الفروع من الكافي الجزء ٧

الفروع من الكافي11%

الفروع من الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 700

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥
  • البداية
  • السابق
  • 700 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 211153 / تحميل: 7122
الحجم الحجم الحجم
الفروع من الكافي

الفروع من الكافي الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

أَبِي مُحَمَّدٍ الْوَابِشِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ، عَنْ رَجُلٍ اشْتَرى أَبَاهُ مِنَ الزَّكَاةِ ؛ زَكَاةِ مَالِهِ؟

قَالَ(١) : « اشْتَرى خَيْرَ رَقَبَةٍ ، لَابَأْسَ بِذلِكَ ».(٢)

٥٩٣٤/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى(٣) ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ عَلى أَبِيهِ دَيْنٌ ، وَلِأَبِيهِ(٤) مَؤُونَةٌ ، أَيُعْطِي أَبَاهُ مِنْ زَكَاتِهِ يَقْضِي دَيْنَهُ؟

قَالَ : « نَعَمْ ، وَمَنْ أَحَقُّ مِنْ أَبِيهِ؟ ».(٥)

٥٩٣٥/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى(٦) ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : رَجُلٌ حَلَّتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ، وَمَاتَ أَبُوهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ، أَيُؤَدِّي زَكَاتَهُ فِي دَيْنِ أَبِيهِ وَلِلِابْنِ مَالٌ كَثِيرٌ؟

فَقَالَ : « إِنْ كَانَ أَبُوهُ(٧) أَوْرَثَهُ مَالاً ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ يَوْمَئِذٍ فَيَقْضِيَهُ عَنْهُ ، قَضَاهُ مِنْ جَمِيعِ‌الْمِيرَاثِ ، وَلَمْ يَقْضِهِ مِنْ زَكَاتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْرَثَهُ مَالاً(٨) ، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ‌

__________________

(١). في « بر » : + « له ».

(٢).فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ١٩٨ ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ١٨٠ ، ح ٩٣٨٩ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٥١ ، ح ١١٩٥١.

(٣). في « بر ، بف » : - « بن يحيى ».

(٤). في « بث ، بر ، بف »والوافي : « ولابنه ».

(٥).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٨٠ ، ح ٩٣٩٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٥٠ ، ح ١١٩٥٠.

(٦). في « بر » : - « بن عيسى ».

(٧). في « ى » : - « أبوه ».

(٨). في « بر » : « ماله ».

١٦١

أَحَقَّ بِزَكَاتِهِ مِنْ دَيْنِ أَبِيهِ ، فَإِذَا أَدَّاهَا فِي دَيْنِ أَبِيهِ عَلى هذِهِ(١) الْحَالِ(٢) ، أَجْزَأَتْ عَنْهُ ».(٣)

٣٥ - بَابُ الزَّكَاةِ تُبْعَثُ(٤) مِنْ بَلَدٍ إِلى بَلَدٍ أَوْ تُدْفَعُ(٥) إِلى مَنْ يَقْسِمُهَا فَتَضِيعُ(٦)

٥٩٣٦/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى(٧) ، عَنْ حَرِيزٍ(٨) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : رَجُلٌ بَعَثَ(٩) بِزَكَاةِ مَالِهِ لِتُقْسَمَ(١٠) ، فَضَاعَتْ ، هَلْ عَلَيْهِ ضَمَانُهَا حَتّى تُقْسَمَ(١١) ؟

فَقَالَ : « إِذَا وَجَدَ لَهَا مَوْضِعاً(١٢) ، فَلَمْ يَدْفَعْهَا(١٣) ، فَهُوَ لَهَا ضَامِنٌ حَتّى يَدْفَعَهَا ، وَإِنْ(١٤) لَمْ يَجِدْ لَهَا مَنْ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ ، فَبَعَثَ بِهَا إِلى أَهْلِهَا ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ(١٥) خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ ، وَكَذلِكَ الْوَصِيُّ الَّذِي يُوصى إِلَيْهِ يَكُونُ ضَامِناً لِمَا دُفِعَ إِلَيْهِ إِذَا وَجَدَ رَبَّهُ الَّذِي أُمِرَ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ ، فَإِنْ(١٦) لَمْ يَجِدْ(١٧) فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ ».(١٨)

__________________

(١). في « بر ، بف »والوافي : « هذا ».

(٢). في « بخ » : « الحالة ».

(٣).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٨٠ ، ح ٩٣٩١ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٥٠ ، ح ١١٩٤٩.

(٤). في « ظ » : « يبعث ».

(٥). في «ظ» : «يدفع». وفي «ى» : « يدفع به ».

(٦). في « بخ » : « فيضيع ».

(٧). في«بر» وحاشية «بح»والتهذيب :-«بن عيسى».

(٨). هكذا في النسخوالوسائل والتهذيب . وفي المطبوع : + « [ عن زرارة ] ».

وقد توسّط حريز [ بن عبدالله ] بين حمّاد [ بن عيسى ] وبين محمّد بن مسلم في كثيرٍ من الأسناد جدّاً. راجع :معجم رجال الحديث ، ج ٤ ، ص ٤٨٤ - ٤٨٨ ؛ وص ٤٩٥.

(٩). في « بح » : « يبعث ».

(١٠). في الوافي : « ليقسم ».

(١١). في « بح »والوافي : « حتّى يقسم ».

(١٢). في « بح » : « موضعها ».

(١٣). في « بف »والوافي : + « إليه ».

(١٤). في الفقيهوالتهذيب : « فإن ».

(١٥). في « بح » : - « قد ».

(١٦). في « بخ ، بر ، بف »والوافي : « وإن ».

(١٧). في « بس » : « لم يجده ».

(١٨).التهذيب ، ج ٤ ، ص ٤٧ ، ح ١٢٥ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣٠ ، ح ١٦١٧ ، معلّقاً عن محمّد بن =

١٦٢

٥٩٣٧/ ٢. حَمَّادُ بْنُ عِيسى(١) ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا أَخْرَجَ الرَّجُلُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِهِ ، ثُمَّ سَمَّاهَا لِقَوْمٍ ، فَضَاعَتْ ، أَوْ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِمْ ، فَضَاعَتْ ، فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ ».(٢)

٥٩٣٨/ ٣. حَرِيزٌ(٣) ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام أَنَّهُ قَالَ : « إِذَا أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ ، فَذَهَبَتْ ، وَلَمْ يُسَمِّهَا لِأَحَدٍ ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْهَا ».(٤)

٥٩٣٩/ ٤. حَرِيزٌ(٥) ، عَنْ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ(٦) عليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ إِلَيْهِ(٧) أَخٌ لَهُ زَكَاتَهُ(٨) لِيَقْسِمَهَا ، فَضَاعَتْ؟

فَقَالَ : « لَيْسَ عَلَى الرَّسُولِ وَلَاعَلَى الْمُؤَدِّي ضَمَانٌ ».

قُلْتُ : فَإِنَّهُ(٩) لَمْ يَجِدْ لَهَا أَهْلاً ، فَفَسَدَتْ وَتَغَيَّرَتْ ، أَيَضْمَنُهَا؟

قَالَ : « لَا ، وَلكِنْ إِنْ(١٠) عَرَفَ لَهَا أَهْلاً ، فَعَطِبَتْ(١١) أَوْ فَسَدَتْ ، فَهُوَ لَهَا ضَامِنٌ حَتّى‌

__________________

= مسلم ، من دون التصريح باسم المعصومعليه‌السلام الوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٣ ، ح ٩٤٦٦ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٥ ، ح ١٢٠٣٣ ؛ وج ١٩ ، ص ٣٤٦ ، ح ٢٤٧٣٦ ، إلى قوله : « فهولها ضامن » ومن قوله : « وكذلك الوصيّ ».

(١). في « بر ، بف » : - « بن عيسى ». وفيالتهذيب : « حمّاد بن عثمان » ، وهو سهو واضح.

ثمّ إنّ السند معلّق على سابقه. ويروي عن حمّاد بن عيسى ، عليّ بن إبراهيم عن أبيه.

(٢).التهذيب ، ج ٤ ، ص ٤٧ ، ح ١٢٣ ، معلّقاً عن الكليني.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣٠ ، ح ١٦١٨ ، معلّقاً عن أبي بصيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٣ ، ح ٩٤٦٧ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٦ ، ح ١٢٠٣٥.

(٣).السند معلّق . ويروي عن حريز ، عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن حمّاد بن عيسى.

(٤).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٤ ، ح ٩٤٦٨ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٦ ، ح ١٢٠٣٦.

(٥). السند معلّق كسابقه.

(٦). في « بخ ، بر »والوافي : « عن أبي عبدالله » بدل « قال : سألت أبا عبدالله ».

(٧). في « بس » وحاشية « ظ » : « إلى ».

(٨). فيالتهذيب : « زكاة ».

(٩). في « بث »والتهذيب : « فإن ».

(١٠). في « بح ، بر ، بف » : « إذا ».

(١١). « فعطبت » ، أي هلكت ؛ من العطب بمعنى الهلاك. راجع :الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨٤ ( عطب ).

١٦٣

يُخْرِجَهَا(١) ».(٢)

٥٩٤٠/ ٥. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ(٣) بْنِ مَحْبُوبٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ أَعْيَنَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ(٤) يَبْعَثُ بِزَكَاتِهِ(٥) ، فَتُسْرَقُ أَوْ تَضِيعُ؟

قَالَ(٦) : « لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْ‌ءٌ ».(٧)

٥٩٤١/ ٦. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَمَّنْ أَخْبَرَهُ ، عَنْ دُرُسْتَ ، عَنْ رَجُلٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : أَنَّهُ قَالَ فِي الزَّكَاةِ يَبْعَثُ بِهَا الرَّجُلُ إِلى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهِ ، قَالَ : « لَا بَأْسَ أَنْ يَبْعَثَ(٨) الثُّلُثَ ، أَوِ الرُّبُعَ » شَكَّ أَبُو أَحْمَدَ(٩) .(١٠)

٥٩٤٢/ ٧. مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ ؛

وَعَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ :

__________________

(١). في « بخ ، بر »والتهذيب : « من حين أخّرها ». وفي « بف » : « من حين أخرجها » ، كلاهما بدل « حتّى يخرجها ». وفي حاشية « بث » : « حتّى أخّرها ».

(٢).التهذيب ، ج ٤ ، ص ٤٨ ، ح ١٢٦ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٤ ، ح ٩٤٦٩ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٦ ، ح ١٢٠٣٤. (٣). في «بخ،بر،بف»والوسائل والتهذيب : -«الحسن ».

(٤). في « بح ، جن » : « رجل ».

(٥). في « بر » : « بزكاة ».

(٦). في التهذيب : « فقال ».

(٧).التهذيب ، ج ٤ ، ص ٤٧ ، ح ١٢٤ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٤ ، ح ٩٤٧٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٧ ، ح ١٢٠٣٧. (٨). في «بح،بر،بف،جن» : + «به». وفي الوافي : + « بها ».

(٩). فيالوافي : « يعني بأبي أحمد : ابن أبي عمير ».

(١٠).التهذيب ، ج ٤ ، ص ٤٦ ، ح ١٢٠ ، بسنده عن محمّد بن أبى عمير ؛الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ح ١٦٢٠ ، معلّقاً عن درست بن أبي منصور ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، وفيهما مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٤ ، ح ٩٤٧١ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٣ ، ذيل ح ١٢٠٢٧.

١٦٤

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام فِي الرَّجُلِ يُعْطَى الزَّكَاةَ يَقْسِمُهَا ، أَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْ‌ءَ مِنْهَا مِنَ الْبَلْدَةِ الَّتِي(١) هُوَ فِيهَا(٢) إِلى غَيْرِهَا(٣) ؟

قَالَ(٤) : « لَا بَأْسَ ».(٥)

٥٩٤٣/ ٨. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ عُمَرَ(٦) بْنِ أُذَيْنَةَ ، عَنْ زُرَارَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ(٧) بْنِ عُتْبَةَ الْهَاشِمِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « كَانَ رَسُولُ اللهِصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يَقْسِمُ صَدَقَةَ أَهْلِ الْبَوَادِي فِي أَهْلِ الْبَوَادِي ، وَصَدَقَةَ أَهْلِ الْحَضَرِ فِي أَهْلِ الْحَضَرِ ، وَلَايَقْسِمُهَا(٨) بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ ، إِنَّمَا يَقْسِمُهَا(٩) عَلى قَدْرِ مَا(١٠) يَحْضُرُهُ(١١) مِنْهُمْ ، وَمَا يَرى(١٢) ، لَيْسَ(١٣) فِي ذلِكَ شَيْ‌ءٌ مُوَقَّتٌ ».(١٤)

__________________

(١). في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بف »والوافي : « من البلد الذي ».

(٢). في « بح » : « فيه ». وفي « بخ ، بر ، بف » وحاشية « بث ، بح »والوافي : « به ».

(٣). في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بخ ، بر ، بف »والوافي : « غيره ».

(٤). في « بح » : « فقال ».

(٥).الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ح ١٦٢١ ، معلّقاً عن هشام بن الحكم ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٥ ، ح ٩٤٧٣ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٢ ، ذيل ح ١٢٠٢٦.

(٦). في « بح ، بر ، بف » : - « عمر ».

(٧). في الوسائل : « عبدالملك ».

(٨). في « بر »والتهذيب ، ج ٦ : « ولا يقسم ». وفي الكافي ، ح ٨٢٢٧ : « ولا يقسمه ».

(٩). في الكافي ، ح ٨٢٢٧والتهذيب ، ج ٦والمقنعة : « يقسمه ».

(١٠). في الوافيوالمقنعة : « من ».

(١١). في الوافي : « يحضرها ».

(١٢). فيالتهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٣ : « قال » بدل « ما يرى ».

(١٣). في الكافي ، ح ٨٢٢٧ : « وليس عليه ». وفي التهذيب ، ج ٦ : + « عليه ».

