كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٨

كتاب شرح نهج البلاغة4%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 417

  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39567 / تحميل: 6840
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

١٢٥

وَ قَالَ ع عِظَمُ اَلْخَالِقِ عِنْدَكَ يُصَغِّرُ اَلْمَخْلُوقَ فِي عَيْنِكَ لا نسبة للمخلوق إلى الخالق أصلا و خصوصا البشر لأنهم بالنسبة إلى فلك القمر كالذرة و نسبة فلك القمر كالذرة بالنسبة إلى قرص الشمس بل هم دون هذه النسبة مما يعجز الحاسب الحاذق عن حساب ذلك و فلك القمر بالنسبة إلى الفلك المحيط دون هذه النسبة و نسبة الفلك المحيط إلى الباري سبحانه كنسبة العدم المحض و النفي الصرف إلى الموجود البائن بل هذا القياس أيضا غير صحيح لأن المعدوم يمكن أن يصير موجودا بائنا و الفلك لا يتصور أن يكون صانع العالم الواجب الوجود لذاته.و على الجملة فالأمر أعظم من كل عظيم و أجل من كل جليل و لا طاقة للعقول و الأذهان أن تعبر عن جلالة ذلك الجناب و عظمته بل لو قيل إنها لا طاقة لها أن تعبر عن جلال مصنوعاته الأولى المتقدمة علينا بالرتبة العقلية و الزمانية لكان ذلك القول حقا و صدقا فمن هو المخلوق ليقال إن عظم الخالق يصغره في العين و لكن كلامه ع محمول على مخاطبة العامة الذين تضيق أفهامهم عما ذكرناه

٣٢١

١٢٦

وَ قَالَ ع : وَ قَدْ رَجَعَ مِنْ صِفِّينَ فَأَشْرَفَ عَلَى اَلْقُبُورِ بِظَاهِرِ اَلْكُوفَةِ يَا أَهْلَ اَلدِّيَارِ اَلْمُوحِشَةِ وَ اَلْمَحَالِّ اَلْمُقْفِرَةِ وَ اَلْقُبُورِ اَلْمُظْلِمَةِ يَا أَهْلَ اَلتُّرْبَةِ يَا أَهْلَ اَلْغُرْبَةِ يَا أَهْلَ اَلْوَحْدَةِ يَا أَهْلَ اَلْوَحْشَةِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ سَابِقٌ وَ نَحْنُ لَكُمْ تَبَعٌ لاَحِقٌ أَمَّا اَلدُّورُ فَقَدْ سُكِنَتْ وَ أَمَّا اَلْأَزْوَاجُ فَقَدْ نُكِحَتْ وَ أَمَّا اَلْأَمْوَالُ فَقَدْ قُسِمَتْ هَذَا خَبَرُ مَا عِنْدَنَا فَمَا خَبَرُ مَا عِنْدَكُمْ ثُمَّ اِلْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ أَمَا وَ اَللَّهِ لَوْ أُذِنَ لَهُمْ فِي اَلْكَلاَمِ لَأَخْبَرُوكُمْ أَنَّ خَيْرَ اَلزَّادِ اَلتَّقْوَى الفرط المتقدمون و قد ذكرنا من كلام عمر ما يناسب هذا الكلام لما ظعن في القبور و عاد إلى أصحابه أحمر الوجه ظاهر العروق قال قد وقفت على قبور الأحبة فناديتها الحديث إلى آخره فقيل له فهل أجابتك قال نعم قالت إن خير الزاد التقوى.و قد جاء في حديث القبور و مخاطبتها و حديث الأموات و ما يتعلق بذلك شي‏ء كثير يتجاوز الإحصاء.

٣٢٢

و في وصية النبي ص أبا ذررضي‌الله‌عنه زر القبور تذكر بها الآخرة و لا تزرها ليلا و غسل الموتى يتحرك قلبك فإن الجسد الخاوي عظة بليغة و صل على الموتى فإن ذلك يحزنك فإن الحزين في ظل الله وجد على قبر مكتوبا:

مقيم إلى أن يبعث الله خلقه

لقاؤك لا يرجى و أنت رقيب

تزيد بلى في كل يوم و ليلة

و تنسى كما تبلى و أنت حبيب

و قال الحسن ع مات صديق لنا صالح فدفناه و مددنا على القبر ثوبا فجاء صلة بن أشيم فرفع طرف الثوب و نادى يا فلان:

إن تنج منها تنج من ذي عظيمة

و إلا فإني لا إخالك ناجيا

و في الحديث المرفوع أنه ع كان إذا تبع الجنازة أكثر الصمات و رئي عليه كآبة ظاهرة و أكثر حديث النفس.سمع أبو الدرداء رجلا يقول في جنازة من هذا فقال أنت فإن كرهت فأنا.

