الفروع من الكافي الجزء ٣

الفروع من الكافي7%

الفروع من الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 790

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 790 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 184113 / تحميل: 6161
الحجم الحجم الحجم
الفروع من الكافي

الفروع من الكافي الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

بكاءً، كما في سورة الدخان(1) ، روى الفريقان تحقّق هذا الأمر في شهادة الحسين (عليه السلام)، مثل: ابن عساكر في تاريخه في ترجمة سيّد الشهداء (عليه السلام)، حيث ذكرَ جملة من الروايات المُسندة في ذلك عن مشاهدة الدم تحت الأحجار وفوق الحيطان وغير ذلك.

أوجهُ الاعتراض على ظاهرة البكاء والجواب عليها

نذكر بعد ذلك ما يُثار حول ظاهرة البكاء من انتقادات وإشكالات ونتعرّض للجواب عنها بالتفصيل تباعاً، فهناك عدّة نظريات وآراء مخالفة لظاهرة البكاء تعتمد على وجوه عديدة.

الوجه الأوّل: أنّ أدلة وروايات البكاء تشتمل على مضامين لا يقبلها العقل، مثل:(إنّ مَن بكى ودَمعت عيناه بقدر جَناح ذُبابة، غُفر له كلّ ذنوبه) فهذه الروايات - بتعبيرهم - مضمونها إسرائيلي، شبيه لمـَا لدى النصارى من أنّ المسيح قُتل لتُغفر ذنوب أمّته، فهذه الروايات فيها ما يشابه هذا المضمون، أنّ الحسين (عليه السلام) قُتل ليُكفّر عن ذنوب شيعته إلى يوم القيامة، فهي - بزعم هؤلاء - إغراء بالذنوب وإغراء للمعاصي، فلا يمكن العمل بهذه الروايات؛ لأنّ فيها نفس الإغراء الموجود في الفكرة المسيحيّة واليهوديّة، فحينئذٍ مضمون هذه الروايات لا يقبلها العقل ولا يصدّقها، وهو مضمون دخيل كما عبّروا، وهذا الوجه - في الحقيقة - يتألّف من أمرين:

____________________

(1) الدخان: 29.

٣٠١

الأول: ضعفُ سند هذه الروايات.

الثاني: ضعفُ المضمون؛ لاشتماله على هذا الإغراء الباطل.

الجواب: أمّا ضعفُ السند، فقد ذكرنا سابقاً أنّ كتاب بحار الأنوار يتضمّن باب ثواب البكاء على الحسين (عليه السلام)، ويحتوي على خمسين رواية في فضل واستحباب البكاء، وهذه الروايات الخمسون، ممّا جَمعها صاحب البحار هي غير الروايات العشرين التي جَمعها صاحب الوسائل وغير الروايات المتناثرة التي تربو على العشرات في الأبواب الأخرى، فكيف نردّ هذه الروايات؟ وبأيّ ميزان دِرائيّ ورجالي نُشكّك بها؟ فالقول بضعف السند لهذه الروايات ناتج من ضعف الانتباه أو ضعف الحيطة العلميّة؛ لأنّه بأدنى تصفّح في المصادر المعتبرة الحديثيّة تحصل القناعة واليقين بوجود أسانيد كثيرة جدّاً، منها: الصحيح، والموثّق، والمُعتبر، فضلاً عن كونها تصل إلى حدّ الاستفاضة بل التواتر.

وأمّا المضمون، فقد طعنَ عليه غير واحد، حيث قالوا: إنّ ذِكر الثواب في البكاء على الحسين (عليه السلام)، فيه إغراء للناس لارتكاب الذنوب والاتّكاء على البكاء، ويستشهدون على ذلك: بكون كثير من العوامّ يرتكبون المعاصي ويشاركون في نفس الوقت مشاركة فعّالة في الشعائر الحسينيّة ويخدمون ويحضرون المجالس ويبكون، واتّكالاً على هذه المشاركة وتذرّعاً بهذا البكاء فإنّهم يرتكبون ما يروق لهم من المعاصي، فبالتالي يصبح مضمون هذه الشعائر باطلاً.

الجواب عن هذا الإشكال: إنّ مثل هذا المضمون موجود في موارد عديدة في الشريعة، وهي موارد مسلّمة، مثلاً:( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ

٣٠٢

سَيِّئَاتِكُمْ ) (1) ، فهل هذا إغراء بالصغائر، أو:( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) (2) ، هل هذا إغراء بكلّ المعاصي غير الشِّرك؟!

يُضاف إلى ذلك، روايات عديدة أخرى وردت من طرق العامّة والخاصّة في ثواب البكاء من خشية الله، منها:

عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :(مَن خرجَ من عينيه مثل الذُباب من الدمع من خشية الله، آمنهُ الله يوم الفزع الأكبر) (3) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :(مَن بكى على ذنبه حتّى تسيل دموعه على لحيته، حرّم الله ديباجة وجهه على النار) (4) فهل هذا إغراء لارتكاب المعاصي والذنوب؟! وكذلك ورد في ثواب الحجّ والصلاة المفترضة والصوم وغيرها من الثواب العظيم، وغفران الذنوب، بل يمكن الردّ على الإشكال في هذه الموارد بوجوه عديدة:

أوّلاً: الترغيب في نفس العمل، لا أنّه إغراء بالمنافرات والمضادّات.

ثانياً: فتح باب التوبة وعدم اليأس.

ثالثاً: إنّ البكاء من خشية الله؛ إنّما يكون من باب المقتضي للتكفير عن الصغائر أو لغفران الذنب، وليس من باب العلّة التامّة، أي أنّ هناك أموراً وشرائط أخرى لابدّ من توفّرها مع المقتضي، من قبيل: عدم الإصرار على الصغائر، والعزم والتصميم على الإقلاع عن المعصية وغير ذلك، فإذا تمّت جميع هذه المقدّمات

____________________

(1) النساء: 31.

(2) النساء: 48.

(3) روضة الواعظين (الفتال النيسابوري): 452.

(4) المصدر السابق.

٣٠٣

وتوفّر المقتضي فتحصل العلّة التامّة للتكفير أو للمغفرة، لذلك نقول: إنّ هذه الأمور هي من باب المقتضي وليست من باب العلّة التامّة.

ورابعاً: في آية( إِنْ تَجْتَنِبُوا... ) المقصود تكفير الذنوب السابقة وليس الآتية في المستقبل، والذي يرتكب الذنوب في المستقبل قد لا يوفّق إلى مثل هذا التكفير والغفران، وهذا نظير ما وردَ في باب الحج: أنّ مَن حجّ يقال له بعد رجوعه استأنفَ العمل(1)، أو أنّه يرجع كما ولدتهُ أمّه، ويُغفر لمَا سبقَ من ذنوبه، فهذا ليس إغراءً بالجهل وبالذنوب، بل المقصود: أنّ هذه مقتضيات، لا أنّها تُحدّد المصير النهائي والعاقبة النهائيّة.

وقد ورد في مضمون بعض الروايات: مَن مات على الولاية، يَشفع ويُشفّع(2)، لكن مَن يضمن أنّه يموت على الولاية إذا كان يرتكب الذنوب والكبائر، فليست ولاية أهل البيت مُغرية للوقوع في الذنوب والمعاصي.

إذ إنّ ارتكاب المعاصي يُسبّب فقدان أغلى جوهرة وأعظم حبل للنجاة، وهو العقيدة، ويؤدّي إلى ضياع الإيمان، حيث قال تعإلى:( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ

____________________

(1) بحار الأنوار 99: 315 / 6؛ وكذلك في تفسير القمّي 1: 70؛ واللفظ للأخير: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال:(إنّ العبد المؤمن حين يخرج من بيته حاجّاً، لا يخطو خطوة ولا تخطو به راحلته إلاّ كُتب له بها حسنة، ومُحيَ عنه سيّئة، ورُفع له بها درجة، فإذا وقفَ بعرفات فلو كانت له ذنوب عدد الثرى رجعَ كما ولدتهُ أُمّه، فقال له: استأنِف العمل..) .

(2) ورد في بحار الأنوار 8: 30 عدّة روايات بهذا المضمون منها: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :(إنّي أشفعُ يوم القيامة فأُشفّع، ويشفع عليّ فيُشفّع، ويشفع أهل بيتي فيُشفّعون، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفَع في أربعين من إخوانه كلّ قد استوجبوا النار) .

٣٠٤

أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ) (1) ، حيث إنّ مجموع الدين يُعتبر كتلة واحدة، ولا ننظر إلى الدين من جهة دون أخرى، وإذا كان تمام الأدلّة الدينيّة يشير إلى أنّ ارتكاب المعاصي والإصرار عليها يؤدّي إلى فقدان الإيمان والمآل إلى سوء العاقبة - والعياذ بالله - فليس فيها جانب إغراء، بل فيها إشارة إلى جهة معيّنة، وهي: أنّها تُخلّص الإنسان وتنقذه من حضيض المعاصي والرذائل، وتعرج به إلى سموّ الفضائل وجادّة الصواب والصراط المستقيم.

فإنّ التفاعل العاطفي مع أحداث عاشوراء ليس يُنفّر من أعداء أهل البيت (عليهم السلام) فقط، بل هو أيضاً ينفّر من السلوكيّات المنحرفة المبتلى بها، وتتولّد في أعماق الشخص المتأثّر حالة تأنيب الضمير لذلك، فهو يُجسّد في نفسه الصراع والجهاد، فإذا عَرضت له أشكال من المعصية كأنّما يتحرّك عنده هاجس الحرارة الحسينيّة، وينشأ في روحه جانب تأنيب الضمير، فهذا نوع من الانجذاب القلبي والعزم الإرادي نحو الصراط المستقيم.

وليس مفاد الروايات: أنّ مَن بكى على الحسين فلهُ الضمان في حسن العاقبة، وله النتيجة النهائيّة في الصلاح والفلاح، ليس مفادها ذلك؛ إنّما مفاد الروايات: مَن بكى على الحسين غُفرت له ذنوبه، مثل أثر فريضة الحجّ، وغفران الذنوب مشروط - كما يقال - بالموافاة، والموافاة: اصطلاح كلامي وروائي، أي أن يوافي الإنسان خاتمة أجره بحُسن العاقبة، وإلاّ فمعَ سوء العاقبة - والعياذ بالله - ترجع عليه السيئات وتُحبط الحسنات ولا تُكتب له.

____________________

(1) الروم: 10.

٣٠٥

فليس في منطق هذه الروايات إغراء بالمعاصي، وليست هي كعقيدة النصارى بأنّ المسيح قد قُتل ليُغفر للنصارى جميعاً، حتّى وإن عملوا المعاصي والكبائر وأنواع الظلم والعدوان، ولا كعقيدة اليهود الذين قالوا إنّ عزيراً أو غيره له هذه القابليّة على محو المعاصي والكبائر عن قومه.

وإلاّ لأُشكلَ علينا أنّ قرآننا توجد فيه إسرائيليّات، فمنطق الآية:( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ ...) يختلف عن ذاك المنطق الذي ينادي به النصارى، أولئك يقولون: نعمل ما نشاء والعاقبة ستُختم لنا بالحسنى، فأين هذا عن المعنى الذي نحن بصدده؟

مضمون أن يُغفر له ولو كان كزبد البحر، مخالفٌ غير ذلك المعنى أصلاً، بل فيه نوع من إدانة المذنبين، إضافةً إلى فتح باب الأمل وعدم القنوط وعدم اليأس، بل الأمل بروح الله أن ينجذب الإنسان إلى الصراط المستقيم وجانب الطاعات، ولا يقع في طريق المعاصي ويتخبّط في الذنوب.

الوجهُ الثاني: سلّمنا بكون هذه الروايات المشتملة على البكاء تامّة سنداً ومتناً ومضموناً، لكن مضمونها غير أبدي، وليس بدائم، مضمونها هو الحثّ على البكاء في فترة الأئمّة (عليهم السلام)، وهي فترة وحقبة التقيّة، حيث كان الأسلوب الوحيد لإبراز المعارضة والاستنكار للظلم وإبراز التضامن مع أهل البيت (عليهم السلام) هو البكاء، أمّا في يومنا هذا، فالشيعة - ولله الحمد - يعيشون في جوّ من الحريّة النسبيّة، فليست هذه الوسيلة صحيحة.

كان الهدف من تشريع هذه الوسيلة والحثّ عليها هو: حصول غرض معيّن، وهو إبراز التضامن مع أهل البيت (عليهم السلام)، أو التولّي لأهل البيت، وإظهار الاستنكار

٣٠٦

والتبرّي من أعدائهم والمعارضة لخطّهم، باعتبار أنّ الظرف كان ظرف تقيّة، كانت الأفواه مكمّمة، وكانت النفوس في معرض الخطر من الظالم، فقد يكون البكاء هو الأسلوب الوحيد آنذاك، أمّا في أيّامنا هذه - وقد زال الخوف - فهذا ليس بالأسلوب الصحيح.

أمّا الآن فقد انتفت الغاية منها، فتكون أشبه بالقضيّة الخارجيّة الظرفيّة، لا القضيّة الحقيقيّة العامّة الدائمة.

الجواب: فنقول: أمّا كونه أحد الغايات للبكاء فتام، لكن ليس هو تمام غاية البكاء، بل هو أحد الغايات والسُبل لإظهار الظلامة، هذا أوّلاً، وثانياً: ما الموجب لكون هذه الغاية غير قابلة للتحقّق، بل هي مستمرة قابلة للتحقّق؛ لأنّ البكاء نوع من السلوك التربوي لإثارة وجدان أبناء الفِرق الأخرى من المسلمين ومن غير المسلمين، وإلاّ لو حاولت - إظهار النفرة لظالمي أهل البيت والتبرّي من أعداء الدين الذين قادوا التحريف والانحراف في الأمّة الإسلاميّة - بمجرد كلمات فكريّة أو إدراكيّة يكون الأسلوب غير ناجح وغير نافع، وقد يُسبِّب ردّة فعل سلبيّة عندهم، أمّا أسلوب العاطفة الصادقة فهو أكثر إثارة، وأنجح علاجاً لهداية الآخرين، لمَا مرّ من أنّ الطبيعة الإنسانيّة مركّبة من نَمطين جِبلييّن: نَظري إدراكي، وعَملي انفعالي.

