بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 605

  • البداية
  • السابق
  • 605 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 113413 / تحميل: 6084
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

كان ساسان أهدى غزالين من ذهب و جوهرا و سيوفا و ذهبا كثيرا ، فقذفه في زمزم ، و ذهب قوم أنّ ذلك كان لجرهم حين كانت بمكّة ١ .

هذا آخر كلام المسعودي ، و قد عرفت ممّا مرّ كثرة الأقوال في نسب الفرس ، هل هم من ولد ناسور بن سام أو ارفخشد بن سام أو أسود بن سام أو من ولد لوط أو من ولد عيلام أو إيران بن أفريدون أو منوجهر بن أفريدون و الكلّ غير إسحاق ، و إنّما قول ضعيف إنّ الفرس الاولى انقرضت ، و الأكاسرة من ولد مسحر بن ويرك ( إسحاق ) مع أنّهم كانوا منكرين لذلك ، فمرّ قول المسعودي .

و الفرس لا تنقاد إلى القول : بأنّ الملك يكون فيها لأحد غير ولد أفريدون في عصر من الأعصار في ما سلف و خلف ، إلى أن زال عنهم الملك ، إلاّ أن يكون دخل عليهم داخل على طريق التعصّب بغير حقّ .

و أمّا ذهاب بعض شعراء عدنان إليه كاسحاق العدوي ، و جرير التميمي ، و بشار الأعمى ، فانّما كان لأنّ قحطان كانوا يفخرون عليهم بالملك ،

و لم يكن في عدنان ملوك ، فأرادوا النقض عليهم فادّعوا أنّ الأكاسرة من ولد عمّنا إسحاق ، و ملك الأكاسرة كان فوق ملك اليمن ، كما عرفت من أشعار الثلاثة ، كما أنّ ذهاب بعض شعراء العجم إليه أيضا كان لإرادة التفاخر بأنّه كما كان لنا الملك كان لنا النبوّة لكون إسحاق أبانا .

و قد عرفت أنّ الطبري ، و ابن قتيبة ، و الدينوري ، و هشام الكلبي ، و أباه محمّد بن السائب جعلوا الأكاسرة من غير إسحاق ، و عرفت أنّ ابن المعتزّ أيضا أنكر كونهم منه . و لو كانوا من ولد إسحاق لكان فيهم أشياء من سنن إبراهيم عليه السّلام كما كانت في أولاد ، إسماعيل ، مع كونهم عابدي الأصنام ، بل

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ١ : ٢٦٠ و النقل بتلخيص .

٢٨١

كانوا بالضدّ من سنن إبراهيم ، كيف و كانوا يحلّون نكاح الأمّهات و البنات و الأخوات ؟ و أمّا قولهم : إنّ الفرس كانت تهدي إلي الكعبة ، و إنّهم كانوا يحجّون البيت ، و إنّهم أهدوا الغزالين و سيوفا ، و إنّ زمزم سمّيت زمزم لزمزمتهم عليها ، فمجرّد دعوى ، كقولهم بأنّهم من ولد إسحاق ، ففي : ( الأخبار و السير ) :

أنّ المهدي للغزالين و السيوف جرهم ، و قد نقله المسعودي أيضا ١ .

و وجه تسمية البئر بزمزم في أخبارنا شي‏ء آخر ٢ .

و أمّا كون القياصرة من ولد عيص بن إسحاق ، فالظاهر أنّ الأصل فيه التوراة الّتي بيد اليهود ٣ ، و تحريفها واضح .

و كيف كان فلا يقال للأكاسرة و القياصرة : بنو إسحاق . و إنّ فرض كونهم من ولد إسحاق ، حيث إنّهم مشتهرون بلقبيهم أكاسرة و قياصرة و إنّما يقال لغيرهم ممّن لم يكن لهم عنوان خاص ، و قد يجعل الخاص في قبال العام مع كونه صنفا منه ، فتقول : قريش و بنو هاشم . فالمراد بقريش غير بني هاشم ، و إن كانوا بنو هاشم من قريش ، و قد قال عليه السّلام هنا : « و بني إسحاق و بني إسرائيل » مع أنّ إسرائيل هو يعقوب ابن إسحاق ، فلا بدّ أن يراد ببني إسحاق غير بني إسرائيل .

و بالجملة ما قاله ابن أبي الحديد في غاية السقوط ، و الكلام على ظاهره

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ١ : ٢٦٦ .

( ٢ ) أخرج القمي في تفسيره ١ : ٦١ ضمن حديث عن الصادق عليه السّلام « فإنه كان سائلا فزمّته بما جعلته حوله ، فلذلك سمّيت زمزم » . و قال الطريحي في مجمع البحرين ٦ : ٨١ مادة ( زمّ ) : « سميت به لكثرة مائها ، و قيل لزمّ هاجر ماءها حين انفجرت ، و قيل لزمزمة جبرئيل و كلامه » .

( ٣ ) جاء في التوراة ، في سفر التكوين الاصحاح ٣٦ ذكر مواليد عيسو بن اسحاق ، و ليس فيها ذكر للقياصرة ، و لا في سائر المواضع من العهدين .

٢٨٢

و تأويله عليل ، و سيأتي التصريح من الطبري و المسعودي بقتل الأكاسرة و القياصرة لبني إسرائيل ١ .

« فما أشدّ اعتدال الأحوال » في الأمثال : الناس كأسنان المشط ٢ .

« و أقرب اشتباه » أي : تشابه .

« الأمثال » قالوا في المثل : سواسية كأسنان الحمار ٣ .

« تأمّلوا أمرهم في حال تشتّتهم و تفرّقهم » من كونهم في غاية الذلّ و الهوان .

و من القواعد الفطرية و الأمور الطبيعيّة كون التشتّت و التفرّق موجبا للذلّة بل الفناء .

و في ( الأغاني ) : نزلت عدوان على ماء ، فأحصوا فيهم سبعين ألف غلام أغرل سوى من كان مختونا لكثرة عددهم ، ثمّ وقع بأسهم بينهم فتفانوا ، فقال ذو الإصبع :

عذير الحي من عدوا

ن كانوا حيّة الأرض

بغى بعضهم بعضا

فلم يبقوا على بعض

فقد صاروا أحاديث

برفع القول و الخفض

و منهم كانت السادا

ت و الموفون بالقرض

و منهم حكم يقضي

فلا ينقض ما يقضي

و روى أنّ سبب تفانيهم أنّ بني ناجي منهم أغاروا على بني عوف منهم . فقال ذو الإصبع :

فإن تك عدوان بن عمرو تفرّقت

فقد غيّبت دهرا ملوكا هنالكا

٤

ـــــــــــــــــ

( ١ ) يأتي في هذا العنوان في شرح فقرة : « لا يأوون إلى جناح » .

( ٢ ) مجمع الأمثال للميداني ٢ : ٣٤٠ ، و المستقصى للزمخشري ١ : ٣٥٢ .

( ٣ ) مجمع الأمثال للميداني ١ : ٣٢٩ ، و المستقصى للزمخشري ٢ : ١٢٣ .

( ٤ ) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ٢ : ٨٩ ، ١٠٤ ، و النقل بتلخيص .

٢٨٣

و في ( الأغاني ) أيضا : أنّ كليب بن ربيعة التغلبي كان قد عزّ و ساد في ربيعة ، فبغى بغيا شديدا ، و كان هو الّذي ينزلهم منازلهم و يرحّلهم ، و لا ينزلون و لا يرحلون إلاّ بأمره ، و بلغ من عزّه أنّه اتّخذ جرو كلب ، فكان إذا نزل منزل كلأ قذف ذلك الجرو فيه فيعوي ، فلا يرعى أحد ذلك الكلأ إلاّ بإذنه ، و كان يفعل هذا بحياض الماء ، فلا يردها أحد إلاّ بإذنه ، فضرب به المثل في العزّ ،

فقيل : أعزّ من كليب وائل . و كان يحمي الصيد ، فيقول : صيد ناحية كذا و كذا في جواري ، فلا يصيد منه أحد شيئا . و كان لا يمرّ بين يديه أحد إذا جلس ، و لا يحتبي أحد في مجلسه غيره ، فقتله جسّاس بن مرّة البكري ، فبينا امرأة كليب أخت جسّاس تغسل رأس كليب ، و تسرّحه ذات يوم ، إذ قال : من أعزّ وائل ؟

فصمتت ، فأعاد عليها ، فلمّا أكثر عليها ، قالت : أخواي جسّاس و همّام . فنزع رأسه من يدها و أخذ القوس ، فرمى فصيل ناقة البسوس خالة جسّاس و جارة بني مرّة ، فأغمضوا على ما فيه ، و سكتوا على ذلك ، ثمّ لقي كليب ابن البسوس فقال : ما فعل فصيل ناقتكم ؟ قال : قتلته و أخليت لنا لبن أمّه . فأغمضوا على هذه أيضا .

ثمّ إنّ كليبا أعاد على امرأته : من أعزّ وائل ؟ فقالت : أخواي . فأضمرها و أسرّها في نفسه ، و سكت حتّى مرّت به إبل جسّاس ، فرأى ناقة بسوس فأنكرها ، فقال : ما هذه ؟ فقالوا : لخالة جسّاس ، فقال : أو قد بلغ من أمر ابن السعدية أن يجير عليّ بغير إذني ؟ إرم ضرعها يا غلام . فرمى ضرع الناقة ،

فاختلط دمها بلبنها ، و راحت الرعاة على جسّاس ، فأخبروه بالأمر . فقال :

احلبوا لها مكيالي لبن بمحلبها ، و لا تذكروا لها شيئا . فسكت جسّاس حتّى ظعن ابنا وائل . فمرّت بكر بن وائل على نهر يقال له : شبيث . فنفاهم كليب عنه ،

و قال : لا يذوقون منه قطرة . ثمّ مرّوا على بطن الجريب ، فمنعهم إيّاه ، فمضوا

٢٨٤

حتّى نزلوا ( الذنائب ) ثمّ مرّ عليه جسّاس ، و هو واقف على غدير الذنائب ، فقال :

طردت إبلنا عن المياه حتّى كدت تقتلهم عطشا . فقال : ما منعناهم من ماء إلاّ و نحن له شاغلون . فمضى جسّاس ، و معه ابن عمّه المزدلف ، و قال بعضهم :

بل ناداه جسّاس ، فقال : هذا كفعلك بناقة خالتي . فقال : أو قد ذكرتها ، أما إنّي لو وجدتها في غير إبل ( مرّة ) لا ستحللت تلك الإبل بها . فعطف عليه جسّاس فطعنه برمح ، فأنفذ حضنيه ، فلمّا تداجمه الموت ، قال : يا جسّاس اسقني الماء .

