التوحيد

التوحيد6%

التوحيد مؤلف:
تصنيف: التوحيد
الصفحات: 574

التوحيد
  • البداية
  • السابق
  • 574 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 88607 / تحميل: 7477
الحجم الحجم الحجم
التوحيد

التوحيد

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

قول الله عزوجل:( والأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسماوات مطويات بيمينه ) فقال: ذلك تعيير الله تبارك وتعالى لمن شبهه بخلقه، ألا ترى أنه، قال: ( وما قدروا الله حق قدره ) ومعناه إذ قالوا: إن الأرض جميعا قبضته يوم القيمة والسماوات مطويات بيمينه، كما قال عزوجل:( وما قدروا الله حق قدره ) إذ قالوا:( ما أنزل الله على بشر من شيء ) (١) ثم نزه عزوجل نفسه عن القبضة واليمين فقال: « سبحانه وتعالى عما يشركون »(٢) .

٢ - حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم العجليرحمه‌الله قال: حدثنا أحمد بن يحيى ابن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم ابن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( والأرض جميعا قبضته يوم القيمة ) فقال: يعني ملكه لا يملكها معه أحد، والقبض من الله تبارك وتعالى في موضع آخر المنع والبسط، منه الاعطاء والتوسيع، كما قال عزوجل:( والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ) (٣) يعني يعطي ويوسع ويمنع ويضيق، والقبض منه عزوجل في وجه

__________________

١ - الأنعام: ٩١.

٢ - مرادهعليه‌السلام أن قوله تعالى:( والأرض جميعا - الخ) حكاية قول من شبه الله بخلقه بتقدير إذ قالوا كما في الآية الأخرى، فيكون قوله تعالى:( وما قدروا الله حق قدره ) تعييرا من الله عليهم لقولهم ذلك، فلذا نزه نفسه في آخر الآية غن ذلك لأنه تشبيه له بخلقه كما أنه تعالى عيرهم في الآية الأخرى لقولهم: ما أنزل الله، ثم إن ( إذ ) في الموضعين للتعليل قال العلامة المجلسي في البحار في الصفحة الثانية من الجزء الرابع من الطبعة الحديثة: هذا وجه حسن لم يتعرض له المفسرون، ويؤيده أن العامة رووا ( أن يهوديا أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكر نحوا من ذلك فيضحكصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذا التفسير لا ينافي ما في الحديث التالي وغيره لأن المتشابهات تحمل على بعض الوجوه الحقة المحكمة أو على جميعها بدلالة من الراسخين في العلم.

٣ - البقرة: ٢٤٥.

١٦١

آخر الأخذ(١) في وجه القبول منه كما قال:( ويأخذ الصدقات ) (٢) أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها، قلت: فقوله عزوجل:( والسماوات مطويات بيمينه ) ؟ قال: اليمين اليد، واليد القدرة والقوة، يقول عزوجل: السماوات مطويات بقدرته وقوته، سبحانه وتعالى عما يشركون.

١٨ - باب تفسير قول الله عزوجل:( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) (٣)

١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام ، عن قول الله عزوجل:( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) فقال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان يحل فيه فيحجب عنه فيه عباده، ولكنه يعني، إنهم عن ثواب ربهم لمحجوبون.

١٩ - باب تفسير قوله عزوجل:( وجاء ربك والملك صفا صفا ) (٤)

١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، قال: سألت الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام ، عن قول الله عزوجل( وجاء ربك والملك صفا صفا ) فقال: إن الله عزوجل لا يوصف بالمجيء والذهاب تعالى عن الانتقال، إنما يعني بذلك وجاء أمر ربك والملك صفا صفا.

__________________

١ - في نسخة ( ج ) وحاشية نسخة ( ب ) ( في موضع آخر الأخذ ).

٢ - التوبة: ١٠٤.

٣ - المطففين: ١٥.

٤ - الفجر: ٢٢.

١٦٢

٢٠ - باب تفسير قوله عزوجل:( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) (١)

١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي، قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزوجل:( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) قال: يقول: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله بالملائكة في ظلل من الغمام، وهكذا نزلت.

٢١ - باب تفسير قوله عزوجل:( سخر الله منهم ) (٢) وقوله عزوجل:( الله يستهزئ بهم ) (٣) وقوله عزوجل:( ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) (٤) وقوله عزوجل:( يخادعون الله وهو خادعهم ) (٥)

١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس المعاذي قال حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي الهمداني قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن الرضا علي بن موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزوجل( سخر الله منهم ) وعن قول الله عزوجل:( الله يستهزئ بهم ) وعن قوله: ( ومكروا ومكر الله ) وعن قوله ( يخادعون الله وهو خادعهم ) فقال: إن الله تبارك وتعالى لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ولكنه عزوجل يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء، وجزاء المكر والخديعة، تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيراً.(٦) .

__________________

١ - البقرة: ٢١٠.

٢ - التوبة: ٧٩.

٣ - البقرة: ١٥.

٤ - آل عمران: ٥٤.

٥ - النساء: ١٤٢.

٦ - إن الله تبارك وتعالى ذاته الأحدية منزهة عن كل حدوث وتركيب وتغير وزوال

١٦٣

٢٢ - باب معنى جنب الله عزوجل

١ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله : قال:

حدثنا محمد بن جعفر الكوفي(١) ، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي الكوفي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن الحسين، عمن حدثه، عن عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: أنا علم الله، وأنا قلب الله الواعي، ولسان الله الناطق، وعين الله، وجنب الله، وأنا يد الله.

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : معنى قولهعليه‌السلام : وأنا قلب الله الواعي أي أنا القلب الذي جعله الله وعاء لعلمه، وقلبه إلى طاعته، وهو قلب مخلوق الله عزوجل كما هو عبد الله عزوجل، ويقال: قلب الله كما يقال: عبد الله وبيت الله وجنة الله ونار الله. وأما قوله: عين الله، فإنه يعني به: الحافظ لدين الله، وقد قال الله عزوجل:( تجري بأعيننا ) (٢) أي بحفظنا، وكذلك قوله عزوجل:( ولتصنع على عيني ) (٣) معناه على حفظي.

٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن ابن سنان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبته: أنا الهادي، وأنا المهتدي، وأنا أبو اليتامى والمساكين وزوج الأرامل، وأنا ملجأ كل

__________________

وإمكان ونقصان بالبراهين العقلية والنقلية، وإنما هو الله عزوجل وخلقه لا ثالث بينهما ولا ثالث غيرهما فكل ما أسند إليه تعالى في الكتاب والسنة باعتبار مما تنزه تعالى عنه بالبراهين فهو راجع إلى خلقه الممكن فيه ذلك، أو يؤول إلى ما يليق بقدسه. وهذان الوجهان مذكوران في كثير من أحاديث هذا الكتاب فاستبصر.

١ - هو أبو الحسين محمد بن جعفر بن عون الأسدي الكوفي المذكور في كثير من أسانيد الكتاب بعنوان محمد بن أبي عبد الله.

٢ - القمر: ١٤.

٣ - طه: ٣٩.

١٦٤

ضعيف ومأمن كل خائف، وأنا قائد المؤمنين إلى الجنة، وأنا حبل الله المتين، وأنا عروة الله الوثقى وكلمة التقوى، وأنا عين الله ولسانه الصادق ويده، وأنا جنب الله الذي يقول:( أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ) (١) وأنا يد الله المبسوطة على عباده بالرحمة والمغفرة، وأنا باب حطة، من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه لأني وصي نبيه في أرضه، وحجته على خلقه، لا ينكر هذا إلا راد على الله ورسوله.

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : الجنب الطاعة في لغة العرب، يقال: هذا صغير في جنب الله أي في طاعة الله عزوجل، فمعنى قول أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنا جنب الله أي أنا الذي ولايتي طاعة الله، قال الله عزوجل:( أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله ) أي في طاعة الله عزوجل(٢) .

٢٣ - باب معنى الحجزة

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويهرحمه‌الله ، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن أبي الجارود، عن محمد بن بشر الهمداني(٣) قال: سمعت محمد بن الحنفية يقول: حدثني أمير المؤمنينعليه‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة آخذ بحجزة الله، ونحن آخذون بحجزة نبينا، وشيعتنا آخذون بحجزتنا، قلت: يا أمير المؤمنين وما الحجزة؟ قال: الله أعظم من أن يوصف بالحجزة أو غير ذلك، ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخذ بأمر الله، ونحن آل محمد آخذون بأمر نبينا وشيعتنا آخذون بأمرنا.

٢ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى

__________________

١ - الزمر: ٥٦.

٢ - قد مر الكلام جملة في أمثال هذه الأحاديث المروية عنهمعليهم‌السلام في ذيل الحديث التاسع من الباب الثاني عشر، والشاهد لما قلنا ما في الباب الرابع والعشرين.

٣ - في نسخة ( و ) وحاشية نسخة ( ب ) محمد بن بشير الهمداني.

١٦٥

عن الحسن بن علي الخزاز، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة آخذ بحجزة الله، ونحن آخذون بحجزة نبينا، وشيعتنا آخذون بحجزتنا ثم قال: والحجزة النور.

٣ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثني علي بن العباس، قال: حدثنا الحسن بن يوسف(١) ، عن عبد السلام، عن عمار ابن أبي اليقظان(٢) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: يجئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة آخذا بحجزة ربه، ونحن آخذون بحجزة نبينا، وشيعتنا آخذون بحجزتنا، فنحن وشيعتنا حزب الله، وحزب الله هم الغالبون، والله ما نزعم أنها حجزة الإزار ولكنها أعظم من ذلك، يجئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله آخذا بدين الله، ونجئ نحن آخذين بدين نبينا وتجئ شيعتنا آخذين بديننا.

٤ - وقد روي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال: ( الصلاة حجزة الله ) وذلك أنها تحجز المصلي عن المعاصي ما دام في صلاته(٣) قال الله عزوجل:( إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ) (٤) .

__________________

١ - في نسخة ( و ) ( الحسين بن يوسف ).

٢ - في البحار باب معنى حجزة الله في الجزء الرابع من الطبعة الحديثة وفي نسخة ( و ) عن عمار عن أبي اليقظان، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) عن عمار أبي اليقظان، والصحيح هو الأخير.

