• البداية
  • السابق
  • 448 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 17246 / تحميل: 7395
الحجم الحجم الحجم
مقاتل الطالبيين

مقاتل الطالبيين

مؤلف:
العربية

فأقام بها إلى الليل، ثم دخل الكوفة ليلا، وجعل اصحابه ينادون: أيها الناس اجيبوا داعي الله حتى اجتمع اليه خلق كثير، فلما كان من غد مضى إلى بيت المال فأخذ ما فيه، ووجه إلى قوم من الصيارفة عندهم مال من مال السلطان فأخذه منهم، وصار إلى بني حمان وقد اجتمع اهله ثم جلس فجعل ابوجعفر محمد بن عبيدالله الحسني وهو المعروف بالادرع يساره ويعظم عليه امر السلطان، فبينماهم كذلك إذا عبدالله بن محمود قد اقبل وعنده جند مرتبون كانوا معه في طساسيج الكوفة، فصاح بعض الاعراب بيحيى: ايها الرجل انت مخدوع، هذه الخيل قد اقبلت.

فوثب يحيى فجال في متن فرسه، وحمل على عبدالله بن محمود فضربه ضربة بسيفه على وجهه، فولى منهزما وتبعه اصحابه منهزمين.

ثم رجع إلى اصحابه فجلس معهم ساعة ثم خرج إلى الوازار في عسكره ومضى منه إلى حنبلا.

وسار خبر يحيى بن عمر وانتهى إلى بغداد.

فندب له محمد بن عبدالله بن طاهر بن عمه الحسين بن إسماعيل، وضم اليه جماعة من القواد، منهم خالد بن عمران، وابوالسنا الغنوي، ووجه الفلس، وعبدالله بن نصر بن حمزة، وسعد الضبابي، فنفذوا اليه على كره، وكان هوى اهل بغداد مع يحيى، ولم يروا قط مالوا إلى طالبي خرج غيره.

فنفذ الحسين إلى الكوفة فدخلها واقام بها أياما مضى قاصدا يحيى حتى وافاه فأقام في وجهه ايام ثم ارتحل قاصدا القسين حتى نزل قرية يقال لها البحرية وكان على خراج تلك الناحية احمد بن علي الاسكافي.

وعلى حربها احمد بن الفرج الفزاري، فحصل احمد بن علي مال الخراج وهرب، وثبت ابن الفرج فناوش يحيى مناوشة يسيرة وولى عنه بعد ذلك، ومضى يحيى لوجهه يريد الكوفة فعارضه المعروف بوجه الفلس فقاتله قتالا شديدا، فانهزم عن يحيى فلم يتبعه.

ومضى وجه الفلس لوجهه حتى نزل شاهى، فصادف فيها الحسين بن إسماعيل فأقام بشاهى، واراحا وشربا الماء العذب وقويت عساكرهم وخيلهم.

واشار اصحاب يحيى عليه بمعالجة الحسين بن إسماعيل، وكان معهم رجل

٤٢١

يعرف بالهيضم بن العلاء العجلي فوافى يحيى في عدة من اهله وعشيرته، وقد تعبت خيلهم ورجالهم فصاروا في عسكره فحين التقوا كان اول ما انهزم الهيضم هذا.

وذكر قوم ان الحسين بن إسماعيل كان راسله في هذا واجمعا رأيهما عليه.

وقال قوم: بل انهزم للتعب الذي لحقه.

حدثني علي بن سليمان الكوفي، قال: حدثني ابي قال: اجتمعت انا والهيضم يوما فتذاكرنا أمر يحيى فحلف بالطلاق الثلاث انه لم يكن له في الهزيمة صنع، وإنما كان يحيى رجلا نزقا في الحرب، فكان يحمل وحده فيرجع فنهيته عن ذلك فلم يقبل، وحمل مرة كما كان يفعل فبصرت عيني به وقد صرع في وسط عسكرهم فلما رأيته قد قتل انصرفت بأصحابي.

رجع الحديث إلى رواية ابن عمار.

