• البداية
  • السابق
  • 605 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 105925 / تحميل: 4948
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء 2

مؤلف:
العربية

و أسود و أصفر ، من كلّ كلب بما يشبهه ، و إنّما كان أبوك عبدا نزل إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله من حصن الطائف ، ثمّ أقمتم البيّنة تدّعون : أنّ أبا سفيان زنى بأمّكم ، أما و اللّه لئن بقيت لأحقنّكم بنسبكم . ثمّ دعا بحمران فقال : يابن اليهودية ، إنّما أنت علج نبطي سبيت من عين التمر . ثمّ قال لحكم بن المنذر بن الجارود : يابن الخبث ، أ تدري من أنت ، و من الجارود ؟ إنّما كان الجارود علجا بجزيرة ابن كاوان فارسيا فقطع إلى ساحل البحر ، فانتمى إلى عبد القيس ، و لا و اللّه ما أعرف حيّا أكثر اشتمالا على سوأة منهم ، ثمّ أنكح أخته المكعبر الفارسي ، فلم يصب شرفا قطّ أعظم منه ، فهؤلاء ولدها يابن قباذ . ثمّ أتي بعبد اللّه بن فضالة الزهراني ، فقال : ألست من أهل هجر ؟ ثمّ من أهل سماهيج ؟ أما و اللّه لأردنّك إلى نسبك . ثمّ أتي عليّ بن أصمع ، فقال : أعبد لبني تميم مرة ،

و عزي من باهلة ؟ ثمّ أتي بعبد العزيز بن بشر بن حناط ، فقال : يابن المشتور ،

ألم يسرق عمّك عنزا في عهد عمر ، فأمر به . فسير ليقطعه ؟ أما و اللّه ما أعنت إلاّ من ينكح أختك كانت أخته تحت مقاتل بن مسمع ثمّ أتي بأبي حاضر الأسدي ، فقال : يابن الاصطخرية ، ما أنت و الأشراف ؟ و إنّما أنت من أهل قطر دعيّ في بني أسد ، ليس لك فيهم قريب ، و لا نسيب . ثمّ أتي بزياد بن عمرو ،

فقال : يابن الكرماني إنّما أنت علج من أهل كرمان قطعت إلى فارس فصرت ملاّحا ، مالك و الحرب ؟ لأنت بجرّ القلس أحذق . ثمّ أتي بعبد اللّه بن عثمان بن أبي العاص ، فقال له : أعليّ تكثر ، و أنت علج من أهل هجر ، لحق أبوك بالطائف و هم يضمّون من تأشّب إليهم يتعزّزون به ؟ أما و اللّه لأردنّك إلى أصلك . ثمّ أتي بشيخ بن النعمان ، فقال : يابن الخبيث ، إنّما أنت علج من أهل زندرود هربت أمّك ، و قتل أبوك ، فتزوج أخته رجل من بني يشكر ، فجاءت بغلامين ، فألحقاك بنسبهما ثمّ ضربهم مائة مائة ، و حلق رؤوسهم و لحاهم ، و هدم دورهم ،

٤٢١

و صهرهم في الشمس ثلاثا ، و حملهم على طلاق نسائهم ، و جمر أولادهم في البعوث ، و طاف بهم في أقطار البصرة ، و أحلفهم أن لا ينكحوا الحرائر ١ .

٣٨

من الخطبة ( ٢٣٤ ) و من كلام له عليه السّلام اقتصّ فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النبيّ صلى اللّه عليه و آله ثم لحاقه به :

فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُ مَأْخَذَ ؟ رَسُولِ اَللَّهِ ص ؟ فَأَطَأُ ذِكْرَهُ حَتَّى اِنْتَهَيْتُ إِلَى ؟ اَلْعَرَجِ ؟ « . . . في كلام طويل : قوله عليه السّلام : « فأطأ ذكره » من الكلام الّذي رمى به إلى غايتي الإيجاز و الفصاحة ، أراد عليه السّلام : أنّي كنت أعطي خبره صلى اللّه عليه و آله من بدء خروجي إلى أن انتهيت إلى هذا الموضع ، فكنى عن ذلك بهذه الكناية العجيبة » .

أقول : و هذا العنوان ممّا في ترتيبه في نسخنا اختلاف مع نسخة ابن أبي الحديد و الكيذري ، و تبعهما ابن ميثم ، كما مرّ في أوّل الكتاب ٢ ، و قد روى العنوان أئمّة غريب الحديث ، كما يفهم من ذكر الجزري له في النهاية ، لكن فيه ( ما أخذ ) بدل ( مأخذ ) ٣ .

قول المصنّف « بعد هجرة النبيّ صلى اللّه عليه و آله » ذكر ( تنبيه المسعودي ) أسماء لسني هجرته صلى اللّه عليه و آله فقال : تعرف السنة الثانية بسنة الأمر لأنّه أمر فيها بالقتال ،

و الثالثة بسنة التمحيص ، و الرابعة بسنة الترفيه ، و الخامسة بسنة الأحزاب ،

و السادسة بسنة الاستئناس ، و السابعة بسنة الاستغلاب ، و الثامنة بسنة الفتح ، و العاشرة بسنة حجّة الوداع ، و الحادية عشرة بسنة الوفاة ٤ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٥ : ٤ سنة ٧١ .

( ٢ ) قد مرّ في مقدّمة المؤلف .

( ٣ ) النهاية لابن الأثير الجزري ٥ : ٢٠١ مادة ( وطأ ) و لفظه ( مآخذ ) .

( ٤ ) التنبيه و الإشراف : ٢٠٢ ٢٤٠ .

٤٢٢

« ثمّ لحاقه عليه السّلام به صلى اللّه عليه و آله » بعد ثلاث ليال ، كما في ( المناقب ) .

قوله عليه السّلام « فجعلت أتّبع مأخذ رسول اللّه عليه السّلام » أي : مكان أخذه من الطريق في هجرته ، و على نقل الجزري ، أي : مكانا أخذه . و أمّا لحوقه عليه السّلام به ، فروى الكليني مسندا عن سعيد بن المسيّب عن السجّاد عليه السّلام قال : كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يصلّي مدّة عشر سنين ركعتين حتّى هاجر إلى المدينة ، و خلّف عليّا عليه السّلام في أمور لم يكن يقوم بها أحد غيره ، و كان خروجه من مكّة في أوّل يوم من ربيع الأوّل ، و ذلك يوم الخميس من سنة ثلاث عشرة من المبعث ، و قدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، مع زوال الشمس ، فنزل بقبا فصلّى الظهر ركعتين ، و العصر ركعتين ، ثمّ لم يزل مقيما ينتظر عليّا عليه السّلام يصلّي الصلوات الخمس ركعتين ركعتين ، و كان نازلا على عمرو بن عوف ،

