المدرسة الاسلامية

المدرسة الاسلامية20%

المدرسة الاسلامية مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 200

المدرسة الاسلامية
  • البداية
  • السابق
  • 200 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77629 / تحميل: 7003
الحجم الحجم الحجم
المدرسة الاسلامية

المدرسة الاسلامية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

فعلم الإقتصاد، يدرس من الانتاج الوسائل العامة، التي تؤدي الى تنمية الانتاج، كتقسيم العمل، والتخصص، فيقارن مثلاً، بين مشروعين لإنتاج الساعات، يشتمل كل منهما على عشرة عمال، يكلف كل عامل في أحد المشروعين، بانتاج ساعة كاملة. وأما في المشروع الآخر، فيقسم العمل، ويوكل الى كل عامل نوع واحد من العمليات، التي يتطلبها انتاج الساعة. فهو يكرر هذا النوع الواحد من العملية، باستمرار، دون أن يمارس العلميات الاخري، التي تمر بها الساعة، خلال انتاجها. ان البحث العلمي في الاقتصاد، يدرس هذين المشروعين وطريقتيهما المختلفتين، وأثر كل منهما على الانتاج وعلى العامل.

وهكذا يدرس علم الاقتصاد أيضاً، كل ما يرتبط بالانتاج الإقتصادي، من قوانين طبيعية، كقانون تناقص العلة في الإنتاج الزراعي، القائل أن نسبة زيادة الإنتاج الزراعي من الأرض تقل عن نسبة زيادة النفقات(١) .

____________________

(١) بمعني أن الشخص الذي ينفق مئة دينار، على استثمار أرضه، ويحصل منها على عشرين أردباً من القمح. لو أراد أن يضاعف النفقات، فأنفق على الأرض مئتين، بدلاً من مئة دينار، لم يحصل على ضعف الناتج السابق. أي أنه لا يظفر بأربعين أردباً من القمح، بل يحصل على أقل من الضعف. ولو أنفق ثلاثمائة لم يحصل على ثلاثة أضعاف من القمح، بل على زيادة أقل نسبياً من الزيادة التي يحصل عليها، بإنفاق مئتين. وهكذا تظل الزيادة الناتجة عن مضاعفة النفقات، تتناقض نسبياً، حتى تندعم نهائياً، ويعود الانفاق عبثاً باطلاً.

وسبب هذا، أن الأرض نفسها، هي عامل أساسي في الانتاج، فمضاعفة النفقات، لا تكفي لمضاعفة الانتاج، ما دامت كمية العامل الأساسي في الانتاج أي الأرض، ثانية لم تضاعف.

١٦١

كل هذا يدرسه علم الإقتصاد. لأنه يعبر عن اكتشاف الحقائق على الصعيد الاقتصادي، كما تجري، ويحدد العوامل التي تؤثر بطبيعتها على الانتاج، تأثيراً موافقاً او معاكساً.

وأما المذهب، فهو يبحث الأمور التالية.

هل ينبغي أن يبقى الانتاج حراً، أو يجب اخضاعه لتخطيط مركزي من قبل الدولة؟

هل ينبغي اعتبار تنمية الانتاج، هدفاً أصيلاً، او وسيلة لهدف أعلى؟

واذا كانت تنمية الإنتاج، وسيلة لهدف أعلى، فما هي الحدود والإطارات التي تفرضها طبيعة ذلك الهدف الأعلى، على هذه الوسيلة؟ وهل يجب أن تكون سياسة الإنتاج، أساساً لتنظيم التوزيع، أو العكس؟ بمعنى، أن أيهما يجب أن ينظم لمصلحة الآخر؟ فهل ننظم توزيع الثروة، بالشكل الذي يوفر الإنتاح ويساعد على تنميته، فتكون مصلحة الإنتاج، أساساً للتوزيع «فإذا اقتضت مصلحة الإنتاج، تشريع الفائدة على القروض

١٦٢

التجارية، لجذب رؤوس الأموال، الى مجال الإنتاج. اتخذت الإجراءات بهذا الشأن، ونظم التوزيع، على أساس الإعتراف بحق رأس المال في الفائدة.» أو تنظم توزيع الثروة، وفقاً لمقتضيات العدالة التوزيعية، ونحدد تنمية الإنتاج، بالمناهج والوسائل التي تتفق مع مقتضيات العدالة التوزيعية.

كل هذا يدخل في نطاق المذهب الإقتصادي، لا علم الإقتصاد لأنه يرتبط بتنظيم الإنتاج، وكيف ينبغي أن تصمم سياسته العامة.

استخلاص من الأمثلة السابقة

يمكننا أن نستخلص من الأمثلة السابقة، الخطين المتميزين للعلم والمذهب: خط الاكتشاف والتعرف على أسرار الحياة الإقتصادية، وظواهرها المختلفة، وخط التقييم، وايجاد طريقة لتنظيم الحياة الإقتصادية، وفقاً لتصورات معينة عن العدالة.

وعلى هذا الأساس، يمكننا أن نميز بين الأفكار العلمية والأفكار المذهبية. فالفكرة العلمية، تدور حول اكتشاف الواقع، كما يجري، والتعرف على أسبابه ونتائجه، وروابطه. فهي بمثابة منظار علمي، للحياة الإقتصادية، فكما أن الشخص حين يضع منظاراً على عينيه، يستهدف رؤية الواقع، دون أن يضيف اليه، أو يغير فيه شيئاً، وكذلك التفكير العلمي

١٦٣

يقوم بدور منظار للحياة الإقتصادية، فيعكس قوانينها وروابطها. فالطابع العام للفكرة العلمية هو الإكتشاف.

وأما الفكرة المذهبية، فهي ليست منظاراً للواقع، بل هي تقدير خاص للموقف، على ضوء تصورات عامة للعدالة. فالعلم يقول: هذا هو الذي يجري في الواقع. والمذهب يقول: هذا هو الذي ينبغي أن يجري في الواقع.

علم الاقتصاد والمذهب كالتاريخ والأخلاق

وهذا الفرق الذي تبيناه، بين علم الإقتصاد والمذهب الإقتصادي، - بين البحث عما هو كائن والبحث عما ينبغي أن يكون -، يمكننا أن نجد نظيره بين علم التاريخ والبحوث الاخلاقية. فان علم التاريخ، يتفق مع علم الإقتصاد في خطه العلمي العام. والبحوث الأخلاقية، كالمذهب الإقتصادي، في التقييم والتقدير.

والناس يتفقون عادة، على التفرقة بين علم التاريخ والبحوث الاخلاقية. فهم يعرفون ان علماء التاريخ، يحدثونهم مثلاً عن الأسباب التي أدت الى سقوط الامبراطورية الرومانية، في أيدي الجرمان. والعوامل التي دعت الى شن الحملات الصليبية على فلسطين، وفشلها جميعاً. والظروف التي ساعدت على اغتيال قيصر، وهو في قمة انتصاره ومجده، او على قتل عثمان

١٦٤

ابن عفان والثورة عليه.

كل هذه الاحداث، يدرسها علم التاريخ، ويكتشف أسبابها وروابطها، مع سائر الاحداث الاخرى، وما تمخضت عنه من نتائج، وتطورات، في مختلف الميادين. وهو بوصفه علماً، يقتصر على اكتشاف تلك الاسباب، والروابط، والنتائج، بالوسائل العلمية. ولا يقيم تلك الاحداث من الناحية الخلقية.

