الروضة من الكافي الجزء ٨

الروضة من الكافي0%

الروضة من الكافي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 311

الروضة من الكافي

مؤلف: أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي
تصنيف:

الصفحات: 311
المشاهدات: 48598
تحميل: 6704

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 311 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48598 / تحميل: 6704
الحجم الحجم الحجم
الروضة من الكافي

الروضة من الكافي الجزء 8

مؤلف:
العربية

إلى حق ولا باطل إلا أجابه إليه فأنزل الله سبحانه وتعالى " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك إلى آخر الآية - ".

٥٧٣ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان قال: سئل أبوعبدالله (ع) عن قول الله عزوجل: "( وَ لَوْ شَاءَ رَبُّکَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَ لاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ‌ * إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّکَ ) (١) " فقال: كانوا امة واحدة فبعث الله النبيين ليتخذ عليهم الحجة.

٥٧٤ - علي بن محمد، علي بن العباس، عن علي بن حماد، عن عمرو بن شمر عن جابر، عن أبي جعفر (ع) في قول الله عزوجل: "( وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً ) (٢) " قال: من تولى الاوصياء من آل محمد واتبع آثارهم فذلك يزيده ولاية من مضى من النبيين والمؤمنين الاولين حتى تصل ولايتهم إلى آدم (ع) وهو قول الله عزوجل "( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا ) (٣) " يدخله الجنة وهو قول الله عزوجل: "( قُلْ مَا سَأَلْتُکُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَکُمْ ) (٤) " يقول: أجر المودة الذي لم أسألكم غيره فهو لكم تهتدون به وتنجون من عذاب يوم القيامة وقال لاعداء الله أولياء الشيطان أهل التكذيب والانكار "( قُلْ مَا أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَ مَا أَنَا مِنَ الْمُتَکَلِّفِينَ‌ ) (٥) " يقول متكلفا أن اسألكم ما لستم بأهله فقال المنافقون عند ذلك بعضهم لبعض: أما يكفي محمدا(٦) أن يكون قهرنا عشرين سنة حتى يريد أن يحمل أهل بيته على رقابنا فقالوا: ما أنزل الله هذا وما هو إلا شئ يتقوله يريد أن يرفع أهل بيته على رقابنا ولئن قتل محمد أو مات لننزعنها من أهل بيته ثم لا نعيدها فيهم أبدا وأراد الله عزوجل أن يعلم نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أخفوا في صدورهم وأسروا به فقال في كتابه عزوجل "( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ کَذِباً فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِکَ ) (٧) " يقول: لو شئت حبست

____________________

(١) هود: ١١٨ و ١١٩.

(٢) الشورى: ٢٣ وقوله: (يقترف) اي يكتسب.

(٣) النمل: ٨٩.

(٤) سبأ: ٤٧.

(٥) ص: ٨٦.

(٦) كذا.

(٧) الشورى: ٢٤.

٢٨١

عنك الوحي فلم تكلم بفضل أهل بيتك ولا بمودتهم وقد قال الله عزوجل: "( وَ يَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَ يُحِقُّ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ (يقول: الحق لاهل بيتك الولاية)إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) (١) " ويقول: بما ألقوه في صدورهم من العداوة لاهل بيتك والظلم بعدك و هو قول الله عزوجل: "( وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتاتون السحر وأنتم تبصرون ) (٢) " وفي قوله عزوجل: "( وَ النَّجْمِ إِذَا هَوَى ) " قال: أقسم بقبض محمد إذا قبض "( مَا ضَلَّ صَاحِبُکُمْ (بتفضيله أهل بيته)وَ مَا غَوَى‌ * وَ مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ) " يقول: ما يتكلم بفضل أهل بيته بهواه وهو قول الله عزوجل: "( إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (٣) " وقال الله عزوجل لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله : "( قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَ بَيْنَکُمْ ) (٤) " قال: لو أني أمرت أن اعلمكم الذي أخفيتم في صدوركم من استعجالكم بموتي لتظلموا أهل بيتي من بعدي، فكان مثلكم كما قال الله عزوجل: "( کَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ) (٥) " يقول: أضاء‌ت الارض بنور محمد كما تضئ الشمس فضرب الله مثل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله الشمس ومثل الوصي القمر وهو قوله عزوجل: "( جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً ) " وقوله: "( وَ آيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ) (٧) " وقوله عزوجل: "( ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَکَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَ يُبْصِرُونَ‌ ) (٨) " يعني قبض محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وظهرت الظلمة فلم يبصروا فضل أهل بيته وهو قوله عزوجل: "( وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لاَ يَسْمَعُوا وَ تَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْکَ وَ هُمْ لاَ يُبْصِرُونَ‌ ) (٩) " ثم إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وضع العلم الذي كان عنده عند الوصي وهو قول الله عزوجل: "( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضِ ) (١٠) " يقول: أنا هادي السماوات والارض مثل العلم الذي أعطيته وهو نور [ي] الذي يهتدى به مثل المشكاة فيها المصباح، فالمشكاة قلب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله و

____________________

(١) الشورى: ٢٤.

(٢) الانبياء: ٣.

(٣) الايات في سورة النجم: ١ إلى ٤.

(٤) الانعام: ٥٨.

(٥) البقرة: ١٧.

(٦) يونس: ٥.

(٧) يس: ٣٧.

(٨) البقرة: ١٨.

(٩) الاعراف: ١٩٧ وفيها( إِنْ تَدْعُوهُمْ )

(١٠) النور: ٣٥.

٢٨٢

المصباح النور الذي فيه العلم وقوله: " المصباح في زجاجة " يقول: إني اريد أن اقبضك فاجعل الذي عندك عند الوصي كما يجعل المصباح في الزجاجة، " كأنها كوكب دري " فأعلمهم فضل الوصي، " توقد من شجرة مباركة " فأصل الشجرة المباركة إبراهيم (ع) وهو قول الله عزوجل: "( رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَکَاتُهُ عَلَيْکُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) (١) " وهو قول الله عزوجل: "( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) "، " لا شرقية ولا غربية " يقول: لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق وأنتم على ملة إبراهيم (ع) وقد قال الله عزوجل "( مَا کَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَ لاَ نَصْرَانِيّاً وَ لٰکِنْ کَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَ مَا کَانَ مِنَ الْمُشْرِکِينَ‌ ) (٣) " وقوله عزوجل: " يكاد زيتهايضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء " يقول: مثل أولادكم الذين يولدون منكم كمثل الزيت الذي يعصر من الزيتون " يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء " يقول: يكادون أن يتكلموا بالنبوة ولو لم ينزل عليهم ملك.

