الاصول من الكافي الجزء ١

الاصول من الكافي8%

الاصول من الكافي مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 722

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 722 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 291408 / تحميل: 10255
الحجم الحجم الحجم
الاصول من الكافي

الاصول من الكافي الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دار الأسوة للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

يكون جاهلاً لسائر اللغات أيضاً، وعلى ذلك فليس للأُمّي إلّا معنى واحد وله مصاديق وأفراد حسب الظروف التي تستعمل الكلمة فيها، واطلاقه في الآية على من لم يعرف اللغات السامية لا يكون دليلاً على كونه موضوعاً لخصوص هذا المعنى، كما أنّ إطلاق الإنسان وإرادة فرد منه بالقرينة لا يكون دليلاً على كونه موضوعاً لذلك الفرد.

هذا هو خلاصة المقال في وصف الاُمّي الذي جاء توصيف النبي به في الذكر الحكيم وهناك آيات أُخر تثبت ذلك المعنى ( اُمّية النبي ) قال سبحانه:

( وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لاَّرْتَابَ المُبْطِلُونَ ) ( العنكبوت / ٤٨ ).

فالآية بحكم وقوع النكرة فيها في سياق النفي تفيد شمول السلب وعمومه لتلاوة أي كتاب وممارسة أية كتابة.

ثمّ إنّه سبحانه علّل هذا السلب بأنّه خير عون لنفي ريب المبطلين وشك المشكّكين إذ لو كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ممارساً للقراءة والكتابة قبل البعثة، لاتّهمه اليهود والنصارى والمشركون بأنّ الشريعة التي جاء بها تلقّاها عن طريق قراءة الصحف وتلاوتها، ولأجل صد هذا الريب وقلع جذور هذا الشك لم يُمكّن نبيّه عن تعلّم الكتابة والقراءة حتّى يكون ذا بيّنة قويّة على أنّ شريعته شريعة سماوية.

ومع أنّ النبي الأكرم عاش أربعين سنة بلا ممارسة للكتابة والقراءة فقد اتّهمه بعض المعاندين بأنّ قرآنه استنساخ منه لما تملى عليه، قال سبحانه:

( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إلّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا *وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) ( الفرقان / ٤ و ٥ ).

وكان المعاند يبثّ بذر هذا الشك حتّى وافاه الوحي الإلهي بالنقد والرد بقوله

٨١

سبحانه:

( قُل لَّوْ شَاءَ اللهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُم بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ( يونس / ١٦ ).

ومعنى الآية إنّكم أيّها العرب تحيطون بتاريخ حياتي، فقد لبثت فيكم عمراً يناهز الأربعين فهل رأيتموني أقرأ كتاباً أو أخطّ صحيفة، فكيف ترمونني بالإفك الشائن بأنّه أساطير الأوّلين التي اكتتبتها وافتريتها على الله وأعانني على ذلك قوم آخرون ؟ فإذا كنتم واقفين على سيرتي وحياتي في الفترة الماضية فاعلموا أنّه منزّل من الله سبحانه كما أمر الله نبيّه أن يجبهم بقوله:

( قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا ) ( الفرقان / ٦ )

نعم ربّما يقال بأنّ قوله:( مَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ ) لا يدل على أنّ النبي كان أُمّياً بل فيها أنّه لم يكن يكتب الكتاب، وقد لا يكتب الكتاب من يحسنه كما لا يكتب من لا يحسنه(١) .

يلاحظ عليه: أنّ التعليل الوارد في الآية إنّما يصحّ وقوعه علّة لصدر الآية إذا كان النبي غير مستطيع لأن يقرأ ويكتب لا أن يكون عالماً بهما وإن لم يمارسهما، وذلك لأنّ التعليل بصدد إزالة الشك والريب في أنّه كتاب سماوي وليس من صنع النبي ولا يمت إليه بصلة وذلك إنّما يتحقّق إذا كان النبي أُمّياً محضاً غير قادر عليهما لا ما إذا كان عارفاً بهما ولكن تركهما لمصلحة أو لعلّة أُخرى.

* * *

__________________

(١) التبيان في تفسير القرآن: ج ٨ ص ٢١٦، طبع بيروت. ويظهر من الآلوسي في تفسيره أنّه إعتمد على هذا.

٨٢

وضع النبي بعد البعثة

اتّفق المحقّقون من السنّة والشيعة على أنّه كان أُمّياً قبل البعثة لا يحسن الكتابة والقراءة، وأمّا وضعه بعد البعثة وانّه هل بقي على ما كان عليه قبلها أو تغيّر وضعه وصار عارفاً بالكتابة والقراءة، وعلى فرض ثبوت معرفته بهما فهل مارسهما في بعض الفترات من عمره أو لا ؟ فهذه بحوث خارجة عن موضوع بحثنا لأنّ البحث في حياته وسيرته قبل البعثة وما ذكر يرجع إلى سيرته بعدها، ولعلّنا نرجع إلى تلك المسألة في المستقبل.

* * *

٧ ـ إيمان النبي قبل البعثة

لم يشك أحد من أهل التاريخ والسير في انّ النبي الأكرم كان على خط التوحيد قبل البعثة ويدل عليه مأثورات كثيرة والمسألة إتفاقية بين المسلمين ولا تحتاج إلى اطناب، وقد دلّت الآثار على أنّه كان يكافح الوثنيّة منذ نعومة أظفاره ومن إبّان طفوليته وشبابه.

روى صاحب المنتقى: انّ النبي لـمّا تمّ له ثلاث سنين، قال يوماً لوالدته أي مرضعته « حليمة السعديّة »: ما لي لا أرى أخويّ بالنهار ؟ قالت له: يا بُنيّ إنّهما يرعيان غنيمات.

قال: فما لي لا أخرج معهما ؟

قالت له: أتحبّ ذلك ؟

قال: نعم.

قالت حليمة السعدية: فلمّا أصبح محمّد دهّنته وكحّلته وعلّقت في عنقه

٨٣

خيطاً فيه جزع يماني فنزعه ثمّ قال لأُمّه: « مهلاً يا أُمّاه فإنّ معي من يحفظني »(١) .

ونكتفي في المقام بهذا المقدار وقد بسطنا الكلام في المأثورات حول توحيده وإيمانه في محلّه(٢) .

إنّما المهم تعيين الشريعة التي كان يطبّقها في أعماله الفردية والإجتماعية العبادية وغيرها.

الشريعة التي كان يتعبّد بها قبل البعثة

أمّا الشريعة التي كان يطبقها في أعماله فقد إختلفت الأنظار فيه وانتهت إلى أقوال واحتمالات:

١ ـ إنّه لم يكن يتعبّد بشريعة من الشرائع وإنّما يكتفي في أعماله الفردية والإجتماعية بما يوحي إليه عقله.

وهذا القول لا يُعرَّج عليه، إذ لم تكن أعماله منحصرة في المستقلّات العقليّة كالاجتناب عن البغي والظلم والتحنّن على اليتيم، والعطف على المسكين، بل كانت له أعمال عبادية لا تصحّ بدون الركون إلى شريعة لأنّه كان يخرج في شهر رمضان إلى « حراء » فيعتكف فيه وهل يمكن الاعتكاف بدون الاعتماد على شريعة، وقد رويت عن أئمّة أهل البيت: إنّه حجّ عشرين حجّة مستتراً(٣) ولم يكن البيع والربا ولا الخل والخمر ولا المذكّى والميتة ولا النكاح والسفاح عنده سواسية، فطبيعة الحال تقتضي أن يكون عارفاً بأحكام عباداته وأفعاله.

__________________

(١) المنتقى للكازروني، الباب الثاني من القسم الثاني، ونقله المجلسي في البحار: ج ١٥، ص ٣٩٢.

(٢) لاحظ « مفاهيم القرآن »: ج ٥ ص ٣٥١ ـ ٣٥٢.

(٣) الوسائل: ج ٨، الباب٤٥ ص ٨٧ ـ ٨٨.

٨٤

٢ ـ إنّه كان يعمل بشريعة إبراهيم وسننه وطقوسه المعروفة وهذا هو الذي كان السيّد العلّامة الطباطبائي يستظهره كأحقّ الأقوال بشهادة أنّ أجداد النبي واُسرة البيت الهاشمي وجميع الأحناف في الجزيرة العربية كانوا على دين إبراهيم ولم ينقل أحد من أهل السير تهوّدهم أو تنصّرهم.

ويتوجّه على هذا القول: إنّ لازم ذلك كونه عاملاً بالشريعة المنسوخة فإنّ الشريعتين اللاحقتين كشريعة الكليم والمسيح نسختا تلك الشريعة، إلّا أن يقال: إنّ سنن إبراهيمعليه‌السلام وطقوسه كانت باقية على ما هي عليها في الشرائع اللاحقة لها، وإنّما انقضت نبوّته، ولكن شريعته كانت باقية في غضون الشرائع اللاحقة، ولأجل ذلك صارت الشريعة الإبراهيميّة هي الأساس للشرائع اللّاحقة وإنّما زيد عليها في الفترات اللاحقة أحكام وأُصول أُخر جاء بها الكليم، أو المسيح أو النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

نعم يبقى على هذا القول إشكال آخر وهو أنّه لازم هذا القول أن يكون النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله جزء من أُمّة إبراهيمعليه‌السلام تابعاً له، واقتداء الفاضل بالمفضول غير صحيح عقلاً ولم يخصّ أحد تفضيله على سائر الأنبياء بوقت دون وقت، فيجب أن يكون أفضل في جميع الأوقات فلاحظ وتأمّل.

٣ ـ أن يكون تابعاً للشريعة الأخيرة وهي شريعة المسيح، وأمّا شريعة الكليم فلا شك أنّها كانت منسوخة بالشريعة اللاحقة، ولكن هذا الاحتمال مبني على أن يكون النبي واقفاً بشريعة المسيح ولم يكن له طريق إلّا مخالطة أهل الكتاب وعلمائهم، وحياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تنسجم مع هذا الإحتمال، إذ لم يتعلّم منهم شيئاً ولم يسألهم.

٤ ـ إنّه كان يعمل حسب ما يُلهم ويوحى إليه سواء أكان مطابقاً لشرع من قبله أم مخالفاً، وسواء أكان مطابقاً لما بعث عليه من الشريعة فيما بعد أم لا ؟ وهذا هو أظهر الأقوال، ويؤيّد ذلك ما نقل عن الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال:

٨٥

«لَقَدْ قَرَنَ الله بِهِ مِنْ لَدُنْ اَنْ كَانَ فَطيماً اَعْظَمَ مَلك مِنْ مَلائِكتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَريقَ المَكَارِم وَمحَاسِنَ اَخْلاَقِ العَالم لَيْلِهِ ونَهارِهِ وَلَقَدْ كنْتُ اَتَّبَعهُ اتِّباعَ الفَصِيلِ اثرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لِي في كُلِّ يوْمٍ منْ أخْلاَقِهِ علماً فاَراه وَلا يَرَاه غَيرِي » (١) .

وعلى ذلك لا جدوى من البحث بعد ما كان العمل على ضوء ما يلهم ويؤيّد ذلك أنّه سبحانه أنعم على المسيح ويحيى بالنبوّة أيام صغرهما قال سبحانه حاكياً عن المسيح:

( قَالَ إِنِّي عبد الله آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) ( مريم / ٣٠ ).

وقال سبحانه مخاطباً يحيى:

( يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الحُكْمَ صَبِيًّا ) ( مريم / ١٢ ).

ولازم ذلك، أنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يُلْهم منذ صباه إلى أن بعثه الله سبحانه نبيّاً وهادياً للبشر وليس ذلك أمراً غريباً، وتؤيّد ذلك المأثورات المتضافرات في بدء نزول الوحي عليه فكان له الرؤية الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلّا جاءت مثل فلق الصبح، ثمّ حبّب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنّث فيه ـ وهو التعبّد ـ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزوّد لذلك ثمّ يرجع إلى خديجة فيتزوّد لمثلها حتى جاءه الحقّ وهو في غار حراء، فجاءه الملك وقال: « اقرأ »(٢) .

خاتمة المطاف

نحن مهما جهلنا بشيء فلا يليق بنا الجهل بأنّ النبوّة منصب إلهي لا يتحمّله

__________________

(١) نهج البلاغة الخطبة رقم ١٨٧ طبعة عبده.

(٢) صحيح البخاري: ج ١ ص ٣، باب بدء الوحي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والسيرة النبوية: ج ١ ص ٢٣٤.

٨٦

إلّا الأمثل فالأمثل من الناس، ولا يفاض إلّا لمن له مقدرة روحيّة عظيمة ولا يتهيّب عندما يتمثّل له رسول الرب وأمين الوحي ويميّز بين وحي الحقّ وكلامه ووسوسة الشياطين وإلقاءاتهم، ومن المعلوم أنّه عبء فادح ومسؤولية عظمى، لا يحملها إلّا من وقع تحت رعاية الله وتربيته، ولا تتحقّق تلك الغاية إلّا باقتران ملك من ملائكته يرشده إلى معالم الهداية، ويصونه من صباه إلى شبابه إلى كهولته عن كل سوء وخطأ حتّى تستعدّ نفسه لتمثّل أمين الوحي وتحمّل كلامه سبحانه. وهذا ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين في كلامه السابق فلاحظ.

