بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 605

  • البداية
  • السابق
  • 605 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 110131 / تحميل: 5675
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٢

مؤلف:
العربية
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

كتاب بهج الصباغة

في شرح نهج البلاغة

المجلد الثاني

الشيخ محمد تقي التّستري

١
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

المجلد الثاني

الشيخ محمّد تقي التّستري (الشوشتري)

٣

المجلد الثاني

تتمة الفصل الرابع في خلق آدم

٣

من الخطبة ( ١٩٠ ) و من خطبة له عليه السّلام تسمى القاصعة ، و هي تتضمّن ذمّ إبليس على استكباره ، و تركه السّجود لآدم ، و أنّه أوّل من أظهر العصبية و تبع الحميّة ، و تحذير النّاس من سلوك طريقته : اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي لَبِسَ اَلْعِزَّ وَ اَلْكِبْرِيَاءَ وَ اِخْتَارَهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ خَلْقِهِ وَ جَعَلَهُمَا حِمًى وَ حَرَماً عَلَى غَيْرِهِ وَ اِصْطَفَاهُمَا لِجَلاَلِهِ وَ جَعَلَ اَللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَهُ فِيهِمَا مِنْ عِبَادِهِ ثُمَّ اِخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلاَئِكَتَهُ اَلْمُقَرَّبِينَ لِيَمِيزَ اَلْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَ هُوَ اَلْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ اَلْقُلُوبِ وَ مَحْجُوبَاتِ اَلْغُيُوبِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ . فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ . فَسَجَدَ اَلْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ

٤

أَجْمَعُونَ إِلاَّ ؟ إِبْلِيسَ ٣٨ : ٧١ ٧٤ ١ اِعْتَرَضَتْهُ اَلْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى ؟ آدَمَ ؟

بِخَلْقِهِ وَ تَعَصَّبَ عَلَيْهِ لِأَصْلِهِ فَعَدُوُّ اَللَّهِ إِمَامُ اَلْمُتَعَصِّبِينَ وَ سَلَفُ اَلْمُسْتَكْبِرِينَ اَلَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ اَلْعَصَبِيَّةِ وَ نَازَعَ اَللَّهَ رِدَاءَ اَلْجَبَرِيَّةِ وَ اِدَّرَعَ لِبَاسَ اَلتَّعَزُّزِ وَ خَلَعَ قِنَاعَ اَلتَّذَلُّلِ أَ لاَ تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَهُ اَللَّهُ بِتَكَبُّرِهِ وَ وَضَعَهُ بِتَرَفُّعِهِ فَجَعَلَهُ فِي اَلدُّنْيَا مَدْحُوراً وَ أَعَدَّ لَهُ فِي اَلْآخِرَةِ سَعِيراً .

وَ لَوْ أَرَادَ اَللَّهُ أَنْ يَخْلُقَ ؟ آدَمَ ؟ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ اَلْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ وَ يَبْهَرُ اَلْعُقُولَ رُوَاؤُهُ وَ طِيبٍ يَأْخُذُ اَلْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ لَفَعَلَ وَ لَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ اَلْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً وَ لَخَفَّتِ اَلْبَلْوَى فِيهِ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ وَ لَكِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ اَبْتَلَي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ تَمْيِيزاً بِالاِخْتِبَارِ لَهُمْ وَ نَفْياً لِلاِسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ وَ إِبْعَاداً لِلْخُيَلاَءِ عَنْهُمْ أقول : قد عرفت في المقدّمة ٢ أنّ هذه الخطبة من ثماني خطب اختلفت نسخنا مع نسخة ابن أبي الحديد في موضعها .

قول المصنف : « و من خطبة له عليه السّلام تسمّى القاصعة » هكذا في ( المصرية ) و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) ٣ : و من خطبة له عليه السّلام ، و من النّاس من يسمّي هذه الخطبة بالقاصعة .

قال ابن ميثم : نقل في سبب هذه الخطبة أنّ أهل الكوفة كانوا في آخر خلافته عليه السّلام قد فسدوا ، و كانوا قبائل متعدّدة ، فكان الرجل يخرج من منازل قبيلته ، فيمرّ بمنازل قبيلة أخرى فيقع به أدنى مكروه ، فيستعدي قبيلته ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) ص : ٧١ ٧٤ .

( ٢ ) مرّ في مقدّمة المؤلف .

( ٣ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٢٤ ، لكن في شرح ابن ميثم ٤ : ٢٣٢ ، نحو المصرية .

٥

و ينادي باسمها ، مثلاً يا للنّخع أو يا لكندة نداء عالياً يقصد به الفتنة و إثارة الشرّ ، فيتألّب عليه فتيان القبيلة التي قد مرّ بها ، و ينادون يا لتميم و يا لربيعة ،

فيضربونه فيمرّ إلى قبيلته ، و يستصرخ بها و تسلّ بينهم السيوف ، و تثور الفتنة ، و لا يكون لها أصل في الحقيقة ، و لا سبب يعرف إلاّ تعرّض الفتيان بعضهم ببعض ، و كثر ذلك منهم ، فخرج عليه السّلام إليهم على ناقة فخطبهم هذه الخطبة ١ .

ثم قال : و قد ذكر الشّارحون في تسمية هذه الخطبة القاصعة وجوهاً :

أحدها و هو أقربها أنّه عليه السّلام كان يخطبها على ناقته ، و هي تقصع بجرّتها ، فجاز أن يقال : إنّ هذه الحال لما نقلت عنه في اسناد هذه الخطبة نسبت الخطبة إلى الناقة القاصعة ، فقيل : خطبة القاصعة ثم كثر استعمالها ، فجعلت من صفات الخطبة نفسها ، أو لأنّ الخطبة عرفت بهذه الصفة لملازمة قصع الناقة لانشائها ، و العرب تسمّي الشي‏ء باسم لازمه ٢ .

قلت : قال الجزريّ في ( نهايته ) في الحديث « خطبهم على راحلته و أنّها لتقصع بجرّتها » أراد شدّة المضغ و ضمّ بعض الأسنان على البعض ، و قيل :

قصع الجرّة : خروجها من الجوف إلى الشّدق ، و متابعة بعضها بعضاً ، و إنّما تفعل النّاقة ذلك إذا كانت مطمئنة و إذا خافت شيئاً لم تخرجها ، و أصله من تقصيع اليربوع ، و هو : إخراجه تراب قاصعائه و هو : جحره ٣ ، و يمكن أن يكون وجه التّسمية كون القاصعة من : قصع العطشان غلّته بالماء ، إذا سكّنها أو من : قصع الغلام قصعاً : ضربه ببسط كفّه على رأسه .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن ميثم ٤ : ٢٣٣ .

( ٢ ) شرح ابن ميثم ٤ : ٢٣٤ .

( ٣ ) النهاية لابن الأثير ٤ : ٧٢ مادة ( قصع ) .

٦

« و هي تتضمّن ذمّ إبليس على استكباره و تركه السّجود لأدم عليه السّلام » قال تعالى : . . . فسجدوا إلاّ إبليس أبى و استكبر و كان من الكافرين ١ .

« و أنّه أوّل من أظهر العصبية و تبع الحمية » في ( الأمالي ) عن النبي صلى اللّه عليه و آله من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من عصبية ، بعثه اللّه تعالى يوم القيامة مع أعراب الجاهلية ٢ .

و في ( عقاب الأعمال ) عنه صلى اللّه عليه و آله : من تعصّب أو تعصّب له فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ٣ .

عن الصادق عليه السّلام : من تعصّب عمّمه اللّه بعمامة من نار ٤ .

و قال تعالى : إذ جعل الّذين كفروا في قلوبهم الحميّة حميّة الجاهلية . . . ٥ .

« و تحذير الناس من سلوك طريقته » يا أيّها الّذين آمنوا لا تتّبعوا خطوات الشّيطان و من يتّبع خطوات الشيطان فإنّه يأمر بالفحشاء و المنكر . . . ٦ .

« الحمد للّه الذي لبس العزّ و الكبرياء » . . . فإنّ العزّة للّه جميعاً ٧ .

« و اختارهما لنفسه دون خلقه » في آخر الجاثية : و له الكبرياء في السّماوات و الأرض و هو العزيز الحكيم ٨ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) البقرة : ٣٤ .

( ٢ ) أمالي الصدوق : ٤٨٦ ح ١٢ المجلس ٨٨ ، و عقاب الأعمال : ٢٦٤ ح ٥ ، و الكافي للكليني ٢ : ٣٠٨ ح ٣ .

( ٣ ) عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٣ ح ١ ، و الكافي للكليني ٢ : ٣٠٨ ح ٢ عن النبي صلى اللّه عليه و آله ، و الكافي للكليني أيضاً ٢ : ٣٠٧ ح ١ ، و عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٣ ح ٢ عن الصادق عليه السّلام .

( ٤ ) عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٣ ح ٣ ، و الكافي للكليني ٢ : ٣٠٨ ح ٤ ، و لفظهما : « عصبه اللّه بعصابة من نار » .

( ٥ ) الفتح : ٢٦ .

( ٦ ) النور : ٢١ .

( ٧ ) النساء : ١٣٩ .

( ٨ ) الجاثية : ٣٧ .

٧

« و جعلهما حمى » أي : محظوراً على غيره لا يقر بهما أحد .

« و حرماً » أي : حراماً .

« على غيره » حتّى ملائكته و أنبيائه .

« و اصطفاهما » أي : اختارهما .

« لجلاله » أي : عظمته .