قال : ما عقلت استسقاءك الماء منذ ولدتك أمّك إلاّ ساعتك هذه إلى أن قال قال جسّاس لأخيه نضلة و يقال له : عضد الحمارة :

و إنّي قد جنيت عليك حربا

تغصّ الشيخ بالماء القراح

مذكّرة متى ما يصح عنها

فتى نشبت بآخر غير صاح

تنكّل عن ذئاب الغيّ قوما

و تدعو آخرين إلى الصلاح

فأجابه نضلة :

فإن تك قد جنيت عليّ حربا

فلا و ان و لا رثّ السلاح

فلمّا قتل كليب ، قالت بنو تغلب بعضهم لبعض : لا تعجلوا على إخوتكم حتّى تعذروا بينكم و بينهم . فانطلق رهط من أشرافهم ، و ذوي أسنانهم حتّى أتوا مرّة بن ذه فعظّموا ما بينهم و بينه ، و قالوا له : اختر منّا ، إمّا أن تدفع إلينا جسّاسا فنقتله بصاحبنا ، فلم يظلم من قتل قاتله ، و إمّا أن تدفع إلينا همّاما ، و إمّا أن تقيدنا من نفسك . فسكت ، و قد حضرته وجوه بكر بن وائل ، فقالوا : تكلّم غير مخذول . فقال : أمّا جسّاس فغلام حديث السنّ ، ركب رأسه فهرب حين خاف ، فلا علم لي به ، و أمّا همّام فأخر عشرة و أبو عشرة ، و لو دفعته إليكم لصيّح بنوه في وجهي ، و قالوا : دفعت أبانا بجريرة غيره ، و أمّا أنا فلا أتعجّل الموت ، و هل تزيد الخيل على أن تجول جولة ، فأكون أوّل قتيل ، و لكن هل لكم

٢٨٥

في غير ذلك ؟ هؤلاء بنيّ ، فدونكم أحدهم فاقتلوه به ، و إن شئتم فلكم ألف ناقة تضمنها لكم بكر بن وائل . فغضبوا و قالوا : إنّا لم نأتك لتؤدي إلينا بنيك ، و لا لتسومنا اللبن . فتفرّقوا و وقعت الحرب . قالوا : كانت حربهم أربعين سنة ،

فيهن خمس وقعات مزاحمات ١ .

و في ( عيون ابن قتيبة ) عن وهب : أنّ اللّه تعالى قال لشعيا : قم في قومك أوح على لسانك . فلما قام شيعا أنطلق اللّه لسانه بالوحي ، فقال : يا سماء استمعي ، يا أرض انصتي . فأنصتت الأرض ، و استمعت السّماء . فقال : إنّ اللّه تعالى يقول لكم : إنّي استقبلت بني إسرائيل بالكرامة ، و هم كالغنم الضائعة لا راعي لها ، فأويت شاذّتها و جمعت ضالّتها ، و جبرت كسيرها و داويت مريضها ، و أسمنت مهزولها ، فبطرت فتناطحت ، فقتل بعضها بعضا ، حتّى لم يبق منها عظم صحيح يجبر إليه آخر كسير . إنّ الحمار ممّا يتذكّر آريّه الّذي شبع عليه فيراجعه ، و إنّ الثور ممّا يتذكّر مرجه الّذي سمن فيه فينتابه ، و إنّ البعير ممّا يتذكّر وطنه ألّذي نتج فيه فينزع إليه ، و إنّ هؤلاء القوم لا يذكرون أنّي جاءهم الخير ، و هم أهل الألباب و أهل العقول ، ليسوا بإبل و لا بقر و لا حمير ، و إنّي ضارب لهم مثلا فاسمعوه ، قل لهم : كيف ترون في أرض كانت زمانا من أزمانها خربة مواتا لا حرث فيها ، و كان لها ربّ قوي حليم ، فأقبل عليها بالعمارة ، و كره أن تخرب أرضه و هو قويّ ، و أن يقال له : ضيّع و هو عليم ، فأحاط عليها سياجا ، و شيّد فيها قصرا ، و أنبط فيها نهرا ، و صنف فيها غراسا من الزيتون و الرمّان ، و النخيل و الأعناب ، و ألوان الثمار ، و ولى ذلك ذا رأي و همّة ، حفيظا قويّا أمينا ، فلمّا أن جاء إبّان إثمارها أثمرت خرّوبا ، ما كنتم قائلين له و مشيرين عليه ؟ قالوا : كنّا نقول : بئست الأرض أرضك . و نشير عليه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) لم أجده في الأغاني .

٢٨٦

أن يقلع سياجها ، و يهدم قصرها ، و يدفن نهرها ، و يحرق غرسها حتّى تعود خربة مواتا لا عمران فيها . قال اللّه تعالى : قل لهم : إنّ السياج ذمّتي ، و إنّ القصر شريعتي ، و إنّ النهر كتابي ، و إنّ القيّم نبيّي ، و إنّ الغرس مثل لهم ، و الخرّوب أعمالهم الخبيثة ، و إنّي قد قضيت عليهم قضاءهم على أنفسهم ، يتقرّبون إليّ بذبح الغنم و البقر ، و ليس ينالني اللحم و لا آكله ، و يدعون أن يتقرّبوا إليّ بالتقوى ، و الكفّ عن ذبح الأنفس التي حرّمتها . . . ١ .

« ليالي كانت الأكاسرة » جمع كسرى : لقب ملوك الفرس .

« و القياصرة » لقب ملوك الروم ، قالوا : و أوّل من لقّب به منهم أغسطس ،

لأنّ أمّه ماتت و هي حامل به فشقّ بطنها . و معنى قيصر : شقّ عنه . فكان يفتخر بأنّ النساء لم يلدنه ٢ .

« أربابا لهم » أي : مالكين لأمورهم .

« يحتازونهم » أي : يفصلونهم .

« عن ريف الآفاق » أي : خصبها .

« و بحر العراق » هكذا في النسخ ٣ ، و الظاهر أنّ الأصل : و بحري العراق ،

و المراد دجلة و الفرات ، فإنّهما لكثرة خيرهما ، و ما يحصل منهما سمّيا الرافدين ، قال الفرزدق ليزيد بن عبد الملك لمّا ولّى عمر بن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٢٦٣ .

( ٢ ) هذا قول المسعودي في مروج الذهب ١ : ٣٤٢ . و التحقيق ان لفظ ( قيصر ) معرب الكلمة اللاتينية ( ) و هو صيغة الحال المجهول الانشائي ، أو المستقبل المجهول الخبري من مصدر ( ) بمعنى ( الشق ) ، و أوّل من سمّي به ( غايوس جوليونس سزار ) و هو الذي شقّ بطن أمّه عند تولده ، و أمّا ( أغسطس ) فهو أول من اتّخذ هذا اللفظ لقبا لنفسه ، كما صرّح به دائرة المعارف العالمية [ ( . ) ٣ : ٤٧٢ ] و بروكسهاس [ ( ) ٢ : ٨٦ ] ، و غيرهما ، و جاء ذكر اغسطس ملقبا بقيصر في إنجيل لوقا الاصحاح الثاني ، الآية الأولى .

( ٣ ) كذا في نهج البلاغة ٢ : ١٥٣ ، و شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤١ ، و شرح ابن ميثم ٤ : ٢٨٩ .

٢٨٧

هبيرة الفزاري العراق :

أولّيت العراق و رافديه

فزاريّا أحذّ يد القميص

و كان يقال للعراق : السواد لكثرة شجرها .

« و خضرة الدّنيا » الظاهر أن المراد بها الشام ، كان يقال للشام : بدل الجنّة .

قال النعمان بن جبلة التنوخي و هو من صاحب رايات معاوية لمعاوية : و سنقاتل عن تين الغوطة و زيتونها ، إذ حرمنا أثمار الجنّة و أنهارها ١ .

و مراده من حرمانهم من ثمار الجنّة لقتالهم لأمير المؤمنين عليه السّلام في مساعدة معاوية .

« إلى منابت الشّيح » من النباتات القليلة الفائدة ، أي : إلى مواضع لم يحصل منها نباتات جيّدة .

« و مهافي » أي : مذاهب .

« الريح » أي : مواضع يكثر هبوب الرياح فيها .

« و نكد المعاش » أي : مواضع يعسر العيش فيها .

« فتركوهم عالة » أي : ذوي فاقة .

« مساكين » لا حيلة لهم .

« إخوان دبر » بفتحتين : قرحة الدابّة ، يقال : و هان على الأملس ما لاقى الدبر بالفتح فالكسر . يضرب في عدم اهتمام الرجل بصاحبه ، و المراد كونهم أرباب إبل مقروحة السنام .

« و وبر » و المراد كونهم أرباب بيوت من وبر الآبال ، دون بيوت مبنيّة .

« أذلّ الأمم دارا » و مسكنا .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٨٥ .

٢٨٨
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

« و أجدبهم » أي : أقحطهم .

« قرارا » و موضعا .

« لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها ، و لا إلى ظلّ ألفه يعتمدون على عزّها » فكانوا أذلاّء ، قال البحتري :

و في حرب العشيرة مؤبدات

تضعضع تالد العزّ المهيب

و في ( الطبري ) : لمّا استولى أردشير على الملك بالعراق ، كره كثير من تنوخ أن يقيموا في مملكته ، و أن يدينوا له ، فخرج من كان منهم من قبائل قضاعة الّذين كانوا أقبلوا مع مالك و عمرو ، إبني فهم و مالك بن زهير و غيرهم ، فلحقوا بالشام إلى من هنالك من قضاعة ، و كان ناس من العرب يحدثون في قومهم الأحداث أو تضيق بهم المعيشة ، فيخرجون إلى ريف العراق ، و ينزلون الحيرة على ثلاث أثلاث : ثلث تنوخ : و هو من كان يسكن المظالّ ، و بيوت الشعر و الوبر في غربي الفرات ، في ما بين الحيرة و الأنبار و ما فوقها ، و الثلث الثاني العباد : و هم الّذين كانوا سكنوا الحيرة و ابتنوا بها ،

و الثلث الثالث الأحلاف : و هم الّذين لحقوا بأهل الحيرة ، و نزلوا فيهم ممّن لم يكن من تنوخ الوبر ، و لا من العباد الّذين دانوا لأردشير ، و كانت الحيرة و الأنبار بنيتا جميعا في زمن بختنصّر . . . ١ .