(١٤).الكافي ،كتاب الجهاد ، باب دخول عمرو بن عبيد والمعتزلة على أبي عبداللهعليه‌السلام ، ضمن الحديث الطويل ٨٢٢٧. وفيالتهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٣ ، ح ٢٩٢ ، معلّقاً عن الكليني.وفيه ، ج ٦ ، ص ١٥٠ ، ضمن الحديث الطويل ٢٦١ ، معلّقاً عن عليّ بن إبراهيم.وفيه أيضاً ، ص ١٣٠ ، ضمن الحديث الطويل ٣٦٦ ، بسند آخر عن أبي الحسن الأوّلعليه‌السلام ، مع اختلاف يسير.المقنعة ، ص ٢٦٠ ، مرسلاً عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي.الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ح ١٦١٩ ، مرسلاً ، هكذا : « وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقسم »الوافي ، ج ١٠ ، ص ٢٠٢ ، ح ٩٤٣٨ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٤ ، ح ١٢٠٣٢ ، إلى قوله : « وصدقة أهل الحضر في أهل الحضر ».

١٦٥

٥٩٤٤/ ٩. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ ، قَالَ :

كُنَّا مَعَ أَبِي بَصِيرٍ ، فَأَتَاهُ عَمْرُو بْنُ إِلْيَاسَ ، فَقَالَ لَهُ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ(١) ، إِنَّ أَخِي بِحَلَبَ بَعَثَ إِلَيَّ بِمَالٍ مِنَ الزَّكَاةِ(٢) أَقْسِمُهُ بِالْكُوفَةِ ، فَقُطِعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقُ ، فَهَلْ عِنْدَكَ فِيهِ(٣) رِوَايَةٌ(٤) ؟

فَقَالَ : نَعَمْ ، سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام عَنْ هذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَلَمْ أَظُنَّ(٥) أَنَّ(٦) أَحَداً يَسْأَلُنِي عَنْهَا أَبَداً ، فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، الرَّجُلُ يَبْعَثُ بِزَكَاتِهِ(٧) مِنْ أَرْضٍ إِلى أَرْضٍ ، فَيُقْطَعُ(٨) عَلَيْهِ الطَّرِيقُ ، فَقَالَ : « قَدْ أَجْزَأَتْ(٩) عَنْهُ(١٠) ، وَلَوْ كُنْتُ أَنَا لَأَعَدْتُهَا(١١) ».(١٢)

٥٩٤٥/ ١٠. أَبُو عَلِيٍّ الْأَشْعَرِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى(١٣) ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُسْكَانَ(١٤) ، عَنِ الْحَلَبِيِّ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « لَا تَحِلُّ صَدَقَةُ الْمُهَاجِرِينَ لِلْأَعْرَابِ(١٥) ، وَلَاصَدَقَةُ الْأَعْرَابِ لِلْمُهَاجِرِينَ(١٦) ».(١٧)

__________________

(١). في « بف ، جن » : « يا با محمّد ».

(٢). في « جن » : « زكاة ».

(٣). في « ظ » : « عنه ».

(٤). في « بح » وحاشية « ظ ، بس » : « شي‌ء ».

(٥). في «بخ ،بر،بف » وحاشية «بث» : «وما أظنّ».

(٦). في « ى ، بر » : - « أنّ ».

(٧). في الوسائل : « بزكاة ماله ».

(٨). في « بخ ، بر ، بف »والوافي : « فقطع ».

(٩). في « ظ ، بخ ، بف »والوافي والوسائل : « أجزأته ». وفي « بح » : « أجزأه ».

(١٠). في « بح ، بخ ، بف »والوسائل : - « عنه ». وفي الوافي عن بعض النسخ : « به ».

(١١). في « ى » : « لأعدت ».

(١٢).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٢١٥ ، ح ٩٤٧٤ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٧ ، ح ١٢٠٣٨ ، من قوله : «فقلت لأبي جعفرعليه‌السلام ».

(١٣). في « بر ، بف » وحاشية « بح »والتهذيب : - « بن يحيى ».

(١٤). في « بخ ، بر ، بف » وحاشية « بح »والتهذيب : « عن ابن مسكان ».

(١٥). في « بح »والوسائل : « في الأعراب ».

(١٦). في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بف ، جن »والوسائل والتهذيب والمقنعة : « في المهاجرين ».

(١٧).التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٨ ، ح ٣٠٩ ، معلّقاً عن الكليني.المقنعة ، ص ٢٦٣ ، مرسلاًالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢٠٢ ، =

١٦٦

٥٩٤٦/ ١١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عِمْرَانَ ، عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ ضُرَيْسٍ ، قَالَ :

سَأَلَ الْمَدَائِنِيُّ أَبَا جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ(١) : إِنَّ(٢) لَنَا زَكَاةً نُخْرِجُهَا مِنْ أَمْوَالِنَا ، فَفِي مَنْ نَضَعُهَا؟

فَقَالَ : « فِي(٣) أَهْلِ وَلَايَتِكَ ».

فَقَالَ(٤) : إِنِّي فِي بِلَادٍ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكَ؟

فَقَالَ : « ابْعَثْ بِهَا إِلى بَلَدِهِمْ تُدْفَعُ إِلَيْهِمْ ، وَلَاتَدْفَعْهَا(٥) إِلى قَوْمٍ إِنْ دَعَوْتَهُمْ غَداً إِلى أَمْرِكَ لَمْ يُجِيبُوكَ ، وَكَانَ(٦) - وَاللهِ - الذَّبْحُ(٧) ».(٨)

٣٦ - بَابُ الرَّجُلِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الشَّيْ‌ءُ يُفَرِّقُهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ(٩) يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ‌

٥٩٤٧/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : الرَّجُلُ يُعْطَى الزَّكَاةَ يَقْسِمُهَا(١٠) فِي أَصْحَابِهِ ، أَيَأْخُذُ مِنْهَا‌

__________________

= ح ٩٤٣٩ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٤ ، ح ١٢٠٣١.

(١). في « بخ ، بر ، بف »والوافي : « فقال ».

(٢). في « ى » : - « إنّ ».

(٣). في « ى » : « إلى ».

(٤). فيالوسائل ، ص ح ١٢٠٣٠ : « فقلت ».

(٥). في « ى » : « فلا تدفعها ».

(٦). في « بر »والوافي : « كان » بدون الواو.

(٧). في « بر ، بف »والوافي : « أربح ». وقال فيالوافي : « كأنّه أراد إن دعوتهم إلى الجهاد معك ونصرة دينك لم يجيبوك ؛ لأنّهم لم يدينوا بدينك ، كان والله أربح ؛ يعني أنّ بعثها إلى بلد الأولياء أربح من إعطائها أهل البلد الذين هذا حالهم. وفي بعض النسخ : وكان والله الذبح ؛ ولعلّ المراد به أنّك إن أعطيت أهل البلد لم تجد من يعينك ، وفي ذلك القتل بأيدي الأعداء إن ظهر أمرك ».

(٨).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٨٧ ، ح ٩٤٠٤ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٢٢ ، ح ١١٨٨٢ ؛وفيه ، ص ٢٨٤ ، ح ١٢٠٣٠ ، إلى قوله : « ابعث بها إلى بلدهم تدفع إليهم ». (٩). في « بخ ، بر » : - « إليه ».

(١٠). في « بخ » : « تقسم ». وفي الوسائل : « فيقسّمها ».

١٦٧

شَيْئاً؟ قَالَ : « نَعَمْ ».(١)

٥٩٤٨/ ٢. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عُثْمَانَ :

عَنْ أَبِي إِبْرَاهِيمَعليه‌السلام فِي رَجُلٍ أُعْطِيَ مَالاً يُفَرِّقُهُ فِيمَنْ يَحِلُّ لَهُ(٢) ، أَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً لِنَفْسِهِ وَإِنْ(٣) لَمْ يُسَمَّ لَهُ(٤) ؟

قَالَ : « يَأْخُذُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ مِثْلَ مَا يُعْطِي غَيْرَهُ(٥) ».(٦)

٥٩٤٩/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، عَنْ يُونُسَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ الدَّرَاهِمَ يَقْسِمُهَا وَيَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا ، وَهُوَ مِمَّنْ يَحِلُّ(٧) لَهُ الصَّدَقَةُ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ لِنَفْسِهِ كَمَا يُعْطِي غَيْرَهُ » قَالَ : « وَلَايَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَضَعَهَا فِي مَوَاضِعَ مُسَمَّاةٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ ».(٨)

٣٧ - بَابُ الرَّجُلِ إِذَا وَصَلَتْ إِلَيْهِ الزَّكَاةُ فَهِيَ كَسَبِيلِ مَالِهِ يَفْعَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ(٩)

٥٩٥٠/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عِيسى ، عَنْ سَمَاعَةَ :

__________________

(١).الوافي ، ج ١٠ ، ص ٢٠٨ ، ح ٩٤٥٧ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٧ ، ح ١٢٠٣٩ ؛ وج ١٧ ، ص ٢٧٧ ، ح ٢٢٥١٢.

(٢). في « بخ » : - « له ».

(٣). في « بخ ، بر »والتهذيب : - « إن ».

(٤). في « بس » : - « له ».

(٥). في التهذيب : « لغيره ».

(٦).التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٤ ، ح ٢٩٥ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢٠٩ ، ح ٩٤٥٨ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٨ ، ح ١٢٠٤٠.

(٧). في « بخ ، بر ، بس ، بف ، جن »والوافي والوسائل والتهذيب : « تحلّ ».

(٨).التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٤ ، ح ٢٩٦ ، معلّقاً عن الكليني.المقنعة ، ص ٢٦١ ، مرسلاً ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٢٠٩ ، ح ٩٤٥٩ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٨ ، ح ١٢٠٤١.

(٩). في « بث ، بخ » : « شاء ».

١٦٨

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : « إِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ الزَّكَاةَ ، فَهِيَ كَمَالِهِ(١) يَصْنَعُ بِهَا(٢) مَا يَشَاءُ(٣) ». قَالَ : وَقَالَ : « إِنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - فَرَضَ لِلْفُقَرَاءِ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ فَرِيضَةً لَا يُحْمَدُونَ(٤) بِأَدَائِهَا ، وَهِيَ الزَّكَاةُ ، فَإِذَا هِيَ وَصَلَتْ إِلَى الْفَقِيرِ ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَالِهِ يَصْنَعُ بِهَا مَا يَشَاءُ(٥) ».

فَقُلْتُ : يَتَزَوَّجُ(٦) بِهَا(٧) ، وَيَحُجُّ مِنْهَا؟

قَالَ : « نَعَمْ ، هِيَ مَالُهُ ».

قُلْتُ : فَهَلْ يُؤْجَرُ الْفَقِيرُ إِذَا حَجَّ مِنَ الزَّكَاةِ كَمَا يُؤْجَرُ الْغَنِيُّ صَاحِبُ الْمَالِ؟

قَالَ : « نَعَمْ ».(٨)

٥٩٥١/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا(٩) ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : إِنَّ شَيْخاً مِنْ أَصْحَابِنَا - يُقَالُ لَهُ : عُمَرُ - سَأَلَ عِيسَى بْنَ‌

__________________

(١). في « ظ » : « ماله ». وفي « بخ ، بر ، بف » وحاشية « بث » : « فهو ماله » بدل « فهي كماله ».

(٢). في « بر ، بف »والوافي : « به ».

(٣). في « بث ، بخ ، بر »والوافي والوسائل ، ح ١٢٠٤٢ : « ما شاء ».

(٤). هكذا في جميع النسخ التي قوبلتوالوافي . وفي المطبوع : + « إلّا ». وفي « ى » : « لايجحدون ».

(٥). في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بف »والوافي : « ما شاء ».

(٦). في « بر ، بف » : « تزوّج ».

(٧). في « ظ ، بح » : « منها ».

(٨).الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ، صدر ح ٥٧٢٧. وفيتفسير العيّاشي ، ج ٢ ، ص ٢١٠ ، صدر ح ٣٦ ، عن سماعة ، من دون الإسناد إلى المعصومعليه‌السلام ؛وفيه ، ص ٢٣٠ ، صدر ح ٢٩ ، عن زرعة ، عن سماعة ، من دون الإسناد إلى المعصومعليه‌السلام ، وفي كلّها من قوله : « إنّ الله عزّوجّل فرض للفقراء» إلى قوله : « وهي الزكاة »الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٧٧ ، ح ٩٣٨٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ١٣ ، ح ١١٣٩٦ ، من قوله : « إنّ الله عزّوجّل فرض للفقراء » إلى قوله : « وهي الزكاة » ؛ وص ٢٨٩ ، ح ١٢٠٤٢.

(٩). في هامش المطبوع عن بعض النسخ : « محمّد بن يحيى ».

١٦٩

أَعْيَنَ وَهُوَ مُحْتَاجٌ ، فَقَالَ لَهُ(١) عِيسَى بْنُ أَعْيَنَ(٢) : أَمَا إِنَّ عِنْدِي مِنَ الزَّكَاةِ وَلكِنْ لَا أُعْطِيكَ مِنْهَا ، فَقَالَ لَهُ : وَلِمَ؟ فَقَالَ(٣) : لِأَنِّي رَأَيْتُكَ اشْتَرَيْتَ لَحْماً وَتَمْراً ، فَقَالَ : إِنَّمَا رَبِحْتُ دِرْهَماً ، فَاشْتَرَيْتُ بِدَانِقَيْنِ(٤) لَحْماً ، وَبِدَانِقَيْنِ تَمْراً ، وَرَجَعْتُ(٥) بِدَانِقَيْنِ لِحَاجَةٍ(٦) .

