التوحيد

التوحيد6%

التوحيد مؤلف:
تصنيف: التوحيد
الصفحات: 574

التوحيد
  • البداية
  • السابق
  • 574 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 88598 / تحميل: 7470
الحجم الحجم الحجم
التوحيد

التوحيد

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

أيكم أحسن عملا ) فإنه عزوجل خلق خلقه ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربة لأنه لم يزل عليما بكل شيء، فقال المأمون: فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك.

٥٠ - باب العرش وصفاته

١ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن، قال: حدثني أبي، عن حنان بن سدير، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن العرش والكرسي، فقال: إن للعرش صفات كثيرة مختلفة، له في كل سبب وضع في القرآن صفة على حدة(١) فقوله: ( رب العرش العظيم ) يقول: الملك العظيم، وقوله:( الرحمن على العرش استوى ) يقول: على الملك احتوى، وهذا ملك الكيفوفية الأشياء(٢) ثم العرش في الوصل متفرد من الكرسي(٣) لأنهما بابان من أكبر أبواب الغيوب، وهما جميعا غيبان، وهما

__________________

١ - ( سبب ) مضاف إلى ( وضع ) بصيغة المصدر، أي للعرش في كل مورد في القرآن اقتضى سبب وضعه وذكره في ذلك المورد صفة على حدة، وفي نسخة ( هـ ) ( له في كل سبب وضع في القرآن وصفة على حدة ) وفي نسخة ( ط ) والبحار ( له في كل سبب وصنع في القرآن صفة على حدة ). وبعض الأفاضل قرأ الجملة ( في كل سبب وضع ) على صيغة المجهول.

٢ - الكيفوفية بمعنى الكيفية مأخوذة من الكيف، وهو سؤال عن حال الشيء يقال: كيف أصبحت أي على أي حال أصبحت، فملك الكيفوفية ملك الأحوال الواقعة في الأشياء والأمور الحاصلة فيها بعد إيجادها، فإنه تعالى مالك الايجاد ومالك ما يقع في الموجودات بعد الايجاد ( ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين ).

٣ - أي ثم العرش في حال كونه متصلا بالكرسي مرتبطا به متفرد منه متميز عنه، أو المعنى: ثم العرش متفرد من الكرسي ومتميز عنه في وصله بالأمور الواقعة في الكون فإنه متصل بها مؤثر فيها بلا واسطة، وأما العرش فمقدم على الكرسي ومؤثر فيها بواسطته،

٣٢١

في الغيب مقرونان لأن الكرسي هو الباب الظاهر(١) من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الأشياء كلها، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والأين والمشية وصفة الإرادة، وعلم الألفاظ والحركات والترك، وعلم العود والبدء(٢) فهما في العلم بابان مقرونان لأن ملك العرش سوى ملك الكرسي وعلمه أغيب من علم الكرسي، فمن ذلك قال: ( رب العرش العظيم ) أي صفته أعظم من صفة الكرسي وهما في ذلك مقرونان، قلت: جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي؟ قال: إنه صار جاره لأن علم الكيفوفية فيه، وفيه الظاهر من أبواب البداء وأينيتها(٣) وحد رتقها وفتقها،

__________________

وحاصل كلامهعليه‌السلام أن العرش والكرسي موجودان من الموجودات الملكوتية غائبان عن إدراكنا، في كل منهما علم الأشياء ومن كل منهما تدبيرها من حيث سلسلة عللها وخصوصياتها، إلا أن العرش مقدم في ذلك على الكرسي، ومن العرش يجري إلى الكرسي ما يجري في الأشياء، كما أن عرش السلطان يجري منه تدبير الأمور إلى الأمير صاحب الكرسي ثم منه إلى المقامات العاملة المباشرة لأمور المملكة.

١ - في نسخة ( ب ) ( لأن الكرسي هو التأويل الظاهر - الخ ) وفي نسخة ( ج ) ( إلا أن الكرسي - الخ ).

٢ - في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( د ) ( وعلم العود والبداء ).

٣ - من الأين أي أمكنه أبواب البداء ومواضعها، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( أنيتها ) أي ثبوتها، وفي نسخة ( و ) و ( ن ) ( أبنيتها ) جمع البناء وهذا يرجع إلى المعنى الأول، وبيانه أن الكرسي صار جار العرش وقرينا له لأن علم الكيفوفية فيه كما هو في العرش أيضا، ولكنه يمتاز عن العرش بأن فيه البداء دونه، وإنما هو مكان البداء وفيه يرتق ويفتق لأن في العرش علم كل شيء مع إرساله وتعليقه، وأما الكرسي فيصل إليه علم كل شيء من العرش بالارسال سواء كان مرسلا في الواقع أو معلقا، والبداء يأتي بيانه في بابه إن شاء الله تعالى، وفي نسخة ( هـ ) ( وفيه الظاهر من أبواب البدء ) وفي نسخة ( ب ) ( وفيه الظاهر من علم أبواب البداء ).

٣٢٢

فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الصرف(١) وبمثل صرف العلماء(٢) ويستدلوا على صدق دعواهما(٣) لأنه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز.

فمن اختلاف صفات العرش(٤) أنه قال تبارك وتعالى:( رب العرش عما يصفون ) (٥) وهو وصف عرش الوحدانية لأن قوما أشركوا كما قلت لك(٦) قال تبارك وتعالى:( رب العرش ) رب الوحدانية عما يصفون، وقوما وصفوه بيدين فقالوا: ( يد الله مغلولة ) وقوما وصفوه بالرجلين فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء(٧) وقوما وصفوه بالأنامل فقالوا: إن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي، فلمثل هذه الصفات قال: ( رب

__________________

١ - أي تعبير الحمل باعتبار صرف الكلام من غير المحسوس إلى المحسوس وبيان غير المحسوس بالمحسوس، فإنهما جاران إلا أن الكرسي قائم بالعرش كما أن المحمول من الأجسام قائم بالحامل، وفي نسخة ( ب ) و ( و ) و ( ج ) وحاشية نسخة ( ط ) والبحار ( في الظرف ) أي في الوعاء أي حمل صاحبه في وعاء علمه وسعة تأثيره.

٢ - ( مثل ) بفتحتين مفرد أو بضمتين جمع المثال، و ( صرف ) فعل ماض من التصريف وفاعله العلماء، أي بالأمثال يصرف العلماء في الكلام حتى يقرب من الذهن ما غاب عن الحس، ويستدلون بها على صدق دعواهم.

٣ - هكذا في النسخ بصيغة المثنى، ويمكن أن يكون من خطأ النساخ، ويحتمل إضافة ( دعوى ) إلى العرش والكرسي بالحذف والإيصال أي دعواهم فيهما، وكذا لا وجه لحذف النون من قوله: ويستدلوا، ولكن في حاشية نسخة ( ط ) والبحار ( ليستدلوا ) وعلى هذا فتقدير الكلام: وذكرت هذا البيان في العرش والكرسي ليستدل العلماء على صدق دعواهم فيهما به.

٤ - أي فمن صفاته المختلفة المشار إليها في صدر الحديث.

٥ - الأنبياء: ٢٢، الزخرف: ٨٢.

٦ - في نسخة ( و ) ( وهو عرش وصف الوحدانية لا قوام أشركوا - الخ )، ولفظ ( قوم ) في المواضع الثلاثة بعد غير مكتوب بالألف فهو مجرور أو مرفوع.

٧ - مضى ذكر هذه الفرية في الحديث الثالث عشر من الباب الثامن والعشرين.

٣٢٣

العرش عما يصفون ) يقول رب المثل الأعلى عما به مثلوه(١) ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شيء ولا يوصف ولا يتوهم، فذلك المثل الأعلى، ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به(٢) فلذلك قال: ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) فليس له شبه ولا مثل ولا عدل، وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره، وهي التي وصفها في الكتاب فقال:( فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) (٣) جهلا بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنه يحسن، فلذلك قال:( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) (٤) فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها، يا حنان إن الله تبارك وتعالى أمر أن يتخذ قوم أولياء، فهم الذين أعطاهم الله الفضل وخصهم بما لم يخص به غيرهم، فأرسل محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله فكان الدليل على الله بأذن الله عزوجل حتى مضى دليلا هاديا فقام من بعده وصيهعليه‌السلام دليلا هاديا على ما كان هو دل عليه من أمر ربه من ظاهر علمه، ثم الأئمة الراشدونعليهم‌السلام .

٥١ - باب أن العرش خلق أرباعا(٥)

١ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن

__________________

١ - كلمة ( عن ) في كلامهعليه‌السلام متعلقة بسبحان في الآية، أو بالأعلى في كلامه.

٢ - ( ما ) هذه مصدرية، أي وشبهوه بالمتشابه منهم في حال جهلهم به.

٣ - الأعراف: ١٨٠.

٤ - يوسف: ١٠٦.