و قال في شرح حال سابور ذي الأكتاف : إنّه كان حملا في زمن أبيه ،

فأوصى بالملك للحمل ، فولد مملّكا ، و تقلّد الوزراء و الكتّاب الأعمال الّتي كانوا يعملونها في ملك أبيه ، و لم يزالوا على ذلك حتّى فشا خبرهم ، و شاع في أطراف مملكة الفرس أنّه كان لا ملك لهم ، و أنّ أهلها إنّما يتلوّمون صبيّا في المهد ، لا يدرون ما هو كائن من أمره ، فطمعت في مملكتهم الترك و الروم ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ١ : ٤٨٠ .

٢٨٩

و كانت بلاد العرب أدنى البلاد إلى فارس ، و كانوا من أحوج الأمم إلى تناول شي‏ء من معايشهم ، و بلادهم لسوء حالهم ، و شظف عيشهم ، فسار جمع عظيم منهم في البحر من ناحية بلاد عبد القيس و البحرين و كاظمة ، حتّى أناخوا على إيرانشهر و سواحل أردشير خره و أسياف فارس ، و غلبوا أهلها على مواشيهم و حروثهم و معايشهم ، و أكثروا الفساد في تلك البلاد ، فمكثوا على ذلك من أمرهم حينا لا يغزوهم أحد من الفرس ، لعقدهم تاج الملك على طفل حتّى تحرّك سابور و ترعرع . . . ثمّ انتخب سابور ألف فارس من صناديد جنده ، و أبطالهم ، و تقدّم إليهم في المضيّ لأمره و نهيه ، و نهاهم عن الإبقاء على ما لقوا من العرب و العرجة على إصابة مال ، ثمّ سار بهم ، فأوقع بمن انتجع بلاد فارس من العرب و هم غارّون ، و قتل منهم أبرح القتل ، و أسر أعنف الأسر ،

و هرب بقيّتهم ، ثمّ قطع البحر في أصحابه ، و استقرى بلاد البحرين يقتل أهلها ،

و لا يقبل فداء ، و لا يعرج على غنيمة ، ثمّ مضى على وجهه ، فورد هجرو بها ناس من أعراب تميم ، و بكر بن وائل و عبد القيس ، فأفشى فيهم القتل ، و سفك فيهم من الدماء سفكا سالت كسيل المطر ، حتّى كان الهارب منهم يرى أنّه لن ينجيه منه غار في جبل ، و لا جزيرة في بحر ، ثمّ عطف إلى بلاد عبد القيس فأباد أهلها إلاّ من هرب منهم ، فلحق بالرمال ، ثمّ أتى اليمامة فقتل بها مثل تلك المقتلة ، و لم يمرّ بماه من مياه العرب إلاّ غوّره ، و لا جبّ من جبابهم إلاّ طمّه ، ثمّ أتى قرب المدينة ، فقتل من وجد هنالك من العرب و أسر ، ثمّ عطف نحو بلاد بكر و تغلب في ما بين مملكة فارس ، و مناظر الروم بأرض الشام ، فقتل من وجد بها من العرب و سبى و طمّ مياههم ، و أنّه أسكن من البحرين دارين ،

و اسمهما : هيج و الخط ، و من كان من عبد القيس و طوائف من تميم و هجر ،

و من كان من بكر بن وائل كومان ، و هم الّذين يدعون بكر أبان ، و من كان

٢٩٠

بينهم من بني حنظة بالرملية من بلاد الأهواز ١ .

و في ( الطبري ) أيضا : كان ملك الفرس متّصلا دائما من عهد جيومرث إلى أنّ زال عنهم بأمّة نبيّنا صلى اللّه عليه و آله ، و كانت النبوّة و الملك متّصلين بالشام و نواحيها لولد إسرائيل بن إسحاق ، إلى أن زال عنهم ذلك بالفرس و الروم بعد يحيى و عيسى ٢ .

و في ( المروج ) ثمّ ملك بعده أي : من ملوك الروم طيطش و اسباسيانوس مشتركين في الملك ثلاث عشرة سنة ، و ذلك بمدينة رومية ،

و لسنة خلت من ملك هذين الملكين سارا إلى الشام ، و كانت لهما مع بني إسرائيل حروب عظيمة ، و قتل فيها من بني إسرائيل ثلاثمائة ألف ، و خربا بيت المقدس ، و أحرقا الهيكل بالنار ، و حرثاه بالبقر ، و أزالا رسمه ، و محوا أثره ٣ .

« فالأحوال مضطربة ، و الأيدي مختلفة ، و الكثرة متفرّقة » في ( عقد ابن عبد ربه ) في حروب قيس في الجاهلية و أيّامهم : الأوّل : يوم منعج لغني على عبس ، و فيه قتل شاس بن زهير العبسي . الثاني : يوم النقراوات لبني عامر على بني عبس ، فيه قتل زهير بن جذيمة العبسي . الثالث : يوم بطن عاقل لذبيان على عامر ، فيه قتل خالد بن جعفر . الرابع : يوم رحرحان لعامر على تميم ، أسر فيه معبد بن زرارة ، و مات في أسره هزالا . الخامس : يوم شعب جبلة لعامر و عبس على ذبيان و تميم ، و هو أعظم أيّامهم ، فيه قتل لقيط بن زرارة ،

و معاوية بن الجون ، و منفذ بن طريف الأسدي ، و مالك بن ربعي ، و أسر حاجب بن زرارة ، و سنان بن أبي حارثة ، و عمرو بن أبي عمرو . و عدّ أيّامهم ستّا

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ١ : ٤٩٠ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) تاريخ الطبري ١ : ٩٩ ، ٣٨٢ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ١ : ٣٤٦ .

٢٩١

و ثمانين آخرها يوم ذي قار و قد بعث النبيّ صلى اللّه عليه و آله ١ .

و في ( الطبري ) : كان بختنصر في زمان لهراسب ، و كان اصبهبد ما بين الأهواز إلى أرض الروم من غربي دجلة ، فشخص حتّى أتى دمشق فصالحه أهلها ، و وجّه قائدا له فأتى بيت المقدس ، فصالح ملك بني إسرائيل ، و هو رجل من ولد داود ، و أخذ منه رهائن و انصرف ، فلمّا بلغ طبرية ، و ثبت بنو إسرائيل على ملكهم ، فقتلوه ، و قالوا : راهنت أهل بابل و خذلتنا ، و استعدّوا للقتال . فكتب قائد بختنصر إليه بما كان ، فكتب إليه يأمره أن يقيم بموضعه حتّى يوافيه ،

و أن يضرب أعناق الرهائن الّذين معه . فسار بختنصر حتّى أتى بيت المقدس ،

فأخذ المدينة عنوة ، فقتل المقاتلة ، و سبى الذرّية ٢ .

و في ( المروج ) في الثامن ممّن ملك من بني إسرائيل بعد سليمان عليه السّلام : ملك بعده أي بعد نوفا أجام فأظهر عبادة الأصنام ، و طغى و أظهر البغي ،

فصار إليه بعض ملوك بابل ، و كان يقال له فلعيعس ، و كان من عظماء ملوك بابل ، و كان للإسرائيلي معه حروب إلى أن أسره البابلي ، و خرّب مدن الأسباط و مساكنهم ، و كان في أيّامه تنازع بين اليهود في الديانة ، فشذّ منهم الأسامرة ، و أنكروا نبوّة داود عليه السّلام و من تلاه في الأنبياء ، و أبوا أن يكون بعد موسى نبيّ ٣ .

و فيه : تاسعهم : حزقيل . و سار سنجاريب ملك بابل إلى بيت المقدس ،

و قتل خلقا كثيرا من بني إسرائيل ، و سبى من الأسباط عددا كثيرا . و قال في عاشرهم ميشا : قتل شعيبا النبيّ عليه السّلام فبعث اللّه قسطنطين ملك الروم ، فسار

ـــــــــــــــــ

( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٦ : ٣ ، و النقل باختصار .

( ٢ ) تاريخ الطبري ١ : ٣٨٢ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ١ : ٧٢ ، و النقل بتلخيص .

٢٩٢

إليه و أسره . و قال في حادي عشرهم : أمور اشتدّ بغيه ، فسار إليه فرعون الأعرج من مصر ، فأمعن في القتل ، و أسره . و قال في ثاني عشرهم : نوفين هو أبو دانيال عليه السّلام ، و في عصره سار بختنصر و هو مرزبان العراق و العرب من قبل ملك فارس ، فأمعن في القتل و الأسر ، و حملهم إلى أرض العراق ، و أخذ التوراة و طرحه في بئر ، و عمد إلى تابوت السكينة ، فأودعه بعض المواضع من الأرض . فيقال : كان عدّة من سبى من بني إسرائيل ثمانية عشر ألفا ١ .

و في ( تاريخ اليعقوبي ) في تعداد ملوك بني إسرائيل : ثمّ ملك يويتيم و هو أبو دانيال النبيّ عليه السّلام ، و في عصره سار بختنصر ملك بابل إلى بيت المقدس فقتل بني إسرائيل ، و سباهم و حملهم إلى أرض بابل ، ثمّ صار إلى أرض مصر ، فقتل فرعون الأعرج ملكهما ، و أخذ التوراة و ماكان من الهيكل من كتب الأنبياء ، فصيّرها في بئر و طرح عليها النار . . . فقال ارمياء النبيّ عليه السّلام : اللّهم علام سلّطت بختنصر على بني إسرائيل ؟ فأوحى اللّه إليه : إنّي انّما انتقم من عبادي إذا عصوني بشرار خلقي . و لم يزل بنو إسرائيل في الأسر حتّى تزوج امرأة منهم ، فسألت أن يردّ قومها إلى بلدهم . فلمّا رجع بنو إسرائيل إلى بلدهم ، ملّكوا عليهم زر بابل ، فبنى مدينة بيت المقدس و الهيكل ، و أقام على بنائه ستا و أربعين سنة ، و في زمانه مسخ اللّه بختنصر بهيمة أنثى ، فلميزل ينتقل في أجناس البهائم سبع سنين ،

ثمّ يقال : إنّه تاب إلى اللّه عزّ و جلّ فأحياه بشرا ثمّ مات ، و كان زر بابل الّذي أخرج التوراة و كتب الأنبياء من البئر التي دفنها بختنصر ، فوجدها بحالها لم تحترق ٢ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ١ : ٧٢ ، و النقل بتلخيص .

