الفروع من الكافي الجزء ٣

الفروع من الكافي7%

الفروع من الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 790

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 790 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • المشاهدات: 184444 / تحميل: 6199
الحجم الحجم الحجم
الفروع من الكافي

الفروع من الكافي الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

ملاحظة

هذا الكتاب

طبع ونشر الكترونياً وأخرج فنِيّاً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلميّة في الشبكة

٢

٣

٤

٥

(٥)

كتاب الإيمان والكفر‌

٦

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ‌

[٥]

كِتَابُ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ‌

١ - بَابُ طِينَةِ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ (١)

١٤٤٩/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ‌

__________________

(١). في « ب » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه ثقتي. كتاب الإيمان والكفر. باب طينة المؤمن والكافر ».

وفي « ج » : « بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب الكفر والإيمان. باب طينة المؤمن والكافر. أخبرني محمّد بن يعقوب ، قال : حدّثني ».

وفي « د » : « كتاب الإيمان والكفر. بسم الله الرحمن الرحيم. باب طينة المؤمن والكافر. أخبرنا محمّد بن يعقوب ، قال : حدّثني ».

وفي « ز » : « بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب الكفر والإيمان. باب طينة المؤمن والكافر ».

وفي « ص » : « بسم الله الرحمن الرحيم. باب طينة المؤمن والكافر. حدّثني أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلّعكبري ، قال : حدّثني أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني ، قال : حدّثني ».

وفي « ض » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه نستعين. كتاب الإيمان والكفر. باب طينة المؤمن والكافر ».

وفي « ف » : « الحمد لله ‌ربّ العالمين. بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب الكفر والإيمان ، والطاعات والمعاصي من المجلّد الثاني من كتابالكافي . باب طينة المؤمن والكافر. قال أبو جعفر محمّد بن يعقوب الكليني : حدّثني ».

وفي « ه » : « بسم الله الرحمن الرحيم. كتاب الإيمان والكفر. باب طينة المؤمن والكافر. حدّثني ».

وفي « بر » : « بسم الله الرحمن الرحيم. وبه ثقتي. ربِّ يسّر. المجلّد الثاني من المجلّدات السبع من الكتابالكافي تأليف الشيخ الفقيه الكامل أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني قدّس الله سرّه ، ونوّر ضريحه. كتاب الإيمان والكفر. باب طينة المؤمن والكافر ».

وفي « بس » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه ثقتي. باب طينة المؤمن والكافر ».=

٧

رَجُلٍ(١) :

عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِعليهما‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ(٢) اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - خَلَقَ النَّبِيِّينَ مِنْ طِينَةِ عِلِّيِّينَ قُلُوبَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ ، وَخَلَقَ قُلُوبَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ(٣) ، وَجَعَلَ(٤) خَلْقَ أَبْدَانِ الْمُؤْمِنِينَ(٥) مِنْ دُونِ ذلِكَ(٦) ، وَخَلَقَ الْكُفَّارَ مِنْ طِينَةِ سِجِّينٍ(٧) قُلُوبَهُمْ وَأَبْدَانَهُمْ ، فَخَلَطَ‌

__________________

= وفي « بف » : « بسم الله الرحمن الرحيم ، وبه ثقتي. كتاب الإيمان منالكافي ، والكفر ، والدعاء ، وفضل القرآن ، والزكاة ، والصوم ، والاعتكاف. باب طينة المؤمن والكافر ».

وفي شرح المازندراني : « بسم الله الرحمن الرحيم. باب طينة المؤمن والكافر. أخبرنا محمّد بن يعقوب ، قال : حدّثني ».

وفيمرآة العقول ، ج ٧ ، ص ١ : « كتاب الإيمان والكفر من كتابالكافي ، تصنيف الشيخ أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني رضي‌ الله ‌عنه وأرضاه » ثمّ قال : « أقول : تلك الفقرات لم تكن في بعض النسخ ، والظاهر أنّه من كلام رواةالكافي ».

(١). الخبر رواه الصفّار فيبصائر الدرجات ، ص ١٥ ، ح ٥ عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي ، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام . لكن في بعض نسخ البصائر زيادة : « عن رجل » بعد « ربعي ».

(٢). في « ض » : - « إنّ ».

(٣). فيالوافي : « الطينة : الخلقة والجبلّة. وعلّيّين ، جمع علّيّ ، أو مفرد ويعرب بالحروف والحركات : يقال للجنّةوالسماء السابعة والملائكة الحفظة الرافعين لأعمال عباد الله الصالحين إلى الله سبحانه. والمراد به أعلى الأمكنة وأشرف المراتب وأقربها من الله ؛ وله درجات كما يدلّ عليه ما ورد في بعض الأخبار الآتية من قولهم : « أعلى علّيّين » وكما وقع التنبيه عليه في هذا الخبر بنسبة خلق القلوب والأبدان كليهما إليه ، مع اختلافهما في الرتبة ».

(٤). في « بع » والمحاسن والبصائر والعلل ، ص ٨٢ و ١١٦ والاختصاص : - « جعل ».

(٥). في العلل ، ص ٨٢ والاختصاص : « أبدانهم » بدل « أبدان المؤمنين ».

(٦). في « ز » : « تلك الطينة » بدل « ذلك ».

(٧). « السجّين » : اسم لجهنّم بإزاء علّيّين.المفردات للراغب ، ص ٣٩٩ ( سجن ). وفيالنهاية ، ج ٢ ، ص ٣٤٤ : « هو فِعّيل من السجن : الحبس » ، وفيالوافي : « وسجّين يقال للنار والأرض السفلى ، والمراد به أسفل الأمكنة وأخسّ المراتب وأبعدها من الله سبحانه ، فيشبه أن يراد به حقيقة الدنيا وباطنها التي هي مخبوءة تحت عالم الملك ؛ أعني هذا العالم العنصري ؛ فإنّ الأرواح مسجونة فيه ؛ ولهذا ورد في الحديث : المسجون من سجنته الدنيا عن الآخرة. وخلق أبدان الكفّار من هذا العالم ظاهر ، وإنّما نسب خلق قلوبهم إليه لشدّة ركونهم إليه =

٨

بَيْنَ(١) الطِّينَتَيْنِ ، فَمِنْ هذَا(٢) يَلِدُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ ، وَيَلِدُ الْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ ، وَمِنْ هَاهُنَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنُ السَّيِّئَةَ ، وَمِنْ هَاهُنَا يُصِيبُ الْكَافِرُ الْحَسَنَةَ ؛ فَقُلُوبُ(٣) الْمُؤْمِنِينَ تَحِنُّ(٤) إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ ، وَقُلُوبُ الْكَافِرِينَ تَحِنُّ إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ ».(٥)

__________________

= وإخلادهم إلى الأرض وتثاقلهم إليها ، فكأنّه ليس لهم من الملكوت نصيب لاستغراقهم في الملك. والخلط بين الطينتين إشارة إلى تعلّق الأرواح الملكوتيّة بالأبدان العنصريّة ، بل نشؤها منها شيئاً فشيئاً ، فكلّ من النشأتين غلبت عليه صار من أهلها ، فيصير مؤمناً حقيقيّاً ، أو كافراً حقيقيّاً ، أو بين الأمرين على حسب مراتب الإيمان والكفر ».

وقال المحقّق الشعراني في تعليقته علىالوافي : « ظاهر هذا الكلام [ فكلّ من النشأتين غلبت عليه صار من أهلها ] موجب للجبر ، وهو لا يوافق المذهب ، ويبعد كلّ البعد أن يكون مراد المصنّف ما يظهر من كلامه هذا. فإن قال قائل : إنّ الخلق من طينتين مختلفتين لا يستلزم سلب القدرة عن الطرف المخالف. قلنا : الخلق من طينة علّيّين يوجب أقربيّة مَن خلَق منها إلى الخير ، والسجّين بالعكس ، وهذا أيضاً ظلم قبيح ، ومقتضى العدل واللطف الإلهي أن يخلق جميع الناس من طينة واحدة قريبة إلى الخير ، كما يدلّ عليه الآية الكريمة ، وإن خرج من خرج عن فطرته بسوء اختياره. فإن أمكن تأويل ما يخالف ذلك من الأحاديث بحيث يوافق الآية الكريمة والضروري من مذهب الإماميّة فهو ، وإلّا فهي مردودة. ونعم ما قال الفاضل محمّد صالح المازندراني : إنّ الخلق من طينتين تابع للإيمان والكفر ومسبّب عنهما ، لا العكس ؛ لأنّ الله تعالى علم أنّ جماعة يؤمنون باختيارهم ، سواء كانوا من طينة علّيّين أو من طينة سجّين ، فخلقهم من طينة علّيّين تشريفاً لهم ، وعلم أنّ جماعة يكفرون باختيارهم ولو كانوا من طينة علّيّين ، فخلقهم من طينة سجّين توهيناً وازدراءً. هذا محصّل كلامه ، ثمّ قال : وبما قرّرنا تبيّن فساد توهّم أنّ الإيمان والفضل والكمال وأضدادها تابعة لطهارة الطينة وصفائها ، وخباثة الطينة وظلمتها ؛ انتهى. فهذه الطينة عارضة على الفطرة الأصليّة على التوحيد ».

(١). في الاختصاص : - « بين ».

(٢). في الوافي : « ذلك ».

(٣). في « ص » : « وقلوب ».

(٤). « تَحِنُّ » ، أي تشتاق ؛ من الحنين ، وهو الشوق وتوقان النفس ، وأصل الحنين : ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٠٤ ؛النهاية ، ج ١ ، ص ٤٥٢ ( حنن ).

