حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء ٢

حياة أمير المؤمنين عن لسانه0%

حياة أمير المؤمنين عن لسانه مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 491

حياة أمير المؤمنين عن لسانه

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة النشر الإسلامي
تصنيف: الصفحات: 491
المشاهدات: 323530
تحميل: 5239


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 491 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 323530 / تحميل: 5239
الحجم الحجم الحجم
حياة أمير المؤمنين عن لسانه

حياة أمير المؤمنين عن لسانه الجزء 2

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٤- إنك و الله ما أردت بهذا إلا الفتنة.

لما اجتمع الناس على بيعة أبي بكر،أقبل أبو سفيان،و هو يقول:و الله إني لأرى عجاجة لا يطفئها إلا دم!يا آل عبد مناف فيم أبو بكر من أموركم؟أين المستضعفان؟أين الأذلان علي و العباس؟و قال:أبا حسن،ابسط يدك حتى أبايعك.فأبى عليعليه‌السلام عليه،فجعل يتمثل بشعر المتلمس:

و لن يقيم على خسف يراد به

إلا الأذلان عير الحي و الوتد

هذا على الخسف معكوس برمته

و ذا يشج فلا يبكي له أحد

‏فزجره عليعليه‌السلام و قال:

«إنك و الله ما أردت بهذا إلا الفتنة،و إنك و الله طالما بغيت الإسلام شرا!لا حاجة لنا في نصيحتك».

*تاريخ الطبري ج ٢ ص .٢٣٧

٢٦١

٥- مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه.

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام لما قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و خاطبه العباس و أبو سفيان في أن يبايعا له بالخلافة،و ذلك بعد أن تمت البيعة لأبي بكر من السقيفة :

«أيها الناس،شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة،و عرجوا عن طريق المنافرة،وضعوا تيجان المفاخرة.

أفلح من نهض بجناح،أو استسلم فأراح.هذا ماء آجن(١) ،و لقمة يغص بها آكلها،و مجتني الثمرة لغير وقت إيناعها(٢) كالزارع بغير أرضه.فإن أقل يقولوا:حرص على الملك،و إن أسكت يقولوا:جزع(٣) من الموت!هيهات بعد اللتيا و التي!و الله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امه،بل اندمجت(٤) على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية(٥) في الطوي(٦) البعيدة».

*نهج البلاغة(صبحي الصالح)الخطبة ٥ ص ٥٢،تذكرة الخواص لابن الجوزي ص ١٢١،الاحتجاج للطبرسي ج ١ ص .٢٤٣

____________________

(١)الآجن:المتغير الطعم و اللون لا يستساغ.و الإشارة الى الخلافة.

(٢)ايناعها:نضجها و إدراك ثمرها.

(٣)جزع:خاف.

(٤)اندمجت:انطويت.

(٥)الأرشية:جمع رشاء بمعنى الحبل.

(٦)الطوى:جمع طوية و هي البئر.و البئر البعيدة:العميقة.

٢٦٢

٢٦٣

الفصل السادس: تظلمهعليه‌السلام من قريش

١- اللهم إني أستعديك على قريش.

٢- إنما ينظر الناس إلى قريش.

٣- إن قريشا قد اجتمعت على حرب أخيك.

٤-م يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.

٥- شحت عليها نفوس قوم.

٦-جمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم.

٧- ما تركت بدر لنا مذيقا.

٢٦٤

١- اللهم إني أستعديك على قريش.

من خطبة أمير المؤمنينعليه‌السلام في ذكر يوم الشورى و الاستنصار على قريش:

«و قد قال قائل(١) :إنك على هذا الأمر يابن أبي طالب لحريص،فقلت:بل أنتم و الله لأحرص و أبعد،و أنا أخص و أقرب،و إنما طلبت حقا لي و أنتم تحولون بيني و بينه،و تضربون وجهي(٢) دونه.فلما قرعته بالحجة(٣) في الملأ الحاضرين هب(٤) كأنه بهت لا يدري ما يجيبني به!

اللهم إني أستعديك على قريش و من أعانهم!فإنهم قطعوا رحمي،و صغروا عظيم منزلتي،و أجمعوا على منازعتي أمرا هو لي.ثم قالوا:ألا إن في الحق أن تأخذه،و في الحق أن تتركه».

*نهج البلاغة(صبحي الصالح)الخطبة ١٧٢ ص ٢٤٦،شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة ج ٤ ص ١٠٣- .١٠٤

____________________

(١)القائل هو عبد الرحمن بن عوف.

(٢)ضرب الوجه:كناية عن الرد و المنع.

(٣)من قرعه بالعصا ضربه بها.

(٤)هب:من هبيب التيس أي صياحه،أي كان يتكلم بالمهمل مع سرعة حمل عليها الغضب.

٢٦٥

٢- إنما ينظر الناس إلى قريش.