فعلم التاريخ، لا يحكم في نطاقة العلمي، بأن اغتيال قيصر أو قتل عثمان، كان عملاً صحيحاً، خلقياً، او منحرفاً عن المقاييس التي تحتم القيم العليا، اتباعها في السلوك. وليس من شأنه، أن يقيم الحملات الصليبية، أو غزو البرابرة الجرمان للرومان، ويحكم بأنها حملات عادلة أو ظالمة. وانما يرتبط تقييم تلك الاحداث، جميعاً، بالبحوث الاخلاقية. فعلى ضوء ما تتبنى من مقاييس للعمل، في البحث الاخلاقي، نحكم بأن هذا عدل او ظلم، وان هذه استقامة أو انحراف.

فكما ان علم التاريخ يصف السلوك والحادثة، كما وقعت ويأتي البحث الخلقي، بمقاييسه العامة، فيقيمها. كذلك علم الاقتصاد، يصف احداث الحياة الاقتصادية، والمذهب يقيم تلك الأحداث، ويحدد الطريقة، التي ينبغي تنظيم الحياة الاقتصادية على أساسها، وفقاً لتصوراته العامة عن العدالة.

١٦٥

علم الاقتصاد كسائر العلوم

وما قلناه، في تحديد وظيفة علم الاقتصاد، وانها مقتصرة على الاكتشاف، دون التقدير والتقييم. لا يخص علم الاقتصاد فحسب. فان الوظيفة الاساسية، لجميع العلوم، هي الاكتشاف خاصة. ولا فرق بين العالم الاقتصادي، وعلماء الفيزياء والذرة والفلك والنفس، سوى انه يمارس وظيفته في الحقل الاقتصادي من حياة الإنسان، واولئك يمارسون نفس الوظيفة، وهي اكتشاف الحقائق، وروابطها وقوانينها، في حقول اخرى متنوعة طبيعية او بشرية.

فالعالم في الفيزياء الاعتيادية، يدرس مثلاً السرعات المختلفة للنور والصوت وغيرهما، ويكتشف المعادلات الدقيقة لها.

والعالم الذري، يدرس تركيب الذرة، وعدد كهاربها ونوع شحناتها المخبوءة فيها، والقوانين التي تتحكم في حركتها.

والعالم الفلكي، يدرس الاجرام الكبيرة في الفضاء، والقوانين التي تنظم حركتها.

والعالم النفسي: يدرس مثلاً عملية الابصار، ومحتواها السيكولوجي والعوامل المؤثرة فيها.

والعالم الاقتصادي، يكتشف من ناحيته أيضاً، قوانين الظواهر الاقتصادية، سواء كانت طبيعية، كظاهرة تناقص

١٦٦

الغلة او اجتماعية، كظاهرة انخفاض الثمن وارتفاعه، في السوق الحرة، وفقاً لكمية الطلب.

فكل هؤلاء بوصفهم العلمي، يكتشفون ولا يقيمون.

الفارق في المهمة لا الموضوع

في ضوء ما تقدم، تعرف أن الفارق بين علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي، ينبع من اختلافهما في المهمة، نظراً الى ان مهمة علم الاقتصاد، اكتشاف ظواهر الحياة الاقتصادية وروابطها. ومهمة المذهب، ايجاد طريقة لتنظيم الحياة الاقتصادية كما ينبغي ان تنظم، وفقاً لتصوراته عن العدالة.

وعلى هذا الاساس، ندرك الخطأ في المحاولات التي ترمي الى التمييز بين علم الاقتصاد، والمذهب الاقتصادي، من ناحية الموضوع. عن طريق القول، بأن علم الاقتصاد، يبحث في الانتاج وقوانينه، والعوامل التي تساعد تنميته. والمذهب الاقتصادي يبحث في التوزيع، وأحكامه، والروابط التي تنشأ بين أفراد المجتمع على أساسه.

ان هذه المحاولات خاطئة، لاننا رأينا في الأمثلة السابقة التي قدمناها للتفرقة بين العلم والمذهب، ان المذهب الاقتصادي يتناول الانتاج، كما يتناول التوزيع، (راجع المثال الثالث). وعلم الاقتصاد يتناول التوزيع، كما يتناول الانتاج، (راجع

١٦٧

المثال الاول والثاني). فقانون الاجور الحديدي، الذي سبق في المثال الثاني، قانون علمي، بالرغم من انه يتصل بالتوزيع وتنظيم الانتاج، على أساس مبدأ الحرية الاقتصادية، أو على اساس التوجيه المركزي من الدولة، يعتبر قضية من قضايا المذهب، بالرغم من كونه بحثاً في الانتاج.

فمن الخطأ، ان نحكم على أي بحث، بأنه علمي، اذا كان يتناول الانتاج. وانه مذهبي، اذا كان يتناول التوزيع.

بل العلامة الفارقة للبحث العلمي، عن البحث المذهبي، هي علاقة البحث بالواقع، او العدالة. فان كان بحثاً عن الواقع في الحياة الإقتصادية، وكيف هو، فالبحث علمي. وان كان بحثاً عن العدالة، وكيف ينبغي ان تحقق، فالبحث مذهبي. أي ارتباط الفكرة بالعدالة، هو العلامة الفارقة، للمذهب بشكل عام، عن البحوث العلمية التي يضمها علم الاقتصاد.

المذهب قد يكون اطاراً للعلم

عرفنا، ان علم الإقتصاد، كما يبحث في الانتاج، ويكتشف قانون الغلة المتناقصة، مثلاً، كذلك يبحث في التوزيع ويكشف قانوناً، كالقانون الحديدي للاجور.

ولكن بالرغم من ذلك، يوجد أحياناً فرق بين البحث العلمي، في الانتاج، والبحث العلمي في التوزيع. ولنأخذ

١٦٨

قانون الغلة المتناقصة، والقانون الحديدي للاجور مثالاً ذلك.

فالقانون الاول، يمثل البحث العلمي، في الانتاج. والقانون الثاني، يمثل البحث العلمي في التوزيع.

ونحن، اذا لاحظنا قانون الغلة المتناقصة، نجد انه يشتمل على حقيقة عن الانتاج الزراعي، تصدق على الارض في مجتمع بشري، مهما كان نوع المذهب الإقتصادي الذي يتبناه، فالارض في المجتمع الرأسمالي، تتناقص غلتها وفقاً لذلك القانون كما تتناقص في المجتمع الاشتراكي او الإسلامي. وهذا يعني، ان قانون الغلة المتناقصة، ليس متوقفاً على وضع مذهبي معين، بل يعبر عن حقيقة علمية مطلقة.

واما القانون الحديدي للاجور، الذي مر شرحه في المثال الثاني. فهو يكتشف، كما رأينا المستوى الثابت لاجور العمل في مجتمع تسوده الحرية الاقتصادية، ويقرر ان المجتمع الذي تسوده الحرية، تظل فيه اجور العمال على مستوى الكفايه واذا ارتفعت، او انخفتضت، لسبب طارئ عادت مرة اخر وبصورة طبيعية، الى ذلك المستوى.