سمع الحسن ع امرأة تبكي خلف جنازة و تقول يا أبتاه مثل يومك لم أره فقال بل أبوك مثل يومه لم يره.و كان مكحول إذا رأى جنازة قال اغد فإنا رائحون.و قال ابن شوذب اطلعت امرأة صالحة في لحد فقالت لامرأة معها هذا كندوج العمل يعني خزانته و كانت تعطيها الشي‏ء بعد الشي‏ء تأمرها أن تتصدق به فتقول اذهبي فضعي هذا في كندوج العمل.

٣٢٣

شاعر:

أ جازعة ردينة أن أتاها

نعيي أم يكون لها اصطبار

إذا ما أهل قبري ودعوني

و راحوا و الأكف بها غبار

و غودر أعظمي في لحد قبر

تراوحه الجنائب و القطار

تهب الريح فوق محط قبري

و يرعى حوله اللهق النوار

مقيم لا يكلمني صديق

بقفر لا أزور و لا أزار

فذاك النأي لا الهجران حولا

و حولا ثم تجتمع الديار

و قال آخر:

كأني بإخواني على حافتي قبري

يهيلونه فوقي و أدمعهم تجري

فيا أيها المذري علي دموعه

ستعرض في يومين عني و عن ذكري

عفا الله عني يوم أترك ثاويا

أزار فلا أدري و أجفي فلا أدري

و جاء في الحديث المرفوع ما رأيت منظرا إلا و القبر أفظع منه و في الحديث أيضا القبر أول منزل من منازل الآخرة فمن نجا منه فما بعده أيسر و من لم ينج منه فما بعده شر منه

٣٢٤

١٢٧

وَ قَالَ ع وَ قَدْ سَمِعَ رَجُلاً يَذُمُّ اَلدُّنْيَا أَيُّهَا اَلذَّامُّ لِلدُّنْيَا اَلْمُغْتَرُّ بِغُرُورِهَا اَلْمُنْخَدِعُ اَلْمَخْدُوعُ بِأَبَاطِيلِهَا أَ تَفْتَتِنُ تَغْتَرُّ بِهَا ثُمَّ تَذُمُّهَا أَنْتَ اَلْمُتَجَرِّمُ عَلَيْهَا أَمْ هِيَ اَلْمُتَجَرِّمَةُ عَلَيْكَ مَتَى اِسْتَهْوَتْكَ أَمْ مَتَى غَرَّتْكَ أَ بِمَصَارِعِ آبَائِكَ مِنَ اَلْبِلَى أَمْ بِمَضَاجِعِ أُمَّهَاتِكَ تَحْتَ اَلثَّرَى كَمْ عَلَّلْتَ بِكَفَّيْكَ وَ كَمْ مَرَّضْتَ بِيَدَيْكَ تَبْتَغِي لَهُمُ اَلشِّفَاءَ وَ تَسْتَوْصِفُ لَهُمُ اَلْأَطِبَّاءَ غَدَاةَ لاَ يُغْنِي عَنْهُمْ دَوَاؤُكَ وَ لاَ يُجْدِي عَلَيْهِمْ بُكَاؤُكَ لَمْ يَنْفَعْ أَحَدَهُمْ إِشْفَاقُكَ وَ لَمْ تُسْعَفْ فِيهِ بِطَلِبَتِكَ وَ لَمْ تَدْفَعْ عَنْهُ بِقُوَّتِكَ وَ قَدْ مَثَّلَتْ لَكَ بِهِ اَلدُّنْيَا نَفْسَكَ وَ بِمَصْرَعِهِ مَصْرَعَكَ إِنَّ اَلدُّنْيَا دَارُ صِدْقٍ لِمَنْ صَدَقَهَا وَ دَارُ عَافِيَةٍ لِمَنْ فَهِمَ عَنْهَا وَ دَارُ غِنًى لِمَنْ تَزَوَّدَ مِنْهَا وَ دَارُ مَوْعِظَةٍ لِمَنِ اِتَّعَظَ بِهَا مَسْجِدُ أَحِبَّاءِ اَللَّهِ وَ مُصَلَّى مَلاَئِكَةِ اَللَّهِ وَ مَهْبِطُ وَحْيِ اَللَّهِ وَ مَتْجَرُ أَوْلِيَاءِ اَللَّهِ اِكْتَسَبُوا فِيهَا اَلرَّحْمَةَ وَ رَبِحُوا فِيهَا اَلْجَنَّةَ فَمَنْ ذَا يَذُمُّهَا وَ قَدْ آذَنَتْ بِبَيْنِهَا وَ نَادَتْ بِفِرَاقِهَا وَ نَعَتْ نَفْسَهَا وَ أَهْلَهَا فَمَثَّلَتْ لَهُمْ بِبَلاَئِهَا اَلْبَلاَءَ وَ شَوَّقَتْهُمْ بِسُرُورِهَا إِلَى اَلسُّرُورِ رَاحَتْ بِعَافِيَةٍ وَ اِبْتَكَرَتْ بِفَجِيعَةٍ تَرْغِيباً وَ تَرْهِيباً وَ تَخْوِيفاً وَ تَحْذِيراً