٨٧

٨٨

(٤)

الوحي في القرآن الكريم

لقد تعرّفت على حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل البعثة وما ورد حولها من الآيات في القرآن الكريم، وبذلك تمّ بيان ما يرجع إلى الشطر الأوّل من حياته، وتسلسل البحث يدفعنا إلى البحث عن الشطر الثاني من حياته وهو ما يرجع إلى الحوادث التي مرّت عليه بعد البعثة ونزول الوحي عليه قبل هجرته إلى المدينة المنوّرة، وقد أقام بعد أن حباه الله بالنبوّة والرسالة قرابة ثلاثة عشر سنة يقود فيها أُمّته إلى الصلاح والفلاح بالحكمة والموعظة الحسنة ويجادلهم بالتي هي أحسن.

ولمـّا ضاق عليه الأمر في موطنه الأوّل ودارت عليه الدوائر من قبل أعدائه وأعداء رسالته إضطرّ إلى مغادرة موطنه وألقى رحاله في مهجره أعني المدينة المنورة وبقي فيها زهاء عشر سنين إلى أن اختاره الله سبحانه إلى جواره، وبذلك طويت صفحات عمره المشرقة، وبقيت آثارها لامعة في سماء الإنسانيّة مشعلاً للهداية على مرّ العصور والتاريخ، وقد إجتازت مراحل ثلاثة:

١ ـ حياته قبل البعثة.

٢ ـ حياته بعد البعثة إلى الهجرة.

٣ ـ حياته بعد الهجرة حتى الإرتحال إلى الرفيق الأعلى.

فها نحن في رحاب المرحلة الثانية من مراحل حياته الشريفة وجاءت الحوادث في هذه المرحلة تترى وتقارع شخصيّته الصامدة وقبل أن نخوض في تحليل هذه

٨٩

الحوادث حسب التسلسل التاريخي على ضوء ما نستفيده من القرآن الكريم ونستوحيه من خلال آياته ; نذكر حادثة نزول الوحي عليه وتكليله بوسام النبوّة التي هي من هبات الله تعالى الجسيمة يمنحها لمن يشاء من عباده( اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) .

الوحي لغة واصطلاحاً

الوحي في اللّغة هو الإلقاء في خفاء.نصّ على ذلك ابن فارس في المقاييس، ثم إنّ أئمّة اللّغة وإن ذكروا للوحي معان مختلفة لكن الجميع يرجع إلى أصل واحد وهو تعليم الغير بخفاء، قال ابن منظور: الوحي الإشارة، والكتابة، والرسالة، والإلهام والكلام الخفي وكل ما ألقيته إلى غيرك يقال وحيت إليه الكلام، والمستفاد من كلماتهم: أنّ الوحي هو الإعلام بخفاء بطريق من الطرق والعنصر المقوّم لمعنى الوحي هو الخفاء، وأمّا غيره كالسرعة على ما في مفردات الراغب فليس بمقوّم لمعنى الوحي، كما أَنّ الإشارة والكتابة والإلهام إلى القلب كلّها من طرق الوحي ووسائله.

وقد أُستعمل الوحي في القرآن الكريم في موارد مختلفة كلّها مصاديق وموارد لهذا المعنى الجامع وإنْ شئت قلت من قبيل تطبيق المعنى الكلّي على مصاديقه المختلفة المتنوّعة، وإليك البيان:

١ ـ تقدير الخلقة بالسنن والقوانين:

قال سبحانه:( ثُمَّ اسْتَوَىٰ إلى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ *فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ

٩٠

سَمَاءٍ أَمْرَهَا ) ( فصّلت / ١١ و ١٢ ).

فقوله سبحانه:( وَأَوْحَىٰ فِي كُلِّ أَمْرَهَا ) يحتمل وجهين:

( الأوّل ): أودع في كل سماء السنن والأنظمة الكونية وقدّر عليها دوامها إلى أجل معيّن. وبما أنّ السماوات تلقّت هذه السنن والنظم بالإشارة في خلقتها استعير في التعبير لفظ الوحي.

( الثاني ): إنّ الشعور والإدراك ساريان في جميع مراتب الوجود من أعلاه كواجبه إلى أدناه كالهيولي في عالم التكوين، ولكن كل حسب درجته ومرتبته، فالسماوات تلقّت ما أوحى إليها سبحانه بخفاء فقامت بامتثاله ما أوحى إليها من الوظائف.

ومن هذا القبيل قوله سبحانه:( إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا *وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا *وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا *يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا *بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا ) ( الزلزلة / ١ ـ ٥ ).

٢ ـ الإدراك بالغريزة:

قال سبحانه:( وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إلى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ *ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً ) ( النحل / ٦٨ و ٦٩ ).

فالأعمال المدهشة الخلّابة للعقول التي تقوم بها النحل في صنع بيوته والقيام بشؤون وظائفها ثمّ التجوّل بين البساتين، ومصّ رحيق الأنهار، ثمّ إيداعها في صفائح الشهد، شيء تتعلّمه بإيحاء من الله سبحانه وذلك بإيداع الغرائز الكفيلة بذلك، وبما أنّ تأثّر النحل بها بخفاء وبلا إلتفات من الشعور والإدراك اُطلق عليه لفظ الوحي.

ويحتمل أيضاً هناك معنى آخر ذكرناه في الوحي إلى السماء.

٩١

٣ ـ الإلهام والإلقاء في القلب:

وقد استعمل الوحي في الإلقاء إلى القلب في موارد في الذكر الحكيم.

منها قوله سبحانه:( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ) ( القصص / ٧ ).

ومنها قوله:( وَإِذْ أَوْحَيْتُ إلى الحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي ) ( المائدة / ١١١ ).

ومنها قوله تعالى في شأن يوسفعليه‌السلام عِندما جعلوه في غيابت الجبّ، قال سبحانه:

( وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَٰذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) ( يوسف / ١٥ ).

إلى غير ذلك من الموارد.

٤ ـ الإشارة:

قال سبحانه:( فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ المِحْرَابِ فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) ( مريم / ١١ ).

وبما أنّه استخدم الإشارة في تفهيم مراده فأشبه فعله إلقاء الكلام بخفاء فصار ذلك مصحّحاً لاستعمال لفظ الوحي.

٥ ـ الإلقاءات الشيطانيّة:

قال سبحانه:( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ) ( الأنعام / ١١٢ ).

ويعلم وجه استعمال الوحي هنا ممّا ذكرنا فيما سبق.

٩٢

٦ ـ كلام الله المنزّل على نبي من أنبيائه:

قال سبحانه:( كَذَٰلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وإلى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( الشورى / ٣ ).

وقد عرّف هذا النوع من الوحي بأنّه تعليمه تعالى من اصطفاه من عباده كلّما أراد اطّلاعه على ألوان الهداية واشكال العلم ولكن بطريقة خفيّة غير معتادة للبشر.

وحصيلة البحث: أنّ للوحي معنى واحداً وله مصاديق متنوّعة وليست هي بمعان متكثّرة، وإنّ حقيقة الوحي تعليم غيبي لمن اصطفاه سبحانه من عباده، لا يشابه الطرق المألوفة بين العباد، وإنْ أردت المزيد من الإطّلاع فإليك البيان التالي:

قنوات المعرفة الثلاثة:

إنّ أمام الإنسان طرق ثلاثة للوصول إلى مقاصده:

الطريق الأوّل ـ يستفيد منه جموع الناس غالباً ـ بينما يستفيد طائفة خاصّة منهم من الطريق الثاني، ولا يستفيد من الطريق الثالث إلّا أفراد معدودين تكاملت عقولهم وتسامت أرواحهم وهي كالتالي:

١ ـ الطريق الحسّي والتجربي:

والمقصود منه الإدراكات والمعلومات الواردة إلى الذهن عن طريق الحواس الظاهريّة أو بفضل التجربة التي أسّست الحضارة المعاصرة عليها.

٢ ـ الطريق التعقّلي النظري:

إنّ المفكّرين يتوصّلون إلى كشف الاُمور الخارجة عن إطار الحسّ والتجربة عن طريق الإستدلال وإعمال النظر وإنهاء المجهولات إلى البديهيات، وقد توصّل

٩٣

البشر بهذا الطريق إلى المسائل الفلسفيّة الكلّية وما يضاهيها.

٣ ـ طريق الإلهام:

وهذا هو الطريق الثالث وهو فوق نطاق الحس والتعقّل. إنّه نوع جديد من المعرفة، ونمط متميّز من إدراك الحقائق ليس محالاً من وجهة نظر العلم، وإن كان يصعب على أصحاب الإتجاه المادي قبوله لكونه طريقاً خارجاً عن إطار الحسّ والتعقّل.

إنّ طريق التعرّف على حقائق الكون ـ في منهج المادّيين وأصحاب النزعة المادّية ـ ينحصر في قناتين لا غير وهما اللّذان سبق ذكرهما، في حين أنّ هناك حسب نظر الإلهيين قناة ثالثة أيضاً.

إنّ هذا الطريق الثالث أقوى اُسساً وأوسع آفاقاً عند من يدّعون الرسالة والنبوّة من جانب الله سبحانه، وأنّ نفوس اُولئك الأشخاص لتبدو أكثر صفاءً وطراوة وزهواً.

كلّما حصل ارتباط بين الله سبحانه وفرد من أفراد النوع الإنساني على نحو تلقّي الحقائق من دون توسيط الحواس وأعمال الفكر يسمّى بالإلهام تارة والإشراق اُخرى، وكلّما نتجت من هذا الإرتباط سلسلة تعاليم عامّة يطلق عليها اسم الوحي ويسمّى المتلقّي نبيّاً، ومن هنا اعتبر العلماء « الوحي » الطريقة المطمئنّة الوحيدة إلى المعرفة العامّة.

أنواع الوحي وأقسامه:

إنّ النبي تارة يتلقّى الوحي على نحو الإلهام في القلب، واُخرى يسمع عبارات وكلمات من وراء حجاب كسماع موسىعليه‌السلام كلام الله سبحانه في الطور، وثالثة تنكشف الحقائق له في عالم الرؤيا انكشاف النهار كرؤيا إبراهيم

٩٤

الخليلعليه‌السلام ذبح ولده إسماعيل، وقد ينزل عليه ملك من جانب الله تعالى معه كلامه سبحانه وهو الذي يسمّى بالروح الأمين.

وإلى الطرق الثلاثة: « سوى الرؤيا » اُشير بقوله سبحانه:( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إلّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ) وإلى نزول الملك بقوله:( أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ) وأمّا الرؤيا الصادقة فيكفي في ذلك قوله سبحانه حاكياً عن الخليلعليه‌السلام :( يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي المَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ) ( الصافّات / ١٠٢ ).

فلو لم تكن رؤيا الخليل إدراكاً قطعيّاً واتّضح بها وجه الحقيقة كفلق الصبح لما أخبر ولده بها ولما أجابه الولد بالإمتثال طائعاً. نعم اُشير إلى الملك الحامل لكلام الله سبحانه بقوله:( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ *عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ ) ( الشعراء / ١٩٣ و ١٩٤ ).

إنّ هناك من يحاول أن يفسّر الوحي بالاُصول المادّية والطرق الحسّية ولهم في ذلك آراء ونظريات يشبه كثيرها بكلام بعض المشركين في تقييم الوحي والقرآن الكريم، وإليك بيان هذه النظريات واحدة تلو الاُخرى.

١ ـ الوحي وليد النبوغ:

ويقولون: يتميّز بين أفراد الإنسان المتحضّر أشخاص يملكون فطرة سليمة، وعقولاً مشرقة تهديهم إلى ما فيه صلاح المجتمع وسعادة الإنسان، فيضعون قوانين فيها مصلحة المجتمع وعمارة الدنيا، والإنسان المتصدّي لهذه الوظيفة هو النبي، والفكر المترشّح من مكامن عقله وومضات نبوغه هو الوحي، والقوانين التي يسنّها لصلاح المجتمع هي الدين، والروح الأمين ( جبرئيل ) هو نفسه الطاهرة التي تفيض هذه السنن والقوانين إلى مراكز إدراكه، والكتاب السماوي هو كتابه الذي يتضمّن تلك السنن والقوانين، والملائكة التي تؤيّده في حلّه وترحاله هي القوى الطبيعية ،

٩٥

والشيطان الذي ينابذه وينادده هي النفس الأمّارة بالسوء.

أقول: إنّ تفسير النبوّة بالنبوغ وإن صيغ في قالب علمي جديد ليس نظرية جديدة بحدّ ذاتها، فإنّ جذوره تمتد إلى عصر المشركين المعاصرين للنبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّهم كانوا يحسّون بحالة الإنجذاب للقرآن وبلاغته الخلّابة فينسبونه إلى الشعر ويصفون قائله بالشاعر، قال سبحانه حاكياً عنهم:( بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ ) ( الأنبياء / ٥ ).

ويجيبهم القرآن بقوله:( وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إلّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ ) ( يس / ٦٩ ).

إنّ هذه النظرية إبتنت على إنكار ماوراء الطبيعة فصار الوجود عندهم مساوقاً للمادّة فلم يجدوا منتدحاً عن تفسير الوحي بما جاء في هذه النظرية.

إنّا إذا سبرنا تاريخ المصلحين في العالم نجدهم على فئتين.

فئة تتكلّم باسم الدين الإلهي وتخبر عن الله سبحانه وينسب كل ما يأمر وينهي إلى عالم الغيب ولا يرى لنفسه شأناً سوى كونه مبلّغاً لرسالات الله ومؤدّيا لبلاغها وإنذارها.

