• البداية
  • السابق
  • 211 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18305 / تحميل: 4376
الحجم الحجم الحجم
كشف الحقائق رد علي «هذه نصيحتي إلي كل شيعي»

كشف الحقائق رد علي «هذه نصيحتي إلي كل شيعي»

مؤلف:
العربية

ثم ذكر جملة من مواقف أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام الدالَّة على ذلك، ثم قال:

وكذلك باقي الأئمة عليهم السلام في مواقفهم مع ملوك عصرهم وإن لاقوا منهم أنواع الضغط والتنكيل، فإنهم لما علموا أن دولة الحق لا تعود إليهم انصرفوا إلى تعليم الناس معالم دينهم، وتوجيه أَتْباعهم التوجيه الديني العالي. وكل الثورات التي حدثت في عصرهم من العلويين لم تكن عن إشارتهم ورغبتهم، بل كانت كلها مخالفة صريحة لأوامرهم وتشديداتهم، فإنهم كانوا أحرص على كيان الدولة الإسلامية من كل أحد حتى من خلفاء بني العباس أنفسهم.

وكفى أن نقرأ وصية الإمام موسى بن جعفر عليه السلام لشيعته: لا تذلّوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلاً فاسألوا الله بقاءه، وإن كان جائراً فاسألوا الله إصلاحه، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم(١) .

قال: وهذا غاية ما يُوصف في محافظة الرعية على سلامة السلطان أن يحبُّوا له ما يحبون لأنفسهم، ويكرهوا له ما يكرهون لها(٢) .

وأما علماء الشيعة الإمامية فهم تبع لأئمة أهل البيت عليهم السلام في ذلك، ومواقفهم وكلماتهم وفتاواهم في هذا الشأن أدل دليل على ذلك، إذ تدل بوضوح على أنهم أكثر علماء هذه الأمة سعياً في رأب الصدع ولمّ الشمل وتوحيد الكلمة.

وحسبك دليلاً على ذلك ما أفتى به مَن وقفنا على فتواه منهم من استحباب الصلاة في جماعة أهل السنة، وحرمة أو كراهة التظاهر بمخالفة أهل السنة في المسائل الخلافية بين السنة والشيعة، وحرمة مخالفة أهل السنة في وقوف الحج في عرفات وغير ذلك مما يعرفه المتتبّع.

ثم ما الذي يستفيده علماء الشيعة الإمامية من العيش على حساب هدم الإسلام وتمزيق شمل المسلمين وهـم الذين صرفوا زهرة أعمارهم في الذب عن الإسلام والمسلمين؟! هذا مع أنهم لو ساروا في ركاب الحكَّام والأُمراء و السلاطين وأكلوا من

____________________

(١) وسائل الشيعة ١١/٤٧٢.

(٢) عقائد الامامية، ص١٤٤.

٨١

فتات موائدهم كما يصنع غيرهم، لكان ذلك أرغد لدنياهم وأرخى لبالهم.

هذا في الوقت الذي كان كثير من علماء أهل السنّة قد دأبوا منذ مئات السنين إلى يومنا هذا على تصنيف المصنفات الكثيرة التي نقدوا فيها عقائد الشيعة الإمامية، وحكموا فيها بضلالهم وكفرهم، وأفتوا فيها بإباحة دمائهم وأموالهم.

ومن العجب أن هذا الرجل الذي يكتب مثل هذا الكتيّب الذي يؤجّج به نائرة الفتنة، ويزيد به الفُرقة بتكفير طائفة كبيرة من طوائف المسلمين، يرمي علماء الشيعة بهدم الإسلام وتمزيق شمل المسلمين، وهل هذا إلا مصداق قوله سبحانه( ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرمِ به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبينا ) (١) .

____________________

(١) سورة النساء، الآية ١١٢.

٨٢

كشف

الحقيقة الرابعة

٨٣

٨٤

قال الجزائري:

الحقيقة الرابعة

اعتقاد اختصاص أهل البيت وشيعتهم بعلوم

ومعارف نبوية وإلهية دون سائر المسلمين

ومستند هذه الحقيقة ما أورده صاحب الكافي بقوله: عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام، فقلت: جُعلت فداك، إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علَّم علياً عليه السلام ألف باب من العلم يفتح منه ألف باب. قال: فقال: يا أبا محمد، علَّم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام ألف باب، يفتح له من كل باب ألف باب. قال: قلت: هذا بذاك. قال: ثم قال: يا أبا محمد، وإن عندنا الجامعة، وما يدريهم ما الجامعة؟ قال: قلت: جعلت فداك، وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأملاه من فلق فيه، وخط علي بيمينه كل حلال وحرام، وكل شيء يحتاج إليه الناس حتى الأرش والخدش. قال: قلت: هذا والله العلم! قال: إنه لعلم وليس بذاك. ثم سكت ساعة ثم قال: عندنا الجفر، ما يدريهم ما الجفر؟ قال: وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل. قال: قلت: إن هذا العلم! قال: إنه العلم، وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام، وما يدريهم ما مصحف فاطمة؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات، والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد! قال: قلت: هذا والله العلم. قال: إنه العلم، وليس بذاك. ثم سكت ساعة، ثم قال: وإن عندنا علم ما كان وما هو كائن إلى أن تقوم الساعة. انتهى بالحرف الواحد.

٨٥

مناقشة الجزائري فيما استخلصه من الحديث:

لقد بنى الجزائري على هذا الحديث أموراً غريبة ونتائج عجيبة، حيث قال:

و بعد: إن النتيجة الحقيقية لهذا الاعتقاد الباطل لا يمكن أن تكون إلا كما يلي:

١- الاستغناء عن كتاب الله تعالى، وهو كفر صراح.

