كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٩

كتاب شرح نهج البلاغة13%

كتاب شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38823 / تحميل: 6897
الحجم الحجم الحجم
كتاب شرح نهج البلاغة

كتاب شرح نهج البلاغة الجزء ١٩

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

قال لاصحابه ذات يوم ارابتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والانية ثم وضعتم بعضه على بعض تروية تبلغ السماء قالوا يارسول الله فقال يقول احدكم اذا فرغ من صلوته سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبرثلثين مرة هن يدفعن الهدم والغرق والحرق والتردي في البئر واكل السبع وميتة السؤر واليلية التي نزلت على العبد في ذلك اليوم و مما اورده بعض علمائنا في التعقيبات وهو من الادعية المشهورة ويناسب جعله خاتمة لهذا المجلد يا من اظهر الجميل وستر القبيح يا من لا يؤاخذ بالجريرة ولم يهتك الستر يا كريم الصفح يا عظيم المن يا حسن التجاوز يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا سامع كل نجوى ويا منتهى كل شكوى يا مبتدئا بالنعم قبل استحقاقها يا رباه يا رباه يا رباه يا سيداه يا سيداه يا سيداه يا غاية رغبتاه يا ذا الجلال والاكرام اسألك بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد الباقر وجعفر الصادق وموسى الكاظم وعلي بن موسى الرضا ومحمد بن على وعلي بن محمد الحسن بن علي و محمد بن الحسن صاحب الزمان سلام الله عليهم اجمعين ان تصلي على محمد وآل محمد وان تكشف كربتي وتغفر ذنبي وتنفس همي وتفرح غمي وتصلح شأني في ديني ودنياى وان تدخلني الجنة ولا تشوه خلقي بالنار وان تطيل عمري في طاعتك ومرضاتك في صحة وسلامة بدنية ونفسية برحمتك ياارحم الراحمين وليكن هذا آخر الكلام في المجلد الاول من كتاب الحبل المتين ونسأل الله سبحانه التوفيق لاتمامه والفوز بسعادة اختتامه وكان الفراغ من تأليفه في مشهد سيدي ومولاى وكهفي ورجاى امام الابرار وثامن الائمة الاطهار ابي الحسن علي بن موسى الرضا سلام من الرحمن حو جنابه فان سلامي لا يليق ببابه واتفق اختتام كتابة هذه النسخة المباركة التي هي نسخة الاصل داخل القبة المقدسة المنورة الرضوية وانا متوجه إلى الضريح المقدس جاعلا له بيني وبين القبلة متوسلا إلى الله سبحانه بصاحب الضريح وابائه واولاده الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين ان ينفع به الطالبين وان يثبت لى به قدم صدق يوم الدين وان يتقبله بلطفه العميم ويجعله نورا يسعى بين يدى إلى جنة النعيم وان يجعل بقية العمر مقصورة على الطاعات وتدارك اما فات مجنبة عن التدنس بادناس السيئات مصروفة في اكتساب اسباب السعادات الحقيقية بمحمد وآله اشرف البرية وكتب مؤلف الكتاب محمد الشهير ببهاء الدين العاملي تجاوز الله عنه بعد الفراغ من تعقيب صلوة صبح الجمعة الثامن عشر من شهر شوال ختم بالسعادة والاقبال سنة الف وسبع من الهجرة سيد المرسلين سلام الله عليه وآله الطاهرين والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا تم تحرير الكتاب بعون الله الملك الوهاب في السبت الحادي عشر من شهر شعبان المعظم سنة تسع عشرة وثلثمأة بعد الالف من الهجرة النبوية لى هاجرها افضل الصلوة واتم التحية سنة ١٣١٩

٢٦١

الرسالة الارثية

هذه رسالة عزيزة وجيزة الموسومة بالفرايض البهائية

بسم الله الرحمن الرحيم الباب الثالث من المنهج الرابع من الحبل المتين في المواريث وفيه مقدمة وخمسة مطالب اما المقدمة اذكر فيها قبل الشروع في نقل الاحاديث اشارات وجيزة إلى جمل مهمة لابد لمن اراد الخوض في هذا الفن من اتقانها ليصير على بصيرة من امره ولا يكون خابطا خبط العشواء اشارة إلى السهام واصحابها المفروض في كتاب الله ستة النصف والربع والثمن والثلثان والثلث والسدس وقد يعبر عنها بالنصف ونصفه ونصف نصفه والثلثين ونصفه ونصف نصفه او بالربع والثلث وضعف كل ونصفه فالنصف للزوج بدون الولد وللبنت والاخت الاعياتية او الاضافية مع عدمها اذا لم يكن ثمة ذكر والربع للزوج مع الولد وللزوجة وان تعددت بدونه والثمن لها اولهن معه والثلثان لما زاد على الواحدة من البنات او الاخوات على قياس ما مر والثلث الام مع عدم الحاجب من الولد والاخوة وللاثنين فصاعدا من ولدها والسدس لكل من الابوين مع الولد والام مع الاخوة وللواحد من ولدها وتركيباتها الثنائية بعد سقوط المكرراحد و عشرون بعضها ممكن وبعضها ممتنع فالممكن اجتماع النصف مع مثله وكل من البواقي ستة والربع مع كل من الثلثة الاخيرة تسعة والربع والاخيرة احد عشر والثلثين مع الخامس والسادس ثلثة عشر والسدس مع مثله اربعة عشر وما سواه ممتنع وهذا الشكل متكفل بتفصيل هذاالاجمال اشارة النسب العدديه اربع فان تساوى العددان فمتماثلان والا فان افنى الاقل الاكثر فمتداخلان والا فان عدهما ثالث فمتوافقان في ادق كسوره والا فمتباينان فاذا قسمت الاكثر على الاقل فان لم يبق شئ فمتداخلان و ان بقي قسمنا المقسوم عليه على الباقي و هكذا فان لم يبق شئ فمتوافقان والمقسوم عليه الاخير عادلهما ومخرج جزء وفقهما وان بقي واحد فمتباينان اشارة ربما يسمى الفقهاء رضوان الله عليهم المتداخلين متوافقين لتوافقهما في كسر لا محالة ويطلقون عليه التوافق بالمعنى الاعم وهو معتبر عندهم فيما بين الرؤس والسهام فيردون الرؤس إلى جزء الوفق وهو الكسر الادق ويكملون العمل كما ستعرفه فتخرج الفريضة من الاقل كما ي ابوين و ثمان نبات وبين رؤسهن وسهمهن توافق بالربع فتضرب الاثنين في الستة لتصح من اثني عشر ولو عملت بمقتضى التداخل لبلغت اضعاف ذلك اشارة الكسر اما مفرد او مكرر او مضاف وهو متحد ومتعدد اومركب

٢٦٢

ويسمى المعطوف وهو اما ثنائي او ازيد ومخرج المفرد سميه وكذا المكرر ومخرج المضاف مضروب مخارج مفرداته بعضها في بعض من غير نظر إلى النسبة بينهما فمخرج ثلث الثمن اربعة وعشرون ويخرج نصف سدس الربع ثمانية واربعون والمركب الثنائي مخرجه مضروب مخرج احد مفرديه في الآخران ثانيا وفي جزء وفقه ان توافقاوه الاكثر ان تداخلا وفيما زاد عليه ننظر النسبة بين مخرجي ثنائي ومفرد الثالث وتعمل بما يقتضيه كما عرفت ثم بين مخرجى الثلاثي ومفرد الرابع وهكذا ففي تحصيل مخرج الثلث والربع والسدس تضرب الثلثة في الاربعة للتباين وتكتفي بالحاصل للتداخل ولو كان التركيب رباعيا باضافة الثمن لضربت الاثني عشر من جزء وفق الثمانية ليحصل اربعة وعشرون اشارة ولك ان تلاحظ مخارج المفردات فالمتداخل تسقط وتكتفي بالاكثر والمتوافق تستبدل به وفقه وكذا تعمل بالوفق ليؤل التوافق إلى التباين فاضرب بعضها في بعض والحاصل هو المخرج المشترك ففي تحصيل مخرج الكسور التسعة تسقط الخمسة فما تحتها للتداخل وتستبدل بالنستة نصفها لموافقتها الثمانية فيدخل في التسعة فتسقط والثمانية توافق العشرة بالنصف فاضرب خمسة في الثمانية والحاصل في السبعة والحاصل في التسعة ليحصل الفان وخمسمأة وعشرون وهو مخرج التسعة اشارة الوارث ان كان له حصة بخصوصه في كتاب الله سمى ذا فرض بعمومه فقرابة واقسام الورثة انصباء هم من التركة اما بان يأخذ كل فريق حصة منها بالفرض لا غير او بالفرض والرد معا اولا بشئ منهما بل بالقرابة او فريق بالاول وفريق بالثاني اوفريق بالاول فريق بالثالث فالاول كاخت وزوج والثاني كاب وبنت والثالث كابن وبنت والرابع كاب وام محجورة وبنت و الخامس كابوين وابن وبنت ثم اصناف الورثة ثلثة صنف يأخذ الفرض دائما بمعنى انه لا ينفك عنه ولا يرث بالقرابة اصلا وهم الام والاخ والاخت ومتعددهما منها والزوج والزوجة وصنف يرث تارة بالقرابة واخرى بغيرها فرضا وحده او فرضا وردا وهم الاب والبنت ومتعددها والاخت للاب ومتعددها وصنف لايرث الا بالقرابة وهم من عدا هؤلاء اشارة اذا اشتملت الفريضة على فرض مع رد فمن عادة الفقهاء قدس الله ارواحهم قسمة الفرض اولا ثم الرد بحسب الحصص ولو قسمت الفريضة ابتداء على ما يقتضيه الرد الارباعي والاخماسي كما سلكه سلطان المحققين نصير الملة والدين في فرائضه لكان اخصر ففريضة اب واربع بنات يصح على المشهور من ثلثين وعلى ما سلكه قدس الله روحه من خمسة وفريضة زوجة وخمس اخوات على الاول من ستين وعلى الثاني من عشرين وهذا الطريق مذكور في الاحاديث الصحيحة كما رواه محمد بن مسلم عن ابي جعفرعليه‌السلام انه اقرأه صحيفة الفرائض التي هي املاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و خط امير المؤمنينعليه‌السلام بيده فوجد فيها رجل مات وترك ابنته وامه للابنة النصف وللام السدس يقسم المال على اربعة اسهم فما اصاب ثلثة اسهم فهو للابنة وما اصاب سهما فهو للام ووجد فيها رجل ترك ابنته وابويه للابنة النصف ثلاثة اسهم وللابوين لكل واحد منهما السدس فلكل منهما سهم يقسم المال على خمسة اسهم فما اصاب ثلثة فهو للابنة وما اصاب سهمين فللابوين والحديث طويل وستقف عليه انشاء الله تعالى

٢٦٣

اشارة ان صحت الفريضة فلا كلام وان انكسرت على فريق واحد فاضرب عدد رؤسهم في الاصل ان باينت سهمهم وجزء وفقها ان وافقت كابوين وثلث بنات فتضرب الثلثة في الستة لمباينة الاربعة فالمسألة من ثمانية عشر ولوكن ثمانية فمن اثنى عشر كما مر للموافقة في الربع ولو انكسرت على أكثرمن فريق فأما ان يستغرق الانكسار جميع الفرق او يختص بالبعض وكيف كان فأما ان يكون بين رؤس كل فرقة منكسرة وسهمها وفق فرد الرؤس إلى جزء الوفق او لا يكون ثمة وفق اصلا فتتركها بحالها او يكون في البعض فتلك التبعيض برد ذات الوفق وترك عديمته على حالها وبعد العمل بما يقتضيه احد هذه الاحوال تنظر ما آل إليه حال الرؤس فان تماثلت فاضرب احدها في الاصل او تداخلت فاكثرها او توافقت فمضروب جزء وفق في عدد الاخرى والحاصل في الثالث وهكذا (ان تباينت فمضروب عدد فرقة في الاخرى والحاصل في عدد الثالثة وهكذا) فقد لاح من هذا اربع عشرون صورة عليها تدور مسائل الانكسار والاثنى عشرة المستغرقة منها هى الامهات في هذا الباب وهذا الجدول كاف في توضيح هذا الاجمال وتنقيح هذه الاعمال ومن الله و التوفيق واليه المرجع والماب لانه هو ارحم الراحمين وخير الناصرين والحمد لله رب العالمين