وهذا القانون علمي بطبيعته، ومضمونه، وهدفه. لانه يحاول اكتشاف الواقع، والتعرف على حركة الاجور واتجاهها كما يحدث في المجتمع. ولكنه يقرر، في نفس الوقت، أن هذه

١٦٩

الحقيقة التي يتحدث عنها، انما تصدق، على مجتمع تسوده الحرية الإقتصادية الرأسمالية، ولا تنطبق على مجتمع موجه إقتصادياً تفرض الدولة فيه تحديداً عالياً للاجور.

فالحرية الرأسمالية، شرط لصدق القانون العلمي، عن الأجور، او هي الإطار العام، الذي يتحقق القانون الحديدي ضمنه. وهذا معنى أن القانون مضمونه علمي، واطاره العام - شرط صدقه -، مذهبي.

وأكبر الظن، ان عدم التمييز بين المضمون والإطار، او بين القانون العلمي، وشروطه، هو الذي أدى الى القول، بأن بحوث التوزيع، كلها مذهبية، وليس للعلم، ان يبحث في حقل التوزيع. فان اشراط القوانين العلمية في التوزيع، باطار مذهبي معين، جعل أصحاب هذا القول يتخيلون ان تلك القوانين مذهبية بطبيعتها.

النتائج المستخلصة

نستخلص مما سبق، النتائج التالية:

أولاً: ان علم الإقتصاد والمذهب الإقتصادي، يختلفان في مهمتهما الاساسية، لأن مهمة العلم، اكتشاف الحياة الإقتصادية وظواهرها، كما توجد في الواقع، ومهمة المذهب، ايجاد طريقة لتنظيم الحياة الإقتصادية، كما ينبغي أن توجد، وفقاً لتصوراته

١٧٠

العامة عن العدالة. فالعلم يعمل لتجسيد الواقع، والمذهب يعمل لتجسيد العدالة.

ثايناً: ان علم الإقتصاد، يبحث في الإنتاج والتوزيع معاً كما ان المذهب الإقتصادي، يبحث في الإنتاج والتوزيع أيضاً، ولا اساس للتفرقة بينهما، على أساس الموضوع، يجعل الإنتاج موضوعاً للعلم، والتوزيع موضوعاً للمذهب. لأن العلم والمذهب يختلفان في مهمة البحث وطريقته، لا في موضوعه.

وثالثاً: ان قوانين علم الإقتصاد، في الانتاج، تعبر عن حقائق ثابتة، في مختلف المجتمعات، مهما كان نوع المذهب الاقتصادي المطبق عليها. واما قوانين علم الإقتصاد، في التوزيع فهي تشرط عادة باطار مذهبي معين، بمعنى ان العالم الإقتصادي يفترض مجتمعاً يطبق مذهباً كالرأسمالية، والحرية الإقتصادية ثمّ يحاول أن يكتشف قوانينه، وحركة الحياة الإقتصادية فيه.

المذهب لا يستعمل الوسائل العلمية

عرفنا، من التحليلات السابقة للمذهب والعلم، أن مهمة المذهب، التعبير عن مقتضيات العدالة، بينما يكون على العلم مهمة اكتشاف الأحداث الإقتصادية، كما تقع، باسبابها وروابطها.

وهذا الإختلاف في المهمة الأساسية بينهما، يفرض اختلافهما

١٧١

في وسائل البحث، حتماً. بمعنى أن علم الإقتصاد، بوصفه علماً، يكتشف ما يقع في الكون والمجتمع، مما يتصل بالحياة الإقتصادية يستعمل الوسائل العلمية، من الملاحظة أو التجربة وتتبع الأحداث التي تزخز بها الحياة الإقتصادية، لكي يستنبط على ضوء ذلك، روابطها وقوانينها العامة. ومتى كانت قضية من القضايا موضعاً للشك، ولم يعلم مدى صدقها وتصويرها للواقع، أمكن للعالم الإقتصادي، أن يرجع الى المقاييس العلمية وملاحظاته المنظمة، للاحداث المتعاقبة، لكي يكتشف مدى صحة تلك القضية وصدقها في تصوير الواقع.

ان العالم الإقتصادي، كالعالم الطبيعي، من هذه الناحية(١) فالعالم الطبيعي، اذا أراد أن يكتشف درجة الغليان في الماء امكنه أن يقيس حرارة الماء قياساً علمياً، بوصفها ظاهرة طبيعية، ويلاحظ درجة الحرارة، التي تبدأ عندها الغليان.

والعالم الإقتصادي، اذا أراد ان يكشف دورية الأزمات الإقتصادية، المشهورة، التي تنتاب المجتمع الرأسمالي، بين حين وآخر، فعليه أن يرجع إلى أحداث الحياة الإقتصادية، كما تسلسلت ووقعت، ليحدد الفاصل التاريخي، بين كل ازمة واخرى

____________________

(١) لا نعني بذلك، ان الوسائل العلمية، التي يستعملها العالم الطبيعي، هي نفس الوسائل التي يستعملها العالم الإقتصادي، وانما نعني ان الوسائل التي يستعملها العالمان، موضوعية وليست ذاتية.

١٧٢

فاذا وجد ان الفاصل التاريخي، بين كل أزمة وسابقتها واحد استطاع أن يحدد دورة تلك الأزمات، وبالتالي يبحث عن أسبابها، والعوامل المؤثرة فيها.

وعلى العكس من ذلك، المذهب الإقتصادي، فانه لا يمكنه أن يقيس الموضوعات التي يعالجها، قياساً علمياً، لأنه يدرس تلك الموضوعات، من زاوية العدالة، ويحاول ايجاد طريقة للتنظيم، وفقاً لمقتضيات العدالة. ومن الواضح، ان العدالة تختلف عن حرارة الماء وغليانه، وعن الازمات الاقتصادية ودورتها، لأنها ليست من الظواهر الكونية، أو الإجتماعية التي تقبل الملاحظة الموضوعية، والقياس العلمي، وأساليب التجربة المتعارفة في العلم. ففي المذهب الإقتصادي، لا يكفي أن نطل برأسنا على الواقع، ونلاحظ الاحداث، ملاحظة علمية، لنعرف ما هي العدالة، في التنظيم، كما يطل العالم الإقتصادي ويدرس الازمات الاقتصادية ليعرف ودورتها وقانونها.

ولنأخذ العدالة في التوزيع، مثلاً على ذلك، فهناك من يقول ان العدالة في التوزيع، تتحقق في نظام يكفل المساواة بين أفراد المجتمع، في الحرية، بدلاً عن الرزق، هي الاساس العادل للتوزيع، وان أدت ممارسة الافراد لحقهم في الحرية الى اختلافهم في الرزق، وزيادة ثروة بعضهم، على ثروة الآخرين

١٧٣

ما دام الآخرون، يتمتعون بنفس الحرية، الممنوحة للجميع بدرجة واحدة. وهناك من يرى عدالة التوزيع، تتحقق في ضمان مستوى عام من الرزق، للجميع، ومنح الحرية لهم خارج حدود ذلك المستوى، كما يصنع الإسلام:

فاذا أردنا ان نعرف، ما هو طريق تحقيق العدالة في التوزيع هل هو التسوية في الرزق والثروة، أو اعطاء كل فرد الحرية في ممارسة مختلف الوان النشاط الاقتصادي، وتحديد نصيبه من الرزق، وفقاً لطريقة ممارسته للحرية، او اسلوب ثالث بين هذا وذاك.