والجــواب

إن هذا الحديث لا يدل على هذه النتيجة ولا على غيرها من النتائج التي ذكرها كما سيتضح قريباً إن شاء الله تعالى.

وهذا الحديث المروي في الكافي صحيح الإسناد، فيه بيان ما خُصَّ به أهل البيت عليهم السلام من الصحائف والكتب وما عندهم من العلوم الشرعية والمعارف الإلهية التي لم تكن عند غيرهم من الناس.

ومنها: الصحيفة الجامعة: وهي صحيفة أملاها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكتبها أمير المؤمنين عليه السلام، طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. والظاهر من الأخبار أنها تشتمل على كل الأحكام الشرعية من الحلال والحرام وكل ما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش كما نصَّ عليه هذا الحديث وغيره(١) .

ومنها: مصحف فاطمة عليها السلام: وهو كتاب فيه علم ما يكون وأسماء من يملكون إلى قيام الساعة، بإملاء جبرئيل عليه السلام وبخط علي بن أبي طالب عليه السلام، كما دلت عليه الأخبار الكثيرة كخبر حماد بن عثمان، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة، وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام. قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: إن الله تعالى لما قبض نبيّه صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل الله إليها ملَكاً يسلّي غمّها و يحدّثها، فشكَت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: إذا أحسستِ بذلك وسمعت الصوت قولي لي. فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يكتب كل ما سمع، حتى أثبت من ذلك مصحفاً. قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن

____________________

(١) راجع بحار الأنوار ٢٥/١١٦، ٢٦/١٨، ٢٠، ٢١، ٢٢، ٢٣، ٣٣، ٣٤، ٣٥، ٣٦، ٣٨، ٣٩، ٤١، ٤٥، ٤٦، ٤٨، ٤٧/٢٦.

٨٦

فيه علم ما يكون(١) .

وفي صحيحة أبي عبيدة الحذاء، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزن شديد على أبيها، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها، وكان عـلي عليه السلام يكتب ذلك، فـهذا مصحف فاطمة عليها السلام(٢) .

وأما الجفر فهو كما في الأخبار وعاء من جلد فيه كتب الأنبياء السابقين كـالزبور والتـوراة والإنجيل وصحف إبراهيم ومصحف فاطمة، وفيه الحلال والحرام وغير ذلك، وهو الجفر الأبيض.

وأما الجفر الأحمر فهو وعاء آخر فيه سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يخرجه الإمام المهدي عليه السلام حين خروجه كما في صحيحة الحسين بن أبي العلاء، قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: إن عندي الجفر الأبيض. قال: قلت: فأي شيء فيه؟ قال: زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم عليه السلام والحلال والحرام، ومصحف فاطمة، ما أزعم أن فيه قرآناً، وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش، وعندي الجفر الأحمر. قال: قلت: وأي شيء في الجفر الأحمر؟ قال: السلاح، وذلك إنما يُفتح للدم، يفتحه صاحب السيف للقتل...(٣) .

إذا اتضح ذلك نقول:

إن حيازة مثل هذه الكتب وغيرها لا تدل بأية دلالة على الاستغناء بها عن كتاب الله العزيز، وإلا كان حيازة كتب الفقه والحديث والتاريخ وغيرها كفراً صراحاً.

ثم إن الاستغناء عن كتاب الله عز وجل لا يتحقق إلا بالإعراض عنه إلى غيره، وأما الاستفادة من الكتب المدونة في شتى العلوم والفنون فهي لا تدل على الرغبة عن كتاب الله العزيز، ولا سيما إذا كانت مبيِّنة لمجملات القرآن، وموضحة لما يحتاج منه إلى

____________________

(١) الكافي ١/٢٤٠.

(٢) المصدر السابق ١/٢٤١.

(٣) المصدر السابق ١/٢٤٠.

٨٧

بيان كما هو الحال في الصحيفة الجامعة، التي تشتمل على الحلال والحرام وما يحتاج إليه الناس مفصّلاً، أو كانت مشتملة على بيان الملاحم والفتن وما يكون إلى قيام الساعة، كما هو الحال في مصحف فاطمة عليها السلام.

وعلى كل حال فإن الصحيفة الجامعة كتاب جامع في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومصحف فاطمة عليها السلام كتاب مشتمل على حديث جبرئيل عليه السلام، وباقي الكتب هي من كلام الله عز وجل، وكل ذلك حق لا يجوز نسبته إلى الباطل كما هو واضح.

على أنّا لو أردنا أن نثير الدفائن ونُخرج المخبوء لقلنا: إن غير الشيعة الإمامية هم الذين قد استغنوا عن كتاب الله العزيز بما سطّروه في كتبهم المعتمدة من أحاديث واهية وأخبار ضعيفة مخالفة لآيات الكتاب العزيز كما سيتضح في كشف الحقيقة السابعة إن شاء الله تعالى.

وعليك أيها القارئ العزيز بمراجعة ما سبق بيانه في ردّ ما تمسَّك به الجزائري في إثبات هذه التهمة في حقيقته الأولى.

شُبْهة وجوابها

لعل الخصم يقول: إن كل ذلك لا يصح، ولو أنا علمنا أن علياً عليه السلام كتب الصحيفة الجامعة من إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومصحف فاطمة عليها السلام من إملاء جبريل عليه السلام لما نازعناكم في كل ذلك، ولكن ذلك لم يثبت، فلا يمكن قبوله بحال.

والجواب: أنا قد تلقَّينا ذلك من الثقات الأَثبات فلا نردّه، كما لا نرد غيره مما نقله الثقات في أمور الدين والدنيا، ونحن لا نُلزم الخصم به، إلا أن ردّه مع عدم استحالته مشكل، ولا سيما مع ورود النهي عن رد ما قاله أهل الكتاب مما لم تثبت صحته ولم يتّضح بطلانه.

