و قال الراوندي : اجتالتهم : عدلت بهم ، و ليس بشيء ١ .
قلت : بل قوله ليس بشيء ، لعدم ذكره في لغة ، و قول الرّاوندي صحيح ،
ففي ( القاموس ) : اجتالهم : حوّلهم عن قصدهم ٢ .
« و اقتطعتهم » أي : قطعتهم ، و التعبير بالاقتطاع للدّلالة على أنّ قطعه لهم كان موافق هواهم .
« عن عبادته » و طاعته .
« فبعث فيهم رسله » قال ابن أبي الحديد : قال الرّاوندي : بعث يونس قبل نوح . قال : و هذا خلاف إجماع المفسّرين ٣ .
قلت : لم أقف فيه على ما قاله .
« و واتر إليهم أنبياءه » قال ابن أبي الحديد : أي بعثهم ، و بين كلّ نبيين عليهم السّلام فترة ٤ . و قال : و هذا ممّا تغلط فيه العامّة ، فتظنّه كما ظنّ الراوندي أنّ المراد به المرادفة و المتابعة ٥ .
قلت : أيّ شيء أنكر من قول الرّاوندي من أنّ المراد من الجملة : المرادفة و المتابعة ، و قد قال تعالى : ثمّ أرسلنا رسلنا تترى كلّما جاء أمّة رسولها كذّبوه فأتبعنا بعضهم بعضا . . . ٦ و قد كان أنبياؤه تعالى لم يكن لهم انقطاع ،
كلّما مضى سلف منهم ، قام بأمر اللّه تعالى خلف ، كما تواتر به الخبر ٧ ، و قد
ـــــــــــــــــ
( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٣٧ .
( ٢ ) القاموس المحيط ٣ : ٣٥٢ مادة ( جول ) .
( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٣٨ .
( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٣٧ .
( ٥ ) المصدر نفسه .
( ٦ ) المؤمنون : ٤٤ .
( ٧ ) الأحاديث في هذا المعنى كثيرة ، جمع بعض طرقه المجلسي في بحار الأنوار ٢٣ : الباب ١ ، و ٢٣ : ٥٧ الباب ٢ .