بن يزيد، فيه(١) ، وفي التهذيب(٢) .
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٣) .
ابن عَمْرو بن حَزْم الأَنْصَارِي، المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٥) .
روى عن أبيه عن الرضاعليهالسلام يروي عنه: الشيخ الجليل الصفْواني كما في من لم يرو عنهمعليهمالسلام (٦) .
__________________
(١) لم نقف على روايته في الكافي بل في تهذيب الأحكام ٧: ١٥٨ / ٧٠٠ وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري)
(٢) تهذيب الأحكام ١: ٤٦٩ / ١٥٣٨، وفيه: (يعقوب بن يزيد عن الغفاري) وانظر رواية التهذيب في الهامش السابق أيضاً.
(٣) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥١.
(٤) في الحجرية كلمة: (بن) لم ترد، ومثله في: مجمع الرجال ٣: ٢٥٧ ونقد الرجال: ١٩٣، والصحيح ما في الأصل ظاهراً، لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ١٩٧، وجامع الرواة ١: ٤٦٦، ومنتهى المقال: ١٨٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٢، ومعجم رجال الحديث ١٠: ٨٦ والمصدر، وتهذيب الكمال ١٤: ٣٤٩ / ٣١٩٠، والجرح والتعديل للرازي ٥: ١٧ / ٧٧، وتهذيب التهذيب ٥: ١٤٥ / ٢٨١.
(٥) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٣٠، وذكره الشيخ أيضاً في أصحاب الإمام السجادعليهالسلام : ٩٦ / ٩، قائلاً: (عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني توفي بالمدينة سنة عشرين ومائة كنيته اسمه)
(٦) رجال الشيخ: ٤٨٤ / ٤٨.
عنه: أحمد بن محمّد بن عيسى، في النجاشي، في ترجمة ابنه سعد(١) ، وفي التهذيب، في باب حكم المسافر والمريض في الصيام(٢) ، وفي الإستبصار، في باب المسافة التي يجب فيها التقصير(٣) .
من أصحاب أمير المؤمنينعليهالسلام (٤) ، وهو الذي دعا له رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يوم حملت به امّه، كذا في الخلاصة، في القسم الأول(٥) .
وقال القاضي نعمان المصري في شرح الأخبار في عداد من كان مع أمير المؤمنينعليهالسلام بصفين: وعبد الله بن أبي طلحة، وهو الذي دعا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لأبيه في حمل امّه به، فقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما ».
والخبر في ذلك أن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أُمّ أنس ابن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أُمّ أنس من أَفضل نساء الأنصار، لمـّا قدم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة مهاجراً أَهدى إِليه المسلمون على مقاديرهم، فأتت إليه أُمّ أنس بأنس، فقالت: يا رسول الله أَهدى إليك الناس على مقاديرهم، ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أَنس يخدم النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم .
__________________
(١) رجال النجاشي: ١٧٧ / ٤٦٧.
(٢) تهذيب الأحكام ٤: ٢٢٤ / ٦٥٩.
(٣) الاستبصار ١: ٢٢٦ / ٨٠٣.
(٤) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٥.
(٥) رجال العلاّمة: ١٠٤ / ٦.
وكان [لأمّه(١) ] من أبي طلحة غلام قد ولدته منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل، ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه، وافتقده، فمات الغلام يوماً من ذلك، ولم يعلم أبو طلحة بموته، وعمدت امّه فسجّته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة فذهب لينظر اليه، فقالت له امّه: دعه، فإنه قد هدأ واستراح، وكتمته أمره فسرّ أبو طلحة بذلك، وآوى إلى فراشه وآوت، وأصاب منها، فلما أصبح قالت: يا أبا طلحة أرأيت قوماً أعارهم بعض جيرانهم عارية فاستمتعوا بها مدّة ثم استرجع العارية أهلها فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إيّاها من عندهم ما حالهم؟ قال: مجانين، قالت: فلا نكون نحن من المجانين، إنَّ ابنك قد(٢) هلك، فتعزّ عنه بعزاء الله، وسلم إليه، وخذ في جهازه.
فأَتى أبو طلحة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم فأَخْبَره الخبر، فتعجب النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم من أَمْرِها! ودعا لها، وقال: « اللهم بارك لهما في ليلتهما » فحملت تلك الليلة من أبي طلحة بعبد الله هذا، فلمّا وضعته لفّته في خرقة، وأرسلت به مع ابنها أَنس إلى النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فحنّكه ودعا له، وكان من أفضل أبناء الأنصار(٣) .
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٤) .
__________________
(١) أثبتناه من المصدر، لأن السياق يقتضيه، والضمير يعود إلى أنس.
(٢) لم ترد (قد) في الحجرية.
(٣) شرح الأخبار في فضائل الأئمة الأطهار: ٢ / ٢٦ ٢٧.
(٤) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠٠.
من أصحاب الصادقعليهالسلام (١) .
الذي إليه ينتهي تمام طرق الصحيفة المباركة، المعروفة بصحيفة الرضاعليهالسلام وقد مرّ كثير منها في الفائدة الثانية، ومرّ أَنّها من الأصول المعتبرة، التي أخرجت أخبارها شيوخ الطائفة في مجاميعهم، بطرقهم التي تنتهي إليه عن أبيه عن الرضاعليهالسلام (٢) . ومنه يعلم أنه ثقة مسكون إليه.
مولى بني عقيل، كُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٤) .
الهَاشِمِيّ، المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٥) .
يروي عنه ثقة الإسلام بتوسط شيخه الجليل علي بن محمّد كثيراً(٦) .
__________________
(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٩.
(٢) مرَّ في خاتمة المستدرك في الفائدة الثانية ١: ٢١٧ (الطبعة المحققة)
(٣) كلمة (بن) لم ترد في الأصل والحجرية، والصحيح كما أثبتناه من المصدر لأنه الموافق لكتب الرجال: رجال الشيخ ومنهج المقال: ١٩٩، ومجمع الرجال ٣: ٢٦٥، ونقد الرجال: ١٩٤، وتنقيح المقال ٢: ١٦٨، ومعجم رجال الحديث ١٠: ١١٠.
وما في جامع الرواة ١: ٤٧١ موافق لما في الأصل والحجرية.
(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٦.
(٥) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٢.
(٦) الكافي ٣: ٣٩٧ ٣٩٩ / ٢، ٣، ٥، ١١.
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٢) عنه: زكريا المؤمن.
مولى آل عمرو بن هِلال الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٣) .
الأخْنَسِيَّ، الكُوفِي، أسْنَدَ عَنْهُ، مات سنة ثمان وثمانين ومائة، وهو ابن سبعين، أو إحدى وسبعين سنة، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٤) .
في الوجيزة(٥) ، والبلغة(٦) : ممدوح. وفي التهذيب: علي بن الحسين، عن سعد، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد ابن أبي نصر، عن الحسين بن موسى، عن جعفر بن عيسى، قال: قَدِمَ أبو عبد اللهعليهالسلام مكّة، فسألني عن عبد الله بن أَعْيَن؟ فقلت: مات. إلى أنْ قال: فرفععليهالسلام يديه يدعو، واجتهد في الدعاء، وترحّم عليه(٧) . كذا في نسختي، وهي صحيحة جدّاً، وكذا في نسخ جماعة، إلاّ أَنّ بعضهم نقله عنه، وفيه بدل عبد الله: عبد الملك(٨) ، وعليه أخرجناه في ترجمته، ثم
__________________
(١) في حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (راشد نسخة بدل)
(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٨.
(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٥.
(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٢.
(٥) الوجيزة: ٢٩.
(٦) بلغة المحدثين: ٣٧٥ / ١٦، وفيها: ثقة.
(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٠٢ / ٤٧٢.
(٨) منهم الأسترآبادي في منهجه: ٢١٥، والوحيد في تعليقته على المنهج: ٢١٥، والسيد التفريشي في نقد الرجال: ٢١١، وأبو علي الحائري في المنتهى: ١٨٥.
احْتمل الاشتباه، بل رام(١) إلى الحكم [بعدم(٢) ] وجود عبد الله! وهو ضعيف.
ففي الكافي، في باب ميراث أهل الملل، بإسناده: عن موسى بن بكر، عن عبد الله بن أَعْيَن، قال: قلت لأبي جعفرعليهالسلام (٣) . الخبر.
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٥) .
مولاهم، الكوفي، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٦) .
روى عن أبي بصير [والرجل(٧) ] ضعيف، مُرتفع القول، كذا في الخلاصة(٨) تبعاً للغضائري كما يظهر من النقد(٩) .
__________________
(١) فاعل احتمل بالبناء للمعلوم - (ورام) ضميره مستتر تقديره هو يعود إلى البعض المذكور قبله.
(٢) في الأصل والحجرية: (بعد)، وما بين العضادتين هو الصحيح لاشتباه البعض المذكور بعدم وجود عبد الله كما هو صريح كلامهم، فلاحظ.
(٣) الكافي ٧: ١٤٣ / ٤.
(٤) في المصدر بدل السكوني: (الكوفي)، ومثله في: حاشية الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: في (نسخة بدل)
(٥) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٣٥.
(٦) رجال الشيخ: ٢٢٦ / ٥٢.
(٧) في الأصل والحجرية: (والرجال)، ومثلهما في: نقد الرجال: ١٩٤، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٦٦ كلاهما عن الغضائري وجامع الرواة ١: ٤٧٢ عن رجال العلاّمة وابن داود وما بين المعقوفتين أثبتناه من: رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤، وابن داود: ٢٥٣ / ٢٦٤، وهو الصحيح فلاحظ.
(٨) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٤.
(٩) نقد الرجال: ١٩٤.
وفيه مضافاً إلى ضَعف تضعيفاته من وجوه: أنَّ رواية الأجلَّة عنه كثيراً تكشف عن استقامته ووثاقته، فروى عنه: الحسين بن سعيد في التهذيب، في باب حكم الجنابة(١) ، وفي باب حكم الحيض(٢) ، وفي باب صلاة العيدين، من أبواب الزيادات(٣) ، وفي الإستبصار، في باب تحريم السَّمك الطافي(٤) ، وفي الكافي، في باب ضمان ما يفسده البهائم(٥) والعباس بن معروف(٦) ، ومحمّد بن الحسين(٧) ، والحسن بن علي بن النعمان(٨) ، ومحمّد بن خالد(٩) .