اذا أردنا أن نعرف، ما هو طريق العدالة، من هذه الأساليب فلا يمكننا ان نقيس، ونستعمل وسائل البحث العلمي. لان العدالة، ليست ظاهرة طبيعية، كالحرارة والغليان، لكي نحس بها، ببصرنا او لمسنا او سائر حواسنا، وليست ظاهرة اجتماعية كالازمات الاقتصادية، في المجتمع الرأسمالي، لتقاس وتلاحظ وتجرب.

ان العلم، يمكنه ان يقيس الناس أنفسهم، فيعرض مدى تساويهم او اختلافهم، في صفاتهم الجسدية والنفسية. ولكنه لا يستطيع، ان يقيس حقهم في الرزق، ليعرف ما اذا كان من العدل أن يتساووا في الرزق، أو لا. لأن العدالة والحق ليس من الصفات الموضوعية، الخاضعة للقياس العلمي والحس كصفات الجسد وظواهر الحياة.

١٧٤

خذ اليك رأسمالياً، يؤمن بأن الناس سواسية في حق الحرية وان اختلفت أرزاقهم، واشتراكياً، يؤمن بأن الناس سواسية في حق الرزق، واسألهما: هل يوجد مقياس زئبقي، للعدالة كالمقياس الزئبقي للحرارة، لكي أعرف درجة العدالة، في مجتمع تتساوى ارزاق أفراده، ومجتمع تتساوى حريات أفراده وان اختلفت أرزاقهم؟ وهل ان الحق الذي يتمتع به أفراد المجتمع، ظاهرة من الظواهر، التي يمكن الاحساس بها، كما نحس بألوانهم وطول قامتهم، ومدى نباهتهم، ونوع أصواتهم لكي ندرس الحق، بأساليب البحث العلمي، القائمة على أساس الحس والتجربة.

ان الجواب على كل هذا، بالنفي طبعاً. فليس للعدالة مقياس زئبقي، لانها ليست من الظواهر، التي يمكن ادراكها بالحس والمشاهدة. وليس حق الناس في الرزق، او حق الناس في حرية اكتسابه، ظاهرة من ظواهرهم، كطول قامتهم او سرعة بديهتهم، لنحكم العلم في تحديد ذلك الحق.

ونخرج من ذلك كله، بأن المذهب، لا يمكنه ما دام يدرس القضايا من زاوية العدالة والحق، ان يكتفي بأساليب البحث العلمي. بل لا بد له، أن يستلهم الطريقة التي يفضلها، في تنظيم الحياة الإقتصادية، من تصوراته الذاتية للعدالة، وقيمه ومثله، التي يؤمن بها، ونظرته العامة الى الحياة.

١٧٥

١٧٦

١٧٧

١٧٨

الإقتصاد الإسلامي كما نوعظ به

أحسب ان البحث السابق، يكفي لتكوين فكرة محددة عن المذهب الاقتصادي، وعلم الاقتصاد، ووظيفة كل منهما ووسائله في البحث. ولاجل هذا، فسوف نستطيع الآن أن نوضح طبيعة فهمنا للاقتصاد الإسلامي، وما نعنيه بتأكيدنا على وجود اقتصاد، او نظام اقتصادي في الإسلام.

ان الإقتصاد الإسلامي كما مر بنا، في مستهل هذه الدراسة عبارة عن مذهب اقتصادي، وليس علماً للاقتصاد. فنحن حين نقول: ان الإسلام جاء بمذهب اقتصادي، لا نحاول ان نزعم، ان الإسلام جاء بعلم الاقتصاد. وذلك ان الإسلام، لم يجئ ليكتشف أحداث الحياة الإقتصادية، وروابطها وأسبابها وليس من مسؤولياته ذلك. كما ليس من مسؤوليته، ان يكشف للناس قوانين الطبيعة، او الظواهر الفلكية، وروابطها وأسبابها. فكما لا يجب ان يشتمل الدين، على علم الفلك، وعلوم الطبيعة كذلك لا يجب أن يشتمل على علم الاقتصاد.

وانما جاء الإسلام، لينظم الحياة الإقتصادية، بدلاً عن كشفها. ويضع التصميم، الذي ينبغي أن تنظم به، وفقاً لتصوراته عن العدالة.

فالإقتصاد الإسلامي، يصور وجهة نظر الإسلام عن العدالة وطريقته في تنظيم الحياة الإقتصادية، ولا يعبر عن كشوف علمية، لروابط الحياة الإقتصادية، وعلاقاتها، كما تجري في

١٧٩

الواقع. وهذا معنى، كون الإقتصاد الإسلامي مذهباً لا علماً.

وبتعبير آخر: لو أن الإسلام، جاء ليحدثنا عن الحياة الإقتصادية في الحجاز، وما هي الاسباب التي تؤدي في المجتمع الحجازي، مثلاً، الى ارتفاع سعر الفائدة الربوية، التي يتقاضاها المرابون، لكان حديثه علمياً، ومن علم الإقتصاد. ولكنه بدلاً عن ذلك، جاء ليقيم نفس الفائدة الربوية، فحرمها ونظم العلاقة بين رأس المال، وصاحب المشروع، على أساس المضاربة، بدلاً عن الربا والفائدة. وبذلك، كان الإسلام يتخذ في اقتصاده الموقف المذهبي، لا العلمي.

ونحن، اذا عرفنا بوضوح، طبيعة الإقتصاد الإسلامي وكونه مذهباً اقتصادياً، لا علماً للاقتصاد، أمكننا أن ندحض أكبر العقبات، التي تحول دون الاعتقاد، بوجود اقتصاد في الإسلام.

ما هي اكبر العقبات

وهذه العقبة الكبيرة، التي يستند اليها كثير من الناس لرفض الاقتصاد الإسلامي، نشأت من عدم التمييز، بين علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي. فان هؤلاء الذين لم يتح لهم التمييز بين العلم والمذهب، اذا سمعوا شخصاً يقول: ان في

١٨٠

الإسلام اقتصاداً، يبادرون قائلين: وكيف يمكن أن يكون في الإسلام اقتصاد؟ ونحن لا نجد فيه بحوثاً، كالبحوث التي نجدها عند علماء الاقتصاد، كآدم سميث، وريكاردو، وغيرهما. فالإسلام لم يحدثنا عن قانون الغلة المتناقصة، ولا عن قوانين العرض والطلب، ولم يأت بقانون، يناظر القانون الحديدي للأجور، ولم تؤثر عنه فكرة، عن تحليل القيمة ودرسها علمياً كما درسها علماء الاقتصاد. وكيف يطلب منا أن نصدق بالاقتصاد الإسلامي، ونحن جميعاً نعلم بأن بحوث علم الاقتصاد انما نشأت وتكاملت خلال القرون الاربعة الاخيرة على يد رواد الفكر الاقتصادي الاوائل كآدم سميث، ومن سبقه من التجاريين والطبيعيين.

يقول المنكرون للاقتصاد الإسلامي كل هذا، ظناً منهم بأنا ندعي قيام الإسلام، بالبحث العلمي في الاقتصاد.