وفئة تتكلّم باسم المصلح الإجتماعي وينسب كل ما يتفوّه به إلى بنات فكره وعقله، فلو صحّت تلك النظرية لما كان لهذا التقسيم مفهوم صحيح وعندئذ يتساءل: لماذا نسبت الفئة الاُولى ما جاؤوا به من التعاليم إلى عالم الغيب مع أنّه من ومضات فكرتهم هذا، ومن جانب آخر: إنّ المصلحين بإسم الأنبياء كانوا رجالاً صادقين وصالحين لم يبدر منهم ما ينافي صدقهم وصلاحهم، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّهم كانوا يحسّون من صميم ذاتهم بأنّهم مبعوثون من جانبه سبحانه.

إنّ هذه النظرية التي تفسّر الوحي بالنبوغ وتوسّم الأنبياء بالنوابغ لم تدرس أحوال النوابغ والعلل والمبادئ التي يرتكز عليها النبوغ حتّى تقف على أنّ أحوال

٩٦

الأنبياء على طرف نقيض من أحوال النوابغ، فإنّ أفكار النوابغ تتوقّد وتزدهر تحت لواء المجتمعات الراقية، وتحت ظل الحضارات الإنسانية، وأمّا المجتمعات المتخلّفة فلو كانت تمتلك نوابغاً بالذات لاُخمد فيها ذكاؤهم وبارت فيها فطنتهم.

وأمّا الظروف التي كان يعيش فيها الأنبياء خصوصاً النبي الخاتمصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد كانت على نقيض هذا الجانب، فقد بعثصلى‌الله‌عليه‌وآله بين قوم يغطّون في سبات التخلّف والإنحطاط، فكيف يمكن تفسير النبوّة الخاتمة بالنبوغ مع هذا البون الشاسع بين ظروف النوابغ وظروف خاتم المرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أضف إلى ذلك: انّ النوابغ تسودهم العزلة والانزواء مع أنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان بين الناس يعيش معهم في حياتهم الإجتماعية وإن لم يكن على سيرتهم وسلوكهم، فقد قضى عمره في الرعي والتجارة إلى أن بعثه الله سبحانه نبيّاً لهداية الاُمّة.

وأنّى للنوابغ الكتاب الذي حارت فيه العقول وخرست الألسن عن النطق بمثله ؟ وأين لهم هذه النظم والتشريعات الحيّة النابضة التي تتلائم وتنسجم مع جميع الحضارات الإنسانية، فهي كما وصفها شبلي شمّيل اللبناني المتوفّى عام ١٣٣٥ ه‍ ق في رسالته إلى صاحب المنار:

إلى السيّد محمد رشيد رضا صاحب ( المنار ):

أنت تنظر إلى محمّد كنبيّ وتجعله عظيماً، وأنا أنظر إليه كرجل وأجعله أعظم، ونحن وإن كنّا في الاعتقاد على طرفيّ نقيض، فالجامع بيننا العقل الواسع والإخلاص في القول، وذلك أوثق لنا لعرى المودّة ( الحق أولى أن يقال ):

دع من محمّد في صدى قرآنه

ما قد نحاء للحمة الغايات

إنّي وإن أك قد كفرت بدينه

هل أكفرن بمحكم الآيات ؟

أو ما حوت في ناصع الألفاظ من

حكم روادع للهوى وعظات

٩٧

وشرايع لو أنّهم عقلوا بها

ما قيّدوا العمران بالعادات ؟

نعم المدبّر والحكيم وإنّه

ربّ الفصاحة مصطفى الكلمات

رجل الحجى رجل السياسة والدهاء

بطل حليف النصر في الغارات

ببلاغة القرآن قد خلب النهى

وبسيفه أنحى على الهامات

من دونه الأبطال في كل الورى

من سابق أو غائب أو آت

٢ ـ الوحي ثمرة الأحوال الروحيّة:

هذه النظرية هي التي يعتمد عليها المستشرقون في تحليل نبوّة النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وفسّرها من بينهم « اميل درمنغام »، وخلاصتها:

إنّ الوحي إلهام يفيض من نفس النبي الموحى إليه لا من الخارج، وذلك أنّ سريرته الطاهرة، وقوّة إيمانه بالله، والإعتقاد بوجوب عبادته، وترك ما سواها من عبادة وثنيّة وتقاليد وراثيّة موبوءة، يحدث في عقله الباطن، الرؤى والأحوال الروحيّة فيتصوّر ما يعتقد وجوبه، إرشاداً إليه، نازلاً عليه من السماء بدون وساطة، أو يتمثّل له رجل يلقّنه ذلك، يعتقد أنّه ملك من عالم الغيب، وقد يسمعه يقول ذلك ولكنّه إنّما يرى ويسمع ما يعتقده في اليقظة كما يرى ويسمع مثل ذلك في المنام الذي هو مظهر من مظاهر الوحي عند جميع الأنبياء، فكلّما يخبر به النبي انّه كلام اُلقى في روعه، أو ملك ألقاه على سمعه، فهو خبر صادق عنده(١) .

نبوّة أو أضغاث أحلام ؟!

وممّا يلاحظ على تلك النظرية إنّها ليست بشيء جديد وإن كانت ربّما تنطلي

__________________

(١) الوحي المحمدي: ص ٦٦.

٩٨

على السذج من الناس بأنّها نظرية جديدة ذات قيمة علمية.

إنّ الذكر الحكيم يحكي لنا مقالة المشركين في سالف عهدهم في حقّ النبي الأكرم وكتابه حيث كا نوا يحلّلون نبوّته والوحي المنزّل عليه، بأنّها أضغاث أحلام، قال تعالى حاكياً عنهم:( أَضْغَاثُ أَحْلامٍ ) أي أنّ ما يحكيه عن الله تبارك وتعالى إنّما هو وحي الأحلام يجري على لسانه، وعلى ذلك فليست تلك النظرية إلّا تفسير للنبوّة بالجنون الذي هو في مرتبة عالية وشديدة من تجلّي النزعات الخيالية فاستغلّه المستشرقون، واستعرضوه بثوب جديد يوهم السذّج أنّها تحليل علمي بني على أساس علمي رصين، ولكن المساكين غير واقفين على أنّه نفس النظرية الجاهلية التي جوبه بها النبي حيث قالوا:( يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) ( الحجر / ٦ ).

وقد حكيت هذه التهمة عن لسان المشركين في غير سورة. سبحانك يا ربِّ ما أعظم جناية الإنسان على الصالحين البالغين، ذروة الكمال في العقل والدراية حتى وسمهم هؤلاء المفترون تارة بالخبطة وأُخرى بالمسّ والجنون.

٩٩
١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « عِنْدِي سِلَاحُ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لَا أُنَازَعُ فِيهِ ».

ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ السِّلَاحَ مَدْفُوعٌ عَنْهُ(١) ، لَوْ وُضِعَ عِنْدَ شَرِّ خَلْقِ اللهِ لَكَانَ خَيْرَهُمْ ». ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ هذَا الْأَمْرَ يَصِيرُ إِلى مَنْ يُلْوى(٢) لَهُ الْحَنَكُ ، فَإِذَا كَانَتْ مِنَ اللهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ خَرَجَ ، فَيَقُولُ النَّاسُ : مَا هذَا الَّذِي كَانَ(٣) ؟! وَيَضَعُ اللهُ لَهُ يَداً عَلى رَأْسِ رَعِيَّتِهِ ».(٤)

٦٢٦/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٥) : « تَرَكَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله فِي(٦) الْمَتَاعِ(٧) سَيْفاً وَدِرْعاً(٨) وَعَنَزَةً(٩) ‌...........................................................................

__________________

(١) أي تدفع عنه الآفات مثل أن يسرق أو يغصب أو يكسر أو يستعمله غير أهله.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧١.

(٢) يقال : ألْوَى الرجلُ برأسه ولَوَى رأسَه ، أي أمال وأعرض. وألوى رأسَه ولَوَى برأسه ، أي أماله من جانب‌إلى جانب. ويقرأ بالتشديد للمبالغة. ويقال : لويتُ الحبل : فتلتُه. راجع :لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٢٦٤ ( لوى ). وفي قوله : « إلى من يلوى له الحنك » قال فيالوافي : « كنى به عن الانقياد والطاعة ، والمراد به القائمعليه‌السلام ». وقال فيالمرآة : « والأظهر عندي أنّه إشارة إلى إنكار الناس لوجوده وظهوره ، والاستهزاء بالقائلين له ، أو حكّ الإنسان غيظاً أو حنقاً به بعد ظهوره ، وكلاهما شائع في العرب. وقيل : كناية عن الإطاعة والانقياد جبراً. وقيل : أي يتكلّم عنه. وقيل : أصحابه محنّكون ؛ ولايخفى بُعده. وعلى التقادير المراد به القائمعليه‌السلام ».

(٣) فيمرآة العقول : « ما هذا الذي كان ، تعجّب من قضاياه وأحكامه القريبة وسفك دماء المخالفين ، أو من قهره واستيلائه. ويحتمل على الأوّل أن تكون « ما » نافية ، أي ليس هذا المسلك مثل الذي كان في زمن الرسول وسائر الأئمّة صلوات الله عليهم ».

(٤)بصائر الدرجات ، ص ١٨٤ ، ح ٣٩ ؛ وص ١٨٦ ، ح ٤٦ ، وفيه إلى قوله : « إلى من يلوى له الحنك » ، وفيهما بسند آخر عن حمّاد بن عثمان.الإرشاد ، ج ٢ ، ص ١٨٨ ، مرسلاً عن عبد الأعلى بن أعينالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧١ ، ح ١١٢٤.

(٥) في « ض » : - « قال ».

(٦) في « ب ، ف ، بس » وحاشية « بر » : « من ». وفي البصائر : « عن ».

(٧) « المـَتاع » في اللغة : كلّ ما يُنْتَفَعُ به كالطعام والبِزّ وأثاث البيت ، وأصل المتاع ما يُتَبَلَّغُ به من الزاد ، وهو اسم من مَتَّعْتُهُ ، إذا أعطيتَه ذلك.المصباح المنير ، ص ٥٦٢ ( متع ).

(٨) في « ف » : « درعاً وسيفاً ».

(٩) قال الجوهري : « العَنَزَة : أطول من العصا وأقصر من الرمح ، وفيه زُجّ كزجّ الرمح ». وقال ابن الأثير : =

٥٨١

وَرَحْلاً(١) وَبَغْلَتَهُ الشَّهْبَاءَ(٢) ، فَوَرِثَ(٣) ذلِكَ كُلَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍعليه‌السلام ».(٤)

٦٢٧/ ٤. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْوَشَّاءِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَبِسَ أَبِي دِرْعَ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ذَاتَ الْفُضُولِ(٥) ، فَخَطَّتْ ، وَلَبِسْتُهَا أَنَا فَفَضَلَتْ(٦) ».(٧)

٦٢٨/ ٥. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللهِ(٨) :

__________________

=« العنزة مثل نصف الرمح ، أو أكبر شيئاً ، وفيها سِنان مثل سِنان الرمح. والزُجّ : الحديدة التي في أسفل الرمح ويقابله السنان ، وهو نصل الرمح ». راجع :الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٨٧ ؛النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٠٨ ( عنز ).

(١) « الرَحْلُ » : كلّ شي‌ء يُعَدُّ للرحيل من وِعاء للمتاع ، ومَرْكَب للبعير ، ورَسَنٍ ، وحِلْس وهو ما يوضع على ظهر الدابّة تحت السرج أو الرَحْل. راجع :المصباح المنير ، ص ٢٢٢ ( رحل ).

(٢) « بلغته الشهباء » ، أي الغالب بياضها على سوادها ، من الشَهَب. وهو مصدر من باب تَعِبَ ، وهو أن يغلب البياض السواد ، والاسم الشُهْبَة ، وبغلٌ أشهب ، وبغلة شهباء. راجع :المصباح المنير ، ص ٣٢٤ ( شهب ).

(٣) في « بح » : « فورّث ».

(٤)بصائر الدرجات ، ص ١٨٦ ، ح ٤٤ ؛ وص ١٨٨ ، ح ٥٣ ، عن أحمد بن محمّدالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧١ ، ح ١١٢٥.

(٥) قال ابن الأثير : « وفيه : أنّ اسم درعه - عليه الصلاة والسلام - كانت ذات الفُضول ، وقيل ذو الفُضول لفضلةٍ كان‌فيها وسعةٍ ».النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٥٦ ( فضل ).

(٦) فيالوافى : « ففضلتُ بصيغة المتكلّم ، أي كنتُ أفضل منها ؛ ليطابق الخبر السابق ». وفي البصائر ص ١٨٦ : « لست أنا فكان وكان » بدل « لبستها أنا ففضلت ». وفي البصائر ، ص ١٧٧ : « لبس ، أي درع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات الفضول ، فجرّها على الأرض هنا ».

(٧)بصائر الدرجات ، ص ١٨٦ ، ح ٤٩ ، بسنده عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .وفيه ، ص ١٧٧ ، ح ٩ ، بسند آخرالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٠ ، ح ١١٢٣.

(٨) الخبر رواه الصفّار فيبصائر الدرجات ، ص ١٨٠ ، ح ٢١ ؛ والصدوق فيالأمالي ، ص ٢٨٩ ، المجلس ٤٨ ، ح ١٠ ؛ وعيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٥٠ ، ح ١٩٥. وفي الجميع : « أحمد بن عبد الله » ، فيحتمل وقوع التحريف في ما نحن فيه وأنّ الصواب هو « أحمد بن عبد الله ».