فأقام عندهم بضعة عشر يوما يقولون له : أتقيم عندنا فنتخذلك منزلا و مسجدا ؟ فيقول : لا ، إنّي أنتظر علي بن أبي طالب ، و قد أمرته أن يلحقني ،

و لست مستوطنا منزلا حتّى يقدم عليّ ، و ما أسرعه إن شاء اللّه . فقدم علي عليه السّلام ،

و النبيّ صلى اللّه عليه و آله في بيت عمرو بن عوف فنزل معه ، ثمّ تحوّل النبيّ صلى اللّه عليه و آله من قبا إلى بني سالم بن عوف ، و عليّ عليه السّلام معه يوم الجمعة مع طلوع الشمس ، فخطّ لهم مسجدا و نصب قبلته ، فصلّى بهم فيه الجمعة ركعتين ، و خطب خطبتين ، ثمّ راح من يومه إلى المدينة على ناقته التي كان قدم عليها ، و عليّ عليه السّلام معه لا يفارقه يمشي بمشيه ، و ليس يمر النبيّ صلى اللّه عليه و آله ببطن من بطون الأنصار إلاّ قاموا إليه يسألونه أن ينزل عليهم ، فيقول لهم : خلّوا سبيل الناقة ، فانّها مأمورة .

فانطلقت به ، و هو واضع لها زمامها حتّى انتهت إلى الموضع الذي ترى و أشار بيده إلى باب مسجد النبيّ صلى اللّه عليه و آله الذي يصلّي عنده بالجنائز فوقفت عنده و بركت ، و وضعت جرانها على الأرض ، فنزل ، و أقبل أبو أيّوب مبادرا

٤٢٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

حتّى احتمل رحله ، فأدخله منزله ، و عليّ عليه السّلام معه حتّى بنيت له مساكن و بنى مسجده فتحولا .

قال سعيد : قلت لعليّ بن الحسين عليه السّلام : كان أبو بكر معه ، فأين فارقه ؟

قال : لمّا كان بقبا ينتظر قدوم عليّ عليه السّلام قال له أبو بكر : انهض بنا إلى المدينة فإنّ القوم فرحوا بقدومك ، و ما أظنّ عليّا يقدم عليك إلى شهر . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله :

كلاّ بل ما أسرع حتّى يقدم أخي ، و ابن عمّي ، و أحبّ أهل بيتي ، و قد وقاني بنفسه من المشركين . فغضب أبو بكر ، و اشمأزّ و داخله من ذلك حسد لعليّ عليه السّلام ، و كان ذلك أوّل عداوة بدت منه في عليّ عليه السّلام ، و أوّل خلافه على النبيّ صلى اللّه عليه و آله . فانطلق أبو بكر حتّى دخل المدينة ، و تخلّف النبيّ صلى اللّه عليه و آله بقبا ينتظر عليّا عليه السّلام . . . ١ .

و في ( الكافي ) : ماتت خديجة قبل الهجرة بسنة ، و مات أبو طالب بعدها .

فلمّا فقدهما سئم المقام بمكّة و دخله حزن شديد ، و أشفق على نفسه من كفّار قريش ، فشكا إلى جبرئيل ذلك ، فأوحى إليه : أن اخرج من القرية الظالم أهلها ،

و هاجر إلى المدينة ، فليس لك اليوم بمكّة ناصر ، و انصر للمشركين حربا .

فعند ذلك توجّه إلى المدينة ٢ .

و روى ( أمالي الشيخ ) مسندا عن هند بن أبي هالة ، و أبي رافع ، و عمّار جميعا يحدّثون عن هجرة أمير المؤمنين عليه السّلام إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله بالمدينة ، و مبيته قبل ذلك على فراشه ، قالوا : ثمّ كتب النبيّ صلى اللّه عليه و آله إليه عليه السّلام كتابا يأمره فيه بالمسير إليه ، و قلّة التلوم ، و كان الرسول إليه أبا واقد الليثي ، فتهيأ للخروج ،

فأذّن من كان معه من ضعفاء المؤمنين ، فأمرهم أن يتسلّلوا إذا ملأ الليل بطن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ٨ : ٣٣٨ ح ٥٣٦ و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) الكافي للكليني ١ : ٤٤٠ و النقل بالمعنى .

٤٢٤

كلّ ذي واد إلى ذي طوى ، و خرج عليه السّلام بفاطمة بنت النبيّ صلى اللّه عليه و آله و بفاطمة أمّه ،

و بفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب ، و قيل : ضباعة ، و تبعهم أيمن بن أمّ أيمن ،

و أبو واقد فجعل يسوق بالرواحل ، فأعنف بهم . فقال عليه السّلام : ارفق بالنسوة ، أبا واقد ، إنّهنّ من الضعائف ، قال : أخاف أن يدركنا الطلب . فقال عليه السّلام : أربع عليك .

ثمّ جعل عليه السّلام يسوق بهنّ سوقا رفيقا و هو يقول :

ليس إلاّ اللّه فارفع ظنكا

يكفيك ربّ الناس ما أهمّكا

فلمّا شارف ضجنان أدركه الطلب بسبع فوارس من قريش مستلئمين و ثامنهم جناح مولى الحرث بن أميّة ، فأقبل عليه السّلام على أيمن و أبي واقد ، و قد تراءى القوم . فقال لهما : أنيخا الابل ، و اعقلاها ، و تقدّم حتّى أنزل النسوة ، و دنا من القوم منتضيا سيفه ، فقالوا : ظننت يا غدّار أنّك ناج بالنسوة ؟ ارجع لا أبا لك . قال : فإن لم أفعل ؟ قالوا : لترجعنّ راغما . و دنوا من المطايا ليثوّروها فحال عليه السّلام بينهم و بينها ، فأهوى له جناح بسيفه ، فراغ عليه السّلام عن ضربته ،

و ضربه على عاتقه مضيّا فيه حتّى مسّ كاثبة فرسه ، و كان عليه السّلام يشدّ على قدمه شدّ الفارس ، و هو يقول :

خلّو سبيل الجاده المجاهد

آليت لا أعبد غير الواحد

فتصدعوا عنه ، فقال : من سرّه أن أفري لحمه ، و أهريق دمه ، فليتبعني .

ثمّ سار ظاهرا مظاهرا حتّى نزل ضجنان ، فتلوم بها قدر يومه و ليلته ، و لحق به نفر من المستضعفين ، و فيهم أمّ أيمن ، فصلّى ليلته تلك هو و الفواطم ،

و يذكرونه قياما و قعودا و على جنوبهم ١ . فلن يزالوا كذلك حتّى طلع الفجر ، فصلّى بهم صلاة الفجر ، ثمّ سار لوجهه حتّى قدم المدينة ، و قد نزل الوحي بما كان من شأنهم قبل قدومهم : الّذين يذكرون اللّه قياما و قعودا

ـــــــــــــــــ

( ١ ) آل عمران : ١٩١ .