٣ - الحجزة في اللغة موضع شد الإزار والحزام والتكة وقيل لها الحجزة أيضا للمجاورة، ثم استعيرت في الكلام لسبب القائم بمن يلتجأ إليه به ويعتصم به عن الهلاك، فإن دين الله ونوره وأمره وصلاته كما في هذه الأحاديث كذلك، والحجزة في الحديث كالعروة الوثقى في الآية.

٤ - العنكبوت: ٤٥.

١٦٦

٢٤ - باب معنى العين والأذن واللسان

١ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: إن لله عزوجل خلقا من رحمته خلقهم من نوره ورحمته من رحمته لرحمته(١) فهم عين الله الناظرة، وأذنه السامعة ولسانه الناطق في خلقه بإذنه، وأمناؤه على ما أنزل من عذر أو نذر أو حجة، فبهم يمحو السيئات، وبهم يدفع الضيم، وبهم ينزل الرحمة، وبهم يحيي ميتا، وبهم يميت حيا، وبهم يبتلي خلقه، وبهم يقضي في خلقه قضيته، قلت: جعلت فداك من هؤلاء؟ قال: الأوصياء.

٢٥ - باب معنى قوله عزوجل:( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ) .

١ - أبيرحمه‌الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن أبي - عبد الله البرقي، عن أبيه، عن علي بن نعمان، عن إسحاق بن عمار، عمن سمعه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال في قوله الله عزوجل:( وقالت اليهود يد الله مغلولة ) : لم يعنوا أنه هكذا، ولكنهم قالوا: قد فرغ من الأمر، فلا يزيد ولا ينقص، فقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم:( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) (٢) ألم تسمع الله عزوجل يقول:( يمحو الله ما يشاء ويثبت و

__________________

١ - في نسخة ( ج ) و ( د ) ( إن الله عزوجل خلقا خلقهم من نوره - الخ ) وفي نسخة ( ب ) و ( و ) ( إن لله عزوجل خلقا خلقهم من نوره ورحمة من رحمته لرحمته ) ورحمة بالتنوين عطف على خلقا.

٢ - المائدة: ٦٤.

١٦٧

عنده أم الكتاب ) .(١)

٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى، عن المشرقي، عن عبد الله بن قيس(٢) عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سمعته يقول: ( بل يداه مبسوطتان ) فقلت: له يدان هكذا، وأشرت بيدي إلى يده، فقال: لا، لو كان هكذا لكان مخلوقا.

٢٦ - باب معنى رضاه عزوجل وسخطه

١ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثني أحمد بن إدريس، عن أحمد بن أبي - عبد الله، عن محمد عيسى اليقطيني، عن المشرقي، عن حمزة بن الربيع(٣) ، عمن ذكره، قال: كنت في مجلس أبي جعفرعليه‌السلام إذ دخل عليه عمرو بن عبيد فقال له جعلت فداك قول الله تبارك وتعالى:( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) (٤) ما ذلك الغضب؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : هو العقاب يا عمرو، إنه من زعم أن الله عزوجل زال من شيء إلى شيء فقد وصفه صفة مخلوق، إن الله عزوجل لا يستفزه شيء ولا يغيره.

٢ - وبهذا الإسناد، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله الله عزوجل:( فلما آسفونا انتقمنا ) (٥) قال: إن الله تبارك وتعالى لا يأسف كأسفنا، ولكنه خلق أولياء لنفسه يأسفون ويرضون، وهم مخلوقون

__________________

١ - الرعد: ٣٩.

٢ - في نسخة ( ب ) و ( د ) و ( و ) ( عن المشرقي عبد الله بن قيس ) وفي معاني الأخبار ص ١٨ هذا الخبر بإسناده ( عن محمد بن عيسى عن المشرقي عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ) وفي الكافي ج ١ ص ١١٠ باب الإرادة في حديث ( عن محمد بن عيسى عن المشرقي حمزة بن المرتفع ). وفي المعاني باب رضي الله ( عن محمد بن عيسى اليقطيني عن المشرقي حمزة بن الربيع ).

٣ - كذا وتقدم الكلام فيه.

٤ - طه: ٨١.

٥ - الزخرف: ٥٥.

١٦٨

مدبرون، فجعل رضاهم لنفسه رضى وسخطهم لنفسه سخطا، وذلك لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه، فلذلك صاروا كذلك، وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه، ولكن هذا معنى ما قال من ذلك، وقد قال أيضا: ( من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها ). وقال أيضا:( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) (١) وقال أيضا:( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ) (٢) وكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك، هكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك ولو كان يصل إلى المكون الأسف والضجر وهو الذي أحدثهما وأنشأهما لجاز لقائل أن يقول: إن المكون يبيد يوما ما، لأنه إذا دخله الضجر والغضب دخله التغيير وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة، ولو كان ذلك كذلك لم يعرف المكون من المكون، ولا القادر من المقدور، ولا الخالق من المخلوق، تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا، هو الخالق للأشياء لا لحاجة، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه، فافهم ذلك إن شاء الله(٣) .

٣ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن العباس بن عمرو الفقيمي، عن هشام بن الحكم أن رجلا سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الله تبارك وتعالى له رضا وسخط؟ فقال: نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، وذلك أن الرضا والغضب دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال، معتمل، مركب، للأشياء فيه مدخل(٤) وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه، واحد، أحدي الذات، وأحدي المعنى، فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه وينقله من حال إلى حال، فإن ذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين، وهو تبارك وتعالى القوي العزيز الذي لا حاجة

__________________

١ - النساء: ٨٠.

٢ - الفتح: ١٠.

٣ - إذا كان لا لحاجة كان واجب الوجود، وواجب الوجود يستحيل أن يحد أو يكيف.

٤ - قوله: معتمل على صيغة المفعول أي منفعل يتأثر من الأشياء، وتقدير الكلام:

لأن المخلوق معتمل - الخ، كما في الكافي.

١٦٩

به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعا محتاجون إليه، أنما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

٤ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي السكري قال: حدثنا محمد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمد بن عمارة، عن أبيه، قال: سألت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، فقلت له: يا ابن رسول الله أخبرني عن الله عزوجل هل له رضا وسخط؟ فقال: نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين ولكن غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.

٢٧ - باب معنى قوله عزوجل:( ونفخت فيه من روحي ) (١)

١ - حدثنا حمزة بن محمد العلويرحمه‌الله ، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قوله الله عزوجل:( ونفخت فيه من روحي ) قال: روح اختاره الله واصطفاه وخلقه إلى نفسه وفضله على جميع الأرواح، فأمر فنفخ منه في آدم(٢) .

__________________

١ - الحجر: ٢٩، وص ٧٢.

٢ - نفخ الروح ذكر في القرآن في مواضع: بدن آدم، رحم مريم أي بدن عيسى الذي سواه الله في رحمها، الطين كهيئة الطير التي خلقها عيسى، والنافخ في الموضع الأول والثاني ملك بإذن الله لما في الحديث السادس ولقوله تعالى:( فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ) وفي الموضع الثالث عيسىعليه‌السلام بإذن الله لقوله تعالى:( إني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ) ثم يحتمل أن تكون لفظة ( من ) في قوله تعالى:( ونفخت فيه من روحي ) نشوية ابتدائية أي نفخت فيه من طريق ملك وبواسطته وسمى ذلك الملك روحا فأضافه إلى نفسه كما في قوله تعالى في قصة عيسى:( فأرسلنا إليها روحنا - الآية) فمعنى كان روح اختاره الله واصطفاه - الخ، فأمر الله فنفخ الله في آدم من طريقه وبواسطته ويقرب هذا الاحتمال قوله تعالى:( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم - الآية) فإن النفخ في بدن عيسى في رحم مريم بواسطة الملك قطعا.

١٧٠

٢ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، عن ابن فضال، عن الحلبي، وزرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إن الله تبارك وتعالى أحد، صمد، ليس له جوف، وإنما الروح خلق من خلقه، نصر وتأييد وقوة، يجعله الله في قلوب الرسل والمؤمنين(١) .

٣ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين ابن الحسن، قال: حدثنا بكر بن صالح، عن القاسم بن عروة، عن عبد الحميد الطائي، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( ونفخت فيه من روحي ) كيف هذا النفخ؟ فقال: إن الروح متحرك كالريح، وإنما سمي روحا لأنه اشتق اسمه من الريح، وإنما أخرجه على لفظ الروح لأن الروح مجانس للريح، وإنما أضافه إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح كما اصطفى بيتا من البيوت، فقال: بيتي، وقال لرسول من الرسل: خليلي، وأشباه ذلك، وكل ذلك مخلوق مصنوع محدث مربوب مدبرا(٢) .

٤ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن -

__________________

١ - الظاهر أن المراد به غير ما نحن فيه، بل هو ما في قوله تعالى في وصف المؤمنين ( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ).

٢ - الريح هو الهواء المتحرك وأصله الواو كالروح قلبت ياء لكسرة ما قبلها، والروح ما يقوم به الحياة في الشيء، والحياة منشأ الادراك والفعل، وأما تحركه كالريح ففي الروح ما يقوم البخاري المعروف عند الأطباء الذي هو البخار اللطيف المنبعث من القلب الساري في جميع البدن، وأما الروح التي هي النفس الناطقة التي هي محل العلوم والكمالات الإنسانية ومدبرة للبدن فمتحركة حركة تناسب حقيقتها نظير حرة الفكر المذكورة في المنطق.

١٧١

إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن أبي جعفر الأصم، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الروح التي في آدمعليه‌السلام والتي في عيسىعليه‌السلام ماهما؟ قال: روحان مخلوقان اختارهما واصطفاهما، روح آدمعليه‌السلام وروح عيسىعليه‌السلام .

٥ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد ابن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله عزوجل:( ونفخت فيه من روحي ) قال: من قدرتي(١) .

٦ - حدثنا محمد بن أحمد السناني، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وعلي ابن أحمد بن محمد بن عمران رضي الله عنهم قالوا: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا علي بن العباس، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبد الكريم بن عمرو، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله عزوجل:( فإذا سويته ونفخت فيه من روحي ) قال: إن الله عزوجل خلق خلقا وخلق روحا ثم أمر ملكا فنفخ فيه(٢) فليست بالتي نقضت من قدرة الله شيئا من قدرته(٣) .