٥٨٢

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ ذِي الْفَقَارِ(١) سَيْفِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مِنْ أَيْنَ هُوَ؟

قَالَ : « هَبَطَ بِهِ جَبْرَئِيلُعليه‌السلام مِنَ السَّمَاءِ ، وَكَانَتْ حِلْيَتُهُ(٢) مِنْ فِضَّةٍ وَهُوَ عِنْدِي ».(٣)

٦٢٩/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ :

عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام (٤) ، قَالَ : « السِّلَاحُ مَوْضُوعٌ عِنْدَنَا ، مَدْفُوعٌ عَنْهُ ، لَوْ وُضِعَ عِنْدَ شَرِّ خَلْقِ اللهِ لَكَانَ(٥) خَيْرَهُمْ ، لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّهُ حَيْثُ بَنى(٦) بِالثَّقَفِيَّةِ(٧) - وَكَانَ قَدْ(٨) شُقَّ‌

__________________

=ثمّ إنّه يحتمل أن يكون أحمد بن عبد الله هو أحمد بن عبد الله ابن خانبة الكرخي الذي عُدَّ من أصحاب الرضاعليه‌السلام ، وكان له إليهعليه‌السلام مكاتبة. راجع :رجال البرقي ، ص ٥٥ ؛رجال النجاشي ، ص ٩١ ، الرقم ٢٢٦ ، وص ٣٤٦ ، الرقم ٩٣٥.

(١) « ذو الفقار » : اسم سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لأنّه كان فيه حُفَر صغار حسان. والمفقّر من السيوف : الذي فيه حُزُوزمطمئنّة. راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٦٤ ( فقر ). (٢) في البصائر ، ص ١٨٠ : « حلقته ».

(٣)بصائر الدرجات ، ص ١٨٠ ، ح ٢١ ، عن عبدالله بن جعفر ، عن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن عبد الله ؛ وفيالأمالي للصدوق ، ص ٢٨٩ ، المجلس ٤٨ ، ح ١٠ ، وعيون الأخبار ، ج ٢ ، ص ٥٠ ، ح ١٩٥. بسنده فيهما عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن عبد الله.بصائر الدرجات ، ص ١٨٩ ، ح ٥٧ ، بسند آخر ، مع زيادة في أوّله ؛الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٥٢٠٦ ، بسند آخر مع تفاوت يسير. راجع :علل الشرائع ، ص ١٦٠ ؛ ح ٢ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٦٣ ، ح ١٢الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٢ ، ح ١١٢٧ ؛الوسائل ، ج ٣ ، ص ٥١١ ، ح ٤٣١٩ ، ح ٣ ؛البحار ، ج ١٦ ، ص ١٢٤ ، ح ٦٠.

(٤) ورد الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ١٨١ ، ح ٢٥ ، بسنده عن يونس بن عبدالرحمن ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام من‌دون توسّط « محمّد بن حكيم » بينهما ، لكنّ المذكور في بعض نسخه « يونس بن عبدالرحمن ، عن محمّد بن حكيم ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام ».

(٥) هكذا في « ج ، ض ، ف » وتقتضيه العربيّة. وفي المطبوع وسائر النسخ : « كان ».

(٦) قال ابن الأثير : « الابتناء والبِناء : الدخول بالزوجة ، والأصل فيه أنّ الرجل كان إذا تزوّج امرأة بنى عليها قُبّة ليدخل بها فيها ، فيقال : بنى الرجل على أهله ».النهاية ، ج ١ ، ص ١٥٨ ( بنا ).

(٧) « الثَقَفِيَّة » : نسبة إلى ثَقِيف ، وهو أبو قبيلة من هَوازِن ، واسمه قَسِيُّ ، والتاء للتأنيث. راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٣٣٤ ( ثقف ).

(٨) في « ب ، بر ، بف » والوافي : « وقد كان ». وفي « ف » : - « قد ».

٥٨٣

لَهُ(١) فِي الْجِدَارِ - فَنُجِّدَ(٢) الْبَيْتُ ، فَلَمَّا كَانَتْ(٣) صَبِيحَةُ عُرْسِهِ رَمى بِبَصَرِهِ(٤) ، فَرَأى حَذْوَهُ(٥) خَمْسَةَ عَشَرَ مِسْمَاراً ، فَفَزِعَ لِذلِكَ(٦) ، وَقَالَ لَهَا : تَحَوَّلِي ؛ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ مَوَالِيَّ(٧) فِي حَاجَةٍ ، فَكَشَطَهُ(٨) ، فَمَا مِنْهَا مِسْمَارٌ إِلَّا وَجَدَهُ(٩) مُصْرَفاً(١٠) طَرَفُهُ عَنِ السَّيْفِ ، وَمَا وَصَلَ إِلَيْهِ مِنْهَا(١١) شَيْ‌ءٌ ».(١٢)

٦٣٠/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ حُجْرٍ ، عَنْ حُمْرَانَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَمَّا يَتَحَدَّثُ(١٣) النَّاسُ أَنَّهُ دُفِعَتْ إِلى أُمِّ سَلَمَةَ صَحِيفَةٌ مَخْتُومَةٌ ، فَقَالَ : « إِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لَمَّا قُبِضَ ، وَرِثَ عَلِيٌّعليه‌السلام عِلْمَهُ وَسِلَاحَهُ وَمَا(١٤) هُنَاكَ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْحَسَنِ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْحُسَيْنِعليهما‌السلام ، فَلَمَّا خَشِيَنَا أَنْ نُغْشَى(١٥)

__________________

(١) في « ف » : - « له ». و « قد شقّ له » أي للسلاح وحفظه.

(٢) قوله : « فَنُجِّدَ » ، أي فَزُيِّنَ ، من التنجيد بمعنى التزيين ، يقال : بيت مُنَجَّدٌ ، أي : مُزَيَّن ؛ أي زيّن له ظاهر الجدار بعد إخفاء السلاح فيه ، أو زيّن البيت للزفاف. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨ ( نجد ).

(٣) في « بس ، بف » والبصائر : « كان ».

(٤) في حاشية « ف » : « بنظره ».

(٥) في البصائر : « ورأى في جدره » بدل « فرأى حذوه ». و « حذوه » أي بحذاء السلاح أو الشقّ.

(٦) في الوافي : « فَفزع لذلك ، أي خاف أن يكون السيف قد انكسر ».

(٧) في « ج ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي : + « لى ».

(٨) « فكشطه » ، أي كشف عن السيف ، من الكشط ، وهو رفعك شيئاً عن شي‌ء قد غشّاه. راجع :القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٩٢٣ ( كشط ). (٩) في « ألف » : « وجد ».

(١٠) في « بح » والبصائر : « مصروفاً ».

(١١) في « بف » : « منها إليه ».

(١٢)بصائر الدرجات ، ص ١٨١ ، ح ٢٥ ، عن عبدالله بن جعفر ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٢ ، ح ١١٢٦.

(١٣) في « ض » : « تحدّث ». وفي « بح » : « يحدّث ».

(١٤) في « ب ، بر » : + « كان ».

(١٥) في الوافي : « تغشى ». وقوله : « نُغْشى » ، أي نُهلَك ، أو نُؤتى ونُغْلب فَيُؤخذ منّا. تقول : غَشِيَة غِشياناً ، أي جاءه ، وغَشِيتُ الرجل بالسوط ، أى ضربته. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٤٧ ( غشا ).

٥٨٤

اسْتَوْدَعَهَا(١) أُمَّ سَلَمَةَ ، ثُمَّ قَبَضَهَا بَعْدَ ذلِكَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِعليه‌السلام ».

قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ ، ثُمَّ صَارَ إِلى أَبِيكَ ، ثُمَّ انْتَهى إِلَيْكَ ، وَصَارَ بَعْدَ ذلِكَ إِلَيْكَ؟ قَالَ : « نَعَمْ ».(٢)

٦٣١/ ٨. مُحَمَّدٌ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ فَضَالَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَمَّا يَتَحَدَّثُ(٣) النَّاسُ أَنَّهُ دُفِعَ إِلى أُمِّ سَلَمَةَ صَحِيفَةٌ مَخْتُومَةٌ ، فَقَالَ : « إِنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله لَمَّا قُبِضَ وَرِثَ عَلِيٌّعليه‌السلام عِلْمَهُ وَسِلَاحَهُ وَمَا هُنَاكَ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْحَسَنِ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى الْحُسَيْنِعليهما‌السلام ».

قَالَ : قُلْتُ : ثُمَّ صَارَ إِلى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، ثُمَّ صَارَ إِلَى ابْنِهِ(٤) ، ثُمَّ انْتَهى إِلَيْكَ؟ فَقَالَ : « نَعَمْ ».(٥)

٦٣٢/ ٩. مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ(٦) وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ شَبَابٍ الصَّيْرَفِيِّ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمَّا حَضَرَتْ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله الْوَفَاةُ ، دَعَا الْعَبَّاسَ بْنَ‌

__________________

(١) فيشرح المازندراني : « في بعض النسخ : استودعنا ، بصيغة المتكلّم مع الغير ، وهو الأظهر ». و « استودعها » يعني الحسينعليه‌السلام حين أراد التوجّه إلى العراق. وفي البصائر : « فلمّا خشيا أن يُفَتَّشا استودعا اُمَّ سلمة ».

(٢)بصائر الدرجات ، ص ١٧٧ ، ح ١٠ ، عن محمّد بن الحسينالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٣ ، ح ١١٢٩.

(٣) في « ض » : « تحدّث ». وفي « بس » : « تتحدّث ». وقال فيالوافي : « كأنّه سأله عن المكتوب في الصحيفة المستودعة ، فأجابهعليه‌السلام بأنّها كانت مشتملة على علم وكان معها أشياء اخر. وهذه الصحيفة غير الكتاب الملفوف والوصيّة الظاهرة اللذين استودعهما الحسينعليه‌السلام عند ابنته الكبرى فاطمة بكربلاء ».

(٤) في البصائر : « أبيك ».

(٥)بصائر الدرجات ، ص ١٨٦ ، ح ٤٥ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى.الإرشاد ، ج ٢ ، ص ١٨٩ ، مرسلاً ، عن عمر بن أبان. وراجع :الغيبة للنعماني ، ص ٥٣ ، ح ٤الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٤ ، ح ١١٣٠.

(٦) هكذا في « ب ، ض » وحاشية بدرالدين والبحار. وفي « ألف ، ج ، ف ، و ، بح ، بر ، بس ، بف » والمطبوع : « محمّد بن الحسين ». والصواب ما أثبتناه كما تقدّم فيالكافي ، ذيل ح ٢٥٠ و ٥٢٥.

٥٨٥

عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام ، فَقَالَ لِلْعَبَّاسِ : يَا عَمَّ مُحَمَّدٍ ، تَأْخُذُ تُرَاثَ(١) مُحَمَّدٍ ، وَتَقْضِي دَيْنَهُ ، وَتُنْجِزُ(٢) عِدَاتِهِ(٣) ؟ فَرَدَّ عَلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي(٤) ، شَيْخٌ كَثِيرُ الْعِيَالِ ، قَلِيلُ الْمَالِ ، مَنْ يُطِيقُكَ(٥) وَأَنْتَ تُبَارِي الرِّيحَ(٦) ؟ ».

قَالَ : « فَأَطْرَقَ(٧) صلى‌الله‌عليه‌وآله هُنَيْئَةً(٨) ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَبَّاسُ ، أَتَأْخُذُ تُرَاثَ مُحَمَّدٍ ، وَتُنْجِزُ عِدَاتِهِ وَتَقْضِي دَيْنَهُ؟ فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، شَيْخٌ كَثِيرُ الْعِيَالِ ، قَلِيلُ الْمَالِ ، وَأَنْتَ تُبَارِي الرِّيحَ.

قَالَ : أَمَا إِنِّي سَأُعْطِيهَا مَنْ يَأْخُذُهَا بِحَقِّهَا ، ثُمَّ قَالَ : يَا عَلِيُّ ، يَا أَخَا مُحَمَّدٍ ، أَتُنْجِزُ‌

__________________

(١) « التراث » : الإرث ، والتاء والهمزة بدل من الواو.المصباح المنير ، ص ٦٥٤ ( ورث ).

(٢) « تنجز » : تحضر وتفي. يقال : نجز يَنْجُز نَجْزاً ، إذا حصل وحَضَر ، وأنجز وعده ، إذا أحضره. ويقال أيضاً : أنجز الوعدَ ، أي وفى به. راجع :النهاية ، ج ٥ ، ص ٢١ ؛القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٢٤ ( نجز ).

(٣) في حاشية « ج » : « تنجز عداته وتقضي دينه ». و « العِدات » : جمع العدة ، وهي الوَعد ، والهاء عوض من الواو ، ولا يجمع الوَعد.الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٥١ ( وعد ).

(٤) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : + « إنّي ». وفي « ب ، ج ، ف ، بر ، بس ، بف » والعلل : - « بأبي أنت واُمّي ». وفي حاشية « بف » : « فقال : بأبي أنت وامّي » بدل « فردّ عليه - إلى - اُمّي ».

(٥) « يطيقك » ، أي يطيق ويقدر على أداء حقوقك ؛ من الإطاقة بمعنى القدرة على الشي‌ء. راجع :شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣٧٧ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٠٢ ( طوق ).