٥ - إعلم أن العرش في اللغة يأتي بمعنى سرير السلطنة، ومنه قوله تعالى:( أيكم يأتيني بعرشها ) وبمعنى السقف وأعالي البناء، ومنه قوله تعالى:( وهي خاوية على عروشها ) ويأتي مصدرا بمعان، ويستعمل مجازا واستعارة لمعان، كل ذلك مذكور في مظانه، وأما تفسيراته في العلوم فعند أهل الحكمة والهيئة يطلق على الفلك التاسع فكونه أرباعا على هذا إنما هو لفرض دائرتين متقاطعتين على ما فصل في كتب الهيئة، أو لكونه مركبا من

٣٢٤

الحسن الصفار، عن علي بن إسماعيل، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر، عن علي بن الحسينعليهم‌السلام قال: إن الله عزوجل خلق العرش أرباعا، لم يخلق قبله إلا ثلاثة أشياء: الهواء والقلم و

__________________

العقل والنفس والمادة والصورة على ما ذكر في بعض الكتب، وفسر في بعض الأخبار كالحديث الأول من الباب التاسع والأربعين بعلمه تعالى، لا علمه الذاتي الذي هو عين ذاته، بل العلم الذي أعطى أول من خلق وحمل عليه، وعلى هذا فكونه أرباعا باعتبار أصول العلم كله وأركانه التي هي أربع كلمات من كلمات التوحيد، كما أشير إلى هذا في حديث رواه العلامة المجلسيرحمه‌الله في الرابع عشر من البحار عن الفقيه والعلل والمجالس عن الصادقعليه‌السلام ( أنه سئل لم سمي الكعبة كعبة؟ قال لأنها مربعة، فقيل له: لم صارت مربعة؟ قال لأنها بحذاء البيت المعمور وهو مربع، فقيل له: ولم صار البيت المعمور مربعا؟ قال: لأنه بحذاء العرش وهو مربع، فقيل له: ولم صار العرش مربعا؟ قال: لأن الكلمات التي بني عليها الإسلام أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وحقيقة هذا العلم نور ينور به ما دون العرش من الموجودات كما أشير في حديث الباب وفيما رواه الكلينيرحمه‌الله في باب العرش والكرسي من الكافي في حديث الجاثليق عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( إن العرش خلقه الله من أنوار أربعة: نور أحمر منه احمرت الحمرة ونور أخضر منه اخضرت الخضرة ونور أصفر منه اصفرت الصفرة ونور أبيض البياض، وهو العلم الذي حمله الله الحملة، وذلك نور من عظمته، فبعظمته ونوره أبصر قلوب المؤمنين، وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون، وبعظمته ونوره ابتغى من في السماوات والأرض من جميع خلائقه إليه الوسيلة بالأعمال المختلفة والأديان المشتبهة، فكل محمول، يحمله بنوره وعظمته وقدرته، لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، فكل شيء محمول، والله تبارك وتعالى الممسك لهما أن تزولا والمحيط بهما من شيء، وهو حياة كل شيء ونور كل شيء، ( سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبير ).

وأما العرش بمعنى الملك وجميع الخلق والقدرة والدين وبعض الصفات كعرش الوحدانية على ما ورد كل ذلك في الأخبار فتصور تربعه بعيد، والعلم عند الله وعند صفوته.

٣٢٥

النور، ثم خلقه من أنوار مختلفة: فمن ذلك النور نور أخضر اخضرت منه الخضرة ونور أصفر اصفرت منه الصفرة، ونور أحمر احمرت منه الحمرة، ونور أبيض وهو نور الأنوار ومنه ضوء النهار(١) ثم جعله سبعين ألف طبق، غلظ كل طبق كأول العرش إلى أسفل السافلين(٢) ليس من ذلك طبق إلا يسبح بحمد ربه ويقدسه بأصوات مختلفة وألسنة غير مشتبهة، ولو أذن للسان منها فأسمع شيئا مما تحته لهدم الجبال والمدائن والحصون ولخسف البحار ولأهلك ما دونه، له ثمانية أركان على كل ركن منها من الملائكة ما لا يحصي عددهم إلا الله عزوجل، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، ولو حس شيء مما فوقه ما قام لذلك طرفة عين(٣) بينه وبين الاحساس الجبروت والكبرياء والعظمة والقدس والرحمة ثم العلم(٤) وليس وراء هذا مقال(٥) .

__________________

١ - قيل في تلون هذه الأنوار بهذه الألوان: وجوه مر أحدها في ذيل الحديث الثالث عشر في الباب الثامن.

٢ - بالجعل المركب فهو أصل لهذه الأطباق فتدبر.

٣ - أي لو حس شيء من تلك الأطباق شيئا مما فوقه - الخ، كما لو أذن للسان من السنة تلك الأطباق فاسمع شيئا مما تحته لهدم - الخ، ونقل المجلسيرحمه‌الله هذا الحديث في الرابع عشر من البحار عن تفسير القمي والكشي وكتاب الاختصاص والتوحيد، وقال: لو أحس شيء مما فوقه لعل قوله مما فوقه مفعول أحس أي شيئا مما فوقه، وفي الاختصاص ( ولو أحس شيئا مما فوقه ) أي حاس أو كل من الملائكة الحاملين، وفي بعض النسخ ( ولو أحس حس شيء منها )، وفي بعضها ( ولو أحس حس شيئا )، وهو أظهر، انتهى.

٤ - ( بين ) مع معادله خبر مقدم والجبروت مبتدء مؤخر، والضمير المجرور يرجع إلى ما يرجع إليه ضمير حس، وفي نسخة ( ج ) و ( و ) و ( هـ ) ( والعلم ).

٥ - أي لا يوصف ما فوق هذه الأمور بالقول، وفي نسخة ( ب ) و ( د ) ( وليس بعد هذا مقال ).

٣٢٦

٥٢ - باب معنى قول الله عزوجل:( وسع كرسيه السماوات والأرض ) (١)

١ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( وسع كرسيه السماوات والأرض ) قال: علمه.

٢ - حدثنا أبيرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل:( وسع كرسيه السماوات والأرض ) فقال: السماوات والأرض وما بينهما في الكرسي، والعرش هو العلم الذي لا يقدر أحد قدره.

٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن ربعي عن فضيل بن يسار، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( وسع كرسيه السماوات والأرض ) فقال: يا فضيل السماوات والأرض وكل شيء في الكرسي.

٤ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطاررحمه‌الله ، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( وسع كرسيه السماوات والأرض ) السماوات والأرض وسعن الكرسي، أم الكرسي وسع السماوات والأرض؟ فقال: بل الكرسي وسع السماوات والأرض والعرش(٢) وكل شيء في الكرسي.

__________________

١ - البقرة: ٢٥٥.

٢ - العرش إما بالنصب عطف على السماوات أو بالرفع معطوف عليه كل شيء، وعلى كلا التقديرين يدل الكلام على أن الكرسي أعظم من العرش، وفي كثير من الأخبار التي ذكر بعضها في هذا الكتاب ( أن العرش أعظم من الكرسي ) ويمكن الجمع بإرادة معنى للعرش في هذا الحديث وإرادة معنى آخر في تلك الأخبار، وقيل: العرش معطوف على الكرسي أي والعرش أيضا كالكرسي وسع السماوات والأرض.

٣٢٧

٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال: حدثنا الحسين ابن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( وسع كرسيه السماوات والأرض ) السماوات والأرض وسعن الكرسي، أم الكرسي وسع السماوات والأرض؟ فقال: إن كل شيء في الكرسي(١) .

٥٣ - باب فطرة الله عزوجل الخلق على التوحيد

١ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن العلاء بن فضيل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله عزوجل:( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) (٢) قال: التوحيد.

٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم،

__________________

١ - قال العلامة المجلسيرحمه‌الله في الرابع عشر من البحار: لعل سؤال زرارة لاستعلام أن في قرآن أهل البيت كرسيه مرفوع أو منصوب وإلا فعلى تقدير العلم بالرفع لا يحسن هذا السؤال لا سيما من مثل زرارة، ويروى عن الشيخ البهائيرحمه‌الله أنه قال: سألت عن ذلك والدي فأجابرحمه‌الله بأن بناء السؤال على قراءة ( وسع ) بضم الواو وسكون السين مصدرا مضافا وعلى هذا يتجه السؤال، وإني تصفحت كتب التجويد فما ظفرت على هذه القراءة إلا هذه الأيام رأيت كتابا في هذا العلم مكتوبا بالخط الكوفي وكانت هذه القراءة فيه وكانت النسخة بخط مصنفه، إنتهى، أقول: على هذه القراءة ( فوسع كرسيه ) مبتدء والسماوات والأرض خبره، أي سعة كرسيه وظرفية تأثيره السماوات والأرض، لا أن يكون أحدهما فاعل وسع والآخر مفعوله حتى يحتاج إلى تقدير الخبر، فعدم اتجاه السؤال باق على هذا التقدير، فتأمل.

٢ - الروم: ٣٠.

٣٢٨

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت: ( فطرة الله التي فطر الناس عليها )؟ قال: التوحيد.

٣ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل:( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ما تلك الفطرة؟ قال: هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد فقال:( ألست بربكم ) وفيه المؤمن والكافر(١) .

٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، ويعقوب بن يزيد، عن ابن فضال، عن بكير عن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله عزوجل:( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال: فطرهم على التوحيد.

٥ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال: فطرهم على التوحيد.

٦ - أبيرحمه‌الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد وعبد الله ابني محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال: فطرهم جميعا على التوحيد.

٧ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن علي بن حسان الواسطي، عن الحسن بن يونس، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل:( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) قال: التوحيد ومحمد رسول الله وعلي

__________________

١ - الضمير يرجع إلى الميثاق، وفي البحار: ( وفيهم المؤمن والكافر ) أي بحسب علمه تعالى أن بعضهم يؤمن في دار التكليف وبعضهم يكفر، لا أنهم في الميثاق كانوا كذلك بالفعل لأن الآية والأخبار تدل على أن كلهم أقروا هناك بالتوحيد وشرائطه بفطرتهم.

٣٢٩

أمير المؤمنين(١) .

٨ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن ابن مسكان، عن زرارة قال: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : أصلحك الله، قول الله عزوجل في كتابه:( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) ؟ قال: فطرهم على التوحيد عند الميثاق على معرفته أنه ربهم، قلت: وخاطبوه؟ قال: فطأطأ رأسه، ثم قال: لولا ذلك لم يعلموا من ربهم ولا من رازقهم(٢) .

٩ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد جميعا، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل:( حنفاء لله غير مشركين به ) (٣) وعن الحنيفية، فقال: هي الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله، وقال: فطرهم الله على المعرفة، قال زرارة: وسألته عن قول الله عزوجل:( وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم - الآية) قال: أخرج من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر، فعرفهم وأراهم صنعه، ولولا ذلك لم يعرف أحد

__________________

١ - الاقرار بالرسالة والولاية من شروط التوحيد للحديث الثالث والعشرين من الباب الأول ولأن الفطرة تطلب أن تدور الاعتقادات والحركات على مدار التوحيد وذلك لا يتم إلا بهما، وفي نسخة ( ط ) ( وعلى ولي الله أمير المؤمنين ).

٢ - إشارة إلى أن الفطرة أصل العلم فالاستدلال لا ينفع ما لم تكن الفطرة باقية بحالها فالكافر إنما يكفر لكدورة فطرته بتقليد الآباء والتعصب لما عند جمعه من الرسوم والعقائد والعادات والاشتغال بالماديات والتغافل ثم الغفلة عن فحص الحق وطريقه، ولهذا ورد في الحديث ( كل مولود يولد على الفطرة وإنما أبواه يهودانه وينصرانه ) ومع ذلك أصل الفطرة باقية لا تزول لأنها عجين الذات، وتظهر نوريته بعض الأحيان على القلب وتدعو إلى الحق ببعض التنبيهات الفطرية، ( إن لله في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها ) ولذلك لا يقبل عذرهم بأن آباءهم كانوا كافرين أو أنهم كانوا غافلين، قال تعالى:( وإذ أخذ ربك - إلى قوله -المبطلون ) .