٢٦٤

توضيح لما في المربع الاول الزوجات ست والاخوة للام ثمانية والاخوة للاب عشرة فللزوجات الربع ولاخوة الام الثلث والباقي لاخوة الاب فالفريضة من اثنى عشر فالثلث للزوجات والاربعة لاخوة الام والباقى اعنى لخمسة لاخوة الاب فينكسر على الفرق الثلث سهامهم وبين عدد رؤس الزوجات وهو ستة وبين سهمهن اعنى ثلثة توافق بالثلث فترد عدد رؤسهن إلى جزء الوفق فيكتفى بواحد منه وتضرب في اصل الفريضة اعنى اثنى عشر تبلغ اربعة وعشرون فتصح الفريضة منها فللزوجات ستة وللاخوة للام ثمانية وللاخوة للاب عشرة فاذا ظهر رموز مربع في هذا الجدول سهل لك رموز المربعات الباقيه فيه والله اعلم اشارة لو شارك الخنثى المشكل فالمشهور اعطاؤها نصف النصيبين بتصحيح الفريضة على الذكورية تارة والانوثية اخرى ثم ان تماثلتا اكتفيت باحدهما او تداخلتا فبأكثرهما او تباينتا ضربت احديهما في الاخرى او توافقتا ففى وفقهما ثم ضعفت الحاصل كان غالبا فلو كان مع الابوين خنثيان كتفيت بالستة او ذكر وخنثى فبالثمانية عشر لها خمسة وله سبعة ولهما ستة او خنثى لا غير ضعفت مضروب الستة فريضة الذكورية في الخمسة فريضة الانوثية فلها من الستين ثمانية وثلثون ولهما اثنان وعشرون وان سلكت الطريقة المشهورة في الرد ففريضة الانوثية ثلثون تداخلها الاخرى فتضعف أكثرهما ليحصل ستون وايضا لو كان الخنثى مع احد الابوين ضعفت مضروب الاربعة في وفق الستة فلها تسعة عشر وله خمسة وان سلكت الطريقة المشهورة تداخلت الفريضتان ولم تحتج إلى التضعيف فان جامعهما انثى ضعفت مضروب الخمسة في الثمانية عشر لها ستة وثمانون ولاختها احد وستون وله ثلثة وثلثون وقد سقط من سهمه نصف الرد وهذه صورة العمل في الثلثة؟ الاخيرة تم تحرير الرسالة الشريفة الوجيزة الموسومة بالفرائض البهائية في تاسع عشر شهر شعبان المعظم سنة تسع عشرة وثلثمأة بعد الالف سنة ١٣١٩

٢٦٥

كتاب مشرق الشمسين

و اكسير السعادتين الملقب بمجمع النورين ومطلع النيرين للمحقق العلامة والمدقق الفهامة سعيد الدارين ذى الرياستين الشيخ البهائي عليه رحمة البارى بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذى هدانا بانوار كتابه المبين ووفقنا لاقتفاء سنة نبينا محمد سيد الاولين والآخرين وكرمنا بالاقتداء بآثار أهل بيته الائمة الطاهرين صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين اما بعد فان افقر العباد إلى رحمة ربه الغنى محمد المشتهر ببهاء الدين العاملى وفقه الله للعمل في يومه لغده قبل ان يخرج الامر من يده يقول وان جماعة من فضلاء اخوان الدين وعظماء اخلاء اليقين الذين تكثرت في نشر العلوم الدينية مساعيهم وتوفرت على اشاعة احاديث أهل بيت النبوة دواعيهم قد التمسوا منى مع قلة بضاعتى وكثرة اضاعتى تأليف اصل يحتوى على خلاصة ما تضمنه اصولنا الاربعة التي عليها في هذه الاعصار اعنى الكافى والفقيه والتهذيب والاستبصار من الاحاديث الصحيحة الواردة في الاحكام الشرعية عن العترة الطاهرة النبوية ليكون قانونا يرجع اليه الديانون من الفرقة الناجية الامامية ودستورا يعول عليه المجتهدون في استنباط امهات المطالب الفرعية وان ابذل غاية جهدى في ان لا يشذ عنى شئ من صحاح الاحاديث الاحكامية وان اوشح صدور مقاصده بتفسير ما ورد فيها من الايات الكريمة الفرقانية فاجبت بعون الله تعالى مسئولهم وحققت بتوفيقه مأمولهم فجاء هذا الكتاب ولله الحمد والمنة جامعا بين أحكام الكتاب والسنة فهو جدير بأن يسمى مشرق الشمسين واكسير السعادتين وحرى بان يلقب بمجمع النورين ومطلع النيرين وحقيق بان يكتبه الكرام البررة في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة واسئل ات سبحانه التوفيق لاتمامه والفوز بسعادة اختتامه وان يجعله خالصا لوجهه الكريم وسيلة إلى الفوز بالنعيم المقيم وقد رتبته على اربعة مناهج كترتيب كتابى الكبير الموسوم بالحبل المتين وقدمت امام المقصود مقدمات تفيد زيادة بصيرة للطالبين ومن الله استمد وعليه اتوكل وبه استعين مقدمة عرف الحديث بانه كلام يحكى قول المعصوم او فعله او تقريره ويرد على عكسه النقض بالمسموع من الامام المعصوم غير محكى عن معصوم آخر والتزام عدم كونه حديثا تعسف وكيف يصح ان يقال انه لم يسمع احد عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديثا اصلا الا ما حكاه عن معصوم

٢٦٦

كنبى او ملك فالاولى تعريفه بانه قول المعصوم او حكاية قوله او فعله او تقريره ويرد عليه وعلى الاول انتقاض عكسهما بالحديث المنقول بالمعنى ان اريد به حكاية القول بلفظه وطردهما بكثير من عبارات الفقهاء في كتب الفروع ان اريد ما يعم معناه ويمكن الجواب باعتبار قيد الحيثية في الحكاية وتلك العبارات ان اعتبرت من حيث كونها حكاية قول المعصوم فلا بأس بدخولها وان اعتبرت من حيث كونها حكاية عما ادى اليه اجهادهم فلا بأس في خروجها والخبر يطلق على ما يرادف الحديث تارة وعلى ما يقابل الانشاء اخرى وتعريفه على الاول بكلام يكون لنسبته خارج في احد الازمنة الثلثة كما فعله شيخنا الشهيد الثانى طاب ثراه ماينطبق على الثانى لا على الاول لانتقاضه طردا بنحو زيد انسان وعكسا بالاحاديث الانشائية كقوله ص صلوا كما رأيتمونى اصلى اللهم الا ان يجعل قول الراوى قال النبى ص مثلا جزء من الحديث ويضاف إلى التعريف قولنا يحكى الخ وهو كما ترى والسنة اعم من الحديث لصدقها على نفس الفعل والتقرير واختصاصه بالقول لا غير والحديث القدسى ما يحكى كلام الله تعالى ولم يتحد بشئ منه كقوله ع قال الله تعالى الصوم لى وانا اجزى به تبصرة قد استقر اصطلاح المتأخرين منعلمائنا رضي‌ الله‌ عنهم على تنويع الحديث المعتبر ولو في الجملة إلى الانواع الثلثة المشهورة اعنى الصحيح والحسن والموثق بانه ان كان جميع سلسلة سنده اماميين ممدوحين بالتوثيق فصحيح او اماميين ممدوحين بدونه كلا او بعضا مع توثيق الباقى فحسن او كانوا كلا اوبعضا غير اماميين مع توثيق الكل موثق وهذا الاصطلاح لم يكن معروفا بين قدمائنا قدس الله ارواحهم كما هو ظاهر لمن مارس كلامهم بل كان المتعارف بينهم اطلاق الصحيح على كل حديث اعتضد بما يقتضى اعتمادهم عليه او اقترن بما يوجب الوثوق به والركون اليه وذلك امور منها وجوده في كثيرمن الاصول الاربعمأة التى نقلوها عن مشايخهم بطرقهم المتصلة باصحاب العصمة سلام الله عليهم وكانت متداولة لديهم في تلك الاعصار مشتهرة فيما بينهم اشتهار الشمس في رابعة النهار ومنها تكرره في اصل او اصلين منها فصاعدا بطرق مختلفة واسانيد عديدة معتبرة ومنها وجوده في اصل معروف الانتساب إلى احد الجماعة الذين اجمعوا على تصديقهم كزرارة ومحمد بن مسلم والفضيل بن يسار او على تصحيح ما يصح عنهم كصفوان بن يحيى ويونس بن عبدالرحمن واحمد بن محمد بن ابى نصر او على العمل روايتهم كعمار الساباطى و نظرائه ممن عدهم شيخ الطائفة في كتاب العدة كما نقله عنه المحقق في بحث التراوح من المعتبر ومنها اندراجه في احد الكتب التى عرضت على احد الائمة عليهم سلام الله فاثنوا على مؤلفها ككتاب عبيد الله الحلبى الذى عرض على الصادقعليه‌السلام وكتاب يونس بن عبدالرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على العسكرىعليه‌السلام ومنها اخذه من احد الكتب التى شاع بين سلفهم الوثوق بها والاعتماد عليها سواء كان مؤلفوها من الفرقة الناجية الامامية ككتاب الصلوة لحريز بن عبدالله السجستانى وكتب بنى سعيد وعلى بن مهزيار او من غير الامامية ككتاب حفص بن غياث القاضى والحسين بن عبيد الله السعدى وكتاب القبلة لعلى بن الحسن الطاطرى وقد جرى رئيس المحدثين ثقة الاسلم محمد بن بابويه قدس الله روحه على متعارف المتقدمة

٢٦٧

في اطلاق الصحيح على ما يركن اليه ويعتمد عليه فحكم بصحة جميع ما اورده من الاحاديث في كتاب ن لايحضره الفقيه وذكر انه استخرجها من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع وكثير من تلك الاحاديث بمعزل عن الاندراج في الصحيح على مصطلح المتأخرين ومنخرط في سلك الجنان والموثقات بل الضعاف وقد سلك على ذلك المنوال جماعة من اعلام علماء الرجال فحكموا بصحة حديث بعض الرواة الغير الامامية كعلى بن محمد بن رياح وغيره لما لاح لهم من الفرائض المقتضية للوثوق بهم والاعتماد عليهم وان لم يكونوا في عداد الجماعة الذين انعقد الاجماع على تصحيح ما يصح عنهم تبيين الذى بعث المتأخرين نور الله مراقدهم على العدول عن متعارف القدماء ووضع ذلك الاصطلاح الجديد هو انه لما طالت المدة بينهم وبين الصدر السالف وال الحال إلى اندراس بعض كتب الاصول المعتمدة لتسلط حكام الجور والضلال والخوف من اظهارها وانتساخها وانضم إلى ذلك اجتماع ما وصل اليهم من كتب الاصول في الاصول المشهورة في هذا الزمان فالتبست الاحاديث المأخوذة من الاصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة واشتبهت المتكررة في كتب الاصول بغير المتكررة وخفى عليهم قدس الله ارواحهم كثير من تلك الامور التى كانت سبب وقوع القدماء بكثيرمن الاحاديث ولم يمكنهم الجرى على اثرهم في تمييز ما يعتمد عليه ممالايركن اليه فاحتاجوا إلى قانون تتميز به الاحاديث المعتبرة عن غيرها والموثوق بها عما سواها فقرروا لنا شكر الله سعيهم ذلك الاصطلاح الجديد وقربوا الينا البعيد ووصفوا الاحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحة و الحسن والتوثيق واول من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخرين شيخنا العلامة جمال الحق والدين الحسن بن المطهر الحلى قدس الله روحه ثم انهم اعلى الله مقامهم ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الاحيان فيصفون مراسيل بعض المشاهير كابن ابى عمر وصفوان بن يحيى بالصحة لما شاع من أنهم لا يرسلون الا عمن يثقون بصدقه بل يصفون بعض الاحاديث التى في سندها من يعتقدون انه فطحى او ناووسى بالصحة نظرا إلى اندراجه فيمن اجمعوا على تصحيح ما يصح عنهم وعلى هذا جرى العلامة قدس الله روحه في المختلف حيث قال في مسألة ظهور فسق امام الجماعة ان حديث عبدالله بن بكير صحيح وفى الخلاصة حيث قال ان طريق الصدوق إلى ابى مريم الانصارى صحيح وان كان في طريقه ابان بن عثمان مستندا في الكتابين إلى اجماع العصابه على صحيح ما يصح عنهما وقد جرى شيخنا الشهيد الثانى طاب ثراه على هذا المنوال ايضا كما وصف في بحث الردة من شرح الشرايع حديث الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحة وامثال ذلك في كلامهم كثير فلا تغفل تتميم لا ريب انه لابد في حصول الوثوق بقول الراوى من كونه ضابطا اى لا يكون سهوه اكثر من ذكره ولا مساويا له وهذا القيد لم يذكره المتأخرون في تعريف الصحيح واعتذر الشهيد الثانى طاب ثراه عن عدم تعرضهم لذكره بان قيد العدالة مغن عنه لانها تمنعه ان يروى من الاحاديث ما ليس مضبوطا عنده على الوجه المعتبر واعترض عليه بان العدالة انما تمنع من تعمد نقل غير المضبوط عنده لا من نقل ما يسهو عن كونه غير مضبوط فيظنه مضبوطا

