الصفحة ٥١١
وما ورد في تفسير قوله تعالى: (فلله الحجة البالغة) من أنه: (يقال للعبد يوم القيامة: (هل علمت.
فإن قال: نعم، قيل: فهلا عملت.
وإن قال لا، قيل له: هلا تعلمت حتى تعمل)(١).
وما رواه القمي في تفسير قوله تعالى: (الذين تتوفهم الملائكة ظالمي أنفسهم): (نزلت فيمن اعتزل عن أمير المؤمنين عليه السلام ولم يقاتل معه.
(قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض) أي لم نعلم من الحق فقال الله تعالى: (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)، أي دين الله وكتابه واضحا متسعا، فتنظروا فيه، فترشدوا وتهتدوا به سبيل الحق)(٢).
الرابع: أن العقل لا يعذر الجاهل القادر على الاستعلام في المقام الذي نظيره في العرفيات ما إذا ورد من يدعي الرسالة من المولى وأتى بطومار يدعي أن الناظر فيه يطلع على صدق دعويه أو كذبها، فتأمل.
والنقل الدال على البراءة في الشبهة الحكمية معارض بما تقدم من الاخبار الدالة على وجوب الاحتياط حتى يسأل عن الواقعة.
كما في صحيحة عبدالرحمن المتقدمة، وما دل على وجوب التوقف بناء على الجمع بينها وبين أدلة البراءه بحملها على صورة التمكن من إزالة الشبهة.
الخامس: حصول العلم الاجمالي لكل أحد قبل الاخذ في إستعلام المسائل بوجود واجبات ومحرمات كثيرةفي الشريعة ومعه لا يصح التمسك بأصل البراءة، لما تقدم من أن مجراه للشك في أصل التكليف لا في المكلف به مع العلم بالتكليف.
فإن قلت: إذا علم المكلف تفصيلا بعدة أمور من الواجبات والمحرمات يحتمل إنحصار التكاليف فيها كان الشك بالنسبة إلى مجهولاته شكا في أصل التكليف.
وبتقرير آخر: إن كان إستعلام جملة من الواجبات والمحرمات تفصيلا موجبا لكون الشك في الباقي شكا في أصل التكليف، فلا مقتضي لوجوب الفحص وعدم الرجوع إلى البراءة وإلا لم يجز الرجوع إلى البراءة ولو بعد الفحص، إذ الشك في المكلف به فلا يرجع فيه إلى البراءة ولو بذل الجهد في الفحص وطلب الحكم الواقعي.
[ فإن قلت: هذا يقتضي عدم جواز الرجوع إلى البراءة في أول الامر ولو بعد الفحصن لان الفحص لا يوجب جريان البراءة مع العلم الاجمالي.].
قلت: المعلوم إجمالا وجود التكاليف الواقية في الوقائع التي يقدر على الوصول إلى مداركها.
وإذا تفحص وعجز عن الوصول إلى مدارك الواقعة خرجت تلك الواقعة عن الوقائع التي علم إجمالا بوجود التكاليف فيها فيرجع إلى البراءة، هذا.
ولكن لا يخلو عن نظر، لان العلم الاجمالي إنما هو بين
____________________