برجوع أكثرهم عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا المعنى هو المراد بالارتداد المذكور في الحديث الذي احتج به.
وأما ما ألصقه بالشيعة من القول بارتداد عامة الصحابة إلا نفراً قليلاً - وإن كنا لا نقول به - إلا أنه هو الظاهر من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث البخاري المتقدم الذي قال فيه: « فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همَل النعَم » كما بيَّنَّاه آنفاً.
وبعبارة أخرى: إن ما ألصقه بالشيعة من القول بارتداد أكثر الصحابة عن الدين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقوله الشيعة، ولا تدل عليه الأحاديث المروية من طرقهم، بل دلَّت عليه الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة التي ذكرنا بعضاً منها.
ومما تقدَّم يتَّضح سقوط كل ما سيأتي من اللوازم الفاسدة التي ساقها الجزائري، لأنها كلها مبتنية على القول بارتداد عامة الصحابة عن الدين، ونحن لا نقول به كما بيَّنَّاه مفصَّلاً، وهو واضح.
وقوله: «إن الهدف من هذا التكفير واللعن والبراء لأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو القضاء على الإسلام خصم اليهودية والمجوسية »
لا يخفى فساده، ولا يستحق الرد عليه، إلا أنا مع ذلك نقول:
إن أراد بأصحاب النبي كل أصحابه صلى الله عليه وآله وسلم، فنحن لا نكفِّرهم ولا نلعنهم جميعاً كما أوضحناه فيما تقدَّم.
وإن أراد بعضهم فارتداد ونفاق بعض من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم متَّفق عليه، ودلَّت عليه الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة كما مر آنفاً.
والنتيجة المتحصَّلة هي أن الشيعة وأهل السنة في هذه المسألة سواء، فما يلزم أولئك يلزم هؤلاء.
ثم إنا لا نعلم كيف يتم القضاء على الإسلام بسبب الاعتقاد بنفاق أو ارتداد بعض صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أن الشيعة وأهل السنة كلهم يرون ذلك والإسلام بحمد الله باقٍ، وسيبقى إن شاء الله تعالى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها!!
ولا يخفى أن الجزائري في كلامه هنا بل في كل ما سطَّره في هذا الكتيِّب يريد بالإسلام مذهب أهل السنة، المبني على القول بعدالة كل من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع