كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٩

كتاب شرح نهج البلاغة13%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38818 / تحميل: 6896
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٥٣ ـ في عيون الأخبار وفي باب آخر فيما جاء عن الرضا من الأخبار المجموعة باسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنَّ للهعزوجل عمودا من ياقوت أحمر رأسه تحت العرش وأسفله على ظهر الحوت في الأرض السابعة السفلى، فاذا قال العبد: لا إله إلّا الله اهتز العرش وتحرك العمود وتحرك الحوت. فيقول الله تعالى: أسكن يا عرشي، فيقول: أي أسكن وأنت لم تغفر لقائلها؟ فيقول الله تعالى: اشهدوا سكان سمواتى أني قد غفرت لقائلها.

٥٤ ـ في كتاب الخصال قال عليٌّعليه‌السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل: أما أقفال السماوات فالشرك بالله، ومفاتيحها قول لا إله إلّا الله.

٥٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى محمد بن حمران عن أبي عبدالله قال ؛ من قال لا إله إلّا الله مخلصا دخل الجنة، وإخلاصه أنْ يحجزوه لا إله إلّا الله عما حرم اللهعزوجل .

وباسناده إلى زيد بن أرقم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مثله.

٥٦ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى ابن شبرمة عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام لأبي حنيفة: أخبرني عن كلمة أولها شرك وآخرها ايمان؟ قال: لا أدري قال: هي لا إله إلّا الله أولها كفر وآخرها ايمان.

٥٧ ـ في مجمع البيان روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فهل عسيتم إنْ وليتم

٥٨ ـ وعن عليٍّعليه‌السلام :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ) قال أبو حاتم: معناه أنْ تولّاكم الناس.

٥٩ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عبد الله بن محمد بن خالد عن الحسن بن علي الخزاز عن أبان بن عثمان عن عبد الرحمان بن أبي عبدالله عن أبي العباس المكي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ عمر لقى عليّاعليه‌السلام فقال: أنت الذي تقرء بهذه الاية: «بأيكم المفتون» تعرض بى وبصاحبي؟ قال: أفلا أخبرك بآية نزلت في بني أميّة «فهل عسيتم» إلى قوله «وتقطعوا أرحامكم» فقال عمر بنو أميّة أوصل للرحم منك ولكنك اثبت العداوة لبني أمية وبنى عدى وبنى تميم.

في روضة الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن الوشاء

٤١

عن أبان عن عبدالرحمان بن أبي عبدالله عن أبي العباس المكي مثله إلّا أنّ فيه فقال: كذبت، بنو أميّة إلخ.

٦٠ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابنا عن محمد بن مسلم، وأبى حمزة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيهعليهما‌السلام قال: قال لي علي بن الحسين: يا بنى إياك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإنّي وجدته ملعونا في كتاب اللهعزوجل في ثلاث مواضع قال اللهعزوجل :( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦١ ـ في كتاب الخصال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: في كتاب عليٍّعليه‌السلام : ثلاث خصال لا يموت صاحبهن حتى يرى وبالهن: البغي وقطيعة الرحم واليمين الكاذبة، يبارز الله بها، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٢ ـ عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم.

٦٣ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن السكوني عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا أظهر العلم واحترز العمل وائتلفت الألسن واختلفت القلوب وتقاطعت الأرحام هنا لك( لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ ) .

٦٤ ـ في مجمع البيان: أفلا يتدبرون القرآن قيل أفلا يتدبرون القرآن فيقضون ما عليهم من الحق عن أبي عبداللهعليه‌السلام وأبى الحسنعليه‌السلام .

٦٥ ـ في محاسن البرقي عنه عن عبد الله بن يحيى عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام يا سليمان إنّ لك قلبا ومسامع وإنّ الله إذا أراد أنْ يهدى عبدا فتح مسامع قلبه، وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح أبدا، وهو قول اللهعزوجل : أم على قلوب أغفالها.

٦٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثنا محمد بن القاسم بن عبيد الكندي

٤٢

قال: حدّثنا عبد الله بن عبد الفارس عن محمد بن علي عن أبي عبداللهعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ) عن الايمان بتركهم ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام ( الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ ) يعنى الثاني( وَأَمْلى لَهُمْ ) .

٦٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن أورمة وعلي بن عبدالله عن علي بن حسان عن عبد الرحمان بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى: «( إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ) فلان وفلان وفلان ارتدوا على الايمان في ترك ولاية أمير المؤمنينعليه‌السلام » قلت: في قوله تعالى:( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ) ما أنزل الله قال: نزلت والله فيهما وفي أتباعهما وهو قول اللهعزوجل الذي نزل به جبرئيل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : «( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) في عليٍّعليه‌السلام ( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) قال: دعوا بني أميّة إلى ميثاقهم أنْ لا يصيروا الأمر فينا بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا يعطونا من الخمس شيئا، وقالوا: إنْ أعطيناهم إياه لم يحتاجوا إلى شيء ولم يبالوا أنْ يكون الأمر فيهم، فقالوا:( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) الذي دعوتمونا إليه وهو الخمس أنْ لا نعطيهم منه شيئا، وقوله:( كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) والذي نزل الله ما افترض على خلقه من ولاية أمير المؤمنين وكان معهم أبو عبيدة وكان كاتبهم، فأنزل الله:( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ ) الآية.

٦٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم متصل بآخر ما نقلنا عنه سابقا أعنى قوله وأملى لهم قوله:( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) هو ما افترض الله على خلقه من ولاية أمير المؤمنين سنطيعكم في بعض الأمر قال: دعوا بني أميّة إلى ميثاقهم إلّا يصيروا لنا الأمر بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا يعطونا من الخمس شيئا. وقالوا: إنْ أعطيناهم الخمس استغنوا به فقالوا:( سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ ) أي لا تعطوهم من الخمس شيئا، فانزل الله على نبيه:( أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ ) ٦٩ ـ في مجمع البيان( ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ما نَزَّلَ اللهُ ) والمروي عن أبي جعفر وابى عبداللهعليهما‌السلام انهم بنو أميّة كرهوا ما نزل الله في ولاية

٤٣

أمير المؤمنينعليه‌السلام

٧٠ ـ في روضة الواعظين للمفيدرحمه‌الله قال الباقر (عليه السلام)( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ وَكَرِهُوا رِضْوانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمالَهُمْ ) قال: كرهوا عليا وكان أمر الله بولايته يوم بدر ويوم حنين وببطن نخلة ويوم التروية ويوم عرفة، نزلت فيه خمس عشرة آية في الحجة التي صد فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المسجد الحرام وبالجحفة ونجم.

٧١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من طلب مرضات الناس بما أسخط الله تعالى كان حامده من الناس ذاما، ومن اثر طاعة الله تعالى بما يغضب الناس كفاه الله تعالى عداوة كل عدو، وحسد كل حاسد، وبغى كل باغ، وكان الله له ناصرا وظهرا.

٧٢ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أرضى سلطانا بسخط الله خرج من دين الإسلام.

٧٣ ـ وبهذا الاسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من طلب مرضات الناس بما يسخط الله تعالى كان حامده من الناس ذاما.

٧٤ ـ في كتاب التوحيد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل وقد سأله بعض الزنادقة عن الله تعالى وفيه: قال السائل فله رضا وسخط؟ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : نعم، وليس ذلك على ما يوجد في المخلوقين، وذلك أنّ الرضا والسخط دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال، وذلك صفة المخلوقين العاجزين المحتاجين، وهو تبارك وتعالى العزيز الرحيم لا حاجة به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعا محتاجون إليه وإنّما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

٧٥ ـ وباسناده إلى هشام بن الحكم أنّ رجلا سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام

٤٤

عن الله تبارك وتعالى له رضا وسخط؟ قال: نعم، وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين، وذلك أنّ الرضا والغضب دخال يدخل عليه فينقله من حال إلى حال معتمل(١) مركب للأشياء فيه مدخل وخالقنا لا مدخل للأشياء فيه واحد احدى الذات واحدى المعنى فرضاه ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه، وينقله من حال إلى حال، فان ذلك صفة المخلوقين العاجزين والمحتاجين، وهو تبارك وتعالى القوى العزيز لا حاجة به إلى شيء مما خلق، وخلقه جميعا محتاجون إليه انما خلق الأشياء من غير حاجة ولا سبب اختراعا وابتداعا.