قال: فلما رأى يحيى هزيمة الهيضم لم يزل يقاتل مكانه حتى قتل، فأخذ سعد الضبابي رأسه، وجاء به إلى الحسين بن إسماعيل، وكانت في وجهه ضربات لم يكد يعرف معها، ولم يتحقق أهل الكوفة قتل يحيى، فوجه اليهم الحسين بن إسماعيل أباجعفر الحسني الذي تقدم ذكره يعلمهم انه قد قتل، فشتموه واسمعوه ما يكره وهموابه، وقتلوا غلاما له، فوجه اليهم أخا كان لابي الحسن يحيى بن عمر من أمه يعرف بعلي بن محمد الصوفي من ولد عمر بن علي بن ابي طالب، وكان رجلا رفيقا مقبولا، فعرف الناس قتل اخيه فضجوا بالبكاء والصراخ والعويل وانصرفوا وانكفأ الحسين بن اسماعيل إلى بغداد ومعه رأس يحيى بن عمر.

فلما دخل بغداد جعل أهلها يصيحون من ذلك إنكارا له ويقولون: إن يحيى لم يقتل، ميلا منهم اليه، وشاع ذلك حتى كان الغوغاء والصبيان يصيحون في الطرقات: ما قتل وما فر، ولكن دخل البر.

ولما أدخل رأس يحيى إلى بغداد اجتمع أهلها إلى محمد بن عبدالله بن طاهر يهنئونه بالفتح، ودخل فيمن دخل على محمد بن عبدالله بن طاهر، أبوهاشم داود بن(القاسم) الجعفري وكان ذا عارضة ولسان، لا يبالي ما استقبل الكبراء وأصحاب السلطان به.

٤٢٢

فحدثني أحمد بن عبيدالله بن عمار، وحكيم بن يحيى الخزاعي، قالا: دخل أبوهاشم على محمد بن عبدالله بن طاهر فقال: إيها الامير، قد جئتك مهنئا بما لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله حيا لعزى به، فلم يجبه محمد عن هذا بشئ وأمر محمد بن عبدالله حينئذ أخته ونسوة من حرمه بالشخوص إلى خراسان، وقال إن هذه الرؤس من قتلى أهل هذا البيت لم تدخل بيت قوم قط إلا خرجت منه النعمة وزالت عنه الدولة، فتجهزن للخروج.

قال ابن عمار في حديثه: وأدخل الاسارى من أصحاب يحيى إلى بغداد، ولم يكن فيما رؤى قبل ذلك من الاسارى أحد لحقه ما لحقهم من العسف وسوء الحال وكانوا يساقون وهم حفاة سوقا عنيفا فمن تأخر ضربت عنقه، فورد كتاب المستعين بتخلية سبيلهم فخلوا، الا رجلا يعرف باسحاق بن جناح كان صاحب شرطة يحيى ابن عمر فان محمد بن الحسين الاشناني حدثني: أنه لم يزل محبوسا حتى مات، فخرج توقيع محمد بن عبدالله بن طاهر(في أمره) يدفن الرجس النجس إسحاق بن جناح مع اليهود، ولا يدفن مع المسلمين، ولا يصلى عليه، ولا يغسل، ولا يكفن " فأخرج رحمه الله بثيابه ملفوفا في كساء قومسي على نعش حتى جاء‌وا به إلى خربة فطرح على الارض وألقى عليه حائط، رحمه الله تعالى.

وقد كان خرج مع يحيى بن عمر جماعة من وجوه أهل الكوفة وأولى الفضل منهم، فسمعت بعض مشايخنا من الكوفيين يذكر - وهو محمد بن الحسين - أن أبا محمد عبدالله بن زيدان البجلي خرج معه معلما، وكان أحد فرسان أصحابه.

وقد لقيته أنا وكتبت عنه، وكنت أرى فيه(من) الحذر والتوقى من كثير من الناس، ما يدل على صدق ما ذكر عنه.

