كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٥

كتاب شرح نهج البلاغة0%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 297

كتاب شرح نهج البلاغة

مؤلف: ابن أبي الحديد
تصنيف:

الصفحات: 297
المشاهدات: 44880
تحميل: 5540


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 14 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17 الجزء 18 الجزء 19 الجزء 20
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 297 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44880 / تحميل: 5540
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء 15

مؤلف:
العربية

إلى هذا يخطب قاعدا و الله تعالى يقول لرسوله( وَ تَرَكُوكَ قائِماً ) .

قال و أول من قعد في الخطب معاوية و أول من أذن و أقام في صلاة العيد بشر بن مروان و كان عمال بني أمية يأخذون الجزية ممن أسلم من أهل الذمة و يقولون هؤلاء فروا من الجزية و يأخذون الصدقة من الخيل و ربما دخلوا دار الرجل قد نفق فرسه أو باعه فإذا أبصروا الآخية قالوا قد كان هاهنا فرس فهات صدقتها و كانوا يؤخرون صلاة الجمعة تشاغلا عنها بالخطبة و يطيلون فيها إلى أن تتجاوز وقت العصر و تكاد الشمس تصفر فعل ذلك الوليد بن عبد الملك و يزيد أخوه و الحجاج عاملهم و وكل بهم الحجاج المسالخ معه و السيوف على رءوسهم فلا يستطيعون أن يصلوا الجمعة في وقتها.و قال الحسن البصري وا عجبا من أخيفش أعيمش جاءنا ففتننا عن ديننا و صعد على منبرنا فيخطب و الناس يلتفتون إلى الشمس فيقول ما بالكم تلتفتون إلى الشمس إنا و الله ما نصلي للشمس إنما نصلي لرب الشمس أ فلا تقولون يا عدو الله إن لله حقا بالليل لا يقبله بالنهار و حقا بالنهار لا يقبله بالليل ثم يقول الحسن و كيف يقولون ذلك و على رأس كل واحد منهم علج قائم بالسيف قال و كانوا يسبون ذراري الخوارج من العرب و غيرهم لما قتل قريب و زحاف الخارجيان سبى زياد ذراريهما فأعطى شقيق بن ثور السدوسي إحدى بناتهما و أعطى عباد بن حصين الأخرى و سبيت بنت لعبيدة بن هلال اليشكري و بنت لقطري بن الفجاءة المازني فصارت هذه إلى العباس بن الوليد بن عبد الملك و اسمها أم سلمة

٢٤١

فوطئها بملك اليمين على رأيهم فولدت له المؤمل و محمدا و إبراهيم و أحمد و حصينا بني عباس بن الوليد بن عبد الملك و سبي واصل بن عمرو القنا و استرق و سبي سعيد الصغير الحروري و استرق و أم يزيد بن عمر بن هبيرة و كانت من سبي عمان الذين سباهم مجاعة و كانت بنو أمية تبيع الرجل في الدين يلزمه و ترى أنه يصير بذلك رقيقا.كان معن أبو عمير بن معن الكاتب حرا مولى لبني العنبر فبيع في دين عليه فاشتراه أبو سعيد بن زياد بن عمرو العتكي و باع الحجاج علي بن بشير بن الماحوز لكونه قتل رسول المهلب على رجل من الأزد.فأما الكعبة فإن الحجاج في أيام عبد الملك هدمها و كان الوليد بن يزيد يصلي إذا صلى أوقات إفاقته من السكر إلى غير القبلة فقيل له فقرأ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اَللَّهِ ) .و خطب الحجاج بالكوفة فذكر الذين يزورون قبر رسول الله ص بالمدينة فقال تبا لهم إنما يطوفون بأعواد و رمة بالية هلا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك أ لا يعلمون أن خليفة المرء خير من رسوله.قال و كانت بنو أمية تختم في أعناق المسلمين كما توسم الخيل علامة لاستعبادهم.و بايع مسلم بن عقبة أهل المدينة كافة و فيها بقايا الصحابة و أولادها و صلحاء التابعين على أن كلا منهم عبد قن لأمير المؤمنين يزيد بن معاوية إلا علي بن الحسين ع فإنه بايعه على أنه أخوه و ابن عمه.قال و نقشوا أكف المسلمين علامة لاسترقاقهم كما يصنع بالعلوج من الروم و الحبشة و كانت خطباء بني أمية تأكل و تشرب على المنبر يوم الجمعة لإطالتهم