٥٧٥ - أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن الحسن بن علي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (ع) قال: سألته عن قول الله عزوجل: "( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) (٤) " قال: يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الافاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة الله عزوجل في أنفسهم وفي الآفاق، قلت له: " حتى يتبين لهم أنه الحق " قال: خروج القائم هو الحق من عند الله عزوجل، يراه الخلق لا بد منه.

٥٧٦ - محمد بن يحيى، والحسين بن محمد جميعا، عن جعفر بن محمد، عن عباد بن يعقوب، عن أحمد بن إسماعيل، عن عمرو بن كيسان، عن أبي عبدالله الجعفي(٥) قال: قال لي أبوجعفر محمد بن علي (ع): كم الرباط عندكم؟ قلت: أربعون قال: لكن رباطنا

____________________

(١) هود: ٧٣.

(٢) آل عمران: ٣٣ و ٣٤.

(٣) آل عمران: ٦٧.

(٤) فصلت: ٥٣.

(٥) هو عمرو بن شمر والسند ضعيف به.

٢٨٣

رباط الدهر(١) ومن ارتبط فينا دابة كان له وزنها ووزن وزنها(٢) ما كانت عنده، ومن ارتبط فينا سلاحا كان له وزنه ما كان عنده، لا تجزعوا من مرة ولا من مرتين ولا من ثلاث(٣) ولا من أربع فإنما مثلنا ومثلكم مثل نبي كان في بني إسرائيل فأوحى الله عزوجل إليه أن ادع قومك للقتال فإني سأنصرك فجمعهم من رؤوس الجبال ومن غير ذلك ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله تعالى إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك، فجمعهم ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى انهزموا، ثم أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك فدعاهم فقالوا: وعدتنا النصر فما نصرنا فأوحيب الله تعالى إليه إما أن يختاروا القتال أو النار، فقال: يا رب القتال أحب إلي من النار فدعاهم فأجابه منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر عدة أهل بدر فتوجه بهم فما ضربوا بسيف ولا طعنوا برمح حتى فتح الله عزوجل لهم.

٥٧٧ - عدة من أصحابنا، [عن سهل بن زياد، عن بكر بن صالح، والنوفلي، و غيرهما يرفعونه إلى أبي عبدالله (ع) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يتداوى من الزكام و يقول: ما من أحد إلا وبه عرق من الجذام فإذا أصابه الزكام قمعه.

٥٧٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله (ع) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الزكام جند من جنود الله عز وجل يبعثه عزوجل على الداء فيزيله.

٥٧٩ - محمد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمد بن عبدالحميد باسناده رفعه إلى أبي عبدالله (ع) قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من أحد من ولد آدم إلا وفيه عرقان عرق في رأسه يهيج الجذام وعرق في بدنه يهيج البرص فإذا هاج العرق الذي في الرأس سلط الله عزوجل عليه الزكام حتى يسيل ما فيه من الداء، وإذا هاج العرق الذي في

____________________

(١) أي يجب على الشيعة ان يربطوا انفسهم على إطاعة الامام الحق وانتظار فرجه وتهيؤوا دائما لنصرته؛ (آت). والرباط: ملازمة ثغر العدو؛ (القاموس).

(٢) هذا من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس اي له من الثواب كمثلى وزن الدابة.

(٣) اي لا تجزعوا من عدم نصرنا وغلبة العدو علينا مرة أو مرتين.

٢٨٤

الجسد سلط الله عليه الدماميل حتى يسيل ما فيه من الداء فإذا رأى أحدكم به زكاما ودماميل فليحمد الله عزوجل على العافية وقال: الزكام فضول في الرأس.

٥٨٠ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن رجل قال: دخل رجل على أبي عبدالله (ع) وهو يشتكي عينيه فقال له: أين أنت عن هذه الاجزاء الثلاثة: الصبر والكافور والمر؟ ففعل الرجل ذلك فذهبت عنه(١) .

٥٨١ - عنه، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح قال: قلت لابي عبدالله (ع): إن لنافتاة كانت ترى الكوكب مثل الجرة، قال: نعم وتراه مثل الحب(٢) ، قلت: إن بصرها ضعف، فقال: اكحلها بالصبر والمر والكافور أجزاء سواء فكحلناها به فنفعها.

٥٨٢ - عنه، عن أحمد، عن داود بن محمد، عن محمد بن الفيض، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: كنت عند أبي جعفر يعني أبا الدوانيق فجاء ته خريطة فحلها ونظر فيها فأخرج منها شيئا فقال: يا أبا عبدالله أتدري ما هذا؟ قلت: ما هو قال: هذا شئ يؤتى به من خلف إفريقية من طنجة أو طبنة(٣) - شك محمد قلت: ما هو؟ قال: جبل هناك يقطر منه في السنة قطرات فتجمد وهو جيد للبياض يكون في العين يكتحل بهذا فيذهب بإذن الله عزوجل، قلت: نعم أعرفه وإن شئت أخبرتك باسمه وحاله؟ قال: فلم يسألني عن اسمه، قال: وما حاله؟ فقلت: هذا جبل كان عليه نبي من أنبياء بني إسرائيل هاربا من قومه يعبد الله عليه فعلم به قومه فقتلوه فهو يبكي على ذلك النبي (ع) وهذه القطرات من بكائه وله ومن الجانب الآخر عين تنبع من ذلك الماء بالليل و النهار ولا يوصل إلى تلك العين.

٥٨٣ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبى عمير، عن سليم مولى علي بن

____________________

(١) راجع الهامش الرابع من ص ١٩٢ في هذا المجلد.

(٢) اي ان لم تعالجها بعد ذلك تراه مثل الحب.

(٣) (طنجة) بالفتح ثم السكون والجيم بلد بساحل بحر المغرب وهي احد حدود افريقية من جهة المغرب و (طبنة) بالضم ثم السكون ونون مفتوحة بلدة في طرف افريقية مما يلي المغرب. (المراصد)

٢٨٥

يقطين أنه كان يلقى من رمد عينيه أذى قال: فكتب إليه أبوالحسن (ع) إبتداء من عنده ما يمنعك من كحل أبي جعفر (ع) جزء كافور رباحي(١) وجزء صبر اصقوطرى يدقان جميعا وينخلان بحريرة يكتحل منه مثل ما يكتحل من الاثمد(٢) الكحلة في الشهر تحدر كل داء في الرأس وتخرجه من البدن، قال: فكان يكتحل به فما اشتكى عينيه حتى مات.

