الصفحة ٧٥٦
ما هو مركوز في ذهن كل واحد.من أن كل دليل شرعي يجب العمل به مهما أمكن.فلو لم يفهموا عدم الامكان في المتعارضين لم يبق وجه للتحير الموجب للسؤال.مع أنه لم يقع الجواب في شئ من تلك الاخبار العلاجية بوجوب الجمع بتأويهما معا.
وحمل مورد السؤال على صورة تعذر تأويلهما ولو بعيدا تقييد بفرد غير واقع في الاخبار المتعارضة.
وهذا دليل آخر على عدم كلية هذه القاعدة.
هذا كله مضافا إلى مخالفتها للاجماع، فإن علماء الاسلام من زمن الصحابة إلى يومنا هذا لم يزالوا يستعملون المرجحات في الاخبار المتعارضة بظواهرها ثم إختيار أحدهما وطرح الاخر من دون تأويلهما معا، لاجل الجمع.
وأما ما تقدم من عوالي اللئالي فليس نصا بل ولا ظاهرا في دعوى تقديم الجمع بهذا النحو على التخيير والترجيح، فإن الظاهر من الامكان في قوله: (فإن أمكنك التوفيق بينهما)، هو الامكان العرفي في مقابل الامتناع العرفي بحكم أهل اللسان، فإن حمل اللفظ على خلاف ظاهره بلا قرينة غير ممكن عند أهل اللسان، بخلاف حمل العام والمطلق على الخاص والمقيد.
ويؤيده قوله أخيرا: (فإذا لم تتمكن من ذلك ولم يظهر لك وجهه فارجع إلى العمل بهذا الحديث)، فإن مورد عدم التمكن نادر جدا.
وبالجملة، فلا يظن بصاحب العوالي ولا بمن هو دونه أن يقتصر في الترجيح على موارد لا يمكن تأويل كليهما، فضلا عن دعواه الاجماع على ذلك.
والتحقيق الذي عليه أهله: أن الجمع بين الخبرين المتنافيين بظاهرهما على أقسام ثلاثة:
أحدهما ما يكون متوقفا على تأويلهما معا.
والثاني ما يتوقف على تأويل أحدهما المعين.
والثالث ما يتوقف على تأويل أحدهما لا بعينه.
أما الاول، فهو الذي تقدم أنه مخالف للدليل والنص والاجماع.
وأما الثاني، فهو تعارض النص والظاهر الذي تقدم أنه ليس بتعارض في الحقيقة.
وأما الثالث، فمن أمثلته العام والخاص من وجه، حيث يحصل الجمع بتخصيص أحدهما مع بقاء الاخر على ظاهره.
وثمل قوله: (إغتسل يوم الجمعة)، بناء على أن ظاهر الصيغة الوجوب.
وقوله: (ينبغي غسل الجمعة)، بناء على ظهور هذه المادة في الاستحباب فإن الجمع يحصل برفع اليد عن ظاهر أحدهما.
وحينئذ، فإن كان لاحد الظاهرين مزية وقوة على الاخر بحيث لو إجتمعا في كلام واحد، نحو