فقد أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة، أنه قال: كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسِّرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا( آمنا بالله وما أُنزل إلينا وما أُنزل إليكم ) الآية(١) .

وأخرج أبو داود وأحمد والحاكم وابن حبان وغيرهم عن أبي نملة الأنصاري،

____________________

(١) صحيح البخاري ٣/٢٣٧ كتاب الشهادات، باب لا يسأل أهل الشرك عن الشهادة وغيرها، ٦/٢٥ كتاب التفسير، تفسير سورة البقرة، باب وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه، ٩/١٣٦ كتاب الاعتصام، باب قول النبي (ص): لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء.

٨٨

عن أبيه: أنه بينما هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده رجل من اليهود مرّ بجنازة، فقال: يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة؟ فـقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: الله أعلم. فقال اليهودي: إنها تتكلم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما حدّثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنّا بالله ورسله. فإن كان باطلاً لم تصدّقوه، وإن كان حقاً لم تكذّبوه(١) .

* * *

قال الجزائري: ٢ - اختصاص آل البيت بعلوم ومعارف دون سائر المسلمين، وهو خيانة صريحة تنسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ونسبة الخيانة إليه صلى الله عليه وآله كفر لا شك فيه ولا جدال.

والجـواب

١ـ أن اختصاص النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحداً من هذه الأمة بعلم لا يُعد خطأ ولا خيانة، ولا سيما إذا كانت ثمة منفعة خاصة أو عامة، ولهذا خص النبي صلى الله عليه وآله وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه بأسماء المنافقين دون غيره من الناس حتى سُمّي بصاحب سر رسول الله.

كما خص بعض أزواجه بحديث وسألها كتمانه(٢) ، فلما أفشته أطلعه الله عليه.

قال عز من قائل( وإذ أسرَّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلما نبّأت به وأظهره الله عليه عرَّف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبَّأها به قالت من أنبأك هذا قال نبَّأني العليم الخبير ) (٣) .

وخصَّ فاطمة عليها السلام بما خصّها به عند وفاته فيما أخرجه البخاري بسنده عن عائشة، قالت: أقبلتْ فاطمة تمشي كأن مشيتها مشي النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: مرحباً بابنتي. ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أسرَّ إليها حديثاً فبكت، فقلت لها: لمَ تبكين؟ ثم أسرَّ إليها حديثاً فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرَحاً أقربَ من حزن.

____________________

(١) سنن ابي داود ٣/٣١٨ حديث ٣٦٤٤. مسند أحمد ٤/١٣٦. المستدرك على الصحيحين ٣/٣٥٨. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٨/٥٢. شرح السنة ١/٢٦٨.

(٢) قيل نبأها بأن أبا بكر وعمر يليان الأمر من بعده، وهو مروي عن ابن عباس. وقيل: نبأها بأنه حرم مارية على نفسه، أو حرم على نفسه شرب العسل. راجع تفسير القرآن العظيم ٤/٣٩٠، التفسير الكبير ٣٠/٤٢ - ٤٣، الدر المنثور ٨/٢١٨.

(٣) سورة التحريم، الآية ٣.

٨٩

فسألتها عما قال، فقالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى قُبض النبي صلى الله عليه وآله فسألتها فقالت: أسرَّ إليَّ: إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العامَ مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي. فبكيت، فقال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو نساء المؤمنين. فضحكت لذلك(١) .

وخصَّ أمير المؤمنين عليه السلام بما لم يخص به غيره كما أخرج الترمذي بسنده عن جابر، قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علياً يوم الطائف فانتجاه، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما انتجيته ولكن الله انتجاه(٢) .

وأخرج أحمد والحاكم وغيرهما عن أم سلمة، قالت: والذي أحلف به إن كان علي لأقرب الناس عهداً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قالت: عدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غداة بعد غداة، يقول: « جاء علي؟ » مراراً. قالت فاطمة: كان بعثه في حاجة. قالت: فجاء بعد. قالت: فظننت أن له إليه حاجة، فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب، وكنت من أدناهم إلى الباب، فأكبَّ عليه علي فجعل يسارُّه ويناجيه، ثم قُبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من يومه ذلك، فكان علي أقرب الناس به عهداً(٣) .

وأخرج ابن سعد وأبو نعيم والهيثمي وغيرهم عن ابن عباس قال: كنا نتحدّث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهدها إلى غيره(٤) .

هذا كله مضافاً إلى أن آية النجوى وهي قوله سبحانه( يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقة ذلك خير لكم وأطهر، فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم ) (٥) لم يعمل بها أحد من هذه الأمة إلا علي بن أبي طالب عليه السلام كما نص عليه كل من وقفنا على قوله في الآية من العلماء والحفاظ والمفسرين.

أخرج الحاكم في المستدرك وغيرُه عن علي عليه السلام أنه قال:... إن في كتاب الله

____________________

(١) صحيح البخاري ٤/٢٤٧ - ٢٤٨ كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.

(٢) سنن الترمذي ٥/٦٣٩. قال الملا علي القاري في شرح الحديث في مرقاة المفاتيح ١٠/٤٧١: والمعني أني بلغته عن الله ما أمرني أن أبلغه إياه على سبيل النجوى. وقال: قال الطيبي رحمه الله: كان ذلك أسرارا إلهية وأمورا غيبية جعله من خزائها.

(٣) مسند احمد ٦/٣٠٠. المستدرك ٣/١٣٨ وقال: هذا حديث صحيح الإسنا ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. فضائل الصحابة ٢/٦٨٦.

