الاصول من الكافي الجزء ١

الاصول من الكافي10%

الاصول من الكافي مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 722

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 722 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 291419 / تحميل: 10255
الحجم الحجم الحجم
الاصول من الكافي

الاصول من الكافي الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

ولـمـّا أخبر النبي عن نزول الوحي وتلا الآيتين إرتفعت أصواتهم بقولهم: اتنهينا، اتنهينا.

وكلّ هذا يعرف عن رسوخ هذه العادة الشنيعة وهذا العمل القبيح في المجتمع العربي آنذاك إلى درجة أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يستطع ـ تحت ضغط الظروف ـ أن يقطع مادة الفساد منذ هبوطه أرض المدينة دفعة واحدة، بل تدرّج في تحقيق التحريم، وترسيخه في أذهانهم ونفوسهم.

رووا أصحاب السنن والمسانيد أنّه لـمّا نزل تحريم الخمر قال عمر: أللّهم بيّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في البقرة:( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ ) قال فدعي عمر فقرئت عليه فقال: أللّهم بيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً، فنزلت الآية التي في سورة النساء:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ ) فكان منادي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا اُقيمت الصّلاة ينادي ألّا يقربنّ الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: أللّهم بيّن لنا بياناً شافياً، فنزلت:( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) .

قال عمر: اتنهينا، اتنهينا(١) .

ويظهر ممّا رواه ابن هشام عن بعض أهل العلم: انّ نهي الرسول عن الخمر كان مشهوراً عندما كان مقيماً بمكّة بين ظهراني قريش، وخرج الأعشى إلى رسول الله يريد الإسلام ومعه قصيدته المعروفة في مدح النبي التي مستهلّها:

الم تغتمض عينك ليلة أرمدا

وبتّ كما بات السليم مسهّدا

وما ذاك من عشق النساء وإنّما

تناسيت قبل اليوم صحبة مهددا

__________________

(١) سنن أبي داود: ج ٢ ص ١٢٨، مسند أحمد: ج ١ ص ١٥٣، سنن النسائي: ج ٨ ص ١٨٧، مستدرك الحاكم: ج ٢ ص ٢٧٨، إلى غير ذلك من المصادر.

٤١

إلى أن قال:

فإيّاك والميتات لاتقربنها

لا تأخذن سهماً حديداً لتفصدا

و لاتقربنَّ حرّة كان سرها

عليك حراماً فانكحن أو تأبّدا(١)

فلمّا كان بمكّة أو قريباً منها إعترضه بعض المشركين من قريش فسأله عن أمره فأخبره أنّه يريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للسلم فقال له: يا أبا بصير إنّه حرّم الزنا، فقال الأعشى: والله إنّ ذلك لأمر ما لي فيه من ارب، فقال له يا أبا بصير:

فإنّه يحرّم الخمر، فقال الأعشى:

أمّا هذه فو الله إنّ في النفس منها لعُلالات، ولكنّي منصرف فأتروّى منها عامي هذا، ثم آتيه فاُسلم، فانصرف فمات في عامه هذا، ولم يعد إلى رسول الله(٢) .

وببالي أنّه جاء في بعض المصادر أنّه قيل له: إنّه يحرّم الأطيبين والمراد بهما الخمر والزنا، وقد عرفت أنّه مع ما رأى من نور النبوّة ودخل عليه من بصيص الإيمان لم يتحمّل ترك الخمر، فعاد ليتروّى منها، ليعود بعد عام إلى المدينة، ولكن وافاه الأجل قبل أن يسلم.

وهذا مَثل آخر يعرب عن ترسّخ هذه العادة القبيحة في ذلك المجتمع.

٨ ـ وأد البنات

أوّل من لطّخ يده بدم البنات البريئات هم العرب الجاهليّون، فقد كانوا يئدون بناتهم لأعذار مختلفة واهية، فتارة يتذرّعون بخشية الإملاق، والاُخرى يتجنّون بحجّة

__________________

(١) الأرمد: الذي يشتكي عينيه من الرمد، والسليم: الملدوغ، والمسهّد: الذي منع من النوم، والمهدد ـ على وزن معلل ـ: اسم امرأة، وتأبّد: أي تعزّب وابتعد عن النساء.

(٢) السيرة النبوية: ج ١ ص ٣٨٦.

٤٢

الاجتناب عن العار، وقد حكى سبحانه عقيدة العرب في بناتهم ووأدهنّ في آيات نذكر ما يلي:

( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ *يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) ( النحل / ٥٨ و ٥٩ ).

والآية تصوّر احساس القوم وإنفعالهم عندما كان أحدهم يبشّر بولادة أُنثى له، فكان يتجهّم وجهه ويتغيّر إلى السواد، ويظهر فيه أثر الحزن والكراهة، والقوم يكرهون الاُنثى مع أنّهم جعلوها لله سبحانه(١) ، ثمّ لم يزل الحزن يتزايد فيمتلئ الشخص غيظاً، وعند ذلك يستخفي من القوم الذي يستخبرونه عمّا ولد له، إستنكافاً منه، وخجلاً ممّا بشّر به من الاُنثى، ثمّ هو ينكر في أمر البنت المولودة له أيحفظها على ذل وهوان، أم يخفيها في التراب، ويدفنها حيّة وهذا هو الوأد( أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ) أي في قتل البنات البريئات المظلومات.

ثمّ إنّه سبحانه يحارب بشدّة هذا العمل الإجرامي في بعض الآيات ويقول:

( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا ) ( الإسراء / ٣١ ).

فالله سبحانه هو المتكفّل برزقهم ورزق أولادهم وقتلهم خطأ عظيم عند الله.

وقال سبحانه:( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ ) ( الأنعام / ١٥١ )

ويؤكّد القرآن على تحريم قتل هذه البنات المظلومات بأنّ المؤودة سيسأل منها يوم القيامة، قال سبحانه:( وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ ) ( التكوير / ٨ ).

__________________

(١) إشارة إلى قوله سبحانه:( أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَىٰ *تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ ) ( النجم / ٢١ و ٢٢ ).

٤٣

وقد ذكر أصحاب السير بعض الدوافع التي دفعت العرب إلى اتّخاذ مثل هذا الموقف الظالم بشأن تلك البريئات لا يسع المجال لنقلها، ولكن يظهر ممّا نقله صعصعة بن ناجية ـ جد الفرزدق ـ: أنّ ذلك العمل الإجرامي كان شائعاً ورائجاً في غير واحدة من القبائل آنذاك، وإليك البيان:

إنّ صعصعة بن ناجية بن عقال كان يفدّي المؤودة من القتل، ولـمـّا أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: يا رسول الله إنّي كنت أعمل عملاً في الجاهلية، أفينبغي ذلك اليوم ؟ قال: وما عملك ؟ فقال: إنّه حضر ولادة امرأة من العرب بنتاً، فأراد أبوها أن يئدها، قال فقلت له: أتبيعها ؟ قال: وهل تبيع العرب أولادها ؟ قال: قلت إنّما أشتري حياتها ولا أشتري رقّها، فاشتريتها منه بناقتين عشراوين وجمل، وقد صارت لي سُنَّة في العرب على أن أشتري ما يئدونه بذلك فعندي إلى هذه الغاية ثمانون ومائتا مؤودة وقد أنقذتها.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لك أجره إذ منّ الله عليك بالإسلام(١) .

وقد ذكر الفرزدق إحياء جدّه للمؤودات في كثير من شعره كما قال:

ومنّا الذي منع الوائدات

وأحيى الوئيد فلم يؤدد(٢)

ويعرب عن شيوع هذه العادة الوحشيّة والمروّعة قوله سبحانه:

( وَكَذَٰلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ) ( الأنعام / ١٣٧ ).

وكذا قوله:( قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللهُ افْتِرَاءً عَلَى اللهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ) ( الأنعام / ١٤٠ ).

__________________

(١) بلوغ الارب: ج ٣ ص ٤٤.

(٢) المصدر نفسه.

٤٤

٩ ـ أكل الخبائث من الدماء والحشرات

كانت العرب تأكل لحوم الأنعام وغيرها من الحيوانات كالفأر والضب الوزغ، وتأكل من الأنعام ما قتلته بذبح ونحوه، وتأكل الميتة بجميع أقسامها أعني المنخنقة، والموقوذة، والمتردّية والنطيحة، وما أكل السبع، وكانوا يملؤون الأمعاء من الدم ويشوونه ويطعمونه الضيف، وكانوا إذا أجدبوا جرحوا إبلهم بالنصال وشربوا ما يسيل منها من الدماء.

هذا ورغم أنّه مضى على ظهور التشريع الإسلامي إلى الآن أربعة عشر قرناً كثيراً من الاُمم غير المسلمة تأكل أصناف الحيوانات حتّى الكلب والهر، بل والديدان والأصداف، وقد اتّخذ الإسلام بين هذا وذاك طريقاً وسطاً، فأباح من اللحوم ما تستطيبه الطباع المعتدلة من بني الإنسان، فحلّل من البهائم الضأن والمعز والبقر والإبل، وكرّه أكل لحوم الفرس والحمار، وحلّل من الطيور غير ذات الجوارح ممّا له حوصلة ودفيف ولا مخلب له، كما حلّل من لحوم البحر بعض أنواع السمك، واشترط في كل واحد من هذه اللحوم نوعاً من التذكية.

والإمعان في الآية التالية يقودنا إلى أنّ العرب كانت تفقد نظام التغذية، أو كانت تتغذّى من كلّ ما وقعت عليه يدها من اللحوم، كما أنّها كانت تفقد الطريقة الصحيحة لذبح الحيوان، فكانوا يقتلونه بالتعذيب بدل ذبحه، وإليه يشير قوله سبحانه:

( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالمُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إلّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ) ( المائدة / ٣ ).

فقد كانوا ينتفعون من الميتة والدم ولحم الخنزير والمذبوح باسم الأصنام والأوثان.

كما كانوا يستفيدون من « المنخنقة » وهي التي تدخل رأسها بين شعبتين من

٤٥

شجرة فتختنق فتموت أو تخنق بحبل الصائد، « والموقوذة » وهي التي تضرب حتّى تموت، « والمترديّة » وهي التي تقع من جبل أو مكان عال أو تقع في بئر، « والنطيحة » وهي التي ينطحها غيرها فتموت.

١٠ ـ التقسيم بالأزلام

كان التقسيم بالأزلام ميسراً رائجاً بينهم، وكان لهذا العمل صبغة الدين، وقد اختلفوا في تفسيره على قولين:

١ ـ قالوا: المراد طلب قسم الأرزاق بالقداح التي كانوا يتفائلون بها في أسفارهم، وابتداء أُمورهم، وهي سهام كانت في الجاهليّة مكتوب على بعضها: « أمرني ربّي »، وعلى بعضها « نهاني ربّي »، وبعضها غفل لم يكتب عليه شيء، فإذا أرادوا سفراً أو أمراً يهتمّون به، ضربوا على تلك القداح، فإن خرج السهم الذي عليه « أمرني ربّي »، مضى الرجل في حاجته، وإن خرج الذي عليه « نهاني ربّي » لم يمض، وإن خرج الذي ليس عليه شيء أعاد.

٢ ـ روى علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقين كيفيّة التقسيم بالأزلام بشكل آخر، فقال:

إنّ الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء وثلاثة لا انصباء لها، فالتي لها انصباء: الفذ، التوأم، المسبل، النافس، الحلس، الرقيب، المعلى. فالفذ له سهم، والتوأم له سهمان، والمسبل له ثلاثة أسهم، والنافس له أربعة أسهم، والحلس له خمسة أسهم، والرقيب له ستّة أسهم، والمعلى له سبعة أسهم.

والتي لا انصباء لها: السفيح والمنيح والوغد.

وكانوا يعمدون إلى الجزور فيجزّئونه أجزاء، ثمّ يجتمعون عليه فيخرجون السهام، ويدفعونه إلى رجل، وثمن الجزور على من تخرج له « التي لا انصباء لها »

٤٦

وهو القمار، فحرّمه الله تعالى(١) .

والتفسير الثاني أنسب لكون البحث في الآية عن اللحوم المحرّمة.

١١ ـ النسيء في الأشهر الحرم

لقد شاع في الألسن أنّ العرب لـمّا كانوا أصحاب غارات وحروب وكان استمرار الحروب والغارات مانعاً عن إدارة شؤون المعاش، عمدوا إلى تحريم القتال والحرب في الأشهر الأربعة المعروفة بالأشهر الحرم أعني: « رجب وذي القعدة وذي الحجة ومحرّم ».

والظاهر من بعض الآيات أنّ التحريم هذا كان مستنداً إلى تشريع سماوي، كما هو المستفاد من قول الله تعالى:

( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ ) ( التوبة / ٣٦ ).

فإنّ قوله( ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) إشارة إلى أنّه جزء من الدّين القيّم لا من طقوس العرب الجاهلي، ولعلّه كان سنّة من سنن النبي إبراهيم ورثتها عنه العرب.

وعلى كلّ تقدير فقد كان العرب يتدخّلون في هذا التشريع الإلهي فيؤخّرون الحرمة من الشهر الحرام إلى بعض الأشهر غير المحرّمة.

وبعبارة اُخرى كانوا يؤخّرون الحرمة، ولا يبطلونها برفعها من أساسها واصلها حفاظاً على السنّة الموروثة عن أسلافهم عن النبي إبراهيمعليه‌السلام .

فمثلاً كانوا يؤخّرون تحريم محرّم إلى صفر، فيحرّمون الحرب في صفر

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٢ ص ١٥٨ وما أشبه التقسيم بالأزلام بالعمل المعروف في عصرنا ب‍ « اليانصيب الوطني ».