٢٦٨

وقد يدفع ان مرادهرحمه‌الله ان العدل اذا عرف من نفسه كثرة السهو لم يجتزء على الرواية تحرزا عن ادخال ما ليس من الدين فيه وانت خبير بان لقائل ان يقول انه اذا كثر سهوه فربما يسهو عن انه كثير السهو يروى والحق ان الوصف بالعدالة لا يغنى عن الوصف بالضبط فلابد من ذكر المزكى ما يبنئ عن اتصاف الراوى به ايضا ونعم ما قال العلامة رفع الله درجته في النهاية من ان الضبط من أعظم الشرائط في الرواية فان من لا ضبط له قد يسهو عن بعض الحديث ويكون مما يتم به فائدته ويختلف الحكم به او يسهو فيزيد في الحديث ما يضطرب به معناه او يبدل لفظا باخر او يروى عن النبى ص ويسهو عن الواسطة او يروى عن شخص فيسهو عنه ويروى عن آخرانتهى كلامه فان قلت فكيف يتم لنا الحكم بصحة الحديث بمجرد توثيق علماء الرجال رجال سنده من غير نص على ضبطهم قلت انهم يريدون بقولهم فلان ثقة انه عدل ضابط لان لفظ الثقة مشتق من الوثوق ولا وثوق بمن يتساوى سهوه وذكره او يغلب سهوه على ذكره وهذا هو السر في عدولهم عن قولهم عدل إلى قولهم ثقة تبيان ذهب اكثر علمائنا قدس الله ارواحهم إلى ان العدل الواحد الامامى كاف في تزكية الراوى وانه لا يحتاج فيها إلى عدلين كما يحتاج في الشهادة وذهب القليل منهم إلى خلافه فاشترطوا في التزكية شهادة عدلين واستدل على ما ذهب اليه الاكثر بوجهين الاول ما ذكره العلامة طاب ثراه في كتبه الاصولية وحاصله ان الرواية تثبت بخبر الواحد وشرطها تزكية الراوى وشرط الشئ لا يزيد على اصله وبعبارة اخرى اشتراط العدالة في مزكى الراوى فرع اشتراطها في الراوى اذ لو لم تشترط فيه لم تشترط في مزكيه فكيف يحتاط في الفرع بازيد مما يحتاط في الاصل فان قلت مرجع هذا الاستدلال إلى القياس فلا ينهض علينا حجة قلت هو قياس بطريق الاولوية وهو معتبر ظاهرا عندنا فان قلت للخصم ان يقول كيف يلزمنى ما ذكرتم من زيادة الفرع على الاصل والحال انى اشترط في الرواية ما لا تشترطونه من شهادة عدلين بعدالة راويها ولا اكتفى بشهادة العدل الواحد قلت عدم قبول تزكية عدل واحد زكاه عدلان واشتراطه فيها التعدد مع قبول رواية عدل واحد زكاه عدلان واكتفائه فيها بالواحد يوجب عليه ما ذكرنا الثانى ان آية التثبت اعنى قوله تعالى ان جائكم فاسق بنبأ فتبينوا كما دلت على التعويل على رواية العدل الواحد دلت على التعويل على تزكيته ايضا فيكتفى به في جميع الموارد الا فيما خرج بدليل خاص وهو غير حاصل هنا واستدل على اشتراط التعدد في التزكية بامرين الاول ان الاخبار بعدالة الراوى شهادة فلابد فيها من العدلين وجوابه اما اولا فبمنع الصغرى فانها غير بينة ولا مبنية وهلا كانت تزكية الراوى كاغلب الاخبار في انها ليست شهادة كالرواية وكنقل الاجماع وتفسير مترجم القاضى واخبار المقلد مثله بفتوى المجتهد وقول الطبيب باضرار الصوم بالمرض واخبار اجير الحج بايقاعه واعلام المأموم الامام بوقوع ما شك فيه واخبار العدل العارف بالقبلة لجاهل العلامات إلى غير ذلك من الاخبار التى اكتفوا فيه بخبر الواحد واماثانيا

٢٦٩

فبمنع كلية الكبرى والسند قبول شهادة الواحد في بعض المواد عند بعض علمائنا بل شهادة المرأة الواحدة في بعض الاوقات عند اكثرهم الثانى ان اشتراطهم عدالة الراوى يقتضى توقف قبول روايته على حصوله العلم بها واخبار العدل الواحد لا يفيد العلم بها وجوابه انك ان اردت العلم القطعى فمعلوم ان البحث ليس فيه وان اردت العلم الشرعى فحكمك بحصوله من رواية العدل الواحد وعدم حصوله من تزكيته تحكم و كيف يدعى ان الظن الحاصل من اخباره بان هذا قول المعصوم او فعله اقوى من الظن الحاصل من اخباره بان الراوى الفلانى امامى المذهب او واقفى او عدل او فاسق ونحو ذلك تتمة ولعلك تقول بتساوى الظنين في القوة والضعف ولكنك تزعم ان الظن الاول اعتبره الشارع فعولت عليه واما الآخر فلم يظهر للشأن الشارع اعتبره فيقال لك كيف ظهر عليك اعتبار الشارع الظن الاول ان استندت في ذلك اجماع الخلاف الشايع في العمل باخبار الاحاد يكذب ظنك كيف وجمهور قدمائنا على المنع منه بل ذهب بعضهم إلى استحالة التعبد (قد يستدل ايضا بان اعتبار التعدد احوط للتعبد به عن احتمال العمل بما ليس بحديث وعورض بان اعتبارعدم التعدد احوط للتعبد به عن احتمال عدم العمل هو حديث فلذلك وينا كشحا عن ذكر هذا الاستدلال منه ره) به كما نقله عنهم المرتضىرضي‌الله‌عنه وان استندت فيه إلى ما يستدل به في الاصول على حجية خبر الواحد فاقرب تلك الدلائل إلى السلامة آية التثبت وقد علمت انها كما تدل على اعتبار الشارع الظن الاول تدل على اعتباره الظن الثانى من غير فرق ولقد بالغ بعض افاضل المعاصرين قدس الله روحه في الاصرار على اشتراط العدلين في المزكى نظرا إلى ان التزكية شهادة ولم يوافق القوم على تعديل من انفرد الكشى او الشيخ الطوسى او النجاشى أو العلامة مثلا بتعديله وجعل الحديث الصحيح عند التحقيق منحصرا فيما توافق اثنان فصاعدا على تعديل رواته ويلزمه عدم الحكم بجرح من تفرد هؤلاء بجرحه وهو يلتزم ذلك ولم يأت على هذا الاشتراط بدليل عقلى يعول عليه او نقلى تركن النفس اليه ولعلك قد احطت خبرا بما يتضح به حقيقة الحال ومع ذلك فانت خبير بان علماء الرجال الذين وصلت الينا كتبهم ففى هذا الزمان كلهم ناقلون تعديل اكثر الرواة من غيرهم وتوافق الاثنين منهم على التعديل لا ينفعه في الحكم بصحة الحديث الا اذا ثبت ان مذهب كل من ذينك الاثنين عدم الاكتفاء في تزكية الراوى بالعدل الواحد ودون ثبوته خرط القتاد بل الذى يظهر خلافه كيف لا و العلامة مصرح في كتبه الاصولية بالاكتفاء بالواحد والذى يستفاد من كلام الكشى والنجاشى والشيخ وابن طاوس وغيرهم اعتمادهم عليه في التعديل والجرح على النقل عن الواحد كما يظهر لمن تصفح كتبهم فكيف يتم لمن يجعل التزكية شهادة ان يحكم بعدالة الراوى بمجرد اطلاعه على تعديل اثنين من هؤلاء له في كتبهم وحالهم ما عرفت مع ان شهادة الشاهد لا يتحقق بما يوجد في كتابه نعم لو كان هؤلاء الذين كتبهم في الجرح والتعديل بايدينا في هذا الزمان ممن شهد عند كل واحد منهم عدلان بحال الراوى او كانوا من الذين خالطوا رواة الحديث واطلعوا على عدالتهم لتم الدست والله سبحانه اعلم بحقايق الامور تبصرة المكتفون من علمائنا في التزكية بالعدل الواحد الامامى يكتفون به في الجرح ايضا ومن لم يكتف به في التزكية لم يعول عليه في الجرح وما يظهر من لامهم في بعض الاوقات من الاكتفاء في الجرح بقول غير الامامى محمول اما على الغفلة عما قرروه او عن كون الخارج مجروحا كما وقع في الخلاصة من جرح ابان بن عثمان

٢٧٠

بكونه فاسد المذهب تعويلا على ما رواه الكشى عن على بن الحسن بابن فضال انه كان من الناووسية مع ان ابن فضال فطحى لا يقبل جرحه لمثل ابان بن عثمان ولعل العلامة طاب ثراه استفاد فساد مذهبه من غير هذه الرواية وان كان كلامه ظاهرا فيما ذكرناه وقد اشتهر انه اذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح وهذا كلام مجمل غير محمول على اطلاقه كما قد يظن بل لهم فيه تفصيل مشهور وهو ان التعارض بينهما على نوعين الاول ما يمكن الجمع فيه بين كلامى المعدل والجارح كقول المفيد قدس الله روحه في محمد بن سنان انه ثقة وقول الشيخ طاب ثراه انه ضعيف فالجرح مقدم لجواز اطلاع الشيخ على ما لم يطلع عليه المفيد الثانى ما لم يمكن الجمع بينهما كقول الجارح انه قتل فلانا في اول الشهر وقول المعدل انى رأيته في آخره حيا وقد وقع مثله في كتب الجرح والتعديل كثيرا كقول ابن الغضائرى في داود الرقى انه كان فاسد المذهب لا يلتفت اليه وقول غيره انه كان ثقة قال فيه الصادق (ع) انزلوه منى منزلة المقداد من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهيهنا لا يصح اطلاق القول بتقديم الجرح على التعديل بل يجب الترجيح بكثرة العدد وشدة الورع والضبط وزيادة التفتيش عن احوال الرواة إلى غير ذلك من لمرجحات هذا ما ذكره علماء الاصول منا ومن المخالفين وظنى ان اطلاق القول بتقديم الجرح في النوع الاول غير جيد ولو قيل فيه ايضا بالترجيح ببعض تلك الامور لكان اولى وقد فعله العلامة في الخلاصة في مواضع كما في ترجمة ابراهيم بن سلميان حيث رجح تعديل الشيخ والنجاشى له على جرح ابن الغضائرى وكذلك؟ اسمعيل بن مهران وغيره لكن ما قرره طاب ثراه في نهاية الاصول يخالف فعله هذا حيث لم يعتبر الترجيح بزيادة؟ العدد في النوع الاول من التعارض معللا بان سبب تقديم الجارح فيه جواز اطلاعه على ما لم يطلع عليه المعدل وهو لا ينتفى بكثرة العدد ولا يخفى ان تعليله هذا يعطى عدم اعتباره في هذا النوع الترجيح بشئ من الامور المذكورة و للبحث فيه مجال كما لايخفى تبصرة المعتبر حال الراوى وقت حال الاداء لا وقت التحمل فلو تحمل الحديث طفلا او غير مامى او فاسقا ثم اداه في وقت يظن انه كان مستجمعا فيه الشرائط القبول قبل ولو ثبت انه كان في وقت غير امامى او فاسقا ثم تاب ولم يعلم ان الرواية عنه هل وقعت قبل التوبة او بعدها لم تقبل حتى يظهر لنا وقوعها بعد التوبة فان قلت ان كثيرا من الرواة كعلى بن اسباط والحسين بن بشار وغيرهما كانوا اولا من غير الامامية ثم تابوا و رجعوا إلى الحق والاصحاب يعتمدون على حديثهم ويثقون بهم من غير فرق بينهم وبين ثقات الامامية الذين لم يزالوا على الحق مع ان تاريخ الرواية عنهم غير مضبوط ليلعم انه هل كان بعد الرجوع او قبله بل بعض الرواة ماتوا على مذاهبهم الفاسدة من الوقف وكانوا شديدى التصلب فيه ولم ينقل رجوعهم إلى الحق في وقت من الاوقات اصلا والاصحاب يعتمدون عليهم ويقبلون احاديثهم كما قبلوا حديث على بن محمد بن رياح وقالوا انه صحيح الرواية بت معتمد على ما يرويه وكما قيل المحقق في المعتبر رواية على بن ابى حمزة عن الصادقعليه‌السلام معللا بان ذلك تغييره انما كان في زمن الكاظم (ع) فلا يقدح فيما قبله وكما حكم العلامة في المنتهى بصحة حديث اسحق بن جرير وهؤلاء الثلثة من رؤساء الوقفية قلت المستفاد من تصفح كتب علمائنا المؤلفة في السير والجرح والتعديل ان اصحابنا