(٥).بصائر الدرجات ، ص ١٥ ، ح ٥ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي ، عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ؛المحاسن ، ص ١٣٢ ، كتاب الصفوة ، ح ٦ ، إلى قوله : « خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك » ؛علل الشرائع ، ص ٨٢ ، ح ٢ ، وفيهما بسند آخر عن حمّاد بن عيسى ، عن ربعي بن عبدالله الهذلي ، عمّن ذكره ، عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ؛وفيه ، ص ١١٦ ، ح ١٣ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ، عن أبي نعيم الهذلي ، عن رجل ؛الاختصاص ، ص ٢٤ ، مرسلاً عن ربعي ، عن رجل.الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٥ ، ح ١٦٤٣.=

٩

__________________

= قال المحقّق الشعراني في تعليقته على شرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ٤ : « ليس في الباب الأوّل من هذا الكتاب حديث يعتمد على إسناده ، بل جميع أخباره ضعيفة بوجه ، ولكنّ في البابين بعده أخباراً توصف بالحسن أو التوثيق ولكنّ مضامينها مخالفة لاُصول المذهب وللروايات الآتية في الباب الرابع ؛ أعني باب فطرة الخلق على التوحيد ؛ وذلك لأنّ من اُصول مذهبنا العدل واللطف وإن لم يخلق بعض الناس أقرب إلى قبول الطاعة وبعضهم أبعد ، والتبعيض في خلق المكلّفين مخالف لمقتضى العدل ؛ لأنّه تعالى سوّى التوفيق بين الوضيع والشريف ، مكّن أداء المأمور وسهّل سبيل اجتناب المحظور. وخلق بعض الناس من طينة خبيثة ، إمّا أن يكون ملزماً باختيار المعصية جبراً ، وهو باطل ، وإمّا أن يكون أقرب إلى قبول المعصية ممّن خلق من طينة طيّبة ، وهو تبعيض وظلم ، وقلنا : إنّه مخالف للروايات الآتية في الباب الرابع ؛ لأنّها صريحة في أنّ الله تعالى خلق جميع الناس على فطرة التوحيد ، وليس في أصل خلقهم تشويه وعيب ، وإنّما العيب عارض ، وهكذا ما نرى من خلق الله تعالى ؛ فإنّه خلق الماء صافياً ، وإنّما يكدّره الأرض التربة. وكذلك الإنسان خلق سالماً من الخبائث وأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه.

وأيضاً القرآن يدلّ على أنّ جميع الناس قالوا : بلى ، في جواب (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ) [ الأعراف (٧). : ١٧٢ ] فالأصل الذي عليه اعتقادنا أنّ جميع أفراد الناس متساوية في الخلقة بالنسبة إلى قبول الخير والشرّ ، وإنّما اختلافهم في غير ذلك ، فإن دلّت رواية على غير هذا الأصل فهو مطروح ، أو مؤوّل بوجه ، سواء علمنا وجهه ، أو لم نعلم. ومن التأويلات التي هي في معنى طرح الروايات تأويل الشارح ؛ فإنّ الروايات صريحة في أنّ الطينة مؤثّرة في صيرورة العبد سعيداً أو شقيّاً ، وأوّلها الشارح بأنّها غير مؤثّرة ».

وقال العلّامة المجلسي فيمرآة العقول ، ج ٧ ، ص ١٥ : « اعلم أنّ ما ذكر في هذا الباب وفي بعض الأبواب الآتية من متشابهات الأخبار ومعضلات الآثار ، وممّا يوهم الجبر ونفي الاختيار ، ولأصحابنا رضوان الله عليهم فيها مسالك :

الأوّل : ما ذهب إليه الأخباريّون ، وهو أنّا نؤمن بها مجملاً ونعترف بالجهل عن حقيقة معناها وعن أنّها من أيّ جهة صدرت ونردّ علمها إليهمعليهم‌السلام .

الثاني : أنّها محمولة على التقيّة ؛ لموافقتها لروايات العامّة ومذاهب الأشاعرة الجبريّة ، وهم جلّهم.

الثالث : أنّها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون ؛ فإنّه سبحانه لـمّا خلقهم وكان عند خلقهم عالماً بما يصيرون إليه فكأنّه خلقهم من طينات مختلفة.

الرابع : أنّها كناية عن اختلاف استعداداتهم وقابليّاتهم ، وهذا أمر بيّن لايمكن إنكاره ؛ فإنّه لايريب عاقل في أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأباجهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد والقابليّة ، وهذا لا يستلزم سقوط التكليف ؛ فإنّ الله تعالى كلّف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بقدر ما أعطاه من الاستعداد والقابليّة لتحصيل الكمالات ، وكلّفه ما لم يكلّف أحداً مثله ، وكلّف أباجهل ما في وسعه وطاقته ، ولم يجبره على شي‌ء من الشرّ والفساد.=

١٠

١٤٥٠/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحسَيْنِ(١) ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ‌

__________________

= الخامس : أنّه لـمّا كلّف الله تعالى الأرواح أوّلاً في الذرّ وأخذ ميثاقهم فاختاروا الخير والشرّ باختيارهم في ذلك الوقت ، وتفرّع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم ، كما دلّت عليه بعض الأخبار فلا فساد في ذلك ».

وقال العلّامة الطباطبائي في ذيل هذا الحديث : « الأخبار مستفيضة في أنّ الله تعالى خلق السعداء من طينة علّيّين من الجنّة ، وخلق الأشقياء من طينة سجّين من النار ، وكلّ يرجع إلى حكم طينته من السعادة والشقاء. وقد اُورد عليها أوّلاً بمخالفة الكتاب ، وثانياً باستلزام الجبر الباطل.

أمّا البحث الأوّل فقد قال الله تعالى :( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ) [ الأنعام (٦). : ٢ ] وقال :( وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ) [ السجدة (٣٢) : ٧ ] ، فأفاد أنّ الإنسان مخلوق من طين ، ثمّ قال تعالى :( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ) الآية ، [ البقرة (٢). : ١٤٨ ] وقال :( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَّبْرَأَهَا ) الآية ، [ الحديد (٥٧) : ٢٢ ] فأفاد أنّ للإنسان غاية ونهاية من السعادة والشقاء ، وهو متوجّه إليها ، سائر نحوها ، وقال تعالى : «( كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقاً هَدَى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ ) الآية ، [ الأعراف (٧). : ٢٩ - ٣٠ ] فأفاد أنّ ما ينتهي إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاء هو ما كان عليه في بدء خلقه وقد كان في بدء خلقه طيناً ، فهذه الطينة طينة سعادة وطينة شقاء. وآخر السعيد إلى الجنّة وآخر الشقيّ إلى النار ، فهما أوّلهما ؛ لكون الآخر هو الأوّل ، وحينئذ صحّ أنّ السعداء خلقوا من طينة الجنّة ، والأشقياء خلقوا من طينة النار ، وقال تعالى :( كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) [ المطففين (٨٣) : ١٨ - ٢١ ] ،( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْراكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) [ المطفّفين (٨٣) : ٧ - ١٠ ] الآيات ، وهي تشعر بأنّ « علّيّين » و « سجّين » ، هما ما ينتهي إليه أمر الأبرار والفجّار من النعمة والعذاب ، فافهم.

وأمّا البحث الثاني ، وهو أنّ أخبار الطينة تستلزم أن تكون السعادة والشقاء لازمين حتميّين للإنسان ، ومعه لايكون أحدهما اختياريّاً كسبيّاً للإنسان ، وهو الجبر الباطل.

والجواب عنه أنّ اقتضاء الطينة للسعادة أو الشقاء ليس من قبل نفسها ، بل من قبل حكمه تعالى وقضائه ما قضى من سعادة وشقاء ، فيرجع الإشكال إلى سبق قضاء السعادة والشقاء في حقّ الإنسان قبل أن يخلق وأنّ ذلك يستلزم الجبر. وقد ذكرنا هذا الإشكال مع جوابه في باب المشيئة والإرادة [ ذيل ح ٣٨٧ ] وحاصل الجواب أنّ القضاء متعلّق بصدور الفعل عن اختيار العبد ، وهو فعل اختياريّ في عين أنّه حتميّ الوقوع ولم يتعلّق بالفعل ، سواء اختاره العبد ، أو لم يختره حتّى يلزم منه بطلان الاختيار. وأمّا شرح ما تشتمل عليه هذه الأخبار تفصيلاً فأمر خارج عن مجال هذا البيان المختصر ، فليرجع فيه إلى مطوّلات الشروح والتعاليق ، والله الهادي ».

(١). هكذا في « ب ، جح » وحاشية « جك ». وفي سائر النسخ والمطبوع : « محمّد بن الحسن ». والصواب ما أثبتناه ؛ فقد روى الصفّار الخبر فيبصائر الدرجات ، ص ١٦ ، ح ٧ ، عن محمّد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن عبد الغفّار الجازي. وترجم النجاشي لعبد الغفّار بن حبيب الطائي الجازي وقال : « له كتاب يرويه جماعة =

١١

عَبْدِ الْغَفَّارِ الْجَازِيِّ(١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - خَلَقَ الْمُؤْمِنَ مِنْ طِينَةِ الْجَنَّةِ ، وَخَلَقَ الْكَافِرَ(٢) مِنْ طِينَةِ النَّارِ ».

وَقَالَ : « إِذَا أَرَادَ اللهُ(٣) - عَزَّ وَجَلَّ - بِعَبْدٍ خَيْراً ، طَيَّبَ رُوحَهُ وَجَسَدَهُ ، فَلَا يَسْمَعُ شَيْئاً مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا عَرَفَهُ ، وَلَا يَسْمَعُ شَيْئاً مِنَ الْمُنْكَرِ إِلَّا أَنْكَرَهُ ».

قَالَ : وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : « الطِّينَاتُ ثَلَاثٌ(٤) : طِينَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْمُؤْمِنُ مِنْ تِلْكَ الطِّينَةِ ، إِلَّا أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ هُمْ(٥) مِنْ(٦) صَفْوَتِهَا ؛ هُمُ(٧) الْأَصْلُ وَلَهُمْ فَضْلُهُمْ ، وَالْمُؤْمِنُونَ الْفَرْعُ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ(٨) ، كَذلِكَ(٩) لَايُفَرِّقُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شِيعَتِهِمْ ».