٤٢٥

و على جنوبهم و يتفكّرون في خلق السماوات و الأرض ربّنا ما خلقت هذا باطلا . . . فاستجاب لهم ربّهم إنّي لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض . . . ١ الذكر : علي عليه السّلام و الانثى : فاطمة و بعضكم من بعض عليّ من الفواطم ، و هنّ من علي عليه السّلام . . . فالّذين هاجروا و أخرجوا من ديارهم و أوذوا في سبيلي و قاتلوا و قتلوا لأكفّرنّ عنهم سيّئاتهم ، و لأدخلنّهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند اللّه و اللّه عنده حسن الثواب ٢ .

و تلا : و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة اللّه و اللّه رؤوف بالعباد ٣ ، و قال له : يا علي أنت أوّل هذه الأمّة إيمانا باللّه و رسوله ، و أوّلهم هجرة إلى اللّه و رسوله ، و آخرهم عهدا برسوله ٤ .

« فأطأ » أي : أضع قدمي ، قال تعالى : . . . و أرضا لم تطؤوها . . . ٥ و قال الجوهري : الوطأة : موضع القدم ، و هي أيضا كالضغطة ، و في الحديث : اللهمّ اشدد و طأتك على مضر ٦ .

قلت : ما ذكره و هم ، فموضع القدم : الموطى‏ء لا الوطاة ، كما أنّ الضغطة شدّة الوطأة ، لا مطلقها كما قال .

« ذكره » أي : النبيّ صلى اللّه عليه و آله لاشتهار أمره في الطريق أيضا .

« حتّى انتهيت إلى العرج » أحد المنازل الّتي كانت في الطريق .

و قد ذكر كاتب الواقدي في ( طبقاته ) منازل سلكها النبيّ صلى اللّه عليه و آله في هجرته

ـــــــــــــــــ

( ١ ) آل عمران : ١٩١ ١٩٥ .

( ٢ ) آل عمران : ١٩٥ .

( ٣ ) البقرة : ٢٠٧ .

( ٤ ) الأمالي لأبي علي الطوسي ٢ : ٨٤ الجزء ١٦ و الحديث طويل نقل بتصرف .

( ٥ ) الأحزاب : ٢٧ .

( ٦ ) صحاح اللغة للجوهري ١ : ٨١ مادة ( وطا ) .

٤٢٦

قبل العرج و بعده ، فقال : و سلك النبيّ صلى اللّه عليه و آله في الخرّار ثمّ جاز ثنيّة المرة ، ثمّ سلك لقفا ، ثمّ أجاز مدلجة لقف ، ثمّ استبطن مدلجة مجاج ، ثمّ سلك مرجح مجاج ، ثمّ بطن مرجح ، ثمّ بطن ذات كشد ، ثمّ على الحدائد ، ثمّ على الأذاخر ، ثمّ بطن ريغ فصلّى به المغرب ، ثمّ ذا سلم ، ثمّ أعدى مدلجة ، ثمّ العثانية ، ثمّ جاز بطن القاحة ثمّ هبط العرج ، ثمّ سلك في الجدوات ، ثمّ في الغابر عن يمين ركوبة ، ثمّ هبط بطن العقيق حتّى انتهى الى الجثجاثة ١ .

و أمّا وجه تسمية العرج بالعرج ، فقال ابن الكلبي : لمّا رجع تبّع من قتال أهل المدينة يريد مكّة رأى دوابّ تعرج ، فسمّاها العرج ٢ . و قال كثير : سمّي عرجا لأنّه يعرج به عن الطريق ٣ .

و العرج عرجان : عرج من نواحي الطائف ، و إليه ينسب العرجي ، الشاعر الّذي يقول :

أضاعوني و أيّ فتى أضاعوا

ليوم كريهة و سداد ثغر

و عرج بين مكّة و المدينة الوارد في كلامه عليه السّلام ، قال الأصمعي ، في كتاب ( جزيرة العرب ) كما نقل عنه ( المعجم ) : إنّ في نواحي الطائف و اديا يقال له :

العرج ، و هو غير العرج الّذي بين مكّة و المدينة عقبة بينهما على جادة الحاج ،

و جبلها متّصل بجبل لبنان ٤ .

و من العرج الثاني كان سعد العرجي دليل النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى المدينة .

و في ( الأسد ) : قيل لسعد : العرجي ، لأنّه اجتمع مع النبيّ صلى اللّه عليه و آله بالعرج .

روى عنه ابنه عبد اللّه أنّه قال : كنت دليل النبيّ من العرج إلى المدينة

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ١ : ١٥٧ .

( ٢ ) معجم البلدان للحموي ٤ : ٩٨ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) معجم البلدان للحموي ٤ : ٩٩ و النقل بتقطيع .

٤٢٧

فرأيته يأكل متّكئا . . . ١ .

و وهم ابن أبي الحديد ، فقال : العرج منزل بين مكّة و المدينة ، و إليه ينسب العرجي الشاعر ، و هو عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان ٢ .

فتراه توهم اتّحاد العرج ، و انحصاره بما بين مكّة و المدينة ، و نسبة العرجي الشاعر إليه مع أنّه لا ريب أنّه منسوب إلى عرج الطائف ، كما صرّح به ابن قتيبة ، و الحموي ، و الحصري ٣ ، و غيرهم ، و إنّما سعد العرجي الصحابي منسوب إليه .

كما أنّ قوله : « العرجي عبد اللّه بن عبد اللّه بن عمرو » غلط آخر ٤ ، و إنّما هو عبد اللّه بن عمر بن عبد اللّه بن عمرو بن عثمان ، كما صرّح بن القتيبي و الحموي ٥ و غيرهما .

و هجا العرجي هذا إبراهيم المخزومي فحبسه حتّى مات .

و غلط الجوهري و الفيروز آبادي فيه غلطا آخر فقالا : العرجي : عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان ٦ .

فإنّ من قالا : جدّا العرجي ، و يقال له : المطرف لا العرجي .

قول المصنّف « في كلام طويل » لم يذكره لخروجه عن موضوع كتابه .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أسد الغابة لابن الأثير ٢ : ٢٨٧ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٨٨ ، و فيه « عبد اللّه بن عمرو بن عثمان » .

( ٣ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٢٢٤ و معجم البلدان للحموي ٤ : ٩٨ ، و المشترك و المفترق : ٣٠٥ ، و زهر الآداب للحصري ١ : ٥٥٨ .

( ٤ ) في شرح ابن أبي الحديد ٣ : ٢٨٨ « عبد اللّه بن عمرو بن عثمان » كما ذكرنا ، و يوافقه قول الحموي في المشترك ، و الجوهري و الفيروز آبادي ، كما سنذكر .

