الفروع من الكافي الجزء ٣

الفروع من الكافي7%

الفروع من الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 790

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 790 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 184418 / تحميل: 6194
الحجم الحجم الحجم
الفروع من الكافي

الفروع من الكافي الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

المصلحة وناجماً عن سوء تدبيره، وبالتالي كان ذنباً ومعصية، أو أنّ الآية خرجت لبيان أمر آخر ؟ والصحيح هو الثاني وإليك البيان:

إنّ دراسة الموضوع توقفنا على أنّ إذن رسول الله كان مقروناً بالمصلحة إذ لولاه فلا يخلوا حالهم بين أن يكونوا مطيعين أو عاصين، فلو أطاعوه وساهموا المسلمين لكان ضررهم أكثر من نفعهم لقوله سبحانه:( لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إلّا خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ) ( التوبة / ٤٧ ).

ولأجل أنّ ضررهم كان أكثر من نفعهم، أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن لا يشاركهم في الجهاد ولو طلبوا منه، قال سبحانه:( فَإِن رَّجَعَكَ اللهُ إِلَىٰ طَائِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل لَّن تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَن تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الخَالِفِينَ ) ( التوبة / ٨٣ ).

ولو خالفوا واثّاقلوا إلى الأرض لكان الفساد أعظم، لأنّ المخالفة الواضحة توجب تهبيط عظمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الأعين وربّما تتّخذ خطة عادية للمنافقين في مجالات اُخر.

ولأجل هذا لـمّا استأذنوا أذن لهم وما هذا إلّا دفعاً للفاسد أو الأفسد.

وبعبارة اُخرى: أنّهم كانوا عازمين على عدم الخروج مع المؤمنين لغزو الروم، بل كان لهم في غياب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله تخطيط ومؤآمرة أبطله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بتخليف عليّعليه‌السلام مكانه كما هو مذكور في السيرة، قال سبحانه:( وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَٰكِن كَرِهَ اللهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ) ( التوبة / ٤٦ ).

والآية صريحة في أنّهم كانوا عازمين على ترك الخروج وكان الإستئذان نوع تغطية لقبح عملهم فما كانوا يخرجون إلى الجهاد سواء أذن النبي ( صلى الله عليه وآله

٤٦١

وسلم ) أم لم يأذن، لكنصلى‌الله‌عليه‌وآله بإذنه حفظ مكانته ومنزلته بين المسلمين.

نعم، إنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بإذنه فوّت مصلحة اُخرىٰ وهو التعرّف على المؤمن وتمييزه عن المنافق، وتمحيص المطيع عن المتمرّد ولولاه لم يعرف الصديق من العدو عاجلاً.

وليس لحن الآية في مجال تفويت هذه المصلحة لحن العتاب والإعتراض، بل اُسلوبه اُسلوب عطف وحنان، وأشبه بإعتراض الولي الحميم على الصديق الوفي، إذا عامل عدوّه الغاشم بمرونة ولينة، فيقول بلسان الإعتراض: « لماذا أذنت له ولم تقابله بخشونة حتّى تعرف عدوّك من صديقك ومن وفّي لك ممّن خانك. على أنّه وإن فات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله معرفة المنافق من هذا الطريق لكنّه لم يفته معرفته من طريق آخر، صرّح به القرآن في غير هذا المورد، فإن النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعرف المنافق وغيره من المؤمن من طريقين آخرين.

١ ـ كيفيّة الكلام، ويعبّر عنه القرآن بلحن القول وذلك إنّ الخائن مهما أصرّ على كتمان خيانته، تظهر بوادرها في ثنايا كلامه، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ما أضمر أحد شيئاً إلّا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه » وفي ذلك يقول سبحانه:( وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ ) ( محمد / ٣٠ ).

٢ ـ التعرّف عليهم بتعليم منه سبحانه، قال:( مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ ) ( آل عمران / ١٧٩ ) والدقّة في الآية تفيد بأنّ الله سبحانه يجتبي من رسله من يشاء ويطلعه على الغيب، ويعرف من هذا الطريق الخبيث ويميّزه عن الطيّب.

وعلى ذلك فلم يفت النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله شيء وإن فاتته

٤٦٢

معرفة المنافق من هذا الطريق ولكنّه وقف عليها من الطريقين الآخرين.

وعلى كل تقدير فاستئذان اُولوا الطول منهم لترك الخروج آية النفاق، كما أنّ مساهمتهم آية الإيمان، يقول سبحانه:( وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ *رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ *لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ *أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ( التوبة / ٨٦ ـ ٨٩ ).

نعم استثنىٰ سبحانه ذوي الأعذار وهم الضعفاء، والمرضى والفقراء، فإنّ هذه الأصناف الثلاثة لا حرج عليهم ولا إثم في قعودهم عن الجهاد الواجب، قال سبحانه:( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى المَرْضَىٰ وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا إلّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ *إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ) ( التوبة / ٩١ ـ ٩٣ ).

الاعتذار بالخوف من نساء الروم

ثمّ إنّ بعضهم اعتذر بأنّه يخشىٰ من نساء بني الأصفر فقال: يا رسول الله: « إئذن لي ولا تفتني فو الله لقد عرف قومي أنّه ما من رجل بأشدّ عجباً بالنساء منّي وإنّي أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر » فأعرض عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: لقد أذنت لك، فنزلت في حقّه هذه الآية:( وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ ائْذَن لِّي وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ ) ( التوبة / ٤٩ ).

٤٦٣

والمراد أنّه انّما خشي الفتنة من نسائهم ولكن ما سقط فيه من الفتنة أكبر لتخلّفه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجزاؤه جهنّم(١) .

ثمّ خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن المدينة وضرب عسكره على ثنية الوداع وخلّف عليّ بن أبي طالب ( رضوان الله عليه ) على أهله وأمره بالإقامة فيهم فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلّفه إلّا إستثقالاً له وتخفّفاً منه، فلمّا قال ذلك المنافقون أخذ عليّ بن أبي طالب ( رضوان الله عليه ) سلاحه ثمّ خرج حتّى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو نازل بالجرف، فقال: يا نبي الله، زعم المنافقون أنّك إنّما خلّفتني لأنّك استثقلتني وتخفّفت منّي، فقال: كذّبوا، ولكنّي خلّفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا عليُّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى؟ إلّا أنّه لا نبي بعدي، فرجع عليٌّ إلى المدينة، ومضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على سفره(٢) .

حديث تخلّف الثلاثة

ثمّ إنّه تخلّف بعضهم لا عن نفاق بل عن توان وهم: كعب بن مالك ومرارة بن ربيع وهلال بن اُميّة. فلمّا قدم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة جاءوا إليه واعتذروا فلم يكلّمهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتقدّم إلى المسلمين بأن لا يكلّمهم أحد منهم، فهجرهم الناس حتى الصبيان، وجاءت نساؤهم إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقلن له: يا رسول الله نعتزلهم ؟ فقال: لا ولكن لا يقربوكنّ، فضاقت عليهم المدينة فخرجوا إلى رؤوس الجبال، وكان أهاليهم يجيئون لهم بالطعام ولا يكلّمونهم، فقال بعضهم لبعض: قد هجرنا الناس ولا يكلّمنا أحد منهم فهلّا نتهاجر نحن أيضاً، فتفرّقوا ولم يجتمع منهم اثنان وبقوا على ذلك خمسين

__________________

(١) السيرة النبوية: ج ٢ ص ٥١٦.

(٢) السيرة النبويّة: ج ٢ ص ٥٢٠.

٤٦٤

يوماً يتضرّعون إلى الله تعالى، فقبل الله توبتهم وأنزل فيهم هذه الآية(١) :

( وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إلّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ) ( التوبه / ١١٨ ).

والذي يستفاد من هذا القرار الحاسم الذي أصدره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في شأن اُولئك، أنّ الدواء الناجع لعلاج كل تصدّع يطرأ على الجبهة الإسلامية يتمثّل في فرض الحصار وتضييق الخناق على العدوّ ليستأصل كلّياً قبل استفحال أواره، ، واشتداد شوكته.

وبعبارة اُخرى: نستخلص درساً هامّاً لحياتنا في مستقبلها المصيري من موقف النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا وهو أنّه كلّما شعرت القيادة الإسلامية بخطر يترقّب من أقلّية تسكن داخل البلاد الإسلامية، فإنّه يجب عليها أن تفرض عليها الحصار الإقتصادي وتستنهض عزائم المسلمين للمجابهة الصارمة مع اُولئك ليرتدعوا عن بكرة أبيهم عمّا كانوا عليه من شطط وإيذاء للمسلمين.

نرى في البلاد الإسلامية أقلّيات مذهبية من غير المسلمين وقد بلغوا الذروة في الثروة وجمع المال وامتصّوا دماء المسلمين في عقر دارهم، واستنفدوا قواهم وسخّروهم لصالح منافعهم الخاصّة على غفلة من أمرهم، وما هذه الظاهرة إلّا لأنّ الأكثرية صارت دمية بيد اُولئك لتشتّت المسلمين وإنقسامهم على أمرهم، فلو قام المسلمون بأعمال السياسة التي قام بها النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله في العام التاسع من الهجرة وضربوا الحصار على تلك الأقلّية بأن يقطعوا الأواصر الإقتصادية مع هؤلاء، لدحضت مخطّطاتهم ولردّ كيدهم إلى نحورهم.

__________________

(١) ونقله القمّي في تفسيره بصورة مفصّلة، ومن أراد فليرجع إلى ج ٢ ص ٢٧٨ ـ ٢٨٠، لاحظ مجمع البيان: ج ٣ ص ٧٩.

٤٦٥

هذا ما يرجع إلى الأقلّيات المذهبية في داخل البلاد الإسلامية وأمّا القوى الكافرة الخارجة عنها فيجب كبح جماحهم بشكل آخر وهو:

إنّ المسلمين اليوم يملكون زمام الطاقة الحياتية المتمثّلة في النفط والتي تمثّل عصب الحضارة الحديثة، فلو أنّهم امتنعوا عن إعطاء ثروتهم النفطية للقوى الكبرى، لتوقّفت واُصيبت الحياة الصناعية والإقتصادية بشكل رهيب. واضطرّت على أثرها للرضوخ للواقع والإعتراف بحقوق المسلمين المشروعة.

( إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) والتفصيل موكول إلى محل آخر.

مسجد ضرار

كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على جناح السفر إلى تبوك إذ وفد جماعة من بني غنم ابن عوف وطلبوا منه أن يأتيهم ويصلّي في مسجدهم الذي بنوه في حيّهم وقالوا: إنّا بنينا مسجداً لذي العلّة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنّا نحب أن تأتينا فتصلّي فيه لنا وتدعوا بالبركة، فقال لهم: إنّي على جناح سفر ولو قدمنا أتيناكم إن شاء الله.

فلمّا انصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من تبوك وأراد الصلاة فيه نزلت عليه آية في شأن المسجد وهي:

( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ المُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إلّا الحُسْنَىٰ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ *لا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ المُطَّهِّرِينَ *أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ تَقْوَىٰ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىٰ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ

٤٦٦

الظَّالِمِينَ *لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إلّا أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) ( التوبة / ١٠٧ ـ ١٠٩ ).

وفي حقيقة الأمر كان إنشاء هذا البناء لأجل غاية خبيثة وأهداف مستبطنة منها بثّ الفرقة والشقاق بين صفوف المسلمين، ومنها جعل هذا المكان ملجأً لأبي عامر الراهب وهو من أشد محاربي الله ورسوله وكان من قصّته أنّه قد ترهّب في الجاهلية ولبس المسوح، فلمّا قدم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المدينة حسده وحزّب عليه الأحزاب ثمَّ هرب بعد فتح مكّة إلى الطائف فلمّا أسلم أهل الطائف لحق بالشام وخرج إلى الروم وتنصّر وهو أبو حنظلة غسيل الملائكة الذي قتل مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في واقعة اُحد وكان جنباً فغسّلته الملائكة.

وسمّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا عامر: « الفاسق »، وقد كان أرسل إلى المنافقين أن استعدّوا وابنوا مسجداً فإنّي أذهب إلى قيصر وآتي من عنده بجنود واخرج محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة، فكان المنافقون يتوقّعون أن يجيئهم أبو عامر، فبنوا هذا المسجد لتلك الغاية.