قَالَ : فَوَضَعَ أَبُو عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَدَهُ عَلى جَبْهَتِهِ سَاعَةً ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ، ثُمَّ قَالَ : « إِنَّ اللهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - نَظَرَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْفُقَرَاءِ ، فَجَعَلَ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ مَا يَكْتَفُونَ بِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَكْفِهِمْ لَزَادَهُمْ ، بَلْ(٧) يُعْطِيهِ(٨) مَا يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَكْتَسِي وَيَتَزَوَّجُ وَيَتَصَدَّقُ وَيَحُجُّ».(٩)

٥٩٥٢/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام وَأَنَا جَالِسٌ ، فَقَالَ : إِنِّي أُعْطى مِنَ الزَّكَاةِ ، فَأَجْمَعُهُ حَتّى أَحُجَّ بِهِ؟

__________________

(١). في « ى » : - « له ».

(٢). في « بخ ، بر ، بف »والوافي : - « بن أعين ».

(٣). في « بث ، بخ ، بر ، بف »والوافي : « قال ».

(٤). الدانق - بكسر النون وفتحها - : سدس الدرهم والدينار ، وقال الفيّومي : « الدانق : معرّب وهو سدس درهم، وهو عند اليونان حبّتا خُرنوب ؛ لأنّ الدرهم عندهم اثنتا عشرة حبّة خرنوب ، والدانق الإسلامي حبّتا خرنوب وثلثا حبّة خرنوب ؛ فإنّ الدرهم الإسلامي ستّ عشرة حبّة خرنوب ». راجع :لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٠٥ ؛المصباح المنير ، ص ٢٠١ ( دنق ). هذا ، وإن أردت تحقيق ذلك فراجع :جواهر الكلام ، ج ١٥ ، ص ١٧٤ - ١٧٩.

(٥). هكذا في « ظ ، بح ، بخ ، بر ، بف »والوافي . وفي « ى ، بث ، بس ، جن »والوسائل : « ثمّ رجعت ». وفي المطبوع : « ثمّ ورجعت ». (٦). في حاشية « بث » : « لحاجتي ».

(٧). في « بح »والوافي والوسائل : « بلى ».

(٨). في « بح ، بخ ، بر ، بف » وحاشية « بث »والوافي والوسائل : « فليعطه ».

(٩).الكافي ، كتاب الزكاة ، باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق ، ح ٥٧٢٦ ؛والفقيه ، ج ٢ ، ص ٣ ، ح ١٥٧٤ ؛وعلل الشرائع ، ص ٣٦٨ ، ح ٢ ، بسند آخر من قوله : « إنّ الله تبارك وتعالى نظر في أموال الأغنياء » إلى قوله : « ولولم يكفهم لزادهم » مع زيادة في أوّله وآخرهالوافي ، ج ١٠ ، ص ١٧٦ ، ح ٩٣٧٨ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٨٩ ، ح ١٢٠٤٣.

١٧٠

قَالَ(١) : « نَعَمْ ، يَأْجُرُ اللهُ مَنْ يُعْطِيكَ ».(٢)

٣٨ - بَابُ الرَّجُلِ يَحُجُّ مِنَ الزَّكَاةِ(٣) أَوْ يُعْتِقُ‌

٥٩٥٣/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنْ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ(٤) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ الشَّعِيرِيِّ(٥) ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : رَجُلٌ(٦) يُعْطِي الرَّجُلَ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ يَحُجُّ(٧) بِهَا.

قَالَ : « مَالُ الزَّكَاةِ(٨) يُحَجُّ بِهِ(٩) ؟ » فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ أَعْطى رَجُلاً مُسْلِماً.

__________________

(١). في « بث ، بخ ، بر ، بف » : « فقال ».

(٢).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٧٧ ، ح ٩٣٧٩ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٩١ ، ح ١٢٠٤٧.

(٣). في « بخ ، بف » : « زكاته ».

(٤). في « بر ، بف » وحاشية « بح » : - « بن درّاج ».

(٥). المراد من إسماعيل الشعيري هو إسماعيل بن أبي زياد مسلم السكوني الذي قد ورد في كثيرٍ من الأسناد جدّاً بعنوان السكوني. ولم نجد في شي‌ءٍ من الأسناد رواية جميل بن درّاج ، ولاجميل بن صالح عنه ، كما أنّا لم نجد - حسب تتبّعنا - روايته عن أبي عبداللهعليه‌السلام بالتوسّط. راجع :رجال النجاشي ، ص ٢٦ ، الرقم ٤٧ ؛الفهرست للطوسي ، ص ٣٣ ، الرقم ٣٨ ؛معجم رجال الحديث ، ج ٢٣ ، ص ١٠٣ ، الرقم ١٥٣٣٧.

هذا ، وقد ورد فيالكافي ، ح ١٣١٨٢ خبرٌ رواه ابن أبي عمير ، عن جميل بن درّاج ، عن زكريّا بن يحيى الشعيري ، عن الحكم بن عتيبة. وقد ورد الخبر في ح ١٣٦٢٤ أيضاً ، والمذكور هناك زكريّا بن يحيى ، عن الشعيري ، وفيالفقيه ، ج ٤ ، ص ٢٢٤ ، ح ٥٥٢٧ ، زكريّا بن أبي يحيى السعدي - ولم ترد لفظة « أبي » في بعض نسخه - كما أنّ المذكور فيالتهذيب ، ج ٩ ، ص ١٦٤ ، ح ٦٧١ ، جميل بن درّاج ، عن الشعيري ، عن الحكم بن عتيبة ، وفيالاستبصار المطبوع ، ج ٤ ، ص ١١٤ ، ح ٤٣٦ : جميل بن درّاج ، عن الشعيري ، وعن الحكم بن عتيبة ، قالا ؛ لكن في بعض نسخه : « الشعيري عن الحكم بن عتيبة قال ». والظاهر بملاحظة ما ذُكِر أنّ الصواب في سند ذاك الخبر هو ، زكريّا بن يحيى الشعيري.

إذا تبيّن هذا ، فنقول : المظنون أنّ إسماعيل في ما نحن فيه زائد ، وكان الأصل في العنوان هو الشعيري. ثمّ فسِّر بإسماعيل سهواً ، فزيد « إسماعيل » في المتن بتخيّل سقوطه منه.

(٦). في « بح ، بخ ، بف »والوافي والوسائل : « الرجل ». وفي « بر » : - « رجل ».

(٧). في « بر ، بف » : « ليحجّ ».

(٨). في « بخ ، بس »والوافي والوسائل : « ما للزكاة » بدل « مال الزكاة ».

(٩). في « ظ ، بح ، بخ ، بر ، بف » وحاشية « بس »والوافي والوسائل : « بها ».

١٧١

فَقَالَ : « إِنْ كَانَ مُحْتَاجاً ، فَلْيُعْطِهِ لِحَاجَتِهِ وَفَقْرِهِ ، وَلَايَقُولُ(١) لَهُ : حُجَّ بِهَا ، يَصْنَعُ بِهَا بَعْدُ(٢) مَا يَشَاءُ(٣) ».(٤)

٥٩٥٤/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٥) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي نَصْرٍ(٦) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنَ الزَّكَاةِ الْخَمْسُمِائَةِ وَالسِّتُّمِائَةِ يَشْتَرِي بِهَا(٧) نَسَمَةً(٨) ‌........................................................

__________________

(١). في الوسائل : « ولا يقل ».

(٢). في «ظ،بح»:« بعده ». وفي «بف»:-«بعد».

(٣). في « بخ ، بر ، جن »والوافي : « ما شاء ».

(٤).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٧٦ ، ح ٩٣٧٦ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٩٠ ، ح ١٢٠٤٤.

(٥). في « بخ ، بر » وحاشية « بح »والتهذيب : - « بن محمّد ». ثمّ إنّ السند معلّق على سابقه ، ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا ؛ فما ورد فيالتهذيب من « عنه عن أحمد » الظاهر منه أنّ رجوع الضمير إلى محمّد بن يعقوب سهوٌ ناشٍ من عدم الالتفات إلى وقوع التعليق في السند.

(٦). هكذا في حاشية « جر » وفي نسخة معتبرةٍ منالتهذيب . وفي « ى » وحاشية « بح » : « عمر بن أبي نصر». وفي « ظ ، بح ، بخ ، بر ، بس ، بف ، جر ، جن » والمطبوعوالوسائل والتهذيب : « عمرو ، عن أبي بصير ».

والظاهر أنّ الصواب ما أثبتناه ؛ فإنّا لم نجد - مع الفحص الأكيد - في من يتوسّط بين عليّ بن الحكم وأبي بصير ، من يسمّى بعمرو. وقد روى عمرو بن أبي نصر عن أبي عبدالله عليه‌السلام في عدّة من الأسناد وعدّه البرقي والنجاشي والشيخ الطوسي من أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام . راجع :معجم رجال الحديث ، ج ١٣ ، ص ٧٦ ؛رجال النجاشي ، ص ٢٩٠ ، الرقم ٧٧٨ ؛رجال البرقي ، ص ٣٥ ؛رجال الطوسي ، ص ٢٥٠ ، الرقم ٣٥٠٢. ولاحظ أيضاً :الفهرست للطوسي ، ص ٣١٩ ، الرقم ٤٩٤ ؛رجال الكشّي ، ص ٥٨٩ ، الرقم ١١٠٢.

ولايقال : ذكر الشيخ الطوسي في رجاله ، ص ٢٥٤ ، الرقم ٣٥٧٨ ، عمر بن أبي نصر أيضاً في أصحاب أبي عبداللهعليه‌السلام ، وقد ورد هذا العنوان فيالمحاسن ، ج ١ ، ص ٢١٨ ، ح ١١٥ ؛وعلل الشرائع ، ص ٢١٠ ، ح ١ ، فلا يحصل الاطمئنان بصحّة « عمرو بن أبي نصر ».

فإنّه يقال : أمّا خبرالمحاسن ، فقد وردت قطعة منه فيالوسائل ، ج ٢٨ ، ص ٣٤٥ ، ح ٣٤٩٢٢ وفي سنده « عمرو بن أبي نصر » ، كما أنّ خبرالعلل ورد فيالبحار ، ج ٢٤ ، ص ٥٣ ، ح ٩ وفيه أيضاً « عمرو بن أبي نصر».

وأمّا ما ورد فيرجال الشيخ ، ص ٢٥٤ ، الرقم ٣٥٧٨ ، فاحتمال وقوع التحريف فيه وأخذه من بعض الأسناد المحرّفة قويّ جدّاً.

(٧). في « بر ، بف »والوافي والتهذيب : « منها ». وفي « جن » : « بهما ».

(٨). قال الجوهريّ : « النسمة : الإنسان » ، وقال ابن الأثير : « النسمة : النفس والروح ، وكلّ دابّة فيها روح فهي نسمة » ، والمراد المملوك ، ذكراً كان أو اُنثى. راجع :الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٤٠ ؛النهاية ، ج ٥ ، ص ٤٩ (نسم ).

١٧٢

وَيُعْتِقُهَا(١) ؟

فَقَالَ(٢) : « إِذاً يَظْلِمَ قَوْماً آخَرِينَ حُقُوقَهُمْ » ثُمَّ مَكَثَ مَلِيّاً(٣) ، ثُمَّ قَالَ : « إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْداً مُسْلِماً فِي ضَرُورَةٍ ، فَيَشْتَرِيَهُ(٤) وَيُعْتِقَهُ ».(٥)

٥٩٥٥/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُسْلِمٍ(٦) ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَلَمْ يَجِدْ(٧) مَوْضِعاً(٨) يَدْفَعُ ذلِكَ إِلَيْهِ(٩) ، فَنَظَرَ إِلى مَمْلُوكٍ يُبَاعُ فِيمَنْ يُرِيدُهُ(١٠) ، فَاشْتَرَاهُ بِتِلْكَ الْأَلْفِ الدِّرْهَمِ(١١) الَّتِي أَخْرَجَهَا مِنْ زَكَاتِهِ ، فَأَعْتَقَهُ ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ(١٢) ذلِكَ؟

قَالَ : « نَعَمْ ، لَابَأْسَ بِذلِكَ ».

قُلْتُ(١٣) : فَإِنَّهُ لَمَّا(١٤) أَنْ أُعْتِقَ وَصَارَ حُرّاً ، اتَّجَرَ ، وَاحْتَرَفَ ، وَأَصَابَ(١٥) مَالاً ، ثُمَّ مَاتَ ، وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ ، فَمَنْ يَرِثُهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ؟

__________________

(١). في « بخ »والتهذيب : « يعتقها » بدون الواو.

(٢). في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بف » والوافي : « قال ».

(٣). « المـَليّ » : الطائفة من الزمان لاحدّ لها ، يقال : مضى مليّ‌من النهار ومن الدهر ، أي طائفة منه. راجع :النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٦٣ ( ملا ). (٤). في «بخ،بر،بف » والوافي والتهذيب : « فليشتره ».

(٥).التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٠ ، ح ٢٨٢ ، معلّقاً عن الكلينيالوافي ، ج ١٠ ، ص ١٧٨ ، ح ٩٣٨٣ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٩١ ، ح ١٢٠٤٩.

(٦). ورد الخبر فيالمحاسن ، ص ٣٠٥ ، ح ١٥ ، عن ابن فضّال ، عن هارون بن مسلم. والصواب مروان بن مسلم. لاحظ ما يأتي فيالكافي ، ذيل ح ١٠٩٨٣. (٧). فيالتهذيب : + « لها ».

(٨). فيالمحاسن : « مؤمناً ».

(٩). في « ظ » : « إليهم ».

(١٠). في « بح ، بخ ، بر ، بف » : « يريد ». وفي « بس » : « يزيده ». وفي الوافي والتهذيب : « يزيد ».

(١١). في « بخ ، بر » والوافي : - « الدرهم ».

(١٢). في « ظ ، ى ، بث ، بح ، بس »والوسائل والتهذيب والمحاسن : - « له ».

(١٣). فيالتهذيب : + « له ».

(١٤). في « بح » : - « لمـّا ».

(١٥). في « بث ، بح ، بخ ، بر ، بف » والوافيوالوسائل والتهذيب والمحاسن : « فأصاب ».