والغاية ليست منحصرة في ذلك، بل هناك عِلل كثيرة - كما سنقرأ من الروايات في ختام بحث البكاء - وحصر علّة البكاء بهذه العلّة غير صحيح.

اعتراض: أمّا ما يقال: بأنّ الحسين (عليه السلام) قد منعَ الفواطم أو العقائل من شقّ الجيوب، وخَمش الوجوه، ونهاهنّ عن البكاء، فهذا النهي في الواقع مُغيّى

٣٠٧

ومُعلّل، عندما أخبرَ الحسين (عليه السلام) زينب العقيلة (عليها السلام) بأنّه راحل عن قريب، لطمَت وجهها وصاحت وبكت، فقال لها الحسين (عليه السلام):(مَهلاً لا تُشمِتي القوم بنا) (1) .

حذّرها شماتة الأعداء قبل انتهاء الحرب وقبل حلول الفادحة والمصيبة العظمى؛ لأنّه يُسبّب نوعاً من الضعف النفسي في معسكر الحسين (عليه السلام)، أمّا إخماد الجزع بعد شهادته (عليه السلام)، أو إخماد الوَلولة وكَبت شِدّة الحُزن فهي نوع من إخماد وإسكات لصوت نهضة الحسين (عليه السلام)، وحدٌّ من وصول ظلامته إلى أسماع العالَم بأسره، وكلّ مستقرئ يرى أنّ الذي أوصلَ صوت الحسين (عليه السلام) إلى العالَم، وأنجحَ نهضته إلى اليوم وإلى يوم القيامة هم السبايا ومواقف العقيلة (عليها السلام) وخطبها، وخُطب السجّاد (عليه السلام) في المواضع المختلفة من مشاهد السبي لأهل البيت (عليهم السلام)(2) .

والسرّ واضح؛ لأنّه حينما تكون حالة هياج وحالة احتراق للخيام وتشرّد وهيام الأطفال واليتامى، فالظرف هنا ليس ظرف جزع ولا ظرف إظهار الندبة، بل هو ظرف حزم الأمور وقوّة الجَنان، ومحاولة الإبقاء على البقيّة الباقية من أهل البيت (عليهم السلام).

____________________

(1) اللهوف في قتلى الطفوف (السيّد ابن طاووس): 55؛ بحار الأنوار 44: 391 / 2.

(2) وهناك نهي آخر عن الحسين لسكينة بالخصوص مُغيّى أيضاً بقتله، كما يظهر من الأبيات المنسوبة له (عليه السلام) حين توديع ابنته سكينة:

سيطولُ بعدي يا سُكينة فاعلَمي منكِ البكاء إذا الحِمام دَهاني

لا تُحرقي قلبي بدمعك حسرةً مادام مني الروح في جثماني

وإذا قُتلتُ فأنتِ أولى بالذي تأتينهُ يا خيرة النِسوان

مناقب آل أبي طالب (ابن شهر آشوب) 3: 257.

٣٠٨

الجواب: ليس من المعقول أن تبدو في الإنسان ظاهرة عاطفيّة انفعاليّة من دون أن تكون وليدة لإدراك معيّن، ولا ناشئة عن فهم معلومة ما.

وأصلاً؛ فإنّ التفكيك بين الانفعال والتأثّر العاطفي من جهة، وبين الإحساس والإدراك لأمرٍ ما من جهةٍ أخرى غير ممكن، بل البكاء - كما بيّنا فيما سبق موضوعاً وحكماً، سواءً بالحكم العقلي أو النقلي - هو نوع من الإخبات للمعلومة الحقيقيّة، وشدّة التأثّر بها، وشدّة الإذعان والمتابعة لها، فلو أنّ الإنسان ذكرَ معلومة من المعلومات الحقيقيّة المؤلمة ولم يتأثّر بها، فهذا يعني أنّه لم يشتدّ إذعانه لها، ولم يُرتّب عليها آثار المعلومة الحقيقيّة، بخلاف ما لو تأثّر بها بأيّ نوع من التأثّر، فهذا يدلّ على شدّة إيقانه بتلك الحقيقة.

ومن غير الممكن أن توجد ظاهر البكاء في الجناح العملي في النفس وكفعل نفساني، من دون أن يكون هناك إدراك ما، فكيف إذا كان إدراك حرمان ذروة التكامل في المعصوم، وشدّة الحسرة على فقدان تلك الكمالات البشريّة، ومن ثَمّ شدّة التلهّف للاقتداء والانجذاب إلى ذلك الكمال والمثل الأعلى، فسوف يتأثّر الإنسان بشدّة وينفعل بدرجة عالية، هذا أدنى ما يمكن أن يتصوّر.

وهذا التفاعل: إنّما هو انجذاب النفس إلى الكمالات الموجودة المطويّة في شخصيّة المعصوم؛ وإنّما التأثّر به والقرب منه يُعدّ من أسمى الفضائل، ويُعتبر نفرة عن الرذائل.

فالفضائل كلّها مجتمعة في الذات المطهّرة لسيّد الشهداء (عليه السلام)، والبراءة من أعدائه ومناوئيه تُعتبر نفرة من الرذائل والآثام المجتمعة في أعداء أهل البيت (عليهم السلام).

٣٠٩

وهذه أقلّ حصيلة يمكن أن تُتصوّر في البكاء، حيث إنّ أدنى مرتبة من مراتب مجلس الرثاء والتعزية هي نفس هذا المقدار أيضاً، وهو في الواقع أمر عظيم ينبغي عدم الاستهانة به، حيث يولِّد الانجذاب نحو الفضائل، والنفرة والارتداع عن الرذائل، وهل المقصود من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير هذا؟ وهل الغاية في نشر الدين وتبليغ الرسالة إلاّ انتشال الفرد من مستنقع الرذائل والصعود به إلى سموّ الفضائل.

هذا أدنى حصيلة عمليّة تنشأ من البكاء، فهو نوع من المجاوبة والتفاعل لا الجمود والخمول، ولا الحياديّة السلبيّة.

فربّما يواجه الإنسان فضيلةً وتُعرض عليه رذيلةً، فيظلّ مرتاباً متردّداً، ومتربّصاً في نفسه لا يحسم الموقف:( وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ ) (1) ، فيضلّ يعيش فترة حياديّة مع نفسه، لا هو ينجذب للفضائل، ولا يتأثّر بالرذائل، يعني تسيطر على نفسه حالة تربّص، وهذه حالة التربّص قد ذمّها القرآن الكريم، وهي مرغوب عنها في علم الأخلاق وعلم السير والسلوك؛ لأنّ نفس التوقّف هو تسافل ودركات، أمّا الانجذاب نحو الفضائل فيُعتبر نوعاً من التفاعل السليم.

فالبكاء يعني التأثّر والانجذاب والإقرار والإذعان، وبالتالي التبعيّة.

بخلاف ما لو لم يبكِ الإنسان ولم يتفاعل، بل يكون موقفه التفرّج والحياديّة، وشتّان بين الحالتين!

أضف إلى ذلك: أنّ في البكاء نوعاً من التولّي، حيث إنّ البكاء يدلّ على

____________________

(1) الحديد: 14.

٣١٠

فإذاً، ظرف المرحلة بخصوصها هي جنبة ضبط وتدبير وحزم، وليس من الصحيح إظهار المآتم والعزاء في ذلك الظرف، فمن ثَمّ فإنّ أمره (عليه السلام) مختصّ بذلك الظرف، وهو نوع من التدبير والحكمة منه (عليه السلام)، ولابدّ من لمّ الشَمل وجمع الشِتات للأرامل واليتامى، وإنّ ذلك الظرف ليس ظرف بكاء ورثاء ولا محل لإظهار المصيبة.

خلاصة القول: في مقام الإجابة على الانتقادات والاعتراضات السابقة: أنّ ما ذُكر في العلوم التخصصيّة في حقيقة البكاء من جهة البحث الموضوعي، هو أنّ هناك شرطان لرجحان البكاء هما: أن يكون البكاء وليداً لمعلومة ولإدراك حقيقي، وأن يكون لغاية حقيقيّة وهادفة إيجابيّة، فيكون من سنخ الانفعالات الكماليّة الممدوحة للنفس بلا ريب، وهو كذلك ممدوح في لغة القرآن ولغة النصوص الشرعيّة، وخَلصنا إلى أنّ البكاء هو نوع من التفاعل الجدّي والفعلي مع الحقيقة.

وبعبارةٍ أخرى: أنّ إعطاء السامع، أو القارئ، أو المُشاهد، أو المُوالي فكرة إدراكيّة بحتة غير مثمر بمفرده، وإنّ البكاء بمنزلة إمضاء مُحرّك للسير على تلك الفكرة، أو ما يعبّر عنه: بحصول إرادة جدّيّة عازمة فعليّة للمعنى.

فالبكاء إذا ولّدَ حضور الفكرة، العِبرة إذا تعقّبت العَبرة حينئذٍ يكون نوع من التفاعل الشديد والإيمان الأكيد بالفكرة والعِبرة.

ويُعتبر ذلك نوعاً من التسجيل المؤكَّد لتفاعل الباكي وإيمانه واختياره لمسيرة تلك العِبرة.

الوجهُ الثالث: الذي يُذكر للنقض على البكاء: أن لو سلّمنا أنّنا قَبلنا بأمر البكاء في الجملة، ولكنّ استمرار البكاء على نحو سنوي، أو راتب شهري، أو

٣١١

أسبوعي بشكلٍ دائم يولِّد حالة وانطباعاً عن الشيعة والموالين لأهل البيت (عليهم السلام)، بأنّ هؤلاء أصحاب أحقاد وضغون، وإنّهم يحملون العُقد، واستمرارهم بالبكاء واجترارهم له يدلّ على أنّهم عَديمي الأمل فهذه ظاهرة سلبيّة انهزاميّة تكشف عن عُقد روحيّة، وكبت نفسي دَفين، فبدل أن يَقدموا على أعمال وبرامج ومراحل لبناء مذهبهم ولبناء أنفسهم ليخرجوا من حالة المظلوميّة إلى حالة قيادة أنفسهم والغلبة على مَن ظلمهم، فإنّهم يبقون على حالة الانتكاس والتراجع، وهذه الحالة يمكن أن نسمّيها الحالة الروحيّة الشاذّة، هي حالة توجِد خَللاً في الاتّزان الروحي (كما في علم النفس وعلم الاجتماع)، فالبكاء حيث إنّه في علم النفس ليس بحالة اتّزان روحي؛ وإنّما حالة اختلال فكري لا نستطيع معهما أن نهتدي السبيل، بل نحن عديمو الأمل، لدينا حالة كبت، وهذه الأوصاف هي أوصاف مَرضيّة وليست أوصاف روحيّة سليمة.

فحينئذٍ يكون الإبقاء على مثل هذه الظاهرة إبقاءً على حالة مرضيّة بإجماع العلوم الإنسانيّة التجريبيّة الحديثة، ولمّا كانت هذه الظاهرة المرضيّة تتشعّب إلى أمراض روحيّة أو فكريّة أو نفسيّة عديدة، فمن اللازم الابتعاد عنها ونبذها جانباً.

فملخّص الاعتراض في هذا الوجه الثالث: هو كون البكاء عبارة عن مجموعة من العُقد النفسيّة، وهو يوجِب انعكاس حالة مرضيّة روحيّة لأفراد المذهب وأبناء الطائفة.

الجواب: فنقول: على ضوء ما ذكرنا سابقاً من كلمات علماء النفس

٣١٢

والاجتماع والفلسفة: بأنّ الفطرة الإنسانيّة السليمة التي هي باقية على حالها لابدّ لها من التأثّر والتفاعل، أمّا التي لا تتأثّر بالأمور المحرِّكة للعاطفة تكون ممسوخة، إذ فيها جناح واحد فقط وهو جناح الإدراك، أمّا جناح العمل فإنّه مُنعدم فيها، كما هو الفرق بين المجتمعات الغربيّة والمجتمعات الشرقيّة.

فعلى عكس زعم المُعترض، تكون هذه حالة صحيحة وسليمة وليست حالة مرضيّة، ولا حالة عُقد، بل ذكرنا أنّ العُقد إنّما تجتمع فيمن لا يكون له متنفّس للانفعال، يعني أنّ الذي لا ينفعل، والذي لا يظهر انفعاله إزاء المعلومات الحقيقيّة التي تصيبه والذي يكبت ردود الفعل الطبيعيّة للحوادث سوف تتكدّس عنده الصدَمات إلى أن تصبح عُقد وتناقضات، وإلى أن تنفجر يوماً ما، وربّما تظهر لديه حالات شاذّة من قبيل: سوء الظن بالآخرين، أو اتّخاذ موقف العَداء لجميع مَن حوله.

والشخصيّات المعروفة في المجتمعات البشريّة - بعد استقراء أحوالهم وأطوارهم - نجدها تتمتّع بهذه الصفة الأساسيّة في النفس، فالذي لا يُبدي العواطف الإنسانيّة الصادقة، ولا تظهر أشكالها عليه، سوف يجتمع في خفايا نفسه ركام من الحقد وأكوام من العُقد، حيث إنّ الإنسان لا يخلو من جانب العاطفة، والاستجابة للعاطفة أمرٌ ثابت ناشئ ومتولّد عن الظاهرة العمليّة والوجدانيّة والضميريّة من الإدراك الحقيقي.