٧٦ ـ وباسناده إلى محمد بن عمارة قال: سئلت الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام فقلت له: يا ابن رسول الله أخبرنى عن اللهعزوجل هل له رضا وسخط؟ فقال: نعم وليس ذلك على ما يوجد من المخلوقين. ولكن غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.

٧٧ ـ في كتاب الخصال عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال: إنّ الله تبارك وتعالى أخفى اربعة في أربعة، رضاه في طاعته، فلا يستصغرن شيئا فربما وافق رضاه وأنت لا تعلم، وأخفى سخطه في معصيته فلا يستصغرن شيئا من معصيته فربما وافق سخطه وأنت لا تعلم، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللهَ ) يعنى موالاة فلان وفلان وظالمي أمير المؤمنين «فأحبط أعمالهم» يعنى التي عملوها من الخيرات.

٧٩ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبي عبيدة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال لي: يا أبا عبيدة خالقوا الناس بأخلاقهم وزايلوهم بأعمالهم انا لا نعد الرجل فينا عاقلا حتى يعرف لحن القول ثم قرأ هذه الاية:( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ )

٨٠ ـ في أمالي شيخ الطائفةقدس‌سره باسناده إلى عليٍّعليه‌السلام انه قال: قلت أربع انزل الله تعالى تصديقى بها في كتابه، قلت المرء مخبو تحت لسانه فاذا

__________________

(١) أي يعمل بصفاته وآلاته

٤٥

تكلم ظهر، فأنزل الله:( وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ )

٨١ ـ في مجمع البيان وعن أبي سعيد الخدري قال: لحن القول بغضهم عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: كنّا نعرف المنافقين على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ببغضهم عليّ بن أبي طالب، وروى مثل ذلك عن جابر بن عبد الله الأنصاري، وعن عبادة بن الصامت قال: كنا نبور(١) أولادنا بحب عليّ بن أبي طالب، فاذا رأينا أحدهم لا يحبه علمنا أنه لغير رشدة(٢) قال أنس: ما خفي منافق على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد هذه الآية.

٨٢ ـ ـ وفيه قرأ أبي بكر ليبلونكم وما بعده بالياء وهو المروي عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام .

٨٣ ـ في تفسير علي بن إبراهيم:( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ) قال: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وشاقوا الرسول أي قطعوه في أهل بيته بعد أخذه الميثاق عليهم له.

٨٤ ـ في عيون الأخبار في باب آخر فيما جاء عن الرضاعليه‌السلام من الأخبار المجموعة وباسناده قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اختاروا الجنة على النار ولا تبطلوا أعمالكم تقذفوا في النار منكبين خالدين فيها أبدا.

٨٥ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

من قال سبحان الله غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: الحمد لله غرس الله له بها شجرة في الجنة ومن قال: لا إله إلّا الله غرس الله له بها شجرة في الجنة، ومن قال: الله أكبر غرس الله له بها شجرة في الجنة، فقال رجل من قريش: يا رسول الله إنّ شجرنا في الجنة لكثير؟ قال: نعم، ولكن إياكم أنْ ترسلوا عليها نيرانا فتحرقونها، وذلك أنّ اللهعزوجل يقول:( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ )

٨٦ ـ في تفسير علي بن إبراهيم( وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ ) كافة( فَاجْنَحْ لَها ) قال :

__________________

(١) باره: جربه واختبره.

(٢) الرشدة ـ بالفتح والكسر ـ: ضد الزنية يقال: ولد لرشدة.

٤٦

هي منسوخة بقوله:( فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ ) ٨٧ ـ في جوامع الجامع: ولن يتركم أعمالكم هو من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلا أو حربته وحقيقته أفردته في حميمه أو ماله من الوتر وهو الفرد ومنه قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من فاتته صلوة العصر فكأنما وتر اهله وماله أي أفرد عنهما قتلا ونهبا.

٨٨ ـ في تفسير علي بن إبراهيم: ويخرج أضغانكم قال: العداوة التي في صدوركم وان تتولوا يعنى عن ولاية أمير المؤمنين صلوات الله عليه يستبدل قوما غيركم قال: يدخلهم في هذا الأمر( ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ ) في معاداتكم وخلافكم وظلمكم لآل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حدثني محمد بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن جعفر عن السندي بن محمد عن يونس بن يعقوب عن يعقوب بن قيس قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : يا ابن قيس( وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ ) عنى أبناء الموالي المعتقين.

٨٩ ـ في مجمع البيان روى أبو هريرة أنّ أناسا من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا: يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله في كتابه؟ وكان سلمان إلى جنب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضربعليه‌السلام يده على فخذ سلمان فقال: هذا وقومه، والذي نفسي بيده لو كان الايمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس.

٩٠ ـ وروى أبو بصير عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: «ان تنولوا يا معشر العرب( يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ) يعنى الموالي.

٩١ ـ وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قد والله أبدل خيرا منهم الموالي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: حصنوا أموالكم ونسائكم وما ملكت ايمانكم من التلف بقراءة( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ) فانه إذا كان ممن يدمن قراءتها نادى مناد يوم القيامة حتى تسمع الخلايق: أنت من عبادي

٤٧

المخلصين، الحقوه بالصالحين من عبادي، وأدخلوه جنات النعيم، واسقوه من الرحيق المختوم بمزاج الكافور.

٢ ـ في مجمع البيان أبيّ بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرأها فكأنما شهد مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ ـ وفي رواية فكأنه كان مع من بايع محمد تحت الشجرة. عمر بن الخطاب قال: كنا مع رسول الله في سفر فقال: نزلت على البارحة سورة هي أحب إلى من الدنيا وما فيها( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ ) إلى قوله( وَما تَأَخَّرَ ) أورده البخاري في الصحيح.

٤ ـ قتادة عن أنس قال: لـمّا رجعنا من غزاة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكابة أنزل اللهعزوجل :( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لقد نزلت عليَّ آية هي أحبُّ إليَّ من الدنيا وما فيها.

٥ ـ عبد الله بن مسعود قال أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الحديبية فجعلت ناقته تثقل، فتقدمنا فانزل الله عليه:( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ) فأدركنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبه من السرور ما شاء الله، فأخبر انها نزلت عليه.

٦ ـ في تفسير العياشي عن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ما ترك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) حتى نزلت سورة الفتح، فلم يعد إلى ذلك الكلام.

٧ ـ في تفسير علي بن إبراهيم قال: وكان إساف ونايله رجلا وامرأة عجوز شمطاء(١) تخمش وجهها تدعو بالويل فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تلك نايلة يبست(٢) أنْ تعيد ببلادكم هذه

في مجمع البيان اختلف في هذا الفتح على وجوه أحدها أنّ المراد به فتح مكّة وعده الله ذلك عام الحديبية عند انكفائه منها عن انس وقتادة وجماعة من المفسرين.

__________________

(١) الشمطاء: التي خالط بياض رأسها سواد.

(٢) كذا.

٤٨

٨ ـ قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه: ستقف إنشاء الله عند قوله تعالى:( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ) الآية على حديث عن الرضاعليه‌السلام وفيه يقولعليه‌السلام : فلما فتح الله تعالى على نبيه مكة قال له: يا محمد( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) .

رجعنا إلى كلام مجمع البيان إلى قوله: وثالثها أنّ المراد بالفتح هنا فتح خيبر عن مجاهد والعوفي وروى عن مجمع بن حارثة الأنصاري كان أحد القراء قال: شهدنا الحديبية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر(١) فقال بعض الناس لبعض: ما بال الناس؟ قالوا: اوحى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فخرجنا نوجف فوجدنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واقفا على راحلته عند كراع الغميم(٢) فلما اجتمع الناس إليه قرء( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً ) السورة فقال عمر: افتح هو يا رسول الله؟ قال نعم والذي نفسي بيده، انه لفتح فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل فيها أحد إلّا من شهدها.