٢٤٢

في الخطبة و كان المسلمون تحت منبر الخطبة يأكلون و يشربون قال أبو عثمان و يفخر بنو العباس على بني مروان و هاشم على عبد شمس بأن الملك كان في أيديهم فانتزعوه منهم و غلبوهم بالبطش الشديد و بالحيلة اللطيفة ثم لم ينزعوه إلا من يد أشجعهم شجاعة و أشدهم تدبيرا و أبعدهم غورا و من نشأ في الحروب و ربي في الثغور و من لا يعرف إلا الفتوح و سياسة الجنود ثم أعطى الوفاء من أصحابه و الصبر من قواده فلم يغدر منهم غادر و لا قصر منهم مقصر كما قد بلغك عن حنظلة بن نباتة و عامر بن ضبارة و يزيد بن عمر بن هبيرة و لا أحد من سائر قواده حتى من أحبابه و كتابه كعبد الحميد الكاتب ثم لم يلقه و لا لقي تلك الحروب في عامة تلك الأيام إلا رجال ولد العباس بأنفسهم و لا قام بأكثر الدولة إلا مشايخهم كعبد الله بن علي و صالح بن علي و داود بن علي و عبد الصمد بن علي و قد لقيهم المنصور نفسه.قال و تفخر هاشم أيضا عليهم

بقول النبي ص و هو الصادق المصدق نقلت من الأصلاب الزاكية إلى الأرحام الطاهرة و ما افترقت فرقتان إلا كنت في خيرهما و قال أيضا بعثت من خيرة قريش.و معلوم أن بني عبد مناف افترقوا فكانت هاشم و المطلب يدا و عبد شمس و نوفل يدا قال و إن كان الفخر بكثرة العدد فإنه من أعظم مفاخر العرب فولد علي بن عبد الله بن العباس اليوم مثل جميع بني عبد شمس و كذلك ولد الحسين بن علي ع هذا مع قرب ميلادهما و قد قال النبي ص شوهاء ولود خير من حسناء عقيم و قال أنا مكاثر بكم الأمم و قد روى الشعبي عن جابر بن عبد الله أن النبي ص قدم من سفر

٢٤٣

فأراد الرجال أن يطرقوا النساء ليلا فقال أمهلوا حتى تمتشط الشعثة و تستحد المغيبة فإذا قدمتم فالكيس الكيس قالوا ذهب إلى طلب الولد و كانت العرب تفخر بكثرة الولد و تمدح الفحل القبيس و تذم العاقر و العقيم.و قال عامر بن الطفيل يعني نفسه:

لبئس الفتى إن كنت أعور عاقرا

جبانا فما عذري لدى كل محضر

و قال علقمة بن علاثة يفخر على عامر آمنت و كفر و وفيت و غدر و ولدت و عقر.و قال الزبرقان:

فاسأل بني سعد و غيرهم

يوم الفخار فعندهم خبري

أي امرئ أنا حين يحضرني

رفد العطاء و طالب النصر

و إذا هلكت تركت وسطهم

ولدي الكرام و نابه الذكر

و قال طرفة بن العبد:

فلو شاء ربي كنت قيس بن خالد

و لو شاء ربي كنت عمرو بن مرثد

فأصبحت ذا مال كثير و عادني

بنون كرام سادة لمسود

و مدح النابغة الذبياني ناسا فقال:

لم يحرموا طيب النساء و أمهم

طفحت عليك بناتق مذكار

٢٤٤

و قال نهشل بن حري:

على بني يشد الله عظمهم

و النبع ينبت قضبانا فيكتهل

و مكث الفرزدق زمانا لا يولد له فعيرته امرأته فقال:

قالت أراه واحدا لا أخا له

يؤمله في الوارثين الأباعد

لعلك يوما أن تريني كأنما

بني حوالي الليوث الحوارد

فإن تميما قبل أن يلد الحصى

أقام زمانا و هو في الناس واحد

و قال الآخر و قد مات إخوته و ملأ حوضه ليسقي فجاء رجل صاحب عشيرة و عترة فأخذ بضبعه فنحاه ثم قال لراعيه اسق إبلك:

لو كان حوض حمار ما شربت به

إلا بإذن حمار آخر الأبد

لكنه حوض من أودى بإخوته

ريب المنون فأمسى بيضة البلد

لو كان يشكي إلى الأموات ما لقي

الحياء بعدهم من قلة العدد

ثم اشتكيت لأشكاني و أنجدني

قبر بسنجار أو قبر على فحد

و قال الأعشى و هو يذكر الكثرة:

و لست بالأكثر منهم حصى

و إنما العزة للكاثر

قال و قد ولد رجال من العرب كل منهم يلد لصلبه أكثر من مائة فصاروا بذلك مفخرا منهم عبد الله بن عمير الليثي و أنس بن مالك الأنصاري و خليفة بن بر السعدي أتى على عامتهم الموت الجارف و مات جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس عن ثلاثة و أربعين ذكرا و خمس و ثلاثين امرأة كلهم لصلبه فما ظنك بمن مات من ولده في حياته و ليس طبقة من طبقات الأسنان الموت إليها أسرع و فيها أعم