٣٢٥

فَذَمَّهَا رِجَالٌ غَدَاةَ اَلنَّدَامَةِ وَ حَمِدَهَا آخَرُونَ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ ذَكَّرَتْهُمُ اَلدُّنْيَا فَذَكَّرُوا فَتَذَكَّرُوا وَ حَدَّثَتْهُمْ فَصَدَّقُوا وَ وَعَظَتْهُمْ فَاتَّعَظُوا تجرمت على فلان ادعيت عليه جرما و ذنبا و استهواه كذا استزله.و قوله ع فمثلت لهم ببلائها البلاء أي بلاء الآخرة و عذاب جهنم و شوقتهم بسرورها إلى السرور أي إلى سرور الآخرة و نعيم الجنة.و هذا الفصل كله لمدح الدنيا و هو ينبئ عن اقتداره ع على ما يريد من المعاني لأن كلامه كله في ذم الدنيا و هو الآن يمدحها و هو صادق في ذاك و في هذا و قد جاء عن النبي ص كلام يتضمن مدح الدنيا أو قريبا من المدح و هو قوله ع الدنيا حلوة خضرة فمن أخذها بحقها بورك له فيها.و احتذى عبد الله بن المعتز حذو أمير المؤمنين ع في مدح الدنيا فقال في كلام له الدنيا دار التأديب و التعريف التي بمكروهها توصل إلى محبوب الآخرة و مضمار الأعمال السابقة بأصحابها إلى الجنان و درجة الفوز التي يرتقى عليها المتقون إلى دار الخلد و هي الواعظة لمن عقل و الناصحة لمن قبل و بساط المهل و ميدان العمل و قاصمة الجبارين و ملحقة الرغم معاطس المتكبرين و كاسية التراب أبدان المختالين و صارعة المغترين و مفرقة أموال الباخلين و قاتلة القاتلين و العادلة بالموت على جميع العالمين و ناصرة المؤمنين و مبيرة الكافرين الحسنات فيها مضاعفة و السيئات بآلامها ممحوة و مع عسرها يسران و الله تعالى قد ضمن أرزاق أهلها و أقسم في كتابه بما فيها و رب طيبة

٣٢٦

من نعيمها قد حمد الله عليها فتلقتها أيدي الكتبة و وجبت بها الجنة و كم نائبة من نوائبها و حادثة من حوادثها قد راضت الفهم و نبهت الفطنة و أذكت القريحة و أفادت فضيلة الصبر و كثرت ذخائر الأجر.ومن الكلام المنسوب إلى علي ع الناس أبناء الدنيا و لا يلام المرء على حب أمه أخذه محمد بن وهب الحميري فقال:

و نحن بنو الدنيا خلقنا لغيرها

و ما كنت منه فهو شي‏ء محبب

٣٢٧

١٢٨

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلَّهِ مَلَكاً يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ لِدُوا لِلْمَوْتِ وَ اِجْمَعُوا لِلْفَنَاءِ وَ اِبْنُوا لِلْخَرَابِ هذه اللام عند أهل العربية تسمى لام العاقبة و مثل هذا قوله تعالى( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً ) ليس أنهم التقطوه لهذه العلة بل التقطوه فكان عاقبة التقاطهم إياه العداوة و الحزن و مثله