٩ ـ في جوامع الجامع وقيل: هو فتح الحديبية، فروى أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا رجع من الحديبية قال رجل من أصحابه: ما هذا الفتح لقد صددنا عن البيت وصد هدينا، فقالعليه‌السلام : بئس الكلام هذا بل هو أعظم الفتوح، قد رضى المشركون أنْ يدفعوكم عن بلادهم بالراح ويسألوكم القضية ورغبوا إليكم في الامان وقد رأوا منكم ما كرهوا.

وعن الزهري: لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية، وذلك أنّ المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم، فتمكن الإسلام في قلوبهم وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، كثر بهم سواد الإسلام، والحديبية بئر نفد ماؤها حتى لم يبق فيها قطرة فأتاها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس على شفيرها(٣) ثم دعا بإناء من ماء فتوضى ثم

__________________

(١) هزه: حركه. والأباعر جمع بعير.

(٢) كراع الغميم: وواد بينه وبين المدينة نحو من مأة وسبعين ميلا، وبينه وبين مكة نحو ثلاثين ميلا.

(٣) الشفير: ناحية كل شيء.

٤٩

تمضمض ومجه(١) فيها ففارت بالماء حتى أصدرت جميع من معه وركابهم.

وعن سالم بن أبي الجعد قال: قلت لجابر: كم كنتم تحت الشجرة؟ قال(٢) كنا ألفا وخمسمائة وذكر عطشا أصابهم قال: فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بماء في تور فوضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه كأنه العيون، قال فشربنا ووسعنا وكفانا ولو كنا مأة ألف كفانا.

١٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أحمد عن عمه عبد الله بن الصلت عن الحسن بن علي بن بنت الياس عن أبي الحسنعليه‌السلام قال: سمعته يقول: إنّ عليّ بن الحسينعليه‌السلام لـمّا حضرته الوفاة أغمي عليه ثم فتح عينيه وقرأ:( إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ ) «و( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً ) وقال:( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ) ثم قبض من ساعته ولم يقل شيئا.

١١ ـ في كتاب طب الائمةعليهم‌السلام باسناده إلى جابر الجعفي عن محمد الباقرعليه‌السلام قال: كنت عند علي بن الحسينعليهما‌السلام إذا أتاه رجل من بني أميّة من شيعتنا، فقال له: يا ابن رسول الله ما قدرت أنْ أمشى إليك من وجع رجلي، قال: أين أنت من عوذة الحسين بن عليعليه‌السلام ؟ قال: يا ابن رسول الله وما ذاك؟ قال آية( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَكانَ ذلِكَ عِنْدَ اللهِ فَوْزاً عَظِيماً وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ

__________________

(١) مج الماء من فيه: رمى به.

(٢) التور: إناء صغير.

٥٠

مَصِيراً وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً ) قال: ففعلت ما أمرنى به، فما حسست بعد ذلك بشيء منها بعون الله تعالى.

١٢ ـ في تفسير علي بن إبراهيم حدّثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان سبب نزول هذه الآية وهذا الفتح العظيم أنّ الله جلّ وعز أمر رسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في النوم أنْ يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين، فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا فلما نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا بالبدن، وساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستة وستين بدنة وأشعرها عند إحرامه وأحرموا من ذي الحليفة ملبين بالعمرة وقد ساق من ساق منهم الهدى معرات(١) مجللات، فلما بلغ قريشا ذلك بعثوا خالد بن وليد في مأتى فارس كمينا يستقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فكان يعارضه على الجبال، فلما كان في بعض الطريق حضرت صلوة الظهر فاذن بلال فصلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس فقال خالد بن الوليد: لو كنا حملنا عليهم وهم في الصلوة لأصبناهم فإنهم لا يقطعون صلوتهم ولكن تجيء الآن لهم صلوات اخرى أحب إليهم من ضياء أبصارهم، فاذا دخلوا في الصلوة أغرنا عليهم فنزل جبرئيلعليه‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بصلوة الخوف في قولهعزوجل :( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) الآية وهذه الآية في سورة النساء وقد كتبنا خبر صلوة الخوف فيها، فلما كان في اليوم الثاني نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحديبية وهي على طرف الحرم، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستنفر الاعراب في طريقه، فلم يتبعه أحد ويقولون: أيطمع محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه أنْ يدخل الحرم أو قد غزتهم قريش في عقر ديارهم(٢) فقتلوهم، أنه لا يرجع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه إلى المدينة أبدا، فلمّا نزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الحديبيّة خرجت قريش يحلفون باللّات والعزّى لا يدعون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يدخل مكّة وفيهم عين تطرف فبعث إليهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّى لم آت لحرب وإنّما جئت لأقضي مناسكي وانحر بدني وأخلى بينكم وبين لحمانها(٣) ، فبعثوا عروة بن

__________________

(١) أي كانت بعضها عرات وبعضها مجللات.

(٢) عقر الدار: أصلها ووسطها.

(٣) اللحمان جمع اللحم.

٥١

مسعود الثقفي وكان عاقلا لبيبا وهو الذي أنزل الله فيه:( وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) فلما أقبل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عظم ذلك وقال: يا محمد تركت قومك وقد ضربوا الابنية وأخرجوا العوذ المطافيل(١) يحلفون باللات والعزى لا يدعوك تدخل مكة، فان مكة حرمهم وفيهم عين تطرف أفتريد أنْ تبيد أهلك(٢) وقومك يا محمد، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما جئت لحرب وإنّما جئت لا قضى مناسكي وانحر بدني وأخلى بينهم وبين لحمانها فقال عروة: والله ما رأيت كاليوم أحدا صد كما صددت، فرجع إلى قريش فأخبرهم فقالت قريش: والله لئن دخل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة وتسامعت به العرب لنذلن ولتجترين علينا العرب، فبعثوا حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو، فلما نظر إليهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال ويح قريش قد نهكتهم الحرب(٣) الاخلوا بيني وبين العرب، فان أك صادقا فانما آخذ الملك لهم مع النبوة، وان أك كاذبا كفتهم ذؤبان العرب(٤) لا يسألني اليوم امرء من قريش خطة ليس لله فيها سخط إلّا أجبتم اليه، فلما وافوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا: يا محمّد لم لا ترجع عنا عامك هذا إلى أنْ تنتظر إلى ما يصير أمرك وأمر العرب [على أنْ ترجع من عامك] فان العرب قد تسامعت بمسيرك فاذا دخلت بلادنا وحرمنا استذلتنا العرب واجترت علينا ونخلي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيام حتى تقضى نسكك وتنصرف عنا، فأجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك وقالوا له: ترد إلينا من جاءكم من رجالنا، ونرد إليك كل من جاءنا من رجالك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جاءكم من رجالنا فلا حاجة لنا فيه، ولكن على أنّ المسلمين بمكّة لا يؤذون في اظهارهم الإسلام، ولا

__________________

(١) قال الجزري: يريد النساء والصبيان. والعوذ في الأصل جمع عائذ وهي الناقة إذا وضعت وبعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها، والمطافيل: الإبل مع أولادها، يريد انهم جاؤا بأجمعهم كبارهم وصغارهم.

(٢) أي تهلكهم.

(٣) أي أضرت بهم وأثرت فيهم.

(٤) الذؤبان: الصعاليك واللصوص.