٢٤٥

و أفشى من سن الطفولية و أمر جعفر بن سليمان قد عاينه عالم من الناس و عامتهم أحياء و ليس خبر جعفر كخبر غيره من الناس.قال الهيثم بن عدي أفضى الملك إلى ولد العباس و جميع ولد العباس يومئذ من الذكور ثلاثة و أربعون رجلا و مات جعفر بن سليمان وحده عن مثل ذلك العدد من الرجال و ممن قرب ميلاده و كثر نسله حتى صار كبعض القبائل و العمائر أبو بكر صاحب رسول الله ص و المهلب بن أبي صفرة و مسلم بن عمرو الباهلي و زياد بن عبيد أمير العراق و مالك بن مسمع و ولد جعفر بن سليمان اليوم أكثر عددا من أهل هذه القبائل و أربعة من قريش ترك كل واحد منهم عشرة بنين مذكورين معروفين و هم عبد المطلب بن هاشم و المطلب بن عبد مناف و أمية بن عبد شمس و المغيرة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم و ليس على ظهر الأرض هاشمي إلا من ولد عبد المطلب و لا يشك أحد أن عدد الهاشميين شبيه بعدد الجميع فهذا ما في الكثرة و القلة.قلت رحم الله أبا عثمان لو كان حيا اليوم لرأى ولد الحسن و الحسين ع أكثر من جميع العرب الذين كانوا في الجاهلية على عصر النبي ص المسلمين منهم و الكافرين لأنهم لو أحصوا لما نقص ديوانهم عن مائتي ألف إنسان.قال أبو عثمان و إن كان الفخر بنبل الرأي و صواب القول فمن مثل عباس بن عبد المطلب و عبد الله بن العباس و إن كان في الحكم و السؤدد و أصالة الرأي و الغناء العظيم فمن مثل عبد المطلب و إن كان إلى الفقه و العلم بالتأويل و معرفة التأويل و إلى القياس السديد و إلى الألسنة الحداد و الخطب الطوال فمن مثل علي بن أبي طالب ع و عبد الله بن عباس.

٢٤٦

قالوا خطبنا عبد الله بن عباس خطبة بمكة أيام حصار عثمان لو شهدها الترك و الديلم لأسلموا.و في عبد الله بن العباس يقول حسان بن ثابت:

إذا قال لم يترك مقالا لقائل

بملتقطات لا ترى بينها فضلا

شفى و كفى ما في النفوس فلم يدع

لذي إربة في القول جدا و لا هزلا

و هو البحر و هو الحبر و كان عمر يقول له في حداثته عند إجالة الرأي غص يا غواص و كان يقدمه على جلة السلف.قلت أبى أبو عثمان إلا إعراضا عن علي ع هلا قال فيه كما قال في عبد الله فلعمري لو أراد لوجد مجالا و لألفى قولا وسيعا و هل تعلم الناس الخطب و العهود و الفصاحة إلا من كلام علي ع و هل أخذ عبد اللهرحمه‌الله الفقه و تفسير القرآن إلا عنه فرحم الله أبا عثمان لقد غلبت البصرة و طينتها على إصابة رأيه.قال أبو عثمان و إن كان الفخر في البسالة و النجدة و قتل الأقران و جزر الفرسان فمن كحمزة بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب و كان الأحنف إذا ذكر حمزة قال أكيس و كان لا يرضى أن يقول شجاع لأن العرب كانت تجعل ذلك أربع طبقات فتقول شجاع فإذا كان فوق ذلك قالت بطل فإذا كان فوق ذلك قالت بهمة فإذا كان فوق ذلك قالت أكيس و قال العجاج

أكيس عن حوبائه سخي

و هل أكثر ما يعد الناس من جرحاهما و صرعاهما إلا سادتكم و أعلامكم قتل حمزة و علي ع عتبة و الوليد و قتلا شيبة أيضا شركا عبيدة بن الحارث فيه و قتل علي ع حنظلة بن أبي سفيان فأما آباء ملوككم من بني مروان فإنهم كما قال

٢٤٧

عبد الله بن الزبير لما أتاه خبر المصعب إنا و الله ما نموت حبجا كما يموت آل أبي العاص و الله ما قتل منهم قتيل في جاهلية و لا إسلام و ما نموت إلا قتلا قعصا بالرماح و موتا تحت ظلال السيوف.قال أبو عثمان كأنه لم يعد قتل معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قتلا إذ كان إنما قتل في غير معركة و كذلك قتل عثمان بن عفان إذ كان إنما قتل محاصرا و لا قتل مروان بن الحكم لأنه قتل خنقا خنقته النساء قال و إنما فخر عبد الله بن الزبير بما في بني أسد بن عبد العزى من القتلى لأن من شأن العرب أن يفخروا بذلك كيف كانوا قاتلين أو مقتولين أ لا ترى أنك لا تصيب كثرة القتلى إلا في القوم المعروفين بالبأس و النجدة و بكثرة اللقاء و المحاربة كآل أبي طالب و آل الزبير و آل المهلب.قال و في آل الزبير خاصة سبعة مقتولون في نسق و لم يوجد ذلك في غيرهم قتل عمارة و حمزة ابنا عبد الله بن الزبير يوم قديد في المعركة قتلهما الإباضية و قتل عبد الله بن الزبير في محاربة الحجاج و قتل مصعب بن الزبير بدير الجاثليق في المعركة أكرم قتل و بإزائه عبد الملك بن مروان و قتل الزبير بوادي السباع منصرفه عن وقعة الجمل و قتل العوام بن خويلد في حرب الفجار و قتل خويلد بن أسد بن عبد العزى في حرب خزاعة فهؤلاء سبعة في نسق.قال و في بني أسد بن عبد العزى قتلى كثيرون غير هؤلاء قتل المنذر بن الزبير بمكة قتله أهل الشام في حرب الحجاج و هو على بغل ورد كان نفر به فأصعد به في الجبل