( ٥ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ٢٢٤ ، و معجم البلدان للحموي ٤ : ٩٨ لكنّه قال في المشترك و المفترق : ٣٠٥ « عبد اللّه بن عمرو بن عثمان بن عفان العرجي الشاعر » و قال ابن قتيبة : « عبد اللّه بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان » .

( ٦ ) صحاح اللغة للجوهري ١ : ٣٢٥ مادة ( عرج ) و القاموس المحيط للفيروز آبادي ١ : ١٩٩ مادة ( عرج ) .

٤٢٨

« قوله عليه السّلام : « فأطأ ذكره » من الكلام الّذي رمى به إلى غايتي الإيجاز و الفصاحة » أي : هو كلام جمع بينهما .

« أراد عليه السّلام أنّي كنت أعطي خبره صلى اللّه عليه و آله من بدء خروجي إلى أن انتهيت إلى هذا الموضع فكنّى عن ذلك » المعني الطويل .

« بهذه الكناية العجيبة » المختصرة ، و نظير كلامه عليه السّلام قول علي بن خشرم لعليّ بن حجر :

و وافيت مشتاقا على بعد شقّة

يسايرني في كلّ ركب له ذكر

و ممّا يدخل في هذا الباب ما رواه ( عيون ابن قتيبة ) عن الأصمعي قال :

قال شيخ من قضاعة : ضللنا مرّة الطريق فاستر شدنا عجوزا ، فقالت : استبطن الوادي ، و كن سيلا حتّى تبلغ ١ .

و عن اعرابي قال : خرجت حيث انحدرت أيدي النجوم ، و شالت أرجلها .

فلم أزل أصدع الليل حتّى انصدع لي الفجر .

و عن آخر ذكر قوما اتّبعوا قوما أغاروا عليهم فقال : احتشوا كلّ جمالية عيرانة ، فما زالوا يخصفون أخفاف المطي بحوافر الخيل حتّى أدركوهم بعد ثالثة ، فجعلوا المران أرشية الموت ، و استقوا بها أرواحهم.

و قال عبد العزيز بن زرارة لمعاوية : لم أزل أهزّ ذوائب الرحال إليك ، إذ لم أجد معوّلا إلاّ عليك ، امتطي الليل بعد النهار ، و أسمّ المجاهل بالآثار ، يقودني إليك أمل و تسوقني بلوى ، و المجتهد يلوي ، و إذا بلغتك فقطني .

٣٩

من الخطبة ( ١٥٨ ) وَ قَدْ كَانَ فِي ؟ رَسُولِ اَللَّهِ ص ؟ كَافٍ لَكَ فِي اَلْأُسْوَةِ وَ دَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ

ـــــــــــــــــ

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٢١٢ .

٤٢٩

اَلدُّنْيَا وَ عَيْبِهَا وَ كَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَ مَسَاوِيهَا إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا . . .

فَتَأَسَّ بِنَبِيِّكَ اَلْأَطْهَرِ ص فَإِنَّ فِيهِ أُسْوَةً لِمَنْ تَأَسَّى وَ عَزَاءً لِمَنْ تَعَزَّى وَ أَحَبُّ اَلْعِبَادِ إِلَى اَللَّهِ اَلْمُتَأَسِّي بِنَبِيِّهِ وَ اَلْمُقْتَصُّ لِأَثَرِهِ قَضَمَ اَلدُّنْيَا قَضْماً وَ لَمْ يُعِرْهَا طَرْفاً أَهْضَمُ أَهْلِ اَلدُّنْيَا كَشْحاً وَ أَخْمَصُهُمْ مِنَ اَلدُّنْيَا بَطْناً عُرِضَتْ عَلَيْهِ اَلدُّنْيَا فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَ عَلِمَ أَنَّ اَللَّهَ تَعَالَى أَبْغَضَ شَيْئاً فَأَبْغَضَهُ وَ حَقَّرَ شَيْئاً فَحَقَّرَهُ وَ صَغَّرَ شَيْئاً فَصَغَّرَهُ .

وَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِينَا إِلاَّ حُبُّنَا مَا أَبْغَضَ اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ تَعْظِيمُنَا مَا صَغَّرَ اَللَّهُ وَ رَسُولُهُ لَكَفَى بِهِ شِقَاقاً لِلَّهِ وَ مُحَادَّةً عَنْ أَمْرِ اَللَّهِ وَ لَقَدْ كَانَ ص يَأْكُلُ عَلَى اَلْأَرْضِ وَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ اَلْعَبْدِ وَ يَخْصِفُ بِيَدِهِ نَعْلَهُ وَ يَرْقَعُ بِيَدِهِ ثَوْبَهُ وَ يَرْكَبُ اَلْحِمَارَ اَلْعَارِيَ وَ يُرْدِفُ خَلْفَهُ وَ يَكُونُ اَلسِّتْرُ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ فَتَكُونُ فِيهِ اَلتَّصَاوِيرُ فَيَقُولُ يَا فُلاَنَةُ لِإِحْدَى أَزْوَاجِهِ غَيِّبِيهِ عَنِّي فَإِنِّي إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ ذَكَرْتُ اَلدُّنْيَا وَ زَخَارِفَهَا فَأَعْرَضَ عَنِ اَلدُّنْيَا بِقَلْبِهِ وَ أَمَاتَ ذِكْرَهَا مِنْ نَفْسِهِ وَ أَحَبَّ أَنْ تَغِيبَ زِينَتُهَا عَنْ عَيْنِهِ لِكَيْلاَ يَتَّخِذَ مِنْهَا رِيَاشاً وَ لاَ يَعْتَقِدَهَا قَرَاراً وَ لاَ يَرْجُوَ فِيهَا مُقَاماً فَأَخْرَجَهَا مِنَ اَلنَّفْسِ وَ أَشْخَصَهَا عَنِ اَلْقَلْبِ وَ غَيَّبَهَا عَنِ اَلْبَصَرِ .