٢٧١

الامامية رضي ‌الله ‌عنهم كان اجتنابهم عن مخالطة من كان من الشيعة على الحق اولا ثم انكر امامة بعض الائمةعليهم‌السلام في اقصى المراتب وكانوا يحترزون عن مجالستهم والتكلم معهم فضلا عن اخذ الحديث عنهم بل كان تظاهرهم لهم بالعداوة اشد من تظاهرهم بها للعامة فانهم كانوا يتاقون العامة ويجالسونهم وينقلون عنهم ويظهرون لهم انهم منهم خوفا من شوكتهم لان حكام الضلال منهم واما هؤلاء المخذولون فلم يكن لاصحابنا الامامية ضرورة داعية إلى ان يسلكوا معهم على ذلك المنوال وسيما الواقفيه فان الامامية كانوا في غاية ألاجتناب لهم والتباعد منهم حتى انهم كانوا يسمونهم بالممطورة اى الكلاب التى اصابها المطر وائمتناعليهم‌السلام لم يزالوا ينهون شيعتهم عن مخالطتهم ومجالستهم ويأمرونهم بالدعاء عليهم في الصلوة ويقولون انهم كفار مشركون زنادقة وانهم شر من النواصب وان من خالطهم وجالسهم فهو منهم وكتب اصحابنا مملوة بذلك كما يظهر لمن تصفح كتاب الكشى وغيره فاذا قبل علماؤنا وسيما المتأخرون منهم رواية رواها رجل من ثقات اصحابنا عن احد هؤلاء وعولوا عليها وقالوا بصحتها مع علمهم بحاله فقبولهم لها وقولهم بصحتها لابد من ابتنائه على وجه صحيح لا يتطرق به القدح اليهم ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوى عمن هذا حاله كان يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق و قوله بالوقف او بعد توبته ورجوعه إلى الحق او ان النقل انما وقع من اصله الذى الفه واشتهر عنه قبل الوقف او من كتابه الذى الفه بعد الوقف ولكنه اخذ ذلك الكتاب عن شيوخ اصحابنا الذين عليهم الاعتماد ككتب على بن الحسن الطاطرى فانه وان كان من اشد الواقفية عنادا للامامية الا ان الشيخ شهد له في الفهرست بانه روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم إلى غير ذلك من المحامل الصحيحة والظاهر ان قبول المحقق طاب ثراه رواية على بن ابى حمزة مع شدة تعصبه في مذهبه الفاسد مبنى على ما هو الظاهر من كونها منقولة من اصله وتعليلهرحمه‌الله يشعر بذلك فان الرجل من اصحاب الاصول وكذا قول العلامة بصحة رواية اسحق بن جرير عن الصادق ع فانه ثقة من اصحاب لاصول ايضا وتأليف امثال هؤلاء اصولهم كان قبل الوقف لانه وقع في زمن الصادق ع فقد بلغنا عن مشايخنا قدس الله ارواحهم انه كان من داب اصحاب الاصول انهم اذا سمعوا من احد الائمةعليهم‌السلام حديثا بادروا إلى اثباته في اصولهم لئلا يعرض لهم نسيان لبعضه او كله بتمادى الايام وتوالى الشهور والاعوام والله اعلم بحقايق الامور تبصرة داب ثقة الاسلامرحمه‌الله في كتاب الكافى ان يأتى في كل حديث بجميع سلسلة السند بينه وبين المعصومعليه‌السلام ولا يحذف من اول السند احدا ثم انه كثيرا ما يذكر في صدر السند محمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان وهو يقتضى كون الرواية عنه بغير واسطة فربما ظن بعضهم ان المراد به الثقة الجليل محمد بن اسماعيل بن بزيع وايدوا ذلك بما يعطيه كلام الشيخ تقى الدين حسن بن داودرحمه‌الله حيث قال في كتابه اذا وردت رواية عن محمد بن عقوب عن محمد بن اسمعيل ففى صحتها قولان فان في لقائه له اشكالا فتقف الرواية لجهالة الواسطة بينهما وان كانا مرضيين معظمين انتهى والظاهر ان ظن كونه ابن بزيع من الظنون الواهية ويدل على ذلك وجوه الاول ان ابن بزيع من اصحاب ابى الحسن الرضاعليه‌السلام وابى جعفر الجوادعليه‌السلام وقد ادرك عصر الكاظم ع وروى عنه كما ذكره علماء الرجال

٢٧٢

فبقاؤه إلى زمن الكلينى مستبعد جدا الثانى ان قول علماء الرجال ان محمد بن اسماعيل بن بزيع ادرك ابا جعفر الثانىعليه‌السلام يعطى انه لم يدرك من بعدهعليه‌السلام من الائمة صلوات الله عليهم فان مثل هذه العبارة انما يذكرونها في آخر امام ادركه الراوى كما لا يخفى على من له انس بكلامهم الثالث انهرحمه‌الله لو قى إلى زمن الكلينى نور الله مرقده لكان قد عاصر ستة من الائمةعليهم‌السلام وهذه مزية عظيمة لم يظفر بها احد من اصحابهم صلوات الله عليهم فكان ينبغى لعلماء الرجال ذكرها وعدها من جملة مزاياهرضي‌الله‌عنه وحيث ان احدا منهم لم يذكر ذلك مع انه مما تتوفر الدواعى على نقله علم انه غير واقع الرابع ان محمد بن اسماعيل الذى يروى عنه الكلينى بغير واسطة يروى عن الفضل بن شاذان وابن بزيع كان من مشايخ الفضل بن شاذان كما ذكره الكشى حيث قال ان الفضل بن شاذان كان يروى عن جماعة وعد منهم محمد بن اسمعيل بن بزيع الخامس ما اشتهر على الالسنة من ان وفاة ابن بزيع كانت في حيوة الجوادعليه‌السلام السادس انا استقرينا جميع احاديث الكلينى المروية ن محمد بن اسماعيل فوجدناه كلما قيده بابن بزيع فانما يذكره في اواسط السند ويروى عنه بواسطتين هكذا محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن اسمعيل بن بزيع واما محمد بن اسماعيل الذى يذكره في اول السند فلم نظفر بعد الاستقراء الكامل والتتبع التام بتقييده مرة من المرات بابن بزيع اصلا ويبعد ان يكون هذا من الاتفاقيات المطردة السابع ان ابن بزيع من اصحاب الائمة الثلثة اعنى الكاظم والرضا والجوادعليهم‌السلام فيجمع منهم سلام الله عليهم احاديث متكثرة بالمشافهة فلولقيه الكلينى لكان ينقل عنه شيئا من تلك الاحاديث التى نقلها عنهم سلام الله عليهم بغير واسطة لتكون الواسطة بينه وبين كل امام من الائمة الثلثةعليهم‌السلام واحد فان قلة الوسائط شئ مطلوب وشدة اهتمام المحدثين بعلو الاسناد امر معلوم ومحمد بن اسمعيل الذى يذكره في اوائل السند ليس له رواية عن احد المعصومين سلام الله عليهم بودن واسطة اصلا بل جميع رواياته عنهمعليهم‌السلام انما هى بوسائط عديدة فان قلت للمناقشة في هذه الوجوه مجال واسع كما يناقش في الاول بان لقاء الكلينى من لقى الكاظمعليه‌السلام غير مستنكر لان وفاتهعليه‌السلام سنة ثلث وثمانين ومائة ووفات الكلينى سنة ثمان وعشرين وثلثمأة وبين الوفاتين مأة وخمس واربعون سنة فغاية ما يلزم تعمير ابن بزيع إلى قريب ماة سنة وهو غير مستبعد وفى الثانى نمنع كون تلك العبارة نصا في ذلك فلو سلم فلعل المراد بالادراك الرواية لا ادراك الزمان فقط وفى الثالث بان المزية العظمى رؤية الائمةعليهم‌السلام والرواية عنهم بلا واسطة لا مجرد المعاصرة لهم من دون رؤية ولا رواية فيجوز أن يكون ابن بزيع عاصر باقى الائمةعليهم‌السلام لكنه لم يرهم قلت اكثر هذه الوجوه وإن امكنت المناقشة فيه بانفراده لكن الانصاف انه يحصل من مجموعها ظن غالب يتاخم العلم بان الرجل المتنازع فيه ليس هو ابن بزيع وليس الظن الحاصل منها ادون من سائر الظنون المعول عليها في علم الرجال كمالايخفى على من خاض في ذلك الفن ومارسه والله اعلم اذا تقرر ذلك فنقول الذى وصل الينا بعد التتبع التام ان اثنى عشر رجلا من الرواة مشتركون في التسمية بمحمد بن اسمعيل سوى محمد بن اسماعيل بن

٢٧٣

بزيع وهم محمد بن اسماعيل ابن ميمون الزعفرانى ومحمد بن اسمعيل بن احمد البرمكى الرازى صاحب الصومعة ومحمد بن اسماعيل بن خيثم الكنانى ومحمد بن اسمعيل الجعفرى ومحمد بن اسمعيل السلحى وقد يقال البلخى ومحمد بن اسماعيل الصيمرى العمى ومحمد بن اسماعيل البندقى النيسابورى ومحمد بن اسمعيل بن رجبا الزبيدى الكوفى ومحمد بن اسمعيل بن عبد الرحمن الجعفى ومحمد بن اسماعيل المخزومى المدنى ومحمد بن اسماعيل الهمدانى ومحمد بن اسماعيل بن سعيد البجلى اما محمد بن اسماعيل بن بزيع فقد عرفت الكلام فيه وأما من عدا الزعفرانى والبرمكى من العشرة الباقين فلم يوثق احد من علماء الرجال أحدا منهم فإنهم لم يذكروا من حال الكنانى والجعفرى الا ان لكل منهما كتابا ولا من حال الصيرمى والبلخى الا انهما من أصحاب ابى الحسن الثالثعليه‌السلام ولا من حال البندقى الا انه نقل حكاية عن الفضل بن شاذان ولا من حال الزبيدى والجعفى والمخزومى والهمدانى والبجلى الا نهم من اصحاب الصادقعليه‌السلام وبقاء احدهم إلى عصر الكلينى أبعد من بقاء ابن بزيع وقد حكم متأخروا علمائنا قدس الله أرواحهم بتصحيح ما يرويه الكلينى عن محمد بن اسمعيل الذى فيه النزاع وحكمهم هذا قرينة قوية على انه ليس احدا من اولئك الذين لم يوثقهم احد من علماء الرجال فبقى الامر دائرا بين الزعفرانى والبرمكى فانهما ثقتان من اصحابنا لكن الزعفرانى ممن لقى اصحاب الصادقعليه‌السلام كما نص عليه النجاشى فبيعد بقاؤه إلى عصر الكلينى فيقوى الظن في جانب البرمكى فانه ع كونه رازيا كالكلينى فزمانه في غاية القرب من زمانه لان النجاشى يرويه عن الكلينى بواسطتين وعن محمد بن اسمعيل البرمكى بثلاث وسائط والصدوق يروى عن الكلينى بواسطة واحدة وعن البرمكى بواسطتين والكشى حيث انه معاصر للكلينى يروى عن البرمكى بواسط وبدونها وايضا فمحمد بن جعفر الاسدى المعروف بمحمد بن ابى عبدالله الذى كان معاصرا للبرمكى توفى قبل وفاة الكلينى تقريب من ست عشرة سنة فلم تبق مزية في قرب زمان الكلينى من زمان البرمكى جدا واما روايته عنه في بعض الاوقات بتوسط الاسدى فغير قادح في المعاصرة فان الرواية عن الشيخ تارة بواسطة واخرى بدونها امر شايع متعارف لا غرابه فيه والله اعلم بحقايق الامور تبيين قد يدخل في اسانيد بعض الاحاديث من ليس له ذكرفى كتب الجرح والتعديل بمدح ولا قدح غير ان اعاظم علمائنا المتقدمين قدس الله ارواحهم قد اعتنوا بشأنه واكثروا الرواية عنه واعيان مشايخنا المتأخرين طاب ثراهم قد حكموا بصحة روايات هو في سندها والظاهر ان هذا القدر كاف في حصول الظن بعدالته وذلك مثل احمد بن محمد بن الحسن بن الوليد فان المذكور في كتب الرجال توثيق ابيهرحمه‌الله واما هوفغير مذكور بجرح ولا تعديل وهو من مشايخ المفيدرحمه‌الله والواسطة بينه و بين ابيهرحمه‌الله والرواية عنه كثيرة ومثل احمد بن محمد بن يحيى العطار فان الصدوق يروى عنه كثيرا وهو من مشايخه والواسطة بينه وبين سعد بن عبدالله ومثل الحسين بن الحسن بن ابان فان الرواية عنه كثيرة وهو من مشايخ محمد بن الحسن بن الوليد والواسطة بينه وبين الحسين بن سعيد والشيخ عده في كتاب الرجال تارة في اصحاب العسكرىعليه‌السلام وتارة فيمن لم يرو وينص عليه بشئ ولم نقف على توثيقه الا في غير بابه في ترجمة محمد بن اورمه و الحق ان عبارة الشيخ هناك ليست صريحة في توثيقه كما لا يخفى على المتأمل ومثل ابى الحسين على بن ابى جيد فان