وَقَالَ : « طِينَةُ النَّاصِبِ مِنْ حَمَاً مَسْنُونٍ(١٠) ، وَأَمَّا الْمُسْتَضْعَفُونَ(١١) فَمِنْ تُرَابٍ ؛

__________________

= أخبرنا الحسين بن عبيد الله عن محمّد بن عبدالجبّار ، قال : حدّثنا النضر بن شعيب ، عن عبدالغفّار بكتابه ». وطريق الشيخ الطوسي إلى كتاب خالد بن ماد القلانسي أيضاً ينتهي إلى محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن النضر بن شعيب. أضف إلى ذلك أنّ أكثر روايات النضر بن شعيب وردت بواسطة محمّد بن الحسين. راجع :رجال النجاشي ، ص ٢٧٤ ، الرقم ٦٥٠ ؛الفهرست للطوسي ، ص ١٧٣ ، الرقم ٢٦٦ ؛معجم رجال الحديث ، ج ١٩ ، ص ١٥٦ - ١٥٨.

(١). في « ه » : « الخازن ».

(٢). في البصائر : « الناصب ».

(٣). في « ف » : - « الله ».

(٤). في « د ، ص ، ض ، ه » والبصائر : « ثلاثة ». قال فيالنحو الوافي : « عند عدم ذكر التميز لا يجب المخالفة ».

(٥). في « د ، ص ، ض ، بر ، بس » : - « هم ».

(٦). في البصائر : - « من ».

(٧). في البصائر : « وهم ».

(٨). في البصائر : « طينة ». و « طين لازب » أي ممتزج متماسك ، يلزق بعضه بعضاً.مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ١٦٦. وراجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٢١٩ ( لزب ). (٩).فيمرآة العقول : وفي بعض النسخ : «لذلك».

(١٠). الحَمَأ : الطين الأسود ، أو المنتن منه ، والمسنون : المتغيّر المنتن. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٥ ؛لسان‌العرب ، ج ١ ، ص ٦١ ( حمأ ) ؛الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢١٣٩ ( سنن ).

(١١). « المستضعف » : هو الذي لا يستطيع حيلة الكفر فيكفر ، ولا يهتدي سبيلاً إلى الإيمان ، كالصبيان ، ومن كان من الرجال مثل عقول الصبيان مرفوع القلم عنهم. وعن بعض الشارحين : المستضعف : من لا يعتقد الحقّ ولا =

١٢

لَا يَتَحَوَّلُ مُؤْمِنٌ عَنْ إِيمَانِهِ ، وَلَا نَاصِبٌ عَنْ نَصْبِهِ ، وَلِلّهِ الْمَشِيئَةُ فِيهِمْ(١) ».(٢)

١٤٥١/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، مِنْ أَيِّ شَيْ‌ءٍ خَلَقَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - طِينَةَ الْمُؤْمِنِ؟ فَقَالَ : « مِنْ طِينَةِ الْأَنْبِيَاءِ ؛ فَلَمْ تَنْجَسْ(٣) أَبَداً ».(٤)

١٤٥٢/ ٤. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى وَغَيْرُهُ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ(٥) ،

__________________

= يعاند أهله ، ولا يوالي أحداً من الأئمّةعليهم‌السلام ولا من غيرهم. أو هو - على ما فيالوافي - من لا يلزم طريقة أهل الإيمان ولا طريقة أهل الكفر ولم يتقيّد بعقيدة ، لاحقّ ولا باطل ، ليس لهم نور الملكوت ولا ظلمة باطن الملك ، بل لهم قبول كلّ من الأمرين ؛ بخلاف الآخرين ؛ فإنّهما لا يتحوّلان عمّا خلقوا له. راجع :مجمع البحرين ، ج ٥ ، ص ٨٦ ( ضعف ).

(١). في « ف » : « فيهم المشيئة ». وفي البصائر : + « جميعاً ».

(٢).بصائر الدرجات ، ص ١٦ ، ح ٧ ، عن محمّد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب. وفيالكافي ، كتاب التوحيد ، باب الهداية أنّها من الله عزّوجلّ ، ضمن ح ٤٣٠ ؛ وكتاب الإيمان والكفر ، باب في ترك دعاء الناس ، ضمن ح ٢٢٢٧ ؛ والمحاسن ، ص ٢٠٠ ، كتاب مصابيح الظلم ، ضمن ح ٣٤ ، بسند آخر.تحف العقول ، ص ٣١٢ ، ضمن وصيّته لأبي جعفر محمّد بن النعمان ، وفي الأربعة الأخيرة من قوله : « إذا أراد الله عزّوجلّ » إلى قوله : « من المنكر إلّا أنكره » مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٧ ، ح ١٦٤٤ ؛البحار ، ج ٦٧ ، ص ٨٢ ، ح ٧.

(٣). في « ب » والمحاسن : « فلم تنجّس » بحذف إحدى التاءين. وفي « ص ، ه ، بس » والوافي ومرآة العقول والبحار والمحاسن : « فلن تنجس ». والمراد بالنجاسة المنفيّة : نجاسة الكفر والشرك ، كما فيالمرآة ؛ أو التعلّق بالدنيا تعلّق ركون وإخلاد يذهله عن الآخرة ، كما في الوافي.

(٤).المحاسن ، ص ١٣٣ ، كتاب الصفوة ، ح ٧ ، بسنده عن صالح بن سهل الهمداني.المؤمن ، ص ٣٥ ، ح ٧٤ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ؛الاختصاص ، ص ٢٥ ، مرسلاً عن محمّد بن حمران ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع زيادة في أوّله ، وفيهما مع اختلاف يسير.الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٨ ، ح ١٦٤٥ ؛البحار ، ج ٦٧ ، ص ٩٣ ، ح ١٢.

(٥). هكذا في « ه ». وفي سائر النسخ والمطبوع والبحار : « محمّد بن خلف ». والصواب ما أثبتناه ؛ فقد تقدّم الخبرفيالكافي ، ح ١٠١٧ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي نهشل. وروى أحمد بن محمّد بن خالد البرقي أيضاً صدر الخبر فيالمحاسن ، ص ١٣٢ ، ح ٥ ، عن أبيه ، عن أبي نهشل ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - والظاهر منالبحار ، ج ٥ ، ص ٢٣٥ ، ذيل الحديث ١١ ، أنّ أبا حمزة يروي الخبر عن أبي جعفرعليه‌السلام ، فلاحظ - وورد الخبر فيتأويل الآيات ، ص ٧٤٨ ، نقلاً ممّا نحن فيه ، وفيه أيضاً : « محمّد بن خالد ».=

١٣

عَنْ أَبِي نَهْشَلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام يَقُولُ : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - خَلَقَنَا مِنْ أَعْلى عِلِّيِّينَ ، وَخَلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِنَا مِمَّا خَلَقَنَا مِنْهُ(١) ، وَخَلَقَ أَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذلِكَ ، وَقُلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْنَا ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خُلِقْنَا(٢) » ثُمَّ تَلَا هذِهِ الْآيَةَ :( كَلاّ إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ * كِتابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) (٣) .

« وَخَلَقَ عَدُوَّنَا مِنْ سِجِّينٍ ، وَخَلَقَ قُلُوبَ شِيعَتِهِمْ مِمَّا خَلَقَهُمْ مِنْهُ ، وَأَبْدَانَهُمْ مِنْ دُونِ ذلِكَ ؛ فَقُلُوبُهُمْ تَهْوِي إِلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِمَّا خُلِقُوا مِنْهُ » ثُمَّ تَلَا هذِهِ الْآيَةَ :( كَلاّ إِنَّ كِتابَ الفُجّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ * كِتابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) (٤) .(٥)

__________________

= هذا ، وقد وردت رواية محمّد بن خالد المراد به البرقي عن أبي نهشل فيالكافي ، ح ٢٦٦٧ و ٣٧٠٩ و ٦٠٦٩.

ثمّ إنّه لا يخفى وجه تصحيف « خالد » بـ « خلف » على العارف بأساليب الخطوط القديمة ؛ فقد كان يُكتَبُ « خالد » في بعض تلك الخطوط من دون « الألف » فيقع في معرض التصحيف بـ « خلف ».

(١). في الكافي ، ح ١٠١٧ : - « منه ».

(٢). هكذا في النسخ التي قوبلت. وفي المطبوع :+«منه».

(٣). المطفّفين (٨٣) : ١٨ - ٢١.

(٤). المطفّفين (٨٣) : ٧ - ١٠. وفي « ه » والكافي ، ح ١٠١٧ والبصائر : -( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ) .

(٥).الكافي ، كتاب الحجّة ، باب خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهمعليهم‌السلام ، ح ١٠١٧ ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي نهشل.المحاسن ، ص ١٣٢ ، كتاب الصفوة ، ح ٥ ، عن أبيه ، عن أبي نهشل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إلى قوله :( يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) .علل الشرائع ، ص ١١٦ ، ح ١٢ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن أبي نهشل.بصائر الدرجات ، ص ١٥ ، ح ٣ ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي نهشل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ؛تفسير القمّي ، ج ٢ ، ص ٤١١ ، بسنده عن محمّد بن إسماعيل ، وفي الأخيرين إلى قوله :( يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) .الكافي ، كتاب الحجّة ، باب خلق أبدان الأئمّة وأرواحهم وقلوبهمعليهم‌السلام ، ح ١٠١٤ ، إلى قوله : « خلقت ممّا خلقنا منه » ؛علل الشرائع ، ص ١١٧ ، ح ١٤ ، وفيهما بسند آخر عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير. وفيبصائر الدرجات ، ص ١٦ ، ح ٩ ؛ وص ١٧ ، ح ١٣ ، بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مع زيادة في أوّله ؛وفيه ، ص ١٨ ، ح ١٧ ؛ وص ١٧١ ، ح ٢ ، بسند آخر عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، مع زيادة في أوّله ؛وفيه ، ص ٢٤ ، ح ١٨ ، بسند آخر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وفي الخمسة الأخيرة مع اختلاف. وراجع :الأمالي للطوسي ، ص ١٤٩ ، المجلس ٥ ، ح ٥٧.الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٩ ، ح ١٦٤٧ ؛البحار ، ج ٦٧ ، ص ١٢٧ ، ح ٣٢.