« و جعل اللّعنة على من نازعه فيهما من عباده » روى الصدوق عن الباقر عليه السّلام قال : العزّ رداء اللّه و الكبرياء إزاره ، فمن تناول شيئاً منه كبّه اللّه في جهنّم ١ .

« ثمّ اختبر » أي : امتحن .

« بذلك ملائكته المقرّبين » في منزلتهم عنده .

« ليميز » بالتّخفيف و التّشديد .

« المتواضعين منهم من المستكبرين » و لقد فتنّا الّذين من قبلهم فليعلمنّ اللّه الّذين صدقوا و ليعلمنّ الكاذبين ٢ .

« فقال سبحانه » أي : اللّه المنزّه عن النّقائص .

« و هو العالم بمضمرات القلوب و محجوبات الغيوب » جملة معترضة بين ( فقال ) و مقوله . . . إنّي خالق بشراً من طين ٣ لدفع توهم أنّ اختباره ليس لعدم عرفانه مثلنا في اختباراتنا لغيرنا ، بل ليظهر حاله على الآخرين من نوعه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٤ ح ١ ، و الكافي للكليني ٢ : ٣٠٩ ح ٣ ، ٤ عن الباقر عليه السّلام ، و صحيح مسلم ٤ : ٢٠٢٣ ح ١٣٦ ، و سنن ابن ماجه بطريقين ٢ : ١٣٩٧ ح ٤١٧٤ و ٤١٧٥ ، و مسند أحمد بأربع طرق ٢ : ٣٧٦ و ٤١٤ و ٤٢٧ و ٤٤٢ ، و المجازات النبوية للشريف الرضي : ٤٤٠ ح ٣٥٨ ، و جمع آخر عن النبي صلى اللّه عليه و آله و في الباب عن علي و الصادق و الكاظم عليهم السّلام .

( ٢ ) العنكبوت : ٣ .

( ٣ ) ص : ٧١ .

٨

يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور ١ . . . ألم أقل لكم إنّي أعلم غيب السماوات و الأرض و أعلم ما تبدون و ما كنتم تكتمون ٢ .

« . . إنّي خالق بشراً من طين . فإذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين . فسجد الملائكة كلّهم أجمعون . إلاّ إبليس . . . » ٣ باللفظ الذي ذكره عليه السّلام في سورة ( ص ) ، و أمّا في سورة الحجر فهكذا . . . إنّي خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون . فاذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين . فسجد الملائكة كلّهم أجمعون . إلاّ إبليس . . . ٤ .

و في ( تفسير القمي ) مسنداً : سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عمّا ندب اللّه الخلق إليه أدخل فيه الضّلالة ؟ قال : نعم و الكافرون دخلوا فيه لأنّ اللّه تعالى أمر الملائكة بالسّجود لآدم ، فدخل في أمره الملائكة و إبليس ، فإنّ إبليس كان مع الملائكة في السّماء يعبد اللّه ، و كانت الملائكة تظنّ أنّه منهم ، و لم يكن منهم ، فلمّا أمر اللّه الملائكة بالسّجود لأدم اخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد ، فعلم الملائكة عند ذلك أنّ إبليس لم يكن منهم ، فقيل له : فكيف و قع الأمر على إبليس و إنّما أمر اللّه الملائكة بالسّجود لأدم ؟ فقال : كان إبليس منهم بالولاء ، و لم يكن من جنس الملائكة ، و ذلك أنّ اللّه تعالى خلق خلقاً قبل آدم ، و كان إبليس فيهم حاكماً في الأرض ، فعتوا و أفسدوا و سفكوا الدّماء ، فبعث اللّه الملائكة ، فقتلوهم و أسروا إبليس و رفعوه إلى السّماء ، و كان مع الملائكة يعبد اللّه إلى أن خلق اللّه آدم عليه السّلام ٥ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) غافر : ١٩ .

( ٢ ) البقرة : ٣٣ .

( ٣ ) ص : ٧١ ٧٤ .

( ٤ ) الحجر : ٢٨ ٣١ .

( ٥ ) تفسير القمي ١ : ٣٥ .

٩

و عن أمير المؤمنين عليه السّلام : أنّ اللّه تعالى أراد أن يخلق خلقاً بيده ، و ذلك بعد ما مضى من الجنّ و النّسناس في الأرض سبعة آلاف سنة . و كان من شأن خلق آدم أن كشط عن أطباق السماوات و قال للملائكة : انظروا إلى الأرض من خلقي من الجنّ و النّسناس فلمّا رأوا ما يعملون فيها من المعاصي و سفك الدماء و الفساد في الأرض بغير الحق ، عظم ذلك عليهم و غضبوا و تأسفوا على أهل الأرض و لم يملكوا غضبهم . قالوا : ربّنا إنّك أنت العزيز القادر الجبّار القاهر العظيم الشأن ، و هذا خلقك الضعيف الذليل يتقلّبون في قبضتك و يعيشون برزقك و يتمتّعون بعافيتك ، و هم يعصونك بمثل هذه الذّنوب العظام ، لا تأسف عليهم و لا تغضب و لا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم و ترى ،

و قد عظم ذلك علينا و أكبرناه فيك . قال : فلمّا سمع ذلك من الملائكة قال :

إنّي جاعل في الأرض خليفة . . . ١ يكون حجّة لي في الأرض على خلقي .

فقالت الملائكة : سبحانك . . . أتجعل فيها من يفسد فيها . . . ٢ كما أفسد بنو الجانّ ، و يسفكون الدّماء كما سفك بنو الجانّ ، و يتحاسدون و يتباغضون فاجعل ذلك الخليفة منّا فإنّا لا نتحاسد و لا نتباغض ، و لا نسفك الدّماء و . . . نسبّح بحمدك و نقدّس لك . . . ٣ قال تعالى : إنّي أعلم ما لا تعلمون ٤ إنّي أريد أن أخلق خلقاً بيدي ، و أجعل من ذرّيّته أنبياء و مرسلين ، و عباداً صالحين أئمّة مهتدين ، و أجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي ينهونهم عن معصيتي ، و ينذرونهم من عذابي ، و يهدونهم إلى طاعتي ، و يسلكون بهم طريق سبيلي ، و أجعلهم لي عليهم حجّة عليهم ، و أبيد النّسناس من أرضي و أطهّرها منهم ، و أنقل مردة الجن العصاة من بريتي و خلقي و خيرتي و أسكنهم في الهواء في أقطار الأرض فلا يجاورون نسل خلقي و اجعل بين

ـــــــــــــــــ

( ١ ) البقرة : ٣٠ .

( ٢ ) البقرة : ٣٠ .

( ٣ ) البقرة : ٣٠ .

( ٤ ) البقرة : ٣٠ .

١٠

الجن و بين خلقي حجاباً ، فلا يرى نسل خلقي الجن ، و لا يجالسونهم ، و لا يخالطونهم ، فمن عصاني من نسل خلقي الّذين اصطفيتهم و أسكنهم مساكن العصاة أوردتهم مواردهم و لا أبالي قال : فقالت الملائكة : يا ربّنا افعل ما شئت . . . لا علم لنا إلاّ ما علّمتنا إنّك أنت العليم الحكيم ١ . . . فقال اللّه تعالى ( للملائكة ) : . . . إنّي خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون . فإذا سوّيته و نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ٢ .

قال : و كان ذلك من اللّه تعالى في آدم قبل أن يخلقه ، و احتجاجاً منه عليهم . . . فخلق اللّه آدم عليه السّلام ، فبقي أربعين سنة مصوّراً ، فكان يمرّ به إبليس اللّعين فيقول : لأمر ما خلقت . فقال العالم عليه السّلام ، فقال إبليس : لئن أمرني اللّه بالسجود لهذا لأعصينّه قال : ثمّ نفخ فيه ، فلمّا بلغت الرّوح إلى دماغه عطس عطسة جنس منها فقال : الحمد للّه . فقال اللّه تعالى : يرحمك اللّه . قال الصادق عليه السّلام : فسبقت له من اللّه الرحمة . ثمّ قال تعالى للملائكة : اسجدوا لأدم .

فسجدوا له فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد فأبى أن يسجد ٣ .

« اعترضته الحميّة » أي : الأنفة .

« فافتخر على آدم بخلقه و تعصّب عليه لأصله » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : إنّ الملائكة كانوا يحسبون أنّ إبليس منهم ، و كان في علم اللّه أنّه ليس منهم ، فاستخرج ما في نفسه بالحميّة و الغضب ، فقال : . . . خلقتني من نار و خلقته من طين ٤ .

« فعدوّ اللّه إمام المتعصّبين و سلف المستكبرين » و في ( تفسير القمي ) : أوّل

ـــــــــــــــــ

( ١ ) البقرة : ٣٢ .

( ٢ ) الحجر : ٢٨ ٢٩ .

( ٣ ) تفسير القمي ١ : ٣٦ ، و روى حديث علي عليه السّلام أيضاً علل الشرائع للصدوق : ١٠٤ ح ١ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٠٨ ح ٦ ، و تفسير العياشي ٢ : ٩ ح ٥ ، و الآية ( ١٢ ) من سورة الأعراف ، و ( ٧٦ ) من ( ص ) .

١١

من قاس إبليس و استكبر ، و الاستكبار هو أوّل معصية عصي اللّه بها ١ .

« الّذي وضع أساس العصبية » عن الصادق عليه السّلام من تعصّب عصبه اللّه بعمامة من نار ٢ .