قال جندب بن عبد الله:دخلت على أمير المؤمنينعليه‌السلام و قد بويع لعثمان بن عفان،فوجدته مطرقا كئيبا،فقلت له:ما أصابك- جعلت فداك- من قومك؟فقال:«صبر جميل».فقلت:سبحان الله!إنك لصبور.قال:«فأصنع ماذا؟»قلت:تقوم في الناس و تدعوهم إلى نفسك و تخبرهم أنك أولى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و بالفضل و السابقة،و تسألهم النصر على هؤلاء المتظاهرين عليك،فإن أجابك عشرة من مائة شددت بالعشر على المائة،فإن دانوا لك كان ذلك ما احببت،و إن أبوا قاتلهم،فإن ظهرت عليهم فهو سلطان الله الذي أتاه نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و كنت أولى به منهم،و إن قتلت في طلبه قتلت إن شاء الله شهيدا،و كنت أولى بالعذر عند الله،لأنك أحق بميراث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«أتراه- يا جندب- كان يبايعني عشرة من مائة؟»فقلت:أرجوا ذلك.فقال:

«لكني لا أرجو و لا من كل مائة اثنان،و ساخبرك من أين ذلك،إنما ينظر الناس إلى قريش،و إن قريشا تقول:إن آل محمد يرون لهم فضلا على سائر قريش،و أنهم أولياء هذا الأمر دون غيرهم من قريش،و أنهم إن ولوه لم يخرج منهم هذا السلطان إلى أحد أبدا،و متى كان في غيرهم تداولوه بينهم،و لا و الله لا يدفع إلينا هذا السلطان قريش أبدا طائعين».

قال:فقلت:أفلا أرجع و أخبر الناس مقالتك هذه و أدعوهم إلى نصرك؟فقال:«يا جندب،ليس ذا زمان ذلك».

*الامالي للطوسي المجلس ٩ الحديث ٧ ص ٢٣٤،تاريخ الطبري ج ٢ ص ٥٨٣،الكامل‏لابن أثير ج ٢ ص ٤٦٤،شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ١٩٤،بحار الأنوار ج ٢٩ ص ٤٣٢ الرقم .١٧

٢٦٦

٣- إن قريشا قد اجتمعت على حرب أخيك.

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أخيه عقيل:

«...فدع ابن أبي سرح و قريشا و تركاضهم(١) في الضلال،فإن قريشا قد إجتمعت على حرب أخيك،إجتماعها على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل اليوم،و جهلوا حقي،و جحدوا فضلي،و نصبوا لي الحرب،و جدوا في إطفاء نور الله،اللهم فاجز قريشا عني بفعالها،فقد قطعت رحمي،و ظاهرت علي،و سلبتني سلطان ابن عمي،و سلمت ذلك لمن ليس في قرابتي و حقي في الإسلام،و سابقتي التي لا يدعي مثلها مدع،إلا أن يدعي ما لا أعرف،و لا أظن الله يعرفه،و الحمد لله على ذلك كثيرا...».

*الإمامة و السياسة لابن قتيبة ص ٧٥،نهج البلاغة(صبحي الصالح)الكتاب ٣٦ ص ٤٠٩،بحار الانوار ج ٢٩ ص .٦٢٨

____________________

(١)التركاض:مبالغة في الركض،و استعاره لسرعة خواطرهم في الضلال.

٢٦٧

٤-ام يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام قاله لابن عباس:

«...إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر من أمر من أصحابه بالسلام علي في حياته بإمرة المؤمنين،فكنت أوكد أن أكون كذلك بعد وفاته.

يابن عباس أنا أولى الناس بالناس بعده و لكن أمور إجتمعت على(١) رغبة الناس في الدنيا و أمرها و نهيها و صرف قلوب أهلها عني،و أصل ذلك ما قال الله عز و جل في كتابه:( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْکِتَابَ وَ الْحِکْمَةَ وَ آتَيْنَاهُمْ مُلْکاً عَظِيماً ) (٢) فلو لم يكن ثواب و لا عقاب لكان بتبليغ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فرض على الناس إتباعه،و الله عز و جل يقول:( مَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) (٣) ،أتراهم نهوا عني فأطاعوا،و الذي فلق الحبة و برأ النسمة و غدا(٤) بروح أبي القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الجنة لقد قرنت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حيث يقول عز و جل:( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْکُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) (٥) ...».

*اليقين في إمرة أمير المؤمنين للسيد ابن طاووس ص ١٠١ الباب ١٢٢،بحار الأنوار ج ٢٩ ص ٥٥٠ الرقم .٦

____________________

(١)كلمة«على»هنا بمعنى:مع.

(٢)النساء: .٥٤

(٣)الحشر: .٧

(٤)غدا غدوا:ذهب غدوة،هذا أصله،ثم كثر حتى استعمل في الذهاب و الإنطلاق أي وقت كان.

(٥)الاحزاب: .٣٣

٢٦٨

٥- شحت عليها نفوس قوم.