١٤

١٤٥٣/ ٥. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا(١) ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ؛

وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ(٢) جَمِيعاً ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أُورَمَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَيْسَانَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ لَهُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، أَنَا مَوْلَاكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ كَيْسَانَ.

قَالَ : « أَمَّا النَّسَبُ فَأَعْرِفُهُ ، وَأَمَّا أَنْتَ فَلَسْتُ أَعْرِفُكَ ».

قَالَ : قُلْتُ لَهُ : إِنِّي وُلِدْتُ بِالْجَبَلِ(٣) ، وَنَشَأْتُ فِي أَرْضِ فَارِسَ ، وَإِنَّنِي(٤) أُخَالِطُ النَّاسَ فِي التِّجَارَاتِ وَغَيْرِ ذلِكَ ، فَأُخَالِطُ الرَّجُلَ ، فَأَرى لَهُ حُسْنَ السَّمْتِ(٥) وَحُسْنَ الْخُلُقِ‌

__________________

(١). فى « ص » : + « عن أحمد بن محمّد » - وقد زيد فى حاشيتها تصحيحاً - وهو سهو واضح لا يخفى على من تتبّع‌أسنادالكافي ؛ فقد أكثر الكليني من الرواية عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٨ ، ص ٤٩٣ - ٥٤٠.

(٢). الحسين بن الحسن الراوي عن محمّد بن اُورمة ، هو الحسين بن الحسن بن أبان ، روى ابن الوليد عنه جميع‌كتبِ محمّد بن اُورمة ، إلّاما كان فيه من تخليط أو غلوّ. راجع :الفهرست للطوسي ، ص ٤٠٧ ، الرقم ٦٢١ ؛رجال الطوسي ، ص ٤٤٨ ، الرقم ٦٣٦٢.

هذا ، وقد روى الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن اُورمة فيالكافي ، ح ٢١٤١ و ٢١٥٣ و ٢٢٩٦ و ٢٣٢٤ و ٣٠٠٦ و ٤٤٤٩ و ٤٥٠٥ و ٤٥٤٦. وقد حُذِف عدّة من أصحابنا من صدر السند تعليقاً - وح ٨١٥٣ و ٨١٥٩. فالظاهر في سندنا هذا أنّ سهل بن زياد والحسين بن الحسن يرويان معاً عن محمّد بن اُورمة ، تدلّ على ذلك لفظة « جميعاً ».

فعليه في السند تحويل ، بعطف « غير واحد ، عن الحسين بن الحسن » على « عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ».

(٣). فى « ب » : « في الجبل ». وفيشرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ٩ : « قيل : المراد بالجبل : كردستان بين تبريز وبغدادوهمدان ، وغير ذلك ». وفيالقاموس ، ج ٢ ، ص ١٢٨٩ ( جبل ) : « بلادُ الجبل : مُدُن بين آذربيجانَ وعراقِ العرب وخوزستان وفارس وبلاد الديلم ». وراجع أيضاً :معجم البلدان ، ج ٢ ، ص ١٠٣ ( جبل ).

(٤). في « ب » : « وإنّي ».

(٥). « السَّمت » : هيئة أهل الخير ، وهي عبارة عن الحالة التي يكون عليها الإنسان من السَّكينة والوَقار ، وحسن‌السيرة والطريقة ، واستقامة المنظر والهَيئة. راجع :مجمع البحرين ، ج ٢ ، ص ٢٠٦ ( سمت ).

١٥

وَكَثْرَةَ(١) أَمَانَةٍ(٢) ، ثُمَّ أُفَتِّشُهُ ، فَأَتَبَيَّنُهُ(٣) عَنْ(٤) عَدَاوَتِكُمْ ؛ وَأُخَالِطُ الرَّجُلَ ، فَأَرى مِنْهُ سُوءَ الْخُلُقِ(٥) وَقِلَّةَ أَمَانَةٍ(٦) وَزَعَارَّةً(٧) ، ثُمَّ أُفَتِّشُهُ ، فَأَتَبَيَّنُهُ(٨) عَنْ وَلَايَتِكُمْ ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذلِكَ؟

قَالَ(٩) : فَقَالَ لِي : « أَمَا عَلِمْتَ يَا ابْنَ كَيْسَانَ ، أَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَخَذَ طِينَةً مِنَ الْجَنَّةِ وَطِينَةً مِنَ النَّارِ ، فَخَلَطَهُمَا جَمِيعاً ، ثُمَّ نَزَعَ هذِهِ مِنْ هذِهِ ، وَهذِهِ مِنْ هذِهِ(١٠) ، فَمَا رَأَيْتَ مِنْ(١١) أُولئِكَ مِنَ الْأَمَانَةِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَحُسْنِ السَّمْتِ ، فَمِمَّا مَسَّتْهُمْ(١٢) مِنْ طِينَةِ(١٣) الْجَنَّةِ ، وَهُمْ يَعُودُونَ إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ ، وَمَا رَأَيْتَ مِنْ هؤُلَاءِ مِنْ قِلَّةِ الْأَمَانَةِ وَسُوءِ الْخُلُقِ وَالزَّعَارَّةِ(١٤) ، فَمِمَّا مَسَّتْهُمْ(١٥) مِنْ طِينَةِ النَّارِ ، وَهُمْ يَعُودُونَ(١٦) إِلى مَا خُلِقُوا مِنْهُ ».(١٧)

__________________

(١). في « ب ، ج ، د ، ص ، ض ، ف ، ه ، بس ، بف » والمحاسن : - « كثرة ». وفي « جم ، جه » وحاشية « ز ، بج ، بع ، جح » والبحار كما في المتن.

(٢). في الوافي والمحاسن : « الأمانة ».

(٣). في « ب ، ص ، بر ، بس ، بف » والبحار والمحاسن : « فاُفتّشه ».

(٤). في « ز » : « على ».

(٥). في حاشية « ف » : « خلق ».

(٦). في الوافي : « الأمانة ».

(٧). يجوز فيه التخفيف. ومعناه : شراسَة الخُلُق.الصحاح ، ج ٢ ، ص ٦٧٠ ( زعر ). وفي « د ، ص » وحاشية « ب ، ز » : « دعارة » ، ومعناه : الفسق والفساد.

(٨). في « ب ، د ، ص ، بر ، بس ، بف » والبحار والمحاسن : « فاُفتّشه ».

(٩). هكذا في النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : - « قال ».

(١٠). في « ض » والمحاسن : - « وهذه من هذه ». وقال فيالوافي : « معناه أنّه نزع طينة الجنّة من طينة النار ، وطينةالنار من طينة الجنّة بعد ما مسّت إحداهما الاُخرى ، ثمّ خلق أهل الجنّة من طينة الجنّة ، وخلق أهل النار من طينة النار ».

(١١). في « ب ، د ، ض ، ه ، بر ، بف » وحاشية « ج » وشرح المازندراني والبحار : « في ».

(١٢). في « ب ، د ، ص ، ف ، ه ، بر ، بف » والوافي : « مسّهم ».

(١٣) في « ج ، ص » : « طين ».

(١٤) يجوز فيه التخفيف. وفي «ج ، ص» : «الدعارّة».

(١٥) في « ب ، د ، ص ، ف ، بر » والوافي : « مسّهم ».

(١٦) في البحار : « يعادون ».

(١٧)المحاسن ، ص ١٣٦ ، كتاب الصفوة ، ح ٢٠ ، عن محمّد بن عليّ.الوافي ، ج ٤ ، ص ٣١ ، ح ١٦٤٨ ؛البحار ، ج ٦٧ ، ص ٨٦ ، ح ٩.

١٦

١٤٥٤/ ٦. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ(١) ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَهْلٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : الْمُؤْمِنُونَ(٢) مِنْ طِينَةِ الْأَنْبِيَاءِ؟ قَالَ : « نَعَمْ ».(٣)

١٤٥٥/ ٧. عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي حَمَّادٍ(٤) ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ يَزِيدَ(٥) ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَعليه‌السلام بَعَثَ جَبْرَئِيلَعليه‌السلام فِي أَوَّلِ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، فَقَبَضَ بِيَمِينِهِ قَبْضَةً بَلَغَتْ(٦) قَبْضَتُهُ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ تُرْبَةً ، وَقَبَضَ قَبْضَةً أُخْرى مِنَ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ الْعُلْيَا إِلَى الْأَرْضِ السَّابِعَةِ الْقُصْوى ، فَأَمَرَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - كَلِمَتَهُ ،

__________________

(١). في « ز ، ض ، بس » : « أحمد بن محمّد بن خالد » بدل « أحمد بن محمّد عن محمّد بن خالد ». وهو سهو ؛ فقدروى الخبر أحمد بن محمّد بن خالد البرقي فيالمحاسن ، ص ١٣٣ ، ح ٨ ، عن أبيه ، عن صالح بن سهل من أهل همدان ، قال : قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام . والظاهر أنّ الموجب للسقط في النسخ الثلاثة المذكورة ، هو جواز النظر من « محمّد » في « أحمد بن محمّد » إلى « محمّد » في « محمّد بن خالد ».

(٢). في « ف » والبصائر : « المؤمن ».

(٣).المحاسن ، ص ١٣٣ ، كتاب الصفوة ، ح ٨.بصائر الدرجات ، ص ١٨ ، ح ١٥ ، عن أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن صالح بن سهل.الوافي ، ج ٤ ، ص ٢٩ ، ح ١٦٤٦ ؛البحار ، ج ٦٧ ، ص ٩٣ ، ح ١٣.

(٤). في « ف » وحاشية « ص » : « صالح بن سهل بن محمّد ». لكنّه سهو ؛ فقد وردت رواية عليّ بن محمّد ، عن صالح‌بن أبي حمّاد ، عن الحسين بن يزيد فيالكافي ، ح ٣٠٨ و ٣٥١ و ٦٧١٨ و ١٢٢٢٥ و ١٢٨٦١. والظاهر أنّ الجميع قطعات من رواية واحدة.