فللموت ما تلد الوالدة

و مثله قوله تعالى( وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ ) ليس أنه ذرأهم ليعذبهم في جهنم بل ذرأهم و كان عاقبة ذرئهم أن صاروا فيها و بهذا الحرف يحصل الجواب عن كثير من الآيات المتشابهة التي تتعلق بها المجبرة.و أما فحوى هذا القول و خلاصته فهو التنبيه على أن الدنيا دار فناء و عطب لا دار بقاء و سلامة و أن الولد يموت و الدور تخرب و ما يجمع من الأموال يفنى

٣٢٨

١٢٩

وَ قَالَ ع اَلدُّنْيَا دَارُ مَمَرٍّ لاَ دَارُ مَقَرٍّ وَ اَلنَّاسُ فِيهَا رَجُلاَنِ رَجُلٌ بَاعَ فِيهَا نَفْسَهُ فَأَوْبَقَهَا وَ رَجُلٌ اِبْتَاعَ نَفْسَهُ فَأَعْتَقَهَا قال عمر بن عبد العزيز يوما لجلسائه أخبروني من أحمق الناس قالوا رجل باع آخرته بدنياه فقال أ لا أنبئكم بأحمق منه قالوا بلى قال رجل باع آخرته بدنيا غيره.قلت لقائل أن يقول له ذاك باع آخرته بدنياه أيضا لأنه لو لم يكن له لذة في بيع آخرته بدنيا غيره لما باعها و إذا كان له في ذلك لذة فإذن إنما باع آخرته بدنياه لأن دنياه هي لذته

٣٢٩

١٣٠

وَ قَالَ ع لاَ يَكُونُ اَلصَّدِيقُ صَدِيقاً حَتَّى يَحْفَظَ أَخَاهُ فِي ثَلاَثٍ فِي نَكْبَتِهِ وَ غَيْبَتِهِ وَ وَفَاتِهِ قد تقدم لنا كلام في الصديق و الصداقة و أما النكبة و حفظ الصديق فيها فإنه يقال في الحبوس مقابر الأحياء و شماتة الأعداء و تجربة الأصدقاء.و أما الغيبة فإنه قد قال الشاعر:

و إذا الفتى حسنت مودته

في القرب ضاعفها على البعد

و أما الموت فقد قال الشاعر:

و إني لأستحييه و الترب بيننا

كما كنت أستحييه و هو يراني

و من كلام علي ع الصديق من صدق في غيبته.قيل لحكيم من أبعد الناس سفرا قال من سافر في ابتغاء الأخ الصالح.أبو العلاء المعري:

أزرت بكم يا ذوي الألباب أربعة

يتركن أحلامكم نهب الجهالات

ود الصديق و علم الكيمياء و أحكام

النجوم و تفسير المنامات

قيل للثوري دلني على جليس أجلس إليه قال تلك ضالة لا توجد

٣٣٠

١٣١

وَ قَالَ ع مَنْ أُعْطِيَ أَرْبَعاً لَمْ يُحْرَمْ أَرْبَعاً مَنْ أُعْطِيَ اَلدُّعَاءَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْإِجَابَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ اَلتَّوْبَةَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْقَبُولَ وَ مَنْ أُعْطِيَ اَلاِسْتِغْفَارَ لَمْ يُحْرَمِ اَلْمَغْفِرَةَ وَ مَنْ أُعْطِيَ اَلشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ اَلزِّيَادَةَ قال الرضيرحمه‌الله تعالى و تصديق ذلك في كتاب الله تعالى قال في الدعاء( اُدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) و قال في الاستغفار( وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اَللَّهَ يَجِدِ اَللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) و قال في الشكر( لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ) و قال في التوبة( إِنَّمَا اَلتَّوْبَةُ عَلَى اَللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ اَلسُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اَللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) في بعض الروايات أن ما نسب إلى الرضيرحمه‌الله من استنباط هذه المعاني من الكتاب العزيز من متن كلام أمير المؤمنين ع و قد سبق القول في كل واحدة من هذه الأربع مستقصى