رسول رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم مع أخويه عبد الرحمن ومحمّد إلى اليمن، وفي الكشي عدّه من التابعين، ورؤسائهم، وزهّادهم(١٠) ، وهو من شهداء صفين بعد ان أبلي بلاءً حسناً لم ير مثله.
وروى نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن (عبد الله بن كعب)(١١) قال: لما قتل عبد الله بن بُدَيل(١٢) يوم صِفِّين، مرّ به
__________________
(١) تهذيب الأحكام ١: ١٢٩ / ٣٥٥.
(٢) تهذيب الأحكام ١: ١٨١ / ٥١٨.
(٣) تهذيب الأحكام ٣: ١٣٢ / ٢٨٩.
(٤) الاستبصار ٤: ٦١ / ٤.
(٥) الكافي ٥: ٣٠٢ / ٣.
(٦) تهذيب الأحكام ٢: ١١٣ / ٤٢٣.
(٧) تهذيب الأحكام ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.
(٨) الاستبصار ٤: ١٥٨ / ٥٩٩.
(٩) أُصول الكافي ١: ١٠٤ / ٤.
(١٠) رجال الكشي ١: ٢٨٦ / ١٢٤.
(١١) في المصدر: عبد الرحمن بن عبد الله، وفي هامشه عن شرح ابن أبي الحديد: عبد الرحمن بن كعب.
(١٢) في المصدر: (أن عبد الله بن كعب قتل يوم صفين)، وفي هامشه: (في ح [أي شرح ابن أبي الحديد]: عبد الله بن بديل)
الأسود بن طُهَمان الخُزاعي(١) وهو بآخر رمق فقال: رحمك الله يا عبد الله، إن كان جارك لنا من سوابقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيراً، أوصني رحمك الله قال: أُوصيك بتقوى الله، وأَن تناصح أمير المؤمنينعليهالسلام ، وتقاتل معه، حتّى يظهر الحق، أَو تلحق بالله، وأَبْلِغْ أمير المؤمنينعليهالسلام مني السلام، وقال: قاتل على المعركة، حتّى تجعلها ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب، ثم لم يلبث أن مات، فأقبل الأسود إلى عليعليهالسلام فأخبره، فقال:رحمهالله ، جاهد عدونا في الحياة، ونصح لنا في الوفاة(٢) .
وفي شرح الأخبار للقاضي نعمان المصري في ذكر من كان معهعليهالسلام بصفين: وعبد الله(٣) بن بديل الخزاعي، الذي بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، قتل يوم صفين في ثلاث ألف رجل، انفردوا للموت، فقتلوا من أهل الشام نحواً من عشرين ألفاً، ولم يزالوا يقتل منهم الواحد بعد الواحد، حتّى قتلوا عن آخرهم، قال: وعبد الله بن بديل من الذين وصفهم الله تعالى بقوله:( وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذا ما أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ ) (٤) (٥) الآية.
__________________
(١) في المصدر: (فمرّ به الأسود بن قيس)، وفي هامشه: (في ح: الأسود بن طهمان الخزاعي)
(٢) وقعة صفين: ٤٥٦، مع اختلاف يسير.
(٣) في المصدر: (عبد الرحمن)
(٤) التوبة: ٩ / ٩٢.
(٥) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ٣٢.
من أصحاب الصادقعليهالسلام (١) .
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٢) .
الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٤) .
يروي عنه علي بن الحكم(٥) .
في الخلاصة: كان جليلاً، قليل الرواية(٦) ، وأُمّه أسماء بنت عُمَيْس، وزوجته زينب بنت عمة أمير المؤمنينعليهالسلام ، وفضائله كثيرة، مشهورة، يروي عنه سُلَيم بن قَيْس(٧) .
وفي شرح الأخبار: عن محمّد بن سلام، بإسناده عن عون بن عبد الله، عن أبيه وكان كاتباً لعليعليهالسلام أنّه سئل عن تسمية من شهد مع عليعليهالسلام حروبه. إلى أن قال: قال: عبد الله بن جعفر الذي قال له
__________________
(١) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ١٩.
(٢) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٠.
(٣) في الحجرية وحاشية الأصل (بكير) ومثله في: مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٠، ونقد الرجال: ١٩٥، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٢، وعن بعض النسخ في: منهج المقال، وجامع الرواة ورجال الشيخ.
(٤) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤١، وفيه: بكير وفي بعض نسخه: بكر.
(٥) أُصول الكافي ٢: ١٣٥ / ٢.
(٦) رجال العلاّمة: ١٠٣ / ٢.
(٧) أُصول الكافي ١: ٤٤٤ / ٤.
رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : إِنَّ أَباك أشبه خلقه خلقي، وقد أشبهت خلق أبيك(١) .
المـَدَنِيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٢) .
المـَدَنِيّ، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٤) .
المـَدَنِيّ، أسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٥) .
عدّه البرقي مع أخيه رَباح في رجاله من خواص أصحاب أمير المؤمنينعليهالسلام من ربيعة(٦) .
كسابقه(٧) .
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٨) .
__________________
(١) شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار: ٢ / ١٧.
(٢) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٤.
(٣) كذا في الحجرية وحاشية الأصل (في نسخة بدل)، وهو الموافق لما في مجمع الرجال: ٣ / ٢٧٤، وفي الأصل وفوق الكلمة في متن الحجرية: (المخزومي) وأكثر كتب الرجال أشارت إلى الاسمين.
(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٦.
(٥) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٦.
(٦) رجال البرقي: ٥.
(٧) رجال البرقي: ٥.
(٨) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨١.
الكُوفِيّ، المـَدَنيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٢) عنه: خلف بن حماد(٣) .
ابن الحَسَن بن الحَسَن، الحَسَنيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٤) .
ابن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام)، أبو محمّد، هَاشِمي، مَدَني، تابعي، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٥) هذا هو عبد الله والد محمّد الدّاعي المقتول، الملقب بالنفس الزَّكيّة، وقد ورد في عبد الله بعض الطعُون، إلاّ أنّ فيما كتبه أبو عبد اللهعليهالسلام إليه حين حمل هو وأهل بيته يعزّيه عمّا صار إليه ما يدفعها، وأوّله:
بسم الله الرحمن الرحيم، إلى الخلف الصالح، والذريّة الطيبة من ولد أخيه وابن عمه. إلى آخر ما تقدم في باب استحباب الصبر على البلاء من كتاب الطهارة(٦) ، فلاحظ.
__________________
(١) في المصدر: (بن جميع)، وما في الأصل هو الصحيح لأنه الموافق لما في: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٢٧٧، ونقد الرجال: ١٩٧، وجامع الرواة: ١ / ٤٨١، وتنقيح المقال: ٢ / ١٧٩.
(٢) رجال الشيخ: ٢٢٩ / ١٠١.
(٣) تهذيب الأحكام ٦: ٣٤ / ٦٩.
(٤) رجال الشيخ: ٢٢٣ / ١٠.
(٥) رجال النجاشي: ٢٢٢ / ١، وذكره كذلك في أصحاب الإمام الباقرعليهالسلام : ١٢٧ / ٣ قائلاً: شيخ الطالبين رضى الله عنه.
(٦) مستدرك الوسائل ٢: ٤١٦.
أخو محمّد بن الحسن الفقيه، من أصحاب الصادقعليهالسلام (١) .
الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٢) .
المتكرر في الأسانيد، والذي ظهر لنا بعد التأمل هو: عبد الله بن الحسن بن علي بن الإمام جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) العُرَيْضي.
وهو من مشايخ الشيخ الجليل عبد الله بن جعفر الحميري، وعليه اعتمد في طريقه إلى كتاب علي بن جعفرعليهالسلام ، قال في أوّل باب قُرب الاسناد إلى أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): حدّثنا عبد الله بن الحسن العلوي، عن جدّه علي بن جعفر، قال: سألت أخي. إلى آخره(٣) ، وساق جميع ما في الكتاب مرتباً على الأبواب بهذا السند.
ويروي عنه ثقة الإسلام مكرراً(٤) بتوسط: محمّد بن الحسن الصفار(٥) على المشهور والمختار بن محمّد بن المختار(٦) ، وعنه: فضيل بن عثمان(٧) ، ويحيى بن عمران الحلبي(٨) ، ويحيى بن مهران(٩) ، ومحمّد بن أحمد
__________________
(١) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٨.
(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٥.
(٣) قرب الاسناد: ١٧٦ / ٦٤٦.
(٤) في الحجرية: (متكررا)
(٥) الكافي ٥: ٤٦٤ / ٣، الكافي ٧: ٢٩٤ / ١٦.
(٦) أُصول الكافي ١: ١٠٧ / ٣.
(٧) تهذيب الأحكام ٣: ٢٦٣ / ٧٤٥.
(٨) الكافي ٣: ٣١ / ٢، وفيه: (عبيد الله بن الحسن)
(٩) تهذيب الأحكام ٦: ٣٦١ / ١٠٣٦.
العلوي(١)
من مشايخ علي بن الحسين بن بابويه، وعليه اعتمد هو وولده في رواية كتب إبراهيم الثَّقفي كما مرّ في شرح المشيخة(٣) .
الهَمْدَانِيّ، المـَشَاعِرِي، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٤) .
ذكره الشيخ في أصحاب العسكريعليهالسلام (٥) ، وفي الكشي في رجال الرضاعليهالسلام ومن كتاب له إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: وبعد فقد رضيت لكم إبراهيم بن عبدة(٦) . إلى أن قال: ورحمهم وإيّاك معهم برحمتي لهم والله واسع كريم(٧) .
من أصحاب أمير المؤمنينعليهالسلام (٨) وكان عامله في النَّهروان، وقتله
__________________
(١) تهذيب الأحكام ٨: ١٩ / ٦٠، وفيه: (عبد الله بن الحسن عن جده عن علي بن جعفر)، الظاهر (عن) الثانية زيادة، والصحيح: (عن جده علي بن جعفر) كما ورد في أسانيد قرب الاسناد السابقة الذكر، وأيضاً كما أشار إليه المصنفقدسسره في كلامه بعد التأمل، فلاحظ.
(٢) ما بين المعقوفين لم يرد في الأصل فقد أثبتناه من الحجرية ولأنه الموافق لكتب الرجال: منهج المقال: ٢٠٢، ومجمع الرجال: ٣ / ٣٧٨، ونقد الرجال: ١٩٧ وغيرها.
(٣) تقدم في الجزء الرابع صحيفة: ٢١، الطريق رقم: [١٠].
(٤) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧١.
(٥) رجال الشيخ: ٤٣٢ / ٥.