( ٢ ) تاريخ اليعقوبي ١ : ٦٥ ، و النقل بتلخيص .

٢٩٣

« في بلاء » من هنا خصّ عليه السّلام الكلام ببني إسماعيل ، و لعلّ في الكلام سقطا .

« أزل » أي : ضيق .

« و أطباق » قال ابن ميثم : في خط الرضي كسر الهمزة ١ .

« جهل » أي : جهل مطبق ، كحمّى مطبقة ، لا تفارق ليلا و نهارا .

« من بنات موءودة » أي : مدفونة حيّة ، قال الجوهري : كانت كندة تئد البنات . قال الفرزدق :

و منّا الّذي منع الوائدات

فأحيا الوئيد فلم يؤاد

٢ و قال ابن أبي الحديد : كان قوم من العرب يئدون البنات ، قيل : إنّهم بنو تميم خاصّة ، و أنّه استفاض منهم في جيرانهم . و قيل : بل كان ذلك في بني تميم و قيس و أسد و هذيل و بكر بن وائل . قالوا : و ذلك أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله دعا عليهم ،

فقال : « اللّهم اشدد وطأتك على مضر ، و اجعل عليهم سنين كسني يوسف » ٣ .

فأجدبوا سبع سنين حتّى أكلوا الوبر بالدم ، و كانوا يسمّونه العلهز ، و أدوا البنات لإملاقهم و فقرهم ، و قد دلّ على ذلك بقوله : و لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق . . . ٤ ، قال : . . . و لا يقتلن أولادهنّ ٥ . و قال قوم : بل و أدوا البنات أنفة ،

و زعموا أنّ تميما منعت النّعمان الأتاوة سنة من السّنين ، فوجّه إليهم أخاه الرّيان بن المنذر و جلّ من معه بكر بن وائل ، فاستاق النّعم ، و سبى الذّراري إلى أن قال : فوفدت بنو تميم إلى النّعمان و استعطفوه ، فرّق عليهم و أعاد

ـــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن ميثم ٤ : ٢٩٩ .

( ٢ ) صحاح اللغة للجوهري ١ : ٥٤٣ مادة ( وعد ) .

( ٣ ) صحيح مسلم ١ : ٤٦٦ ح ٢٩٤ ، و غيره .

( ٤ ) الإسراء : ٣١ .

( ٥ ) الممتحنة : ١٢ .

٢٩٤

عليهم السّبي ، و قال : كلّ امرأة اختارت أباها ردّت إليه ، و إن اختارت صاحبها تركت عليه ، فكلّهنّ اخترن آباءهنّ إلاّ ابنة قيس بن عاصم فإنّها اختارت من سباها ، و هو عمرو بن المشمرخ اليشكري ، فنذر قيس بن عاصم المنقري التّميمي أن لا يولد له بنت إلاّ و أدها و الوأد : أن يخنقها في التّراب ، و يثقل وجهها به حتّى تموت ثمّ اقتدى به كثير من بني تميم . قال سبحانه : و إذا الموءودة سئلت بأيّ ذنب قتلت ١ إلى أن قال : و في الحديث : أنّ صعصعة بن ناجية بن عقال لمّا وفد على النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : يا رسول اللّه : إنّي كنت أعمل في الجاهليّة عملا صالحا ، فهل ينفعني ذلك اليوم ؟ قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله :

و ما عملت ؟ قال : أضللت ناقتين عشراوين فركبت جملا و مضيت في بغائهما ،

فرفع لي بيت جريد فقصدته ، فإذا شيخ جالس بفنائه ، و فسألته عن الناقتين ،

فقال : ما نارهما ؟ قلت : ميسم بني دارم . قال : هما عندي ، و قد أحيا اللّه بهما قوما من أهلك من مضر . فجلست معه ليخرجهما إليّ ، و فإذا عجوز خرجت من كسر البيت ، فقال لها : ما وضعت ؟ فإن كان سقبا شاركنا في أموالنا ، و إن كان حائلا و أدناها . فقالت العجوز : وضعت أنثى . فقلت له : أتبيعها ؟ قال : و هل تبيع العرب أولادها ؟ قلت : إنّما أشتري حياتها ، و لا أشتري رقّها . قال : فبكم ؟ قلت : احتكم .

قال : بالناقتين و الجمل . قلت : ذاك لك ، على أن يبلغني الجمل و إيّاها . قال : قد بعتك فاستنقذتها منه بالجمل و الناقتين ، و آمنت بل يا رسول اللّه ، و قد صارت لي سنّة في العرب أن أشتري كلّ موءودة بناقتين عشراوين و جمل ، فعندي إى هذه الغاية ثمانون و مائتا موءودة قد أنقذتهنّ . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : لا ينفعك ذاك ، لأنّك لم تبتغ به وجه اللّه ، و إن تعمل في إسلامك عملا صالحا تثب عليه ٢ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) التكوير : ٨ ٩ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٢ .

٢٩٥

قلت : الأصل في ما قاله المبرد في ( كامله ) ١ إلاّ أنّه تخليط منه بين و أد البنات للأنفة ، و قتل الأولاد و لو كانوا بنين للفقر و الفاقة ، و في الأوّل : قوله تعالى : و إذا الموءودة سئلت . بأيّ ذنب قتلت ٢ ، و في الثاني : قوله تعالى :

و لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم و إيّاكم . . . ٣ ، و أمّا قوله تعالى : . . . و لا يقتلن أولادهنّ . . . ٤ فليس في واحد منهما ، بل في زانيات يقتلن أولادهن .

قال ابن أبي الحديد : روى الزبير بن بكار في ( الموفقيات ) أنّ أبا بكر قال في الجاهليّة لقيس بن عاصم المنقري : ما حملك على أن و أدت ؟ قال : مخافة أن يخلف عليهنّ مثلك ٥ .

قلت : روى ( أغاني أبو الفرج ) أنّ أبا دلامة كنّي باسم جبل بمكّة يقال له :

أبو دلامة . كانت قريش تئد فيه البنات في الجاهلية ، و هو بأعلى مكّة ٦ .

« و أصنام معبودة » قال ابن الكلبي في ( أصنامه ) : كانت مناة أقدم أصنامهم ، و كانت العرب تسمّي : عبد مناة ، و زيد مناة . و كان منصوبا على ساحل البحر من ناحية المشلل بقديد بين المدينة و مكّة ، و كانت العرب جميعا تعظّمه و تذبح حوله ، و لم يكن أحد أشدّ إعظاما له من الأوس و الخزرج ، فكانوا يحجّون و لا يحلقون حتّى يأتوه ، فيحلقوا عنده ، يرون ذلك تماما لحجّهم ، فلم يزل على ذلك حتّى خرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله عام الفتح ، فلمّا سار أربع ليال أو خمسا

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكامل للمبرد ٤ : ٢٣٠ ٢٣٥ .

( ٢ ) التكوير : ٨ ٩ .

( ٣ ) الإسراء : ٣١ .

( ٤ ) الممتحنة : ١٢ .

( ٥ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٣ .

( ٦ ) الأغاني لأبي الفرج الاصفهاني ١٠ : ٢٣٧ .

٢٩٦

بعث عليّا عليه السّلام إليها فهدمها ، و أخذ ما كان لها ، فأقبل به إلي النبيّ صلى اللّه عليه و آله فكان في ما أخذ سيفان كان الحارث بن أبي شمر الغسّاني ملك غسان أهداهما له يسمّى أحدهما : مخذما ، و الآخر : رسولا ، و ذكرهما علقمة :

مظاهر سربالي حديد عليهما

عقيلا سيوف مخذوم و رسوب .

فوهبهما النبيّ صلى اللّه عليه و آله لعليّ عليه السّلام ، و يقال : إنّ ذا الفقار سيف عليّ عليه السّلام أحدهما ، و يقال : إنّ عليّا عليه السّلام وجد هذين السيفين في الفلس ، و هو صنم طي ،

حيث بعثه النبيّ صلى اللّه عليه و آله فهدمه إلى أن قال : و مرض أبو أحيحة ، و هو سعيد ابن العاص بن أميّة مرضه الّذي مات فيه ، فدخل عليه أبو لهب يعوده ، فوجده يبكي ، فقال : أمن الموت تبكي و لا بدّ منه ؟ قال : لا ، و لكنّي أخاف ألاّ يعبد العزّى بعدي . قال أبو لهب : و اللّه ما عبدت في حياتك من أجلك ، و لا تترك عبادتها بعدك لموتك . فقال أبو أحيحة : الآن علمت أن لي خليفة ، و أعجبه شدّته في عبادتها إلى أن قال : و كانت لقريش أصنام في جوف الكعبة و حولها ، و كان أعظمها عندهم هبل و كان في ما بلغني من عقيق أحمر على صورة الإنسان ، مكسور اليد اليمنى أدركته قريش كذلك ، فجعلوا له يدا من ذهب ، و له يقول أبو سفيان حين ظفر يوم أحد : اعل هبل . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : اللّه أعلى و أجلّ ١ .

و روى ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام كانت قريش تلطخ الأصنام الّتي كانت حول الكعبة بالمسك و العنبر ، و كان يغوث قبال الباب ، و كان يعوق عن يمين الكعبة ، و كان نسر عن يسارها ، و كانوا إذا دخلوا خرّوا سجّدا ليغوث و لا ينحنون ثمّ يستديرون بحيالهم إلى يعوق ، ثمّ يستديرون بحيالهم إلى نسر ،

ثمّ يلبّون فيقولون : لبّيك اللّهم لبّيك لبيك لا شريك لك إلاّ شريك هو لك تملكه و ما ملك . قال فبعث اللّه ذبابا أخضر له أربعة أجنحة ، فلم يبق من ذلك المسك

ـــــــــــــــــ

( ١ ) رواه عنه الحموي في معجم البلدان ٤ : ١١٦ ، و ٥ : ٢٠٤ ، ٣٩١ متفرقا ، و النقل بتصرف في اللفظ .

٢٩٧

و العنبر شيئا إلاّ أكله ، و أنزل اللّه تعالى : يا أيّها النّاس ضرب مثل فاستعموا له إنّ الذين تدعون من دون اللّه لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له و إن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب و المطلوب ١ .

« و أرحام مقطوعة » فبكر و تغلب كانوا بني عمّ و جدّهما وائل ، و الأوس و الخزرج كانوا بني عم و جدّهما حارثة ، و قد ذكر التاريخ حروب كلّ منهما ،

و الأيّام الّتي كانت بينهما .