٢٧٤

الشيخرحمه‌الله يكثر الرواية عنه سيما في الاستبصار وسنده اعلى من سند المفيد لانه يروى عن محمد بن الحسن بن لوليد بغير واسطة وهو من مشايخ النجاشى ايضا فهؤلاء وامثالهم من مشايخ الاصحاب لنا ظن بحسن حالهم وعدالتهم وقد عددت حديثهم في الحبل المتين وفي هذا الكتاب والصحيح جريا على منوال مشايخنا المتأخرين ونرجوا من الله سبحانه ان يكون اعتقادنا فيهم مطابقا للواقع وهو ولى الاعانة والتوفيق واعلم انه قد يعبر عن بعض الرواة باسم مشترك يوجب الالتباس على بعض الناس ولكن كثرة الممارسة تكشف في الاغلب عن حقيقة الحال فمن ذلك العباس الذى يروى عنه محمد بن على بن محبوب فانه كثيرا ما يقع مطلقا غير مقرون بفصل مميز ولكنه ابن معروف الثقة القمى ومن ذلك ماد الذى يروى عنه الحسين بن سعيد فانه ابن عيسى الثقة الجهنى ومن ذلك العلاء الذى يروى عن محمد بن مسلم وقد يقال العلا عن محمد من غير تقييد بابن مسلم والمراد به ابن رزين الثقة ومحمد الذى يروى عنه هو ابن مسلم ومن ذلك احمد بن محمد فانه مشترك بين جماعة يزيدون على الثلاثين ولكن اكثرهم اطلاقا وتكررا في الاسانيد اربعة ثقات ابن الوليد الفتى وابن عيسى الاشعرى وابن خالد البرقى وابن ابى نصر البزنطى فالاول يذكر في اوائل السند والاوسطان في اواسطه و الاخير في اواخره واكثر ما يقع الاشتباه بين الاوسطين ولكن حيث انهما معا ثقتان لم يكن في البحث عن تعيينه فائدة يعتد بها واما البواقى فاغلب ما يذكرون مع قيد مميز والنظر فيمن روى عنهم ورووا عنه ربما يعين لممارس على استكشاف الحال ومن ذلك ابن سنان فانه يذكر كثيرا من غير فصل مميز يعلم به انه عبدالله الثقة او محمد الضعيف ويمكن استعلام كونه عبدالله بوجوه منها ان يروى عن الصادق عليه بغير واسطة فان محمدا انما يروى عنه (ع) بواسطة ومنها ان يروى عن الصادقعليه‌السلام بتوسط عمربن يزيد او ابى حمزة او حفص الاعور فان محمدا لا يروى عنهعليه‌السلام بتوسط احد من هؤلاء ومنها ان ابن سنان الذى يروى عنه النضر بن سويد او عبدالله بن المغيرة او عبدالله الرحمان بن ابى نجران اواحمد بن محمد بن ابى نصراو فضالة او عبدالله بن جبلة فهو عبد الله لا محمد وابن سنان الذى يروى عنه ايوب بن نوح او موسى بن القاسم او احمد بن محمد بن عيسى او على بن الحكم فهو محمد لا عبدالله وكثرة تتبع الاسانيد وممارستها تعين على رفع الاشتباه في كثير من المواضع واعلم انه قد يختلف كلام علماء الرجال في ترجمة الرجل الواحد فيظن سبب ذلك اشتراكه وقد وقع ذلك جماعة منهم ابن داود ره في غير واحد كمحمد بن الحسن الصفار وغيره بل منهم العلامة قدس الله روحه في على بن الحكم وغيره وقد يكون الرجل متعددا فيظن انه واحد كما وقع له طاب ثراه في سحق بن عمار فانه مشترك بين اثينين احدهمامن اصحابنا والاخر فطحى كما يظهر على المتأمل فلابد من امعان النظر في ذلك والله ولى التوفيق وقد يلتبس توثيق الرجل بتوثيق غيره كما وقع له ايضا طاب ثراه في ترجمة حمزة بن بزيع حيث وصفه في الخلاصة بانه من صاحلى هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل نظرا إلى ما يوهمه كلام النجاشى والحال ان هذه الاوصاف في كلام النجاشى اوصاف محمد بن اسماعيل بن بزيع لا اوصاف عمه حمزة كما ذكرناه في حواشينا على الخلاصة وقد اشتبه توثيق الابن بتوثيق الاب وبالعكس لاجمال في العبارة كعبارة النجاشى في ترجمة الحسن بن على بن النعمان ولذلك عد بعد اصحابنا كالعلامة في المنتهى والمختلف حديثه في الحسان اقتصارا على المتيقن وبعضهم عده في الصحاح لندرة توثيق الرجل في غير بابه والله ولى التوفيق خاتمة

٢٧٥

قد سلك كل من مشايخنا المحمدين الثلثة قدس الله ارواحهم في كتابه في ذكره مسلكا لم يسكله الاخر اما ثقة الاسلام ابوجعفر محمد بن يعقوب الكلينى طاب ثراه فانه ملتزم في كتاب الكافى ان يذكر في كل حديث جميع سلسلة السند بينه وبين المعصومعليه‌السلام وقد يحتل بعض السند على ما ذكره قريبا وهذا في حكم المذكور واما رئيس المحدثين ابوجعفر محمد بن بابويه القمى عطر الله مرقده فدابه في كتاب من لا يحضره الفقيه ترك اكثر السند والاقتصار في الاغلب على ذكر الراوى الذى اخذ ن المعصومعليه‌السلام فقط ثم انه ذكر في آخر الكتاب طريقه المتصل بذلك الراوى ولم يخل بذلك الا نادرا واما شيخ الطائفة ابوجعفر محمد بن الحسن الطوسى سقا الله ضريحه صوب الرضوان فقد يجرى في كتابى التهذيب والاستبصار على وتيرة الكلينى فيذكر جميع السند حقيقة او حكما وقد يقتصر على البعض فيذكر اواخر السند ويترك اوائله وكل موضع سلك فيه هذا المسلك اعنى الاقتصار على ذكر البعض فقد ابتدء فيه بذكر صاحب الاصل الذى اخذ الحديث من اصله او مؤلف الكتاب الذى اخذ الحديث من كتابه وذكر في آخر الكتابين بعض طرقه إلى اصحاب تلك الاصول ومؤلفى تلك الكتب واحال البواقى على ما اورده في كتاب فهرست كتب الشيعة وانا اسلك في كل حديث انقله من احد كتب هؤلاء المشايخ في هذا الكتاب ما سلكه صاحب ذلك الكتاب فاذكر جميع السند ان ذكره واقتصر على البعض ان اقتصر عليه واعلم انه كثيرا ما يتكرر في اوائل اسانيد الكافى ذكر هؤلاء المشايخ هكذا محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد وانا اكتفى عن تعداد هؤلاء في اوائل اسانيد الاحاديث المأخوذة من الكافى بقولى الثلثة ولا التفت بعد وضوح المراد ما يوهمه هذا اللفظ من اشتراك هؤلاء الثلثة في الرواية عن الرجل المذكور بعدهم وكثيرا ما يذكر في اول السند قوله عدة من اصحابنا فان قال بعدهم عن احمد بن محمد بن عيسى فالمراد بهم هؤلاء الخمسة اعنى محمد بن يحيى وعلى بن موسى الكيدانى وطوتر بن كورة واحمد بن ادريس وعلى بن ابراهيم بن هاشم وانا اعبر عنهم بقولى العدة وان قال بعدهم عن احمد بن محمد بن عيسى فالمراد بهم هؤلاء الخمسة اعنى محمد بن يحيى وعلى بن موسى الكيدانى وطور بن كوره واحمد بن ادريس وعلى بن ابراهيم بن هاشم وانا اعبر عنهم بقولى العدة وان قال بعدهم عن احمد بن محمد بن خالد البرقى فهم هؤلاء الاربعة اعنى على بن ابراهيم وعلى بن محمد بن عبدالله بن اذينة واحمد بن محمد بن امية على بن الحسن وانا اعبر عنهم بلفظ العدة ايضا وكثيرا ما يتكرر في اوائل اسانيد التهذيب والاستبصار هؤلاء المشايخ الثلثة هكذا محمد بن النعمان عن احمد بن محمد بن الحسن عن ابيه محمد بن الحسن بن الوليد وانا اكتفى عن تعدادهم في اول اسانيد الاحاديث التى انقلها من احد الكتابين بقولى الثلثة وكثيرا ما يتكرر في اواخر اسانيد الكافى والتهذيب والاستبصار هؤلاء الرواة الثلثة هكذا حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة وانا اكتفى عن تعدادهم بقولى في اواخر السند عن الثلثة وكثيرا ما يتكرر في السند اسماء رجال كثيرة الالفاظ مثل احمد بن محمد بن ابى نصر البزنطى وعبدالرحمن بن نجران وابراهيم بن ابى محمود الخراسانى وانا اكتفى عن الاول بقولى البزنطى وعن الثانى بقولى التميمى وعن الثالث بقولى الخراسانى كما اكتفى عن الحسين بن الحسن بن ابان بقولى ابن ابان وعن معوية بن عمار بقولى ابن عمار وعن معوية بن وهب بقولى ابن وهب وعن بريد بن معوية العجلى قولى العجلى

٢٧٦

العجلى وعن عبدالرحمن بن الحجاج البجلى بقولى البجلى وعن عبدالرحمن بن ابى عبدالله البصرى بقولى البصرى وعن الحسين بن سعيد الاهوازى بقولى الاهوازى وعن على بن مهزيار الدورقى بقولى الدورقى وعن محمد بن عبدالجبار الصهبانى بقولى الصهبانى وعن عبدالله بن ميمون القداح بقولى القداح وعن عبدالله بن ابى يعفور بقولى ابى محمد وعن ابى عبيدة الحذاء بقولى الحذاء وقد وضعت لكل من الاصول الاربعة علامة فعلامة الكافى كا وعلامة كتاب من لا يحضره لفقيه يه وعلامة التهذيب يب وعلامة الاستبصار ص وان احتاج الحديث إلى بيان فعلامته ن والله ولى التوفيق ولنا إلى رواية هذه الاصول الاربعة عن مؤلفيها المشايخ الثلثة المحمدين اعنى ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكلينى ورئيس المحدثين محمد بن على بن بابويه القمى وشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسى اعلى الله مقامهم واجزل في الخلد اكرامهم طرق متعددة كثيرة التحويلات والتشعبات وانا اذكر منها طريقا واحدا مختصرا فاقول انى اروى الاصول المذكورة عن والدى واستادى ومن اليه في العلوم الشرعية استنادى الحسين بن عبدالصمد الحارثى العاملى قدس الله تربته ورفع في دار المقامة رتبته عن شيخيه الاجلين الافضلين قدوتى الاسلام وفقيهى اهل البيتعليهم‌السلام يدنا السيد حسن بن جعفر الكركى وشيخنا الشهيد الثانى زين الملة والدين العاملى اعلى الله قدرهما وانار في سماء الرضوان بدرهما عن الشيخ الفاضل على بن عبدالعالى العاملى الميسى عن الشيخ شمس الدين محمد بن مؤذن الجزينى عن الشيخ ضياء الدين على عن والده الاجل الجامع في معارج السعادة بين مرتبة العلم ودرجة الشهادة البشيخ شمس الدين محمد بن مكى عن الشيخ المدقق فخر الدين ابى طالب محمد عن والده العلامة آية الله في العالمين جمال الملة والحق والدين الحسن بن مطهر الحلى عن شيخه الكامل رئيس المحققين نجم الملة والدين ابى القسم جعفر بن الحسن بن السعيد عن السيد الجليل ابى على فخار بن معد الموسوى عن الشيخ الاوحد ابى الفضل بن شاذان بن جبرئيل القمى عن الشيخ الفاضل الفقيه عماد الدين ابى جعفر محمد بن ابى القاسم الطبرى عن الشيخ الاجل ابى على الحسن عن والده قدوة الفرقة شيخ الطائفة ابى جعفر محمد بن الحسن الطوسى وله قدس الله روحه إلى ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكلينى طرق عديدة منها عن اسوه الفقهاء والمتكلمين ابيعبد الله محمد بن محمد النعمان المفيد عن الشيخ الافضل ابى القاسم جعفربن قولويه عنه نور الله مرقده وكذلك له إلى رئيس المحدثين الصدوق محمد بن على بن بابويه طرق متعددة منها عن الشيخ ابيعبد لله المفيد عنه طاب ثراه فهذا طريقنا إلى اصحاب اصولنا الاربعة التى عليها المدار في هذه الاعصار وحيث قدمنا ما لا يستغنى عنه من المقدمات فقد حان الان ان اشرع في المقصود مستعينا بالله ومتوكلا عليه فاقول قد رتبت هذا الكتاب المسمى بمشرق الشمسين على اربعة مناهج اولها في العبادات وثانيها في العقود و ثالثها في الايقاعات ورابعها في الاحكام المنهج الاول في العبادات وفيه ستة كتب كتاب الطهارة وفيه مسالك المسلك الاول

في الطهارة المائية وفيه مقاصد المقصد الاول في الوضوء

وفيه مطلبان المطلب الاول في تفسير الاية الكريمة الواردة في بيانه قال الله تعالى في سورة المائدة يا ايها الذين آمنوا اذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق وامسحوا رؤوسكم وارجلكم