١٧٣

قَالَ(١) : « يَرِثُهُ الْفُقَرَاءُ الْمُؤْمِنُونَ(٢) الَّذِينَ يَسْتَحِقُّونَ الزَّكَاةَ ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا(٣) اشْتُرِيَ(٤) بِمَالِهِمْ».(٥)

٣٩ - بَابُ الْقَرْضِ أَنَّهُ حِمَى الزَّكَاةِ‌

٥٩٥٦/ ١. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ وَالْحَجَّالِ ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ مَيْمُونٍ(٦) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ السِّنْدِيِّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ(٧) عَمَّارٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « قَرْضُ الْمُؤْمِنِ غَنِيمَةٌ(٨) وَتَعْجِيلُ(٩) أَجْرٍ(١٠) ، إِنْ أَيْسَرَ قَضَاكَ(١١) ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذلِكَ احْتَسَبْتَ(١٢) بِهِ مِنَ الزَّكَاةِ ».(١٣)

__________________

(١). فيالتهذيب : « فقال ».

(٢). في « جن » : « فقراء المؤمنين ».

(٣). في « بر » : - « إنّما ».

(٤). في « بخ ، بر ، بف » وحاشية « بث » : « اشتراه ».

(٥).التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٠ ، ح ٢٨١ ، معلّقاً عن الكليني.المحاسن ، ص ٣٠٥ ،كتاب العلل ، ح ١٥ ، عن ابن فضّال ، عن هارون بن مسلم ، عن ابن بكير ، مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ١٧٨ ، ح ٩٣٨٤ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٩٢ ، ح ١٢٠٥٠. (٦). في « بخ ، بر »والوسائل : - « بن ميمون ».

(٧). في « ظ ، ى ، بح ، بس ، بف » : « عن ». وهو سهو ؛ فقد روى إبراهيم بن السندي عن يونس بن عمّار فيالكافي ، ح ٨٥٢٠. ويونس هذا ، هو يونس بن عمّار الصيرفي أخو إسحاق بن عمّار. راجع :رجال النجاشي ، ص ٧١ ، الرقم ١٦٩ ؛رجال البرقي ، ص ٢٩ ؛رجال الطوسي ، ص ٣٢٤ ، الرقم ٤٨٥١.

(٨). فيالوافي : « إنّما كان القرض غنيمة لأنّه يوجب ثواباً من دون نقص من المال ، وإنّما كان تعجيل أجر أو خير - على اختلاف النسختين - لأنّه أداء زكاة قبل أوانها ».

(٩). في « بح ، بخ » : « وتعجل ». وفي « بر ، بف » وحاشية « بث » : « ويعجل ».

(١٠). في « بخ ، بر » وحاشية « بث » : « أجراً ».

(١١). في الوافي عن بعض النسخ : « أدّاه ».

(١٢). في « بس ، جن » والوافي والكافي ، ح ٦١٣٢والفقيه : « احتسب ».

(١٣).الكافي ، كتاب الزكاة ، باب القرض ، ح ٦١٣٢ ، بسنده عن إبراهيم بن السندي ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام .الفقيه ، ج ٢ ، ص ١٨ ، ح ١٦٠١ وص ٥٨ ، ح ١٧٠٠ مرسلاً ؛فقه الرضا عليه‌السلام ، ص ١٩٨ ، وفي كلّ المصادر مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٦٦ ، ح ٩٩٠١ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٩٩ ، ح ١٢٠٦٤.

١٧٤

٥٩٥٧/ ٢. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(١) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ بَكْرٍ :

عَنْ أَبِي الْحَسَنِعليه‌السلام ، قَالَ : « كَانَ عَلِيٌّ - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ - يَقُولُ : قَرْضُ الْمَالِ حِمَى الزَّكَاةِ(٢) ».(٣)

٥٩٥٨/ ٣. أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ(٤) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ النَّضْرِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ ، عَنْ جَابِرٍ :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : « مَنْ أَقْرَضَ رَجُلاً(٥) قَرْضاً إِلى مَيْسَرَةٍ ، كَانَ مَالُهُ فِي زَكَاةٍ(٦) ، وَكَانَ هُوَ(٧) فِي الصَّلَاةِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ حَتّى يَقْضِيَهُ(٨) ».(٩)

__________________

(١). السند معلّق على سابقه. ويروي عن أحمد بن محمّد ، عدّة من أصحابنا.

(٢). « الحِمى » : المخطور الذي لا يُقْرَب ولا يُجترأ عليه. وفيالوافي : « حمى الزكاة ، أي حرماً مانعاً من منعها ، وذلك لأنّ القرض يؤدّي إلى أداء الزكاة ويمنع من منعها باعتبار أنّ صاحبه إذا عجز عن أدائه أمكن احتسابه عليه من الزكاة ، كما هو مصرّح به في هذه الأخبار ». راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٤٤٧ ؛المصباح المنير ، ص ١٥٣ (حما).

(٣).التهذيب ، ج ٤ ، ص ١٠٧ ، ح ٣٠٥ ، معلّقاً عن أحمد بن محمّد.المقنعة ، ص ٢٦٢ ، مرسلاًالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٦٧ ، ح ٩٩٠٢ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٣٠١ ، ح ١٢٠٦٨.

(٤). في « بخ ، بر » وحاشية « بح »والوسائل : - « بن محمّد ». والسند معلّق كسابقه ؛ فقد روى أحمد بن محمّد بن‌خالد ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر فيالكافي ، ح ٣٥٦ و٦٠٧٩. ولاحظ أيضاً :الكافي ، ح ١٦٢٢ و٩٤٧٦ و١٠١٣١.

(٥). فيثواب الأعمال : « مؤمناً ».

(٦). في « ى » : « الزكاة ».

(٧). في « بر » : - « هو ».

(٨). في الوافيوالفقيه : « حتّى يقبضه ».

(٩).ثواب الأعمال ، ص ١٦٦ ، ح ١ ، بسنده عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .الفقيه ، ج ٣ ، ص ١٨٨ ، ح ٣٧٠٨ ، مرسلاً ، وفيهما مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ٤٦٧ ، ح ٩٩٠٥ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٣٠١ ، ح ١٢٠٦٩.

١٧٥

٤٠ - بَابُ قِصَاصِ(١) الزَّكَاةِ بِالدَّيْنِ‌

٥٩٥٩/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ ؛

وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ جَمِيعاً ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْأَوَّلَ(٢) عليه‌السلام عَنْ دَيْنٍ لِي عَلى قَوْمٍ قَدْ طَالَ حَبْسُهُ عِنْدَهُمْ ، لَا يَقْدِرُونَ عَلى قَضَائِهِ ، وَهُمْ مُسْتَوْجِبُونَ لِلزَّكَاةِ ، هَلْ لِي(٣) أَنْ أَدَعَهُ(٤) ، وَأَحْتَسِبَ(٥) بِهِ عَلَيْهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ؟ قَالَ : « نَعَمْ ».(٦)

٥٩٦٠/ ٢. عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَخِيهِ الْحَسَنِ ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سَمَاعَةَ :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الدَّيْنُ عَلى رَجُلٍ فَقِيرٍ يُرِيدُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنَ الزَّكَاةِ؟

فَقَالَ : « إِنْ كَانَ الْفَقِيرُ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ(٧) مِنْ عَرْضٍ مِنْ دَارٍ ، أَوْ(٨)

__________________

(١). « القِصاص » : مصدر قولك : قاصصتُه مقاصّةً ، من باب قاتل : إذا كان لك عليه دين مثل مالَهُ عليك ، فجعلتَ الدين في مقابلة الدين ؛ مأخوذ من اقتصاص الأثر ، وهو اقتفاؤه واتّباعه. وقالصاحب المدارك : « المراد بالمقاصّة هنا القصد إلى إسقاط ما في ذمّة الفقير للمزكّي من الدين على وجه الزكاة. وفي معنى الفقير الغنيّ ؛ أعني مالك قوت السنة إذ كان بحيث لايتمكّن من أداء الدين ، وذكر الشارح أنّ معنى المقاصّة احتساب الزكاة على الفقير ثمّ أخذها مقاصّة ، وهو بعيد. وهذا الحكم ؛ أعني جواز مقاصّة المديون بما عليه من الزكاة ، مقطوع به في كلام الأصحاب ». راجع :المصباح المنير ، ص ٥٠٥ ( قصص ) ؛مسالك الأفهام ، ج ١ ، ص ٤١٧ ؛مدارك الأحكام ، ج ٥ ، ص ٢٢٥. (٢). في « بر ، بف » : - « الأوّل ».

(٣). في « بر » : - « لي ».

(٤). في « ظ » : + « لهم ».

(٥). في « بخ ، بر ، بف » والوافيوالوسائل : « فاحتسب ».

(٦).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٤٩ ، ح ٩٣٣٨ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٩٥ ، ح ١٢٠٥٨.

(٧). في « بث ، بر ، بف »والوافي : « من الدين ».

(٨). في « بح » : + « من ».

١٧٦

مَتَاعٍ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ ، أَوْ يُعَالِجُ عَمَلاً يَتَقَلَّبُ(١) فِيهَا(٢) بِوَجْهِهِ ، فَهُوَ يَرْجُو أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَالَهُ عِنْدَهُ مِنْ دَيْنِهِ ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُقَاصَّهُ بِمَا أَرَادَ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنَ الزَّكَاةِ ، أَوْ يَحْتَسِبَ بِهَا ، فَإِنْ(٣) لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْفَقِيرِ وَفَاءٌ ، وَلَايَرْجُو(٤) أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئاً ، فَلْيُعْطِهِ(٥) مِنْ زَكَاتِهِ(٦) ، وَلَايُقَاصَّهُ بِشَيْ‌ءٍ مِنَ الزَّكَاةِ ».(٧)

٤١ - بَابُ مَنْ فَرَّ بِمَالِهِ مِنَ الزَّكَاةِ‌

٥٩٦١/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادٍ ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ ، قَالَ :

قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام : رَجُلٌ فَرَّ بِمَالِهِ مِنَ الزَّكَاةِ ، فَاشْتَرى بِهِ أَرْضاً أَوْ دَاراً ، أَ عَلَيْهِ فِيهِ(٨) شَيْ‌ءٌ؟

فَقَالَ : « لَا ، وَلَوْ جَعَلَهُ حُلِيّاً أَوْ نُقَراً ، فَلَا شَيْ‌ءَ عَلَيْهِ فِيهِ(٩) ، وَمَا(١٠) مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْ فَضْلِهِ أَكْثَرُ مِمَّا مَنَعَ مِنْ حَقِّ اللهِ بِأَنْ(١١) يَكُونَ فِيهِ ».(١٢)

__________________

(١). في « بر » : « تتقلّب ».

(٢). في « بخ ، بر ، بف » وحاشية « بث » والوافي : « فيه ».

(٣). في « بث ، بخ ، بر ، بف » والوافي : « وإن ».

(٤). في « ظ » : « ولا يرجونّ ». وفي « ى ، بح » : « لا يرجو » بدون الواو.

(٥). في حاشية « بح »والوسائل : « فيعطيه ».

(٦). في « ى » : « من الزكاة ».

(٧).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٤٩ ، ح ٩٣٣٩ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٩٦ ، ح ١٢٠٥٩.

(٨). في « بر ، بف » : « منه ».

(٩). في « بخ ، بر ، بف »والفقيه : - « فيه ».

(١٠). في « ظ ، بخ ، بر ، بس ، بف » وحاشية « بح » والوافي : « ولما ».

(١١). فيالفقيه : « الّذي ».

(١٢).الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣٢ ، ح ١٦٢٤ ، معلّقاً عن عمر بن يزيد. راجع :الكافي ، كتاب الزكاة ، باب المال الذي لا يحول عليه الحول في يد صاحبه ، ح ٥٨٣٦ ؛وعلل الشرائع ، ص ٣٧٤ ، ح ١ ؛والتهذيب ، ج ٤ ، ص ٣٥ ، ح ٩٢الوافي ، ج ١٠ ، ص ٧٣ ، ح ٩١٨٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ١٥٩ ، ذيل ح ١١٧٤١.

١٧٧

٤٢ - بَابُ الرَّجُلِ يُعْطِي عَنْ زَكَاتِهِ(١) الْعِوَضَ‌

٥٩٦٢/ ١. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْبَرْقِيِّ ، قَالَ :

كَتَبْتُ إِلى أَبِي جَعْفَرٍ الثَّانِيعليه‌السلام : هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُخْرَجَ(٢) عَمَّا يَجِبُ فِي الْحَرْثِ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ، وَمَا يَجِبُ عَلَى الذَّهَبِ دَرَاهِمُ بِقِيمَةِ مَا يَسْوى ، أَمْ لَايَجُوزُ إِلَّا أَنْ يُخْرَجَ مِنْ كُلِّ شَيْ‌ءٍ مَا فِيهِ؟

فَأَجَابَعليه‌السلام : « أَيُّمَا تَيَسَّرَ يُخْرَجُ(٣) ».(٤)

٥٩٦٣/ ٢. مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى(٥) ، عَنِ الْعَمْرَكِيِّ بْنِ عَلِيٍّ(٦) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ مُوسىعليه‌السلام عَنِ الرَّجُلِ يُعْطِي عَنْ(٧) زَكَاتِهِ عَنِ(٨) الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ ، وَعَنِ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ بِالْقِيمَةِ ، أَيَحِلُّ ذلِكَ؟

قَالَ : « لَا بَأْسَ بِهِ(٩) ».(١٠)

٥٩٦٤/ ٣. مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ‌

__________________

(١). في « بخ » : « الزكاة ».

(٢). في «ظ ، بث» والوافيوالوسائل : « أن اُخرج ».

(٣). في « بث » : « فيخرج ».

(٤).التهذيب ، ج ٤ ، ص ٩٥ ، ح ٢٧١ ، بسنده عن أحمد بن محمّد ، عن البرقي ، عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام .الفقيه ، ج ٢ ، ص ٣٢ ، ح ١٦٢٣ ، معلّقاً عن محمّد بن خالد البرقي ، وفيهما مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ١٥١ ، ح ٩٣٤٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ١٦٧ ، ح ١١٧٥٣ ؛ وص ١٩٢ ، ح ١١٨١٢.