٢٤٨

و إياه يعني يزيد بن مفرغ الحميري و هو يهجو صاحبكم عبيد الله بن زياد و يعيره بفراره يوم البصرة:

لابن الزبير غداة تدمر منذرا

أولى بكل حفيظة و دفاع

و قتل عمرو بن الزبير قتله أخوه عبد الله بن الزبير و كان في جوار أخيه عبيدة بن الزبير فلم يغن عنه فقال الشاعر يحرض عبيدة على قتل أخيه عبد الله بن الزبير و يعيره بإخفاره جوار عمرو أخيهما:

أ عبيد لو كان المجير لولولت

بعد الهدو برنة أسماء

أ عبيد إنك قد أجرت و جاركم

تحت الصفيح تنوبه الأصداء

اضرب بسيفك ضربة مذكورة

فيها أداء أمانه و وفاء

و قتل بجير بن العوام أخو الزبير بن العوام قتله سعد بن صفح الدوسي جد أبي هريرة من قبل أمه قتله بناحية اليمامة و قتل معه أصرم و بعلك أخويه ابني العوام بن خويلد و قد قتل منهم في محاربة النبي ص قوم مشهورون منهم زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى كان شريفا قتل يوم بدر و أبوه الأسود كان المثل يضرب بعزته بمكة و فيه قال رسول الله ص و هو يذكر عاقر الناقة كان عزيزا منيعا كأبي زمعة و يكنى زمعة بن الأسود أبا حكيمة و قتل الحارث بن الأسود بن المطلب يوم بدر أيضا و قتل عبد الله بن حميد بن زهير بن الحارث بن الأسود بن المطلب بن أسد يوم بدر أيضا و قتل نوفل بن خويلد يوم بدر أيضا قتله علي بن أبي طالب ع و قتل يوم الحرة يزيد بن عبد الله بن زمعة بن الأسود ضرب عنقه مسرف بن عقبة صبرا قال له بايع لأمير المؤمنين يزيد

٢٤٩

بن معاوية على أنك عبد قن له قال بل أبايعه على أني أخوه و ابن عمه فضرب عنقه و قتل إسماعيل بن هبار بن الأسود ليلا و كان ادعى حيلة فخرج مصرخا لمن استصرخه فقتل فاتهم به مصعب بن عبد الله بن عبد الرحمن فأحلفه معاوية خمسين يمينا و خلى سبيله فقال الشاعر:

و لا أجيب بليل داعيا أبدا

أخشى الغرور كما غر ابن هبار

باتوا يجرونه في الحش منعقرا

بئس الهدية لابن العم و الجار

و قتل عبد الرحمن بن العوام بن خويلد في خلافة عمر بن الخطاب في بعض المغازي و قتل ابنه عبد الرحمن يوم الدار مع عثمان فعبد الله بن عبد الرحمن بن العوام بن خويلد قتيل ابن قتيل ابن قتيل ابن قتيل أربعة و من قتلاهم عيسى بن مصعب بن الزبير قتل بين يدي أبيه بمسكن في حرب عبد الملك و كان مصعب يكنى أبا عيسى و أبا عبد الله و فيه يقول الشاعر:

لتبك أبا عيسى و عيسى كلاهما

موالي قريش كهلها و صميمها

و منهم مصعب بن عكاشة بن مصعب بن الزبير قتل يوم قديد في حرب الخوارج و قد ذكره الشاعر فقال

قمن فاندبن رجالا قتلوا

بقديد و لنقصان العدد

ثم لا تعدلن فيها مصعبا

حين يبكى من قتيل بأحد

إنه قد كان فيها باسلا

صارما يقدم إقدام الأسد

و منهم خالد بن عثمان بن خالد بن الزبير خرج مع محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن فقتله أبو جعفر و صلبه و منهم عتيق بن عامر بن عبد الله بن الزبير قتل بقديد أيضا و سمي عتيقا باسم جده أبي بكر الصديق.