واما بعد ان نعرف الفرق، بين علم الاقتصاد والمذهب الاقتصادي، وان الاقتصاد الإسلامي، مذهب وليس علماً. فلا يبقى موضع لكل ذلك القول، لان وجود المذهب الاقتصادي في الإسلام، لا يعني تحدث الإسلام الى الناس، عن قوانين العرض والطلب، بل يعني ان الإسلام، دعا الى تنظيم متميز للحياة الاقتصادية، وحدد ما ينبغي ان تقام عليه تلك الحياة من أسس ودعائم.

١٨١

ويبدو الايمان، بوجود الاقتصاد الإسلامي، على هذا الضوء أمراً معقولا، ولا غرابة فيه.

وسوف لن نبدأ في هذه الحلقة، بدراسة تفاصيل الاقتصاد الإسلامي وحين أخذ التفاصيل بالبحث والدرس في الحلقات المقبلة، سوف نقدم لك، من الكتاب والسنة، الدليل المادي المحسوس، على وجود المذهب الاقتصادي في الإسلام. فانه لا أدل على وجود الشيء، من ابرازه للحس. وهذا ما تقوم به الحلقات المقبلة، باذن الله تعالى.

والآن، وقبل أن نستدل على وجود المذهب الإقتصادي في الإسلام، بابرازه، والتعرف على مواطن استخلاصه، من الكتاب والسنة. نريد أن نقيم الدليل على وجوده، من طبيعة الشريعة الإسلامية، ومفاهيمنا المسبقة عنها، كما سنرى.

شمول الشريعة واستيعابها

ان شمول الشريعة واستيعابها، لجميع مجالات الحياة، من الخصائص الثابتة لها، لا عن طريق تتبع احكامها، في كل تلك المجالات فحسب، بل عن طريق التأكيد على ذلك، في مصادرها العامة أيضاً. فنحن نستطيع، ان نجد في هذه المصادر نصوصاً تؤكد بوضوح، على استيعاب الشريعة، وامتدادها الى جميع الحقول، التي يعيشها الإنسان، واغتنائها بالحلول لجميع

١٨٢

المشاكل التي تعترضه في شتى المجالات.

لاحظوا على سبيل المثال، النصوص التالية:

١ - روى أبو بصير، عن الإمام الصادق (ع) ، انه تحدث عن الشريعة الإسلامية، واستيعابها، واحاطة أئمة أهل البيت بكل تفاصيلها. فقال: فيها كل حلال وحرام، وكل شيء يحتاج الناس اليه، حتى الارش في الخدش. وضرب بيده الى أبي بصير، فقال: أتأذن لي يا أبا محمد؟ فقال له أبو بصير: جعلت فداك، انما أنا لك، فاصنع ما شئت. فغمزه الإمام بيده وقال: حتى أرش هذا!

٢ - وعن الإمام الصادق (ع)، في نص آخر، انه قال: فيها كل ما يحتاج الناس اليه، وليس من قضية، إلاّ وهي فيها حتى ارش الخدش. (أي الغرامة التي يدفعها الشخص الى آخر اذا خدشه).

٣ - وفي نهج البلاغة، ان امير المؤمنين علياً عليه السلام قال يصف الرسول (ص)، والقرآن الكريم:

أرسله على حين فترة من الرسل، وطول هجعة من الامم وانتقاص من المبرم. فجاءهم بتصديق الذي بين يديه، والنور المقتدى به، ذلك القرآن، فاستنطقوه، ولن ينطق؛ ولكن أخبركم عنه، الا ان فيه ما يأتي، والحديث عن الماضي، ودواء دائكم؛ ونظم ما بينكم.

١٨٣

ان هذه النصوص، تؤكد بوضوح، استيعاب الشريعة لمختلف مجالات الحياة.

واذا كانت الشريعة، تضمن الحلول حتى لأتفه المشاكل وحتى لارش الخدش، - أي الغرامة التي يجب على الإنسان دفعها الى الآخر، اذا خدشه -، فمن الضروري، حتماً، بمنطق تلك النصوص، أن تكون في الشريعة، حلول للمشاكل الإقتصادية وطريقة لتنظيم الحياة، في الحقل الإقتصادي. والا فأي معنى لاستيعاب الشريعة وشمولها، اذا كانت تغفل جانباً من أهم جوانب الحياة، وأوسعها، وأكثرها أهمية وتعقيداً.

هل تتصور أن الشريعة، تحدد الغرامة التي من حقك الحصول عليها، اذا خدشك شخص خدشاً بسيطاً، ولا تحدد حقك في الثروة المنتجة، ولا تنظم طريقة اتفاقك مع عمالك او مع الرأسماليين، في مختلف الوان العمل، التي تحتاج فيها الى عامل، أو رأسمالي.

وهل من المعقول، ان تحدد الشريعة، حقك حين تخدش ولا تحدد حقك، حين تحيي أرضاً، او تستخرج معدناً، أو تستنبط عين ماء، أو تستولي على غابة.

وهكذا نعرف ان من يؤمن بالشريعة ومصادرها، ونصوصها يستنتج من تلك النصوص، علاج الشريعة، للمشاكل الإقتصادية وتنظيمها للحقل الإقتصادي، وبالتالي وجود اقتصاد اسلامي

١٨٤

يمكن استخلاصه من الكتاب والسنة.

وفي ضوء تلك النصوص، يعرف القارئ، خطأ القول الشائع، عند البعض، بأن الشريعة تنظم سلوك الفرد، لا المجتمع، والمذهب الإقتصادي، تنظيم اجتماعي، فهو خارج عن نطاق الشريعة، التي تقتصر في تشريعها، على تنظيم سلوك الفرد فحسب.

ان النصوص السابقة، تبرهن على خطأ هذا القول، لأنها تكشف، عن امتداد الشريعة، الى كل ميادين الحياة، وتنظيمها للمجتمع والفرد على السواء.

والحقيقة، أن القول بأن الشريعة، تنظم سلوك الفرد لا المجتمع، يتناقض مع نفسه، اضافة الى اصطدامه بتلك النصوص لأنه حين يفصل سلوك الفرد، وتنظيمه، عن تنظيم المجتمع يقع في خطأ كبير، من ناحية، ان النظام الإجتماعي، لأي جانب من الجوانب العامة في المجتمع، سواء كان اقتصادياً، أم سياسياً، أم غير ذلك، يتجسد في سلوك الفرد، فلا يمكن تنظيم سلوك الفرد، بصورة منعزلة عن تنظيم المجتمع.

خذ اليك النظام الرأسمالي، بوصفه تنظيماً اجتماعياً، فانه ينظم الحياة الإقتصادية، على أساس مبدأ الحرية الإقتصادية وهذا المبدأ يتجسد في سلوك الرأسمالي، مع العامل، وطريقة ابرامه معه عقد العمل، وفي سلوك المرابي، مع زبائنه، الذين

١٨٥

يقرضهم بفائدة، وطريقة ابرامه معهم عقد القرض. وهكذا كل تنظيم اجتماعي، فانه يتصل بسلوك الفرد، وينعكس عليه ويتجسد فيه.

فاذا كانت الشريعة، تنظم سلوك الفرد، فلها طريقتها اذن، في تنظيم سلوكه، حين يقترض مالاً، او حين يستأجر عاملاً، او حين يؤجر نفسه، وهذا يرتبط حتماً، بالتنظيم الاجتماعي.