فلمّا نزلت الآية أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عاصم بن عوف العجلاني ومالك بن الأخشم بهدم المسجد وتحريقه، وروي أنّه بعث عمّار بن ياسر ووحشي أن يحرقاه وأمر بأن يتّخذ كناسة يلقىٰ فيها الجيف.

وهذه المؤامرة لم تكن الاُولى في تاريخ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّ القوى الكافرة ما برحت تبذل جهودها في البلاد الإسلامية من خلال إنشاء المشاريع الخيرية كالكنائس والمستشفيات وملاجئ الأيتام ومعاهد التربية والتعليم لتأصيل بذور عوامل الإختلاف بين المسلمين، وتضعيف عقائدهم وافسادهم إلى حد تبلغ بهم فيه إلى مسخ شخصيتهم الإسلامية.

وهذا إن دلّ على شيء فإنّه يدل على أنّ المشاريع الخيرية أفضل وسيلة للنفوذ إلى أوساط المسلمين وتنفيذ مآربهم العدائية المحاكة ضدّهم.

٤٦٧

وفي الواقع أنّ الخطّة التي تنتهجها القوىٰ الكافرة غالباً للقضاء على الإسلام والمسلمين تكمن في إستغلال الصبغة الدينية التي تدين بها الشعوب الإسلامية لضرب الإسلام والإنسانية باسم الإسلام نفسه وتحت شعارات دينية تنبع من أهدافه في ظاهر أمرها.

وقعة تبوك:

فلمّا انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى تبوك أتاه صاحب أيله(١) وأهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية، فكتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهم كتاباً، فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تبوك بضعة عشر ليلة ولم يجد من العدو فيها أثراً فرجع إلى المدينة قافلاً.

تآمر المنافقين على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

روى المفسّرون أنّ اثني عشر رجلاً من المنافقين وقفوا على العقبة ليفتكوا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند رجوعه من تبوك فأخبر جبرئيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك وأمره أن يرسل إليهم ويضرب وجوه رواحلهم، وعمّار كان يقود دابّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحذيفة يسوقها، فقال حذيفة اضرب وجوه رواحلهم فضربها حتى نحّاهم، فلمّا نزل قال لحذيفة من عرفت من القوم ؟ قال: لم أعرف منهم أحداً، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّه فلان وفلان حتى عدّهم كلّهم، فقال حذيفة: ألا تبعث إليهم فتقتلهم ؟ فقال: أكره أن تقول العرب لـمّا ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم(٢) .

روى الواقدي: لـمّا كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في بعض

__________________

(١) مدينة في فلسطين.

(٢) مجمع البيان: ج ٣ ص ٤٦.

٤٦٨

الطريق مكر به اُناس من المنافقين وائتمروا أن يطرحوه من عقبة في الطريق، فلمّا بلغ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تلك العقبة أرادوا أن يسلكوها معه، فأخبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خبرهم.

فقال للناس: اسلكوا بطن الوادي فإنّه أسهل لكم وأوسع، فسلك الناس بطن الوادي وسلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العقبة وأمر عمّار بن ياسر أن يأخذ بزمام الناقة يقودها وأمر حذيفة بن اليمان يسوق من خلفه، فبينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسير في العقبة إذ سمع حسيس القوم قد غشّوه، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر حذيفة أن يردّهم، فرجع حذيفة إليهم وقد رأوا غضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يضرب وجوه رواحلهم بمحجن في يده، وظنّ القوم أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد اطّلع على مكرهم فانحطّوا من العقبة مسرعين حتّى خالطوا الناس.

وأقبل حذيفة حتّى أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فساق به، فلمّا خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من العقبة نزل الناس فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا حذيفة هل عرفت أحداً من الركب الذين رددتهم ؟ قال: يا رسول الله عرفت راحلة فلان وفلان وكان القوم متلثّمين فلم أبصرهم من أجل ظلمة الليل، فنزلت في حقّهم هذه الآية:

( يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ *وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) ( التوبة / ٦٤ ـ ٦٥ )(١) .

__________________

(١) المغازي للواقدي: ج ٣ ص ١٠٤٢ ـ ١٠٤٣.

٤٦٩
٤٧٠

(١١)

البراءة من المشركين

كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لـمّا فتح مكّة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة، وكانت سنّة العرب في الحج أنّه من دخل مكّة وطاف البيت في ثيابه لم يحلّ له امساكها، وكانوا يتصدّقون بها ولا يلبسونها بعد الطواف، فكان من وافىٰ مكّة يستعير ثوباً ويطوف فيه ثمّ يردّه، ومن لم يجد عارية ولا كراءً ولم يكن له إلّا ثوب واحد طاف بالبيت عرياناً.

فجاءت امرأة من العرب حسناء جميلة فطلبت ثوباً عارية أو كراءً فلم تجده، فقالوا لها: إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدّقي بها، فقالت: كيف أتصدّق وليس لي غيرها ؟ فطافت بالبيت عريانة، وأشرف لها الناس، فوضعت احدى يديها على قبلها والاُخرى على دبرها، وقالت شعراً:

اليوم يبدو بعضه أو كلّه

فما بدا منه فلا أحلّه

فلما فرغت من الطواف، خطبها جماعة، فقالت: إنّ لي زوجاً. وكانت سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل نزول سورة البراءة أن لا يقاتل إلّا من قاتله، ولا يحارب إلّا من حاربه وأراده، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يقاتل أحداً قد تنحّىٰ عنه واعتزله حتى نزلت عليه سورة البراءة، وأمره بقتل المشركين من اعتزله ومن لم يعتزله إلّا الذين قد عاهدهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكّة إلى مدّة، منهم: صفوان بن اُميّة وسهيل بن عمرو، فقال الله عزّ وجلّ:( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ *فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) ثمّ يقتلون حيثما وجدوا بعد.

٤٧١

هذه أشهر السياحة: عشرين من ذي الحجة ومحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشراً من ربيع الآخر.

فلمّا نزلت الآيات من سورة البراءة دفعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أبي بكر وأمره أن يخرج إلى مكّة ويقرأها على الناس بمنى يوم النحر، فلمّا خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا محمّد لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك.

فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمير المؤمنينعليه‌السلام في طلب أبي بكر، فلحقه بالروحاء وأخذ منه الآيات فرجع أبو بكر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله أنزل الله فيّ شيئاً ؟ فقال: لا إنّ الله أمرني أن لا يؤدّي عني إلّا أنا أو رجل منّي(١) .

هذا مجمل ما روته الشيعة حول حادثة نزول السورة وهو بنفسه جاء في كتب أهل السنّة في مصادر جمّة من حديث وتفسير، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى تفسير الطبري والسيوطي في تفسير الآية، ولكن لإلقاء المزيد من الضوء على تلك الحادثة نبحث عن اُمور:

١ ـ لماذا لم يحجّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بنفسه في هذا العام ؟

روى المفسّرون أنّه أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من تبوك فأراد الحج، فقيل له: إنّه يحضر المشركون فيطوفون عراة، فقال: لا أحبّ أن أحجّ حتّى لا يكون ذلك(٢) .

ويؤيّد ذلك قصة المرأة التي طافت بالبيت الحرام عريانة كما عرفت.

__________________

(١) تفسير القمي: ج ١ ص ٢٨١ ـ ٢٨٢.

(٢) تفسير الطبري: ج ١١ ص ٤٤.

٤٧٢

٢ ـ اختلفت الرواية في عدد الآيات التي بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاًعليه‌السلام بها ليقرأها يوم الحجّ الأكبر على المشركين ويرفع الأمان عنهم.

فقد روى الطبري عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا:

بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر أميراً على الموسم سنة تسع وبعث عليّ بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه بثلاثين أو أربعين آية من سورة براءة فقرأها على الناس يؤجّل المشركين أربعة أشهر يسيحون في الأرض، فقرأ عليهم براءة يوم عرفة أجّل المشركين عشرين من ذى الحجة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأوّل وعشراً من ربيع الآخر(١) .

وروى السيوطي في الدر المنثور قال: أخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد السند وأبو الشيخ وابن مردويه عن عليٍّرضي‌الله‌عنه قال: لـمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا أبا بكر ليقرأها على أهل مكّة ثمّ دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر فحيث ما لقيته فخذ الكتاب منه(٢) .

روى البحراني في تفسيره عن مصادر وثيقة، روايات تنتهي إلى أبي هريرة وأنس وأبي رافع وزيد بن نفيع وابن عمر وابن عباس ـ واللّفظ للأخير: إنّه لـمّا نزل( بَرَاءَةٌ مِنَ الله وَرَسُولِهِ ) إلى تسع آيات أنفذ النبي أبا بكر إلى مكّة لأدائها، فنزل جبرئيل وقال: إنّه لا يؤدّيها إلّا أنت أو رجل منك، فقال النبي لعليٍّ: إركب ناقتي العضباء والحق أبا بكر وخذ براءة منه(٣) .

والرواية الثانية والثالثة أوفق بمضمون الآيات وما يمس بالقضية لا يتجاوز الآية العاشرة وربّما تزيد قليلاً، مضافاً إلى أنّ الرواية الاُولى فيها من الشذوذ ما لا يخفى، وسيوافيك أنّ عليّاًعليه‌السلام قد قرأ يوم النحر لا يوم عرفة وأنّه رفع الأمان عن

__________________

(١) نفس المصدر السابق.

(٢) الدر المنثور: ج ١٠ ص ١٢٢.

(٣) تفسير البرهان: ج ٢ ص ١٠٥.

٤٧٣

المشركين منذ يوم التلاوة وكان يوم العاشر من ذي الحجة لا العشرين منه.

وإليك الآيات العشر الواردة في شأن تلك القصة نسوقها إليك لتقف عن كثب على مضمونها وما ورد فيها حول تلك الحادثة:

قال عزّ من قائل:( بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ *فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ *وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إلّاالَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ المُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ *فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ *وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ *كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إلّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ المَسْجِدِ الحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُتَّقِينَ *كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إلّا وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ *اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَصَدُّوا عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلّا وَلا ذِمَّةً وَأُولَٰئِكَ هُمُ المُعْتَدُونَ ) ( براءة / ١ ـ ١٠ ).

٣ ـ لماذا عزل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر عن مهمّة التبليغ:

قد تضافرت النصوص على أنّه لـمّا نزلت عشر آيات من أوّل سورة براءة دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا بكر ليقرأها على أهل مكّة ثّم دعا عليّاًعليه‌السلام فقال له: أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم، فخرج عليٌّعليه‌السلام من المدينة فلحق أبا بكر في الجحفة وأخذ

٤٧٤

الكتاب منه، ورجع أبو بكر إلى المدينة مستاءً فقال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنزل فيّ شيء ؟ قال: لا، ولكن جبرئيل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك(١) .

وهناك صور اُخرى للحديث يقرب بعضها من بعض ويتّحد الكل في إفادة معنى واحد لمضمون القصّة.

قال البغوي في تفسيره: لـمّا كانت سنة تسع وأراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحج قيل له: إنّه يحضر المشركون فيطوفون عراة، فبعث أبا بكر تلك السنة أميراً على الموسم ليقيم للناس الحج وبعث معه أربعين آية من صدر براءة ليقرأها على أهل الموسم، ثمّ بعث بعده عليّاً ( كرم الله وجهه ) على ناقته العضباء ليقرأ على الناس صدر براءة وأمره أن يؤذّن بمكّة ومنىٰ وعرفة: أن قد برئت ذمة الله وذمّة رسوله من كلّ مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان. فرجع أبو بكر فقال: يا رسول الله بأبي أنت واُمّي أنزل في شأني شيء ؟ قال: لا، ولكن لا ينبغي لأحد أن يبلّغ هذا إلّا رجل من أهلي(٢) .

وعند الرجوع إلى طرق وأسانيد هذه القصة في المجامع الحديثية والتفسيرية المهمّة يظهر بجلاء وجود تواتر معنوي أو إجمالي لوقوع القصة أعني استرداد الآيات من أبي بكر وتشريف أمير المؤمنين بتبليغها ونزول الوحي المبيّن بأنه لا يبلّغ عنه إلّا هو أو رجل من أهل بيته وإن اشتملت القصة على بعض الخصوصيّات التي تفرّد بها بعض الطرق والمتون(٣) .

