الصفحة ٤٧٤
معتبر في الامتثال.وهذا معنى نفي جزئيته بمقتضى الاطلاق.نعم هنا توهم، نظير ما ذكرناه سابقا، من الخلط بين المفهوم والمصداق.
وهو توهم: (أنه إذا قام الاجماع بل الضرورة على أن الشارع لا يأمر بالفاسدة، لان الفاسد ما خالف المأمور به، فكيف يكون مأمورا به، فقد ثبت تقييد الصلاة دفعة واحدة بكونها صحيحة جامعة لجميع الاجزاء.
فكلما شك في جزئية شئ كان راجعا إلى الشك في تحقق العنوان المقيد للمأمور به، فيجب الاحتياط ليقطع بتحقق ذلك العنوان على تقييده.
لانه كما يجب القطع بحصول نفس العنوان وهو الصلاة، فلا بد من إتيان كل ما يحتمل دخله في تحققها كما أشرنا إليه، كذلك يجب القطع بتحصيل القيد المعلوم الذي قيد به العنوان.
كما لو قال: (أعتق مملوكا مؤمنا)، فإنه يجب القطع بحصول الايمان، كالقطع بكونه مملوكا).
ودفعه: يظهر مما ذكرناه، من أن الصلاة لم تقيد بمفهوم الصحيحة وهو الجامع الاجزاء، وإنما قيدت بما علم من الادلة الخارجية إعتباره.
فالعلم بعدم إرادة الفاسدة يراد به العلم بعدم إرادة هذه المصاديق الفاقدة للامور التي دل الدليل على تقييد الصلاة بها، لا أن مفهوم الفاسدة خرج عن المطلق وبقي مفهوم الصحيحة.
فكلما شك في صدق الصحيحة والفاسدة وجب الرجوع إلى الاحتياط لاحراز مفهوم الصحيحة.
وهذه المغالطة جارية في جميع المطلقات بأن يقال: إن المراد بالمأمور به في قوله: (أعتق رقبة) ليس إلا الجامع لشروط الصحة، لان الفاقد للشرط غير مراد قطعا.
فكلما شك في شرطية شئ كان شكا في تحقق العنوان الجامع للشرائط، فيجب الاحتياط، للقطع بإحرازه.
وبالجملة، فاندفاع هذا التوهم غير خفي بأدنى إلتفات، فلنرجع إلى المقصود ونقول: إذا عرفت أن ألفاظ العبادات على القول بوضعها للاعم كغريها من المطلقات كان لها حكمها، ومن المعلوم أن المطلق ليس يجوز دائما التمسك به بإطلاقه، بل له شروط، كأن لا يكون واردا في مقام حكم القضية المهملة بحيث لا يكون المقام مقام بيان.
ألا ترى أنه لو راجع المريض الطبيب فقال له في غير وقت الحاجة: (لا بد لك من شرب الدواء والمسهل)، فهل يجوز للمريض أن يأخذ بإطلاق الدواء والمسهل.
وكذا لو قال المولى لعبده: (يجب عليك المسافرة غدا).
وبالجملة، فحيث لا يقبح من المتكلم ذكر اللفظ المجمل لعدم كونه إلا في مقام هذا المقدار من البيان، لا يجوز أن يدفع القيود المحتملة للمطلق بالاصل، لان جريان الاصل لا يثبت الاطلاق و عدم إرادة المقيد، إلا بضميمة أنه إذا فرض ولو بحكم الاصل عدم ذكر القيد وجب إرادة الاعم من