٣ - الحج: ٣١.

٣٣٠

ربه، وقال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل مولود يولد على الفطرة. يعني على المعرفة بأن الله عزوجل خالقه، فذلك قوله:( ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله ) (١) .

١٠ - حدثنا أبو أحمد القاسم بن محمد بن أحمد السراج الهمداني، قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن إبراهيم السرنديبي، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن هارون الرشيد بحلب، قال: حدثنا محمد بن آدم بن أبي إياس(٢) قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإن بكاءهم أربعة أشهر شهادة أن لا إله إلا الله، وأربعة أشهر الصلاة على النبي وآله، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه.(٣)

٥٤ - باب البداء(٤)

١ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى،

__________________

١ - لقمان: ٢٥، والزمر: ٣٨.

٢ - في نسخة ( و ) وحاشية نسخة ( هـ ) محمد بن آدم بن أبي اتاس، وفي نسخة ( د ) و ( ب ) ( محمد بن أكرم بن أبي أياس ).

٣ - الحديث الرابع من الباب الرابع المتحد مع الحديث السابع من الباب العاشر يناسب هذا الباب ويبينه بعض البيان.

٤ - البداء في أصل اللغة بمعنى الظهور، وقد اكتسب في الاستعمال اختصاصا في ظهور رأى جديد في أمر، ولذلك لم يذكر في اللفظ فاعل الفعل، يقال: بدا لي في كذا أي بدا لي فيه رأي جديد خلاف ما كان من قبل، ولازم ذلك عدم الاستمرار على ما كان عليه سابقا من فعل أو تكليف للغير أو قصد لشيء، ولا يستلزم هذا الظهور وعدم الاستمرار الجهل بشيء أو الندامة عما كان عليه أولا، بل هو أعم لأن ظهور الرأي الجديد قد يكون عن العلم الحادث بعد الجهل بخصوصيات ما كان عليه أو ما انتقل إليه وقد يكون لتغير المصالح والمفاسد والشروط والقيود والموانع فيهما، نعم إن الغالب فينا هو الأول فيتبادر عند الاستعمال الجهل والندامة،

٣٣١

عن الحجال، عن أبي إسحاق ثعلبة، عن زرارة، عن أحدهما يعني أبا جعفر وأبا عبد اللهعليهما‌السلام قال: ما عبد الله عزوجل بشيء مثل البداء.

__________________

وإما بحسب مفهوم اللفظ فلا، فإسناد البداء إلى الله تعالى صحيح من دون احتياج إلى التوجيه، ومعناه في حقه تعالى عدم الاستمرار والابقاء لشيء في التكوين أو التشريع بإثبات ما لم يكن ومحو ما كان، ولا ريب أن محو شيء أو إثباته يدور مدار علته التامة ومباديه في الملكوت بأن يثبت بعض أسبابه وشرائطه أو يمحي أو يثبت بعض موانعه أو يمحي، وذلك إلى مشيته وإرادته التابعة لعلمه فإنه تعالى كل يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن ويمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب، ولكل أجل كتاب، وهذا مما لا ارتياب فيه ولا إشكال، ومن استشكل فيه من الإسلاميين أو غيرهم فإنما هو لسوء الفهم وفقد الدرك.

وإنما الكلام فيما أخبر الله تعالى أو أحد الأنبياء والأوصياء عن وقوعه محدودا بحدود وموقوتا بأوقات ولم يقع بعد كذلك ثم أخبر عنه مخالفا لما حد ووقت أو يظهر مخالفا له من دون إخبار كمواعدة موسى على نبينا وآله وعليه السلام وذبح إسماعيل على نبينا وآله وعليه السلام وقوله تعالى:( فتول عنهم فما أنت بملوم ) . وإخبار عيسى على نبينا وآله وعليه السلام بموت عروس ليلة عرسها ولم تمت وإخبار نبي من أنبياء بني إسرائيل بموت ملك ولم يمت وغير ذلك مما هو مذكور في مواضعه.

وأحق ما قيل في الجواب ما ذكر في كلمات أئمتنا صلوات الله عليهم أن من الأمور أمورا موقوفة عند الله تعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء وعلم ذلك كله عنده تعالى ويقع علم تلك الأمور عند مدبرات الأمور من الملائكة وغيرهم فيخبرون عنها مع جهلهم بالتوقف أو سكوتهم عنه مع العلم كما سكت عنه الله تعالى كما هو الشأن في أئمتنا صلوات الله عليهم بعقيدتي لأن علمهم فوق البداء لأنهم معادن علمه وإن كان ظاهر بعض الأخبار على خلاف ذلك، فيقال عند ذلك: بد الله تعالى في ذلك الأمر لأن الله تعالى غير الأمر عما أخبر به أولا بالارسال، وإن شئت فقل إنه تعالى أو غيره أخبر عن الأمر بحسب علته الناقصة مع العلم بعلته التامة ووقوعها أو عدم وقوعها.

ثم إن اختصاص العلم الكامل بالأمور بنفسه وبصفوة خلقه ووقوع العلم الناقص عند العاملين في ملكوته وبعض خلقة من لوازم كبريائه وسلطانه كما هو الشأن عند

٣٣٢

٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ما عظم الله عزوجل بمثل البداء.

٣ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويهرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ما بعث الله عزوجل نبيا حتى يأخذ عليه ثلاث خصال: الاقرار بالعبودية، وخلع الأنداد، وأن الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء.

٤ - وبهذا الإسناد، عن هشام بن سالم وحفص بن البختري وغيرهما، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذه الآية( يمحوا الله ما يشاء ويثبت ) (١) قال: فقال: وهل يمحو الله إلا ما كان وهل يثبت إلا ما لم يكن؟!.

٥ - حدثنا حمزة بن محمد العلويرحمه‌الله قال: أخبرنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن مرازم بن حكيم، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ما تنبأ نبي قط حتى يقر لله عزوجل بخمس: بالبداء والمشية والسجود والعبودية والطاعة.

٦ - حدثنا حمزة بن محمد العلويرحمه‌الله ، عن علي بن إبراهيم بن هاشم،

__________________

السلطان مع عمال حكومته، ولذلك ما عبد الله وما عظم بمثل البداء لأن المعتقد بالبداء معتقد كمال كبريائه وعظمته، وإلى هذا أشار الإمامعليه‌السلام على ما روي في تفسير القمي في قوله تعالى:( وقالت اليهود يد الله - الخ) قال: قالوا: قد فرغ الله من الأمر لا يحدث الله غير ما قدره في التقدير الأول فرد الله عليهم فقال: ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) أي يقدم ويؤخر ويزيد وينقص وله البداء والمشيئة، انتهى. نفيعليه‌السلام بيانه هذا اتحاد ما في التقدير مع ما يقع، وإليه أشير أيضا في قولهمعليهم‌السلام : ( إن لله عزوجل علمين علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو من ذلك يكون البداء وعلما علمه ملائكته ورسله ).

١ - الرعد: ٣٩: أي يمحو الله ما يشاء مما ثبت في كتاب التقدير عند عمال الملكوت ويثبت مكانه أمرا آخر ( وعنده أم الكتاب ) التي إليها يرجع أمر الكتاب في المحو والاثبات.

٣٣٣

عن الريان بن الصلت، قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: ما بعث الله نبيا قط إلا بتحريم الخمر، وأن يقر له بالبداء.

٧ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن مالك الجهني قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لو يعلم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه.

٨ - وبهذا الإسناد، عن يونس، عن منصور بن حازم، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يكون اليوم شيء لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟ قال: لا، من قال هذا فأخزاه الله، قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة أليس في علم الله؟! قال: بلى قبل أن يخلق الخلق.

٩ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد بن عامر، عن معلى بن محمد، قال: سئل العالمعليه‌السلام كيف علم الله؟ قال: علم، وشاء، وأراد، وقدر، وقضى، وأبدى(١) فأمضى ما قضى، وقضى ما قدر، وقدر ما أراد، فبعلمه كانت المشية، وبمشيته كانت الإرادة، وبإرادته كان التقدير، وبتقديره كان القضاء، وبفضائه كان الامضاء، فالعلم متقدم المشية(٢) والمشية ثانية، والإرادة ثالثة، والتقدير واقع على القضاء بالامضاء، فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء، فإذا وقع القضاء بالامضاء فلا بداء، فالعلم بالمعلوم قبل كونه، والمشية في المنشأ قبل عينه، والإرادة في المراد قبل قيامه، والتقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عيانا وقياما(٣) ، والقضاء بالامضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام(٤) المدركات بالحواس من ذي لون وريح ووزن وكيل وما دب ودرج من إنس وجن وطير وسباع وغير ذلك

__________________

١ - في الكافي والبحار: ( أمضى ) مكان ( أبدى ) وهو الأصح، وإن كان المآل واحدا.

٢ - في الكافي ( على المشيئة ).

٣ - في الكافي ( عيانا ووقتا ).

٤ - في نسخة ( د ) و ( ن ) ( من المعقولات ذوات الأجسام ).

٣٣٤

مما يدرك بالحواس، فلله تبارك وتعالى فيه البداء مما لا عين له، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء، والله يفعل ما يشاء، وبالعلم علم الأشياء قبل كونها، وبالمشية عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها(١) وبالإرادة ميز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها، وبالتقدير قدر أوقاتها(٢) وعرف أولها وآخرها، وبالقضاء أبان للناس أماكنها ودلهم عليها، وبالإمضاء شرح عللها(٣) وأبان أمرها، وذلك التقدير العزيز العليم.

