كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٨

كتاب شرح نهج البلاغة4%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 417

  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39574 / تحميل: 6841
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٨

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

و كان عنبسة بن زياد أكولا نهما فحدث رجل من ثقيف قال دعاني عبيد الله الأحمر فقلت لعنبسة هل لك يا ذبحة و كان هذا لقبة في إتيان الأحمر فمضينا إليه فلما رآه عبيد الله رحب به و قال للخباز ضع بين يدي هذا مثل ما تضع بين يدي أهل المائدة كلهم فجعل يأتيه بقصعة و أهل المائدة بقصعة و هو يأتي عليها ثم أتاه بجدي فأكله كله و نهض القوم فأكل كل ما تخلف على المائدة و خرجنا فلقينا خلف بن عبد الله القطامي فقال له يا خلف أ ما تغديني يوما فقلت لخلف ويحك لا تجده مثل اليوم فقال له ما تشتهي قال تمرا و سمنا فانطلق به إلى منزله فجاء بخمس جلال تمرا و جرة سمنا فأكل الجميع و خرج فمر برجل يبني داره و معه مائة رجل و قد قدم لهم سمنا و تمرا فدعاه إلى الأكل معهم فأكل حتى شكوه إلى صاحب الدار ثم خرج فمر برجل بين يديه زنبيل فيه خبز أرز يابس بسمسم و هو يبيعه فجعل يساومه و يأكل حتى أتى على الزنبيل فأعطيت صاحب الزنبيل ثمن خبزة.و كان ميسرة الرأس أكولا حكي عنه عند المهدي محمد بن المنصور أنه يأكل كثيرا فاستدعاه و أحضر فيلا و جعل يرمي لكل واحد منهما رغيفا حتى أكل كل واحد منهما تسعة و تسعين رغيفا و امتنع الفيل من تمام المائة و أكل ميسرة تمام المائة و زاد عليها.و كان أبو الحسن العلاف والد أبي بكر بن العلاف الشاعر المحدث أكولا دخل يوما على الوزير أبي بكر محمد المهلبي فأمر الوزير أن يؤخذ حماره فيذبح و يطبخ بماء و ملح ثم قدم له على مائدة الوزير فأكل و هو يظنه لحم

٤٠١

البقر و يستطيبه حتى أتى عليه فلما خرج ليركب طلب الحمار فقيل له في جوفك.و كان أبو العالية أكولا نذرت امرأة حامل إن أتت بذكر تشبع أبا العالية خبيصا فولدت غلاما فأحضرته فأكل سبع جفان خبيصا ثم أمسك و خرج فقيل له إنها كانت نذرت أن تشبعك فقال و الله لو علمت ما شبعت إلى الليل

٤٠٢

١٧٤

وَ قَالَ ع اَلنَّاسُ أَعْدَاءُ مَا جَهِلُوا هذه الكلمة قد تقدمت و تقدم منا ذكر نظائرها و العلة في أن الإنسان عدو ما يجهله أنه يخاف من تقريعه بالنقص و بعدم العلم بذلك الشي‏ء خصوصا إذا ضمه ناد أو جمع من الناس فإنه تتصاغر نفسه عنده إذا خاضوا فيما لا يعرفه و ينقص في أعين الحاضرين و كل شي‏ء آذاك و نال منك فهو عدوك

٤٠٣

١٧٥

وَ قَالَ ع مَنِ اِسْتَقْبَلَ وُجُوهَ اَلآْرَاءِ عَرَفَ مَوَاقِعَ اَلْخَطَإِ قد قالوا في المثل شر الرأي الدبري.و قال الشاعر:

و خير الرأي ما استقبلت منه

و ليس بأن تتبعه اتباعا

و ليس المراد بهذا الأمر سرعة فضل الحال لأول خاطر و لأول رأي إن ذلك خطأ و قديما قيل دع الرأي يغب.و قيل كل رأي لم يخمر و يبيت فلا خير فيه.و إنما المنهي عنه تضييع الفرصة في الرأي ثم محاولة الاستدراك بعد أن فات وجه الرأي فذاك هو الرأي الدبري