٤٧

ويستحلّونها في محرّم فيمكثون على ذلك زماناً ثمّ يزول التحريم عن صفر ويعود إلى محرّم، وهذا هو المعنى بالنسيء ( أي التأخير ).

وكان الدافع وراء هذا النسيء هو انّهم أصحاب حروب وغارات، فكان يشقّ عليهم أن يمتنعوا عن القتال ثلاثة أشهر متوالية وهي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرّم، ولا يغزون فيها، ولهذا كانوا يؤخّرون تحريم الحرب في محرّم إلى شهر صفر، قال سبحانه:

( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) ( التوبة / ٣٧ ).

روى أهل السير أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في خطبة حجّة الوداع:

« ألا وانّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم ثلاثة متواليات، ذو القعدة وذو الحجّة ومحرّم ورجب مضربين جمادى وشعبان »(١) .

والحديث يعرب عن شكل آخر للنسيء غير ما ذكرناه فإنّ ما ذكرناه كان مختصاً بتأخير حكم الحرب من محرّم إلى صفر، ولكن النسيء المستفاد من الحديث على وجه آخر وهو أنّ المشركين كانوا يحجّون في كل شهر عامين فحجّوا في ذي الحجة عامين، وحجّوا في محرّم عامين، ثمّ حجوا في صفر عامين، وكذا في بقيّة الشهور اللاحقة حتّى إذا وافقت الحجّ التي قبل حجّة الوداع في ذي القعدة ثمّ حجّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في العام القادم حجّة الوداع، فوافقت في ذي الحجة، فعند ذلك قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ألا إنّ الزمان قد استدار كهيئته ».

__________________

(١) مجمع البيان: ج ٣ ص ٢٢.

٤٨

١٢ ـ الربا ذلك الاستغلال الجائر

كان العرب الجاهليّون يرون البيع والربا متماثلين، ويقولون: « إنّما البيع مثل الربا » فيضفون الشرعيّة على الربا كإضفائها على البيع، ولكن شتّان ما بين البيع والربا، فإنّ الثاني ينشر القسوة والخسارة، ويورث البغض والعداوة، ويفسد الأمن والاستقرار، ويهيء النفوس للانتقام بأية وسيلة ممكنة ويدعو إلى الفرقة والاختلاف سواء كان الربا مأخوذاً من قبل الفرد أو مأخوذ من جانب الدولة.

وفي الثاني من المفاسد ما لا يخفى إذ أدنى ما يترتّب عليه تكديس الثروة العامّة، وتراكمها في جانب، وتفشّي الفقر والحرمان في الجانب الآخر، وظهور الهوّة السحيقة بين المعسرين والموسيرين بما لا يسدّه شيء.

ولسنا هنا بصدد بيان هذه المفاسد والمساوئ، لكن الهدف هو الإشارة إلى أنّ الربا كان من دعائم الاقتصاد الجاهلي، والقرآن نزل يوبّخ العرب على ذلك بوجه لا مثيل له، ويقول سبحانه:

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) ( البقرة / ٢٧٨ و ٢٧٩ ).

ويقول سبحانه:( الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إلّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ) ( البقرة / ٢٧٥ ).

والآية تشبّه آكل الربا بالممسوس المجنون، فكما أنّه لأجل اختلال قوّته المميّزة لا يفرّق بين الحسن والقبح، والنافع والضار، والخير والشر، فهكذا حال المرابي عند أخذ الربا، فلأجل ذلك عاد لا يفرّق بين الربا والبيع، ويقول:( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ) مع أنّ الذي تدعو إليه الفطرة وتقوم عليه الحياة الإجتماعية للإنسان، هو أن يعامل بمعاوضة ما عنده من المال الذي يستغني عنه، بما عند غيره من المال الذي يحتاج إليه.

٤٩

وأمّا إعطاء المال وأخذ ما يماثله بعينه، مع زيادة فهذا شيء يخالف قضاء الفطرة وأساس المعيشة، فإنّ ذلك يؤدِّي من جانب المرابي إلى إختلاس مال المدين، وتجمّعه عند المرابي وهذا المال لا يزال ينمو ويزيد، ولا ينمو إلّا من مال الغير، فهو في الانتقاص والانفصال من جانب، وفي الزيادة والانضمام من جانب آخر، ونتيجة ذلك هو ظهور الاختلاف الطبقي الهائل الذي يؤول إلى انقسام المجتمع إلى طبقتين: طبقة ثريّة تملك كل شيء، وطبقة فقيرة تفقد كل شيء، والأُولى تعاني من البطنة، والثانية تتضرر من السغب.

خاتمة المطاف

ونختم البحث بما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره من أنّه قدم أسعد بن زرارة وذكوان بن عبد قيس ـ وهما من الخزرج ـ وكان بين الأوس والخزرج حرب قد بغوا فيها دهوراً طويلة، وكانوا لا يضعون السلاح لا بالليل ولا بالنهار، وكان آخر حرب بينهم يوم بعاث، وكانت الأوس على الخزرج، فخرج أسعد بن زرارة وذكوان إلى مكّة في عمرة رجب يسألون الحلف على الأوس، وكان أسعد بن زرارة صديقاً لعُتبة بن ربيعة، فنزل عليه فقال له: إنّه كان بيننا وبين قومنا حرب وقد جئناكم نطلب الحلف عليهم. فقال عتبة: بعدت دارنا عن داركم ولنا شغل لا نتفرّغ لشيء.

قال: وما شغلكم وأنتم في حرمكم وأمنكم ؟

قال له عتبة: خرج فينا رجل يدّعي أنّه « رسول الله » سفَّه أحلامَنا وسبَّ آلهتنا، وأفسد شبابنا، وفرّق جماعتنا.

فقال له أسعد: من هو منكم ؟

قال: ابن عبد الله بن عبد المطلب من أوسطنا شرفاً وأعظمنا بيتاً.

وكان أسعد وذكوان وجميع الأوس والخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم: النضير وقريظة وقينقاع: أنّ هذا أوان نبيّ يخرج بمكّة يكون مهجره المدينة لنقتلنّكم به يا معشر العرب.

٥٠

فلمّا سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمعه من اليهود.

فقال: فأين هو ؟ قال: جالس في الحجر وإنّهم لا يخرجون من شعبهم إلّا في الموسم فلا تسمع منه ولا تكلَّمه فإنّه ساحر يسحرك بكلامه، وكان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب.

فقال له أسعد: فكيف أصنع وأنا معتمر ؟ لابدّ أن أطوف بالبيت، فقال له: ضع في أُذنيك القطن.

فدخل أسعد المسجد وقد حشّى اُذنيه من القطن، فطاف بالبيت ورسوله اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم فنظر إليه فجأة.

فلمّا كان الشوط الثاني قال في نفسه: ما أجد أجهل منّي أيكون مثل هذا الحديث بمكّة فلا أعرفه حتّى أرجع إلى قومي فأخبرهم، ثمّ أخذ القطن من اُذنيه ورمى به، وقال لرسول الله: « أنعم صباحاً » فرفع رسول الله رأسه إليه وقال: قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا، تحيّة أهل الجنّة: السلام عليكم.

فقال أسعد: إنّ عهدي بهذا لقريب، إلى ما تدعو يا محمّد ؟

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إلى شهادة اَن لاَ إلَه إلّا الله وإنّي رسولُ الله وأدعوكم:

١ ـ إلّاتُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .

٢ ـوَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا .

٣ ـوَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ .

٤ ـوَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ .

٥ ـوَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إلّا بِالحَقِّ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .

٦ ـوَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ .

٧ ـوَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالمِيزَانَ بِالْقِسْطِ .

٥١

٨ ـلا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إلّا وُسْعَهَا .

٩ ـوَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ .

١٠ ـوَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( الأنعام / ١٥١ و ١٥٢ ).

فلمّا سمع أسعد هذا قال: أشهد أنْ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له وإنّك رسول الله، يا رسول الله بأبي أنت وأُمّي، أنا من أهل يثرب من الخزرج، بيننا وبين إخواننا من الأوس حبال مقطوعة، فإن وصلها الله بك، فلا أحد أعزّ منك، ومعي رجل من قومي فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن ينعم الله لنا أمرنا فيه، والله يا رسول الله لقد كنّا نسمع من اليهود خبرك، كانوا يبشّروننا بمخرجك ويخبروننا بصفتك وأرجو أن تكون دارنا دار هجرتك، وعندنا مقامك، فقد أعلمنا اليهود ذلك، فالحمد لله الذي ساقني إليك، والله ما جئت إلّا لنطلب الحلف على قومنا، وقد آتانا الله بأفضل ممّا أتيت له(١) .

إنّ هذا النص التاريخي يدفعنا إلى القول بأنّ رئيس الخزرج كان قد وقف على داء قومه العيّاء، ودوائه الناجع، وإنّ قومه لن يسعدوا أبداً بالتحالف مع هذا وذاك وشن الغارات وإن انتصروا على الأوس، وإنّما يسعدون إذا رجعوا إلى مكارم الأخلاق، وتحلّوا بفضائلها التي جاءت أُصولها في هاتين الآيتين اللتين تلاهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجر إسماعيل.

عرف وافد الخزرج على أنّ مجتمع يثرب ومن والاه قد أشرفوا على الدمار والإنهيار، لأجل أنّهم غارقين في غمرات الشرك، ووأد البنات، واقتراف الفواحش، وقتل النفس المحترمة، وأكل مال اليتيم، وبخس الأموال عند الكيل والتوزين، وترك العدل والقسط في القول والعمل، ونقض عهود الله إلى غير ذلك من الأعمال السيئة فلا يصلحهم إلّا إذا خرجوا عن شراك هذه المهالك والموبقات.

__________________

(١) أعلام الورى بأعلام الهدى: ص ٥٧، وللقصة ذيل جدير بالمطالعة وقد أخذنا منها موضع الحاجة.

٥٢

فخرج إلى يثرب ومعه مبعوث من قبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعني « مُصعبَ بن عُمير » فبشّر أهل يثرب بما عرف من الحقّ، وصار ذلك تمهيداً لقدوم الرسول الأكرم إلى بلده، بعد ما بعثوا وفوداً إلى مكّة ليتعرّفوا على رسول الله ويبايعوه على ما هو مذكور في السيرة والتاريخ.

فنقول: كان هذا هو موطن النبي ودار ولادته وهذه هي ثقافة قومه وحضارة بيئته، وهذه صفاتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وهذه هي علومهم ومعارفهم، حروبهم وغاراتهم، عطفهم وحنانهم، كل ذلك يعرب عن إنحطاط حضاري، وإنحلال خلقي، كاد أن يؤدي بهم إلى الهلاك والدمار لو لا أن شاء الله حياتهم الجديدة وميلادهم الحديث.

وأين هذا ممّا جاء به القرآن الكريم والسنّة النبويّة من الدعوة إلى التوحيد، ورفض الأصنام والأوثان، وحرمة النفوس، والأعراض والأموال، والدعوة إلى العلم، والقراءة والكتابة، والحث على العدل والقسط في القول والعمل، والتجنّب عن الدعارة والفحشاء، ومعاقرة الخمر والميسر، فلو دلّ ذلك على شيء فإنّما يدل على أنّ ما جاء به من الأُصول لا يمتّ إلى بيئته بصلة.

هذا ما في الذكر الحكيم حول الوضع الإجتماعي والثقافي والعقائدي والعسكري للعرب في العصر الجاهلي وما كانوا عليه من حيرة وضلال، وسقوط وانهيار، فهلمّ معي ندرس وضع العرب الجاهلي عن طريق آخر وهو الإمعان في كلمات الإمام أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام الذي عاين الوضع الجاهلي بأُمّ عينيه، فقد قام الإمام في خطبه ورسائله وقصار كلماته ببيان أحوال العرب قبل البعثة، وما كان يسودهم من الوضع المؤسف، وبما أنّ الإمام هو الصادق المصدّق، نقتطف من كلامه في مجال الخطب والرسائل والكلم القصار ما يمتّ إلى الموضوع بصلة، وفي ذلك غنى وكفاية لمن أراد الحقّ:

٥٣

أ ـ الفوضويّة العقائديّة

١ ـ« وَأَهْلُ الأَرْضِ يَوْمَئِذٍ مِلَلٌ مُتَفَرِّقةٌ، وَأهْواءٌ مُنتَشِرَةٌ، وَطَرائِقُ مُتَشَتِّتَةٌ، بَيْنَ مُشَبِّهٍ للهِ بِخَلْقِهِ، اَوْ مُلْحِدٍ فِي اسْمِهِ اَوْ مُشِيرٍ إلى غَيْرِهِ، فَهَدَاهُمْ بِهِ مِنَ الضَّلاَلَةِ وَاَنْقَذَهُمْ بِمَكَانِهِ مِنَ الجَهَالَةِ » (١) .

٢ ـ« بَعَثَهُ والنَّاسُ ضُلَّالٌ فِي حَيْرَةٍ، وَحَاطِبُونَ فِي فِتْنَةٍ، قَدِ اسْتَهْوَتْهُمُ الأَهْوَاءُ، واسْتَزَلَّتْهُمُ الكِبْرِيَاءُ، واسْتَخَفَّتْهُمُ الجَاهِلِيَّةُ الجَهْلاَءُ، حَيَارَىٰ فِي زَلْزَالٍ مِنَ الأَمْرِ، وَبَلاَء مِنَ الجَهْلِ فَبَالَغَ صلى‌الله‌عليه‌وآله فِي النَّصِيْحَةِ ومضَىٰ عَلَى الطَّرِيقَةِ وَدَعَا إلى الحِكْمَةِ والمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ » (٢) .