٢٧٧

إلى الكعبين والكلام فيما يتعلق بتفسير هذه الآية الكريمة يستدعى اطلاق عنان القلم بايراد اثنى عشر درسا درس اقباله جل شأنه بالخطاب بهذا الامر يتضمن تنشيط المخاطبين والاعتناء بشأن المأمور به وجبر كلفة التكليف بلذة المخاطبة ثم ان قلنا باختصاص كلمة يا بنداء البعيد كما هو الاشهر فالنداء بها للبعد البعيد بين مقامى عز الربوبية وذل العبودية او لتنزيل المخاطبين ولو تغليبا منزلة البعد الا انهماك في لوازم البشرية وان كان سبحانه اقرب الينا من حبل الوريد اولما تضمنه هذا النداء من تفخيم المخاطب به والاشارة إلى رفعة شأنه بالايماء إلى اننا بمراحل عن توفية حقه وحق ما شرع لاجله ولفظة اى لما كانت وصلة إلى نداء امثال هذه المعارف اعطيت حكم المنادى ووصفت بالمقصود بالنداء وتوسيط هاء التنبيه بينهما تعويض عما يستحقه من المضاف اليه وتأكيد للخطاب وقد كثر النداء بيا أيها الذين آمنوا في القرآن المجيد لما فيه من وجوه التأكيد بالايماء إلى التفخيم وتكرار الذكر والابهام ثم الايضاح ثانيا والايتان بحرف التنبيه وتعليق الحكم على الوصف المشعر بالعلة الباعث على الترغيب في الامتثال وتخصيص الخطاب في هذه المقامات بالمؤمنين لانهم هم المتهيؤن للامتثال والا فالكفار عندنا مخاطبون بفروع العبادات على ان المصر على عدم الايتمار بالشئ لا يحسن امره بما هو من شروطه ومقدماته والقيام إلى الصلوة يمكن ان يراد به ارادتها والتوجه اليها اطلاقا للملزوم على لازمه او المسبب على سببه اذ فعل المختار يلزمه الارادة ويتسبب عنها فهو من قبيل قوله تعالى فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله وقيل المراد بالقيام اليها قصدها والعلاقة ما مر من اللزوم او السببية وقيل معنى القيام إلى الشئ قصده وصرف الهمة إلى الاتيان به فلا تجوز و قيل المراد القيام المنتهى إلى الصلوة والقولان الاخيران وان سلما عن التجوز لكن اولهما لم يثبت في اللغة ثانيهما لا يعم جميع الحالات فالمعتمد الاول وكيف كان فالمعنى اذا قمتم محدثين واما ما نقل من ان الوضوء كان فرضا على كل قائم إلى الصلوة وان كان على وضوء ثم نسخ بالسنة حيث صلى النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله الخمس بوضوء واحد يوم فتح مكة فلم يثبت عندنا مع انه خلاف ماهو المشهور من انه لا منسوخ في سورة المائدة والفاء في فاغسلوا وان كانت جزائية لكن يستفاد منها تعقيب جزائها لشرطها فلذلك استدل بالاية على وجوب الترتيب في الوضوء بغسل الوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم الرجلين لافادة الفاء تعقيب غسل الوجه للقيام فيتقدم على غسل اليدين من دون مؤنة استفادة الترتيب من الواو واذا ثبت الترتيب بينهما ثبت في الباقى لعدم القائل بالفصل وفيه نظر اذ بعد تسليم افادتها التعقيب انما تفيد تعقيب القيام إلى الصلوة بالغسل الوارد على الوجه واليدين فكأنه سبحانه يقول اذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا هذه الاعضاء الثلثة وهذا التعقيب لا يستفاد منه تقديم شئ منها على شئ وانما يستفاد ذلك لو جعل الواو للترتيب ومعه لا حاجة إلى مؤنة استفادة التعقيب من الفاء والوجه مأخوذ من المواجهة فالآية انما تدل على وجوب غسل ما يواجه به منه فلا يجب تخليل الشعر الكثيف اعنى الذى لا ترى البشرة خلاله في مجالس التخاطب اذ المواجهة به لا بما تحته فيكفى اجراء الماء على ظاهره كما نطق به قول الباقرعليه‌السلام في صحيحة زرارة كلما احاط به الشعر فليس على العباد ان يطلبوه ولا ان يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء ولما كانت اليد تطلق على

٢٧٨

ما تحت الزند وما تحت المرفق وما تحت المنكب بين سبحانه غاية ألمغسول منها كما تقول لغلامك اخضب يدك إلى المرفق وللصيقل اصقل سيفى إلى القبضة وليس في الاية الكريمة دلالة على ابتداء الغسل بالاصابع وانتهائة بالمرفق كما انه ليس في هاتين العبارتين دلالة على ابتداء الخاضب والصيقل باصابع اليد وطرف السيف فهى مجملة وسيما اذا جعلت لفظة إلى فيها بمعنى مع كما في بعض التفاسير فالاستدلال بها على وجوب الابتداء بالاصابع استدلال واه لاحتمالها كلا من الامرين ونحن انما عرفنا وجوب الابتداء بالمرفق من فعل ائمتنا صلوات الله عليهم درس امره سبحانه بغسل الوجه واليدين ومسح الراس والرجلين يقتضى ايجاب ايصال الماء إلى البشرة فيجب تخليل المانع من وصوله اليها ولا يجزى المسح على القلنسوة ولا على الخفين وقد خالف اكثر العامة في الخفين فجوزوا المسح عليهما بشروط ذكروها واما نحن فقد تواتر عندنا منع ائمتناعليهم‌السلام منه وانكارهم على من يفعله وقد دلت الاية ايضا على وجوب مباشرة المكلف افعال الوضوء بنفسه اذ المتبادر من الامر بفعل ارادة الامر قيام الفاعل به على الانفراد الا مع قرينة صارفة وسيما امثال هذه الافعال فقد استفيد من الاية عدم جواز التولية في الوضوء مع القدرة وكذا المشاركة فيه وهو مذهب علمائنا الا ابن الجنيد فقد وافق بعض العامة في جوازهما اما الاستعانة فيه بصب الماء في اليد ليغسل بها فلا دلالة في الاية على منعها لخروجها عن مفهوم الغسل وقد عدها علمائنا من مكروهات الوضوء وستسمع الكلام فيها عن قريب وقد يستفاد من الآية وجوب غسل الوجه من الاعلى وان كان الامر بالكلى يقتضى برائة الذمة بالاتيان باى جزئى من جزئياته لان ذلك اذا لم يكن احد افراده هو الشايع المتعارف وغسل الوجه من اعلاه هو الفرد الشايع المتعارف فينصرف الامر بالغسل المطلق الافراد الاخر الغير المتعارفة كغسله من اسفله مثلا وعلمائنا قدس الله اسرارهم استفادوا وجوب الابتداء بالاعلى من فعل الائمةعليهم‌السلام عند حكاية وضوء النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد يستدل على ابتدائهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالاعلى بانه لما توضأ الوضوء البيانى الذى قال بعده هذا وضوء لايقبل الله الصلوة الا به اما ان يكون بدء بالاعلى او بالاسفل والثانى باطل والا لتعين على الامة ولم يجز خلافه لكنه غير متعين باجماع الامة فتعين الاول فى هذا الدليل نظر لجواز ان يكون ابتداؤهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالاعلى لبيان جوازه لا لتعيينه او ان يكون ابتداؤهعليه‌السلام بالاعلى لكونه من الافعال الجبلية فان كل من يغسل وجهه بيده يغسله من اعلاه درس المرافق جمع مرفق بكسر اوله او فتح ثالثه او بالعكس مجمع عظمى الذراع و العضد سمى بذلك لانه يرتفق به في الاتكاء ونحوه ولا دلالة في الاية على ادخاله في غسل اليد ولا على دخال الكعب في مسح الرجل لخروج الغاية تارة ودخولها اخرى كقوله تعالى فنظرة إلى ميسرة وقولك حفظت القرآن من اوله إلى آخره ودعوى دخول الغاية اذا لم تتميز عن المغيا بمفصل محسوس موقوفة على الثبوت وغاية ما يقتضيه عدم التمييز ادخاله احتياطا وليس الكلام فيه ومجئ إلى بمعنى مع كما في قوله تعالى ويزدكم قوة إلى قوتكم وقوله عزوجل حكاية عن عيسىعليه‌السلام من انصارى إلى الله انما يجدى نفعا لو ثبت كونها هنا بمعناها ولم يثبت ونحن انما استفدنا ادخال المرافق في الغسل من افعال ائمتنا وقد اطبع جماهير الامة ايضا على دخوله ولم يخالف في ذلك الا شرذمة شاذة

٢٧٩

من العامة لا يعتد بهم ولا بخلافهم واما الكعبان فالمشهور بين علمائنا عدم دخولهما في المسح وليس في روايتنا تصريح بدخولهما فيه بل في بعضها اشعار بعدمه واما العامة فقد ادخلوهما في الغسل وقد ظن بعضهم دلالة الاية على وجوب امرار اليد على الوجه واليدين حال غسلهما زاعما ان الدلك مأخوذ في حقيقة الغسل فالامر به مستلزم له وهو وهم باطل لا تساعد عليه لغة ولا يشهد به عرف والحق حصول الغسل بصب الماء على العضو او غمسه فيه وان لم يدلك وقد وافقهم بعض علمائنا على وجوب امرار اليد عليهما حال غسلهما لكن لا فهما من الايه الكريمة بل استنادا إلى ما ثبت بالنقل الصحيح من امرار الباقرعليه‌السلام يده على وجهه ويديه عند حكاية وضوء النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله كما سيجئ والقول به لا يخلو من وجه ان لم يكن انعقد الاجماع منا على خلافه واعلم انهم حملوا الماء في قوله تعالى وامسحوا برؤسكم على مطلق الالصاق ومن ثم اوجب بعضهم مسح كل الرأس واكتفى بعضهم ببعضه واما نحن فالباء في الاية عندنا للتبعيض كما نطقت به صحيحة زرارة عن الباقرعليه‌السلام حيث قال فيها ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء وبعد ورود مثل هذه الرواية عنهمعليهم‌السلام فلا يلتفت إلى انكار سيبويه مجئ الباء في كلام العرب للتبعيض في سبعة عشر موضعا من كتابه على ان انكاره هذا مع انه كالشهادة على نفى معارض باصرار الاصمعى على مجيئها له في نظمهم ونثرهم وهو اشد انسا بكلام العرب واعرف بمقاصدهم من سيبويه ونظرائه وقد وافق الاصمعى كثيرمن النحاة فجعلوها في قوله تعالى عينا يشرب بها عباد الله للتبعيض وعندنا ان الواجب في مسح كل من الرأس والرجلين ما يتصدق عليه الاسم لحصول امتثال الامر بالكلى بالاتيان باحد جزئياته وقد دل على ذلك صريحا صحيح الاخرين عن الباقرعليه‌السلام حيث قال فاذا مسحت بشئ من رأسك او بشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى اطراف الاصابع فقد اجزئك درس الحق انه لا دلالة في الاية الكريمة على الترتيب اصلا اذا الاصح ان الواو لمطلق الجمع في عطف المفردات والجمل وما قيل من استفادة الجمع فيها من جوهر اللفظ فلا حاجة اليه مدفوع باحتمال الاضراب وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في السعى ابدؤا بما بدء الله به معارض بسؤالهم وكذا انكارهم على ابن عباس في تقديم العمرة معارض بأمره بل هو ادل على مرادنا واما استفاد الترتيب فيما نحن فيه من الفاء الجزائية المفيدة تعقيب جزائها لشرطها اعنى تعقيب القيام إلى الصلوة بغسل الوجه على ما مر بيانه فقد عرفت الكلام فيه ونحن انما استفدنا وجوب الترتيب الذى عليه اصحابنا من النقل عن ائمتناعليهم‌السلام وقد حاول بعض الاعاظم من متأخرى علمائنا استنباطه من الاية بوجه اخر بيانه انه قد تقرر في العربية ان العاملفي المعطوف هو العامل في المعطوف عليه والعامل هنا فعل الغسل الواقع على الوجه واليدين ولفظة إلى متعلقة به وهى لانتهاء غاية المصدر الذى تضمنه الفعل اعنى طبيعة الغسل وقد جعل غايته المرفقين فليس بعد غسلهما غسل والوجه مغسول فغسله قبل غسلهما البتة ولا يجوز ان يقدر اغسلوا لتكون كلمة إلى غاية له وحده للزوم تغاير عاملى المعطوف والمعطوف عليه وقس على هذا فعل لمسح الواقع على الرأس والرجلين هذا حاصل الدليل وظنى انه قاصر عن افادة المراد بل منحرف عن نهج السداد اما اولا فلتطرق الخدش إلى بعض مقدماته وبعد الاغماض عن ذلك فلا دلالة فيه على تقديم اليد اليمنى على اليسرى ولا على تقديم المغسولات

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

٤٠٣

وَ قَالَ ع كُلُّ مُقْتَصَرٍ عَلَيْهِ كَافٍ هذا من باب القناعة و إن من اقتصر على شي‏ء و قنعت به نفسه فقد كفاه و قام مقام الفضول التي يرغب فيها المترفون و قد تقدم القول في ذلك

٣٦١

٤٠٤

وَ قَالَ ع اَلْمَنِيَّةُ وَ لاَ اَلدَّنِيَّةُ وَ اَلتَّقَلُّلُ وَ لاَ اَلتَّوَسُّلُ قد تقدم من كلامنا في هذا الباب شي‏ء كثير و قال الشاعر:

أقسم بالله لمص النوى

و شرب ماء القلب المالحه

أحسن بالإنسان من ذله

و من سؤال الأوجه الكالحه

فاستغن بالله تكن ذا غنى

مغتبطا بالصفقة الرابحه

فالزهد عز و التقى سؤدد

و ذلة النفس لها فاضحه

كم سالم صحيح به بغتة

و قائل عهدي به البارحه

أمسى و أمست عنده قينة

و أصبحت تندبه نائحه

طوبى لمن كانت موازينه

يوم يلاقي ربه راجحه

و قال أيضا:

لمص الثماد و خرط القتاد

و شرب الأجاج أوان الظمإ

على المرء أهون من أن يرى

ذليلا لخلق إذا أعدما

و خير لعينيك من منظر

إلى ما بأيدي اللئام العمى

قلت لحاه الله هلا قال بأيدي الرجال

٣٦٢

٤٠٥

وَ قَالَ ع مَنْ لَمْ يُعْطَ قَاعِداً لَمْ يُعْطَ قَائِماً مراده أن الرزق قد قسمه الله تعالى فمن لم يرزقه قاعدا لم يجب عليه القيام و الحركة.و قد جاء

في الحديث أنه ص ناول أعرابيا تمرة و قال له خذها فلو لم تأتها لأتتك.و قال الشاعر:

جرى قلم القضاء بما يكون

فسيان التحرك و السكون

جنون منك أن تسعى لرزق

و يرزق في غشاوته الجنين

٣٦٣

٤٠٦

وَ قَالَ ع اَلدَّهْرُ يَوْمَانِ يَوْمٌ لَكَ وَ يَوْمٌ عَلَيْكَ فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلاَ تَبْطَرْ وَ إِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْبِرْ قديما قيل هذا المعنى الدهر يومان يوم بلاء و يوم رخاء و الدهر ضربان حبرة و عبرة و الدهر وقتان وقت سرور و وقت ثبور.و قال أبو سفيان يوم أحد يوم بيوم بدر و الدنيا دول.قال ع فإذا كان لك فلا تبطر و إذا كان عليك فاصبر.قد تقدم القول في ذم البطر و مدح الصبر و يحمل ذم البطر هاهنا على محملين أحدهما البطر بمعنى الأشر و شدة المرح بطر الرجل بالكسر يبطر و قد أبطره المال و قالوا بطر فلان معيشته كما قالوا رشد فلان أمره و الثاني البطر بمعنى الحيرة و الدهش أي إذا كان الوقت لك فلا تقطعن زمانك بالحيرة و الدهش عن شكر الله و مكافأة النعمة بالطاعة و العبادة و المحمل الأول أوضح