(٦) « تباري الريح » ، أي تعارضه. يقال : فلان يباري فلاناً ، أي يعارضه ويفعل مثل فعله ليعجِّزه ، وهما يتباريان ، وفلان يباري الريح جوداً وسخاءً ، أو تسابقه. والريح مشهورة بكثرة السخاء ؛ لسياق السحاب والأعطار ، وترويح القلوب ، وترقيق الهواء وغيرها من المنافع. كنى به عن علوّ همّته. وفيمرآة العقول : « وهذا المثل مشهور بين العرب والعجم ». وراجع :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٧٢ ( برى ).

(٧) في « ب ، بر ، بف » وحاشية « ج » والوافي : + « رسول الله ». يقال : أطرق الرجل ، إذا سكت فلم يتكلّم. وأطرق ، أي أرخى عينيه ينظر إلى الأرض. فالمعنى : سكت ناظراً إلى الأرض.الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥١٥ ( طرق ).

(٨) قال الفيّومي : الهَنُ : كناية عن كلّ اسم جنس ، والاُنثى هَنَةٌ ، ولامُها محذوفة ، ففي لغة هي هاءٌ فيُصَغَّر على هُنَيْهَة ، ومنه يقال : مكث هُنيهةً ، أي ساعة لطيفة. وفي لغة هي واوٌ فيُصَغَّر في المؤنّث على هُنَيَّة ، والهمز خطأ ؛ إذ لا وجه له. وجَعَلَها المجلسي تصغير هِنْوٍ بمعنى الوقت ، والتأنيث باعتبار ساعة. راجع :المصباح المنير ، ص ٦٤١ ( هن ).

٥٨٦

عِدَاتِ مُحَمَّدٍ ، وَتَقْضِي دَيْنَهُ ، وَتَقْبِضُ(١) تُرَاثَهُ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، ذاكَ عَلَيَّ وَلِي ، قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حَتّى نَزَعَ خَاتَمَهُ مِنْ إِصْبَعِهِ ، فَقَالَ : تَخَتَّمْ بِهذَا فِي حَيَاتِي ، قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَى الْخَاتَمِ(٢) حِينَ وَضَعْتُهُ فِي إِصْبَعِي(٣) ، فَتَمَنَّيْتُ مِنْ جَمِيعِ مَا تَرَكَ الْخَاتَمَ.

ثُمَّ صَاحَ : يَا بِلَالُ ، عَلَيَّ بِالْمِغْفَرِ(٤) وَالدِّرْعِ وَالرَّايَةِ وَالْقَمِيصِ وَذِي الْفَقَارِ(٥) وَالسَّحَابِ(٦) وَالْبُرْدِ(٧) وَالْأَبْرَقَةِ(٨) وَالْقَضِيبِ(٩) ، قَالَ : فَوَ اللهِ ،......................................

__________________

(١) في « ج ، بر » والعلل : « تأخذ ». وقال فيالوافي : « في تقديم أخذ التراث على قضاء الدين وإنجاز العدات في‌مخاطبة العبّاس ، وبالعكس في مخاطبة أميرالمؤمنينعليه‌السلام لطف لايخفى. ولعلّ في إلقاء هذا القول على عمّه أوّلاً ، ثمّ تكريرهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك عليه ، إنّما هو لإتمام الحجّة عليه ، وليظهر للناس أنّه ليس مثل ابن عمّه في أهليّة الوصيّة ».

(٢) في « ف » : - « إلى الخاتم ».

(٣) في « ج ، بح » وحاشية « ض ، بف » : « حين وضعه في إصبعه ». وفاعل « قال » على هذه النسخة هو العبّاس. وفيالوافي : « كأنّه أراد بذلك أنّه قلتُ في نفسي : لو لم يكن فيما ترك غير هذا الخاتم لكفاني به شرعاً وفخراً وعزّاً ويمناً وبركة ».

(٤) « المِغْفَر » والمِغْفَرة ، والغِفارة : زَرَد - أي دِرْع منسوج يتداخل بعضها في بعض - ينسج من الدروع على قدرالرأس يلبس تحت القلنسوة. وقيل : هو رَفْرَف البيضة. وقيل : هو حَلق يتقنّع به المتسلِّح. قال ابن شميل : المِغْفَر حِلَقٌ يجعلها الرجل أسفل البيضة تُسْبَغُ على العنق فتقيه ، وقيل غير ذلك. راجع :لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٦ ( غفر ).

(٥) كان اسم سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذا الفقار ؛ لأنّه كان فيه حُفَر صغار حِسان. والمـُفَقَّر من السيوف : الذي فيه حُزُوز مطمئنّة. راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٦٤ ( فقر ).

(٦) « السَحابُ » اسم عِمامة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سمّيت به تشبيهاً بسحاب المطر لانسحابه في الهواء. راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٥ ( سحب ).

(٧) « البُرْد » : نوع من الثياب معروف ، والجمع : أبراد وبُرُود ، والبُرْدَة : الشملة المـُخطَّطة. وقيل : كِساء أسود مُربَّع فيه صِغر تلبسه الأعراب ، وجمعها : بُرَد.النهاية ، ج ١ ، ص ١١٦ ( برد ).

(٨) « الأبرق » : من الحبال : الحبل الذي اُبرم بقوّة سوداء وقوّة بيضاء وكلّ شي‌ء اجتمع فيه سواد وبياض فهو أبرق. قال الفيض فيالوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٦ : « كأنّها ثوب مستطيل يصلح لأن يشدّ بها الوسط وهي الشقّة - بالكسر والضمّ - كما فسّره بها ». راجع :ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ١٥٤ ؛الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٤٩ ( برق ).

(٩) فيشرح المازندراني : « القضيب ، هو الغصن ، والمراد به العصا ، سمّيت به لكونها مقطوعة من الشجر ، =

٥٨٧

مَا رَأَيْتُهَا(١) غَيْرَ(٢) سَاعَتِي تِلْكَ - يَعْنِي الْأَبْرَقَةَ - فَجِي‌ءَ بِشِقَّةٍ كَادَتْ تَخْطَفُ(٣) الْأَبْصَارَ ، فَإِذَا هِيَ مِنْ أَبْرُقِ الْجَنَّةِ ، فَقَالَ : يَا عَلِيُّ ، إِنَّ جَبْرَئِيلَ أَتَانِي بِهَا ، وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، اجْعَلْهَا فِي حَلْقَةِ الدِّرْعِ ، وَاسْتَذْفِرْ(٤) بِهَا مَكَانَ الْمِنْطَقَةِ.

ثُمَّ دَعَا بِزَوْجَيْ نِعَالٍ(٥) عَرَبِيَّيْنِ جَمِيعاً : أَحَدُهُمَا مَخْصُوفٌ(٦) ، وَالْآخَرُ غَيْرُ مَخْصُوفٍ ، وَالْقَمِيصَيْنِ : الْقَمِيصِ الَّذِي أُسْرِيَ بِهِ فِيهِ ، وَالْقَمِيصِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ(٧) يَوْمَ أُحُدٍ ، وَالْقَلَانِسِ الثَّلَاثِ : قَلَنْسُوَةِ السَّفَرِ ، وَقَلَنْسُوَةِ الْعِيدَيْنِ وَالْجُمَعِ ، وَقَلَنْسُوَةٍ كَانَ يَلْبَسُهَا وَيَقْعُدُ مَعَ أَصْحَابِهِ.

__________________

=والقضب القطع ، وقد يطلق على السيف الدقيق أيضاً ». راجع :لسان العرب ، ج ١ ، ص ٦٧٨ ( قطع ).

(١) في الوافي : « وفي الكلام تقديم وتأخير ، والتقدير : فجي‌ء بشقّة فوالله ما رأيتها ».

(٢) في « ب ، ج ، بف ، بر » وحاشية « ض ، ف ، بح » والوافي والعلل : « قبل ».

(٣) « الخَطْف » : استلاب الشي‌ء وأخذه بسرعة ، يقال : خَطِفَ الشي‌ءَ يَخْطَفُهُ ، واختطفه يختطفه. ويقال : خَطَفَ يَخْطِفُ ، وهو قليل.النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٩ ( خطف ).

(٤) هكذا في « ج ، ض ، بر ، بف » وحاشية « ف » وشرح المازندراني. وفي اللغة : استذفر بالأمر : اشتدّ عزمه عليه وصَلُبَ له. وفيالوافي « الاستذفار : شدّ الوسط بالمنطقة ونحوها » وقال العلّامة المجلسي : « ففي القاموس : الذَفَر ، محرّكة : شدّة ذَكاء الريح ، كالذَفَرة ، ومسك أذفر. ففيه تضمين معنى الشدّ ، مع الإشارة إلى طيب رائحتها ؛ فصار الحاصل : تطيّبْ بها جاعلاً لها مكان المنطقة ، أو يكون « مكان المنطقة » متعلّقاً بـ « اجعلها ». وقيل : الاستذفار : جعل الشي‌ء صلباً شديداً ، في القاموس : الذِفِرُّ ، كطِمِرّ : الصلب الشديد. ولايخفى ما فيه ». وفي « ف » : « استدفن ». وفي المطبوع : « استدفر ». وفي العلل : « استوفر ». وقوله « استدفر » ، من الدَفْر بمعنى الدفع ، أو منِ الدَفَر ، وهو وقوع الدود في الطعام واللحم ، وهو أيضاً النَتْن خاصّة ولا يكون الطيب البتّة. وليس شي‌ء منها بمناسب هاهنا فلذا قال المجلسي فيمرآة العقول : « لعلّه كان : واستثفر بها ، واُريد به الشدّ على الوسط ». قال ابن الأثير فيالنهاية ، ج ١ ، ص ٢١٤ ( ثفر ) : « هو مأخوذ من ثَفَر الدابّة الذي يُجعَل تحت ذَنَبها. وفي صفة الجنّ : مستثفرين ثيابَهم ، وهو أن يُدخل الرجلُ ثوبه بين رجليه ، كما يفعل الكلب بذنبه ». وراجع :لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٨٩ ( دفر ) ؛ وص ٣٠٧ ؛ والقاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٥٩ ( ذفر ).

(٥) في « ف » : + « له ».

(٦) « مَخْصُوف » ، أي مخروز ، يقال : خَصَفَ النعلَ يَخْصِفُها خَصْفاً ، أي ظاهَرَ بعضَها على بعض وخَرَزَها ، أي ثَقبها بالمِخْرز وخاطه. راجع :لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٧١ ( خصف ).

(٧) في « ف » : « به ».

٥٨٨

ثُمَّ قَالَ : يَا بِلَالُ ، عَلَيَّ بِالْبَغْلَتَيْنِ : الشَّهْبَاءِ(١) ، وَالدُّلْدُلِ(٢) ؛ وَالنَّاقَتَيْنِ : الْعَضْبَاءِ(٣) ، وَالْقَصْوَاءِ(٤) ؛ وَالْفَرَسَيْنِ(٥) : الْجَنَاحِ(٦) - كَانَتْ تُوقَفُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ لِحَوَائِجِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله يَبْعَثُ الرَّجُلَ فِي حَاجَتِهِ(٧) ، فَيَرْكَبُهُ(٨) فَيَرْكُضُهُ(٩) فِي حَاجَةِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله - وَحَيْزُومٍ - وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَقُولُ : أَقْدِمْ يَا حَيْزُومُ(١٠) - وَالْحِمَارِ عُفَيْرٍ(١١) ، فَقَالَ : اقْبِضْهَا فِي حَيَاتِي.

فَذَكَرَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام أَنَّ أَوَّلَ شَيْ‌ءٍ مِنَ الدَّوَابِّ تُوُفِّيَ عُفَيْرٌ سَاعَةَ قُبِضَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله (١٢) ، قَطَعَ(١٣)

__________________

(١) « الشَهْباء » ، أي الغالب بياضها على سوادها ، من الشَهَب ، وهو مصدر من باب تَعِبَ ، وهو أن يغلب البياض ‌السواد. والاسم الشُهْبَة ، وبَغْلٌ أشهب ، وبغلة شهباء. اُنظر :المصباح المنير ، ص ٣٢٤ ( شهب ).

(٢) « الدُلْدُل » : القُنْفُذ ، واسم بغلتهصلى‌الله‌عليه‌وآله . شُبّهت بالقُنْفُذ ؛ لأنّه أكثر ما يظهر في الليل ، ولأنّه يُخفي رأسه في جسده ما استطاع. ودَلْدَلَ في الأرض : ذهب ومرّ ، يُدَلدلُ ويتدلدل في مشيه إذا اضطرب. وفيشرح المازندراني : « سمّيت بذلك ؛ لكونها سريعة حديدة ذات هيأة حسنة ». راجع :النهاية ، ج ٢ ، ص ١٢٩ ( دلدل ).

(٣) قال ابن الأثير : « هو عَلَم لها ، منقول من قولهم : ناقة عضباء ، أي مشقوقة الاُذن ، ولم تكن مشقوقة الاُذن. وقال بعضهم : إنّها كانت مشقوقة الاُذن ، والأوّل أكثر. وقال الزمخشري : هو منقول من قولهم : ناقة عضباء ، وهي القصيرة اليد ».النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٥١ ( عضب ).

(٤) في العلل : « الصهباء ». وقوله : « القَصْواء » : الناقة التي قُطع طَرَف اُذنها ، ولم تكن ناقة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قَصْواء ، وإنّماكان هذا لقباً لها. وقيل : كانت مقطوعة الاُذن. راجع :النهاية ، ج ٤ ، ص ٧٥ ( قصو ).

