بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٢

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 605

  • البداية
  • السابق
  • 605 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 113399 / تحميل: 6083
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٢

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

مثل ذلك من الغد ولا يكاد يقدرون على الماء وإنما أحدثت هذه المياه حديثا

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي إبراهيمعليه‌السلام إن أصحابنا يختلفون في وجهين من الحج يقول بعض أحرم بالحج مفردا فإذا طفت بالبيت وسعيت بين الصفا والمروة فأحل واجعلها عمرة وبعضهم يقول أحرم وانو المتعة «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أي هذين أحب إليك قال انو المتعة

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني قال هو حل حيث حبسه قال أو لم يقل

قوله عليه‌السلام : « من الغد » الظاهر أن الواو عاطفة منفصلة عن هذه الكلمة أي إلى ذلك الوقت من بعد ذلك اليوم ، وقيل : يحتمل أن يكون الواو جزء الكلمة.

قال في الصحاح : الغدو نقيض الرواح. وقد غدا يغدو غدوا وقوله تعالى : «بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ »(١) أي بالغدوات ، فعبر بالفعل عن الوقت ، كما يقال : أتيتك طلوع الشمس ، أي في وقت طلوع الشمس(٢) .

الحديث الخامس : موثق. ويدل على أن الافتتاح بعمرة التمتع أفضل من العدول بعد إنشاء حج الإفراد بل يدل على تعينه ، والمشهور جواز العدول اختيارا عن الإفراد إلى التمتع إذا لم يتعين عليه الإفراد.

الحديث السادس : مجهول.

قوله عليه‌السلام : « قال أو لم يقل » أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أنه يستحب لمن أراد الإحرام بالحج أو العمرة أن يشترط على ربه عند عقد إحرامه أن يحله حيث حبسه واختلف في فائدته على أقوال.

__________________

(١) سورة الأعراف : ٢٠٥.

(٢) الصحاح للجوهري : ج ٦ ص ٢٤٤٤.

٢٦١

٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال هو حل إذا حبس اشترط أو لم يشترط

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي وزيد الشحام ومنصور بن حازم قالوا أمرنا أبو عبد اللهعليه‌السلام أن نلبي ولا نسمي شيئا وقال أصحاب الإضمار أحب إلي

أحدها : أن فائدته سقوط الهدي مع الإحصار والتحلل بمجرد النية ذهب إليه المرتضى ، وابن إدريس ، ونقل فيه إجماع الفرقة.

وقال الشيخ : لا يسقط وموضع الخلاف من لم يسق الهدي ، أما السابق فقال بعض المحققين : إنه لا يسقط عنه بإجماع الأمة.

وثانيها : ما ذكره المحقق من أن فائدته جواز التحلل عند الإحصار من غير تربص إلى أن يبلغ الهدي محله فإنه لو لم يشترط لم يجز له التعجيل.

وثالثها : أن فائدته سقوط الحج في القابل عمن فاته الموقفان ذكره الشيخ في التهذيب واستشكل العلامة بأن الفائت إن كان واجبا لم يسقط فرضه في العام المقبل بمجرد الاشتراط وإلا لم يجب بترك الاشتراط ، ثم قال. فالوجه حمل إلزام الحج من قابل على شدة الاستحباب.

ورابعها : أن فائدته استحقاق الثواب بذكره في عقد الإحرام كما هو ظاهر هذا الخبر وإن كان لا يأبى عن الحمل على بعض الأقوال السابقة.

وقال في المداك : الذي يقتضيه النظر أن فائدته سقوط التربص عن المحصر كما يستفاد من قوله وحلني حيث حبستني وسقوط الهدي عن المصدود بل لا يبعد سقوطه موضع الحصر أيضا.

الحديث السابع : حسن. وهو مثل الخبر السابق.

الحديث الثامن : صحيح الفضلاء. وحمل على حال التقية كما عرفت.

٢٦٢

٩ ـ أحمد ، عن علي ، عن سيف ، عن إسحاق بن عمار أنه سأل أبا الحسن موسىعليه‌السلام قال الإضمار أحب إلي فلب ولا تسم

١٠ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني قال قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام أرأيت لو أن رجلا أحرم في دبر صلاة مكتوبة أكان يجزئه ذلك قال نعم

١١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص بن البختري وعبد الرحمن بن الحجاج وحماد بن عثمان ، عن الحلبي جميعا ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال إذا صليت في مسجد الشجرة فقل وأنت قاعد في دبر الصلاة قبل أن تقوم ما يقول المحرم ثم قم فامش حتى تبلغ الميل وتستوي بك البيداء فإذا استوت بك فلبه

١٢ ـ علي ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس ، عن عبد الله بن سنان أنه سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام هل يجوز للمتمتع «بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ » أن يظهر التلبية في مسجد الشجرة فقال نعم إنما لبى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على البيداء لأن الناس لم يكونوا يعرفون التلبية فأحب أن يعلمهم كيف التلبية

١٣ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال قلت له إذا أحرم الرجل في دبر المكتوبة أيلبي حين ينهض به بعيره أو جالسا في دبر الصلاة قال أي ذلك شاء صنع

قال الكليني وهذا عندي من الأمر المتوسع إلا أن الفضل فيه أن يظهر التلبية

الحديث التاسع : موثق. وقد مر الكلام فيه.

الحديث العاشر : مجهول.

الحديث الحادي عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « فلبه » الهاء للسكت ، ويدل على تعين التفريق بين النية والتلبية ، أو فضله كما عرفت.

الحديث الثاني عشر : مجهول. ويدل على جواز المقارنة.

الحديث الثالث عشر : موثق. ويدل على التخير وبه يجمع بين الأخبار

٢٦٣

حيث أظهر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على طرف البيداء ولا يجوز لأحد أن يجوز ميل البيداء إلا وقد أظهر التلبية وأول البيداء أول ميل يلقاك عن يسار الطريق.

١٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك فإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا فلب فلا يضرك ليلا أحرمت أو نهارا ومسجد ذي الحليفة الذي كان خارجا عن السقائف عن صحن المسجد ثم اليوم ليس شيء من السقائف منه

١٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربه أن يحله حيث حبسه ومفرد الحج يشترط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة

كما فعل المصنف (ره) وهو قوي.

الحديث الرابع عشر : حسن.

قوله عليه‌السلام : « عن السقائف » قال الجوهري « السقيفة » الصفة ، ومنه سقيفة بني ساعدة ، وقال ، إن جمعها سقائف(١) .

وأقول : لعله سقطت لفظة « كان » هنا لتوهم التكرار وعلى أي وجه فهو مراد والغرض أن ما هو مسقف الآن لم يكن داخلا في المسجد الذي كان في زمن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقيلمسجد مبتدأ والموصول خبره ، والواو فيقوله « عن صحن » إما ساقط أو مقدر والمعنى أنهم كانوا وسعوا المسجد أولا فكان بعض المسقف وبعض الصحن داخلين في المسجد القديم وبعضها خارجين ثم وسع بحيث لم يكن من المسقف شيء داخلا ولا يخفى ما فيه.

الحديث الخامس عشر : ضعيف على المشهور.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ٤ ص ١٣٧٥.

٢٦٤

١٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى ، عن أبي المغراء ، عن أبي عبد الله قال كانت بنو إسرائيل إذا قربت القربان تخرج نار تأكل قربان من قبل منه وإن الله جعل الإحرام مكان القربان

(باب التلبية)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي قال سألته لم جعلت التلبية فقال إن الله عز وجل أوحى إلى إبراهيمعليه‌السلام أن «أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ » فنادى فأجيب من كل وجه يلبون

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام أن عليا صلوات الله عليه قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه

الحديث السادس عشر : موثق. وقال الجوهري :« القربان » بالضم : ما تقربت به إلى الله تعالى. ومنه قربت لله قربانا(١) .

أقول : يحتمل أن يكون المراد : أن الإحرام بمنزلة تقريب القربان وذبح الهدي بمنزلة قبولها ، أو المراد أن الإحرام مع سياق الهدي بمنزلة القربان.

باب التلبية

الحديث الأول : حسن.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

قوله : « تلبية الأخرس » هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ونقل عن ابن الجنيد : أنه أوجب على الأخرس استنابة غيره في التلبية وهو ضعيف.

وقال بعض المحققين : ولو تعذر على الأعجمي التلبية فالظاهر وجوب الترجمة

وقال في الدروس : روي أن غيره يلبي عنه.

__________________

(١) الصحاح للجوهري : ج ١ ص ١٩٩.

٢٦٥

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك ذا المعارج لبيك لبيك داعيا إلى دار السلام لبيك لبيك غفار الذنوب لبيك لبيك أهل التلبية لبيك لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك لبيك مرهوبا ومرغوبا إليك لبيك لبيك تبدئ والمعاد إليك لبيك لبيك كشاف الكرب العظام لبيك لبيك عبدك وابن عبديك لبيك لبيك يا كريم لبيك تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة ـ أو نافلة وحين ينهض بك بعيرك وإذا علوت شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك وبالأسحار وأكثر ما استطعت منها واجهر بها وإن تركت بعض التلبية فلا يضرك غير أن تمامها أفضل

واعلم أنه لا بد من التلبيات الأربع في أول الكلام وهي الفريضة وهي التوحيد

الحديث الثالث : صحيح. وروي في غير الكتاب بالسند الصحيح ، وقد مر شرح بعض أجزاء التلبية في باب حج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قوله عليه‌السلام « ذا المعارج » قال البيضاوي في قوله تعالى : «ذِي الْمَعارِجِ » أي ذي المصاعد وهي الدرجات التي تصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح ويترقى فيها المؤمنون في سلوكهم ، أو في دار ثوابهم أو مراتب الملائكة أو السماوات فإن الملائكة يعرجون فيها.

قوله عليه‌السلام : « دبر كل صلاة » استحباب تكرار التلبية والجهر بها في هذه المواضع ، وهو المشهور بين الأصحاب.

وقال الشيخ في التهذيب : إن الإجهار بالتلبية واجب مع القدرة والإمكان ولعل مراده تأكد الاستحباب.

قوله عليه‌السلام : « لا بد من التلبيات الأربع » فهم الأكثر أن المراد بالتلبيات الأربع المذكورة هنا هو ما ذكر في أول التلبيات إلى قوله إن الحمد ولذا قال

٢٦٦

وبها لبى المرسلون وأكثر من ذي المعارج فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها وأول من لبى إبراهيمعليه‌السلام قال إن الله عز وجل يدعوكم إلى أن تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية فلم يبق أحد أخذ ميثاقه بالموافاة في ظهر رجل ولا بطن امرأة إلا أجاب بالتلبية

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسن بن علي بن يقطين ، عن أسد بن أبي العلاء ، عن محمد بن الفضيل عمن رأى أبا عبد اللهعليه‌السلام وهو محرم قد كشف عن ظهره حتى أبداه للشمس هو يقول لبيك في المذنبين لبيك

٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد ، عن حريز رفعه قال إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما أحرم أتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال له مر أصحابك بالعج والثج والعج رفع الصوت بالتلبية والثج نحر البدن وقال قال جابر بن عبد الله ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا

جماعة : بعدم وجوب الزائد.