« و نازع اللّه رداء الجبريّة » الّذي مختص به تعالى ، و الجبرية الكبر و العظمة ، في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : الكبر قد يكون في شرار الناس من كلّ جنس ، و الكبر رداء اللّه فمن نازع اللّه تعالى رداءه لم يزده اللّه تعالى إلاّ سفالا ، إنّ النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم مرّ في بعض طرق المدينة ، و سوداء تلقط السرقين ، فقيل لها :

تنحي عن طريق النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم فقالت : إنّ الطريق لمعرض . فهمّ بها بعض القوم أن يتناولها . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم : دعوها فإنّها جبّارة ٣ .

و عنه عليه السّلام : إذا خلق اللّه العبد في أصل الخلقة كافراً لم يمت حتّى يحبّب إليه الشرّ فيقرب منه ، فابتلاه بالكبر و الجبريّة ، فقسا قلبه و ساء خلقه ، و غلظ وجهه و ظهر فحشه ، و قلّ حياؤه ، و كشف اللّه ستره ، و ركب المحارم ، فلم ينزع عنها ، ثمّ ركب معاصي اللّه و أبغض طاعته ، و وثب على الناس لا يشبع من الخصومات ، فاسألوا اللّه العافية و اطلبوها منه ٤ .

و عنه عليه السّلام : أدنى الإلحاد الكبر ٥ .

« و أدّرع » أي : جعل درعاً له .

« لباس التعزّز » فحسب نفسه عزيزاً .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تفسير القمي ١ : ٤٢ في صدر حديث ، و مضمون : « أول من قاس إبليس » كثير الرواية .

( ٢ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٠٨ ح ٤ ، و عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٣ ح ٣ ، و لفظهما « بعصابة من نار » و مرّ نقله في أوائل هذا العنوان .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٠٩ ح ٢ .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٣٠ ح ٢ .

( ٥ ) الكافي للكليني ٢ : ٣٠٩ ح ١ ، و معاني الأخبار للصدوق : ٣٩٤ ح ٤٧ .

١٢

« و خلع قناع التذلّل » للّه تعالى عن رأسه و نسي أنّه عبد للّه ، و في ( الصحاح ) : القناع أوسع من المقنعة . قال عنترة :

إن تغد في دوني القناع فإنّني

طبّ بأخذ الفارس المستلئم

١ « ألا ترون كيف صغّره اللّه بتكبّره » قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبّر فيها فاخرج إنّك من الصاغرين ٢ .

« و وضعه اللّه » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( و وضعه ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية ) ٣ و لأنّه لا وجه لتكرار لفظ الجلالة .

« بترفعه » أي : ادعائه الرفعة .

« فجعله في الدّنيا مدحوراً » أي : مطروداً مبعداً ، قال تعالى : . . . اخرج منها مذؤوماً مدحوراً . . . ٤ .

و في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : ما من عبد إلاّ و في رأسه حكمة ، و ملك يمسكها ، فإذا تكبّر قال له : اتضع وضعك اللّه . فلا يزال أعظم الناس في نفسه و أصغر الناس في أعين الناس . . . ٥ .

« و أعدّ له في الآخرة سعيراً » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : إنّ في جهنّم لوادياً للمتكبّرين يقال له سقر ، فشكا إلى اللّه شدّة حرّه ، و سأله أن يأذن له أن يتنفّس . فتنفّس فأحرق جهنّم ٦ .

و عنه عليه السّلام : إنّ المتكبّرين يجعلون في صور الذّر يتوطّأهم الناس حتّى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة ٣ : ١٢٧٣ مادة ( قنع ) .

( ٢ ) الأعراف : ١٣ .

( ٣ ) في شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٢٥ ، و شرح ابن ميثم ٤ : ٢٣٣ « وضعه اللّه » أيضاً .

( ٤ ) الأعراف : ١٨ .

( ٥ ) الكافي للكليني ٢ : ٣١٢ ح ١٦ ، و ثواب الأعمال للصدوق : ٢١١ ح ١ ، و رواه الفتال في الروضة ٢ : ٣٨٢ .

( ٦ ) الكافي للكليني ٢ : ٣١٠ ح ١٠ ، و المحاسن للبرقي : ١٢٣ ح ١٣٨ ، و عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٥ ح ٧ .

١٣

يفرغ اللّه من الحساب ١ .

« و لو أراد اللّه » هكذا في ( المصرية ) و في ( ابن ميثم ) ٢ : « و لو أراد سبحانه » ، و في ( ابن أبي الحديد و الخطيّة ) ٣ : « و لو أراد اللّه سبحانه » .

« أن يخلق آدم من نور يخطف » أي : يستلب .

« الأبصار ضياؤه ، و يبهر » أي : يغلب .

« العقول » بالنصب .

« رواؤه » بالضم ، أي : منظره .

« و طيب يأخذ الأنفاس عرفه » بالفتح ، أي : ريحه .

« لفعل » جواب ( و لو أراد ) .

« ولو فعل لظلّت له الأعناق خاضعة » الجملة مأخوذة من قوله تعالى : إن نشأ ننزّل عليهم من السّماء آية فظلّت أعناقهم لها خاضعين ٤ .

« و لخفّت البلوى » أي : الابتلاء و الامتحان .

« فيه على الملائكة ، و لكنّ اللّه سبحانه ابتلى خلقه » حتّى الملائكة و الأنبياء .

« ببعض ما يجهلون أصله » كما امتحن الملائكة بخلق آدم ٥ ، و امتحن موسى عليه السّلام بأعمال الخضر ٦ .

« تمييزاً » لمؤمنهم عن كافرهم .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٣١١ ح ١١ ، و المحاسن للبرقي : ١٢٣ ح ١٣٧ ، و عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٥ ح ٨ و ١٠ ، و رواه الفتال في الروضة ٢ : ٣٨٢ .

( ٢ ) لفظ ابن ميثم في شرحه ٤ : ٢٣٣ مثل المصرية أيضاً .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٢٦ .

( ٤ ) الشعراء : ٤ .

( ٥ ) البقرة : ٣٠ ٣٤ .

( ٦ ) الكهف : ٦٠ ٨٢ .

١٤

« بالاختبار لهم » كما تميّز إبليس من الملائكة .

« و نفياً للاستكبار عنهم » في ( تفسير القمّي ) : قال إبليس : يا ربّ اعفني من السجود لأدم ، و أنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرّب و لا نبيّ مرسل . قال اللّه تعالى : لا حاجة لي إلى عبادتك ، إنّما أريد أن أعبد من حيث أُريد ، لا من حيث تريد . فأبى أن يسجد . فقال اللّه تعالى : . . . فاخرج منها فإنّك رجيم . و إنّ عليك لعنتي إلى يوم الدين ١ .

« و إبعاداً للخيلاء » بالضمّ و الكسر ، أي : الكبر .

« عنهم » .

٤

من الخطبة ( ١٩٠ ) وَ لاَ تَكُونُوا كَالْمُتَكَبِّرِ عَلَى اِبْنِ أُمِّهِ مِنْ غَيْرِ مَا فَضْلٍ جَعَلَهُ اَللَّهُ فِيهِ سِوَى مَا أَلْحَقَتِ اَلْعَظَمَةُ بِنَفْسِهِ مِنْ عَدَاوَةِ اَلْحَسَدِ وَ قَدَحَتِ اَلْحَمِيَّةُ فِي قَلْبِهِ مِنْ نَارِ اَلْغَضَبِ وَ نَفَخَ اَلشَّيْطَانُ فِي أَنْفِهِ مِنْ رِيحِ اَلْكِبْرِ اَلَّذِي أَعْقَبَهُ اَللَّهُ بِهِ اَلنَّدَامَةَ وَ أَلْزَمَهُ آثَامَ اَلْقَاتِلِينَ إِلَى يَوْمِ اَلْقِيَامَةِ .

أقول : نقلناه هنا ، و إن كان بفصل ذمائهم الصفات ألصق ، لأنّه تضمّن حكم ابنيّ آدم فجعلناه كالتتميم للفصل .

« و لا تكونوا كالمتكبّر » و الأصل : كالأخ المتكبر ، و المراد قابيل .

« على ابن أُمّه » و المراد هابيل ، قال معقل بن عيسى لأخيه أبي دلف في عتب عتبه عليه :

أخي ما لك مجبولاً على تِرتي

كأنّ أجسادنا لم تغذ من جسد

قال ابن أبي الحديد : نهاهم أن يكونوا كقابيل الّذي حسد أخاه هابيل

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تفسير القمي ١ : ٤٢ ، و الآية ٧٧ ٧٨ من سورة ( ص ) .

١٥

فقتله ، و هما أخوان لأب و أُمّ ، و إنّما قال عليه السّلام « ابن أُمّه » فذكر الأُم دون الأب ، لأنّ الأخوين من الأُمّ أشدّ حنواً و محبّة و التصاقاً من الأخوين من الأب ١ ، و تبعه الخوئي ٢ ، و قال ابن ميثم : قال الثعلبي : إنّما أضافه إلى الأُمّ دون الأب لأنّ الولد في الحقيقة من الأمّ ، أي : الولد بالفعل . فإنّ النطفة في الحقيقة ليست ولداً بل جزء مادي ٣ .