(٥). في « ض ، بس ، جر » وحاشية « ج ، د ، ز ، ف ، بر » والبحار : « الحسين بن زيد ». وفي « ف » : « الحسن بن يزيد ». والحسين هذا ، هو الحسين بن يزيد النوفلي ؛ فقد روى علي بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة فيالكافي ، ح ٣٥١ ، ووردت رواية الحسين بن يزيد النوفلي ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة فيالأمالي للصدوق ، ص ٩٩ ، المجلس ٢٤ ، ح ٢ ؛ وص ١٦٧ ، المجلس ٣٦ ، ح ١١ ؛ وص ٣٨٣ ، المجلس ٧٢ ، ح ١٠ ؛ وكمال الدين ، ص ٣٢٩ ، ح ١١ ؛ ومعاني الأخبار ، ص ١٣١ ، ح ١ ؛ وعيون الأخبار ، ج ١ ، ص ٥٩ ، ح ٢٨.

(٦). في البحار : « فبلغت ».

١٧

فَأَمْسَكَ الْقَبْضَةَ الْأُولى بِيَمِينِهِ ، وَالْقَبْضَةَ(١) الْأُخْرى بِشِمَالِهِ ، فَفَلَقَ(٢) الطِّينَ فِلْقَتَيْنِ ، فَذَرَا(٣) مِنَ الْأَرْضِ ذَرْواً ، وَمِنَ السَّمَاوَاتِ ذَرْواً ، فَقَالَ لِلَّذِي بِيَمِينِهِ : مِنْكَ الرُّسُلُ وَالْأَنْبِيَاءُ(٤) وَالْأَوْصِيَاءُ وَالصِّدِّيقُونَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالسُّعَدَاءُ وَمَنْ أُرِيدُ كَرَامَتَهُ ، فَوَجَبَ(٥) لَهُمْ مَا قَالَ كَمَا قَالَ ، وَقَالَ لِلَّذِي بِشِمَالِهِ : مِنْكَ الْجَبَّارُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْكَافِرُونَ وَالطَّوَاغِيتُ وَمَنْ أُرِيدُ هَوَانَهُ وَشِقْوَتَهُ ، فَوَجَبَ لَهُمْ مَا قَالَ كَمَا قَالَ.

ثُمَّ إِنَّ الطِّينَتَيْنِ(٦) خُلِطَتَا جَمِيعاً ، وَذلِكَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ :( إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى ) (٧) ، فَالْحَبُّ طِينَةُ الْمُؤْمِنِينَ(٨) الَّتِي(٩) أَلْقَى اللهُ عَلَيْهَا مَحَبَّتَهُ ، وَالنَّوى طِينَةُ الْكَافِرِينَ الَّذِينَ نَأَوْا(١٠) عَنْ كُلِّ خَيْرٍ ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّوى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ نَأى(١١) عَنْ(١٢) كُلِّ خَيْرٍ وَتَبَاعَدَ عَنْهُ(١٣)

وَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ :( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ) (١٤) فَالْحَيُّ :

__________________

(١). في « ص » : - « القبضة ».

(٢). « الفَلْق » : شقّ الشي‌ء وإبانة بعضه عن بعض. يقال : فلقتُه فانفلق. والفِلْقَة : القِطْعَة وزناً ومعنىً. راجع :المفردات للراغب ، ص ٦٤٥ ؛المصباح المنير ، ص ٤٨١ ( فلق ).

(٣). في « ج ، ز ، ص ، بف » : « فذرأ » بالهمزة. وهو بمعنى خلق وكثّر وبذر. وأمّا « ذرا » فهو من الذَرْو بمعنى‌الإذهاب والتفريق والإطارة ، وعليه فالفاعل ضمير راجع إلى الله تعالى أو جبرئيل. واختاره العلّامة المجلسي. وبمعنى الذهاب والطيران ، والضمير راجع إلى الطين ، والمعنى : تحرّز وتفرّق سريعاً. واختاره العلّامة المازندراني. راجع :لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٨٢ ؛القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨٦ ( ذرا ).

(٤). في « ص ، ف » : « الأنبياء والرسل ».

(٥). في « ض ، بف » : « فوجبت ».

(٦). في « ه » : « الطينين ».

(٧). الأنعام (٦). : ٩٥.

(٨). في « ف ، ه » : « المؤمن ».

(٩). في الوافي : - « التي ».

(١٠). في « ج » : « ناؤوا ». وناء ينوء ، لغة في نأى ينأى.

(١١). في « ب » : « ناءَ » بصيغة الماضي. وفي « ز » : « ناءٍ » اسم للفاعل.

(١٢). في « ه » : « من ».

(١٣) في « ب ، د ، ض ، ف ، ه ، بر ، بس ، بف » والوافي : « منه ».

(١٤) الأنعام (٦). : ٩٥.

١٨

الْمُؤْمِنُ الَّذِي تَخْرُجُ(١) طِينَتُهُ مِنْ طِينَةِ الْكَافِرِ ، وَالْمَيِّتُ - الَّذِي يَخْرُجُ(٢) مِنَ الْحَيِّ - هُوَ الْكَافِرُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ طِينَةِ الْمُؤْمِنِ(٣) ، فَالْحَيُّ : الْمُؤْمِنُ ، وَالْمَيِّتُ : الْكَافِرُ.

وَذلِكَ قَوْلُهُ(٤) عَزَّ وَجَلَّ :( أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ ) (٥) فَكَانَ مَوْتُهُ اخْتِلَاطَ طِينَتِهِ مَعَ طِينَةِ الْكَافِرِ ، وَكَانَ حَيَاتُهُ حِينَ فَرَّقَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بَيْنَهُمَا بِكَلِمَتِهِ(٦) ؛ كَذلِكَ(٧) يُخْرِجُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - الْمُؤْمِنَ فِي الْمِيلَادِ مِنَ الظُّلْمَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهَا إِلَى النُّورِ ، وَيُخْرِجُ(٨) الْكَافِرَ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلْمَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ إِلَى النُّورِ ، وَذلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :( لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ ) (٩) ».(١٠)

٢ - بَابٌ آخَرُ مِنْهُ ، وَفِيهِ زِيَادَةُ وُقُوعِ التَّكْلِيفِ الْأَوَّلِ (١١)

١٤٥٦/ ١. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ‌

__________________

(١). في « ز ، بر ، بس ، بف » والوافي والبحار : « يخرج ».

(٢). في البحار : + « هو ».

(٣). في « ص » : - « فالحيّ - إلى - المؤمن ».

(٤). في البحار : « قول الله ».

(٥). الأنعام (٦). : ١٢٢.

(٦). في « بر » : « حكمته ». و « بكلمته » ، أي بأمره. وفيالوافي : « والمراد بالكلمة جبرئيل ؛ إذ هو القابض للقبضتين ».

(٧). في « ج » : « فكذلك ». وفي « ض ، بس » : « فذلك ».

(٨). فيمرآة العقول : « يمكن أن يقرأ - أي يخرج - على بناء المجرّد المعلوم ، أو على بناء المجهول ».

(٩). يس (٣٦) : ٧٠.

(١٠).الوافي ، ج ٤ ، ص ٣٢ ، ح ١٦٤٩ ؛البحار ، ج ٦٧ ، ص ٨٧ ، ح ١٠.

(١١). فيشرح المازندراني ، ج ٨ ، ص ١٣ : « يفهم من الروايات أنّ التكليف الأوّل - وهو ما وقع قبل التكليف في دارالدنيا بإرسال الرسل وإنزال الكتب - متعدّد : الأوّل : كان في عالم الأرواح الصرفة. الثاني : كان وقت تخمير الطينة قبل خلق آدم منها. الثالث : كان بعد خلق آدم منها حين أخرجهم من صلبه وهم ذرّ يدبّون يميناً وشمالاً. وكلّ من أطاع في هذه التكاليف الثلاثة فهو يطيع في تكليف الدنيا ، وكلّ من عصى فيها فهو يعصي فيه. وهنا تكليف خامس يقع في القيامة ، وهو مختصّ بالأطفال والمجانين والشيوخ الذين أدركوا النبيّ وهم لايعقلون ، =

١٩

الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « لَوْ عَلِمَ النَّاسُ كَيْفَ(١) ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ مَا(٢) اخْتَلَفَ اثْنَانِ ، إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ قَالَ : كُنْ مَاءً عَذْباً ؛ أَخْلُقْ(٣) مِنْكَ(٤) جَنَّتِي وَأَهْلَ طَاعَتِي ، وَكُنْ مِلْحاً أُجَاجاً ؛ أَخْلُقْ مِنْكَ نَارِي(٥) وَأَهْلَ مَعْصِيَتِي ، ثُمَّ أَمَرَهُمَا ، فَامْتَزَجَا ، فَمِنْ ذلِكَ صَارَ يَلِدُ الْمُؤْمِنُ الْكَافِرَ ، وَالْكَافِرُ الْمُؤْمِنَ(٦) .

ثُمَّ أَخَذَ طِيناً(٧) مِنْ أَدِيمِ(٨) الْأَرْضِ ، فَعَرَكَهُ(٩) عَرْكاً شَدِيداً ، فَإِذَا هُمْ كَالذَّرِّ(١٠)

__________________

= وغيرهم ممّن ذكر في محلّه. وقال فيمرآة العقول ، ج ٧ ، ص ١٦ : « إنّما أفرد لتلك الأخبار باباً لاشتمالها على أمر زائد لم يكن في الأخبار السابقة ؛ رعايةً لضبط العنوان بحسب الإمكان ».

(١). في « ه » والمحاسن : + « كان ».

(٢). في مرآة العقول والبحار والمحاسن : « لما ».

(٣). يجوز فيه الرفع. وكذا فيما يأتي.

(٤). فيمرآة العقول : « منك ، أي من أجلك » وكذا فيما يأتي.

(٥). في حاشية « ب » : « النار ».