(٤) الطبقات الكبرى ٢/٣٣٨. حلية الأولياء ١/٦٨٦. مجمع الزوائد ٩/١١٣.

(٥) سورة المجادلة، الآية ١٢.

٩٠

لآية ما عمل بها أحد ولا يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى( يا أيها الذين آمنو إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) الآية. قال: كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فناجيت النبي صلى الله عليه وآله، فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه وآله قدمت بين يدي نجواي درهماً، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد، فنزلت( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) الآية.(١)

٢ - كانت لأمير المؤمنين عليه السلام منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم تكن لأحد غيره، فهو ربيبه وصهره على ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة عليها السلام وابن عمه وأخوه بالمؤاخاة دون غيره من المسلمين، ولهذا كان أمير المؤمنين عليه السلام يدخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الذي لا يدخل عليه فيه أحد من الناس، كما أخرج النسائي وأحمد وابن خزيمة وغيرهم عن علي عليه السلام، أنه قال: كانت لي منزلة من رسول الله ٠لم تكن لأحد من الخلائق، آتيه بأعلى سَحَر، فأقول: السلام عليك يا نبي الله. فإن تنحنح انصرفت إلى أهلي، وإلا دخلت عليه(٢) .

وأخرج أحمد وابن خزيمة والبيهقي والطحاوي وغيرهم عن علي عليه السلام أنه قال: كانت لي ساعة من السَّحَر أدخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإن كان في صلاته سبَّح، فكان ذلك إذنه لي، وإن لم يكن في صلاته أذن لي(٣) .

وروى السيد الرضي أعلى الله مقامه في نهج البلاغة عن علي عليه السلام أنه قال واصفاً منزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وقد علمتم موضعي من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويُمسني جسده، ويشمني عرفه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه...

إلى أن قال: ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل إثر أمّه، يرفع لي في كل يوم من

____________________

(١) المستدرك ٢/٤٨٢، قال الحاكم: هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي. راجع جامع البيان في تفسير القرآن ٢٨/١٤. تفسير القرآن العظيم ٤/٣٢٦. الجامع لأحكام القرآن ١٧/٣٠١. التفسير الكبير ٢٩/٢٧٠. الدر المنثور ٨/٨٣. الكشاف ٤/٧٦.

(٢) سنن النسائي ٣/١٢ كتاب السهو، باب رقم ١٧. مسند أحمد ١/٨٥. صحيح ابن خزيمة ٢/٥٤. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ص١٣٢. مرقاة المفاتيح ١٠/٤٧٨.

(٣) مسند أحمد ١/٧٧. صحيح ابن خزيمة ٢/٥٤. السنن الكبرى ٢/٢٤٧. مشكل الآثار ٢/٣٠٦. خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ص١٣٠.

٩١

أخلاقه علَماً، ويأمرني بالاقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنَّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، وإنك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنك لست بنبي، ولكنك لوزير، وإنك على خير(١) .

والحاصل أن منزلة علي عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تقتضي أن يسمع منه صلى الله عليه وآله ما لا يسمعه غيره، وأن يعلم منه ما لا يعلمه غيره، كما صحَّ عندهم مثل ذلك في أبي هريرة فيما أخرجه البخاري بسنده عن أبي هريرة إذ قال: إن الناس يقـولون: أكثَرَ أبو هـريرة. ولـولا آيتان في كتاب الله ما حدَّثت حديثاً. ثم يتلو( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البيّنات ) إلى قوله( الرحيم ) ، إن إخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق في الأسواق، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بشبع بطنه، ويحضر ما لا يحضرون، ويحفظ ما لا يحفظون(٢) .

وأخرج أيضاً عنه أنه قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثثْته، وأما الآخر فلو بثثْته قُطع هذا البلعوم(٣) .

فإذا صح عندهم مثل ذلك في حق أبي هريرة فمن باب أولى يصح مثله على الأقل في حق علي عليه السلام الذي صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذ نعومة أظفاره إلى أن التحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جوار ربه، بينما لم تزد صحبة أبي هريرة أكثر من ثلاث سنين(٤) .

٣ - كان علي عليه السلام شديد الحرص على تحصيل العلوم، فكان يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمور الدين والدنيا، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يحرص على تعليمه كما أخرج الترمذي و حسَّنه عن عبد الله بن عمرو بن هند الحبلي، قال: قال علي: كنت إذا سألت رسول الله

____________________

(١) نهج البلاغة، ص٢٠٠.

(٢) صحيح البخاري ١/٣٩ كتاب العلم، باب حفظ العلم.

(٣) المصر السابق ١/٤٠.

(٤) أخر البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام ٤/٢٣٩، بسنده عن أبي هريرة، قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث سنين لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن.

٩٢

صلى الله عليه وآله وسلم أعطاني، و إذا سكتُّ ابتدأني(١) .

وأخرج ابن سعد عن علي عليه السلام أنه قيل له: مالَك أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حديثاً؟ فقال: إني كنت إذا سألته أنبأني، وإذا سكتُّ ابتداني(٢) .

هذا مضافاً إلى ما ورد من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سأل الله جل شأنه أن يجعل علياً عليه السلام الأذن الواعية لعلمه، حيث قال عند نزول قوله تعالى( وتعيها أذن واعية ) (٣) : سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي. قال علي: فما نسيت شيئاً بعد ذلك، وما كان لي أن أنسى(٤) .

هذا كله مع ما امتاز به علي عليه السلام من شدة الذكاء والفطنة ورجاحة العقل وقوة الحافظة، ولهذا كان عليه السلام يقول: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيمَ نزلت، وأين نزلت، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً(٥) .