قال محمد بن علي مؤلف هذا الكتاب أعانه الله على طاعته: ليس البداء كما يظنه جهال الناس بأنه بداء ندامة تعالى الله عن ذلك، ولكن يجب علينا أن نقر لله عزوجل بأن له البداء، معناه أن له أن يبدأ(٤) بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء(٥) ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره، أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه، وذلك مثل نسخ الشرايع وتحويل القبلة وعدة المتوفى عنها زوجها، ولا يأمر الله عباده بأمر في وقت ما إلا وهو يعلم أن الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك، ويعلم أن في وقت آخر الصلاح لهم في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به، فإذا كان ذلك الوقت أمرهم بما يصلحهم، فمن أقر لله عزوجل بأن له أن يفعل ما يشاء ويعدم ما يشاء ويخلق مكانه ما يشاء، ويقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء، ويأمر بما شاء كيف شاء فقد أقر بالبداء، وما عظم الله عزوجل بشيء أفضل من الاقرار بأن له الخلق والأمر، والتقديم، والتأخير، وإثبات ما لم يكن ومحو ما قد كان، والبداء هو رد على اليهود لأنهم قالوا: إن الله قد فرغ من الأمر فقلنا:

__________________

١ - قوله: ( أنشأها ) على بناء الماضي عطف على عرف، وفي أكثر النسخ على بناء المصدر فمع ما بعده مبتدء وخبر.

٢ - في نسخة ( ب ) و ( ج ) و ( و ) و ( هـ ) ( قدر أقواتها ).

٣ - في نسخة ( و ) ( شرع عللها ).

٤ - لا يتوهم من هذا أنه أخذ البداء مهموزا فليتأمل في ذيل كلامه.

٥ - في نسخة ( ب ) و ( د ) ( أن يبدأ بشيء فيجعله قبل شيء ).

٣٣٥

إن الله كل يوم في شأن، يحيى ويميت ويرزق ويفعل ما يشاء، والبداء ليس من ندامة، وهو ظهور أمر، يقول العرب: بدا لي شخص في طريقي أي ظهر، قال الله عزوجل:( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) (١) أي ظهر لهم، ومتى ظهر لله تعالى ذكره من عبد صلة لرحمه زاد في عمره، ومتى ظهر له منه قطيعة لرحمه نقص من عمره، ومتى ظهر له من عبد إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره، ومتى ظهر له منه التعفف عن الزنا زاد في رزقه وعمره.

١٠ - ومن ذلك قول الصادقعليه‌السلام : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني، يقول: ما ظهر لله أمر كما ظهر له في إسماعيل ابني إذ اخترمه قبلي ليعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي.

١١ - وقد روي لي من طريق أبي الحسين الأسديرضي‌الله‌عنه في ذلك شيء غريب، وهو أنه روى أن الصادقعليه‌السلام قال: ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي إذا أمر أباه إبراهيم بذبحه ثم فداه بذبح عظيم، وفي الحديث على الوجهين جميعا عندي نظر، إلا أني أوردته لمعنى لفظ البداء والله الموفق للصواب(٢)

٥٥ - باب المشيئة والإرادة

١ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: المشية محدثة(٣) .

__________________

١ - الزمر: ٤٧.

٢ - لا إشكال في الروايتين، وهو من القسم الثالث من البداء على ما ذكرنا فراجع.

٣ - تقدم هذا الحديث بعينه في الباب الحادي عشر من الكتاب، ومشيئة الله تعالى تارة تؤخذ باعتبار تعلقها بأفعاله تعالى فهي عند الحكماء وأكثر المتكلمين قديمة من صفات الذات وعند أئمتنا صلوات الله عليهم وبعض المتكلمين كالمفيد (ره) حادثة من صفات الفعل على ما يظهر من أحاديث جمة في هذا الكتاب في هذا الباب والباب الحادي عشر والباب السادس

٣٣٦

٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن جعفر بن محمد بن عبد الله، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبيهعليهما‌السلام ، قال: قيل لعليعليه‌السلام : إن رجلا يتكلم في المشية فقال: ادعه لي، قال: فدعي له، فقال: يا عبد الله خلقك الله لما شاء أو لما شئت؟! قال: لما شاء، قال: فيمرضك إذا شاء أو إذا شئت؟! قال: إذا شاء: قال: فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت؟! قال: إذا شاء، قال: فيدخلك حيث شاء أو حيث شئت؟! قال: حيث شاء، قال: فقال عليعليه‌السلام له: لو قلت غير هذا لضربت الذي فيه عيناك(١) .

٣ - وبهذا الإسناد قال: دخل على أبي عبد اللهعليه‌السلام أو أبي جعفرعليه‌السلام رجل من أتباع بني أمية فخفنا عليه، فقلنا له: لو تواريت وقلنا ليس هو ههنا، قال: بل ائذنوا له فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إن الله عزوجل عند لسان كل قائل ويد كل باسط، فهذا القائل لا يستطيع أن يقول إلا ما شاء الله، وهذا الباسط لا يستطيع أن يبسط يده إلا بما شاء الله، فدخل عليه فسأله عن أشياء وآمن بها وذهب.

٤ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، عن مروان ابن مسلم، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباته، قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : أوحى الله عزوجل إلى داودعليه‌السلام : يا داود تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد، فإن أسلمت لما أريد أعطيتك ما تريد، وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد، ثم لا يكون إلا ما أريد.

٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا محمد

__________________

والستين وغير هذا الكتاب، وقد أوردت البحث فيها مستوفيا في تعليقتي على شرح التجريد. وأخرى تؤخذ باعتبار تعلقها بأفعال العباد فهي من مباحث الجبر والتفويض والقدر والقضاء، ويأتي الكلام فيها في خلال الأحاديث.

١ - كأن الرجل كان على اعتقاد المعتزلة فنبههعليه‌السلام بأن الأمور ليست مفوضة إليك، أو على اعتقاد اليهود القائلين بأن الله قد فرغ من الأمر.

٣٣٧

ابن الحسن الصفار، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضاعليه‌السلام : المشية والإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد.

٦ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت له: إن أصحابنا بعضهم يقولون بالجبر وبعضهم بالاستطاعة، فقال لي: أكتب قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت إلي فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا قويا، ما أصابك من حسنة فمن الله، وما أصابك من سيئة فمن نفسك، وذلك أنا أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني، وذلك أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون، قد نظمت لك كل شيء تريد(١) .

٧ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن العرزمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان لعليعليه‌السلام غلام اسمه قنبر وكان يحب علياعليه‌السلام حبا شديدا. فإذا خرج عليعليه‌السلام خرج على أثره بالسيف، فرآه ذات ليلة فقال: يا قنبر ما لك؟ قال: جئت لأمشي خلفك، فإن الناس كما تراهم يا أمير المؤمنين فخفت عليك، قال: ويحك أمن أهل السماء تحرسني أم من أهل الأرض؟! قال: لا، بل من

__________________

١ - مفاد الحديث: إني قد نظمت وأعددت لك كل شيء يقتضيه بقاؤك وتحتاج إليه في التكوين والتشريع وشئت أن تكون تعمل بمشيتك التي أعطيتها ما في اختيارك من الأمور حتى تستحق مني الكرامة والزلفى ودوام الخلود في جنة الخلد فإني لم أصنع بك إلا جميلا منا مني عليك ورحمة، فما أصابك من حسنة فمني لأنها بالجميل الذي صنعته بك فأنا أولى بها وغير مسؤول عنها إذ لا سؤال عن الجميل، فإن ارتكبت معصيتي فإنما ارتكبت بالجميل الذي صنعته بك من المشيئة والنعمة والقوة وغيرها فالسيئة منك فأنت أولى بها فأنت مسؤول عنها.

٣٣٨

أهل الأرض، قال: إن أهل الأرض لا يستطيعون لي شيئا إلا بإذن الله عزوجل من السماء، فارجع، فرجع.

٨ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويهرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن موسى بن عمر(١) عن ابن سنان، عن أبي سعيد القماط، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : خلق الله المشية قبل الأشياء، ثم خلق الأشياء بالمشية(٢) .

٩ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن درست بن أبي منصور، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا - عبد اللهعليه‌السلام يقول: شاء وأراد ولم يحب ولم يرض، شاء أن لا يكون شيء إلا بعلمه وأراد مثل ذلك، ولم يحب أن يقال له: ( ثالث ثلاثة ) ولم يرض لعباده الكفر(٣) .

__________________

١ - في نسخة ( د ) و ( هـ ) ( عن موسى بن عمران ).

٢ - ذكر هذا الحديث في آخر الباب الحادي عشر بسند آخر مع تغاير في المتن.

٣ - الباء في قوله: ( بعلمه ) ليست للسببية بل لمطلق التعلق والالصاق، ومفاد الكلام أنه تعالى شاء كل كائن تعلق به علمه فكما لا يعزب عن علمه شيء لا يعزب عن مشيته شيء، ومع ذلك لم يحب بعض ما شاء ولم يرض به فنهى عنه كالشرك والظلم وغيرهما من قبائح العقائد والأعمال كما رضى أمورا فأمر بها، والحديث نظير ما رواه المجلسيرحمه‌الله في البحار في باب القضاء والقدر والمشيئة عن محاسن البرقي عن النضر عن هشام وعبيد بن زرارة عن حمران قال: ( كنت أنا والطيار جالسين فجاء أبو بصير فأفرجنا له فجلس بيني وبين الطيار فقال: في أي شيء أنتم؟ فقلنا: كنا في الإرادة والمشيئة والمحبة، فقال أبو بصير: قلت لأبي عبد - اللهعليه‌السلام : شاء لهم الكفر وأراده؟ فقال: نعم، قلت: فأحب ذلك ورضيه؟ فقال: لا، قلت: شاء وأراد ما لم يحب ولم يرض؟! قال: هكذا خرج إلينا ).

أقول: هذا الحديث مروي في باب المشيئة والإرادة من الكافي بتغاير في السند والمتن وهو نظير ما في الحديث الثامن عشر من باب الثاني من قول أبي الحسن عليه‌السلام : ( إن لله مشيتين وإرادتين - الخ ) ثم إن كلامه عليه‌السلام لا يستلزم الجبر كما توهم لأن تعلق مشيئة وإرادته

٣٣٩

١٠ - حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أحمد الإصبهاني الأسواري، قال: حدثنا مكي بن أحمد بن سعدويه البرذعي، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن القاسم بن عبد الرحمن العتكي، قال: حدثنا محمد أشرس، قال: حدثنا بشر بن الحكيم، وإبراهيم بن نصر السورياني(١) قالا: حدثنا عبد الملك بن هارون بن عنترة، قال: حدثنا غياث بن المجيب(٢) عن الحسن البصري، عن عبد الله بن عمر، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: سبق العلم، وجف القلم(٣) وتم القضاء بتحقيق الكتاب وتصديق الرسالة والسعادة من الله والشقاوة من الله عزوجل(٤) قال عبد الله بن عمر: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يروي حديثه عن الله عزوجل قال: قال عزوجل: يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي وبعصمتي وعفوي وعافيتي أديت إلي فرائضي، فأنا أولى بإحسانك منك(٥) وأنت أولى بذنبك مني، فالخير مني إليك بما أوليت بداء(٦) والشر مني إليك بما جنيت جزاء، وبسوء ظنك

__________________

تعالى بأفعال غيره لا ينافي اختيارهم كما يتبين من هذا الباب وبعض الأبواب الآتية، وأمثال هذا الحديث عنهمعليهم‌السلام لنفي التفويض لا لإثبات الجبر.