وَ كَذَا مَنْ أَبْغَضَ شَيْئاً أَبْغَضَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ وَ أَنْ يُذْكَرَ عِنْدَهُ وَ لَقَدْ كَانَ فِي ؟ رَسُولِ اَللَّهِ ص ؟ مَا يَدُلُّكُ عَلَى مَسَاوِئِ اَلدُّنْيَا وَ عُيُوبِهَا إِذْ جَاعَ فِيهَا مَعَ خَاصَّتِهِ وَ زُوِيَتْ عَنْهُ زَخَارِفُهَا مَعَ عَظِيمِ زُلْفَتِهِ فَلْيَنْظُرْ نَاظِرٌ بِعَقْلِهِ أَكْرَمَ اَللَّهُ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ بِذَلِكَ أَمْ أَهَانَهُ فَإِنْ قَالَ أَهَانَهُ فَقَدْ كَذَبَ وَ أَتَى بِالْإِفْكِ اَلْعَظِيمِ وَ إِنْ قَالَ أَكْرَمَهُ فَلْيَعْلَمْ أَنَّ اَللَّهَ أَهَانَ غَيْرَهُ حَيْثُ بَسَطَ لَهُ اَلدُّنْيَا وَ زَوَاهَا عَنْ أَقْرَبِ اَلنَّاسِ مِنْهُ فَتَأَسَّى مُتَأَسٍّ

٤٣٠

بِنَبِيِّهِ وَ اِقْتَصَّ أَثَرَهُ وَ وَلَجَ مَوْلِجَهُ وَ إِلاَّ فَلاَ يَأْمَنِ اَلْهَلَكَةَ فَإِنَّ اَللَّهَ جَعَلَ ؟ مُحَمَّداً ص ؟ عَلَماً لِلسَّاعَةِ وَ مُبَشِّراً بِالْجَنَّةِ وَ مُنْذِراً بِالْعُقُوبَةِ خَرَجَ مِنَ اَلدُّنْيَا خَمِيصاً وَ وَرَدَ اَلْآخِرَةَ سَلِيماً لَمْ يَضَعْ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ وَ أَجَابَ دَاعِيَ رَبِّهِ فَمَا أَعْظَمَ مِنَّةَ اَللَّهِ عِنْدَنَا حِينَ أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا سَلَفاً نَتَّبِعُهُ وَ قَائِداً نَطَأُ عَقِبَهُ « و قد كان » هكذا في ( المصرية ) ، و الصواب : ( و لقد كان ) كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي و الخطيّة ) ١ .

« في رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كاف لك في الأسوة » أي : التأسّي ، قال تعالى : لقد كان لكم في رسول اللّه أسوة حسنة لمن كان يرجو اللّه و اليوم الآخر و ذكر اللّه كثيرا ٢ .

« و دليل لك على ذمّ الدّنيا و عيبها » و ما الحياة الدّنيا إلاّ لعب و لهو و للدار الآخرة خير للّذين يتّقون أفلا تعقلون ٣ ، إنّما الحياة الدّنيا لعب و لهو و إن تؤمنوا و تتّقوا يؤتكم أجوركم و لا يسألكم أموالكم ٤ ، اعلموا إنّما الحياة الدّنيا لعب و لهو و زينة و تفاخر بينكم و تكاثر في الأموال و الأولاد . . . و ما الحياة الدّنيا إلاّ متاع الغرور ٥ .

« و كثرة مخازيها » جمع المخزية : اسم الفاعل من أخزى ، أي : الخصلة القبيحة .

« و مساويها » أي : نقائصها و معائبها .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٤٥٠ ، و شرح الخوئي ٤ : ٢٤٩ لكن في شرح ابن ميثم ٣ : ٢٧٩ « و قد » أيضا .

( ٢ ) الأحزاب : ٢١ .

( ٣ ) الأنعام : ٣٢ .

( ٤ ) محمّد : ٣٦ .

( ٥ ) الحديد : ٢٠ .

٤٣١

« إذ قبضت عنه أطرافها » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام : ما أعجب النبيّ صلى اللّه عليه و آله شي‏ء من الدّنيا إلاّ أن يكون فيها جائعا خائفا ١ .

و عنه عليه السّلام خرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله و هو محزون فأتاه ملك ، و معه مفاتيح خزائن الأرض ، فقال : يا محمّد ، هذه مفاتيح خزائن الأرض ، يقول لك ربّك : افتح و خذ منها ما شئت من غير أن تنقص شيئا عندي . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : الدّنيا دار من لا دار له ، و لها يجمع من لا عقل له . فقال الملك : و الّذي بعثك بالحقّ نبيّا ، لقد سمعت هذا الكلام من ملك يقوله في السماء الرابعة حين أعطيت المفاتيح ٢ .

« و وطئت » بالتشديد .

« لغيره أكنافها » أي : جوانبها .

« و فطم » أي : قطع .

« عن رضاعها » هكذا في ( المصرية ) و لكن في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخوئي و الخطّيّة ) ٣ : « من رضاعها » . و الفطيم بعد الفطم يبغض الثدي ،

فكان صلى اللّه عليه و آله يبغضها ، و أمّا أهل الدّنيا فيحبّونها حبّ الرضيع للثدي ، قال ابن همّام السلولي :

و ذمّوا لنا الدّنيا و هم يرضعونها

أفاويق حتّى ما يدرّ لها ثعل

« و زوي عن زخارفها » أي : عدل به عن زيناتها .

« فتأس بنبيّك الأطيب الأطهر » هكذا في ( المصرية و في ابن أبي الحديد ) ٤ و لكن في ( الخطية ) : « بنبيّك الأطهر الأطيب » و في ( ابن ميثم ) ٥ : « بنبيّك الأطهر »

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكافي للكليني ٢ : ١٢٩ ح ٧ ، ٨ .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) كذا في شرح الخوئي ٤ : ٢٤٩ لكن في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٤٥٠ ، و شرح ابن ميثم ٣ : ٢٧٩ « عن » أيضا .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٤٥١ .

( ٥ ) لفظ شرح ابن ميثم ٣ : ٢٨٠ مثل المصرية ( أيضا ) .

٤٣٢

و حيث إنّ نسخته بخطّ المصنّف فما فيه هو الأظهر .

« فانّ فيه أسوة لمن تأسى » أي : حقيق لأن يتأسّى به .

« و عزاء » أي : أنّ فيه موضع انتساب .

« لمن تعزّى به » أي : أراد الانتساب إليه .

و أحبّ العباد إلى اللّه المتأسّي بنبيّه » قالوا : الأصل فيه قوله تعالى : قل إن كنتم تحبّون اللّه فاتّبعوني يحببكم اللّه . . ١ .

« و المقتصّ » أي : المتّبع .

« لأثره » فيفعل ما فعل صلى اللّه عليه و آله ، و يترك ما ترك صلى اللّه عليه و آله .

« قضم الدّنيا قضما » أي : قنع منها بقدر الضرورة ، فقالوا : الخضم الأكل بجميع الفم ، و القضم دونه ، قال أعرابي قدم على ابن عمّ له بمكة : هذه بلاد مقصم ، و ليست ببلاد مخضم .

قال ابن أبي الحديد : و روي : « قصم الدّنيا قصما » ٢ .

قلت : و هو الأنسب بقوله عليه السّلام بعد « و لم يعرها طرفا » . و قالوا : الفصم كسر غير بيّن ، و القسم كسر بيّن ، و تفسير ابن أبي الحديد ٣ له بمطلق الكسر في غير محلّه .

« و لم يعرها » أي : لم يعطها عارية .