__________________

(١) الدر المنثور: ج ٣، ص ٢٠٩، كنز العمال: ج ١ ص ٢٤٧، تاريخ ابن كثير: ج ٥ ص ٣٨.

(٢) تفسير البغوي: ج ٢ ص ٢٦٧.

(٣) وقد جمع العلاّمة الأميني كافة صور الحديث بطرقه المختلفة المسندة منها والمرسلة في موسوعته الثمينة الغدير ونقله عن ثلاثة وسبعين محدّثاً ومفسّراً ومؤرّخاً لاحظ: ج ٦ ص ٣٣٨ ـ ٣٥٠.

٤٧٥

وإلى تلك الفضيلة يشير شمس الدين المالكي ( ت ٧٨٠ ه‍ ) في قصيدته:

وإنّ عليّاً كان سيف رسوله

وصاحبه السامي لمجد مشيّد

إلى أن قال:

وأرسله عنه الرسول مبلّغاً

وخصّ بهذا الأمر تخصيص مفرد

وقال هل التبليغ عنّي ينبغي

لمن ليس عن بيتي من القوم فاقتد(١)

وحينئذ يأتي الكلام على الوازع الذي دفع الوحي الإلهي إلى عزل أبي بكر وتنصيب عليّعليه‌السلام مكانه فقد ذكرت في المقام وجوه نشير إليها:

١ ـ ما ذكره الآلوسي في روح المعاني بقوله: ليس في شيء من الروايات ما يدلّ على أنّ عليّاًعليه‌السلام هو الخليفة بعد رسول الله دون أبي بكر، وقوله: « لا يبلّغ عنّي غيري أو رجل منّي » سواء كان بوحي أو جار على عادة العرب أن لا يتولّى تقرير العهد ونقضه إلّا رجل من الأقارب لتنقطع الحجّة بالكلّية(٢) .

ويؤاخذ عليه:

أوّلاً: بأنّ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله برّر عزل أبي بكر بأنّه نزل جبرئيل على « أنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك » ولو كانت لما ذكره القائل مسحة من الحق لكان على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يقول السنّة الجارية عند العرب هي أن لا ينقض العهد إلّا عاقده أو رجل من أهل بيته، مع إنّا نرى أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يذكره أبداً.

وثانياً: إنّ ابن كثير لم يذكر لتلك السنّة العربية مصدراً ولا خبراً عنها في أيّامهم ومغازيهم، ولو صحّت السنّة لكانت سنّة عربيّة جاهليّة فما وزنها في الإسلام ؟ وما

__________________

(١) نفح الطيب: ج ٤ ص ٦٠٣.

(٢) روح المعاني: ج ١٠ ص ٤٥، وقد أخذه عن تفسير ابن كثير: ج ٢، ص ٣٣١.

٤٧٦

هي قيمتها عند النبي ؟ وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله كان ينسخ كل يوم سنّة جاهليّة وينقض كل حين عادة قوميّة، وقد قال يوم فتح مكّة: « ألا إنّ كلّ مأثرة أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدمي هاتين إلا سدانة البيت وسقاية الحاج »(١) .

وثالثاً: لو افترضنا أنّ هذه السنّة كانت سنّة عربيّة محمودة فهل كان رسول الله ذاهلاً عنها وناسياً لها حين سلّم الآيات بيد أبي بكر وأرسله وخرج إلى طريق مكّة ؟ فعندما كان في بعض الطريق ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما نسيه أو ذكّره بعض من كان عنده بما أهمله وذهل عنه من أمر كان الواجب مراعاته، مع أنّ هذه السنّة لو كانت رائجة لما كان للنبي ولمن حوله أن يغفلوا عنها ثم يتذكّروها، فهل الذهول عنها إلّا كذهول المقاتل عن سلاحه والحارس عن حربته ؟

ورابعاً: إنّ عليّاًعليه‌السلام لم يبعث لمجرّد نقض العهد وحده، وإنّما بلّغ أحكاماً لم تكن داخلة في ضمن العهد، فقال: « يا أيّها الناس لا يحجّ بعد هذا العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان له عند رسول الله عهد فهو له إلى مدّته الخ »(٢) .

وبالجملة فلم تكن رسالة الإمام عليّعليه‌السلام مقصورة على مجرّد تلاوة طائفة من سورة براءة بل تعدّت إلى تبليغ أحكام قرآنية اُخرى نزل بها جبرئيل عن الله سبحانه على رسوله حيث أخبر فيها بأنّه « لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك ».

هذا هو التبرير الذي إرتآه ابن كثير وجنح إليه الآلوسي في تفسيره.

وهناك زمزمة اُخرى تفوّه بها صاحب المنار واستحسنها شلتوت في تفسيره حيث قال الأوّل: « إنّ الصدّيق كان مظهراً لصفة الرحمة والجمال وكان عليٌّ أسد الله ومظهر جلاله، ولأجل ذلك فوّض إليه نقض عهد الكافرين الذي هو من آثار الجلال وصفات القهر، فكان هناك عينين فوّارتين يفور من أحدهما صفة الجمال ومن

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام: ج ٢ ص ٤١٢.

(٢) السيرة النبوية لابن هشام: ج ٢ ص ٥٤٦.

٤٧٧

الاُخرى صفة الجلال في ذلك المجمع العظيم الذي كان أنموذجاً للحشر ومورداً للمسلم والكافر »(١) .

وصاحب المنار عندما ينقله عن بعض أهل السنّة يعود فينتقده بقوله: « ولا يخفى حسنه لو لم يكن في البين تعليل النبي فإنّه علّل تبليغ عليٍّ، نبذ العهود عنه بكونه من أهل بيته وهو ينافي أن تكون النكتة المذكورة علّة، فهو لا يأبى أن تكون حكمة ».

وصاحب المنار وإن أتى ببعض الحقّ ولكن غفل عن البعض الآخر وهو أنّ أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكونوا منحصرين في عليّ وحده، بل كانوا عدّة كثيرة كعمّه العباس وأبناء أبي طالب كطالب وعقيل وغيرهم، فلماذا ـ يا تري ـ اختار عليّاً وحده من دونهم ؟

والحق أن يقال: إنّ عزل أبا بكر ونصب عليّ مكانه لم يكن إلّا لأمر سياسى ودينى يتلخّص في الأمر التالي:

وهو أنّ نقض وإبرام المواثيق والعهود من الاُمور الحكومية التي يمارسها الحاكم المدني أو الشرعي ولا يحق لغيره التدخّل فيها، فالنبي الأكرم نوّه بعمله هذا إلى أنّ الإنسان اللائق بهذه المهام في حياته ـ وبطريق أولى بعد وفاته ـ هو عليٌّ بلا منازع، الذي هو منه(٢) فهو اللائق والمسؤول بحكم النيابة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للتصدّي لشؤون الخلافة والحكومة ولا يختصّ شأن عليٍّ بالاُمور السياسية وحده بل هو المبلّغ لأحكام شرعيّة لم يبلّغه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لأجل ظروف قاسية فهو الزعيم للاُمّة في الاُمور السياسية والشرعية.

ومن العجب العجاب ما يرى من تساهل الرواة والمؤرّخون في نقل هذه الفضيلة، ونسوق إليك بعض الصور المختلفة لهذه القصّة في كتب الحديث:

__________________

(١) تفسير المنار: ج ١٠ ص ١٩٣، تفسير القرآن المجيد للشيخ محمود شلتوت ص ٦١٥.

(٢) نظير ذلك ما ورد في آية المباهلة حيث قال سبحانه:( تَعَالَوا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وابْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وانْفُسَنَا وانْفُسَكُمْ) ( آل عمران / ٦١ ).

٤٧٨

١ ـ ما يحكى أنّ عليّاً اختصّ بتأدية براءة واُخرى تدلّ على أنّ أبا بكر شاركه فيه، واُخرى تدلّ على أنّ أبا هريرة شاركه في التأدية، ورجال آخرون لم يسمّوا في الروايات.

٢ ـ ما يدل على أنّ الآيات كانت تسع آيات، واُخرى عشراً، واُخرى ستّة عشر، واُخرى ثلاثين، واُخرى ثلاثاً وثلاثين، واُخرى سبعاً وثلاثين، واُخرى أربعين، واُخرى سورة براءة.

٣ ـ ما يدلّ على أنّ أبا بكر ذهب لوجهه أميراً على الحاج، واُخرى على أنّه رجع وأوّله بعضهم كابن كثير أنّه رجع بعد إتمام الحج، وآخرون أنّه رجع ليسأل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن سبب عزله، وفي رواية أنس أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أبا بكر ببراءة ثمّ دعاه فأخذها منه.

٤ ـ ما يدل على أنّ الحجّة وقعت في ذي الحجّة وإنّ يوم الحجّ الأكبر تمام أيّام تلك الحجّة أو يوم عرفة أو يوم النحر أو اليوم التالي ليوم النحر أو غير ذلك، واُخرى أنّ أبا بكر حجّ في تلك السنة في ذي القعدة.

٥ ـ ما يدل على أنّ أشهر السياحة تأخذ من شوال، واُخرى من ذي القعدة واُخرى من عاشر ذي الحجّة، واُخرى من الحادي عشر من ذي الحجّة وغير ذلك.

٦ ـ ما يدل على أنّ الأشهر الحرم هي ذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم من تلك السنة، واُخرى على أنّها أشهر السياحة تبتدئ من يوم التبليغ أو يوم النزول(١) .

٤ ـ مبدأ أمد الهدنة:

إنّ الله سبحانه ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد رفعا الأمان عن المشركين الناقضين للعهود إلّا أنّه تمّ إمهالهم مدّة أربعة أشهر وحيث قال سبحانه:

__________________

(١) الميزان: ج ٩ ص ١٧٥، ولاحظ تفسير الطبري: ج ٩ ص ٤٢.

٤٧٩

( فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ *وَأَذَانٌ مِّنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِّنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) ( براءة / ٢ و ٣ ).

وأمّا مبدأ هذه الهدنة هو يوم الحجّ الأكبر الذي هو يوم الإبلاغ والإنذار.

والأوفق بسماحة الإسلام أن يبتدأ أمدها من حين الإعلان والإنذار لا من حين إنشاء الحكم الذي ربّما يتقدّم على إعلامه.

فإذا فرضنا أنّ يوم الحجّ الأكبر هو يوم النحر العاشر من ذى الحجّة كان آخر الأمد هو العاشر من ربيع الآخر.

وأمّا من جعل مبدأ الإنذار يوم العشرين من ذى القعدة فعليه تنتهي الهدنة بمرور عشرين يوماً من ربيع الأول يتوقف.

وعند ذلك يتوجّه سؤال وهو: أنّه إذا كان نهاية الأمد هو العاشر أو العشرين من ربيع الآخر فكان يجب على المسلمين الصبر حتّى ينتهي ذلك الأمر مع أنّه سبحانه يأمر بقتلهم عند انسلاخ الأشهر الحرم أي في نهاية محرّم الحرام وإطلالة شهر صفر، قال سبحانه:

( فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) ( التوبة / ٥ ).

والجواب عن ذلك: إنّ المراد من الأشهر الحرم هي الأشهر الأربعة الواردة في الآية المتقدّمة التي حرّم الله سبحانه قتال المشركين فيها وتبتدئ من يوم النحر وتنتهي في يوم العاشر من ربيع الآخر، واللام في الأشهر الحرم للعهد الذكري إشارة إلى الأربعة المذكورة في الآية المتقدّمة، وليس المراد منه الأشهر الحرم المعروفة التي حرّم فيها الحرب في الإسلام وما قبله بل تمتد جذوره إلى عهد الأنبياء السالفين لأنّه

٤٨٠

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

حِجَجٍ(١) ».

قَالَ : قُلْتُ : عَشْرِ رِقَابٍ وَعَشْرِ حِجَجٍ(٢) ؟!