١ - في نسخة ( ج ) وفي البحار باب نفي الظلم والجور: ( وإبراهيم بن أبي نصر ) وفي نسخة ( هـ ) و ( و ) ( السورياني ) وفي ( ب ) و ( د ) و ( ج ) ( السرياني ) والأخير تصحيف.

٢ - في نسخة ( و ) وحاشية نسخة ( ن ) ( عتاب بن المجيب ).

٣ - جفاف القلم كناية عن إتمام الكتابة فإن الله تعالى كتب في كتاب التقدير الأول ما يجري على الخلق كلا، لا يزيد عليه ولا ينقص منه شيء، ونفس البداء مما كتب فيه بخلاف التقدير المتأخر الذي يجري بأيدي عمال الملكوت فإن البداء يقع عليه.

٤ - أي وبالسعادة من الله عطفا على تحقيق الكتاب، وبيان القضاء بالسعادة والشقاوة يأتي في الحديث الثالث عشر وفي الباب الثامن والخمسين.

٥ - كذا.

٦ - بالرفع خبر للخير، وكذا الجملة التالية، أي الخير الواصل مني إليك مبتدء من دون استحقاقك لأن مبادي الخير الذي تستحقه بعملك أيضا مني، والشر الواصل جزاء

٣٤٠

بي قنطت من رحمتي، فلي الحمد والحجة عليك بالبيان، ولي السبيل عليك بالعصيان، ولك الجزاء والحسنى عندي بالاحسان(١) لم أدع تحذيرك، ولم آخذك عند عزتك(٢) ولم أكلفك فوق طاقتك، ولم أحملك من الأمانة إلا ما قدرت عليه(٣) رضيت منك لنفسي ما رضيت به لنفسك مني.(٤) قال عبد الملك: لن أعذبك إلا بما عملت.

١١ - حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (ره) قال: حدثنا أبي، عن أحمد ابن علي الأنصاري، عن أبي الصلت عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سأل المأمون يوما علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام فقال له: يا ابن رسول الله ما معنى قول الله عزوجل:( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس

__________________

متفرع على جنايتك، وفي البحار باب نفي الظلم والجور، وفي نسخة ( ب ) بالنصب، وهو على التميز والخبر مقدر، ( واصل ) أو ما بمعناه، وأوليته معروفا أي صنعته إليه.

١ - في البحار وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ولك الجزاء الحسنى ) بالتوصيف مع أن الجزاء مذكر والحسنى مؤنث، فإن صح فكأنه كان كما في الآية من قوله تعالى:( فله جزاء الحسنى ) فغير عند النسخ.

٢ - المراد بالعزة هنا ما في قوله تعالى:( بل الذين كفروا في عزة وشقاق. وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم ) وهي التكبر والطغيان والغلبة على العباد بالظلم والعدوان أي لم آخذك عندها بل نبهتك ووعظتك وحذرتك حتى حين، وفي نسخة ( ب ) و ( ج ) ( عند غرتك ). وفي البحار ( ولم أخذل عند عزتك ).

٣ - الظاهر منه جنس الأمانة وهو ما استودعها الله تعالى عباده من المعارف وغيرها ومباديها، والمراد بالتحميل التكليف بها.

٤ - هذا الكلام يقال إذا عوهد بين اثنين بجزاء على عمل فإن كلا منهما رضي لنفسه بما من الآخر في قبال ما منه على حسب المعاهدة، وقول عبد الملك الذي هو أحد من في السند تفسير لهذه الفقرة، ولو قال: لن أجزيك إلا بما عملت، لكان أتم.

٣٤١

حتى يكونوا مؤمنين * وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ) (١) فقال الرضاعليه‌السلام : حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبعليهم‌السلام أن المسلمين قالوا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو أكرهت يا رسول الله من قدرت عليه من الناس على الإسلام كثر عددنا وقوينا على عدونا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما كنت لألقى الله عزوجل ببدعة لم يحدث إلي فيها شيئا، وما أنا من المتكلفين، فأنزل الله تبارك وتعالى: يا محمد( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) على سبيل الالجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلت ذلك بهم لهم لم يستحقوا مني ثوابا ولا مدحا، لكني أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرين ليستحقوا مني الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنة الخلد( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وأما قوله عزوجل:( وما كان لنفس أن تؤمن إلا بأذن الله ) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها ولكن على معنى أنها ما كانت لتؤمن إلا بإذن الله، وإذنه أمره لها بالإيمان ما كانت مكلفة متعبدة، وإلجاؤه إياها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبد عنها. فقال المأمون: فرجت عني يا أبا الحسن فرج الله عنك(٢) .

__________________

١ - يونس: ١٠٠.

٢ - حاصل كلامهعليه‌السلام في الآيتين: لو شاء ربك أن يؤمن الناس كلهم بالالجاء والتكوين لآمنوا، ولكنه لم يشأ كذلك فلم يؤمن كلهم، فلا يطمع أصحابك أن تكره الناس على الإيمان حتى يكونوا مؤمنين، بل الله تعالى شاء أن يؤمن الناس بالاختيار حتى يستحقوا الكرامة والزلفى ودوام الخلود في جنة الخلد، وعلى هذا فما كان لنفس أن تؤمن إلا بأمره المناسب لاختيارهم. وأمره هو ما يجمع أسباب إيمان النفوس من جهته تعالى من تشريع الشرائع ونصب الأعلام والأدلة وإعطاء العقل وإرسال الرسل وإنزال الكتب والدعوة إليه والوعد والوعيد والانذار والتبشير وغير ذلك من الألطاف والهدايات، فما لم يعد الله هذه الأمور ما كان لنفس أن تؤمن لأن الإيمان مسبب عنها ووجوده بدون السبب ممتنع، وما

٣٤٢

١٢ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، عن إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن درست، عن فضيل بن يسار، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: شاء الله أن أكون مستطيعا لما لم يشأ أن أكون فاعله(١) قال: وسمعته يقول: شاء وأراد ولم يحب ولم يرض، شاء أن لا يكون في ملكه شيء إلا بعلمه، وأراد مثل ذلك، ولم يحب أن يقال له: ( ثالث ثلاثة ) ولم يرض لعباده الكفر.

١٣ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما، قالا: حدثنا محمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن علي بن حسان، عن إسماعيل ابن أبي زياد الشعيري، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن سعدان(٢) عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سبق العلم، وجف القلم، ومضى القدر بتحقيق الكتاب

__________________

أبلغ كلمة الإذن هنا لأن الإذن هو تخلية الشيء في طريق التحقيق والوجود بإتمام سببه إلا أن الإمامعليه‌السلام فسره بالأمر لرعاية فهم المخاطب، ولا يخفى أن المراد به التكويني لا التشريعي المقابل للنهي لأن الإيمان لا يتوقف عليه وإن أمر به تأكيدا في بعض الآيات بل على الأمر التكويني النازل من عنده تعالى المساوق للإذن التكويني كما بينا، ثم إن الرجس المذكور في الآية هو الشك وعدم الإيمان وهو مستند إلى عدم السبب التام من ناحية الإنسان من جهة عدم تعقله في الأدلة والآيات فلا يتحقق الإيمان، لكن نقصان السبب ليس من عند الله بل من عند النفس فلذا قال تعالى:( ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون ) وعقبه بقوله:( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض - الآية) .

١ - مفاده أن الاستطاعة ثابتة مع عدم الفعل خلافا للأشاعرة.

٢ - في نسخة ( و ) و ( ب ) و ( د ) ( عن خالد بن معدان )، وأظن أنه الصواب قال ابن حجر في التقريب، خالد بن معدان الكلاعي الحمصي أبو عبد الله ثقة عابد يرسل كثيرا مات سنة ثلاث ومائة وقيل بعد ذلك.

٣٤٣

وتصديق الرسل وبالسعادة من الله عزوجل لمن آمن واتقى وبالشقاء لمن كذب وكفر وبولاية الله المؤمنين وبراءته من المشركين، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عن الله أروي حديثي إن الله تبارك وتعالى يقول: يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبإرادتي كنت أنت الذي تريد لنفسك ما تريد، وبفضل نعمتي عليك قويت على معصيتي، وبعصمتي وعوني وعافيتي أديت إلي فرائضي، فأنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، فالخير مني إليك بما أوليت بداء، والشر مني إليك بما جنيت جزاء، وبإحساني إليك قويت على طاعتي، وبسوء ظنك بي قنطت من رحمتي، فلي الحمد والحجة عليك بالبيان، ولي السبيل عليك بالعصيان، ولك جزاء الخير عندي بالاحسان، لم أدع تحذيرك، ولم أخذك عند عزتك، ولم أكلفك فوق طاقتك، ولم أحملك من الأمانة إلا ما أقررت به على نفسك(١) رضيت لنفسي منك ما رضيت لنفسك مني.

٥٦ - باب الاستطاعة(٢)

١ - أبيرحمه‌الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي عبد الله البرقي، قال: حدثني أبو شعيب صالح بن خالد المحاملي، عن أبي سليمان الجمال، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن شيء من الاستطاعة، فقال: ليست الاستطاعة من كلامي ولا كلام آبائي.(٣)

__________________

١ - في البحار باب القضاء والقدر: إلا ما أقررت بها على نفسك، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( إلا ما قدرت به على نفسك ).