٥٢

يكرهون ولا ينكر عليهم شيء يفعلونه من شرايع الإسلام، فتقبلوا ذلك، فلما أجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الصلح أنكر عامة أصحابه وأشد ما كان إنكارا عمر فقال: يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ فقال: نعم، قال: فنعطى الذلة في ديننا؟ فقال: إنّ اللهعزوجل قد وعدني ولن يخلفني، فقال: لو أنّ معى أربعين رجلا لخالفته، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبرهم بالصلح، فقال عمر: يا رسول الله ألم تقل لنا أنْ ندخل المسجد الحرام ونحلق من المحلقين؟ فقال: أمن عامنا هذا وعدتك؟ وقلت لك أنّ اللهعزوجل وعدني أنْ أفتح مكّة وأطوف وأسعى وأحلق مع المحلقين، فلما أكثروا عليه قال: إنْ لم تقبلوا الصلح فحاربوهم، فمروا نحو قريش وهم مستعدون للحرب، وحملوا عليهم، فانهزم أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هزيمة قبيحة ومروا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتبسم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال: يا عليُّ خذ السيف وأستقبل قريشا، فأخذ أمير المؤمنين صلوات الله عليه سيفه وحمل على قريش، فلما نظروا إلى أمير المؤمنين صلوات الله عليه تراجعوا ثمّ قالوا: يا عليُّ بدا لمحمّد فيما أعطانا فقالعليه‌السلام : لا وتراجع أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مستحيين وأقبلوا يعتذرون إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألستم أصحابى يوم بدر إذ أنزل اللهعزوجل فيكم:( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) ألستم أصحابى يوم أحد( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ ) ألستم أصحابى يوم كذا؟ ألستم أصحابى يوم كذا؟ فاعتذروا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وندموا على ما كان منهم، وقالوا: الله اعلم ورسوله فاصنع ما بدا لك ورجع حفص بن الأحنف وسهيل بن عمرو إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالا: يا محمد قد أجابت قريش إلى ما اشترطت، من إظهار الإسلام وان لا يكره أحد على دينه فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالمكتب ودعا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وقال له أكتب فكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل بن عمرو: لا نعرف الرحمن أكتب كما كان يكتب آباؤك: باسمك اللهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أكتب باسمك اللهم، فانه اسم من أسماء الله، ثم كتب: هذا ما تقاضى عليه محمد رسول الله والملاء من قريش فقال

٥٣

سهيل بن عمرو: لو نعلم انك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما حاربناك ؛ اكتب: هذا ما تقاضى عليه محمد بن عبد الله أتأنف من نسبك يا محمد؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا رسول الله وان لم تقروا، ثم قال: أمح يا عليُّ واكتب محمّد بن عبدالله فقال أمير المؤمنين: ما أمحو اسمك من النبوة أبدا، فمحاه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيده ثمّ كتب: هذا ما اصطلح به محمّد بن عبدالله والملأ من قريش وسهيل بن عمرو، اصطلحوا على وضع الحرب بينهم عشر سنين على أنْ يكف بعضنا عن بعض، وعلى أنه لا اسلال ولا أغلال(١) وان بيننا وبينهم عيبة مكفوفة(٢) وان من أحبّ أنْ يدخل في عهد محمّد وعقده فعل، ومن أحبّ أنْ يدخل في عهد قريش وعهدها فعل، وأنه من أتى محمّدا بغير اذن وليه يرد إليه وانه من أتى قريشا من أصحاب محمّد لم ترده إليه، وأنْ يكون الإسلام ظاهرا ولم يكره أحدا على دينه ولا يؤذى ولا يعير، وان محمدا يرجع عنهم عامة هذا وأصحابه ؛ ثم يدخل علينا في العام القابل مكة فيقيم فيها ثلاثة أيام لا يدخل عليها بسلاح إلّا سلاح المسافر السيوف في القرب(٣) وكتبه عليّ بن أبي طالب وشهد على الكتاب المهاجرون والأنصار ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عليُّ انك أبيت أنْ تمحو اسمى من النبوة ؛ فو الذي بعثني بالحق نبيا لتجيبن أبناءهم إلى مثلها وأنت مضيض مضطهد(٤) فلما كان يوم صفين ورضوا بالحكمين كتب: هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين على بن

__________________

(١) الإسلال: السرقة الخفية، يقال: سل البعير أو غيره في جوف الليل: إذا انتزعه من بيل الإبل. والأغلال: الخيانة.

(٢) قال الجزري: أي بينهم صدر نقى من الغل والخداع مطوى على الوفاء بالصلح، والمكفوفة: المشرجة المشدودة. وقيل: أراد أنْ بينهم موادعة ومكافة عن الحرب تجريان مجرى المودة التي تكون بين المتصافين الذين يثق بعضهم إلى بعض.

(٣) قرب ـ بضمتين ـ جمع قراب ـ بالكسر ـ: الغمد وقيل: هو وعاء يكون فيه السيف بغمده وحمالته.

(٤) مض الرجل من الشيء مضيضا: الم من وجع المصيبة. والمضطهد: المقهور والمؤذى.

٥٤

ابى طالبعليه‌السلام ومعاوية بن أبي سفيان فقال عمرو بن العاص: لو علمنا انك أمير المؤمنين ما حاربناك، ولكن اكتب: هذا ما اصطلح عليه عليّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، فقال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: صدق الله وصدق رسوله أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ثم كتب الكتاب قال: فلما كتبوا الكتاب قامت خزاعة فقالت: نحن في عهد محمد رسول الله وعقده وقامت بنو بكر فقالت: نحن في عهد قريش وعقدها، وكتبوا نسختين نسخة عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونسخة عند سهيل بن عمرو، ورجع سهيل بن عمرو وحفص بن الأحنف إلى قريش فأخبراهم وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه: انحروا بدنكم واحلقوا رؤسكم فامتنعوا وقالوا: كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت ولم نسع بين الصفا والمروة؟ فاغتم لذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وشكا ذلك إلى أم سلمة ؛ فقالت: يا رسول الله أنحر أنت وأحلق فنحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فحلق، فنحر القوم على حيث يقين وشك وارتياب، فقال رسول الله تعظيما للبدن: رحم الله المحلقين وقال قوم: أنسوق البدن يا رسول الله والمقصرين لان من لم يسق هديا لم يجب عليه الحق، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثانيا: رحم الله المحلقين الذين لم يسوقوا الهدى، فقالوا: يا رسول الله والمقصرين؟ فقال: رحم الله المقصرين، ثم رحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نحو المدينة، فرجع إلى التنعيم(١) ونزلت تحت الشجرة، فجاء أصحابه الذين أنكروا عليه الصلح، واعتذروا وأظهروا الندامة على ما كان منهم، وسألوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنْ يستغفر لهم، فنزلت آية الرضوان( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) .

١٣ ـ حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا محمد بن أحمد عن محمد بن الحسين عن علي بن نعمان عن علي بن أيوب عن عمر بن يزيد بياع السابري قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : قول الله في كتابه:( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) قال: ما كان له ذنب ولا هم بذنب، ولكن الله حمله ذنوب شيعته ثم غفر لها،( وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ

__________________

(١) التنعيم: موضع قريب مكة.

٥٥

يَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً )

١٤ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسيرحمه‌الله روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعليٍّعليه‌السلام فانّ آدمعليه‌السلام تاب الله عليه من خطيئة؟ قال له عليٌّعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزل فيه ما هو أكبر من هذا من غير ذنب أتى، قال اللهعزوجل ( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) إنّ محمّدا غير مواف يوم القيمة بوزر ولا مطلوب فيها بذنب، وقالعليه‌السلام : ولقد كانصلى‌الله‌عليه‌وآله يبكى حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله أليس الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: بلى أفلا أكون عبدا شكورا؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٥ ـ في مجمع البيان روى المفضل بن عمر عن الصادقعليه‌السلام قال: سأله رجل عن هذه الآية، فقال: والله ما كان له ذنب ولكن الله سبحانه ضمن أنْ يغفر ذنوب شيعة علىعليه‌السلام ما تقدم من ذنبهم وما تأخر.

١٦ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب وأتت فاطمة بنت عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى جابر بن عبد الله فقالت له: يا صاحب رسول الله إنّ لنا عليكم حقوقا، عليكم أنْ إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أنْ تذكروه الله وتدعوه إلى البقيا(١) على نفسه وهذا علي بن الحسين بقية أبيه الحسين قد انخرم انفه ونقبت جبهته(٢) وركبتاه وراحتاه أذاب نفسه في العبادة، فأتى جابر إليه فاستأذن فلما دخل عليه وجده في محرابه قد انصبته العبادة(٣) فنهض على فسئله عن حاله سؤالا خفيا، ثم أجلسه بجنبه، ثم أقبل جابر يقول: يا ابن رسول الله اما علمت أنّ الله انما خلق الجنة لكم ولمن أحبّكم؟ وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم؟ فما هذا الجهد الذي كلفته نفسك؟ قال له عليّ بن الحسين :

__________________

(١) البقيا: الإثم من أبقيت عليه إبقاء: إذا رحمته وأشفقت عليه.