قلت : الصواب هنا أن يقال : نكتة تعبيره عليه السّلام بابن الأُمّ أنّ الأخوين من الأب قد يتكبّر أحدهما على الآخر بأُمّه إذا كانت اُمّه حرّة و أمّ أخيه أمّة ، أو أُمّه شريفة و أُمّ أخيه و ضيعة ، و أمّا إذا كانا من أُمّ واحدة و الفرض وحدة أبيهما فتكبّره عليه كالتكبّر على نفسه ، فيكون حاله حال من قال :

أتيه على إنس البلاد و جنّها

و لو لم أجد خلقاً لتهت على نفسي

أتيه فلا أردي من التّيه من أنا

سوى ما يقول الناس فيّ و في جنسي

فان صدقوا أنّي من الإنس مثلهم

فما فيّ عيب غير أنّي من الإنس

و إنّما قالوا في قوله تعالى حكاية عن هارون لموسى : . . . يابن أُمّ لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي . . . ٤ : نكتة التعبير بابن أُمّ لكونه أشد حنواً ، كما أنّ النكتة في شكايته عليه السّلام من قريش في قوله عليه السّلام : « و سلبوني سلطان ابن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٣١ .

( ٢ ) شرح الخوئي ٥ : ٢٤٤ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٤ : ٢٥٨ .

( ٤ ) طه : ٩٤ .

١٦

أُمّي » ١ أحقيّته عليه السّلام بمقامه صلى اللّه عليه و آله من كلّ أحد حتّى عمّه العبّاس ، لأنّ الميراث يكون للأخ للأب و الأمّ دون الأخ للأب فقط ، و كان أبوه عليه السّلام و أبو النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلّم من أمّ واحدة دون العبّاس .

و أمّا ما قاله ابن ميثم ففي غاية السقوط ، فإنّ من الواضحات شرعا و عرفا كون الولد في الانسان مال الأب ، و كون الامّ و عاء ، حتّى إنّ تعالى قال :

و على المولود له رزقهنّ . . . ٢ ، و إنّما في الحيوان الولد تابع للامّ لأنّه في الحقيقة منها ، و النطفة جزء مادّي ، و أيضا لو كان ما ذكره صحيحا للزم أن يكون : إذا ولد رجلان من امرأة واحدة و أبو أحدهما ملك الملوك ، و أبو الآخر عبد العبيد ، عدم صحّة تفاخر الأوّل على الثاني بأبيه ، و أمّا ما قاله ابن أبي الحديد فتخليط .

« من غير ما فضل » أي : من غير فضل ، و ( ما ) لتأكيد الكلام ، مثل ( ما ) في فبما رحمة من اللّه . . . ٣ .

و في قول الشاعر :

أ علاقة أمّ الوليد بعد ما

أفنان رأسك كالثغام المخلس

٤ و في قوله :

و ننصر مولانا و نعلم أنّه

كما الناس مجروم عليه و جارم

٥ « جعله اللّه فيه سوى ما ألحقت العظمة بنفسه من عداوة الحسد » بمعنى : أنّ المتكبّر على ابن أمّه إذا كان لفضل فيه دون ابن أمّه يقبل و يعقل ، و أمّا بدونه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) نهج البلاغة للشريف الرضي ٣ : ٦١ ، الكتاب ٣٦ ضمن كتاب علي عليه السّلام إلى أخيه عقيل .

( ٢ ) البقرة : ٢٣٣ .

( ٣ ) آل عمران : ١٥٩ .

( ٤ ) شرح شواهد المغني ٢ : ٧٢٢ ، و الشاعر : المرار الفقعسي .

( ٥ ) شواهد المغني ١ : ٥٠٠ ، و الشاعر : عمرو بن براقة الهمداني .

١٧

سوى مجرّد الحسد فسفه ، و لا سيّما إذا كان أخوه أفضل ، كما في ابني آدم .

و في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : أصول الكفر ثلاثة : الحرص و الاستكبار و الحسد . فامّا الحرص فإنّ آدم حين نهي عن الشجرة حمله الحرص على أن أكل منها . و أمّا الاستكبار ، فإبليس حيث أمر بالسجود لآدم فأبى . و أمّا الحسد فابنا آدم حيث قتل أحدهما صاحبه ١ .

« و قدحت » من : قدحت النار ، إذا أو قدتها .

« الحميّة في قلبه من نار الغضب » في ( الخصال ) عن الصادق عليه السّلام : الغضب مفتاح كلّ شرّ ٢ .

و عنه : قال الحواريون لعيسى : يا معلّم الخير أعلمنا أيّ الأشياء أشدّ ؟

قال : أشدّ الأشياء غضب اللّه تعالى . قالوا : فبم يتّقى غضب اللّه ؟ قال : بأن لا تغضبوا . قالوا : و ما بدء الغضب ؟ قال : الكبر و التجبّر و محقرة النّاس ٣ .

« و نفخ الشيطان في أنفه من ريح الكبر » الكلام استعارة ، و يمكن أن يكون حقيقة ، و نظيره ما عن الصادق عليه السّلام : أنّ العبد يوقظ ثلاث مرّات من اللّيل ، فان لم يقم أتاه الشيطان ، فبال في أذنه ٤ .

و كيف كان ، قال عليه السّلام هذه الكلمة هنا عموما ، و قالها في طلحة خصوصا ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ٢٨٩ ح ١ ، و الخصال للصدوق : ٩٠ ح ٢٨ ، و أماليه : ٣٤١ ح ٧ ، المجلس ٦٥ ، و روى صدره الفتال في الروضة ٢ : ٣٨١ .

( ٢ ) الخصال للصدوق : ٧ ح ٢٢ باب الواحد ، و الكافي للكليني ٢ : ٣٠٣ ح ٣ ، و الزهد للأهوازي : ٢٧ ح ٦١ ، و رواه الفتال في الروضة ٢ : ٣٧٩ ، و الورام في التنبيه ١ : ١٢٢ ، و الشعيري في جامع الأخبار : ١٦٠ .

( ٣ ) الخصال للصدوق : ٦ ح ١٧ باب الواحد ، و رواه الفتال في الروضة ٢ : ٣٧٩ ، و المجلسي عن كتاب الغايات في بحار الأنوار ٧٣ : ٢٦٣ ح ٥ .

( ٤ ) أخرجه البرقي بطريقين في المحاسن : ٨٦ ح ٢٤ و ٢٥ ، و رواه الفتال في الروضة ٢ : ٣٢١ ، عن الصادق عليه السّلام ، و أخرجه البرقي في المحاسن : ٨٦ ح ٢٤ ، و الفتال بطريقين في الروضة ٢ : ٣٢١ عن الباقر عليه السّلام ، و في الباب طرق كثيرة عن النبي صلى اللّه عليه و آله و سلّم ، و النقل بالمعنى .

١٨
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

فرووا أنّه عليه السّلام وقف على طلحة يوم الجمل و هو صريع ، و قال له في كلام :

« و لكن الشيطان نفخ في أنفه » ١ .

« الّذي » وصف للمتكبّر على ابن أمّه ، أي : قابيل .

« أعقبه اللّه به الندامة و ألزمه آثام القاتلين إلى يوم القيامة » إشارة إلى قوله تعالى في قابيل و هابيل : و اتل عليهم نبأ ابني آدم بالحقّ إذ قرّبا قربانا فتقبّل من أحدهما و لم يتقبّل من الآخر قال لأقتلنّك قال إنّما يتقبّل اللّه من المتّقين .

لئن بسطت إليّ يدك التقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين . إنّي أريد أن تبوء بإثمي و إثمك فتكون من أصحاب النار و ذلك جزاء الظالمين . فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين ٢ .

و قلنا : إنّ المراد بابني آدم في الآية هابيل و قابيل ، و لكن روى الطبري عن الحسن البصري قال : كان الرجلان اللّذان في القرآن و قال اللّه تعالى فيهما و اتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق . . . ٣ من بني إسرائيل و لم يكونا ابني آدم لصلبه ، و إنّما كان القربان في بني إسرائيل و كان آدم أوّل من مات .

ثمّ ردّه الطبري بما روى عن النبي صلى اللّه عليه و آله قال : ما من نفس تقتل ظلماإلاّ كان عن ابن آدم الأول كفل منها ، و ذلك لأنّه أوّل من سنّ القتل ٤ .

قلت : و أوضح منه في ردّه قوله تعالى بعد ما مرّ فبعث اللّه غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الاحتجاج للطبرسي : ١٦٣ ، بلفظ « لكن الشيطان دخل في منخريك فأوردك النار » ، و روى المفيد في الجمل : ٢٠٩ ، نحوه في الزبير .

( ٢ ) المائدة : ٢٧ ٣٠ .

( ٣ ) المائدة : ٢٧ .

( ٤ ) و رواه الطبري في تاريخه ١ : ٩٦ ٩٧ ، اما حديث الحسن فأخرجه أيضا عبد بن حميد في مستنده عنه الدرّ المنثور ٢ : ٢٧٣ ، و اما الحديث النبوي فأخرجه عدّة جمع بعض طرقه السيوطي في الدرّ المنثور ٢ : ٢٧٦ .

١٩

هذا الغراب فأواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ١ فلو كانا من بني اسرائيل لم يحتج القاتل إلى أن يرى غرابا ، لأنّ الدفن في الأرض كان أمرا شائعا من أوّل الدّنيا ، و أمّا الخبر فحيث لم يكن قطعيّ السّند ، يمكن الخصم ردّه .

و لعل الحسن توهمه من قوله تعالى بعد : من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنّه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا . . . ٢ إلاّ أنّه كما ترى .