٢ - الاستطاعة استفعال من الطوع، وقد يراد بها مطلق القدرة على الفعل قبله وحينه، وهذا مورد النزاع مع الأشاعرة النافين لها قبل الفعل، وقد يراد بها أخص من هذا المعنى وهو الوسع والإطاقة للفعل وهو القدرة عليه من دون المشقة، والأول شرط لكل تكليف بالضرورة والثاني شرط شرعا وقد يتخلف.

٣ - أي ليست الاستطاعة التي يقول بها القدرية من استقلال العبد في كل فعل وترك

٣٤٤

قال مصنف هذا الكتاب: يعني بذلك أنه ليس من كلامي ولا كلام آبائي أن نقول لله عزوجل: إنه مستطيع، كما قال الذين كانوا على عهد عيسىعليه‌السلام :( هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ) .(١)

٢ - حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بنيسابور، قال: حدثنا أحمد بن الفضل بن المغيرة، قال: حدثنا أبو نصر منصور بن عبد الله بن إبراهيم الإصفهاني، قال: حدثنا علي بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي الحسين القريظي(٢) عن سهل بن أبي محمد المصيصي(٣) عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: لا يكون العبد فاعلا ولا متحركا إلا والاستطاعة معه من الله عزوجل وإنما وقع التكليف من الله تبارك وتعالى بعد الاستطاعة، ولا يكون مكلفا للفعل إلا مستطيعا.(٤)

__________________

من كلامي ولا كلام آبائي كما يظهر من الحديث الثاني والعشرين، وتفسير الصدوقرحمه‌الله بعيد عن سياق السؤال.

١ - المائدة: ١١٢.

٢ - في نسخة ( و ) ( العريضي مكان القريظي ).

٣ - في نسخة ( ب ) و ( د ) ( عن سهل أبي محمد المصيصي ).

٤ - في نسخة ( و ) و ( ن ) بعد الحديث الثاني أربعة أحاديث ليست في سائر النسخ، هي هذه:

( ألف - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن محمد بن علي الحلبي، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل: ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) قال: وهم مستطيعون يستطيعون الأخذ بما أمروا به والترك لما نهوا عنه، وبذلك ابتلوا، قال: وسألته عن رجل مات وترك مائة ألف درهم ولم يحج حتى مات هل كان يستطيع الحج؟ قال: نعم، إنما استطاعته بما له وصحته.

٣٤٥

٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عبيد بن زرارة، قال: حدثني حمزة ابن حمران، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الاستطاعة فلم يجبني، فدخلت عليه دخلة أخرى فقلت: أصلحك الله أنه قد وقع في قلبي منها شيء لا يخرجه إلا شيء أسمعه منك، قال: فإنه لا يضرك ما كان في قلبك: قلت: أصلحك الله فإني أقول: إن الله تبارك وتعالى لم يكلف العباد إلا ما يستطيعون وإلا ما يطيقون، فإنهم لا يصنعون شيئا من ذلك إلا بإرادة الله ومشيته وقضائه وقدرة، قال: هذا دين الله الذي أنا عليه وآبائي أو كما قال.(١)

قال مصنف هذا الكتاب: مشية الله وإرادته في الطاعات الأمر بها والرضا،

__________________

ب - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد الأزدي، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل:( ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون ) قال: صارت أصلابهم كصياصي البقر، يعني قرونها، ( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) قال: ( وهم مستطيعون ).

ج - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن حديد وعبد الرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن حمران، عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت له: رجل عرض عليه الحج فاستحيا أهو ممن يستطيع الحج؟ قال: نعم.

د - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري وسعد بن عبد الله جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل: ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) قال: ( هذا لمن كان عنده مال وله صحة ).

١ - أي قالعليه‌السلام : هذا دين الله - الخ أو قال ما أشبه هذا مما يفيد معناه.

٣٤٦

وفي المعاصي النهي عنها والمنع منها بالزجر والتحذير.(١)

٤ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنهما، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن يحيى الصيرفي، عن صباح الحذاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سأله زرارة وأنا حاضر فقال: أفرأيت(٢) ما افترض الله علينا في كتابه وما نهانا عنه جعلنا مستطيعين لما افترض علينا مستطيعين لترك ما نهانا عنه، فقال: نعم.

٥ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطاررحمه‌الله ، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن عبد الله بن بكير، عن حمزة بن حمران، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن لنا كلاما نتكلم به، قال: هاته، قلت: نقول: إن الله عزوجل أمر ونهى وكتب الآجال والآثار لكل نفس بما قدر لها وأراد، وجعل فيهم من الاستطاعة لطاعته ما يعملون به ما أمرهم به وما نهاهم عنه(٣) فإذا تركوا ذلك إلى غيره كانوا محجوجين بما صير فيهم من الاستطاعة والقوة لطاعته، فقال: هذا هو الحق إذا لم تعده إلى غيره.

٦ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن محمد ابن علي الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: ما أمر العباد إلا بدون سعتهم، فكل شيء أمر الناس بأخذه فهم متسعون له، وما لا يتسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس لا خير فيهم.

__________________

١ - لا بأس بأن يكون مراده الإرادة والمشيئة والقضاء والقدر التكوينية لأن أفعال العباد ليست خارجة عنها ولا ينافي ذلك اختيارهم.

٢ - في نسخة ( و ) و ( ن ) و ( ب ) ( أرأيت ).

٣ - ( ما أمرهم به ) مفعول لقوله: يعملون، وكذا ما نهاهم عنه من باب ( علفتها تبنا وماء باردا ) أي ويتركون ما نهاهم عنه.

٣٤٧

٧ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، قال: سألت أبا الحسن الرضاعليه‌السلام عن الاستطاعة، فقال: يستطيع العبد بعد أربع خصال: أن يكون مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، له سبب وارد من الله عزوجل، قال: قلت: جعلت فداك فسرها لي، قال: أن يكون العبد مخلى السرب، صحيح الجسم، سليم الجوارح، يريد أن يزني فلا يجد امرأة ثم يجدها، فإما أن يعصم فيمتنع كما امتنع يوسف، أو يخلى بينه وبين إرادته فيزني فيسمى زانيا(١) ولم يطع الله بإكراه ولم يعص بغلبة(٢) .

__________________

١ - تخلية السرب هي عدم المانع، وصحة الجسم أن لا يكون مريضا ضعيفا يعاف العمل أو لا يقوى عليه، وسلامه الجوارح أن يكون له آلة العمل بأن لا يكون عنينا أو أعمى أو أصم أو مشلولا أو غير ذلك، والسبب الوارد من الله تعالى هو الأسباب التي ليست عند العبد بنفسه، والحاصل أن لا يكون له مانع من الخارج أو الداخل ويكون له الأسباب من الداخلية والخارجية، فعند ذلك يحصل له التمكن ولا يبقى له شيء لاختيار أحد الطرفين من الفعل والترك فإن فعل القبيح فبتخليه الله إياه بينه وبن إرادته، وإن تركه فبالعصمة المانعة، فهي إما بالقوة القدسية كما في الأنبياء والأوصياءعليهم‌السلام ، أو بالعقل القاهر كما في المؤمنين، أو بأن يحول بينه وبين قلبه فينفسخ العزم وينتقض الهم، أو بان يعدم ما لوجوده دخل في الفعل، أو يوجد ما لعدمه دخل فيه، فمرادهعليه‌السلام بالعصمة ما هو أعم من المصطلحة. وأما الحسن فإنه تركه فبتخلية الله إياه وإن فعل فبتوفيقه تعالى بعد الاستطاعة إذ الاستطاعة على الحسن لا تستلزمه وإن كانت حاصلة في الحال وانتفاء الموانع لأن الإنسان كثيرا ما يتمكن من إتيان الحسن ولا يأتيه، اذكر قول العبد الصالح شعيب النبي على نبينا وآله وعليه السلام ( إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )، وللتوفيق علل كالعصمة فافحصها، ثم إن العبد بعد ما كان له صفة الاختيار لا يستحق من الله تعالى العصمة والتوفيق فإن صنعهما الله تعالى به فبفضله وإن كان أصل الاختيار وعلله أيضا بفضله، هذه جملة أن تهتد إلى تفاصيلها لم يبق لك شبهة في مبحث الأفعال.

٢ - الفعلان على بناء المجهول، والمعنى: لا يكره الله عباده على إطاعته، بل يعصم

٣٤٨

٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن الحسين بن المختار، عن إسماعيل بن الجابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إن الله عزوجل خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه، وأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به، وما نهاهم عنه فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونوا(١) آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله عزوجل، يعني: بعلمه(٢) .

٩ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن أبان بن عثمان، عن حمزة بن محمد الطيار، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) (٣) قال: مستطيعون، يستطيعون الأخذ بما أمروا به والترك لما نهوا عنه، وبذلك ابتلوا، ثم قال: ليس شيء مما أمروا به ونهوا عنه إلا ومن الله تعالى عزوجل فيه ابتلاء وقضاء(٤) .

١٠ - حدثنا أبي، ومحمد بن موسى بن المتوكل رحمهما الله قالا: حدثنا سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري جميعا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن ابن محبوب، عن العلاء بن رزين، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن

__________________

ويوفق وهما لا يصلان إلى حد الاكراه، ولا يعصيه عباده بالغلبة عليه سبحانه وتعالى لأنه قادر على منعهم عن المعصية، بل يخلى بينهم وبين إرادتهم.

١ - بحذف النون مجزوما عطف على الجزاء في الجملتين، ومثله في الحديث الأول من الباب التاسع والخمسين، ونسخة ( ج ) و ( ط ) ( ولا يكونوا فيه - الخ ) فالضمير المجرور يرجع إلى المأمور به والمنهي عنه، وفي البحار المطبوع حديثا في باب القضاء والقدر:

( ولا يكونون فيه - الخ ).

٢ - الظاهر أن هذا تفسير من بعض الرواة أو من الصدوقرحمه‌الله كما استظهره المجلسيرحمه‌الله وقد مضى بيان الإذن في الحديث الحادي عشر من الباب السابق.

٣ - القلم: ٤٣.

٤ - أي امتحان وحكم بالثواب أو العقاب.

٣٤٩

قول الله عزوجل:( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) قال: يكون له ما يحج به، قلت: فمن عرض عليه الحج فاستحيا؟ قال: هو ممن يستطيع.

١١ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: من عرض عليه الحج ولو على حمار أجدع مقطوع الذنب فأبى فهو ممن يستطيع الحج.