وما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثى بأكثر مما رثى به يحيى(ولا قيل فيه الشعر بأكثر) مما قيل فيه.

٤٢٣

واتفق في وقت مقتله عدة شعراء مجيدون للقول(أولوا هوى) في هذا المذهب، الا أنني ذكرت بعض ذلك كراهية الاطالة.

فمنه قول علي بن العباس الرومي يرثيه، وهي من مختار ما رثى به، بل ان قلت انها عين ذلك والمنظور اليه لم أكن مبعدا، لولا أنه أفسدها بأن جاوز الحد وأغرق في النزع، تعدى المقدار بسب مواليه من بني العباس، وقوله فيهم من الباطل مالا يجوز لاحد أن يقوله، وهي:

أمامك فانظر أي تهيجك تتهج

طريقان شتى مستقيم وأعوج

ألا أيهذا الناس طال ضريركم

بآل رسول الله فاخشوا أو ارتجوا

أكل أوان للنبي محمد

قتيل زكي بالدماء مضرج

تبيعون فيه الدين شر أئمة

فلله دين الله قد كاد يمرج

لقد الحجوكم في حبائل فتنة

وللمحجوكم في الحبائل الحج

بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم

لبلواكم عما قليل مفرج

أما فيهم راع لحق نبيه

ولا خائف من ربه يتحرج

لقد عمهوا ما انزل الله فيكم

كأن كتاب الله فيهم ممجمج

ألا خاب من انساه منكم نصيبه

متاع من الدنيا قليل وزبرج

أبعد المكنى بالحسين شهيدكم

تضاء مصابيح السماء فتسرج

لنا وعلينا، لا عليه ولا له

تسجسج اسراب الدموع وتنشج

وكيف نبكي فائزا عند ربه

له في جنان الخلد عيش مخرفج

فإن لا يكن حيا لدينا فإنه

لدى الله حي في الجنان مزوج

وقد نال في الدنيا سناء وصية

وقام مقاما لم يقمه مزلج

شوى ما اصابت اسهم الدهر بعده

هوى ماهوى او مات بالرمل بحزج

٤٢٤

وكنا نرجيه لكشف عماية

بأمثاله امثالها تتبلج

فساهمنا ذو العرش في ابن نبيه

ففاز به والله اعلى وافلج

مضى ومضى الفراط من اهل بيته

يوم بهم ورد المنية منهج

فأصبحت لاهم ابسئوني بذكره

كما قال قبلي في البسوء مؤرج

ولا هو نساني أساي عليهم

بلى هاجه، والشجو للشجو اهيج

أبيت اذا نام الخلى كأنما

تبطن اجفاني سيال وعوسج

ايحيى العلا لهفي لذكراك لهفه

يباشر مكواها الفؤاد فينضج

أحين تراء‌تك العيون جلاء‌ها

واقذاء‌ها اضحت مراثيك تنسج

بنفسي وإن فات الفداء الفداء بك الردى

محاسنك اللاتي تمخ فتنهج

لمن تستجد الارض بعدك زينة

فتصبح في اثوابها تتبرج

سلام وريحان وروح ورحمة

عليك وممدود من الظل سجسج

ولا برح القاع الذي انت جاره

يرف عليه الاقحوان المفلج

ويا اسفي ألا ترد تحية

سوى ارج من طيب رمسك يأرج

ألا إنما ناح الحمائم بعدما

ثويت وكانت قبل ذلك تهزج

أذم اليك العين إن دموعها

تداعي بنار الحزن حين توهج

وأحمدها لو كفكفت من غروبها

عليك وخلت لاعج الحزن يلعج

وليس البكا ان تسفح العين إنما

أحر البكاء‌ين البكاء المولج

اتمنعني عيني عليك بعبرة

وانت الاذيال الروامس مدرج

فإن إلى ان يدفن القلب داء‌ه

ليقتلني الداء الدفين لاحوج