٤٠٤

١٧٦

وَ قَالَ ع مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ اَلْغَضَبِ لِلَّهِ قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءِ اَلْبَاطِلِ هذا من باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الكلمة تتضمن استعارة تدل على الفصاحة و المعنى أن من أرهف عزمه على إنكار المنكر و قوي غضبه في ذات الله و لم يخف و لم يراقب مخلوقا أعانه الله على إزالة المنكر و إن كان قويا صادرا من جهة عزيزة الجانب و عنها وقعت الكناية بأشداء الباطل

٤٠٥

١٧٧

وَ قَالَ ع إِذَا هِبْتَ أَمْراً فَقَعْ فِيهِ فَإِنَّ شِدَّةَ تَوَقِّيهِ أَعْظَمُ مِمَّا تَخَافُ مِنْهُ ما أحسن ما قال المتنبي في هذا المعنى:

و إذا لم يكن من الموت بد

فمن العجز أن تكون جبانا

كل ما لم يكن من الصعب في الأنفس

سهل فيها إذا هو كانا

و قال آخر:

لعمرك ما المكروه إلا ارتقابه

و أعظم مما حل ما يتوقع

و قال آخر:

صعوبة الرزء تلقى في توقعه

مستقبلا و انقضاء الرزء أن يقعا

و كان يقال توسط الخوف تأمن.و من الأمثال العامية أم المقتول تنام و أم المهدد لا تنام.و كان يقال كل أمر من خير أو شر فسماعه أعظم من عيانه.و قال قوم من أهل الملة و ليسوا عند أصحابنا مصيبين إن عذاب الآخرة المتوعد به إذا حل بمستحقيه وجدوه أهون مما كانوا يسمعونه في الدنيا و الله أعلم بحقيقة ذلك

٤٠٦

١٧٨

وَ قَالَ ع آلَةُ اَلرِّئَاسَةِ سَعَةُ اَلصَّدْرِ الرئيس محتاج إلى أمور منها الجود و منها الشجاعة و منها و هو الأهم سعة الصدر فإنه لا تتم الرئاسة إلا بذلك.و كان معاوية واسع الصدر كثير الاحتمال و بذلك بلغ ما بلغ

سعة الصدر و ما ورد في ذلك من حكايات

و نحن نذكر من سعة الصدر حكايتين دالتين على عظم محله في الرئاسة و إن كان مذموما في باب الدين و ما أحسن قول الحسن فيه و قد ذكر عنده عقيب ذكر أبي بكر و عمر فقال كانا و الله خيرا منه و كان أسود منهما.الحكاية الأولى وفد أهل الكوفة على معاوية حين خطب لابنه يزيد بالعهد بعده و في أهل الكوفة هانئ بن عروة المرادي و كان سيدا في قومه فقال يوما في مسجد دمشق و الناس حوله العجب لمعاوية يريد أن يقسرنا على بيعة يزيد و حاله حاله و ما ذاك و الله بكائن و كان

٤٠٧

في القوم غلام من قريش جالسا فتحمل الكلمة إلى معاوية فقال معاوية أنت سمعت هانئا يقولها قال نعم قال فاخرج فأت حلقته فإذا خف الناس عنه فقل له أيها الشيخ قد وصلت كلمتك إلى معاوية و لست في زمن أبي بكر و عمر و لا أحب أن تتكلم بهذا الكلام فإنهم بنو أمية و قد عرفت جرأتهم و إقدامهم و لم يدعني إلى هذا القول لك إلا النصيحة و الإشفاق عليك فانظر ما يقول فأتني به.فأقبل الفتى إلى مجلس هانئ فلما خف من عنده دنا منه فقص عليه الكلام و أخرجه مخرج النصيحة له فقال هانئ و الله يا ابن أخي ما بلغت نصيحتك كل ما أسمع و إن هذا الكلام لكلام معاوية أعرفه فقال الفتى و ما أنا و معاوية و الله ما يعرفني قال فلا عليك إذا لقيته فقل له يقول لك هانئ و الله ما إلى ذلك من سبيل انهض يا ابن أخي راشدا.فقام الفتى فدخل على معاوية فأعلمه فقال نستعين بالله عليه.ثم قال معاوية بعد أيام للوفد ارفعوا حوائجكم و هانئ فيهم فعرض عليه كتابه فيه ذكر حوائجه فقال يا هانئ ما أراك صنعت شيئا زد فقام هانئ فلم يدع حاجة عرضت له إلا و ذكرها ثم عرض عليه الكتاب فقال أراك قصرت فيما طلبت زد فقام هانئ فلم يدع حاجة لقومه و لا لأهل مصره إلا ذكرها ثم عرض عليه الكتاب فقال ما صنعت شيئا زد فقال يا أمير المؤمنين حاجة بقيت قال ما هي قال أن أتولى أخذ البيعة ليزيد ابن أمير المؤمنين بالعراق قال افعل فما زلت لمثل ذلك أهلا فلما قدم هانئ العراق قام بأمر البيعة ليزيد بمعونة من المغيرة بن شعبة و هو الوالي بالعراق يومئذ.