حديث العابد

٥٨٤ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن محمد بن سنان، عمن أخبره، عن أبي عبدالله (ع) قال: كان عابد في بني إسرائيل لم يقارف(٣) من أمر الدنيا شيئا فنخر إبليس نخرة(٤) فاجتمع إليه جنوده فقال: من لي بفلان؟ فقال بعضهم: أنا له، فقال: من أين تأتيه؟ فقال: من ناحية النساء، قال: لست له لم يجرب النساء، فقال له: آخر: فاناله، فقال له: من أين تأتيه؟ قال: من ناحية الشراب واللذات، قال: لست له ليس هذا بهذا، قال آخر: فأنا له، قال: من أين تأتيه؟ قال: من ناحية البر قال: انطلق فأنت صاحبه، فانطلق إلى موضع الرجل فأقام حذاه يصلي قال: وكان الرجل ينام والشيطان لا ينام، ويستريح والشيطان لا يستريح، فتحول إليه الرجل وقد تقاصرت إليه نفسه(٥) واستصغر عمله، فقال: يا عبدالله بأي شئ قويت على

____________________

(١) بالموحدة بين المهلتين وقال صاحب القاموس: الرباحي جنس من الكافور.

وقال: مكان (صقوطرى): اسقطرى: هي جزيرة ببحر الهند على يسار الجائي من بلاد الزنج والعامة تقول: سقوطرة، يجلب منها الصبر ودم الاخوين. قال الحموي في المراصد: (سطرى) بضمتين وطاء ساكنة وراء وألف مقصورة ويروى بالمد: جزيرة عظيمة كبيرة فيها عدة قرى ومدن يناوح عدن جنوبية وهي إلى بر العرب اقرب من بر الهند والسالك إلى بلاد الزنج يمر عليها واكثر اهلها نصارى عرب، يجلب منها الصبر ودم الاخوين وهو صمغ شجر لا يوجد الا في هذه الجزيرة ويسمونه القاطر قيل طولها ثمانون فرسخا.

(٢) الاثمد بالمثلثة وكسر الهمزة: حجر الكحل.

(٣) اي يكتسب.

(٤) نخر ينخر بالفتح وينخر بالضم مد الصوت في خياشيمه.

(٥) اي اظهر له التقصير من نفسه، يقال: تقاصر اي اظهر القصور؛ (آت).

٢٨٦

هذه الصلاة؟ فلم يجبه، ثم أعاد عليه، فلم يجبه ثم أعاد عليه، فقال: يا عبدالله إني أذنبت ذنبا وأنا تائب منه فإذا ذكرت الذنب قويت على الصلاة، قال: فأخبرني بذنبك حتى أعمله وأتوب فإذا فعلته قويت على الصلاة؟ قال: ادخل المدينة فسل عن فلانة البغية فأعطها درهمين ونل منها، قال: ومن أين لي درهمين ما أدري ما الدرهمين فتناول الشيطان من تحت قدميه درهمين فناوله إياهما فقام فدخل المدينة بجلابيبه(١) يسأل عن منزل فلانة البغية فأرشده الناس وظنوا أنه جاء يعظها فأرشدوه فجاء إليها فرمى إليها بالدرهمين وقال: قومي فقامت فدخلت منزلها وقالت: ادخل وقالت: إنك جئتني في هيئة ليس يؤتي مثلي في مثلها فأخبرني بخبرك فأخبرها فقالت له: يا عبدالله إن ترك الذنب أهون من طلب التوبة وليس كل من طلب التوبة وجدها وإنما ينبغي أن يكون هذا شيطانا مثل لك فانصرف فإنك لا ترى شيئا فانصرف وماتت من ليلتها فأصبحت فإذا على بابها مكتوب: احضروا فلانة فإنها من أهل الجنة فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لم يدفنوها ارتيابا في أمرها فأوحى الله عزوجل إلى نبي من الانبياء لا أعلمه إلا موسى بن عمران (ع)(٢) أن ائت فلانة فصل عليها ومر الناس أن يصلوا عليها فإني قد غفرت لها وأوجبت لها الجنة بتثبيطها(٣) عبدي فلانا عن معصيتي.

٥٨٥ - أحمد بن محمد [بن أحمد] عن علي بن الحسن، عن محمد بن عبدالله بن زرارة، عن محمد ابن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر (ع) قال: كان في بني إسرائيل رجل عابد وكان محارفا(٤) لا يتوجه في شئ فيصيب فيه شيئا، فانفقت عليه امرأته حتى لم يبق عندها شئ فجاعوا يوما من الايام فدفعت إليه نصلا من غزل(٥) وقالت له: ما عندي غيره

____________________

(١) الجلباب بالكسر كسرداب: القميص وثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو ما تغطي به ثيابها من فوق كالملحفة او هو الخمار؛ (القاموس).

(٢) الشك من الراوي.

(٣) ثبطه عن الامر تثبيطا: شغله عنه.

(٤) المحارف بفتح الراء هو المحروم المحدود الذي اذ طلب فلا يرزق وهو خلاف المبارك.

(٥) النصل: الغزل قد خرج من المغزل؛ (القاموس).

٢٨٧

انطلق فبعه واشتر لنا شيئا نأكله، فانطلق بالنصل الغزل ليبيعه فوجد السوق قد غلقت ووجد المشترين قد قاموا وانصرفوا، فقال: لو أتيت هذا الماء فتوضأت منه وصببت علي منه وانصرفت فجاء إلى البحر وإذا هو بصياد قد ألقى شبكته فأخرجها وليس فيها إلا سمكة ردية قد مكثت عنده حتى صارت رخوة منتنة فقال له: بعن هذه السمكة و أعطيك هذا الغزل تنتفع به في شبكتك، قال: نعم فأخذ السمكة ودفع إليه الغزل و انصرف بالسمكة إلى منزله فأخبر زوجته فأخذت السمكة لتصلحها فلما شقتها بدت من جوفها لؤلؤة فدعت زوجها فأرته إياها فأخذها فانطلق بها إلى السوق فباعها بعشرين ألف درهم وانصرف إلى منزله بالمال فوضعه فإذا سائل يدق الباب ويقول: يا أهل الدار تصدقوا رحمكم الله على المسكين فقال له الرجل: ادخل فدخل فقال له: خذ إحدى الكيسين فأخذ إحديهما وانطلق فقالت له امرأته: سبحان الله بينما نحن مياسير إذ ذهبت بنصف يسارنا فلم يكن ذلك بأسرع من أن دق السائل الباب فقال له الرجل ادخل فدخل فوضع الكيس في مكانه ثم قال: كل هنيئا مريئا، إنما أنا ملك من ملائكة ربك إنما أراد ربك أن يبلوك فوجدك شاكرا، ثم ذهب.