(٦) في الحجرية: (عبيدة)
(٧) رجال الكشي ٢: ٨٤٨ / ١٠٨٩.
(٨) رجال الشيخ: ٥٠ / ٦٢ مع زيادة (قتله الخوارج قبل وقعة النهروان)
الخوارج في أول خروجهم فوق خنزير ذبحوه، وقالوا: والله ما ذبحنا لك ولهذا الخنزير إلاّ واحداً، وبقروا(١) بطن زوجته وهي حامل وذبحوها، وذبحوا طفله الرضيع فوقه، ولمـّا التقى الجمعان، استنطقهم عليٌّعليهالسلام بقتل عبد الله، فأقرّوا كلّهم كتبية بعد كتبية، فقالعليهالسلام : لو أقرّ أهل الدنيا كلّهم بقتله هكذا وأنا اقدر على قتلهم به لقتلتهم(٢) .
يكنى أبا العَرِيف، الهَمْدَانِيّ، كذا في رجال الشيخ، في أصحاب أمير المؤمنينعليهالسلام (٣) .
وفي أمالي الشيخ المفيد: عن أبي الحسن علي بن محمّد الكاتب، عن الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعْفَرانِيّ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد الثقَفيّ، عن إسماعيل بن أبان، عن عمرو بن شمرَ قال: سمعت جابر بن يزيد يقول: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي (عليهما السّلام) يقول: حدثني أبي، عن جدّي، قال: لمـّا توجه أمير المؤمنينعليهالسلام من المدينة إلى الناكثين بالبصرة، نزل الرَّبَذَة، فلمّا ارتحل منها، لقيه عبد الله بن خليفة الطائي، وقد نزل بمنزل يقال له: قائد(٤) ، فقرّبه أمير المؤمنينعليهالسلام ، فقال له عبدُ الله: الحمد لله الَّذي ردّ الحقَّ إلى أهله، ووضعه في موضعه، كره
__________________
(١) بقرت الشيء بقراً: فتحته ووسعته، ومنه قولهم: أبقرها عن جنينها أي شُقّ بطنها عن ولدها، الصحاح: ٢ / ٥٩٤ بقر -.
(٢) راجع: الكامل للمبرّد ٣ / ١١٣٤ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٢ / ٢٨١، وأُسد الغابة: ٣ / ١١٩.
(٣) رجال الشيخ: ٤٨ / ٢٥.
(٤) كذا في الأصل والحجرية. وقد يكون: قُدَيْد، اسم موضع قرب مكة، انظر معجم البلدان ٤: ٣١٣ قُديد -.
ذلك قوم أو سرّوا به، فقد والله كرهوا محمّداًصلىاللهعليهوآلهوسلم ونابذوه، وقاتلوه، فردّ الله كيدهم في نحورهم، وجعل دائرة السَّوء عليهم، والله لنجاهدنَّ معك في كلِّ موطن حفظاً لرسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فرحَّب به أمير المؤمنينعليهالسلام وأَجْلَسَه إلى جنبه وكان له حبيباً ووليّاً وأخذ يسأله عن الناس، الخبر(١) .
وفيه مواضع تدلّ على كثرة إخلاصه، وقوّة إيمانه، فَيُحْتمل كونه الهمداني المذكور في رجال الشيخ، أو غيره، والله العالم.
أبو عَمْرُو، أَسْنَدَ عَنْهُ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٢) .
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٣) عنه: جعفر بن بشير، في الكافي، في باب من يدخل القبر(٤) ، وأبان بن عثمان، فيه(٥) ، ويحيى بن عمر، فيه(٦) ، وفي التهذيب، في باب تلقين المحتضرين(٧) .
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٨) .
__________________
(١) أمالي المفيد: ٢٩٥.
(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٧.
(٣) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٧٧.
(٤) الكافي ٣: ١٩٣ / ١.
(٥) الكافي ٣: ١٩٤ / ٧.
(٦) الكافي ٣: ١٩٤ / ٨.
(٧) تهذيب الأحكام ١: ٣٢٠ / ٩٣٠.
(٨) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٩٧.
في الكافي، في مولد أبي جعفر الثانيعليهالسلام : الحسين بن محمّد الأشعري قال: حدثني شيخ من أصحابنا يقال له: عبد الله بن رزين قال: كنت مجاوراً بالمدينة مدينة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم وكان أبو جعفرعليهالسلام يجيء في كلّ يوم مع الزوال إلى المسجد، فينزل في الصحن، ويصير إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ويسلّم عليه، ويرجع إلى بيت فاطمة (سلام الله عليها) فيخلع نعليه، ويقوم فيصلّي، فوسوس إليّ(١) الشيطان فقال: إذا نزل فاذهب حتّى تأخذ من التراب الذي يطأ عليه، فجلست في ذلك اليوم انتظره لأفعل هذا، فلمّا أن كان وقت الزوال أقبلعليهالسلام على حمار له(٢) ، فلم ينزل في الموضع الذي كان ينزل فيه، وجاء حتّى نزل على الصخرة التي على باب المسجد، ثم دخل، الخبر(٣) .
وفيه معاجز كثيرة، ويدلّ على حسن عقيدته وخلوصه في إيمانه، مضافاً إلى قول الأشعري.
ابن امْرِئ القَيّس الخَزْرَجيّ، الشاعر، الشهيد بمؤتة، وكان ثالث الأُمراء الذي عينهم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك الغزوة.
وفي تفسير الإمامعليهالسلام في الخبر الذي تقدَّم في زيد بن حارثة انه قال: إِنَّه رأى في تلك الليلة ضوءً خارجاً من في عبد الله بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة. إلى أن قال: قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : وأمّا عبد الله
__________________
(١) في الحجرية: (إليه)
(٢) له) لم ترد في الحجرية.
(٣) أُصول الكافي ١: ٤١٢ / ٢.
ابن رواحة، فإنَّه كان برّاً بوالديه، فكثرت غنيمته في هذه الليلة، فلمّا كان من غد قال له أبوه: إِنّي وأُمّك لك محبّان، وإِنَّ امرأتك فلانة تؤذينا وتعنينا، وإنّا لا نأمن أن تصاب في بعض هذه المشاهد، ولسنا نأمن أَن تستشهد في بعضها، فتداخلنا هذه في أموالك، ويزداد علينا بغيها وعنتها، فقال عبد الله: ما كنت أعلم بغيها عليكم، وكراهتكما لها، ولو كنت علمت ذلك لأبَنْتها من نفسي، ولكنّي أَبنتها الآن، لتأمنا ما تحذران، فما كنت الذي أُحبّ مَنْ تكرهان، فلذلك أسلفه النور الذي رأيتم، الخبر(١) .
وفي دعائم الإسلام، بإسناده عن عليعليهالسلام قال: أتى رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فقيل: يا رسول الله إِنّ عبد الله بن رواحة ثقيل لما به، فعادهصلىاللهعليهوآلهوسلم فأصابه مغمى عليه، والنساء يتصارخن حوله، فدعاه ثلاثاً فلم يجبه فقال: اللهم هذا عبدك، إِنْ كان قد انقضى أجله ورزقه، فإلى جنتك ورحمتك، وإِنْ لم ينقض أجله ورزقه وأثره، فعجّل شفاه وعافيته، فقال بعض القوم: عجباً لعبد الله بن رواحة وتعرضّه في غير موطن للشهادة، فلم يرزقها حتّى يقبض على فراشه! فقال: ومَنْ الشهيد من أُمتي؟ فقالوا: أليس هو الذي يُقتل في سبيل الله مقبلاً غير مدبر، فقالصلىاللهعليهوآلهوسلم : إنَّ شهداء أُمتي إذاً لقليل!؟ الشهداء الذي ذكرتم، والطعين، والمبطون، وصاحب الهدم، والغرق(٢) ، والمرأة تموت جُمعاً، قالوا: وكيف تموت جُمْعاً؟ قال: يعترضُ ولدها في بطنها، ثم قامصلىاللهعليهوآلهوسلم فوجد عبد الله خِفَّةً، فأخبرصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال: يا عبد الله حدّث بما رأيت فقد رأيت عجباً!
__________________
(١) تفسير الامام الحسن العسكريعليهالسلام : ٦٤٠ ٦٤٢.
(٢) في المصدر: الغريق.
فقال: يا رسول الله [رأيت(١) ] ملكاً من الملائكة، في يده مِقْمَعة من حديد، تأجج ناراً كلّما صَرَخَتْ صارخةٌ يا جبلاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أَنت جبلها، فأقول: لا، بل الله، فكيف بعد اهوائها، وإذا صَرَخَتْ صارخة يا عزّاه أهوى بها لهامّتي، وقال: أنت عزّها، فأقول: لا، بل الله، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : صدق عبد الله فما بال موتاكم يبتلون بقول(٢) أحياكم(٣) . وفيه مدح عظيم.
والجواب عن إيهامه تعذيب الميت ببكاء الحيّ الذي أنكره أصحابنا مذكور في محلّه(٤) ، وفيما ورد في غزوة مؤتة ما يدلّ على جلالته، وعلوّ قدره، وثبات إيمانه، والعجب من أصحاب التراجم كيف غفلوا عن ذكره!؟
مولاهم، كوفي، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٥) .
مولى أمّ سلمة، مكّي، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٦) .
الكُوفيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٧) .
__________________
(١) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها من المصدر.
(٢) في الحجرية: (بموت)
(٣) دعائم الإسلام ١: ٢٢٥.
(٤) راجع تذكرة الفقهاء ٢: ١١٩.
(٥) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٣٨.
(٦) رجال الشيخ: ٢٢٥ / ٤٥.
(٧) رجال الشيخ: ٢٢٤ / ٢٢.
الزَّيات، من أصحاب الصادقعليهالسلام (١) .
من أصحاب الصادقعليهالسلام (٢) وفي النقد عن الغضائري -: ضعيف، مرتفع القول، لا يعبأ به(٣) ، وتبعه [في(٤) ] الخلاصة(٥) .
وأنت خبير بأن تضعيف الغضائري في نفسه لا يقاوم توثيق الجماعة ما في أصحاب الصادقعليهالسلام .
أبو محمّد، الكُوفِيّ، من أصحاب الصادقعليهالسلام (٦) . وفي التعليقة: يروى عنه الحسن بن محبوب(٧) .
عدّه في رجال الشيخ من أصحاب الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم (٨) ، وأهمله المترجمون كافّة، وله مسائل معروفة عن النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم رواها المفيد في الاختصاص(٩) ، وغيره.