قَالَ : فَقَالَ : « يَا نَصْرُ ، إِنْ لَمْ تُطْعِمُوهُ مَاتَ ، أَوْ(٣) تُذِلُّونَهُ(٤) فَيَجِي‌ءُ(٥) إِلى نَاصِبٍ فَيَسْأَلُهُ ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ نَاصِبٍ ؛ يَا نَصْرُ ، مَنْ أَحْيَا مُؤْمِناً فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً ، فَإِنْ لَمْ تُطْعِمُوهُ فَقَدْ أَمَتُّمُوهُ ، وَإِنْ(٦) أَطْعَمْتُمُوهُ فَقَدْ أَحْيَيْتُمُوهُ ».(٧)

٨٧ - بَابُ مَنْ كَسَا مُؤْمِناً‌

٢١٩٤/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ كَسَا أَخَاهُ كِسْوَةَ شِتَاءٍ أَوْ صَيْفٍ(٨) ، كَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ أَنْ يَكْسُوَهُ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ ، وَأَنْ يُهَوِّنَ عَلَيْهِ(٩) سَكَرَاتِ الْمَوْتِ ، وَأَنْ يُوَسِّعَ عَلَيْهِ فِي(١٠) قَبْرِهِ ، وَأَنْ يَلْقَى(١١) الْمَلَائِكَةَ إِذَا خَرَجَ مِنْ قَبْرِهِ بِالْبُشْرى ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي‌

__________________

(١). في « ف » : « حجّ ».

(٢). في « ف » : « حجّ ».

(٣). في « ف » : « و ».

(٤). هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، بس ، بف » والوافي. وفي « بر » والمطبوع والبحار : « تدلونه » من دلوته وأدليته ، أي‌أرسلته. واختاره المازندراني في شرحه. وفيمرآة العقول : « كأنّ الظاهر حينئذٍ : « أو تذلّوه » للعطف على الجزاء ، ولذا قرأ بعضهم بفتح الواو على الاستفهام الإنكاري. و « تدلّونه » بالدال المهملة واللام المشدّدة من الدلالة ». (٥). في «ب ،ج»وحاشية«ص،ض،ف»والبحار :«فيأتي».

(٦). في البحار : « فإن ».

(٧). راجع :الكافي ، كتاب الزكاة ، باب سقي الماء ، ح ٦٢٣٣.الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٧٨ ، ح ٢٨٦٠ ؛الوسائل ، ج ٢٤ ، ص ٣٠٣ ، ح ٣٠٦١٣ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٧٩ ، ح ٨٢.

(٨). في « ف » : « صيفاً ». والنصب على الظرفيّة.

(٩). في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، بر » وشرح المازندراني والوافي والوسائل والمصادقة : + « من ».

(١٠). في « ب » : - « في ».

(١١). في « ض » : « أن تلقّى ». واحتمل المجلسي كون « الملائكة » مرفوعاً والمفعول محذوفاً. وقال : « يمكن أن =

٥٢١

كِتَابِهِ :( وَتَتَلَقّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (١) ».(٢)

٢١٩٥/ ٢. عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ كَسَا أَحَداً مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ثَوْباً مِنْ عُرْيٍ ، أَوْ أَعَانَهُ بِشَيْ‌ءٍ مِمَّا يُقَوِّيهِ(٣) مِنْ(٤) مَعِيشَتِهِ(٥) ، وَكَّلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهِ سَبْعَةَ آلَافِ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَسْتَغْفِرُونَ(٦) لِكُلِّ ذَنْبٍ عَمِلَهُ إِلى أَنْ يُنْفَخَ فِي الصُّورِ ».(٧)

٢١٩٦/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَفْوَانَ(٨) ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنْ كَسَا أَحَداً مِنْ فُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ ثَوْباً مِنْ عُرْيٍ ، أَوْ أَعَانَهُ بِشَيْ‌ءٍ مِمَّا يُقَوِّيهِ(٩) مِنْ(١٠) مَعِيشَتِهِ(١١) ، وَكَّلَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ بِهِ(١٢) سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَسْتَغْفِرُونَ(١٣) لِكُلِّ ذَنْبٍ عَمِلَهُ إِلى أَنْ يُنْفَخَ فِي الصُّورِ ».(١٤)

٢١٩٧/ ٤. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ‌

__________________

= يقرأ من باب التفعيل ، والمستتر راجع إلى الله ، والمفعول الأوّل محذوف ، ومفعوله الثاني الملائكة ». راجع :مرآة العقول ، ج ٩ ، ص ١٣٣. (١). الأنبياء (٢١) : ١٠٣.

(٢).مصادقة الإخوان ، ص ٧٨ ، ح ١ ، مرسلاً مع زيادة.الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٧٩ ، ح ٢٨٦٣ ؛الوسائل ، ج ٥ ، ص ١١٤ ، ح ٦٠٧٨ ؛البحار ، ج ٧ ، ص ١٩٨ ، ح ٧٢ ؛ وج ٧٤ ، ص ٣٧٩ ، ح ٨٣.

(٣). هكذا في النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : « يقوته ».

(٤). في حاشية « بر » : « على ».

(٥). في « ج ، د ، ز » : « معيشة ».

(٦). هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : « تستغفرون ».

(٧).الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٧٩ ، ح ٢٨٦٤ ؛الوسائل ، ج ٥ ، ص ١١٣ ، ذيل ح ٦٠٧٤ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٨٠ ، ح ٨٤.

(٨). تقدّم فيالكافي ، ذيل ح ٢١٧٦ ، احتمال وجود الخلل في السند ، فلاحظ.

(٩). هكذا في النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : « يقوته ».

(١٠). في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف » وحاشية « بر » والوسائل : « على ».

(١١). في « ز » : « معيشة ».

(١٢). في « ص » : - « به ».

(١٣) هكذا في النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع : « تستغفرون ».

(١٤)الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٧٩ ، ح ٢٨٦٥ ؛الوسائل ، ج ٥ ، ص ١١٣ ، ح ٦٠٧٤ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٨٠ ، ح ٨٥.

٥٢٢

أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ :

عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِعليهما‌السلام ، قَالَ : « مَنْ كَسَا مُؤْمِناً ، كَسَاهُ اللهُ مِنَ الثِّيَابِ الْخُضْرِ ».(١)

* وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ :(٢) « لَا يَزَالُ فِي ضَمَانِ اللهِ مَا دَامَ عَلَيْهِ سِلْكٌ(٣) ».(٤)

٢١٩٨/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : « مَنْ كَسَا مُؤْمِناً ثَوْباً مِنْ عُرْيٍ ، كَسَاهُ اللهُ مِنْ إِسْتَبْرَقِ الْجَنَّةِ ؛ وَمَنْ كَسَا مُؤْمِناً ثَوْباً(٥) مِنْ غِنًى ، لَمْ يَزَلْ فِي سِتْرٍ مِنَ اللهِ مَا بَقِيَ(٦) مِنَ الثَّوْبِ خِرْقَةٌ(٧) ».(٨)

__________________

(١).ثواب الأعمال ، ص ١٦٤ ، ح ٢ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ٩ ، المجلس ١ ، ح ٥ ، بسندهما عن حمّاد ، عن إبراهيم بن عمر ، مع زيادة في أوّله.ثواب الأعمال ، ص ١٧٥ ، ضمن ح ١ ، بسنده عن أبي‌حمزة الثمالي ، والرواية هكذا : « من كساه من عري كساه الله من استبرق وحرير ».المؤمن ، ص ٦٣ ، ح ١٦١ ، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام ؛وفيه ، ص ٦٥ ، ح ١٦٦ ، عن أبي‌عبداللهعليه‌السلام ، وفيهما مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخره.الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨٠ ، ح ٢٨٦٦ ؛الوسائل ، ج ٥ ، ص ١١٣ ، ح ٦٧٠٥ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٨١ ، ح ٨٦.

(٢). في الأمالي : - « قال في حديث آخر ».

(٣). السِّلْكَة : الخيط الذي يخاط به الثوب ، وجمعه سِلَك وأسلاك وسلوك.لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٤٤٢ ( سلك ).

(٤).الأمالي للمفيد ، ص ٩ ، المجلس ١ ، ح ٥ ، بسنده عن حمّاد ، عن إبراهيم بن عمر.ثواب الأعمال ، ص ١٧٥ ، ضمن ح ١ ، بسنده عن أبي‌حمزة الثمالي ، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، وفيه : « من كساه من غير عري لم يزل في ضمان الله ».قرب الإسناد ، ص ١٢٠ ، ح ٤٢٢ ، بسند آخر عن جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلاف يسير وزيادة في أوّله وآخره.الاختصاص ، ص ٢٨ ، مرسلاً عن أبي‌حمزة الثمالي ؛المؤمن ، ص ٦٣ ، ح ١٦١ ، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، مع زيادة في أوّله.الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨٠ ، ح ٢٨٦٧ ؛الوسائل ، ج ٥ ، ص ١١٤ ، ح ٦٠٧٦ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٨١ ، ح ٨٦. (٥). في « ف »: -« ثوباً».

(٦). في « ف » : « بقت ».

(٧). « الخِرقة » : القطعة من الثوب والـمِزْقةُ منه.لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٧٣ ( خرق ).

(٨).ثواب الأعمال ، ص ١٧٥ ، ضمن الحديث ١ ، بسند آخر عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، وفيه : « من كساه من عري =

٥٢٣

٨٨ - بَابٌ فِي إِلْطَافِ الْمُؤْمِنِ وَإِكْرَامِهِ‌

٢١٩٩/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ هَاشِمٍ ، عَنْ سَعْدَانَ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ أَخَذَ مِنْ وَجْهِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ قَذَاةً(١) ، كَتَبَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ ؛ وَمَنْ تَبَسَّمَ فِي وَجْهِ أَخِيهِ ، كَانَتْ لَهُ حَسَنَةٌ ».(٢)

٢٢٠٠/ ٢. عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ(٣) : مَرْحَباً ، كَتَبَ اللهُ لَهُ مَرْحَباً إِلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ».(٤)

٢٢٠١/ ٣. عَنْهُ(٥) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى(٦) ، عَنْ يُونُسَ عَنْ‌

__________________

= كساه الله من إستبرق وحرير ».الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨٠ ، ح ٢٨٦٨ ؛الوسائل ، ج ٥ ، ص ١١٤ ، ح ٦٠٧٧ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٨١ ، ح ٨٧.

(١). « قَذاة » : مايقع في العين والماء والشراب من تراب أو تبن أو وسخ أو غير ذلك.النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٠ ( قذا ).

(٢).مصادقة الإخوان ، ص ٥٢ ، ح ٣ ، مرسلاً. راجع :الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب إدخال السرور على المؤمنين ، ح ٢١٢٩ ، ومصادرهالوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٥ ، ح ٢٧٧٩ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٤ ، ح ٢١٨٠٠ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٩٧ ، ح ٣٠.

(٣). هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي والوسائل والبحار والمصادقة. وفي المطبوع : + « المؤمن ».

(٤).مصادقة الإخوان ، ص ٧٨ ، ح ٢ ، بسند آخر عن أبي‌جعفر ، عن أبيهعليهما‌السلام .ثواب الأعمال ، ص ١٧٦ ، ضمن الحديث الطويل ١ ، بسند آخر ، وفيه : « إنّ المؤمن إذا لقي أخاه المؤمن فقال له : مرحباً »الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٥ ، ح ٢٧٨٠ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٤ ، ح ٢١٨٠١ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٩٨ ، ح ٣١.

(٥). في « ف » : « وعنه ».

(٦). هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ف ، بر ، بس ، بف ، جر » والوسائل والبحار. وفي « ض » والمطبوع : « أحمد بن محمّد بن عيسى » بدل « أحمد بن محمّد عن محمّد بن عيسى ».

وقد توسّطَ أحمد بن محمّد [ بن عيسى ] بين محمّد بن يحيى وبين محمّد بن عيسى في عدّة من الأسناد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٥٧٠ - ٥٧١ ، وص ٦٩٧ - ٦٩٨.

٥٢٤

عَبْدِ اللهِ بْنِ سِنَانٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ أَتَاهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَأَكْرَمَهُ ، فَإِنَّمَا أَكْرَمَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ».(١)

٢٢٠٢/ ٤. عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ نَصْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ الْهَيْثَمِ بْنِ حَمَّادٍ(٢) ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، قَالَ :

« قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَا فِي أُمَّتِي عَبْدٌ أَلْطَفَ(٣) أَخَاهُ(٤) فِي اللهِ بِشَيْ‌ءٍ مِنْ لُطْفٍ(٥) إِلَّا أَخْدَمَهُ(٦) اللهُ مِنْ خَدَمِ الْجَنَّةِ ».(٧)

٢٢٠٣/ ٥. وَعَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَنْ أَكْرَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ(٨) بِكَلِمَةٍ يُلْطِفُهُ(٩) بِهَا وَفَرَّجَ عَنْهُ كُرْبَتَهُ ، لَمْ يَزَلْ فِي ظِلِّ اللهِ الْمَمْدُودِ ،.........................