و نقل الطبري في سبب قتل قابيل لهابيل أقوالا ، منها : أنّه لم تكن التوأمة محرّمة ، فقرّب قابيل و هابيل قرباناً أيّهما أحقّ بتوأمة قابيل التي كانت أحسن من توأمة هابيل ، و روى في ذلك خبرا عن السّدي عن جمع ، و منها : أنّ السبب كان مجرّد قبول فدية هابيل دونه ، و روى عن عبد اللّه بن عمر قال : إنّ ابني آدم اللّذين قرّبا قربانا فتقبّل من أحدهما و لم يتقبّل من الآخر ٣ كان أحدهما صاحب حرث ، و الآخر صاحب غنم ، و أنّهم أمرا أن يقرّبا قرباناً ، و أنّ صاحب الغنم قرّب أكرم غنمه و أسمنها و أحسنها طيبة بها نفسه ، و أنّ صاحب الحرث قرّب شرّ حرثه الكوذر و الزوان غير طيبة بها نفسه ، و أنّ اللّه تعالى تقبّل قربان صاحب الغنم ، و لم يتقبّل قربان صاحب الحرث . و روى عن ابن عبّاس قال :

كان من شأنهما أنّه لم يكن مسكين يتصدّق عليه ، و إنّما كان القربان يقرّبه الرجل فبينا ابنا آدم قاعدان إذ قالا : لو قرّبنا قربانا . و كان الرجل إذا قرّب قربانا فرضيه تعالى أرسل إليه نارا فأكلته ، و إن لم يكن رضيه اللّه خبت النار ، فقرّبا قربانا ، و كان أحدهما راعيا و الآخر حرّاثا . . . فنزلت فأكلت الشاة و تركت الزرع ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) المائدة : ٣١ .

( ٢ ) المائدة : ٣٢ .

( ٣ ) المائدة : ٢٧ .

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

بعد إنهاء هذا البحث ، يأتي دور الإجابة على التساؤلات التي ذكرت في مقدمة البحث وهي :

التساؤل الأول :

لماذا يعبد الشيعة الإمامية تربة الحسين ؟

يمكن الإجابة على هذا التساؤل بما يأتي :

أولاً ـ كيف سمح السائل لنفسه أنْ يسأل هذا السؤال ؟

إذ يلزم عليه ، أنه كيف يسجد الشيعي الإمامي على معبوده كما يدعي ؟!

ثانياً ـ إنّ السائل لم يفرق بين السجود على التربة الحسينية والسجود لها ؛ إذ الشيعة الإمامية تعتقد بأنّ السجود لا يكون إلا لله ، وسجودهم على التربة خضوعاً وخشوعاً لله ، وقد أوضحناه في ما سبق من الأبحاث فراجع

التساؤل الثاني :

لماذا يخالف الشيعة الإمامية جمهور المسلمين بسجودهم على الأحجار ، يحملونها في جيوبهم ، ويُقَدِّسُونَها تقدسياً ؟

يتكون جواب هذا السؤال من ثلاث نقاط كالتالي :

الأولى ـ أنّ الشيعة الإمامية تُجوِّز السجود على كل أرض ، سواء في ذلك المتحجر أو التراب ، فالحصى من الأرض ويجوز السجود عليه بإتفاق المسلمين

وذكر ابن تيمية : « في سنن أبي داود : عن عبد الله بن الحارث قال :( سألت ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن الحصى الذي كان في المسجد ؟ فقال : مُطِرْنَا ذات ليلة ؛ فأصبحت الأرض مبتلة ، فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه فيبسطه تحته ، فلما قضى رسول الله ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ

١٨١

الصلاة ، قال : ما أحسن هذا ) وهذا بَيّنٌ أنهم كانوا يسجدون على التراب والحصى »(٣٢٥)

الثانية ـ قال تعالى :( وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ) [ المؤمنون / ٩ ] ومقتضى المحافظة على الصلاة ، المحافظة على أهم أركانها : وهو السجود الذي هو أقرب ما يكون الإنسان إلى ربه ، كما قال تعالى :( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ) [ العلق / ١٩ ] وأيضاً ورد في الحديث المشهور :« أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد » (٣٢٦) ومقتضى الإحتياط ، أنه ينبغي للمسلم السجود على التراب والحصى الطاهر ؛ ولذا يأخذ الشيعة الإمامية معهم من التراب المتحجر الطاهر ، حذراً من السجود على التراب المجهول الطهارة ، فهل المسلم إذا فعل ذلك يُعَدُّ مخالفاً للمسلمين ، مع العلم أنّ الجميع متفق على ذلك ؟!

الثالثة ـ إن التقديس الحاصل لهذه التربة الزكية يرجع إلى إهتمام السماء بها ، حيث قبض جبرئيل قبضة منها وأعطاها الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكذلك إهتمام أهل بيتهعليهم‌السلام كما ذكرت ذلك في فصل التربة ، فراجع

التساؤل الثالث :

ما هذه الكلمات المكتوبة على التربة الحسينية التي يسجد عليها الشيعة الإمامية ؟

يتضح جواب هذا التساؤل بعد بيان الآتي :

______________________

(٣٢٥) ـ ابن تيمية ، أحمد بن عبد الحليم : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ، م ٢٢ / ١٦٤ ـ ١٦٥

(٣٢٦) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : البحار ، ج ٨٢ / ١٦٤

ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٠ / ٦٣

ـ الشوكاني ، محمد بن علي بن محمد : نيل الأوطار ، ج ٣ / ٩٠

١٨٢

أولاً ـ ليس جميع الترب الحسينية مكتوباً عليها ولا حرف واحد

ثانياً ـ مكتوب على بعضها( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) رمزاً لذكر السجود ، ونحوها من الكتابات ، فهل هذه الكتابات تستلزم الشرك ؟! أو تخرج التربة عن كونها تراباً جاهزاً للسجود عليه ؟

ثالثاً ـ إنّ هذا العمل تَصرُّف من عوام الناس لا من العلماء ، بل العلماء ينصحون بأن تكون خالية عن النقوش والكتابات ، وإليك بعض آرائهم كالتالي :

قال الشيخ كاشف الغطاء ( قده ) : « ويلزم أن تكون التربة التي يسجد عليها المؤمن طاهرة نقية ، ساذجة لا نقش عليها ولا كتابة ولا مُصوّرة ، وما يصنعه بعض العوام من النقش والكتابة ؛ فهو غير مشروع ولا صحيح ، والأمل من إخواننا المؤمنين الإجابة لهذه النصيحة الغالية والله ولي التوفيق »(٣٢٧)

وقال سيدنا السيستاني ( دام ظله ) : « بسمه تعالى ، لا يضر ذلك بصحة السجود عليها ، ولكن ينبغي أن تكون التربة التي يسجد عليها خالية عن كل نقش وكتابة وصورة ، فان ذلك أبعد عن الشبهة »(٣٢٨)

وقال سيدنا الروحاني ( دام ظله ) : «نعم جايز ، لكن السجدة عليه مشكلة في بعض الصور والله العالم »(٣٢٩)

______________________

(٣٢٧) ـ القرشي ، الشيخ باقر شريف : السجود على التربة الحسينية عند الشيعة / ٥٨

(٣٢٨) ـ إستفتاء خطي بتاريخ ١٧ / ١٢ / ١٤١٦ هـ

(٣٢٩) ـ إستفتاء خطي رقم ٨٠٥ ، بتاريخ ١٧ / ٢ / ١٤١٧ هـ

١٨٣

وقال السيد محمد سعيد الحكيم ( دام ظله ) : « تجوز الكتابة المذكورة ويجوز السجود على التربة الحاوية لتلك الكتابة نعم يتأكد اللزوم إحترام التربة من أجل حرمة الأسماء المذكورة »(٣٣٠)

التساؤل الرابع :

هل السجود على تربة الحسين يجعل الصلاة مقبولة عند الله سبحانه وتعالى ولو كانت باطلة ؟

الشيعة الإمامية لا تقول بذلك ، بل تقول : إن الصلاة لا تخلو من لحاظين هما :

الأول : شرائط الصحة

الثاني : شرائط القبول

فإن كانت الصلاة فاقدة لشرط من شرائط الصحة ؛ فهي باطلة وغير مقبولة ، وإن كانت جامعة لشرائط الصحة ؛ فقد تكون مقبولة وقد لا تكون لكن إذا سجد المصلي على تربة الحسينعليه‌السلام في صلاته ، فقد تكون من أسباب قبول الصلاة ، فقد ورد عن إمامنا الصادقعليه‌السلام :( السجود على طين قبر الحسين عليه‌السلام يُنَوِّر إلى الأرضين السبع ) (٣٣١) ، وهذا إشارة إلى قبول العمل ، فالصلاة شيء وقبول العمل شيء آخر

التساؤل الخامس :

لماذا يضع الشيعة الإمامية تربة الحسين عليه‌السلام مع الميت في قبره ؟

______________________

(٣٣٠) ـ الفتاوى ، ج ١ / ٦٨

(٣٣١) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٣ / ٦٠٧ ـ ٦٠٨ ( باب ١٦ ، من ابواب ما يسجد عليه حديث ١)

١٨٤

إسمح لي ـ أيها السائل ـ أنْ أهمس في إذنك ولا تكن في غرابة حينما أقول لك : إنّ الشيعة الإمامية لم تصنع هذا الفعل إعتباطاً وخرافة كما يتصوره البعض ، بل إعتمدت على الأمور التالية :

أولاً ـ سيرة المصطفى في أمته :

ويمكن إستفادة هذه السيرة حسب الآتي :

أ ـ وضع الجريدة وما شابهها على القبر لتخفيف العذاب :