خطبة لامير المؤمنينعليه‌السلام

٥٨٦ - أحمد بن محمد، عن سعد(١) بن المنذر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن الحسين، عن أبيه، عن جده، عن أبيه قال: خطب أمير المؤمنين (ع) - ورواها غيره بغير هذا الاسناد وذكر أنه خطب بذي قار(٢) - فحمد الله وأثنى عليه.

ثم قال: أما بعد فإن الله تبارك وتعالى بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ليخرج عباده من عبادة عباده إلى عبادته، ومن عهود عباده إلى عهوده ومن طاعة عباده إلى طاعته، ومن ولاية عباده إلى ولايته، بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، عودا

____________________

(١) في بعض النسخ (سعيد بن المنذر)

(٢) موضع بين الكوفة وواسط؛ (القاموس).

٢٨٨

وبدء ا وعذرا ونذرا، بحكم قد فصله(١) وتفصيل قد أحكمه وفرقان قد فرقه(٢) وقرآن قد بينه ليعلم العباد ربهم إذ جلهوه وليقروا به إذ جحدوه وليثبتوه بعد إذ أنكروه فتجلى لهم سبحانه في كتابه(٣) من غير أن يكونوا رأوه، فأراهم حلمه كيف حلم و أراهم عفوه كيف عفا وأراهم قدرته كيف قدر، وخوفهم من سطوته وكيف خلق ما خلق من الآيات وكيف محق من محق من العصاة بالمثلات واحتصد من احتصد بالنقمات(٤) وكيف رزق وهدى وأعطا، وأراهم حكمه كيف حكم وصبر حتى يسمع ما يسمع ويرى.

فبعث الله عزوجل محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك ثم إنه سيأتي عليكم من بعدي زمان ليس في ذلك الزمان شئ أخفى من الحق ولا أظهر من الباطل ولا أكثر من الكذب على الله تعالى ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وليس عند أهل ذلك الزمان سلعة(٥) أبور من الكتاب إذا تلي حق تلاوته ولا سلعة أنفق بيعا(٦) ولا أغلى ثمنا من الكتاب إذا حرف عن مواضعه وليس في العباد ولا في البلاد شئ هو أنكر من المعروف ولا أعرف من المنكر وليس فيها فاحشة أنكر ولا عقوبة أنكى(٧) من الهدى عند الضلال في ذلك الزمان فقد نبذ الكتاب حملته، وتناساه حفظته حتى تمالت بهم الاهواء وتوارثوا ذلك من الآباء وعملوا بتحريف الكتاب كذبا

____________________

(١) (عودا وبدء ا) يعني عودا إلى الدعوة بعدما بدا فيها والمراد تكرير الدعوة (في).

(عذرا ونذرا) كل منهما مفعول له لقوله: (بعث) اي عذرا للمحقين ونذرا للمبطلين، او حال اي عاذرا ومنذرا. قوله: (بحكم) المراد به الجنس اي بعثه مع احكام مفصلة مبينة؛ (آت).

(٢) الفرقان هو القرآن وكل ما فرق بين الحق والباطل والمراد بتفريقه انزاله متفرقا او تعلقه بالاحكام المتفرقة؛(آت).

(٣) اي ظهر من غير ان يرى بالبصر بل نبههم عليه في القرآن من قصص الاولين وما حل بهم من النقمة عند مخالفة الرسل؛ (في).

(٤) بفتح الميم وضم الثاء جمع المثلة وهي العقوبة. والاحتصاد: المبالغة في القتل والاستيصال ماخوذ من حصد الزرع؛ (في).

(٥) السلعة بالكسر: المتاع. والبوار: الكساد.

(٦) النفاق: الرواج.

(٧) النكاية: الجرح والقرح.

٢٨٩

وتكذيبا فباعوه بالبخس(١) وكانوا فيه من الزاهدين، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان طريدان منفيان وصاحبان مصطحبان في طريق واحد لا يأويهما مؤو، فحبذا ذانك الصاحبان واها لهما ولما يعملان له(٢) ، فالكتاب وأهل الكتاب في ذلك الزمان في الناس وليسوا فيهم ومعهم وليسوا معهم وذلك لان الضلالة لا توافق الهدى وان اجتمعا، وقد اجتمع القوم على الفرقة وافترقوا عن الجماعة، قد ولوا أمرهم وأمر دينهم من يعمل فيهم بالمكر والمنكر والرشا والقتل كأنهم أئمة الكتاب وليس الكتاب إمامهم، لم يبق عندهم من الحق إلا اسمه ولم يعرفوا من الكتاب إلا خطه وزبره(٣) ، يدخل الداخل لما يسمع من حكم القرآن فلا يطمئن جالسا حتى يخرج من الدين ينتقل من دين ملك إلى دين ملك، ومن ولاية ملك إلى ولاية ملك، ومن طاعة ملك إلى طاعة ملك، ومن عهود ملك إلى عهود ملك، فاستدرجهم الله تعالى من حيث لا يعلمون(٤) وإن كيده متين بالامل والرجاء حتى توالدوا في المعصية ودانوا بالجور والكتاب لم يضرب عن شئ منه صفحا ضلالا تائهين، قد دانوا بغير دين الله عزوجل وأدانوا لغير الله(٥) .

مساجدهم في ذلك الزمان عامرة من الضلالة، خربة من الهدى [قد بدل فيها من الهدى] فقراؤها وعمارها أخائب خلق الله وخليقته، من عندهم جرت

____________________

(١) البخس: بالموحدة ثم المعجمة ثم المهملة: الناقص؛ (في).

(٢) (واها) كلمة تلهف وتوجع. وقوله: (لما يعملان) في بعض النسخ (لما يعمدان له) بالدال اي العلة الغائية من خلقهما؛ (في).