__________________

١ - هذا تأويل للمتشابه إلى محكم لازم له، ويحتمل أن يكون تفسيرا للروح بالقدرة.

٢ - خلق خلقا هو بدن آدم، وخلق روحا هو روح آدم، ثم أمر ملكا فنفخ ذلك الملك ذلك الروح في بدن آدم، ولا بأس بإسناد النفخ إليه تعالى وإلى الملك أيضا كإسناد التوفي إليه تعالى وإلى ملك الموت وعماله، ويمكن ارجاع ضمير نفخ إليه تعالى كما في الحديث الأول.

٣ - دفع لتوهم أن الروح التي نفخها الملك ليست مقدورة لله حتى نفخها الملك، لا بل هي مقدورة له تعالى نفخها بإذنه وأمره وقدرته وإقداره إياه على ذلك، بل نفخه نفخه تعالى في الواقع كما هو الشأن في التوفي الذي يقابل هذا النفخ، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) وليست بالتي - الخ.

١٧٢

٢٨ - باب نفي المكان والزمان والسكون والحركة والنزول والصعود والانتقال عن الله عزوجل

١ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، قال: سأل نافع بن الأزرق أبا جعفرعليه‌السلام فقال: أخبرني عن الله متى كان؟ فقال له: ويلك، أخبرني أنت متى لم يكن حتى أخبرك متى كان، سبحان من لم يزل ولا يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا.

٢ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطاررحمه‌الله ، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، قال: جاء رجل إلى أبي جعفرعليه‌السلام فقال له: يا أبا جعفر أخبرني عن ربك متى كان؟ فقال: ويلك، إنما يقال لشيء لم يكن فكان: متى كان، إن ربي تبارك وتعالى كان لم يزل حيا بلا كيف، ولم يكن له كان(١) ولا كان لكونه كيف، ولا كان له أين، ولا كان في شيء، ولا كان على شيء، ولا ابتدع لكونه مكانا(٢) ولا قوي بعد ما كون شيئا: ولا ضعيفا قبل أن يكون شيئا، ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا، ولا يشبه شيئا مكونا، ولا كان خلوا من ( القدرة على ) الملك قبل إنشائه، ولا يكون منه خلوا بعد ذهابه، لم يزل حيا بلا حياة، وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا، وملكا جبارا بعد إنشائه للكون، فليس لكونه كيف،

__________________

١ - أي لا يقال له: كان كذا وكذا كونا زمانيا.

٢ - في نسخة ( ب ) و ( د ) و ( و ) ولا ابتدع لكانه مكانا، وفي نسخة ( ج ) ولا ابتدع لمكانه مكانا. كما في الحديث الذي في الباب الحادي عشر.

١٧٣

لا له أين، ولا له حد، ولا يعرف بشيء يشبهه، ولا يهرم لطول البقاء، ولا يصعق لشيء، ولا يجوفه شيء، تصعق الأشياء كلها من خيفته، كان حيا بلا حياة عارية(١) ولا كون موصوف، ولا كيف محدود، ولا أثر مقفو(٢) ولا مكان جاور شيئا، بل حي يعرف، وملك لم يزل له القدرة والملك، أنشأ ما شاء بمشيته، لا يحد ولا يبعض، ولا يفنى، كان أولا بلا كيف، ويكون آخرا بلا أين، وكل شيء هالك إلا وجهه، له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، ويلك أيها السائل، إن ربي لا تغشاه الأوهام، ولا تنزل به الشبهات، ولا يجار من شيء(٣) ولا يجاوره شيء ولا تنزل به الأحداث، ولا يسأل عن شيء يفعله، ولا يقع على شيء، ولا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى.

٣ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرحمه‌الله قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الموصلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: جاء حبر من الأحبار إلى أمير - المؤمنينعليه‌السلام فقال له: يا أمير المؤمنين متى كان ربك؟ فقال له: ثكلتك أمك، ومتى لم يكن حتى يقال: متى كان، كان ربي قبل القبل، بلا قبل ويكون بعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهى لغايته، انقطعت الغايات عنه، فهو منتهى كل غاية(٤) فقال: يا أمير المؤمنين فنبي أنت؟ فقال: ويلك، إنما أنا عبد من عبيد -

__________________

١ - في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( و ) بلا حياة جارية، وفي البحار باب جوامع التوحيد وفي حاشية نسخة ( ن ) بلا حياة حادثة.

٢ - هذا كناية عن عدم إدراك أحد ذاته، وفي نسخة ( د ) ولا أثر مفقود. أي آثاره ظاهرة وإعلامه لائحة.

٣ - في نسخة ( ط ) و ( ن ) ولا يحاذر من شيء.

٤ - قد مضى نظير هذا الحديث والحديث السادس في أواخر الباب الثاني، وكان الكل واحد.

١٧٤

محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : يعني بذلك: عبد طاعته لا غير ذلك(١) .

٤ - وروي أنه سئلعليه‌السلام أين كان ربنا قبل أن يخلق سماء وأرضا؟ فقالعليه‌السلام : « أين » سؤال عن مكان، وكان الله ولا مكان.

٥ - حدثنا علي بن الحسين بن الصلترضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا محمد بن أحمد ابن علي بن الصلت، عن عمه أبي طالب عبد الله بن الصلت، عن يونس بن عبد الرحمن، قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : لأي علة عرج الله بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى السماء، ومنها إلى سدرة المنتهى، ومنها إلى حجب النور، وخاطبه وناجاه هناك والله لا يوصف بمكان؟ فقالعليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يجري عليه زمان، ولكنه عزوجل أراد أن يشرف به ملائكته وسكان سماواته، ويكرمهم بمشاهدته، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه، وليس ذلك على ما يقول المشبهون، سبحان الله وتعالى عما يشركون.

٦ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن سهل بن زياد، عن عمرو بن عثمان، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن محمد بن سماعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رأس الجالوت لليهود: إن المسلمين يزعمون أن عليا، من أجدل الناس وأعلمهم، اذهبوا بنا إليه لعلي أسأله عن مسألة أخطئه فيها، فأتاه فقال: يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسألك عن مسألة، قال: سل عما شئت، قال: يا أمير المؤمنين متى كان ربنا؟ قال: يا يهودي، إنما يقال: متى كان لمن لم يكن فكان، هو كائن بلا كينونة كائن كان بلا كيف، يا يهودي،

__________________

١ - إن العبودية: الإطاعة والخضوع والتعظيم لأحد، وهذا غير منكر، إذا كان هو أهلا لها والمنكر أن يعتقد فيه الألوهية ولم يكن إلها كالنصارى في عيسى والغالين في بعض الأئمةعليهم‌السلام ، أو يطاع ويعظم ويخضع له ولم يكن أهلا لها كأكثر الأمة لخلفاء الجور أو هما معا كالمشركين لأصنامهم، وفي نسخة ( و ) و ( د ) عبد طاعة - الخ.

١٧٥

كيف يكون له قبل وهو قبل القبل بلا غاية ولا منتهى، غاية ولا غاية إليها، غاية انقطعت الغايات عنه، فهو غاية كل غاية، فقال: أشهد أن دينك الحق وأن ما خالفه باطل.

٧ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا محمد بن هارون الصوفي، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى أبو تراب الروياني، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضاعليه‌السلام : يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: إن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا؟ فقالعليه‌السلام : لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه، والله ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذلك، إنما قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن الله تبارك وتعالى ينزل ملكا إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي هل من سائل فاعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشر اقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء، حدثني بذلك أبي عن جدي، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٨ - حدثنا محمد بن محمد بن عصامرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن سليمان، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد(١) عن زيد ابن عليعليه‌السلام قال: سألت أبي سيد العابدينعليه‌السلام فقلت له: يا أبه أخبرني عن جدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عزوجل بخمسين صلاة كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمرانعليه‌السلام : ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك؟ فقالعليه‌السلام : يا بني، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يقترح على ربه عزوجل ولا يراجعه في شيء يأمره به، فلما سأله موسىعليه‌السلام ذلك وصار شفيعا لأمته إليه لم يجز له رد شفاعة أخيه موسىعليه‌السلام ، فرجع إلى ربه عزوجل فسأله التخفيف إلى أن ردها إلى خمس صلوات، قال:

__________________

١ - في نسخة ( ج ) و ( ط ) و ( ن ) ( عمر بن خالد ) وهو تصحيف.

١٧٦

فقلت: يا أبه فلم لم يرجع إلى ربه عزوجل ولم يسأله التخفيف بعد خمس صلوات(١) فقال: يا بني أرادصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحصل لأمته التخفيف مع أجر خمسين صلاة لقول الله عزوجل:( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) (٢) ألا ترى أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما هبط إلى الأرض نزل عليه جبرئيلعليه‌السلام فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام، ويقول: إنها خمس بخمسين( ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ) (٣) قال: فقلت له يا أبه أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى، تعالى الله عن ذلك، فقلت فما معنى قول موسىعليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ارجع إلى ربك؟ فقال: معناه معنى قول إبراهيمعليه‌السلام :( إني ذاهب إلى ربي سيهدين ) (٤) ومعنى قول موسىعليه‌السلام :( وعجلت إليك رب لترضى ) (٥) ومعنى قول عزوجل:( ففروا إلى الله ) (٦) يعني حجوا إلى بيت الله، يا بني إن الكعبة بيت الله فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله، وأهل موقف عرفات وقوف بين يدي الله عزوجل وإن لله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته، فمن عرج به إليها فقد عرج به إليه(٧) ألا تسمع الله عزوجل يقول:( تعرج الملائكة والروح إليه ) (٨) ويقول عزوجل:( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه ) (٩) .

__________________

١ - في البحار باب نفي الزمان والمكان بعد قوله: ( خمس صلوات ) هذه بعبارة: ( وقد سأله موسىعليه‌السلام أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف ).

٢ - الأنعام: ١٦٠.

٣ - ق: ٢٩.

٤ - الصافات: ٩٩.

٥ - طه: ٨٤.

٦ - الذاريات: ٥١.