وقال المفيد ، وابنا بابويه ، وابن أبي عقيل ، وابن الجنيد ، وسلار : ويضيف إلى ذلك : أن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، فلعلهم حملوا الخبر على أن المراد به إلى التلبية الخامسة وليس ببعيد بمعونة الروايات الكثيرة المشتملة على تلك التتمة ، والأحوط عدم الترك بل الأظهر وجوبها.

قوله عليه‌السلام : « وأول من لبى » ظاهره أنه على بناء المعلوم ويمكن أن يقرأ على بناء المجهول أي أجابوا إبراهيم بهذه التلبية حين ناداهم إلى الحج.

الحديث الرابع : ضعيف.

قوله عليه‌السلام : « في المذنبين » أي شافعا في المذنبين ، أو كافيا فيهم وإن لم يكن منهم صلوات الله عليه.

الحديث الخامس : مرفوع.

قوله عليه‌السلام : « بحت » قال الفيروزآبادي : بححت بالكسر أبح وأبححا أبح

٢٦٧

٦ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال لا بأس بأن تلبي وأنت على غير طهر وعلى كل حال

٧ ـ علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي سعيد المكاري ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال ليس على النساء جهر بالتلبية

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن ابن فضال ، عن رجال شتى ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من لبى في إحرامه سبعين مرة إيمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ألف ملك ببراءة من النار وبراءة من النفاق

بفتحهما بحا وبححا وبحاحا وبحوحا وبحوحة وبحاحة : إذا أخذته بحة وخشونة وغلظ في صوته(١) .

الحديث السادس : حسن. وقال في المنتقى : روى الكليني هذا الحديث في الحسن وطريقه : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي.

ورواه الشيخ معلقا عن محمد بن يعقوب بالسند ، ولا يخفى ما فيه من النقيصة فإن إبراهيم بن هاشم إنما يروي عن حماد بن عثمان بتوسط ابن أبي عمير ، ونسخ الكافي والتهذيب في ذلك متفقة وعليه الأصحاب.

الحديث السابع : ضعيف واختصاص رفع الصوت بالتلبية واستحبابه بالرجال مقطوع به في كلام الأصحاب.

الحديث الثامن : كالموثق.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ١ ص ٢١٤.

٢٦٨

(باب)

( ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره)

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، عن الحلبي ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل : «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » فقال إن الله عز وجل اشترط على الناس شرطا وشرط لهم شرطا قلت فما الذي اشترط عليهم وما الذي اشترط لهم فقال أما

باب ما ينبغي تركه للمحرم من الجدال وغيره

الحديث الأول : حسن.

قوله تعالى : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَ »(١) قيل أي ألزم نفسه فيهن الحج ، وذلك بعقد إحرامه بالتلبية أو الإشعار والتقليد عندنا.

وقال البيضاوي : إنه بالتلبية وسوق الهدي عند أبي حنيفة ، أو الإحرام عند الشافعية.

«فَلا رَفَثَ » قال الصادقعليه‌السلام : « الرفث » الجماع.

وقال في مجمع البيان : كنى به عن الجماع هاهنا عند أصحابنا. وهو قول : ابن مسعود ، وقتادة ، وقيل : هو مواعدة الجماع أو التعريض للنساء به عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، وقيل : هو الجماع والتعريض له بمداعبة أو مواعدة عن الحسن(٢) .

وقال في كنز العرفان : ولا يبعد حمله على الجماع وما يتبعه مما يحرم من النساء في الإحرام حتى العقد والشهادة عليه كما هو المقرر بمعونة الأخبار.

وقيل : « الرفث » المواعدة للجماع باللسان ، والغمز بالعين له.

وقيل : « الرفث بالفرج » الجماع ، و « باللسان » المواعدة له و « بالعين »

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٧.

(٢) مجمع البيان ج ١ ـ ٢ ص ٢٩٤.

٢٦٩

الذي اشترط عليهم فإنه قال «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » وأما ما شرط لهم فإنه قال : «فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ

الغمز له.

وقال الزمخشري والبيضاوي : إنه الجماع أو الفحش من الكلام.

«وَلا فُسُوقَ » في أخبارنا أنه الكذب والسباب ، وفي بعضها المفاخرة ، ويدخل فيه التنابز بالألقاب كما يقتضيه قوله تعالى«وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ » واقتصار بعض أصحابنا في تفسيره على الكذب ، إما لإدخاله السباب كالتنابز فيه أو لدلالة بعض الروايات عليه.

وفي التذكرة أنه روى العامة قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : سباب المسلم فسوق فجعلوا الفسوق هو السباب وفيه : ما ترى.

وقيل : هو الخروج عن حدود الشريعة فيشمل معاصي الله ، كلها «وَلا جِدالَ » في أخبارنا أنه قول الرجل لا والله وبلى والله وللمفسرين فيه قولان.

أحدهما : أنه المراد بإغضاب على جهة اللجاج.

والثاني : أنه لا خلاف ولا شك في الحج وذلك أن قريشا كانت تخالف سائر العرب فتقف بالمشعر الحرام وسائر العرب يقفون بعرفة وكانوا ينسون الشهر فيقدمون الحج سنة ويؤخرونه أخرى وقوله تعالى «فِي الْحَجِ » متعلق بمحذوف أي موجود ، أو واقع أو نحو ذلك ، والجملة جزاء.

«فَمَنْ فَرَضَ » أي فلا شيء من ذلك في حجة أي في زمان الاشتغال به.

قوله عليه‌السلام : « وأما الذي شرط لهم (١) » أقول على هذا التفسير لا يكون نفي الإثم للتعجيل والتأخير ، بل يكون المراد أن الله يغفر له كل ذنب والتعجيل والتأخير على هذا يحتمل وجهين.

__________________

(١) هكذا في الأصل : ولكن في الأصل « وأمّا ما شرط لهم ».

٢٧٠

فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى » قال يرجع لا ذنب له قال قلت :

أحدهما : أن يكون المراد التعجيل في النفر والتأخير فيه إلى الثاني.

والثاني : أن يكون المراد التعجيل في الموت أي من مات في اليومين فهو مغفور له ، ومن لم يمت فهو مغفور له لا إثم عليه إن اتقى في بقية عمرة كما دل عليه بعض الأخبار ، وإن اتقى الشرك والكفر وكان مؤمنا كما دل عليه بعض الأخبار وهذا أحد الوجوه في تفسير هذه الآية ويرجع إلى وجوه ذكر بعضها بعض المفسرين ، ففيها وجه آخر يظهر من الأخبار أيضا وهو أن يكون نفي الإثم متعلقا بالتعجيل والتأخير ويكون الغرض بيان التخيير بينهما فنفي الإثم في الأول لرفع توهمه وفي الثاني على جهة المزاوجة كما يقال : إن أعلنت الصدقة فحسن وإن أسررت فحسن وإن كان الأسرار أحسن ، وقيل : إن أهل الجاهلية كانوا فريقين منهم من يجعل التعجيل إثما ومنهم من يجعل المتأخر إثما فورد القرآن بنفي الإثم عنهما جميعا ، ويحتمل أن يكون المراد بذلك رفع التوهم الحاصل من دليل الخطاب حتى لا يتوهم أحد أن تخصيص التعجيل بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير كما ستأتي الإشارة إليه في صحيحة أبي أيوب عن الصادقعليه‌السلام حيث قال : فلو سكت لم يبق أحد إلا تعجل ، ولكنه قال : ومن تأخر في يومين فلا إثم عليه(١) .

وقد نبه عليه العلامة في المنتهى ، وعلى هذا التفسيرقوله «لِمَنِ اتَّقى » يحتمل وجهين.

الأول : أن هذا التخيير في النفر إنما هو لمن اتقى الصيد والنساء في إحرامه كما هو قول أكثر الأصحاب : أو مطلق محرمات الإحرام كما ذهب إليه بعضهم ، وربما يومئ هذا الحديث إلى التعميم فتأمل.

الثاني : أن يكون قيدا لعدم الإثم في التعجيل والمعنى أنه لا يأثم بترك

__________________

(١) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٢٢ ح ٤.

٢٧١

أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه قال لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي قلت فمن ابتلي بالجدال ما عليه قال إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه وعلى

التعجيل إذا اتقى الصيد إلى أن ينفر الناس : النفر الأخير فحينئذ يحل أيضا ، وقد ورد كل من الوجهين في أخبار كثيرة ، واتقاء الصيد إلى النفر الأخير ربما يحمل على الكراهة.

وذكر في الكشاف وجها آخر لقوله تعالى : «لِمَنِ اتَّقى » وهو أن يراد أن ذلك الذي مر ذكره من أحكام الحج وغيره لمن اتقى لأنه المنتفع به دون من سواه كقوله «ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ »

قولهعليه‌السلام : « إذا جادل فوق مرتين » مقتضاه عدم تحقيق الجدال مطلقا إلا بما زاد على المرتين ، وأنه مع الزيادة عليهما يجب على الصادق شاة وعلى الكاذب بقرة ، ويدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم(١) وقال في المدارك : ينبغي العمل بمضمونهما لصحة سندهما ووضوح دلالتهما ، والمشهور بين الأصحاب أنه ليس فيما دون الثلاث في الصدق شيء وفي الثالث شاة ومع تخلل التكفير ، لكل ثلاث شاة ، وفي الكذب منه مرة شاة ومرتين بقرة وثلاثا بدنة ، وإنما تجب البقرة بالمرتين والبدنة بالثلاث إذا لم يكن كفر عن السابق ، فلو كفر عن كل واحدة فالشاة أو اثنتين فالبقرة ، والضابط اعتبار العدد السابق ابتداء أو بعد التكفير.

وقال الشهيد (ره) في الدروس : « الجدال » هو قول لا والله وبلى والله وفي الثلاث صادقا شاة وكذا ما زاده ما لم يكفر ، وفي الواحدة كذبا : شاة ، وفي الاثنين بقرة ما لم يكفر وفي الثلاث بدنة ما لم يكفر.

قيل : ولو زاد على الثلاث فبدنة ما لم يكفر ، وروى محمد بن مسلم إذا جادل

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٠ ح ٦.

٢٧٢

المخطئ بقرة.

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان في قول الله عز وجل : «وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ » قال إتمامها أن لا «رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ ».

٣ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان بن يحيى وابن أبي عمير جميعا ، عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أحرمت فعليك بتقوى الله وذكر الله كثيرا وقلة الكلام إلا بخير فإن من تمام الحج والعمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير كما قال الله عز وجل فإن الله عز وجل يقول : «فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ » والرفث الجماع والفسوق الكذب والسباب والجدال قول الرجل لا والله وبلى والله.

فوق مرتين مخطئا فعليه بقرة(١) .

وروى معاوية « إذا حلف ثلاث أيمان في مقام ولاء فقد جادل فعليه دم(٢) ».