« و غارات مشنونة » أي : متفرقة من كلّ جانب ، قالت ليلى الأخيلية :

شننّا عليهم كلّ جرداء شطبة

لجوج تباري كلّ أجرد شرحب

٢ و كان أحدهم يغير على آخر فيرجع ، فيرى أنّ آخر أغار عليه .

و قال الخوئي : قد ألّف إبراهيم بن مسعود الثقفي كتابا سمّاه ( كتاب الغارات ) جمع فيه غارات العرب و حروبهم ٣ .

قلت : كتاب إبراهيم الثقفي إنّما هو في غارات معاوية بعد صفّين على البلاد الّتي كانت في يد أمير المؤمنين عليه السّلام ٤ ، و أمّا غارات العرب قبل الاسلام كما هو مورد كلامه عليه السّلام فقد جمعها مع حروبهم ابن عبد ربّه في ( عقده ) ٥ ،

و الجزري في ( كاملة ) ٦ بعنوان أيّام العرب .

« فانظروا إلى مواقع نعم اللّه عليهم حين بعث إليهم رسولا » قال عزّ و جلّ :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ٤ : ٥٤٢ ح ١١ ، و الآية ٧٣ من سورة الحج .

( ٢ ) أورده في لسان العرب ١٣ : ٢٤٢ مادة ( شنن ) .

( ٣ ) شرح الخوئي ٥ : ٢٨٧ .

( ٤ ) طبع أخيرا كتاب الغارات لأبي إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي باهتمام السيد جلال الدين المحدث الارموي و تحقيقه في مجلدين بطهران .

( ٥ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٦ : ٢ .

( ٦ ) الكامل لابن الأثير ١ : ٥٠٢ .

٢٩٨

هو الّذي بعث في الأمّيين رسولا منهم يتلو عليهم آياته و يزكّيهم و يعلّمهم الكتاب و الحكمة و إن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ١ .

قال الشاعر :

أ تذكر إذ لحافك جلد شاة

و إذ نعلاك من جلد البعير

و في ( العقد ) : كانت آخر وقائع العرب وقعة ذي قال ، و قد بعث النبيّ صلى اللّه عليه و آله فأخبر أصحابه بها ، و قال : اليوم انتصفت العرب من العجم ، و بي نصروا ٢ .

« فعقد بملّته طاعتهم » فكان المؤمنون يطيعونه أكثر من طاعة السوقة للملوك ، و في ( الطبري ) : كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذا غضب احمارّ و جنتاه ، فأتاه المقداد على تلك الحال لمّا أراد غزوة بدر فقال : أبشر يا رسول اللّه ، فو اللّه لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : . . . اذهب أنت و ربّك فقاتلا إنّا هاهنا قاعدون ٣ و لكن و الّذي بعثك بالحقّ لنكونّن من بين يديك و من خلفك و عن يمينك و عن شمالك ، أو يفتح اللّه لك ، لو سرت بنا إلى برك الغماد يعني مدينة الحبشة لجالدنا معك . فقال له النبيّ صلى اللّه عليه و آله خيرا ، و دعا له بخير ، ثمّ قال : أشيروا عليّ أيّها الناس ، و إنّما يريد الأنصار إلى أن قال : قال له سعد بن معاذ : و اللّه لكأنّك تريدنا يا رسول اللّه . قال : أجلّ . قال : فقد آمنّا بك و صدّقناك و شهدنا أنّ ما جئت به هو الحقّ ، و أعطيناك على ذلك عهودنا و مواثيقنا على السمع و الطاعة ٤ .

« و جمع على دعوته ألفتهم » قال تعالى : و ألّف بين قلوبهم لو أنفقت ما

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الجمعة : ٢ .

( ٢ ) نقله ابن عبد ربه في العقد الفريد ٦ : ٩٦ و النقل بالمعنى .

( ٣ ) المائدة : ٢٤ .

( ٤ ) تاريخ الطبري ٢ : ١٤٠ سنة ٢ ، و خلط الشارح في النقل بين حديث البراء بن عازب و عبد اللّه بن مسعود .

٢٩٩

في الأرض جميعا ما ألّفت بين قلوبهم و لكنّ اللّه ألّف بينهم إنّه عزيز حكيم ١ .

و إذكروا نعمة اللّه عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا و كنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبيّن اللّه لكم آياته لعلّكم تهتدون ٢ .

« كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها » و جعلتهم تحت حضانتها .

« و أسالت لهم جداول » أي : أنهارا .

« نعيمها » فمتّعتهم بثمارها ، و في ( تاريخ بغداد ) عن عتبة بن غزوان : لقد رأيتني مع النبيّ صلى اللّه عليه و آله سابع سبعة ، قد قرحت أشداقنا من أكل ورق الشجر ،

حتّى وجدت بردة فاقتسمتها بيني و بين سعد ، و ما منّا اليوم إلاّ أمير على مصر ٣ .

« و التفّت الملّة بهم في عوائد بركتها » قال ابن أبي الحديد : أي جمعتهم الملّة كائنة في عوائد بركتها ٤ .

قلت : بل المعنى لصقتهم الملّة ، أي : ملّت الاسلام ، و احاطت بهم من حيث عوائد بركتها .

« فأصبحوا في نعمته » أي : نعمة ملّة الإسلام .

« غرقين » إلى رؤوسهم .

« و في خضرة عيشها فكهين » أي : مسرورين و أشرين و بطرين .

« قد تربّعت الأمور » أي : صلحت و استقامت ، قال شاعر :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الأنفال : ٦٣ .

( ٢ ) آل عمران : ١٠٣ .

( ٣ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ١ : ١٥٦ ، و النقل بالمعنى .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٤٣ .

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

أمرك، والطف ما صنع في شأنك، جعلك مفتاح شهر حادث، لامر حادث، جعلك هلال بركة لا تمحقها الأيام، وطهارة لا تدنّسها الآثام، هلال أمن من الآفات، وسلامة من السيئات، هلال سعد لا نحس فيه، ويمن لا نكد فيه، ويسر لا يمازجه عسر، وخير لا يشوبه شر، هلال أمن وإيمان، ونعمة وإحسان، اللّهمّ صلّ على محمّد وآله، واجعلنا من أرضى من طلع عليه، وأزكى من نظر إليه، واسعد من تعبّد لك فيه، ووفّقنا اللّهمّ فيه للطّاعة والتوبة، واعصمنا من الآثام، واوزعنا فيه شكر النّعمة، والبسنا فيه جنن(٢) العافية، وأتمم علينا لا ستكمال طاعتك فيه المنّة، انك أنت المنّان الحميد، وصلى الله على محمّد وآله الطّيبين، واجعل لنا فيه عونا، على ما ندبتنا إليه من مفترض طاعتك، وتقبّلها إنّك الأكرم من كلّ كريم، والأرحم من كلّ رحيم ».

[ ٨٦١٦ ] ٦ - وعن ابي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا رأيت الهلال، فقل: اللّهمّ قد حضر شهر رمضان، وقد افترضت علينا صيامه، وأنزلت فيه القرآن، هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان، اللّهمّ اعنّا على صيامه، وتقبّله منّا، وسلّمنا فيه، وسلّمنا منه، وسلّمه لنا، في يسر(١) وعافية، إنّك على كلّ شئ قدير، يا رحمان يا رحيم ».

[ ٨٦١٧ ] ٧ - وعن الجزء الثالث، من أمالي ابي المفضّل محمّد بن عبد المطّلب

____________________________

(٢) جُنن: جمع جُنّة، وهي الدرع والستر الواقي (لسان العرب ج ١٣ ص ٩٤).

٦ - الإقبال ص ١٨.

(١) في المصدر: يسرٍ منك.

٧ - إقبال الأعمال ص ١٨.

٤٤١

الشيباني: بإسناده إلى الفضيل بن يسار، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: كان عليعليه‌السلام ، إذا كان بالكوفة، يخرج والناس معه يتراأى هلال شهر رمضان، فإذا رأه قال: اللّهمّ أهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، وصحّة من السّقم، وفراغ لطاعتك من الشّغل، وأكفنا بالقليل من النّوم، يا رحيم ».

[ ٨٦١٨ ] ٨ - وعن أبي الحسن الأولعليه‌السلام ، قال: « إذا رأيت الهلال، فقل: اللّهمّ قد حضر شهر رمضان، وقد افترضت علينا صيامه وقيامه، فأعنّا على صيامه وقيامه، وتقبّله منّا، وسلّمنا فيه، وسلّمه لنا، في يسر منك وعافية، إنك على كلّ شئ قدير، يا أرحم الراحمين ».

قال رحمه الله: ثمّ قل ما وجدناه في نسخة عتيقة، من كتب اصول الشيعة: ربّي وربّك الله ربّ العالمين، اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وأهلّه علينا، وعلى أهل بيوتنا واشياعنا، بامن وإيمان، وسلامة وإسلام، وبرّ وتقوى، وعافية مجلّلة، ورزق واسع حسن، وفراغ من الشّغل، واكفنا بالقليل من النّوم، والمسارعة فيما تحب وترضى، وثبّتنا عليه، اللّهمّ بارك لنا في شهرنا هذا، وارزقنا بركته وخيره، وعونه وغنمه، ويمنه ونوره، ورحمته ومغفرته، واصرف عنّا شرّه وضرّه، وبلاءه وفتنته، اللّهمّ ما قسمت فيه من رزق، أو خير، أو عافية، أو فضل، أو مغفرة، أو رحمة، فاجعل نصيبنا فيه الأكبر، وحظّنا فيه الأوفر.

____________________________

٨ - إقبال الأعمال ص ١٨.

٤٤٢

[ ٨٦١٩ ] ٩ - وعن ابي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذا رأى الهلال، قال: الحمد لله الّذي خلقك وقدرّك، وجعلك مواقيت للناس، اللّهمّ اهلّه علينا هلالا مباركا ».

قال رحمه الله: ثمّ قل ما وجدناه في كتاب عتيق بدعوات من طرق اصحابنا، كأنّه من أُصولهم (رحمهم الله تعالى)، قال: إذا رأيت الهلال تقول: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ربّي وربّك الله، لا إله إلّا هو ربّ العالمين، الحمد لله الّذي خلقني وخلقك، وقدرّك منازل، وجعلك آية للعالمين، يباهي الله بك الملائكة، اللّهمّ اهلّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والغبطة والسرور، والبهجة والحبور، وثبّتنا على طاعتك، والمسارعة فيما يرضيك، اللّهمّ بارك لنا في شهرنا هذا وارزقنا خيره وبركته، ويمنه وعونه وقوته، واصرف عنّا شرّه وبلاءه وفتنته، برحمتك يا ارحم الراحمين.