١٢ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن عوف بن عبد الله الأزدي، عن عمه، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الاستطاعة، فقال: وقد فعلوا(١) فقلت: نعم، زعموا أنها لا تكون إلا عند الفعل وإرادة في حال الفعل لا قبله(٢) فقال أشرك القوم(٣) .

١٣ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عمن رواه من أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: لا يكون العبد فاعلا إلا وهو مستطيع وقد يكون مستطيعا غير فاعل ولا يكون فاعلا أبدا حتى يكون معه الاستطاعة.

١٤ - حدثنا أبيرحمه‌الله قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل:( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ) ما يعني بذلك؟ قال: من كان

__________________

١ - هذا إخبار، أي وقد فعلوا ما يوجب أمثال هذه الضلالات في الدين.

٢ - قوله: ( وإرادة ) بالجر عطف على الفعل، وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) بصيغة اسم الفاعل المؤنث من الورود فهو خبر للاتكون.

٣ - إشراكهم ليس لأجل هذه العقيدة خاصة، بل لما فعلوا في أصل الدين، ويحتمل ذلك لأن هذه العقيدة من لوازم الجبر المستلزم إسناد الظلم والفواحش إليه تعالى.

٣٥٠

صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة.

١٥ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عبد الله بن محمد الحجال الأسدي، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبد الأعلى بن أعين، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في هذه الآية( لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم إنهم لكاذبون ) (١) أنهم كانوا يستطيعون وقد كان في العلم أنه لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لفعلوا.

١٦ - حدثنا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن عبد الله، عن أحمد ابن محمد البرقي(٢) عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل:( وسيحلفون بالله لو استطعنا لخرجنا معكم يهلكون أنفسهم والله يعلم أنهم لكاذبون ) قال: أكذبهم الله عزوجل في قولهم:( لو استطعنا لخرجنا معكم ) وقد كانوا مستطيعين للخروج.

١٧ - حدثتا أبي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله، قالا: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن عبد الله، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي الحسن الحذاء، عن المعلى بن خنيس، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : ما يعني بقوله عزوجل:( وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون ) ؟(٣) قال: وهم مستطيعون.

١٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد ابن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمد بن عبد الحميد، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لا يكون العبد فاعلا ولا متحركا إلا والاستطاعة معه من الله عزوجل وإنما وقع التكليف من الله بعد الاستطاعة، فلا يكون مكلفا للفعل إلا مستطيعا.

__________________

١ - التوبة: ٤٢.

٢ - كذا، ولا يعرف الرجل في أصحاب الصادقعليه‌السلام وفي نسخة ( و ) و ( هـ ) ( عن أبي محمد البرقي ).

٣ - القلم: ٤٣.

٣٥١

١٩ - حدثنا أبيرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما كلف الله العباد كلفة فعل ولا نهاهم عن شيء حتى جعل لهم الاستطاعة ثم أمرهم ونهاهم، فلا يكون العبد آخذا ولا تاركا إلا باستطاعة متقدمة قبل الأمر والنهي وقبل الأخذ والترك وقبل القبض والبسط.

٢٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: لا يكون من العبد قبض ولا بسط إلا باستطاعته متقدمة للقبض والبسط.

٢١ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن أبي شعيب المحاملي، وصفوان بن يحيى، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول وعنده قوم يتناظرون في الأفاعيل والحركات فقال: الاستطاعة قبل الفعل، لم يأمر الله عزوجل بقبض ولا بسط إلا والعبد لذلك مستطيع.

٢٢ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن مروك بن عبيد، عن عمرو رجل من أصحابنا(١) عمن سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال له: إن لي أهل بيت قدرية يقولون: نستطيع أن نعمل كذا وكذا ونستطيع أن لا نعمل، قال: فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : قل له: هل تستطيع أن لا تذكر ما تكره وأن لا تنسى ما تحب؟ فإن قال: لا فقد ترك قوله، وإن قال: نعم فلا تكلمه أبدا فقد ادعى الربوبية.

٢٣ - حدثنا أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثنا أبو الخير صالح بن أبي حماد، قال: حدثني أبو خالد السجستاني، عن علي بن يقطين، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام ، قال: مر أمير المؤمنينعليه‌السلام بجماعة بالكوفة وهم

__________________

١ - قوله: ( رجل ) بالجر بدل عن ( عمرو ) ولكون الواو بعد عمر للعطف احتمال.

٣٥٢

يختصمون في القدر، فقال لمتكلمهم: أبالله تستطيع أم مع الله أم دون الله تستطيع؟! فلم يدر ما يرد عليه، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إنك إن زعمت أنك بالله تستطيع فليس لك من الأمر شيء(١) وإن زعمت أنك مع الله تستطيع فقد زعمت أنك شريك معه في ملكه، وإن زعمت أنك من دون الله تستطيع فقد ادعيت الربوبية من دون الله، عزوجل، فقال: يا أمير المؤمنين لا، بل بالله أستطيع، فقالعليه‌السلام : أما إنك لو قلت غير هذا لضربت عنقك.

٢٤ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطاررحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رفع عن أمتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يطيقون، وما لا يعلمون، وما اضطروا إليه، والحسد، والطيرة، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة.(٢)

٢٥ - حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي (ره) بفرغانة، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن علي الأنصاري، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: سأل المأمون الرضاعليه‌السلام عن قول الله عزوجل:( الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا ) (٣) فقالعليه‌السلام : إن غطاء العين لا يمنع من الذكر، والذكر لا يرى بالعيون، ولكن الله عزوجل شبه الكافرين بولاية علي بن أبي طالبعليه‌السلام بالعميان لأنهم كانوا يستثقلون قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فيه ولا يستطيعون سمعا، فقال المأمون: فرجت عني فرج الله عنك.

__________________

١ - أي شيء مما ادعيت من استقلالك في الأفاعيل والحركات، وفي نسخة ( و ) و ( ج ) ( فليس إليك - الخ ).

٢ - ليس المرفوع ذوات هذه الأمور قطعا، بل المؤاخذة أو الأحكام التكليفية أو الوضعية أو كلتاهما كلا أو بعضا، والتفصيل في محله، وذكر الحديث هنا لذكر ما لا يطيقون فيه أي ما لا يستطيعون بالمعنى الثاني المذكور في صدر الباب.

٣ - الكهف: ١٠١.

٣٥٣

٥٧ - باب الابتلاء والاختبار

١ - أبيرحمه‌الله قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى ابن عمران الأشعري، عن محمد بن السندي، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه المن والابتلاء.

٢ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى ابن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه مشية وقضاء وابتلاء.

٣ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ليس شيء فيه قبض أو بسط مما أمر الله به أو نهى عنه إلا وفيه من الله عزوجل ابتلاء وقضاء.(١)

٥٨ - باب السعادة والشقاوة

١ - حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاقرحمه‌الله قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن محمد رفعه عن شعيب العقرقوفي، عن أبي بصير، قال: كنت بين يدي أبي عبد اللهعليه‌السلام جالسا وقد سأله سائل فقال: جعلت فداك يا ابن رسول الله من أين لحق الشقاء أهل المعصية حتى حكم لهم في علمه بالعذاب على عملهم، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أيها السائل علم الله عزوجل ألا يقوم أحد من خلقه بحقه، فلما علم بذلك وهب لأهل محبته القوة على معرفته ووضع عنهم ثقل العمل بحقيقة ما هم أهله(٢) ووهب لأهل المعصية القوة على معصيتهم(٣) لسبق علمه فيهم

__________________

١ - في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ليس شيء فيه قبض ولا بسط - الخ ).

٢ - أي بحقيقة المحبة التي هم أهلها فإن المحبة تدفع ثقل العمل كما يشهد به الوجدان.

٣ - مع أن كلا الفريقين قادرون على الطاعة والمعصية إلا أن محبة الله تدفع ثقل الطاعة

٣٥٤

ولم يمنعهم إطاقة القبول منه لأن علمه أولى بحقيقة التصديق، فوافقوا ما سبق لهم في علمه، وإن قدروا أن يأتوا خلالا تنجيهم عن معصيته(١) وهو معنى شاء ما شاء، وهو سر(٢) .

__________________

وتمنع عن المعصية، ومحبة النفس والدنيا تجر إلى المعصية وتثقل الطاعة، فيصح حينئذ أن يقال: لهم القوة على المعرفة والطاعة ولهم القوة على المعصية.

١ - في الكافي باب السعاة والشقاوة: ( ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم من عذابه ) وفي نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ولم يقدروا أن يأتوا حالا تنجيهم عن معصيته ) وقوله في النسختين: ( ولم يقدروا ) لا يناسب قوله: ( ولم يمنعهم اطاقة القبول منه ) لأنه تعالى إن لم يمنعهم ذلك فهم قادرون على أن يأتوا حالا تنجيهم عن معصيته فالمناسب ( وإن قدروا ) كما في سائر النسخ، إلا أن في الكافي: ( ومنعهم إطاقة القبول ) فيناسب.

ثم إن معنى الحديث على ما في الكتاب ظاهر لا إشكال فيه كما قلنا من قبل: إن كلا الفريقين قادرون - الخ، وأما على ما في الكافي فمنع الإطاقة وعدم القدرة على ما ينجيهم من عذابه لأجل عدم المحبة له تعالى بحيث لا ينبعث إرادتهم على القبول لما من عنده من المعارف والأوامر والنواهي وغيرها وعلى الاتيان بما فيه رضى الرب تعال ومع عدم انبعاث الإرادة امتنع القبول والإتيان، وعدم المحبة لأجل عدم المعرفة وهو معلول لعدم التوجه والاقبال إلى الحق وهو معلول للتغافل ثم الغفلة عن مبدئه ومعاده وهو معلول للاشتغال بما عنده من اللذات المادية وما في الدنيا من الأمور الفانية وتوهم أنها مطلوبة نافعة بما هي هي، والحاصل أن امتناع الإطاقة وعدم القوة على الاتيان معلول لمنعه تعالى إياهم محبته فلذا أسنده إلى نفسه، لكن ذلك ليس جزافا وظلما بل لعدم قابلية المحل لمحبته بسبب الاشتغال بمحبة نفسه ومحبة ما يراه ملائما لنفسه، وببيان آخر أن القدرة قد يراد بها كون الفاعل بحيث يصح منه الفعل والترك ويمكنانه، وقد يراد بها القوة المنبعثة في العضلات على الاتيان بعد تحقق الإرادة، ويعبر عنها بالاستطاعة والإطاقة أيضا، والمنفية عنهم في الحديث هي القدرة بالمعنى الثاني، فتدبر.