فإذا لم تحصل هذه الاستجابة فلابدّ من وجود اختلال في توازن الإنسان.

لذلك نجد أنّ المنطق القرآني والإرشادات من السنّة النبويّة الشريفة والسيرة العلويّة الكريمة، كلّها تُقرّر هذه الموازنة والتعادل بين جميع قوى النفس دون أن

٣١٣

يتمّ ترجيح جانبٍ للنفس دون جانب آخر.

فإذاً، المنطق المتعادل والمتوازن هو كون نفس الإنسان في حالة من التجاذب والتأثير والتأثّر بين أجنحتها المختلفة.

الوجهُ الرابع: أنّ البكاء ظاهرة تُنافي الصبر المرغوب فيه، ولا تنسجم مع الاستعانة بالله عزّ وجل، كما في سورة البقرة( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (1) فالبكاء منافٍ للصبر والتحمّل ومُناقض للاستعانة بالله سبحانه.

الجواب: أمّا الجواب لمَا قيل من وجوب الصبر والتحمّل عند نزول المصيبة كما في الآية الشريفة:( الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ( 156 ) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ) (2) .

فنقول: كيف يتّفق هذا مع بكاء يعقوب على يوسف حتّى ابيضّت عيناه، هل هذا خلاف الصبر؟ أو بكاء السجّاد على أبيه سيّد الشهداء (عليه السلام) والأوامر التي بَلغت حدّ التواتر، الواردة في ثواب البكاء على الحسين (عليه السلام) إلى ظهور المهدي (عجّل الله فرجه) بل في بعضها إلى يوم القيامة.

فهل يتنافى ذلك كلّه مع الصبر؟ كلاّ.

وقد وردَ عن الصادق (عليه السلام):(إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جَزع ما خلا البكاء على الحسين بن عليّ (عليه السلام)؛ فإنّه فيه مأجور) (3) ، هذا ليس استثناءً

____________________

(1) البقرة: 156 - 157.

(2) البقرة: 156 - 157.

(3) بحار الأنوار 44: 291 / 32. راجع روايات الجزع ص: 312 من هذا الكتاب.

٣١٤

متّصلاً، بل هو استثناء منقطع؛ لأنّ الجزع نوع اعتراض على تقدير الله ويُعتبر حالة من الانهيار والتذمّر والانكسار، أمّا في الجزع على الحسين فليس اعتراضاً على قضاء الله وقدره، بل هو - بالعكس - نوع من الاعتراض على ما فعله أعداء الله، ولا يُعدّ انهياراً أو انكساراً، بل هو ذروة الإرادة للتخلّق والاتّصاف بالفضائل، وشَحذ الهِمم للانتقام من الظالمين، والاستعداد لنصرة أئمّة الدين والتهيئة لظهور الإمام الحجّة المنتظر (عجّل الله فرجه).

فقد يقال: أليس الحالة التي يندب إليها الشرع والقرآن عند المصيبة هي الصبر وقول:( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ) ، فلا موضع للبكاء، بل البكاء يخالف الخُلق القرآني والتوصية الشرعيّة في ذلك، ونرى أنّ القرآن حين يستعرض لنا بأنّ الصبر هو الموقف الإيجابي عند البلاء والمصيبة، وفي نفس الوقت يستعرض لنا القرآن أمثولة نموذجيّة وهي: نبيّ الله يعقوب، يستعرض فعله بمديح وثناء لا انتقاصَ فيه، مضافاً إلى ما وردَ عن الصادق (عليه السلام).

ينحلّ هذا التضاد البدوي بأدنى تأمّل؛ وذلك بالبحث عن سبب كراهة الجزع، أو عن سبب إيجابيّة الصبر في المصائب، باعتبار أنّ الجزع مردّه إلى كراهة قضاء الله وقدره، ومآله إلى الانهيار أو الانكسار مثلاً، ولا ريبَ هذا أمر سلبيّ وغير إيجابي؛ لأنّه من الضعف وعدم الصمود والطيش، وعدم رباطة الجأش، وعدم الرضا بقضاء الله سبحانه وتعإلى وقدره، أو مردّه إلى الاعتراض على الله - والعياذ بالله - أو كراهة ما قضى الله سبحانه، ولذلك لو كان الصبر في موضع آخر لمَا كان الصبر ممدوحاً، مثلاً: صبر المسلمين مقابل كيد الكافرين ليس موضع صبر؛ لأنّ اللازم عليهم الردّ وحفظ عزّتهم لو كان لهم عدد وعدّة ومع

٣١٥

توفّر الشروط الموضوعيّة للقتال، كما في تعبير الآيات القرآنية مثل:( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ) (1) .

فالصبر ثمّة ليس في محلّه، ومثله تعبير أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة:(رَوّوا السيوف من الدماء، تَرووا من الماء) (2) ، و(ما غُزي قومٌ في عُقر دارهم إلاّ ذلّوا) (3) ، فيتبيّن أنّ الصبر ليس راجحاً في كلّ مورد، بل الصبر بلحاظ ظرفه وجهته يكون ممدوحاً أو حسناً، وإلاّ قد يكون خلاف ذلك، فمن ثَمّ قد يكون إيجابيّاً و سلبيّاً فلابدّ أن يُقسّم الصبر إلى: مذموم، ومحمود.

ومثلُ ما في قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي (عليه السلام):(أبشِر فإنّ الشهادة من وراءك، فكيف صبرك إذاً، فقلتُ: يا رسول الله، ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر..) (4) .

أي هذا موضع إبراز الشكر لله، لا موضع السكوت والتحمّل والصبر، نعم، هو مقابل اصطدام البليّة يكون صبراً، أمّا في مقابل تقدير الله، ليس عليك فقط أن تصبر، بل عليك الشكر والرضا بقضائه وقدره.

فالصبر درجة، أمّا الشكر لله سبحانه والرضا بقضائه وقدره فهو أرقى وأسمى.

الصبر وتحمّل المصيبة يمثّل درجة، أمّا الإحساس بعذوبة تقديره سبحانه

____________________

(1) البقرة: 193.

(2) نهج البلاغة 3: 244.

(3) نهج البلاغة 2: 74.

(4) شرح نهج البلاغة 9: 305.

٣١٦

وبحلاوة قضائه فيجسّد درجة أرقى، فتكون مورداً للرضا وللشكر، وهذه الحالة لا تُنافي الصبر بل تزيد عليه فضيلة، كذلك في موارد التشوّق إلى ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث وردَ على لسان الأئمّة (عليهم السلام) أنّهم يَعدّون خسران وفقدان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مصيبة عُظمى، وتعبيرهم (عليهم السلام):(لم يُصب أحد فيما يُصاب، كما يُصاب بفقد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى يوم القيامة، فهي أعظم مصيبة) .

إذا كان الصبر معناه الحمد لله سبحانه على قضائه وقدره، فهذا صحيح وفي محلّه، لكن ليس معنى ذلك استلزامه عدم إبراز الأحاسيس، وعدم حصول التشوّق والعاطفة الصادقة التي هي وليدة الانجذاب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بل ههنا عدم إظهار ذلك غير محمود، الإظهار هو نوع من الفضيلة زائدة على الصبر، لا أنّ هذا الإظهار ينافي الصبر.

وفي مصحّحة معاوية بن وهب:(كلّ الجَزع والبكاء مكروه ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين (عليه السلام)) (1) .

وفي رواية علي بن أبي حمزة:(إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جَزع، ما خلا البكاء على الحسين بن عليّ (عليه السلام) فإنّه فيه مأجور) (2) .

وفي صحيح معاوية بن وهب الآخر، المروي بعدّة طُرق عن أبي عبد الله (عليه السلام):(وارحَم تلك الأعين التي جَرت دموعها رحمةً لنا، وارحَم تلك

____________________

(1) وسائل الشيعة 14: 505 أبواب المزار - باب 66 استحباب البكاء لقتل الحسين وما أصاب أهل البيت (عليهم السلام).

(2) وسائل الشيعة 14: 507 أبواب المزار باب 66، ح13.

٣١٧

القلوب التي جَزعت واحترَقت لنا، وارحَم الصرخة التي كانت لنا) (1) .

الجَزع: بمعنى الانكسار، ولكنّه هنا ليس انكساراً، وليس بجزع بحقيقته، نعم، جزع من ظلم الأعداء وجزع من رذائل الأداء، وهذا جزع محمود وليس جزعاً مذموماً، باعتبار أنّه نوع من التشوّق الشديد لسيّد الشهداء (عليه السلام)، كما رواه الشيخ في أماليه بسنده عن عائشة، قالت: لمّا مات إبراهيم بكى النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى جَرت دموعه على لحيته، فقيل: يا رسول الله، تنهى عن البكاء وأنت تبكي؟!

فقال:(ليس هذا بكاء؛ وإنّما هذه رحمة، ومَن لا يَرحم لا يُرحم) (2) .

والسرّ في ذلك: هو أنّ أيّ فضيلة من الفضائل التي هي مربوطة بالخلق الإلهي، أو بالآداب الإلهيّة، أو بكلمات الله، كنماذج مجسّمة في المعصومين (عليهم السلام)، فعدم التفاعل الشديد معها ومع هذا الخلق ومع تلك الآداب، يُعتبر أمراً غير محمود بل مذموماً، فلابدّ من الانجذاب والتولّي والمتابعة والمودّة لهم، وهذا التشوّق ليس بالمذموم بل محمود وحسن، ليس هو من الجزع المذموم، والتشكّي ليس فيه اعتراض على الله، بل هو اعتراض واستنكار على الظلم والظالمين ونبذ للرذيلة وأصحابها، كما في جواب العقيلة (عليها السلام) حينما دخلت في الكوفة إلى مجلس عبيد الله بن زياد، وتوجّه إليها وقال: كيف رأيتِ صُنعَ الله بكِ وبأهل بيتكِ، قالت: (ما رأيتُ إلاّ جميلاً)(3) .

في حين أنّها تُبدي استنكارها من عُظم الفجيعة، وقد أحاطتها هالة من

____________________

(1) وسائل الشيعة 14: 412 أبواب المزار باب 37، ح7.

(2) وسائل الشيعة 3: 282 أبواب الدفن باب 88، ح 8.

(3) بحار الأنوار: 45: 116.

٣١٨

الحُزن والأسى.

الوجهُ الخامس: أنّ التمادي في الشعائر الحسينيّة، وفي البكاء يسبِّب طغيان حالة الانفعال والعاطفة على حالة التعقّل والتدبّر والتريّث والاقتباس من المُعطيات السامية لنهضته (عليه الصلاة والسلام)، والحالة العاطفيّة ليست حالة عقلائيّة، بل هي حالة هيجان واضطراب نفسي، وهذا خلاف ما هو الغاية والغرض من الشعائر الحسينيّة، حيث إنّ الغاية والغرض والهدف منها هو: الاتّعاظ والاعتبار من المواقف النبيلة في نهضته (عليه السلام)، والاقتباس من أنوار سيرته، وليس حصول حالة هيجان عاطفي وحماسي فقط من دون تدبّر ورَويّة.

فإذاً، سوف تطغى الحالة العاطفيّة على الحالة العقلائيّة، والحال أنّ المطلوب من الشعائر: هو التذكير بالمعاني الدينيّة والمبادئ الدينيّة، وأخذ العِبر والعِظات التي ضحّى سيّد الشهداء (عليه السلام) من أجلها، وحالة البكاء والهيجان خلاف ذلك، فبدلَ استلهام الدروس والعِبر تُستبدل بحالة عاطفيّة!

وربّما ترجع هذه الإشكالات بعضها إلى البعض الآخر، وإن اختلفت عناوينها.

وبعبارةٍ أخرى: أنّ التمادي في البكاء يُسبّب طغيان حالة الانفعال والعاطفة على حالة التعقّل والتدبّر، فالبكاء ليس فيه تفاعل إيجابي مع أغراض وغايات الشعائر الحسينيّة، وإنّه نوع من إخلاء الشعائر الحسينيّة عن محتواها وتفريغها عن مضمونها.

فالبكاء: صِرف تأثّر عاطفي من دون إدراك مضامين النهضة الحسينيّة، أو من دون إدراك أغراض وغايات وأهداف النهضة الحسينيّة.

٣١٩

الحبّ، وهل التولّي إلاّ الحبّ؟ وهل هناك مصداق للحبّ أوضح وأصدق من البكاء على مصابهم؟ والحُزن لحزنهم؟ والنفرة من أعدائهم؟ وبعبارةٍ أخرى: لو لم يكن للبكاء إلاّ هذا القدر من الفائدة لكفى، فهو نوع من المحافظة على جذور وأسس رُكني العقيدة المقدّسة الشريفة، ألا وهما التولّي لأولياء الله سبحانه والتبرّي من أعدائه وأعدائهم.

نعم، لابدّ فيه من إعطاء حقّ جانب الإدراك، مثل: لابُدّية إعطاء جانب العاطفة حقّها، دون أن يطغى أحد الجانبين على الآخر، كما يظهر من الروايات أنّ هناك دعوة إلى البكاء، كذلك هناك ورايات للتدبّر والتأسي بأفعالهم (عليهم السلام) والاقتداء بسيرتهم:(... ألا وإنّ لكلّ مأمومٍ إماماً يقتدي به، ويستضيء بنور علمه...) (1) ، هذا ضمن مضامين متواترة من الآيات والروايات، التي لا يتمّ الاقتداء والتأسّي إلاّ بعد استخلاص العِبر وتحليلها والتدبّر بها.