٢٥٠

قلت هذا أيضا من تحامل أبي عثمان هلا ذكر قتلى الطف و هم عشرون سيدا من بيت واحد قتلوا في ساعة واحدة و هذا ما لم يقع مثله في الدنيا لا في العرب و لا في العجم.و لما قتل حذيفة بن بدر يوم الهباءة و قتل معه ثلاثة أو أربعة من أهل بيته ضربت العرب بذلك الأمثال و استعظموه فجاء يوم الطف جرى الوادي فطم على القري.و هلا عدد القتلى من آل أبي طالب فإنهم إذا عدوا إلى أيام أبي عثمان كانوا عددا كثيرا أضعاف ما ذكره من قتلى الأسديين قال أبو عثمان و إن كان الفخر و الفضل في الجود و السماح فمن مثل عبد الله بن جعفر بن أبي طالب و من مثل عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب.و قد اعترضت الأموية هذا الموضع فقالت إنما كان عبد الله بن جعفر يهب ما كان معاوية و يزيد يهبان له فمن فضل جودنا جاد.قالوا و معاوية أول رجل في الأرض وهب ألف ألف درهم و ابنه أول من ضاعف ذلك فإنه كان يجيز الحسن و الحسين ابني علي ع في كل عام لكل واحد منهما بألف ألف درهم و كذلك كان يجيز عبد الله بن العباس و عبد الله بن جعفر فلما مات و قام يزيد وفد عليه عبد الله بن جعفر فقال له إن أمير المؤمنين معاوية كان يصل رحمي في كل سنة بألف ألف درهم قال فلك ألفا ألف درهم فقال بأبي أنت و أمي أما إني ما قلتها لابن أنثى قبلك قال فلك أربعة آلاف ألف درهم.و هذا الاعتراض ساقط لأن ذلك إن صح لم يعد جودا و لا جائزة و لا صلة رحم هؤلاء

٢٥١

قوم كان يخافهم على ملكه و يعرف حقهم فيه و موقعهم من قلوب الأمة فكان يدبر في ذلك تدبيرا و يريع أمورا و يصانع عن دولته و ملكه و نحن لم نعد قط ما أعطى خلفاء بني هاشم قوادهم و كتابهم و بني عمهم جودا فقد وهب المأمون للحسن بن سهل غلة عشرة آلاف ألف فما عد ذلك منه مكرمة و كذلك كل ما يكون داخلا في باب التجارة و استمالة القلوب و تدبير الدولة و إنما يكون الجود ما يدفعه الملوك في الوفود و الخطباء و الشعراء و الأشراف و الأدباء و السمار و نحوهم و لو لا ذلك لكان الخليفة إذا وفى الجند أعطياتهم احتسب ذلك في جوده فالعمالات شي‏ء و الإعطاء على دفع المكروه شي‏ء و التفضل و الجود شي‏ء ثم إن الذين أعطاهم معاوية و يزيد هو بعض حقهم و الذي فضل عليهما أكثر مما خرج منهما.و إن أريد الموازنة بين ملوك بني العباس و ملوك بني أمية في العطاء افتضح بنو أمية و ناصروهم فضيحة ظاهرة فإن نساء خلفاء بني عباس أكثر معروفا من رجال بني أمية و لو ذكرت معروف أم جعفر وحدها لأتى ذلك على جميع صنائع بني مروان و ذلك معروف و لو ذكر معروف الخيزران و سلسبيل لملئت الطوامير الكثيرة به و ما نظن خالصة مولاتهم إلا فوق أجواد أجوادهم و إن شئت أن تذكر مواليهم و كتابهم فاذكر عيسى بن ماهان و ابنه عليا و خالد بن برمك و ابنه يحيى و ابنه جعفرا و الفضل و كاتبهم منصور بن زياد و محمد بن منصور و فتى العسكر فإنك تجد لكل واحد من هؤلاء ما يحيط بجميع صنائع بني عبد شمس.فأما ملوك الأموية فليس منهم إلا من كان يبخل على الطعام و كان جعفر بن سليمان كثيرا ما يذكر ذلك و كان معاوية يبغض الرجل النهم على مائدته و كان

٢٥٢

المنصور إذا ذكرهم يقول كان عبد الملك جبارا لا يبالي ما صنع و كان الوليد مجنونا و كان سليمان همه بطنه و فرجه و كان عمر أعور بين عميان و كان هشام رجل القوم و كان لا يذكر ابن عاتكة و لقد كان هشام مع ما استثناه به يقول هو الأحول السراق ما زال يدخل إعطاء الجند شهرا في شهر و شهرا في شهر حتى أخذ لنفسه مقدار رزق سنة و أنشده أبو النجم العجلي أرجوزته التي أولها

ألحد لله الوهوب المجزل

فما زال يصفق بيديه استحسانا لها حتى صار إلى ذكر الشمس فقال

و الشمس في الأفق كعين الأحول

فأمر بوج‏ء عنقه و إخراجه و هذا ضعف شديد و جهل عظيم.و قال خاله إبراهيم بن هشام المخزومي ما رأيت من هشام خطأ قط إلا مرتين حدا به الحادي مرة فقال:

إن عليك أيها البختي

أكرم من تمشي به المطي

فقال صدقت و قال مرة و الله لأشكون سليمان يوم القيامة إلى أمير المؤمنين عبد الملك و هذا ضعف شديد و جهل مفرط.و قال أبو عثمان و كان هشام يقول و الله إني لأستحيي أن أعطي رجلا أكثر من أربعة آلاف درهم ثم أعطى عبد الله بن الحسن أربعة آلاف دينار فاعتدها في جوده و توسعه و إنما اشترى بها ملكه و حصن بها عن نفسه و ما في يديه قال له أخوه مسلمة أ تطمع أن تلي الخلافة و أنت بخيل جبان فقال و لكني حليم عفيف فاعترف بالجبن و البخل و هل تقوم الخلافة مع واحد منهما و إن قامت فلا تقوم إلا مع الخطر العظيم و التغرير الشديد و لو سلمت من الفساد لم تسلم من العيب.

٢٥٣

و لقد قدم المنصور عليهم عمر بن عبد العزيز بقوله أعور بين عميان و زعمتم أنه كان ناسكا ورعا تقيا فكيف و قد جلد خبيب بن عبد الله بن الزبير مائة جلدة و صب على رأسه جرة من ماء بارد في يوم شات حتى كز فمات فما أقر بدمه و لا خرج إلى وليه من حقه و لا أعطى عقلا و لا قودا و لا كان خبيب ممن أتت عليه حدود الله و أحكامه و قصاصه فيقال كان مطيعا بإقامتها و أنه أزهق الحد نفسه و احتسبوا الضرب كان أدبا و تعزيرا فما عذره في الماء البارد في الشتاء على أثر جلد شديد و لقد بلغه أن سليمان بن عبد الملك يوصي فجاء حتى جلس على طريق من يجلس عنده أو يدخل إليه فقال رجاء بن حيوة في بعض من يدخل و من يخرج نشدتك الله أن تذكرني لهذا الأمر أو تشير بي في هذا الشأن فو الله ما لي عليه من طاقة فقال له رجاء قاتلك الله ما أحرصك عليها.و لما جاء الوليد بن عبد الملك بنعي الحجاج قال له الوليد مات الحجاج يا أبا حفص فقال و هل كان الحجاج إلا رجلا منا أهل البيت و قال في خلافته لو لا بيعة في أعناق الناس ليزيد بن عاتكة لجعلت هذا الأمر شورى بين صاحب الأعوص إسماعيل بن أمية بن عمرو بن سعيد الأشدق و بين أحمس قريش القاسم بن محمد بن أبي بكر و بين سالم بن عبد الله بن عمر فما كان عليه من الضرر و الحرج و ما كان عليه من الوكف و النقص أن لو قال بين علي بن العباس و علي بن الحسين بن علي و على أنه لم يرد التيمي و لا العدوي و إنما دبر الأمر للأموي و لم يكن عنده أحد من هاشم يصلح للشورى ثم دبر الأمر ليبايع لأخيه أبي بكر بن عبد العزيز من بعده حتى عوجل بالسم.و قدم عليه عبد الله بن حسن بن حسن فلما رأى كماله و بيانه و عرف نسبه و مركبه

٢٥٤

و موضعه و كيف ذلك من قلوب المسلمين و في صدور المؤمنين لم يدعه يبيت بالشام ليلة واحدة و قال له الحق بأهلك فإنك لم تغنهم شيئا هو أنفس منك و لا أرد عليهم من حياتك أخاف عليك طواعين الشام و ستلحقك الحوائج على ما تشتهي و تحب.و إنما كره أن يروه و يسمعوا كلامه فلعله يبذر في قلوبهم بذرا و يغرس في صدورهم غرسا و كان أعظم خلق قولا بالجبر حتى يتجاوز الجهمية و يربي على كل ذي غاية صاحب شنعة و كان يصنع ذلك الكتب مع جهله بالكلام و قلة اختلافه إلى أهل النظر و قال له شوذب الخارجي لم لا تلعن رهطك و تذكر أباك إن كانوا عندك ظلمة فجرة فقال عمر متى عهدك بلعن فرعون قال ما لي به عهد قال أ فيسعك أن تمسك عن لعن فرعون و لا يسعني أن أمسك عن لعن آبائي فرأى أنه قد خصمه و قطع حجته و كذلك يظنه كل من قصر عن مقدار العالم و جاوز مقدار الجاهل و أي شبه لفرعون بآل مروان و آل أبي سفيان هؤلاء قوم لهم حزب و شيعة و ناس كثير يدينون بتفضيلهم و قد اعتورتهم الشبه في أمرهم و فرعون على خلاف ذلك و ضده لا شيعة له و لا حزب و لا نسل و لا موالي و لا صنائع و لا في أمره شبهة ثم إن عمر ظنين في أمر أهله فيحتاج إلى غسل ذلك عنه بالبراءة منهم و شوذب ليس بظنين في أمر فرعون و ليس الإمساك عن لعن فرعون و البراءة منه مما يعرفه الخوارج فكيف استويا عنده.و شكا إليه رجل من رهطه دينا فادحا و عيالا كثيرا فاعتل عليه فقال له فهلا اعتللت على عبد الله بن الحسن قال و متى شاورتك في أمري قال أو مشيرا