٣ ـ« والنَّاسُ فِي فِتَنٍ انْجَزَمَ فِيْهَا حَبْلُ الدِّينِ، وتزَعْزَعَتْ سَوَارِي اليَقِينِ، وَاخْتَلَفَ النَّجْرُ، وتشَتَّتَ الأَمْرُ، وَضَاقَ المَخْرَجُ، وَعَمِيَ المَصْدَرُ، فَالهُدَى خَامِلٌ، وَالعَمَى شَامِلٌ، عُصِيَ الرَّحْمنُ، وَنُصِرَ الشَّيْطَانُ، وَخُذِلَ الاِيمَانُ، فَانْهَارَتْ دَعَائِمُهُ، وتنَكَّرَتْ مَعَالِمُهُ، وَدَرَسَتْ سُبُلُهُ، وَعَفَتْ شُرُكُهُ. اَطَاعُوا الشَّيْطَانَ فَسَلَكُوا مَسَالِكَهُ وَوَرَدُوا مَنَاهِلَهُ، بِهِمْ سَارَتْ اَعْلاَمُهُ، وقامَ لِوَاؤُهُ. فِي فِتَنٍ دَاسَتْهُمْ بِاَخْفَافِهَا، وَوَطِئَتْهُمْ بِاَظْلاَفِهَا، وقامَتْ عَلَى سَنَابِكِهَا، فَهُمْ فِيْهَا تَائِهُونَ، حَائِرُونَ، جَاهِلُونَ، مَفْتُونُونَ، في خَيْرِ دَارٍ وَشَرِّ جِيْرَانٍ، نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وَكُحْلُهُمْ دُمُوعٌ، بِاَرْض عَالِمِهَا مُلْجَمٌ، وَجَاهِلُهَا مُكْرَمٌ » (٣) .

٤ ـ« واشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ ورسُولُهُ، ابْتَعَثَهُ والنَّاسُ يَضْرِبُونَ فِي غَمْرَةٍ، وَيَمُوجُونَ فِي حَيْرَةٍ، قَدْ قَادَتْهُمْ اَزِمَّةُ الحَيْنِ، واسْتَغْلَقَتْ عَلَى اَفْئِدَتِهِمْ اَقْفَالُ الرَّيْنِ » (٤) .

__________________

(١) نهج البلاغة، الخطبة ١.

(٢) نهج البلاغة، الخطبة ٩٥.

(٣) نهج البلاغة، الخطبة ٢.

(٤) نهج البلاغة، الخطبة ١٩١.

٥٤

٥ ـ« ثُمَّ اِنَّ الله سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله بِالحَقِّ حِيْنَ دَنَا مِنَ الدُّنْيَا الاِنْقِطَاعُ، واقْبَلَ مِنَ الآخِرَةِ الإِطِّلاعُ، واظْلَمَتْ بَهْجَتُهَا بَعْدَ اِشْرَاقٍ، وقَامَتْ بِاَهْلِهَا عَلَى سَاقٍ، وَخَشُنَ مِنْهَا مِهَادٌ، وازِفَ مِنْهَا قِيادٌ، فِي انْقِطَاعٍ مِنْ مُدَّتِهَا، وَاقْتِرَاب مِنْ اَشْرَاطِهَا، وتصَرُّم مِنْ اَهْلِهَا، وانْفِصَامٍ مِنْ حَلْقَتِهَا، وانْتِشَارٍ مِنْ سَبَبِهَا، وَعَفَاءٍ مِنْ اَعْلاَمِهَا، وتكَشُّفٍ مِنْ عَوْرَاتِهَا، وقِصَرٍ مِنْ طُولِهَا، جَعَلَهُ اللهُ بَلاَغاً لِرِسَالَتِهِ، وَكَرَامَةً لأمَّتِهِ، وربِيعاً لأهْلِ زَمَانِهِ، ورفْعَةً لأعْوَانِهِ، وَشَرَفاً لأنْصَارِهِ » (١) .

ب ـ الوضع الإجتماعي في العصر الجاهلي

٦ ـ« اَرْسَلَهُ عَلَى حِيْنِ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ، وَطُوْلِ هَجْعَةٍ مِنَ الاُمَمِ، واعْتِزَام مِنَ الفِتَنَ وانْتِشَارٍ مِنَ الاُمُورِ، وتلَظٍّ مِنَ الحُرُوبِ، والدُّنْيَا كَاسِفَةُ النُّورِ، ظَاهِرَةُ الغُرُورِ، عَلَى حِيْنِ اصْفِرَارٍ مِنْ وَرَقِهَا، وايَاسٍ مِنْ ثَمَرِهَا، واغْوِرَاءٍ مِنْ مَائِهَا، قَدْ دَرَسَتْ مَنَارُ الهُدَى، وَظَهَرَتْ اَعْلاَمُ الرَّدَى، فَهِيَ مُتَجَهِّمَةٌ لأهْلِهَا، عَابِسَةٌ فِي وَجْهِ طَالِبِهِا ثَمَرُهَا الفِتْنَةُ، وَطَعَامُهَا الجِيْفَةُ، وَشِعَارُهَا الخَوْفُ، وَدِثَارُهَا السَّيْفُ، فَاعْتَبِرُوا عِبَادَ اللهِ وَاذْكُرُوا تِيْكَ الَّتِي آبَاؤُكُمْ واخْوَانُكُمْ بِهَا مُرْتَهَنُونَ » (٢) .

ج ـ المستوى الثقافي لأهل الجاهلية

٧ ـ« وَلاَتَكُونُوا كَجُفَاةِ الجَاهِلِيَّةِ، لاَ فِي الدِّينِ يَتَفَقَّهُونَ، وَلاَ عَنِ الله يَعْقِلُونَ، كَقَيْضِ بَيْضٍ فِي اَدَاحٍ يَكُونُ كَسْرُهَا وِزْراً ويخْرِجُ حِضَانُهَا شَرّاً » (٣) .

__________________

(١) نهج البلاغة، الخطبة ١٩٨.

(٢) نهج البلاغة، الخطبة ٨٩.

(٣) نهج البلاغة، الخطبة ١٦٦.

٥٥

٨ ـ« اَمَّا بَعْدُ فَاِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله وَلَيْسَ اَحَدٌ مِنَ العَرَبِ يَقْرَأُ كِتَاباً، وَلاَيَدَّعِي نُبُوَّةً، وَلاَ وَحْياً » (١) .

د ـ سيادة الوثنية

٩ ـ« فَبَعَثَ الله مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله بِالحَقِّ لِيُخْرِجَ عِبَادَهُ مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ اِلَىٰ عِبَادَتِهِ، وَمِنْ طَاعَةِ الشَّيْطَانِ إلى طَاعَتِهِ بِقُرْآنٍ قَدْ بَيَّنَهُ وَاَحْكَمَهُ » (٢) .

١٠ ـ« بَعَثَهُ حِينَ لاَعَلَمٌ قَائِمٌ، وَلاَ مَنَارٌ سَاطِعٌ، وَلاَ مَنْهَجٌ وَاضِحٌ » (٣) .

ه‍ ـ العصبية الجاهليّة

١١ ـ« اَضَاءَتْ بِهِ البِلاَدُ بَعْدَ الضَّلاَلَةِ المُظْلِمَةِ، والجَهَالَةِ الغَالِبَةِ، وَالجَفْوَةِ الجَافِيَةِ، وَالنَّاسُ يَسْتَحِلُّونَ الحَرِيمَ وَيسْتَدِلُّونَ الحَكِيمَ، وَيحْيَونَ عَلَى فَتْرَةٍ، وَيَمُوتُونَ عَلَى كَفْرَة » (٤) .

و ـ مأكلهم ومشربهم

١٢ ـ« اِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ، وَاَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ، وَاَنْتُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ وَفِي شَرِّ دَارٍ، مُنْيِخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ، وَحَيَّاتٍ صُمٍّ، تَشْرَبُونَ الكَدِرَ، وَتأْكُلُونَ الجَشِبَ وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ ،

__________________

(١) نهج البلاغة، الخطبة ١٠٤ و ٣٣.

(٢) نهج البلاغة، الخطبة ١٤٧.

(٣) نهج البلاغة، الخطبة ١٩٦.

(٤) نهج البلاغة، الخطبة ١٥١.

٥٦

وَتَقْطَعُونَ اَرْحَامَكُمْ، الاَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ، والآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ » (١) .

ز ـ مكانة المرأة في الجاهلية

١٣ ـ كلامه في المرأة الجاهلية مخاطباً عسكره قبل لقاء العدوّ بصفّين:« وَلاَ تَهِيْجُوا النِّسَاءَ بِأَذىً وَاِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ، وَسَبَبْنَ اُمَرَاءَكُمْ، فَاِنَّهُنَ ضَعِيفَاتُ القُوَى والاَنْفُسِ والعُقُولِ، اِنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالكَفِّ عَنْهُنَّ وَإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ وَاِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَتَنَاوَلُ المَرْأَةَ فِي الجَاهِلِيَّةِ بِالفَهْرِ، أَوِ الهِرَاوَةِ فَيُعَيَّرُ بِهَا وَعَقِبُهُ مِنْ بَعْدِهِ » (٢) .

( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ )

__________________

(١) نهج البلاغة، الخطبة ٢٦.

(٢) نهج البلاغة، الكتاب رقم ١٤ من وصيّته لهعليه‌السلام .

٥٧
٥٨

(٣)

ميلاد النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله

أو

تبلّج النور في الظلام الحالك

إنّ التعرّف على حياة النبي يتوقّف على دراسة مراحل ثلاث تشكّل فصول عمره المبارك وهي:

١ ـ من ولادته إلى بعثته.

٢ ـ من بعثته إلى هجرته.

٣ ـ من هجرته إلى رحلته.

إنّ أصحاب السير والتواريخ درسوا الفصول الثلاثة على ضوء الروايات والأحاديث التي تلقّوها عن الصحابة والتابعين، ونحن ندرسها على ضوء القرآن الكريم، فنقول:

إتّفق المؤرخون على أنّ النبي الأكرم ولد عام الفيل، وهي السنة الّتي عمد أبرهة إلى تدمير الكعبة وهدمها ولكنّه باء بالفشل وهلك هو وجنوده بأبابيل، كما يحكي عنه قوله سبحانه:( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ *أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ *وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ *تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ *فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ ) ( الفيل / ١ ـ ٥ ).

ومن أراد الوقوف على تفصيل القصّة فعليه المراجعة إلى كتب السيرة والتفسير والتاريخ.

٥٩

ويظهر ممّا أخرجه مسلم أنّ هذا اليوم يوم مبارك، قال: إنّ أعربياً قال: يا رسول الله ما تقول في صوم يوم الإثنين ؟ فقال: ذلك يوم ولدت فيه، واُنزل عليّ فيه(١) .

لم يذكر القرآن ما يرجع إلى المرحلة الاُولى من حياته إلّا شيئاً قليلاً نشير إليها إجمالاً:

١ ـ عاش يتيماً فآواه سبحانه.

٢ ـ كان ضالاًّ فهداه.

٣ ـ كان عائلاً فأغناه.

٤ ـ كما ذكر أسماءه في غير واحد من السور.

٥ ـ جاءت البشارة باسمه « أحمد » في الإنجيل.

٦ ـ كان أُمّياً لم يدرس ولم يقرأ ولم يكتب.

٧ ـ كان قبل البعثة مؤمناً موحّداً عابداً لله فقط.

فإليك البحث عن هذه الاُمور واحد بعد آخر:

١ ـ الإيواء بعد اليُتمْ

ولد النبيّ الأكرم من والدين كريمين فوالده عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم.

واتّفقت الإماميّة والزيديّة وجملة من محقّقي السنّة على أنّه كان موحّداً مؤمناً.

ويستدل من صفاته المحمودة، وفضائله المرموقة، والأشعار المأثورة، على

__________________

(١) مسند أحمد: ج ٥ ص ٢٩٧ ـ ٢٩٩، والسنن الكبرى للبيهقي: ج ٤ ص ٢٩٣، وصحيح مسلم ـ كتاب الصيام باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر: ج ١ ص ٩٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

وَقَالَ(١) فِي الْأَئِمَّةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّهِ وَعِتْرَتِهِ وَذُرِّيَّتِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ(٢) :( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ ءَاتَيْنآ ءَالَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً * فَمِنْهُمْ مَّنْ ءَامَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً ) (٣) .

وَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا اخْتَارَهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لِأُمُورِ عِبَادِهِ ، شَرَحَ صَدْرَهُ(٤) لِذلِكَ ، وَأَوْدَعَ قَلْبَهُ يَنَابِيعَ الْحِكْمَةِ ، وَأَلْهَمَهُ الْعِلْمَ إِلْهَاماً ؛ فَلَمْ يَعْيَ(٥) بَعْدَهُ بِجَوَابٍ(٦) ، وَلَاتَحَيَّزَ(٧) فِيهِ عَنِ الصَّوَابِ ؛ فَهُوَ مَعْصُومٌ مُؤَيَّدٌ(٨) ، مُوَفَّقٌ مُسَدَّدٌ(٩) ، قَدْ أَمِنَ مِنَ(١٠) الْخَطَأِ(١١) وَالزَّلَلِ‌

__________________

(١) في « ف » : + « عزّ اسمه ».

(٢) في « بر » : + « أجمعين ».

(٣) النساء (٤) : ٥٤ - ٥٥.

(٤) « شرح صدره » ، أي وسّعه لقبول الحقّ. اُنظر :المصباح المنير ، ج ٣٠٨ ( شرح ).

(٥) « فلم يَعْيَ » ، أي لم يعجز ، من العيّ بمعنى العجز وعدم الاهتداء لوجه المراد. أو لم يجهل ، من العيّ أيضاً بمعنى الجهل وعدم البيان. اُنظر :لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ١١١ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٥ ( عيي ).