٣٦٤

٤٠٧

وَ قَالَ ع إِنَّ لِلْوَالِدِ عَلَى اَلْوَلَدِ حَقّاً وَ إِنَّ لِلْوَلَدِ عَلَى اَلْوَالِدِ حَقّاً فَحَقُّ اَلْوَالِدِ عَلَى اَلْوَلَدِ أَنْ يُطِيعَهُ فِي كُلِّ شَيْ‏ءٍ إِلاَّ فِي مَعْصِيَةِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ حَقُّ اَلْوَلَدِ عَلَى اَلْوَالِدِ أَنْ يُحَسِّنَ اِسْمَهُ وَ يُحَسِّنَ أَدَبَهُ وَ يُعَلِّمَهُ اَلْقُرْآنَ أما صدر الكلام فمن قول الله سبحانه( أَنِ اُشْكُرْ لِي وَ لِوالِدَيْكَ إِلَيَّ اَلْمَصِيرُ وَ إِنْ جاهَداكَ عَلى‏ أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما )

طرائف حول الأسماء و الكنى

و أما تعليم الوالد الولد القرآن و الأدب فمأمور به و كذلك القول في تسميته باسم حسن و قد جاء

في الحديث تسموا بأسماء الأنبياء و أحب الأسماء إلى الله عبد الله و عبد الرحمن و أصدقها حارث و همام و أقبحها حرب و مرة

و روى أبو الدرداء عن النبي ص أنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم و أسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم

٣٦٥

و قال ع إذا سميتم فعبدوا أي سموا بنيكم عبد الله و نحوه من أسماء الإضافة إليه عز اسمه و كان رسول الله ص يغير بعض الأسماء سمى أبا بكر عبد الله و كان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة و سمى ابن عوف عبد الرحمن و كان اسمه عبد الحارث و سمى شعب الضلالة شعب الهدى و سمى يثرب طيبة و سمى بني الريبة بني الرشدة و بني معاوية بني مرشدة.كان سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي أحد الفقهاء المشهورين

أتى جده رسول الله ص فقال له ما اسمك قال حزن قال لا بل أنت سهل فقال لا بل أنا حزن عاوده فيها ثلاثا ثم قال لا أحب هذا الاسم السهل يوطأ و يمتهن فقال فأنت حزن فكان سعيد يقول فما زلت أعرف تلك الحزونة فينا

و روى جابر عنه ع ما من بيت فيه أحد اسمه محمد إلا وسع الله عليه الرزق فإذا سميتموهم به فلا تضربوهم و لا تشتموهم و من ولد له ثلاثة ذكور و لم يسم أحدهم أحمد أو محمدا فقد جفاني

أبو هريرة عنه ع أنه نهى أن يجمع بين اسمه و كنيته لأحد

و روي أنه أذن لعلي بن أبي طالب ع في ذلك فسمى ابنه محمد بن الحنفية محمدا و كناه أبا القاسم و قد روي أن جماعة من أبناء الصحابة جمع لهم بين الاسم و الكنية.و قال الزمخشري قد قدم الخلفاء و غيرهم من الملوك رجالا بحسن أسمائهم و أقصوا قوما لشناعة أسمائهم و تعلق المدح و الذم بذلك في كثير من الأمور.

٣٦٦

و في رسالة الجاحظ إلى أبي الفرج نجاح بن سلمة قد أظهر الله في أسمائكم و أسماء آبائكم و كناكم و كنى أجدادكم من برهان الفأل الحسن و نفي طيرة السوء ما جمع لكم صنوف الأمل و صرف إليكم وجوه الطلب فأسماؤكم و كناكم بين فرج و نجاح و سلامة و فضل و وجوهكم و أخلاقكم و وفق أعراقكم و أفعالكم فلم يضرب التفاوت فيكم بنصيب.أراد عمر الاستعانة برجل فسأله عن اسمه و اسم أبيه فقال سراق بن ظالم فقال تسرق أنت و يظلم أبوك فلم يستعن به.سأل رجل رجلا ما اسمك فقال بحر قال أبو من قال أبو الفيض قال ابن من قال ابن الفرات قال ما ينبغي لصديقك أن يلقاك إلا في زورق.و كان بعض الأعراب اسمه وثاب و له كلب اسمه عمرو فهجاه أعرابي آخر فقال:

و لو هيأ له الله

من التوفيق أسبابا

لسمى نفسه عمرا

و سمى الكلب وثابا

قالوا و كلما كان الاسم غريبا كان أشهر لصاحبه و أمنع من تعلق النبز به قال رؤبة:

قد رفع العجاج ذكري فادعني

باسمي إذا الأسماء طالت تكفني

و من هاهنا أخذ المعري قوله يمدح الرضي و المرتضى رحمهما الله:

أنتم ذوو النسب القصير فطولكم

باد على الكبراء و الأشراف

و الراح إن قيل ابنة العنب اكتفت

بأب عن الأسماء و الأوصاف

٣٦٧

و سأل النسابة البكري رؤبة عن نسبه و لم يكن يعرفه قال أنا ابن العجاج قال قصرت و عرفت.صاح أعرابي بعبد الله بن جعفر يا أبا الفضل قيل ليست كنيته قال و إن لم تكن كنيته فإنها صفته نظر عمر إلى جارية له سوداء تبكي فقال ما شأنك قالت ضربني ابنك أبو عيسى قال أ و قد تكنى بأبي عيسى علي به فأحضروه فقال ويحك أ كان لعيسى أب فتكنى به أ تدري ما كنى العرب أبو سلمة أبو عرفطة أبو طلحة أبو حنظلة ثم أدبه.لما أقبل قحطبة بن شبيب نحو ابن هبيرة أراد ابن هبيرة أن يكتب إلى مروان بخبره و كره أن يسميه فقال اقلبوا اسمه فوجدوه هبط حق فقال دعوه على هيئته.قال برصوما الزامر لأمه ويحك أ ما وجدت لي اسما تسميني به غير هذا قالت لو علمت أنك تجالس الخلفاء و الملوك سميتك يزيد بن مزيد.قيل لبعض صبيان الأعراب ما اسمك قال قراد قيل لقد ضيق أبوك عليك الاسم قال إن ضيق الاسم لقد أوسع الكنية قال ما كنيتك قال أبو الصحاري.نظر المأمون إلى غلام حسن الوجه في الموكب فقال له يا غلام ما اسمك قال لا أدري قال أ و يكون أحد لا يعرف اسمه فقال يا أمير المؤمنين اسمي الذي أعرف به لا أدري فقال المأمون:

و سميت لا أدري لأنك لا تدري

بما فعل الحب المبرح في صدري

ولد لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب ولد ذكر فبشر به و هو عند معاوية

٣٦٨

بن أبي سفيان فقال له معاوية سمه باسمي و لك خمسمائة ألف درهم فسماه معاوية فدفعها إليه و قال اشتر بها لسميي ضيعة.

و من حديث علي ع عن النبي ص إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه و أوسعوا له في المجلس و لا تقبحوا له وجها

و عنه ص ما من قوم كانت لهم مشورة فحضر معهم عليها من اسمه محمدا أو أحمد فأدخلوه في مشورتهم إلا خير لهم و ما من مائدة وضعت فحضر عليها من اسمه محمدا أو أحمد إلا قدس ذلك المنزل في كل يوم مرتين.من أبيات المعاني:

و حللت من مضر بأمنع ذروة

منعت بحد الشوك و الأحجار

قالوا يريد بالشوك أخواله و هم قتادة و طلحة و عوسجة و بالأحجار أعمامه و هم صفوان و فهر و جندل و صخر و جرول.سمى عبد الملك ابنا له الحجاج لحبه الحجاج بن يوسف و قال فيه:

سميته الحجاج بالحجاج

الناصح المكاشف المداجي

استأذن الجاحظ و الشكاك و هو من المتكلمين على رئيس فقال الخادم لمولاه الجاحد و الشكاك فقال هذان من الزنادقة لا محالة فصاح الجاحظ ويحك ارجع قل الحدقي بالباب و به كان يعرف فقال الخادم الحلقي بالباب فصاح الجاحظ ويلك ارجع إلى الجاحد.جمع ابن دريد ثمانية أسماء في بيت واحد فقال:

فنعم أخو الجلى و مستنبط الندى

و ملجأ مكروب و مفزع لاهث

عياذ بن عمرو بن الجليس بن جابر بن زيد بن منظور بن زيد بن وارث

٣٦٩

قال محمد بن صدقة المقرئ ليموت بن المزرع صدق الله فيك اسمك فقال له أحوجك الله إلى اسم أبيك.سأل رجل أبا عبيدة عن اسم رجل من العرب فلم يعرفه فقال كيسان غلامه أنا أعرف الناس به هو خراش أو خداش أو رياش أو شي‏ء آخر فقال أبو عبيدة ما أحسن ما عرفته يا كيسان قال إي و الله و هو قرشي أيضا قال و ما يدريك به قال أ ما ترى كيف احتوشته الشينات من كل جانب قال الفرزدق:

و قد تلتقي الأسماء في الناس و الكنى

كثيرا و لكن ميزوا في الخلائق

رأى الإسكندر في عسكره رجلا لا يزال ينهزم في الحرب فسأله عن اسمه فقال اسمي الإسكندر فقال يا هذا إما أن تغير اسمك و إما أن تغير فعلك.قال شيخنا أبو عثمان لو لا أن القدماء من الشعراء سمت الملوك و كنتها في أشعارها و أجازت و اصطلحت عليه ما كان جزاء من فعل ذلك إلا العقوبة على أن ملوك بني سامان لم يكنها أحد من رعاياها قط و لا سماها في شعر و لا خطبة و إنما حدث هذا في ملوك الحيرة و كانت الجفاة من العرب لسوء أدبها و غلظ تركيبها إذا أتوا النبي ص خاطبوه باسمه و كنيته فأما أصحابه فكانت مخاطبتهم له يا رسول الله و هكذا يجب أن يقال للملك في المخاطبة يا خليفة الله و يا أمير المؤمنين.و ينبغي للداخل على الملك أن يتلطف في مراعاة الأدب كما حكى سعيد بن مرة الكندي دخل على معاوية فقال أنت سعيد فقال أمير المؤمنين السعيد و أنا ابن مرة.و قال المأمون للسيد بن أنس الأزدي أنت السيد فقال أنت السيد يا أمير المؤمنين و أنا ابن أنس.

٣٧٠

شاعر:

لعمرك ما الأسماء إلا علامة

منار و من خير المنار ارتفاعها

كان قوم من الصحابة يخاطبون رسول الله ص يا نبي‏ء الله بالهمزة فأنكر ذلك و قال لست بنبي‏ء الله و لكني نبي الله.و كان البحتري إذا ذكر الخثعمي الشاعر يقول ذاك الغث العمي.و كان صاحب ربيع يتشيع فارتفع إليه خصمان اسم أحدهما علي و الآخر معاوية فانحنى على معاوية فضربه مائة سوط من غير أن اتجهت عليه حجة ففطن من أين أتي فقال أصلحك الله سل خصمي عن كنيته فإذا هو أبو عبد الرحمن و كانت كنية معاوية بن أبي سفيان فبطحه و ضربه مائة سوط فقال لصاحبه ما أخذته مني بالاسم استرجعته منك بالكنية

٣٧١

٤٠٨

وَ قَالَ ع اَلْعَيْنُ حَقٌّ وَ اَلرُّقَى حَقٌّ وَ اَلسِّحْرُ حَقٌّ وَ اَلْفَأْلُ حَقٌّ وَ اَلطِّيَرَةُ لَيْسَتْ بِحَقٍّ وَ اَلْعَدْوَى لَيْسَتْ بِحَقٍّ وَ اَلطِّيبُ نُشْرَةٌ وَ اَلْعَسَلُ نُشْرَةٌ وَ اَلرُّكُوبُ نُشْرَةٌ وَ اَلنَّظَرُ إِلَى اَلْخُضْرَةِ نُشْرَةٌ و يروى و الغسل نشرة بالغين المعجمة أي التطهير بالماء

أقوال في العين و السحر و الفأل و العدوى و الطيرة

و قد جاء في الحديث المرفوع العين حق و لو كان شي‏ء يسبق القدر لسبقته العين و إذا استغسلتم فاغسلوا قالوا في تفسيره إنهم كانوا يطلبون من العائن أن يتوضأ بماء ثم يسقي منه المعين و يغتسل بسائره.و في حديث عائشة العين حق كما أن محمدا حق.و للحكماء في تعليل ذلك قول لا بأس به قالوا هذا عائد إلى نفس العائن و ذلك لأن الهيولى مطيعة للأنفس متأثرة بها أ لا ترى أن نفوس الأفلاك تؤثر فيها بتعاقب الصور عليها و النفوس البشرية من جوهر نفوس الأفلاك و شديدة الشبه بها إلا أن نسبتها إليها نسبة السراج إلى الشمس فليست عامة التأثير بل تأثيرها في أغلب الأمر في بدنها خاصة و لهذا يحمى مزاج الإنسان عند الغضب

٣٧٢

يستعد للجماع عند تصور النفس صورة المعشوق فإذن قد صار تصور النفس مؤثرا فيما هو خارج عنها لأنها ليست حالة في البدن فلا يستبعد وجود نفس لها جوهر مخصوص مخالف لغيره من جواهر النفوس تؤثر في غير بدنها و لهذا يقال إن قوما من الهند يقتلون بالوهم و الإصابة بالعين من هذا الباب و هو أن تستحسن النفس صورة مخصوصة و تتعجب منها و تكون تلك النفس خبيثة جدا فينفعل جسم تلك الصورة مطيعا لتلك النفس كما ينفعل البدن للسم.