(٥). في « بر » وحاشية « بح » : - « بن يحيى ».

(٦). في « بث »والوسائل : - « بن عليّ ».

(٧). في « بف » والوافي والفقيه وقرب الإسناد : - « عن ».

(٨). هكذا في جميع النسخ التي قوبلتوالوافي والتهذيب ومسائل عليّ بن جعفروقرب الإسناد . وفي المطبوع : «من».

(٩). في « بر » والتهذيب ومسائل عليّ بن جعفروقرب الإسناد : - « به ».

(١٠).مسائل عليّ بن جعفر ، ص ١٢٥. وفيالفقيه ، ج ٢ ، ص ٣١ ، ح ١٦٢٢ ، معلّقاً عن عليّ بن جعفر ؛ وفيالتهذيب ، ج ٤ ، ص ٩٥ ، ح ٢٧٢ ؛وقرب الإسناد ، ص ٢٢٩ ، ح ٨٩٦ ، بسندهما عن عليّ بن جعفرالوافي ، ج ١٠ ، ص ١٥٢ ، ح ٩٣٤١ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ١٦٧ ، ح ١١٧٥٤.

١٧٨

أَبِي نَصْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو(١) :

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِعليه‌السلام ، قَالَ : قُلْتُ(٢) : يَشْتَرِي الرَّجُلُ مِنَ الزَّكَاةِ الثِّيَابَ وَالسَّوِيقَ(٣) وَالدَّقِيقَ وَالْبِطِّيخَ وَالْعِنَبَ ، فَيَقْسِمُهُ.

قَالَ : « لَا يُعْطِيهِمْ إِلَّا الدَّرَاهِمَ كَمَا أَمَرَ(٤) اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى ».(٥)

٤٣ - بَابُ مَنْ يَحِلُّ(٦) لَهُ أَنْ يَأْخُذَ(٧) الزَّكَاةَ وَمَنْ لَايَحِلُّ(٨) لَهُ وَمَنْ لَهُ الْمَالُ الْقَلِيلُ‌

٥٩٦٥/ ١. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسى(٩) ، عَنْ حَرِيزٍ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام يَقُولُ : « يَأْخُذُ الزَّكَاةَ صَاحِبُ السَّبْعِمِائَةِ إِذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ ».

قُلْتُ : فَإِنَّ صَاحِبَ السَّبْعِمِائَةِ تَجِبُ(١٠) عَلَيْهِ الزَّكَاةُ؟

قَالَ(١١) : « زَكَاتُهُ صَدَقَةٌ(١٢) عَلى عِيَالِهِ ، وَلَايَأْخُذُهَا(١٣) إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِذَا اعْتَمَدَ عَلَى‌

__________________

(١). في « ظ ، بس »والوسائل : « عمر ».

(٢). هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : + « له ».

(٣). « السَويق » : دقيق مقلوّ يعمل من الحنطة المشويّة أو الشعير. راجع :المصباح المنير ، ص ٢٩٦ ؛مجمع‌البحرين ، ج ٥ ، ص ١٨٩ ( سوق ).

(٤). فيالوافي : « أمره ».وفيه : « هذا الحديث لاينافي ما قبله ؛ لأنّ التبديل إنّما يجوز بالدراهم والدنانير دون غيرهما».

(٥).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٥٢ ، ح ٩٣٤٢ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ١٦٨ ، ح ١١٧٥٥.

(٦). في « بح » : « تحلّ ».

(٧). في « ظ ، ى ، بث ، بخ ، بر ، بس » : + « من ». وفي « بح » : - « أن يأخذ ».

(٨). في « بح » : « لا تحلّ ».

(٩). في « بر » : - « بن عيسى ».

(١٠). في « بث ، بح ، بس ، جن » : « يجب ».

(١١). في «بث ،بخ ،بر ،بف » والوافي : « فقال ».

(١٢). في « ى ، بس » : « صدقته ».

(١٣). في « بخ ، بر ، بف » والوافي : « فلا يأخذها ».

١٧٩

السَّبْعِمِائَةِ ، أَنْفَدَهَا فِي أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ ، فَهذَا يَأْخُذُهَا ، وَلَاتَحِلُّ الزَّكَاةُ(١) لِمَنْ كَانَ مُحْتَرِفاً(٢) وَعِنْدَهُ مَا يَجِبُ(٣) فِيهِ الزَّكَاةُ(٤) أَنْ يَأْخُذَ الزَّكَاةَ ».(٥)

٥٩٦٦/ ٢. حَمَّادُ بْنُ عِيسى(٦) ، عَنْ حَرِيزِ بْنِ عَبْدِ اللهِ(٧) ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ(٨) :

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍعليه‌السلام ، قَالَ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : « إِنَّ الصَّدَقَةَ لَاتَحِلُّ لِمُحْتَرِفٍ(٩) ، وَلَالِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ(١٠) قَوِيٍّ ، فَتَنَزَّهُوا عَنْهَا ».(١١)

٥٩٦٧/ ٣. عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ(١٢) ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي بَصِيرٍ ، قَالَ :

سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِعليه‌السلام عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، لَهُ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ رَجُلٌ‌

__________________

(١). في « بف » : - « الزكاة ».

(٢). « المحترف » : المكتسبِ ، يقال : هو يحترف لعياله ، ويحرف ، أي يكتسب. راجع :النهاية ، ج ١ ، ص ٣٦٩ ( حرف ).

(٣). في « بر » : « تجب ».

(٤). هكذا في جميع النسخ والوافيوالوسائل . وفي المطبوع : - « أن يأخذ الزكاة ».

(٥).الوافي ، ج ١٠ ، ص ١٦٧ ، ح ٩٣٥٦ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٣١ ، ح ١١٩٠٥.

(٦). في « بر ، بف » وحاشية « بح » : - « بن عيسى ». والسند معلّق على سابقه كما هو واضح.

(٧). في « بخ ، بر ، بف » وحاشية « بح » : - « بن عبدالله ».

(٨). في « بخ ، بر ، بف » وحاشية « بح » : - « بن أعين ».

(٩). في قرب الإسنادومعاني الأخبار ، ح ٢ : « لغنيّ ».

(١٠). « المِرَّة » : القوّة والشدّة ، و « السويّ » : الصحيح الأعضاء. راجع :النهاية ، ج ٤ ، ص ٣١٦ ؛لسان العرب ، ج ٥ ، ص ١٦٨ ( مرر ).

(١١).معاني الأخبار ، ص ٢٦٢ ، ح ١ ، بسنده عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ، عن أبي جعفرعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مع زيادة في آخره.قرب الإسناد ، ص ١٥٥ ، ح ٥٧٠ ، بسند آخر عن جعفر ، عن أبيه ، عن عليّعليهم‌السلام .المقنعة ، ص ٢٤١ ، مرسلاً عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفرعليه‌السلام .معاني الأخبار ، ص ٢٦٢ ، ح ٢ ، مرسلاً عن الصادقعليه‌السلام عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي كلّ المصادر إلى قوله : « ولا لذي مرّة سويّ قويّ» مع اختلاف يسيرالوافي ، ج ١٠ ، ص ١٧٤ ، ح ٩٣٧٠ ؛الوسائل ، ج ٩ ، ص ٢٣١ ، ح ١١٩٠٦.

(١٢). في حاشية « بح » : - « بن إبراهيم ».

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

من طرق أهل السنّة عن ابن عبّاس.

قوله: إنّ إبراهيم نظر إلى جيفة إلى قوله فقال: يا ربّ أرني الخ، بيان للشبهة الّتي دعته إلى السؤال وهى تفرّق أجزاء الجسد بعد الموت تفرّقاً يؤدّي إلى تغيّرها وانتقالها إلى أمكنة وحالات متنوّعة لا يبقى معها من الأصل شئ.

فإن قلت: ظاهر الرواية: أنّ الشبهة كانت هي شبهة الآكل والمأكول، حيث اشتملت على وثوب بعضها على بعض، وأكل بعضها بعضاً، ثمّ فرّعت على ذلك تعجّب إبراهيم وسؤاله.

قلت: الشبهة شبهتان - إحداهما - تفرّق أجزاء الجسد وفناء أصلها من الصور والأعراض وبالجملة عدم بقائها حتّى تتميّز وتركبها الحياة - وثانيتهما - صيرورة أجزاء بعض الحيوان جزء من بدن بعض آخر فيؤدّي إلى استحالة إحياء الحيوانين ببدنيهما تامّين معاً لأنّ المفروض أنّ بعض بدن أحدهما بعينه بعض لبدن الآخر، فكلّ واحد منهما اُعيد تامّاً بقي الآخر ناقصاً لا يقبل الإعادة، وهذه هي شبهة الآكل والمأكول.

وما أجاب الله سبحانه به - وهو تبعيّة البدن للروح - وإن كان وافياً لدفع الشبهتين جميعاً، إلّا أنّ الّذي أمر به إبراهيم على ما تحكيه الآية لا يتضمّن مادّة شبهة الآكل والمأكول، وهو أكل بعض الحيوان بعضاً، بل إنّما تشتمل على تفرّق الأجزاء واختلاطها وتغيّر صورها وحالاتها، وهذه مادّة الشبهة الاُولى، فالآية إنّما تتعرّض لدفعها وإن كانت الشبهتان مشتركتين في الاندفاع بما اُجيب به في الآية كما مرّ، وما اشتملت عليه الرواية من أكل البعض للبعض غير مقصود في تفسير الآية.

قولهعليه‌السلام فأخذ إبراهيم الطاووس والديك والحمام والغراب، وفي بعض الروايات أنّ الطيور كانت هي النسر والبطّ والطاووس والديك، رواه الصدوق في العيون عن الرضاعليه‌السلام ونقل عن مجاهد وابن جريح وعطاء وابن زيد، وفي بعضها أنّها الهدهد والصرد والطاووس والغراب، رواه العيّاشيّ عن صالح بن سهل عن الصادقعليه‌السلام وفي بعضها: أنّها النعامة والطاووس والوزّة والديك، رواه العيّاشيّ عن معروف بن خرّبوذ

٤٠١

عن الباقرعليه‌السلام ونقل عن ابن عبّاس، وروي من طرق أهل السنّة عن ابن عبّاس أيضاً: أنّها الغرنوق والطاووس والديك والحمامة، والّذي تشترك فيه جميع الروايات والأقوال: الطاووس.

قولهعليه‌السلام : وفرّقهن على عشرة جبال، كون الجبال عشرة ممّا اتّفقت عليه الأخبار المأثورة عن أئمّة أهل البيت وقيل إنّها كانت أربعة وقيل سبعة.

وفي العيون مسنداً عن عليّ بن محمّد بن الجهم قال حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليّ بن موسى فقال له المأمون: يا بن رسول الله أليس من قولك: إنّ الأنبياء معصومون؟ قال: بلى فسأله عن آيات من القرآن، فكان فيما سأله أن قال له فأخبرني عن قول الله: ربّ أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي، قال الرضا: إنّ الله تبارك وتعالى كان أوحى إلى إبراهيم: أنّي متّخذ من عبادي خليلاً إن سألني إحياء الموتى أجبته فوقع في قلب إبراهيم أنّه ذلك الخليل فقال: ربّ أرني كيف تحيي الموتى؟ قال أو لم تؤمن؟ قال بلى ولكن ليطمئنّ قلبي بالخلّة، الحديث.

اقول: وقد تقدّم في أخبار جنّة آدم كلام في عليّ بن محمّد بن الجهم وفي هذه الرواية الّتي رواها عن الرضاعليه‌السلام فارجع.

واعلم: أنّ الرواية لا تخلو عن دلالة ما على أنّ مقام الخلّة يستلزم استجابة الدعاء، واللفظ يساعد عليه فإنّ الخلّة هي الحاجة، والخليل إنّما يسمّى خليلاً لأنّ الصداقة إذا كملت رفع الصديق حوائجة إلى صديقه، ولا معنى لرفعها مع عدم الكفاية والقضاء.

٤٠٢

( سورة البقرة آية ٢٦١ - ٢٧٤)

مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ( ٢٦١ ) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( ٢٦٢ ) قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ( ٢٦٣ ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ( ٢٦٤ ) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( ٢٦٥ ) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ( ٢٦٦ ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ( ٢٦٧ ) الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ( ٢٦٨ ) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو

٤٠٣

الْأَلْبَابِ ( ٢٦٩ ) وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ( ٢٧٠ ) إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( ٢٧١ ) لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ( ٢٧٢ ) لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ( ٢٧٣ ) الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ( ٢٧٤ )

( بيان)

سياق الآيات من حيث اتّحادها في بيان أمر الإنفاق، ورجوع مضامينها وأغراضها بعضها إلى بعض يعطي أنّها نزلت دفعة واحدة، وهي تحثّ المؤمنين على الإنفاق في سبيل الله تعالى، فتضرب أوّلاً مثلاً لزيادته ونموّه عند الله سبحانه: واحد بسبعمائة، وربّما زاد على ذلك بإذن الله، وثانياً مثلاً لكونه لا يتخلّف عن شأنه على أيّ حال وتنهى عن الرياء في الإنفاق وتضرب مثلاً للإنفاق ريائاً لا لوجه الله، وأنّه لا ينمو نمائاً ولا يثمر أثراً، وتنهي عن الإنفاق بالمنّ والأذى إذ يبطلان أثره ويحبطان عظيم أجره، ثمّ تأمر بأن يكون الإنفاق من طيّب المال لامن خبيثه بخلاً وشحّاً، ثمّ تعيّن المورد الّذي توضع فيه هذه الصنيعة وهو الفقراء المحضرون في سبيل الله، ثمّ تذكر ما لهذا الإنفاق من عظيم الأجر عند الله.