(٣) بسكون الباء اي كتابته. وقوله: (يدخل الداخل) اي في الدين وخروجه لما يرى من عدم عمل اهله به وبدعهم وجورهم؛ (آت).

(٤) استدراج الله تعالى عباده انه كلما جدد العبد خطيئة جدد له نعمة وأنساه استغفار وان يأخذه قليلا يباغته.

(٥) اي أمروا بطاعة غيره تعالى ولم يرد هذا البناء فيما عندنا من كتب اللغة وفي النسخة القديمة (وكانوا لغير الله)

٢٩٠

الضلالة وإليهم تعود، فحضور مساجدهم والمشي إليها كفر بالله العظيم إلا من مشى إليها وهو عارف بضلالهم فصارت مساجدهم من فعالهم على ذلك النحو خربة من الهدى عامرة من الضلالة قد بدلت سنة الله وتعديت حدوده ولا يدعون إلى الهدى ولا يقسمون الفئ ولا يوفون بذمة، يدعون القتيل منهم على ذلك شهيدا قد أتوا الله بالافتراء و الجحود واستغنوا بالجهل عن العلم ومن قبل ما مثلوا بالصالحين كل مثلة(١) وسموا صدقهم على الله فرية وجعلوا في الحسنة العقوبة السيئة وقد بعث الله عزوجل إليكم رسولا من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم(٢) بالمؤمنين رؤف رحيمصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنزل عليه كتابا عزيزا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد قرآنا عربيا غير ذي عوج لينذر من كان حيا(٣) ويحق القول على الكافرين فلا يلهينكم الامل ولا يطولن عليكم الاجل، فإنما أهلك من كان قبلكم أمد أملهم وتغطية الآجال عنهم حتى نزل بهم الموعود(٤) الذي ترد عنه المعذرة وترفع عنه التوبة وتحل معه القارعة والنقمة(٥) وقد أبلغ الله عزوجل إليكم بالوعد وفصل لكم القول و علمكم السنة وشرح لكم المناهج ليزيح العلة(٦) وحث على الذكر ودل على النجاة وإنه من انتصح لله واتخذ قوله دليلا هداه للتي هي أقوم(٧) ووفقه للرشاد وسدده

____________________

(١) المثلة بالضم: النكال، قال الفيضرحمه‌الله : ومن روى مثلوا بالتشديد اراد جدعوهم بقطع الاذن والانوف.

(٢) (من انفسكم) اي من جنسكم عربي مثلكم. وقرء من انفسكم بفتح الفاء اي من اشرفكم (عزيز عليه) اي شديد شاق. (ماعنتم) عنتكم ولقاؤكم المكروه. (حريص عليكم) اي على ايمانكم وصلاح شأنكم؛ (في).

(٣) اي عاقلا فهما فان الغافل كالميت؛ (في).

(٤) اي الموت.

(٥) القارعة: الشديدة من شدائد الدهر.

(٦) زاح الشئ يزيح زيحا اي بعد وذهب وازاحه غيره؛ (الصحاح).

(٧) الانتصاح: قبول النصيحة يعنى من اطاع اوامر الله وعلم انه انما يهديه إلى مصالحه ويرده عن مفاسده يهديه للحالة التي اتباعها اقوم وهي من الالفاظ القرآنية (ان هذا القران يهدي للتي هي أقوم) وتلك الحالة هي المعرفة بالله وتوحيده؛ (في).

٢٩١

ويسره للحسنى، فإن جار الله آمن محفوظ وعدوه خائف مغرور، فاحترسوا من الله عزوجل بكثرة الذكر واخشوا منه بالتقى وتقربوا إليه بالطاعة فإنه قريب مجيب قال الله عزوجل: "( وَ إِذَا سَأَلَکَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَ لْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ‌ ) (١) " فاستجيبوا لله وآمنوابه وعظموا الله الذي لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم(٢) فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمة الله أن يتواضعوا له وعز الذين يعلمون ما جلال الله أن يذلوا له وسلامة الذين يعلمون ما قدره الله أن يستسلموا له، فلا ينكرون أنفسهم بعد حد المعرفة ولا يضلون بعد الهدى، فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الاجرب(٣) والبارئ من ذي السقم.

واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه ولم تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه، ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه، ولن تتلوا الكتاب حق تلاوته حتى تعرفوا الذي حرفه، ولن تعرفوا الضلالة حتى تعرفوا الهدى، ولن تعرفوا التقوى حتى تعرفوا الذي تعدى، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتكلف ورأيتم الفرية على الله وعلى رسوله والتحريف لكتابه ورأيتم كيف هدى الله من هدى فلا يجهلنكم(٤) الذين لا يعلمون، إن علم القرآن ليس يعلم ما هو إلا من ذاق طعمه، فعلم بالعلم جهله وبصربه عماه(٥) وسمع به صممه وأدرك به علم ما فات وحيي به بعد إذ مات

____________________

(١) البقرة: ١٨٦.

(٢) اي يطلب لنفسه العظمة.

(٣) اي الذي به الجرب وهو داء معروف.

(٤) من التجهيل اي لا ينسبوكم إلى الجهل.

(٥) (فعلم بالعلم جهله) اي ما جهل مما يحتاج اليه في جميع الامور، او كونه جاهلا قبل ذلك او كمل علمه حتى اقر بانه جاهل فان غاية كل كمال في المخلوق الاقرار بالعجز عن استكماله والاعتراف بثبوته كما ينبغي للرب تعالى او يقال: ان الجاهل لتساوي نسبة الاشياء اليه لجهله بجميعها يدعى علم كل شئ واما العالم فهو يميز بين ما يعلمه وما لا يعلمه فبالعلم عرف جهله ولا يخفى جريان الاحتمالات في الفقرتين التاليتين وان الاول اظهر في الجميع بأن يكون المراد بقوله: (وبصر به عماه) اي ابصر به ما عمى عنه او تبدلت عماه بصيرة. (وسمع به) ويمكن ان يقرء بالتخفيف اي سمع ما كان صم عنه او بالتشديد اي بدل بالعلم صممه بكونه سميعا؛ (آت).