« طرفا » أي : نظرا بمؤخّر العين ، فعلم أنّها ما تعدل عند اللّه جناح بعوضة ،

و إلاّ لما سقى الكافر منها شربة ماء .

« أهضم » أي : أحفض .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) آل عمران : ٣١ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٤٥٢ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

٤٣٣

« أهل الدّنيا كشحا » قال الجوهري : الكشح : ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف ١ ، قال طرفة :

و أنّ له كشحا إذا قام أهضما

٢ « و أخمصهم » أي : أضمرهم ، و أرقّهم .

« من الدّنيا بطنا » قال :

كلوا في بعض بطنكم تعفّوا

فإنّ زمانكم زمن خميص

و في الخبر : كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذا تغدّى لا يتعشى ، و إذا تعشّى لا يتغدّى ،

و كان صلى اللّه عليه و آله ما شبع من خبز شعير قطّ ، و ما أكل خبز برّ قطّ ، و قد يلصق بطنه بظهره من شدّة الجوع ٣ .

و في ( عرائس الثعلبي ) بإسناده عن جابر الأنصاري : أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله أقام أيّاما لم يطعم طعاما حتّى شقّ ذلك عليه ، فطاف في منازل أزواجه فلم يصب في بيت أحد منهنّ شيئا ، فأتى فاطمة عليهما السّلام فقال : يا بنيّة هل عندك شي‏ء آكل فإنّي جائع ؟ فقالت : لا و اللّه بأبي أنت و أمّي فلمّا خرج النبيّ صلى اللّه عليه و آله من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين ، و بضعة لحم . فأخذته منها و وضعته في جفنة ،

و غطّت عليه ، و قالت : لأوثرنّ بها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على نفسي ، و من عندي .

و كانوا جميعا محتاجين إلى شبعة من طعام ، فبعثت حسنا و حسينا إلى جدّهما رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فرجع إليها ، فقالت : بأبي أنت و أمّي يا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قد أتانا اللّه بشي‏ء فخبأته لك . قال : فهلمّي به . فأتي به فكشف عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا و لحما . فلمّا نظرت إليه بهتت ، و عرفت أنّها من بركة اللّه ،

ـــــــــــــــــ

( ١ ) صحاح اللغة للجوهري ١ : ٣٩٩ مادة ( كشح ) .

( ٢ ) لسان العرب ١٢ : ٦١٤ مادة ( هضم ) و صدره : و لا خير فيه غير انّ له غنى .

( ٣ ) الطبقات لابن سعد ١ ق ٢ : ١١٣ ، و التهذيب للنووي ١ ق ١ : ٣٢ و مكارم الأخلاق للطبرسي : ٢٨ .

٤٣٤

فحمدت اللّه تعالى وصلّت على نبيّه . فقال صلى اللّه عليه و آله : من أين لك هذا يا بنيّة ؟ قالت :

هو من عند انّ اللّه يرزق من يشاء بغير حساب ١ ، فحمد النبيّ صلى اللّه عليه و آله و قال : الحمد للّه الذي جعلك شبيهة بسيّدة نساء بني إسرائيل ، فإنّها كانت إذا رزقها اللّه رزقا حسنا ، فسئلت عنه قالت هو من عند اللّه يرزق من يشاء بغير حساب ٢ .

« عرضت عليه الدّنيا فأبى أن يقبلها » قال الرضا عليه السّلام : قال النبيّ صلى اللّه عليه و آله :

أتاني ملك ، فقال : يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السلام و يقول لك : إن شئت جعلت لك بطحاء مكّة ذهبا . فرفع رأسه إلى السماء فقال : يا ربّ أشبع يوما فأحمدك ،

و أجوع يوما فأسألك ٣ .

« و علم أنّ اللّه سبحانه أبغض شيئا فأبغضه » في ( الكافي ) : عن الصادق عليه السّلام في مناجاته تعالى لموسى عليه السّلام : إنّ الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته ، و جعلتها ملعونة ، ملعون ما فيها إلاّ ما كان فيها لي . . . ٤ .

« و حقّر شيئا فحقّره و صغّر شيئا فصغّره » في ( الكافي ) عن الصادق عليه السّلام :

مرّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله بجدي أسكّ ( أي مقطوع الأذنين ) ملقى على مزبلة ميتا ، فقال لأصحابه : كم يساوي هذا ، فقالوا : لعلّه لو كان حيّا لم يساو درهما . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : و الّذي نفسي بيده للدّنيا أهون على اللّه من هذا الجدي على أهله ٥ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) آل عمران : ٣٧ .

( ٢ ) العرائس للثعلبي : ٣٧٣ .

( ٣ ) أخرجه صاحب صحيفة الرضا عليه السّلام فيها : ٥٧ ح ٧٥ ، و الصدوق في عيون الأخبار ٢ : ٢٩ ح ٣٦ ، و المفيد في أماليه :

١٢٤ ح ١ المجلس ( ١٥ ) عن الرضا عن آبائه عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، و أخرجه الترمذي في سننه ٤ : ٥٧٥ ح ٢٣٤٧ ، و أحمد في مسنده ٥ : ٢٥٤ عن أبي أمامة عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله و في الباب عن الحسن و الصادق عليهما السّلام .

( ٤ ) الكافي للكليني ٢ : ٣١٧ ح ٩ ، و عقاب الأعمال للصدوق : ٢٦٣ ح ١ ، و مشكاة الأنوار للطبرسي : ٢٧٠ .

( ٥ ) الكافي للكليني ٢ : ١٢٩ ح ٩ ، و قريبا منه التنبيه للورام ١ : ١٢٨ .

٤٣٥

« و لو لم يكن فينا إلاّ حبّنا ما أبغض اللّه و رسوله و تعظيمنا ما صغّر اللّه و رسوله » هكذا في ( المصرية و ابن أبي الحديد ) ١ ، و ليس في ( ابن ميثم و الخطيّة ) ٢ كلمة ( و رسوله ) في الموضعين ، و هو الأصح .

« لكفى شقاقا » أي : خلافا ، و في كوننا في غير شقه تعالى .

« للّه و محادّة » أي : مخالفة ، و كوننا في حدّ آخر .

« عن أمر اللّه » و ما يريده منّا ، و في الخبر : مرّ موسى عليه السّلام برجل يبكي ،

فقال : إلهي عبدك يبكي من مخافتك ، فقال : يا موسى لو نزل دماغه مع دموع عينيه لم أغفر له ، و هو يحبّ الدّنيا ٣ .

و عنهم عليهم السّلام : حبّ الدّنيا رأس كلّ خطيئة ٤ .