(٥) في « ف » : « الفرستين ».

(٦) فيشرح المازندراني : « جناح الطير : يده ، سمّيت بذلك لسرعة سيره ، على سبيل المبالغة ».

(٧) في « ب ، بف » والعلل : « حاجة ».

(٨) في « ب » : « فيركب ».

(٩) فيشرح المازندراني : « ويركضه ». وقوله : « فَيَرْكُضُه » ، أي يستحثّه ليعدو ، من الرَكْض ، وهو تحريك الرِجْل ، تقول : رَكَضْتُ الفرس برِجلي ، إذا استَحْثَثْتَهُ ليعدو ، ثمّ كثر حتّى قيل : ركَضَ الفرسُ ، إذا عدا ، وليس بالأصل ، والصواب رُكِضَ الفرسُ ، فهو مركوض. راجع :الصحاح ، ج ٣ ، ص ١٠٨٠ ( ركض ).

(١٠) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : - « يا ». وفي شرح المازندراني : « اسم كان وفاعل يقول جبرئيلعليه‌السلام أو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله . وقال الجوهري : حيزوم اسم فرس من خيل الملائكة ».

(١١) قال ابن الأثير : « عُفَير ، هو تصغير ترخيم لأعْفَر ، من العُفْرة ، وهي الغُبْرة ولون التراب ، كما قالوا في تصغير أسْود : سُوَيْد. وتصغيره غير مُرخّم : اعَيْفِر ، كاُسَيْود ».النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٦٣ ( عفر ).

(١٢) وفي « بر » : + « إنّه ».

(١٣) في « ب » والوافي : « فقطع ».

٥٨٩

خِطَامَهُ(١) ، ثُمَّ مَرَّ يَرْكُضُ حَتّى أَتى(٢) بِئْرَ بَنِي خَطْمَةَ(٣) بِقُبَا ، فَرَمى بِنَفْسِهِ فِيهَا ، فَكَانَتْ قَبْرَهُ ».

وَرُوِيَ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام قَالَ : « إِنَّ ذلِكَ الْحِمَارَ كَلَّمَ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ نُوحٍ فِي السَّفِينَةِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ نُوحٌ ، فَمَسَحَ عَلى كَفَلِهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ هذَا الْحِمَارِ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ سَيِّدُ(٤) النَّبِيِّينَ وَخَاتَمُهُمْ ، فَالْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي جَعَلَنِي ذلِكَ الْحِمَارَ ».(٥)

٣٩ - بَابُ أَنَّ مَثَلَ سِلَاحِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله مَثَلُ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ‌

٦٣٣ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ سَعِيدٍ السَّمَّانِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّمَا(٦) مَثَلُ السِّلَاحِ فِينَا مَثَلُ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيُّ أَهْلِ بَيْتٍ وُجِدَ التَّابُوتُ عَلى بَابِهِمْ أُوتُوا النُّبُوَّةَ ، فَمَنْ صَارَ إِلَيْهِ السِّلَاحُ مِنَّا أُوتِيَ الْإِمَامَةَ ».(٧)

__________________

(١) « الخِطام » : هو الحبل الذي يقاد به البعير ، أو هو الزِمام ، أو هو كلّ حبل يُعَلَّق في حَلْق البعير ثمّ يُعْقَد على أنفه ، كان من جِلْد أو صوف أو ليف أو قِنَّبٍ ، أو هو حبل يُجْعَل في طرفه حلقة ثمّ يُقلَّد البعير ثمّ يُثَنَّى على مَخْطِمه. راجع :لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ١٨٦ ( خطم ). (٢) في العلل : « وافى ».

(٣) في « ج ، ض ، ف ، بف » والوافي والعلل والبحار : « بني حطمة ».

(٤) في « ج » : + « المرسلين و ».

(٥)علل الشرائع ، ص ١٦٦ ، ح ١ ، بسنده عن سهل بن زياد الآدمي. وراجع :الإرشاد ، ج ١ ، ص ١٨٥الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٤ - ٥٧٥ ، ح ١١٣١ و ١١٣٢ ؛البحار ، ج ١٧ ، ص ٤٠٤ ، ح ٢٢ ، من قوله : « والحمار عفير فقال : اقبضها » ، إلى قوله : « فرمى بنفسه فيها » ؛ وص ٤٠٥ ، ح ٢٣ ، من قوله : « وروي أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : إنّ ذلك الحمار كلّم». (٦) في « ب ، بح ، بر ، بف » : « إنّ ».

(٧)الكافي ، كتاب الحجّة ، باب ما عند الأئمّةعليهم‌السلام من سلاح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ... ، ضمن ح ٦٢٤. وفيبصائر الدرجات ،=

٥٩٠

٦٣٤/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ السُّكَيْنِ(١) ، عَنْ نُوحِ بْنِ دَرَّاجٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْفُورٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّمَا مَثَلُ السِّلَاحِ فِينَا مَثَلُ(٢) التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، حَيْثُمَا دَارَ التَّابُوتُ دَارَ الْمُلْكَ ، فَأَيْنَمَا(٣) دَارَ السِّلَاحُ فِينَا(٤) دَارَ الْعِلْمُ ».(٥)

٦٣٥/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ صَفْوَانَ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : « كَانَ(٦) أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ(٧) : إِنَّمَا مَثَلُ السِّلَاحِ فِينَا مَثَلُ التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، حَيْثُمَا دَارَ التَّابُوتُ أُوتُوا النُّبُوَّةَ ، وَحَيْثُمَا دَارَ السِّلَاحُ فِينَا(٨) فَثَمَّ الْأَمْرُ(٩) ».

قُلْتُ : فَيَكُونُ السِّلَاحُ مُزَايِلاً لِلْعِلْمِ(١٠) ؟

__________________

=ص ١٧٤ ، ح ٢ ، عن أحمد بن محمّد.وفيه ، ص ١٨٠ ، ح ٢٠ ؛ وص ١٨٢ ، ح ٢٧ ، بسند آخر عن أبي جعفر ، مع اختلاف يسير.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٢٤٩ ، ح ١٦٣ ، عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ؛الإرشاد ، ج ٢ ، ص ١٨٧ ، مرسلاً عن معاوية بن وهبالوافي ، ج ٢ ، ص ١٣٣ ، ح ٦٠٣ ؛البحار ، ج ١٣ ، ص ٤٥٦ ، ح ١٨.

(١) في « ف » : « محمّد بن المسكين ». وفي البصائر ، ص ١٨٣ ، ح ٣٨ : « محمّد بن مسكين ». وهو سهو. وفي‌بعض مخطوطات البصائر وكذا فيالبحار ، ج ٢٦ ، ص ٢١٩ ، ح ٣٨ نقلاً عن البصائر : « محمّد بن سكين ». ومحمّد بن سُكَين هذا ، هو ابن عمّار النخعي الذي دعاه نوح بن درّاج إلى هذا الأمر. راجع :رجال النجاشي ، ص ١٠٢ ، الرقم ٢٥٤ ؛ وص ٣٦١ ، الرقم ٩٦٩.

(٢) في « بح » : « كمثل ».

(٣) في « ض » : « وأينما ».

(٤) في « ج ، بح ، بر ، بف » والبحار : « فينا السلاح ». وفي الوافي : - « فينا ».

(٥)بصائر الدرجات ، ص ١٨٣ ، ح ٣٤ ، عن إبراهيم بن هاشم ، إلى قوله « دارالملك » هكذا : « حيثما دار التابوت دار العلم ».وفيه ، ح ٣٥ ، بسند آخر عن أبي جعفرعليه‌السلام الوافي ، ج ٢ ، ص ١٣٣ ، ح ٦٠٤ ؛البحار ، ج ١٣ ، ص ٤٥٦ ، ح ١٩. (٦) في « ج ، بح ، بر ، بف » والوافي : « قال ».

(٧) في « بر ، بف » والوافي : - « يقول ».

(٨) في « ج » والبصائر ، ص ١٨٣ : - « فينا ».

(٩) في البصائر : « أينما دار التابوت فثمّ الأمر » بدل « حيثما دار التابوت أُوتوا فثمّ الأمر ».

(١٠) فيمرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٥٣ : « حيثما دار التابوت ، أي بالاستحقاق من غير قهر ، لاكما كان عند جالوت.=

٥٩١

قَالَ : « لَا ».(١)

٦٣٦/ ٤. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَصْرٍ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَاعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ أَبُو جَعْفَرٍعليه‌السلام (٢) : إِنَّمَا مَثَلُ السِّلَاحِ فِينَا كَمَثَلِ(٣) التَّابُوتِ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، أَيْنَمَا دَارَ التَّابُوتُ دَارَ الْمُلْكُ ، وَأَيْنَمَا دَارَ السِّلَاحُ فِينَا دَارَ الْعِلْمُ ».(٤)

٤٠ - بَابٌ فِيهِ ذِكْرُ الصَّحِيفَةِ وَالْجَفْرِ وَالْجَامِعَةِ وَمُصْحَفِ فَاطِمَةَعليها‌السلام

٦٣٧/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ(٥) الْحَجَّالِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عُمَرَ الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

__________________

=و « ما » في « حيثما » و « أينما » كافّة. و « المزايلة » : المفارقة. والسؤال لاستعلام أنّه هل يمكن أن يكون السلاح عند من لايكون عنده علم جميع ما تحتاج إليه الاُمّة كبني الحسن؟ قال : لا ، فكما أنّه دليل للإمامة فهو ملزوم للعلم أيضاً ».

(١)بصائر الدرجات ، ص ١٨٣ ، ح ٣٣ ، عن محمّد بن الحسينالوافي ، ج ٢ ، ص ١٣٤ ، ح ٦٠٥.

(٢) في حاشية « ج » : « كان أبوجعفرعليه‌السلام يقول ».

(٣) في « ب » : « مثل ».

(٤)الكافي ، كتاب الحجّة ، باب الاُمور التي توجب حجّة الإمامعليه‌السلام ، ذيل ح ٧٤٧ ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، من دون الإسناد إلى أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير. وفيبصائر الدرجات ، ص ١٧٨ ، ح ١٥ ؛ وص ١٨٥ ، ح ٤٣ ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، إلى قوله : « دار الملك » ، مع زيادة في أوّلهما.وفيه ، ص ١٧٦ ، ح ٥ ؛ وص ١٨٣ ، ح ٣٥ ، بسند آخر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٢ ، ص ١٣٤ ، ح ٦٠٦ ؛البحار ، ج ١٣ ، ص ٤٥٦ ، ح ٢٠.

(٥) هكذا في أكثر النسخ. وفي « ج ، ف » والمطبوع : + « بن ». وعبدالله هذا ، هو عبدالله بن محمّد أبو محمّد الحجّال ، وقد ورد في الأسناد بعناوينه المختلفة : الحجّال ، أبو محمّد الحجّال ، عبدالله الحجّال وعبدالله بن محمّد الحجّال. راجع :رجال النجاشي ، ص ٢٢٦ ، الرقم ٥٩٥.

ثمّ إنّ الخبر ورد فيبصائر الدرجات ، ص ١٥١ ، ح ٣ ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد الجمّال ، عن أحمد بن عمر - والحسين بن سعيد الجمّال عنوان غريب لم نجده في موضع - والمذكور في بعض نسخ البصائر « عبدالله بن محمّد الحجّال » بدل « الحسين بن سعيد الجمّال ».

٥٩٢

دَخَلْتُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَقُلْتُ(١) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنِّي أَسْأَلُكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ ، هَاهُنَا(٢) أَحَدٌ يَسْمَعُ كَلَامِي؟

قَالَ : فَرَفَعَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام سِتْراً بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَيْتٍ آخَرَ ، فَاطَّلَعَ فِيهِ(٣) ، ثُمَّ قَالَ : « يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ ».

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّ شِيعَتَكَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله عَلَّمَ عَلِيّاًعليه‌السلام بَاباً يُفْتَحُ لَهُ مِنْهُ(٤) أَلْفُ بَابٍ؟

قَالَ : فَقَالَ : « يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، عَلَّمَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله عَلِيّاًعليه‌السلام أَلْفَ بَابٍ يُفْتَحُ(٥) مِنْ كُلِّ بَابٍ أَلْفُ بَابٍ».

قَالَ : قُلْتُ : هذَا وَاللهِ الْعِلْمُ(٦) .

قَالَ : فَنَكَتَ(٧) سَاعَةً فِي الْأَرْضِ ، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّهُ لَعِلْمٌ ، وَمَا هُوَ بِذَاكَ ».

قَالَ : ثُمَّ قَالَ : « يَا أَبَا مُحَمَّدٍ ، وَإِنَّ(٨) عِنْدَنَا الْجَامِعَةَ ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَامِعَةُ؟ ».

قَالَ : قُلْتُ(٩) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَمَا الْجَامِعَةُ؟

قَالَ : « صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً بِذِرَاعِ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله وَإِمْلَائِهِ(١٠) مِنْ فَلْقِ‌

__________________

(١) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : + « له ».

(٢) في البصائر ، ص ١٥١ ، ح ٣ : « ليس هاهنا ». وقال فيالوافي : « استفهام نبّه به على أنّ مسؤوله أمر ينبغي صونه عن الأجنبيّ ». (٣) في « ف » : « عليه ».

(٤) في « ف » : - « منه ».

(٥) في « ج » والبصائر ، ح ٣ والاختصاص ، ص ٢٨٢ : + « له ».