وقال الجعفي : الجدال فاحشة إذا كان كاذبا أو في معصية فإذا قاله مرتين فعليه شاة ، وقال الحسن إن حلف ثلاث أيمان بلا فصل في مقام واحد فقد جادل وعليه دم ، قال : وروي أن المحرمين إذا تجادلا فعلى المصيب منهما دم وعلى المخطئ بدنة ، وخص بعض الأصحاب الجدال بهاتين الصيغتين ، والقول بتعديته إلى ما يسمى يمينا أشبه ، ولو اضطر لإثبات حق أو نفي باطل فالأقرب جوازه وفي الكفارة تردد ، أشبهه الانتفاء.

الحديث الثاني : صحيح. وهو مؤيد لما مر من أن المراد وقعوهما تأمين.

الحديث الثالث : حسن كالصحيح.

قوله عليه‌السلام : « قول الرجل لا والله » ظاهره انحصار الجدال في هاتين

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٦ نقلا بالمضمون.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥. مع اختلاف يسير في العبارة.

٢٧٣

واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل فعليه دم يهريقه ويتصدق به وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به وقال اتق المفاخرة وعليك بورع يحجزك عن معاصي الله فإن الله عز وجل يقول «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ

الصيغتين.

وقيل : يتعدى إلى كل ما يسمى يمينا واختاره في الدروس كما مر ، وربما يستدل له بإطلاققوله عليه‌السلام « إن الرجل إذا حلف بثلاثة أيمان » (١) .

وأو رد عليه أن هذا الإطلاق غير مناف للحصر المتقدم ، وهل الجدال مجموع اللفظين. أو إحداهما؟ قولان أظهرهما الثاني.

قوله عليه‌السلام : « ولاء » مقتضاه اعتبار كون الأيمان الثلاثة ولاء في مقام واحد ويمكن حمل الأخبار المطلقة عليه كما هو اختيار ابن أبي عقيل.

قوله تعالى : «ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ »(٢) قيل قضاء التفث : حلق الشعر ، وقص الشارب ، ونتف الإبط وقلم الأظفار. وقال في مجمع البيان : أي ليزيلوا شعث الإحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال طيب عن الحسن ، وقيل : معناه ليقضوا مناسك الحج كلها عن ابن عباس وابن عمر ، وقال الزجاج : قضاء التفث كناية عن الخروج من الإحرام إلى الإحلال انتهى(٣) .

وهذا الخبر يدل على أن التفث : الكلام القبيح وقضاؤه تداركه بكلام طيب.

وروي في حديث آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام « أنه قال هو ما يكون من الرجل في إحرامه فإذا دخل مكة فتكلم بكلام طيب كان ذلك كفارة لذلك الذي

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨١ ح ٥.

(٢) سورة الحجّ : ٢٩.

(٣) مجمع البيان : ج ٧ ـ ٨ ص ٨١.

٢٧٤

وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ » قال

كان منه »(١) .

وفي رواية أخرى : عن أبي جعفرعليه‌السلام « أن التفث حفوف الرجل من الطيب ، فإذا قضى نسكه حل له الطيب(٢) ».

وفي رواية أخرى : أن التفث هو الحلق وما في جلد الإنسان(٣) وعن الرضاعليه‌السلام « أنه تقليم الأظفار وترك(٤) الوسخ عنك والخروج من الإحرام »(٥) .

وسيأتي في حديث المحاربي « إن قضاء التفث » لقاء الإمام(٦) .

ومقتضى الجمع بين الأخبار حمل قضاء التفث : على إزالة كل ما يشين الإنسان في بدنه وقلبه وروحه ، فيشمل إزالة الأوساخ البدنية بقص الأظفار وأخذ الشارب ونتف الإبط وغيرها ، وإزالة وسخ الذنوب عن القلب بالكلام الطيب والكفارة ونحوها ، وإزالة دنس الجهل عن الروح بلقاء الإمامعليه‌السلام ، ففسر في كل خبر ببعض معانيه على وفق أفهام المخاطبين ومناسبة أحوالهم.

قوله تعالى «وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ »(٧) قيل المراد بها الإتيان بما بقي عليه من مناسك الحج ، وروي ذلك في أخبارنا فيكون ذكر الطواف بعد ذلك من قبيل التخصيص بعد التعميم لمزيد الاهتمام.

__________________

(١) نور الثقلين : ج ٣ ص ٤٩٢ ح ٩٨.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٩٦ ح ١٧.

(٣) الوسائل : ج ١٠ ص ١٧٨ ح ٤.

(٤) هكذا في الأصل : ولكن في الوسائل : « وطرح ».

(٥) الوسائل : ج ٩ ص ٣٨٨ ح ١٣.

(٦) الوسائل : ج ١٠ ص ٢٥٣ ح ٣.

(٧) سورة الحجّ : ٢٩.

٢٧٥

أبو عبد الله من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح فإذا دخلت مكة وطفت بالبيت وتكلمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة قال وسألته عن الرجل يقول لا لعمري وبلى لعمري قال ليس هذا من الجدال إنما الجدال لا والله وبلى والله.

٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أحدهماعليهما‌السلام قال إذا حلف ثلاث أيمان متتابعات صادقا فقد جادل وعليه دم وإذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل وعليه دم.

وقيل : ما نذروا من أعمال البر في أيام الحج وإن كان على الرجل نذور مطلقة فالأفضل أن يفي بهما هناك.

وقيل : أريد بها ما يلزمهم في إحرامهم من الجزاء ونحوه فإن ذلك من وظائف منى.

أقول : لا يبعد أن يكون على تأويل قضاء التفث بلقاء الإمام أن يكون المراد « بإيفاء النذور » الوفاء بالعهود التي أخذ عليهم في الميثاق وفي الدنيا من طاعة الإمامعليه‌السلام وعرض ولايتهم ونصرتهم عليه كما يومئ إليه كثير من الأخبار.

وأماقوله تعالى ، «وَلْيَطَّوَّفُوا »(١) فقيل أراد به طواف الزيارة.

وقيل : هو طواف النساء ، وكلاهما مرويان في أخبارنا.

وقيل : هو طواف الوداع.

وقيل : المراد به مطلق الطواف ، أعم مما ذكر وغيره من الطواف المندوب وهو الظاهر من اللفظ فيمكن حمل الأخبار على بيان الفرد الأهم والله يعلم.

قوله عليه‌السلام : « فكان ذلك كفارة » قال في الدروس : ولا كفارة في الفسوق سوى الكلام الطيب في الطواف والسعي قاله : الحسن ، وفي رواية علي بن جعفر « يتصدق »(٢)

الحديث الرابع : ضعيف.

__________________

(١) سورة الحجّ : ٢٩.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ٢٨٣ ح ٣.

٢٧٦

٥ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان ، عن عبد الله بن مسكان ، عن أبي بصير قال سألته عن المحرم يريد أن يعمل العمل فيقول له صاحبه والله لا تعمله فيقول والله لأعملنه فيخالفه(١) مرارا أيلزمه ما يلزم صاحب الجدال قال لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه إنما ذلك ما كان لله فيه معصية.

٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن سليمان بن خالد قال سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول في الجدال شاة وفي السباب والفسوق بقرة والرفث فساد الحج.

الحديث الخامس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « يريد أن يعمل » أي يريد أن يعمل عملا ويخدمهم على وجه الإكرام وهم يقسمون عليه على وجه التواضع أن لا يفعل ، وقال في الدروس : قال ابن الجنيد : يعفى عن اليمين في طاعة الله وصلة الرحم ما لم يدأب في ذلك ، وارتضاه الفاضل ، وروى أبو بصير في المتحالفين على عمل : « لا شيء »(٢) لأنه إنما أراد إكرامه إنما ذلك على ما كان فيه معصية ، وهو قول : الجعفي.

الحديث السادس : صحيح.

قوله عليه‌السلام : « والفسوق » لعله محمول على الاستحباب والعمل به أولى وأحوط ، وإن لم أظفر على قائل به.

قال في المدارك : أجمع العلماء كافة على تحريم الفسوق في الحج وغيره ، واختلف في تفسيره فقال الشيخ وابنا بابويه : أنه الكذب ، وخصه ابن البراج بالكذب على الله وعلى رسوله والأئمةعليهم‌السلام .

وقال المرتضى وجماعة : إنه الكذب والسباب.

وقال ابن أبي عقيل : إنه كل لفظ قبيح ، وفي صحيحة معاوية « الكذب

__________________

(١) فيحالفه ( خ ل ).

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١١٠ ح ٧.

٢٧٧

(باب)

( ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه)

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن بعض أصحابنا ، عن بعضهمعليهم‌السلام قال أحرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ثوبي كرسف.

٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كان ثوبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أحرم فيهما يمانيين عبري وظفار وفيهما كفن.

٣ ـ علي ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

والسباب »(١) ، وفي صحيحة علي بن جعفر « الكذب والمفاخرة »(٢) ولا كفارة في الفسوق سوى الاستغفار(٣) انتهى.

ولعله (ره) غفل عن هذه الصحيحة ولم يقل بها ولم يتعرض لتأويلها.

باب ما يلبس المحرم من الثياب وما يكره له لباسه

الحديث الأول : مرسل. ويدل على استحباب الإحرام في ثياب القطن ولا خلاف بين الأصحاب في عدم جواز الإحرام في الحرير المحض للرجال ، فأما النساء فالمشهور جواز إحرامهن فيه ، وقيل : بالمنع.

الحديث الثاني : حسن. وقال الفيروزآبادي :العبر بالكسر ما أخذ على غربي الفرات إلى برية العرب وقبيلة(٤) ، وقالالظفار : كقطام بلد باليمن قرب الصنعاء(٥) .

الحديث الثالث : حسن. ويدل على جواز الإحرام في القصب والكتان

__________________

(١) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٨ ح ١.

(٢) الوسائل : ج ٩ ص ١٠٩ ح ٤.

(٣) وجملة « ولا كفّارة في الفسوق سوى الاستغفار » ليست موجودة في هذه الرواية.

(٤) القاموس المحيط الفيروزآبادي : ج ٢ ص ٨٣.

(٥) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٨٣.

٢٧٨

كل ثوب يصلى فيه فلا بأس أن يحرم فيه.

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الكريم بن عمرو ، عن أبي بصير قال سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام عن الخميصة سداها إبريسم ولحمتها من غزل قال لا بأس بأن يحرم فيها إنما يكره الخالص منه.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن شعيب أبي صالح ، عن خالد أبي العلاء الخفاف قال رأيت أبا جعفرعليه‌السلام وعليه برد أخضر وهو محرم.

٦ ـ محمد بن أحمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال كنت عنده جالسا فسئل عن رجل يحرم في ثوب فيه حرير فدعا بإزار قرقبي فقال أنا أحرم في هذا وفيه حرير.

والصوف والشعر دون الجلد إذ لا يطلق عليه الجلد.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وقال في القاموس :الخميصة كساء أسود مربع له علمان(١) .