قال القرطبي : « ويُستدل لهذا القول من السنة بما ثبت عن ابن عباس ـ رضي الله تعالى عنهما ـ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مَرّ على قبرين فقال : إنهما ليُعذَّبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما ؛ فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر ، فكان لا يستبرئ بالبول قال : فدعا بِعَسِيب رَطْبٍ فَشَقّه إثنين ، ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ، ثم قال : لعلّه يخفف عنهما ما لم ييبسا(٣٣٢) وفي مسند أبي داود الطّيالسي : فوضع على أحدهما نصفاً وعلى الآخر نصفاً وقال : يُهَوِّن عليهما العذاب ما دام فيهما من بَلْوَاهما شيء

قال علماؤنا : ويستفاد من هذا غرس الأشجار وقراءة القرآن على القبور ، وإذا خفف عنهم بالأشجار ؛ فكيف بقراءة الرجل المؤمن القرآن ، وقد بَيّنا هذا المعنى في كتاب ( التذكرة ) بياناً شافياً ، وأنّه يصل إلى الميت ثواب ما يُهدَى إليه »(٣٣٣)

______________________

(٣٣٢) ـ راجع البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ١١٩ ـ ١٢٠

(٣٣٣) ـ القرطبي ، محمد بن أحمد الأنصاري : الجامع لأحكام القرآن ، ج ١٠ / ٢٦٧

١٨٥

والذي يبدو للباحث الفقهي ، أنّ هذا من المُسَلّمَات عند المسلمين ، فقد ورد شبيه هذا العمل عند الشيعة الإمامية ، كما أشار إلى ذلك المحقق السيد بحر العلوم في منظومته :

وسُنَّ للميت جريدتان

من سعف النخل جديدتانِ

فالسدر فالخلاف فالرمانِ

وبعدها رطب من القضبان

نحو الذراع طول كلٍ والمحلْ

تُرْقُوة الميت وانزل ما نزلْ(٣٣٤)

ب ـ لباس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمان من عذاب القبر :

فقد وردت الروايات في ذلك في كتب الطوائف الإسلامية كالتالي :

١ ـ ( لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ألبسها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قميصه وإضجع في قبرها فقالوا : ما رأينا صنعت ما صنعت بهذه ؟ فقال : إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبَرّ لي منها ، إنما ألبستها قميصي لتكتسي من حلل الجنة ، وإضطجعت ليهون عليها ) هذا مضمون ما روته الكتب الإسلامية فراجع(٣٣٥)

٢ ـ وأيضاً صنع شبيه ذلك بصحابته أمثال عبد الله بن ابَيّ ، كما في رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ـ رضي الله عنهما ـ قال :( أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبدالله بن أبيّ بعدما أدخل قبره ، فأمر به فأخرج ووضع على ركبتيه ، ونفث عليه من ريقه ، وألبسه قميصه ) (٣٣٦)

______________________

(٣٣٤) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي : الدرة النجفية / ٧٦

(٣٣٥) ـ ابن الجوزي ، جمال الدين أبي الفرج : صفوة الصفوة ، ج ٢ / ٥٤

ـ السمهودي ، السيد نور الدين علي : وفاء الوفاء ، ج ٣ / ٨٩٧ ـ ٨٩٨

ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار / ج ٦ / ٢٣٢

(٣٣٦) ـ البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٢ / ١١٦ ، وج ٧ / ١٨٥

ـ البيهقي ، أحمد بن الحسين بن علي : السنن الكبرى ، ج ٣ / ٤٠٢

١٨٦

ثانياً ـ سيرة أهل البيت (عليهم‌السلام ) :

فقد وردت الروايات عن أئمة الهدى عليهم‌السلام التي منها التالي :

١ ـ عن أبي الحسنعليه‌السلام يقول :( ما على أحدكم إذا دفن الميت ووسده التراب أن يضع مقابل وجهه لبنة من طين الحسين عليه‌السلام ، ولا يضعها تحت رأسه ) (٣٣٧)

٢ ـ الحميري قال : كنت إلى الفقيه(٣٣٨) أسأله عن طين القبر بوضع مع الميت في قبره هل يجوز ذلك أم لا ؟

( فأجاب توضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه )(٣٣٩) والى هذا أشار المحقق السيد بحر العلوم بقوله :

بطين مولانا الحسين إن وجد

وغيره غير السواد إن فقد

وأخلط به حنوطه فقد ورد

عن صاحب الزمان في عال السند(٣٤٠)

وبعد هذا البيان المتقدم ، هل تكون الشيعة الإمامية مُلَامَة حينما تضع التربة الحسينية مع موتاها في القبور أماناً من عذاب القبر ، تبركاً بهذه التربة الزكية ، وقد صنع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شبيه ذلك بأهل بيته وأصحابه ، وهو المُشَرِّع العارف بالأحكام ؟!

وهل العَسِيب الرّطَب الذي وضعه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القبرين أفضل من تربة الحسينعليه‌السلام التي سَلّمَها جبرئيل للمصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!.

______________________

(٣٣٧) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ٢ / ٧٤٢ ( باب ١٢ ، من أبواب التكفين ، حديث ٣ )

(٣٣٨) ـ المراد به صاحب العصر والزمان ( عج ) المؤلف

(٣٣٩) ـ نفس المصدر ( الحديث (١) )

(٣٤٠) ـ بحر العلوم ، السيد محمد مهدي : الدر النجفية / ٧٧

١٨٧

التساؤل السادس :

المعروف عن الشيعة الإمامية أنها تقوم بتحنيك أولادها بتربة الحسين عليه‌السلام ، فما هذا التحنيك ؟ وما أسبابه ؟ وما فائدته ؟

يبتني هذا التساؤل على الأمور التالية :

أولاً : ما هو التحنيك ؟

« التحنيك مأخوذ من الحنك وهو : ما تحت الذقن من الإنسان وغيره أو الأعلى داخل الفم والأسفل في طرف مُقَدّم اللحيين من أسفلهما والجمع أحناك »(٣٤١)

« والتحنيك : أنْ يمضغ المحَنِّك التمر أو نحوه حتى يصير مائعاً بحيث يُبتلع ، ثم يفتح فم المولود ويضعها فيه ليدخل شيء منها في جَوّفِه

قال النووي : إتفق العلماء على إستحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر ، فإنْ تعذر فما في معناه أو قريب منه من الحلو قال : ويستحب أنْ يكون من الصالحين وممن يُتَبَرّك به رجلاً كان أو إمرأة ، فإنْ لم يكن حاضراً عند المولود حُمِلَ إليه »(٣٤٢)

وقال المحقق الطريحي : « واتفقوا على تحنيك المولود عند الولادة بتمر فإنْ تعذر فبما في معناه من الحلو ؛ فيمضغ حتى يصير مائعاً فيوضع في فيه ليصل شيء إلى جوفه ويستحب كون المحنك من الصالحين ، وأنْ يدعو للمولود بالبركة ويستحب تحنيكه بالتربة الحسينية والماء ، كأن يدخل ذلك إلى حنكه وهو أعلى داخل الفم »(٣٤٣)

______________________

(٣٤١) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٥ / ٢٦٣

(٣٤٢) ـ الشوكاني ، محمد بن علي محمد : نيل الأوطار ، ج ٥ / ١٦٣

(٣٤٣) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٥ / ١٦٣

١٨٨

ويستفاد من كلمات بعض الفقهاء : « وتحنيكه بتربة الحسينعليه‌السلام وبماء الفرات وهو النهر المعروف للنصوص ( ومع عدمه ) أي ماء الفرات ، وما ذكروه من مطلق الماء الفرات بعد تعذر ماء الفرات لم نقف على نص ، ولا بأس بمتابعتهم حيث يتعذر ماء السماء فيحنك به مسامحة في أدلة السنن ، ( وإنْ لم يوجد ) الماء الفرات ولا غيره ـ ( إلا ماء مالح خلط بالعسل أو التمر ) لورود التحنيك بكل منهما »(٣٤٤)

ثانياً ـ ما هي أسبابه ؟

لعلّ أهم أسبابه ودواعيه ، ترجع إلى الأمور التالية :

الأول ـ ما صنعه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأهل بيته وأبناء المسلمين :

وردت كثير من المرويات في الكتب الإسلامية التي تذكر أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام بتحنيك أطفال أهل بيته والمسلمين ، نذكر منها الآتي :

١ ـ في حديث ولادة الحسن بن علي« وألباه بريقه » أي صبّ في فيه ، كما يُصبّ اللَّبأ في فم الصبي ، وهو أول ما يحلب عند الولادة(٣٤٥)

وفي لفظ ابن كثير :« فَحَنّكَه رسول الله بريقه وسماه » (٣٤٦)

٢ ـ لما ولد إبراهيم بن أبي موسى الأشعري ، أتى به أبوه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ فَسَمّاه إبراهيم ، وحنكه بتمرة ، وكان أكبر ولده(٣٤٧)

٣ ـ وعن أنس ، أنّ أم سليم ولدت غلاماً ، قال : فقال لي أبو طلحة : إحفظه حتى يأتي به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتاه به وأرسلت معه بتمرات ، فأخذها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

______________________

(٣٤٤) ـ الطباطبائي ، السيد علي : رياض المسائل ، ج ٧ / ٢٢٩

(٣٤٥) ـ ابن الأثير ، مجدالدين : المبارك بن محمد : النهاية في غريب الحديث ، ج ٤ / ٢٢