٧ - في البحار ( فمن عرج إلى بقعة منها فقد عرج به إليه ).

٨ - المعارج: ٤، وفي البحار بعد هذا هكذا: ويقول في قصة عيسىعليه‌السلام بل رفعه الله إليه.

٩ - فاطر: ١٠.

١٧٧

٩ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن ابن محبوب، عن صالح بن حمزة، عن أبان، عن أسد(١) ، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: من زعم أن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك، لو كان الله عزوجل على شيء لكان محمولا، ولو كان في شيء لكان محصورا، ولو كان من شيء لكان محدثا.

١٠ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب عن حماد بن عمرو، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كذب من زعم أن الله عزوجل في شيء أو من شيء أو على شيء.

قال مصنف هذا الكتابرضي‌الله‌عنه : الدليل على أن الله عزوجل لا في مكان أن الأماكن كلها حادثة، وقد قام الدليل على أن الله عزوجل قديم سابق للأماكن، وليس يجوز أن يحتاج الغني القديم إلى ما كان غنيا عنه، ولا أن يتغير عما لم يزل موجودا عليه، فصح اليوم أنه لا في مكان كما أنه لم يزل كذلك وتصديق ذلك:

١١ - ما حدثنا به أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن سليمان بن حفص المروزي، عن سليمان بن مهران، قال: قلت لجعفر بن محمدعليهما‌السلام هل يجوز أن نقول: إن الله عزوجل في مكان؟ فقال: سبحان الله وتعالى عن ذلك، إنه لو كان في مكان لكان محدثنا، لأن الكائن في مكان محتاج إلى المكان والاحتياج من صفات المحدث لا من صفات القديم.

١٢ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم

__________________

١ - في نسخة ( ج ) ( عن أبان بن أسد ).

١٧٨

موسى بن جعفرعليهما‌السلام أنه قال: إن الله تبارك وتعالى كان لم يزل بلا زمان ولا مكان وهو الآن كما كان، لا يخلو منه مكان(١) ولا يشغل به مكان، ولا يحل في مكان، ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا(٢) ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه، احتجب بغير حجاب محجوب، واستتر بغير ستر مستور، لا إله إلا هو الكبير المتعال.

١٣ - حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقنديرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود العياشي قال: حدثنا الحسين بن إشكيب، قال: أخبرني هارون بن عقبة الخزاعي، عن أسد بن سعيد النخعي، قال أخبرني عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، قال: قال محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام : يا جابر ما أعظم فرية أهل الشام على الله عزوجل، يزعمون أن الله تبارك وتعالى حيث صعد إلى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس(٣) ولقد وضع عبد من عباد الله قدمه على حجره(٤) فأمرنا الله تبارك وتعالى أن نتخذه مصلى، يا جابر إن الله تبارك وتعالى لا نظير له ولا شبيه، تعالى عن صفة الواصفين، وجل عن أوهام المتوهمين، واحتجب عن أعين الناظرين لا يزول مع الزائلين. ولا يأفل مع الآفلين، ليس كمثله شيء وهو السميع العليم.

١٤ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيرضي‌الله‌عنه ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، قال: رأى سفيان الثوري أبا - الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام وهو غلام يصلي والناس يمرون بين يديه، فقال

__________________

١ - لا بالحواية، بل بإحاطته تعالى به.

٢ - المجادلة: ٧.

٣ - المقدم والتالي كلاهما مزعومهم الباطل.

٤ - هو إبراهيم النبي على نبينا وآله وعليه السلام وضع قدمه على حجرة في مكة حين تفقد عن ابنه إسماعيل لتغسلها زوجته فبقي فيها نقش منها، وهي الآن في المحل المعروف بمقام إبراهيمعليه‌السلام قرب الكعبة، وقصته طويلة تطلب من مظانها.

١٧٩

له، إن الناس يمرون بك وهم في الطواف، فقالعليه‌السلام : الذي أصلي له أقرب إلي من هؤلاء.

١٥ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان، وعلي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قالا: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثني محمد بن عبيد الله، قال: حدثنا علي بن الحكم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الأسود، عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: كان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صديقان يهوديان، قد آمنا بموسى رسول الله، وأتيا محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمعا منه، وقد كانا قرءا التوراة وصحف إبراهيم وموسىعليهما‌السلام ، وعلما علم الكتب الأولى، فلما قبض الله تبارك وتعالى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أقبلا يسألان عن صاحب الأمر بعده، وقالا: إنه لم يمت نبي قط إلا وله خليفة يقوم بالأمر في أمته من بعده قريب القرابة إليه من أهل بيته، عظيم الخطر، جليل الشأن، فقال أحدهما لصاحبه: هل تعرف صاحب الأمر من بعد هذا النبي؟ قال الآخر: لا أعلمه إلا بالصفة التي أجدها في التوراة، وهو الأصلع المصفر، فإنه كان أقرب القوم من رسول الله.

فلما دخلا المدينة وسألا عن الخليفة أرشدا إلى أبي بكر، فلما نظرا إليه قالا: ليس هذا صاحبنا، ثم قالا له: ما قرابتك من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: إني رجل من عشيرته، وهو زوج ابنتي عائشة، قالا: هل غير هذا؟ قال: لا، قالا: ليست هذه بقرابة، قالا: فأخبرنا أين ربك؟ قال: فوق سبع سماوات، قالا: هل غير هذا؟ قال: لا، قالا: دلنا على من هو أعلم منك، فإنك أنت لست بالرجل الذي نجد صفته في التوراة أنه وصي هذا النبي وخليفته، قال: فتغيظ من قولهما وهم بهما، ثم أرشدهما إلى عمر، وذلك أنه عرف من عمر أنهما إن استقبلاه بشيء بطش بهما، فلما أتياه قالا: ما قرابتك من هذا النبي؟ قال: أنا من عشيرته، وهو زوج ابنتي حفصة، قالا: هل غير هذا؟ قال: لا، قالا: ليست هذه بقرابة، وليست هذه الصفة التي نجدها في التوراة، ثم قالا له فأين ربك؟ قال: فوق سبع

١٨٠

سماوات: قالا: هل غير هذا؟ قال: لا، قالا: دلنا على من هو أعلم منك، فأرشدهما إلى علي صلوات الله عليه فلما جاءاه فنظرا إليه قال أحدهما لصاحبه: إنه الرجل الذي نجد صفته في التوراة أنه وصي هذا النبي وخليفته وزوج ابنته وأبو السبطين والقائم بالحق من بعده، ثم قالا لعليعليه‌السلام : أيها الرجل ما قرابتك من رسول الله؟ قال: هو أخي، وأنا وارثه ووصيه وأول من آمن به، وأنا زوج ابنته فاطمة، قالا له: هذه القرابة الفاخرة والمنزلة القريبة، وهذه الصفة التي نجدها في التوراة.

ثم قالا له: فأين ربك عزوجل؟ قال لهما علي عليه الصلاة والسلام: إن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبيكما موسىعليه‌السلام ، وإن شئتما أنبأتكما بالذي كان على عهد نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قالا: أنبئنا بالذي كان على عهد نبينا موسىعليه‌السلام ، قال عليعليه‌السلام : أقبل أربعة أملاك: ملك من المشرق، وملك من المغرب، وملك من السماء، وملك من الأرض، فقال صاحب المشرق لصاحب المغرب: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي، وقال: صاحب المغرب لصاحب المشرق: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي، وقال النازل من السماء للخارج من الأرض: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي، وقال الخارج من الأرض للنازل من السماء: من أين أقبلت؟ قال: أقبلت من عند ربي، فهذا ما كان على عهد نبيكما موسىعليه‌السلام ، وأما ما كان على عهد نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذلك قوله في محكم كتابه:( ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا - الآية(١) ) قال اليهوديان: فما منع صاحبيك أن يكونا جعلاك في موضعك الذي أنت أهله؟! فوالذي أنزل التوراة على موسى إنك لأنت الخليفة حقا، نجد صفتك في كتبنا ونقرؤه في كنائسنا، وإنك لأحق بهذا الأمر وأولى به ممن قد غلبك عليه، فقال عليعليه‌السلام : قدما وأخرا(٢) وحسابهما

__________________

١ - المجادلة: ٧.

٢ - الظاهر أنهما على صيغة المعلوم، أي قدما أنفسهما في هذا الأمر ولم يكن من شأنهما وأخراني عنه وهو من شأني، ويحتمل كونهما على صيغة المجهول، أي قدما في هذا الأمر الذي ليس من شأنهما وأخرا عن فوائد الإسلام والإيمان في الآخرة وحرما عنها.

١٨١

على الله عزوجل، يوقفان ويسألان.

١٦ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي أبو الحسين، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد النسوي، قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن محمد بن عبد الله الصغدي بمرو، قال: حدثنا محمد بن يعقوب بن الحكم العسكري وأخوه معاذ بن يعقوب قالا: حدثنا محمد بن سنان الحنظلي، قال: حدثنا عبد الله بن عاصم، قال: حدثنا عبد الرحمن بن قيس، عن أبي هاشم الرماني، عن زاذان، عن سلمان الفارسيرحمه‌الله في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مائة من النصارى بعد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها، ثم أرشد إلى أمير - المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فسأله عنها فأجابه، فكان فيما سأله أن قال له: أخبرني عن وجه الرب تبارك وتعالى، فدعا علي،عليه‌السلام بنار وحطب فأضرمه، فلما اشتعلت قال عليعليه‌السلام : أين وجه هذه النار؟! قال النصراني: هي وجه من جميع حدودها: قال عليعليه‌السلام : هذه النار مدبرة مصنوعة لا يعرف وجهها، وخالقها لا يشبهها، ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله، لا يخفى على ربنا خافية. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧ - حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا علي بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء ( كذا )، عن علي ابن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن موسى بن عمران لما ناجى ربه قال: يا رب أبعيد أنت مني فأناديك أم قريب فأناجيك؟(١) فأوحى الله جل جلاله إليه: أنا جليس من ذكرني، فقال موسى: يا رب إني أكون في حال أجلك أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى اذكرني على كل حال.

__________________

١ - هذا بعيد عن النبي المرسل إلا أن يأول.