٢ - في الكافي: ( وهو سره ) والسر يأتي بمعنى الأمر المكتوم والأمر المعزوم عليه،

٣٥٥

٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل:( قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا ) (١) قال: بأعمالهم شقوا.

٣ - حدثنا الشريف أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: حدثنا علي بن محمد ابن قتيبة النيسابوري، عن الفضل بن شاذان، عن محمد بن أبي عمير، قال: سألت أبا الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام عن معنى قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه ) فقال: الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء(٢) والسعيد من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء، قلت له: فما معنى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق الله )؟ فقال: إن الله عزوجل خلق الجن والإنس ليعبدوه ولم يخلقهم ليعصوه، وذلك قوله عزوجل:( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) (٣) فيسر كلا لما خلق له، فالويل لمن استحب العمى على الهدى.(٤)

__________________

والأصل، وجوف كل شيء ولبه، وعلى نسخة الكتاب فالأنسب المعنى الأول، فمعنى الكلام: وهو أي هبة القوة للفريقين معنى شاء ما شاء، وهذا المعنى أمر مكتوم عن أفهام العامة. وعلى ما في الكافي فالأنسب أن يكون بمعنى الأصل، فمعناه: وهو أي معنى شاء ما شاء أصل الأمر فيما قلت لك من شأن أهل المحبة وأهل المعصية.

١ - المؤمنون: ١٠٦.

٢ - في نسخة ( ط ) و ( ن ) في الموضعين: ( من علمه الله ).

٣ - الذاريات: ٥٦.

٤ - في نسخة ( و ) بعد الحديث الرابع هكذا: ( قال مصنف هذا الكتاب: ولهذا الحديث معنى آخر وهو أن أم الشقي جهنم، قال الله عزوجل:( وأما من خفت موازينه فأمه هاوية ) والشقي من جعل في الهاوية، والسعيد من أسكن الجنة ).

٣٥٦

٤ - أبيرحمه‌الله قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن معلى أبي عثمان(١) عن علي بن حنظلة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنه قال: يسلك بالسعيد طريق الأشقياء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه السعادة، وقد يسلك بالشقي طريق السعداء حتى يقول الناس: ما أشبهه بهم بل هو منهم ثم يتداركه الشقاء. إن من علمه الله تعالى سعيدا وإن لم يبق من الدنيا إلا فواق ناقة ختم له بالسعادة.(٢)

٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إن الله عزوجل خلق السعاة والشقاوة قبل أن يخلق خلقه(٣) فمن علمه الله سعيدا لم يبغضه أبدا، وإن عمل شرا أبغض عمله ولم

__________________

أقول: وله معنى آخر مذكور في بعض الأخبار، وهو أن ملك الأرحام يكتب له بإذن الله بين عينيه أنه سعيد أم شقي وهو في بطن أمه، ومعنى آخر أن المراد بالأم دار الدنيا فإنه كما يولد من بطن أمه إلى الدنيا يولد من الدنيا إلى الآخرة فإحديهما حاصلة له في الدنيا بأعماله.

١ - هو أبو عثمان معلى بن عثمان الأحول الكوفي الثقة الذي روي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام بلا واسطة أيضا، وفي نسخة ( و ) و ( هـ ) عن معلى بن عثمان، وأما معلى بن أبي عثمان كما في بعض النسخ فالظاهر أنه خطأ.

٢ - الختم بالسعادة أو الشقاوة منوط بخير القلب وعدمه، وهو ما أنبأ عنه في قوله تعالى:( لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) وقوله: ( إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا ) وهذا الخير هو ميل القلب إلى الحق وحبه له كائنا ما كان وإن لم يعرف مصداقه واشتبه عليه الباطل به، فإن على الله الهدى إن علم ذلك من عبده.

٣ - في الكافي: ( فمن خلقه الله سعيدا لم يبغضه أبدا - الخ ) ( وإن كان شقيا لم يحبه أبدا - الخ ) أقول: لا شبهة أن السعادة التي هي الفوز بالمطلوب والشقاوة التي هي الحرمان

٣٥٧

يبغضه، وإن كان علمه شقيا لم يحبه أبدا، وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه لما يصير إليه، فإذا أحب الله شيئا لم يبغضه أبدا، وإذا أبغض شيئا لم يحبه أبداً.

٦ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، وسعد بن عبد الله جميعا، قالا: حدثنا أيوب بن نوح، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عزوجل:( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) (١) قال: يحول بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق(٢) وقد قيل: إن الله تبارك وتعالى يحول بين المرء وقلبه بالموت(٣) وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إن الله تبارك وتعالى ينقل العبد من الشقاء إلى السعادة ولا ينقله من السعادة إلى الشقاء.(٤)

__________________

عنه لاحقتان بالعبد إثر عقيدته وعمله كما صرح به في الحديث الأول، فمعنى خلقهما قبل خلق الخلق خلق عللهما وأن لا تتم إلا باختيار العبد، أو المعنى أنه تعالى خلقهما بخلق الإنسان الذي هو موضوعهما في العوالم السالفة كالميثاق والأرواح قبل أن يخلقه خلقة هذه النشأة، أو معنى خلقهما تقديرهما في ألواح التقدير لا إيجادهما في موضوعهما.

١ - الأنفال: ٢٤.

٢ - وكذا أن يعلم أن الحق باطل، وهذا عام لكل أحد من الناس، وذلك لأن اليقين من صنع الرب تعالى، ولا يصنع في عبده اليقين بما خالف الحق، بل إما يصنع اليقين أو لا يصنع، ولما رواه العياشي في تفسيره عن الصادقعليه‌السلام أنه قال ( لا يستيقن القلب إن الحق باطل أبدا ولا يستيقن أن الباطل حق أبدا ) فأما المخالفون للحق الآخذون الباطل مكان الحق أو الحق مكان الباطل فهم إما مستيقنون بأنفسهم جاحدون بألسنتهم أو شاكون وإن استدلوا على ما بأيديهم، وإلا لم يتم الحجة عليهم لأن اليقين حجة بنفسه مع أن لله تعالى الحجة البالغة على جميع خلقه، والحاصل أن متعلق يقين القلب حق أبدا، وأما الأباطيل فهي وراء اليقين، فمن ادعى اليقين بباطل فهو كذاب مفتر.

٣ - الظاهر أن نقل هذا القيل من الصدوقرحمه‌الله .

٤ - إن قلت: إن كان المراد بالشقاوة والسعادة بحسب ما يراه الناس فالنقل ثابت من كل منهما إلى الآخر كما نطق به الحديث وشهد به الواقع، وإن كان المراد بهما بحسب

٣٥٨

٥٩ - باب نفي الجبر والتفويض

١ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إن الله عزوجل خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه، وأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى الأخذ به، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونوا آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله(١) .

٢ - أبيرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حفص بن قرط، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زعم أن الله تبارك وتعالى يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشية الله فقد أخرج الله من سلطانه، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله، ومن كذب على الله أدخله الله النار. يعني بالخير والشر: الصحة والمرض، وذلك قوله عزوجل:( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ) (٢) .

__________________

ما في علم الله فلا نقل أصلا لأن ما علمه تعالى لا يتغير، قلت: إن الكلام منصرف عن هذا البحث بل المراد أن الله تعالى يلطف بأمور لبعض من يسلك سبيل الشقاوة فيقربه من سبيل السعادة لمصالح لشخصه أو لغيره سواء ختم أمره بالسعادة أو بالشقاوة، ولا يمكر بمن يسلك سبيل السعادة بأمر فيقربه من سبيل الشقاوة سواء أيضا ختم أمره بها أو بها. والشاهد له الحديث السابع من الباب التالي، ولا يبعد أن يكون الكلام ناظرا إلى مسألة البداء.

١ - هذا هو الحديث الثامن من الباب السادس والخمسين بسند آخر، وفي نسخة ( و ) هنا: يعني بعلمه كما هناك.

٢ - الأنبياء: ٣٥، والظاهر أن قوله: ( يعني بالخير - الخ ) من الصدوق فإن الحديث مروي بعين السند في باب الجبر والقدر من الكافي إلى قوله: ( أدخله النار ) ثم إن مفاد الكلام أعم من هذا التفسير، بل هو رد على المفوضة القائلين بأن مشيئة الله غير متعلقة بأفعال العباد.

٣٥٩

٣ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكلرحمه‌الله ، قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد، عن أبي جعفر، وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قالا: إن الله عزوجل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال: فسئلاعليهما‌السلام ، هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: نعم، أوسع مما بين السماء والأرض(١) .

٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليدرحمه‌الله ، قال: حدثنا الحسن ابن متيل(٢) عن أحمد بن أبي عبد الله، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: الله تبارك وتعالى أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقونه والله أعز من أن يكون في سلطانه ما لا يريد ٥ - حدثنا علي بن عبد الله الوراقرحمه‌الله ، قال: حدثنا محمد بن جعفر ابن بطة، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، ومحمد بن علي بن محبوب، ومحمد بن الحسين بن عبد العزيز، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد ابن عيسى الجهني، عن حريز بن عبد الله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه: رجل يزعم أن الله عزوجل أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر، ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم فهذا قد أوهن

__________________

١ - سعته باعتبار مشيئة الله العامة لكل شيء في الوجود، فإن الجبرية ضيقوا مشيئته تعالى لأنهم يقولون لا تتعلق بمشيئة العبد لفعله إذ لا مشيئة له، والقدرية ضيقوها لأنهم يقولون لا تتعلق بها إذا لعبد مستقل في مشيئته، ويرد قول الفريقين الحديث القدسي المشهور المروي عن النبي والأئمةعليهم‌السلام : ( يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء ) وقد مضى في الباب الخامس والخمسين.

٢ - بفتح الميم، وقيل بضمها، وفي نسخه ( و ) وصفة بالدقاق، قال في قاموس الرجال:

إن المصنف ( يعني الممقاني ) زاد في عنوانه الدقاق القمي، والدقاق يستفاد من خبر مزار التهذيب وأما القمي فلم يعلم مستنده.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574