ومع ذلك، فإنّ البكاء بأيّ درجة كان وبأيّ شكل حصل - سواء في نثر، أو شعر، أو خطابة - لا يمكن فرضه إلاّ مع فرض تقارنه مع معلومة معيّنة ينطوي ضمنها، فهو يمتزج بنحو الإجمال مع تلك الحقائق الإدراكيّة، ولا يمكن فرض البكاء من دون حصول العِظة والعِبرة ولو بنحو الإجمال؛ لأنّنا نفرض أنّ الحالة العاطفيّة هي دوماً معلولة لجانب إدراكي.

الوجهُ السادس: البكاء في الواقع يُستخدم كسلاح ضدّ النفس، والحال أنّ ما يمتلكه الإنسان من طاقة مملوءة ومخزونة يجب أن يوجّهها ضدّ العدو، أو يوظّفها في الإثارة نحو السلوك العملي والبرنامج التطبيقي، بينما هذه الشحنة التي امتلأ

____________________

(1) شرح نهج البلاغة 16: 205.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

تَعْلَمُوا مَا هُوَ(١) ».(٢)

٢٠٣٧/ ١٠. عَنْهُ(٣) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجْرَانَ ، عَنْ أَبِي جَمِيلَةَ - الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ - عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَقُولُوا لِلنّاسِ حُسْناً ) : قَالَ : « قُولُوا لِلنَّاسِ أَحْسَنَ مَا تُحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ فِيكُمْ(٤) ».(٥)

٢٠٣٨/ ١١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبَلَةَ ، عَنْ رَجُلٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ(٦) فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ ) (٧) قَالَ : « نَفَّاعاً ».(٨)

٧١ - بَابُ إِجْلَالِ الْكَبِيرِ‌

٢٠٣٩/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ :

__________________

(١). فيالوافي : « يعني لاتقولوا لهم إلّاخيراً ما تعلمون فيهم الخير وما لم تعلموا فيهم الخير ، فأمّا إذا علمتم أنّه لاخير فيهم وانكشف لكم عن سوء ضمائرهم بحيث لاتبقى لكم مرية ، فلا عليكم أن لاتقولوا خيراً. و « ما » تحتمل الموصوليّة والاستفهام والنفي ».

(٢).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٧ ، ح ٢٥٢٧ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٤٠ ، ح ٢١٧١٠ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٤٠ ، ح ١٢٤.

(٣). في « ف » : « وعنه ». والضمير راجع إلى أحمد بن محمّد بن خالد.

(٤). في تفسير العيّاشي والأمالي وتحف العقول : « لكم ».

(٥).الأمالي للصدوق ، ص ٢٥٤ ، المجلس ٤٤ ، ح ٤ ، عن محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عليّ بن الحكم ، عن المفضّل ، عن جابر.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٤٨ ، ح ٦٣ ، عن جابر.تحف العقول ، ص ٣٠٠ ، من قوله : « قولوا للناس أحسن » ، وفي كلّها مع زيادة في آخرهالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٧ ، ح ٢٥٢٨ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٤١ ، ح ٢١٧١١ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٤١ ، ح ١٢٥.

(٦). في الوسائل ومعاني الأخبار : - « قال ».

(٧). مريم (١٩) : ٣١.

(٨).تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٥٠ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ٢١٢ ، ح ١ ، بسند آخر عن يعقوب بن يزيد ، عن يحيى بن المباركالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٨ ، ح ٢٥٢٩ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٤٢ ، ح ٢١٧١٤ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٤١ ، ح ١٢٦.

٤٢١

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مِنْ إِجْلَالِ اللهِ إِجْلَالُ(١) ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ ».(٢)

٢٠٤٠/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا(٣) ، وَيَرْحَمْ(٤) صَغِيرَنَا(٥) ».(٦)

٢٠٤١/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبَانٍ(٧) ، عَنِ‌

__________________

(١). في « ز » : + « الكبير ».

(٢).الكافى ، كتاب العشرة ، باب وجوب إجلال ذي الشيبة المسلم ، ح ٣٧٠٦ و ٣٧١٠ و ٣٧١١ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٦٩٩ ، المجلس ٣٩ ، ح ٣٥ ، بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، من دون الإسناد إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .وفيه ، ص ٣١١ ، المجلس ١١ ، ح ٧٨ ، [ مع زيادة في أوّله ] ؛ وص ٥٣٥ ، المجلس ١٩ ، ضمن الحديث الطويل ١ ؛ وثواب الأعمال ، ص ٢٢٤ ، ح ١ [ مع زيادة في أوّله ] ، بسند آخرعن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .الجعفريّات ، ص ١٩٦ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة في أوّله وآخره ، وفي كلّ المصادر - إلّاالكافي ح ٣٧١١ - مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٤٤ ، ح ٢٥٤٤ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٩٩ ، ح ١٥٧٤٧ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٣٨ ، ح ٢.

(٣). في « ف » : « كبيراً ».

(٤). في حاشية « ف » والوافي : « ولم يرحم ».

(٥). في « ف » : « صغيراً ».

(٦).الجعفريّات ، ص ١٨٣ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة : « ويعرف فضلنا أهل البيت ».الأمالي للمفيد ، ص ١٨ ، المجلس ٢ ، ح ٦ ، بسند آخر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة : « ويعرف حقّنا »الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٤٤ ، ح ٢٥٤٥ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٩٨ ، ح ١٥٧٤٢ ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٣٨ ، ح ٣.

(٧). لم نجد رواية ابن أبي عمير عن عبد الله بن أبان ، ولا رواية عبد الله بن أبان عن الوصّافي في غير سند هذا الخبر.

والخبر أورده الطبرسي فيمشكاة الأنوار ، ص ٢٩٥ عن عبد الله بن أبان ، عن الرضاعليه‌السلام ، قال : « يا عبد الله عظّموا كباركم » الخبر. والظاهر صحّة ما فيمشكاة الأنوار ، ووقوع التحريف في ما نحن فيه.

يؤيّد ذلك ما ورد فيرجال البرقي ، ص ٥٣ ، ورجال الطوسي ، ص ٣٦٢ ، الرقم ٥٣٥٨ ؛ من عَدِّ عبد الله بن أبان من أصحاب أبي الحسن الرضاعليه‌السلام . وكذا ما ورد فيالكافي ، ح ٥٨٦ ؛التهذيب ، ج ٣ ، ص ٣٢٥ ، ح ١٣٤١ ؛بصائر الدرجات ، ص ٤٢٩ ، ح ٢ ؛ وص ٤٣٠ ، ح ٨ و ٩ و ١١ ؛ وص ٥١٥ ، ح ٣٨ ؛ من رواية عبد الله بن أبان [ الزيّات ] عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام . والراوي عن عبد الله في بعض تلك المواضع هو محمّد بن عمرو [ الزيّات ].

والمحتمل قويّاً أنّ الأصل في ما نحن فيه كان هكذا : « محمّد بن عمرو عن عبد الله بن أبان » ، ثمّ صحّف =

٤٢٢

الْوَصَّافِيِّ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « عَظِّمُوا كِبَارَكُمْ(١) ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ ، وَلَيْسَ تَصِلُونَهُمْ بِشَيْ‌ءٍ أَفْضَلَ مِنْ كَفِّ الْأَذى عَنْهُمْ ».(٢)

٧٢ - بَابُ أُخُوَّةِ الْمُؤْمِنِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ (٣)

٢٠٤٢ / ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : «( إِنَّمَا (٤) الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ) ، بَنُو أَبٍ وَأُمٍّ(٥) ، وَإِذَا(٦) ضَرَبَ(٧) عَلى رَجُلٍ‌

__________________

= « محمّد بن عمرو » بـ « محمّد بن أبي عمير » ثمّ اختصر العنوان فعبّر عنه بابن أبي عمير فتُلقّي الخبر من أحاديث ابن أبي عمير وأضاف المصنّف إليه أحد طرقه المعروفة إلى أخباره. وهذا النوع من التصحيف كثير في النسخ لا يسع المجال ذكر موارده.

يؤيّد ذلك أنّا لم نجد رواية ابن أبي عمير - بعناوينه المختلفة - عن عبدالله بن أبان في غير سند هذا الخبر.

ثمّ إنّ تصحيف « الرضاعليه‌السلام قال : يا عبد الله » بـ « الوصّافي قال : قال أبو عبد الله » ممّا لا معونة له في بعض الخطوط القديمة.

(١). في الوسائل : « كبراءكم ».

(٢).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب صلة الرحم ، ح ١٩٨٢ ؛ وقرب الإسناد ، ص ٣٥٥ ، ح ١٢٧٢ ، بسند آخر عن أبي الحسن الرضا ، عن أبي عبد اللهعليهما‌السلام .تحف العقول ، ص ٤٤٥ ، عن الرضاعليه‌السلام ، وفي كلّها : « أفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها » مع زيادة في أوّله وآخرهالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٤٤ ، ح ٢٥٤٦ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٩٨ ، ح ١٥٧٤٥ ؛وفيه ، ص ٩٩ ، ح ١٥٧٤٦ ، من قوله : « وليس تصلونهم » ؛البحار ، ج ٧٥ ، ص ١٣٩ ، ح ٤.

(٣). في « بر » : « باب أنّ المؤمنين بعضهم لبعض إخوة ».

(٤). في المؤمن : - « إنّما ».

(٥). فيالوافي : « اُريد بالأب روح الله الّذي نفخ منه في طينة المؤمن ، وبالاُمّ الماء العذب والتربة الطيّبة اللذين مضى شرحهما في أوائل هذا الكتاب كما يظهر من الأخبار الآتية ، لا آدم وحوّاء كما يتبادر إلى الأذهان ؛ لعدم اختصاص الانتساب اليهما بالإيمان ». (٦). في المؤمن : « فإذا ».

(٧). « الضَّرَبان » : شدّة الألم الذي يحصل في الباطن. من قولهم : ضَرَب الجُرح ضَرَباناً ، إذا اشتدّ وجعه وهاج =

٤٢٣

مِنْهُمْ عِرْقٌ ، سَهِرَ لَهُ الْآخَرُونَ ».(١)

٢٠٤٣/ ٢. عَنْهُ(٢) ، عَنْ أَبِيهِ(٣) ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ ، عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ ، قَالَ :

تَقَبَّضْتُ(٤) بَيْنَ يَدَيْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، رُبَّمَا حَزِنْتُ(٥) مِنْ غَيْرِ فَقَالَ(٦) : « نَعَمْ(٧) ، يَا جَابِرُ ، إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - خَلَقَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ طِينَةِ(٨) الْجِنَانِ ، وَأَجْرى فِيهِمْ مِنْ رِيحِ(٩) رُوحِهِ(١٠) ، فَلِذلِكَ الْمُؤْمِنُ‌.....................................

__________________

=ألمه. وضَرَبَ العِرْق : إذا تحرّك بقوّة.مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٠٦ ( ضرب ). فضرب العرق حركته بقوّة ، وهذا كناية عن الألم المخصوص أو مطلقاً ، أو المراد هنا المبالغة في قلّة الأذى ، وتعديته هنا بـ « على » لتضمين معنى الغلبة. راجع :شرح المازندراني ، ج ٩ ، ص ٣١ ؛مرآة العقول ، ج ٩ ، ص ٩.

(١).المؤمن ، ص ٣٨ ، ح ٨٤ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥١ ، ح ٢٥٥٧ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٦٤ ، ح ٤.

(٢). الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد بن خالد المذكور في السند السابق.

(٣). الخبر أورده المجلسي نقلاً منالكافي ، تارةً فيالبحار ، ج ٦١ ، ص ١٤٧ ، ح ٢٤ ، عن العدّة ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيّوب ، واُخرى في ج ٦٧ ، ص ٧٥ ، ح ١١ ، عن العدّة عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن فضالة ، وثالثةً في ج ٧٤ ، ص ٢٦٥ ، ح ٥ ، عن عليّ ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيّوب.

والموضع الثاني والثالث من البحار مختلّان ؛ فإنّ الخبر رواه أحمد بن محمّد بن خالد. فيالمحاسن ، ص ١٣٣ ، ح ١٠ - مع اختلاف - عن أبيه ، عن فضالة بن أيّوب. هذا بالنسبة إلى الموضع الثاني.

وأمّا بالنسبة إلى الموضع الثالث ، فإنّ المراد من عليّ الراوي عن أبيه في صدر أسنادالكافي ، هو عليّ بن إبراهيم ، ولم نجد رواية إبراهيم بن هاشم - والد عليّ - عن فضالة بن أيّوب مباشرة في موضع ، بل طبقته تأبى عن ذلك ».

(٤). فيالوافي : « تقبّضت ، أي حصل لي قبض وحزن ».

(٥). في المحاسن : « ثمّ قلت : يا ابن رسول الله أهتمّ » بدل « فقلت : جعلت فداك ربما حزنت ».

(٦). في البحار ، ج ٦٧ والمحاسن : « قال ».

(٧). في المحاسن : + « يا جابر ، قلت : وممّ ذاك يابن رسول الله؟ قال : وما تصنع بذاك؟ قلت : اُحبّ أن أعلمه ، فقال ». (٨). في المؤمن : « طين ».

(٩). في « بر » : « روح ».

(١٠). في المؤمن : « سهم من ريح الجنّة روحه » بدل « فيهم من ريح روحه ». وفيمرآة العقول : « يمكن أن يقرأ - أي روحه - بفتح الراء ، أي من نسيم رحمته ، كما ورد في خبر آخر : وأجرى فيهم من روح رحمته ».