١٨٢

١٨ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بأبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس، عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالى ينزل إلى السماء الدنيا، فقال: إن الله تبارك وتعالى لا ينزل، ولا يحتاج إلى أن ينزل، إنما منظره في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه قريب، ولم يقرب منه بعيد(١) ولم يحتج بل يحتاج إليه، وهو ذو الطول، لا إله إلا هو العزيز الحكيم أما قول الواصفين: إنه تبارك وتعالى ينزل فإنما يقول ذلك من ينسبه إلى نقص أو زيادة - وكل متحرك محتاج إلى من يحركه أو يتحرك به(٢) فظن بالله الظنون فهلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له على حد تحدوه بنقص أو زيادة أو تحرك أو زوال أو نهوض أو قعود، فإن الله جل عن صفة الواصفين، ونعت الناعتين، وتوهم المتوهمين، وتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.

١٩ - وبهذا الإسناد عن الحسن بن راشد، عن يعقوب بن جعفر، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام أنه قال: لا أقول: إنه قائم فأزيله عن مكانه، ولا أحده بمكان يكون فيه، ولا أحده أن يتحرك في شيء من الأركان والجوارح، ولا أحده بلفظ شق فم، ولكن كما قال تبارك وتعالى:( كن فيكون ) بمشيته من غير تردد في نفس، فرد، صمد لم يحتج إلى شريك يكون له في ملكه، ولا يفتح له أبواب علمه(٣) .

٢٠ - حدثنا محمد بن أحمد السنانيرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله

__________________

١ - لم يبعد ولم يقرب على صيغة المجهول من باب التفعيل، أو التقدير لم يبعد منه قريب من غير ولم يقرب منه بعيد من غيره.

٢ - من يحركه بالقسر أو ما يتحرك به من النفس أو الطبع.

٣ - عطف على ( يكون ) أي ولم يحتج إلى شريك يفتح له أبواب علمه.

١٨٣

الأسدي الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، قال: إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بزمان ولا مكان ولا حركة ولا انتقال ولا سكون، بل هو خالق الزمان والمكان والحركة والسكون، تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً.

٢١ - حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق العزائمي، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي، قال: أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق، قال: حدثني جعفر بن محمد الحسني، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار، قال: حدثنا بشر بن الحسن المرادي، عن عبد القدوس وهو ابن حبيب، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام أنه دخل السوق، فإذا هو برجل موليه ظهره يقول: لا والذي احتجب بالسبع، فضرب عليعليه‌السلام ظهره، ثم قال: من الذي احتجب بالسبع؟ قال: الله يا أمير المؤمنين، قال: أخطأت ثكلتك أمك، إن الله عزوجل ليس بينه وبين خلقه حجاب لأنه معهم أينما كانوا، قال: ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟ قال: أن تعلم أن الله معك حيث كنت، قال: أطعم المساكين؟ قال: لا إنما حلفت بغير ربك.

٢٢ - حدثنا أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن إسحاق الفارسي، قال: حدثني أبو سعيد الرميحي، قال: أخبرنا عبد العزيز بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن عيسى بن هارون الواسطي، قال: حدثنا محمد بن زكريا المكي، قال: أخبرني منيف(١) مولى جعفر بن محمد، قال: حدثني سيدي جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدهعليهم‌السلام قال: كان الحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ، يصلي، فمر بين يديه رجل فنهاه بعض جلسائه، فلما انصرف من صلاته قال له: لم نهيت الرجل؟ قال: يا ابن رسول الله حظر فيما بينك وبين المحراب، فقال: ويحك إن الله عزوجل أقرب إلي من أن يخطر فيما بيني وبينه أحد.

__________________

١ - كذا، ولم أجده وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( سيف ).

١٨٤

٢٩ - باب أسماء الله تعالى والفرق بين معانيها وبين معاني أسماء المخلوقين

١ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويهرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني، عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سمعته يقول: هو اللطيف الخبير السميع البصير، الواحد الأحد الصمد إلي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، منشئ الأشياء ومجسم الأجسام ومصور الصور، لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق، ولا المنشئ من المنشأ، لكنه المنشئ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه وبينه إذ كا محمد بن علي ماجيلويهرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني، عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سمعته يقول: هو اللطيف الخبير السميع البصير، الواحد الأحد الصمد إلي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، منشئ الأشياء ومجسم الأجسام ومصور الصور، لو كان كما يقولون لم يعرف الخالق من المخلوق، ولا المنشئ من المنشأ، لكنه المنشئ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه وبينه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبه هو شيئا، قلت: أجل، جعلني الله فداك، لكنك قلت: الأحد الصمد، وقلت: لا يشبه هو شيئا، والله واحد والإنسان واحد، ليس قد تشابهت الوحدانية؟! قال: يا فتح أحلت ثبتك الله، إنما التشبيه في المعاني، فأما في الأسماء فهي واحدة، وهي دلالة على المسمى، وذلك أن الإنسان وإن قيل واحد فإنما يخبر أنه جثة واحدة وليس باثنين، فالإنسان نفسه ليس بواحد، لأن أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة غير واحدة، وهو أجزاء مجزأة ليس بسواء، دمه غير لحمه ولحمه غير دمه، وعصبه غير عروقه، وشعره غير بشره، وسواده غير بياضه وكذلك سائر الخلق، فالإنسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى، والله جل جلاله هو واحد في المعنى، لا واحد غيره، لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى(١) غير أنه بالاجتماع شيء واحد، قلت: جعلت فداك فرجت عني فرج الله عنك،

__________________

١ - هنا خبر محذوف بقرينة ما قبله هو ( ففيه اختلاف وتفاوت وزيادة ونقصان )، وفي الباب الثاني في الحديث الثامن عشر ( فأما الإنسان المخلوق المصنوع المؤلف فمن أجزاء مختلفة - الخ ) و يح، وكون المؤلف خبرا والجار متعلقا به بعيد، إذ لا وجه لتعريف المسند مع عدم فاء الجواب.

١٨٥

فقولك: ( اللطيف الخبير ) فسره لي كما فسرت الواحد، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل، غير أني أحب أن تشرح ذلك لي، فقال: يا فتح إنما قلنا: اللطيف، للخلق اللطيف، ولعلمه بالشيء اللطيف، أولا ترى وفقك الله وثبتك إلى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف وفي الخلق اللطيف من الحيوان الصغار من البعوض والجرجس وما هو أصغر منهما مما لا يكاد تستبينه العيون، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم، فلما رأينا صغر ذلك في لطفه، واهتدائه للسفاد، والهرب من الموت، والجمع لما يصلحه مما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار، وفهم بعضها عن بعض منطقها، وما يفهم به أولادها عنها، ونقلها الغذاء إليها، ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة، وبياض مع حمرة، وما لا تكاد عيوننا تستبينه بتمام خلقها ولا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا. علمنا أن خالق هذا الخلق لطيف، لطف في خلق ما سميناه بلا علاج ولا أداة ولا آله، وإن صانع كل شيء فمن شيء صنع(١) والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء(٢) .

٢ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، قال: حدثنا علي بن محمد، عن محمد بن عيسى، عن الحسين ابن خالد، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنه قال: إعلم - علمك الله الخير - أن الله تبارك وتعالى قديم، والقدم صفة دلت العاقل على أنه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديموميته، فقد بان لنا بإقرار العامة مع معجزة الصفة لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه(٣) وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شيء وذلك أنه لو كان معه

__________________

١ - قوله: ( وأن صانع - الخ ) يقرء بكسر الهمزة على الاستيناف، أو بفتحها عطفا على أن خالق - الخ.

٢ - هذا بعض الحديث المذكور في الباب الثاني بسند آخر عن الفتح وهناك تعليقات.

٣ - أي فقد بان لنا بإقرار عامة العقلاء أنه لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه لأنه قديم والقدم يستلزم ذلك، أما أنه لا شيء قبله فظاهر، وأما أنه لا شيء معه في بقائه فلان غيره

١٨٦

شئ فبقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه: فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه، ولو كان قبله شيء كان الأول ذلك الشيء لا هذا، وكان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول الثاني(١) .

ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى أن يدعوه بها، فسمى نفسه سميعا بصيرا قادرا قائما ظاهرا باطنا لطيفا خبيرا قويا عزيزا حكيما عليما وما أشبه هذه الأسماء، فلما رأى ذلك من أسمائه الغالون المكذبون وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شيء مثله ولا شيء من الخلق في حاله قالوا: أخبرونا إذ زعمتم أنه لا مثل لله ولا شبه له كيف شاركتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟! فإن في ذلك دليلا على أنكم مثله في حالاته كلها أو في بعضها دون بعض، إذ جمعتكم الأسماء الطيبة، قيل لهم: إن الله تبارك وتعالى ألزم العباد أسماء من أسمائه على اختلاف المعاني(٢) وذلك كما يجمع الاسم الواحد معنيين مختلفين، والدليل على ذلك قول الناس الجائز عندهم الشائع، وهو الذي خاطب الله به الخلق وكلمهم بما يعقلون ليكون عليهم حجة في تضييع ما ضيعوا، وقد يقال للرجل: كلب وحمار وثور وسكرة وعلقمة وأسد، وكل ذلك على خلافه

__________________

حادث لأدلة التوحيد كما يأتي الإشارة إليه في كلامهعليه‌السلام عن قريب، والحادث متأخر عن القديم لا معه، وقوله: ( مع معجزة الصفة ) أي مع أن صفة القدم أعجزت العقلاء عن درك حقيقتها وحقيقة موصوفها، بل هم إنما يحكمون بعقولهم على ما ذكر، وقوله: ( أنه لا شيء الخ ) ينازع فيه ( بان ) بالفاعلية، والإقرار بالمفعولية، وفي نسخة ( و ) و ( ب ) و ( د ) ليس لفظة ( مع ) وعلى هذا فمعجزة الصفة مفعول للاقرار وأنه لا شيء فاعل لبان بلا تنازع، والباء في ( بإقرار العامة ) على كلا الحالين للالصاق.

١ - أي هذا الذي ظهر أنه الأول لا القديم الذي كلامنا فيه أولى بأن يكون خالقا للأول الذي صار ثانيا متأخرا على فرض أن يكون قبله شيء.