__________________

(١).الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٥ ، ح ٢٧٨١ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٦ ، ح ٢١٨٠٤ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٩٨ ، ح ٣٢.

(٢). كذا في النسخ والمطبوع والوسائل والبحار. والظاهر وقوع التحريف في العنوان ، والصواب : « الهيثم بن جمّاز » ؛ فإنّ أبا داود الراوي عن زيد بن أرقم هو نفيع بن الحارث أبوداود الأعمى ، وقد عُدَّ الهيثم بن جمّاز من رواة نفيع هذا. راجع :تهذيب الكمال ، ج ١٠ ، ص ٩ ، الرقم ٢٠٨٧ ؛ وج ٣٠ ، ص ٩ ، الرقم ٦٤٦٦.

(٣). ألطفه بكذا ، أي‌بَرَّه به. والاسم اللَّطَفُ. يقال : جاءتنا لَطَفَةٌ من فلان ، أي‌هديّة.الصحاح ، ج ٤ ص ١٤٢٧ ( لطف ).

(٤). في ثواب الأعمال « ما من عبد لاطف أخاه » بدل « ما في اُمّتي عبد ألطف أخاه ».

(٥). في « ز ، ص » : « لطفه ». وفي ثواب الأعمال : « اللطف ».

(٦). في الوسائل : « ألطفه ».

(٧).ثواب الأعمال ، ص ١٨١ ، ح ١ ، بسنده عن محمّد بن أحمد ، عن أحمد بن محمّد ، عن النضر بن إسحاق ، عن الحارث بن النعمان ، عن الهيثم بن حمّاد ، عن داود ، عن زيد بن أرقم.مصادقة الإخوان ، ص ٧٨ ، ح ١ ، عن زيد بن أرقمالوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٦ ، ح ٢٧٨٢ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٥ ، ح ٢١٨٠٢ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٩٨ ، ح ٣٣.

(٨). في الوسائل : « المؤمن ».

(٩). في « ب ، ز » : « تلطّفه » فعلاً ماضياً من باب التفعّل. وفي « ف » : « يلطف ».

٥٢٥

عَلَيْهِ(١) الرَّحْمَةُ مَا كَانَ(٢) فِي ذلِكَ ».(٣)

٢٢٠٤/ ٦. عَنْهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ جَمِيلٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ مِمَّا خَصَّ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِهِ الْمُؤْمِنَ أَنْ يُعَرِّفَهُ بِرَّ إِخْوَانِهِ(٤) وَإِنْ قَلَّ ، وَلَيْسَ الْبِرُّ بِالْكَثْرَةِ(٥) ، وَذلِكَ أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ(٦) فِي كِتَابِهِ :( وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ ) . ثُمَّ قَالَ :( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٧) وَمَنْ عَرَّفَهُ(٨) اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِذلِكَ أَحَبَّهُ اللهُ(٩) ، وَمَنْ أَحَبَّهُ اللهُ(١٠) - تَبَارَكَ وَتَعَالى - وَفَّاهُ(١١) أَجْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِغَيْرِ حِسَابٍ ».

ثُمَّ قَالَ : « يَا جَمِيلُ ، ارْوِ هذَا الْحَدِيثَ لِإِخْوَانِكَ ؛ فَإِنَّهُ تَرْغِيبٌ(١٢) فِي الْبِرِّ(١٣) ».(١٤)

__________________

(١). في الوسائل : + « من ».

(٢). في الوافي : « ما دام - خ ل ».

(٣).ثواب الأعمال ، ص ١٧٨ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي‌عبدالله بن محمّد الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم ، عن أبي‌عبداللهعليه‌السلام .الجعفريّات ، ص ١٩٤ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن آبائهعليهم‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .علل الشرائع ، ص ٥٢٣ ، صدر ح ٢ ، بسند آخر عن جعفر بن محمّد ، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفيهما مع اختلاف يسير.المؤمن ، ص ٥٢ ، ح ١٢٨ ، عن أبي‌جعفرعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع اختلافالوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٦ ، ح ٢٧٨٣ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٦ ، ح ٢١٨٠٥ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٩٩ ، ح ٣٤.

(٤). فيمرآة العقول : « أي ثواب البرّ ، أو التعريف كناية عن التوفيق للفعل ».

(٥). فيالوافي : « معناه أنّه لايتوقّف البرّ على كثرة المال ، بل ينبغي للمقلّ أيضاً أن يبرّ إخوانه ؛ وذلك لأنّ الله سبحانه حمد أهل الحاجة بالإيثار. والخصاصة : الحاجة ».

(٦). في « ف » : « وذلك يقول الله عزّوجلّ ».

(٧). الحشر (٥٩) : ٩.

(٨). فيمرآة العقول : « يمكن أن يقرأ : عرفه ، على بناء المجرّد ».

(٩). في الوسائل ، ح ٢١٨٠٦ : - « الله ».

(١٠). في « ف » : - « الله ».

(١١). في « ز » : « لأوفاه ».

(١٢). في «ب» وحاشية «ص ، بر» : + «لإخوانك».

(١٣) في البحار : + « لإخوانك ».

(١٤)مصادقة الإخوان ، ص ٦٦ ، ح ٢ ، عن جميل بن درّاج.ثواب الأعمال ، ص ٢٢٠ ، ح ١ ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد بن خالد ، عن محمّد بن عليّ ، عن عمر بن عبدالعزيز ، وتمام الرواية فيه : « من فضل الرجل عند الله محبّته لإخوانه ، ومن عرّفه الله محبّته إخوانه أحبّه الله ، ومن أحبّه الله وفّاه أجره يوم القيامة »الوافي ، ج ٥ ،=

٥٢٦

٢٢٠٥/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ الْمُفَضَّلِ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُتْحِفُ أَخَاهُ التُّحْفَةَ ».

قُلْتُ(١) : وَأَيُّ شَيْ‌ءٍ(٢) التُّحْفَةُ؟

قَالَ : « مِنْ مَجْلِسٍ وَمُتَّكَاً وَطَعَامٍ(٣) وَكِسْوَةٍ وَسَلَامٍ ، فَتَطَاوَلُ(٤) الْجَنَّةُ(٥) مُكَافَأَةً لَهُ ، وَيُوحِي اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَيْهَا : أَنِّي قَدْ حَرَّمْتُ طَعَامَكِ عَلى أَهْلِ الدُّنْيَا إِلاَّ عَلى نَبِيٍّ أَوْ وَصِيِّ نَبِيٍّ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَوْحَى اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - إِلَيْهَا : أَنْ كَافِئِي(٦) أَوْلِيَائِي(٧) بِتُحَفِهِمْ ، فَيَخْرُجُ(٨) مِنْهَا وُصَفَاءُ وَوَصَائِفُ(٩) ، مَعَهُمْ أَطْبَاقٌ(١٠) مُغَطَّاةٌ بِمَنَادِيلَ مِنْ لُؤْلُؤٍ ، فَإِذَا نَظَرُوا إِلى جَهَنَّمَ وَهَوْلِهَا ، وَإِلَى الْجَنَّةِ وَمَا فِيهَا ، طَارَتْ(١١) عُقُولُهُمْ ، وَامْتَنَعُوا أَنْ يَأْكُلُوا ، فَيُنَادِي مُنَادٍ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ : أَنَّ(١٢) اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَدْ(١٣) حَرَّمَ جَهَنَّمَ عَلى مَنْ(١٤) أَكَلَ‌

__________________

= ص ٦٤٦ ، ح ٢٧٨٤ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٧ ، ح ٢١٨٠٦ ؛ وج ٢٧ ، ص ٨٨ ، ح ٣٣٢٨٥ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٢٩٩ ، ح ٣٥.

(١). في « ز ، ض ، ه » : + « به ».

(٢). في « ف » : + « هي ».

(٣). في « ه » : « وإطعام ».

(٤). في « د ، ص ، ف ، ه ، بف » والوافي والوسائل : « فتتطاول ». وفي « بس » : « فيتطاول ». وفيالوافي : « فتتطاول الجنّة ، أي تمتدّ وترتفع أن تكافيه في الدنيا بطعام أو شراب ».

(٥). في « ف » : + « له ».

(٦). في « ج ، ض » : « كافي » ، وهو من تخفيف الهمزة.

(٧). في « ز » : « أولياء لي ».

(٨). في شرح المازندراني والوافي والبحار : « فتخرج ».

(٩). الوصيف : الغلام دون المراهق ، والوصيفة : الجارية كذلك ، والجمع : وُصَفاء ووصائف ، مثل كريم وكرماء وكرائم.المصباح المنير ، ص ٦٦١ ( وصف ).

(١٠). « الطَّبَق » : من أمتعة البيت ، يؤكل عليه. والجمع : أطباق.المصباح المنير ، ص ٣٩٩ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٩٧ ( طبق ). (١١). في حاشية « ف » : « حارت ».

(١٢). فيمرآة العقول : « إنّ الله ، يحتمل كسر الهمزة وفتحها ».

(١٣) في « ف » : - « قد ».

(١٤) في « ز ، ه » والوافي : - « من ».

٥٢٧

مِنْ طَعَامِ جَنَّتِهِ(١) ، فَيَمُدُّ الْقَوْمُ أَيْدِيَهُمْ ، فَيَأْكُلُونَ ».(٢)

٢٢٠٦/ ٨. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى(٣) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ(٤) ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « يَجِبُ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ(٥) سَبْعِينَ كَبِيرَةً ».(٦)

٢٢٠٧/ ٩. الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى جَمِيعاً ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَدِيٍّ ، قَالَ : أَمْلى عَلَيَّ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « أَحْسِنْ - يَا إِسْحَاقُ - إِلى أَوْلِيَائِي مَا اسْتَطَعْتَ ، فَمَا أَحْسَنَ مُؤْمِنٌ إِلى مُؤْمِنٍ وَلَا أَعَانَهُ إِلَّا خَمَشَ(٧) وَجْهَ إِبْلِيسَ(٨) ، وَقَرَّحَ قَلْبَهُ(٩) ».(١٠)

__________________

(١). في « ه » : « الجنّة ».

(٢).الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٧ ، ح ٢٧٨٥ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٥ ، ح ٢١٨٠٣ ؛البحار ، ج ٨ ، ص ١٥٦ ، ح ٩٧ ؛ وج ٧٤ ، ص ٣٠٠ ، ح ٣٦.

(٣). هكذا في النسخ والطبعة الحجريّة من الكتاب والوسائل والبحار. وفي المطبوع : « محمّد بن يحيى ، عن أحمدبن محمّد بن عيسى ».

وقد توسَّطَ محمّد بن أحمد [ بن يحيى ] بين محمّد بن يحيى ومحمّد بن عيسى في كثيرٍ من الأسناد. راجع : معجم رجال الحديث ، ج ١٤ ، ص ٤٤٤ - ٤٤٥ ؛ ج ١٥ ، ص ٣٢٨ - ٣٢٩.

(٤). هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ض ، ف ، ه ، بر ، بف ، جر » والطبعة الحجريّة والوسائل. وفي « بس» والمطبوع والبحار : « الفضيل ». (٥). في « ف » : « على المؤمن ».

(٦).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٦٥ ، ح ٢٥٨٣ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٩ ، ح ٢١٨١٠ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٠١ ، ح ٣٧.

(٧). الخَمْش : الخدش في الوجه.لسان العرب ، ج ٦ ، ص ٢٩٩ ( خدش ).

(٨). في « ز ، ض ، ه » : + « لعنه الله ».