(٦). فيمرآة العقول ، ج ٧ ، ص ١٧ : « أقول : لايبعد أن يكن الماء العذب كناية عمّا خلق الله في الإنسان من الدواعي إلى الخير والصلاح كالعقل والنفس الملكوتي ، والماء الاجاج عمّا ينافي ويعارض ذلك ويدعو إلى الشهوات الدنيّة واللذّات الجسمانيّة من البدن وما ركّب فيه من الدواعي إلى الشهوات ؛ ويكون مزجهما كناية عن تركيبهما في الإنسان. فقوله : أخلق منك ، أي من أجلك جنّتي وأهل طاعتي ؛ إذ لولا في الإنسان من جهة الخير لم يكن لخلق الجنّة فائدة ، ولم يكن يستحقّها أحد ، ولم يصر أحد مطيعاً له تعالى. وكذا قوله : أخلق منك ناري ؛ إذ لولا ما في الإنسان من دواعي الشرور لم يكن يعصي الله أحد ، ولم يحتج إلى خلق النار للزجر عن الشرور ».

(٧). في حاشية « ب » : « طينه ». وفي البحار : « طينة ». وفي المحاسن : « طين آدم ».

(٨). أديم كلّ شي‌ء : ظاهر جلده. واُدمة الأرض : وجهها. وفيالوافي : « ولعلّه كناية عمّا ينبت منها ممّا يصلح لأن يصير غذاءً للإنسان ويحصل منه النطفة ، أو تتربّى منه ». راجع :ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ٧٢ ؛معجم مقائيس اللغة ، ج ١ ، ص ٧٢ ( أدم ) ؛البحار ، ج ١١ ، ص ١٠٠.

(٩). عركت الشي‌ء أعرُكُه عَرْكاً : دَلَكْتُه. وفيالوافي : « ولعلّه كناية عن مزجه بحيث يحصل منه المزاج المستعدّ للحياة ». راجع :الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٩٩ ( عرك ).

(١٠). « الذرّ » : صغار النمل. الواحدة : ذرّة. وفيالوافي : « ووجه الشبه الحسّ والحركة وكونهم محلّ الشعور مع صغر الجثّة والخفاء ». راجع :المصباح المنير ، ص ٢٠٧ ( ذرّ ).

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الحركات الرجعيّة

1

7

الجهميّة

قد عرفت أنّ المتّهمين بالقدرية كانوا دعاة الحرّية، لا نُفاة القضاء والقدر، بل كانوا قائلين بأنّه سبحانه تبارك وتعالى قدّر وقضى، ومع ذلك، لم يسلب الاختيار عن الإنسان، فخيّره بين الإيمان والكفر، بين الخير والشّر، فلو قدّر الخير فلعلم منه بأنّه يختار الخير عن اختيار، أو قدّر الشر فلعلم منه أنّ الفاعل يختار الشر كذلك، وهو نفس صميم الإسلام ولبّه، قال سبحانه: ( فَمَن شَاءَ فَلْيُوْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكُفُرْ ) (1) .

لكن ظهرت في القرن الثاني والثالث حركات رجعيّة استهدفت أركان الإسلام والعودة بالأُمّة إلى الأفكار الجاهلية الّتي سادت قبل الإسلام، من القول بالجبر والتجسيم، وإليك أبرز ممثّلي هذه الحركات الرجعية.

____________________

(1) الكهف: 29.

٨١

الجهميّة:

إنّ سمات الجهميّة، هي: القول بالجبر والتعطيل، أسّسها جهم بن صفوان السمرقندي (المتوفّى 128هـ).

قال الذهبي: جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع، رأس الجهميّة في زمان صغار التابعين، وما علِمْته روى شيئاً، لكنّه زرع شرّاً عظيماً.

وقال المقريزي: الجهميّة،أتباع جهم بن صفوان الترمذي، مولى راسب، وقُتل في آخر دولة بني أُميّة، وتتلخّص عقائده في الأُمور التالية:

1 - ينفي الصفات الإلهيّة كلّها، ويقول: لا يجوز أن يوصف الباري بصفة يوصف بها خَلْقه.

2 - إنّ الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالقدرة ولا بالاستطاعة.

3 - إنّ الجنّة والنّار يفنيان، وتنقطع حركات أهلهما.

4 - إنّ من عرف الله ولم ينطق بالإيمان لم يكفر؛ لأنّ العلم لا يزول بالصمت، وهو مؤمن مع ذلك.

وقد كفّره المعتزلة في نفي الاستطاعة، وكفّره أهل السنّة بنفي الصفات وخلق القرآن ونفي الرؤية.

5 - وانفرد بجواز الخروج على السلطان الجائر.

6 - وزعم أنّ علم الله حادث لا بصفة يوصف بها غيره. (1)

____________________

(1). الخطط المقريزيّة: 3/349، ولاحظ: ص351.

٨٢

أقول: الظاهر أنّ قاعدة مذهبه أمران:

الأوّل: الجبر ونفي الاستطاعة، فجهم بن صفوان رأس الجبر وأساسه، ويُطْلق على أتباعه الجبريّة الخالصة، في مقابل غير الخالص منها.

الثاني: تعطيل ذاته سبحانه، عن التوصيف بصفات الجلال والجمال، ومن هنا نجمت المعطّلة.

وأمّا غير هذين الأمرين فمشكوك جداً.

التطورات الّتي مرّ بها مفهوم الجهمي:

لمّا كان نفي الصفات عن الله والقول بخلق القرآن ونفي الرؤية ممّا نسب إلى منهج الجهم، صار لفظ الجهمي رمزاً لكلِّ من قال بأحد هذه الأُمور، وإن كان غير قائل بالجبر ونفي القدر؛ ولأجل ذلك ربّما تطلق الجهميّة ويراد بها المعتزلة أو القدريّة، يقول أحد بن حنبل:

والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف، ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق، فهو أخبث من الأوّل، ومن زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله، فهو جهمي، ومن لم يكفّر هؤلاء القوم كلّهم فهو مثلهم. (1)

____________________

(1) السنّة: 49.

٨٣

الحركات الرجعيّة

2

8

المجسّمة

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد، والبرهان عن التفكير، ألحق أضراراً جسيمة بالمجتمع الإسلامي، حيث ظهرت فيه حركات هدّامة ترمي إلى تقويض الأُسس الدينية والأخلاقيّة.

ومن تلك الحركات المجسّمة؛ الّتي رفع لواءها مقاتل بن سليمان المجسم (1) (المتوفّى عام 150هـ)، ونشر أقاصيص الأحبار والرهبان في القرن الثالث، فهو وجهم بن صفوان، مع تشاطرهما في دفع الأُمّة الإسلامية إلى حافة الجاهلية،على طرفي نقيض في مسألة التنزيه والتشبيه.

____________________

(1) مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي بالولاء، البلخي، أبو الحسن، من المفسرين، أصله من بلخ، انتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدّث بها، وتوفّي بالبصرة، كان متروك الحديث، من كتبه (التفسير الكبير)، و(نوادر التفسير)، و(الرّد على القدريّة)، و(متشابه القرآن)، و(الناسخ والمنسوخ)، و(القراءات)، و(الوجوه والنظائر)، [الأعلام: 7/281].

٨٤

أمّا صفوان، فقد بالغ في التنزيه حتّى عطّل وصف ذاته بالصفات.

وأمّا مقاتل، فقد أفرط في التشبيه فصار مجسّماً، وقد نقل المفسرون آراء مقاتل في كتب التفاسير.

فليعرف القارئ مكانه في الوثاقة وتنزيه الربّ عن صفات الخلق.

قال ابن حبّان: كان يأخذ من اليهود والنصارى - في علم القرآن - الّذي يوافق كتبهم، وكان يشبّه الربّ بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث.

وقال أبو حنيفة: أفرط جهم في نفي التشبيه، حتّى قال إنّه تعالى ليس بشيء، وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعله مثل خلقه. (1)

____________________

(1) لاحظ: ميزان الاعتدال، 4/173. وراجع تاريخ بغداد، 13/166.

٨٥

الحركات الرجعية

3

9

الكرّاميّة

وهذه الفرقة منسوبة إلى محمد بن كرام السجستاني (المتوفّى عام 255هـ) شيخ الكرامية.

قال الذهبي: ساقط الحديث على بدعته، أكَثَر عن أحمد الجويباري، ومحمد بن تميم السعدي؛ وكانا كذّابين.

وقال ابن حبّان: خذل، حتّى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها... وجعل الإيمان قولاً بلا معرفة.

وقال ابن حزم: قال ابن كرام: الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر بقلبه، فهو مؤمن. ومن بِدَع الكرّاميّة قولهم في المعبود تعالى إنّه جسم لا كالأجسام، وقد سقت أخبار ابن كرّام في تاريخي الكبير، وله أتباع ومؤيّدون، وقد سجن في نيسابور لأجل بدعته ثمانية أعوام، ثُمَّ أُخرج وسار

٨٦

إلى بيت المقدس، ومات بالشام سنة 255هـ. (1)

إنّ للكرّامية نظريات في موضوعات أُخر، ذكرها البغدادي، وقد بلغت جُرأتهم في باب النبوّة حتّى قال بعضهم: إنّ النبي أخطأ في تبليغ قوله[ تعالى]: ( وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرَى ) ، حتّى قال بعده: (تلك الغرانيق العلى، وان شفاعتها لترتجى). (2)

مع أنّ قصة الغرانيق أُقصوصة ابتدعها قوم من أهل الضلالة، وقد أوضحنا حالها في كتابنا (سيد المرسلين (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم».

ونكتفي بهذا النزر في بيان عقائدهم، وكلّها وليد إقصاء العقل والمنطق عن ساحة العقائد، والاكتفاء بالروايات مع ما فيها من أباطيل وترّهات وضعها الأعداء واختلقتها الأهواء، فهي من أسوأ الحركات الرجعيّة الظاهرة في أواسط القرن الثالث.

____________________

(1) ميزان الاعتدال: 4/21.

(2) الفرق بين الفِرق: 222.

٨٧

الحركات الرّجعيّة

4

10

الظاهرية

وهذا المذهب منسوب إلى داود بن علي الأصفهاني الظاهري (200 - 270هـ).

وقد أسّس مذهباً في الفروع، فالمصدر الأصلي في الفقه عنده هو النصوص، بلا رأي في حكم من أحكام الشرع، فهم يأخذون بالنصوص وحدها، فإذا لم يكن بالنص، أخذوا بالإباحة الأصليّة.

