فصار مع المستشهدين ثوابه
جنان و ملتفّ الحديقة أخضر
و كنّا نرى في جعفر من محمّد
وقارا و أمرا حازما حين يأمر
و منها قول كعب بن مالك الأنصاري :
نام العيون و دمع عينك يهمل
سحّا كما و كف الرباب المسبل
وجدا على النفر الّذين تتابعوا
قتلى بمؤتة أسندوا لم ينقلوا
ساروا أمام المسلمين كأنّهم
طود يقودهم الهزبر المشبل
إذ يهتدون بجعفر و لوائه
قدام ، أوّلهم و نعم الأوّل
حتّى تقوّضت الصفوف و جعفر
حيث التقى جمع الغواة مجدّل
فتغيّر القمر المنير لفقده
و الشمس قد كسفت و كادت تأفل
١ قلت : لم يختصّ كون جعفر أمير الكل و الأمير الأوّل روايته بالشيعة ، فقد روى ذلك كاتب الواقدي في ( طبقاته ) مع كونه ناصبيا شديد النصب ، فقال :
أخبرنا بكر بن عبد الرحمن قاضي الكوفة ، قال : أخبرنا عيسى بن المختار عن محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سالم بن أبي الجعد عن أبي اليسر عن أبي عامر قال : بعثني النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى الشام ، فلمّا رجعت مررت على أصحابي و هم يقاتلون المشركين بمؤتة قلت : و اللّه لا أبرح اليوم حتّى انظر إلى ما يصير إليه أمرهم . فأخذ اللواء جعفر بن أبي طالب ، و لبس السلاح ثمّ حمل جعفر حتّى إذا همّ أن يخالط العدو رجع ، فوحش بالسلاح ثمّ حمل على العدو و طاعن حتّى قتل ، ثمّ أخذ اللواء زيد بن حارثة ، و طاعن حتّى قتل ، ثمّ أخذ اللواء عبد اللّه ابن رواحة و طاعن حتى قتل ، ثمّ انهزم المسلمون أسوأ هزيمة ٢ .
ـــــــــــــــــ
( ١ ) نقله عن ابن اسحاق ابن هشام في السيرة ٤ : ١٨ بتفاوت في ترتيب الأبيات ، و قاله ابن ابي الحديد في شرحه ٣ : ٤١١ و النقل بإسقاط بعض الأبيات .
( ٢ ) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٢ ق ١ : ٩٤ ، و فيه بعد قوله في جعفر « و ليس السلاح » ما لفظه : « و قال غيره أخذ زيد اللواء ، و كان رأس القوم » .