و عن الباقر عليه السّلام : إيّاك أن تطمح بصرك إلى من هو فوقك . فكفى بما قال اللّه تعالى لنبيّه صلى اللّه عليه و آله : فلا تعجبك أموالهم و لا أولادهم . . . ٥ ، و قال : و لا تمدّن عينيك إلى ما متّعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدّنيا . . . ٦ فإن دخلك من ذلك شي‏ء فاذكر عيش رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ، فإنّما كان قوته الشعير ، و حلوه التمر ، و وقوده السعف إذا وجده ٧ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٤٥١ ، و لكن توجد الكلمة في شرح ابن ميثم ٣ : ٢٨٠ أيضا .

( ٢ ) المصدر نفسه .

( ٣ ) التنبيه للورام ١ : ١٣٤ و غيره ، و النقل بالتلخيص .

( ٤ ) حديث مشهور أخرجه البيهقي في الشعب عنه الجامع الصغير ١ : ١٤٦ ، و رواه الورام في التنبيه ١ : ١٢٨ عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، و أخرجه الكليني في الكافي ٢ : ٣١٥ ح ١ ، و الصدوق في الخصال : ٢٩ ح ٨٧ ، و أبو جعفر الطوسي في أماليه ٢ : ٢٧٥ المجلس ١٧ و غيرهم عن الصادق عليه السّلام .

( ٥ ) التوبة : ٥٥ .

( ٦ ) طه : ١٣١ .

( ٧ ) أخرجه الكليني في الكافي ٢ : ١٣٧ ح ١ عن الباقر عليه السّلام ، و القمي في تفسيره ٢ : ٦٦ ، و أبو جعفر الطوسي في أماليه ٢ : ٢٩٤ المجلس ٢٠ و رواه الطبرسي في مجمع البيان ٧ : ٣٦ عن الصادق عليه السّلام و الطبرسي في المصدر موقوفا عن أبي بن كعب .

٤٣٦

و قالوا : وقف صوفي على إبراهيم بن أدهم فقال : يا أبا إسحاق لم حجبت القلوب عن اللّه عزّ و جلّ ؟ قال : لأنّها أحبّت ما أبغض اللّه ، أحبّت الدّنيا ، و مالت إلى دار الغرور ، و تركت العمل لدار فيها حياة الأبد .

« و لقد كان صلى اللّه عليه و آله يأكل على الأرض و يجلس جلسة العبد » في ( عيون القتيبي ) :

عن قيس بن أبي حازم : جاء رجل إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله فأصابته رعدة . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : هوّن عليك فإنّما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ١ .

و في الخبر : مرّت امرأة بذيّة على النبيّ صلى اللّه عليه و آله و كان جالسا جلسة العبيد ،

فقالت : يا محمّد إنّك تجلس جلسة العبيد ؟ فقال : و أيّ عبد أعبد منّي ٢ .

و في ( الأسد ) عن أبي أمامة ، قال : بينما نحن مع النبيّ صلى اللّه عليه و آله إذ لحقنا عمرو بن زرارة الأنصاري في حلة إزار و رداء ، و قد أسبل ، فجعل النبيّ صلى اللّه عليه و آله يأخذ بحاشية ثوبه ، و يتواضع للّه عزّ و جلّ و يقول : اللّهمّ عبدك و ابن عبدك و ابن أمتك ، حتّى سمعها عمرو بن زرارة فالتفت إلى النبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال : يا رسول اللّه إنّي حمش الساقين . فقال النبيّ صلى اللّه عليه و آله : إنّ اللّه قد أحسن كلّ شي‏ء خلقه ٣ يا عمرو بن زرارة ، إنّ اللّه لا يحبّ المسبلين ٤ .

قلت : الظاهر أنّ مراد عمرو في قوله : إنّي حمش الساقين : إنّي أسلبت لأستر حمشهما .

و في الخبر : كان النبيّ صلى اللّه عليه و آله يجيب دعوة العبد ، و يدعى إلى خبز الشعير

ـــــــــــــــــ

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ١ : ٢٦٥ .

( ٢ ) أخرجه الكليني في الكافي ٦ : ٢٧١ ح ٢ ، و الاهوازي في الزهد : ١١ ح ٢٢ ، و البرقي في المحاسن : ٤٥٧ ح ٣٨٨ ، و رواه الطبرسي في مكارم الأخلاق : ١٦ و النقل بتلخيص و قد مرّ الحديث في العنوان ٦ من الفصل الخامس .

( ٣ ) السجدة : ٧ .

( ٤ ) أسد الغابة لابن الأثير ٤ : ١٠٣ .

٤٣٧

و الاهالة السنخة ، فيجيب ١ .

و في ( السيرة ) في حديث قدوم عدي بن حاتم على النبيّ صلى اللّه عليه و آله لإسلامه قال عدي : فانطلق بي النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى بيته ، إذا لقيته إمرأة ضعيفة كبيرة ، فاستوقفته ، فوقف لها طويلا تكلّمه في حاجتها . فقلت في نفسي : ما هذا بملك . ثمّ مضى بي حتّى دخل بيته تناول و سادة محشوّة ليفا ، فقذفها إليّ ،

و قال : اجلس على هذه . قلت : بل أنت . قال : بل أنت . فجلست عليها ، و جلس بالأرض . فقلت في نفسي : و اللّه ما هذا بأمر ملك . ثمّ قال : أيه يا عدي بن حاتم ألم تك ركوسيا ؟ قيل : الركوسي دين بين النصاري و الصابئين قلت : بلى . قال :

أولم تك تسير في قومك بالمرباع قلت : بلى . قال : فإنّ ذلك لا يحلّ لك في دينك .

قلت : أجل ، و عرفت أنّه نبيّ مرسل يعلم ما يجهل . . . ٢ .

« و يخصف بيده نعله و يرقع بيده ثوبه » و قد يكل ذلك إليه عليه السّلام ، و حديث خاصف النعل معروف ٣ .

« و يركب الحمار العاري » في ( تفسير القمي ) في غزوة الخندق في مجي‏ء حي بن أخطب إلى كعب بن أسيد ، رئيس بني قريظة ، ليحمله على نقض العهد بينه و بين النبيّ صلى اللّه عليه و آله لتجمع أحزاب قريش و غيرهم عليه فقال كعب لبني

ـــــــــــــــــ

( ١ ) النهاية لابن الأثير ١ : ٨٤ مادة ( أهل ) بفرق يسير ، و المعنى روي كثيرا .

( ٢ ) السيرة لابن هشام ٤ : ١٦٨ و غيره ، و النقل بتلخيص .