وبالجملة فمن كل ما تقدم يتضح أنه لا محذور في أن يخص النبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام بما شاء من العلوم، ولا استبعاد في أن يكتب علي عليه السلام شيئاً مما كان قد سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في صحيفة أسماها أو سُمّيت بعد ذلك الصحيفة الجامعة، ولا سيما أن غيره من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يكتبون بعض مسموعاتهم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم كعبد الله بن عمرو بن العاص، كما في حديث البخاري الذي رواه عن أبي هريرة إذ قال: ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحد أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب(٦) .

هذا مع نص بعض أعلام أهل السنة على أن علياً عليه السلام كان ممن يكتب حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

____________________

(١) سنن الترمذي ٥/٦٤٠.

(٢) الطبقات الكبرى ٢/٣٣٨. ترجمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من تاريخ دمشق ٢/٤٥٦.

(٣) سورة الحاقة، الآية.

(٤) جامع البيان في تفسير القرآن ٢٩/٣٥، ٣٦. الدر المنثور ٨/٢٦٧. تفسير القرآن العظيم ٤/٤١٣. التفسير الكبير ١٠/١٠٧. الجامع لأحكام القرآن ١٨/٢٦٤. الكشاف ٤/١٣٤. فتح القدير ٥/٢٨٢. تفسير غريب القرآن المطبوع بهامش تفسير الطبري ٢٩/٣٠ - ٣١. أسباب النزول، ص٢٩٤. لباب النقول في أسباب النزول، ص٢١٩.

(٥) الطبقات الكبرى ٢/٣٣٨. حلية الأولياء ١/٦٧ - ٦٨. ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام من تاريخ دمشق ٣/٢٦.

(٦) صحيح البخاري ١/٣٨ كتاب العلم، باب كتابة العلم.

٩٣

قال ابن الصلاح: اختلف الصدر الأول رضي الله عنهم في كتابة الحديث، فمنهم من كرِه كتابة الحديث والعلم وأمروا بحفظه، ومنهم من أجاز ذلك...

إلى أن قال: وممن روينا عنه إباحة ذلك أو فعَله علي وابنه الحسن وأنس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص في جمع آخرين من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين(١) .

وقال السيوطي: وأباحها - أي كتابة الحديث - طائفة وفعلوها، منهم عمر وعلي وابنه الحسن وابن عمرو وأنس وجابر وابن عباس وابن عمر أيضاً، والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز، وحكاه عياض عن أكثر الصحابة والتابعين(٢) .

* * *

قال الجزائري: ٣ - تكذيب علي رضي الله عنه في قوله الثابت الصحيح: لم يخصنا رسول الله آل البيت بشيء، وكذب على علي كالكذب على غيره حرام لا يحل.

والجــواب

أنا قد أوضحنا فيما تقدم أن هذا القول المروي عن علي عليه السلام ليس متواتراً حتى يلزم تكذيبه، وإنما هو مما رواه أهل السنة في كتبهم، فلا يصح الاحتجاج به على غيرهم.

على أنا لو سلَّمنا بصحة هذا الحديث وغيره مما يؤدِّي معناه فالظاهر منه أن علياً عليه السلام قد أخبر أنه ليس عند أهل البيت عليهم السلام شيء مكتوب يقرؤونه قد خصَّهم به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون الناس غير القرآن إلا تلك الصحيفة كما بيَّناه فيما تقدم.

أما أن علياً عليه السلام قد كتب أو لم يكتب صحيفة أخرى تشتمل على بعض ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا شيء آخر لم يرد له ذكر في تلك الأحاديث، فإن ظاهر بعض تلك الأحاديث يدل على أن علياً عليه السلام قد سُئل عما خصَّه به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما هو مكتوب، أما ما كتبه هو عليه السلام من حديثه صلى الله عليه وآله وسلم فلم يُرِده السائل، ولم يرِد في جوابه

____________________

(١) مقدمة ابن الصلاح، ص٨٧ - ٨٨.

(٢) تدريب الراوي ٢/٦٥.

٩٤

عليه السلام. هذا وقد سبق بيان المزيد في هذا الحديث، فراجعه.

* * *

قال الجزائري: ٤ - الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو من أعظم الذنوب وأقبحها عند الله، إذ قال عليه الصلاة والسلام: إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحدكم، من كذب عليَّ متعمداً فليلج النار.

والجــواب

إن أراد أن ما جاء في الحديث من أن رسول الله صلى الله عليه وآله علَّم علياً عليه السلام ألف باب من العلم، يُفتح له من كل باب ألف باب هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فيردُّه أنه مروي في كتبهم أيضاً فيما أخرجه المتقي الهندي في منتخب كنز العمال عن علي عليه السلام أنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألف باب، كل باب يفتح ألف باب.

وعن ابن عباس قال: إن علياً خطب الناس فقال: يا أيها الناس، ما هذه المقالة السيئة التي تبلغنيعنكم؟ والله لتقتلُنَّ طلحة والزبير ولتفتحُنَّ البصرة، ولتأتينكم مادة من الكوفة، ستة آلاف وخمسمائة وستين، أو خمسة آلاف وستمائة وخمسين. قال ابن عباس: فقلت الحرب خدعة. قال: فخرجت فأقبلت أسأل الناس: كم أنتم؟ فقالوا كما قال. فقلت: هذا مما أسرَّه إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إنه علَّمه ألف ألف كلمة، كل كلمة تفتح ألف ألف كلمة(١) .

هذا مع أنا قد أوضحنا فيما تقدَّم أن علياً عليه السلام كان ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان شديد الحرص على التعلم منه واقتفاء آثاره، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم شديد العناية به والرعاية له والحرص على تعليمه، فكان يجيب علياً عليه السلام إذا سأله، ويبتدؤه إذا لم يسأله.