(٢) الانخرام: انشقاق وترة الأنف وفي الكلام كناية عن شدة المشقة. ونقبت جبهته: أي انخرقت.

(٣) أي أتعبه وأعيته.

٥٦

يا صاحب رسول الله اما علمت أنّ جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، فلم يدع الاجتهاد وتعبد هو بأبي وأمّي حتى انتفخ الساق وورم القدم؟ وقيل له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبدا شكورا؟.

١٧ ـ في كتاب سعد السعود لابن طاوسرحمه‌الله أقول: وأمّا لفظ( ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) فالذي نقلناه من طريق أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أنّ المراد منه( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) عند أهل مكّة وقريش، يعنى ما تقدّم قبل الهجرة وبعدها ؛ فانك إذا فتحت مكّة بغير قتل لهم ولا استيصال ولا أخذهم بما قدموه من العداوة والقتال، غفروا ما كان يعتقدونه ذنبا لك عندهم متقدما أو متأخرا، وما كان يظهر من عداوته في مقابلة عداوتهم له، فلما رأوه قد تحكم وتمكن وما استقصى غفروا ما ظنوه من الذنوب.

١٨ ـ في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس آخر للرضاعليه‌السلام عند المأمون في عصمة الأنبياءعليهم‌السلام باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون وعنده الرضاعليه‌السلام فقال المأمون: يا ابن رسول الله أليس من قولك إنّ الأنبياء معصومون؟ قال: بلى، قال: فما معنى قول اللهعزوجل إلى أنْ قال: فأخبرنى عن قول الله تعالى:( لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) قال الرضاعليه‌السلام : لم يكن أحد عند مشركي مكة أعظم ذنبا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهم كانوا يعبدون من دون الله ثلاثمأة وستين صنما فلما جاءهم بالدعوة إلى كلمة الإخلاص كبر ذلك عليهم وعظم «وقالوا( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ ) فلما فتح الله تعالى على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة، قال له: يا محمد( إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ ) عند مشركي أهل مكة بدعاءك توحيد الله فيما تقدم وما تأخر، لان مشركي مكة أسلم بعضهم وخرج بعضهم عن مكة، ومن بقي منهم لم يقدر على انكار التوحيد إذا

٥٧

دعا الناس اليه، فصار ذنبه عندهم في ذلك مغفورا بظهوره عليهم، فقال المأمون: لله درك يا أبا الحسن.

١٩ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام قال: هذا شرايع الدين إلى أنْ قالعليه‌السلام : والأنبياء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم، لأنهم معصومون مطهرون.

٢٠ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عمر أربعين سنة إلى أنْ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن عمر ثلاثين سنة غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٢١ ـ عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: فاذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

٢٢ ـ عن أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما من عمر يعمر إلى أنْ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : فاذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وسمى أسير الله في أرضه، ويشفع في أهل بيته.

٢٣ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن أبيهعليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه حروب علىعليه‌السلام وكانت السيرة فيهم لأمير المؤمنينعليه‌السلام ما كان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل مكة يوم فتح مكة، وانه لم يسب لهم ذرية، وقال: من أغلق بابه والقى سلاحه أو دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وكذلك قال أمير المؤمنينعليه‌السلام فيهم يوم البصرة: لا تسبوا لهم ذرية، ولا تجهزوا على جريح(١) ولا تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه والقى سلاحه فهو آمن.

٢٤ ـ عن جابر الجعفي عن أبي جعفرعليه‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد سأله رأس اليهود كم يمتحن الله الأوصياء في حيوة الأنبياء وبعد وفاتهم، وذكر حديثا طويلا وفيه يقولعليه‌السلام وأمّا السادسة يا أخا اليهود فتحكيمهم الحكمين ومحاربة ابن آكلة الأكباد، وهو طليق بن طليق معاند للهعزوجل ولرسوله وللمؤمنين منذ

__________________

(١) أجهز على الجريح: شد عليه وأسرع وأتم قتله.

٥٨

بعث الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أنْ فتح الله عليه مكّة عنوة فأخذت بيعته وبيعة أبيه لي معه في ذلك اليوم وفي ثلاثة مواطن بعد، وأبوه بالأمس أول من سلم عليَّ بامرة المؤمنين، وجعل يحثّني على النهوض في أخذ حقّي من الماضين قبلي، يجدد لي بيعته كلّما أتاني.

٢٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لأي علة يكبر المصلى بعد التسليم ثلاثا يرفع بها يديه؟ فقال: لان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لـمّا فتح مكّة صلى بأصحابه الظهر عند الحجر الأسود، فلمّا سلّم رفع يده وكبّر ثلاثا وقال: لا إله إلّا الله وحده وحده وحده أنجز وعده ونصر عبده وأعزّ جنده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كلى شيء قدير، ثم أقبل على أصحابه فقال: لا تدعوا هذا التكبير وهذا القول في دبر كل صلوة مكتوبة، فان من فعل ذلك بعد التسليم وقال هذا القول، كان قد أدّى ما يجب عليه من شكر الله تعالى ذكره على تقوية الإسلام وجنده.

٢٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هو الايمان.

٢٧ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن العلا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: السكينة الايمان.

٢٨ ـ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص البختري وهشام بن سالم وغيرهما عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: هو الايمان.

٢٩ ـ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى بن عبيد عن يونس عن جميل قال: سألت أبا ـ عبداللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ) قال: الايمان قال عز من قائل:( لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ )

٥٩

٣٠ ـ في أصول الكافي علي بن إبراهيم عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد قال: حدّثنا أبو عمرو الزبيري عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت له: ايها العالم أخبرنى أي الأعمال أفضل عند الله؟ قال: ما لا يقبل الله شيئا إلّا به، قلت: وما هو؟ قال: الايمان بالله الذي لا إله إلّا هو أعلى الأعمال درجة، وأشرفها منزلة وأسناها حظا قال: قلت: ألآ تخبرني عن الايمان أقول هو وعمل أم قول بلا عمل؟ فقال: الايمان عمل كلّه، والقول بعض ذلك العمل، بفرض من الله بين في كتابه واضح نوره ثابتة حجته يشهد له به الكتاب ويدعوه إليه(١) قال قلت: صفه لي جعلت فداك حتى أفهمه قال: الايمان حالات درجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهى تمامه، ومنه الناقص المبين نقصانه، ومنه الراجح الزائد رجحانه، قلت: إنّ الايمان ليتم وينقص ويزيد؟ قال: نعم، قلت: كيف ذلك؟ قال: لانّ الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقة فيها، فليس من جوارحه جارحة إلّا وقد وكلت من الايمان بغير ما وكلت به أختها، فمن لقى اللهعزوجل حافظا لجوارحه موفيا كل جارحة من جوارحه ما فرض اللهعزوجل عليها لقى اللهعزوجل مستكملا لإيمانه وهو من أهل الجنة، ومن خانه في شيء منها أو تعدى ما أمر اللهعزوجل فيها لقى اللهعزوجل ناقص الايمان، قلت: قد فهمت نقصان الايمان وتمامه، فمن اين جاءت زيادته؟ فقال: قول اللهعزوجل :( وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ ) وقال:( نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً ) ولو كان كله واحدا لا زيادة فيه ولا نقصان لم يكن لأحد منهم فضل على الاخر ولاستوت النعم فيه، ولاستوى الناس وبطل التفضيل

__________________

(١) قوله (عليه السلام)«واضح نوره» صفة للفرض وكذا «ثابتة حجته» وقوله «يشهد له» إلى لكونه عملا أو للعامل «به» أي بذلك الفرض «ويدعو اليه» أي يدعو العامل إلى ذلك الفرض قاله في الوافي.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

٢٥٥

وَ قَالَ ع إِذَا أَمْلَقْتُمْ فَتَاجِرُوا اَللَّهَ بِالصَّدَقَةِ قد تقدم القول في الصدقة.و قالت الحكماء أفضل العبادات الصدقة لأن نفعها يتعدى و نفع الصلاة و الصوم لا يتعدى.

وجاء في الأثر أن عليا ع عمل ليهودي في سقي نخل له في حياة رسول الله ص بمد من شعير فخبزه قرصا فلما هم أن يفطر عليه أتاه سائل يستطعم فدفعه إليه و بات طاويا و تاجر الله تعالى بتلك الصدقة فعد الناس هذه الفعلة من أعظم السخاء و عدوها أيضا من أعظم العبادة.و قال بعض شعراء الشيعة يذكر إعادة الشمس عليه و أحسن فيما قال:

جاد بالقرص و الطوى مل‏ء جنبيه

و عاف الطعام و هو سغوب

فأعاد القرص المنير عليه القرص

و المقرض الكرام كسوب

١٠١

٢٥٦

وَ قَالَ ع اَلْوَفَاءُ لِأَهْلِ اَلْغَدْرِ غَدْرٌ عِنْدَ اَللَّهِ وَ اَلْغَدْرُ بِأَهْلِ اَلْغَدْرِ وَفَاءٌ عِنْدَ اَللَّهِ معناه أنه إذا اعتيد من العدو أن يغدر و لا يفي بأقواله و أيمانه و عهوده لم يجز الوفاء له و وجب أن ينقض عهوده و لا يوقف مع العهد المعقود بيننا و بينه فإن الوفاء لمن هذه حاله ليس بوفاء عند الله تعالى بل هو كالغدر في قبحه و الغدر بمن هذه حاله ليس بقبيح بل هو في الحسن كالوفاء لمن يستحق الوفاء عند الله تعالى

١٠٢

٢٥٧

وَ قَالَ ع كَمْ مِنْ مُسْتَدْرَجٍ بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَ مَغْرُورٍ بِالسَّتْرِ بِالسِّتْرِ عَلَيْهِ وَ مَفْتُونٍ بِحُسْنِ اَلْقَوْلِ فِيهِ وَ مَا اِبْتَلَى اَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَحَداً بِمِثْلِ اَلْإِمْلاَءِ لَهُ قال الرضيرحمه‌الله تعالى و قد مضى هذا الكلام فيما تقدم إلا أن فيه هاهنا زيادة جيدة قد تقدم الكلام في الاستدراج و الإملاء و قال بعض الحكماء احذر النعم المتواصلة إليك أن تكون استدراجا كما يحذر المحارب من اتباع عدوه في الحرب إذا فر من بين يديه من الكمين و كم من عدو فر مستدرجا ثم إذ هو عاطف و كم من ضارع في يديك ثم إذ هو خاطف

١٠٣

٢٥٨

و من كلامه ع المتضمن ألفاظا من الغريب تحتاج إلى تفسير قوله ع في حديثه : فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ ضَرَبَ يَعْسُوبُ اَلدِّينِ بِذَنَبِهِ فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ اَلْخَرِيفِ قال الرضيرحمه‌الله تعالى يعسوب الدين السيد العظيم المالك لأمور الناس يومئذ و القزع قطع الغيم التي لا ماء فيها أصاب في اليعسوب فأما القزع فلا يشترط فيها أن تكون خالية من الماء بل القزع قطع من السحاب رقيقة سواء كان فيها ماء أو لم يكن الواحدة قزعة بالفتح و إنما غره قول الشاعر يصف جيشا بالقلة و الخفة

كأن رعاله قزع الجهام

و ليس يدل ذلك على ما ذكره لأن الشاعر أراد المبالغة فإن الجهام الذي لا ماء فيه إذا كان أقطاعا متفرقة خفيفة كان ذكره أبلغ فيما يريده من التشبيه و هذا الخبر من أخبار الملاحم التي كان يخبر بها ع و هو يذكر فيه المهدي الذي يوجد عند أصحابنا في آخر الزمان و معنى قوله ضرب بذنبه أقام و ثبت بعد

١٠٤

اضطرابه و ذلك لأن اليعسوب فحل النحل و سيدها و هو أكثر زمانه طائر بجناحيه فإذا ضرب بذنبه الأرض فقد أقام و ترك الطيران و الحركة.فإن قلت فهذا يشبه مذهب الإمامية في أن المهدي خائف مستتر ينتقل في الأرض و أنه يظهر آخر الزمان و يثبت و يقيم في دار ملكه.قلت لا يبعد على مذهبنا أن يكون الإمام المهدي الذي يظهر في آخر الزمان مضطرب الأمر منتشر الملك في أول أمره لمصلحة يعلمها الله تعالى ثم بعد ذلك يثبت ملكه و تنتظم أموره.و قد وردت لفظة اليعسوب عن أمير المؤمنين ع في غير هذا الموضع قال يوم الجمل لعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد و قد مر به قتيلا هذا يعسوب قريش أي سيدها

١٠٥

٢٥٩

وَ فِي حَدِيثِهِ ع : هَذَا اَلْخَطِيبُ اَلشَّحْشَحُ قال يريد الماهر بالخطبة الماضي فيها و كل ماض في كلام أو سير فهو شحشح و الشحشع في غير هذا الموضع البخيل الممسك قد جاء الشحشح بمعنى الغيور و الشحشح بمعنى الشجاع و الشحشح بمعنى المواظب على الشي‏ء الملازم له و الشحشح الحاوي و مثله الشحشحان.و هذه الكلمة قالها علي ع لصعصعة بن صوحان العبديرحمه‌الله و كفى صعصعة بها فخرا أن يكون مثل علي ع يثني عليه بالمهارة و فصاحة اللسان و كان صعصعة من أفصح الناس ذكر ذلك شيخنا أبو عثمان الجاحظ

١٠٦

٢٦٠

و منه : إِنَّ لِلْخُصُومَةِ قُحَماً قال يريد بالقحم المهالك لأنها تقحم أصحابها في المهالك و المتالف في الأكثر فمن ذلك قحمة الأعراب و هو أن تصيبهم السنة فتتفرق أموالهم فذلك تقحمها فيهم و قيل فيه وجه آخر و هو أنها تقحمهم بلاد الريف أي تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو أصل هذا البناء للدخول في الأمر على غير روية و لا تثبت قحم الرجل في الأمر بالفتح قحوما و أقحم فلان فرسه البحر فانقحم و اقتحمت أيضا البحر دخلته مكافحة و قحم الفرس فارسه تقحيما على وجهه إذا رماه و فحل مقحام أي يقتحم الشول من غير إرسال فيها.و هذه الكلمة قالها أمير المؤمنين حين وكل عبد الله بن جعفر في الخصومة عنه و هو شاهد.و أبو حنيفة لا يجيز الوكالة على هذه الصورة و يقول لا تجوز إلا من غائب أو مريض و أبو يوسف و محمد يجيزانها أخذا بفعل أمير المؤمنين ع

١٠٧

٢٦١

و منه : إِذَا بَلَغَ اَلنِّسَاءُ نَصَّ اَلْحِقَاقِ فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى قال و يروى نص الحقائق و النص منتهى الأشياء و مبلغ أقصاها كالنص في السير لأنه أقصى ما تقدر عليه الدابة و يقال نصصت الرجل عن الأمر إذا استقصيت مسألته لتستخرج ما عنده فيه و نص الحقاق يريد به الإدراك لأنه منتهى الصغر و الوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبر و هو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر و أغربها يقول فإذا بلغ النساء ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من أمها إذا كانوا محرما مثل الإخوة و الأعمام و بتزويجها إن أرادوا ذلك.و الحقاق محاقة الأم للعصبة في المرأة و هو الجدال و الخصومة و قول كل واحد منهما للآخر أنا أحق منك بهذا يقال منه حاققته حقاقا مثل جادلته جدالا قال و قد قيل إن نص الحقاق بلوغ العقل و هو الإدراك لأنه ع إنما أراد منتهى الأمر الذي تجب به الحقوق و الأحكام.قال و من رواه نص الحقائق فإنما أراد جمع حقيقة هذا معنى ما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام.قال و الذي عندي أن المراد بنص الحقاق هاهنا بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها و تصرفها في حقوقها تشبيها بالحقاق من الإبل و هي جمع حقة و حق و هو الذي استكمل ثلاث سنين و دخل في الرابعة و عند ذلك يبلغ إلى الحد الذي يمكن فيه من ركوب ظهره و نصه في سيره و الحقائق أيضا جمع حقة