(٦) فيالوافي : « هذا والله العلم ، يحتمل الاستفهام والحكم ».

(٧) قوله : « فَنَكَتَ » : من النَكْت ، وهو أن تنكُت في الأرض بقضيب ، أي تضرب بقضيب فتؤثّر فيها.الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٦٩ ( نكت ). (٨) في « ب » : « فإنّ ».

(٩) في « ض » : + « له ».

(١٠) فيالوافي : « وإملائه على المصدر والإضافة ، والضمير للرسول عطف على الظرف مسامحة. أو في الكلام‌ =

٥٩٣

فِيهِ(١) وَخَطِّ عَلِيٍّعليه‌السلام بِيَمِينِهِ ، فِيهَا كُلُّ حَلَالٍ وَحَرَامٍ ، وَكُلُّ شَيْ‌ءٍ يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ(٢) حَتَّى الْأَرْشُ(٣) فِي الْخَدْشِ(٤) ». وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَيَّ(٥) ، فَقَالَ(٦) : « تَأْذَنُ(٧) لِي(٨) يَا أَبَا مُحَمَّدٍ؟ ».

قَالَ(٩) : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنَّمَا أَنَا لَكَ ، فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ ، قَالَ : فَغَمَزَنِي بِيَدِهِ ، وَقَالَ : « حَتّى أَرْشُ هذَا(١٠) » كَأَنَّهُ مُغْضَبٌ(١١) .

قَالَ : قُلْتُ : هذَا وَاللهِ(١٢) الْعِلْمُ ، قَالَ : « إِنَّهُ لَعِلْمٌ ، وَلَيْسَ بِذَاكَ ».

ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : « وَإِنَّ عِنْدَنَا الْجَفْرَ ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا الْجَفْرُ(١٣) ؟ ».

قَالَ : قُلْتُ : وَمَا الْجَفْرُ؟ قَالَ : « وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ(١٤) فِيهِ عِلْمُ النَّبِيِّينَ وَالْوَصِيِّينَ ، وَعِلْمُ‌

__________________

= حذف ، أي كتبت بإملائه » ، وفيمرآة العقول : « وأملاه ، بصيغة الماضي ، وكذا خطّ ». و « الإملاء » : الإلقاء على الكاتب ليكتب. يقال : أمللتُ الكتابَ على الكاتب إملالاً ، وأمليته عليه إملاءً ، أي ألقيته عليه. راجع :المصباح المنير ، ص ٥٨٠ (ملل ).

(١) « من فَلْق فيه » ، أي من شقّ فمه ، يعنى مشافهةً ، يقال : كلّمني فلان من فَلْق فيه وفِلْق فيه ، أي شِقّه ، والكسرقليل ، والفتح أعرف. راجع :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٣١٠ ( فلق ).

(٢) في « ض » والوافي : « إليه الناس ».

(٣) « الأرْش » : ما يأخذه المشتري من البائع إذا اطّلع على عيب في المبيع ، واروش الجراحات من ذلك ؛ لأنّها جابرة عمّا حصل فيها من النقص. وسمّي أرشاً ؛ لأنّه من أسباب النزاع ، يقال : أرّشتُ بينهم إذا أوقعت بينهم ، أي أفسدتَ. وقال في الوافي : « الأرش : الدية ».النهاية ، ج ١ ، ص ٣٩ ( أرش ).

(٤) في شرح المازندراني : « حتّى أرش الخدش ». و « الخَدْش » : مصدر بمعنى قشر الجلد بعود ونحوه ، ثمّ سمّي به الأثر ؛ ولهذا يجمع على الخدوش.النهاية ، ج ٢ ، ص ١٤ ( أرش ).

(٥) « ضَرَب بيده إليّ » ، أي أهواه وألقاه ومدّه إليه. راجع :لسان العرب ، ج ١ ، ص ٥٤٥ ( ضرب ).

(٦) في « ب ، ض ، ف ، بس ، بف » : + « لي ».

(٧) في شرح المازندراني : « أتأذن ».

(٨) في « ب ، ج ، ض ، ف ، بس ، بف » : - « لي ». وقال في الوافي : « تأذن لي ، أي في غمزي إيّاي بيدي حتّى تجد الوجع في بدنك ». (٩) في « بر » : - « قال ».

(١٠) في « ب » : + « كلّه ».

(١١) فيالوافي : « كأنّ ما يشبه الغضب منه عند هذا القول إنّما هو على من أنكر علمهمعليهم‌السلام بأمثال ذلك ؛ أو المراد أنّ غمزه كان شبيهاً بغمز المغضَب ». (١٢) في « بس » : « والله هذا العلم ».

(١٣) في البصائر ، ص ١٥١ : + « مسك شاة أو جلد بعير ».

(١٤) « الأدَم » : اسم لجمع أدِيم ، وهو الجلد المدبوغ المصلح بالدباغ ، من الاُدْم ، وهو ما يُؤْتَدم به. والجمع اُدُم. =

٥٩٤

الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ مَضَوْا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ».

قَالَ : قُلْتُ : إِنَّ هذَا هُوَ الْعِلْمُ ، قَالَ : « إِنَّهُ لَعِلْمٌ ، وَلَيْسَ بِذَاكَ(١) ».

ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : « وَإِنَّ(٢) عِنْدَنَا لَمُصْحَفَ فَاطِمَةَعليها‌السلام ، وَمَا يُدْرِيهِمْ مَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَعليها‌السلام ؟ ».

قَالَ : قُلْتُ : وَمَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَعليها‌السلام ؟ قَالَ : « مُصْحَفٌ فِيهِ مِثْلُ قُرْآنِكُمْ هذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، وَاللهِ مَا فِيهِ مِنْ قُرْآنِكُمْ حَرْفٌ وَاحِدٌ »(٣) .

قَالَ : قُلْتُ : هذَا وَاللهِ الْعِلْمُ ، قَالَ : « إِنَّهُ لَعِلْمٌ ، وَمَا هُوَ بِذَاكَ ».

ثُمَّ سَكَتَ سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ عِنْدَنَا عِلْمَ مَا كَانَ ، وَعِلْمَ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ».

قَالَ : قُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، هذَا وَاللهِ هُوَ(٤) الْعِلْمُ ، قَالَ : « إِنَّهُ لَعِلْمٌ ، وَلَيْسَ بِذَاكَ ».

قَالَ : قُلْتُ(٥) : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَأَيُّ شَيْ‌ءٍ الْعِلْمُ؟ قَالَ : « مَا يَحْدُثُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ(٦) ،

__________________

= راجع :المغرب ، ص ٢٢ ( أدم ).

(١) في « ب ، بح » : « بذلك ». وفي البصائر ، ص ١٥١ : « وما هو بذلك » بدل « وليس بذاك ».

(٢) في « ج » : - « وإنّ ».

(٣) في البصائر ، ص ١٥١ : + « إنّما هو شي‌ء أملاها الله وأوحى إليها ».

(٤) في « ف ، بس » : « هو والله » بدل « والله هو ».

(٥) في « ض » : + « له ».

(٦) فيشرح المازندرانى ، ج ٥ ، ص ٣٨٧ : « فإن قلت : قد ثبت أنّ كلّ شي‌ء في القرآن وأنّهم عالمون بجميع ما فيه ، وأيضاً قد ثبت بالرواية المتكاثرة أنّهم يعلمون جميع العلوم ، فما معنى هذا الكلام وما وجه الجمع؟ قلت : أوّلاً أنّ علمهم ببعض الأشياء فعليّ وببعضها بالقوّة القريبة ، بمعنى أنّه يكفي في حصوله توجّه نفوسهم القدسيّة ، وهم يسمّون هذا جهلاً ؛ لعدم حصوله بالفعل. وبهذا يجمع بين الروايات التي دلّ بعضها على علمهم بجميع الأشياء ، وبعضها على عدمه ؛ وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّه يحصل لهم في اليوم والليلة عند توجّه نفوسهم القادسة إلى عالم الأمر علومٌ كثير لم تكن حاصلة بالفعل. وثانياً : أنّ علومهم بالأشياء التي توجد علوم إجماليّة ظلّيّة ، وعند ظهورها عليهم في الأعيان كلّ يوم وليلة علوم شهوديّة حضوريّة ؛ ولا شبهة في أنّ الثاني مغاير للأوّل وأكمل منه ». وراجع في معناه ما نقلنا قبل هذا منالوافي في هامش ح ٦٠٣.

٥٩٥

الْأَمْرُ مِنْ(١) بَعْدِ الْأَمْرِ ، وَالشَّيْ‌ءُ بَعْدَ الشَّيْ‌ءِ(٢) إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».(٣)

٦٣٨/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « تَظْهَرُ الزَّنَادِقَةُ(٤) فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ ، وَذلِكَ أَنِّي نَظَرْتُ فِي مُصْحَفِ فَاطِمَةَعليها‌السلام ».

قَالَ : قُلْتُ : وَمَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَعليها‌السلام ؟

قَالَ : « إِنَّ اللهَ تَعَالى لَمَّا قَبَضَ نَبِيَّهُصلى‌الله‌عليه‌وآله دَخَلَ عَلى فَاطِمَةَعليها‌السلام مِنْ وَفَاتِهِ مِنَ الْحُزْنِ مَا لَايَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَرْسَلَ اللهُ(٥) إِلَيْهَا مَلَكاً يُسَلِّي(٦) غَمَّهَا وَيُحَدِّثُهَا ، فَشَكَتْ‌

__________________

(١) في « ب ، ض ، بر ، بس ، بف » والوافي والبصائر ، ص ١٥١ : - « من ».

(٢) في « ف » : « والذي من بعد الذي » بدل « والشي‌ء بعد الشي‌ء ».

(٣)بصائر الدرجات ، ص ١٥١ ، ح ٣ ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد الجمّال ، عن أحمد بن عمر.وفيه ص ٣٠٣ ، ح ٣ ، من قوله : « إنّ الشيعة يتحدّثون » إلى قوله : « إنّه لعلم وما هو بذاك » ؛الاختصاص ، ص ٢٨٢ ، من قوله : « إنّ الشيعة يتحدّثون » إلى قوله : « يفتح من كلّ باب ألف باب » ؛الخصال ، ص ٦٤٧ ، باب ما بعد الألف ، ح ٣٧ ، إلى قوله : « إنّه لعلم وما هو بذاك » ، مع اختلاف يسير. وفي الثلاثة الأخيرة : عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن بعض أصحابه ، عن أحمد بن عمر الحلبي. وفيبصائر الدرجات ، ص ٣٠٢ - ٣٠٣ ، ح ١ و ٤ و ٥ ؛ وص ٣٠٦ ، ح ١٤ ؛ والخصال ، ص ٦٤٥ ، باب ما بعد الألف ، ح ٢٧ ؛ وص ٦٤٦ - ٦٤٨ ، نفس الباب ، ح ٣٣ و ٣٥ و ٣٦ و ٣٩ ؛ والاختصاص ، ص ٢٨٢ ، بسند آخر : من قوله : « علّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً » إلى قوله : « من كلّ باب ألف باب ». وراجع :الكافي ، كتاب الحجّة ، باب أنّ الأئمّة ورثوا علم النبيّ ، ح ٦٠٣ و ٦٠٤ ؛ وباب الإشارة والنصّ على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ح ٧٦٩ و ٧٧٠ و ٧٧٤ ؛ والخصال ، ص ٦٤٤ ، ح ٢٥.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٧٩ ، ح ١١٣٦.

(٤) « الزَنادِقَة » : جمع الزِنْديق ، وهو من الثنويّة ، أو القائل ببقاء الدهر ، أؤ القائل بالنور والظلمة ، أو من لا يؤمن‌بالآخرة وبالربوبيّة ، أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان ؛ ويقال عند العرب لكلّ ملحد ودهريّ. اُنظر :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٤٧ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٨٤ ( زندق ).

(٥) في « ب ، ج ، ض ، بر ، بف » وشرح المازندراني والوافي والبحار والبصائر : - « الله ».

(٦) في « بس » : « يسلّيها ». وفي حاشية « بر » والوافي والبصائر : « يسلّي عنها ». و « يُسَلِّي غمّها » ، أي يكشف عنها غمّها ويرفعه وانسلى عنه الغمّ وتسلّى بمعنى ، أي انكشف. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٨١ ( سلا ).

٥٩٦

ذلِكَ(١) إِلى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام ، فَقَالَ لَهَا(٢) : إِذَا أَحْسَسْتِ بِذلِكَ وَسَمِعْتِ الصَّوْتَ ، قُولِي لِي ، فَأَعْلَمَتْهُ بِذلِكَ(٣) ، فَجَعَلَ(٤) أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام يَكْتُبُ كُلَّ مَا سَمِعَ حَتّى أَثْبَتَ مِنْ(٥) ذلِكَ مُصْحَفاً ». قَالَ : ثُمَّ قَالَ : « أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَيْ‌ءٌ مِنَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامِ ، وَلكِنْ فِيهِ عِلْمُ مَا يَكُونُ ».(٦)

٦٣٩/ ٣. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ عِنْدِي الْجَفْرَ الْأَبْيَضَ ».