ما هو السبب لظهور هذا المذهب؟

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد يستلزم طرده عن ساحة الفقه بوجه أولى، لأنّ أساسه هو التعبُّد بالنصوص، وعدم الإفتاء بشيء لا يوجد له أصل في الكتاب والسنّة، لكن الجمود على حرفيّة النصوص شيء، والتعبّد بالنصوص وعدم الإفتاء في مورد لا يوجد فيه أصل ودلالة في المصدرين الرئيسيّين شيء آخر،

٨٨

فالظاهرية على الأوّل، والفقهاء على الثاني، ولأجل إيضاح الحال نأتي بمثالين:

1 - إنّ الشكّل الأوّل من الأشكال الأربعة ضروري الإنتاج، من غير فرق بين الأُمور التكوينيّة أو الأحكام الشرعيّة؛ فكما أنّ الحكم بحدوث العالم نتيجة حتمية لقولنا: العالم متغيّر وكلّ متغيّر حادث، فهكذا الحكم بحرمة كلّ مسكر، نتيجة قطعيّة لقولنا: الفقاع مسكر، وكل مسكر حرام، فالفقاع حرام؛ لكنّ الظاهري يقبل المقدّمتين، ولكن لا يفتي بالنتيجة؛ بحجة أنّها غير مذكورة في النصوص.

2 - ما يسمّيه الفقهاء بلحن الخطاب، وإن كان شيئاً غير مذكور في نفس الخطاب، لكنّه من اللوازم البيّنة له، بحيث يتبادر إلى الذّهن من سماعه، فإذا خاطبنا سبحانه بقوله: ( فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍ ) (1) ، يتوجّه الذهن إلى حرمة ضربهما وشتمهما بطريق أولى، ولكن الفقيه الظاهري يأبى عن الأخذ به بحجّة كونه غير منصوص.

قال سبحانه: ( قُل لِلّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنّتُ الْأَوّلِينَ ) (2) .

فالموضوع للحكم (مغفرة ما سلف عند الانتهاء)؛ وإن كان هو الكافر، لكن الذهن السليم يتبادر إلى فهم شيء آخر، لازم لهذا الحكم بالضرورة، وهو تعميم الحكم إلى المسلم أيضاً بوجه آكد، ولكنّ الظاهري يتركه؛ بحجة أنّه غير مذكور في النص.

____________________

(1) الإسراء: 23.

(2) الأنفال: 38.

٨٩

وهذا النوع من الجمود يجعل النصوص غير كافلة لاستخراج الفروع الكثيرة، وتصبح الشريعة ناقصة من حيث التشريع والتقنين، وغير صالحة لجميع الأجيال والعصور، وفاقدة للمرونة اللازمة الّتي عليها أساس خاتميّة نبوّة نبيّناً محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وكتابه وسنّته.

ثمَّ إنّ الاكتفاء بظاهر الشريعة؛ وأخذ الأحكام من ظواهر النصوص؛ له تفسيران: أحدهما صحيح جداً، والآخر باطل، فإن أُريد منه نفي الظنون؛ الّتي لم يدلّ على صحة الاحتجاج بها دليل، فهو نفس نص الكتاب العزيز، قال سبحانه: ( قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) (1) ، فالشيعة الإماميّة، وبفضل النصوص الوافرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) المتّصلة اسنادها إلى الرسول الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، استطاعت أن تستخرج أحكام الحوادث والموضوعات الكثيرة منها، وامتنعت عن العمل بالقياس والاستحسان وغيرهما من الأدلّة الظنية؛ الّتي لم يقم الدليل القطعي على صحّة الاحتجاج بها، بل قام الدليل على حرمة العمل على بعضها، كالقياس، وقد ورد في نصوص أئمتهم (عليهم السلام): «إنّ السنّة إذا قيست مُحق الدين» (2) .

وإن أُريد بها لوازم الخطاب؛ أي ما يكون في نظر العقلاء، كالمذكور أخذاً بقولهم: (الكناية أبلغ من التصريح)، ويكون التفكيك بينهما أمراً غير صحيح، فليس ذلك عملاً بغير المنصوص. نعم ليس عملاً بالظاهر الحرفي، ولكنّه عمل بها بما يفهمه المخاطبون بها.

____________________

(1) يونس: 59.

(2) الوسائل: 18، الباب 6 من أبواب صفات القاضي، الحديث 10.

٩٠

أُفول نجمه:

إنّ هذا المذهب لأجل حرفيته قد أفل نجمه بسرعة.

نعم قد تبعه فقيه آخر باسم ابن حزم (384 - 458هـ)، وأعاد هذا المذهب إلى الساحة، وألّف حوله كتباً ورسائل، وخدمه بالتآليف التالية:

1 - الإحكام في أُصول الأحكام: بيّن فيه أُصول المذهب الظاهري.

2 - النُّبَذ: وهو خلاصة ذلك الكتاب.

3 - المحلّى: وهو كتاب كبير نشر في عشرة أجزاء، جمع أحاديث الأحكام وفقه علماء الأمصار، طبع في بيروت بتحقيق أحمد محمد شاكر، وله آراء شاذة - كبطلان الاجتهاد في استخراج الأحكام الفقهية، وجواز مس المصحف للمجنب، وقاتل الإمام عليّ كان مجتهداً - ذكرناها في موسوعتنا. (1)

وقد ذكرنا هذا المذهب، مع أنّه فقهي؛ لأجل اشتراكه مع ما سبق في الرجعيّة، وإقصاء العقل عن ساحة الاجتهاد الفقهي.

____________________

(1) بحوث في الملل والنحل: 3/141 - 146.

٩١

11

المعتزلة

المعتزلة بين المدارس الكلاميّة المختلفة؛ مدرسة فكريّة عقليّة أعطت للعقل القسط الأوفر، ومن المؤسف أنّ هوى العصبية، بل يد الخيانة، لعبت بكثير من مخلّفاتهم الفكريّة، فأطاحت به فأضاعتها بالخرق والتمزيق، فلم يبق فيما بأيدينا من آثارهم إلاّ الشيء القليل، وأكثرها يرجع إلى كتب عبد الجبار المعتزلي (المتوفّى عام 415هـ)، ولأجل ذلك فقد اعتمد في تحرير هذا المذهب غير واحد من الباحثين على كتب خصومهم كالأشاعرة، ومن المعلوم أنّ الاعتماد على كتاب الخصم لا يُورث يقيناً.

وقد اهتمّ المستشرقون في العصور الأخيرة بدراسة مذهب الاعتزال، ولقد أُعجبوا بمنهج الاعتزال في حرّية الإنسان وأفعاله، وصار ذلك سبباً لرجوع المعتزلة إلى الساحة من قبل المفكّرين الإسلاميّين، ولذلك نُشرت في هذه الآونة الأخيرة كتباً حول المعتزلة.

ومؤسّس المذهب هو واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصري، نقل الشهرستاني أنّه دخل شخص على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين!، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم تُخرج به

٩٢

عن الملّة، وهم وعيديّة الخوارج، وجماعة يُرجئون أصحاب الكبائر، ويقولون لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأُمّة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟

فتفكّر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب، قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إنّ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً، ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثُمّ قام واعتزل إلى اسطوانة المسجد؛ يقرّر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنّا واصل، فسمّي هو وأصحابه: معتزلة. (1)

سائر ألقاب المعتزلة:

إنّ للمعتزلة ألقاباً أُخر:

1 - العدليّة: لقولهم بعدل الله سبحانه وحكمته.

2 - الموحّدة: لقولهم لا قديم مع الله، وينفون قدم القرآن.

3 - أهل الحق: لأنّهم يعتبرون أنفسهم أهل الحق.

4 - القدريّة: يُعبَّر عن المعتزلة في الكتب الكلاميّة بالقدريّة، والمعتزلة يطلقونها على خصومهم، وذلك لما رُوي عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أنّ القدريّة مجوس هذه الأُمّة». فلو قلنا بأنّ القدريّة منسوبة إلى القدر؛ عِدْل القضاء، فتنطبق على

____________________

(1) الملل والنحل: 1/62.

٩٣

خُصَماء المعتزلة؛ القائلين بالقدر السالب للاختيار. ولو قلنا بأنّها منسوبة إلى القدرة؛ أي القائلين بتأثير قدرة الإنسان في فعله واختياره وتمكّنه في إيجاده، فتنطبق - على زعم الخُصَماء - على المعتزلة؛ لقولهم بتأثير قدرة الإنسان في فعله. وقد طال الكلام بين المتكلّمين في تفسير الحديث وذِكْر كلِّ طائفة وجهاً لانطباقه على خصمها. (1)

5 - الثنويّة: ولعلّ وجهه ما يتراءى من بعضهم من نسبة الخير إلى الله والشر إلى العبد.

6 - الوعيدية: لقولهم إنّ الله صادق في وعده، كما هو صادق في وعيده، وإنّه لا يغفر الذنوب إلاّ بعد التوبة، فلو مات بدونها يكون معذّباً قطعاً ويخلَّد في النار.

7 - المعطّلة: لتعطيل ذاته سبحانه عن الصفات الذاتية، ولكن هذا اللقب أُلصق بالجهميّة، وأمّا المعتزلة فلهم في الصفات مذهبان:

أ - القول بالنيابة، أي خلو الذات عن الصفات، ولكن تنوب الذّات مكان الصفات في الآثار المطلوبة منها، وقد اشتهر قولهم: (خُذ الغايات واترك المبادئ)، وهذا مخالف لكتاب الله والسنّة والعقل. فإنّ النقل يدلّ بوضوح على اتّصافه سبحانه بالصفات الكماليّة، وأمّا العقل، فحدِّث عنه ولا حرج؛ لأنّ الكمال يساوق الوجود، وكلّما كان الوجود أعلى وأشرف، تكون الكمالات فيه آكد.

____________________

(1) كشف المراد: 195، شرح المقاصد للتفتازاني: 2/143.