وإذا صح عندهم أن أبا هريرة كان عنده وعاءان من العلم تلقَّاهما من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبثَّ أحاديثه الكثيرة من أحد ذينك الوعاءين، فكيف يُستبعد أن يحوي علي عليه السلام ألف باب من العلم، يُفتح له من كل باب ألف باب، مع قرب منزلته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكثرة ملازمته له، وطول صحبته، وكثرة مساءلته لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،

____________________

(١) منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد ٥/٤٣.

٩٥

وشدة ذكائه، وقوة حافظته كما مر بيانه مفصلاً؟!

هذا مضافاً إلى أن علياً عليه السلام قد أحاط بعلوم القرآن كما مرَّ(١) من قوله عليه السلام: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيمَ أُنزلت وأين نزلت.

وقوله عليه السلام: سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار، في سهل أم في جبل.

وقول ابن مسعود رضي الله عنه أن عليّا عليه السلام أُوتي علم الظاهر والباطن(٢) .

هذا كله مع ما صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها(٣) .

وأما إذا أراد أن ما جاء في الحديث من أن الجامعة هي من إملاء رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو كذب على النبي صلى الله عليه وآله، فهذا أمر لا يُجزم بعدم وقوعه، فلا يصح نفيه، ولا سيما أن الأحاديث التي سقناها إليك آنفاً قد دلَّت على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كثيراً ما كان ينتجي عليًّا عليه السلام فيخصّه بما شاء، وكان علي عليه السلام يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيجيبه، بل كان يبتدؤه بالتعليم ابتداءاً فيفيده، وكان أمير المؤمنين عليه السلام يكتب بعض ما سمعه من حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وعليه فلا استبعاد ولا غرابة في أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أملى على أمير المؤمنين عليه السلام صحيفة جامعة في الحلال والحرام، ولا سيما أن بعض الأحاديث الصحيحة قد نصَّت على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يكتب للأمّة كتاباً، فحِيل بينه وبين كتابة ذلك الكتاب.

فقد أخرج البخاري - واللفظ له - ومسلم وأحمد وابن حبان وغيرهم عن ابن عباس، قال: لما حُضِر(٤) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: هلم أكتب لكم كتاباً لا تضلُّوا بعده. فقال عمر: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد غلب عليه الوجع، وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول: قرِّبوا يكتب لكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتاباً لن تضلُّوا بعده. ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: قوموا. قال عبيد الله: فكان ابن

____________________

(١) تقدم في ص٥٠.

(٢) راجع الطبقات الكبرى ٢/٣٣٨.

(٢) صححه الحاكم في المستدرك ٣/١٢٦، وحسنه السيوطي في تاريخ الخلفاء، ص١٥٩، وابن حجر والزركشي والعلائي كما في فيض القدير ٣/٤٦، ٤٧.

(٤) أي حضره الموت.

٩٦

عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم(١) .

وأخرج مسلم عن ابن عباس، قال: يوم الخميس وما يوم الخميس. ثم جعل تسيل دموعه، حتى رأيت على خدّيه كأنها نظام اللؤلؤ. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ائتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) أكتب لكم كتاباً لن تضلُّوا بعده. فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يهجر(٢) .

والذي احتمله النووي وغيره أن الذي أراده النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك الكتاب هو أن يكتب مهمات أحكام الدين، أو ينص على الخلفاء من بعده(٣) ، فإن صح الاحتمال الأول(٤) فليس من البعيد أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما حيل بينه وبين كتابة ذلك الكتاب أملاه على أمير المؤمنين عليه السلام، فكتب من إملائه صلى الله عليه وآله وسلم صحيفة جامعة مشتملة على كل أحكام الدين من الحلال والحرام، والله العالم بحقائق الأمور.

* * *

قال الجزائري: ٥ - الكذب على فاطمة رضي الله عنها بأن لها مصحفاً خاصاً يعدل

____________________

(١) صحيح البخاري ٧/١٥٥ - ١٥٦ كتاب الطب، باب قول المريض قوموا عني. ٩/١٣٧ كتاب الاعتصام، باب كراهية الخلاف. ٦/١١ كتاب المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم ووفاته، ٤/١٢١ كتاب الجزية، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب، ٤/١٨٥ كتاب الجهاد، باب هل يستشفع إلى اهل الذمة ومعاملتهم. صحيح مسلم ٣/١٢٥٩ كتاب الوصية، باب ترك الوصية لمن ليس له شيء يوصي فيه. مسند أحمد ١/٣٢٤ - ٣٢٥، ٣٣٦. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٨/٢٠١.

(٢) صحيح مسلم ٣/١٢٥٩. مسند أحمد ١/٣٥٥. وراجع مسند أحمد ١/٢٢٢، ٢٩٣ المستدرك ٣/٤٧٧. مجمع الزوائد ٤/٢١٤، ٥/١٨١.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ١١/٩٠.

(٤) الصحيح هو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن ينص على أمير المؤمنين عليه السلام خليفة من بعده، وذلك لأن مهمات الأحكام كانت مبينة وموضحة في ذلك الحين، وقد أكمل الله الدين وأتم النعمة قبل هذا اليوم، ولأن النص على الخلفاء أهم من إعادة أحكام مبينة، وبالنص على الخلفاء يندفع كل اختلاف وبلاء وتضليل، ولأن من خفيت عليه مهمات الأحكام فخالفها لا يكون ضالا بل حتى لو خالفها وهو بها عالم، فإنه يكون فاسقا لا غير، ولان النبي صلى الله عليه وآله وسلم لو أراد أن يكتب مهمات الأحكام لما حدث اللغط والاختلاف ونسبة الهجر إليه، وما سبب اللغط إلا علمهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يريد أن ينص على الخلفاء من بعده، ثم إن المناسب في ذلك الوقت - وهو قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأيام قليلة - مع شدة وجع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانشغاله بنفسه أن ينص على من يقوم بالأمر من بعده لا كتابة مهمات الأحكام قبيل وفاته بأيام قليلة.