(٦) في « بر » : « لجواب ».

(٧) هكذا في « بو ». وفي « ب ، ف ، بر » والمطبوع : « ولا يحير ». وفي « ج » : « ولم يحير ». وفي « بس » : « ولاتحيّر ». قال المجلسي فيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٣٩٨ : « ولا يحير ، مضارع حار من الحيرة » ، ولكن لاتساعده اللغة ؛ فإنّ مضارع حار ، يحار. يقال : حار يحار أي تحيّر في أمره.

وفي « ض » : « ولا يجير ». وفي « بف » : « ولا يحيز ».

ولعلّ الظاهر بقرينة « عن الصواب » : « ولا تحيد » ، كما في حاشية « جو ». وحاد عن الشي‌ء ، أي مال عنه وعدل. وما أثبتناه هو الأظهر والأصوب بقرينة قوله : « عن صواب » ؛ قال فيلسان العرب ، ج ٥ ، ص ٣٤٠ ( حوز ) : « وتحوّز عنه وتحيّز إذا تنحّى ، وهي تَفَيْعَلَ أصلها تَحَيْوَزَ ، فقلبت الواو ياءً ؛ لمجاورة الياء وأُدغمت فيها قال أبو عبيدة : التحوّز هو التنحّي ، وفيه لغتان : التحوّز والتحيّز فالتحوّز التفعّل ، والتحيّز التَفَيْعُلُ ».

(٨) « مؤيّد » : من الأيد بمعنى الشدّة والقوّة. يقال : آد الرجل يئيد ، أي اشتدّ وقوي. وتقول : أيّدتُه ، أي قوّيته ، فهومؤيّد. اُنظر :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٤٣ ( أيد ).

(٩) « مسدّد » : من التسديد بمعنى التوفيق للسداد ، وهو الصواب والقصد من القول والعمل ، ورجل مُسَدَّد ، إذا كان يعمل بالسداد والقصد. اُنظر :الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٨٥ ( سدد ).

(١٠) في « ب ، بر ، بس ، بف » والوافي والأمالي والعيون وكمال الدين والمعاني : - « من ».

(١١) هكذا في جميع النسخ والوافي وكمال الدين والمعاني. وفي المطبوع : « الخطايا ». وفي شرح المازندراني :=

٥٠١

وَالْعِثَارِ(١) ، يَخُصُّهُ اللهُ بِذلِكَ لِيَكُونَ حُجَّتَهُ عَلى عِبَادِهِ ، وَشَاهِدَهُ عَلى خَلْقِهِ ، وَ( ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) (٢) .

فَهَلْ يَقْدِرُونَ عَلى مِثْلِ هذَا فَيَخْتَارُونَهُ؟ أَوْ يَكُونُ مُخْتَارُهُمْ بِهذِهِ الصِّفَةِ فَيُقَدِّمُونَهُ؟ تَعَدَّوْا - وَبَيْتِ اللهِ - الْحَقَّ ، وَنَبَذُوا كِتَابَ اللهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، وَفِي كِتَابِ اللهِ الْهُدى وَالشِّفَاءُ ، فَنَبَذُوهُ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ ، فَذَمَّهُمُ اللهُ وَمَقَّتَهُمْ(٣) وَأَتْعَسَهُمْ(٤) ، فَقَالَ جَلَّ وَتَعَالى :( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظّالِمِينَ ) (٥) وَقَالَ :( فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ) (٦) وَقَالَ :( كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ ءَامَنُوْا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ) (٧) وَصَلَّى اللهُ عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ(٨) وَآلِهِ(٩) ، وَسَلَّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً(١٠) ».(١١)

__________________

=« من الخطأ ، بفتح الخاء ، وقد يمدّ ، وهو ضدّ الصواب. أو بكسرها ، وهو الذنب والإثم ، ناظر إلى المؤيّد ؛ لأنّ كمال قوّته في الدين يمنعه من الخطأ ».

(١) « العثار » : السقوط ، يقال : عثر الرجل يعثر عُثوراً ، وعثر الفرس عِثاراً ، إذا أصاب قوائمه شي‌ء فيُصرَع ، أي ‌يسقط. ويقال للزلّة : عَثْرَة ؛ لأنّها سقوط في الاسم. اُنظر :ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١١٣٨ ؛المصباح المنير ، ص ٣٩٢ ( عثر ).

(٢) الحديد (٥٧) : ٢١ ؛ الجمعة (٦٢) : ٤.

(٣) مَقَتَةُ مَقْتاً ومَقَاتَةً : أبغضه ، كمقّته ، فهو مَقيت ومَمْقوت.القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٥٨ ( مقت ).

(٤) « أتْعَسَهُمْ » أي أهلكهم ، من التَعْس بمعنى الهلاك ، وأصله الكبّ ، وهو ضدّ الانتعاش بمعنى الانتهاض ، يقال : تَعْساً لفلان ، أي ألزمه الله هلاكاً. اُنظر :الصحاح ، ج ٣ ، ص ٩١٠ ( تعس ).

(٥) القصص (٢٨) : ٥٠.

(٦) محمّد (٤٧) : ٨.

(٧) غافر (٤٠) : ٣٥.

(٨) في « ب » : « محمّد نبيّه ». وفي « بح ، بف » : « محمّد النبيّ ». وفي « بر » : - « النبيّ ».

(٩) في « ف » : + « الأخيار ».

(١٠) في « ب » : - « تسليماً كثيراً ».

(١١)الغيبة للنعماني ، ص ٢١٦ ، ح ٦ ؛ والأمالي للصدوق ، ص ٦٧٤ ، المجلس ٩٧ ، ح ١ ، عن الكليني. وفيكمال الدين ، ص ٦٧٥ ، ح ٣٢ ، إلى هذا الحديث طريقان : الطريق الأوّل : عن محمّد بن موسى ، عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن أبي محمّد القاسم بن العلاء ، عن قاسم بن مسلم ، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم. والطريق الثاني : بسند آخر عن عبدالعزيز بن مسلم. وفيعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٢١٦ ، ح ١ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٩٦ ، ح ٢ ، =

٥٠٢

٥٢٨ / ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ غَالِبٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي خُطْبَةٍ لَهُ يَذْكُرُ فِيهَا حَالَ الْأَئِمَّةِعليهم‌السلام وَصِفَاتِهِمْ(١) : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَوْضَحَ(٢) بِأَئِمَّةِ الْهُدى مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا(٣) عَنْ دِينِهِ ، وَأَبْلَجَ(٤) بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ(٥) مِنْهَاجِهِ(٦) ، وَفَتَحَ(٧) بِهِمْ(٨) عَنْ بَاطِنِ يَنَابِيعِ عِلْمِهِ ؛ فَمَنْ عَرَفَ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله (٩) وَاجِبَ(١٠) حَقِّ إِمَامِهِ ، وَجَدَ طَعْمَ حَلَاوَةِ إِيمَانِهِ ، وَعَلِمَ فَضْلَ طُلَاوَةِ(١١) إِسْلَامِهِ ؛ لِأَنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - نَصَبَ الْإِمَامَ عَلَماً لِخَلْقِهِ ، وَجَعَلَهُ حُجَّةً عَلى أَهْلِ مَوَادِّهِ(١٢) وَعَالَمِهِ ، وَ(١٣)

__________________

=بسندهما عن عبد العزيز بن مسلم.تحف العقول ، ص ٤٣٦ ، إلى قوله : « أو يكون مختارهم بهذه الصفة » .الوافي ، ج ٣ ، ص ٤٨٠ ، ح ٩٩٠ ؛الوسائل ، ج ٢٣ ، ص ٢٦٢ ، ح ٢٩٥٢٦ ، من قوله : « فهل يقدرون على مثل هذا » إلى قوله : « نبذوا الكتاب وراء ظهورهم ».

(١) في الغيبة : + « فقال ».

(٢) تعدية الإيضاح وما بعده بـ « عن » لتضمين معنى الكشف ونحوه ، أي أبان وأظهر كاشفاً عن دينه. راجع :شرح‌المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٨٣ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٠٠.

(٣) في الغيبة : « نبيّه ».

(٤) « أبلج » : أضاء ، أشرق ، أنار. يقال : بلج الصبح وأبلج ، أي أسفر وأنار. ومنه قيل : بلج الحقّ ، إذا وضح وظهر.المصباح المنير ، ص ٦٠ ( بلج ).

(٥) في حاشية « بح » : « سبل ».

(٦) « النَهْج » : الطريق الواضح ، وكذلك المنهج والمنهاج.الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٤٦ ( نهج ).

(٧) في « ج ، بح ، بس ، بف » وحاشية « ف » وشرح المازندراني : « ومنح » وقال الميرزا رفيعا في حاشيته ، ص ٦٠٠ : « وفي بعض النسخ « ومنح بهم » أي أعطى الناس بهم فاتحاً عن الدقائق المستورة في ينابيع علمه ». وفي حاشية « ج » : « ميّح ».

(٨) في الغيبة : « لهم ».

(٩) في « بح » وحاشية « بس » : + « بهداهم ».

(١٠) في البصائر : « وأوجب ».

(١١) في البصائر : « طلاقة ». والطَلاوَة ، والطِلاوَة ، والطُلاوة : الحُسن والبهجة والقبول.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧١٤ ( طلو ).

(١٢) « الموادّ » جمع المادّة ، وهي الزيادة المتّصلة. والمراد جميع الزيادات المتّصلة به من جميع المخلوقات ، اتّصال صدور ووجود منه ، واستكمال لهم به ، واستفاضة منه. اُنظر :حاشية ميرزا رفيعا ، ص ٦٠٠ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٣٦ ( مدد ).

(١٣) في « ب ، ف ، بح ، بس ، بف » والوافي والبصائر : - « و ».

٥٠٣

أَلْبَسَهُ اللهُ تَاجَ الْوَقَارِ ، وَغَشَّاهُ مِنْ نُورِ الْجَبَّارِ ، يَمُدُّ(١) بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ، لَايَنْقَطِعُ عَنْهُ مَوَادُّهُ ، وَلَايُنَالُ مَا عِنْدَ اللهِ إِلَّا بِجِهَةِ أَسْبَابِهِ(٢) ، وَلَايَقْبَلُ اللهُ أَعْمَالَ الْعِبَادِ إِلَّا بِمَعْرِفَتِهِ ؛ فَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ مُلْتَبِسَاتِ(٣) الدُّجى(٤) ، وَمُعَمِّيَاتِ(٥) السُّنَنِ ، وَمُشَبِّهَاتِ(٦) الْفِتَنِ.

فَلَمْ يَزَلِ(٧) اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - يَخْتَارُهُمْ لِخَلْقِهِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِعليه‌السلام مِنْ عَقِبِ كُلِّ إِمَامٍ يَصْطَفِيهِمْ لِذلِكَ وَيَجْتَبِيهِمْ(٨) ، وَيَرْضى بِهِمْ(٩) لِخَلْقِهِ وَيَرْتَضِيهِمْ(١٠) ، كُلَّمَا مَضى مِنْهُمْ إِمَامٌ ، نَصَبَ لِخَلْقِهِ مِنْ(١١) عَقِبِهِ إِمَاماً(١٢) عَلَماً بَيِّناً ، وَهَادِياً‌..............................................

__________________

(١) قال الفيض في الوافي : « يمدّ على البناء للمفعول والضمير للإمام ، والبارز في « موادّه » لله ، أو للسبب ». وفي‌شرح المازندراني: « يمدّ على صيغة المعلوم حال عن فاعل غشّاه ، وفاعله فاعله ، و « بسبب » مفعوله بزيادة الباء ».

(٢) في البصائر : « بجهد أسباب سبيله » بدل « بجهة أسبابه ». وفي حاشية ميرزا رفيعا : « ولاتنال ما عندالله إلّابجهة أسبابٍ جعلها الله له » أي للإمام.

(٣) في الغيبة : « مشكلات ». و « المـُلْتَبِساتُ » من التبس عليه الأمر ، أي اختلط واشتبه ، والتباس الأُمور : اختلاطها على وجه يعسر الفرق بينها ولا يعرف جهتها. اُنظر :لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٠٤ ( لبس ) ؛شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٨٧ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٠١.

(٤) في البصائر : « الوحي ». و « الدُجَى » : جمع الدُجْيَة ، وهي الظلمة الشديدة ، والدُجَى أيضاً : مصدر بمعنى الظلمة. راجع :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٤٩ ( دجو ).

(٥) في البصائر : « مصيبات ». وفي المطبوع : « معميّات » ، أي اسم المفعول من المجرّد. والنسخ مختلفة. والاحتمالات فيها ثلاثة : اسم المفعول من المجرّد أو التفعيل ، فالإضافة على هذين من قبيل إضافة الصفة إلى موصوفها. والاحتمال الثالث : اسم الفاعل من التفعيل ، فالإضافة على هذا من قبيل إضافة العامل إلى معموله. مرّ نظيره في خطبة المصنّف. و « مُعَمَّيات » - بتشديد الميم المفتوحة - : المـَخْفيّات ، يقال : عمّاه تعميةً ، أي صيّره أعمى ، ويقال : عمّيتُ معنى البيت ، أي أخفيته ، ومنه المـُعَمَّى في الشعر. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٢٣ ( عمى ) ؛شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٨٧ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٠١.

(٦) في « ض » : « متنبّهات ». وفي البصائر والغيبة : « مشتبهات ». وظاهر المجلسي فيمرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٠١ : « مشبَّهات » ؛ حيث قال : « أي الفتن المشبّهة بالحقّ ، أو الأُمور المشبّهة بالحقّ بسبب الفتن ».