(٩). « قَرَّحَ قَلْبَهُ » مبالغة وتكثير من قَرَحَ قَلْبَهُ ، من باب منع ، أي جرحه. وقال العلّامة المجلسي : « قرّح ، بالقاف من باب التفعيل كناية عن شدّة الغمّ واستمراره » ، وقرأه العلّامة الفيض من باب المجرّد ، حيث قال : « القُرْح ، بضمّ=

٥٢٨

٨٩ - بَابٌ فِي خِدْمَتِهِ (١)

٢٢٠٨/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْخَطَّابِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبَانٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ رَفَعَهُ ، عَنْ أَبِي الْمُعْتَمِرِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَعليه‌السلام يَقُولُ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : أَيُّمَا مُسْلِمٍ(٢) خَدَمَ قَوْماً مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا(٣) أَعْطَاهُ اللهُ مِثْلَ عَدَدِهِمْ خُدَّاماً(٤) فِي الْجَنَّةِ ».(٥)

٩٠ - بَابُ نَصِيحَةِ الْمُؤْمِنِ‌

٢٢٠٩/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبَانٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ أَبِي مَنْصُورٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « يَجِبُ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ أَنْ يُنَاصِحَهُ(٦) ».(٧)

__________________

= القاف والمهملتين : الألم ، قرح قلبه ، أي آلمه ». وأمّا العلّامة المازندراني فإنّه قرأه بالفاء ، حيث قال : « فرّح قلبه ، إذا غمّه ، وأفرحه ، إذا أثقله ، وحقيقته : أزال عنه الفرح ، كأشكيته. ويجوز أن يقرأ بالقاف ، يقال : قرحه ، من باب منع ، أي جرحه ». راجع :النهاية ، ج ٣ ، ص ٤٢٤ ؛لسان العرب ، ج ٢ ، ص ٤٥٢ ( فرح ) ؛المصباح المنير ، ص ٤٩٦ ( قرح ) ؛شرح المازندراني ، ج ٩ ، ص ٩٣ و ٩٤ ؛مرآة العقول ، ج ٩ ، ص ١٤١.

(١٠).الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٧ ، ح ٢٧٨٦ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٧٧ ، ح ٢١٨٠٧ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ح ٣٠١ ، ح ٣٨.

(١). في « ف » : « خدمة المؤمن ».

(٢). في « بر ، بف » : « مؤمن ».

(٣). في « ه » : - « إلّا ». وهي زائدة ، أو استثناء من مقدّر ، أي‌ ما فعل ذلك إلّا أعطاه الله. راجع :شرح المازندراني ، ج ٩ ، ص ٩٤ ؛مرآة العقول ، ج ٩ ، ص ١٤١. (٤). في « ه » وحاشية « ف » : « خدماً ».

(٥).الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٤٨ ، ح ٢٧٨٧ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٨٠ ، ح ٢١٨١٤ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٥٧ ، ح ٣.

(٦). نصحتُ لزيد أنصَح نُصْحاً ونصيحةً ؛ هذه اللغة الفصيحة. وفي لغة يتعدّى بنفسه ، فيقال : نصحتُه. وهو الإخلاص والصدق والمشورة والعمل. والفاعل : ناصح ونصيح. والجمع : نُصَحاء. والنصيحة : كلمة يُعبَّر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له.المصباح المنير ، ص ٦٠٧ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٦٣ ( نصح ).

(٧).الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨١ ، ح ٢٨٦٩ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٨١ ، ح ٢١٨١٧ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٥٧ ، ح ٤.

٥٢٩

٢٢١٠/ ٢. عَنْهُ(١) ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « يَجِبُ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ(٢) النَّصِيحَةُ لَهُ فِي الْمَشْهَدِ وَالْمَغِيبِ(٣) ».(٤)

٢٢١١/ ٣. ابْنُ مَحْبُوبٍ(٥) ، عَنِ ابْنِ رِئَابٍ(٦) ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْحَذَّاءِ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « يَجِبُ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ النَّصِيحَةُ(٧) ».(٨)

٢٢١٢/ ٤. ابْنُ مَحْبُوبٍ(٩) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله : لِيَنْصَحِ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ كَنَصِيحَتِهِ(١٠) لِنَفْسِهِ ».(١١)

٢٢١٣/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّوْفَلِيِّ ، عَنِ السَّكُونِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « قَالَ رَسُولُ اللهِ(١٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله : إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ‌

__________________

(١). الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد المذكور في السند السابق.

(٢). في « ب » : + « من ».

(٣). في « ه » : « أن يناصحه » بدل « النصيحة له في المشهد والمغيب ».

(٤).فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ٣٦٩ ، وتمام الرواية : « حقّ المؤمن على المؤمن أن يمحضه النصيحة في المشهد والمغيب كنصيحته لنفسه »الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨١ ، ح ٢٨٧٠ ؛الوسائل ، ج ١٦ ص ٣٨١ ، ح ٢١٨١٨ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٥٨ ، ح ٥.

(٥). السند معلّق ، ويروي عن ابن محبوب ، عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد.

(٦). في « ز » : « عليّ بن رئاب ».

(٧). في «ف» : + «لنفسه». وفي البحار : + « له ».

(٨).الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨١ ، ح ٢٨٧١ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٨١ ، ح ٢١٨١٩ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٥٨ ، ح ٦.

(٩). السند معلّق ، كسابقه.

(١٠). في « ج » : « كنصيحة ». وفي « ه » : « كنصحه ».

(١١).الأمالي للطوسي ، ص ٢٣١ ، المجلس ٩ ، ضمن الحديث ٢ ، عن الكليني ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي‌جعفرعليه‌السلام ، من دون الإسناد إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨١ ، ح ٢٨٧٢ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٨٢ ، ح ٢١٨٢٠ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٥٨ ، ح ٧. (١٢). في « ه » : « النبيّ ».

٥٣٠

اللهِ(١) يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْشَاهُمْ فِي أَرْضِهِ(٢) بِالنَّصِيحَةِ لِخَلْقِهِ ».(٣)

٢٢١٤/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْمِنْقَرِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « عَلَيْكُمْ(٤) بِالنُّصْحِ لِلّهِ فِي خَلْقِهِ ، فَلَنْ تَلْقَاهُ(٥) بِعَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْهُ ».(٦)

٩١ - بَابُ الْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ‌

٢٢١٥/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ حَبِيبٍ الْأَحْوَلِ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « صَدَقَةٌ يُحِبُّهَا اللهُ : إِصْلَاحُ(٧) بَيْنِ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا ، وَتَقَارُبُ بَيْنِهِمْ إِذَا تَبَاعَدُوا ».

* عَنْهُ(٨) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، مِثْلَهُ.(٩)

__________________

(١). في « ب » : « عند الله منزلة ».

(٢). في مرآة العقول : « الأرض ». والمشي كناية عن شدّة الاهتمام.

(٣).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٦ ، ح ٢٥٢٣ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٨٢ ، ح ٢١٨٢١ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٥٨ ، ح ٨.

(٤). في « ه » والوافي : « عليك ».

(٥). في « ه » : « فلن تلقّاه » بالتشديد. أي‌تتلقّاه.

(٦).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الاهتمام باُمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم ، ح ٢٠٣٠ ، عن عليّ بن إبراهيم ، عن عليّ بن محمّد القاساني ، عن القاسم بن محمّدالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٦ ، ح ٢٥٢٢ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ٣٨٢ ، ح ٢١٨٢٢ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٣٥٨ ، ح ٩.

(٧). في « ز » : « الإصلاح ».

(٨). الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد ، كما هو الظاهر.

(٩).الأمالي للمفيد ، ص ١٢ ، المجلس ١ ، ح ١٠ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن سنان ، عن عمرو الأفرق وحذيفة بن منصور ، عن أبي‌عبداللهعليه‌السلام .الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٩ ، ح ٢٥٣٠ و ٢٥٣١ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٣٩ ، ح ٢٤٠٠١ ؛البحار ، ج ٧٦ ، ص ٤٤ ، ح ٦ وذيله.

٥٣١

٢٢١٦/ ٢. عَنْهُ(١) ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَأَنْ أُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ(٢) أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِدِينَارَيْنِ».(٣)

٢٢١٧/ ٣. عَنْهُ(٤) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، عَنْ مُفَضَّلٍ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِذَا رَأَيْتَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مِنْ شِيعَتِنَا مُنَازَعَةً ، فَافْتَدِهَا(٥) مِنْ مَالِي(٦) ».(٧)

٢٢١٨/ ٤. ابْنُ سِنَانٍ(٨) ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ سَابِقِ(٩) الْحَاجِّ ، قَالَ :

مَرَّ بِنَا الْمُفَضَّلُ - وَ(١٠) أَنَا وَخَتَنِي(١١) نَتَشَاجَرُ فِي مِيرَاثٍ - فَوَقَفَ عَلَيْنَا سَاعَةً ، ثُمَّ قَالَ‌

__________________

(١). الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد.

(٢). في « ف » : « الناس ».

(٣).ثواب الأعمال ، ص ١٧٨ ، ح ١ ، بسنده عن الحسن بن محبوب ، عن أبي‌حمزة الثمالي ، عن أبي‌عبدالله ، عن أميرالمؤمنينعليهما‌السلام .الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٩ ، ح ٢٥٣٢ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٣٩ ، ح ٢٤٠٠٠ ؛البحار ، ج ٧٦ ، ص ٤٤.

(٤). الضمير راجع إلى محمّد بن يحيى في سند ح ١ ، خلافاً لظاهر السياق ؛ فإنّ ابن سنان الراوي عن مفضّل - وهو ابن عمر - هو محمّد بن سنان. وتوسّط أحمد بن محمّد [ بن عيسى ] بينه وبين محمّد بن يحيى في كثيرٍ من الأسناد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٥٦٥ - ٥٦٨ ، وص ٦٩٥ - ٦٩٦.

(٥). في « ه » : « فافتد بها ». و « الفِدى » و « الفِداء » : حفظ الإنسان عن النائبة بما يبذله عنه. يقال : فديته بمالٍ ، وفديتُه ‌بنفسي ، وفاديت بكذا. و « افتدى » : إذا بذل ذلك عن نفسه. وفَدَت المرأة نفسَها من زوجها وافتدت: أعطته مالاً حتّى تخلّصت منه بالطلاق.المفردات للراغب ، ص ٦٢٧ ؛المصباح المنير ، ص ٤٦٥ (فدى ).

(٦). في « ه » : « مالك ».

(٧).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٩ ، ح ٢٥٣٣ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٤٠ ، ح ٢٤٠٠٢ ؛البحار ، ج ٧٦ ، ص ٤٤ ، ح ٨.

(٨). السند معلّق على سابقه ، ويروي عن ابن سنان ، محمّد بن يحيى المعبَّر عنه بالضمير عن أحمد بن محمّد.

(٩). في « ب » والبحار : « سائق ». وفي « ج ، ز ، بس » : « سايق ». والمذكور في كتب الرجال « سابق » و « سائق ». راجع :رجال النجاشي ، ص ١٨٠ ، الرقم ٤٧٦ ؛رجال البرقي ، ص ٤٢ ؛رجال الكشّي ، ص ٣١٨ ، الرقم ٥٧٥ و ٥٧٦ ؛رجال الطوسي ، ص ٢١٤ ، الرقم ٢٨٠٧ ؛الفهرست للطوسي ، ص ٥٣٣ ، الرقم ٨٦٤.

(١٠). في « ج ، بس » : - « و ».

(١١). « الخَتَن » ، بالتحريك : كلّ من كان من قبل المرأة ، مثل الأب والأخ ، قال الجوهري : « هكذا عند العرب،=

٥٣٢

لَنَا(١) : تَعَالَوْا إِلَى الْمَنْزِلِ ، فَأَتَيْنَاهُ ، فَأَصْلَحَ(٢) بَيْنَنَا بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَدَفَعَهَا(٣) إِلَيْنَا مِنْ عِنْدِهِ حَتّى إِذَا(٤) اسْتَوْثَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا مِنْ صَاحِبِهِ ، قَالَ : أَمَا إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مَالِي ، وَلكِنْ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام أَمَرَنِي(٥) إِذَا تَنَازَعَ رَجُلَانِ(٦) مِنْ أَصْحَابِنَا فِي شَيْ‌ءٍ أَنْ أُصْلِحَ بَيْنَهُمَا(٧) ، وَأَفْتَدِيَهَا(٨) مِنْ مَالِهِ ، فَهذَا مِنْ مَالِ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام .(٩)

٢٢١٩/ ٥. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « الْمُصْلِحُ لَيْسَ بِكَاذِبٍ(١٠) ».(١١)

٢٢٢٠/ ٦. عَلِيٌّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النّاسِ ) (١٢) قَالَ : « إِذَا دُعِيتَ لِصُلْحٍ(١٣) بَيْنَ اثْنَيْنِ(١٤) ، فَلَا تَقُلْ : عَلَيَّ‌

__________________

= وأمّا عند العامّة فختن الرجل : زوج ابنته ». وعن ابن المظفّر : « الختن : الصِّهر » ، والصهر : زوج بنت الرجل واُخته. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٠٧ ؛لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٧٦ ؛المصباح المنير ، ص ١٦٤ (ختن ).

(١). في الوسائل والتهذيب : - « لنا ».

