الصفحة ٥٩٣
آخر: (سأخبرك عن الجبن)، وغيره.
ولعل التوهم نشأ من تخيل أن ظاهر (لا تنقض) إبقاء نفس المتيقن السابق، وليس إبقاء الرطوبة مما يقبل حكم الشارع بوجوبه.
ويدفعه بعد النقض بالطهارة المتيقنة سابقا، فإن إبقاءها ليس من الافعال الاختيارية القابلة للايجاب -: أن المراد من الابقاء وعدم النقض هو ترتيب الاثار الشرعية المترتبة على الميتقن.
فمعنى إستصحاب الرطوبة ترتيب آثارها الشرعية في زمان الشك، نظير إستصحاب الطهارة.
فطهارة الثوب ورطوبته سيان في عدم قابلية الحكم بإبقائهما عند الشك وفي قابلية الحكم بترتيب آثارهما الشرعية في زمان الشك.
فالتفصيل بين كون المستصحب من قبيل رطوبة الثوب وكونه من قبيل طهارته، لعدم شمول أدلة (لا تنقض) للاول، في غاية الضعف.
نعم يبقى في المقام أن إستصحاب الامور الخارجية إذا كان معناه ترتيب آثارها الشرعية لا يظهر له فائده، لان تلك الاثار المترتبة عليه كانت مشاركة معه في اليقين السابق.
فإستصحابها يغني عن إستصحاب نفس الموضوع، فإن إستصحاب حرمة مال زيد الغائب وزوجته يغني عن إستصحاب حياته إذا فرض أن معنى إبقاء الحياة ترتيب آثارها الشرعية.
نعم قد يحتاج إجراء الاستصحاب في آثاره إلى أدنى تدبر، كما في الاثار الغير المشاركة معه في اليقين السابق، مثل توريث الغائب من قريبه المتوفى في زمان الشك في حياة الغائب، فإن توريث غير متحقق حال اليقينبحياة الغائب، لعدم موت قريبه بعد.
لكن مقتضى التدبر إجراء الاستصحاب على وجه التعليق، بأن يقال: لو مات قريبه قبل الشك في حياته لورث منه، وبعبارة أخرى: موت قريبه قبل ذلك كان ملازما لارثه منه ولم يعلم إنتفاء الملازمة فيستصحب.
وبالجملة، الاثار المرتبة على الموضوع الخارجي، منها ما يجتمع معه في زمان اليقين به، ومنها ما لا يجتمع معه في ذلك الزمان.
لكن عدم الترتب فعلا في ذلك الرمان، مع فرض كونه من آثاره شرعا، ليس إلا لمانع في ذلك الزمان أو لعدم شرط، فيصدق في ذلك الزمان أنه لولا ذلك المانع أو عدم الشرط لترتب الاثار.
فإذا فقد المانع الموجود، أو وجد الشرط المفقود، وشك في الترتب من جهة الشك في بقاء ذلك الامر الخارجي، حكم بإستصحاب ذلك الترتب الشأني، وسيأتي لذلك مزيد توضيح في بعض التنبيهات الاتية، هذا.
ولكن التحقيق أن في موضع جريان الاستصحاب في الامر الخارجي لا يجري إستصحاب