(٧) في حاشية « ف » : « فلايزال ».

(٨) في « ف » : « يحتسبهم ».

(٩) في « ف » : « يرضيهم ».

(١٠) في الغيبة : + « لنفسه ».

(١١) في شرح المازندراني : « والظاهر أنّ « من » جارّة ، و « إماماً » مفعول لـ « نصب » ويحتمل أن يكون موصولة ، و « إماماً » حال عنه ». (١٢) في « بس » : + « من ولد الحسين من عقبه إماماً ».

٥٠٤

نَيِّراً(١) ، وَإِمَاماً قَيِّماً(٢) ، وَحُجَّةً عَالِماً ، أَئِمَّةً مِنَ اللهِ ، يَهْدُونَ بِالْحَقِّ(٣) ، وَبِهِ يَعْدِلُونَ ، حُجَجُ اللهِ وَدُعَاتُهُ وَرُعَاتُهُ(٤) عَلى خَلْقِهِ ، يَدِينُ(٥) بِهَدْيِهِمُ(٦) الْعِبَادُ ، وَتَسْتَهِلُّ(٧) بِنُورِهِمُ الْبِلَادُ ، وَيَنْمُو بِبَرَكَتِهِمُ التِّلَادُ(٨) ، جَعَلَهُمُ اللهُ حَيَاةً لِلْأَنَامِ ، وَمَصَابِيحَ لِلظَّلَامِ ، وَمَفَاتِيحَ لِلْكَلَامِ(٩) ، وَدَعَائِمَ لِلْإِسْلَامِ ، جَرَتْ بِذلِكَ فِيهِمْ مَقَادِيرُ اللهِ عَلى مَحْتُومِهَا.

فَالْإِمَامُ(١٠) هُوَ الْمُنْتَجَبُ الْمُرْتَضى ، وَالْهَادِي الْمُنْتَجى(١١) ، وَالْقَائِمُ الْمُرْتَجَى(١٢) ، اصْطَفَاهُ اللهُ بِذلِكَ ، وَاصْطَنَعَهُ(١٣) عَلى عَيْنِهِ(١٤) فِي الذَّرِّ(١٥) ‌..........................................

__________________

(١) في الغيبة : « منيراً ».

(٢) قَيِّمُ القوم : الذي يقوّمهم ويسوس أمرهم ، وأمر قيّم : مستقيم ، وذلك الدين القيّم ، أي المستقيم الذي لا زيغ فيه ولا ميل عن الحقّ.لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٥٠٢ ( قوم ).

(٣) في شرح المازندراني : « يهدون ، حال عن الأئمّة ، أو استيناف ، و « بالحقّ » حال عن فاعله ، أو متعلّق به ».

(٤) « الرُعاة » : جمع الراعي بمعنى الحافظ ، وكلّ من وَلِيَ أمر قوم فهو راعيهم ، وهم رعيّته. اُنظر :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٢٧ ( رعى ).

(٥) « يَدين » ، أي يطيع ، يقال : دان الله ، أي أطاعه ؛ من الدين بمعنى الطاعة. اُنظر :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٨ ( دين ).

(٦) في « بح » وحاشية « بس » وشرح المازندراني : « بهداهم ». وفي الوافي : « بهم ». وقوله : « بهديهم » الهُدى : المقابل للضلال وهو الرشاد ، والهَدْي : الطريقة والسيرة الحسنة ، وكلاهما محتمل هاهنا. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٥٣ ( هدى ) ؛شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٨٩ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٠١.

(٧) في « ف » وحاشية ميرزا رفيعا والوافي : « يستهلّ ». وقوله : « تَسْتَهِلُّ » معلوماً ، أي تستضي‌ء وتتنوّر ، أو تُسْتَهَلُّ مجهولاً ، أي تبيّن وتُبْصِر وتتبصّر. راجع :شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٨٩ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٠١ ؛لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٧٠٣ ( هلل ).

(٨) « التالِدُ » : المال القديم الأصليّ الذي وُلِدَ عندك ، وهو نقيض الطارف. وكذلك التِلادُ والإتلاد ، وأصل التاء فيه‌ واو.الصحاح ، ج ٢ ، ص ٤٥٠ ( تلد ). (٩) في شرح المازندراني : « الكلام ».

(١٠) في « بف » : « والإمام ».

(١١) في الغيبة : « المجتبى ». و « المـُنْتَجَى » : صاحب السرّ ، المخصوص بالمناجاة ، يقال : انتجى القوم وتناجَوْا ، أي تَسارّوا ، وتقول : انتجيتُه ، إذا خصصتَه بمناجاتك ، والاسم : النجوى. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٠٣ ( نجو ).

(١٢) في « ض » وحاشية « بح » : « المرتضى ».

(١٣) في « ض » : « اصطفاه ».

(١٤) في « بر » : « غيبه ».

(١٥) « الذَرّ » ، أي عالم الذرّ ، وهو في الأصل جمع الذَرَّة ، وهي صغار النمل ، كني به عن أولاد آدم حين =

٥٠٥

حِينَ ذَرَأَهُ(١) ، وَفِي الْبَرِيَّةِ(٢) حِينَ بَرَأَهُ ظِلًّا قَبْلَ خَلْقِ(٣) نَسَمَةٍ(٤) ، عَنْ يَمِينِ عَرْشِهِ ، مَحْبُوّاً(٥) بِالْحِكْمَةِ فِي عِلْمِ(٦) الْغَيْبِ عِنْدَهُ ، اخْتَارَهُ بِعِلْمِهِ ، وَانْتَجَبَهُ لِطُهْرِهِ ؛ بَقِيَّةً مِنْ آدَمَعليه‌السلام ، وَخِيَرَةً مِنْ ذُرِّيَّةِ نُوحٍ ، وَمُصْطَفىً مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ ، وَسُلَالَةً مِنْ إِسْمَاعِيلَ ، وَصَفْوَةً(٧) مِنْ عِتْرَةِ(٨) مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لَمْ يَزَلْ مَرْعِيّاً بِعَيْنِ اللهِ يَحْفَظُهُ(٩) وَيَكْلَؤُهُ(١٠) بِسِتْرِهِ ، مَطْرُوداً عَنْهُ حَبَائِلُ إِبْلِيسَ(١١) وَجُنُودِهِ ، مَدْفُوعاً عَنْهُ وُقُوبُ(١٢) الْغَوَاسِقِ(١٣) ،

__________________

=استخرجوا من صلبه لأخذ الميثاق منهمالوافي ، ج ٣ ، ص ٤٩٠ ؛الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٦٢ ( ذرر ).

(١) « ذَرَأه » ، أي خلقه ، يقال : ذرأ الله الخلق يذرؤُهم ذَرْءاً ، أي خلقهم. قال المجلسي في مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٢٩١ : « وربّما يقرأ بالألف المنقلبة عن الواو ، أي فرّقه وميّزه حين أخرجه من صلب آدم ». وراجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٥١ ( ذرأ ).

(٢) « البَرِيَّة » : الخلق والمخلوقون ، فَعيلةٌ بمعنى مفعولة ، من برأ بمعنى خلق ، وقد تركت العرب همزَهُ. وإن أُخذت من البَرَى - وهو التراب - فأصلها غير الهمز.الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٦ ؛ ( برأ ) ؛المصباح المنير ، ص ٤٧ ( برى ).

(٣) في « ف » والغيبة : « خلقه ».

(٤) في « ب » : « نسمته ». و « النَسَمَة » : النفس والروح وكلّ دابّة فيها روح فهي نَسَمَةٌ ، أو من النسيم ، وهو أوّل هبوب الريح الضعيفة ، أي أوّل الريح قبل أن تشتدّ. والجمع : النَسَم ، ويجوز الإفراد والجمع هنا. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٤٩ ( نسم ) ؛شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٩١ - ٢٩٢.

(٥) في « ج ، بر » : « مخبوّاً » من الخبأ. و « المـَحْبُوّ » : اسم مفعول من الحِباء بمعنى العطاء ، يقال : حباه يحبوه ، أي‌ أعطاه. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٠٨ ( حبو ).

(٦) في الوافي : « عالم ».

(٧) صَفْوَة الشي‌ء : خالصه. وفي الصاد الحركات الثلاث ، فإذا نزعوا الهاء قالوا : له صَفْوُ مالي ، بالفتح لاغير. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٠١ ( صفو ).

(٨) عِتْرَةُ الرجل : أخصّ أقاربه.النهاية ، ج ٣ ، ص ١٧٧ ( عتر ).

(٩) في « ض » : - « يحفظه ». وفي الغيبة : + « بملائكته ».

(١٠) « يَكْلَؤُهُ » ، أي يحفظه ويحرسه ، من الكِلاءَة بمعنى الحفظ والحراسة. فيشرح المازندراني : « وهي أشدّ من الحفظ » ، وراجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٦٩ ( كلأ ).

(١١) « حَبائلُ إبليس » : مَصايِدُهُ ، واحدها حِبالة ، وهي ما يُصادُ بها من أيّ شي‌ء كان.النهاية ، ج ١ ، ص ٣٣٣ ( حبل ).

(١٢) « الوُقُوب » : الدخول في كلّ شي‌ء. يقال : وَقَبَ الشي‌ء يَقِبُ وُقُوباً ، أي دخل. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢١٢ ( وقب ).

(١٣) « الغَواسِق » : جمع الغاسق ، وهو الليل إذا غاب الشفق ، أو الليل المـُظْلِم ، من الغَسَق بمعنى أوّل ظلمة الليل ، =

٥٠٦

وَنُفُوثُ(١) كُلِّ فَاسِقٍ ، مَصْرُوفاً عَنْهُ قَوَارِفُ(٢) السُّوءِ ، مُبَرَّأً(٣) مِنَ(٤) الْعَاهَاتِ(٥) ، مَحْجُوباً عَنِ الْآفَاتِ ، مَعْصُوماً مِنَ الزَّلَّاتِ ، مَصُوناً(٦) عَنِ(٧) الْفَوَاحِشِ كُلِّهَا ، مَعْرُوفاً بِالْحِلْمِ وَالْبِرِّ فِي يَفَاعِهِ(٨) ، مَنْسُوباً إِلَى الْعَفَافِ وَالْعِلْمِ وَالْفَضْلِ عِنْدَ انْتِهَائِهِ ، مُسْنَداً(٩) إِلَيْهِ أَمْرُ وَالِدِهِ ، صَامِتاً عَنِ الْمَنْطِقِ(١٠) فِي حَيَاتِهِ.

فَإِذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ وَالِدِهِ ، إِلى أَنِ انْتَهَتْ بِهِ مَقَادِيرُ اللهِ إِلى مَشِيئَتِهِ ، وَجَاءَتِ الْإِرَادَةُ مِنَ اللهِ فِيهِ إِلى مَحَبَّتِهِ(١١) ، وَبَلَغَ مُنْتَهى مُدَّةِ وَالِدِهِعليه‌السلام ، فَمَضى وَصَارَ أَمْرُ اللهِ إِلَيْهِ مِنْ بَعْدِهِ ، وَقَلَّدَهُ دِينَهُ ، وَجَعَلَهُ الْحُجَّةَ عَلى عِبَادِهِ ، وَقَيِّمَهُ فِي بِلَادِهِ ، وَأَيَّدَهُ بِرُوحِهِ ،

__________________

=أو شدّة ظلمته. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٣٧ ؛المفردات للراغب ، ص ٦٠٦ ( غسق ).

(١) « النُفُوثُ » : جمع النَفْث ، وهو شبيه بالنفخ ، وهو أقلّ من التَفْل ؛ لأنّه لايكون إلّاومعه شي‌ء من الريق. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٨٨ ( نفث ).

(٢) قال المجلسي فيمرآة العقول : « قوارف السوء ، من اقتراف الذنب بمعنى اكتسابه ، أو المراد الاتّهام بالسوء ، من قولهم : قَرَفَ فلاناً : عابه ، أو اتّهمه. وأقرفه : وقع فيه ، وذكره بسوء. وأقرف به : عرّضه للتهمة ». وراجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٢٤ ( قرف ).

(٣) ويحتمل كونه « مُبْرَأً » من الإفعال.

(٤) في « ج » والوافي : « عن ».

(٥) « العاهَة » والآفة بمعنى واحد ، وهي عرَضٌ مفسد لما أصاب من شي‌ء ، أي هي مايوجب خروج عضو من مزاجه الطبيعي. ويمكن أن يراد بالأوّل الأمراض التي توجب نفرة الخلق كالجذام ، وبالثاني الأمراض النفسانيّة. راجع :لسان العرب ، ج ٩ ، ص ١٦ ( أوف ) ؛شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٢٩٥ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٠٤.

(٦) في « ف ، بح ، بس ، بف » : - « من الزلاّت مصوناً ».

(٧) في « ب ، ف ، بح ، بس ، بف » والغيبة : « من ».

(٨) « في يفاعه » ، أي في أوائل سنّه وفي صغره وبدو شبابه. يقال : أيْفَعَ الغلامُ فهو يافع ، إذا شارَفَ الاحتلام ولمـَايحتلم ، وهو من نوادر الأبنية ، أي لايقال : مُوفِعٌ. واليَفاع أيضاً : المرتفع من كلّ شي‌ء ، ولعلّه منه قال المازندراني في شرحه : « اليفع : الرفعة والشرف والغلبة ». وراجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٩٩ ( يفع ).

(٩) في « ب ، بر » : « مستنداً ».

(١٠) في « ج ، ض ، بس ، بف » : « النطق ».

(١١) في « ض » وحاشية « بح » : « حجّته ». وفي « بر » : « محنته ».