الحديث الخامس : مجهول. ويدل على عدم مرجوحية الإحرام في الثوب الأخضر كما اختاره في المدارك ، والمشهور استحباب الإحرام في الثياب البيض.

الحديث السادس : موثق.

وقال في النهاية :ثوب فرقبي : هو ثوب مصري أبيض من كتان(٢) .

قال الزمخشري : الفرقبية ثياب مصرية بيض من كتان وروي بقافين منسوب إلى قرقوب مع حذف الواو في النسب كسابرى في سابور.

__________________

(١) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣٠٢.

(٢) النهاية لابن الأثير : ج ٣ ص ٤٤٠.

٢٧٩

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور فقال نعم وفي كتاب عليعليه‌السلام لا يلبس طيلسان حتى ينزع أزراره فحدثني أبي إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه.

الحديث السابع : صحيح وسنده الثاني حسن.

قوله عليه‌السلام : « يلبس الطيلسان » قال الشهيد الثاني : (ره) هو ثوب منسوج محيط بالبدن. وقال جلال الدين السيوطي : الطيلسان بفتح الطاء واللام على الأشبه الأفصح ، وحكي كسر اللام وضمها حكاهما القاضي عياض في المشارق والنوى في تهذيبه.

وقال صاحب كتاب مطالع الأنوار : الطيلسان شبه الأردية يوضع على الرأس والكتفين والظهر.

وقال ابن دريد في الجمهرة : وزنه فيعلان وربما يسمى طيلسا.

وقال في شرح الفصيح : قالوا في الفعل منه أطلست وتطلست قال : وفيه لغة طالسان بالألف حكاها ابن الأعرابي.

وقال ابن الأثير في شرح سنة الشافعي في حديث ابن عمر : أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله حول رداءه في الاستسقاء ما لفظه « الرداء » الثوب الذي يطرح على الأكتاف أو يلقى فوق الثياب وهو مثل الطيلسان إلا أن الطيلسان يكون على الرأس والأكتاف وربما ترك في بعض الأوقات على الرأس وسمي الرداء كما يسمى الرداء طيلسانا انتهى.

والمشهور بين الأصحاب : جواز لبسه اختيارا في حال الإحرام ولكن لا يجوز زره ، وقال العلامة في الإرشاد : لا يجوز لبسه إلا عند الضرورة ، والرواية تدفعه والمعتمد الجواز مطلقا.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

كفر قاتلوه و خاذلوه ، و لئن كان قاتلوه مهتدين و إنّهم لمهتدون لقد كفر من يتولاّه و ينصره و يعضده ، و لقد علمت أنّ أباك و طلحة و عليّا كانوا أشدّ النّاس عليه ، و كانوا في أمره من بين قاتل و خاذل ، و أنت تتولّي أباك و طلحة و عثمان ،

و كيف و لاية قاتل متعمّد و مقتول في دين واحد ؟ و لقد ملك عليّ بعده فنفى الشّبهات و أقام الحدود و أجرى الأحكام مجاريها و أعطى الأمور حقائقها في ما عليه و له ، فبايعه أبوك و طلحة ثمّ خلعاه ظالمين له ، و إنّ القول فيك و فيهما لكما قال ابن عبّاس : إن يكن عليّ في وقت معصيتكم و محاربتكم له كان مؤمنا لقد كفرتم بقتال المؤمنين و أئمّة العدل ، و لئن كان كافرا كما زعمتم و في الحكم جائرا لقد بؤتم بغضب من اللّه لفراركم من الزّحف . . . ١ .

فيقال لنافع : إنّ الجمع بين هذه الأضداد لازم تولّي صدّيقكم و فاروقكم و من فروعه ، فكيف تقول أنت بالملزوم و الأصل ، و لا تقول بالّلازم و الفرع ؟

و ممّا يشهد لاشتراط العصمة في الإمامة أنّه لو لم يشترط لزم تعطّل حدود اللّه لاشتراك الامام مع المأموم في الارتكاب ، و لمّا بعث الرّشيد هرثمة بن أعين واليا على خراسان ، على أن يأخذ عليّ بن عيسى الذي كان واليا قبله بما ظلم الناس وردّ حقوقهم إليهم ، قام رجل إلى هرثمة و قال له : إنّ هذا الفاجر أخذ منّي درقة ثمينة لم يملك أحد مثلها ، فاشتراها على كره منّي و لم أرد بيعها بثلاثة آلاف درهم ، و لم آخذ لها ثمنا إلى هذه الغاية ، فقذف أمّي ، فخذلي بحقّي من مالي و قذفه أمّي . فقال : لك بيّنة ؟ قال : نعم ، جماعة حضروا كلامه .

فأحضرهم فأشهدهم على دعواه ، فقال هرثمة ( لعليّ بن عيسى ) : وجب عليك الحدّ . قال : و لم ؟ قال : لقذفك أمّ هذا . قال : من هذا فقّهك ؟ قال : هذا دين المسلمين .

قال : فأشهد أنّ أمير المؤمنين ( أي الرشيد ) قد قذفك غير مرّة ، و أشهد أنّك

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكامل للمبرد ٧ : ٢٣٨ .

٥٦١

قذفت بنيك ما لا أحصي مرّة ، فمن يأخذ هؤلاء منك و من يأخذ لك من مولاك ؟

فالتفت هرثمة إلى صاحب الدّرقة . فقال : أرى لك أن تطالب هذا الشيطان بدرقتك أو ثمنها ، و تترك مطالبته بقذفه أمّك . ذكر ذلك في ( الطبري ) ١ .

و فيه أيضا : أنّ هارون كتب بخطّ يده إلى عليّ بن عيسى : هذا يابن الزّانية رفعت من قدرك . . . ٢ .

و لو لم تكن الإمامة من قبل اللّه تعالى كالنبوّة كما عليه الإمامية لزم أن تكون ملعبة بيد النّاس ، و تكون أئمّة النّاس مثل آلهة بني حنيفة الّذين كانوا يصنعون إلها من تمر و سمن ، و يأكلونها عام المجاعة .

و لمّا قطع الرّاشد العبّاسي الخطبة في بغداد لمسعود السلطان الغزنوي و أراد محاربته ، و سار مسعود إلى بغداد ، و انهزم الرّاشد و فرّ إلى الموصل ،

جمع مسعود القضاة و الفقهاء ، و تقدّم إليهم لعمل محضر في خلع الرّاشد ،

فعملوا محضرا ذكروا ما ارتكبه من أخذ الأموال و أشياء أخر ، فأفتوا أن من هذه صفته لا يصلح أن يكون إماما ، فخلعوه و بايعوا المقتفي .

فهل الرّاشد حسب لم يكن أمره برشيد ؟ فكلّهم كانوا كذلك ، لا سيّما ذو نوريهم حتّى اضطرّوا إلى قتله .

و ذكروا أنّ هشام بن عبد الملك قال لغيلان : أنت الذي تزعم أنّ اللّه لم يولّني و لم يرض ما أنا فيه ؟ فقال له غيلان : و هل رأيت أمينا يولّي الخائنين أمانته ، أم رأيت مصلحا يولّي المفسدين ، أم رأيت كريما يدعو إلى أمر ثمّ يصدّ عنه ، أم رأيت حكيما يقضي بما يعيب أم يعيب بما يقضي ، أم رأيت حكيما يكلّف فوق الطاقة ؟

قوله عليه السّلام « على الفروج و الدّماء » لما غدر خالد بن الوليد بمالك بن نويرة

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٦ : ٥١٨ سنة ١٩١ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٦ : ٥١٤ سنة ١٩١ .

٥٦٢

و قتله و زنى بامرأته ، قال عمر لأبي بكر : إنّ سيف خالد فيه رهق و أكثر عليه في ذلك فقال : يا عمر تأوّل فأخطأ ، فارفع لسانك عن خالد ، فإنّي لا أشيم سيفا سلّه اللّه على الكافرين . و ودّى مالكا و كتب إلى خالد أن يقدم عليه ، ففعل و دخل المسجد و عليه قباء و قد غرز في عمامته أسهما ، فقام إليه عمر فنزعها و حطمها ، و قال له : قتلت امرأ مسلما ثمّ نزوت على امرأته ، و اللّه لأرجمنّك بأحجارك . و خالد لا يكلّمه ، يظنّ أنّ رأي أبي بكر مثله إلى أن قال : فخرج خالد و عمر جالس ، فقال : هلمّ إليّ يابن أمّ سلمة ، فعرف عمر أنّ أبا بكر قد رضي عنه فلم يكلّمه ، و كان خالد يعتذر في قتله لمالك : إنّ مالكا قال له : ما أخال صاحبكم إلاّ قال كذا و كذا . فقال له خالد : أو ما تعدّه لك صاحبا ؟ ثمّ ضرب عنقه . ذكر ذلك الجزري في ( كامله ) ١ .

و في قول عمر لأبي بكر : « إنّ سيف خالد فيه رهق » تعريض و استهزاء من عمر لأبي بكر في حديث وضعه لخالد ، إنّه سيف اللّه ، لذبّه عن سلطنته .

و لعمري إنّه لمضحك ، كيف يقتل سيف اللّه عباد اللّه ظلما و قتل خالد رجلين آخرين مسلمين في وقعة مضيخ بني البرشاء ، قال الجزري أيضا : كان مع الهذيل عبد العزّى بن أبي رهم أخو أوس مناة ، و لبيد ابن جرير و كانا أسلما و معهما كتاب أبي بكر باسلامهما فقتلا في المعركة ،

فبلغ ذلك أبا بكر و قول عبد العزّي ( حين قتل ) :

أقول إذ طرق الصّباح بغارة

سبحانك اللهمّ ربّ محمّد

سبحان ربّي لا إله غيره

ربّ البلاد و ربّ من يتورّد

فوداهما و أوصى بأولادهما ، فكان عمر يعتدّ بقتلهما و قتل مالك بن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكامل لابن الأثير ٢ : ٣٥٨ سنة ١١ ، و تاريخ الطبري ٢ : ٥٠٣ سنة ١١ .

٥٦٣

نويرة على خالد ، فيقول أبو بكر : كذلك يلقى من نازل أهل الشرك ١ .

و في ( تاريخ أعثم الكوفي ) في غزوة دبا أيّام أبي بكر : « إنّ عكرمة بن أبي جهل قتل أكثر أعيانهم ، و أسر بعضهم ، و اتّخذ نساءهم أرقّاء ، و بعث بأربعمائة رقيقا ، و ثلاثمائة إبلا إلى المدينة ، فسر الصّديق من هذا الفتح و أراد قتل الاسراء ، فشفع لهم الفاروق ، و قال له : إنّهم يتشهدون بالتّوحيد و الرّسالة و يصلّون ، فتركهم أولى . فأمر الصدّيق بحبسهم ، و بقوا أيّامه في الحبس ، فلما قام الفاروق بالأمر أمر بإطلاقهم ، فرجع بعضهم إلى أوطانهم ، و بعضهم سكن البصرة » ٢ .