__________________
(١) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٨٤ وفيه بدل سابري: (سائر)، والصحيح ما في الأصل الموافق لما في نسخة اخرى من رجال الشيخ، ومنهج المقال: ٢٠٣، ومجمع الرجال ٤: ٢٨٤، ونقد الرجال: ١٩٩، وجامع الرواة ١: ٤٨٥، وغيرها.
(٢) رجال الشيخ: ٢٢٨ / ٨٨.
(٣) نقد الرجال: ١٩٩.
(٤) ما بين المعقوفتين زيادة أضفناها لمقتضى السياق.
(٥) رجال العلاّمة: ٢٣٨ / ٣٣.
(٦) رجال الشيخ: ٢٢٧ / ٦٨.
(٧) تعليقة الوحيد على منهج المقال: ٣٥٢.
(٨) رجال الشيخ: ٢٣ / ١٢.
(٩) الاختصاص: ٤٢.
وفي البحار: وجدت في بعض الكتب القديمة هذه الرواية فأوردتها بلفظها، ووجدتها أيضاً في كتاب ذكر الأقاليم والبلدان والجبال والأنهار والأشجار مع اختلاف يسير في المضمون، وساق الرواية، وهي طويلة، وقال في آخرها: إِنّما أوردت هذه الرواية لاشتهارها بين الخاصّة والعامّة، وذكر الصدوق وغيره من أصحابنا أكثر أجزائها بأسانيدهم في مواضع. إلى آخره.
وصدر الرواية مسائل عبد الله بن سلام وكان اسمه أسماويل، فسمّاه النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم : عبد الله. عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: لمـّا بعث النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم أمر عليّاًعليهالسلام أن يكتب كتاباً إلى الكفّار، وإلى النصارى، وإلى اليهود، ثم ذكر كتابهصلىاللهعليهوآلهوسلم إلى يهود خيبر، وأنّهم أتوا إلى شيخهم ابن سلام وأخبروه، وانه استخرج من التوراة ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل من غامض المسائل، وأنه أتى إليهصلىاللهعليهوآلهوسلم فقال: يا بن سلام جئتني تسألني عن ألف مسألة وأربعمائة مسألة وأربع مسائل نسختها من التوراة، فنكس عبد الله بن سلام رأسه، وبكى، وقال: صدقت يا محمّد، ثم أخذ في السؤال.
وفي آخر الخبر، قال: امدد يدك الشريفة، أَنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنك لرسول الله، وإن الجنّة حقّ، والميزان حقّ، والحساب حقّ، والساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فكبّرت الصحابة عند ذلك، وسمّاه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عبد الله بن سلام(١) .
__________________
(١) بحار الأنوار ٦٠: ٢٤١ ٢٦١.
(كتاب المكاسب)
والبحث فيه على قسمين:
(الأول)
(في البحث عن الاكتساب بقول مطلق)
وفيه آيات:
الاولى: ( وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ. وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ. وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) (١) .
أي دحيناها وبسطناها ووضعنا فيها ما يرسيها ويسكّنها من الجبال، لئلّا تميد وتتحرّك بكم، وتستقرّوا عليها وتسكنوا فيها( وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها ) في الأرض ما تعيشون به من الزرع والنبات والثمار والمطاعم والمشارب والملابس بل سائر ما يوجد في العالم ممّا تقوم به معيشتكم حتّى الطيور والوحوش وما في الهواء والماء وما يدبّ على الأرض، وقيل التصرّف في أسباب الرزق مدّة الحياة فعلى الأوّل الظاهر أنّها جمع معيشة يعني ما يعاش به، وعلى الثاني بمعنى المصدر وهو بعيد، لعدم الجمع فيه، ولبعد هذا الوزن( وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ ) قيل معطوف على محلّ( لَكُمْ ) وهو النصب على أنّه مفعول به لجعلنا أي جعلنا معايش في الأرض لكم ولمن لستم له برازقين من الأهل والأولاد، والعبيد والإماء، بل والدوابّ أيضا الّذين تحسبون أنّكم ترزقونهم وتخطؤون في ذلك، فانّ الرزاق هو الله فإنّه يرزق هؤلاء مثل ما يرزقكم، فظنّكم أنكم ترزقونهم باطل وفاسد.
__________________
(١) الحجر، ١٩ - ٢١.
وجرى ذلك بناء على ظاهر حال بعض الجهّال أنّهم يظنّون أنّهم الرازقون بل يظهرون ذلك ويمنّون على هؤلاء ويقولون لو لم نكن لما قدرتم على المعيشة ففيه تقريع لهم، ودليل على بطلان ذلك وعدم المنّة في ذلك كلّه إلّا لله، وإشارة إلى أنّه لا معنى للمنّة ولا لتوقّع المكافاة والإحسان في مقابل ذلك فانّ كلّ ذلك رزق الله، وإليه أشار في بعض الأخبار عن بعضهمعليهمالسلام قال لبعض أصحابه لما ذكر أنّه يدخل عليه الضيفان والإخوان ويطعمهم: أنّ المنّة لهم عليك قال كيف ذلك؟ وأنا أطعمهم من مالي، ولهم المنة عليّ؟ قالعليهالسلام : نعم لأنّهم يأكلون رزق الله الّذي رزقهم، ويحصّلون لك الثواب والأجر(١) ويحتمل أن يكون ردّا على المرزوقين أيضا فإنّهم قد يظنّون أنّهم يرزقونهم.
ثمّ اعلم أنّ في جعل( لَكُمْ ) مفعولا به لجعلنا تأمّلا وأيضا( مَنْ لَسْتُمْ ) داخل في( لَكُمْ ) إلّا أن يخصّص بغير من يظنّ أنّه يرزقه أحد، أو يظنّ أحد أنّه يرزقه، أو يعمّم فيكون الذكر بالخصوص للإشارة إلى ردّ الوهم المتقدّم ولإدخال الدوابّ فتأمّل، فيحتمل أن يكون معطوفا على معايش، وفيه أيضا التأمل الثاني من غير جريان النكتة، إلّا أن يكون بالنسبة إلى بعض من فيهم مثل الأولاد، ولا ينظر إلى حيثيّة الاستعانة بهم في المعيشة فتأمل، وفيه تغليب ذوي العقول على غيرهم على تقدير اختصاص( مَنْ ) بهم كما هو المشهور، فقول الزجّاج: أجود الأقوال العطف على معايش، محلّ التأمّل.
ويحتمل العطف على الضمير المجرور في( لَكُمْ ) ولم يثبت امتناع العطف عليه من غير إعادة الجارّ وقد جوّزه الفرّاء وأنشد شعرا في ذلك نقله في مجمع البيان وجوّزه الكوفيّون في حال السعة للإشعار المنقولة في الكشاف والرضيّ وقيل بذلك في قوله تعالى( وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) (٢) «و( تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ ») (٣) بالجرّ في قراه حمزة، ولا دليل على عدمه عقلا ولا نقلا حتّى يضعّف قراءة حمزة
__________________
(١) راجع الكافي كتاب الايمان والكفر باب إطعام المؤمن ج ٢ ص ٢٠٠.
(٢) البقرة: ٢١٧.
(٣) النساء: ٢.
بالجرّ، مع كونها متواترة كما فعله في الكشاف والقاضي ويرتكب التمحّلات البعيدة، مثل ضرورة الشعر، وتقدير حرف الجرّ إذ لا تعمل مقدّرة كما صرّح به الرضيّ على أنه يصير النزاع لفظيّا، وهو ظاهر، والتقدير لغوا بحسب المعنى ولم يثبت المنع اللفظيّ وقولصلىاللهعليهوآله مشهور مستفيض بحيث لا يمكن إنكاره في الأخبار وكلام الأصحاب.
وفي الآية دلالة على إباحة السكنى في الأرض مطلقا بل التصرّف فيها مطلقا حتّى يمنع بدليل وعلى أنّ خلق الأمور والأشياء الموزونة أي المقدّرة بقدر تقتضيه المصلحة للإنسان، وإباحة كلّ ما خلق لهم كما دلّ عليه العقل أيضا، نعم قد يحرم بعضه لدليل عقليّ بأن يكون ضارّا مثل السموم المخلوق لغرض آخر للإنسان أو نقليّ آية أو خبر أو إجماع دالّ على تحريم بعض الأشياء كالميتة والدم ولحم الخنزير، وعلى إباحة أكل ما نبت، وشرب وركوب ما يصلح لهما وسائر الانتفاعات إلّا أن يخرج بدليل فتأمّل.
( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ) (١) قيل: المعنى وما من شيء ينتفع به العباد إلّا ونحن قادرون على إيجاده وتكوينه، والانعام به، وما نعطيه إلّا بمقدار معلوم نعلم أنّه مصلحة، فضرب الخزائن مثلا لاقتداره على كلّ مقدور، ففيها دلالة على أنّ المخلوقات مباحة للإنسان، فالأشياء مباحة في الأصل عقلا ونقلا وهو ظاهر.
الثانية: ( يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) (٢) .
قال في مجمع البيان: الأكل هو البلغ عن مضغ، وبلع الذهب والفضّة واللؤلؤ وما أشبهه ليس بأكل، والحلال هو الجائز من أفعال العباد «و( طَيِّباً ») يعني طاهرا من كلّ شبهة، وفي الكشّاف تستطيبه الشهوة المستقيمة، وفي القاضي: هو
__________________
(١) الحجر: ٢١.
(٢) البقرة: ١٦٨.
المستلذّ وفي مجمع البيان أنّ الخطوة بعد ما بين قدمي الماشي، وخطوات الشيطان آثاره، والعدوّ هو المباعد عن الخير إلى الشرّ و «حلالا» إمّا صفة مصدر محذوف أي أكلا حلالا وإمّا مفعول «كلوا» وإمّا حال عن «ما» في «ممّا» و «طيّبا» صفة حلالا ومثله في الاعراب و «من» أمّا تبعيضيّة إذ لا يؤكل جميع ما في الأرض كما قيل في الكشاف والقاضي أو بيانيّة للحلال أو ابتدائيّة متعلّقة بكلوا، ولا يلزم أكل الجميع، إذ المراد الأكل مبتدأ من جميع ما يمكن أكله وهو ظاهر.