٤٢٤

أَخُو(١) الْمُؤْمِنِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، فَإِذَا أَصَابَ رُوحاً مِنْ(٢) تِلْكَ الْأَرْوَاحِ فِي بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ حُزْنٌ ، حَزِنَتْ هذِهِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْهَا(٣) ».(٤)

٢٠٤٤/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ(٥) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « الْمُؤْمِنُ(٦) أَخُو الْمُؤْمِنِ : عَيْنُهُ وَدَلِيلُهُ ، لَايَخُونُهُ ، وَلَا يَظْلِمُهُ ، وَلَا يَغُشُّهُ ، وَلَا يَعِدُهُ عِدَةً فَيُخْلِفَهُ ».(٧)

٢٠٤٥/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(٨) عِيسى ؛

وَعِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رِئَابٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ ، إِنِ اشْتَكى شَيْئاً مِنْهُ وَجَدَ أَلَمَ ذلِكَ فِي سَائِرِ جَسَدِهِ ، وَأَرْوَاحُهُمَا مِنْ رُوحٍ وَاحِدَةٍ ، وَإِنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ‌

__________________

(١). في البحار ، ج ٦٧ : « أخ ».

(٢). في المحاسن : - « روحاً من ».

(٣). في المحاسن : « بشي‌ء حزنت عليه الأرواح ؛ لأنّها منه » بدل « حزن حزنت هذه ؛ لأنّها منها ». وفيشرح المازندراني : « لايقال : السبب الذي ذكرهعليه‌السلام يقتضي أن يكون كلّ مؤمن محزوناً دائماً ؛ إذ لايخلو مؤمن من إصابة حزن قطعاً. لأنّا نقول : يجوز أن يتفاوت ذلك بسبب تفاوت القرب والاتّصال في الشدّة والضعف ».

(٤).المحاسن ، ص ١٣٣ ، كتاب الصفوة ، ح ٨٧ ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيّوب ؛المؤمن ، ص ٣٨ ، ح ٨٧ ، عن جابر ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، وفيهما مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥١ ، ح ٢٥٥٨ ؛البحار ، ج ٦١ ، ص ١٤٧ ، ح ٢٤ ؛ وج ٦٧ ، ص ٧٥ ، ح ١١ ؛ وج ٧٤ ، ص ٢٦٥ ، ح ٥.

(٥). في الوافي والوسائل : + « والحجّال » ، وهذا إشارة إلى ما يأتي في ح ٢٠٤٩ ، من نقل الخبر بنفس السند عن‌الحجّال ، عن علي بن عقبة. (٦). في الوافي : « إنّ المؤمن ».

(٧).مصادقة الإخوان ، ص ٤٨ ، ح ٢ ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع زيادة. وفيالمؤمن ، ص ٤٢ ، ح ٩٥ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ؛الاختصاص ، ص ٢٧ ، مرسلاً ، إلى قوله : « لا يخونه » مع زيادة في آخره ، وفي كلّها مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٣ ، ح ٢٥٦٣ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٥ ، ح ١٦٠٩٦ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٦٨ ، ح ٧. (٨). في « بر » : - « محمّد بن ».

٤٢٥

لَأَشَدُّ اتِّصَالاً بِرُوحِ اللهِ مِنِ اتِّصَالِ شُعَاعِ الشَّمْسِ بِهَا ».(١)

٢٠٤٦/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ ، عَنْ مُثَنًّى الْحَنَّاطِ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « الْمُسْلِمُ(٢) أَخُو الْمُسْلِمِ ، هُوَ عَيْنُهُ وَمِرْآتُهُ وَدَلِيلُهُ ، لَايَخُونُهُ ، وَلَا يَخْدَعُهُ ، وَلَا يَظْلِمُهُ ، وَلَا يَكْذِبُهُ(٣) ، وَلَا يَغْتَابُهُ ».(٤)

٢٠٤٧/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي‌عُمَيْرٍ ، عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ ، قَالَ :

كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ ، فَقَالَ لِي : « تُحِبُّهُ؟ » فَقُلْتُ : نَعَمْ(٥) ، فَقَالَ لِي : « وَلِمَ لَاتُحِبُّهُ وَهُوَ أَخُوكَ ، وَشَرِيكُكَ فِي دِينِكَ ، وَعَوْنُكَ عَلى عَدُوِّكَ ، وَرِزْقُهُ عَلى غَيْرِكَ؟ ».(٦)

٢٠٤٨/ ٧. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ(٧) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ‌...............................

__________________

(١).مصادقة الإخوان ، ص ٤٨ ، ح ٢ ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي بصير ، مع زيادة. وفيالمؤمن ، ص ٣٨ ، ح ٨٦ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ؛وفيه ، ص ٣٨ ، ح ٨٥ ، عن أحدهماعليهما‌السلام ، إلى قوله : « في سائر جسده » ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٢ ، ح ٢٥٥٩ ؛البحار ، ج ٦١ ، ص ١٤٨ ، ح ٢٥ ؛ وج ٧٤ ، ص ٢٦٨ ، ح ٨.

(٢). في « ج ، ص » : - « المسلم ».

(٣). يجوز فيه بناء الإفعال والتفعيل أيضاً.

(٤).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب حقّ المؤمن على أخيه وأداء حقّه ، ح ٢٠٧٠ ، بسند آخر ، مع زيادة في آخره ؛وفيه ، كتاب الزكاة ، باب النوادر ، ح ٦١٩٤ ، بسند آخر ، مع زيادة في أوّله وآخره. وفيالمؤمن ، ص ٤٣ ، ح ٩٨ ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛وفيه ، ص ٤٣ ، ح ١٠١ ، عن سماعة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع زيادة في أوّله وآخره ؛وفيه ، ص ٤٥ ، ح ١٠٥ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، مع زيادة في آخره ، وفي كلّها مع اختلافالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٤ ، ح ٢٥٦٤ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٤ ، ح ١٦٠٩٤ ؛وفيه ، ص ٢٧٩ ، ح ١٦٣٠٢ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٧٣ ، ح ١٤.

(٥). استظهر في حاشية « ف » كونه : « لا ».

(٦).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٤ ، ح ٢٥٦٥ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٧١ ، ح ١٠.

(٧). اجتمع محمّد بن الحسين - وهو ابن أبي الخطّاب الراوي لكتاب محمّد بن الفضيل كما فيرجال النجاشي ، ص ٣٦٧ ، الرقم ٩٩٥ - مع أبي عليّ الأشعري - وهو أحمد بن إدريس - في أسناد قليلة جدّاً ، والواسطة بينهما =

٤٢٦

الْفُضَيْلِ(١) ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ ؛ لِأَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - خَلَقَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ طِينَةِ(٢) الْجِنَانِ ، وَأَجْرى فِي صُوَرِهِمْ(٣) مِنْ(٤) رِيحِ الْجَنَّةِ(٥) ، فَلِذلِكَ هُمْ(٦) إِخْوَةٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ ».(٧)

٢٠٤٩/ ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ الْحَجَّالِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ الْمُؤْمِنَ أَخُو الْمُؤْمِنِ : عَيْنُهُ وَدَلِيلُهُ ، لَايَخُونُهُ ، وَلَا يَظْلِمُهُ ، وَلَا يَغُشُّهُ ، وَلَا يَعِدُهُ عِدَةً فَيُخْلِفَهُ ».(٨)

__________________

= واحدة. راجع :الكافي ، ح ٥٢٣ و ٤٨٣٢ و ١٤٦٦١ ؛التهذيب ، ج ١ ، ص ١٣٨ ، ح ٣٨٦ ، وص ٢٣٨ ، ح ٦٩٠.

فعليه رواية أبي عليّ الأشعري عن محمّد بن الحسين بوسائط ثلاث بعيدة جدّاً ، يؤيّد ذلك أنّ المصنّف يروي عن محمّد بن الحسين [ بن أبي الخطّاب ] في أسناد كثيرة جدّاً بتوسّط شيخه محمّد بن يحيى. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٨ ، ص ٧ - ٨.

أضف إلى ذلك أنّ مشايخ محمّد بن اُورمة ، متقدّمون طبقةً على محمّد بن الحسين ، بل الظاهر أنّ لابن اُورمة نفسه نوع تقدّم على محمّد بن الحسين ، كما يعلم من المعلومات الواردة حوله. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٥ ، ص ١١٥ - ١١٩.

فعليه رواية ابن اُورمة أيضاً عن محمّد بن الحسين بواسطة واحدة بعيدة.

والحاصل أنّ وقوع الخلل في السند ممّا لا ريب فيه ، وأمّا كيفيّة وقوعه ، وما هو الصواب في السند ، فلم نجد له جواباً مُقْنِعاً.

(١). هكذا في النسخ التي قوبلت والطبعة القديمة والبحار. وفي المطبوع : « فضيل ».

(٢). في المؤمن : « طين ».

(٣). في «بر » وحاشية «ض » والبحار : «روحهم ».

(٤). في « ف » : - « من ».

(٥). في المحاسن : « أجرى فيهم من روح رحمته » بدل « أجرى في صورهم من روح الجنّة ».

(٦). في « ف » : - « هم ».

(٧).المحاسن ، ص ١٣٤ ،كتاب الصفوة ، ح ١٢ ، بسنده عن محمّد بن الفضيل ، مع اختلاف يسير. وفيالمؤمن ، ص ٣٩ ، ح ٨٨ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام .الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٢ ، ح ٢٥٦٠ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٧١ ، ح ١١.

(٨). راجع : ح ٣ من هذا الباب ومصادره.

٤٢٧

٢٠٥٠/ ٩. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى(١) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٢) ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ جَمِيلٍ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (٣) ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « الْمُؤْمِنُونَ خَدَمٌ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ(٤) ». قُلْتُ : وَكَيْفَ يَكُونُونَ خَدَماً بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ؟ قَالَ(٥) : « يُفِيدُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً(٦) » ، الْحَدِيثَ.(٧)

٢٠٥١/ ١٠. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الْبَصْرِيِّ(٨) ، عَنِ الْفُضَيْلِ(٩) بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ نَفَراً مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَرَجُوا إِلى سَفَرٍ لَهُمْ(١٠) ، فَضَلُّوا(١١)

__________________

(١). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، محمّد بن يحيى.

(٢). هكذا في « ب ، د ، ص ، ض ، بر ، بس ، بف ، جر » والطبعة الحجريّة. وفي « ز ، ج » والطبعة القديمة والوسائل : « أحمد بن محمّد بن عبد الله ». وفي المطبوع : « أحمد بن أبي عبد الله ». وهو سهو لا محالة ؛ فإنّه لم يُعهد رواية أحمد بن محمّد بن عيسى عن أحمد بن أبي عبد الله ، وهو أحمد بن محمّد بن خالد.

(٣). في « ف » : - « قال : إنّ المؤمن أخو المومن » في الحديث ٨ ، إلى قوله : « عن جميل ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام » في هذا الحديث. (٤). في البحار : « لبعضهم ».

(٥). في الوسائل : « فقال ».

(٦). في « ب » : « لبعض ». وفيشرح المازندراني ، ج ٩ ، ص ٣٤ : « والظاهر أنّ الحديث مفعول « يفيد » ، ففيه إشارة إلى بعض أنواع الإكرام وهو تعليم الحديث ونشر علوم الدين » ، واستبعده المجلسي حيث قال فيمرآة العقول ، ج ٩ ، ص ١٥ : « وقوله : الحديث ، أي إلى تمام الحديث ، إشارة إلى أنّه لم يذكر تمام الخبر. وفهم أكثر من نظر فيه أنّ « الحديث » مفعول « يفيد » فيكون حثّاً على رواية الحديث ، وهو بعيد ».

(٧).مصادقة الإخوان ، ص ٤٨ ، ح ١ ، مرسلاًالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٥ ، ح ٢٥٦٧ ؛الوسائل ، ج ٢٧ ، ص ٨٧ ، ح ٣٣٢٨٢ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٧١ ، ح ١٢.

(٨). وردت رواية ابن أبي عمير عن أبي إسماعيل البصري عن الفضيل بن يسار فيالكافي ، ح ١٧٧٤ و ١١٥٦٨ ؛ وقد ترجم الشيخ الطوسي لأبي إسماعيل البصري فيالفهرست ، ص ٥٣٢ الرقم ٨٥٩ ، ونسب إليه كتاباً رواه عنه ابن أبي عمير. فلا يبعد أن يكون الصواب في العنوان « أبي إسماعيل البصري ».

(٩). هكذا في النسخ التي قوبلت والطبعة القديمة. وفي المطبوع : « فضيل ».

(١٠). في البحار ، ج ٦٣ : - « لهم ».

(١١). في المؤمن : « فأضلّوا ».

٤٢٨

الطَّرِيقَ ، فَأَصَابَهُمْ عَطَشٌ شَدِيدٌ ، فَتَكَفَّنُوا(١) وَلَزِمُوا أُصُولَ الشَّجَرِ ، فَجَاءَهُمْ شَيْخٌ وَ(٢) عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ(٣) ، فَقَالَ : قُومُوا ، فَلَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ ، فَهذَا الْمَاءُ ، فَقَامُوا وَشَرِبُوا(٤) وَارْتَوَوْا(٥) ، فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللهُ؟ فَقَالَ : أَنَا مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله يَقُولُ : الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ عَيْنُهُ وَدَلِيلُهُ ، فَلَمْ تَكُونُوا تَضَيَّعُوا بِحَضْرَتِي ».(٦)

٢٠٥٢/ ١١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ رِبْعِيٍّ ، عَنِ الْفُضَيْلِ(٧) بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ؛ لَايَظْلِمُهُ ، وَلَا يَخْذُلُهُ(٨) ، وَلَا يَغْتَابُهُ ، وَلَا يَخُونُهُ(٩) ، وَلَا يَحْرِمُهُ(١٠) ».

قَالَ رِبْعِيٌّ(١١) : فَسَأَلَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا بِالْمَدِينَةِ ، فَقَالَ(١٢) : سَمِعْتَ الْفُضَيْلَ(١٣)

__________________

(١). في « ص » وحاشية « ج ، د » والوافي : « فتكنّفوا ». وفي المؤمن : « فتيمّموا ». وقال فيالوافي : « فتكنّفوا : أحاطواواجتمعوا. وفي بعض النسخ بتقديم الفاء على النون ، أي لبسوا أكفانهم وتهيّأوا للموت ».

