنين و صراط سيد المرسلين و انفروا إليه أجمعين و قام الحسن بن علي ع فقال أيها الناس أجيبوا دعوة إمامكم و سيروا إلى إخوانكم فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه و الله لأن يليه أولو النهى أمثل في العاجلة و خير في العاقبة فأجيبوا دعوتنا و أعينونا على أمرنا أصلحكم الله.و قام عبد خير فقال يا أبا موسى أخبرني عن هذين الرجلين أ لم يبايعا عليا قال بلى قال أ فأحدث علي حدثا يحل به نقض بيعته قال لا أدري قال لا دريت و لا أتيت إذا كنت لا تدري فنحن تاركوك حتى تدري أخبرني هل تعلم أحدا خارجا عن هذه الفرق الأربع علي بظهر الكوفة و طلحة و الزبير بالبصرة و معاوية بالشام و فرقة رابعة بالحجاز قعود لا يجبى بهم في‏ء و لا يقاتل بهم عدو فقال أبو موسى أولئك خير الناس قال عبد خير اسكت يا أبا موسى فقد غلب عليك غشك.قال أبو جعفر و أتت الأخبار عليا ع باختلاف الناس بالكوفة فقال للأشتر أنت شفعت في أبي موسى أن أقره على الكوفة فاذهب فأصلح ما أفسدت

٢٠