ومعناها على الظاهر هو الترغيب والتحريص على الأكل أو إباحته بمعنى عدم التحريم الأعمّ الشامل للأقسام الأربعة من جميع ما تخرجه الأرض من الأرزاق الّتي يمكن أكلها حال كونه خلق لهم مباحا وطاهرا، أو لذيذا أو بعيدا عن الشبهة أو لأنّه حلال طيّب بالمعنى المذكور فلأيّ شيء يمنعون أنفسهم عنه كما قال في مجمع البيان عن ابن عبّاس في سبب نزولها أنها نزلت في ثقيف وبني عامر بن صعصعة وبني مدلج فإنّهم حرّموا على أنفسهم من الحرث والأنعام والبحيرة والسائبة والوصيلة فنهاهم الله عن ذلك، فحينئذ يكون «كلوا» للوجوب بمعنى أنّه لا بدّ من الأكل أو رفع اعتقاد حسن الاجتناب، وتحريم اتّباع الشيطان في أقواله وأفعاله لأنّه مبعّد للإنسان عن الخير، ومقرّب له إلى الشرّ، وكونه كذلك ظاهر بيّن عند ذوي البصائر منهم، لأنّه بيّن عداوته لهم بدعوته إلى المعاصي وترك الطاعات وهو ظاهر فأيّ عداوة يكون أظهر وأشدّ منها.
وقال في مجمع البيان في بيان خطوات الشيطان بعد نقل الأقوال: وروي عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهماالسلام أنّ من خطوات الشيطان الحلف بالطلاق، والنذر في المعاصي، وكلّ يمين بغير الله، وهذا يدلّ على تحريم الأمور المذكورة حتّى لا يكون الحلف بالنبيّ وغيره جائزا، إلّا أن يقال هو ممّا أخرجه الدليل، ولكن ليس بظاهر، نعم صحّة الخبر غير ظاهرة، فلا يثبت التحريم، لكنّ الأحوط الاجتناب.
هذا فيمكن الاستدلال بها على إباحة أكل كلّ ما في الأرض لكلّ أحد حتّى
الكفّار والعصاة إلّا ما أخرجه الدليل من العقل والنقل، فتدلّ على كون الأشياء الغير المضرّة على الإباحة، وجواز إعطاء المذكور(١) لغير معتقدي الحقّ حتّى الكفّار لعدم القول بالواسطة، فضعف منع البعض كما مرّ، لكن هذا على بعض التراكيب وهو جعل حلالا مفعولا له أو حالا بيانا وكشفا وجعل «من» ابتدائيّة أو بيانيّة أو جعلها متعلّقة بمقدّر حالا عن حلالا، لا على تقدير جعلها حالا مقيّدة، ومن تبعيضيّة كما قاله في الكشّاف والقاضي.
ويمكن الاستدلال أيضا بها على تحريم الأشياء المذكورة في الرواية لو صحّت وأمّا دلالتها على تحريم متابعة الشيطان فصريحة، وكذا متابعة كلّ عدوّ في الله والدّين، كما يظهر من العلّة وهي قوله( إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ ) وذلك معلوم واضح إذا كان المتّبع معلوم التحريم، ولا يحتاج إلى الذكر، ولعلّ الآية أعمّ بل مخصوصة بغير المعلوم، لعدم الفائدة في المعلوم، فلا يبعد الاستدلال حينئذ بها على عدم جواز متابعة أعداء الدين، فيما لم يعلم جوازه، فلا تجوز الصلاة خلفهم، وسماع حكمهم، ونقل الرواية عنهم، وغير ذلك فتأمّل.
الثالثة: ( كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى ) (٢) .
الرابعة: ( وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً ) الآية(٣) وغيرهما من الآيات الّتي تدلّ على إباحة الأشياء وبالحقيقة لا دخل لها في الكسب فتركناها، وإنّما ذكرنا البعض للتبعيّة، وبعض الفوائد وإن لم يكن كسبا.
__________________
(١) المأكول: خ.
(٢) طه: ٨١.
(٣) ق: ١١.
(الثاني)
(البحث عن أشياء يحرم التكسب بها)
وفيه آيات:
قيل (١) الاولى: ( قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (٢) .
دلالتها على ما يحرم التكسّب به غير ظاهرة.
الثانية: ( سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ ) (٣) .
في ذمّ جماعة، السحت هو الرشوة وعن عليعليهالسلام هو الرشوة في الحكم ومهر البغيّ وكسب الحجّام وعسيب الفحل، وثمن الكلب، وثمن الخمر، وثمن الميتة وحلوان الكاهن، والاستعمال في المعصية(٤) والخبر غير ظاهر الصحّة والسند، وبعض ما فيه معدود من المكروهات.
الثالثة: ( وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٥) .
__________________
(١) القائل الفاضل المقداد في كنز العرفان قال: استدل الفقهاء بهذه الآية على جواز الولاية من قبل الظالم، إذا عرف المتوالى من حال نفسه وحال المنوب عنه أنه يتمكن من العدل ولا يخالفه المنوب عنه كحال يوسف على نبينا وآله وعليهالسلام مع ملك مصر، والذي يظهر لي أن نبي الله أجل قدرا من أن ينسب إليه طلب الولاية من الظالم، وانما قصد إيصال الحق إلى مستحقه، لانه وظيفته راجع ج ٢ ص ١١ من طبعة هذه المكتبة.
(٢) يوسف: ٥٠.
(٣) المائدة: ٤٥.
(٤) مجمع البيان ج ٣ ص ١٩٦. الكافي ج ٥ ص ١٢٦.
(٥) النور: ٣٣.
( وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ ) أي إماءكم على الزنا( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) تعفّفا وتزويجا( لِتَبْتَغُوا ) أي لا تكرهوا لطلب متاع الدنيا، أي ما يحصل من كسبهنّ وهو أجرة الزنا وثمن بيع أولادهنّ( وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ ) ومن يجبرهنّ على الزنا( فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ ) للمكرهات( رَحِيمٌ ) بهنّ، ويحتمل للمكرهين بعد التوبة فإنّ المكرهات لا ذنب لهنّ إذ لا ذنب مع الإكراه عقلا ونقلا، فلا يحتاج إلى كون الله تعالى غفورا رحيما لهنّ فتأمّل أو مطلقا.
ثمّ إنّ فيها دلالة على تحريم الإكراه على الزنا بل على تحريمه وتحريم أجره فهو حرام مطلقا، وإن كان( إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً ) قيدا للنهي كما هو الظاهر لا قيدا للإكراه كما قاله البيضاويّ ولا اعتبار بمفهوم إرادة التحصّن ولا بمفهوم طلب عرض الدنيا، فلا تدلّ على إباحة الإكراه بدون إرادة التحصّن ولا عليها مع عدم طلب عرض الحياة الدنيا، لأنّ المفهوم على تقدير اعتباره إنّما يعتبر إذا لم يكن للتقييد وجه آخر سوى عدم الحكم في المسكوت، وهو ظاهر ومبيّن في محلّه، وقد مرّ أيضا، وهنا سبب النزول والواقع سبب التقييد، بل نقول بالمفهوم هنا فانّ تحريم الإكراه منتف على تقدير عدم إرادة التحصّن لأنّ الإكراه منتف مع عدم إرادة التحصّن، ولا يلزم جوازه، فإنّه على تقدير إمكان الإكراه إنّما يعتبر المفهوم مع عدم المعارض الأقوى، ولا شكّ أنّ الإجماع ومنطوق الكتاب والسنّة يدلّ على تحريمه مطلقا فهو مردود بها.
وفي الكشاف كانت إماء أهل الجاهليّة يساعين على مواليهنّ وكان لعبد الله ابن أبيّ رأس النفاق ستّ جوار، وسمّاهنّ، يكرههنّ على البغاء، وضرب عليهنّ ضرائب فشكت ثنتان منهنّ إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله فنزلت ويكنّى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة وفي الحديث ليقل أحدكم فتاي وفتاتي ولا يقل عبدي وأمتي، فإن قلت لم اقحم إن أردن تحصّنا؟ قلت لأنّ الإكراه لا يتأتّى إلّا مع إرادة التحصّن وآمر الطّيعة المؤاتية للبغاء لا يسمّى مكرها ولا أمره إكراها.
كان ينبغي أن يقول آمر غير المكرهة لا يسمّى مكرها ولا أمره إكراها ليعمّ فتأمّل.
ثمّ قال( غَفُورٌ رَحِيمٌ ) لهم أو لهنّ، أو لهم ولهنّ «إن تابوا وأصلحوا» والأولى لهنّ، أو لهنّ ولهم، أو لهم إن تابوا، قال لعلّ الإكراه كان دون ما اعتبر به الشريعة من إكراه بقتل أو بما يخاف منه التلف، أو ذهاب العضو من ضرب عنيف، أو غيره حتّى يسلم من الإثم وربّما قصرت عن الحدّ الّذي تعذر فيه فتكون آثمة، وهذا جواب عن إشكال عدم الذنب مع الإكراه فلا معنى لكون( غَفُورٌ رَحِيمٌ ) بالنسبة إلى المكرهات، ولا بأس به، وإن كان خلاف الظاهر، فانّ المتبادر نفي الإكراه مطلقا والغفران عنه على تقدير.
قال القاضي: «غفور رحيم» لهنّ أوله إن تاب، والأوّل أوفق للظاهر، ولقراءة ابن مسعود «من بعد إكراههنّ لهنّ غفور رحيم» ولا يرد أنّ المكرهة غير آثمة، فلا حاجة إلى المغفرة لأنّ الإكراه لا ينافي المؤاخذة بالذات، ولهذا حرّم على المكره القتل وأوجب عليه القصاص.
فيه أنّه يكفي أنّ المكرهة غير آثمة لعدم حسن إرجاع المغفرة إليها، فإنّه لا معنى للمغفرة مع عدم الذنب، ولا شكّ أنّها ليست آثمة بالنصّ والإجماع، بل العقل وقد سلّمه أيضا ولا يندفع بعدم المنافاة له بالذات لوجود الذنب في القاتل، ويمكن أن يقال غفور لهنّ باعتبار أن حصل لهنّ ميل في الأثناء بعد الإكراه فإنّهنّ لمّا كنّ كارهات يغفر الله الذّنب الناشي بعده، ويشعر به( مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ ) أو «غفور لهنّ» من سائر الذنوب بسبب إكراههنّ الزنا، أو يكون للانقطاع كما يقول المعصوم اللهمّ اغفر لي فتأمّل، وأنّه غفور رحيم حيث تجاوز عن عقاب المكره وجوّز له المكره عليه كالمضطرّ في قوله تعالى( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (١) .
__________________
(١) النحل: ١١٥.
الرابعة: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ ) الاية(١) .