(٢). في « ض » والبحار والمؤمن : - « و ».

(٣). في « د ، بس ، بف » وحاشية « ض ، بر » والبحار ، ج ٧٤ : « بياض ».

(٤). في «ب ، ض ، ف ، بس ، بف» : «فشربوا ».

(٥). في المؤمن : « فاُرووا ».

(٦).المؤمن ، ص ٤٣ ، ح ١٠٠ ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٤ ، ح ٢٥٦٦ ؛البحار ، ج ٦٣ ، ص ٧١ ، ح ١٥ ؛ وج ٧٤ ، ص ٢٧٢ ، ح ١٣.

(٧). هكذا في النسخ التي قوبلت والطبعة القديمة والوسائل. وفي المطبوع : « فضيل ».

(٨). في « ف » : « ولا يحزنه ».

(٩). في حاشية « ض » : « ولا يحزنه ».

(١٠). في « ب ، د ، ز ، ص ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي والوسائل : - « ولا يغتابه ، ولا يخونه ، ولا يحرمه ». وفي « ج » : « ولا يحرمه ، ولا يخونه ، ولا يغتابه ». وفي « جه » : - « ولايخونه ولايحرمه ». وفي « ض ، بج ، بع ، جس ، جم » والبحار كما في المتن. (١١). معلّق على صدر السند وينسحب إليه كلا الطريقين.

(١٢). في « ب ، ج ، ز ، بر » والوافي ومرآة العقول والبحار : « قال ».

(١٣) هكذا في النسخ التي قوبلت والطبعة القديمة والوافي ومرآة العقول. وفي المطبوع : « فضيل ».

٤٢٩

يَقُولُ ذلِكَ؟ قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : فَإِنِّي(١) سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام (٢) يَقُولُ : « الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ؛ لَايَظْلِمُهُ(٣) ، وَلَا يَغُشُّهُ ، وَلَا يَخْذُلُهُ ، وَلَا يَغْتَابُهُ ، وَلَا يَخُونُهُ ، وَلَا يَحْرِمُهُ(٤) ».(٥)

٧٣ - بَابٌ فِيمَا يُوجِبُ الْحَقَّ لِمَنِ انْتَحَلَ الْإِيمَانَ وَيَنْقُضُهُ (٦)

٢٠٥٣/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ صَدَقَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ - وَسُئِلَ(٧) عَنْ إِيمَانِ مَنْ يَلْزَمُنَا حَقُّهُ وَأُخُوَّتُهُ : كَيْفَ هُوَ؟ وَبِمَا يَثْبُتُ؟ وَبِمَا يَبْطُلُ؟ فَقَالَعليه‌السلام - : « إِنَّ الْإِيمَانَ قَدْ يُتَّخَذُ(٨) عَلى وَجْهَيْنِ : أَمَّا أَحَدُهُمَا(٩) ، فَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ(١٠) لَكَ(١١) مِنْ صَاحِبِكَ ، فَإِذَا ظَهَرَ لَكَ مِنْهُ مِثْلُ الَّذِي تَقُولُ بِهِ أَنْتَ ، حَقَّتْ وَلَايَتُهُ وَأُخُوَّتُهُ ، إِلَّا أَنْ يَجِي‌ءَ مِنْهُ نَقْضٌ(١٢) لِلَّذِي وَصَفَ مِنْ نَفْسِهِ وَأَظْهَرَهُ لَكَ(١٣) ، فَإِنْ جَاءَ مِنْهُ مَا تَسْتَدِلُّ(١٤) بِهِ عَلى نَقْضِ(١٥) الَّذِي أَظْهَرَ لَكَ(١٦) ، خَرَجَ(١٧) عِنْدَكَ مِمَّا‌

__________________

(١). في « ز » ومرآة العقول : « إنّي ».

(٢). في « ز » : « رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٣). فيمرآة العقول : « وربّما يقرأ : ولا يظلّمه ، على بناء التفعيل ، أي لا ينسبه إلى الظلم ، وهو تكلّف ».

(٤). في الوافي : « ولا يخونه ، ولا يخذله ، ولا يغتابه ، ولا يحرمه » بدل « ولا يخذله - إلى - ولا يحرمه ». وفي الوسائل : « ولا يخذله ، ولا يغتابه ، ولا يغشّه ، ولا يحرمه » بدل « ولا يغشّه - إلى - ولا يحرمه ».

(٥). راجع : ح ٥ من هذا الباب ومصادرهالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٣ ، ح ٢٥٦٢ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٧٩ ، ح ١٦٣٠٣ و ١٦٣٠٤ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٧٣ ، ح ١٤.

(٦). في « ص ، ف ، بف » : « وينقصه ». وفي « بس » : « وتنقصه » ، كلاهما بالصاد المهملة.

(٧). في « بس » : « ويسأل ».

(٨). في « ز » : « قد يتّجه ».

(٩). فيالوافي : « إنّما اكتفى بذكر أحد الوجهين عن الآخر ؛ لأنّ الآخر كان معلوماً ، وهو ما يعرف بالصحبة المتأكّدة والمعاشرة المتكرّرة الموجبة لليقين. وإنّها ذكر الفرد الأخفى وهو ما يظهر منه بدون ذلك ».

(١٠). في « ج » : « ظهر ».

(١١). في « ص » : « بك ».

(١٢). في «ز ، ص ، ف» :« نقص » بالصاد المهملة.

(١٣) في « ف » : « وأظهر لك ».

(١٤) في « ص » : « يستدلّ ».

(١٥) في «ص ، ف ، بف» : «نقص» بالصاد المهملة.

(١٦) في « ف » : « ظهر لك ». وفي « بف » : « أظهره لك ».

(١٧) في « ج ، ض ، ف » وحاشية « د ، بر » : « لكن خرج ». وفي « ز » : « وخرج ».

٤٣٠

وَصَفَ لَكَ وَأَظْهَرَ(١) ، وَكَانَ(٢) لِمَا(٣) أَظْهَرَ لَكَ نَاقِضاً(٤) ، إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ إِنَّمَا عَمِلَ ذلِكَ تَقِيَّةً ، وَمَعَ ذلِكَ يُنْظَرُ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ(٥) التَّقِيَّةُ فِي مِثْلِهِ ، لَمْ يُقْبَلْ(٦) مِنْهُ ذلِكَ ؛ لِأَنَّ لِلتَّقِيَّةِ مَوَاضِعَ ، مَنْ أَزَالَهَا عَنْ مَوَاضِعِهَا لَمْ تَسْتَقِمْ(٧) لَهُ.

وَتَفْسِيرُ مَا يُتَّقى مِثْلُ أَنْ يَكُونَ(٨) قَوْمُ(٩) سَوْءٍ ، ظَاهِرُ(١٠) حُكْمِهِمْ وَفِعْلِهِمْ عَلى غَيْرِ حُكْمِ الْحَقِّ وَفِعْلِهِ ، فَكُلُّ(١١) شَيْ‌ءٍ يَعْمَلُ الْمُؤْمِنُ بَيْنَهُمْ لِمَكَانِ التَّقِيَّةِ - مِمَّا لَايُؤَدِّي إِلَى الْفَسَادِ فِي الدِّينِ - فَإِنَّهُ جَائِزٌ ».(١٢)

٧٤ - بَابٌ فِي أَنَّ التَّوَاخِيَ لَمْ يَقَعْ عَلَى الدِّينِ وَإِنَّمَا هُوَ التَّعَارُفُ (١٣)

٢٠٥٤/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ الطَّيَّارِ ، عَنْ أَبِيهِ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمْ تَتَوَاخَوْا عَلى هذَا الْأَمْرِ ، وَ(١٤) إِنَّمَا(١٥) تَعَارَفْتُمْ‌

__________________

(١). في « ب ، ص ، بر » : « وأظهره ».

(٢). في « ص » : « فكان ».

(٣). في « ض » : « كما ».

(٤). في « ص ، ف » : « ناقصاً » بالصاد المهملة.

(٥). في «ج ، د ، ز ،ص ،ض ، ف» : «أن يكون».

(٦). في الوافي : « لم تقبل ».

(٧). في « ب ، ج ، ض ، بس » : « لم يستقم ».

(٨). في « ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي : - « أن يكون ». وفي « ب » والوسائل والبحار كما في‌المتن. (٩). في « ج » : + « به ».

(١٠). قال فيمرآة العقول ، ج ٩ ، ص ١٩ : « ظاهر ، صفة « السوء » ، وجملة « حكمهم » إلخ صفة للقوم ، أو « ظاهر » صفة القوم ؛ لكونه بحسب اللفظ مفرداً ، أي قوم غالبين ، و « حكمهم » إلخ جملة اُخرى كما مرّ ، أو « حكمهم » فاعل « ظاهر » ، أي قوم سوء كون حكمهم وفعلهم على غير الحقّ ظاهراً ، أو « ظاهر » مرفوع مضاف إلى « حكمهم » ، وهو مبتدأ ، و « على غيره » خبره ، والجملة صفة القوم ».

(١١). في « ص » : « وكلّ ».

(١٢).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٦٧ ، ح ٢٥٨٦ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٢١٦ ، ح ٢١٣٩٧ ؛البحار ، ج ٧٢ ، ص ١٢٨ ، ح ١٥.

(١٣) في « ض ، بر ، بف » : « إنّما وقع على التعارف ». وفي « ف » : « إنّما هو وقع على التعارف ».

(١٤) في « ب ، بس » : - « و ».

(١٥) في « ز ، ص ، بس » : « لكن ».

٤٣١

عَلَيْهِ(١) ».(٢)

٢٠٥٥/ ٢. عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ وَسَمَاعَةَ جَمِيعاً :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَمْ تَتَوَاخَوْا عَلى هذَا الْأَمْرِ ، وَ(٣) إِنَّمَا تَعَارَفْتُمْ عَلَيْهِ ».(٤)

٧٥ - بَابُ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلى أَخِيهِ وَأَدَاءِ حَقِّهِ‌

٢٠٥٦/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلى أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ أَنْ يُشْبِعَ جَوْعَتَهُ ، وَيُوَارِيَ عَوْرَتَهُ ، وَيُفَرِّجَ عَنْهُ كُرْبَتَهُ ، وَيَقْضِيَ دَيْنَهُ ، فَإِذَا(٥) مَاتَ خَلَفَهُ(٦) فِي أَهْلِهِ وَوُلْدِهِ ».(٧)

٢٠٥٧/ ٢. عَنْهُ(٨) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ الْهَجَرِيِّ ، عَنْ مُعَلَّى بْنِ خُنَيْسٍ :

__________________

(١). فيشرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ٣٦ : « لعلّ المراد أنّ المؤاخاة على هذا الأمر والاُخوّة في الدين كانت ثابتة بينكم في عالم الأرواح ، ولم تقع في هذا اليوم وهذه الدار ، وإنّما الواقع في هذه الدار هو التعارف على هذا الأمر الكاشف عن الاُخوّة في ذلك العالم. ويؤيّده قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الأرواح جنود مجنّدة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما تخالف منها اختلف » قيل : معناه أنّ الأرواح خلقت مجتمعة على قسمين : مؤتلفة ومختلفة ، كالجنود التي يقابل بعضها بعضاً ، ثمّ فرّقت في الأجساد ، فإذا كان الائتلاف والمؤاخاة أوّلاً كان التعارف والتآلف بعد الاستقرار في البدن ، وإذا كان التناكر والتخالف هناك كان التنافر والتناكر هنا ». وذكر فيالوافي احتمالاً آخر ، ومن أراد التفصيل فليراجع.

(٢).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٦٨ ، ح ٢٥٨٧ ؛البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٠٤ ، ح ١٠.

(٣). في « ج ، ف » : - « و ».

(٤).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٦٨ ، ح ٢٥٨٨.

(٥). في « ض » : « وإذا ».

(٦). يقال : خلفتُ الرجلَ في أهله : إذا أقمتَ بعده فيهم ، وقمتَ عنه بما كان يفعله.النهاية ، ج ٢ ، ص ٦٦ ( خلف ).

(٧).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٧ ، ح ٢٥٦٩ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٤ ، ح ١٦٠٩٥ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٣٧ ، ح ٣٩.

(٨). الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد بن عيسى المذكور في السند السابق.

٤٣٢

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : مَا حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ؟

قَالَ : « لَهُ سَبْعُ حُقُوقٍ وَاجِبَاتٍ(١) مَا مِنْهُنَّ(٢) حَقٌّ إِلَّا وَهُوَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ ، إِنْ ضَيَّعَ مِنْهَا شَيْئاً(٣) خَرَجَ مِنْ وَلَايَةِ(٤) اللهِ وَطَاعَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلّهِ فِيهِ مِنْ(٥) نَصِيبٍ ».

قُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، وَمَا هِيَ؟

قَالَ : « يَا مُعَلّى ، إِنِّي عَلَيْكَ شَفِيقٌ ، أَخَافُ أَنْ تُضَيِّعَ وَلَا تَحْفَظَ ، وَتَعْلَمَ وَلَا تَعْمَلَ ».

قَالَ(٦) : قُلْتُ لَهُ(٧) : لَاقُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ.

قَالَ : « أَيْسَرُ حَقٍّ مِنْهَا أَنْ تُحِبَّ لَهُ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ ، وَتَكْرَهَ لَهُ مَا تَكْرَهُ لِنَفْسِكَ.

وَالْحَقُّ الثَّانِي : أَنْ تَجْتَنِبَ(٨) سَخَطَهُ ، وَتَتَّبِعَ(٩) مَرْضَاتَهُ ، وَتُطِيعَ أَمْرَهُ.