فكل فصل بين سلوك الفرد والمجتمع في التنظيم، يحتوي على تناقض.

فما دمنا نعترف، بأن الشريعة، تنظم سلوك الفرد، وان كل فعل من أفعال الإنسان، له حكمه الخاص، في الشريعة. ما دمنا نعترف بذلك، فلا بد ان ننساق مع اعترافنا الى النهاية ونؤمن بوجود التنظيم الاجتماعي في الشريعة.

التطبيق دليل آخر

ولا أدري، ماذا يقول هؤلاء الذين يشكون في وجود اقتصاد اسلامي، او علاج للمشاكل الاقتصادية في الإسلام. ماذا يقولون عن عصر التطبيق في صدر الإسلام؟

أفلم يكن المسلمون، يعيشون في صدر الإسلام، بوصفهم مجتمعاً له حياته الاقتصادية، وحياته في كل الميادين الاجتماعية؟

١٨٦

أفلم تكن قيادة هذا المجتمع الإسلامي، بيد النبي والإسلام.

أفلم تكن هناك حلول محددة، لدى هذه القيادة، يعالج بها المجتمع، قضايا الانتاج والتوزيع، ومختلف مشاكله الاقتصادية؟

فماذا لو ادعينا، أن هذه الحلول، تعبر عن طريقة الإسلام في تنظيم الحياة الاقتصادية، وبالتالي عن مذهب اقتصادي في الإسلام؟.

نحن اذا تصورنا، المجتمع الإسلامي على عهد النبي (ص) فلا يمكن أن نتصوره، بدون نظم اقتصادي، اذ لا يمكن أن يوجد مجتمع، بدون طريقة يتبناها، في تنظيم حياته الاقتصادية وتوزيع الثروة بين أفراده.

ولا يمكن ان نتصور النظام الاقتصادي، في مجتمع عصر النبوة، منفصلاً عن الإسلام، وعن النبي، بوصفه صاحب الرسالة الذي يتولي تطبيقها. فلا بد ان يكون النظام الاقتصادي، مأخوذاً منه، قولاً او فعلاً او تقريراً، أي مأخوذاً من نصوصه وأقواله أو من أفعاله، وطريقته للعمل الاجتماعي بوصفه رئيساً للدولة أو من تقريره لعرف سائد وقبوله به. وكل ذلك يسبغ على النظام الطابع الإسلامي.

المذهب يحتاج الى صياغة

ونحن حين نقول، بوجود اقتصاد اسلامي، او مذهب

١٨٧

اقتصادي في الإسلام، لا نريد بذلك، اننا سوف نجد في النصوص بصورة مباشرة نفس النظريات الاساسية في المذهب الاقتصادي الإسلامي، بصيغها العامة. بل ان النصوص ومصادر التشريع، تتحفنا بمجموعة كبيرة من التشريعات، التي تنظم الحياة الاقتصادية وعلاقات الإنسان، بأخيه الإنسان، في مجالات انتاج الثروة وتوزيعها، وتداولها. كأحكام الإسلام، في احياء الاراضي والمعادن، وأحكامه في الاجارة والمضاربة والربا، وأحكامه في الزكاة والخمس، والخراج وبيت المال. وهذه المجموعة من الاحكام والتشريعات، اذا نسقت ودرست دراسة مقارنة بعضها ببعض، أمكن الوصول إلى أصولها والنظريات العامة التي تعبر عنها، ومن تلك النظريات نستخلص المذهب الاقتصادي في الإسلام.

فليس من الضروري، مثلاً، أن نجد في النصوص ومصادر الشريعة، صيغة عامة لتحديد مبدأ يقابل مبدأ الحرية الاقتصادية في المذهب الرأسمالي، أو يماثله. ولكننا نجد في تلك النصوص والمصادر، عدداً من التشريعات، التي يستنتج منها، موقف الإسلام من مبدأ الحرية الاقتصادية. ويعرف عن طريقها: ما هو المبدأ البديل له، من وجهة النظر الإسلامية.

فتحريم الإسلام للاستثمار الرأسمالي الربوي، وتحريمه تملك الارض بدون احياء وعمل، واعطاء ولي الأمر صلاحية الاشراف

١٨٨

على أثمان السلع، مثلاً كل ذلك، يكون فكرتنا، عن موقف الإسلام، من الحرية الاقتصادية، ويعكس المبدأ الإسلامي العام.

اخلاقية الاقتصاد الإسلامي

قد يقال: ان الاقتصاد الذي تزعمون وجوده في الإسلام ليس مذهباً اقتصادياً، وانما هو في الحقيقة، تعاليم اخلاقية من شأن الدين ان يتقدم بها الى الناس، ويرغبهم في اتباعها. فالإسلام، كما أمر بالصدق والأمانة، وحث على الصبر وحسن الخلق، ونهى عن الغش والنميمة، كذلك، أمر بمعونة الفقراء ونهى عن الظلم، ورغب الأغنياء في مواساة البائسين، ونهاهم عن سلب حقوق الآخرين، وحذرهم من اكتساب الثروة، بطرق غير مشروعة، وفرض عبادة مالية، في جملة ما فرض من عبادات وهي الزكاة. اذ شرعها الى صف الصلاة والحج والصيام، تنويعاً لاساليب العبادة، وتأكيداً على ضرورة اعانة الفقير والإحسان اليه.

كل ذلك، قام به الإسلام، وفقاً لمنهج أخلاقي عام، ولا تعدو تلك الاوامر والنصائح والإرشادات، عن كونها تعاليم أخلاقية، تستهدف، تنمية الطاقات الخيرة في نفس الفرد المسلم والمزيد من شده الى ربه، والى أخيه الإنسان، ولا يعني ذلك

١٨٩

مذهباً اقتصادياً، على مستوى تنظيم شامل للمجتمع.

وبكلمة أخرى، أن التعاليم السابقة، ذات طابع فردي أخلاقي، هدفها اصلاح الفرد، وتنمية الخير فيه، وليست ذات طابع اجتماعي، تنظيمي، فالفرق بين تلك التعاليم، والمذهب الإقتصادي، هو الفرق بين واعظ يعتلي المنبر، فينصح الناس بالتراحم والتعاطف، ويحذرهم من الظلم والاساءة، والاعتداء على حقوق الآخرين، وبين مصلح اجتماعي، يضع تخطيطاً لنوع العلاقات، التي يجب أن تقام بين الناس، ويحدد الحقوق والواجبات.

وجوابنا على هذا كله: ان واقع الإسلام، وواقع الاقتصاد الإسلامي، لا يتفق اطلاقاً مع هذا التفسير، الذي ينزل بالاقتصاد الإسلامي عن مستوى مذهب، الى مستوى نصائح واوامر أخلاقية.

صحيح، ان الإتجاه الاخلاقي واضح، في كل التعاليم الإسلامية.

وصحيح، ان الإسلام، يحتوي على مجموعة ضخمة، من التعاليم والأوامر الاخلاقية، في كل مجالات الحياة، والسلوك البشري وفي المجال الإقتصادي خاصة.

وصحيح، ان الإسلام، حشد أروع الأساليب، لتنشئة الفرد المسلم على القيم الخلقية، وتنمية طاقاته الخيرة، وتحقيق المثل الكامل فيه.