وقد مرّت(٢) فتذكّر.
الخامسة: ( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ ) - الى قوله -( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٣) .
أي ليس على هؤلاء حرج وضيق في الأمور فإنّهم معذورون، ولا عليكم أيّها المؤمنون حرج وضيق وإثم ومنع من الشارع من الأكل من بيوتكم: بيوت عيالكم وزوجاتكم وبيت المرأة كبيت الزوج، وبيوت أولادكم لأنّ بيت الأولاد كبيت الآباء وأموالهم كأموالهم، ويدلّ عليه ما روي من قولهصلىاللهعليهوآله أنت ومالك لأبيك عند خصومة ولد مع والده، وقولهصلىاللهعليهوآله أيضا إنّ أطيب ما يأكله المرء من كسبه وإنّ ولده من كسبه(٤) وكأنّه لذلك ما ذكر بيوت الأولاد، وذكر بيوت الأقارب، ويحتمل أن يكون الترك للفهم بالطريق الأولى من ذكر بيوت غيرهم بقوله( أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ ) .
قيل معناه: أو بيوت مماليككم، والمفاتح جمع مفتح، وهو ما يفتح به لأنّ مال العبد للسيّد فهو مالك له، فيكون ما ملكتم بمعنى بيت المماليك فكأنّه لذلك حذف البيت فيمكن جواز الأكل من بيت المملوك ولو قيل بأنّه يملك فتأمّل، وقيل أموال الرجل إذا كان له عليها قيّم ووكيل يحفظها، له أن يأكل من ثمر حائطه ويشرب من لبن ماشيته، فملك المفتاح كونها في يده وحفظه، فالمراد بما ملكتم
__________________
(١) المائدة: ٩٤.
(٢) راجع كتاب الطهارة ص ٤٠.
(٣) النور: ٦١ - ٦٢.
(٤) راجع سنن ابى داود ج ٢ ص ٢٥٩ وسيأتي.
كالحائط أو الماشية اللّتين هما تحت يد الوكيل والحافظ والراعي، ولهذا حذف البيت فيجوز الأكل لهم، وقيل إذا ملك الإنسان المفتاح فهو خازن فلا بأس أن يطعم الشيء اليسير.
( أَوْ صَدِيقِكُمْ ) أي أصدقائكم والصديق يكون واحدا وجمعا [وكذلك الخليط والعدوّ] والصديق هو الّذي صدق في مودّته، وقيل هو الّذي يوافق باطنه باطنك كما وافق ظاهر ظاهرك، وقال أبو عبد اللهعليهالسلام : هو والله الرجل في بيت صديقه فيأكل طعامه بغير إذنه، وروي أنّ صديقا للربيع بن خثيم دخل منزله وأكل من طعامه فلمّا عاد الربيع إلى المنزل أخبرته جاريته بذلك فقال إن كنت صادقة فأنت حرّة وفي الكشاف عن الحسن وجدنا كبراء الصحابة ومن لقيتهم من البدريّين، وكان الرجل منهم يدخل دار صديقه وهو غائب فيسأل جاريته كيسه فيأخذ ما شاء فإذا حضر مولاه فأخبرته أعتقها سرورا بذلك، وعن جعفر بن محمّد كرّم الله وجههما: من عظم حرمة الصديق أن جعله الله من الانس والثقة والانبساط وطرح الحشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والابن ولعلّ ذكر الابن إشارة إلى دخوله في الآية إما في( بُيُوتِكُمْ ) أو بمفهوم الموافقة. ثمّ قال: وقالوا إذا دلّ ظاهر الحال على رضا المالك قام ذلك مقام الاذن الصريح، وربما سمج(١) الاستيذان وثقل، كمن قدّم إليه طعام فاستأذن صاحبه في الأكل منه.
فيه إشارة إلى سبب جواز الأكل مع عدم جواز التصرّف في مال الغير بغير إذنه عقلا ونقلا، وهو حصول الرضا بقرينة الأبوّة وغيرها، وهذا المقدار قد يفيد علما بالرضا وذلك كاف، مع أنّه قد يقال يكفي الظنّ بل لا يحتاج إليه، فإنّ الله قد جوّزه وهو السبب فتأمّل وقال في مجمع البيان: هذه الرخصة في أكل مال القرابات، وهم لا يعلمون ذلك كالرخصة لمن دخل حائطا وهو جائع، أن يصيب من ثمرة، أو مرّ في سفره بغنم وهو عطشان أن يشرب من لبنه توسعة منه على عباده، ولطفا لهم ورغبة لهم عن دناءة الأخلاق وضيق العطش وقال الجبائي: إنّ الآية منسوخة بقوله تعالى
__________________
(١) قبح خ ل، وهما بمعنى واحد.
( لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ) (١) وبقولهصلىاللهعليهوآله لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفس منه(٢) .
والمرويّ عن أئمّة الهدىعليهمالسلام أنّهم قالوا: لا بأس بالأكل لهولاء من بيوت من ذكره الله تعالى بغير إذنهم قدر حاجتهم من غير إسراف، وأنت تعلم أنّ حصول الرخصة لمن دخل حائطا أيضا محلّ التأمّل، وما جوّزه بعض الأصحاب ومن جوّزه ما قيّده بالجائع ولا بالحائط بل قال للمارّ على الغلّة وغيرها أن يأكل منها، وإنّي ما رأيت جواز شرب اللّبن، وأنّه لا منافاة بين الآيتين حتّى يكون ما هنا منسوخة وهو ظاهر، وعدم صلاحيّة الخبر للناسخيّة أظهر، وأنّ المرويّ عنهمعليهمالسلام متّبع وإن كان قدر الحاجة الّذي في ما روي عنهم غير ظاهر من الآية بل ظاهرها دالّ على عدمه، نعم لا بدّ من عدم الإسراف والتضييع كما في غيرها ويمكن حمل قدر الحاجة عليه أو تخصيص الآية إن صحّ الخبر به، وأيضا ظاهرها عدم اشتراط الاذن، بل عدم البيت في الأخيرين.
ثمّ اعلم أنّه يمكن فهم جواز ما يكون أدنى من الأكل بالموافقة كالصلاة في بيوتهم ودخولها بغير إذنهم إذا لم يكن فيه أحد، بل جعله سكنى، والصلاة على فرشهم وفي لباسهم والغسل والوضوء بمائهم وفي بيوتهم وهو ظاهر فافهم، والظاهر من الآية أنّه يكفي عدم العلم بعدم الرضا، بل ظاهرها شامل لجواز الأكل مع ظهوره أيضا إلّا أنّه لا يبعد التقييد بذلك لقبح ذلك عقلا ونقلا، وأنّ المراد من الإطلاق ذلك، حيث إنّ ما ذكر مظنّة الرضا والاذن والله يعلم. فقول القاضي هذا كلّه إنّما يكون إذا علم رضا صاحب البيت بإذن أو قرينة، ولذلك خصّص هؤلاء فإنّه يعتاد التبسّط بينهم، أو كان في أوّل الإسلام فنسخ فلا احتجاج للحنفيّة به على أن لا قطع بسرقة مال المحرم: باطل. فإنّه إذا علم رضا صاحب المال يجوز الأكل من بيوت من تضمّنه الآية وغيرها، فالتقييد بعيد، والنسخ أبعد من ذلك، بل لا معنى له، لعدم الموجب.
__________________
(١) الأحزاب: ٥٣.
(٢) راجع مجمع البيان ج ٧ ص ١٥٦.
على أنّ القرينة لا تقابل بالاذن وغالبا لا تفيد العلم، ولا استبعاد في الشرع من إذن الشارع مع عدم العلم برضا الصاحب، لاحتمال كون القرابة والصداقة موجبة لذلك، وأبعد من ذلك احتجاج الحنفيّة فإنّه لا دلالة في هذه الآية على ذلك أصلا ولو كانت فيها دلالة فتكون فيمن تضمّنته الآية لا في المحرم فتأمّل.
( جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً ) أي لا بأس في الأكل مجتمعين ومتفرّقين، قيل: نزلت في بني ليث بن عمرو بن كنانة كانوا يتحرّجون أن يأكل الرجل وحده، فربّما قعد منتظرا نهاره إلى اللّيل، فان لم يجد من يؤاكله أكل ضرورة، وقيل في قوم من الأنصار كانوا إذا نزل بهم ضيف لا يأكلون إلّا مع ضيفهم، وقيل تحرّجوا عن الاجتماع على الطعام، لاختلاف الناس في الأكل، وزيادة بعضهم على بعض، وفي مجمع البيان: معناه لا بأس بأن يأكل الغنيّ من الفقير في بيته، فإنّ الغني كان يدخل على الفقير من ذوي قرابته أو صداقته فيدعوه إلى طعامه فيتحرّج.
ويعلم من هذه الوجوه أن ليس المقصود الأكل من بيوت المذكورين جميعا أو أشتاتا كما هو ظاهر الآية فدلّت على جواز الأكل وحده، بل عدم شيء فيه، فما نقل في الأخبار أنّ من الملعونين من يأكل زاده وحده، يمكن أن يكون معناه لا يعطي منه المحتاجين ما يسدّ رمقهم أو يكون عدم الإعطاء من جميع الزاد مكروها أو الأكل وحده مكروها، وذكر اللعن للمبالغة كالنائم وحده، والآية يكون للجواز فقط.
ثمّ اعلم أنّه قد قال في مجمع البيان: اختلفوا في تأويل( لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ ) على معان أحدها أنّ المعنى ليس عليكم في مؤاكلتهم حرج، لأنّهم كانوا يتحرّجون من ذلك، ويقولون الأعمى لا يبصر فيأكل جيّد الطعام، والأعرج لا يتمكّن من الجلوس وأكل ما يريد، وكذا المريض الضعيف وثانيها أنّ المسلمين إذا غزوا خلّفوا هؤلاء في بيوتهم ويعطوهم المفاتيح ويحلّون لهم الأكل وهم يتحرّجون منه، وثالثها أنّ المؤمنين كانوا يذهبون بهؤلاء إلى بيوت أزواجهم وأقاربهم المذكورين فيطعمونهم، وكانوا يتحرّجون عن ذلك، وقد يتخيّل المؤمنون أيضا الحرج في
ذلك فنفي ذلك عنهم، وعلى هذه الوجوه يكون «أن يأكلوا» مقدّرا قبل قوله( وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ ) و( حَرَجٌ ) بعده، ورابعها أنّ المعنى ليس على هؤلاء حرج في ترك الجهاد والتخلّف عنه، لأنّهم معذورون، وحينئذ يكون المحذوف أن يتركوا الجهاد ويكون الحال قرينة على المحذوف فيكون أوّل الكلام قرينة في ترك الجهاد والثاني في الأكل.