ثمّ قل ما وجدناه في نسخة عتيقة، قيل أنّها بخطّ الرّضي الموسوي: اللّهمّ إنّي اسألك يا مبدئ البدايا، ويا خالق الأرض والسماء، ويا اله من بقي، وإله من مضى، ويا من رفع السماء وسطح الأرض، الهي وأسألك بأنك تبعث ارواح البلى، بقدرتك وأمرك، وسلطانك على عبادك وإمائك الاذلاء، إلهى وأسألك بأنّك تبعث الموتى، وتميت الأحياء وأنت ربّ الشعرى ومناة الثّالثة الأُخرى أن تصلّي على محمّد وعلى أهل بيت محمّد عدد الحصى والثّرى وصلّ على محمّد وعلى أهل بيت محمّد صلاة تكون لك رضى وارزقني في هذا الشهر التّقى والنّهى والصّبر على البلاء والعون عند القضاء، واجعلني الهي من أهل العافية والمعافاة، وهب لي يقين أهل التّقى، واعمال أهل النّهى، وصبر أهل

____________________________

٩ - إقبال الأعمال ص ١٩.

٤٤٣

البلوى، فإنّك تعلم يا إلهي ضعفي عند البلاء وقلّة صبري في الشّدة والرّخاء، ولا تتبعني ببلاء، ارحم ضعفي، واكشف كربي، وفرّج همّي، وارحمني رحمة تطفئ بها سخطك عنّي، واعف عنّي، وجد عليّ، فعفوك وجودك يسعني، واستجب لي في شهرك المبارك، الّذي عظّمت حرمته وبركته، واجعلني الهي ممّن آمن واتّقى، في الدين والدّنيا والآخرة، مع من اتوالّى واتولى، ولا تلحقني بمن مضى من أهل الجحود، في هذه الدنيا، والجعلني الهي مع محمّد وأهل بيت محمّد، (عليه وعليهم السلام)، في كلّ عافية أو بلاء، وكلّ شدّة ورخاء، واحشرني معهم لا مع غيرهم، في الدّين والدّنيا ابدا، وفي الآخرة غدا، يوم يحشر الناس ضحى، واجعل الآخرة خيرا لي من الأُولى، واصرف عنّي بمنزلتهم عذاب الآخرة وخزي الدّنيا، وفقرها ومسكنتها، وما فيها، يا ربّاه يا ربّاه، يا مولاياه، يا ولي نعمتاه، آمين آمين، اختم لي ذلك على ما اقول يا ربّاه، ثمّ صلّ على محمّد واهل بيته (عليه وعليهم السلام)، وسل حوائجك، تقضى إن شاء الله تعالى.

[ ٨٦٢٠ ] ١٠ - وعن ابي المفضّل محمّد بن عبدالله الشّيباني، فيما رواه بإسناده إلى عبدالعظيم بن عبدالله الحسنيرحمه‌الله بالرّي، قال: صلّى أبو جعفر محمّد بن علي الرّضاعليهما‌السلام ، صلاة المغرب، في ليلة رأى فيها هلال شهر رمضان، فلمّا فرغ من الصلاة ونوى الصيام، رفع يديه فقال:

« اللّهمّ يا من يملك التّدبير، وهو على كلّ شئ قدير، يا من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور، ويجن الضّمير، وهو اللّطيف الخبير، اللّهمّ اجعلنا ممّن نوى فعمل، ولا تجعلنا ممّن شقى فكسل،

____________________________

١٠ - إقبال الأعمال ص ٢٢.

٤٤٤

ولا ممّن هو على غير عمل يتكل، اللّهمّ صحّح ابداننا من العلل، واعنّا على ما افترضت علينا من العمل، حتّى ينقضي عنّا شهرك هذا، وقد أدّينا مفروضك فيه علينا، اللّهمّ اعنّا على صيامه، ووفّقنا لقيامة، ونشّطنا فيه للصّلاة، ولا تحجبنا من القراءة، وسهّل لنا ايتاء الزكاة، اللّهمّ لا تسلّط علينا وصبا ولا تعبا ولا سقما ولا عطبا، اللّهمّ ارزقنا الافطار من رزقك الحلال، اللّهمّ سهّل لنا ما قسمته من رزقك، ويسّر ما قدرته من أمرك، واجعله حلالا طيّبا، نقيّا من الآثام، خالصا من الاصار والاجرام، اللّهمّ لا تطعمنا إلّا طيّبا، غير خبيث ولا حرام، واجعل رزقك لنا حلالاً لا يشوبه دنس ولا اسقام، يا من علمه بالسر كعلمه بالاعلان، يا متفضّلا على عباده بالاحسان، يا من هو على كلّ شئ قدير، وبكلّ شئ عليم خبير، الهمنا ذكرك، وجنّبنا عسرك، وانلنا يسرك، واهدنا الرّشاد، ووفّقنا للسّداد، واعصمنا من البلايا، وصنّا عن الأوزار والخطايا، يا من لا يغفر عظيم الذّنوب غيره، ولا يكشف السّوء إلّا هو، يا أرحم الرّاحمين، وأكرم الأكرمين، صلّ على محمّد واهل بيته الطّيبين، واجعل صيامنا مقبولا، وبالبرّ والتّقوى موصولا، وكذلك فاجعل سعينا مشكورا، وقيامنا مبرورا، وقراءتنا مرفوعة، ودعاءنا مسموعا، واهدنا للحسنى، وجنّبنا العسرى، ويسّرنا لليسرى، واعل لنا الدّرجات، وضاعف لنا الحسنات، واقبل منّا الصّوم والصّلاة، واسمع منّا الدّعوات، واغفر لنا الخطيئات، وتجاوز عنّا السيّئات، واجعلنا من العاملين الفائزين، ولا تجعلنا من المغضوب عليهم ولا الضّالين، حتّى ينقضي شهر رمضان عنّا، وقد قبلت فيه صيامنا وقيامنا، وزكّيت فيه أعمالنا، وغفرت فيه ذنوبنا، وأجزلت فيه من كلّ خير نصيبنا، فإنّك الإله المجيب، والربّ الرّقيب، وأنت بكلّ شئ محيط ».

٤٤٥

[ ٨٦٢١ ] ١١ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يدعو أوّل ليلة من شهر رمضان، هذا الدّعاء: « الحمد لله الّذي اكرمني بك أيّها الشهر المبارك، اللّهمّ فقوّنا على صيامنا وقيامنا، وثبّت اقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، اللّهمّ انت الواحد فلا ولد لك، وأنت الصّمد فلا شبه لك، وأنت العزيز فلا يعزّك شئ، وأنت الغني، وأنا الفقير، وأنت المولى، وأنا العبد، وأنت الغفور، وأنا المذنب، وأنت الرّحيم، وأنا المخطئ، وأنت الخاق، وأنا المخلوق، وأنت الحي، وأنا الميّت، اسألك برحمتك أن تغفر لي وترحمني، وتجاوز عنّي، إنّك على كلّ شئ قدير ».

١٤ -( باب استحباب الدّعاء، في كلّ يوم من شهر رمضان بالمأثور)

[ ٨٦٢٢ ] ١ - الشيخ ابراهيم الكفعمي في مصباحه: عن روضة العابدين لأبي الفتح الكراجكي، أنّه يستحبّ ان يدعو في كلّ يوم من شهر رمضان، بهذا الدّعاء، وفي أوّل ليلة منه، ويسمّى دعاء الحجّ: « اللّهمّ منك أطلب حاجتي، ومن طلب حاجته إلى أحد من الناس، فإنّي لا أطلب حاجتي إلّا منك، وحدك لا شريك لك أسألك بفضلك ورضوانك، أن تصلّي على محمّد وأهل بيته، وان تجعل لي في عامي هذا، إلى بيتك الحرام سبيلا، حجّة مبرورة متقبّلة، زاكية خالصة لك، تقرّ بها عيني، وترفع بها درجتي، وترزقني أن اغضّ بصري،

____________________________

١١ - إقبال الأعمال ص ٦٢.

الباب - ١٤

١ - مصباح الكفعمي ص ٦١٦.

٤٤٦

وأن أحفظ فرجي، وأن اكفّ عن جميع محارمك، حتّى لا يكون عندي شئ آثر من طاعتك وخشيتك، والعمل بما احببته، والتّرك لمـّا كرهت ونهيت عنه، واجعل ذلك في يسر منك وعافية، واوزعني شكر ما انعمت به عليّ، وأسألك أن تجعل وفاتي قتلا في سبيلك، تحت راية محمّد نبيّك،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع وليّك (صلوات الله عليهما)، واسألك ان تقتل بي أعداءك وأعداء رسولك، وأن تكرمني بهوان من شئت من خلقك، ولا تهنّي بكرامة أحد من أوليائك، اللّهمّ اجعل لي مع الرّسول سبيلا، حسبي الله، ما شاء الله، وصلى الله على سيدنا محمّد رسوله، خاتم النّبيين، وآله الطّاهرين ».

ورواه الكليني في الكافي(١) عن علي، عن أبيه، عن اسماعيل بن مرار، عن يونس، عن ابراهيم، عن محمّد بن مسلم، والحسين بن محمّد، عن احمد بن اسحاق، عن سعدان، عن أبي بصير، قال: كان أبو عبداللهعليه‌السلام ، يدعو بهذا الدّعاء، في شهر رمضان، وذكر مثله.

[ ٨٦٢٣ ] ٢ - وفي البلد الأمين: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من دعا بهذا الدّعاء، في شهر رمضان بعد المكتوبة، غفر الله له ذنوبه إلى يوم القيامة [ وهو ](١) : اللّهمّ أدخل على أهل القبور السّرور، اللّهمّ أغن كلّ فقير، اللّهمّ اشبع كلّ جائع، اللّهمّ اكس كلّ عريان، اللّهمّ اقض دين كلّ مدين، اللّهمّ فرج عن كلّ مكروب، اللّهمّ ردّ كلّ غريب، اللّهمّ فكّ كلّ أسير، اللّهمّ اصلح كلّ فاسد من أُمور المسلمين، اللّهمّ اشف كلّ مريض، اللّهمّ سدّ فقرنا بغناك،

____________________________

(١) الكافي ج ٤ ص ٧٤ ح ٦.