٢٥٥

تراني قال أو هل أعطيته إلا بعض حقه قال و لم قصرت عن كله فأمر بإخراجه و ما زال إلى أن مات محروما منه.و كان عمال أهله على البلاد عماله و أصحابه و الذي حسن أمره و شبه على الأغنياء حاله أنه قام بعقب قوم قد بدلوا عامة شرائع الدين و سنن النبي ص و كان الناس قبله من الظلم و الجور و التهاون بالإسلام في أمر صغر في جنبه عاينوا منه و ألفوه عليه فجعلوه بما نقص من تلك الأمور الفظيعة في عداد الأئمة الراشدين و حسبك من ذلك أنهم كانوا يلعنون عليا ع على منابرهم فلما نهى عمر عن ذلك عد محسنا و يشهد لذلك قول كثير فيه:

و ليت فلم تشتم عليا و لم تخف

بريا و لم تتبع مقالة مجرم

و هذا الشعر يدل على أن شتم علي ع قد كان لهم عادة حتى مدح من كف عنه و لما ولي خالد بن عبد الله القسري مكة و كان إذا خطب بها لعن عليا و الحسن و الحسين ع قال عبيد الله بن كثير السهمي:

لعن الله من يسب عليا

و حسينا من سوقة و إمام

أ يسب المطهرون جدودا

و الكرام الآباء و الأعمام

يأمن الطير و الحمام و لا يأمن

آل الرسول عند المقام

طبت بيتا و طاب أهلك أهلا

أهل بيت النبي و الإسلام

رحمة الله و السلام عليهم

كلما قام قائم بسلام

و قام عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان و كان ممن يناله بزعمهم إلى هشام بن عبد الملك و هو يخطب على المنبر بعرفة فقال يا أمير المؤمنين هذا يوم كانت

٢٥٦

الخلفاء تستحب فيه لعن أبي تراب فقال هشام ليس لهذا جئنا أ لا ترى أن ذلك يدل على أنه قد كان لعنه فيهم فاشيا ظاهرا و كان عبد الله بن الوليد هذا يلعن عليا ع و يقول قتل جدي جميعا الزبير و عثمان.و قال المغيرة و هو عامل معاوية يومئذ لصعصعة بن صوحان قم فالعن عليا فقام فقال إن أميركم هذا أمرني أن ألعن عليا فالعنوه لعنه الله و هو يضمر المغيرة.و أما عبد الملك فحسبك من جهله تبديله شرائع الدين و الإسلام و هو يريد أن يلي أمور أصحابها بذلك الدين بعينه و حسبك من جهله أنه رأى من أبلغ التدبير في منع بنى هاشم الخلافة أن يلعن علي بن أبي طالب ع على منابره و يرمي بالفجور في مجالسه و هذا قرة عين عدوه و عير وليه و حسبك من جهله قيامه على منبر الخلافة قائلا إني و الله ما أنا بالخليفة المستضعف و لا بالخليفة المداهن و لا بالخليفة المأفون و هؤلاء سلفه و أئمته و بشفعتهم قام ذلك المقام و بتقدمهم و تأسيسهم نال تلك الرئاسة و لو لا العادة المتقدمة و الأجناد المجندة و الصنائع القائمة لكان أبعد خلق الله من ذلك المقام و أقربهم إلى المهلكة إن رام ذلك الشرف و عنى بالمستضعف عثمان و بالمداهن معاوية و بالمأفون يزيد بن معاوية و هذا الكلام نقض لسلطانه و عداوة لأهله و إفساد لقلوب شيعته و لو لم يكن من عجز رأيه إلا أنه لم يقدر على إظهار قوته إلا بأن يظهر عجز أئمته لكفاك ذلك منه فهذا ما ذكرته هاشم لأنفسها