٥٠٧

وَآتَاهُ(١) عِلْمَهُ ، وَأَنْبَأَهُ فَصْلَ(٢) بَيَانِهِ ، وَاسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ ، وَانْتَدَبَهُ(٣) لِعَظِيمِ أَمْرِهِ ، وَأَنْبَأَهُ فَضْلَ(٤) بَيَانِ عِلْمِهِ ، وَنَصَبَهُ عَلَماً لِخَلْقِهِ ، وَجَعَلَهُ حُجَّةً عَلى أَهْلِ عَالَمِهِ ، وَضِيَاءً لِأَهْلِ دِينِهِ ، وَالْقَيِّمَ عَلى عِبَادِهِ ، رَضِيَ اللهُ بِهِ إِمَاماً لَهُمُ ، اسْتَوْدَعَهُ سِرَّهُ ، وَاسْتَحْفَظَهُ عِلْمَهُ ، وَاسْتَخْبَأَهُ(٥) حِكْمَتَهُ ، وَاسْتَرْعَاهُ(٦) لِدِينِهِ ، وَانْتَدَبَهُ لِعَظِيمِ أَمْرِهِ ، وَأَحْيَا بِهِ مَنَاهِجَ سَبِيلِهِ(٧) ، وَفَرَائِضَهُ وَحُدُودَهُ ، فَقَامَ بِالْعَدْلِ عِنْدَ تَحْيِيرِ(٨) أَهْلِ الْجَهْلِ ، وَتَحْبِيرِ(٩) أَهْلِ الْجَدَلِ ، بِالنُّورِ(١٠) السَّاطِعِ(١١) ، وَالشِّفَاءِ النَّافِعِ(١٢) ، بِالْحَقِّ الْأَبْلَجِ(١٣) ، وَالْبَيَانِ اللاَّئِحِ(١٤) مِنْ كُلِّ مَخْرَجٍ ، عَلى طَرِيقِ الْمَنْهَجِ ، الَّذِي مَضى عَلَيْهِ الصَّادِقُونَ مِنْ آبَائِهِعليهم‌السلام ، فَلَيْسَ يَجْهَلُ‌

__________________

(١) في الغيبة : « أعطاه ».

(٢) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح » والوافي : « فضل ».

(٣) « انتدب » يُستعمل لازماً ومتعدّياً ، تقول : انتدبتُه للأمر فانتدب ، أي دعوته له فأجاب. قال الفيض فيالوافي : « انتدبه : اختاره ». وراجع :المصباح المنير ، ص ٥٩٧ ( ندب ).

(٤) في « بر » والغيبة : « فصل ».

(٥) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بر » : « استحباه ». و « استخبأه » ، أي طلب منه الكتمان ، من الخَبْ‌ء بمعنى الستر والإخفاء. يقال : خَبَأَ الشي‌ءَ يخبوه خبأً : ستره وأخفاه. والمراد : أودع عنده حكمته وأمره بالكتمان. راجع :لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦٢ ( خبأ ) ؛الوافي ، ج ٣ ، ص ٤٩٠.

(٦) « استرعاه » ، أي طلب منه الرعاية والحفظ ، أي جعله راعياً حافظاً. يقال : رعاه يرعاه رَعْياً ورِعايةً ، أي حَفِظَهُ ، وكلّ من ولي أمر قوم فهو راعيهم وهم رعيّته ، وقد استرعاه إيّاهم : استحفظه. قال الفيض فيالوافي : « استرعاه : اعتنى بشأنه ». وراجع :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٢٧ ( رعى ).

(٧) في « ف ، بس » : « سبله ».

(٨) هكذا في « ألف ، بد ، بع ، جط ، جل ، جم ، جه » وحاشية « بف ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « تحيّر ».

(٩) هكذا في « بد ، بش ، بع » وحاشية « جو » وهو مقتضى المقام. و « التحبير » بمعنى تزيين الكلام وتحسينه. وفي بعض النسخ والمطبوع : « تحيير ». وفي بعض نسخ اخرى : « تحيّر ».

(١٠) قال المجلسي فيمرآة العقول : « الباء للسببيّة ، أو بدل ، أو عطف بيان لقوله : بالعدل. وكذا قوله : بالحقّ بالنسبة إلى قوله : بالنور ».

(١١) « الساطع » : المنتشر ، أو المرتفع. والصبح الساطع : أوّل ما ينشقّ مستطيلاً. راجع :لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٥٤ ( سطع ). (١٢) في الغيبة : « البالغ ».

(١٣) في حاشية « ج » : « اللائح ».

(١٤) في « ب ، ج ، ض ، بح ، بر » : - « اللائح ».

٥٠٨

حَقَّ هذَا الْعَالِمِ إِلَّا شَقِيٌّ ، وَلَايَجْحَدُهُ إِلَّا غَوِيٌّ(١) ، وَلَايَصُدُّ عَنْهُ(٢) إِلَّا جَرِيٌّ عَلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا ».(٣)

١٦ - بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَعليهم‌السلام وُلَاةُ الْأَمْرِ وَهُمُ النَّاسُ

الْمَحْسُودُونَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ‌

٥٢٩/ ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْوَشَّاءُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (٤) فَكَانَ جَوَابُهُ :

«( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً ) يَقُولُونَ لِأَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ(٥) وَالدُّعَاةِ إِلَى النَّارِ : هؤُلاءِ أَهْدى مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ سَبِيلاً( أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً * أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ ) يَعْنِي الْإِمَامَةَ وَالْخِلَافَةَ( فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً ) نَحْنُ(٦) النَّاسُ الَّذِينَ عَنَى اللهُ. وَالنَّقِيرُ : النُّقْطَةُ الَّتِي فِي وَسَطِ النَّوَاةِ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ ءَاتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) نَحْنُ(٧) النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ عَلى مَا آتَانَا اللهُ مِنَ الْإِمَامَةِ‌

__________________

(١) « الغَوِيّ » : الضالّ ، والتارك لسبيل الحقّ والسالك لغيره ، من الغيّ بمعنى الضلال والانمهاك في الباطل. راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٩٧ ( غوى ).

(٢) في الغيبة : « لايدعه » بدل « لايصدّ عنه ».

(٣)الغيبة للنعماني ، ص ٢٢٤ ، ح ٧ ، عن الكليني. وفيبصائر الدرجات ، ص ٤١٢ ، ح ٢ ، بسنده عن ابن محبوب ، عن ابن إسحاق بن غالب ( والمذكور في بعض نسخه « عن إسحاق بن غالب » وهو الصواب ) مع زيادة في أوّله ، إلى قوله : « مشبّهات الفتن »الوافي ، ج ٣ ، ص ٤٨٧ ، ح ٩٩١.

(٤) النساء (٤) : ٥٩.

(٥) في الوافي والبصائر : « الضلال ».

(٦) في « ف » : « ونحن ».

(٧) في « ف » : « ونحن ».

٥٠٩

دُونَ خَلْقِ اللهِ(١) أَجْمَعِينَ( فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَءَاتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً ) يَقُولُ : جَعَلْنَا مِنْهُمُ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالْأَئِمَّةَ ، فَكَيْفَ يُقِرُّونَ بِهِ فِي آلِ إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام ، وَيُنْكِرُونَهُ فِي آلِ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟!( فَمِنْهُمْ مَّنْ ءَامَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً ) (٢) ».(٣)

٥٣٠/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ(٤) عليه‌السلام فِي قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى :( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ ءَاتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (٥) قَالَ : « نَحْنُ الْمَحْسُودُونَ ».(٦)

٥٣١/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ(٧) ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدٍ الْأَحْوَلِ ، عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

__________________

(١) في « ض » : « الخلق » بدل « خلق الله ».

(٢) النساء (٤) : ٥١ - ٥٦. و « نَضِجَتْ جُلُودُهُم » أي احترقت وطبخت.لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٣٧٨ ؛المفردات للراغب ، ص ٤٩٦ ( نضج ).

(٣)بصائر الدرجات ، ص ٣٤ ، ح ٣ ، بسنده عن ابن اُذينة ، وفيه إلى قوله : « نحن الناس الذين عنى الله » ؛ تفسير فرات ، ص ١٠٦ ، ح ١٠٠ ، وفيه : « جعفر بن أحمد معنعناً عن بريد » ، من قوله :( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآءَاتَا هُمُ اللهُ ) .تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٤٦ ، ح ١٥٣ ، عن بريد بن معاوية ، مع زيادة في آخره. راجع :كتاب سليم بن قيس ، ص ٧٦٩ ، ح ٢٥الوافي ، ج ٣ ، ص ٥١٨ ، ح ١٠٣٠.

(٤) في البصائر : « أبي جعفر ».

(٥) النساء (٤): ٥٤.

(٦)بصائر الدرجات ، ص ٣٥ ، ح ٣ ، عن أحمد بن محمّد.تفسير فرات ، ص ١٠٦ ، بسند آخرالوافي ، ج ٣ ، ص ٥١٩ ، ح ١٠٣١.

(٧) ورد الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ٣٦ ، ح ٧ ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن يحيى الحلبي من دون توسط النضر بن سويد ، والموجود في بعض نسخالبصائر والبحار ، ج ٢٣ ، ص ٢٨٨ ، ح ١١ ، توسط النضر بن سويد بين الحسين بن سعيد ويحيى الحلبي ، وهو الصواب ؛ فقد روى الحسين بن سعيد عن النضر =

٥١٠

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ ) ؟ فَقَالَ : « النُّبُوَّةَ». قُلْتُ :( وَالْحِكْمَةَ ) ؟ قَالَ : « الْفَهْمَ وَالْقَضَاءَ ». قُلْتُ :( وَءَاتَيْناهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً ) (١) ؟ فَقَالَ : « الطَّاعَةَ(٢) ».(٣)

٥٣٢/ ٤. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي الصَّبَّاحِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ ءَاتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) فَقَالَ : « يَا أَبَا الصَّبَّاحِ ، نَحْنُ وَاللهِ النَّاسُ الْمَحْسُودُونَ(٤) ».(٥)

٥٣٣/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(٦) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ(٧) بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ بُرَيْدٍ الْعِجْلِيِّ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام فِي قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى :( فَقَدْ ءَاتَيْنَآ ءَالَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ

__________________

=بن سويد كتاب يحيى الحلبي وتكرّر هذا الارتباط في الأسناد. راجع :الفهرست للطوسي ، ص ٥٠١ ، الرقم ٧٩٠ ؛معجم رجال الحديث ، ج ١٩ ، ص ٣٨٧ - ٣٨٩.

(١) النساء (٤) : ٥٤.

(٢) في الكافي ، ح ٤٨٦ وتفسير القمّي : « قال : الطاعة المفروضة » بدل « فقال : الطاعة ».

(٣)بصائر الدرجات ، ص ٣٦ ، ح ٧ ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن يحيى الحلبي .الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فرض طاعة الأئمّةعليهم‌السلام ، ح ٤٨٦ ، بسند آخر عن أبى جعفرعليه‌السلام ، من قوله :( وَءَاتَيْنَاهُم مُّلْكًا ) ؛تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١٤٠ ، بسند آخر ؛تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٤٨ ، ح ١٦٠ ، عن حمران .الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢٠ ، ح ١٠٣٤.

(٤) في البصائر ، ص ٣٥ : + « وأشار بيده إلى صدره ».

(٥)بصائر الدرجات ، ص ٣٥ ، ح ٤ ، بسنده عن أبي الصبّاح الكناني. وفيالكافي ، كتاب الحجّة ، باب فرض طاعة الأئمّة ، ح ٤٨٨ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ٢٠٢ ، ح ١ ؛ والتهذيب ، ج ٤ ، ص ١٣٢ ، ح ٣٦٧ ، بسند آخر عن أبي الصبّاح الكناني ، مع زيادة في أوّله.تفسير فرات ، ص ١٠٧ ، ح ١٠١ ، بسند آخر ، مع زيادة في أوّله وآخره ، وفي كلّها مع اختلاف يسير.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٤٧ ، ح ١٥٥ ، عن أبي الصبّاح الكنانيالوافي ، ج ٣ ، ص ٥١٩ ، ح ١٠٣٢.

(٦) في « ب » وحاشية « بر » : + « بن هاشم ».

(٧) في « ب » : - « محمّد ».

٥١١

وَءَاتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً ) قَالَ(١) : « جَعَلَ مِنْهُمُ الرُّسُلَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالْأَئِمَّةَ ، فَكَيْفَ يُقِرُّونَ(٢) فِي آلِ إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام ، وَيُنْكِرُونَهُ(٣) فِي آلِ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟! ».

قَالَ : قُلْتُ(٤) :( وَءَاتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً ) (٥) ؟ قَالَ(٦) : « الْمُلْكُ الْعَظِيمُ أَنْ جَعَلَ فِيهِمْ أَئِمَّةً مَنْ أَطَاعَهُمْ أَطَاعَ(٧) اللهَ ؛ وَمَنْ عَصَاهُمْ عَصَى(٨) اللهَ ؛ فَهُوَ الْمُلْكُ الْعَظِيمُ ».(٩)

١٧ - بَابُ أَنَّ الْأَئِمَّةَعليهم‌السلام هُمُ الْعَلَامَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي‌كِتَابِهِ‌

٥٣٤/ ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْمُسْتَرِقِّ(١٠) ، قَالَ : حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْجَصَّاصُ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ :( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١١) قَالَ : « النَّجْمُ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وَالْعَلَامَاتُ هُمُ(١٢) الْأَئِمَّةُعليهم‌السلام ».(١٣)

__________________

(١) في « ب ، ج ، ض ، بر ، بس ، بف » والوافي : - « قال ». وفي « بح » : « يقول ».

(٢) في تفسير العيّاشي ، ص ٢٤٦ : + « بذلك ».