و في حديث أم سلمة أن رسول الله ص رأى في وجه جارية لها سعفة فقال إن بها نظرة فاسترقوا لها.

و قال عوف بن مالك الأشجعي كنا نرقي في الجاهلية فقلت يا رسول الله ما ترى في ذلك فقال أعرضوا على رقاكم فلا بأس بالرقى ما لم يكن فيها شرك

كان ناس من أصحاب رسول الله ص في سفر فمروا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيفوهم و قالوا لهم هل فيكم من راق فإن سيد الحي لديغ فقال رجل منهم نعم فأتاه فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ فأعطي قطيعا من الغنم فأبى أن يقبلها حتى يأتي رسول الله ص فذكر ذلك لرسول الله ص و قال و عيشك ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب فقال ما أدراكم إنها رقية خذوا منهم و اضربوا لي معكم بسهم

و روى بريدة قال قال رسول الله ص و قد ذكرت عنده الطيرة من عرض له من هذه الطيرة شي‏ء فليقل اللهم لا طير إلا طيرك و لا خير إلا خيرك و لا إله غيرك و لا حول و لا قوة إلا بالله

و عنه ع ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له

٣٧٣

أنس بن مالك يرفعه لا عدوى و لا طيرة و يعجبني الفأل الصالح قالوا فما الفأل الصالح قال الكلمة الطيبة

و عنه ع تفاءلوا و لا تطيروا

و روى عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله ص كان لا يتطير من شي‏ء و كان إذا بعث عاملا سأل عن اسمه فإذا أعجبه سر به و رئي بشر ذلك في وجهه و إن كره اسمه رئيت الكراهة على وجهه و إذا دخل قرية سأل عن اسمها فإن أعجبه ظهر على وجهه.بنى عبيد الله بن زياد بالبصرة دارا عظيمة فمر بها بعض الأعراب فرأى في دهليزها صورة أسد و كلب و كبش فقال أسد كالح و كبش ناطح و كلب نابح و الله لا يمتع بها فلم يلبث عبيد الله فيها إلا أياما يسيرة.

أبو هريرة يرفعه إذا ظننتم فلا تحققوا و إذا تطيرتم فامضوا و على الله فتوكلوا

و قال ع أحسنها الفأل و لا يرد قدرا و لكن إذا رأى أحدكم ما يكره فليقل اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت و لا يدفع السيئات إلا أنت و لا حول و لا قوة إلا بك.و قال بعض الشعراء:

لا يعلم المرء ليلا ما يصبحه

إلا كواذب ما يجري به الفأل

و الفأل و الزجر و الكهان كلهم

مضللون و دون الغيب أقفال

و عن النبي ص القيافة و الطرق و الطيرة من الخبث

ابن عباس يرفعه من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر

أبو هريرة يرفعه من أتى كاهنا فصدقه فيما يقول فقد برئ مما أنزل الله على أبي القاسم.

٣٧٤

شاعر:

لعمرك ما تدري الطوارق بالحصى

و لا زاجرت الطير ما الله صانع

و قال آخر:

لا يقعدنك عن بغاء

الخير تعقاد العزائم

فلقد غدوت و كنت لا

أغدو على راق و حائم

فإذا الأشائم كالأيامن

و الأيامن كالأشائم

و كذاك لا خير و لا

شر على أحد بدائم

تفاءل هشام بن عبد الملك بنصر بن سيار فقلده خراسان فبقي فيها عشر سنين.و تفاءل عامر بن إسماعيل قاتل مروان بن محمد باسم رجل لقيه فسأله عن اسمه فقال منصور بن سعد قال من أي العرب قال من سعد العشيرة فاستصحبه و طلب مروان فظفر به و قتله.و تفاءل المأمون بمنصور بن بسام فكان سبب مكانته عنده.قالوا إنما أصل اليد اليسرى العسرى إلا أنهم أبدلوا اليسرى من اليسر تفاؤلا.مزرد بن ضرار:

و إني امرؤ لا تقشعر ذؤابتي

من الذئب يعوي و الغراب المحجل

الكميت:

و لا أنا ممن يزجر الطير همه

أ صاح غراب أم تعرض ثعلب

و قال بعض العرب خرجت في طلب ناقة ضلت لي فسمعت قائلا يقول:

و لئن بعثت لها بغاة

فما البغاة بواجدينا

٣٧٥

فلم أتطير و مضيت لوجهي فلقيني رجل قبيح الوجه به ما شئت من عاهة فلم أتطير و تقدمت فلاحت لي أكمة فسمعت منها صائحا

و الشر يلقى مطالع الأكم

فلم أكترث و لا انثنيت و علوتها فوجدت ناقتي قد تفاجت للولادة فنتجتها و عدت إلى منزلي بها و معها ولدها.

و قيل لعلي ع لا تحاربهم اليوم فإن القمر في العقرب فقال قمرنا أم قمرهم

و روي عنه ع أنه كان يكره أن يسافر أو يتزوج في محاق الشهر و إذا كان القمر في العقرب و روي أن ابن عباس قال على منبر البصرة إن الكلاب من الحن و إن الحن من ضعفاء الجن فإذ غشيكم منهم شي‏ء فألقوا إليه شيئا أو اطردوه فإن لها أنفس سوء.و قال أبو عثمان الجاحظ كان علماء الفرس و الهند و أطباء اليونانيين و دهاة العرب و أهل التجربة من نازلة الأمصار و حذاق المتكلمين يكرهون الأكل بين يدي السباع يخافون عيونها للذي فيها من النهم و الشره و لما ينحل عند ذلك من أجوافها من البخار الردي‏ء و ينفصل من عيونها مما إذا خالط الإنسان نقض بنية قلبه و أفسده و كانوا يكرهون قيام الخدم بالمذاب و الأشربة على رءوسهم خوفا من أعينهم و شدة ملاحظتهم إياهم و كانوا يأمرون بإشباعهم قبل أن يأكلوا و كانوا يقولون في الكلب و السنور إما أن يطرد أو يشغل بما يطرح له.

٣٧٦

و قالت الحكماء نفوس السباع أردأ النفوس و أخبثها لفرط شرهها و شرها قالوا و قد وجدنا الرجل يضرب الحية بعصا فيموت الضارب و الحية لأن سم الحية فصل منها حتى خالط أحشاء الضارب و قلبه و نفذ في مسام جسده.و قد يديم الإنسان النظر إلى العين المحمرة فتعتري عينه حمرة و التثاؤب يعدي أعداء ظاهرا و يكره دنو الطامث من اللبن لتسوطه لأن لها رائحة و بخارا يفسد اللبن المسوط.و قال الأصمعي رأيت رجلا عيونا كان يذكر عن نفسه أنه إذا أعجبه الشي‏ء وجد حرارة تخرج من عينه.و قال أيضا كان عندنا عيونان فمر أحدهما بحوض من حجارة فقال تالله ما رأيت كاليوم حوضا فانصدع فلقتين فمر عليه الثاني فقال و أبيك لقلما ضررت أهلك فيك فتطاير أربع فلق.و سمع آخر صوت بول من وراء جدار حائط فقال إنك كثير الشخب فقالوا هو ابنك فقال أوه انقطع ظهره فقيل لا بأس عليه إن شاء الله فقال و الله لا يبول بعدها أبدا فما بال حتى مات.و سمع آخر صوت شخب ناقة بقوة فأعجبه فقال أيتهن هذه فوروا بأخرى عنها فهلكتا جميعا المورى بها و المورى عنها قال رجل من خاصة المنصور له قبل أن يقتل أبا مسلم بيوم واحد إني رأيت اليوم لأبي مسلم ثلاثا تطيرت له منها قال ما هي قال ركب فوقعت قلنسوته

٣٧٧

عن رأسه فقال المنصور الله أكبر تبعها و الله رأسه فقال و كبا به فرسه فقال الله أكبر كبا و الله جده و أصلد زنده فما الثالثة قال إنه قال لأصحابه أنا مقتول و إنما أخادع نفسي و إذا رجل ينادي آخر من الصحراء اليوم آخر الأجل يا فلان فقال الله أكبر انقضى أجله إن شاء الله و انقطع من الدنيا أثره فقتل في غد ذلك اليوم.تجهز النابغة الذبياني للغزو و اسمه زياد بن عمرو مع زبان بن سيار الفزاري فلما أراد الرحيل سقطت عليه جرادة فتطير و قال ذات لونين تجرد غري من خرج فأقام و لم يلتفت زبان إلى طيرته فذهب و رجع غانما فقال:

تطير طيرة يوما زياد

لتخبره و ما فيها خبير

أقام كان لقمان بن عاد

أشار له بحكمته مشير

تعلم إنه لا طير إلا

على متطير و هو الثبور

بلى شي‏ء يوافق بعض شي‏ء

أحايينا و باطله كثير

حضر عمر بن الخطاب الموسم فصاح به صائح يا خليفة رسول الله فقال رجل من بني لهب و هم أهل عيافة و زجر دعاه باسم ميت مات و الله أمير المؤمنين فلما وقف الناس للجمار إذا حصاة صكت صلعة عمر فأدمي منها فقال ذلك القائل أشعر و الله أمير المؤمنين لا و الله ما يقف هذا الموقف أبدا فقتل عمر قبل أن يحول الحول و قال كثير بن عبد الرحمن:

تيممت لهبا أبتغي العلم عندها

و قد صار علم العائفين إلى لهب

٣٧٨

كان للعرب كاهنان اسم أحدهما شق و كان نصف إنسان و اسم الآخر سطيح و كان يطوى طي الحصير و يتكلمان بكل أعجوبة في الكهانة فقال ابن الرومي:

لك رأي كأنه رأي شق

و سطيح قريعي الكهان

يستشف الغيوب عما تواري

بعيون جلية الإنسان

و قال أبو عثمان الجاحظ كان مسيلمة قبل أن يتنبأ يدور في الأسواق التي كانت بين دور العرب و العجم كسوق الأبلة و سوق بقة و سوق الأنبار و سوق الحيرة يلتمس تعلم الحيل و النيرنجيات و احتيالات أصحاب الرقى و العزائم و النجوم و قد كان أحكم علم الحزاة و أصحاب الزجر و الخط فعمد إلى بيضة فصب إليها خلا حاذقا قاطعا فلانت حتى إذا مدها الإنسان استطالت و دقت كالعلك ثم أدخلها قارورة ضيقة الرأس و تركها حتى انضمت و استدارت و جمدت فعادت كهيئتها الأولى فأخرجها إلى قوم و هم أعراب و استغواهم بها و فيه قيل:

ببيضة قارور و راية شادن

و توصيل مقطوع من الطير حاذق

قالوا أراد براية الشادن التي يعملها الصبي من القرطاس الرقيق و يجعل لها ذنبا و جناحين و يرسلها يوم الريح بخيط طويل.كان مسيلمة يعمل رايات من هذا الجنس و يعلق فيها الجلاجل و يرسلها ليلا في شدة الريح و يقول هذه الملائكة تنزل علي و هذه خشخشة الملائكة و زجلها و كان يصل جناح الطير المقصوص بريش معه فيطير و يستغوي به الأعراب.شاعر في الطيرة

٣٧٩

و أمنع الياسمين الغض من حذري

عليك إذ قيل لي نصف اسمه ياس

و قال آخر:

أهدت إليه سفرجلا فتطيرا

منه و ظل مفكرا مستعبرا

خوف الفراق لأن شطر هجائه

سفر و حق له بأن يتطيرا

و قال آخر:

يا ذا الذي أهدى لنا سوسنا

ما كنت في إهدائه محسنا

نصف اسمه سو فقد ساءني

يا ليت إني لم أر السوسنا

و مثله:

لا تراني طوال دهري

أهوى الشقائقا

إن يكن يشبه الخدود

فنصف اسمه شقا

و كانوا يتفاءلون بالآس لدوامه و يتطيرون من النرجس لسرعة انقضائه و يسمونه الغدار.و قال العباس بن الأحنف:

إن الذي سماك يا منيتي

بالنرجس الغدار ما أنصفا

لو أنه سماك بالآسة

وفيت إن الآس أهل الوفا

خرج كثير يريد عزة و معه صاحب له من نهد فرأى غرابا ساقطا فوق بانة ينتف ريشه فقال له النهدي إن صدق الطير فقد ماتت عزة فوافى أهلها و قد أخرجوا جنازتها فقال:

و ما أعيف النهدي لا در دره

و أزجره للطير لا عز ناصره

رأيت غرابا ساقطا فوق بانة

ينتف أعلى ريشه و يطايره

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430