٢ - البلد الأمين ص ٢٢٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٤٧

اللّهمّ غير سوء حالنا بحسن حالك، اللّهمّ اقض عنا الدّين، واغننا من الفقر، إنّك على كلّ شئ قدير ».

الشهيد في مجموعته: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله(٢) .

١٥ -( باب أنّ من أسلم في شهر رمضان، لم يجب عليه قضاء ما فاته قبل الإسلام، ولا اليوم الّذي أسلم فيه، إلّا أن يسلم قبل الفجر، وعدم وجوب إعادة المخالف صومه إذا استبصر)

[ ٨٦٢٤ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أنّ رجلاً أسلم في النّصف من شهر رمضان، فقال لهعليه‌السلام : صم ما أدركت، ولا قضاء عليك ».

[ ٨٦٢٥ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الإسلام يجبّ ما قبله ».

[ ٨٦٢٦ ] ٣ - علي بن ابراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( وَقَالُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا ) (١) الآية، عن أُمّ سلمة، في حديث، أنّها قالت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في فتح مكة: بأبي انت وأُمّي يا رسول الله، سعد بك جميع الناس إلّا اخي، من بين قريش والعرب،

____________________________

(٢) مجموعة الشهيد ص ١٠١ و ١٦٨.

الباب - ١٥

١ - الجعفريات ص ٦٢.

٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٥٤ ح ١٤٥.

٣ - تفسير القمي ج ٢ ص ٢٧.

(١) الإسراء ١٧: ٩٠.

٤٤٨

رددت إسلامه، وقبلت إسلام الناس كلّهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا أُمّ سلمة، إنّ أخاك كذّبني تكذيباً لم يكذّبني أحد من الناس، هو الّذي قال [ لي ](٢) :( لَن نُّؤْمِنَ لَكَ - الآية إلى قوله تعالى -كِتَابًا نَّقْرَؤُهُ ) (٤) » قالت [ أُمّ سلمة ](٣) : بأبي أنت وأُمّي يا رسول الله، ألم تقل: إنّ الإسلام يجبّ ما قبله؟ قال: « نعم » فقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، اسلامه.

١٦ -( باب أنّه يجب أن يقضي أكبر الأولاد الذكور، ما فات الميّت من صيام، تمكّن من قضائه ولم يقضه، فإن تبرّع احد بالقضاء عنه جاز، فإن لم يتمكّن لم يجب القضاء، إلّا ان يفوت لسفر، وإن كان له مال، تصدّق عن كلّ يوم بمدّ)

[ ٨٦٢٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا مات الرجل، وعليه صوم من شهر رمضان، فعلى وليّه أن يقضي عنه، وكذلك إذا فاته في السفر، إلّا أن يكون مات في مرضه من قبل أن يصحّ، فلا قضاء عليه، وإذا كان للميّت وليّان، فعلى أكبرهما من الرجال أن يقضي عنه، فإن لم يكن له ولي من الرجال، قضى عنه وليّه من النساء ».

الصّدوق في المقنع: مثله(١) .

____________________________

(٢، ٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) الاسراء ١٧: ٩٠ - ٩٣.

الباب - ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) المقنع ص ٦٣.

٤٤٩

[ ٨٦٢٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « من مرض في شهر رمضان، فلم يصحّ حتّى مات، فقد حيل بينه وبين القضاء، ومن مرض [ فيه ](١) ثمّ صح فلم يقض [ ما مرض فيه ](٢) حتّى مات، (فيستحبّ لوليّه)(٣) أن يقضي عنه (ما مرض عليه، ولا تقضي امرأة عن رجل)(٤) ».

قلت: بل الأقوى الوجوب، والخبر محمول على التّقيّة، فإنّ وجوب القضاء على الوليّ مذهب الشّافعي في القديم خاصّة.

١٧ -( باب حكم من كان عليه شئ من قضاء شهر رمضان، فأدركه شهر رمضان آخر)

[ ٨٦٢٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا مرض الرجل، وفاته صوم شهر رمضان كلّه، ولم يصمه إلى أن يدخل عليه شهر رمضان من قابل، فعليه أن يصوم هذا الّذي قد دخل عليه، ويتصدّق عن الأوّل لكلّ يوم بمدّ طعام، وليس عليه القضاء، إلّا أن يكون قد صحّ فيما بين شهرين رمضانين، فإذا كان كذلك ولم يصم، فعليه أن يتصدّق عن الأوّل لكلّ يوم بمدّ من طعام، ويصوم الثّاني، فإذا صام الثّاني قضى الأوّل بعده، فإن فاته شهرين رمضانين، حتّى دخل الشهر الثّالث وهو مريض، فعليه أن يصوم الّذي دخله، ويتصدّق عن الأوّل لكلّ يوم

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٩.

(١، ٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: فينبغي لوليه ويستحبّ له.

(٤) ما بين القوسين ليس في المصدر.

الباب - ١٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥ باختلاف يسير.

٤٥٠

بمدّ من طعام، ويقضي الثّاني ».

الصّدوق في المقنع: مثله(١) .

١٨ -( باب استحباب التتّابع في قضاء شهر رمضان، وأنّه لا يجب، بل يجوز التّفريق، وعدم وجوب التّتابع في غير المواضع المنصوصة)

[ ٨٦٣٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال: « كان عليعليه‌السلام ، لا يرى بقضاء شهر رمضان منقطعا باسا، وقال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قضى شهر رمضان متفرّقا، وكان إذا غزا في شهر رمضان أفطر ».

[ ٨٦٣١ ] ٢ - وبهذا الأسناد: عن عليعليه‌السلام : « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قضى شهر رمضان متفرّقا ».

[ ٨٦٣٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « يقضي شهر رمضان من كان فيه عليلا أو مسافرا، عدّة ما اعتلّ و(١) سافر فيه، إن شاء متّصلا، وإن شاء متفرّقا، وإنّما قال الله عزّوجلّ:( فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٢) فإذا أتى بالعدّة، (فقد أتى بما يجب)(٣)

____________________________

(١) المقنع ص ٦٤.

الباب - ١٨

١، ٢ - الجعفريات ص ٦١.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٩ عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام .

(١) في المصدر: أو.

(٢) البقرة ٢: ١٨٤.

(٣) في المصدر: فهو الذي.

٤٥١

عليه ».

[ ٨٦٣٣ ] ٤ - السيد فضل الله الراوندي: بإسناده الصّحيح عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال عليعليه‌السلام : يجوز قضاء شهر رمضان متفرّقا »، ورواه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[ ٨٦٣٤ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن أردت قضاء شهر رمضان، فأنت بالخيار إن شئت قضيتها متتابعا، وإن شئت متفرّقا، فقد روي عن أبي عبداللهعليه‌السلام : أنّه قال: يصوم ثلاثة أيّام ثمّ يفطر ».

[ ٨٦٣٥ ] ٦ - الصدوق في المقنع: وإذا أردت قضاء شهر رمضان، فإن شئت قضيته متتابعا، وإن شئت قضيته متفرّقا.

١٩ -( باب جواز قضاء الفائت من شهر رمضان، في أيّ شهر كان، ولو في ذي الحجّة، وعدم وجوب الفوريّة، وعدم جواز قضائه في السّفر)

[ ٨٦٣٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه كره أن يقضى شهر رمضان في ذي الحجّة، وقال: « إنّه شهر نسك ».

____________________________

٤ - نوادر الراوندي ص ٣٧.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٦ - المقنع ص ٦٣.

الباب - ١٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٠.

٤٥٢

٢٠ -( باب عدم جواز التّطوّع بالصوم، لمن عليه شئ من قضاء شهر رمضان، وغيره من الصّوم الواجب)

[ ٨٦٣٧ ] ١ - دعائم الإسلام: سئل جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن رجل عليه من [ صيام ](١) شهر رمضان طائفة، ايتطوّع بالصوم؟ قال: « لا، حتّى يقضي ما عليه، ثمّ يصوم إن شاء ما بدا له تطوعاً ».

[ ٨٦٣٨ ] ٢ - وعن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا يقبل ممّن كان عليه صيام فريضة، صيام نافلة، حتّى يقضي الفريضة ».

[ ٨٦٣٩ ] ٣ - الصدوق في المقنع: اعلم أنّه لا يجوز أن يتطوّع الرجل، وعليه شئ من الفرض، كذلك وجدته، في كلّ الأحاديث.

[ ٨٦٤٠ ] ٤ - الشهيد الثاني في روض الجنان: عن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في حديث، أنّه قال: « أرأيت لو كان عليك صوم من شهر رمضان، أكان لك أن تتطوّع حتّى تقضيه؟ » قال قلت: لا الخبر.

____________________________

الباب - ٢٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨٥.

٣ - المقنع ص ٦٤.

٤ - روض الجنان ص ١٨٤.

٤٥٣

٢١ -( باب وجوب القضاء والكفّارة، على من أفطر في قضاء شهر رمضان، بعد الزّوال لا قبله، وهي إطعام عشرة مساكين، فإن عجز فصيام ثلاثة أيّام، وجواز الإفطار في قضائه، قبل الزّوال لا بعده، وفي المندوب مطلقاً)

[ ٨٦٤١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا قضيت صوم شهر رمضان أو النّذر، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، [ فإن أفطرت بعد الزّوال ](١) فعليك كفّارة مثل من أفطر يوماً من شهر رمضان، وقد روي: أنّ عليه إذا أفطر بعد الزوال، إطعام عشرة مساكين، لكلّ مسكين مدّ من طعام، فإن لم يقدر عليه، صام يوماً بدل يوم، وصام ثلاثة أيّام كفّارة لمـّا فعل ».

[ ٨٦٤٢ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا قضيت صوم شهر رمضان، كنت بالخيار في الإفطار إلى زوال الشمس، فإن أفطرت بعد الزوال، فعليك الكفّارة، مثل [ ما على ](١) من افطر يوماً من شهر رمضان، وقد روي - إلى آخر ما في الأصل.

____________________________

الباب - ٢١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - المقنع ص ٦٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤٥٤

٢٢ -( باب استحباب الجدّ والاجتهاد في العبادة، وأنواع الخير، في ليلة القدر، وفي العشر الأواخر)

[ ٨٦٤٣ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) (١) قال: « فنزل(٢) الملائكة والكتبة إلى سماء الدّنيا، فيكتبون ما يكون في السنة من أمر، وما يصيب العباد، والأمر عنده موقوف، له فيه المشيّة، فيقدّم ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء، ويمحو ما يشاء، ويثبت ما يشاء، وعنده أُمّ الكتاب ».