(٣٤٦) ـ ابن كثير ، عماد الدين ، إسماعيل بن عمر : البداية والنهاية ، ج ٨ / ٣٣

(٣٤٧) ـ البخاري ، الحافظ محمد بن إسماعيل : صحيح البخاري ، ج ٧ / ١٠٨ ، وج ٨ / ٥٤

١٨٩

فمضغها ، ثم أخذها من فيه فجعلها في فم الصبي وحنكه به وسمّاهُ عبدالله(٣٤٨)

هذه بعض الأمور التي ذكرها لنا التاريخ من سيرة المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أهل بيته وصحابته ، نعم أقام عليها سنة التحنيك وبارك عليهم ، وهكذا تعمل الإمامية بهذه السيرة عن طريق تربة ريحانته سيد الشهداءعليه‌السلام

الثاني ـ إتباع أهل البيت (عليه‌السلام ) :

قد وردت عنهم الروايات الحَاثّة على تحنيك أولاد الشيعة بتربة الحسين منها الآتي :

عن الحسين ابن العلاء قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول :( حنكوا أولادكم بتربة الحسين عليه‌السلام فإنها أمان ) (٣٤٩)

ثالثاً ـ فوائده :

وقد أشارت أبحاث عديدة ـ نشرت في المجلات والكتب الطبية ـ إلى فوائد التحنيك بالنسبة للأطفال ، وهذه بعض مقالات كبار الأطباء في العالم العربي وغيره :

يقول الدكتور حَسّان شَمْسِي باشا : « يقول ـ أخي وصديقي ـ الدكتور « فاروق مساهل » في كتابه « تكريم الإسلام للإنسان » : والتحنيك هو معجزة طبية للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تظهر الحكمة من ورائها إلا حديثاً فالطفل ـ بعد ولادته ـ يجد نفسه وقد إنفصل عن أمه ، وإنقطع سبل الغذاء الجاهز إليه ، فيلجأ للإعتماد على ما إستطاع جسمه تخزينه من الطعام ـ وهذا ليس بالكثير ـ أثنا

______________________

(٣٤٨) ـ الشوكاني : محمد بن علي محمد بن علي محمد : نيل الأوطار ، ج ٥ / ١٦١

(٣٤٩) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد حسن : وسائل الشيعة ، ج ١٠ / ٤١٠ ( باب (٧٠) من أبواب المزار وما يناسبة ، حديث ٨ )

١٩٠

حمله في رحم أمه ، لحين إفراز اللبن من ثدي والدته ويستغرق إفراز اللبن وقتاً متفاوتاً من الزمن ( من يوم إلى يومين )

وبما أنّ نشاط أجهزة جسم المولود تكون في قمتها في محاولة لملاءمة الوضع الجديد وهو الخروج إلى هذا العالم ، فإنّ المخزون في جسمه يستهلك بسرعة ، وقد تنخفض تبعاً لذلك نسبة السكر في الدم وحيث أنّ الفترة الحرجة في إطعام الطفل تقع بين إنتهاء ولادته وبدء رضاعته ، فإننا نجد تكريم المولود على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتحنيكه بالتمر ( المملوء بالسكر ) والذي يمتص بسرعة في عروقه ، فيحافظ على مستوى السكر في دمه ، أو يرفعه إلى مستواه الطبيعي ويحتوي لبن الأم على كمية من السكر أكبر بكثير من تلك التي توجد في لبن الرضاعة لأي من مخلوقات الله الأخرى فنسبته في لبن الأم تبلغ ٧.٢ % ، بينما تبلغ نسبته ٤.٩ % عند البقر مثلاً ومن هنا تتضح أهمية السكر للمولود ، والأهمية العظمى للتحنيك في تغطية هذه الفجوة في تغذية المولود بين ولادته وبدء رضاعته من لبن أمه ومن التحنيك نشأت عند الناس عادة إعطاء المولود الماء المُحلّى بالسكر حتى يجهز اللبن في ثدي الأم »(٣٥٠)

ويقول الدكتور « عبدالمجيد قطمة » رئيس الجمعية الطبية الإسلامية في بريطانيا : « إنّ هذا الإكتشاف يؤكد أنّ الإسلام هو دين الرحمة والشفاء للبشرية جمعاء ، وأنّ طبيب البشرية محمداً ـ صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ـ كان أوّل من وضع المادة السكرية في فم الوليد ، وذلك بتحنيكه بالتمر الممضوغ في فمه الطاهر ، وجعل هذا الفعل شائعاً بين المسلمين هذا وقد قامت مجموعة من العلماء والأطباء والباحثين الإنجليز في المستشفى الجامعي في مدينة ( ليدز )

______________________

(٣٥٠) ـ باشا ، د / حَسّان شَمسِي : الأسودان التمر والماء بين القرآن والسنة والطب والحديث / ٧٥ ـ ٧٦

١٩١

بشمال إنجلترا بإجراء تجارب على الأطفال حديثي الولادة لمعرفة تأثير إعطاء جرعات مختلفة من محلول السكر ( السكروز ) على بكاء الطفل وإحساسه بالألم بسبب غرز حقنه لسحب الدم ، وتوصلوا إلى أنه كلما زادت نسبة السكر في المحلول السكري في فم الطفل خَفّ البكاء والإحساس بالألم ، وخفَّت سرعة نبضات القلب كما أنّ وضع مادة سكرية في فم الطفل بعد ولادته تحمل بطريقة مدهشة على تخفيف أو منع الألم ، حيث توصل العلماء البريطانيون إلى أنّ إثنين ملليجرام من محلول سكري يخففان كثيراً من بكاء الطفل ، ويقلِّلان من إحساسه بالألم عند وَخْزِه بالحقنة لسحب عَيِّنة من الدم أو عند القيام بعملية الختان »(٣٥١)

وبعد هذا البيان المتقدم ، لا ملامة على الشيعة الإمامية فيما تقول به من تحنيك أولادها بهذه التربة الزكية ، ولا يعتبر عملها بدعة أو خرافة بعد أنْ ورد عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سُنَة التحنيك بالتمر ونحوه ، وبعد أنْ حَثّ أهل البيتعليهم‌السلام شيعتهم على تحنيك أولادهم بتربة الحسينعليه‌السلام ! والله على ما تقول شهيد ، والحمد لله على نعمة التوفيق بإنهاء هذا البحث ، ومسك ختامه الصلاة والسلام على أفضل الخلق محمد وآله الهداة

______________________

(٣٥١) ـ عبدالصمد ، محمد كامل : ثبت علمياً ، ج ٤ / ١٦

١٩٢

١٩٣
١٩٤

١ ـ تربة أرض المدينة المنورة تحمي من أورام الثدي والجلد

والبحث العلمي في مستهل الألفية الثالثة يؤكد مصداقية الطب النبوي دور الطاقة الحيوية الخاصة بـ ( ثاني أكسيد السليكون ) من أرض المدينة المنورة في علاج الوقاية من أورام الثدي والجلد

د سيد عباس إقبال

في تجربة مشتركة بين فريق من الأطباء السعوديين ـ والباكستانيين وكان الهدف منها تقديم بديل طبي ـ إيمان وروحاني ـ مجاني وعلاجي في حقل الأورام ، وذلك بإثبات الدور العلاجي والوقائي للطاقة الحيوية الخاصة بثاني أكسيد السليكون ـ وذلك من عينة تراب مأخوذة من أرض المدينة المنورة ـ ، وذلك في الجينp٥٣ في فئران التجارب ! مصداقاً لحديثه الشريف صلى الله عليه ( وآله ) وسلم عن عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول للمريض : ( باسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا ) رواه البخاري

وكانت خطة العمل : إجراء دراسة تجريبية معملية على ( ثدي وجلد ) فئران التجارب البيضاء ( الفئران ذوات اللون الأمهق : لبني البشرة ، أبيض الشعر ، قرنفلي العينين ) وذلك بإحداق السرطان ـ فيها ـ كيميائياً بواسطة عناصر كيميائية مسرطنة

مكان ومدة الدراسة :

ثم تنفيذها في المعهد الطبي للدراسات العليا وكلية الطب جامعةKing Edward في لاهور ( باكستان ) ، وقد أجريت الدراسة لمدة ٢٠ أسبوعاً للوقاية ـ و١٠ أسابيع إضافية للمجموعات التي تلقت الجرعات العلاجية

١٩٥

المواد والطرائق المستخدمة : تم اختيار ٢٥ فأراً أمهق من الذكور والإناث ، وقسمت لـ ٥ مجموعات ( ٥ فئران لكل مجموعة ) ، وتم إستخدام العناصر الكيميائية الآتية لإحداث السرطان :

(DMBA: Dimethylobenz [a] Anthacene) , (TBA: Tetradecanoyl- phorol-١٣-Acetic acid)

كذا تم إعداد شكل من الطاقة الحيوية من ثاني أكسيد السليكون ، المأخوذ من تربة أرض المدينة المنورة لاستخدامه ( علاجياً ) ، وقد أعطي للمجموعة العلاجية قبل تعريض فئران التجارب للمسبّبات المسرطنة الكيميائية ، وقد تم إقتفاء الجين المسمىP٥٣ في كل فئران التجارب

خط سير التجربة :