وفي الكشّاف: لا قصور فيه لاشتراكهما في نفي الحرج، ومثال ذلك أن يستفتيك مسافر عن الإفطار في رمضان، وحاجّ مفرد عن تقديم الحلق على النحر فقلت: ليس على المسافر حرج أن يفطر، ولا على الحاجّ أن يقدّم الحلق على النحر ولو كان «على ترك الجهاد» مذكورا لكان مثله فكأنّه للظهور بمنزلة الذكر، ويحتمل أن يكون المعنى ليس على هؤلاء حرج مطلقا فيما عجزوا عنه، مثل قوله ذلك في إنّا فتحنا.
( فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً ) في الكشّاف: من هذه البيوت للأكل فابدؤا بالسّلام على أهلها الّذين هم منكم دينا وقرابة، وظاهرها أعمّ أيّ بيت كان من أيّ شخص كان، وهو الأولى كما يدلّ عليه تنكيرها، فالخروج عنه بلا سبب غير معقول( فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ ) أي ليسلّم بعضكم على بعض كقوله( فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) وقيل معناه فسلّموا على أهليكم، في مجمع البيان: وعيالكم، وقال إبراهيم: إذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وقال أبو عبد اللهعليهالسلام هو تسليم الرجل على أهل البيت حين يدخل، ثمّ يردّون عليه فهو سلامكم على أنفسكم( تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ ) أي هذه تحيّة حيّاكم الله بها عن ابن عبّاس، وقيل: معناه علّمها الله وشرّعها لكم، فإنّهم كانوا يقولون عم صباحا، ثمّ وصف التحيّة فقال( مُبارَكَةً طَيِّبَةً ) أي إذا لزمتموها كثر خيركم، وطاب أجركم، وقيل: مؤيّدة حسنة جميلة عن ابن عبّاس وقيل: إنّما قال( مُبارَكَةً ) لأنّ معنى «السّلام عليكم»: حفظكم الله وسلّمكم الله من الآفات، فهو دعاء بالسلامة من آفات الدنيا والآخرة، وقال( طَيِّبَةً ) لما فيها من طيب العيش بالتواصل، وقيل: لما
فيها من الأجر الجزيل والثواب [لجميل] العظيم.
( كَذلِكَ ) كما بيّن لكم هذه الأحكام والآداب( يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ ) الدالّة على جميع ما يتعبّدكم به( لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) أي تعقلون معالم دينكم.
في الكشّاف( تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ ) أي ثابتة بأمره مشروعة من لديه أو لأنّ التسليم والتحيّة طلب سلامة وحياة للمسلّم عليه، والمحيّى من عند الله، ووصفها بالبركة والطيب لأنّها دعوة مؤمن لمؤمن، يرجى بها من الله زيادة الخير وطيب الرزق إلى قوله: وقالوا إن لم يكن في البيت أحد فليقل السلام علينا من ربّنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام على أهل البيت ورحمة الله، وعن ابن عبّاس: إذا دخلت المسجد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين تحيّة من عند الله وانتصب تحيّة بسلّموا لأنّها في معنى تسليما كقولك قعدت جلوسا، والظاهر أنّ مراده إذا لم يكن في المسجد أحد هكذا يسلّم، وإلّا فكالمتعارف، ويحتمل العموم كما هو الظاهر، ففيها وجوب السلام حين دخول بيت ما حملت على الاستحباب للإجماع على عدمه.
ولنردف الكتاب بآيات لها مناسبة به( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ) (١) خطاب لهصلىاللهعليهوآله أي يا محمّد( إِنَّ رَبَّكَ ) الّذي خلقك( لِلَّذِينَ عَمِلُوا ) المعصية والسيّئات( بِجَهالَةٍ ) في موضع الحال أي عملوها جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه أو غير متدبّرين للعاقبة لغلبة الشهوة عليهم، وفي مجمع البيان: بداعي الجهل، فإنّه يدعو إلى القبيح كما أنّ داعي العلم يدعو إلى الحسن، وقيل: بجهالة هو أن يعجل بالاقدام عليها، ويعد نفسه للتوبة منها أو جعل العالم منزلة الجاهل حيث لم يعمل بعلمه فانّ العالم بالسيّئات والقبائح مع فعلها هو والجاهل سواء بل أسوء( ثُمَّ تابُوا ) من تلك المعصية( مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا ) نيّاتهم وأفعالهم( إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها ) أي بعد التوبة، هذه تأكيد لما قبلها، وفي ذكر( مِنْ بَعْدِها ) مع الضمير الراجع إلى التوبة إشارة إلى أنّ الإصلاح عبارة عن إتمام التوبة بالإخلاص وعدم
__________________
(١) النحل: ١١٩.
العود بوجه، أو إظهارها بالعمل الصالح ليعلم، لا أنّه يحتاج بعد التوبة للغفران وغيره إلى إصلاح العمل كما هو الظاهر منها ومن غيرها، فقيل الإصلاح له هو الدّوام وعدم الرجوع ويحتمل غير ذلك فتأمّل( لَغَفُورٌ ) خبر «إنّ ربّك» و «للّذين عملوا السوء بجهالة» متعلّق به، و «أصلحوا» عطف على «تابوا» بمنزلة البيان والتتمّة( إِنَّ رَبَّكَ ) تأكيد( مِنْ بَعْدِها ) متعلّق بغفور، والضمير إشارة إلى التوبة وقيل راجع إلى الجهالة أو المعصية، ففيها قبول التوبة، وكون الجاهل معذورا، فيحتمل في الفروع وغيره أيضا إلّا المعلوم فيقبل شهادة التائب بعدها فتأمّل فيها.
( وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ) (١) قد مرّ تفسيره في كتاب الطهارة في بيان الإخلاص والنيّة(٢) و( قَضى ) وأمر أيضا وقال: أحسنوا( بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) أو بأن تحسنوا بهما إحسانا و( بِالْوالِدَيْنِ ) متعلّق بالفعل المقدّر أحسنوا أو تحسنوا لا بالمصدر، فانّ عامله لا يتقدّم عليه، وقال في مجمع البيان: وهو متعلّق بقضى والتقدير وقضى بالوالدين إحسانا، ويجوز أن يكون على تقدير وأوصى بالوالدين إحسانا، وحذف لدلالة الكلام عليه، و «إمّا» أصله «إن ما» فهي شرطيّة وما زائدة للتأكيد كزيادة النون في «يبلغنّ» قيل: ولو لم يكن ما جاز دخول النون، فلا يقال إن تكرمنّ زيدا يكرمك، بل يقال إمّا تكرمنّه يكرمنّك «أحدهما» فاعل يبلغنّ «الكبر» مفعوله، ومعنى بلوغ الكبر عندك أن يكبرا ويعجزا وكانا كلا على ولدهما، لا كافل لهما غيره، فهما عنده وفي بيته وفي كنفه، وذلك أشقّ عليه وأشدّ احتمالا وصبرا، وربما تولّى منهما ما يتولّيان عنه في حال الطفوليّة فأمر الولد حينئذ بالصبر واحتمال ما شقّ عليه، وبأن يستعمل معهما وطأة الخلق، ولين الجانب، بحيث إذا أضجره وأتبعه وضيّق خلقه ذلك الاحتمال والمشقّة وما يستقذره طبعه منهما من سوء الخلق وغسل جوانبهما وبولهما وغائطهما وغير ذلك لا يقول لهما أفّ فضلا عمّا يزيده عليه.
__________________
(١) أسرى: ٢٣.
(٢) ص ٢٩ فراجع.
ولقد بالغ الله سبحانه وتعالى في التوصية لهما، حيث افتتحها بأن وشفّع الإحسان إليهما بتوحيده ونظمهما في سلك القضاء بهما معا، ثمّ ضيّق الأمر في مراعاتهما، حتّى لم يرخّص في أدنى كلمة تنفلت من المتضجّر مع موجبات الضجرة ومقتضياته ومع أحوال لا يكاد يدخل صبر الإنسان معها في الاستطاعة، ثمّ زاد ونهى عن منافيهما أيضا مرّة أخرى وقال( وَلا تَنْهَرْهُما ) أي لا تزجر عمّا يتعاطيانه ممّا لا يعجبك ثمّ قال( وَقُلْ لَهُما ) بدل النهر والتأفيف( قَوْلاً كَرِيماً ) جميلا يقتضيه حسن الأدب والنزول على المروّة، وقيل هو أن يقول يا أبتاه ويا أمّاه كما قال إبراهيم على نبيّنا وآله وعليهالسلام لأبيه( يا أَبَتِ ) مع كفره ولا يدعوهما بأسمائهما فإنّه من الجفاء وسوء الأدب وعادة الدعاء كلّه من الكشّاف.
ثمّ أمر بالخضوع والتذلّل بقوله( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ ) وهو كناية عن غاية الملاءمة وانحطاط النفس، فاضيف الجناح إلى الذلّ كما أضيف حاتم إلى الجود على معنى: واخفض لهما جناحك الذليل، أو الذلول، ويحتمل أن يجعل لذلّة جناحا خفيضا كما جعل للشمال يدا وللقرّة زماما، مبالغة في التذلّل والتواضع لهما، قال في مجمع البيان: وإذا وصفت العرب إنسانا بالسهولة وترك الإباء قالوا هو خافض الجناح، وقال أبو عبد اللهعليهالسلام : معناه لا تمل عينيك من النظر إليهما إلّا برحمة ورأفة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدّم قدّامهما( مِنَ الرَّحْمَةِ ) من فرط رحمتك لهما، وعطفك عليهما لكبرهما وافتقارهما اليوم إلى من كان أفقر خلق الله إليهما بالأمس ثمّ قال: ولا يكتف بالخضوع والرحمة لهما إذ لا بقاء لهما، وليس لها زيادة نفع، بل ادع لهما واطلب من الله رحمته لهما، بأن يرحمهما برحمته الباقية، واجعل ذلك جزاء لرحمتهما عليك في صغرك وتربيتهما لك.
( رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ ) في ضمائركم من قصد البرّ إلى الوالدين واعتقاد ما يجب لهما من التوقير( إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ ) قاصدين الصلاح والبرّ، ثمّ فرطت منكم في حال الغضب وضيق الصدر وغير ذلك ممّا لا يخلو منه البشر خصلة
قبيحة، تؤدّي إلى أذى الوالدين ثمّ تبتم إلى الله واستغفرتم منها( فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً ) فانّ الله غفور للتوّابين، فيه تهديد على أن يضمر الولد لهما كراهة واستثقالا عند ضيق الصدر من خدمتهما، وفيه تشديد عظيم، وبالجملة فيه مبالغة كثيرة وسيجيء في سورة لقمان زيادة تأكيد ومبالغة في الإحسان بهما، وفي الأخبار أيضا موجودة.
منها ما روي عنهصلىاللهعليهوآله في الكشّاف: رضى الله في رضى الوالدين، وسخطه في سخطهما، وفي رواية أخرى قالصلىاللهعليهوآلهوسلم مخاطبا لابن شيخ: أنت ومالك لأبيك، ومثله موجود في الأخبار الصحيحة عن أهل البيتعليهمالسلام (١) وفيه عنهصلىاللهعليهوآله : إيّاكم وعقوق الوالدين فإنّ الجنّة يوجد ريحها من مسيرة ألف عام، ولا يجد ريحها عاقّ ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جارّ إزاره خيلاء إنّ الكبرياء لله ربّ العالمين. وروي أيضا فيه وفي مجمع البيان يفعل البارّ ما يشاء أن يفعل فلن يدخل النار ويفعل العاقّ ما يشاء أن يفعل فلن يدخل الجنّة، والرواية في ذلك فيهما وفي غيرهما كثيرة(٢) .
قال في الكشّاف: قال الفقهاء لا يذهب بأبيه إلى البيعة وإذا بعث إليه منها ليحمله فعل، ولا يناوله الخمر ويأخذ منه الإناء إذا شربها، وعن أبي يوسف إذا أمره أن يوقد تحت قدره وفيها لحم الخنزير أو قد، وسئل الفضيل بن عياض عن برّ الوالدين فقال أن لا تقوم إلى خدمتهما عن كسل، وسئل بعضهم فقال: أن لا ترفع صوتك عليهما، ولا تنظر شررا إليهما، ولا يريا منك مخالفة في ظاهر ولا باطن وأن ترحّم عليهما، وتدعو لهما إذا ماتا، وأن تقوم بخدمة أودّائهما من بعدهما فعن النبيّصلىاللهعليهوآله إنّ من أبرّ البرّ أن يصل الرجل أهل ودّ أبيه.
ومنها رواية الحسن بن محبوب عن أبي ولّاد الحنّاط قال: سألت أبا عبد الله جعفر بن محمّدعليهالسلام عن قول اللهعزوجل ( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) ما هذا الإحسان؟
__________________
(١) الفقيه ج ٣ ص ١٠٩، الكافي ج ٥ ص ١٣٥.
(٢) مجمع البيان ج ٦ ص ٤٠٩.
فقال: الإحسان أن تحسن صحبتهما، وأن لا تكلّفهما أن يسئلاك ممّا يحتاجان إليه وإن كانا مستغنيين إنّ اللهعزوجل يقول( لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) ثمّ قالعليهالسلام ( إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) إن أضجراك( وَلا تَنْهَرْهُما ) إن ضرباك( وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً ) والقول الكريم أن تقول لهما: غفر الله لكما، فذاك منك قول كريم( وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ) وهو أن لا تملأ عينيك من النظر إليهما وتنظر إليهما برحمة ورأفة، وأن لا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما، ولا تتقدّم قدّامهما، وهذه صحيحة في الفقيه في نوادر الكتاب(١) وذكر في الفقيه أيضا فيها: من أحزن والدية فقد عقّهما وذكر في الكافي أخبارا كثيرة مثل صحيحة أبي ولّاد المتقدّمة ورواية محمّد بن مروان: قال: سمعت أبا عبد اللهعليهالسلام يقول إنّ رجلا أتى النبيّصلىاللهعليهوآله فقال: يا رسول الله أوصني فقال: لا تشرك بالله شيئا، وإن حرّقت بالنار وعذّبت، إلّا وقلبك مطمئنّ، ووالديك فأطعهما وبرّهما حيّين كانا أو ميّتين وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك فافعل، إنّ ذلك من الايمان(٢) .
وعن منصور بن حازم عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال قلت: أيّ الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لوقتها، وبرّ الوالدين والجهاد في سبيل الله، وعن درست بن أبي منصور عن أبي الحسن موسىعليهالسلام قال: سأل رجل رسول اللهصلىاللهعليهوآله ما حقّ الوالد على ولده؟ قال: أن لا يسمّيه باسمه، ولا يمشي بين يديه، ولا يجلس قبله ولا يستسبّ له، وصحيحة معمر بن خلّاد قال: قلت لأبي الحسن الرضاعليهالسلام : أدعو الوالديّ إذا كانا لا يعرفان الحقّ؟ قال: ادع لهما وتصدّق عنهما، وإن كانا حيّين لا يعرفان الحقّ فدارهما، فانّ رسول اللهصلىاللهعليهوآله قال: إنّ الله بعثني بالرحمة لا بالعقوق، ورواية جابر عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال أتى رجل رسول اللهصلىاللهعليهوآله فقال: يا رسول الله إنّي راغب في الجهاد نشيط، قال: فقال له النبيّصلىاللهعليهوآله : فجاهد في سبيل الله فإنّك
__________________
(١) الفقيه ج ٤ ص ٢٩٢.
(٢) الكافي ج ٢ ص ١٥٧ و ١٥٨.
إن تقتل تكن حيّا عند الله ترزق، وإن تمت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت رجعت من الذنوب كما ولدت قال: يا رسول الله إنّ لي والدين كبيرين يزعمان أنّهما يأنسان بي ويكرهان خروجي، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : فقرّ مع والديك، فوالّذي نفسي بيده لأنسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة.
ورواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفرعليهالسلام قال إنّ العبد ليكون بارّا بوالديه ثمّ يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما، ولا يستغفر لهما، فيكتبه الله عاقّا، وإنّه ليكون عاقّا لهما غير بارّ بهما، فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما، فيكتبه اللهعزوجل بارّا(١) .
والأخبار في ذلك كثيرة جدّا ثمّ لا شكّ في أنّ العقوق كبيرة عدّت منها في الأخبار الّتي تعدّ فيها الكبائر من طرق العامّة والخاصّة، ذكر في الكافي له بابا في ذكر العقوق على حده بعد أن عدّه في الكبائر في أخبار كثيرة منها رواية حديد بن حكيم عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: أدنى العقوق أفّ، ولو علم اللهعزوجل شيئا أهون منه لنهى عنه وحسنة عبد الله ابن المغيرة عن أبي الحسنعليهالسلام قال: قال رسول اللهصلىاللهعليهوآله : كن بارّا واقتصر على الجنّة، وإن كنت عاقّا فاقتصر على النّار ورواية يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: إذا كان يوم القيامة كشف الله غطاء من أغطية الجنّة، فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام، إلّا صنف واحد. قال: قلت: من هم؟ قال: العاقّ لوالديه، ورواية سيف بن عميرة عن أبي عبد اللهعليهالسلام قال: من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له، لم يقبل الله له صلاة، وفي رواية عن أبي عبد اللهعليهالسلام : ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما، وفي رواية عبد الله بن سليمان عن أبي جعفرعليهالسلام قال: قال: إنّ أبي نظر إلى رجل معه ابنه يمشي، والابن متّك على ذراع الأب، قال: فما
__________________
(١) راجع في ذلك ج ٧٤ من كتاب بحار الأنوار (كتاب العشرة الباب الثاني) ص ٢٢ - ٨٦، ترى هذه الأحاديث مع غيرها مشروحا مستوفى وان شئت راجع الكافي ج ٢ ص ١٥٧ - ١٦٣ باب بر الوالدين.
كلّمه أبي مقتا له حتّى فارق الدنيا(١) .
ويدلّ على تحريم العقوق ما يدلّ على تحريم قطع الرحم، وهو ظاهر، بل يدلّ العقل أيضا عليه، وبالجملة العقل والنقل يدلّان على تحريم العقوق، ويفهم وجوب متابعة الوالدين وطاعتهما من الآيات والأخبار المتقدّمة وصرّح به بعض العلماء أيضا، قال في مجمع البيان( وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ) أي قضى بالوالدين إحسانا أو أوصى بالوالدين إحسانا، ومعناهما واحد، وخصّ حال الكبر، وإن كان الواجب طاعة الوالدين على كلّ حال، لأنّ الحاجة أكثر في تلك الحال.
وقال الفقهاء في كتبهم: وللأبوين منع الولد عن الغزو والجهاد، ما لم يتعيّن عليه بتعيين الإمام، أو لهجوم الكفّار على المسلمين مع ضعفهم، وبعضهم ألحقوا الجدّين بهما، قال في شرح الشرائع: وكما يعتبر إذنهما في الجهاد يعتبر في سائر الأسفار المباحة والمندوبة والواجبة الكفائيّة، مع قيام من فيه الكفاية، فالسفر لطلب العلم إن كان لمعرفة العلم العينيّ كاثبات الواجب تعالى وما يجب له ويمتنع، والنبوّة والإمامة. والمعاد، لم يفتقر إلى إذنهما، وإن كان لتحصيل الزائد منه على الفرض العينيّ كدفع الشبهات، وإقامة البراهين المروّجة للدّين، زيادة على الواجب كان فرضه كفاية فحكمه وحكم السفر إلى أمثاله من العلوم الكفائية كطلب التفقّه أنه إن كان هناك قائم بفرض الكفاية، اشترط إذنهما، وهذا في زماننا فرض بعيد فانّ فرض الكفاية في التفقّه لا يكاد يسقط مع وجود مائة فقيه مجتهد في العالم، وإن كان السفر إلى غيره من العلوم الماديّة مع عدم وجوبها توقّف على إذنهما، وإن كان هذا كلّه إذا لم يجد في بلده من يعلّمه ما يحتاج إليه بحيث لا يجد في السفر زيادة يعتدّ بها لفراغ باله أو جودة استاد بحيث يسبق إلى بلوغ الدرجة الّتي يجب تحصيلها سبقا معتدّا به، وإلّا اعتبر إذنهما أيضا. ومنه يعلم وجوب متابعتهما حتّى يجب عليه ترك الواجب الكفائيّ، ولكن هذا مخصوص بالسفر، فيحتمل أن يكون غيره كذلك، إذا اشتمل على مشقّة.
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣٤٨ باب العقوق.