الصفحة ٧٦٧
والتخيير إما بالنقل وإما بالعقل.أما النقل فقد قيد فيه التخيير بفقد المرجح، وبه يقيد ما اطلق فيه التخيير.
وأما العقل في يدل على التخيير بعد إحتمال اعتبار الشارع للمزية وتعيين العمل بذيها.
ولا يندفع هذا الاحتمال بإطلاق أدلة العمل بالاخبار لانها في مقام تعيين العمل بكل من المتعارضين مع الامكان.
لكن صورة التعارض ليست من موارد إمكان العمل بكل منهما وإلا لتعين العلمل بكليهما.
والعقل إنما يستفيد من ذلك الحكم المعلق بالامكان عدم جواز طرح كليهما، لا التخيير بينهما.
وإنما يحكم بالتخيير بضميمة أن تعيين أحدهمام ترجيح بلا مرجح.
فإن إستقل بعدم المرجح حكم بالتخيير، لانه نتيجة عدم إمكان الجمع وعدم جواز الطرح وعدم وجود المرجح لاحدهما.
وإن لم يستقل بالمقدمة الثالثة توقف عن التخيير، فيكون العمل بالراجح معلوم الجواز والعمل بالمرجوح مشكوكه.
فإن قلت: أولا إن كون الشئ مرجحا، مثل كون الشئ دليلا، يحتاج إلى دليل، لان التعبد بخصوص الراجح إذا لم يعلم من الشارع كان الاصل عدمه، بل العمل به مع الشك يكون تشريعا، كالتعبد بما لم يعلم حجيته.
وثانيا إذا دار الامر بين وجوب احدهما على التعين وأحدهما على البدل، فالاصل براءة الذمة عن خصوص الواحد المعين، كما هو مذهب جماعة في مسألة دوران الامر بين التخيير والتعيين.
قلت: أما كون الترجيح كالحجية أمرا يجب ورود التعبد به الشارع فمسلم.
إلا أن الالتزام بالعمل بما علم جواز العمل به من الشارع من دون إستناد الالتزام إلى إلزام الشارع إحتياط لا يجري فيه ما تقرر في وجه حرمة العمل بما وراء العلم، فراجع.
نظير الاحتياط بإلتزام ما دل أمارة غير معتبرة على وجوبه مع إحتمامل الحرمة أو العكس.
وأما إدراج المسألة في مسألة دوران المكلف به بين أحدهما المعين وأحدهما على البدل، ففيه: أنه لا ينفع بعدما اخترنا في تلك المسألة وجوب الاحتياط وعدم جريان قاعدة البراءة.
والاولى منع إدراجها في تلك المسألة، لان مرجع الشك في المقام إلى الشك في جواز العمل بالمرجوح.
ولا ريب أن مقتضى القاعدة المنع عما لم يعلم جواز العمل به من الامارات.
وهي ليست مختصة بما إذا شك في أصل الحجية إبتداء، بل تشمل ما إذا شك في الحجية الفعلية مع إحراز الحجية الشأنية، فان المرجوح وإن كان حجة في نفسه إلا أن حجيته فعلا مع معارضة الراجح بمعنى جواز العمل به فعلا غير معلوم.فالاخذ به والفتوى بمؤداه تشريع محرم بالادلة الاربعة، هذا.
والتحقيق: أنا إن قلنا بأن العمل بأحد المتعارضين في الجملة مستفاد من حكم الشارع به