قوله عليه السّلام : « و المغانم و الأحكام ، و إمامة المسلمين البخيل » قال حميد بن ثور في ابن الزبير أيّام قيامه :

قدني من نصر الخبيبين قدى

ليس الامام بالشّحيح الملحد

و قال آخر فيه :

رأيت أبا بكر أي ابن الزبير و ربّك غالب

على أمره يبغي الخلافة بالتّمر

و قال عمر للزّبير بعد أن ذكره في ستّة الشورى ، و لعلّها لو أفضت إليك ظلت يومك تلاطم بالبطحاء على مدّ من الشعير ، و الإمام كالنّبي يجمعهما عنوان الولاية .

و في ( الطبري ) لمّا فرغ النّبيّ صلى اللّه عليه و آله من ردّ سبايا حنين إلى أهلها ركب و اتّبعه النّاس يقولون : يا رسول اللّه أقسم علينا فيئنا الابل و الغنم ، حتّى ألجؤوه إلى شجرة ، فاختطفت الشجرة عنه رداءه ، فقال : ردّوا عليّ ردائي أيّها

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكامل لابن الأثير ٢ : ٣٩٧ سنة ١٢ ، و تاريخ الطبري ٢ : ٥٨١ سنة ١٢ .

( ٢ ) الفتوح لابن الأعثم ١ : ٧٤ ، و النقل بالمعنى .

٥٦٤

الناس ، فو اللّه لو كان لي عدد شجر تهامة نعما لقسمتها عليكم . ثمّ مالقيتموني بخيلا ، و لا جبانا ، و لا كذّابا ١ .

« فيكون في أموالهم نهمته » في ( الكامل ) أمر القاهر في سنة ( ٣٢١ ) بتحريم الغناء و ببيع الجواري المغنّيات على أنّهن سواذج لا يعرفن الغناء ، و كان مشتهرا بالسّماع ، و كان أمره ذلك وسيلة ليأخذ مغنّيات النّاس بأرخص الأثمان ، فوضع من يشتري له كلّ حاذقة في الغناء رخيصا ٢ .

و فيه : و أمر القاهر في تلك السّنة أيضا بقتل أبي السّرايا بن حمدان و إسحاق النوبختي ، مع كون إسحاق هو الذي أشار على الناس باستخلافه ،

و سبب قتلهما حقده عليهما ، لأنّه كان قبل خلافته أراد شراء مغنيتين فزادا في الثمن عليه ، فحقد فاستدعاهما للمنادمة فتزيّنا و تطيّبا ، فلمّا حضرا أمر بإلقائهما إلى بئر في الدّار ، فتضرّعا و بكيا ، فلم يلتفت إليهما ، و ألقاهما فيه و طمّها عليهما ٣ .

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) : أعطى عثمان عمّه الحكم بن أبي العاص طريد رسول اللّه مائة ألف درهم من بيت مال المسلمين ، و أقطع ( مهزورا ) موضع سوق المدينة الّذي تصدّق به النّبي صلى اللّه عليه و آله على المسلمين الحارث بن الحكم أخا مروان ، و أقطع مروان فدك التي هي صدقة النّبي صلى اللّه عليه و آله ، و افتتح إفريقية و وهب جميع خمسها لمروان أيضا ٤ .

« و لا الجاهل » قال عليّ بن ميثم لأبي الهذيل : ألست تعلم أنّ إبليس ينهى

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٢ : ٣٥٨ سنة ٨ .

( ٢ ) الكامل لابن الأثير ٨ : ٢٧٣ سنة ٣٢١ ، و النقل بتصرف في اللفظ .

( ٣ ) الكامل لابن الأثير ٨ : ٢٩٥ سنة ٣٢٢ ، و النقل بتصرف في اللفظ ، و قول الشارح « في تلك السنة » خلط بين سنة ٣٢١ و ٣٢٢ .

( ٤ ) هذه الأمور روايات مشهورة جاء قريب منها في خلفاء ابن قتيبة ١ : ٣٢ ، لكن لم أظفر على هذا اللفظ فيه .

٥٦٥

عن الخير كلّه ، و يأمر بالشرّ كلّه ؟ فقال : نعم . فقال : أفيجوز أن يأمر بالشّرّ كلّه و هو لا يعرفه ، و ينهى عن الخير كلّه و هو لا يعرفه ؟ قال : لا . فقال له : قد ثبت أنّ إبليس يعلم الشّرّ كلّه و الخير كلّه . قال : أجل . قال : فأخبرني عن إمامك الذي تأتمّ به بعد الرّسول صلى اللّه عليه و آله هل يعلم الخير كلّه ، و الشرّ كلّه ؟ قال : لا . قال : فإبليس أعلم من إمامك إذن . فانقطع أبو الهذيل ١ .

و سئل أبو بكر عن قوله تعالى : و فاكهة و أبّا ٢ ، فقال : أي سماء تظلّني أم أي أرض تقلّني إن قلت في كتاب اللّه بما لا أعلم ، أمّا الفاكهة فنعرفها ،

و أمّا الأبّ فاللّه أعلم به . فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام فقال : سبحان اللّه أما علم أنّ الأبّ هو الكلأ و المرعى ، و أنّ قوله تعالى : و فاكهة و أبّا اعتداد من اللّه تعالى بإنعامه على خلقه بما غذّاهم ، و خلقه لهم و لأنعامهم . . . ٣ .

أشار عليه السّلام إلى أنّ درجة جهله كانت بحيث لم يتفطّن لتفسير القرآن للأبّ في قوله تعالى بعد : متاعا لكم و لأنعامكم ٤ .

و كذلك سئل أبو بكر عن الكلالة فقال : أقول فيها برأيي ، فإن أصبت فمن اللّه ، و إن أخطأ فمن نفسي و من الشيطان . فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليه السّلام فقال : ما أغناه عن الرّأي في هذا المكان ، أما علم أنّ الكلالة هم الإخوة و الأخوات من قبل الأب و الامّ ، و من قبل الأب على انفراده ، و من قبل الامّ أيضا على حدّها ؟ قال تعالى : يستفتونك قل اللّه يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد و له اخت

ـــــــــــــــــ

( ١ ) رواه المرتضى في الفصول المختارة : ٦ .

( ٢ ) عبس : ٣١ .

( ٣ ) حديث جهل أبي بكر معنى الأبّ و الكلالة مشهور ، لكن مع هذا الذيل عن علي عليه السّلام أخرجهما المفيد في الارشاد : ١٠٧ .

( ٤ ) عبس : ٣٢ .

٥٦٦

فلها نصف ما ترك . . . ١ ، و قال تعالى : . . . و إن كان رجل يورث كلالة أو امرأة و له أخ أو أخت فلكلّ واحد منهما السّدس . . . ٢ ، أشار عليه السّلام إلى أنّ درجة جهله كانت بحيث لا تفرّق بين المنصوص و غير المنصوص .

« فيضلّهم بجهله » فجر رجل بمجنونة فأمر عمر بلجدها ، فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : أما علم أنّ النّبيّ صلى اللّه عليه و آله قال : رفع القلم عن المجنون حتّى يفيق ؟ إنّها مغلوبة على عقلها و نفسها . فقال عمر : لقد كدت أن أهلك في جلدها ٣ .

و أمر عمر أيضا برجم حامل زنت ، فقال عليه السّلام له : هب إنّ لك سبيلا عليها ،

أيّ سبيل لك على ما في بطنها ، و اللّه تعالى يقول : و لا تزر وازرة وزر أخرى . . . ٤ فقال عمر : لا عشت لمعضلة لا تكون لها . فما أصنع بها ؟ قال :

احتط عليها حتّى تلد ، فإذا ولدت و وجدت لولدها من يكفله ، أقم عليها الحدّ ٥ .

و أتى عمر أيضا بأمرأة قد ولدت لستّة أشهر فهمّ برجمها ، فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام : إنّ اللّه تعالى قال : . . . و حمله و فصاله ثلاثون شهرا . . . ٦ و قال جلّ و علا : و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة . . . ٧ فإذا تمّمت المرأة الرّضاعة سنتين و كان حمله و فصاله

ـــــــــــــــــ

( ١ ) النساء : ١٧٦ .

( ٢ ) النساء : ١٢ .

( ٣ ) رواه أبو داود بأربع طرق في سننه ٤ : ١٤٠ ، ١٤١ ح ٤٣٩٩ ٤٤٠٢ ، و أحمد بطريقين في مسنده ١ : ١٤٠ ، ١٥٤ ، و ابن شاذان في الايضاح : ١٠٠ ، و المفيد في الارشاد : ١٠٩ ، و الاختصاص : ١١١ ، و القاضي النعمان في الدعائم ٢ :

٤٥٦ ح ١٦٠٧ ، و أشار إليه البخاري في صحيحه ٤ : ١٧٦ و غيرهم .

( ٤ ) فاطر : ١٨ .

( ٥ ) مسند زيد : ٣٣٥ ، و الايضاح لابن شاذان : ٩٩ ، و الإرشاد للمفيد : ١٠٩ ، و الاختصاص : ١١١ ، و الذريعة للمرتضى ٢ :

٧٦٥ ، و الدعائم للقاضي النعمان ٢ : ٤٥٣ ح ١٥٨٤ و غيرها .

( ٦ ) الأحقاف : ١٥ .

( ٧ ) البقرة : ٢٣٣ .

٥٦٧

ثلاثين ، كان الحمل منها ستّة أشهر . فخلّى عمر سبيلها ١ .

و أمر عمر أيضا برجم امرأة شهد عليها جمع أنّ رجلا يطؤها في بعض المياه ، فقالت : « اللهمّ إنّك تعلم أنّي بريئة » . فغضب عمر و قال : و تجرّحين الشهود أيضا . فقال أمير المؤمنين عليه السّلام و كان شاهدا ردّوها و اسألوها فلعلّ لها عذرا ، فردّت و سئلت عن حالها ، فقالت : كان لأهلي إبل ، فخرجت في إبل أهلي و حملت معي ماء و لم يكن في إبل أهلي لبن ، و خرج معي خليطنا و كان في إبله لبن ، فنفد مائي فاستسقيته فأبي أن يسقيني حتّى أمكّنه من نفسي فأبيت ،

فلمّا كادت نفسي أن تخرج أمكنته من نفسي كرها . فقال عليه السّلام : اللّه أكبر . . . فمن اضطرّ غير باغ و لا عاد فلا إثم عليه . . . ٢ . فخلى عمر سبيلها ٣ .

و نكح شيخ كبير امرأة فحملت فأنكره ، و زعم أنّه لم يصل إليها ، فسألها عثمان هل افتضّك ؟ قالت : لا . فقال : أقيموا عليها الحدّ . فقال أمير المؤمنين عليه السّلام و كان شاهدا : إنّ للمرأة سمين : سم للحيض ، و سمن اللبول . فلعلّ الشيخ سال ماؤه في سم المحيض فحملت . فسئل الشيخ ، فقال : قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض . فقال عليه السّلام : الحمل له و الولد ولده ، و أرى عقوبته على الإنكار . فصار عثمان إلى قضائه و تعجّب منه ٤ .