وَالْحَقُّ الثَّالِثُ : أَنْ تُعِينَهُ بِنَفْسِكَ وَمَالِكَ(١٠) وَلِسَانِكَ وَيَدِكَ وَرِجْلِكَ.

وَالْحَقُّ الرَّابِعُ : أَنْ تَكُونَ عَيْنَهُ وَدَلِيلَهُ وَمِرْآتَهُ(١١) .

__________________

(١). فيمرآة العقول : « واجبات ، بالجرّ صفة للحقوق. وقيل : أو بالرفع خبر للسبع ».

(٢). في المصادقة : « منها ».

(٣). في « ز ، ص » وحاشية « بر ، بس ، بف » : « حقّاً ».

(٤). في المصادقة : « ولاء ». و « الوَلْي » : القرب والدنوّ ، و « الوليّ » : الاسم منه ، والمحبّ والصديق والنصير. وولي الشي‌ءَ وعليه وِلايةً ووَلايةً.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٧٦٠ ( ولى ). و « خرج من ولاية الله » ، أي خرج عن محبّته سبحانه أو نصرته. ذكره فيمرآة العقول ، ثمّ قال : « وحمل جميع على المبالغة وأنّه ليس من خلّص أولياء الله » وهو إجمال جواب عن إشكال وارد هاهنا ، ذكره المازندراني في شرحه ، وهو أنّ المؤمن لا يخرج عن حقيقة الإيمان إلّابالكفر ، لا بترك الأخلاق المذكورة ؛ فإنّها ليست بواجبة بل هي من الآداب المرغّبة فيها ، فلابدّ من تأويل ظاهر الكلام وصرفه عن ظاهره ، فنقول : لعلّ المراد بالوجوب التأكّد والمبالغة ، أو وجوب الإقرار بأنّ تلك الاُمور من حقوق الإخوة ، وبالولاية الولاية الكاملة برعاية تلك الحقوق ، وبالنصيب النصيب الكامل الذي في خلّص أولياء الله تعالى. (٥). في الوسائل ، ح ١٦٠٩٧ والمصادقة : - « من ».

(٦). في الوسائل ، ح ١٦٠٩٧ والمصادقة : - « قال ».

(٧). في الوسائل ، ح ١٦٠٩٧ : - « له ».

(٨). في « ض » : « تجنب ».

(٩). في حاشية « ب » : + « تحصيل ».

(١٠). في مرآة العقول : « وبمالك ».

(١١). في المصادقة : + « وقميصه ».

٤٣٣

وَالْحَقُّ الْخَامِسُ : أَنْ(١) لَاتَشْبَعَ وَيَجُوعُ ، وَلَا(٢) تَرْوى وَيَظْمَأُ ، وَلَا تَلْبَسَ وَيَعْرى.

وَالْحَقُّ السَّادِسُ : أَنْ(٣) يَكُونَ(٤) لَكَ خَادِمٌ وَلَيْسَ لِأَخِيكَ خَادِمٌ ، فَوَاجِبٌ أَنْ تَبْعَثَ خَادِمَكَ ، فَيَغْسِلَ(٥) ثِيَابَهُ ، وَيَصْنَعَ(٦) طَعَامَهُ ، وَيُمَهِّدَ(٧) فِرَاشَهُ.

وَالْحَقُّ السَّابِعُ : أَنْ تُبِرَّ(٨) قَسَمَهُ(٩) ، وَتُجِيبَ دَعْوَتَهُ ، وَتَعُودَ مَرِيضَهُ(١٠) ، وَتَشْهَدَ جَنَازَتَهُ ، وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ لَهُ حَاجَةً ، تُبَادِرُهُ إِلى قَضَائِهَا ، وَلَا تُلْجِئُهُ(١١) أَنْ يَسْأَلَكَهَا ، وَلكِنْ(١٢) تُبَادِرُهُ(١٣) مُبَادَرَةً ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ ، وَصَلْتَ وَلَايَتَكَ بِوَلَايَتِهِ ، وَوَلَايَتَهُ بِوَلَايَتِكَ ».(١٤)

__________________

(١). في « ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، بر ، بف » والبحار والمصادقة : - « أن ». وفي « ب ، بس » والوسائل والخصال والأمالي كما في المتن.

(٢). في « بر » : - « لا ».

(٣). في المصادقة : + « لا تكون لك امرأة ، وليس لأخيك امرأة و ».

(٤). في شرح المازندراني : « تكون ».

(٥). في الوافي والوسائل : « فتغسل ». وفي البحار : « ويغسل ». ويجوز فيه التجريد وعلى بناء التفعيل ، والنسخ أيضاً مختلفة. (٦). في « بس » : « وتصنع ».

(٧). في « بس » والوافي والوسائل : « وتمهّد ».

(٨). يجوز فيه على بناء المجرّد والإفعال.

(٩). في « ص » : « قِسْمه » بالفتح والكسر في أوّله. وفيالوافي : « برّ القسم وإبراره : إمضاؤه على الصدق ». وفيشرح المازندراني : « أصل البرّ الإحسان ، ثمّ استعمل في القبول ، يقال : بَرَّ الله عمله ، إذا قبله ، كأنّه أحسن إلى عمله بأن يقبله ولم يردّه. وقبول قَسَمه وإن لم يكن واجباً شرعاً ، لكنّه مؤكّد لئلاّ يكسر قلبه ويضيع حقّه ».

(١٠). في الوافي : « مرضته ».

(١١). في حاشية « ج » وشرح المازندراني والوسائل والمصادقة : + « إلى ».

(١٢). في « ف » : - « لكن ».

(١٣) في المصادقة : « بادره ».

(١٤)الخصال ، ص ٣٥٠ ، باب السبعة ، ح ٢٦ ؛والأمالي للطوسي ، ص ٩٨ ، المجلس ٤ ، ح ٣ ، بسند آخر عن معلّى بن خنيس. وفيالاختصاص ، ص ٢٨ ؛ والمؤمن ، ص ٤٠ ، ح ٩٣ ، عن معلّى بن خنيس ، وفي كلّها مع اختلاف يسير.مصادقة الإخوان ، ص ٤٠ ، ح ٤ ، مرسلاً.الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٧ ، ح ٢٥٧٠ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٥ ، ح ١٦٠٩٧ ؛ وج ١٩ ، ص ٢١٧ ، ح ٢٤٤٥٨ ، إلى قوله : « ويصنع طعامه ويمهّد فراشه» ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٣٨ ، ح ٤٠.

٤٣٤

٢٠٥٨/ ٣. عَنْهُ(١) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَيْفٍ ، عَنْ أَبِيهِ سَيْفٍ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

كَتَبَ أَصْحَابُنَا(٢) يَسْأَلُونَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ أَشْيَاءَ ، وَأَمَرُونِي(٣) أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ(٤) عَلى أَخِيهِ ، فَسَأَلْتُهُ ، فَلَمْ يُجِبْنِي ، فَلَمَّا جِئْتُ لِأُوَدِّعَهُ ، قُلْتُ(٥) : سَأَلْتُكَ(٦) فَلَمْ تُجِبْنِي؟

فَقَالَ : « إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَكْفُرُوا ؛ إِنَّ مِنْ أَشَدِّ مَا افْتَرَضَ اللهُ عَلى خَلْقِهِ ثَلَاثاً(٧) : إِنْصَافَ الْمَرْءِ(٨) مِنْ نَفْسِهِ حَتّى لَايَرْضى لِأَخِيهِ(٩) مِنْ نَفْسِهِ إِلَّا بِمَا(١٠) يَرْضى لِنَفْسِهِ مِنْهُ(١١) ، وَمُؤَاسَاةَ(١٢) الْأَخِ فِي الْمَالِ ، وَذِكْرَ اللهِ عَلى كُلِّ حَالٍ ، لَيْسَ سُبْحَانَ(١٣) اللهِ ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ(١٤) ، وَلكِنْ عِنْدَ(١٥) مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ ، فَيَدَعُهُ ».(١٦)

__________________

(١). الضمير راجع إلى محمّد بن يحيى المذكور في سند الحديث ١.

(٢). هكذا في « ج ، د ، ص ، ض ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ز » والطبعة الحجريّة والوافي والبحار. وفي « ب ، ز ، ف » والمطبوع : « بعض أصحابنا ».

(٣). في حاشية « بر » : « فأمروني ».

(٤). في « ز ، ض » وحاشية « د ، بر » : « المؤمن ».

(٥). هكذا في « ب ، ص ، بر ، بف » والوافي. وفي سائر النسخ والمطبوع : « فقلت ».

(٦). في المصادقة : « سألتكم ».

(٧). في المصادقة : « ثلاث خصال ».

(٨). في « بر ، بس » والوسائل والمصادقة : « المؤمن ».

(٩). في « بف » : - « لأخيه ».

(١٠). في المصادقة : « ما ».

(١١). في المصادقة : - « منه ».

(١٢). « المواساة » : المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق. وأصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً.النهاية ، ج ١ ، ص ٥٠ ( أسا ). (١٣) في « بر » : « بسبحان ».

(١٤) في « ف » : + « ولا إله إلّا الله والله أكبر ». وفي المصادقة : + « ولا إله إلّا الله ».

(١٥) في « ف » : - « عند ».

(١٦)مصادقة الإخوان ، ص ٤٠ ، مرسلاً عن ابن أعين. وراجع :الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الإنصاف والعدل ، ح ١٩٤٩ و ١٩٥٣ و ١٩٥٤ ومصادرها.الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٩ ، ح ٢٥٧٣ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٤٢٧ ، ح ١٢٤٠٢ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٤٢ ، ح ٤١.

٤٣٥

٢٠٥٩/ ٤. عَنْهُ(١) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ جَمِيلٍ ، عَنْ مُرَازِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَا عُبِدَ اللهُ(٢) بِشَيْ‌ءٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَاءِ حَقِّ الْمُؤْمِنِ ».(٣)

٢٠٦٠/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى(٤) الْمُسْلِمِ أَنْ لَايَشْبَعَ وَيَجُوعُ أَخُوهُ ، وَلَا يَرْوى وَيَعْطَشُ أَخُوهُ ، وَلَا يَكْتَسِيَ(٥) وَيَعْرى أَخُوهُ ، فَمَا أَعْظَمَ حَقَّ الْمُسْلِمِ عَلى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ!».

وَقَالَ : « أَحِبَّ لِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ مَا تُحِبُّ(٦) لِنَفْسِكَ ؛ وَإِذَا(٧) احْتَجْتَ فَسَلْهُ(٨) ، وَإِنْ سَأَلَكَ فَأَعْطِهِ ، لَاتَمَلَّهُ(٩) خَيْراً ،...................................................

__________________

(١). الضمير راجع إلى محمّد بن يحيى المذكور في سند الحديث ١.

(٢). في المؤمن ، ص ٤٢ : « والله ما عبدالله ».

(٣).المؤمن ، ص ٤٢ ، ح ٩٥ ، مع زيادة في آخره ؛وفيه ، ص ٤٣ ، ح ٩٧ ، كلاهما عن أبي عبداللهعليه‌السلام ؛الاختصاص ، ص ٢٨ ، مرسلاً.الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٦٥ ، ح ٢٥٨٥ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٣ ، ح ١٦٠٩١ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٤٣ ، ح ٤٢. (٤). في « بر » : + « أخيه ».

(٥). في « ف » والاختصاص : « ولا يكسي ». وفي حاشية « د » : « لا يلبس ».

(٦). في « ض ، بر » : « تحبّه ».

(٧). في « ب » : « فإن ». وفي « ز ، ف ، بر ، بس ، بف » والوافي والوسائل : « وإن ».

(٨). في « ز ، ض ، ف ، بف » وحاشية « ج » : « فاسأله ».

(٩). في « ف » : + « لك ». وفي الاختصاص : « لا يملّه ». ويجوز فيه وما يأتي النهي والنفي. مَلِلْتُه ، ومنه : مَلَلاً ومَلالةًوملالاً : سَئِمتُه ، كاستمللته. وأملّني وأملّ عليّ : شقّ عليّ.القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣٩٧ ؛أساس البلاغة ، ص ٤٣٧ ( ملل ). وقال فيالوافي : « لعلّ المراد بقوله : لا تملّه خيراً ولا يملّ لك : لا تسأمه من جهة إكثارك الخير له ، ولا يسأم هو من جهة إكثاره الخير لك ».

ثمّ إنّ المازندراني جعل الفعلين من الإملاء بمعنى التأخير والإمهال ، وأمّا الإملال فبعيد عنده. وعكس هذا =

٤٣٦

وَلَا يَمَلَّهُ(١) لَكَ ، كُنْ لَهُ ظَهْراً(٢) ؛ فَإِنَّهُ لَكَ ظَهْرٌ ؛ إِذَا(٣) غَابَ(٤) فَاحْفَظْهُ فِي غَيْبَتِهِ ، وَإِذَا شَهِدَ فَزُرْهُ ، وَأَجِلَّهُ ، وَأَكْرِمْهُ ؛ فَإِنَّهُ مِنْكَ وَأَنْتَ مِنْهُ ، فَإِنْ(٥) كَانَ عَلَيْكَ عَاتِباً فَلَا تُفَارِقْهُ حَتّى تَسِلَّ(٦) سَخِيمَتَهُ(٧) ، وَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ فَاحْمَدِ اللهَ ، وَإِنِ ابْتُلِيَ فَاعْضُدْهُ ، وَإِنْ تُمُحِّلَ لَهُ فَأَعِنْهُ(٨) ، وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِأَخِيهِ : أُفٍّ ، انْقَطَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْوَلَايَةِ ، وَإِذَا قَالَ(٩) : أَنْتَ عَدُوِّي ، كَفَرَ(١٠) أَحَدُهُمَا ، فَإِذَا اتَّهَمَهُ انْمَاثَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ كَمَا‌

__________________

= عند المجلسي ، حيث قال : « ولا تملّه خيراً ، هي من باب علم ويحتمل النفي والنهي ، والأوّل أوفق بقولهعليه‌السلام : فإنّه لك ظهر ، ولو كان نهياً كان الأنسب : وليكن لك ظهراً ، ويؤيّده أنّ في مجالس الشيخ : « لا تملّه خيراً فإنّه لا يملّك ، وكن له عضداً فإنّه لك عضد » [الأمالي ، ص ٩٧ ، ح ٢ ]. وقد يقرأ الثاني من باب الإفعال وقيل : هما من الإملاء بمعنى التأخير ، أي لا تؤخّره خيراً. ولا يخفى ما فيه ، والأوّل أصوب ». راجع :شرح المازندراني ، ج ٩ ، ص ٤٠ ؛مرآة العقول ، ج ٩ ، ص ٣٣ - ٣٤.