٩٧

القرآن ثلاث مرات، وليس فيه من القرآن حرف واحد.

والجــواب

لقد أوضحنا فيما سبق أن مصحف فاطمة عليها السلام هو كتاب فيه علم ما يكون وأسماء من يملكون إلى قيام الساعة، بإملاء الملَك أو جبرئيل عليه السلام وبخط علي بن أبي طالب عليه السلام.

وإنما سُمِّي مصحفاً لأنه كتاب جامع لصُحُف مكتوبة، وكل ما كان كذلك فهو مصحف لغة، وإن لم يكن قرآناً أو فيه شيء من سُوَره وآياته.

شُبهة وجوابها:

قد يقول قائل: إن ادِّعاء تكليم الملائكة غير الأنبياء باطل، فلا يصح ادعاء سماع فاطمة وعلي عليهما السلام كلام الملائكة عامة أو جبريل خاصة.

والجواب: أن الأحاديث التي أخرجها حفاظ الحديث من أهل السنة قد دلَّت على أكثر من ذلك في حق مَن هم دون أمير المؤمنين فاطمة عليها السلام.

ولنا أن نقسم تلك الأحاديث إلى أربع طوائف:

الطائفة الأولى : دلَّت على أن الناس لو استقاموا لصافحتهم الملائكة.

ومن ذلك ما أخرجه مسلم والترمذي وابن ماجة وأحمد والحميدي والطيالسي وابن حبان وغيرهم عن حنظلة التميمي الأسيدي، أن النبي صلى الله عليه وآله قال: يا حنظلة، لو كنتم تكونون كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة على فرشكم أو في طرقكم(١) .

وفي رواية أخرى، قال: لو كنتم تكونون إذا فارقتموني كما تكونون عندي لصافحتكم الملائكة بأكُفِّها، ولزارتكم في بيوتكم(٢) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٤/٢١٠٦ - ٢١٠٧ كتاب التوبة، باب رقم ٣. سنن الترمذي ٤/٦٦٦ وقال: هذا حديث حسن صحيح. سنن ابن ماجة ٢/١٤١٦. مسند أحمد ٢/٣٠٥، ٣/١٧٥، ٤/١٧٨، ٣٤٦، الجامع الصغير ٢/٤٢٨ حديث رقم ٧٤١٨، ٧٤١٩. مسند أبي داود الطيالسي، ص١٩١. شرح السنة ١/١٦٧. الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٩/٢٤٠ - ٢٤١. وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة ٢/٤١٥ - ٤١٦، وصحيح الجامع الصغير ٢/٩٣١، ١١٩٠، وسلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/٦٠٦.

(٢) مسند أبي داود الطيالسي، ص٣٣٧.

٩٨

وعلى ذلك يُحمل تكليم الملائكة لمريم عليها السلام فيما حكاه الله سبحانه في كتابه العزيز، إذ قال( واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكاناً شرقياً * فاتخذت من دونهم حجاباً فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سويًّا * قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيًّا * قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيًّا * قالت أنَّى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيًّا * قال كذلك قال ربك هو علي هيِّن ولنجعله آية للناس ورحمة منا وكان أمراً مقضيًّا ) (١) .

وقال عز من قائل( وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهَّرك واصطفاك على نساء العالمين * يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) (٢) .

وعليه فهل يحق لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينفي عن أمير المؤمنين عليه السلام الاستقامة التي تؤهّله لأن تتحدَّث معه الملائكة في بيته، وهو مولى كل مؤمن ومؤمنة(٣) ، الذي يدور معه الحق حيثما دار(٤) ، وأخو النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدنيا والآخرة(٥) ، وباب مدينة علمه(٦) ، الذي يحبه الله ورسوله، و يحبه الله

____________________

(١) سورة مريم، الآيات ١٦ - ٢١.

(٢) سورة آل عمران، الآيتان ٤٢، ٤٣.

(٣) قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: « من كنت مولاه فعلي مولاه ». راجع سنن الترمذي ٥/٦٣٣. سنن ابن ماجة ١/٤٣. المستدرك ٣/١٠٩، ١١٠. مسند أحمد ١/٨٤، ١١٨، ١١٩، ١٥٢، ٣٢١، ٤/٢٨١، ٣٦٨، ٣٧٠، ٣٧٢، ٥/٣٤٧، ٦٦، ٤١٩. حلية الاولياء ٤/٢٣، ٥/٢٧، ٣٦٤. مجمع الزوائد ٩/١٠٣ - ١٠٦. كتاب السنة، ص٥٩٠، ٥٩٦. عده السيوطي في قطف الازهار المتناثرة، ص٢٧٧ من الاحاديث المتواترة، وكذا الكتاني في نظم المتناثر، ص٢٠٥، والزبيدي في لقط اللآلئ المتناثرة، ص٢٠٥، والحافظ شمس الدين الجزري في أسنى المطالب، ص٥، والألباني في سلسلة الاحايث الصحيحة ٤/٣٤٣. وصححه جمع من اعلام اهل السنة. راجع كتابنا دليل المتحيرين، ص٣٧٠.

(٤) أخرج الحاكم في المستدرك ٣/١٢٤ - ١٢٥ عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم أدر الحق معه حيث دار. وقال: هذاحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. راجع كتابنا المذكور، ص٢٥٣ - ٢٥٤.