٢٩٢

وأثبت عند الله عز ذكره الحسنات ومحى به السيئات وأدرك به رضوانا من الله تبارك وتعالى فاطلبوا ذلك من عند أهله خاصة(١) فإنهم خاصة نور يستضاء به وأئمة يقتدى بهم وهو عيش العلم وموت الجهل هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم وصمتهم عن منطقهم(٢) وظاهرهم عن باطنهم لا يخالفون الذين ولا يختلفون فيه فهو بينهم شاهد صادق وصامت ناطق(٣) فهم من شأنهم شهداء بالحق ومخبر صادق(٤) لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، قد خلت لهم من الله السابقة ومضى فيهم من الله عزوجل حكم صادق وفي ذلك ذكرى للذاكرين فاعقلوا الحق إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية فإن رواة الكتاب كثير ورعاته قليل والله المستعان.

٥٨٧ - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن عمر بن علي، عن عمه محمد بن عمر، عن ابن اذينة قال: سمعت عمر بن يزيد يقول: حدثني معروف بن خربوذ، عن علي بن الحسين (ع) أنه كان يقول: ويلمه فاسقا(٥) من لا يزال ممارئا، ويلمه فاجرا من لا يزال مخاصما، ويلمه آثما من كثر كلامه في غير ذات الله عزوجل.

٥٨٨ - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن الحسن بن عمارة، عن نعيم القضاعي

____________________

(١) كنىعليه‌السلام بقوله: (من عند اهله) عن نفسه ومن يحذو حذوه من اولادهعليهم‌السلام ؛ (في).

(٢) ذلك لان صمت العارف ابلغ من نطق غيره؛ (في).

(٣) انما لا يخالفون الدين لانهم قوامه واربابه وانما لا يختلفون فيه لان الحق في التوحيد واحد فالدين او القران بينهم شاهد صادق ياخذون بحكمه كما يؤخذ بحكم الشاهد الصادق. و (صامت ناطق) لانه لا ينطق بنفسه بل لا بد له من مترجم فهو صامت في الصورة وفي المعنى انطق الناطقين لان الاوامر والنواهي والاداب كلها مبنية عليه ومتفرعة عنه فهو شأن من شأنهم؛ (في).

(٤) مخبر صادق في حقهم حال كونهم شهداء بالحق غير مخالفين له ولا مختلفين فيه؛ (في).

(٥) ويلمه اي ويل لامه كما في القاموس. والويل: الحزن والهلاك من العذاب وقد يرد الويل بمعنى التعجب ومنه الحديث (ويلمه مسعر حرب) تعجبا من شجاعته وحربه. (النهاية)

٢٩٣

عن أبي جعفر (ع) قال: أصبح إبراهيم (ع) فرأى في لحيته شعرة بيضاء فقال: الحمد لله رب العالمين الذي بلغني هذا المبلغ لم أعص الله طرفة عين.

٥٨٩ - أبان بن عثمان، عن محمد بن مروان، عمن رواه، عن أبي جعفر (ع) قال: لما اتخذ الله عزوجل إبراهيم خليلا أتاه بشراه بالخلة فجاء‌ه ملك الموت في صورة شاب أبيض عليه ثوبان أبيضان يقطر رأسه ماء‌ا ودهنا(١) فدخل إبراهيم (ع) الدار فاستقبله خارجا من الدار وكان إبراهيم (ع) رجلا غيورا وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه واخذ مفتاحه معه ثم رجع ففتح فإذا هو برجل قائم أحسن ما يكون من الرجال فأخذه بيده وقال: ياعبدالله من أدخلك داري فقال: ربها أدخلنيها فقال: ربها أحق بها مني فمن أنت؟ قال: أنا ملك الموت ففزع إبراهيم (ع) فقال: جئتني لتسلبني روحي؟ قال: لا ولكن اتخذ الله عبدا خليلا فجئت لبشارته(٢) قال: فمن هو لعلي أخدمه حتى أموت؟ قال: أنت هو، فدخل على سارةعليها‌السلام فقال لها: إن الله تبارك وتعالى اتخذني خليلا.

٥٩٠ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن سليم الفراء، عمن ذكره، عن أبي عبدالله (ع) مثله إلا أنه قال في حديثه: إن الملك لما قال: أدخلنيها ربها عرف إبراهيم (ع) أنه ملك الموت (ع) فقال له: ما أهبطك قال: جئت ابشر رجلا أن الله تبارك وتعالى اتخذه خليلا، فقال له إبراهيم (ع): فمن هذا الرجل؟ فقال له الملك: وما تريه منه؟ فقال له إبراهيم (ع): أخدمه أيام حياتي، فقال له الملك: فأنت هو.

٥٩١ - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر (ع) أن إبراهيم (ع) خرج ذات يوم يسير ببعير فمر بفلاة من الارض فإذا هو برجل قائم يصلي قد قطع الارض(٣) إلى السماء طوله ولباسه

____________________

(١) كناية عن طراوته وصفائه؛ (آت).

(٢) لعل السر في تخصيص ملك الموت بالبشارة بالخلة كونه سببا للقاء الله سبحانه والوصول اليه وبالبشارة بالخلة يشتاق قلب الخليل إلى لقاء خليله ووصوله اليه؛ (في).

(٣) القطع: العمود؛ (في).

٢٩٤

شعر، قال: فوقف عليه إبراهيم (ع) وعجب منه وجلس ينتظر فراغه، فلما طال عليه حركه بيده فقال له: إن لي حاجة فخفف، قال: فخفف الرجل وجلس إبراهيم (ع)، فقال له إبراهيم (ع): لمن تصلي؟ فقال: لاله إبراهيم، فقال له: ومن إله إبراهيم، فقال: الذي خلقك وخلقني، فقال له إبراهيم (ع): قد أعجبني نحوك(١) وأنا احب أن أواخيك في الله، أين منزلك إذا أردت زيارتك ولقاء‌ك؟ فقال له الرجل: منزلي خلف هذه النطفة - وأشار بيده إلى البحر(٢) - وأما مصلاي فهذا الموضع تصيبني فيه إذا أردتني إن شاء الله.