٣٣١

١٣٢

وَ قَالَ ع اَلصَّلاَةُ قُرْبَانُ كُلِّ تَقِيٍّ وَ اَلْحَجُّ جِهَادُ كُلِّ ضَعِيفٍ وَ لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ زَكَاةٌ وَ زَكَاةُ اَلْبَدَنِ اَلصَّوْمُ وَ جِهَادُ اَلْمَرْأَةِ حُسْنُ اَلتَّبَعُّلِ قد تقدم القول في الصلاة و الحج و الصيام فأما أن جهاد المرأة حسن التبعل فمعناه حسن معاشرة بعلها و حفظ ماله و عرضه و إطاعته فيما يأمر به و ترك الغيرة فإنها باب الطلاق

نبذ من الوصايا الحكيمة

و أوصت امرأة من نساء العرب بنتها ليلة إهدائها فقالت لها لو تركت الوصية لأحد لحسن أدب و كرم حسب لتركتها لك و لكنها تذكرة للغافل و مئونة للعاقل إنك قد خلفت العش الذي فيه درجت و الوكر الذي منه خرجت إلى منزل لم تعرفيه و قرين لم تألفيه فكوني له أمة يكن لك عبدا و احفظي عني خصالا عشرا.

٣٣٢

أما الأولى و الثانية فحسن الصحابة بالقناعة و جميل المعاشرة بالسمع و الطاعة ففي حسن الصحابة راحة القلب و في جميل المعاشرة رضا الرب.و الثالثة و الرابعة التفقد لمواقع عينه و التعهد لمواضع أنفه فلا تقع عينه منك على قبيح و لا يجد أنفه منك خبيث ريح و اعلمي أن الكحل أحسن الحسن المفقود و أن الماء أطيب الطيب الموجود و الخامسة و السادسة الحفظ لماله و الإرعاء على حشمه و عياله و اعلمي أن أصل الاحتفاظ بالمال حسن التقدير و أصل الإرعاء على الحشم و العيال حسن التدبير و السابعة و الثامنة التعهد لوقت طعامه و الهدو و السكون عند منامه فحرارة الجوع ملهبة و تنغيص النوم مغضبة و التاسعة و العاشرة لا تفشين له سرا و لا تعصين له أمرا فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره و إن عصيت أمره أوغرت صدره.و أوصت امرأة ابنتها و قد أهدتها إلى بعلها فقالت كوني له فراشا يكن لك معاشا و كوني له وطاء يكن لك غطاء و إياك و الاكتئاب إذا كان فرحا و الفرح إذا كان كئيبا و لا يطلعن منك على قبيح و لا يشمن منك إلا طيب ريح.و زوج عامر بن الظرب ابنته من ابن أخيه فلما أراد تحويلها قال لأمها مري ابنتك ألا تنزل مفازة إلا و معها ماء فإنه للأعلى جلاء و للأسفل نقاء و لا تكثر مضاجعته فإذا مل البدن مل القلب و لا تمنعه شهوته فإن الحظوة في المواقعة فلم يلبث إلا شهرا حتى جاءته مشجوجة فقال لابن أخيه يا بني ارفع عصاك عن بكرتك

٣٣٣

فإن كان من غير أن تنفر بك فهو الداء الذي ليس له دواء و إن لم يكن بينكما وفاق ففراق الخلع أحسن من الطلاق و أن تترك أهلك و مالك.فرد عليه صداقها و خلعها منه فهو أول خلع كان في العرب.و أوصى الفرافصة الكلبي ابنته نائلة حين أهداها إلى عثمان فقال يا بنية إنك تقدمين على نساء من نساء قريش هن أقدر على الطيب منك و لا تغلبين على خصلتين الكحل و الماء تطهري حتى يكون ريح جلدك ريح شن أصابه مطر و إياك و الغيرة على بعلك فإنها مفتاح الطلاق.و روى أبو عمرو بن العلاء قال أنكح ضرار بن عمرو الضبي ابنته من معبد بن زرارة فلما أخرجها إليه قال يا بنية أمسكي عليك الفضلين فضل الغلمة و فضل الكلام.قال أبو عمرو و ضرار هذا هو الذي رفع عقيرته بعكاظ و قال ألا إن شر حائل أم فزوجوا الأمهات قال و ذلك أنه صرع بين الرماح فأشبل عليه إخوته لأمه حتى استنقذوه.و أوصت أعرابية ابنتها عند إهدائها فقالت لها اقلعي زج رمحه فإن أقر فاقلعي سنانه فإن أقر فاكسري العظام بسيفه فإن أقر فاقطعي اللحم على ترسه فإن أقر فضعي الإكاف على ظهره فإنما هو حمار.و هذا هو قبح التبعل و ذكرناه نحن في باب حسن التبعل لأن الضد يذكر بضده