(١) أخرج الترمذي في سننه ٥/٦٣٦ وحسنه، والحاكم في المستدرك ٣/١٤ وغيرهما، عن ابن عمر، قال: آخى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه، فجاء علي تدمع عيناه، فقال: يا رسول الله، آخيت بين أصحابك ولم تؤاخ بيني وبين أحد! فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنت أخي في الدنيا والآخرة.

(٢) أخرج الحاكم في المستدرك ٣/١٢٦ - ١٢٧ وصححه عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: انا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب. وأخرجه الترمذي في سننه ٥/٦٣٧، إلا أنه قال: أنا دار الحكمة.... راجع مصادر هذا الحديث في كتاب الغدير للأميني ٦/٦١ - ٨١.

٩٩

ورسوله(١) ،ومنزلته من النبي كمنزلة هارون من موسى(٢) ،ولا يحبّه إلا مؤمن، ولا يبغضه إلا منافق(٣) ؟!

وهل يحق لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن ينفي عن فاطمة الزهراء عليها السلام الأهلية لذلك، وهي سيّدة نساء العالمين، وسيدة نساء أهل الجنة(٤) ، وبضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي يؤذيه ما يؤذيها(٥) ، والتي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها(٦) .

الطائفة الثانية: دلَّت على أن بعضاً من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع كلام بعض الملائكة.

ومنها ما أخرجه أحمد عن حذيفة بن اليمان أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: بينما أنا أصلّي

____________________

(١) أخرج البخاري في صحيحه ٥/٢٢ - ٢٣، ومسلم كذلك ٤/١٨٧١ - ١٨٧٢، والترمذي في سننه ٥/٦٣٨ وصححه، وأحمد في المسند ١/٧٨، ٩٩، ١٣٣، ١٨٥، ٣٣٠، ٥/٣٣٣، ٣٥٨، والحاكم في المستدرك ٣/٣٨، ١٠٩، ٤٣٧ وصححه ووافقه الذهبي، عن سعد وغيره، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لاعطين الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله.

(٢) أخرج البخاري في صحيحه٥/٢٤، ومسلم كذلك ٤/١٨٧٠-١٨٧١، والترمذي في سننه ٥/٦٣٨ وصححه، وابن ماجة في سننه ١/٤٢، وأحمد في المسند ١/١٧٠،١٧٣،١٧٤،١٧٥،١٧٧،١٧٩،١٨٢،١٨٤،١٨٥،٣٣٠،٣/٣٢، ٣٣٨،٦/٣٦٩،٤٣٨، والحاكم في المستدرك ٣/١٠٩ وصححه ووافقه الذهبي، أبو داود الطيالسي في مسنده ص٢٩، عن سعد وغيره، قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي.

(٣) أخرج مسلم في صحيحه ١/٨٤، ٩٥، ٢٦٢، والترمذي في سننه ٥/٦٤٣، ٦٤٥، وابن ماجة في سننه ١/٤٢، وأحمد في المسند ١/١٧٠، سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤/٢٩٨، صحيح سنن ابن ماجة ١/٢٥، صحيح سنن النسائي ٣/١٠٣٣.

(٤) صحيح البخاري ٥/٢٥ كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، باب مناقب قرابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ص٣٦ مناقب فاطمة عليها السلام. ٥/٢٤٧ كتاب المناقب،باب علامات النبوة في الإسلام. ٨/٧٩ كتاب الاستئذان، باب من ناجى بين يدي الناس... الخ. صحيح مسلم ٤/١٩٠٤ - ١٩٠٦ كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة عليها السلام. سنن الترمذي ٥/٦٦٠. سنن ابن ماجة ١/٥١٨. صحيح سنن ابن ماجة ١/٢٧٠. سنن الطيالسي، ص١٩٦. المستدرك ٣/١٥١، ١٥٦ وصححه وافقه الذهبي. الطبقات الكبرى ٨/٢٦. مسند أحمد ٥/٣٩١، ٦/٢٨٢. حلية الاولياء ٢/٣٩، ٤٢. مشكل الآثار ١/٤٨، ٥٠. مجمع الزوائد ٩/٢٠١. در السحابة، ص٢٧٤، ٢٧٦. شرح السنة ١٤/١٦٠ وقال: هذا حديث متفق على صحته. مشكاة المصابيح ٣/١٧٣١. فضائل الصحابة ٢/٧٦٣.

(٥) صحيح البخاري ٥/٣٦ كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، باب مناقب فاطمة عليها السلام. ٧/٤٧ كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف. صحيح مسلم ٤/١٩٠٢ - ١٩٠٤ كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل فاطمة عليها السلام. سنن أبي داود ٢/٢٢٦. سنن الترمذي ٥/٦٩٨، ٦٩٩ وصححهما. سنن ابن ماجة ١/٦٤٣. صحيح سنن أبي داود ٢/٣٩١. مسند أحمد ٤/٢٢٣، ٢٣٦، ٣٢٨، ٣٣٢. المستدرك ٣/١٥٤، ١٥٨، ١٥٩. مشكاة المصابيح ٣/١٧٣٢. فضائل الصحابة ٢/٧٥٥، ٧٥٦، ٧٦٥. السنن الكبرى ١٠/٢٠١. شرح السنة ١٤/١٥٨، ١٥٩، وقال: هذا حديث متفق على صحته.

(٦) المستدرك ٣/١٥٤ وقال: هذا حديث صحيح الإسناد. مجمع الزوائد٩/٢٠٣ قال: رواه الطبراني، وإسناده حسن. در السحابة، ص٢٧٧.

١٠٠