مفاخر بني أمية

قالت أمية لنا من نوادر الرجال في العقل و الدهاء و الأدب و المكر ما ليس لأحد

٢٥٧

و لنا من الأجواد و أصحاب الصنائع ما ليس لأحد زعم الناس أن الدهاة أربعة معاوية بن أبي سفيان و زياد و عمرو بن العاص و المغيرة بن شعبة فمنا رجلان و من سائر الناس رجلان و لنا في الأجواد سعيد بن العاص و عبد الله بن عامر لم يوجد لهما نظير إلى الساعة و أما نوادر الرجال في الرأي و التدبير فأبو سفيان بن حرب و عبد الملك بن مروان و مسلمة بن عبد الملك و على أنهم يعدون في الحلماء و الرؤساء فأهل الحجاز يضربون المثل في الحلم بمعاوية كما يضرب أهل العراق المثل فيه بالأحنف.فأما الفتوح و التدبير في الحرب فلمعاوية غير مدافع و كان خطيبا مصقعا و مجربا مظفرا و كان يجيد قول الشعر إذا آثر أن يقوله و كان عبد الملك خطيبا حازما مجربا مظفرا و كان مسلمة شجاعا مدبرا و سائسا مقدما و كثير الفتوح كثير الأدب و كان يزيد بن معاوية خطيبا شاعرا و كان الوليد بن يزيد خطيبا شاعرا و كان مروان بن الحكم و عبد الرحمن بن الحكم شاعرين و كان بشر بن مروان شاعرا ناسبا و أديبا عالما و كان خالد بن يزيد بن معاوية خطيبا شاعرا جيد الرأي أديبا كثير الأدب حكيما و كان أول من أعطى التراجمة و الفلاسفة و قرب أهل الحكمة و رؤساء أهل كل صناعة و ترجم كتب النجوم و الطب و الكيمياء و الحروب و الآداب و الآلات و الصناعات.قالوا و إن ذكرت البأس و الشجاعة فالعباس بن الوليد بن عبد الملك و مروان بن محمد و أبوه محمد بن مروان بن الحكم و هو صاحب مصعب و هؤلاء قوم لهم آثار بالروم لا تجهل و آثار بإرمينية لا تنكر و لهم يوم العقر شهده مسلمة و العباس بن الوليد.قالوا و لنا الفتوح العظام و لنا فارس و خراسان و إرمينية و سجستان و إفريقية و جميع فتوح عثمان فأما فتوح بني مروان فأكثر و أعم و أشهر من أن

٢٥٨

تحتاج إلى عدد أو إلى شاهد و الذين بلغوا في ذلك الزمان أقصى ما يمكن صاحب خف و حافر أن يبلغه حتى لم يحتجز منهم إلا ببحر أو خليج بحر أو غياض أو عقاب أو حصون و صياصي ثلاثة رجال قتيبة بن مسلم بخراسان و موسى بن نصير بإفريقية و القاسم بن محمد بن القاسم الثقفي بالسند و الهند و هؤلاء كلهم عمالنا و صنائعنا و يقال إن البصرة كانت صنائع ثلاثة رجال عبد الله بن عامر و زياد و الحجاج فرجلان من أنفسنا و الثالث صنيعنا.قالوا و لنا في الأجواد و أهل الأقدار بنو عبد الله بن خالد بن أسيد بن أمية و أخوه خالد و في خالد يقول الشاعر:

إلى خالد حتى أنخنا بخالد

فنعم الفتى يرجى و نعم المؤمل

و لنا سعيد بن خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد و هو عقيد الندى كان يسبت ستة أشهر و يفيق ستة أشهر و يرى كحيلا من غير اكتحال و دهينا من غير تدهين و له يقول موسى شهوات:

أبا خالد أعني سعيد بن خالد

أخا العرف لا أعني ابن بنت سعيد

و لكنني أعني ابن عائشة الذي

أبو أبويه خالد بن أسيد

عقيد الندى ما عاش يرضى به الندى

فإن مات لم يرض الندى بعقيد

قالوا و إنما تمكن فينا الشعر و جاد ليس من قبل أن الذين مدحونا ما كانوا غير من مدح الناس و لكن لما وجدوا فينا مما يتسع لأجله القول و يصدق فيه القائل قد مدح عبد الله بن قيس الرقيات من الناس آل الزبير عبد الله و مصعبا و غيرهما فكان يقول كما يقول غيره فلما صار إلينا قال:

ما نقموا من بني أمية إلا

أنهم يحلمون أن غضبوا

٢٥٩

و أنهم معدن الملوك فما

تصلح إلا عليهم العرب

و قال نصيب:

من النفر الشم الذين إذا انتجوا

أقرت لنجواهم لؤي بن غالب

يحيون بسامين طورا و تارة

يحيون عباسين شوس الحواجب

و قال الأخطل:

شمس العداوة حتى يستقاد لهم

و أعظم الناس أحلاما إذا قدروا

قالوا و فينا يقول شاعركم و المتشيع لكم الكميت بن زيد:

فالآن صرت إلى أمية

و الأمور لها مصائر

و في معاوية يقول أبو الجهم العدوي:

نقلبه لنخبر حالتيه

فنخبر منهما كرما و لينا

نميل على جوانبه كأنا

إذا ملنا نميل على أبينا

و فيه يقول:

تريع إليه هوادي الكلام

إذا ضل خطبته المهذر

قالوا و إذا نظرتم في امتداح الشعراء عبد العزيز بن مروان عرفتم صدق ما نقوله.قالوا و في إرسال النبي ص إلى أهل مكة عثمان و استعماله عليها عتاب بن أسيد و هو ابن اثنتين و عشرين سنة دليل على موضع المنعة أن تهاب العرب و تعز قريش و قال النبي ص قبل الفتح فتيان أضن بهما على النار عتاب بن أسيد و جبير بن مطعم فولى عتابا و ترك جبير بن مطعم.

٢٦٠