٢ - أي ألزم عباده أسماء من أسمائه ليدعوه بها على اختلاف الحقائق التي أطلق تلك الأسماء عليها كما يظهر من الأمثلة وإن كانت من حيث اللفظ والمفهوم واحدة.

١٨٧

وحالاته(١) لم تقع الأسامي على معانيها التي كانت بنيت عليها، لأن الإنسان ليس بأسد ولا كلب، فافهم ذلك رحمك الله.

وإنما نسمي الله بالعلم بغير علم حادث علم به الأشياء، واستعان به على حفظ ما يستقبل من أمره والروية فيما يخلق من خلقه، وبعينه ما مضى مما أفنى من خلقه مما لو لم يحضره ذلك العلم ويعنه كان جاهلا ضعيفا(٢) كما أنا رأينا علماء الخلق أنما سموا بالعلم لعلم حادث إذ كانوا قبله جهلة، وربما فارقهم العلم بالأشياء فصاروا إلى الجهل(٣) وإنما سمي الله عالما لأنه لا يجهل شيئا، فقد جمع الخالق والمخلوق اسم العلم(٤) واختلف المعنى على ما رأيت، وسمى ربنا سميعا لا بجزء فيه يسمع به الصوت ولا يبصر به، كما أن جزءنا الذي نسمع به لا نقوى على النظر به، ولكنه أخبر أنه لا يخفى عليه الأصوات، ليس على حد ما سمينا نحن، فقد جمعنا الاسم بالسميع واختلف المعنى، وهكذا البصر لا بجزء به أبصر، كما أنا نبصر بجزء منا لا ننتفع به في غيره، ولكن الله بصير لا يجهل شخصا منظورا إليه، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وهو قائم ليس على معنى انتصاب وقيام على ساق في

__________________

١ - أي كل مسمى بواحد من هذه الأسماء على خلاف المسمى الأصلي بحسب الحقيقة وبحسب حالاته وأوصافه، وفي البحار باب معاني الأسماء: ( وكل ذلك على خلافه لأنه لم تقع - الخ ).

٢ - قوله: ( والروية ) عطف على حفظ، وقوله: وبعينه أي كيف يكون تعالى عالما بالعلم الحادث الذي يحدث بحدوث المعلوم ويزول بزواله والحال أنه يكون بعينه أي بحضرته العلمية ما مضى - الخ وقوله: ( مما لو لم يحضره ذلك العلم - الخ ) بيان للعلم الحادث بأنه يحضر ويغيب وعند غيبته يصير العالم جاهلا تعالى الله عن ذلك، وقوله، ( ويعنه ) بالجزم عطف على مدخول لم، والنسخ من قوله: ( والرؤية ) إلى هنا مختلفة كثيرا لم نتعرض لها لطول الكلام فيها.

٣ - في الكافي باب معاني الأسماء وفي نسخة ( و ) ( فعادوا إلى الجهل ).

٤ - في الكافي وفي نسخة ( ب ) ( اسم العالم ).

١٨٨

كبد كما قامت الأشياء(١) ولكن أخبر أنه قائم، يخبر أنه حافظ، كقولك: الرجل القائم بأمرنا فلان، وهو قائم على كل نفس بما كسبت، والقائم أيضا في كلام الناس الباقي، والقائم أيضا يخبر عن الكفاية، كقولك للرجل قم بأمر فلان أي اكفه، والقائم منا قائم على ساق، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى، وأما اللطيف فليس على قلة وقضافة وصغر، ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء(٢) والامتناع من أن يدرك، كقولك لطف عني هذا الأمر، ولطف فلان في مذهبه وقوله يخبرك أنه غمض فبهر العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم، فهكذا لطف الله، تبارك وتعالى عن أن يدرك بحد أو يحد بوصف، واللطافة منا الصغر والقلة، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وأما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته شيء، ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء فيفيده التجربة والاعتبار علما لولاهما ما علم، لأن من كان كذلك كان جاهلا، والله لم يزل خبيرا بما يخلق والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم، وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وأما الظاهر فليس من أجل أنه علا الأشياء بركوب فوقها، وقعود عليها، وتسنم لذراها، ولكن ذلك لقهره ولغلبته الأشياء ولقدرته عليها كقوله الرجل: ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي، يخبر عن الفلج والغلبة، فهكذا ظهور الله على الأعداء(٣) .

ووجه آخر أنه الظاهر لمن أراده، لا يخفى عليه شيء(٤) وأنه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهره وأوضح من الله تعالى، وإنك لا تعدم صنعه حيثما توجهت، وفيك من آثاره ما يغنيك، والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده،

__________________

١ - أي في مشقة فإن القيام على الساق شاق على الحيوان بالنسبة إلى القعود الاضطجاع، ويأتي الكبد بمعنى الهواء.

٢ - وهذا المعنى أريد في الآية:( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) .

٣ - في الكافي وفي البحار وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( فهكذا ظهور الله على الأشياء ).

٤ - أي لا يخفى على الله تعالى شيء لظهوره على كل شيء فهو الظاهر على الأشياء لمن أراده.

١٨٩

فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى، وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا، كقول القائل أبطنته، يعني خبرته وعلمت مكتوم سره، والباطن منا بمعنى الغائر في الشيء والمستتر به فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وأما القاهر فإنه ليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر، كما يقهر العباد بعضهم بعضا، فالمقهور منهم يعود قاهرا، والقاهر يعود مقهورا، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملتبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به، لم يخرج منه طرفة عين غير أنه يقول له: كن فيكون، والقاهر منا على ما ذكرته ووصفت، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نسمها كلها، فقد يكتفي للاعتبار بما ألقينا إليك، والله عوننا وعونك في إرشادنا وتوفيقنا.

٣ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إن الله تبارك وتعالى خلق اسما بالحروف وهو عزوجل بالحروف غير منعوت(١) وباللفظ غير منطق، وبالشخص غير مجسد، وبالتشبيه غير موصوف،

__________________

١ - في بعض النسخ ( خلق أسماء ) بصيغة الجمع وهو من خطأ الناسخ لمنافاته مع الذيل حيث قال: ( فجعله كلمة تامة - الخ ) وليس هذه الفقرة ( وهو عزوجل بالحروف ) في الكافي والبحار، وموجودة في نسخ التوحيد التي عندي، وقال المجلسيرحمه‌الله . إنها موجودة في أكثر النسخ، والظاهر أنها من مختلقات بعض الناسخين لتوهمه أن هذه الأوصاف تمتنع على الاسم الملفوظ، وغفل أن الأوصاف المذكورة بعد قوله: فجعله كلمة تامة أيضا تمتنع عليه مع أنها للاسم قطعا، فالمراد بهذا الاسم ليس ما هو اللفظ ولا المفهوم، بل هو حقيقة بإبداع الحق تعالى منشأ لظهور أسمائه وآثار صفاته في الأشياء، ومن أراد الشرح لهذا الحديث فعليه بالبحار وشروح الكافي وتفسير الميزان ذيل الآية المائة والثمانين في سورة الأعراف، وفي الكافي باب حدوث الأسماء وفي نسخة ( ج ) وحاشية نسخة ( ب ) و ( د ) ( بالحروف غير متصوت ).

١٩٠

وباللون غير مصبوغ، منفي عنه الأقطار، مبعد عنه الحدود، محجوب عنه حس كل متوهم، مستتر غير مستور، فجعله كلمة تامة على أربعة أجزاء معا، ليس منها واحد قبل الآخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها(١) وحجب واحدا منها، وهو الاسم المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة التي أظهرت، فالظاهر هو الله تبارك وتعالى، وسخر سبحانه لكل اسم من هذه أربعة أركان(٢) فذلك اثنا عشر ركنا، ثم خلق لكل ركن منها ثلاثين اسما، فعلا منسوبا إليها(٣) فهو الرحمن الرحيم، الملك، القدوس، الخالق البارئ، المصور، الحي القيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، العليم، الخبير، السميع، البصير، الحكيم، العزيز، الجبار، المتكبر، العلي، العظيم، المقتدر، القادر، السلام، المؤمن المهيمن، البارئ(٤) المنشئ، البديع، الرفيع، الجليل، الكريم، الرزاق، المحيي، المميت، الباعث الوارث، فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتى تتم ثلاثمائة وستين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثلاثة، وهذه الأسماء الثلاثة أركان وحجب للاسم الواحد المكنون المخزون بهذه الأسماء الثلاثة، وذلك قوله عزوجل:( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) (٥) .

٤ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيد الله، عن محمد بن عبد الله، وموسى بن عمرو، والحسن بن علي بن أبي عثمان، عن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام هل كان الله عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟(٦)

__________________

١ - في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) و ( و ) ( فأظهر منها ثلاثة أشياء - الخ ).

٢ - في البحار باب المغايرة بين الاسم والمعنى وفي نسخة ( ب ) و ( و ) ( فالظاهر هو الله، وتبارك، وسبحان، لكل اسم من هذه - الخ ).

٣ - أي فتصاعد ذلك الاسم في العدد إلى ثلاثمائة وستين اسما منسوبا إليها نسبة الأصل إلى الفروع كما هي منسوبة إليه نسبة الفروع إلى الأصل على ما ذكر في آخر الحديث.

٤ - كذا.

٥ - الإسراء: ١١٠.

٦ - هذا نظير ما في الحديث الحادي عشر من الباب الحادي عشر، ثم كأن السائل توهم

١٩١

قال: نعم، قلت: يراها ويسمعها، قال: ما كان الله محتاجا إلى ذلك، لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها، هو نفسه ونفسه هو، قدرته نافذة، وليس يحتاج أن يسمي نفسه، ولكن اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها، لأنه إذا لم يدع باسمه لم يعرف فأول ما اختار لنفسه العلي العظيم لأنه أعلى الأشياء كلها، فمعناه الله، واسمه العلي العظيم، هو أول أسمائه لأنه علي، علا كل شيء.

٥ - وبهذا الإسناد، عن محمد بن سنان قال: سألته عن الاسم ما هو؟ قال: صفة لموصوف.