( ٣ ) لحديث خاصف النعل روايتان : الأولى أخرجها الترمذي في سننه ٥ : ٦٣٤ ح ٣٧١ ، و النسائي في الخصائص : ٦٨ ، و ابن عساكر في ترجمة علي عليه السّلام ٢ : ٣٦٦ ح ٨٧٣ ، و غيرهم عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، و اللفظ للترمذي : « يا معشر قريش لتنتهنّ أو ليبعثنّ اللّه عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدّين ، قد امتحن اللّه قلبه على الايمان . . . قال : هو خاصف النعل . و كان أعطى عليّا نعله يخصفها » ، و الثانية أخرجها أحمد بطريقين في مسنده ٣ : ٣٣ ، ٨٢ ، و النسائي في الخصائص : ١٣١ ، و ابن عساكر بطرق في ترجمة علي عليه السّلام ٣ : ١٦٣ ١٧٢ ح ١١٧٨ ١١٩١ و غيرهم عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله ، و اللفظ لأحمد : « إنّ منكم من يقاتل على تأويله ( أي القرآن ) كما قاتلت على تنزيله ، قال : فقام أبو بكر و عمر . فقال : لا و لكن خاصف النعل ، و علي يخصف نعله » .

٤٣٨
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

قريظة : ما تريدون ؟ قالوا : أنت سيّدنا و المطاع فينا و أنت صاحب عهدنا ، فإن نقضت نقضنا ، و إن أقمت أقمنا معك ، و إن خرجت خرجنا معك . فقال الزبير بن ياطا و كان شيخا كبيرا مجرّبا قد ذهب بصره قد قرأت التوراة الّتي أنزلها اللّه في سفرنا بأنّه يبعث نبيّا في آخر الزمان يكون مخرجه بمكّة ، و مهاجرته بالمدينة إلى البحيرة ، يركب الحمار العريّ ، و يلبس الشملة ، و يجتزي بالكسيرات و التميرات ، و هو الضحوك القتّال ، في عينيه الحمرة ، و بين كتفيه خاتم النبوّة ، يضع سيفه على عاتقه ، لا يبالي من لاقاه ، يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر . فإن كان هذا هو فلا يهولنّه هؤلاء و جمعهم ، و لو ناوته هذه الجبال الرواسي لغلبها . فقال حي : ليس هذا ذلك ، و ذلك النبيّ من بني إسرائيل ،

و هذا من العرب من ولد إسماعيل ، و لا يكون بنو إسرائيل أتباعا لولد إسماعيل أبدا ١ .

و فيه أيضا بعد ذكر ظفر النبيّ صلى اللّه عليه و آله ببني قريظة : فأخرج كعب بن أسيد مجموعة يديه إلى عنقه ، و كان جميلا و سيما ، فلمّا نظر إليه النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال له : يا كعب أما نفعتك وصيّة ابن الحوّاس الحبر الذكي الّذي قدم عليكم من الشام فقال : تركت الخمر و الخنزير ، و جئت إلى البؤس و التمور لنبي يبعث ،

مخرجه بمكّة ، و مهاجرته في هذه البحيرة ، يجتزي بالكسيرات و التمرات ،

و يركب الحمار العريّ ، في عينيه حمرة ، بين كتفيه خاتم النبوّة ، يضع سيفه على عاتقه ، لا يبالي من لاقي منكم ، يبلغ سلطانه منقطع الخف و الحافر ؟ فقال :

قد كان ذلك يا محمّد ، و لو لا أنّ اليهود يعيّروني أنّي جزعت عند القتل لآمنت بك و صدّقتك ، و لكنّي على دين اليهود عليه أحيى ، و عليه أموت ٢ .

« و يردف خلفه » روى الواحدي عن عروة بن الزبير أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله سار

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تفسير القمي ٢ : ١٨٠ .

( ٢ ) تفسير القمي ٢ : ١٩١ .

٤٣٩

يعود سعد بن عبادة ، فركب حمارا على قطيفة فدكيّة ، و أردف أسامة خلفه ١ .

و في ( أنساب البلاذري ) : وقف النبيّ صلى اللّه عليه و آله بعرفات و هو مردف أسامة بن زيد ، و كان أسامة يدعى الردف ، لأنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله كان يردفه كثيرا ٢ .

و عن ( الصحيحين ) : أردف النبيّ صلى اللّه عليه و آله الفضل بن العبّاس من مزدلفة إلى منى ٣ .

و عن ابن مندة : عدّ من أردفه النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى ثلاثة و ثلاثين نفرا ٤ .

« و يكون الستر على باب بيته تكون فيه التصاوير فيقول : يا فلانه لإحدى أزواجه غيّبيه عنّي » روى الخطيب في محمّد بن حمويه عن عايشة أنّها اشترت نمرقة فيها تصاوير ، فلمّا رآها النبيّ صلى اللّه عليه و آله قام بالباب و لم يدخل ،

فعرفت عائشة و أنكرت وجهه ، فقالت : يا رسول اللّه تبت إلى اللّه ، ماذا أذنبت ؟

فقال : ما هذه النمرقة ؟ قالت : اشتريتها لك تجلس عليها و توسّدها . فقال : إنّ أصحاب هذه الصور يعذّبون يوم القيامة ، يقال لهم : أحيوا ما خلقتم ، و إنّ البيت الّذي فيه الصور لا تدخله الملائكة ٥ .

و روى ( سنن أبي داود ) عن عايشة قالت : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله خرج في بعض مغازيه . فأخذت نمطا كان لنا فسترته على العرض ، فلمّا جاء أتى النمط حتّى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أخرجه الواحدي في أسباب النزول : ٩٠ و أحمد بثلاث طرق في مسنده ٥ : ٢٠٣ و النقل بالمعنى .

( ٢ ) أنساب الأشراف للبلاذري ١ : ٤٧٠ ، ٤٦٩ .

( ٣ ) أخرجه البخاري في صحيحه ١ : ٢٩٢ ، و مسلم في صحيحه ٢ : ٩٣١ ح ٢٦٧ ، و الترمذي في سننه ٣ : ٢٦٠ ح ٩١٨ ، و النسائي في سننه ٥ : ٢٦٧ ، و ابن ماجه في سننه ٢ : ١٠٢٢ ح ٣٠٧٤ ، و الدارمي في سننه ٢ : ٤٥ ، و أحمد في مسنده ١ :

٢١٦ ، و ابن سعد في الطبقات ٢ ق ١ : ١٢٩ ، و رواه القاضي الصعدي في درر الأحاديث : ٨٧ بعضهم عن طرق كثيرة ، و حول الحديث بحث عن الباقر عليه السّلام أخرجه في بعض نسخ فقه الرضا عنه المستدرك ٢ : ١١٧ ح ٤ .

( ٤ ) لم أظفر بمرجع نقله .

( ٥ ) تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٢ : ٢٩٣ ، و صحيح مسلم ٣ : ١٦٦٩ ح ٩٦ بفرق يسير ، و الموطا لمالك : ٧٢٦ ، و مسند أحمد ٦ : ٢٤٦ ، و روي معناه كثيرا .

٤٤٠