(٢). في « ف » : « فإذا أصلح ».

(٣). في « ه » : « ودفعها ».

(٤). في « ب » : « إذ ».

(٥). في « ف » : + « بأن ».

(٦). في حاشية « بر » : « اثنان ».

(٧). في « ص » وحاشية « ض » : « بينهم ».

(٨). في « بر » وحاشية « ز » والبحار : « وأفتديهما ». وفي الوسائل : « أفتدي بها ».

(٩).التهذيب ، ج ٦ ، ص ٣١٢ ، ح ٨٦٣ ، بسنده عن محمّد بن سنان ، عن أبي‌حنيفة السابقالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٣٩ ، ح ٢٥٣٤ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٤٠ ، ح ٢٤٠٠٣ ؛البحار ، ج ٤٧ ، ص ٥٧ ، ح ١٠٦ ؛ وج ٧٦ ، ص ٤٥ ، ح ٩.

(١٠). في « ه » وحاشية « د » والكافي ، ح ٢٧٠١ : « بكذّاب ». وفي الوافي : « يعني أنّه إذا تكلّم بما لا يطابق الواقع فيما يتوقّف عليه الإصلاح ، لم يعدّ كلامه كذباً ».

(١١).الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الكذب ، ح ٢٧٠١ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرةالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٤٠ ، ح ٢٥٣٥ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٤٢ ، ح ٢٤٠٠٩ ؛البحار ، ج ٧٦ ، ص ٤٦ ، ح ١٠. (١٢). البقرة (٢) : ٢٢٤.

(١٣) في « ه » : « تصلح ».

(١٤) في «ب»:«بين اثنين لصلح».وفي «ج»: «اثنتين».

٥٣٣

يَمِينٌ أَلَّا أَفْعَلَ(١) ».(٢)

٢٢٢١/ ٧. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ وَهْبٍ - أَوْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ - :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قَالَ(٣) : « أَبْلِغْ عَنِّي كَذَا وَكَذَا » فِي أَشْيَاءَ أَمَرَ(٤) بِهَا. قُلْتُ : فَأُبَلِّغُهُمْ عَنْكَ وَأَقُولُ عَنِّي(٥) مَا قُلْتَ لِي وَغَيْرَ الَّذِي قُلْتَ؟

قَالَ : « نَعَمْ ، إِنَّ(٦) الْمُصْلِحَ لَيْسَ بِكَذَّابٍ ، إِنَّمَا هُوَ الصُّلْحُ لَيْسَ بِكَذِبٍ(٧) ».(٨)

٩٢ - بَابٌ فِي إِحْيَاءِ الْمُؤْمِنِ‌

٢٢٢٢/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ (٩) فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ ‌.......

__________________

(١). فيالوافي : « يعني لاتقل : حلفت بالله ألّا اُصلح بين الناس ».

(٢).التهذيب ، ج ٨ ، ص ٢٨٩ ، ح ١٠٦٦ ، معلّقاً عن الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي‌نجران ، عن ابن أبي‌عمير.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ١١٢ ، ح ٣٤٠ ، عن أيّوب ، مع اختلاف يسير وزيادةالوافي ، ج ٥ ، ص ٥٤٠ ، ح ٢٥٣٧ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٤٠ ، ح ٢٤٠٠٤ ؛البحار ، ج ٧٦ ، ص ٤٦ ، ح ١١.

(٣). في «ه» : + «له». وفي الوسائل : - «قال».

(٤). في « ب » : « آمر ».

(٥). في « ب » : « عنك و ». وفي حاشية « ض » : « عنك ». وفي الوسائل : « على ».

(٦). في « ب » : « إنّما ».

(٧). في « ب » والوسائل : - « إنّما هو الصلح ليس بكذب ». وفي « ص ، ف ، بس » : « إنّما هو المصلح ليس يكذب ». وفيمرآة العقول : « ذهب بعض الأصحاب إلى وجوب التورية في هذه المقامات ليخرج عن الكذب ، كأن ينوي بقوله : قال كذا ، رضي بهذا القول ، ومثل ذلك ؛ وهو أحوط ».

(٨).الوافي ، ج ٥ ، ص ٥٤٠ ، ح ٢٥٣٦ ؛الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٤٢ ، ح ٢٤٠٠٨ ؛البحار ، ج ٧٦ ، ص ٤٨ ، ح ١٢.

(٩). هكذا في القرآن و « ض ، بر » والوسائل والمحاسن وتفسير العيّاشي ، ح ٨٥ والأمالي. وفي « ف » :=

٥٣٤

جَمِيعاً ) (١) ؟

قَالَ(٢) : « مَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ضَلَالٍ(٣) إِلى هُدًى فَكَأَنَّمَا(٤) أَحْيَاهَا ، وَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ هُدًى إِلى ضَلَالٍ فَقَدْ قَتَلَهَا ».(٥)

٢٢٢٣/ ٢. عَنْهُ(٦) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ:

قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : قَوْلُ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي كِتَابِهِ :( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) ؟ قَالَ : « مِنْ حَرَقٍ أَوْ غَرَقٍ ». قُلْتُ : فَمَنْ أَخْرَجَهَا مِنْ ضَلَالٍ إِلى هُدًى؟ قَالَ: « ذَاكَ(٧) تَأْوِيلُهَا الْأَعْظَمُ ».(٨)

* مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ وَعَبْدِ اللهِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانٍ ، مِثْلَهُ.

٢٢٢٤/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ الْحَلَبِيِّ ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْقَمَّاطِ ، عَنْ حُمْرَانَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : أَسْأَلُكَ أَصْلَحَكَ اللهُ؟ فَقَالَ : « نَعَمْ » فَقُلْتُ(٩) : كُنْتُ عَلى حَالٍ‌

__________________

= -( فِى الْأَرْضِ ) و في سائر النسخ و المطبوع : -( أَوْ فَسَادً فِى الْأَرْضِ ) .

(١). المائدة (٥). : ٣٢.

(٢). في الوسائل والمحاسن : « فقال ».

(٣). في المحاسن : « ضلالة ».

(٤). في المحاسن وتفسير العيّاشي والأمالي : « فقد ».

(٥).المحاسن ، ص ٢٣١ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٨١. وفيالأمالي للطوسي ، ص ٢٢٦ ، المجلس ٨ ، ح ٤٦ ، بسنده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى.تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣١٣ ، ح ٨٥ ، عن سماعةالوافي ، ج ٥ ص ٦٨٢ ، ح ٢٨٧٣ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٨٧ ، ح ٢١٣٠٨ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٤٠١ ، ح ٤٨.

(٦). الضمير راجع إلى أحمد بن محمّد بن خالد المذكور في السند السابق.

(٧). في المحاسن : « فقال : ذلك ».

(٨).المحاسن ، ص ٢٣٢ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٨٢ ، عن عليّ بن الحكم.تفسير القمّي ، ح ١ ، ص ١٦٧ ، بسند آخر عن أبي‌جعفرعليه‌السلام .تفسير العيّاشي ، ج ١ ، ص ٣١٣ ، ح ٨٧ ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي‌جعفرعليه‌السلام ، مع اختلاف وزيادةالوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨٢ ، ح ٢٨٧٤ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٨٦ ، ح ٢١٣٠٧ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٤٠٣ ، ح ٤٩. (٩). في « ه » والمحاسن : « قال ».

٥٣٥

وَأَنَا الْيَوْمَ عَلى حَالٍ أُخْرى ، كُنْتُ أَدْخُلُ الْأَرْضَ ، فَأَدْعُو الرَّجُلَ وَالِاثْنَيْنِ وَالْمَرْأَةَ ، فَيُنْقِذُ اللهُ مَنْ شَاءَ(١) ، وَأَنَا الْيَوْمَ لَا أَدْعُو أَحَداً.

فَقَالَ : « وَمَا عَلَيْكَ(٢) أَنْ تُخَلِّيَ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ ، فَمَنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُخْرِجَهُ(٣) مِنْ ظُلْمَةٍ إِلى نُورٍ أَخْرَجَهُ ».

ثُمَّ قَالَ : « وَلَاعَلَيْكَ - إِنْ آنَسْتَ(٤) مِنْ أَحَدٍ خَيْراً(٥) - أَنْ تَنْبِذَ إِلَيْهِ الشَّيْ‌ءَ نَبْذاً(٦) ».

قُلْتُ : أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً ) .

قَالَ : « مِنْ حَرَقٍ أَوْ غَرَقٍ(٧) ». ثُمَّ سَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ : « تَأْوِيلُهَا(٨) الْأَعْظَمُ أَنْ دَعَاهَا فَاسْتَجَابَتْ(٩) لَهُ(١٠) ».(١١)

٩٣ - بَابٌ فِي (١٢) الدُّعَاءِ لِلْأَهْلِ إِلَى الْإِيمَانِ‌

٢٢٢٥/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ(١٣) عِيسى ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ،

__________________

(١). في « ب ، ه » والوسائل والمحاسن : « يشاء ».

(٢). فيالوافي : « وما عليك ، أي الذي يجب عليك ؛ بأن تكون « ما » موصولة. أو وما بأس عليك ؛ بأن تكون نافية. أو أيّ شي‌ء عليك ؛ بأن تكون استفهاميّة للإنكار ».

(٣). في « ه » : « فمن أراد أن يخرجه الله ».

(٤). « آنس » : أبصر ورأى شيئاً لم يعهده. يقال : آنست منه كذا ، أي‌علمت.النهاية ، ج ١ ، ص ٧٤ (آنس).

(٥). في الوافي : « بخير ».

(٦). نبذتُه نَبْذاً : ألقيته فهو منبوذ. والنَّبْذ يكون بالفعل والقول ، في الأجسام والمعاني.المصباح المنير ، ص ٥٩٠ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٧ ( نبذ ). وفيالوافي : « ولا عليك ، أي لابأس عليك. « أن تنبذ إليه الشي‌ء » أي تلقي إليه كلمة حقّ وإرشاد في دين أو هداية إلى معرفة ». (٧). في المحاسن : + « أوغدر ».

(٨). في « بر » : « وتأويلها ».

(٩). في«ف»:«فاستجاب»؛لأنّ النفس ممّا يذكّر ويؤنّث.

(١٠). في « بر ، بف » : « به ».

(١١).المحاسن ، ص ٢٣٢ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٨٣الوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨٢ ، ح ٢٨٧٥ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٨٦ ، ح ٢١٣٠٦ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٤٠٣ ، ح ٥٠.

(١٢). في « ف » : - « في ».

(١٣) في « بر » : - « محمّد بن ».

٥٣٦

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّ لِي أَهْلَ بَيْتٍ وَهُمْ يَسْمَعُونَ مِنِّي ، أَفَأَدْعُوهُمْ(١) إِلى هذَا الْأَمْرِ؟

فَقَالَ : « نَعَمْ ، إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ فِي كِتَابِهِ :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجارَةُ ) (٢) ».(٣)

٩٤ - بَابٌ فِي (٤) تَرْكِ دُعَاءِ النَّاسِ‌

٢٢٢٦/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ كُلَيْبِ بْنِ مُعَاوِيَةَ الصَّيْدَاوِيِّ ، قَالَ :

قَالَ لِي(٥) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « إِيَّاكُمْ وَالنَّاسَ(٦) ؛ إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً ، نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً(٧) ، فَتَرَكَهُ وَهُوَ يَجُولُ(٨) لِذلِكَ وَيَطْلُبُهُ ».

ثُمَّ قَالَ : « لَوْ أَنَّكُمْ إِذَا كَلَّمْتُمُ النَّاسَ ، قُلْتُمْ(٩) : ذَهَبْنَا حَيْثُ ذَهَبَ اللهُ ، وَاخْتَرْنَا مَنِ‌

__________________

(١). في « ف » : « فأدعوهم » بدون الهمزة.

(٢). التحريم (٦٦) : ٦.

(٣).المحاسن ، ص ٢٣١ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ١٨٠ ، عن أخيه ، عن عليّ بن النعمانالوافي ، ج ٥ ، ص ٦٨٣ ، ح ٢٨٧٦ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٨٩ ، ح ٢١٣١٢ ؛البحار ، ج ٧٤ ، ص ٨٦ ، ح ١٠١.

(٤). في « بس » : - « في ».

(٥). في « ه » : - « لي ».