و روى الخطيب في الهياج بن بسطام مسندا عن أبي سعيد الخدري قال :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) رواه ابن أبي حاتم و البيهقي في سننه ، و عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن المنذر عنهم الدر المنثور ١ : ٢٨٨ ، و ٦ :

٤٠ ، و ابن شاذان في الايضاح : ٩٨ ، و المفيد في الارشاد : ١١٠ ، و القاضي النعمان في الدعائم ١ : ٨٦ ، و غيرهم و روى نحو ذلك بين عليّ عليه السّلام و عثمان و بين ابن عباس و عمر و بينه و عثمان.

( ٢ ) البقرة : ١٧٣ .

( ٣ ) الفقيه للصدوق ٤ : ٢٥ ح ٤٠ ، و تفسير العياشي ١ : ٧٤ ح ١٥٥ و الإرشاد للمفيد : ١١٠ ، و التهذيب للطوسي ١٠ : ٤٩ ح ١٨٦ و غيرهم .

( ٤ ) الارشاد للمفيد : ١١٢ ، و المناقب لابن شهر آشوب ٢ : ٣٧٠ .

٥٦٨

خطبنا عمر فقال : إنّي لعليّ أنهاكم عن أشياء تصلح لكم ، و آمركم بأشياء لا تصلح لكم ، و أنّ من آخر القرآن نزولا آية الربا ، و أنّه قد مات النّبيّ صلى اللّه عليه و آله و لم يبيّنها لنا ، فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم . . . ١ .

قلت : إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله قال في مرض موته : « ايتوني بدواة أكتب لكم كتابا لن تضلّوا بعدي أبدا » فقلت أنت أيّها الفاروق : « إنّ الرجل ليهجر ، يكفينا كتاب اللّه » ٢ فكيف تقول في خطبتك : مات النبيّ و لم يبيّن لنا آية الرّبا ؟ ٣ و على قولك بقي دينه ناقصا ، فكيف قال تعالى : . . . اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا . . . ٤ ، و إذا لا تعرف الصلاح من الفساد ،

كيف تأمر و تنهى ؟

و روى في عثمان بن سعيد عن ابن مسعود أنّ عمر خطب بالجابية فقال : إنّ اللّه يضلّ من يشاء و يهدي من يشاء . فقال : قسّ من تلك القسوس : ما يقول أميركم هذا ؟ قالوا : يقول : إنّ اللّه يضلّ من يشاء ، و يهدي من يشاء . فقال القسّ : « برقشت ، اللّه أعدل أن يضلّ أحدا » . فبلغ ذلك عمر فبعث إليه فقال : بل اللّه أضلّك ، و لو لا عهدك لضربت عنقك ٥ .

و رواه الأعثم في ( تاريخه ) ٦ : أفّ لكم و لما تعبدون من

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ بغداد للخطيب ١٤ : ٨٠ .

( ٢ ) أخرجه البخاري بطرق في صحيحه ١ : ٣٢ ، و ٤ : ٧ ، ٢٧١ ، و مسلم في صحيحه ٣ : ١٢٥٩ ح ٢٢ ، و أحمد بطريقين في مسنده ١ : ٣٢٤ ، ٣٣٦ ، و ابن سعد في الطبقات ٢ ق ٢ : ٣٧ ، و الجوهري في السقيفة : ٧٣ ، و غيرهم عن ابن عبّاس ، و روي أيضا عن علي عليه السّلام و سلمان و أبي ذر و المقداد و جابر و عمر .

( ٣ ) رواه ابن ماجه في سننه ٢ : ٧٦٤ ح ٢٢٧٦ ، و أحمد في مسنده ١ : ٣٦ ، ٤٩ ، و ابن جرير بطريقين و ابن الضريس و ابن المنذر و ابن مردويه عنهم الدر المنثور ١ : ٣٦٥ .

( ٤ ) المائدة : ٣ .

( ٥ ) تاريخ بغداد للخطيب ١١ : ٢٩٠ .

( ٦ ) الفتوح لابن الأعثم ١ : ٢٩٨ .

٥٦٩

دون اللّه . . . ١ ، اتّخذوا إماما عارا على الاسلام يطعن به النصارى فيه ،

و القرآن و إن تضمّن هذا اللفظ لكن لم يقتصر عليه ، بل بيّن المراد به . فقال بعده : و ما يضلّ به إلاّ الفاسقين . الّذين ينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه . . . ٢ .

« و لا الجافي فيقطعهم بجفائه » ذكروا أنّ عمر قال للزّبير بعد جعله أحد ستّة الشورى : أنت مؤمن الرّضا كافر الغضب ، يوما إنسانا و يوما شيطان ،

فليت شعري من يكون للنّاس إماما يوم تكون شيطانا ، و من يكون يوم تغضب اماما ، و ما كان اللّه ليجمع لك أمر هذه الأمّة و أنت على هذه الصفة .

قلت : يقال لهذا الرّجل : العيب الذي ذكرت للزبير مشترك بينه و بين صاحبك ، فقد قال صاحبك على المنبر حين ولّي الأمر : « إنّ لي شيطانا يعتريني » ٣ .

و كذلك هو مشترك بينه و بينك ، قال الجزري في ( كامله ) : ارتدّ أبو شجرة ابن عبد العزّى السلمي ، و هو ابن الخنساء في من ارتدّ من سليم ، و قال :

صحا القلب عن ميّ هواه و أقصرا

إلى أن قال :

فروّيت رمحي من كتيبة خالد

و إنّي لأرجو بعده أن أعمّرا

ثمّ إنّه أسلم ، فلمّا كان زمن عمر قدم المدينة فرأى عمر و هو يقسم في المساكين ، فقال : أعطني فإنّي ذو حاجة . فقال : و من أنت ؟ قال : أنا أبو شجرة .

قال : أي عدوّ اللّه لا و اللّه ، ألست الذي تقول : « فروّيت رمحي . . . » ؟ و جعل يعلوه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الأنبياء : ٦٧ .

( ٢ ) البقرة : ٢٦ ٢٧ .

( ٣ ) نقله الطبري في تاريخه ٢ : ٤٦٠ سنة ١١ ، و ابن راهويه في مسنده ، و أبوذر الهروي في الجامع عنهما منتخب كنز العمال ٢ : ١٦١ ، و ابن قتيبة في الامامة و السياسة ١ : ١٦ و غيرهم ضمن خطبة له بعد البيعة .

٥٧٠

بالدّرّة في رأسه ، فسبقه عدوا إلى ناقته ، و قال :

ضنّ علينا أبو حفص بنائله

و كلّ مختبط يوما له ورق

١ و قد أجاب الزبير نفسه عمر بأنّه ليس أعيب منه ، فقال له : ولّيتها أنت و لسنا دونك في قريش ، و لا في السّابقة ، و لا في القرابة .

« و لا الحائف للدّول فيتّخذ قوما دون قوم » روت العامّة عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : خلا عمر لبعض شأنه ، و قال : امسك على الباب . فطلع الزّبير فكرهته حين رأيته ، فأراد أن يدخل ، قلت : هو على حاجة . فلم يلتفت إليّ و أهوى ليدخل ،

فوضعت يدي في صدره ، فضرب أنفي فأدماه . ثمّ رجع . فدخلت على عمر ،

فقال : ما بك ؟ قلت : الزبير . فأرسل إلى الزّبير ، فلمّا دخل جئت فقمت لأنظر ما يقول له ، فقال : ما حملك على ما صنعت ؟ أدميتني للناس . فقال الزبير يحكيه و يمطّط في كلامه أدميتني ، أتحتجب عنّا يا بن الخطّاب ؟ فو اللّه ما احتجب منّي النّبي و لا أبو بكر . فقال عمر كالمعتذر : إنّي كنت في بعض شأني . قال أسلم فلمّا سمعته يعتذر إليه يئست من أن يأخذ لي بحقّي منه . و خرج الزبير ، فقال عمر : إنّه الزبير ، و آثاره ما تعلم ٢ .

و كان عمر منع طلحة و الزّبير من الخروج من المدينة لجهاد فارس و الروم ، و لئلاّ يحدث لهما خيال قيام ، مع كون استيلائه على الأمر بحيث أمر أن يضرب عنق أمير المؤمنين عليه السّلام بعده لو أبي عن قبول دستوره في شوراه ،

ليصل الأمر إلى عثمان ثمّ إلى معاوية و باقي بني أميّة ، لينتقموا من النّبيّ صلى اللّه عليه و آله باستيصال أهل بيته ، فقال يزيد في أبياته :

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الكامل لأبن الأثير ٢ : ٣٥١ سنة ١١ ، و تاريخ الطبري ٢ : ٤٩٣ سنة ١١ ، و النقل بتصرف في اللفظ .

( ٢ ) رواه ابن أبي الحديد في شرحه ٣ : ١٠٥ شرح الخطبة ٢٢٦ .

٥٧١

بل كان تسلّطه و استيلاؤه قبل سلطنته و سلطنة صاحبه لتحالفه مع قريش أعداء النّبي صلى اللّه عليه و آله ، بحيث منع النّبي صلى اللّه عليه و آله من الوصيّة ، و لم يكترث هو كصاحبه بأمر النّبي صلى اللّه عليه و آله مرّة بعد مرّة بتجهيز جيش أسامة مع لعنه المتخلّف عنه ١ .

و أيّ شي‏ء كان يحدث من طلحة و الزبير وقت غاية اقتداره حتّى حظر عليهما هذه الفريضه العظيمة ، لولا رعاية السياسة الملوكيّة و الاهمال لجانب مقتضيات الشريعة ، و أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه لمّا استأذنه الرجلان طلحة و الزبير للخروج إلى مكّة باسم العمرة مع قطعه بإرادتهما الغدرة خلاّهما مع شدّة اضطراب أمره ٢ ، لأنّهما أرادا أن يتّخذهما واليا بلا استحقاق ، و ما كان عليه السّلام متّخذ المضلّين عضدا ٣ ، و إن صار أمرهما سببا لأمر معاوية ، و أمر معاوية لأمر الخوارج ، و صيرورة الأمر إلى ما صار إليه .

« و لا المرتشي في الحكم فيذهب بالحقوق و يقف بها دون المقاطع » كان عمر يعطي عايشة و حفصة في كلّ سنة عشرة آلاف درهم ، و يمنع أهل بيت النّبي صلى اللّه عليه و آله خمسهم الذي عيّنه اللّه لهم في كتابه ، و بيّنه الرسول صلى اللّه عليه و آله في سنّته ،

و كان يفضّل الأشراف على غيرهم في العطاء تأليفا لهم على خلاف الكتاب و السّنّة .

« و لا المعطّل للسّنّة فتهلك الامّة » قد عطّل عمر حدّ اللّه تعالى في المغيرة بن

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أمر النّبي صلى اللّه عليه و آله بتجهيز جيش أسامة أخرجه ابن هشام في السيرة ٤ : ٢١٩ ، و الواقدي في المغازي ٢ : ١١١٩ ، و ابن سعد في الطبقات ٢ ق ٢ : ١٣٧ ، و الطبري في تاريخه ٢ : ٤٣١ سنة ١١ ، و لعن النبيّ صلى اللّه عليه و آله من تخلف عن جيشه .