(٣) في « ف » : « وينكرون ».

(٤) في « بر » والوافي : + « قوله ». وفي البصائر : « فما معنى قوله » بدل « قال : قلت ».

(٥) في تفسير العيّاشي ، ص ٢٤٦ : + « ما الملك العظيم ».

(٦) في « بس » : + « إنّ ».

(٧) في « ج » : « فقد أطاع ».

(٨) في « ج » : « فقد عصى ».

(٩)بصائر الدرجات ، ص ٣٦ ، ح ٦ ، بسنده عن ابن أبي عمير.كتاب سليم بن قيس ، ص ٧٦٩ ، ح ٢٥ ، بسند آخر ، عن عليعليه‌السلام .تفسير فرات ، ص ١٠٧ ، ح ١٠٢ ، بسند آخر من قوله : « قال : الملك العظيم أن جعل ».تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٤٦ ، ح ١٥٣ ، عن بريد بن معاوية ، مع زيادة في أوّله ؛وفيه ، ص ٢٤٨ ، ح ١٥٨ ، عن أبي خالد الكابلي ، من قوله : « قال : الملك العظيم أن جعل » مع اختلافالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢٠ ، ح ١٠٣٣.

(١٠) في « ض » : « المشرق » وهو سهو. وأبو داود هذا ، هو سليمان بن سفيان المسترقّ. راجع :رجال النجاشي ، ص ١٨٣ ، الرقم ٤٨٥ ؛رجال الكشي ، ص ٣١٩ ، الرقم ٥٧٧.

(١١) النحل (١٦) : ١٦.

(١٢) في « بر ، بس » : - « هم ».

(١٣)الأمالي للطوسي ، ص ١٦٣ ، المجلس ٦ ، ح ٢٧٠ ، بسند آخر.تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٢٥٥ ، ح ٨ ، عن معلّى بن خنيس ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢١ ، ح ١٠٣٥ ؛البحار ، ج ١٦ ، ص ٣٥٩ ، ح ٥٤.

٥١٢

٥٣٥/ ٢. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَسْبَاطِ بْنِ سَالِمٍ ، قَالَ :

سَأَلَ الْهَيْثَمُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام - وَأَنَا عِنْدَهُ - عَنْ قَوْلِ اللهِ(١) عَزَّ وَجَلَّ :( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فَقَالَ : « رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله النَّجْمُ(٢) ، وَالْعَلَامَاتُ هُمُ(٣) الْأَئِمَّةُعليهم‌السلام ».(٤)

٥٣٦/ ٣. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ الرِّضَاعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ(٥) عَزَّ وَجَلَّ :( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قَالَ : « نَحْنُ الْعَلَامَاتُ ، وَالنَّجْمُ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ».(٦)

١٨ - بَابُ أَنَّ الْآيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ هُمُ‌الْأَئِمَّةُعليهم‌السلام

٥٣٧/ ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أُمَيَّةَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالى :( وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ ) (٧) قَالَ : « الْآيَاتُ هُمُ(٨) الْأَئِمَّةُ ، وَالنُّذُرُ هُمُ(٩) الْأَنْبِيَاءُ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ».(١٠)

__________________

(١) في « ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » : « عن قوله ».

(٢) في « ف » : « النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٣) في « ض ، بح ، بر » : - « هم ».

(٤)الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢١ ، ح ١٠٣٦.

(٥) في « بف » وحاشية « بح » : « عن قوله ».

(٦)تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٣٤٣ ، بسند آخر مع زيادة في أوّله وآخره ؛تفسير فرات ، ص ٢٣٣ ، ح ٣١١ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام ؛وفيه ، ص ٢٣٣ ، ح ٣١٢ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام .تفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٢٥٦ ، ح ١٠ ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسنعليه‌السلام ؛وفيه ، ج ٢ ، ص ٢٥٦ ، ح ٩ ، عن أبي مخلّد الخيّاط ، عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢١ ، ح ١٠٣٧. (٧) يونس (١٠) : ١٠١.

(٨) في « بف » والوافي وتفسير القمّي : - « هم ».

(٩) في « بف » والوافي وتفسير القمّي : - « هم ».

(١٠)تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ٣٢٠ ، عن الحسين بن محمّدالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢٢ ، ح ١٠٣٩.

٥١٣

٥٣٨/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ مِهْرَانَ ، عَنْ عَبْدِ الْعَظِيمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْحَسَنِيِّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الْعِجْلِيِّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَعْقُوبَ رَفَعَهُ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا ) (١) : « يَعْنِي الْأَوْصِيَاءَ كُلَّهُمْ ».(٢)

٥٣٩/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ(٣) بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ أَوْ غَيْرِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ(٤) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ الشِّيعَةَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ تَفْسِيرِ هذِهِ الْآيَةِ :( عَمَّ يَتَساءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ ) ؟(٥) قَالَ : « ذلِكَ إِلَيَّ إِنْ شِئْتُ أَخْبَرْتُهُمْ ، وَإِنْ شِئْتُ لَمْ أُخْبِرْهُمْ » ثُمَّ(٦) قَالَ : « لكِنِّي أُخْبِرُكَ بِتَفْسِيرِهَا ».

قُلْتُ :( عَمَّ يَتَساءَلُونَ ) ؟ قَالَ : فَقَالَ : « هِيَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ ، كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام يَقُولُ : مَا لِلّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - آيَةٌ هِيَ أَكْبَرُ مِنِّي ، وَلَالِلّهِ مِنْ(٧) نَبَإٍ(٨) أَعْظَمُ مِنِّي ».(٩)

__________________

(١) القمر (٥٤) : ٤٢.

(٢)تفسير القمّي ، ج ١ ، ص ١٩٩ ، بسند آخر مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢٢ ، ح ١٠٤٠.

(٣) في « و ، بح » : - « محمّد ».

(٤) في « ض » : - « له ».

(٥) النبأ (٧٨) : ١ - ٢.

(٦) في « بح » : - « ثمّ ».

(٧) في « ض ، بس ، بف » : - « من ».

(٨) في البصائر : + « عظيم ».

(٩)بصائر الدرجات ، ص ٧٦ ، ح ٣ ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي عمير وغيره ( والمذكور في بعض نسخه : أو غيره ) عن محمّد بن الفضيل ، مع زيادة في آخره.تفسير فرات ، ص ٥٣٣ ، ح ٦٨٥ وح ٦٨٦ ، بسند آخر عن أبي حمزة الثمالي مع اختلاف ؛تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٤٠١ ، بسند آخر عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، من قوله : « كان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول » مع اختلاف. وراجع :الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ، ح ١١٢١الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٢٣ ، ح ١٠٤١.

٥١٤

١٩ - بَابُ مَا فَرَضَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَرَسُولُهُصلى‌الله‌عليه‌وآله

مِنَ الْكَوْنِ مَعَ‌الْأَئِمَّةِعليهم‌السلام

٥٤٠/ ١. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَائِذٍ(١) ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْعِجْلِيِّ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) (٢) قَالَ : « إِيَّانَا عَنى ».(٣)

٥٤١/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( يَّأَ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) قَالَعليه‌السلام : « الصَّادِقُونَ هُمُ(٤) الْأَئِمَّةُعليهم‌السلام وَ(٥) الصِّدِّيقُونَ(٦) بِطَاعَتِهِمْ ».(٧)

__________________

(١) ورد الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ٣١ ، ح ١ ، عن الحسين بن محمّد ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن‌عائذ ، لكنّ الموجود في بعض مخطوطاته توسُّط معلّى بن محمّد بين « الحسين بن محمّد » وبين « الحسن بن علي » وهو الصواب ؛ فإنّ الحسن بن علي الراوي عن أحمد بن عائذ ، هو الوشّاء ، ويروي الحسين بن محمّد عنه بتوسّط معلّى بن محمّد في كثير من الأسناد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٨ ، ص ٤٦١ - ٤٦٤ ، ص ٤٦٧ - ٤٧٠.

(٢) التوبة (٩) : ١١٩.

(٣)بصائر الدرجات ، ص ٣١ ، ح ١ ، عن الحسين بن محمّد ، عن الحسن بن علي ، عن أحمد بن عائذالوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٨ ، ح ٥٦٤.

(٤) في « بف » والبصائر : - « هم ».

(٥) في البصائر : - « و ».

(٦) « الصِدّيق » - مثال الفِسّيق - : الدائم التصديق ، ويكون الذي يصدّق قوله بالعمل.الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٠٦ ( صدق ).

(٧)بصائر الدرجات ، ص ٣١ ، ح ٢ ، بسنده عن أحمد بن محمّد ، عن الرضاعليه‌السلام الوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٧ ، ح ٥٦٣.

٥١٥

٥٤٢/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحسَنِ(١) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْيَا حَيَاةً تُشْبِهُ حَيَاةَ الْأَنْبِيَاءِ ، وَيَمُوتَ مِيتَةً تُشْبِهُ مِيتَةَ(٢) الشُّهَدَاءِ ، وَيَسْكُنَ الْجِنَانَ الَّتِي غَرَسَهَا الرَّحْمنُ(٣) ، فَلْيَتَوَلَّ(٤) عَلِيّاً ، وَلْيُوَالِ(٥) وَلِيَّهُ(٦) ، وَلْيَقْتَدِ بِالْأَئِمَّةِ مِنْ بَعْدِهِ ؛ فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي ، خُلِقُوا مِنْ طِينَتِي(٧) ؛ اللهُمَّ ارْزُقْهُمْ فَهْمِي(٨) وَعِلْمِي ، وَوَيْلٌ لِلْمُخَالِفِينَ لَهُمْ مِنْ‌

__________________

(١) هكذا في « ض ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « محمّد بن الحسين ».

والصواب ما أثبتناه ، يؤيّد ذلك - مضافاً إلى ماتقدّم في الكافي ، ذيل ح ٤٤٦ - ورود مضمون الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ٤٨ ، ح ١ عن محمّد بن عبدالحميد ، عن منصور بن يونس ، عن سعد بن طريف ، وما يأتي فيالكافي ، ح ٦٨٨ من رواية محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن ، عن محمّد بن عبد الحميد ، عن منصوربن يونس ، وقد ورد مضمون ذاك الخبر أيضاً فيبصائر الدرجات ، ص ٢٩٣ ، ح ٣. ويؤيّده أيضاً رواية محمّد بن الحسن [ الصفّار ] عن محمّد بن عبدالحميد ، في بعض طرق النجاشي والشيخ الطوسي إلى كتب بعض الأصحاب ، راجع :رجال النجاشي ، ص ٣٦٤ ، الرقم ٩٨١ ؛الفهرست للطوسي ، ص ٥٠ ، الرقم ٦٣ ؛ وص ٣٢٤ ، الرقم ٥٠٣ ؛ وص ٣٤٥ ، الرقم ٥٤٤ ؛ وص ٤٠٠ ، الرقم ٦٠٧.

وأمّا ماورد في بعض الأسناد من رواية محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن عبدالحميد ، فمحمّد بن الحسين في هذه الموارد مصحّف إمّا من محمّد بن الحسن - كما في ما نحن فيه - ، أو من موسى بن الحسن. والتفصيل لايسعه المقام.

(٢) في « بح » : « موته ».

(٣) في « بح ، بس » : « الله ». والمراد بغرسه إيّاها : إنشاؤها بقول « كن » ومجرّد التقدير والإيجاد. راجع :شرح‌المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣١٢ ؛الوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٤.

(٤) « فليتولّ » ، أي فليتّخذه وليّاً ، أي اماماً. يقال : تولاّه ، أي اتّخذه وليّاً. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٦١ ( ولى ). (٥) في « بح » : « وليتوال ».

(٦) « الموالاة » : ضدّ المعاداة ، والوليّ هنا بمعنى المحبّ والناصر. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٣٠ ( ولى ) ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٢٢.

(٧) « الطِينَة » : الخلقة والجبلّة والأصل. راجع :لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢٧٠ ( طين ).

(٨) « الفهم » : المعرفة بالقلب. وسرعة الفهم : جودة الذهن وشدّة ذكائه. والعلم : مطلق الإدراك. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٠٩ ( فهم ) ؛شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣١٣.

٥١٦

أُمَّتِي ؛ اللهُمَّ لَاتُنِلْهُمْ شَفَاعَتِي(١) ».(٢)

٥٤٣/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُضَيْلِ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - يَقُولُ : اسْتِكْمَالُ(٣) حُجَّتِي(٤) عَلَى الْأَشْقِيَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ : مَنْ تَرَكَ وَلَايَةَ(٥) عَلِيٍّ ، وَ وَالى أَعْدَاءَهُ ، وَأَنْكَرَ فَضْلَهُ وَفَضْلَ الْأَوْصِيَاءِ مِنْ بَعْدِهِ ، فَإِنَّ فَضْلَكَ فَضْلُهُمْ ، وَطَاعَتَكَ طَاعَتُهُمْ ، وَحَقَّكَ حَقُّهُمْ ، وَمَعْصِيَتَكَ مَعْصِيَتُهُمْ ، وَهُمُ الْأَئِمَّةُ الْهُدَاةُ مِنْ بَعْدِكَ ، جَرى فِيهِمْ رُوحُكَ ، وَرُوحُكَ(٦) مَا جَرى فِيكَ مِنْ رَبِّكَ ، وَهُمْ عِتْرَتُكَ مِنْ طِينَتِكَ وَلَحْمِكَ وَدَمِكَ ، وَقَدْ أَجْرَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِيهِمْ سُنَّتَكَ وَسُنَّةَ الْأَنْبِيَاءِ(٧) قَبْلَكَ ، وَهُمْ خُزَّانِي عَلى عِلْمِي مِنْ بَعْدِكَ ، حَقٌّ عَلَيَّ لَقَدِ اصْطَفَيْتُهُمْ(٨) وَانْتَجَبْتُهُمْ(٩) وَأَخْلَصْتُهُمْ وَارْتَضَيْتُهُمْ ، وَنَجَا مَنْ أَحَبَّهُمْ وَوَالَاهُمْ‌

__________________

(١) « لاتُنِلهُمْ » ، أي لاتُصِبْهُمْ. يقال : نال خيراً يَنالُ نيلاً ، أي أصاب ، وأناله غيره. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨٣٨ ( نيل ).