٦ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله، عن محمد بن إسماعيل، عن بعض أصحابه، عن بكر بن صالح، عن علي بن الحسن بن محمد، عن خالد بن يزيد، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اسم الله غير الله، وكل شيء وقع عليه اسم شيء فهو مخلوق ما خلا الله فأما ما عبرته الألسن أو ما عملته الأيدي فهو مخلوق، والله غاية من غاياه، والمغيى غير الغاية، والغاية موصوفة، وكل موصوف مصنوع، وصانع الأشياء غير موصوف بحد مسمى، لم يتكون فتعرف كينونته بصنع غيره، ولم يتناه إلى غاية إلا كانت غيره، لا يذل(١) من فهم هذا الحكم أبدا، وهو التوحيد الخالص، فارعوه وصدقوه وتفهموه بإذن الله، من زعم أنه يعرف الله بحجاب أو بصورة أو بمثال فهو مشرك، لأن الحجاب والمثال والصورة غيره، وإنما هو واحد موحد فكيف يوحد من زعم أنه عرفه بغيره، وإنما عرف الله من عرفه بالله، ومن لم يعرفه به فليس يعرفه، إنما يعرف غيره، ليس بين الخالق والمخلوق شيء، فالله خالق الأشياء لا من شيء كان، والله يسمى بأسمائه وهو غير أسمائه والأسماء غيره(٢) .

__________________

إن الله تعالى نفسا كما للإنسان، فأزالعليه‌السلام وهمه بأنه تعالى ليس كذلك بل هو نفسه ونفسه هو لا تجزئة ولا اختلاف جهات فيه، فلا يراها ولا يسمعها رؤية وسمعا يوجبان صحة السؤال والطلب كما هو شأن الرؤية والسمع بين شيئين.

١ - في الكافي ( لا يزل ).

٢ - مضى هذا الحديث مع زيادة في الباب الحادي عشر بتفاوت في السند.

١٩٢

٧ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثني محمد بن بشر، عن أبي هاشم الجعفري، قال: كنت عند أبي جعفر الثانيعليه‌السلام فسأله رجل فقال: أخبرني عن الرب تبارك وتعالى له أسماء وصفات في كتابه، فأسماؤه وصفاته هي هو؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام إن لهذا الكلام وجهين: إن كنت تقول: هي هو أي إنه ذو عدد وكثرة فتعالى الله عن ذلك، وإن كنت تقول: لم تزل هذه الصفات والأسماء، فإن ( لم تزل ) يحتمل معنيين: فإن قلت: لم تزل عنده في علمه وهو مستحقها فنعم، وإن كنت تقول: لم يزل تصويرها وهجاؤها وتقطيع حروفها فمعاذ الله أن يكون معه شيء غيره، بل كان الله ولا خلق، ثم خلقها وسيلة بينه وبين خلقه يتضرعون بها إليه ويعبدونه، وهي ذكره(١) وكان الله ولا ذكر، والمذكور بالذكر هو الله القديم الذي لم يزل، والأسماء والصفات مخلوقات المعاني، والمعني بها هو الله الذي لا يليق به الاختلاف والائتلاف(٢) وإنما يختلف ويأتلف المتجزئ، فلا يقال: الله مؤتلف، ولا الله كثير ولا قليل، ولكنه القديم في ذاته، لأن ما سوى الواحد متجزئ والله واحد، لا متجزئ، ولا متوهم بالقلة والكثرة، وكل متجزئ ومتوهم بالقلة والكثرة فهو مخلوق دال على خالق له، فقولك: إن الله قدير خبرت أنه لا يعجزه شيء فنفيت بالكلمة العجز، وجعلت العجز سواه، وكذلك قولك: عالم إنما نفيت بالكلمة الجهل، وجعلت الجهل سواه، فإذا أفنى الله الأشياء أفنى الصور والهجاء، ولا ينقطع(٣) ولا يزال من لم يزل عالماً.

__________________

١ - أي هي ما به يذكر تعالى.

٢ - أي مدلولات هذه الأسماء والصفات ومفاهيمها كأنفسها مخلوقات، والذي يقصد بها ويتوجه إليه بها هو الله تعالى الذي لا يليق به - الخ، وفي الكافي باب معاني الأسماء: ( والأسماء والصفات مخلوقات والمعاني، والمعنى بها - الخ.

٣ - في الكافي والبحار: ( والتقطيع ) مكان ( لا ينقطع ) أي تقطيع الحروف كما في صدر الرواية.

١٩٣

قال الرجل: كيف سمي ربنا سميعا؟ قال: لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأسماع، ولم نصفه بالسمع المعقول في الرأس، وكذلك سميناه بصيرا لأنه لا يخفى عليه ما يدرك بالأبصار من لون وشخص وغير ذلك، ولم نصفه بنظر لحظ العين، وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة وأحقر من ذلك، وموضع الشق منها والعقل(١) والشهوة والسفاد والحدب على نسلها، وإفهام بعضها عن بعض، ونقلها الطعام والشراب إلى أولادها في الجبال والمفاوز والأدوية والقفار، فعلمنا أن خالقها لطيف بلا كيف، وإنما الكيفية للمخلوق المكيف، وكذلك سمي ربنا قويا لا بقوة البطش المعروف من المخلوق ولو كان قوته قوة البطش المعروف من الخلق لوقع التشبيه ولا احتمل الزيادة، وما احتمل الزيادة احتمل النقصان، وما كان ناقصا كان غير قديم، وما كان غير قديم كان عاجزا، فربنا تبارك وتعالى لا شبه له، ولا ضد ولا ند ولا كيف ولا نهاية ولا أقطار، محرم على القلوب أن تمثله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الضمائر أن تكيفه، جل عن أداة خلقه وسماته بريته، وتعالى عن ذلك علوا كبيراً.

٨ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب، قال: حدثنا تميم بن بهلول، عن أبيه، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة، وهي: الله، الإله، الواحد، الأحد، الصمد، الأول، الآخر، السميع، البصير، القدير، القاهر، العلي، الأعلى، الباقي، البديع، البارئ، الأكرم، الطاهر، الباطن، الحي، الحكيم، العليم، الحليم، الحفيظ، الحق، الحسيب، الحميد

__________________

١ - في الكافي: ( موضع النشوء منها ). وفي البحار: ( موضع المشي منها ). وليس المراد بالعقل ما في الإنسان بل مطلق الشعور في أمورها للقطع بأن الحيوان فاقد له.

١٩٤

الحفي، الرب، الرحمن، الرحيم، الذارئ، الرزاق، الرقيب، الرؤوف الرائي، السلام، المؤمن، المهين، العزيز، الجبار، المتكبر، السيد، السبوح الشهيد، الصادق، الصانع، الطاهر، العدل، العفو، الغفور، الغني، الغياث، الفاطر، الفرد، الفتاح، الفالق، القديم، الملك، القدوس، القوي، القريب، القيوم، القابض، الباسط، قاضي الحاجات، المجيد، المولى، المنان، المحيط المبين، المقيت، المصور، الكريم، الكبير، الكافي، كاشف الضر، الوتر، النور، الوهاب، الناصر، الواسع، الودود، الهادي، الوفي، الوكيل، الوارث البر، الباعث، التواب، الجليل، الجواد، الخبير، الخالق، خير الناصرين، الديان، الشكور، العظيم، اللطيف، الشافي(١) .

٩ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمدانيرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لله عزوجل تسعة وتسعون اسما، من دعا الله بها استجاب له، ومن أحصاها دخل الجنة.

قال محمد بن علي بن الحسين مؤلف هذا الكتاب: معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إن لله تبارك وتعالى تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة، إحصاؤها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها، وليس، وليس معنى الاحصاء عدها، وبالله التوفيق.

( الله، الإله ) الله والإله هو المستحق للعبادة، ولا يحق العبادة إلا له، وتقول: لم يزل إلها بمعنى أنه يحق له العبادة، ولهذا لما ضل المشركون فقد روى أن العبادة تجب للأصنام سموها آلهة(٢) وأصله الإلاهة وهي العبادة، ويقال: أصله

__________________

١ - المذكور في البحار ونسخ التوحيد ( مائة كاملة ) والظاهر أن الرائي زائد كما أتى في نسخة بدلا عن الرؤوف، أو أن لفظ الجلالة خارج عن العدد أتى بعنوان المسمى الجاري عليه الأسماء.

٢ - في نسخة ( د ) و ( و ) ( فقد رأوا أن العبادة - الخ ).

١٩٥

الإله، يقال: أله الرجل يأله إليه، أي فزع إليه من أمر نزل به، وألهه أي أجاره، ومثاله من الكلام ( الإمام ) فاجتمعت همزتان في كلمه كثر استعمالهم لها(١) واستثقلوها فحذفوا الأصلية، لأنهم وجدوا فيما بقي دلالة عليها، فاجتمعت لأمان أولاهما ساكنة فأدغموها في الأخرى، فصارت لاما مثقلة في قولك: الله.

( الواحد، الأحد ) الأحد معناه أنه واحد في ذاته ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا أعضاء، ولا يجوز عليه الأعداد والاختلاف، لأن اختلاف الأشياء من آيات وحدانيته مما دل به على نفسه، ويقال: لم يزل الله واحدا، ومعنى ثان أنه واحد لا نظير له فلا يشاركه في معنى الوحدانية غيره، لأن كل من كان له نظراء وأشباه لم يكن واحدا في الحقيقة، ويقال: فلان واحد الناس أي لا نظير له فيما يوصف به، والله واحد لا من عدد، لأنه عزوجل لا يعد في الأجناس، ولكنه واحد ليس له نظير.