٤٠٨

و أما الحكاية الثانية:

كان مال حمل من اليمن إلى معاوية فلما مر بالمدينة وثب عليه الحسين بن علي ع فأخذه و قسمه في أهل بيته و مواليه و كتب إلى معاوية من الحسين بن علي إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فإن عيرا مرت بنا من اليمن تحمل مالا و حللا و عنبرا و طيبا إليك لتودعها خزائن دمشق و تعل بها بعد النهل بني أبيك و إني احتجت إليها فأخذتها و السلام.فكتب إليه معاوية من عند عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسين بن علي سلام عليك أما بعد فإن كتابك ورد علي تذكر أن عيرا مرت بك من اليمن تحمل مالا و حللا و عنبرا و طيبا إلي لأودعها خزائن دمشق و أعل بها بعد النهل بني أبي و أنك احتجت إليها فأخذتها و لم تكن جديرا بأخذها إذ نسبتها إلي لأن الوالي أحق بالمال ثم عليه المخرج منه و ايم الله لو ترك ذلك حتى صار إلي لم أبخسك حظك منه و لكني قد ظننت يا ابن أخي أن في رأسك نزوة و بودي أن يكون ذلك في زماني فأعرف لك قدرك و أتجاوز عن ذلك و لكني و الله أتخوف أن تبتلي بمن لا ينظرك فواق ناقة و كتب في أسفل كتابه:

يا حسين بن علي ليس ما

جئت بالسائغ يوما في العلل

أخذك المال و لم تؤمر به

إن هذا من حسين لعجل

قد أجزناها و لم نغضب لها

و احتملنا من حسين ما فعل

يا حسين بن علي ذا الأمل

لك بعدي وثبة لا تحتمل

و بودي أنني شاهدها

فإليها منك بالخلق الأجل

إنني أرهب أن تصلى بمن

عنده قد سبق السيف العذل

و هذه سعة صدر و فراسة صادقة

٤٠٩

١٧٩

وَ قَالَ ع اُزْجُرِ اَلْمُسِي‏ءَ بِثَوَابِ اَلْمُحْسِنِ قد قال ابن هانئ المغربي في هذا المعنى:

لو لا انبعاث السيف و هو مسلط

في قتلهم قتلتهم النعماء

فأفصح به أبو العتاهية في قوله:

إذا جازيت بالإحسان قوما

زجرت المذنبين عن الذنوب

فما لك و التناول من بعيد

و يمكنك التناول من قريب

٤١٠

١٨٠

وَ قَالَ ع اُحْصُدِ اَلشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ هذا يفسر على وجهين أحدهما أنه يريد لا تضمر لأخيك سوءا فإنك لا تضمر ذاك إلا يضمر هو لك سوءا لأن القلوب يشعر بعضها ببعض فإذا صفوت لواحد صفا لك.و الوجه الثاني أن يريد لا تعظ الناس و لا تنههم عن منكر إلا و أنت مقلع عنه فإن الواعظ الذي ليس بزكي لا ينجع وعظه و لا يؤثر نهيه.و قد سبق الكلام في كلا المعنيين