عفاء على دار ظعنت لغيرها

فليس بها للصالحين معرج

٤٢٥

ألا أيها المستبشرون بيومه

أظلت عليكم غمة لا تفرج

أكلكم أمسى اطمأن مهاده

بأن رسول الله في القبر مزعج

فلا تشتموا وليخسأ المرء منكم

بوجه كأن اللون منه اليرندج

فلو شهد الهيجا بقلب ابيكم

غداة التقى الجمعان والخيل تمعج

لاعطى يد العاني او ارمد هاربا

كما ارمد بالقاع الظليم المهيج

ولكنه ما زال يغشى بنحره

شبا الحرب حتى قال ذو الجهل اهوج

وحاشا له من تلكم غير انه

أبى خطه الامر التي هي اسمج

وأين به عن ذاك؟ لا اين إنه

اليه بعرقيه الزكيين محرج

كدأب علي في المواطن قبله

أبي حسن، والغصن من حيث يخرج

كأني به كالليث يحمي عرينه

واشباله لا يزدهيه المهجهج

كأني أراه والرماح تنوشه

شوارع كالاشطان تدلى وتخلج

كأني أراه إذ هوى عن جواده

وعفر بالترب الجبين المشجج

فحب به جسما إلى الارض إذ هوى

وحب بها روحا إلى الله تعرج

أأرديتم يحيى ولم يطو ايطل

طرادا ولم يدبر من الخيل منسج

تأتت لكم فيه منى السوء هينة

وذاك لكم بالغي اغرى والهج

تمدون في طغيانكم وضلالكم

ويستدرج المغرور منكم فيدرج

اجنوا بني العباس من شنآنكم

وشدوا على ما في العياب واشرجوا

وخلوا ولاة السوء منكم وغيهم

فأحر بهم ان يغرقوا حيث لججوا

نظار لكم ان يرجع الحق راجع

إلى اهله يوما فتشجوا كما شجوا

على حين لا عذري لمعتذريكم

ولا لكم من حجة الله مخرج

فلا تلقحوا الآن الضغائن بينكم

وبينهم إن اللواقح تنتج

٤٢٦

غررتم إذا صدقتم ان حالة

تدوم لكم والدهر لونان اخرج

لعل لهم في منطوى الغيث ثائرا

سيسمو لكم والصبح في الليل مولج

بمجر تضيق الارض من زفراته

له زجل ينفي الوحوش وهزمج

أذا شيم بالابصار أبرق بيضه

بوارق لا يسطيعهن المحمج

توامضه شمس الضحى فكأنما

يرى البحر في اعراضه يتموج

له وقدة بين السماء وبينه

تلم به الطير العوافي فتهرج

إذا كر في أعراضه الطرف اعرضت

حراج تحار العين فيها فتحرج

يؤيده ركنان ثبتان: رجلة

وخيل كأرسال الجراد واوثج

عليها رجال كالليوث بسالة

بأمثالهم بثنى الابى فيعنج

تدانوا فما للنفع فيهم خصاصة

تنفسه عن خيلهم حين ترهج

فلوا حصبتهم بالفضاء سحابة

لظل عليهم حصبها يتدحرج

كأن الزجاج اللهذميات فيهم

فتيل بأطراف الرديني مسرج

يود الذي لاقوه أن سلاحه

هنالك خلخال عليه ودملج

فيدرك ثار الله انصار دينه

ولله أوس آخرون وخزرج

وتظعن خوف السبي بعد إقامة

ظعائن لم يضرب عليهن هودج

ويقضي إمام الحق فيكم قضاء‌ه

تماما وما كل الحوامل تخدج

وقد كان في يحيى مذمر خطة

وناتجها لو كان في الامر منتج

هنالكم يشفي تبيغ جهلكم

إذا ظلت الاعناق بالسيف تودج

محضتكم نصحي وإني بعدها

لاعنق فيما ساء‌كم واهملج

٤٢٧

مه لا تعادوا غرة البغي بينكم

كما يتعادى شعلة النار عرفج

أفي الحق ان يمسوا خماصا وانتم