١٩٠

ولكن هذا لا يعني، ان الإسلام، اقتصر على تربية الفرد خلقياً، وترك تنظيم المجتمع. ولا ان الإسلام، كان واعظاً للفرد، فحسب، ولم يكن الى جانب ذلك، مذهباً ونظاماً للمجتمع، في مختلف مجالات حياته، بما فيها حياته الإقتصادية.

ان الإسلام، لم ينه عن الظلم، ولم ينصح الناس بالعدل ولم يحذرهم من التجاوز على حقوق الآخرين، بدون ان يحدد مفاهيم الظلم والعدل، من وجهة نظره، ويحدد تلك الحقوق التي نهى عن تجاوزها.

ان الإسلام، لم يترك تلك المفاهيم، مفاهيم العدل والظلم والحق، غائمة غامضة، ولم يدع تفسيرها لغيره، كما يصنع الوعاظ الاخلاقيون. بل انه جاء بصورة محددة، للعدالة وقواعد عامة للتعايش بين الناس، في مجالات انتاج الثروة وتوزيعها وتداولها، واعتبر كل شذوذ وانحراف، عن هذه القواعد، وتلك الصورة، التي حددها للعدالة، ظلماً، وتجاوزاً على حقوق الآخرين.

وهذا هو الفارق، بين موقف الواعظ، وموقف المذهب الإقتصادي. فان الواعظ، ينصح بالعدل، ويحذر من الظلم ولكنه لا يضع مقاييس العدل والظلم، وانما يدع هذه المقاييس الى العرف العام المتبع، لدى الواعظ وسامعيه. واما المذهب الاقتصادي، فهو يحاول أن يضع هذه المقاييس، ويجسدها في

١٩١

نظام اقتصادي، مخطط، ينظم مختلف الحقول الاقتصادية.

فلو ان الإسلام، جاء ليقول للناس، اتركو الظلم، وطبقوا العدل، ولا تعتدوا على الآخرين، وترك للناس، ان يحددوا معنى الظلم، ويضعوا الصورة التي تجسد العدل، ويتفقوا على نوع الحقوق التي يتطلبها العدل، وفقاً لظروفهم، وثقافتهم، وما يؤمنون به من قيم، وما يدركونه من مصالح وحاجات. لو أن الإسلام ترك كل هذا للناس، واقتصر على الامر بالعدل والترغيب فيه، والنهي عن الظلم والتحذير منه، بالاساليب التي يملكها الدين للاغراء والتخويف، لكان واعظاً فحسب.

ولكن الإسلام، حين قال للناس، اتركوا الظلم، وطبقوا العدل، قدم لهم في نفس الوقت، مفاهيمه عن العدل والظلم وميز بنفسه، الطريقة العادلة، في التوزيع والتداول والانتاج عن الطريقة الظالمة. فذكر مثلاً، ان تملك الارض بالقوة، وبدون احياء، ظلم، وان الاختصاص بها، على أساس العمل والاحياء، حق، وأن حصول رأس المال، على نصيب من الثروة المنتجة باسم فائدة، ظلم، وحصوله على ربح، عدل. الى كثير من الوان العلاقات، والسلوك، التي ميز فيها الإسلام بين الظلم والعدل.

وأما حث الإسلام للاغنياء، على مساعدة اخوانهم، وجيرانهم من الفقراء، فهو صحيح، ولكن الإسلام، لم يكتف بهذا الحث

١٩٢

وهذه التربية الخلقية، للاغنياء. بل فرض، على الدولة، ضمان المعوزين، وتوفير الحياة الكريمة لهم، فرضاً يدخل في صلب النظام، الذي ينظم العلاقات، بين الراعي والرعية. ففي الحديث عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، انه ذكر، وهو يحدد مسؤولية الوالي في أموال الزكاة: ان الوالي، يأخذ المال، فيوجهه الوجه الذي وجه الله على ثمانية أسهم، للفقراء والمساكين... يقسمها بينهم، بقدر ما يستغنون في سنتهم، بلا ضيق ولا تقية. فان فضل من ذلك شيء، رد الى الوالي، وان نقص من ذلك شيء، ولم يكتفوا به، كان على الوالي ان يمونهم من عنده، بقدر سعتهم، حتى يستغنوا.

وواضح، في هذا النص، ان فكرة الضمان، وضرورة توفير الحياة الكريمة للجميع، ليست هنا فكرة وعظية، وانما هي، من مسؤوليات الوالي في الإسلام. وبذلك، تدخل في صلب تنظيم المجتمع، وتعبر عن جانب، من جوانب، التصميم الإسلامي للحياة الاقتصادية.

ان هناك، فرقاً كبيراً بين النص المأثور، القائل، ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعاناً وجاره جائع وهذا النص الذي يقول: كان على الوالي، أن يمونهم من عنده، بقدر سعتهم حتى يستغنوا. فالأول ذو طابع وعظي، وهو يبرز الجانب الاخلاقي، من التعاليم الإسلامية. واما الثاني، فطابعه تنظيمي

١٩٣

ويعكس ، لأجل ذلك، جانباً من النظام الإسلامي. ولا يمكن أن يفسر، إلاّ بوصفه جزءاً من منهج اسلامي، عام للمجتمع.

والزكاة هي عبادة، من أهم العبادات، الى صف الصلاة والصيام، لا شك في ذلك. ولكن اطارها العبادي، لا يكفي للبرهنة على انها ليست ذات مضمون اقتصادي، وانها لا تعبر عن وجود تنظيم اجتماعي، للحياة الإقتصادية في الإسلام.

ان ربط الزكاة، بولي الامر، واعتبارها أداة يستعين بها على تحقيق الضمان الإجتماعي، في المجتمع الإسلامي، - كما رأينا في النص السابق - هو وحده، يكفي، لتمييز الزكاة، عن سائر العبادات الشخصية، والتدليل على انها ليست مجرد عبادة فردية، وتمرين خلقي، للغني على الإحسان الى الفقير، وانما هي على مستوى تنظيم اجتماعي، لحياة الناس.

أضف الى ذلك، أن نفس التصميم التشريعي، لفريضة الزكاة، يعبر عن وجهة مذهبية، عامة للإسلام. فان نصوص الزكاة، دلت على انها تعطى للمعوزين، حتى يلتحقوا بالمستوى العام للمعيشة. وهذا يدل، على ان الزكاة، جزء من مخطط اسلامي عام، لايجاد التوازن، وتحقيق مستوى عام، موحد من المعيشة، في المجتمع الإسلامي. ومن الواضح، ان التخطيط المتوازن، ليس وعظاً، وانما هو فكر تنظيمي، على مستوى مذهب اقتصادي.

١٩٤

ماذا ينقص الاقتصاد الإسلامي عن غيره؟

وأنا لا ادري، لماذا يسخو المنكرون للاقتصاد الإسلامي بلقب المذهب الإقتصادي، على الرأسمالية والاشتراكية، ثمّ لا يمنحون هذا اللقب، للاقتصاد الإسلامي، بل يجعلونه مجموعة من التعاليم الاخلاقية.

فمن حقنا، أن نتساءل: بم استحقت الرأسمالية او الاشتراكية أن تكون مذهباً اقتصادياً، دون الإقتصاد الإسلامي؟.