٤١١

١٨١

وَ قَالَ ع اَللَّجَاجَةُ تَسُلُّ اَلرَّأْيَ هذا مشتق من قوله ع لا رأي لمن لا يطاع و ذلك لأن عدم الطاعة هو اللجاجة و هو خلق يتركب من خلقين أحدهما الكبر و الآخر الجهل بعواقب الأمور و أكثر ما يعتري الولاة لما يأخذهم من العزة بالإثم.و من كلام بعض الحكماء إذا اضطررت إلى مصاحبة السلطان فابدأ بالفحص عن معتاد طبعه و مألوف خلقه ثم استحدث لنفسك طبعا ففرغه في قالب إرادته و خلقا تركبه مع موضع وفاقه حتى تسلم معه و إن رأيته يهوى فنا من فنون المحبوبات فأظهر هواك لضد ذلك الفن ليبعد عنك إرهابه بل و يكثر سكونه إليك و إذا بدا لك منه فعل ذميم فإياك أن تبدأه فيه بقول ما لم يستبذل فيه نصحك و يستدعي رأيك و إن استدعى ذاك فليكن ما تفاوضه فيه بالرفق و الاستعطاف لا بالخشونة و الاستنكاف فيحمله اللجاج المركب في طبع الولاة على ارتكابه فكل وال لجوج و إن علم ما يتعقبه لجاجه من الضرر و أن اجتنابه هو الحسن

٤١٢

١٨٢

وَ قَالَ ع اَلطَّمَعُ رِقٌّ مُؤَبَّدٌ هذا المعنى مطروق جدا و قد سبق لنا فيه قول شاف.و قال الشاعر:

تعفف و عش حرا و لا تك طامعا

فما قطع الأعناق إلا المطامع

و في المثل أطمع من أشعب رأي سلالا يصنع سلة فقال له أوسعها قال ما لك و ذاك قال لعل صاحبها يهدي لي فيها شيئا.و مر بمكتب و غلام يقرأ على الأستاذ( إن أبي يدعوك ) فقال قم بين يدي حفظك الله و حفظ أباك فقال إنما كنت أقرأ وردي فقال أنكرت أن تفلح أو يفلح أبوك.و قيل لم يكن أطمع من أشعب إلا كلبه رأى صورة القمر في البئر فظنه رغيفا فألقى نفسه في البئر يطلبه فمات

٤١٣

١٨٣

وَ قَالَ ع ثَمَرَةُ اَلتَّفْرِيطِ اَلنَّدَامَةُ وَ ثَمَرَةُ اَلْحَزْمِ اَلسَّلاَمَةُ قد سبق من الكلام في الحزم و التفريط ما فيه كفاية و كان يقال الحزم ملكة يوجبها كثرة التجارب و أصله قوة العقل فإن العاقل خائف أبدا و الأحمق لا يخاف و إن خاف كان قليل الخوف و من خاف أمرا توقاه فهذا هو الحزم.و كان أبو الأسود الدؤلي من عقلاء الرجال و ذوي الحزم و الرأي و حكى أبو العباس المبرد قال قال زياد لأبي الأسود و قد أسن لو لا ضعفك لاستعملناك على بعض أعمالنا فقال أ للصراع يريدني الأمير قال زياد إن للعمل مئونة و لا أراك إلا تضعف عنه فقال أبو الأسود:

زعم الأمير أبو المغيرة إنني

شيخ كبير قد دنوت من البلى

صدق الأمير لقد كبرت و إنما

نال المكارم من يدب على العصا

يا با المغيرة رب أمر مبهم

فرجته بالحزم مني و الدها

و كان يقال من الحزم و التوقي ترك الإفراط في التوقي.لما نزل بمعاوية الموت و قدم عليه يزيد ابنه فرآه مسكتا لا يتكلم بكى و أنشد:

لو فات شي‏ء يرى لفات أبو

حيان لا عاجز و لا وكل

الحول القلب الأريب و لا

تدفع يوم المنية الحيل

٤١٤

١٨٤

مَنْ لَمْ يُنْجِهِ اَلصَّبْرُ أَهْلَكَهُ اَلْجَزَعُ قد تقدم لنا قول شاف في الصبر و الجزع.و كان يقال ما أحسن الصبر لو لا أن النفقة عليه من العمر أخذه شاعر فقال:

و إني لأدري أن في الصبر راحة

و لكن إنفاقي على الصبر من عمري

و قال ابن أبي العلاء يستبطئ بعض الرؤساء:

فإن قيل لي صبرا فلا صبر للذي

غدا بيد الأيام تقتله صبرا

و إن قيل لي عذرا فو الله ما أرى

لمن ملك الدنيا إذا لم يجد عذرا

فإن قلت أي فائدة في قوله ع من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع و هل هذا إلا كقول من قال من لم يجد ما يأكل ضرة الجوع.قلت لو كانت الجهة واحدة لكان الكلام عبثا إلا أن الجهة مختلفة لأن معنى كلامه ع من لم يخلصه الصبر من هموم الدنيا و غمومها هلك من الله تعالى في الآخرة بما يستبدله من الصبر بالجزع و ذلك لأنه إذا لم يصبر فلا شك أنه يجزع و كل جازع آثم و الإثم مهلكة فلما اختلفت الجهة و كانت تارة للدنيا و تارة للآخرة لم يكن الكلام عبثا بل كان مفيدا

٤١٥

١٨٥

وَ قَالَ ع وَا عَجَبَا أَنْ تَكُونَ اَلْخِلاَفَةُ بِالصَّحَابَةِ وَ لاَ تَكُونَ وَا عَجَبَاهُ أَ تَكُونُ اَلْخِلاَفَةُ بِالصَّحَابَةِ وَ اَلْقَرَابَةِ قال الرضيرحمه‌الله تعالى و قد روي له شعر قريب من هذا المعنى و هو:

فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم

فكيف بهذا و المشيرون غيب

و إن كنت بالقربى حججت خصيمهم

فغيرك أولى بالنبي و أقرب

حديثه ع في النثر و النظم المذكورين مع أبي بكر و عمر أما النثر فإلى عمر توجيهه لأن أبا بكر لما قال لعمر امدد يدك قال له عمر أنت صاحب رسول الله في المواطن كلها شدتها و رخائها فامدد أنت يدك فقال علي ع إذا احتججت لاستحقاقه الأمر بصحبته إياه في المواطن كلها فهلا سلمت الأمر إلى من قد شركه في ذلك و زاد عليه بالقرابة و أما النظم فموجه إلى أبي بكر لأن أبا بكر حاج الأنصار في السقيفة فقال نحن عترة رسول الله ص و بيضته التي تفقأت عنه فلما بويع احتج على الناس بالبيعة و أنها صدرت عن أهل الحل و العقد فقال علي ع أما احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول الله ص و من قومه فغيرك أقرب نسبا منك إليه و أما احتجاجك بالاختيار و رضا الجماعة بك فقد كان قوم من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت.و اعلم أن الكلام في هذا تتضمنه كتب أصحابنا في الإمامة و لهم عن هذا القول أجوبة ليس هذا موضع ذكرها.

٤١٦

الفهرس

کتاب شرح نهج البلاغة الجزء الثامن عشر ابن ابي الحديد ١

ذكر بقية الخبر عن فتح مكّه ٧

نبذ من كلام الحكماء ٢٨

سلمان الفارسي و خبر إسلامه ٣٤

الحارث الأعور و نسبه ٤٢

نبذ من الأقوال الحكيمة ٤٣

ذكر المنذر و أبيه الجارود ٥٥

باب الحكم و المواعظ ٧٩

نبذ مما قيل في الشيب و الخضاب ١٢٣

نبذ مما قيل في المروءة ١٢٨

نبذ و حكايات مما وقع بين يدي الملوك ١٤٣

فى مجلس قتيبة بن مسلم الباهلىّ ١٥٢

أقوال و حكايات حول الحمقى ١٥٩

خباب بن الأرت ١٧١

محمد بن جعفر و المنصور ٢٠٦

محنة المقفع ٢٦٩

فصل في نسب بني مخزوم و طرف من أخبارهم ٢٨٥

نبذ من الوصايا الحكيمة ٣٣٢

نوادر المكثرين من الأكل ٣٩٧

سعة الصدر و ما ورد في ذلك من حكايات ٤٠٧

الفهرس ٤١٧

٤١٧