بعد تقسيم الفئران ( ٥ مجموعات ـ ٥ في كل مجموعة ) أعطيت كل مجموعة حرفاً أبجدياً رمزاً لهاA,B,C,D,E وهكذا ولم تعطA أية مواد كيميائية ضارة ( فقد استخدمت المجموعةA كمجموعة حاكمة ضابطة للتجربة ) بينما تم إعطاء باقي المجموعات المواد الكيميائية المسرطنة(DMBA٧.١٢ TPA١٢.٠) وذلك لإحداث السرطان ، ( تتم إعطاء المواد الكيميائية المسرطنة فقط بدون المادة العلاجية لمجموعة B ذكور وC إناث ، بينما المجموعةE ذكور ،F إناث أعطيت عن طريق الفم الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون قبل تعريضها أيضاً للمسرطنات الكيميائية المذكورة ، أما المجموعةB وE ذكور ؛ فقد تم توظيفها لإحداث سرطانات الجلد فيها ، بينما إناثD فقد استخدمت لإحداث سرطان الثدي ) ، وبعد ٢٠ أسبوعاً تم اختيار ٤ فئران تجارب من المجموعةC , B لمجموعات إضافيةC٢ , C١ , B٢ , B١ لرؤية التأثير التطببي والعلاجي للطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون بينما تم التخلص من الباقي بالذبح ، وأخذت

١٩٦

الأنسجة للفحص من ناحية الأسباب والأعراض المرضية النسجية لبحث حالة الجين البروتينيP٥٣ ، وقد قورنت النتائج مع باقي مجموعة التجارب ، وقد إستمرت المجموعة العلاجية أو التي تم تطبيبها ١٠ أسابيع أخرى تالية ، وقد إستخدم مؤشر أو معيار دليل ( فوق صوتي ـ فوق سماعي ) لمعرفة إدراك كيفية الإستجابة للطاقة الحيوية ، وقد تم تحضير الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون باختيار تربة ( محددة معينة ) من أرض المدينة المنورة ، واستخدام ناقل ( باستعمال سكر اللبنLactose “Saccharum Lactis” لإيجاد طاقة حيوية تم نقلها بماء مقطر على أساس أو قاعدة إنتاج(Adinosine tri phosphate: ATP) المتعلق بتمثل الطاقة عبر ميتوكوندريا الخلية موقع توليد الطاقة ) وقد تم كل ذلك وفقاً للنظرية الإهتزازيةVibration ، وتم إعداد شكل الطاقة هذه ، إما بجرعات بالفم أو على شكل حقن أيضا !.

النتائج :

في المجموعةA لم تكن هناك ثمة آفات أو تضررات أو أذى ، ولا تغير طفري جيني في الجينP٥٣ ( فئرانها كما ذكرنا استخدمت كمجموعة ضابطة وحاكمة معيارياً )

وفي المجموعةB نشأت قروح لدى كل الفئران ، وواحد منها نشأ عنده ورم حُليمي ، وآخر سرطانة خلوية بين ظاهرية كثيرة الحراشف ، وكذا ثلاثة نشأت لديهم سرطانات توسعية كثيرة الحراشف أما المجموعةC فقد نمت لدى ٤ فئران نتوءات ثديية ، وكذا سرطانات توسّعية في القناة اللبنية ، ولم نشاهد خباثة سرطانية فيD بينما نمت لدى فأر واحد من المجموعةE ورم غدي أنبوبي غير خطير ؛ أي أن معدلات التغيير الطفرية للجينP٥٣ كانت أعلى في

١٩٧

B , C التي لم تأخذ علاجاً مقارنة بباقي المجموعاتE , D , A وبقيت بوجه عام صحة فئران هاتين المجموعتينE, D طيبة وجيدة ، كذلك لم تكتشف أية أعراض جانبية أو آثار سُميّة من جراء إستعمال العلاج ، وكانت الأورام منخفضة المعدلات مقارنة بالمجموعات التي لم تتلق علاجاً ، ولقد كان الدور الوقائي للطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون جيداً ، بينما أظهر المعدل المنخفض أو حتى السلبي للجينp٥٣ وخاصة عند الفئرانC٢ , B٢ التي تلقت جرعات علاجية ، كل هذا اظهر دورp٥٣ التنبؤي والنذيري والتكهني عند الفئران التي نشأ لديها القليل من الآفات ، نعم فقد كانت درجة ـ وتدرج ـ وطبقة الورم منخفضة فيC٢ , B٢ مقارنة بـC١ , B١

وهكذا كشف المعدل المُحرز والمنخفض والعادي منp٥٣ رسوخ وتوازن الكروموسوم الصبغي١٧ والذي يقع فيه الجينp٥٣ وقد تم إحراز ذلك الثبات باستعمال الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون التي أثبتت دورها الجيد في منع والوقاية من التغيرات الطفرية للجينp٥٣ ، وبالتالي تأثيراتها الواقية ضد العناصر الكيميائية المسرطنة ، وربما أعطانا هذا أملاً في العلاج باستعمال التداوي بهذه الطاقة الحيوية ( مثلاً إذا تم إعطاءها لمرضى ما بعد العمليات الجراحية )

لقد ابتكرنا فكرة أنه إذا استطعنا استثمار طاقة ثاني أكسيد السليكون ولذا الترداد أو التكرار المقاس لهذه الطاقة ، وتم منحها عبر وسيط مناسب مثل الماء أو الزيت أو السكر إلخ ، فإنّ هذه الطاقة الحيوية قد تؤدي دوراً كمضاد أكسدة وكمضاد التهابات ، وربما أيضاً قد تؤدي في علاج السرطان ، وذلك بإمكان الحماية والوقاية من الأورام السرطانية بواسطة التحكم أو السيطرة على دورة الخلية ( بتثبيت التغيرات الخلوية على المستوى الجيني ، ومن أجل هكذا ؛

١٩٨

فقد تم إختيار تربة المدينة المنورة ( عينات منها ) ، والتي جاء ذكرها في حديثه الشريف عليه السلام ، والمذكور في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ، كان يقول للمريض « باسم الله تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفي سقيمنا بإذن ربنا » رواه البخاري

وتم تنفيذ هذه الدراسة لرؤية العناصر التي تؤدي إلى الطفرة الخلوية للجينp٥٣ والوقاية منها ومنعها وكذا توظيفاً لمنحي في الطب البديل هو طب الطاقة الحيويةBioenergy Medicine ، ولقد أثبتت هذه الدراسة التجريبية المعملية أن الغير الطفري للجينp٥٣ مسئول عن إنتاج و إحداث سرطان الجليد سرطان الثدي ، وأن مسببات السرطان الكيميائية مثل المذكورة في التجربة " تسبب الطفرة في دورة خلية الجين الحارس على كروموسوم١٧ وقد تم إثبات أن الطاقة الحيوية لثاني أكسيد السليكون من أرض المدينة المنورة له دور إيجابي مؤكد في الوقاية والحماية من أورام سرطان الثدي والجلد

ما هو الجين البروتينيp٥٣ ؟

يقع هذا الجين في الكروموسوم ١٧ ويمثل الحارس والحامي لـDNA المكون الأساسي في المادة الحية وفي حالة حدوث ضرر لـDNA فإن هذا الجين يؤدي ثلاث وظائف حاسمة

أولاً : يوقف دورة الخلية مثلاً بزيادة قدرة التعديل للجينp٢١

ثانياً : يستهل ويبدأ في إصلاح الـDNA فالحين عامل نسج خلوي أيضاً

ثالثاً : وفي حالة عدم إمكانية إصلاح الـDNA فإنp٥٣ يبدأ ويستهل ما يسمى بـAPOPTOSIS وهو نمط تشكليMorpholic لموت الخلية ، يصيب الخلية الفردية وموسوم بانكماش الخلية بسبب دور الجينP٥٣ هذا في حماية الـDNA

١٩٩

وإيقاف دورة الخلية ، فإنه يحمي من السرطان ، فهو قامع وكابح أورام ، ومن ثم فإن التغير الطفري الجيني لـp٥٣ شائع جداً في الخلايا السرطانية ، فهو يتخذ بالذات هدفاً في التغيير الجيني الخاص بالأورام ، وعندما يغدو متغيراً طفرياًp٥٣ Mutated فإنه يصير غير قادر لأداء مهامه العادية ، وبالتالي يتيح للخلايا السرطانية أن تتوالد وتتكاثر بالانقسام الخلوي ، وكذا قيامها بزيادة الإنبثاث

وماذا عن ثان أكسيد السليكونSiO٢ :

السليكون عنصر رمزهSi ورقمه الذري١٤ ووزنه الذي٢٨.٠٨٦ والسليكون والأكسجين هما أكثر العناصر وفرة في قشرة أو أديم أو غلاف الأرض ، وجسيمات ورقائق السليكون موجودة في الأرض والحشائش وأوراق النباتات والحبوب ، وعندما تكون هذه الجسيمات متحدة بالماء ؛ فإنها تنتج ذرات أكسجين ، وربما كان لها دورها في عملية استخراج نسخ DNA مطابقة أو في إصلاح عملية الانقسام الخلوي غير المباشر إنّ نوعية التفاعل المباشر لجزئيات السليكون البلورية مع الـDNA مهم بسبب قيامها بتثبيتDNA في مكانها وهذا الأمر هام في التحولات السرطانية(٣٥٢)

٢ ـ الله أكبر والعزة للإسلام

في بحث علمي نشر في المجلة العلمية المشهورةJournal of Plant Molecular Biology ، وجد فريق من العلماء الأمريكيين ، إن بعض النباتات الإستوائية تصدر ذبذبات فوق صوتية تم رصدها وتسجيلها بأحدث الأجهزة العلمية المتخصصة

______________________

(٣٤١) ـ إقبال ، سيد عباس : ( تربة أرض المدينة المنورة تحمي من أورام الثدي والجلد ) ، مجلة الطب البديل ، العدد ٢٤ يناير ( كانون الثاني ) ٢٠٠٥ م ، ص / ١٦ ـ ١٨

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605