قال: ثم قال الرجل لابراهيم (ع): ألك حاجة؟ فقال إبراهيم: نعم، فقال له: وما هي؟ قال: تدعو الله واؤمن على دعائك وأدعو أنا فتؤمن على دعائي، فقال الرجل: فبم ندعو الله؟ فقال إبراهيم (ع): للمذنبين من المؤمنين، فقال الرجل لا، فقال إبراهيم (ع): ولم؟ فقال: لاني قد دعوت الله عزوجل منذ ثلاث سنين بدعوة لم أر إجابتها حتى الساعة وأنا أستحيي من الله تعالى أن أدعوه حتى أعلم أنه قد أجابني، فقال إبراهيم (ع): فبم دعوته؟ فقال له الرجل: إني في مصلاي هذا ذات يوم إذ مر بي غلام أروع، النور يطلع من جبهته، له ذؤابة من خلفة(٣) ومعه بقر يسوقها كأنما دهنت دهنا وغنم يسوقها كأنما دخست دخسا(٤) فأعجبني ما رأيت منه فقلت له: يا غلام لمن هذا البقر والغنم؟ فقال لي: لابراهيم (ع)، فقلت: ومن أنت؟ فقال: أنا إسماعيل بن

____________________

(١) اي طريقتك في العبادة او مثلك.

(٢) قال الفيروز آبادي: النطفة بالضم: الماء الصافي، قل او كثر. وقال المطرزي: النطفة: البحر.

(٣) (اروع) قال الجوهري: الاروع من الرجال الذي يعجبك حسنه.

والذؤابة في اللغة: الناصية وهي شعر في مقدم الرأس وذؤابة كل شئ اعلاه ومنه (هو ذؤابة قومه) اي المقدم فيهم.

(٤) يقال: دهنه اي طلاه بالدهن وهو كناية عن سمنها اي ملئت دهنا او صفائها اي طليت به.

وقوله: (كانما دخست دخسا) في اكثر النسخ بالخاء المعجمة وفي بعضها بالمهملة قال الجوهري: الدخيس: اللحم المكتنز وكل ذي سمن دخيس، وقال الجزري: كل شئ ملاته فقد دحسته والدحاس الامتلاء والزحام؛ (آت).

٢٩٥

إبراهيم خليل الرحمن فدعوت الله عزوجل وسألته أن يريني خليله فقال له إبراهيم (ع): فأنا إبراهيم خليل الرحمن وذلك الغلام ابني فقال له الرجل عند ذلك: الحمد لله الذي أجاب دعوتي، ثم قبل الرجل صفحتي إبراهيم (ع) وعانقة، ثم قال: أما الآن فقم فادع حتى اؤمن على دعائك، فدعا إبراهيم (ع) للمؤمنين والمؤمنات والمذنبين من يومه ذلك(١) بالمغفرة والرضا عنهم، قال: وأمن الرجل على دعائه.

قال أبوجعفر (ع) فدعوة إبراهيم (ع) بالغة للمؤمنين المذنبين من شيعتنا إلى يوم القيامة.

٥٩٢ - علي بن محمد، عن بعض أصحابه رفعه قال: كان علي بن الحسين (ع) إذا قرأ هذه الآية "( وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا ) (٢) " يقول: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفه نعمة إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه، فشكر عزوجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره فجعل معرفته بالتقصير شكرا كما علم علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله إيمانا، علما منه أنه قد وسع العبار(٣) فلا يتجاوز ذلك فإن شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته وكيف يبلغ مدى عبادته ومن لا مدى له ولا كيف، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

٥٩٣ - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن عنبسة بن بجاد العابد، عن جابر، عن أبي جعفر (ع) قال: كنا عنده وذكروا سلطان

____________________

(١) اي إلى يوم القيامة كما هو الموجود في كتاب كمال الدين الصدوق؛ (آت).

(٢) النحل: ١٨.

(٣) القد: القدر.

وقوله (ايمانا) قال الفيضرحمه‌الله اشارة إلى قوله سبحانه:( والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ) قال امير المؤمنينعليه‌السلام : (ان الراسخين في العلم هم الذين اغناهم الله عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب، فلزموا الاقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب فمدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول مالم يحيطوا به علما وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا).

٢٩٦

بني أمية فقال أبوجعفر (ع): لا يخرج على هشام أحد إلا قتله، قال: وذكر ملكه عشرين سنة، قال: فجزعنا، فقال: مالكم إذا أراد الله عزوجل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بسير الفلك فقدر على ما يريد؟ قال: فقلنا لزيد (ع) هذه المقالة، فقال: إني شهدت هشاما ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسب عنده فلم ينكر ذلك ولم يغيره فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه.

٥٩٤ - وبهذا الاسناد، عن عنبسة، عن معلى بن خنيس قال: كنت عند أبي عبدالله (ع) إذ أقبل محمد بن عبدالله فسلم ثم ذهب فرق له أبوعبدالله (ع) ودمعت عيناه فقلت له: لقد رأيتك صنعت به ما لم تكن تصنع؟ فقال: رققت له لانه ينسب إلى أمر ليس له(٢) لم أجده في كتاب علي (ع) من خلفاء هذه الامة ولا من ملوكها.

٥٩٥ - علي بن إبراهيم رفعه قال: قال ابوعبدالله (ع) لرجل: ما الفتى عنكم؟ فقال له: الشاب، فقال: لا، الفتى: المؤمن، إن أصحاب الكهف كانوا شيوخا فسماهم الله عزوجل فتية بإيمانهم.

٥٩٦ - محمد، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير قال: سأل رجل أبا جعفر (ع) عن قول الله عزوجل: "( فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) (٣) " فقال: هؤلاء قوم كان لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية، وأموال ظاهرة، فكفروا بأنعم الله وغيروا ما بأنفسهم فأرسل الله عزوجل عليهم سيل العرم فغرق قراهم وأخرب ديارهم وأذهب بأموالهم وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي اكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل(٤) ثم قال الله عزوجل: "( ذلك جزيناهم بما كفروا

____________________

(١) هو محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن امير المؤمنينعليه‌السلام وقد مر بعض احواله في المجلد الاول ص ٣٥٨.

(٢) اي إلى الخلافة او إلى الملك والسلطنة؛ (آت).

(٣) سبأ: ١٩.

(٤) العرم: الجرذ الذكر، والمطر الشديد، وواد وبكل فسر قوله تعالى: سيل العرم. وقال الرازي: الاكل: الثمرة وأكل خمط اي مر بشع وقيل: الخمط كل شجر له شوك وقيل: الاراك. والاثل: الطرفاء وقيل: السدر لانه اكرم ما بدلوا به. والاثل والسدر معطوفان على اكل لا على خمط لان الاثل لا اكل له وكذا السدر؛ (آت).