أخرجه الجوهري في السقيفة : ٧٥ مسندا ، و رواه الشهرستاني في الملل و النحل ١ : ٢٩ ، و الكوفي في الاستغاثة : ٢٥ ، و القاضي النعمان في الدعائم ١ : ٤١ مجردا .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٣ : ٤٦٥ سنة ٣٦ ، و مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٥٧ ، و تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٨٠ .

( ٣ ) الكهف : ٥١ .

٥٧٢
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الثاني الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

شعبة المعلوم النفاق بالاتفاق لكونه من أعوانه ، و لقّن الشاهد الرابع الامتناع من أداء الشهادة عليه ، و قال : لذاك الشاهد بأنّه ينفس على مثله من المهاجرين الأوّلين ، مع أنّ إمامهم الثالث عثمان لمّا نقموا عليه توليته المنافقين كالوليد ابن عقبة الذي صلّى الصبح بالناس أربعا سكرانا اعتذر بأنّ عمر أيضا كان يولّي المغيرة ، و كان منافقا و أمين أمّتهم عبد الرحمن بن عوف ، قال للمغيرة لما بويع عثمان و قال له المغيرة : لو بويع غيرك ما بايعناه أنت منافق ، لو كان بويع غيره كنت تقول له أيضا ذلك . و صار إبقاء عمر للمغيرة سببا لهلاك الامّة بحمله معاوية على استخلاف ابنه يزيد ، مع أنّ مثل مروان و زياد كانا أيضا منكرين لتولية يزيد ، حمله المغيرة على ذلك لئلاّ يعزله عن حكومة الكوفة ، فانجرّ الأمر إلى أنّ الخليفة يرتكب ما فيه الحدّ و يجرون الحدّ على الناس ، فلمّا بلغ يزيد أنّ مسور بن مخرمة النوفلي كان يقول : يزيد يشرب الخمر . كتب إلى والي المدينة أن يجلده الحدّ ، فجلده الوالي فقال مسور :

أ يشربها صرفا بفكّ ختامها

أبو خالد و يجلد الحدّ مسور

و بالجملة أين الإمام الذي خليفة النّبي صلى اللّه عليه و آله الذي هو خليفة اللّه ، و أين أولئك الجفاة الأجلاف من أوّلهم إلى آخرهم ، أما قال تعالى : . . . لا ينال عهدي الظالمين ١ ؟

و من الأمثال : متى كان حكم اللّه في كرب النّخل ٢ . و إنّما تصدّوا للسلطنة ، و قد قال تعالى : قل اللّهمّ مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممّن تشاء . . . ٣

ـــــــــــــــــ

( ١ ) البقرة : ١٢٤ .

( ٢ ) المستقصى للزمخشري ٢ : ٣٤٠ .

( ٣ ) آل عمران : ٢٦ .

٥٧٣

٤

من الخطبة ( ٢ ) و منها يعني آل النبيّ عليهم السّلام :

هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ وَ لَجَأُ أَمْرِهِ وَ عَيْبَةُ عِلْمِهِ وَ مَوْئِلُ حُكْمِهِ وَ كُهُوفُ كُتُبِهِ وَ جِبَالُ دِينِهِ بِهِمْ أَقَامَ اِنْحِنَاءَ ظَهْرِهِ وَ أَذْهَبَ اِرْتِعَادَ فَرَائِصِهِ وَ مِنْهَا يَعْنِي قَوْمٍ آخَرِينَ اَلْمُنَافِقِينَ زَرَعُوا اَلْفُجُورَ وَ سَقَوْهُ اَلْغُرُورَ وَ حَصَدُوا اَلثُّبُورَ لاَ يُقَاسُ ؟ بِآلِ مُحَمَّدٍ ص ؟ مِنْ هَذِهِ اَلْأُمَّةِ أَحَدٌ وَ لاَ يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً هُمْ أَسَاسُ اَلدِّينِ وَ عِمَادُ اَلْيَقِينِ إِلَيْهِمْ يَفِي‏ءُ اَلْغَالِي وَ بِهِمْ يُلْحَقُ اَلتَّالِي وَ لَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ اَلْوِلاَيَةِ وَ فِيهِمُ اَلْوَصِيَّةُ وَ اَلْوِرَاثَةُ اَلْآنَ إِذْ رَجَعَ اَلْحَقُّ إِلَى أَهْلِهِ وَ نُقِلَ إِلَى مُنْتَقَلِهِ أقول : قال الجاحظ كما نقل عنه ( ينابيع مودّة الحنفي ) : إنّ الخصومات نقضت العقول السليمة ، و أفسدت الأخلاق الحسنة ، من المنازعة في فضل أهل البيت على غيرهم ، فالواجب علينا طلب الحق و اتّباعه ، و طلب مراد اللّه في كتابه و ترك التعصّب و الهوى ، و طرح تقليد السلف ، و الأساتيذ و الآباء . و اعلم أنّ اللّه لو أراد أن يسوّي بين بني هاشم و بين النّاس لما اختصّهم بسهم ذوي القربى ، و لما قال : و انذر عشيرتك الأقربين ١ ، و قال : و إنّه لذكر لك و لقومك و سوف تسألون ٢ . فإذن كان لقومه ما ليس لغيرهم ، فكلّ من كان أقرب منه صلى اللّه عليه و آله كان أرفع قدرا ، و لو سوّاهم اللّه بالنّاس لما حرّم عليهم الصدقة ،

و ما هذا التحريم إلاّ لكرامتهم على اللّه و طهارتهم ، و لهذا قال عليّ كرّم اللّه وجهه

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الشعراء : ٢١٤ .

( ٢ ) الزخرف : ٤٤ .

٥٧٤

على منبر الجماعة : « نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد . . . » ١ .

و قال محمّد بن جرير بن رستم الطبري في ( مسترشده ) : قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبة له : « هلك من قارن حسدا ، و قال باطلا و والى على عداوتنا ، أو شكّ في فضلنا ، إنّه لا يقاس بنا آل محمّد من هذه الامّة أحد ، و لا سوّي بنا من جرت نعمتنا عليهم . نحن أطول الناس أغراسا ، و نحن أفضل الناس أنفاسا ، و نحن عماد الدين ، بنا يلحق التالي ، و إلينا يفي‏ء الغالي ، و لنا خصائص حقّ الولاية ، و فينا الوصيّة و الوراثة ، و حجّة اللّه عليكم ، في حجّة الوداع يوم غدير خم ، و بذي الحليفة ، و بعده المقام الثالث بأحجار الزّيت ، تلك فرائض ضيّعتموها ، و حرمات انتهكتموها ، و لو سلّمتم الأمر لأهله سلمتم ،

و لو أبصرتم باب الهدى رشدتم ، اللهمّ إنّي قد بصّرتهم الحكمة ، و دللتهم على طريق الرحمة ، و حرصت على توفيقهم بالتنبيه و التذكرة ، و دللتهم على طريق الجنّة بالتبصّر و العدل و التأنيب ، ليثبت راجع و يقبل ، و يتّعظ مذكّر فلم يطع لي قول : اللهمّ إنّي أعيد عليهم القول ليكون أثبت للحجّة عليهم . يا أيّها الناس اعرفوا فضل من فضّل اللّه ، و اختاروا حيث اختار اللّه ، و اعلموا أنّ اللّه قد فضّلنا أهل البيت بمنّه حيث يقول : . . . إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ٢ . فقد طهّرنا اللّه من الفواحش ما ظهر منها و ما بطن ، و من كلّ دنيّة و كلّ رجاسة ، فنحن على منهاج الحقّ ، و من خالفنا فعلى الباطل . و اللّه لئن خالفتم أهل بيت نبيّكم لتخالفنّ الحق ٣ .

و قال عليه السّلام أيضا كما في تفسير علي بن إبراهيم القمي : و لقد علم

ـــــــــــــــــ

( ١ ) ينابيع المودة للقندوزي : ١٥٢ عن فضائل بني هشام للجاحظ .

( ٢ ) الأحزاب : ٣٣ .

( ٣ ) المسترشد : ٩٠ ٩١ .

٥٧٥

المستحفظون من أصحاب محمّد صلى اللّه عليه و آله أنّه قال : إنّي و أهل بيتي مطهّرون ، فلا تسبقوهم فتضلّوا ، و لا تتخلّفوا عنهم فتزلّوا ، و لا تخالفوهم فتجهلوا ، و لا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، هم أعلم الناس كبارا ، و أحلم الناس صغارا ،

فاتبعوا الحقّ و أهله حيث كان ١ .

و روى الشيخان في ( أماليهما ) عن الأصبغ قال : دخل الحارث الهمداني على أمير المؤمنين عليه السّلام في نفر من الشيعة ، و كنت فيهم ، فقال عليه السّلام للحارث :

كيف تجدك ؟ قال : نال الدّهر منّي ، و زادني أو ارا اختصام أصحابك ببابك .

فقال عليه السّلام : و فيم خصومتهم ؟ قال : فيك و في الثلاثة من قبلك ، فمن مفرط غال ،

و مفرّط قال ، و من متردّد مرتاب لا يدري أيقدم أم يحجم . فقال : حسبك يا أخا همدان ألا إنّ خير شيعتي النّمط الأوسط ، إليهم يرجع الغالي ، و بهم يلحق التالي . فقال له الحارث : لو كشفت الرّين عن قلوبنا ، و جعلتنا في ذلك على بصيرة من أمرنا . فقال عليه السّلام : فإنّك امرء ملبوس عليك ، إنّ دين اللّه لا يعرف بالرّجال ، بل بآية الحق ، فاعرف الحقّ تعرف أهله . يا حارث إنّ الحقّ أحسن الحديث ، و الصادع به مجاهد ، و بالحقّ أخبرك ، فأعرني سمعك ، ثمّ خبّر به من كان له حصافة من أصحابك ، ألا إنّي عبد اللّه و أخو رسوله ، و صدّيقه الأكبر ،

صدّقته و آدم بين الرّوح و الجسد ، ثمّ إنّي صدّيقه الأوّل في أمّتكم حقّا ، فنحن الأوّلون ، و نحن الآخرون ، و نحن خاصّته و خالصته ، و إنا صنوه و وصيّه و وليّه و صاحب نجواه و سرّه ، أوتيت فهم الكتاب و فصل الخطاب و علم القرون و الأسباب ، و استودعت ألف مفتاح يفتح كلّ مفتاح ألف باب ، يفضي كلّ باب إلى ألف ألف عهد ، و أيّدت بليلة القدر نفلا ، و إنّ ذلك يجري لي و لمن استحفظ من ذرّيتي ما جرى الليل و النهار . و ابشرك يا حارث لتعرفني عند

ـــــــــــــــــ

( ١ ) تفسير القمي ١ : ٤ ، و الغيبة للنعماني : ٢٩ .