[ ٨٦٤٤ ] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّه قال: « من وافق ليلة القدر، فقامها، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٦٤٥ ] ٣ - السيد علي بن طاووس في كتاب عمل شهر رمضان: عن كتاب كنز اليواقيت، لابي المفضّل بن محمّد الهروي، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صلّى ركعتين في ليلة القدر، فقرأ في كلّ ركعة، فاتحة الكتاب مرّة، وقل هو الله احد سبع مرّات، فإذا فرغ يستغفر سبعين مرة، فما دام لا يقوم من مقامه، حتّى يغفر الله له ولأبويه، وبعث الله ملائكة يكتبون له الحسنات إلى سنة أُخرى، وبعث الله ملكا إلى الجنان، يغرسون له الأشجار، ويبنون له

____________________________

الباب - ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨١.

(١) القدر ٩٧: ٤.

(٢) في المصدر: تنزل فيها.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٨١.

٣ - إقبال الأعمال ص ١٨٦.

٤٥٥

القصور، ويجرون له الأنهار، ولا يخرج من الدّنيا حتّى يرى ذلك كلّه ».

[ ٨٦٤٦ ] ٤ - ومنه: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من أحيا ليلة القدر، حوّل عنه العذاب إلى السنة القابلة ».

[ ٨٦٤٧ ] ٥ - ومنه: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال موسى: إلهي أُريد قربك، قال: قربي لمن استيقط ليلة القدر، قال: إلهي أُريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر، قال: إلهي أُريد الجواز على الصّراط، قال: ذلك لمن تصدّق بصدقة في ليلة القدر، قال: إلهي أُريد من أشجار الجنّة وثمارها، قال: ذلك لمن سبّح تسبيحه في ليلة القدر، قال: إلهي أُريد النّجاة من النّار،(١) قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر، قال: إلهي أُريد رضاك، قال: رضاي لمن صلّى ركعتين في ليلة القدر ».

[ ٨٦٤٨ ] ٦ - ومنه: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « يفتح أبواب السماوات في ليلة القدر، فما من عبد يصلي فيها، إلّا كتب الله تعالى له بكلّ سجدة شجرة في الجنّة، لو يسير الرّاكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، وبكلّ ركعة بيتا في الجنّة، من درّ وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكلّ آية تاجا من تيجان الجنّة، وبكلّ تسبيحة طائراً من النجب(١) ، وبكلّ جلسة درجة من درجات الجنّة، وبكلّ تشهد غرفة من غرفات الجنّة، وبكلّ تسليمة حلّة من حلل الجنّة، فإذا انفجر عمود الصّبح،

____________________________

٤ - إقبال الأعمال ص ١٨٦.

٥ - إقبال الأعمال ص ١٨٦.

(١) في المصدر زيادة: قال نعم.

٦ - إقبال الأعمال ص ١٨٦.

٤٥٦

أعطاه الله تعالى من الكواعب المؤالفات، والجواري المهذّبات، والغلمان المخلّدين، والعجائب(٢) المطيرات(٣) ، والرّياحين المعطّرات، والأنهار الجاريات، والنّعيم الرّاضيات، والتّحف والهديّات، والخلع والكرامات، وما تشتهي الأنفس، وتلذّ الأعين، وأنتم فيها خالدون ».

[ ٨٦٤٩ ] ٧ - ومنه: عن الباقرعليه‌السلام : « من أحيا ليلة القدر، غفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء، ومثاقيل الجبال، ومكاييل البحار ».

[ ٨٦٥٠ ] ٨ - ومن كتاب الصيام: لعليّ بن فضال، بإسنادة إلى منصور بن حازم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « الليلة التي يفرق فيها كلّ أمر حكيم، ينزل فيها ما يكون في السنة إلى مثلها، من خير، أو شرّ، أو رزق، أو أمر، أو موت، أو حياة، ويكتب فهيا وفد مكّة، فمن كان في تلك السنة مكتوبا، لم يستطع أن يحبس، وإن كان فقيرا مريضا، ومن لم يكن فيها مكتوبا، لم يستطع أن يحجّ، وإن كان غنيّا صحيحا ».

____________________________

= (١) كان في الطبعة الحجرية « العجب »، وما أثبتناه من المصدر. والنُجُب: جمع نجيب أو نجيبة: وهو القوي الخفيف السريع من الحيوان (لسان العرب ج ١ ص ٧٤٨).

(٢) في المصدر: النجائب.

(٣) المـُطَيّر: نوع من الثياب (لسان العرب ج ٤ ص ٥١٤) ولعل الصحيح: وعجائب المطيرات.

٧ - إقبال الأعمال ص ١٨٦.

٨ - إقبال الأعمال ص ١٨٤.

٤٥٧

[ ٨٦٥١ ] ٩ - القطب الراوندي في كتاب لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٦٥٢ ] ١٠ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أحيا ليلة القدر، فهو أكرم على الله ممّن أحيا شهر رمضان، ولم يحي تلك الليلة، والذي بعثني بالحقّ، أنّ أهله وولده يشفعون في سبعمائة الف، لكلّ واحد في سبعمائة الف، إلى آخر ثلاث مرّات، وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ ليلة القدر، تكرمة الأحياء، وغنيمة الأموات ».

[ ٨٦٥٣ ] ١١ - وروي: أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمـّا غزا تبوك ورجع سالما، استبشر الناس، وقالوا: ما فعل مثل هذا أحد، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كان في بني إسرائيل رجل، يقال له ابن نانين، وكان له ألف ابن، فغزاهم عدّو، فحاربوه الف شهر، كلّ ابن شهرا، حتّى قتلوا جميعا، وأبوهم يصلي، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا، ثمّ قاتل بنفسه حتّى قتل » فتمنّى المسلمون منزلته، فأنزل الله( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (١) يعني لذلك الرجل.

[ ٨٦٥٤ ] ١٢ - وقيل للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن أنا أدركت ليلة القدر، فما أسأل ربّي؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « العافية ».

[ ٨٦٥٥ ] ١٣ - السيد فضل الله الراوندي في النوادر: عن علي بن الحسين الورّاق، عن أبي محمّد بن عبدالله، عن أبي علي بن بشار، عن

____________________________

٩ - ١٢ - لبّ اللباب: مخطوط.

(١) القدر ٩٧: ٣.

١٣ - نوادر الراوندي: لم نجده في النسخة المطبوعة، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٥١ ح ٢٢.

٤٥٨

علي بن محمّد، عن هابون، عن أبي القاسم بن الحكم، عن هاشم بن الوليد، عن حمّاد بن سليمان، عن شيخ يكنّى ابا الحسين، عن الضحّاك، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا كانت ليلة القدر، يأمر الله جبرئيل فيهبط إلى الأرض في كبكبة(١) من الملائكة، ومعه لواء الحمد الأخضر، فيركز اللّواء على ظهر الكعبة، وله ستّمائة جناح، منها جناحان لا ينشرهما إلّا في ليلة القدر، فينشرهما تلك اللّيلة، فيجاوزان المشرق والمغرب، ويبث جبرئيل الملائكة في هذه اللّيلة، فيسلّمون على كلّ قاعد وقائم، وذاكر ومصل، ويصافحونهم، ويؤمّنون على دعائهم، حتّى يطلع الفجر ».

[ ٨٦٥٦ ] ١٤ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عنه، مثله، وزاد في آخره: « فإذا طلع الفجر نادى جبرئيل: ما فعل الله بجوائج أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فيقولون: نظر إليهم، فغفر لهم، وعفا عنهم، إلّا عن أربعة: مدمن الخمر، وعاقّ الوالدين، وقاطع الرّحم، والسّاحر ».

[ ٨٦٥٧ ] ١٥ - وفي الخبر: أنّ جبرئيلعليه‌السلام ، يهبط في هذه الليلة إلى الأرض، في سبعين ألف ملك، وميكائيل في سبعين الف ملك، ويأتون بلواء الحمد، وله أربع زوايا: واحده بالمشرق، وواحدة بالمغرب، وواحدة تحت العرش، وواحدة تحت الأرض السابعة، وعلى اللواء مكتوب: أُمّة مذنبة وربّ غفور، وما من بيت إلّا ويأتيه جبرئيل

____________________________

(١) الكبكبة: جماعة متضامّة من الناس وغيرهم. (مجمع البحرين - كبب - ج ٢ ص ١٥١).

١٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٦٢.

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٦٢.

٤٥٩

مع الملائكة، ويسلّمون عليهم، وإلّا فيبلغهم السّلام، في خمسة مواطن: الأوّل يوم الموت، في قوله تعالى:( الّذين تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ) (١) ، والثّاني في باب الجنّة:( وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ) (٢) ، والثالث في الجنّة، في قوله:( وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ، سَلَامٌ عَلَيْكُم ) (٣) ، والرابع في الغرفات:( سَلَامٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ) (٤) ، والخامس عند الله تعالى:( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ ) (٥) .

[ ٨٦٥٨ ] ١٦ - وعن عبدالله بن عباس، قال: إنّ الله تعالى يأمر الملائكة في هذه الليلة، يعني ليلة القدر، أن يهبطوا مع جبرئيل و وميكائيل، من سدرة المنتهى إلى الأرض، في أربعة مواطن: على سطح الكعبة، وعلى قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي بيت المقدس، وطور سيناء، ثمّ يقول جبرئيل: تفرّقوا، فيتفرّقون، فلا يبقى دار ولا حجرة فيها مؤمن أو مؤمنة، إلّا وتأتيه الملائكة، إلّا بيتا فيه كلب، أو خنزير، أو خمر، أو صورة، ويهلّلون ويسبّحون ويستغفرون، كلّ اللّيل، لأُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا جاء وقت صلاة الصّبح، يصعدون إلى السماء، فتستقبلهم ساكنو السماء، ويقولون لهم: من أين جئتم؟ فيقولون: من الأرض، فإنّ البارحة كانت ليلة القدر، فيقولون: ما فعل الله بحوائج أُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

____________________________

(١) النحل ١٦: ٣٢.

(٢) الزمر ٣٩: ٧٣.

(٣) الرعد ١٣: ٢٣ و ٢٤.

(٤) يس ٣٦: ٥٨.

(٥) الأحزاب ٣٣: ٤٤.

١٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٦١.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605