يكاد اخوكم بطنه يتبعج

تمشون مختالين في حجراتكم

ثقال الخطا اكفالكم تترجرج

وليدهم بادي الطوى ووليدكم

من الريف ريان العظام خدلج

تذودونهم عن حوضهم بسيوفكم

ويشرع فيه أرتبيل وابلج

فقد الجمتهم خيفة القتل عنكم

وبالقوم جاج في الحيازم حوج

بنفسي الالى كظتهم حسراتكم

فقد علزوا قبل الممات وحشرجوا

ولم تقنعوا حتى استثارت قبورهم

كلابكم منها بهيم وديزج

الديزج: الذي كان نبش قبر الحسين في أيام المتوكل، ونبق فيه الماء، ومنع الناس الزيارة إلى أن قتل المتوكل:

وعيرتموهم بالسواد ولم يزل

من العرب الامحاص أخضر أدعج

ولكنكم زرق يزين وجوهكم

بنى الروم، ألوان من الروم نعج

لئن لم تكن بالهاشميين عاهة

لما شكلكم تالله إلا المعلهج

بآية ألا يبرح المرء منكم

يكب على حر الجبين فيعفج

يبيت إذا الصهباء روت مشاشه

يساوره علج من الروم أعلج

فيطعنه في سبة السوء طعنة

يقوم لها من تحته وهو أفحج

لذاك بني العباس يصبر مثلكم

ويصبر للموت الكمي المدجج

فهل عاهة إلا كهذي وإنكم

لاكذب مسئول عن الحق يلهج

فلا تجلسوا وسط المجالس حسرا

ولا تركبوا إلا ركائب تحدج

أبى الله إلا أن يطيبوا وتخبثوا

وأن يسبقوا بالصالحات ويفلجوا

وان كنتم منهم وكان أبوكم

أباهم فإن الصفو بالرنق يمزج

٤٢٨

أروني امرأ منهم يزن بأبنة

ولا تنطقوا البهتان والحق أبلج

لعمري لقد أغرى القلوب ابن طاهر

ببغضائكم ما دامت الريح تتأج

سعى لكم مسعاة سوء ذميمة

سعى مثلها مستكره الرجل أعرج

فلن تعدموا ما حنت النيب فتنة

تحش كما حشى الحريق المؤجج

وقد بدأت لو تزجرون بريحها

بوائجها من كل أوب تبوج

بني مصعب ما للنبي وأهله

عدو سواكم أفصحوا أو فلجلجوا

دماء بني عباسكم وعليهم

لكم كدماء الترك والروم تهرج

يلي سفكها العوران والعرج منكم

وغوغاء‌كم جهلا بذلك تبهج

وما بكم أن تنصروا أولياء‌كم

ولكن هنات في الصدور تأجج

ولو أمكنتكم في الفريقين فرصة

لقد أظهرت أشياء تلوي وتحنج

إذن لاستقدتم منهما وتر فارس

وإن ولياكم فالوشائج أوشج

أبى أن تحبوهم يد الدهر ذكركم

ليالي لا ينفك منكم متوج

وإنى على الاسلام منكم لخائف

بوائق شتى بابها الآن مرتج

وفي الحزم أن يستدرك الناس أمركم

وحبلهم مستحكم العقد مدمج

نظار فإن الله طالب وتره

بني مصعب لن يسبق الله مدلج

لعل قلوبا قد أطلتم غليلها

ستظفر منكم بالشفاء فتثلج

وقال علي بن محمد بن جعفر العلوي يذكر دخولهم على محمد بن عبدالله بن طاهر في التهنئة:

قتلت أعز من ركب المطايا

وجئتك أستلينك في الكلام

وعز علي أن ألقاك إلا

وفيما بيننا حد الحسام

ولكن الجناح إذا أهيضت

قوادمه يدف علي الاكام

٤٢٩

وقال ايضا يرثى يحيى:

تضوع مسكا جانب القبر إن ثوى

وما كان لولا شلوه يتضوع

مصارع اقوام كرام اعزة

ابيح ليحيى الخير في القوم مصرع

وقال أيضا يرثيه:

فان يك يحيى ادرك الحتف يومه

فما مات حتى مات وهو كريم

وما مات ختى قال طلاب نفسه: سقى الله يحيى إنه لصميم

فتى آنست بالروع والبأس نفسه

وليس كمن لاقاه وهو سنوم

فتى غرة لليوم وهو بهيم

ووجه لوجه الجمع وهو عظيم

لعمروا ابنه الطيار إذ نتحت به

له شيم لا تجتوى ونسيم

لقد بيضت وجه الزمان بوجهه

وسرت به الاسلام وهو كظيم

فما انتجبت من مثله هاشمية

ولا قلبته الكف وهو فطيم

حدثني احمد بن عبيدالله بن عمار(الثقفي)، قال: حدثنا محمد بن احمد الحر قال حدثنا محمد بن الحسين بن السميدع، قال: قال لي عمي: ما رأيت رجلا أورع من يحيى بن عمر، أتيته فقلت له: يابن رسول الله، لعل الذي حملك على هذا الامر الضيقة، وعندي ألف دينار ما أملك سواها فخذها فهي لك، وآخذ لك من إخوان لي ألف دينار آخر قال: فرفع رأسه ثم قال: فلانة بنت فلان، يعني زوجته - طالق ثلاثا، إن كان خروجي إلا غضبا لله عزوجل: فقلت له: امدد يدك، فبايعته وخرجت معه.

٤٣٠

الحسين بن محمد بن حمزة

والحسين بن محمد بن حمزة بن عبدالله بن الحسين بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب ويعرف بالحرون.

خرج بالكوفة بعد يحيى بن عمر، فوجه اليه المستعين مزاحم بن خاقان في عسكر عظيم، فلما قارب الكوفة خرج الحسين الحرون عنها وخالفه الطريق حتى صار إلى سر من رأى، وقد بويع المعتز فبايع له وانصرف مزاحم عن الكوفة.

فمكث الحسين الحرون مدة ثم هرب، واراد الخروج ثانية فرد وحبس بضع عشرة سنة، فأطلقه المعتمد بعد ذلك في سنة ثمان وستين ومائتين.

فخرج ايضا بسواد الكوفة، فعاد وافسد فظفر به في آخر سنة تسع وستين ومائتين، فحمل إلى الموقف فحبسه بواسط فمكث في محبسه سنة سبعين وإحدى وسبعين، ثم توفى، فأمر الموفق بدفنه والصلاة عليه.

ولم يكن ممن يحمد مذهبه في خروجه فنسوق خبره، ولقد رأيت جماعة من الكوفيين يعيرون من خرج معه بذلك ويسبونه به.

٤٣١

محمد بن جعفر بن الحسن

ومحمد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب عليه السلام كان خليفة الحسين الحرون، فخرج بعده بالكوفة، فكتب اليه ابن طاهر بتوليته الكوفة، وخدعه بذلك، فلما تمكن بها اخذه خليفة أبي الساج فحمله إلى سر من رأى، فحبس بها حتى مات.

وكان معه في وقت خروجه رجل من ولد محمد بن الحنفية لم يقع إلى نسبه، فلما اخذ هرب إلى ناحية أرمينية فقتله غلمانه بها

٤٣٢

اسماعيل بن يوسف

وخرج في هذه الايام: إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبدالله ابن الحسن بن الحسن، فعاث وأفسد، وعرض للحجاج، وتبعه امثال له، وقطع الميرة عن الحرم، وكرهت ذكره، إذ كان غرضي غير ذلك.

٤٣٣

الحسن بن يوسف

وقتل في هذه الايالة أخوه: الحسن بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن وأمه ام سلمة بنت محمد بن عبدالله بن موسى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن، في حرب كانت بين اخيه إسماعيل وبين اهل مكة، أصابه سهم فقتله.

٤٣٤

جعفر بن عيسى

وقتل في هذه الواقعة أيضا: جعفر بن عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب.