٩٤

ب - عينيّة الصفات مع الذّات واشتمالها على حقائقها، من دون أن يكون ذات وصفة، بل الذّات بلغت في الكمال إلى درجة صار نفس العلم قدرة.

8 - الجهميّة، وهذا اللّقب منحه أحمد بن حنبل لهم، فكل ما يقول: قالت الجهميّة، أو يصف القائل بأنّه جهميّ؛ يُريد به المعتزلة، لِمَا وجد من موافقتهم الجهميّة في بعض المسائل.

9 - المفنية.

10 - اللّفظيّة.

وهذان اللّقبان ذكرهما المقريزي وقال: إنّهم يوصفون بالمفنية، لما نسب إلى أبي الهذيل من فناء حركات أهل الجنة والنار؛ واللفظية لقولهم: ألفاظ القرآن مخلوقة. (1)

الأُصول الخمسة عند المعتزلة:

اشتهرت المعتزلة بأُصول خمسة، فمن دان بها فهو معتزلي، ومن نقص منها أو زاد عليها فليس منهم، وتلك الأُصول المرتبة حسب أهميتها عبارة عن: التوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فمن دان بها، ثُمَّ خالف بقية المعتزلة في تفاصيلها، لم يخرج بذلك عنهم.

وإليك تفصيل هذه الأُصول بنحو موجز:

____________________

(1) الخطط المقريزيّة: 4/169.

٩٥

إيعاز إلى الأُصول الخمسة

وقبل كلّ شيء نطرح هذه الأُصول على وجه الإجمال، حتّى يُعلم ماذا يريد منها المعتزلة، ثُمَّ نأخذ بشرحها واحداً بعد احد؛ فنقول:

1 - التوحيد: ويراد منه العلم بأنّ الله واحد، لا يشاركه غيره فيما يستحقُّ من الصفات نفياً وإثباتاً على الحدّ الّذي يستحقّه. والتوحيد عندهم رمز لتنزيهه سبحانه عن شوائب الإمكان ووهم المثليّة وغيرهما ممّا يجب تنزيه ساحته عنه، كالتجسيم والتشبيه وإمكان الرؤية وطروء الحوادث عليه. غير أنّ المهمّ في هذا الأصل؛ هو الوقوف على كيفيّة جريان صفاته عليه سبحانه، ونفي الرؤية، وغيرهما يقع في الدّرجة الثانية من الأهمية في هذا الأصل؛ لأنّ كثيراً منها لم يختلف المسلمون فيه، إلاّ القليل منهم.

2 - العدل: إذا قيل إنّه تعالى عادل، فالمراد أنّ أفعاله كلّها حسنة، وأنّه لا يفعل القبيح، وأنّه لا يَخِلّ بما هو واجب عليه. وعلى ضوء هذا: لا يكذب في خبره، ولا يجور في حكمه، ولا يعذِّب أطفال المشركين بذنوب آبائهم، ولا يُظهر المعجزة على أيدي الكذّابين، ولا يكلِّف العباد وما لا يطيقون، وما لا يعلمون، بل يُقْدِرهم على ما كلّفهم، ويعلِّمهم صفة ما كلّفهم، ويدلّهم على ذلك، ويبيّن لهم ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيَحْيَى‏ مَنْ حَيّ عَنْ بَيّنَةٍ ) (1) ، وأنّه إذا كلّف المكلّف وأتى بما كلّف على الوجه الّذي كُلِّف، فإنّه يثيبه لا محالة، وأنّه سبحانه إذا آلم وأسقم، فإنّما فعله لصلاحه ومنافعه، وإلاّ كان مخلاًّ بواجب...

3 - الوعد والوعيد: والمراد منه أنّ الله وعد المطيعين بالثواب، وتوعّد

____________________

(1) الأنفال: 42.

٩٦

العصاة بالعقاب، وأنّه يفعل ما وعد به وتوعّد عليه لا محالة. ولا يجوز الخُلف، لأنّه يستلزم الكذب. فإذا أخبر عن الفعل، ثُمَّ تركه، يكون كذباً. ولو أخبر عن العزم، فبما أنّه محال عليه، كان معناه الإخبار عن نفس الفعل، فيكون الخُلف كذباً. وعلى ضوء هذا الأصل، حكموا بتخليد مرتكب الكبائر في النار؛ إذا مات بلا توبة.

4 - المنزلة بين المنزلتين: وتلقّب بمسألة الأسماء والأحكام؛ وهي أنّ صاحب الكبيرة ليس بكافر كما عليه الخوارج، ولا منافق كما عليه الحسن البصري، ولا مؤمن كما عليه بعضهم، بل فاسق لا يحكم عليه بالكفر ولا بالإيمان.

5 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: والمعروف: كلّ فعل عرف فاعله حسنه أو دلّ عليه، والمنكر: كلّ فعل عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه. ولا خلاف بين المسلمين في وجوبهما؛ إنّما الخلاف في أنّه هل يُعلم عقلاً أو لا يُعلم إلاّ سمعاً؟، ذهب أبو عليّ (المتوفّى 303هـ) إلى أنّه يُعلم عقلاً وسمعاً، وأبو هاشم (المتوفّى 321هـ) إلى أنّه يُعلم سمعاً، ولوجوبه شروط تُذكر في محلّها، ومنها أن لا يؤدّي إلى مضرّة في ماله أو نفسه، إلاّ أن يكون في تحمّله لتلك المذلّة إعزاز للدّين.

قال القاضي: وعلى هذا يحمل ما كان من الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)؛ لِمَا كان في صبره على ما صبر، إعزاز لدين الله عزّ وجلّ، ولهذا نباهي به سائر الأُمم، فنقول: لم يبق من ولْد الرّسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلاّ سبط واحد، فلم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتّى قتل دون ذلك. (1)

____________________

(1) الأُصول الخمسة: 142، نقلاً عن، بحوث في الملل والنحل: 3/254 - 255.

٩٧

سبب الاقتصار على هذه الأُصول الخمسة:

هناك سؤال يطرح نفسه، وهو:

لماذا اقتصروا على هذه الأُصول، مع أنّ أمر النبوّة والمعاد أولى بأن يُعدَّ من الأُصول؟

وقد ذكروا في وجه ذلك أُموراً لا يُعتمد عليها، والحق أن يقال: إنّ الأُصول الخمسة الّتي يتبنّاها المعتزلة، مؤلّفة من أُمور تعدُّ من أُصول الدين كالتوحيد والعدل على وجه، ومن أُصول كلاميّة أنتجوها من البحث والنقاش، وأقحموها في الأُصول لغاية ردِّ الفرق المخالفة؛ الّتي لا توافقهم في هذه المسائل الكلامية.

وعند ذلك يستنتج القارئ أنّ ما اتّخذته المعتزلة من الأُصول، وجعلته في صدر آرائها، ليست إلاّ آراء كلاميّة لهذه الفرقة، تظاهروا بها للردّ على المجبّرة والمشبّهة والمرجئة والإماميّة وغيرهم من الفرق، على نحو لو لا تلكم الفِرَق لما سمعت من هذه الأُصول ذكراً.

أئمة المعتزلة:

المراد بأئمتهم؛ مشايخهم الكبار؛ الّذين نضج المذهب بأفكارهم وآرائهم، ووصل إلى القمة في الكمال.

نعم، في مقابل أئمة المذهب، أعلامهم الّذين كان لهم دور في تبيين هذا المنهج من دون أن يتركوا أثراً يستحق الذكر في الأُصول الخمسة، وها نحن نذكر من الطائفيتن نماذج:

٩٨

1. واصل بن عطاء (80 - 131هـ):

أبو حذيفة واصل بن عطاء، مؤسّس الاعتزال، المعروف بالغزّال، يقول ابن خلّكان: كان واصل أحد الأعاجيب، وذلك أنّه كان ألثغ، قبيح اللثغة في الرّاء، فكان يُخلِّص كلامه من الرّاء ولا يُفطن لذلك، لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه، ففي ذلك يقول أبو الطروق؛ يمدحه بإطالة الخطب واجتنابه الراء على كثرة تردّدها في الكلام، حتّى كأنّها ليست فيه.

عـليم بـإبدال الحروف وقامع

لـكلّ خطيب يغلب الحقَّ باطلُه

وقال الآخر:

ويـجعل البرّ قمحاً في تصرّفه

وخالف الرّاء حتّى احتال للشعر

ولـم يطق مطراً والقول يعجله

فـعاذ بالغيث اشفاقاً من المطر

من آرائه ومصنّفاته:

إنّ واصل هو أوّل من أظهر المنزلة بين المنزلتين؛ لأنّ الناس كانوا في أسماء أهل الكبائر من أهل الصلاة على أقوال: كانت الخوارج تسمّيهم بالكفر والشرك، والمرجئة تسمّيهم بالإيمان، وكان الحسن وأصحابه يسمّونهم بالنفاق.

مؤلّفاته:

ذكر ابن النديم في (الفهرست)، وتبعه ابن خلّكان: إنّ لواصل التصانيف التالية:

٩٩

1 - كتاب أصناف المرجئة.

2 - كتاب التوبة.

3 - كتاب المنزلة المنزلتين.

4 - كتاب خطبه الّتي أخرج منها الرّاء.

5 - كتاب معاني القرآن.

6 - كتاب الخُطب في التوحيد والعدل.

ومن المحتمل أنّه قام بجمع خطب الإمام عليّ (عليه السّلام) في التوحيد والعدل فأفرده تأليفاً.

7 - كتاب ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد.

8 - كتاب السبيل إلى معرفة الحق.

9 - كتاب في الدعوة.

10 - كتاب طبقات أهل العلم والجهل. (1)

2. عمرو بن عبيد (80 - 143هـ):

وهو الإمام الثاني للمعتزلة بعد واصل بن عطاء، وكان من أعضاء حلقة الحسن البصري، مثل واصل، لكن التحق به بعد مناظرة جرت بينهما في مرتكب الكبيرة.

روى ابن المرتضى، عن الجاحظ، أنّه قال: صلَّى عمرو أربعين عاماً صلاة

____________________

(1) فهرست ابن النديم: 203، الفن الأوّل من المقالة الخامسة.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790