(١). في الوافي : « ولا يملّ ».

(٢). في « ب » : « ظهيراً ».

(٣). في الاختصاص : « فإذا ».

(٤). في الوافي : + « عنك - خ ».

(٥). في الوسائل والاختصاص : « وإن ».

(٦). هكذا في « ج ، د ، ض ، بر ، بف » والوافي ومرآة العقول والوسائل والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : « حتّى‌تسأل » وفيالوافي : « السلّ : انتزاعك الشي‌ء وإخراجه في رفق. والسخيمة : الحقد ».

(٧). هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، بر ، بس ، بف » وحاشية « ض » والوافي ومرآة العقول والوسائل والبحار. وفي سائر النسخ والمطبوع : « سميحته ». وفيمرآة العقول نقل « سميحته » عن بعض النسخ ، ثمّ قال : « أي حتّى تطلب منه السماحة والكرم والعفو. ولم أر مصدره على وزن فعيلة ، إلّا أن يقرأ على بناء التصغير ، فيكون مصغّر السمع أو السماحة. والظاهر أنّه تصحيف للنسخة الاُولى ». وفيشرح المازندراني : « حتّى تسأل سميحته ، أي جوده بالعفو عن التقصير ومساهلته بالتجاوز لئلاّ يستقرّ في قلبه فيوجب التنافر والتباغض. وفي بعض النسخ « سخيمته » بالخاء المعجمة قبل الياء ، أي حتّى تسأل عن سبب سخيمته ، وهي الحقد والبغض ، فإذا ظهر لك فتداركه حتّى تزول السخيمة عنه فيخلص لك المودّة ، فإن استمرّ فاعذر إليه حتّى يقبل منك ».

(٨). في الاختصاص : « وتمحل له وأعنه ». وفيمرآة العقول : « وإذا تمحّل له فأعنه ، أي إذا كاده إنسان واحتال‌لضرره فأعنه على دفعه ، أو إذا احتال له رجل فلا تكله إليه وأعنه أيضاً. وقرأ بعضهم : يمحل بالياء على بناء المجرّد المجهول بالمعنى الأوّل ، وهو أوفق باللغة ، لكن لا تساعده النسخ ». و « الـمِحال » : من الـمَكيدة ، ورَوْم ذلك بالحِيَل. ومَحَل فلان بفلانٍ : إذا كاده بسِعاية إلى السلطان.ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٦٨١ ( محل ).

(٩). في الوسائل : + « له ». وفي الاختصاص : + « الرجل ».

(١٠). في الاختصاص : « فقد كفر ».

٤٣٧

يَنْمَاثُ(١) الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ».

وَقَالَ : بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ(٢) : « إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيَزْهَرُ نُورُهُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ كَمَا تَزْهَرُ(٣) نُجُومُ السَّمَاءِ لِأَهْلِ الْأَرْضِ ».

وَقَالَ : « إِنَّ الْمُؤْمِنَ وَلِيُّ اللهِ ، يُعِينُهُ ، وَيَصْنَعُ لَهُ ، وَلَا يَقُولُ عَلَيْهِ إِلَّا الْحَقَّ ، وَلَا يَخَافُ غَيْرَهُ ».(٤)

٢٠٦١/ ٦. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لِلْمُسْلِمِ عَلى أَخِيهِ(٥) الْمُسْلِمِ(٦) مِنَ الْحَقِّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ ، وَيَعُودَهُ إِذَا مَرِضَ ، وَيَنْصَحَ لَهُ إِذَا غَابَ(٧) ، وَيُسَمِّتَهُ(٨) إِذَا عَطَسَ ، وَيُجِيبَهُ إِذَا‌

__________________

(١). في « بر » : « كانمياث ». وماث الشي‌ءُ مَوثاً ويَمِيث مَيثاً - لغة - : ذاب في الماء.المصباح المنير ، ص ٥٨٤ ؛لسان العرب ، ج ٢ ، ص ١٩٢ ( موث ).

(٢). في الاختصاص : + « كذا والله ».

(٣). في « ز ، ص ، بر ، بف » والاختصاص : « يزهر ».

(٤).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب التهمة وسوء الظنّ ، ح ٢٧٧٧ ، وفيه قطعة منه.وفيه ، باب السباب ، ح ٢٧٧٥ ، بسند آخر ، قطعة منه ، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره. وفيالأمالي للطوسي ، ص ٩٧ ، المجلس ٤ ، ح ٢ ، بسند آخر ، إلى قوله : « فإنّه منك وأنت منه » ؛المؤمن ، ص ٤٢ ، ح ٩٥ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، إلى قوله : « وإن تحمل له فأعنه » مع زيادة في أوّله ، وفيهما مع اختلاف يسير ؛الاختصاص ، ص ٢٧ ، مرسلاً.الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٥٩ ، ح ٢٥٧٤ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٦ ، ح ١٦٠٩٨ ، إلى قوله : « كما ينماث الملح في الماء » ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٤٣ ، ح ٤٣.

(٥). في الوسائل : - « أخيه ».

(٦). في الكافي ح ٣٦٧٩ والمؤمن : - « المسلم ».

(٧). في « ج » : « طاب ». « ونَصَحَ الشي‌ءُ : خَلَصَ. أي يكون خالصاً طالباً لخيره ، دافعاً عنه الغيبة وسائر الشرور. راجع :مرآة العقول ، ج ٩ ، ص ٣٧ ؛لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٦١٥ ( نصح ).

(٨). في « ج » : « ويسمّيه ». و « التسميت » : ذكر الله تعالى على الشي‌ء ، وتسميت العاطس : الدعاء له. والشين المعجمة مثله. وقال ثعلب : المهملة هي الأصل ؛ أخذاً من السَّمْت ، وهو القصد والهُدى والاستقامة. وكلّ داعٍ بخيرٍ فهو مُسمِّت ، أي داعٍ بالعود والبقاء إلى سَمْتِه.المصباح المنير ، ص ٢٨٧ ( سمت ).

٤٣٨

دَعَاهُ ، وَيَتْبَعَهُ(١) إِذَا مَاتَ ».

* عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ ، مِثْلَهُ.(٢)

٢٠٦٢/ ٧. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ يُونُسَ ، عَنْ أَبِي الْمَأْمُونِ الْحَارِثِيِّ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : مَا حَقُّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ؟

قَالَ : « إِنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمَوَدَّةَ لَهُ فِي صَدْرِهِ ، وَالْمُؤَاسَاةَ(٣) لَهُ فِي مَالِهِ ، وَالْخَلَفَ لَهُ فِي أَهْلِهِ ، وَالنُّصْرَةَ لَهُ عَلى مَنْ ظَلَمَهُ ، وَإِنْ(٤) كَانَ نَافِلَةٌ(٥) فِي الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ غَائِباً ، أَخَذَ لَهُ بِنَصِيبِهِ ، وَإِذَا(٦) مَاتَ الزِّيَارَةَ(٧) إِلى قَبْرِهِ ، وَأَنْ لَايَظْلِمَهُ ، وَأَنْ لَايَغُشَّهُ ، وَأَنْ لَايَخُونَهُ ، وَأَنْ لَايَخْذُلَهُ ، وَأَنْ لَايُكَذِّبَهُ(٨) ، وَأَنْ لَايَقُولَ لَهُ : أُفٍّ ، وَإِذَا(٩) قَالَ لَهُ : أُفٍّ ، فَلَيْسَ(١٠) بَيْنَهُمَا وَلَايَةٌ ، وَإِذَا قَالَ لَهُ(١١) : أَنْتَ عَدُوِّي ، فَقَدْ كَفَرَ أَحَدُهُمَا ،

__________________

(١). في المؤمن : « ويشيّعه ».

(٢).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب العطاس والتسميت ، ح ٣٦٧٩ ؛وفيه ، كتاب الأطعمة ، باب إجابة دعوة المسلم ، ح ١١٥٨٣ ، وتمام الرواية فيه : « إنّ من حقّ المسلم على المسلم أن يجيبه إذا دعاه » ، وفيهما بسند آخر.المؤمن ، ص ٤٥ ، ح ١٠٥ ، مع زيادة ؛وفيه ، ص ٤٣ ، ح ٩٩ ، مع اختلاف يسير ، وفيهما عن أبي عبداللهعليه‌السلام ؛ وفيالأمالي للطوسي ، ص ٤٧٨ ، المجلس ١٧ ، ح ١٢ ؛ وص ٦٣٤ ، المجلس ٣١ ، ح ١١ ؛ وص ٦٣٥ ، المجلس ٣١ ، ح ١٢ ؛ والاختصاص ، ص ٢٣٣ ، مرسلاً عن عليّعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٦٠ ، ح ٢٥٧٥ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٧ ، ح ١٦٠٩٩ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٤٧ ، ح ٤٤.

(٣). في حاشية « ج » : « والمساواة ».

(٤). في مرآة العقول : « وإذا ».

(٥). « النافلة » : العَطيّة.مجمع البحرين ، ج ٥ ، ص ٤٨٥ ( نفل ).

(٦). في « ف » : « فإذا ».

(٧). في الوسائل : + « له ».

(٨). فيمرآة العقول : « وأن يكذّبه ، بالتشديد. والتخفيف بعيد ».

(٩). في « ب ، ض » : « فإذا ». وفي البحار :«وإن».

(١٠). في « ز ، ف » : + « يكون ».

(١١). في « ف » : - « له ».

٤٣٩

وَإِذَا(١) اتَّهَمَهُ انْمَاثَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِهِ كَمَا يَنْمَاثُ(٢) الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ».(٣)

٢٠٦٣/ ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ صَاحِبِ الْكِلَلِ(٤) ، عَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ ، قَالَ :

كُنْتُ أَطُوفُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَعَرَضَ لِي(٥) رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا كَانَ سَأَلَنِي(٦) الذَّهَابَ مَعَهُ فِي حَاجَةٍ ، فَأَشَارَ(٧) إِلَيَّ ، فَكَرِهْتُ(٨) أَنْ أَدَعَ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَأَذْهَبَ إِلَيْهِ(٩) ، فَبَيْنَا(١٠) أَنَا أَطُوفُ إِذْ(١١) أَشَارَ إِلَيَّ أَيْضاً(١٢) ، فَرَآهُ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، فَقَالَ : « يَا أَبَانُ ، إِيَّاكَ يُرِيدُ هذَا؟ » قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَمَنْ هُوَ؟ » قُلْتُ(١٣) : رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، قَالَ : « هُوَ عَلى مِثْلِ مَا(١٤) أَنْتَ عَلَيْهِ؟ » قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : « فَاذْهَبْ إِلَيْهِ » قُلْتُ : فَأَقْطَعُ(١٥) الطَّوَافَ؟ قَالَ : « نَعَمْ » قُلْتُ : وَإِنْ كَانَ طَوَافَ الْفَرِيضَةِ؟ قَالَ : « نَعَمْ ».

قَالَ : فَذَهَبْتُ مَعَهُ ، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِ بَعْدُ ، فَسَأَلْتُهُ ، فَقُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ ، فَقَالَ : « يَا أَبَانُ ، دَعْهُ(١٦) .............................................

__________________

(١). في « ض » : « فإذا ».

(٢). في « بر » : « كانمياث ».

(٣).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب التهمة وسوء الظنّ ، ح ٢٧٧٧ ، بسند آخر ، من قوله : « وإذا اتّهمه انماث الإيمان ». وفيالمؤمن ، ص ٦٧ ، ح ١٧٥ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، من قوله : « وإذا قال له اُفّ فليس بينهما » مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٦٠ ، ح ٢٥٧٦ ؛الوسائل ، ج ١٢ ، ص ٢٠٧ ، ح ١٦١٠٠ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٤٨ ، ح ٤٥.

(٤). صاحب الكلل ، أي كان يبيعها. والكلل جمع كِلَّة ، وهي الستر الرقيق يخاط كالبيت ، يُتوقّى فيه من البقّ والبعوض. وصوفة حمراء في رأس الهودج. راجع :لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٥٩٤ ( كلل ).

(٥). في « د ، ز ، ص ، بس ، بف » وحاشية « ف » : « له ».

(٦). في البحار : « يسألني ».

(٧). في « بر » : « وأشار ».

(٨). في المصادقة : - « فكرهت ».

(٩). في الوسائل : - « فأشار - إلى - وأذهب إليه ».

(١٠). في الوسائل : « فبينما ».

(١١). في « ب » : « إذا ».

(١٢). في الوسائل : - « أيضاً ».

(١٣) في « ف » : + « هو ».

(١٤) في الوسائل : « الذي ».

(١٥) في «ز ، ف،بر ، بس ، بف»والوسائل:«وأقطع».

(١٦) في « ب » : + « و ».

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790