اننا نلاحظ، ان الإسلام، عالج نفس الموضوعات التي عالجتها الرأسمالية، مثلاً، وعلى نفس المستوى، وأعطى فيها أحكاماً، من وجهة نظره الخاصة، تختلف عن وجهة النظر الرأسمالية، فلا مبرر للتفرقة بينهما، او للقول، بأن الرأسمالية مذهب، وليس في الإسلام، إلاّ المواعظ والاخلاق.

ولنوضح ذلك، في مثالين، لنبرهن، على ان الإسلام أعطى آراءه، على نفس المستوى الذي عالجته المذاهب الإقتصادية.

والمثال الاول: يتعلق بالملكية، وهي المحور الرئيسي للاختلاف بين المذاهب الإقتصادية. فان الرأسمالية، ترى ان الملكية الخاصة، هي المبدأ، وليست الملكية العامة إلاّ استثناء.

١٩٥

بمعنى ان كل نوع من أنواع الثروة، ومرافق الطبيعة، يسمح بتملكه ملكية خاصة، مالم تحتم ضرورة معينة، تأميمه واخراجه عن حقل الملكية الخاصة. والماركسية، ترى ان الملكية العامة، هي الاصل والمبدأ، ولا يسمح بالملكية الخاصة لأي نوع من أنواع الثروة الطبيعية، والمصادر المنتجة، ما لم توجد ضرورة معينة، تفرض ذلك. فيسمح بالملكية الخاصة عندئذ، في حدود تلك الضرورة، وما دامت قائمة.

والإسلام، يختلف عن كل من المذهبين، في طريقة علاجه للموضوع، فهو ينادي بمبدأ الملكية المزدوجة، أي ذات الأشكال المتنوعة. ويرى ان الملكية العامة، والملكية الخاصة، شكلان أصيلان للملكية، في مستوى واحد، ولكل من الشكلين حقله الخاص.

أفليس هذا الموقف الإسلامي، يعبر عن وجهة نظر اسلامية على مستوى المدلول المذهبي، للموقف الرأسمالي والموقف الاشتراكي؟ فلماذا يكون مبدأ الملكية الخاصة، ركناً من أركان المذهب الرأسمالي، ويكون مبدأ الملكية العامة، ركناً في المذهب الاشتراكي الماركسي، ولا يكون مبدأ الملكية المزدوجة، - أي ذات الشكل العام والخاص -، ركناً في مذهب اقتصادي اسلامي؟

والمثال الثاني: يتعلق بالكسب، القائم على أساس ملكية

١٩٦

مصادر الانتاج. فان الرأسمالية تجيز هذا الكسب. بمختلف ألوانه، فكل من يملك مصدراً من مصادر الانتاج، له أن يؤجره ويحصل على كسب، عن طريق الاجور التي يتقاضاها، بدون عمل. والاشتراكية الماركسية، تحرم كل لون من الوان الكسب القائم على أساس ملكية مصادر الانتاج، لانه كسب بدون عمل.

فالاجرة، التي يتقاضاها صاحب الطاحونة، ممن يستأجر طاحونته، والاجرة التي يتقاضاها الرأسمالي، باسم فائدة ممن يقترض منه، غير مشروعة في الاشتراكية الماركسية، بينما هي مشروعة في الرأسمالية.

والإسلام، يعالج نفس الموضوع، من وجهة نظر ثالثة فيميز بين بعض الوان الكسب، القائم على أساس ملكية مصادر الانتاج، وبعضها الآخر. فيحرم الفائدة مثلاً، ويسمح باجرة الطاحونة.

فالرأسمالية، اذن، تسمح بالفائدة، وباجرة الطاحونة معاً، تجاوباً مع مبدأ الحرية الاقتصادية.

والاشتراكية الماركسية، لا تسمح للرأسمالي، بأخذ الفائدة على القرض، ولا لصاحب الطاحونة، بالحصول على اجور، لأن العمل، هو المبرر الوحيد للكسب، والرأسمالي، حين يقرض

١٩٧

مالاً، وصاحب الطاحونة، حين يؤجر طاحونته، لا يعمل شيئاً.

والإسلام، لا يأذن للرأسمالي، بتقاضي الفائدة، ويسمح لصاحب الطاحونة، بالاكتساب عن ايجارها، وفقاً، لنظريته العامة في التوزيع، التي سوف نشرحها في الاعداد المقبلة بإذن الله تعالى.

مواقف ثلاثة مختلفة، تبعاً لاختلاف وجهات النظر العامة في التوزيع.

فلماذا يوصف الموقف الرأسمالي والماركسي، بالطابع المذهبي ولا يقال ذلك، عن الموقف الإسلامي؟ مع أنه يعبر عن وجهة نظر مذهب اقتصادي ثالث، يختلف عن كل من المذهبين.

١٩٨

الفهرس

كلمة المؤلف ٥

الإنسان المعَاصِر وَقُدرته عَلّى حَل المشكلة الاجتماعيّة ١١

الإنسانية ومعالجتها للمشكلة ١٥

رأي الماركسية ١٦

رأي المفكرين غير الماركسيين ٢٢

الفرق بين التجربة الطبيعية والاجتماعية ٢٣

الدّيمقراطيّة الرأسماليّة ٤١

الاتجاه المادي في الرأسمالية ٤٦

موضع الاخلاق من الرأسمالية ٤٩

مآسي النظام الرأسمالي ٥١

الإشتراكيّة والشيُوعيّة ٦١

الانحراف عن العملية الشيوعية ٦٤

المؤاخذات على الشيوعية ٦٨

الإسلام والمشكلة الاجتماعية ٧٧

كيف تعالج المشكلة ٨٣

رسالة الدين ٩٠

مَوقفُ الإسِلام مِنَ الحُرية وَالضّمان ١٠١

الحرية في الحضارة الرأسمالية ١٠٤

الحرية في المجال الشخصي ١١٢

الحرية في المجال الاجتماعي ١١٩

الضمان في الإسلام والماركسية ١٢٨

ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي ١٣٧

تصحيح الخطأ بالتمييز بين المذهب والعلم ١٣٩

١٩٩

مثال على الفرق بين المذهب والعلم ١٤٠

التأكيد على ان الاقتصاد الإسلامي مذهب ١٤٠

هَل يُوجَد في الإسلام اقتِصَاد ١٤٥

مَا هُوَ نوع الاقتصاد الإسلامي ١٥١

المذهب الاقتصادي وعلم الاقتصاد ١٥٣

استخلاص من الأمثلة السابقة ١٦٣

علم الاقتصاد والمذهب كالتاريخ والأخلاق ١٦٤

علم الاقتصاد كسائر العلوم ١٦٦

الفارق في المهمة لا الموضوع ١٦٧

المذهب قد يكون اطاراً للعلم ١٦٨

النتائج المستخلصة ١٧٠

المذهب لا يستعمل الوسائل العلمية ١٧١

الإقتصاد الإسلامي كما نوعظ به ١٧٩

ما هي اكبر العقبات ١٨٠

شمول الشريعة واستيعابها ١٨٢

التطبيق دليل آخر ١٨٦

المذهب يحتاج الى صياغة ١٨٧

اخلاقية الاقتصاد الإسلامي ١٨٩

ماذا ينقص الاقتصاد الإسلامي عن غيره؟ ١٩٥

٢٠٠