قَالَ : قُلْتُ : فَأَيُّ(٧) شَيْ‌ءٍ فِيهِ؟

قَالَ : « زَبُورُ دَاوُدَ ، وَتَوْرَاةُ مُوسى ، وَإِنْجِيلُ عِيسى ، وَصُحُفُ إِبْرَاهِيمَ ، وَالْحَلَالُ وَالْحَرَامُ ، وَمُصْحَفُ فَاطِمَةَعليها‌السلام ، مَا أَزْعُمُ(٨) أَنَّ فِيهِ قُرْآناً ، وَفِيهِ مَا(٩) يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْنَا(١٠)

__________________

(١) « فشكت ذلك » ، الشِكاية : الإخبار عن الشي‌ء بسوء فعله. تقول : شَكَوْتُ فلاناً أشكوه شَكْوى وشِكايةً وشَكِيَّةً وشَكاةً ، إذا أخبرت عنه بسوء فعله بك. والمراد هنا : مطلق الإخبار ، أو كانت الشكاية لعدم إمكان حفظ جميع كلام الملك ، أو لرعبهاعليها‌السلام من الملك حال وحدتها به وانفرادها بصحبته. راجع :الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٩٤ ( شكا ) ؛شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣٨٨ ؛الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٠ ؛مرآة العقول ، ج ٣ ، ص ٥.

(٢) هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والبحار والبصائر. وفي المطبوع : - « لها ».

(٣) في البحار والبصائر : - « بذلك ».

(٤) « فجعل » ، أي أقبل وأخذ. يقال : جعل يفعل كذا ، أي أقبل وأخذ. راجع :القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٢٩٣ ( جعل ).

(٥) في حاشية « ف » : « في ».

(٦)بصائر الدرجات ، ص ١٥٧ ، ح ١٨ ، عن أحمد بن محمّد.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٠ ، ح ١١٣٧ ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ٥٤٥ ، ح ٦٢ ، من قوله : « قال : إنّ الله تعالى لـمّا قبض نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٧) في حاشية « بر » والوافي والبصائر : « وأيّ ».

(٨) في شرح المازندراني : « ولا أزعم ».

(٩) في حاشية « ف » : « كلّ ما ».

(١٠) في « ف » : « ما يحتاج إليه الناس ». وفي حاشية « بف » : « ما يحتاج الناس إليه ». وقال فيالوافي : « ما يحتاج الناس إلينا » العائد فيه محذوف ، أي « فيه » أو « في علمه ».

٥٩٧

وَلَانَحْتَاجُ(١) إِلى أَحَدٍ ، حَتّى فِيهِ الْجَلْدَةُ وَنِصْفُ الْجَلْدَةِ ، وَرُبُعُ الْجَلْدَةِ ، وَأَرْشُ الْخَدْشِ ؛ وَعِنْدِي الْجَفْرَ الْأَحْمَرَ».

قَالَ : قُلْتُ : وَأَيُّ شَيْ‌ءٍ فِي(٢) الْجَفْرِ الْأَحْمَرِ؟

قَالَ : « السِّلَاحُ ، وَذلِكَ إِنَّمَا يُفْتَحُ لِلدَّمِ ، يَفْتَحُهُ صَاحِبُ السَّيْفِ لِلْقَتْلِ ».

فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي يَعْفُورٍ : أَصْلَحَكَ اللهُ ، أَيَعْرِفُ(٣) هذَا بَنُو الْحَسَنِ؟

فَقَالَ : « إِي وَاللهِ ، كَمَا يَعْرِفُونَ اللَّيْلَ أَنَّهُ لَيْلٌ ، وَالنَّهَارَ أَنَّهُ نَهَارٌ ، وَلكِنَّهُمْ يَحْمِلُهُمُ الْحَسَدُ وَطَلَبُ الدُّنْيَا عَلَى الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ ، وَلَوْ طَلَبُوا الْحَقَّ بِالْحَقِّ(٤) لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ ».(٥)

٦٤٠/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِنَّ فِي الْجَفْرِ الَّذِي يَذْكُرُونَهُ(٦) لَمَا يَسُوؤُهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَايَقُولُونَ الْحَقَّ وَالْحَقُّ فِيهِ ، فَلْيُخْرِجُوا قَضَايَا عَلِيٍّ وَفَرَائِضَهُ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ، وَسَلُوهُمْ عَنِ الْخَالَاتِ وَالْعَمَّاتِ ، وَلْيُخْرِجُوا مُصْحَفَ فَاطِمَةَعليها‌السلام ؛ فَإِنَّ فِيهِ وَصِيَّةَ فَاطِمَةَعليها‌السلام ، وَمَعَهُ سِلَاحُ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ : « ( فَأْتُواْ )(٧) ( بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ

__________________

(١) في « ب ، بح ، بف » : « ولا يحتاج ».

(٢) في « ب » : - « في ».

(٣) في حاشية « ف ، بر ، بس » والوافي : « أفيعرف ».

(٤) في البصائر : - « بالحقّ » وقال في الوافي : « لو طلبوا الحقّ ، أي العلم الحقّ ، أو حقّهم من الدنيا ، « بالحقّ » أي‌ بالإقرار بحقّنا وفضلنا ».

(٥)بصائر الدرجات ، ص ١٥٠ ، ح ١ ، عن أحمد بن محمّد.الإرشاد ، ج ٢ ، ص ١٨٦ ، مرسلاً مع اختلاف وراجع :الكافي ، كتاب الحجّة ، باب الإشارة والنصّ على أبي جعفرعليه‌السلام ، ح ٧٩١.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٢ ، ح ١١٤٠.

(٦) « يذكرونه » يعني الأئمّة الزيديّة من بني الحسن الذين يفتخرون به ويدّعون أنّه عندهم.شرح المازندراني ، ج ٥ ، ص ٣٩٠ ؛الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٣.

(٧) هكذا في النسخ. وفي القرآن الكريم والبصائر في الموضعين : « اِيْتُونِي ». فما هنا نقل بالمعنى.

٥٩٨

عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ) (١) ».(٢)

٦٤١/ ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ ، قَالَ:

سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْجَفْرِ ، فَقَالَ : « هُوَ جِلْدُ ثَوْرٍ مَمْلُوءٌ عِلْماً ».

قَالَ لَهُ : فَالْجَامِعَةُ؟

قَالَ : « تِلْكَ صَحِيفَةٌ طُولُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فِي عَرْضِ الْأَدِيمِ(٣) مِثْلُ فَخِذِ الْفَالِجِ(٤) ، فِيهَا كُلُّ مَا يَحْتَاجُ النَّاسُ إِلَيْهِ(٥) ، وَلَيْسَ مِنْ قَضِيَّةٍ إِلَّا وَهِيَ فِيهَا حَتّى أَرْشُ الْخَدْشِ(٦) ».

قَالَ : فَمُصْحَفُ فَاطِمَةَ؟

قَالَ(٧) : فَسَكَتَ طَوِيلاً ، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّكُمْ لَتَبْحَثُونَ عَمَّا تُرِيدُونَ وَعَمَّا لَاتُرِيدُونَ ، إِنَّ فَاطِمَةَعليها‌السلام مَكَثَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله خَمْسَةً وَسَبْعِينَ يَوْماً ، وَكَانَ دَخَلَهَا حُزْنٌ شَدِيدٌ عَلى أَبِيهَا ، وَكَانَ جَبْرَئِيلُعليه‌السلام يَأْتِيهَا(٨) ، فَيُحْسِنُ عَزَاءَهَا(٩) عَلى أَبِيهَا ، وَيُطَيِّبُ نَفْسَهَا ،

__________________

(١) الأحقاف (٤٦) : ٤. وفي مرآة العقول : « والاستشهاد بالآية لبيان أنّه لابدّ في إثبات حقّيّة الدعوى إمّا إظهار الكتاب من الكتب السماويّة ، أو بقيّة علوم الأنبياء والأوصياء المحفوظة عند الأئمّةعليهم‌السلام ، وهم عاجزون عن الإتيان بشي‌ء منها ؛ أو لبيان أنّه يكون أثارة من علم ، وهي من عندنا ».

(٢)بصائر الدرجات ، ص ١٥٧ ، ح ١٦ ، بسنده عن يونس ، عن رجل ، عن سليمان بن خالد.وفيه ، ص ١٥٨ ، ح ٢١ و ٢٢ ، بسنده عن سليمان بن خالد.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨٣ ، ح ١١٤١.

(٣) « الأديم » : الجلد المدبوغ المصلح بالدباغ ، من الاُدْم ، وهو ما يُؤتدم به. والجمع : ادُم. راجع :المغرب ، ص ٢٢ ( أدم ).

(٤) « الفالج » : الجمل الضَخْم ذو السنامين ، يُحمل من السِنْد للفَحْلة.الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٣٦ ( فلج ).

(٥) في « ف » : « إليه الناس ».

(٦) تقدّم معنى الأرش والخدش ذيل الحديث ١ من هذا الباب.

(٧) في « بر ، بس » والبصائر ، ص ١٥٣ : - « قال ».

(٨) في الكافي ، ح ١٢٤٤ : « يأتيها جبرئيل » بدل « جبرئيلعليه‌السلام يأتيها ».

(٩) « العزاء » : الصبر عن كلّ ما فَقَدْتَ ، وقيل : حُسْنُه.لسان العرب ، ج ١٥ ، ص ٥٢ ( عزا ).

٥٩٩

وَيُخْبِرُهَا عَنْ أَبِيهَا وَمَكَانِهِ ، وَيُخْبِرُهَا بِمَا يَكُونُ بَعْدَهَا فِي ذُرِّيَّتِهَا(١) ، وَكَانَ عَلِيٌّعليه‌السلام يَكْتُبُ ذلِكَ ، فَهذَا مُصْحَفُ فَاطِمَةَعليها‌السلام (٢) ».(٣)

٦٤٢/ ٦. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي بِشْرٍ(٤) ، عَنْ بَكْرِ بْنِ كَرِبٍ الصَّيْرَفِيِّ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ عِنْدَنَا مَا لَانَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى النَّاسِ ، وَإِنَّ(٥) النَّاسَ لَيَحْتَاجُونَ إِلَيْنَا ، وَإِنَّ عِنْدَنَا كِتَاباً إِمْلَاءُ(٦) رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله وَخَطُّ عَلِيٍّعليه‌السلام ، صَحِيفَةً(٧) فِيهَا كُلُّ حَلَالٍ وَحَرَامٍ ، وَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَّا(٨) بِالْأَمْرِ(٩) ، فَنَعْرِفُ إِذَا أَخَذْتُمْ بِهِ ،

__________________

(١) « الذُرِّيَّة » : أصلها الصِغار من الأولاد وإن كان قد يقع على الصِغار والكِبار معاً في التعارف. ويستعمل للواحدوالجمع ، وأصله الجمع. وفي الذُرّيّة ثلاثة أقوال : قيل : هو من ذَرَأ الله الخلق ، فترك همزه. وقيل : أصله ذُرْوِيَّة. وقيل : هو فُعْلِيَّة من الذَرّ نحو قُمْريّة. راجع :المفردات للراغب ، ص ٣٢٧ ( ذرو ).

(٢) في الكافي ، ح ١٢٤٤ : - « فهذا مصحف فاطمةعليها‌السلام ».

(٣)الكافي ، كتاب الحجّة ، باب مولد الزهراء فاطمةعليها‌السلام ، ح ١٢٤٤ ، من قوله : « إنّ فاطمةعليها‌السلام مكثت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».بصائر الدرجات ، ص ١٥٣ ، ح ٦ ، عن أحمد بن محمّد ؛وفيه ، ص ١٤٩ ، ح ١٣ ، عن محمّد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، وتمام الرواية فيه : « أنّه سئل عن الجامعة ، فقال : تلك صحيفة سبعون ذراعاً في عرض الأديم ». راجع :الإرشاد ، ج ٢ ، ص ١٨٦ ، مع اختلاف.الوافي ، ج ٣ ، ص ٥٨١ ، ح ١١٣٨ ؛البحار ، ج ٢٢ ، ص ٥٤٥ ، ح ٦٣ ، وفيه من قوله : « إنّ فاطمة مكثت بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله » ؛ وج ٤٣ ، ص ١٩٤ ، ح ٢٢.

(٤) ورد الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ١٥٤ ، ح ٧ ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم أو غيره ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن بكر بن كرب الصيرفي. والمذكور في بعض مخطوطاته « أحمد بن أبي بشر » بدل « أحمد بن محمّد بن أبي نصر » وهو الظاهر ؛ فإنّ المقام من مواضع تحريف العنوان الغريب بالعنوان المعروف في الأسناد ؛ وأحمد بن أبي بشر عنوان غير مأنوس للنسّاخ.

(٥) في « بح » : « فإنّ ».

(٦) في « ب » والوافي : « بإملاء ». و « الإملاء » : الإلقاء على الكاتب ليكتب. يقال : أمللتُ الكتاب على الكاتب إملالاًوأمليته عليه إملاءً ، أي ألقيته عليه.المصباح المنير ، ص ٥٨٠ ( ملل ).

(٧) فيمرآة العقول : « وصحيفة ، منصوب بالبدليّة من قوله : كتاباً ، أو مرفوع أيضاً بالخبريّة ».

(٨) في « ف » وشرح المازندراني والوافي : « لتأتون ». وفيالنحو الوافي ، ج ١ ، ص ١٦٣ : « هناك لغة تحذف نون‌الرفع من غير جازم وناصب » فلا يحتاج إلى تشديد النون.

(٩) في البصائر ، ص ١٥٤ : « فتسألونا » بدل « بالأمر ». وقال فيمرآة العقول : « لتأتونا بالأمر ، أي من الاُمور التي =

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722