٤٠٤

وبالجملة الآيات تدعو إلى الإنفاق، وتبيّن أوّلاً وجهه وغرضه وهو أن يكون لله لا للناس، وثانياً صورة عمله وكيفيّته وهو أن لا يتعقّبه المنّ والأذى، وثالثاً وصف مال الإنفاق وهو أن يكون طيّباً لا خبيثاً، ورابعاً نعت مورد الإنفاق وهو أن يكون فقيراً اُحصر في سبيل الله، وخامساً ما له من عظيم الأجر عاجلاً وآجلاً.

( كلام في الإنفاق)

الإنفاق من أعظم ما يهتمّ بأمره الإسلام في أحد ركنيه وهو حقوق الناس وقد توسّل إليه بأنحاء التوسّل إيجاباً وندباً من طريق الزكاة والخمس والكفّارات الماليّة وأقسام الفدية والإنفاقات الواجبة والصدقات المندوبة، ومن طريق الوقف والسكنى والعمرى والوصايا والهبة وغير ذلك.

وإنّما يريد بذلك ارتفاع سطح معيشة الطبقة السافلة الّتي لا تستطيع رفع حوائج الحياة من غير إمداد ماليّ من غيرهم، ليقرب اُفقهم من اًفق أهل النعمة والثروة، ومن جانب آخر قد منع من تظاهر أهل الطبقة العالية بالجمال والزينة في مظاهر الحياة بما لا يقرب من المعروف ولا تناله أيدي النمط الأوسط من الناس، بالنهي عن الإسراف والتبذير ونحو ذلك.

وكان الغرض من ذلك كلّه ايجاد حياة نوعيّة متوسّطة متقرّبة الأجزاء متشابهة الأبعاض، تحيى ناموس الوحدة والمعاضدة، وتميت الإرادات المتضادّة وأضغان القلوب ومنابت الأحقاد، فإنّ القرآن يرى أنّ شأن الدين الحقّ هو تنظيم الحياة بشؤونها، وترتيبها ترتيباً يتضمّن سعادة الإنسان في العاجل والآجل، ويعيش به الإنسان في معارف حقّة، وأخلاق فاضلة، وعيشة طيّبة يتنعّم فيها بما أنعم الله عليه من النعم في الدنيا، ويدفع بها عن نفسه المكاره والنوائب ونواقص المادّة.

ولا يتمّ ذلك إلّا بالحياة الطيّبة النوعيّة المتشابهة في طيبها وصفائها، ولا يكون ذلك إلّا بإصلاح حال النوع برفع حوائجها في الحياة، ولا يكمل ذلك إلّا بالجهات

٤٠٥

الماليّة والثروة والقنية، والطريق إلى ذلك إنفاق الأفراد ممّا اقتنوه بكدّ اليمين وعرق الجبين، فإنّما المؤمنون إخوة، والأرض لله، والمال ماله.

وهذه حقيقة أثبتت السيرة النبويّة على سائرها أفضل التحيّة صحّتها واستقامتها في القرار والنماء والنتيجة في برهة من الزمان وهي زمان حياتهعليه‌السلام ونفوذ أمره.

وهي الّتي يتأسّف عليها ويشكو انحراف مجراها أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام إذ يقول: وقد أصبحتم في زمن لا يزداد الخير فيه إلّا إدباراً، والشرّ فيه إلّا إقبالاً، والشيطان في هلاك الناس إلّا طمعاً، فهذا أو ان قويت عدّته وعمّت مكيدته - وأمكنت فريسته، اضرب بطرفك حيث شئت هل تبصر إلّا فقيراً يكايد فقراً؟ أو غنيّاً بدّل نعمة الله كفراً؟ أو بخيلاً اتّخذ البخل بحقّ الله وفراً أو متمرّداً كأنّ باذنه عن سمع المواعظ وقراً؟ (نهج البلاغة).

وقد كشف توالي الأيّام عن صدق القرآن في نظريّته هذه - وهي تقريب الطبقات بإمداد الدانية بالإنفاق ومنع العالية عن الإتراف والتظاهر بالجمال - حيث إنّ الناس بعد ظهور المدنيّة الغربيّة استرسلوا في الإخلاد إلى الأرض، والإفراط في استقصاء المشتهيات الحيوانيّة واستيفاء الهوسات النفسانيّة، وأعدّوا له ما استطاعوا من قوّة، فأوجب ذلك عكوف الثروة وصفوة لذائذ الحياة على أبواب اُولي القوّة والثروة، ولم يبق بأيدي النمط الأسفل إلّا الحرمان، ولم يزل النمط الأعلى يأكل بعضه بعضاً حتّى تفرّد بسعادة الحياة المادّيّة نزر قليل من الناس وسلب حقّ الحياة من الأكثرين وهم سواد الناس، وأثار ذلك جميع الرذائل الخلقيّة من الطرفين، كلّ يعمل على شاكلته لا يبقي ولا يذر، فأنتج ذلك التقابل بين الطائفتين، واشتباك النزاع والنزال بين الفريقين، والتفاني بين الغنيّ والفقير والمنعم والمحروم والواجد والفاقد، ونشبت الحرب العالميّة الكبرى، وظهرت الشيوعيّة، وهجرت الحقيقة والفضيلة وارتحلت السكن والطمأنينة وطيب الحياة من بين النوع وهذا ما نشاهده اليوم من فساد العالم الإنسانيّ، وما يهدّد النوع بما يستقبله أعظم وأفظع.

ومن أعظم العوامل في هذا الفساد انسداد باب الإنفاق وانفتاح أبواب الرباء الّذي

٤٠٦

سيشرح الله تعالى أمره الفظيع في سبع آيات تالية لهذه الآيات أعني آيات الإنفاق ويذكر أنّ في رواجه فساد الدنيا وهو من ملاحم القرآن الكريم، وقد كان جنيناً أيّام نزول القرآن فوضعته حامل الدنيا في هذه الأيّام.

وإن شئت تصديق ما ذكرناه فتدبّر فيما ذكره سبحانه في سورة الروم إذ قال:( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُم مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُم مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ - إلى ان قال -فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ - إلى أن قال -ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُم مُّشْرِكِينَ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ ) الآيات الروم - ٣٠ - ٤٣، وللآيات نظائر في سور هود ويونس والإسراء والأنبياء وغيرها تنبئ عن هذا الشأن، سيأتي بيانها إنشاء الله.

وبالجملة هذا هو السبب فيما يترآئى من هذه الآيات أعني آيات الإنفاق من الحثّ الشديد والتأكيد البالغ في أمره.

قوله تعالى: ( مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ ) الخ، المراد بسبيل الله كلّ أمر ينتهي إلى مرضاته سبحانه لغرض دينيّ فعل الفعل لأجله، فإنّ الكلمة في الآية مطلقة، وإن كانت الآية مسبوقة بآيات ذكر فيها القتال في سبيل الله، وكانت كلمة، في سبيل الله، مقارنة للجهاد في غير واحد من الآيات، فإنّ ذلك لا يوجب التخصيص وهو ظاهر.

وقد ذكروا أنّ قوله تعالى: كمثل حبّة أنبتت الخ، على تقدير قولنا كمثل من

٤٠٧

زرع حبّة أنبتت الخ فإنّ الحبّة المنبتة لسبع سنابل مثل المال الّذي اُنفق في سبيل الله لا مثل من أنفق وهو ظاهر.

وهذا الكلام وإن كان وجيهاً في نفسه لكنّ التدبّر يعطي خلاف ذلك فإنّ جلّ الأمثال المضروبة في القرآن حالها هذا الحال فهو صناعة شائعه في القرآن كقوله تعالى:( وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ) البقرة - ١٧١، فإنّه مثل من يدعو الكفّار لامثل الكفّار، وقوله تعالى:( نَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ ) الآية يونس - ٢٤، وقوله تعالى:( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ ) النور - ٣٥، وقوله تعالى في الآيات التالية لهذه الآية: فمثله كمثل صفوان الآية: وقوله تعالى: مثل الّذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنّة بربوة الآية إلى غير ذلك من الموارد الكثيرة.

وهذه الأمثال المضروبة في الآيات تشترك جميعاً في أنّها اقتصر فيها على مادّة التمثيل الّذي يتقوّم بها المثل مع الإعراض عن باقي أجزاء الكلام للإيجاز.

توضيحه: أنّ المثل في الحقيقة قصّة محقّقة أو مفروضة مشابهة لاُخرى في جهاتها يؤتي بها لينتقل ذهن المخاطب من تصوّرها إلى كمال تصوّر الممثّل كقولهم: لا ناقة لي ولا جمل، وقولهم: في الصيف ضيّعت اللبن من الأمثال الّتي لها قصص محقّقة يقصد بالتمثيل تذكّر السامع لها وتطبيقها لمورد الكلام للاستيضاح، ولذا قيل: إنّ الأمثال لا تتغيّر، وكقولنا: مثل الّذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل من زرع حبّة أنبتت سبع سنابل في كلّ سنبلة مأة حبّة، وهي قصّة مفروضة خياليّة.

والمعنى الّذي يشتمل عليه المثل ويكون هو الميزان الّذي يوزن به حال الممثّل ربّما كان تمام القصّة الّتي هي المثل كما في قوله تعالى:( وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ) الآية إبراهيم - ٢٦، وقوله تعالى:( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ) الجمعة - ٥، وربّما كان بعض القصّة ممّا يتقوّم به غرض التمثيل وهو الّذي نسمّيه مادّة التمثيل، وإنّما جئ بالبعض الآخر لتتميم القصّة كما في المثال الأخير (مثال الإنفاق والحبّة) فإنّ مادّة التمثيل إنّما هي

٤٠٨

الحبة المنبتة لسبعمأة حبّة وإنّما ضممنا إليها الّذي زرع لتتميم القصّة.

وما كان من أمثال القرآن مادّة التمثيل فيه تمام المثل فإنّه وضع على ما هو عليه، وما كان منها مادّة التمثيل فيه بعض القصّة فإنّه اقتصر على مادّة التمثيل فوضعت موضع تمام القصّة لأنّ الغرض من التمثيل حاصل بذلك، على ما فيه من تنشيط ذهن السامع بفقده أمراً و وجدانه أمراً آخر مقامه يفي بالغرض منه، فهو هو بوجه وليس به بوجه، فهذا من الإيجاز بالقلب على وجه لطيف يستعمله القرآن.

قوله تعالى: ( أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ) ، السنبل معروف وهو على فنعل، قيل الأصل في معنى مادّته الستر سمّي به لأنّه يستر الحبّات الّتي تشتمل عليها في الأغلفة.

ومن أسخف الإشكال ما اُورد على الآية أنّه تمثيل بما لا تحقّق له في الخارج وهو اشتمال السنبلة على مأة حبّة، وفيه أنّ المثل كما عرفت لا يشترط فيه تحقّق مضمونة في الخارج فالأمثال التخيّليّة أكثر من أن تعدّ وتحصى، على أنّ اشتمال السنبلة على مأة حبّة وإنبات الحبّة الواحدة سبعمأة حبّة ليس بعزيز الوجود.

قوله تعالى: ( وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) ، أي يزيد على سبعمأة لمن يشاء فهو الواسع لا مانع من جوده ولا محدّد لفضله كما قال تعالى:( مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ) البقرة - ٢٤٥، فأطلق الكثرة ولم يقيّدها بعدد معيّن.

وقيل: إنّ معناه أنّ الله يضاعف هذه المضاعفة لمن يشاء فالمضاعفة إلى سبعمأة ضعف غاية ما تدلّ عليه الآية، وفيه أنّ الجملة على هذا يقع موقع التعليل، وحقّ الكلام فيه حينئذ أن يصدّر بإنّ كقوله تعالى:( اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ) المؤمن - ٦١، وأمثال ذلك.

ولم يقيّد ما ضربه الله من المثل بالآخرة بل الكلام مطلق يشمل الدنيا كالآخرة وهو كذلك والاعتبار يساعده، فالمنفق بشئ من ماله وإن كان يخطر بباله ابتدائاً أنّ المال قد فات عنه ولم يخلّف بدلاً، لكنّه لو تأمّل قليلاً وجد أنّ المجتمع الإنسانيّ

٤٠٩

بمنزلة شخص واحد ذو أعضاء مختلفة بحسب الأسماء والأشكال لكنّها جميعاً متّحدة في غرض الحياة، مرتبطة من حيث الأثر والفائدة، فإذا فقد واحد منها نعمة الصحّة والاستقامة، وعىّ في فعله أوجب ذلك كلال الجميع في فعلها، وخسرانها في أغراضها فالعين واليد وإن كانا عضوين اثنين من حيث الاسم والفعل ظاهراً، لكنّ الخلقة إنّما جهّز الإنسان بالبصر ليميّز به الأشياء ضوئاً ولوناً وقرباً وبعداً فتتناول اليد ما يجب أن يجلبه الإنسان لنفسه، وتدفع ما يجب أن يدفعه عن نفسه، فإذا سقطت اليد عن التأثير وجب أن يتدارك الإنسان ما يفوته من عامّة فوائدها بسائر أعضائه فيقاسي أوّلاً كدّاً وتعباً لا يتحمّل عادة، وينقص من أفعال سائر الأعضاء بمقدار ما يستعملها في موضع العضو الساقط عن التأثير، وأمّا لو أصلح حال يده الفاسدة بفضل ما ادّخره لبعض الأعضاء الاُخر كان في ذلك إصلاح حال الجميع، وعاد إليه من الفائدة الحقيقيّة أضعاف ما فاته من الفضل المفيد أضعافاً ربّما زاد على المآت والاُلوف بما يورث من إصلاح حال الغير، ودفع الرذائل الّتي يمكّنها الفقر والحاجة في نفسه، وإيجاد المحبّة في قلبه، وحسن الذكر في لسانه، والنشاط في عمله، والمجتمع يربط جميع ذلك ويرجعه إلى المنفق لا محالة، ولا سيّما إذا كان الإنفاق لدفع الحوائج النوعيّة كالتعليم والتربية ونحو ذلك، فهذا حال الإنفاق.