(٢)بصائر الدرجات ، ص ٤٨ ، ح ١ عن محمّد بن عبد الحميد.وفيه ، ص ٤٨ ، ح ٢ ، بسند آخر عن سعد بن طريف.الأمالي للطوسي ، ص ٥٧٨ ، المجلس ٢٣ ، ح ٩ ، بسند آخر ، عن أبي ذرّ ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وفي كلّها مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٤ ، ح ٥٥٨. (٣) استظهر في حاشية « بر » : « استكمل ».

(٤) « استكمال حجّتي » مبتدأ ، و « على الأشقياء » خبره ، و « من ترك » بدل من الأشقياء يفسّره. راجع :الوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٧ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٢٢.

(٥) « الوَلاية » : الإمارة والسلطنة. و « الوِلاية » : المحبّة والطاعة. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٢٨ ( ولا ) ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٢٢.

(٦) في البصائر : « روحهم ». وفتح الراء في « رَوْحك » الثاني - بمعنى الراحة والرحمة ، كنايةً عن الألطاف الربّانيّة - محتمل عند المازندراني ، متعيّن عند المجلسي. راجع :شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣١٤ ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٢٢.

(٧) في « ج » : + « من ».

(٨) قال المجلسي فيمرآة العقول : « لقد اصطفيتهم ، اللام جواب القسم ؛ لأنّ قوله : حقّ عليّ ، بمنزلة القسم ، أو « حقّ » خبر مبتدأ محذوف ، وقوله : لقد اصطفيتهم ، استيناف بيانيّ ».

(٩) « انتجبهم » ، أي اختارهم واصطفاهم. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٢٢ ( نجب ).

٥١٧

وَسَلَّمَ لِفَضْلِهِمْ ، وَلَقَدْ أَتَانِي جَبْرَئِيلُعليه‌السلام بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَأَحِبَّائِهِمْ وَالْمُسَلِّمِينَ لِفَضْلِهِمْ ».(١)

٥٤٤/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي الْمَغْرَاءِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ(٢) ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي ، وَيَمُوتَ مِيتَتِي ، وَيَدْخُلَ جَنَّةَ عَدْنٍ(٣) الَّتِي غَرَسَهَا اللهُ(٤) رَبِّي(٥) بِيَدِهِ ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍعليه‌السلام ، وَلْيَتَوَلَّ(٦) وَلِيَّهُ ، وَلْيُعَادِ عَدُوَّهُ ، وَلْيُسَلِّمْ لِلْأَوْصِيَاءِ(٧) مِنْ بَعْدِهِ ؛ فَإِنَّهُمْ عِتْرَتِي مِنْ لَحْمِي وَدَمِي ، أَعْطَاهُمُ اللهُ فَهْمِي وَعِلْمِي ، إِلَى اللهِ أَشْكُو أَمْرَ أُمَّتِي الْمُنْكِرِينَ لِفَضْلِهِمْ ، الْقَاطِعِينَ فِيهِمْ صِلَتِي(٨) ، وَايْمُ اللهِ(٩) ، لَيَقْتُلُنَّ ابْنِي(١٠) ، لَا أَنَالَهُمُ اللهُ‌

__________________

(١)الكافي ، كتاب الحجّة ، باب أنّ الأئمّةعليهم‌السلام ولاة أمر الله ، ح ٥١٢ ، مع نقيصة.بصائر الدرجات ، ص ٥٤ ، ح ٣ ، عن محمّد بن الحسين ؛وفيه ، ص ١٠٥ ، ح ١٢ ، عن محمّد بن الحسين ، مع نقيصة.الوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٦ ، ح ٥٦٢.

(٢) في « ض ، و » : « مسلم ». والرجل مجهول لم نعرفه.

(٣) « العدن » في اللغة : الإقامة وقال العلّامة المجلسي : « وجنّة العدن اسم لمدينة الجنّة ، وهي مسكن الأنبياء والعلماء والشهداء والأئمّة العدل » راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ١٩٢ ( عدن ) ؛مرآة العقول ، ج ٢ ، ص ٤٢٣.

(٤) في « ج ، ف ، بح ، بر ، بف » والوافي والبصائر ، ص ٤٩ و ٢٥ : - « الله ».

(٥) في « ض » : - « ربّي ».

(٦) في حاشية « بح » : « وليوال ».

(٧) في البصائر ، ص ٤٩ و ٥٢ : « وليأتمّ بالأوصياء » بدل « وليسلّم للأوصياء ».

(٨) « الصلة » : إمّا مصدر وَصَل ، بمعنى اتّصل. أو اسم بمعنى الجائزة والعطيّة. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ١٩٣ ( وصل ).

(٩) قال الجوهري فيالصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢١ ( يمن ) : « أيْمُنُ اللهِ : اسم وضع للقسم ، وألفه ألف وصل عند الأكثر ، ولم يجي‌ء في الأسماء ألف وصل مفتوحة غيرها ، وقد تدخل عليه اللام لتأكيد الابتداء ، تقول : لَيْمُنُ الله ، فتذهب الألف في الوصل. وهو مرفوع بالابتداء وخبره محذوف ، والتقدير : أيْمُنُ اللهِ قسمي ، وأيْمُنُ اللهِ ما اُقسم به. وربّما حذفوا منه النون ، فقالوا : أيْمُ اللهِ وايم اللهِ ، وربّما حذفوا غيرها ، فقالوا : اَمُ اللهِ ، مُ اللهِ ، مِ اللهِ ، مُنُ الله ، مَنَ اللهِ ، مِنِ اللهِ ». وقال المجلسي فيمرآة العقول : « وأيم - بفتح الهمزة وسكون الياء - مبتدأ مضاف ، وأصله أيْمُن جمع يمين ، وخبره محذوف وهو يميني ».

(١٠) في البصائر ، ص ٥٢ : + « يعني الحسن ». وفي مرآة العقول : « والمراد بالابن الحسينعليه‌السلام . وربّما يقرأ =

٥١٨

شَفَاعَتِي ».(١)

٥٤٥/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدَانَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَبْدِ الْقَهَّارِ(٢) ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَحْيَا حَيَاتِي ، وَيَمُوتَ مِيتَتِي ، وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ الَّتِي وَعَدَنِيهَا رَبِّي ، وَيَتَمَسَّكَ بِقَضِيبٍ(٣) غَرَسَهُ رَبِّي بِيَدِهِ ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍعليه‌السلام وَأَوْصِيَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ ؛ فَإِنَّهُمْ لَايُدْخِلُونَكُمْ فِي بَابِ ضَلَالٍ ، وَلَايُخْرِجُونَكُمْ مِنْ بَابِ هُدًى ، فَلَا تُعَلِّمُوهُمْ ؛ فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ مِنْكُمْ ، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي أَلّا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ(٤) وَبَيْنَ الْكِتَابِ حَتّى يَرِدَا(٥) عَلَيَّ الْحَوْضَ هكَذَا - وَضَمَّ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ - وَعَرْضُهُ مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ(٦) إِلى أَيْلَةَ(٧) ،فِيهِ

__________________

= بصيغة التثنية إشارة إلى الحسن والحسينعليهما‌السلام ».

(١)بصائر الدرجات ، ص ٥٠ ، ح ١٠ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ؛وفيه ، ص ٤٩ ، ح ٥ ، بسنده عن محمّد بن سالم ؛وفيه ، ص ٥٢ ، ح ١٧ ، بسنده عن أبان بن تغلب. وفيالأمالي للصدوق ، ص ٣٦ ، المجلس ٩ ، ح ١١ ، بسند آخر ، عن أبان بن تغلب ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف.الوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٤ ، ح ٥٥٩.

(٢) كذا في النسخ والمطبوع. وفيبصائر الدرجات ، ص ٤٩ ، ح ٦ : « عبدالقاهر ». ولا يبعد صحّته ، وأن يكون عبدالقاهر ، هو الذي روى عن جابر ، وذكره الشيخ الطوسي في أصحاب الصادقعليه‌السلام . راجع :رجال الطوسي ، ص ٢٤٢ ، الرقم ٣٣٤١.

(٣) في حاشية « بف » : « بقضيبي ». و « القضيب » : الغصن ، وهو ما تشعّب عن ساق الشجرة. والجمع : القُضبان. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٠٣ ( قضب ). وقال في الوافي : « لعلّة صلى ‌الله‌ عليه‌ و آله و سلّم كنّى بالقضيب المغروس بيد الربّ عن شجرة أهل البيتعليهم‌السلام شجرة طوبي ».

(٤) في « بح » : « بيني ». والمراد بعدم الفرق بينهم وبين الكتاب ، عدم مزايلتهم عن علمه ، وعدم مزايلته عمّايحتاجون إليه من العلم ، والمراد بالحوض : الكوثر ، وتأويله العلم.الوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٦.

(٥) في حاشية « ف » : « يردوا معه ».

(٦) في شرح المازندراني : « الصنعاء ».

(٧) في البصائر : « أبلة ». و « أيْلَةُ » : جبل بين مكّة ومدينة قرب يَنْبُعَ ، وبلد بين ينبع ومصر. و « إِيلَةُ » بالكسر : قرية بباخَرْز. وموضعان آخران.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٧٦ ( أيل ). وقال المجلسي فيمرآة العقول : « وفي =

٥١٩

قُدْحَانُ(١) فِضَّةٍ وَذَهَبٍ(٢) عَدَدَ النُّجُومِ ».(٣)

٥٤٦/ ٧. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُمْهُورٍ ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنِ الْفُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام (٤) : « إِنَّ(٥) الرَّوْحَ(٦) وَالرَّاحَةَ وَالْفَلْجَ(٧) وَالْعَوْنَ(٨) وَالنَّجَاحَ(٩) وَالْبَرَكَةَ(١٠) وَالْكَرَامَةَ(١١) وَالْمَغْفِرَةَ‌

__________________

= أكثر روايات الحوض في سائر الكتب : بضمّ الألف والباء الموحّدة واللام المشدّدة ، وهي بلد قرب بصرة في الجانب البحريّ ولعلّه موضع البصرة اليوم ».

(١) « قُدْحان » : جمع قَدَح - على ما نقله الفيض في الوافي عن المهذّب - وهو ما يشرب منه ، وهو إناء يروي الرجلين ، أو اسم يجمع الصغار والكبار. ويجمع على أقداح. وراجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٣٥٤ ( قدح ).

(٢) في شرح المازندراني : « ذهب وفضّة ».

(٣)بصائر الدرجات ، ص ٤٩ ، ح ٦ ، بسنده عن محمّد بن الحسين.وفيه ، ص ٥٠ ، ح ٩ ؛ وص ٥١ ، ح ١٨ ، بسند آخر إلى قوله : « فإنّهم أعلم منكم » ؛وفيه ، ح ١٥ ، بسند آخر عن الرضاعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى قوله : « ولا يخرجونكم من باب هدى » ؛الأمالي للطوسي ، ص ٢٩٤ ، المجلس ١٧ ، ح ٤٨. بسند آخر مع اختلاف. راجع :الأمالي للطوسي ، ص ٥٧٨ ، المجلس ٢٣ ، ح ٩.الوافي ، ج ٢ ، ص ١٠٥ ، ح ٥٦٠.

(٤) فيمرآة العقول : « وكأنّه سقط منه : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » كما يظهر من آخر الخبر ».

(٥) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بف » وشرح المازندراني. وفي المطبوع : « وإنّ ».

(٦) فيشرح المازندراني : « الروح وما عطف عليه مسند إليه ، وقوله : من الله عزّ وجلّ ، متعلّق بكلّ واحد من الاُمور المذكورة ، وقوله : لمن تولّى عليّاً ، مسند ». و « الرَوْح » : الراحة والسرور والفرح والرحمة ونسيم الريح. راجع :تاج العروس ، ج ٤ ، ص ٥٨ ( روح ).

(٧) في « ب ، ض ، ف ، بح » وحاشية « ج » : « الفلح ». وفي حاشية « بح ، بف » : « الفلاح ». و « الفَلْج » : الظفر والفوز ، يقال : فَلَجَ الرجل على خصمه ، إذا غلبه.الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٥ ( فلج ).

(٨) في « بح » : « الفوز ». و « العَوْن » : الظهير على الأمر ، وكلّ شي‌ء أعانك فهو عَوْنٌ لك. أو هو مصدر بمعنى الإعانة والمعاونة والمظاهرة. راجع :المفردات للراغب ، ص ٥٩٨ ؛لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢٩٨ - ٢٩٩ ( عون ).

(٩) « النُجْح والنجاح » : الظفر بالحوائج.الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٠٩ ( نجح ).

(١٠) « البَرَكة » : الثبات والدوام ، وهو من بَرَك البعير ، إذا ناخ في موضع ولزمه ، وتطلق البركة على الزيادة والنماء.النهاية ، ج ١ ، ص ١٢٠ ( برك ).

(١١) « الكَرامَةُ » : اسم من الإكرام والتكريم ، وهما أن يُوصَلَ إلى الإنسان إكرامٌ ، أي نفع لايلحقه فيه غَضاضَة. أو أن =

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722