١٠٨

فالروايتان جميعا ترجعان إلى مسمى واحد و هذا أشبه بطريقة العرب من المعنى المذكور أولا أما ما ذكره أبو عبيد فإنه لا يشفي الغليل لأنه فسر معنى النص و لم يفسر معنى نص الحقائق بل قال هو عبارة عن الإدراك لأنه منتهى الصغر و الوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبر و لم يبين من أي وجه يدل لفظ نص الحقاق على ذلك و لا اشتقاق الحقاق و أصله ليظهر من ذلك مطابقة اللفظ للمعنى الذي أشير إليه.فأما قوله الحقاق هاهنا مصدر حاقه يحاقه فلقائل أن يقول إن كان هذا هو مقصوده ع فقبل الإدراك يكون الحقاق أيضا لأن كل واحدة من القرابات تقول للأخرى أنا أحق بها منك فلا معنى لتخصيص ذلك بحال البلوغ إلا أن يزعم زاعم أن الأم قبل البلوغ لها الحضانة فلا ينازعها قبل البلوغ في البنت أحد و لكن في ذلك خلاف كثير بين الفقهاء.و أما التفسير الثاني و هو أن المراد بنص الحقاق منتهى الأمر الذي تجب به الحقوق فإن أهل اللغة لم ينقلوا عن العرب أنها استعملت الحقاق في الحقوق و لا يعرف هذا في كلامهم.فأما قوله و من رواه نص الحقائق فإنما أراد جمع حقيقة فلقائل أن يقول و ما معنى الحقائق إذا كانت جمع حقيقة هاهنا و ما معنى إضافة نص إلى الحقائق جمع حقيقة فإن أبا عبيدة لم يفسر ذلك مع شدة الحاجة إلى تفسيره.و أما تفسير الرضيرحمه‌الله فهو أشبه من تفسير أبي عبيدة إلا أنه قال في آخره

١٠٩

و الحقائق أيضا جمع حقة فالروايتان ترجعان إلى معنى واحد و ليس الأمر على ما ذكر من أن الحقائق جمع حقة و لكن الحقائق جمع حقاق و الحقاق جمع حق و هو ما كان من الإبل ابن ثلاث سنين و قد دخل في الرابعة فاستحق أن يحمل عليه و ينتفع به فالحقائق إذن جمع الجمع لحق لا لحقة و مثل إفال و أفائل قال و يمكن أن يقال الحقاق هاهنا الخصومة يقال ما له فيه حق و لا حقاق أي و لا خصومة و يقال لمن ينازع في صغار الأشياء إنه لبرق الحقاق أي خصومته في الدني‏ء من الأمر فيكون المعنى إذا بلغت المرأة الحد الذي يستطيع الإنسان فيه الخصومة و الجدال فعصبتها أولى بها من أمها و الحد الذي تكمل فيه المرأة و الغلام للخصومة و الحكومة و الجدال و المناظرة هو سن البلوغ

١١٠

٢٦٢

و منه : إِنَّ اَلْإِيمَانَ يَبْدُو لُمْظَةً فِي اَلْقَلْبِ كُلَّمَا اِزْدَادَ اَلْإِيمَانُ اِزْدَادَتِ اَللُّمْظَةُ قال اللمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض و منه قيل فرس ألمظ إذا كان بجحفلته شي‏ء من البياض قال أبو عبيدة هي لمظة بضم اللام و المحدثون يقولون لمظة بالفتح و المعروف من كلام العرب الضم مثل الدهمة و الشهبة و الحمرة قال و قد رواه بعضهم لمطة بالطاء المهملة و هذا لا نعرفه.قال و في هذا الحديث حجة على من أنكر أن يكون الإيمان يزيد و ينقص أ لا تراه يقول كلما ازداد الإيمان ازدادت اللمظة

١١١

٢٦٣

و منه : إِنَّ اَلرَّجُلَ إِذَا كَانَ لَهُ اَلدَّيْنُ اَلظَّنُونُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ لِمَا مَضَى إِذَا قَبَضَهُ قال الظنون الذي لا يعلم صاحبه أ يقضيه من الذي هو عليه أم لا فكأنه الذي يظن به ذلك فمرة يرجوه و مرة لا يرجوه و هو من أفصح الكلام و كذلك كل أمر تطلبه و لا تدري على أي شي‏ء أنت منه فهو ظنون و على ذلك قول الأعشى:

من يجعل الجد الظنون الذي

جنب صوب اللجب الماطر

مثل الفراتي إذا ما طما

يقذف بالبوصي و الماهر

و الجد البئر العادية في الصحراء و الظنون التي لا يعلم هل فيها ماء أم لا قال أبو عبيدة في هذا الحديث من الفقه أن من كان له دين على الناس فليس عليه أن يزكيه حتى يقبضه فإذا قبضه زكاه لما مضى و إن كان لا يرجوه قال و هذا يرده قول من قال إنما زكاته على الذي عليه المال لأنه المنتفع به قال

١١٢

و كما يروى عن إبراهيم و العمل عندنا على قول علي ع فأما ما ذكره الرضي من أن الجد هي البئر العادية في الصحراء فالمعروف عند أهل اللغة أن الجد البئر التي تكون في موضع كثير الكلإ و لا تسمى البئر العادية في الصحراء الموات جدا و شعر الأعشى لا يدل على ما فسره الرضي لأنه إنما شبه علقمة بالبئر و الكلإ يظن أن فيها ماء لمكان الكلإ و لا يكون موضع الظن هذا هو مراده و مقصوده و لهذا قال الظنون و لو كانت عادية في بيداء مقفرة لم تكن ظنونا بل كان يعلم أنه لا ماء فيها فسقط عنها اسم الظنون

١١٣

٢٦٤

و منه : أَنَّهُ شَيَّعَ جَيْشاً يُغْزِيهِ فَقَالَ اِعْذِبُوا اُعْزُبُوا عَنِ اَلنِّسَاءِ مَا اِسْتَطَعْتُمْ و معناه اصدفوا عن ذكر النساء و شغل القلوب بهن و امتنعوا من المقاربة لهن لأن ذلك يفت في عضد الحمية و يقدح في معاقد العزيمة و يكسر عن العدو و يلفت عن الإبعاد في الغزو فكل من امتنع من شي‏ء فقد أعزب عنه و العازب و العزوب الممتنع من الأكل و الشرب التفسير صحيح لكن قوله من امتنع من شي‏ء فقد أعزب عنه ليس بجيد و الصحيح فقد عزب عنه ثلاثي و الصواب و كل من منعته من شي‏ء فقد أعزبته عنه تعديه بالهمزة كما تقول أقمته و أقعدته و الفعل ثلاثي قام و قعد و الدليل على أن الماضي ثلاثي هاهنا قوله و العازب و العزوب الممتنع من الأكل و الشرب و لو كان رباعيا لكان المعزب و هو واضح و على هذا تكون الهمزة في أول الحرف همزة وصل مكسورة كما في اضربوا لأن المضارع يعزب بالكسر

١١٤

٢٦٥

و منه : كَالْيَاسِرِ اَلْفَالِجِ يَنْتَظِرُ أَوَّلَ فَوْزَةٍ مِنْ قِدَاحِهِ قال الياسرون هم الذين يتضاربون بالقداح على الجزور و الفالج القاهر الغالب يقال قد فلج عليهم و فلجهم قال الراجز

لما رأيت فالجا قد فلجا

أول الكلام أن المرء المسلم ما لم يغش دناءة يخشع لها إذا ذكرت و يغري به لئام الناس كالياسر الفالج ينتظر أول فوزة من قداحه أو داعي الله فما عند الله خير للأبرار يقول هو بين خيرتين إما أن يصير إلى ما يحب من الدنيا فهو بمنزلة صاحب القدح المعلى و هو أوفرها نصيبا أو يموت فما عند الله خير له و أبقى و ليس يعني بقوله الفالج القامر الغالب كما فسره الرضيرحمه‌الله لأن الياسر الغالب القامر لا ينتظر أول فوزة من قداحه و كيف ينتظر و قد غلب و أي حاجة له إلى الانتظار و لكنه يعني بالفالج الميمون النقيبة الذي له عادة مطردة أن يغلب و قل أن يكون مقهورا