(٦). فيمرآة العقول ، ج ٩ ، ص ١٥٤ : « إيّاكم والناس ، أي احذروا دعوتهم في زمن شدّة التقيّة. وعلّل ذلك بأنّ من كان قابلاً للهداية وأراد الله ذلك نكت في قلبه نكتة من نور ، كناية عن أنّه يلقى في قلبه ما يصير به طالباً للحقّ ، متهيّئاً لقبوله ».

(٧). في مرآة العقول : + « من نور ». وفي المحاسن : + « بيضاء ». والنكتة في الشي‌ء : كالنقطة وشِبْه وسخ في المرآة ، وكلّ شي‌ء مثله سواد في بياض أو بياض في سواد فهو نكتة. والجمع : نُكَت ونِكات.المصباح المنير ، ص ٦٢٤ ؛ترتيب كتاب العين ، ج ٣ ، ص ١٨٣٧ ( نكت ). (٨). في المحاسن : « فإذا هو يجول ».

(٩). في « ب » : « فقلتم ».

٥٣٧

اخْتَارَ اللهُ ، اخْتَارَ(١) اللهُ مُحَمَّداً ، وَاخْتَرْنَا(٢) آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ(٣) ».(٤)

٢٢٢٧/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ السَّرَّاجِ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ ثَابِتٍ أَبِي سَعِيدٍ(٥) ، قَالَ :

قَالَ لِي(٦) أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « يَا ثَابِتُ ، مَا لَكُمْ وَلِلنَّاسِ(٧) ؟ كُفُّوا عَنِ النَّاسِ ،

__________________

(١). هكذا في « ب ، ج ، د ، ز ، ص ، ف ، ه ، بر ، بس ، بف » والوافي والوسائل. وفي المطبوع : « واختار ». وفي « ز » : - « اختار الله ». (٢). في « ض ، ه » : « فاخترنا ».

(٣). قال العلّامة الطباطبائي : « ظاهر هذه الأخبار - كما يفسّره الخبر الرابع ، وكما يدلّ عليه العلّة المذكورة فيها ؛ أعني النكتة القلبيّة - : أنّ المعرفة من صنع الله وأنّ الإنسان لاصنع له فيها ، أي أنّ المعرفة غير اختياريّة ، بل مستندة إلى أسباب إلهيّة غير اختياريّة للإنسان ، فلا في اختيار الداعي أن يصنع المعرفة في قلب المدعوّ المنكر ، ولا في اختيار المدعوّ أن يعتقد بالحقّ من غير وجود الأسباب الإلهيّة.

ومحصّل ما يظهر من هذه الأخبار وغيرها ممّا ينافيها بظاهرها أنّ الله سبحانه خلق الإنسان على دين الفطرة ، أي أنّه لو خلّي وطبعه أذعن بالحقّ واعترف به ، ثمّ إنّه لو وقع في مجرى معتدل في الحياة رسخت في نفسه صفات وملكات حسنة ، كالعدل والإنصاف ونحوهما ، وتمايل إلى الحقّ أينما وجده ، وكان على أهل العلم والإيمان أن يدعوا مثل هذا الإنسان حتّى يتشرّف بمعرفة تفاصيل الحقّ ، كما اعترف في نفسه بإجماله ، وهذا هو المراد بالآيات والأخبار الدالّة على وجوب الدعوة والتبليغ.

وإن وقع في مجرى الهوى والشهوات ومباغضة الحقّ رسخت في نفسه ملكة العصبيّة الجاهليّة والعناد والطغيان ، وهو المراد بالنكتة السوداء ، وزالت عنه صفة الإنصاف والميل إلى الحقّ ، وامتنع تأثير الكلام الحقّ فيه ، ولايزيد المخاصمة والإصرار إلّا بعداً وعناداً.

قولهعليه‌السلام : « لو أنّكم إذا » إلى آخره ، « لو » حرف تمنّ ، والمراد : ليتكم إذا كلّمتم الناس لم تقولوا : يجب عليكم كذا عقلاً ، ويستحيل كذا عقلاً حتّى يصرّوا في الخصام ويشتدّ بذلك إصرارهم على الباطل ، بل قلتم : إنّ ديننا دين الله ومذهبنا مذهب من اختاره الله ، فلعلّ ذلك يوقظ روح الإنصاف والإذعان منهم ».

(٤).الأمالي للطوسي ، ص ٢٢٦ ، المجلس ٨ ، ح ٤٧ ، بسنده عن ابن أبي‌عمير ، من قوله : « لو أنّكم إذا كلّمتم» ، مع اختلاف يسير.المحاسن ، ص ٢٠٠ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٦ ، عن القاسم بن محمّد وفضّالة بن أيّوب ، عن كليب بن معاوية الأسدي ، إلى قوله : « وهو يجول لذلك ويطلبه »الوافي ، ج ١ ، ص ٥٦٣ ، ح ٤٧٤ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٩٠ ، ح ٢١٣١٤ ؛البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٠٧ ، ح ١١.

(٥). في البحار : « ثابت بن أبي‌سعيد ». والظاهر أنّ ثابتاً هذا ، هو ثابت بن عبدالله أبو سعيد البجلي ، كما تقدّم فيالكافي ، ذيل ح ٤٣٠ ، فلاحظ. (٦). في « ه ، بس » : - « لي ».

(٧). في « د ، بر ، بف » وشرح المازندراني : « والناس ».

٥٣٨

وَ(١) لَاتَدْعُوا أَحَداً إِلى أَمْرِكُمْ ؛ فَوَ اللهِ لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ(٢) وَأَهْلَ(٣) الْأَرْضِ(٤) اجْتَمَعُوا عَلى(٥) أَنْ يُضِلُّوا عَبْداً يُرِيدُ اللهُ هُدَاهُ(٦) ، مَا اسْتَطَاعُوا(٧) ؛ كُفُّوا عَنِ النَّاسِ ، وَلَا يَقُولُ(٨) أَحَدُكُمْ(٩) : أَخِي(١٠) وَابْنُ عَمِّي وَجَارِي ؛ فَإِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً طَيَّبَ(١١) رُوحَهُ ، فَلَا يَسْمَعُ بِمَعْرُوفٍ(١٢) إِلَّا عَرَفَهُ ، وَلَا بِمُنْكَرٍ(١٣) إِلَّا أَنْكَرَهُ ، ثُمَّ يَقْذِفُ اللهُ فِي قَلْبِهِ كَلِمَةً يَجْمَعُ بِهَا أَمْرَهُ».(١٤)

٢٢٢٨/ ٣. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَرْوَانَ(١٥) ، عَنِ الْفُضَيْلِ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : نَدْعُو النَّاسَ إِلى هذَا الْأَمْرِ؟

فَقَالَ : « يَا فُضَيْلُ(١٦) ، إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ خَيْراً ، أَمَرَ مَلَكاً ، فَأَخَذَ(١٧) بِعُنُقِهِ(١٨) حَتّى‌

__________________

(١). في « ه » : - « و ».

(٢). في « ه » والوافي : « السماوات ».

(٣). في « ب ، ض ، ه » : - « أهل ».

(٤). في الوافي : « الأرضين ».

(٥). في « ه » : - « على ».

(٦). في الكافي ، ح ٤٣٠ : « هدايته ».

(٧). في الكافي ، ح ٤٣٠ والمحاسن : + « أن يضلّوه ».

(٨). في المحاسن : « ولا يقل ».

(٩). في « ب » : « أحد منكم ».

(١٠). في الوافي والكافي ، ح ٤٣٠ : « أحد عمّي وأخي » بدل « أحدكم أخي ». وفيالوافي : « أي لايتأسّف على ضلال‌ أقربائه وجيرانه ».

(١١). في « ف » : + « له ».

(١٢). في الكافي ، ح ٤٣٠ : « معروفاً ».

(١٣). في الكافي ، ح ٤٣٠ : « منكراً ».

(١٤).الكافي ، كتاب التوحيد ، باب الهداية أنّها من الله عزّ وجلّ ، ح ٤٣٠ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى.المحاسن ، ص ٢٠٠ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٣٤ ، عن محمّد بن إسماعيل ، وفيهما مع زيادة.تحف العقول ، ص ٣١٢ ، ضمن الحديث الطويل ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، خطاباً لأبي‌جعفر محمّد بن النعمان الأحول. راجع :الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب طينة المؤمن والكافر ، ح ١٤٥٠ ؛ وبصائر الدرجات ، ص ١٦ ، ح ٧الوافي ، ج ١ ، ص ٥٦١ ، ح ٤٧٠ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٩٠ ، ح ٢١٣١٥ ؛البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٠٨ ، ح ١٢.

(١٥) في « ه » : « هارون ».

(١٦) في الوافي والكافي ، ح ٤٣٣ والمحاسن ، ح ٤٤ : « لا ، يا فضيل ».

(١٧) في «ز»:«فأخذه». وفي «ض ، ه»: «فيأخذ».

(١٨) في « ب » : « عنقه ».

٥٣٩

أَدْخَلَهُ(١) فِي هذَا الْأَمْرِ طَائِعاً أَوْ كَارِهاً(٢) ».(٣)

٢٢٢٩/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ :

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : « اجْعَلُوا أَمْرَكُمْ هذَا(٤) لِلّهِ ، وَلَا تَجْعَلُوهُ لِلنَّاسِ ؛ فَإِنَّهُ مَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ لِلّهِ(٥) ، وَمَا كَانَ لِلنَّاسِ فَلَا يَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ(٦) ، وَلَا(٧) تُخَاصِمُوا بِدِينِكُمُ النَّاسَ(٨) ؛ فَإِنَّ الْمُخَاصَمَةَ(٩) مَمْرَضَةٌ لِلْقَلْبِ ؛ إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَالَ لِنَبِيِّهِصلى‌الله‌عليه‌وآله :( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) (١٠) وَقَالَ(١١) :( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النّاسَ حَتّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (١٢) ذَرُوا النَّاسَ ؛ فَإِنَّ النَّاسَ أَخَذُوا عَنِ النَّاسِ ، وَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمْ عَنْ(١٣) رَسُولِ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله وَ(١٤) عَلِيٍّعليه‌السلام

__________________

(١). في « ض ، ه » : « يدخله ». وفي الوافي والكافي ، ح ٤٣٣ والمحاسن ، ح ٤٤ : « فأدخله » بدل « حتّى أدخله ».

(٢). في « ب ، د ، ص ، ف ، ه ، بر ، بس ، بف » : « مكرهاً ».

(٣).الكافي ، كتاب التوحيد ، باب الهداية أنّها من الله عزّ وجلّ ، ح ٤٣٣. وفيالمحاسن ، ص ٢٠٢ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٤٤ ، عن صفوان ، عن محمّد بن مروان ؛وفيه ، ح ٤٢ ، بسند آخر عن الفضيل بن يسار ؛ وفي ذيل ح ٤٢ ، بسند آخر عن أبي‌جعفرعليه‌السلام ؛وفيه أيضاً ، ح ٤٣ و ٤٦ ، بسند آخر ؛قرب الإسناد ، ص ٣٥ ، ح ١١٣ ، بسند آخر ، وفي الخمسة الأخيرة إلى قوله : « أدخله في هذا الأمر » مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١ ، ص ٥٦٥ ، ح ٤٧٧ ؛الوسائل ، ج ١٦ ، ص ١٨٩ ، ح ٢١٣١٣ ؛البحار ، ج ٦٨ ، ص ٢٠٨ ، ح ١٣.

(٤). في الوافي : - « هذا ».

(٥). في « ه » : « له ».

(٦). في الوافي : « الله ».

(٧). في « ه » : « فلا ».

(٨). في « ه » : « الناس بدينكم ». وفي الوافي : « الناس لدينكم ». وفيمرآة العقول : « أي لاتجادلوا مجادلة يكون غرضكم فيها المغالبة والمعاندة بإلقاء الشبهات الفاسدة ، لاظهور الحقّ ؛ فإنّ المخاصمة على هذا الوجه يمرض القلب بالشكّ والشبهة والأغراض الباطلة. وإن كان غرضكم إجبارهم على الهداية ، فإنّها ليست بيدكم ، كما قال تعالى لنبيّه :( إِنَّكَ لا تَهْدِي ) ».

(٩). في « ب » : « الخصومة ».

(١٠). القصص (٢٨) : ٥٦.

(١١). في « ف » : « فقال ».

(١٢). يونس (١٠) : ٩٩. وفي « ف » : + «( وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ ) الآية ».

(١٣) في « ف ، بس ، بف » : « من ».

(١٤) في « ف » : « وعن ».

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790