وإذا كان الإنفاق في سبيل الله وابتغاء مرضات الله كان النماء والزيادة من لوازمه من غير تخلّف، فإنّ الإنفاق لو لم يكن لوجه الله لم يكن إلّا لفائدة عائدة إلى نفس المنفق كإنفاق الغنيّ للفقير لدفع شرّه، أو إنفاق المثري الموسر للمعسر ليدفع حاجته ويعتدل حال المجتمع فيصفو للمثري المنفق عيشه، وهذا نوع استخدام للفقير واستثمار منه لنفع نفسه، ربّما أورث في نفس الفقير أثراً سيّئاً، وربّما تراكمت الآثار وظهرت فكانت بلوى، لكنّ الإنفاق الّذي لايراد به إلّا وجه الله ولا يبتغي فيه إلّا مرضاته خال عن هذه النواقص لا يؤثّر إلّا الجميل ولا يتعقّبه إلّا الخير.

قوله تعالى: ( الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ) الخ الإتباع اللحوق والإلحاق، قال تعالى:( فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ ) الشعراء - ٦١،

٤١٠

أي لحقوهم، وقال تعالى:( وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ) القصص - ٤٢، أي ألحقناهم. والمنّ هو ذكر ما ينغّص المعروف كقول المنعم للمنعم عليه: أنعمت عليك بكذا وكذا ونحو ذلك، والأصل في معناه على ما قيل القطع، ومنه قوله تعالى:( لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) فصّلت - ٨، أي غير مقطوع، والأذى الضرر العاجل أو الضرر اليسير، والخوف توقّع الضرر، والحزن الغمّ الّذي يغلظ على النفس من مكروه واقع أو كالواقع.

قوله تعالى: ( قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ ) الخ المعروف من القول ما لا ينكره الناس بحسب العادة، ويختلف باختلاف الموارد، والأصل في معنى المغفرة هو الستر، والغنى مقابل الحاجة والفقر، والحلم السكوت عند المكروه من قول أو فعل.

وترجيح القول المعروف والمغفرة على صدقة يتبعها أذى ثمّ المقابلة يشهد بأنّ المراد بالقول المعروف الدعاء أو لفظ آخر جميل عند ردّ السائل إذا لم يتكلّم بما يسوء المسؤول عنه، والستر والصفح إذا شفّع سؤاله بما يسوئه وهما خير من صدقة يتبعها أذى، فإنّ أذى المنفق للمنفق عليه يدلّ على عظم إنفاقه والمال الّذي أنفقه في عينه، وتأثّره عمّا يسوئه من السؤال، وهما علّتان يجب أن تزاحا عن نفس المؤمن، فإنّ المؤمن متخلّق بأخلاق الله، والله سبحانه غنيّ لا يكبر عنده ما أنعم وجاد به، حليم لا يتعجّل في المؤاخذة على السيّئة، ولا يغضب عند كلّ جهالة، وهذا معنى ختم الآية بقوله: والله غنيّ حليم.

قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم ) الخ تدلّ الآية على حبط الصدقة بلحوق المنّ والأذى، وربّما يستدلّ بها على حبط كلّ معصية أو الكبيرة خاصّة لما يسبقها من الطاعات، ولا دلالة في الآية على غير المنّ والأذى بالنسبة إلى الصدقة وقد تقدّم إشباع الكلام في الحبط.

قوله تعالى: ( كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) ، لمّا كان الخطاب للمؤمنين، والمرائي غير مؤمن كما ذكره الله سبحانه لأنّه لا يقصد بأعماله وجه الله لم يعلّق النهي بالرئاء كما علّقه على المنّ والأذى، بل إنّما شبّه المتصدّق الّذي يتبع صدقته بالمنّ والأذى بالمرائي في بطلان الصدقة، مع أنّ عمل المرائي

٤١١

باطل من رأس وعمل المانّ والمؤذي وقع أوّلاً صحيحاً ثمّ عرضه البطلان.

واتّحاد سياق الأفعال في قوله: ينفق ماله، وقوله: ولا يؤمن من دون أن يقال: ولم يؤمن يدلّ على أنّ المراد من عدم إيمان المرائي في الإنفاق بالله واليوم الآخر عدم إيمانه بدعوة الإنفاق الّذي يدعو إليها الله سبحانه، ويعد عليه جزيل الثواب، إذ لو كان يؤمن بالداعي في دعوته هذه، وبيوم القيامة الظاهر فيه الجزاء لقصد في فعله وجه الله، وأحبّ واختار جزيل الثواب، ولم يقصد به رئاء الناس، فليس المراد من عدم إيمان المرائي عدم إيمانه بالله سبحانه رأساً.

ويظهر من الآية: أنّ الرياء في عمل يستلزم عدم الإيمان بالله واليوم الآخر فيه.

قوله تعالى: ( فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ ) إلى آخر الآية، الضمير في قوله: فمثله راجع إلى الّذي ينفق ماله رئاء الناس والمثل له، والصفوان والصفا الحجر الأملس وكذا الصلد، والوابل: المطر الغزير الشديد الوقع.

والضمير في قوله: لا يقدرون راجع إلى الّذي ينفق رئائاً لأنّه في معنى الجمع، والجملة تبيّن وجه الشبه وهو الجامع بين المشبّه والمشبّه به، وقوله تعالى: والله لا يهدي القوم الكافرين بيان للحكم بوجه عامّ وهو أنّ المرائي في ريائه من مصاديق الكافر، والله لا يهدي القوم الكافرين، ولذلك أفاد معنى التعليل.

وخلاصة معنى المثل: أنّ حال المرائي في إنفاقه رئائاً وفي ترتّب الثواب عليه كحال الحجر الأملس الّذي عليه شئ من التراب إذا اُنزل عليه وابل المطر، فإنّ المطر وخاصّة وابله هو السبب البارز لحياة الأرض واخضرارها وتزيّنها بزينة النبات، إلّا أنّ التراب إذا وقع على الصفوان الصلد لا يستقرّ في مكانه عند نزول الوابل بل يغسله الوابل ويبقى الصلد الّذي لا يجذب الماء، ولا يتربّى فيه بذر لنبات، فالوابل وإن كان من أظهر أسباب الحياة والنمو وكذا التراب لكن كون المحلّ صلداً يبطل عمل هذين السببين من غير أن يكون النقص والقصور من جانبهما فهذا حال الصلد.

وهذا حال المرائي فإنّه لمّا لم يقصد من عمله وجه الله لم يترتّب على عمله ثواب

٤١٢

وإن كان العمل كالإنفاق في سبيل الله من الأسباب البارزة لترتّب الثواب، فإنّه مسلوب الاستعداد لا يقبل قلبه الرحمة والكرامة.

وقد ظهر من الآية: أنّ قبول العمل يحتاج إلى نيّة الإخلاص وقصد وجه الله، وقد روى الفريقان عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنّه قال: إنّما الأعمال بالنيّات.

قوله تعالى: ( وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ ) ، ابتغاء المرضاة هو طلب الرضاء، ويعود إلى إرادة وجه الله، فإنّ وجه الشئ هو ما يواجهك ويستقبلك به، ووجهه تعالى بالنسبه إلى عبده الّذي أمره بشئ وأراده منه هو رضائه عن فعله وامتثاله، فإنّ الآمر يستقبل المأمور أوّلاً بالأمر فإذا امتثل استقبله بالرضاء عنه، فمرضات الله عن العبد المكلّف بتكليف هو وجهه إليه، فابتغاء مرضاة الله هو إرادة وجهه عزّوجلّ.

وأمّا قوله: وتثبيتاً من أنفسهم فقد قيل: إنّ المراد التصديق واليقين. وقيل: هو التثبّت أي يتثبّتون أين يضعون أموالهم، وقيل: هو التثبّت في الإنفاق فإن كان لله أمضى، وإن كان خالطه شئ من الرياء أمسك، وقيل: التثبيت توطين النفس على طاعة الله تعالى، وقيل: هو تمكين النفس في منازل الإيمان بتعويدها على بذل المال لوجه الله. وأنت خبير بأنّ شيئاً من الأقوال لا ينطبق على الآية إلّا بتكلّف.

والّذي ينبغي أن يقال - والله العالم - في المقام: هو أنّ الله سبحانه لمّا أطلق القول أوّلاً في مدح الإنفاق في سبيل الله، وأنّ له عند الله عظيم الأجر اعترضه أن استثنى منه نوعين من الإنفاق لا يرتضيهما الله سبحانه، ولا يترتّب عليهما الثواب، وهما الإنفاق ريائاً الموجب لعدم صحّة العمل من رأس والإنفاق الّذي يتبعه منّ أو أذى فإنّه يبطل بهما وإن انعقد أوّلاً صحيحاً، وليس يعرض البطلان. لهذين النوعين إلّا من جهة عدم ابتغاء مرضاة الله فيه من رأس، أو لزوال النفس عن هذه النيّة أعني ابتغاء المرضات ثانياً بعد ما كانت عليها أوّلاً، فأراد في هذه الآية بيان حال الخاصّة من أهل الإنفاق الخالصة بعد استثناء المرائين وأهل المنّ والأذى، وهم الّذين ينفقون أموالهم

٤١٣

ابتغاء وجه الله ثمّ يقرّون أنفسهم على الثبات على هذه النيّة الطاهرة النامية من غير أن يتبعوها بما يبطل العمل ويفسده.

ومن هنا يظهر أنّ المراد بابتغاء مرضاة الله أن لا يقصد بالعمل رئاء ونحوه ممّا يجعل النيّة غير خالصة لوجه الله، وبقوله تثبيتاً من أنفسهم تثبيت الإنسان نفسه على ما نواه من النيّة الخالصة، وهو تثبيت ناش من النفس واقع على النفس. فقوله تثبيتاً تميز وكلمة من نشويّة وقوله أنفسهم في معنى الفاعل، وما في معنى المفعول مقدّر. والتقدير تثبيتاً من أنفسهم لأنفسهم، أو مفعول مطلق لفعل من مادّته.

قوله تعالى: ( كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ ) إلى آخر الآية، الأصل في مادّة ربا الزيادة، والربوة بالحركات الثلاث في الراء الأرض الجيّدة الّتي تزيد وتعلو في نموّها، والاُكّل بضمّتين ما يؤكل من الشئ والواحدة أكلة، والطلّ أضعف المطر القليل الأثر.

والغرض من المثل أنّ الإنفاق الّذي اُريد به وجه الله لا يتخلّف عن أثرها الحسن البتّة، فإنّ العناية الإلهيّة واقعة عليه متعلّقة به لانحفاظ اتّصاله بالله سبحانه وإن كانت مراتب العناية مختلفة لاختلاف درجات النيّة في الخلوص، واختلاف وزن الأعمال باختلافها، كما أنّ الجنّة الّتي في الربوة إذا أصابها المطر لم تلبث دون أن تؤتي اُكلها إيتائاً جيّداً البتّة وإن كان إيتائها مختلفاً في الجودة باختلاف المطر النازل عليه من وابل وطلّ.

ولوجود هذا الاختلاف ذيّل الكلام بقوله: والله بما تعملون بصير أي لا يشتبه عليه أمر الثواب، ولا يختلط عليه ثواب الأعمال المختلفة فيعطي ثواب هذا لذاك وثواب ذاك لهذا.

قوله تعالى: ( أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ ) الخ، الودّ هو الحبّ وفيه معنى التمنّي، والجنّة: الشجر الكثير الملتفّ كالبستان سمّيت بذلك لأنّها تجنّ الأرض وتسترها وتقيها من ضوء الشمس ونحوه، ولذلك صحّ أن يقال: تجري من تحتها الأنهار، ولو كانت هي الأرض بما لها من الشجر مثلاً لم يصحّ ذلك

٤١٤

لإفادته خلاف المقصود، ولذلك قال تعالى في مثل الربوة وهي الأرض المعمورة:( رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ) المؤمنون - ٥٠، وكرّر في كلامه قوله: جنّات تجري من تحتها الأنهار فجعل المعين (وهو الماء) فيها لاجارياً تحتها.

ومن في قوله: من نخيل وأعناب للتبيين ويفيد معنى الغلبة دون الاستيعاب، فإنّ الجنّة والبستان وما هو من هذا القبيل إنّما يضاف إلى الجنس الغالب فيقال جنّة العنب أو جنّة من أعناب إذا كان الغالب فيها الكرم وهي لا تخلو مع ذلك من شجر شتّى، ولذلك قال تعالى ثانياً: له فيها من كلّ الثمرات.

والكبر كبر السنّ وهو الشيخوخة، والذرّيّة الأولاد، والضعفاء جمع الضعيف، وقد جمع تعالى في المثل بين إصابة الكبر ووجود الذرّيّة الضعفاء لتثبيت مسيس الحاجة القطعيّة إلى الجنّة المذكورة مع فقدان باقي الأسباب الّتي يتوصّل إليها في حفظ سعادة الحياة وتأمين المعيشة، فإنّ صاحب الجنّة لو فرض شابّاً قويّاً لأمكنه أن يستريح إلى قوّة يمينه لو اُصيبت جنّته بمصيبة، ولو فرض شيخاً هرماً من غير ذرّيّة ضعفاء لم يسوء حاله تلك المسائة لأنّه لا يرى لنفسه إلّا أيّاماً قلائل لا يبطئ عليه زوالها وانقضائها، ولو فرض ذا كبر وله أولاد أقوياء يقدرون على العمل واكتساب المعيشة أمكنهم أن يقتاتوا بما يكتسبونه، وأن يستغنوا عنها بوجه! لكن إذا اجتمع هناك الكبر والذرّيّة الضعفاء، واحترقت الجنّة انقطعت الأسباب عنهم عند ذلك، فلا صاحب الجنّة يمكنه أن يعيد لنفسه الشباب والقوّة أو الأيّام الخالية حتّى يهيّئ لنفسه نظير ما كان قد هيّأها، ولا لذرّيّته قوّة على ذلك، ولا لهم رجاء أن ترجع الجنّة بعد الاحتراق إلى ما كانت عليه من النضارة والإثمار.