٢٩٧

وهل نجازي إلا الكفور ) "

٥٩٧ - الحسين بن محمد الاشعري، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن أبي بصير، عن أحمد بن عمر قال: أبوجعفر (ع) وأتاه رجل فقال له: إنكم أهل بيت رحمة اختصكم الله تبارك وتعالى بها، فقال له: كذلك نحن والحمد لله لا ندخل أحدا في ضلالة ولا نخرجه من هدى إن الدنيا لا تذهب حتى يبعث الله عزوجل رجلا منا أهل البيت يعمل بكتاب الله لا يرى فيكم منكرا إلا أنكره.

تم كتاب الروضة من الكافي وهو آخره والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

أحمد الله سبحانه على ما من علي ووفقني لاتمام هذا الكتاب الكريم تصحيحا وتعليقا وضبطا وأشكره وأثني عليه جزيل عطائه وجميل فعاله إنه جواد كريم.

٢٩٨

الحاق

قد وعدنا في اول هذا المجلد ان نورد رسالة ابي عبداللهعليه‌السلام إلى اصحابه بتمامه عن كتاب الوافي في اخره وقد حان ان نفي بما وعدناه.

علي، عن ابيه، عن ابن فضال، عن حفص المؤذن، عن ابي عبداللهعليه‌السلام ، وعن ابن بزيع، عن محمد بن سنان، عن اسماعيل بن جابر، عن ابي عبداللهعليه‌السلام انه كتب بهذه الرسالة إلى اصحابه وامرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها وكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم فاذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها، وعن ابن سماعة عن جفقر بن محمد بن مالك الكوفي عن القاسم بن الربيع الصحاف عن اسماعيل بن مخلد السراج قال: خرجت هذه الرسالة من ابي عبداللهعليه‌السلام إلى اصحابه: بسم الله الرحمن الرحيم اما بعد فاسألوا الله ربكم العافية، وعليكم بالدعة(١) والوقار والسكينة، و عليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم، وعليكم بمجاملة أهل الباطل، تحملوا الضيم منهم، واياكم ومماظتهم(٢) ، دينوا فيما بينكم وبينهم إذا انتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلام فانه لا بد لكم من مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلام بالتقية التي أمركم الله أن تأخذوا بها(٣) فيما بينكم وبينهم فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم سيؤذونكم وتعرفون في وجوههم المنكر ولولا ان الله تعالى يدفعهم عنكم لسطوا بكم(٤) وما في صدورهم من العداوة والبغضاء اكثرمما يبدون لكم، مجالسكم ومجالسهم واحدة وارواحكم وارواحهم مختلفة لا تأتلف، لا تحبونهم أبدا ولا يحبونكم غير ان الله تعالى اكرمكم بالحق وبصركموه ولم يجعلهم من اهله فتجاملونهم وتصيرون عليهم وهم لا مجاملة لهم ولا صبر لهم على شئ من أموركم، تدفعون انتم السيئة بالتي هي أحسن فيا بينكم وبينهم تلتمسون بذلك وجه ربكم

____________________

(١) الدعة: خفض العيش والطمأنينة.

(٢) المجاملة: المعاملة بالجميل. والضيم: الظلم. والمماظة: بالمعجمة: شدة المنازعة والمخاصمة مع طول اللزوم.

(٣) (بالتقية) متعلق بدينوا وما بينهما معترض.

(٤) السطو: القهر بالبطش.

٢٩٩

بطاعته وهم لا خير عندهم، لا يحل لكم ان تظهروهم(١) على اصول دين الله فانه ان سمعوا منكم فيه شيئا عادوكم عليه ورفعوه عليكم(٢) وجاهدوا على هلاكهم واستقبلوكم بما تكرهون ولم يكن لكم النصف منهم في دول الفجار، فاعرفوا منزلتكم فيما بينكم وبين أهل الباطل فانه لا ينبغي لاهل الحق ان ينزلوا انفسهم منزلة اهل الباطل لان الله لم يجعل اهل الحق عنده بمنزلة اهل الباطل، ألم تعرفوا وجه قول الله تعالى في كتابه اذ يقول: (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الارض أم نجعل المتقين كالفجار) اكرموا انفسكم عن اهل الباطل فلا تجعلوا الله تعالى وله المثل الاعلى وامامكم ودينكم الذي تدينون به عرضة لاهل الباطل(٣) فتغضبوا الله عليكم فتهلكوا، فمهلا مهلا(٤) يا اهل الصلاح لا تتركوا امر الله وامر من امركم بطاعته فيغير الله ما بكم من نعمه، احبوا في الله من وصف صفتكم وابغضوا في الله من خالفكم وابذلوا مودتكم ونصيحتكم لمن وصف صفتكم(٥) ولا تبذلوها لمن رغب عن صفتكم وعاداكم عليها وبغا لكم الغوائل(٦) ، هذا ادبنا ادب الله فخذوا به وتفهموه و اعقلوه ولا تنبذوه وراء ظهوركم، ما وافق هداكم اخذتم به وما وافق هواكم اطرحتموه ولم تاخذوا به، واياكم والتجبر(٧) على الله واعلموا ان عبدا لم يبتل بالتجبر على الله الا تجبر على دين الله فاستقيموا لله ولا ترتدوا على اعقابكم فتنقلبوا خاسرين، اجارنا الله واياكم من التجبر على الله، ولا قوة لنا ولا لكم الا بالله.

وقال: ان العبد إذا كان خلقه الله في الاصل اصل الخلقة مؤمنا لم يمت حتى يكره الله اليه الشر ويباعده منه ومن كره الله اليه الشر وباعده منه عافاه الله من الكبر ان يدخله و الجبرية فلانت عريكته وحسن خلقه(٨) وطلق وجهه وصار عليه وقار الاسلام و

____________________

(١) اي ان تطلعوهم وفي بعض النسخ (تطلعوهم).

(٢) (رفعوه عليكم) اي رفعوه إلى ولاتهم لينالكم الضرر منهم.

(٣) عرضة اي معترضا بينكم وبينهم.

(٤) مهلا: اي امهلوا مهلا.

(٥) اي قال بقولكم ودان بدينكم.

(٦) اي طلب لكم الغوائل اي المهالك.

(٧) التجبر: التكبر ولعل المراد بالتحبر على الله عدم المبالاة باوامره ونواهيه سبحانه. والجبرية: الكبر والعطف للبيان.

(٨) العريكة: الطبيعة، يقال: فلان لين العريكة إذا كان سلسا مطاوعا منقادا قليل الخلاف والنفور.

٣٠٠