٣٣٤

١٣٣

وَ قَالَ ع اِسْتَنْزِلُوا اَلرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ

جاء في الحديث المرفوع و قيل إنه موقوف على عثمان تاجروا الله بالصدقة تربحوا.و كان يقال الصدقة صداق الجنة.و في الحديث المرفوع ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله الخلافة على مخلفيه و عنه ص ما من مسلم يكسو مسلما ثوبا إلا كان في حفظ الله ما دام منه رقعة.و قال عمر بن عبد العزيز الصلاة تبلغك نصف الطريق و الصوم يبلغك باب الملك و الصدقة تدخلك عليه

٣٣٥

١٣٤

وَ قَالَ ع مَنْ أَيْقَنَ بِالْخَلَفِ جَادَ بِالْعَطِيَّةِ هذا حق لأن من لم يوقن بالخلف و يتخوف الفقر يضن بالعطية و يعلم أنه إذا أعطى ثم أعطى استنفد ماله و احتاج إلى الناس لانقطاع مادته و أما من يوقن بالخلف فإنه يعلم أن الجود شرف لصاحبه و أن الجواد ممدوح عند الناس فقد وجد الداعي إلى السماح و لا صارف له عنه لأنه يعلم أن مادته دائمة غير منقطعة فالصارف الذي يخافه من قدمناه ذكره مفقود في حقه فلا جرم أنه يجود بالعطية

٣٣٦

١٣٥

وَ قَالَ ع تَنْزِلُ اَلْمَعُونَةُ عَلَى قَدْرِ اَلْمَئُونَةِ

جاء في الحديث المرفوع من وسع وسع عليه و كلما كثر العيال كثر الرزق.و كان على بعض الموسرين رسوم لجماعة من الفقراء يدفعها إليهم كل سنة فاستكثرها فأمر كاتبه بقطعها فرأى في المنام كأن له أهواء كثيرة في داره و كأنها تصعدها أقوام من الأرض إلى السماء و هو يجزع من ذلك فيقول يا رب رزقي رزقي فقيل له إنما رزقناك هذه لتصرفها فيما كنت تصرفها فيه فإذ قطعت ذلك رفعناها منك و جعلناها لغيرك فلما أصبح أمر كاتبه بإعادة تلك الرسوم أجمع

٣٣٧

١٣٦

مَا عَالَ مَنِ اِقْتَصَدَ ما عال أي ما افتقر و قد تقدم لنا قول مقنع في مدح الاقتصاد.و قال أبو العلاء:

و إن كنت تهوى العيش فابغ توسطا

فعند التناهي يقصر المتطاول

توقي البدور النقص و هي أهلة

و يدركها النقصان و هي كوامل

و هذا الشعر و إن كان في الاقتصاد في المراتب و الولايات إلا أنه مدح للاقتصاد في الجملة فهو من هذا الباب.و سمع بعض الفضلاء قول الحكماء التدبير نصف العيش فقال بل العيش كله

٣٣٨

١٣٧

وَ قَالَ ع قِلَّةُ اَلْعِيَالِ أَحَدُ اَلْيَسَارَيْنِ اليسار الثاني كثرة المال يقول إن قلة العيال مع الفقر كاليسار الحقيقي مع كثرتهم.و من أمثال الحكماء العيال أرضة المال

٣٣٩

١٣٨

وَ قَالَ ع اَلتَّوَدُّدُ نِصْفُ اَلْعَقْلِ دخل حبيب بن شوذب على جعفر بن سليمان بالبصرة فقال نعم المرء حبيب بن شوذب حسن التودد طيب الثناء يكره الزيارة المتصلة و القعدة المنسية.و كان يقال التودد ظاهر حسن و المعاملة بين الناس على الظاهر فأما البواطن فإلى عالم الخفيات.و كان يقال قل من تودد إلا صار محبوبا و المحبوب مستور العيوب

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417