٥٧٦

الممات ، و عند الصراط ، و عند الحوض ، و عند المقاسمة . قال الحارث : و ما المقاسمة ؟ قال : مقاسمة النّار ، أقاسمها قسمة صحيحة ، أقول : هذا ولييّ فاتركيه ، و هذا عدوّي فخذيه .

ثمّ أخذ عليه السّلام بيده فقال : يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بيدي ، فقال لي و قد شكوت إليه حسد قريش و المنافقين : إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل اللّه و حجزته ، و أخذت أنت بحجزتي ، و أخذ ذريتك بحجزتك ،

و أخذ شيعتكم بحجزتكم فماذا يصنع اللّه بنبيّه ، و ماذا يصنع نبيّه بوصيّه ؟

خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت و لك ما اكتسبت يقولها ثلاثا فقام الحارث يجرّ رداءه و هو يقول : ما أبالي بعدها متى لقيت الموت أو لقيني . قال جميل بن صالح راوي الخبر عن أبي خالد الكابلي عن الأصبغ بن نباتة ، و أنشدني أبو هاشم السيّد الحميري :

قول عليّ لحارث عجب

كم ثمّ اعجوبة له حملا

يا حار همدان من يمت يرني

من مؤمن أو منافق قبلا

يعرفني طرفه و أعرفه

بنعته و اسمه و ما عملا

و أنت عند الصّراط تعرفني

فلا تخف عثرة و لا زللا

أسقيك من بارد على ظمأ

تخاله في الحلاوة العسلا

أقول للنّار حين توقف للعرض

دعيه لا تقربي الرّجلا

دعيه لا تقربيه أنّ له

حبلا بحبل الوصيّ متّصلا

١ قول المصنّف : « و منها يعني آل النّبيّ » هكذا في ( المصرية ) و لكن في ( إبن ميثم و الخطية ) ٢ : « منها و يعني آل النّبيّ » و في ( ابن أبي الحديد ) ٣ :

ـــــــــــــــــ

( ١ ) الامالي للمفيد : ٣ ح ٣ المجلس ١ ، و أمالي الطوسي ٢ : ٢٣٨ المجلس ١٢ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) في شرح ابن ميثم ١ : ٢٤٥ ، و شرح ابن أبي الحديد ١ : ٤٥ مثل المصرية أيضا .

( ٣ ) في شرح ابن ميثم ١ : ٢٤٥ ، و شرح ابن أبي الحديد ١ : ٤٥ مثل المصرية أيضا .

٥٧٧

« و منها و يعني آل محمّد » فالواو ساقطة من ( المصرية ) قطعا .

« عليه الصّلاة و السّلام » هكذا في ( المصرية ) ، و لكن في ( ابن ميثم و ابن أبي الحديد و الخطية ) ١ : « صلّى اللّه عليه و آله » و زاد الأخير و « سلّم » ٢ .

قوله عليه السّلام : « موضع سرّه » قال الصادق عليه السّلام لخيثمة : نحن شجرة النّبوّة ،

و بيت الرّحمة ، و مفاتيح الحكمة ، و معدن العلم ، و موضع الرسالة ، و مختلف الملائكة ، و موضع سرّ اللّه ٣ .

« و لجأ أمره » قال الصادق عليه السّلام : إنّ الناس في ليلة القدر في صلاة و دعاء و مسألة ، و صاحب هذا الأمر في شغل تنزّل الملائكة إليه بامور السنة من غروب الشمس إلى طلوعها ٤ .

و قال الباقر عليه السّلام لأبي إسحاق النحوي : و نحن فيما بينكم و بين اللّه تعالى ، ما جعل اللّه تعالى لأحد خيرا في خلاف أمرنا ٥ .

« و عيبة علمه » أي : مخزنه ، قال الصادق عليه السّلام : نحن ولاة أمر اللّه ، و خزنة علمه ، و عيبة وحيه ، و نحن الرّاسخون في العلم ، و نحن نعلم تأويله ٦ .

و في ( عيون ابن قتيبة ) أتى رجل الحسن عليه السّلام فسأله ، فقال : إنّ المسألة لا تصلح إلاّ في غرم فادح ، أو فقر مدقع ، أو حمالة مقطعة . فقال الرّجل : ما جئت إلاّ

ـــــــــــــــــ

( ١ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١ : ٤٥ ، و شرح ابن ميثم ١ : ٢٤٥ مثل المصرية أيضا ، و لا يوجد فيهما زيادة .

( ٢ ) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١ : ٤٥ ، و شرح ابن ميثم ١ : ٢٤٥ مثل المصرية أيضا ، و لا يوجد فيهما زيادة .

( ٣ ) الكافي للكليني ١ : ٢٢١ ح ٣ ، و البصائر للصفار : ٧٧ ح ٦ في صدر حديث عن الصادق عليه السّلام ، و : ٧٧ ح ٣ عن الباقر عليه السّلام .

( ٤ ) البصائر للصفار ٢٤٠ ضمن الحديث ٢ .

( ٥ ) أخرجه الكليني بطريقين في الكافي ١ : ٢٦٥ ح ١ ، و الصفار بطريقين في البصائر : ٤٠٤ ح ٤ ، ٥ .

( ٦ ) هذا تأليف حديثين : الأوّل حديث الصادق عليه السّلام : « نحن ولاة أمر اللّه ، و خزنة علم اللّه ، و عيبة وحي اللّه » أخرجه في صدر حديث الصفار في البصائر : ١٢٥ ح ٨ ، و الكليني في الكافي ١ : ١٩٢ ح ١ . و الثاني حديث : « نحن الراسخون في العلم و نحن نعلم تأويله » أخرجه الكليني في الكافي ١ : ٢١٣ ح ١ ، و الصفار في البصائر : ٢٢٣ ح ٥ عن الصادق عليه السّلام ، و : ٢٢٤ ح ٧ عن الباقر عليه السّلام .

٥٧٨

في إحداهنّ . فأمر له بمائة دينار ، ثمّ أتى الحسين عليه السّلام فسأله ، فقال له مثل مقالة أخيه ، فردّ عليه كما ردّ على الحسن عليه السّلام ، فقال له : كم أعطاك ؟ قال : مائة . فنقّص دينارا كره أن يساوي أخاه ، ثمّ أتى إلى ابن عمر فسأله ، فأعطاه سبعة دنانير ،

و لم يسأله عن شي‏ء ، فقال له : إنّي أتيت الحسن و الحسين عليهما السّلام و اقتصّ كلامهما و فعلهما به ، فقال له عبد اللّه : و يحك ، و أنّى تجعلني مثلهما ، إنّهما غذّيا العلم ١ .

و في ( عقد ابن عبد ربه ) كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان : أكلت لحم الجمل الذي هرب عليه أبوك من المدينة ، و لأغزينك جنودا مائة ألف و مائة ألف . فكتب عبد الملك إلى الحجّاج أن يبعث إلى عليّ بن الحسين ، و يتوعّده و يكتب إليه بما يقول ، ففعل . فقال عليه السّلام : إنّ اللّه عزّ و جل لوحا محفوظا يلحظه كلّ يوم ثلاثمائة لحظة ، ليس منها لحظة إلاّ يحيي فيها و يميت و يعزّ و يذلّ ، و يفعل ما يشاء ، و إنّي لأرجو أن يكفينيك منها بلحظة واحدة . فكتب به الحجّاج إلى عبد الملك بن مروان ، و كتب به عبد الملك إلى ملك الروم ، فلمّا قرأه قال : ما خرج هذا إلاّ من كلام النّبوّة ٢ .

« و موئل حكمه » قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : المعيب على أمير المؤمنين عليه السّلام في شي‏ء من أحكامه كالمعيب على اللّه تعالى و على رسوله ، و الرادّ عليه في صغيرة أو كبيرة على حدّ الشرك باللّه . كان أمير المؤمنين عليه السّلام باب اللّه الذي لا يؤتى إلاّ منه ، و سبيله الذي من سلك بغيره هلك ، و بذلك جرت الأئمّة عليهم السّلام واحدا بعد واحد ، جعلهم اللّه أركان الأرض أن تميد بهم ، و الحجّة البالغة على من فوق الأرض و من تحت الثّرى ٣ .

ـــــــــــــــــ

( ١ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٣ : ١٤٠ .

( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٢ : ٦١ ، و في بعض النسخ « عبد اللّه بن الحسن » بدل « علي بن الحسين » .

( ٣ ) الكافي للكليني ١ : ١٩٦ ضمن الحديث ١ ، و النقل بتصرف .

٥٧٩

« و كهوف كتبه » قال بريّة النصراني الذي أسلم هو و امرأته على يد الكاظم عليه السّلام للصادق عليه السّلام لمّا ابتدأ يقرأ الإنجيل له : أنّى لكم التوراة و الإنجيل و كتب الأنبياء ؟ قال : هي عندنا وراثة من عندهم ، نقرؤها كما قرؤوها و نقولها كما قالوا . إنّ اللّه تعالى لا يجعل حجّة في أرضه يسئل عن شي‏ء فيقول : لا أدري ١ .

و قال الباقر عليه السّلام : إيّانا عنى اللّه تعالى في قوله : . . . قل كفى باللّه شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب ٢ .

و بعث محمّد بن عبد اللّه بن الحسن إلى الصادق عليه السّلام يستدعيه إلى منزله فأبى عليه السّلام ، فضحك محمّد و قال : ما منعه من إتياني إلاّ أنّه ينظر في الصحف .

فقال عليه السّلام : صدق ، إنّي أنظر في الصّحف الاولى . صحف إبراهيم و موسى ٣ . و قال له : سل نفسك و أباك هل ذلك عندكما ؟ فسكت ٤ .

و لمّا قال أبو حنيفة : إنّ علمه في صدره من قياساته ، و أنّ جعفر بن محمّد رجل صحفي . قال عليه السّلام : نعم أنا صحفي عندي صحف إبراهيم و موسى ٥ .

« و جبال دينه » قال أبو بصير للباقر عليه السّلام : إنّ الحكم بن عتيبة يزعم أنّ شهادة ولد الزّنا تجوز . فقال : اللهمّ لا تغفر ذنبه ، ما قال اللّه للحكم : إنّه لذكر

ـــــــــــــــــ

( ١ ) أخرجه الكليني في الكافي ١ : ٢٢٧ ح ١ بفرق يسير ، و الصفار في البصائر : ١٥٦ ح ٤ ، و : ٣٦ ح ٢ ، و الصدوق في التوحيد : ٢٧٥ .

( ٢ ) أخرجه الصفار في البصائر : ٢٣٤ ، ٢٣٦ ح ١٢ ، ٢٠ عن الباقر عليه السّلام ، و هو في المصدر : ٢٣٤ ح ٧ ، و رواه الطبرسي في مجمع البيان ٦ : ٣٠١ عن الصادق عليه السّلام ، و الآية ٤٣ من سورة الرعد .

( ٣ ) الاعلى : ١٨ ١٩ .

( ٤ ) البصائر للصفار : ١٥٨ ح ١٢ ، و النقل بتلخيص .

( ٥ ) علل الشرائع للصدوق : ٨٩ ح ٥ ، و النقل بالمعنى .

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605