١١٥

٢٦٦

و منه : كُنَّا إِذَا اِحْمَرَّ اَلْبَأْسُ اِتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اَللَّهِ ص فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَّا أَقْرَبَ إِلَى اَلْعَدُوِّ مِنْهُ قال معنى ذلك أنه إذا عظم الخوف من العدو و اشتد عضاض الحرب فزع المسلمون إلى قتال رسول الله ص بنفسه فينزل الله تعالى النصر عليهم به و يأمنون ما كانوا يخافونه بمكانه.و قوله إذا احمر البأس كناية عن اشتداد الأمر و قد قيل في ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمي الحرب بالنار التي تجمع الحرارة و الحمرة بفعلها و لونها و مما يقوي ذلك قول الرسول ص و قد رأى مجتلد الناس يوم حنين و هي حرب هوازن الآن حمي الوطيس و الوطيس مستوقد النار فشبه رسول الله ص ما استحر من جلاد القوم باحتدام النار و شدة التهابها الجيد في تفسير هذا اللفظ أن يقال البأس الحرب نفسها قال الله تعالى( وَ اَلصَّابِرِينَ فِي اَلْبَأْساءِ وَ اَلضَّرَّاءِ وَ حِينَ اَلْبَأْسِ ) و في الكلام حذف مضاف تقديره

١١٦

إذا احمر موضع البأس و هو الأرض التي عليها معركة القوم و احمرارها لما يسيل عليها من الدم

نبذ من غريب كلام الإمام علي و شرحه لأبي عبيد

و لما كان تفسير الرضيرحمه‌الله قد تعرض للغريب من كلامه ع و رأينا أنه لم يذكر من ذلك إلا اليسير آثرنا أن نذكر جملة من غريب كلامه ع مما نقله أرباب الكتب المصنفة في غريب الحديث عنه ع.فمن ذلك

ما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلامرحمه‌الله في كتابه لأن أطلي بجواء قدر أحب إلي من أن أطلي بزعفران.قال أبو عبيد هكذا الرواية عنه بجواء قدر قال و سمعت الأصمعي يقول إنما هي الجئاوة و هي الوعاء الذي يجعل القدر فيه و جمعها جياء.قال و قال أبو عمرو يقال لذلك الوعاء جواء و جياء قال و يقال للخرقة التي ينزل بها الوعاء عن الأثافي جعال.و منها قوله ع حين أقبل يريد العراق فأشار إليه الحسن بن علي ع أن يرجع و الله لا أكون مثل الضبع تسمع اللدم حتى تخرج فتصاد.قال أبو عبيد قال الأصمعي اللدم صوت الحجر أو الشي‏ء يقع على الأرض و ليس بالصوت الشديد يقال منه لدم ألدم بالكسر و إنما قيل ذلك للضبع لأنهم إذا أرادوا أن يصيدوها رموا في جحرها بحجر خفيف أو ضربوا بأيديهم فتحسبه

١١٧

شيئا تصيده فتخرج لتأخذه فتصاد و هي زعموا أنها من أحمق الدواب بلغ من حمقها أن يدخل عليها فيقال أم عامر نائمة أو ليست هذه و الضبع هذه أم عامر فتسكت حتى تؤخذ فأراد علي ع أني لا أخدع كما تخدع الضبع باللدم.و منها قوله ع من وجد في بطنه رزا فلينصرف و ليتوضأ.قال أبو عبيد قال أبو عمرو إنما هو أرزا مثل أرز الحية و هو دورانها و حركتها فشبه دوران الريح في بطنه بذلك.قال و قال الأصمعي هو الرز يعنى الصوت في البطن من القرقرة و نحوها قال الراجز:

كان في ربابه الكبار

رز عشار جلن في عشار

و قال أبو عبيد فقه هذا الحديث أن ينصرف فيتوضأ و يبني على صلاته ما لم يتكلم و هذا إنما هو قبل أن يحدث.قلت و الذي أعرفه من الأرز أنه الانقباض لا الدوران و الحركة يقال أرز فلان بالفتح و بالكسر إذ تضام و تقبض من بخله فهو أروز و المصدر أرزا و أروزا قال رؤبة

فذاك يخال أروز الأرز

فأضاف الاسم إلى المصدر كما يقال عمر العدل و عمرو الدهاء لما كان العدل و الدهاء أغلب أحوالهما و قال أبو الأسود الدؤلي يذم إنسانا إذا سئل أرز و إذا دعي اهتز يعني إلى الطعام و في الحديث أن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها أي يجتمع إليها و ينضم بعضه إلى بعض فيها.

١١٨

و منها

قوله لئن وليت بني أمية لأنفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة و قد تقدم منا شرح ذلك و الكلام فيه.و منها

قوله في ذي الثدية المقتول بالنهروان إنه مودن اليد أو مثدن اليد أو مخدع اليد قال أبو عبيدة قال الكسائي و غيره المودن اليد القصير اليد و يقال أودنت الشي‏ء أي قصرته و فيه لغة أخرى ودنته فهو مودون قال حسان يذم رجلا:

و أملك سوداء مودونة

كأن أناملها الحنظب

و أما مثدن اليد بالثاء فإن بعض الناس قال نراه أخذه من الثندوة و هي أصل الثدي فشبه يده في قصرها و اجتماعها بذلك فإن كان من هذا فالقياس أن يقال مثند لأن النون قبل الدال في الثندوة إلا أن يكون من المقلوب فذاك كثير في كلامهم.و أما مخدع اليد فإنه القصير اليد أيضا أخذ من أخداج الناقة ولدها و هو أن تضعه لغير تمام في خلقه قال و قال الفراء إنما قيل ذو الثدية فأدخلت الهاء فيها و إنما هي تصغير ثدي و الثدي مذكر لأنها كأنها بقية ثدي قد ذهب أكثره فقللها كما تقول لحيمة و شحيمة فأنث على هذا التأويل قال و بعضهم يقول ذو اليدية قال أبو عبيد و لا أرى الأصل كان إلا هذا و لكن الأحاديث كلها تتابعت بالثاء ذو الثدية.و منها

قوله ع لقوم و هو يعاتبهم ما لكم لا تنظفون عذراتكم قال العذرة فناء الدار و إنما سميت تلك الحاجة عذرة لأنها بالأفنية كانت تلقى

١١٩

فكنى عنها بالعذرة كما كنى عنها بالغائط و إنما الغائط الأرض المطمئنة و قال الحطيئة يهجو قوما:

لعمري لقد جربتكم فوجدتكم

فباح الوجوه سيئ العذرات

و منها قوله ع لا جمعة و لا تشريق إلا في مصر جامع

قال أبو عبيد التشريق هاهنا صلاة العيد و سميت تشريقا لإضاءة وقتها فإن وقتها إشراق الشمس و صفاؤها و إضاءتها و في الحديث المرفوع من ذبح قبل التشريق فليعد أي قبل صلاة العيد.قال و كان أبو حنيفة يقول التشريق هاهنا هو التكبير في دبر الصلاة يقول لا تكبير إلا على أهل الأمصار تلك الأيام لا على المسافرين أو من هو في غير مصر.قال أبو عبيد و هذا كلام لم نجدا أحدا يعرفه إن التكبير يقال له التشريق و ليس يأخذ به أحد من أصحابه لا أبو يوسف و لا محمد كلهم يرى التكبير على المسلمين جميعا حيث كانوا في السفر و الحضر و في الأمصار و غيرها.و منها

قوله ع استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم و بينه فكأني برجل من الحبشة أصعل أصمع حمش الساقين قاعدا عليها و هي تقدم قال أبو عبيدة هكذا يروى أصعل و كلام العرب المعروف صعل و هو الصغير الرأس و كذا رءوس الحبشة و لهذا قيل للظليم صعل و قال عنترة يصف ظليما:

صعل يلوذ بذي العشيرة بيضه

كالعبد ذي الفرو الطويل الأصلم

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430