وقال بعض الحكماء في الواحد والأحد: إنما قيل: الواحد لأنه متوحد والأول لا ثاني معه، ثم ابتدع الخلق كلهم محتاجا بعضهم إلى بعض، والواحد من العدد في الحساب ليس قبله شيء، بل هو قبل كل عدد، والواحد كيف ما أدرته أو جزأته لم يزد عليه شيء ولم ينقص منه شيء، تقول: واحد في واحد واحد، فلم يزد عليه شيء ولم يتغير اللفظ عن الواحد، فدل على أنه لا شيء قبله، وإذا دل على أنه لا شيء قبله دل على أنه محدث الشيء، وإذا كان هو محدث الشيء دل أنه مفني الشيء، وإذا كان هو مفني الشيء دل أنه لا شيء بعده، فإذا لم يكن قبله شيء ولا بعد شيء فهو المتوحد بالأزل، فلذلك قيل: واحد، أحد، وفي الأحد خصوصية ليست في الواحد، تقول ليس في الدار واحد، يجوز أن واحدا من الدواب أو الطير أو الوحش أو الإنس لا يكون في الدار، وكان الواحد بعض الناس وغير الناس، وإذا قلت ليس في الدار أحد فهو مخصوص بالآدميين دون سائرهم، والأحد ممتنع من الدخول في الضرب والعدد والقسمة وفي شيء من الحساب، وهو متفرد بالأحدية، والواحد

__________________

١ - أي فاجتمعت همزتان بعد أن أدخلوا الألف واللام على لفظ إله.

١٩٦

منقاد للعدد والقسمة وغيرهما داخل في الحساب، تقول: واحد واثنان وثلاثة فهذا العدد، والواحد علة العدد وهو خارج من العدد وليس بعدد، وتقول: واحد في اثنين أو ثلاثة فما فوقها فهذا الضرب، وتقول: واحد بين اثنين أو ثلاثة لكل واحد من الاثنين نصف ومن الثلاثة ثلث فهذه القسمة. والأحد ممتنع في هذه كلها لا يقال: أحد واثنان، ولا أحد في أحد، ولا واحد في أحد، ولا يقال: أحد بين اثنين، والأحد والواحد وغيرهما من هذه الألفاظ كلها مشتقة من الوحدة.(١)

( الصمد ) الصمد معناه السيد ومن ذهب إلى هذا المعنى جاز له أن يقول لم يزل صمدا، ويقال للسيد المطاع في قومه الذي لا يقضون أمرا دونه: صمد، وقد قال الشاعر:

علوته بحسام ثم قلت له

خذها حذيف فأنت السيد الصمد

 وللصمد معنى ثان وهو أنه المصمود إليه في الحوائج، يقال: صمدت صمد هذا الأمر أي قصدت قصده، ومن ذهب إلى هذا المعنى لم يجز له أن يقول: لم يزل صمدا، لأنه قد وصفه عزوجل بصفة من صفات فعله، وهو مصيب أيضا، والصمد الذي ليس بجسم ولا جوف له. وقد أخرجت في معنى ( الصمد ) في تفسير قل هو الله أحد في هذا الكتاب معاني أخرى لم أحب إعادتها في هذا الباب.

( الأول والآخر ) الأول والآخر معناهما أنه الأول بغير ابتداء والآخر بغير انتهاء.

( السميع ) السميع معناه أنه إذا وجد المسموع كان له سامعا، ومعنى ثان أنه سميع الدعاء أي مجيب الدعاء، وأما السامع فإنه يتعدى إلى مسموع ويوجب وجوده، ولا يجوز فيه بهذا المعنى لم يزل، والبارئ عز اسمه سميع لذاته.

( البصير ) البصير معناه إذا كانت المبصرات كان لها مبصرا، ولذلك جاز أن يقال: لم يزل بصيرا، ولم يجز أن يقال: لم يزل مبصرا لأنه يتعدى إلى مبصر ويوجب وجوده، والبصارة في اللغة مصدر البصير وبصر بصارة، والله عزوجل بصير

__________________

١ - كانت النسخ ههنا مختلطة مغلوطة فصححناها على الصحة.

١٩٧

لذاته، وليس وصفنا له تبارك وتعالى بأنه سميع بصير وصفا بأنه عالم، بل معناه ما قدمناه من كونه مدركا(١) وهذه الصفة صفة كل حي لا آفة به.

( القدير، القاهر ) القدير والقاهر معناهما أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد الانفاذ فيها، وقد قيل: إن القادر من يصح منه الفعل إذا لم يكن في حكم الممنوع(٢) ، والقهر الغلبة، والقدرة مصدر قولك: قدر قدرة أي ملك، فهو قدير قادر مقتدر، وقدرته على ما لم يوجد واقتداره على إيجاده هو قهره وملكه له: وقد قال: عز ذكره:( مالك يوم الدين ) (٣) ويوم الدين لم يوجد بعد، ويقال: أنه عزوجل قاهر لم يزل، ومعناه أن الأشياء لا تطيق الامتناع منه ومما يريد إنفاذه فيها، ولم يزل مقتدرا عليها ولم تكن موجودة كما يقال: مالك يوم الدين، ويوم الدين لم يوجد بعد.

( العلي الأعلى ) العلي معناه القاهر فالله العلي ذو العلى والعلاء والتعالي أي ذو القدرة والقهر والاقتدار، يقال: علا الملك علوا، ويقال لكل شيء قد علا: علا يعلو علوا وعلي يعلى علاء، والمعلاة مكتسب الشرف وهي من المعالي، وعلو كل شيء أعلاه - برفع العين وخفضها - وفلان من علية الناس وهو اسم، ومعنى الارتفاع والصعود والهبوط عن الله تبارك وتعالى منفي، ومعنى ثان أنه علا تعالى عن الأشباه والأنداد وعما خاضت فيه وساوس الجهال وترامت إليه فكر الضلال، فهو علي متعال عما يقول الظالمون علوا كبيرا، وأما الأعلى فمعناه العلي والقاهر، ويؤيد ذلك قوله عزوجل لموسىعليه‌السلام :( لا تخف إنك أنت الأعلى ) (٤) أي القاهر، وقوله عزوجل في تحريض المؤمنين على القتال:( ولا

__________________

١ - كأنهرحمه‌الله أراد الإشارة إلى كونه تعالى عالما بالجزئيات.

٢ - أي لم يكن الفعل ممتنعا أو لم يكن القادر ممنوعا، وهذا القيد على كلا التقديرين زائد مستدرك لأن منع القادر عن فعله إنما هو في مقام الوقوع لا الصحة والامكان والفعل الممتنع لا يتصف بالصحة والامكان.

٣ - الفاتحة: ٤.

٤ - طه: ٦٨.

١٩٨

تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) (١) وقوله عزوجل( أن فرعون علا في الأرض ) (٢) أي غلبهم واستولى عليهم، وقال الشاعر في هذا المعنى:

فلما علونا واستوينا عليهم

تركناهم صرعى لنسر وكاسر

 ومعنى ثان أنه متعال عن الأشباه والأنداد أي متنزه كما قال:( تعالى عما يشركون ) (٣) .

( الباقي ) الباقي معناه الكائن بغير حدث ولا فناء، والبقاء ضد الفناء، بقي الشيء بقاء، ويقال: ما بقيت منهم باقية ولا وقتهم من الله واقية، والدائم في صفاته هو الباقي أيضا الذي لا يبيد ولا يفنى.

( البديع ) البديع معناه مبدع البدائع ومحدث الأشياء على غير مثال واحتذاء، وهو فعيل بمعنى مفعل كقوله عزوجل:( عذاب أليم ) (٤) والمعنى مؤلم ويقول العرب: ضرب وجيع والمعنى موجع، وقال الشاعر في هذا المعنى:

أمن ريحانه الداعي السميع

يؤرقني وأصحابي هجوع

 فالمعنى الداعي المسمع، والبدع الشيء الذي يكون أولا في كل أمر، ومنه قوله عزوجل،( قل ما كنت بدعا من الرسل ) (٥) أي لست بأول مرسل، والبدعة اسم ما ابتدع من الدين وغيره، وقد قال الشاعر في هذا المعنى:

وكفاك لم تخلقا للندى

ولم يك بخلهما بدعة

فكف عن الخير مقبوضة

كما حط عن مائة سبعة

وأخرى ثلاثة آلافها

وتسع مائيها لها شرعة(٦)

__________________

١ - آل عمران: ١٣٩.

٢ - القصص: ٤.

٣ - يونس: ١٨، والنحل. ١ و ٣، والمؤمنون. ٩٢، والقصص. ٦٨، والروم: ٤٠ والزمر: ٦٧.

٤ - في سبعين موضعا من الكتاب.

٥ - الأحقاف: ٩.

٦ - هذه الأبيات شرحها المجلسيرحمه‌الله في البحار باب عدد أسماء الله تعالى.

١٩٩

ويقال: لقد جئت بأمر بديع أي مبتع عجيب.

( البارئ ) البارئ معناه أنه بارئ البرايا، أي خالق الخلائق، برأهم يبرأهم أي خلقهم يخلقهم، والبرية الخليقة، وأكثر العرب على ترك همزها، وهي فعيلة بمعنى مفعولة، وقال بعضهم: بل هي مأخوذة من بريت العود، ومنهم من يزعم أنه من البرى وهو التراب أي خلقهم من التراب، وقالوا: لذلك لا يهمز.

( الأكرم ) الأكرم معناه الكريم، وقد يجئ أفعل في معنى الفعيل، مثل قوله عزوجل:( وهو أهون عليه ) (١) أي هين عليه، ومثل قوله عزوجل:( لا يصليها إلا الأشقى ) وقوله:( وسيجنبها الأتقى ) (٢) يعني بالأشقى والأتقى الشقي والتقي، وقد قال الشاعر في هذا المعنى:

إن الذي سمك السماء بنى لنا

بيتا دعائمه أعز وأطول

  ( الظاهر ) الظاهر معناه أنه الظاهر بآياته التي أظهرها من شواهد قدرته وآثار حكمته وبينات حجته التي عجز الخلق جميعا عن إبداع أصغرها وإنشاء أيسرها وأحقرها عندهم كما قال الله عزوجل:( إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له ) (٣) فليس شيء من خلقه إلا وهو شاهد له على وحدانيته من جميع جهاته، وأعرض تبارك وتعالى عن وصف ذاته(٤) فهو ظاهر بآياته وشواهد قدرته، محتجب بذاته، ومعنى ثان أنه ظاهر غالب قادر على ما يشاء، ومنه قوله عزوجل:( فأصبحوا ظاهرين ) (٥) أي غالبين لهم.

__________________

١ - الروم: ٢٧.

٢ - الليل: ١٥ و ١٧.

٣ - الحج: ٧٣.

٤ - أي ليس الظاهر وصفا لذاته تعالى، بل هو وصف لفعله، فتأمل في قوله تعالى:( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) .

٥ - الصف: ١٤.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574