والإعصار الغبار الّذي يلتفّ على نفسه بين السماء والأرض كما يلتفّ الثوب على نفسه عند العصر.

وهذا مثل ضربه الله للّذين ينفقون أموالهم ثمّ يتبعونه منّاً وأذى فيحبط عملهم ولا سبيل لهم إلى إعادة العمل الباطل إلى حال صحّته واستقامته، وانطباق المثل على الممثّل ظاهر، ورجا منهم التفكّر لأنّ أمثال هذه الأفاعيل المفسدة للأعمال إنّما تصدر

٤١٥

من الناس ومعهم حالات نفسانيّة كحبّ المال والجاه والكبر والعجب والشحّ، لا تدع للإنسان مجال التثبّت والتفكّر وتميّز النافع من الضارّ، ولو تفكّروا لتبصّروا.

قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ) الخ، التيمّم هو القصد والتعمّد، والخبيث ضدّ الطيّب، وقوله: منه، متعلّق بالخبيث، وقوله: تنفقون حال من فاعل لاتيمّموا، وقوله: ولستم بآخذيه حال من فاعل تنفقون، وعامله الفعل، وقوله أن تغمضوا فيه في تأويل المصدر، واللام مقدّر على ما قيل والتقدير إلّا لإغماضكم فيه، أو المقدّر باء المصاحبة والتقدير إلّا بمصاحبة الإغماض.

ومعنى الآية ظاهر، وإنّما بيّن تعالى كيفيّة مال الإنفاق، وأنّه ينبغي أن يكون من طيّب المال لا من خبيثه الّذي لا يأخذه المنفق إلّا بإغماض، فإنّه لا يتّصف بوصف الجود والسخاء، بل يتصوّر بصورة التخلّص، فلا يفيد حبّاً للصنيعة والمعروف ولا كمالاً للنفس، ولذلك ختمها بقوله: واعلموا أنّ الله غنيّ حميد أي راقبوا في إنفاقكم غناه وحمده فهو في عين غناه يحمد إنفاقكم الحسن فأنفقوا من طيّب المال، أو أنّه غنيّ محمود لا ينبغي أن تواجهوه بما لا يليق بجلاله جلّ جلاله.

قوله تعالى: ( الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ ) إقامة للحجّة على أنّ اختيار خبيث المال للإنفاق ليس بخير للمنفقين بخلاف اختيار طيّبه فإنّه خير لهم، ففي النهى مصلحة أمرهم كما أنّ في المنهىّ عنه مفسدة لهم، وليس إمساكهم عن إنفاق طيّب المال وبذله إلّا لما يرونه مؤثّراً في قوام المال والثروة فتنقبض نفوسهم عن الإقدام إلى بذله بخلاف خبيثه فإنّه لا قيمة له يعنى بها فلا بأس بإنفاقه، وهذا من تسويل الشيطان يخوّف أوليائه من الفقر، مع أنّ البذل وذهاب المال والإنفاق في سبيل الله وابتغاء مرضاته مثل البذل في المعاملات لا يخلو عن العوض والربح كما مرّ، مع أنّ الّذي يغني ويقني هو الله سبحانه دون المال، قال تعالى:( وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَىٰ وَأَقْنَىٰ ) النجم - ٤٨.

وبالجملة لمّا كان إمساكهم عن بذل طيّب المال خوفاً من الفقر خطاء نبّه عليه بقوله: الشيطان يعدكم الفقر، غير أنّه وضع السبب موضع المسبّب، أعني أنّه وضع وعد الشيطان موضع خوف أنفسهم ليدلّ على أنّه خوف مضرّ لهم فإنّ الشيطان لا

٤١٦

يأمر إلّا بالباطل والضلال إمّا ابتدائاً ومن غير واسطة، وإمّا بالآخرة وبواسطة ما يظهر منه أنّه حقّ.

ولمّا كان من الممكن أن يتوهّم أنّ هذا الخوف حقّ وإن كان من ناحية الشيطان دفع ذلك بإتباع قوله: الشيطان يعدكم الفقر بقوله: ويأمركم بالفحشاءأوّلا ، فإنّ هذا الإمساك والتثاقل منهم يهيّئ في نفوسهم ملكة الإمساك وسجيّة البخل، فيؤدّي إلى ردّ أوامر الله المتعلّقة بأموالهم وهو الكفر بالله العظيم، ويؤدّي إلى إلقاء أرباب الحاجة في تهلكة الإعسار والفقر والمسكنة الّتي فيه تلف النفوس وانهتاك الأعراض وكلّ جناية وفحشاء، قال تعالى:( وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُم مِّن فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَّهُم مُّعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ - إلى ان قال -الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) التوبة - ٧٩.

ثمّ بإتباعه بقوله: والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليمثانياً ، فإنّ الله قد بيّن للمؤمنين: أنّ هناك حقّاً وضلالاً لا ثالث لهما، وأنّ الحقّ وهو الطريق المستقيم هو من الله سبحانه، وأنّ الضلال من الشيطان، قال تعالى:( فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ ) يونس - ٣٢، وقال تعالى:( قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ) يونس - ٣٥، وقال تعالى في الشيطان:( إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ ) القصص - ١٥، والآيات جميعاً مكّيّة، وبالجملة نبّه تعالى بقوله: والله يعدكم، بأنّ هذا الخاطر الّذي يخطر ببالكم من جهة الخوف ضلال من الفكر فإنّ مغفرة الله والزيادة الّتي ذكرها في الآيات السابقة إنّما هما في البذل من طيّبات المال.

فقوله تعالى: والله يعدكم الخ، نظير قوله: الشيطان يعدكم الخ، من قبيل وضع السبب موضع المسبّب، وفيه إلقاء المقابلة بين وعد الله سبحانه الواسع العليم ووعد الشيطان، لينظر المنفقون في أمر الوعدين ويختاروا ما هو أصلح لبالهم منهما.

فحاصل حجّة الآية: أنّ اختياركم الخبيث على الطيّب إنّما هو لخوف الفقر،

٤١٧

والجهل بما يستتبعه هذا الإنفاق، أمّا خوف الفقر فهو إلقاء، شيطانيّ، ولا يريد الشيطان بكم إلّا الضلال والفحشاء فلا يجوز أن تتّبعوه، وأمّا مايستتبعه هذا الإنفاق فهو الزيادة والمغفرة اللّتان ذكرتا لكم في الآيات السابقة، وهو استتباع بالحقّ لأنّ الّذي يعدكم استتباع الإنفاق لهذه المغفرة والزيادة هو الله سبحانه ووعده حقّ، وهو واسع يسعه أن يعطي ما وعده من المغفرة والزيادة وعليم لا يجهل شيئاً ولا حالاً من شئ فوعده وعد عن علم.

قوله تعالى: ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ) ، الإيتاء هو الإعطاء، والحكمة بكسر الحاء على فعلة بناء نوع يدلّ على نوع المعنى فمعناه النوع من الإحكام والإتقان أو نوع من الأمر المحكم المتقن الّذي لا يوجد فيه ثلمة ولا فتور، وغلب استعماله في المعلومات العقليّة الحقّة الصادقة الّتي لا تقبل البطلان والكذب البتّة.

والجملة تدلّ على أنّ البيان الّذي بيّن الله به حال الإنفاق بجمع علله وأسبابه وما يستتبعه من الأثر الصالح في حقيقة حياة الإنسان هو من الحكمة، فالحكمة هي القضايا الحقّة المطابقة للواقع من حيث اشتمالها بنحو على سعادة الإنسان كالمعارف الحقّة الإلهيّة في المبدأ والمعاد، والمعارف الّتي تشرح حقائق العالم الطبيعيّ من جهة مساسها بسعادة الإنسان كالحقائق الفطريّة الّتي هي أساس التشريعات الدينيّة.

قوله تعالى: ( وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ) ، المعنى ظاهر، وقد اُبهم فاعل الإيتاء مع أنّ الجملة السابقة عليه تدلّ على أنّه الله تبارك وتعالى ليدلّ الكلام على أنّ الحكمة بنفسها منشأ الخير الكثير فالتلبّس بها يتضمّن الخير الكثير، لامن جهة انتساب إتيانه إليه تعالى، فإنّ مجرّد انتساب الإتيان لا يوجب ذلك كإيتاء المال، قال تعالى في قارون( وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّة ِ ) إلى آخرالآيات القصص - ٧٦، وإنّما نسب إليها الخير الكثير دون الخير مطلقاً، مع ما عليه الحكمة من ارتفاع الشأن ونفاسة الأمر لأنّ الأمر مختوم بعناية الله وتوفيقه، وأمر السعادة مراعيّ بالعاقبة والخاتمة.

قوله تعالى: ( وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ) ، اللبّ هو العقل لأنّه في الإنسان

٤١٨

بمنزلة اللبّ من القشر، وعلى هذا المعنى استعمل في القرآن، وكأنّ لفظ العقل بمعناه المعروف اليوم من الأسماء المستحدثة بالغلبة ولذلك لم يستعمل في القرآن وإنّما استعمل منه الأفعال مثل يعقلون.

والتذكّر هو الانتقال من النتيجة إلى مقدّماتها، أو من الشئ إلى نتائجها، والآية تدلّ على أنّ اقتناص الحكمة يتوقّف على التذكّر، وأنّ التذكّر يتوقّف على العقل، فلا حكمة لمن لا عقل له. وقد مرّ بعض الكلام في العقل عند البحث عن ألفاظ الإدراك المستعملة في القرآن الكريم.

قوله تعالى: ( وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ) ، أي ما دعاكم الله سبحانه إليه أو دعوتم أنفسكم إليه بإيجابه عليها بالنذر من بذل المال فلا يخفى على الله يثيب من أطاعة ويؤاخذ من ظلمه، ففيه إيماء إلى التهديد، ويؤكّده قوله تعالى: وما للظالمين من أنصار.

وفي هذه الجملة أعني قوله: وما للظالمين من أنصار، دلالةأوّلا: على أنّ المراد بالظلم هو الظلم على الفقراء والمساكين في الإمساك عن الإنفاق عليهم، وحبس حقوقهم الماليّة، لا الظلم بمعنى مطلق المعصية فإنّ في مطلق المعصية أنصاراً ومكفّرات وشفعاء كالتوبة، والاجتناب عن الكبائر، وشفعاء يوم القيامة إذا كان من حقوق الله تعالى، قال تعالى:( لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا - إلى ان قال -وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ ) الزمر - ٥٤، وقال تعالى:( إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) النساء - ٣١، وقال تعالى:( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) الأنبياء - ٢٨.

ومن هنا يظهر: وجه اتيان الأنصار بصيغة الجمع فإنّ في مورد مطلق الظلم أنصاراً.

وثانياً: أنّ هذا الظلم وهو ترك الإنفاق لا يقبل التكفير ولو كان من الصغائر لقبله فهو من الكبائر، وأنّه لا يقبل التوبة، ويتأيّد بذلك ما وردت به الروايات: أنّ التوبة في حقوق الناس غير مقبولة إلّا بردّ الحقّ إلى مستحقّه، وأنّه لا يقبل الشفاعة يوم القيامة كما يدلّ عليه قوله تعالى:( أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ

٤١٩

الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ - إلى أن قال -فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ) المدّثّر - ٤٨.

وثالثاً: أنّ هذا الظالم غير مرتضى عند الله إذ لا شفاعة إلّا لمن ارتضى الله دينه كما مرّ بيانه في بحث الشفاعة، ومن هنا تظهر النكتة في قوله تعالى: ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله، حيث أتى بالمرضاة ولم يقل ابتغاء وجه الله.

ورابعاً: أنّ المتناع من أصل إنفاق المال على الفقراء مع وجودهم واحتياجهم من الكبائر الموبقة، وقد عدّ تعالى الامتناع عن بعض أقسامه كالزكاة شركاً بالله وكفراً بالآخرة، قال تعالى:( وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ) فصّلت - ٧، والسورة مكّيّة ولم تكن شرّعت الزكاة المعروفة عند نزولها.

قوله تعالى: ( إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ) الخ، الإبداء هو الإظهار، والصدقات جمع صدقة، وهي مطلق الإنفاق في سبيل الله أعمّ من الواجب والمندوب وربّما يقال: إنّ الأصل في معناها الإنفاق المندوب.

وقد مدح الله سبحانه كلّاً من شقّى الترديد، لكون كلّ واحد من الشقّين ذا آثار صالحة، فأمّا إظهار الصدقة فإنّ فيه دعوة عمليّة إلى المعروف، وتشويقاً للناس إلى البذل والإنفاق، وتطييباً لنفوس الفقراء والمساكين حيث يشاهدون أنّ في المجتمع رجالاً رحماء بحالهم، وأموالاً موضوعة لرفع حوائجهم، مدّخرة ليوم بؤسهم فيؤدّي إلى زوال اليأس والقنوط عن نفوسهم، وحصول النشاط لهم في أعمالهم، واعتقاد وحدة العمل والكسب بينهم وبين الأغنياء المثرين، وفي ذلك كلّ الخير، وأمّا إخفاؤها فإنّه حينئذ يكون أبعد من الرياء والمنّ والأذى، وفيه حفظ لنفوس المحتاجين عن الخزي والمذلّة، وصون لماء وجوههم عن الابتذال، وكلائة لظاهر كرامتهم، فصدقة العلن أكثر نتاجاً، وصدقة السرّ أخلص طهارة.

ولمّا كان بناء الدين على الإخلاص وكان العمل كلّما قرب من الإخلاص كان أقرب من الفضيلة رجّح سبحانه جانب صدقة السرّ فقال: وإن تخفوها وتعطوها الفقراء فهو خير لكم فإنّ كلمة خير أفعل التفضيل، والله تعالى خبير بأعمال عباده لا يخطئ

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700