وامه أم ولد.

٤٣٥

أحمد بن عبدالله

وقتل عبدالرحمن خليفة أبي الساج بمكة: أحمد بن عبدالله بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي.

عيسى بن إسماعيل

وتوفي في الحبس: عيسى بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي ابن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب.

وأمه فاطمة بنت سليمان بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيدالله.

كان ابوالساج حمله فحبس بالكوفة فمات هناك.

٤٣٦

جعفر بن محمد

وقتل بالري: جعفر بن محمد بن جعفر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين، في وقعة كانت بين احمد بن عيسى بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين ابن علي بن ابي طالب، وبين عبدالله بن عزيز، عامل محمد بن طاهر بالري.

٤٣٧

ابراهيم بن محمد

وقتل: إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن عبيدالله بن الحسن بن عبدالله بن العباس بن علي.

وأمه أم ولد.

قتله طاهر بن عبدالله في وقعة كانت بينه وبين الكوكبي بقزوين.

أحمد بن محمد

وحبس الحرث بن اسد عامل ابي الساج بالمدينة: احمد بن محمد بن يحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب في دار مروان، فمات في محبسه.

٤٣٨

علي بن زيد بن الحسين

فممن خرج في هذه الايام: علي بن زيد بن الحسين بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

وأمه بنت القاسم بن عقيل بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب.

كان خروجه بالكوفة، بايعه نفر من عوامها واعرابها.

ولم يكن للزيدية واهل الفضل والوجوه فيه هوى، ورأيت من شاهده منهم ذامين لمذهبه.

فوجه اليه المهتدي الشاه بن المكيال في عسكر ضخم، وذلك قبل خروج الناجم بالبصرة.

فحدثني علي بن سليمان الكوفي، قال: قال لي ابي: كنا مع علي بن زيد ونحن زهاء مائتى فار نازلين ناحية من سواد الكوفة، وقد بلغنا خبر الشاه بن المكيال ونحن معه نحيون، فقال لنا علي بن زيد: إن القوم لا يردون غيري، فاذهبوا، انتم في حل من بيعتي، فقلنا: لا والله لا نفعل هذا ابدا، فأقمنا معه، ووافانا الشاه في جيش عظيم لا يطاق، فدخلنا من رعبه أمر عظيم.

فلما رأى ما لحقنا من الجزع قال لنا: اثبتوا وانظروا ما اصنع، فثبتنا وانتضى سيفه، ثم قنع فرسه وحمل في وسطهم يضربهم يمينا وشمالا، فأفرجوا له حتى صار خلفهم وعلا على تلعة فلوح الينا، ثم حمل من خلفهم فأفرجوا له حتى عاد إلى موقعه، ثم قال لنا: ما تجزعون من مثل هؤلاء.

ثم حمل ثانية ففعل مثل ذلك وعاد الينا، وحمل الثالثة وحملنا معه فهزمناهم اقبح هزيمه، فكانت هذه قصته، إلا ان اهل الكوفة لم يخفوا معه لما لحقهم في ايام يحيى بن عمر من القتل والاسر.

٤٣٩

محمد بن القاسم

ونجم الناجم بالبصرة.

فخرج اليه علي بن زيد ومعه جماعة من الطالبيين منهم: محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب.

وامه لبابة بنت محمد ابن إبراهيم بن الحسن بن عبيدالله.

طاهر بن أحمد بن القاسم

وطاهر بن احمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن ابي طالب.

وكانوا مع علي بن زيد في معسكر الناجم، فلما تبين علي بن زيد امره ودعوته وما هو عليه كان يستميل قواده ويعرفهم خبره ويدعوهم إلى نفسه، فبلغ الناجم خبره فدعا به والاثنين الآخرين فضرب اعناقهم صبرا.

وهذا مما جرى في أيام المعتمد إلا ان خروجه كان في ايام المهتدي فذكرناه فيها.

٤٤٠