من كلام أمير المؤمنينعليه‌السلام لبعض أصحابه و قد سأله:كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام و أنتم أحق به؟فقال:

«يا أخا بني أسد،إنك لقلق الوضين(١) ،ترسل(٢) في غير سدد(٣) ،و لك بعد ذمامة(٤) الصهر و حق المسألة،و قد استعلمت فاعلم:أما الإستبدادعلينا بهذا المقام و نحن الأعلون نسبا،و الأشدون برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نوطا(٥) ،فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس قوم،و سخت عنها نفوس آخرين،و الحكم الله،و المعود إليه القيامة.

ودع عنك نهبا(٦) صيح(٧) في حجراته(٨)

و لكن حديثا ما حديث الرواحل

و هلم(٩) الخطب(١٠) في ابن أبي سفيان،فقد أضحكني الدهر بعد إبكائه،و لا غرو و الله،فيا له خطبا يستفرغ العجب،و يكثر الأود(١١) !حاول القوم إطفاء نور الله من مصباحه،و سد فواره(١٢) من ينبوعه،و جدحوا(١٣) بيني و بينهم شربا و بيئا(١٤) ،فإن ترتفع عنا و عنهم محن البلوى،أحملهم من الحق على محضه(١٥) ،و إن تكن الاخرى( فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُکَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ‌ ) (١٦) ».

*نهج البلاغة(صبحي الصالح)الخطبة ١٦٢ ص ٢٣١،الامالي للصدوق المجلس ٩٠ الحديث ٥،علل الشرايع للصدوق ج ١ الباب ١٢١ الرقم ٢ ص ١٧٥،الارشاد للمفيد ج ١ ص ٢٩٤،المسترشد للطبري ص ٦٣- ٦٤،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٤٨٥ الرقم .٦

____________________

(١)الوضين:بطان يشد به الرحل على البعير كالحزام للسرج،فإذا قلق و اضطرب اضطرب الرحل فكثر تململ الجمل و قل ثباته في سيره.

(٢)الارسال:الإطلاق و الإهمال.

(٣)السدد:الاستقامة.

(٤)الذمامة:الحماية و الكفاية،و الصهر:الصلة بين أقارب الزوجة و أقارب الزوج.

(٥)النوط:التعلق و الالتصاق.

(٦)النهب:الغنيمة.

(٧)صيح:صيغة المجهول من صاح:أي صاحوا للغارة.

(٨)حجراته:جمع حجرة:الناحية.

(٩)هلم:اذكر.

(١٠)الخطب:عظيم الأمر و عجيبه.

(١١)الأود:الإعوجاج.

(١٢)الفوار من الينبوع:الثقب الذي يفور الماء منه بشدة.

(١٣)جدحوا:خلطوا.

(١٤)الشرب:النصيب من الماء.و الوبئ:ما يوجب شربه من الوباء.

(١٥)محض الحق:خالصه.

(١٦)فاطر: .٨

٢٦٩

٦-جمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم.

من كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام لشيعته:

«...اللهم إني أستعديك على قريش فإنهم قطعوا رحمي و أضاعوا أيامي و دفعوا حقي و صغروا قدري و عظيم منزلتي،و أجمعوا على منازعتي حقا كنت أولى به منهم،فاستلبونيه،ثم قالوا :اصبر مغموما أو مت متأسفا.

و أيم الله لو استطاعوا أن يدفعوا قرابتي كما قطعوا سببي فعلوا و لكنهم لن يجدوا إلى ذلك سبيلا».

*كشف المحجة للسيد بن طاووس الفصل ١٥٥ ص ٢٤٨،الامامة و السياسة لابن قتيبة ج ١ ص ١٧٦،الغارات للثقفي ص ٢٠٤،المسترشد للطبري ص ٧٧،معادن الحكمة لعلم الهدى ج ١ ص ٣٣،بحار الانوار ج ٣٠ ص .٧

٢٧٠

٧- ما تركت بدر لنا مذيقا.

قال ابن عمر لعليعليه‌السلام :كيف تحبك قريش و قد قتلت في يوم بدر و احد من ساداتهم سبعين سيدا تشرب انوفهم الماء قبل شفاههم.و قال أمير المؤمنينعليه‌السلام :

«ما تركت بدر لنا مذيقا(١)

و لا لنا من خلفنا طريقا»

*مناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٢٢١،بحار الانوار ج ٢٩ ص ٤٨٢ الرقم ٤،الديوان المنسوب الى عليعليه‌السلام ص .٣٩٢

____________________

(١)و في الديوان:صديقا.

٢٧١

٢٧٢

الفصل السابع: تفسير شامل لما حصل بعد رحيل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

١- لقد قبض الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و لأنا أولى الناس به مني بقميصي هذا.

٢- فعلوا ذلك و أنا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مشغول.

٣- رأيت أن الصبر على هاتا أحجى.

٤- كان من نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلي عهد.

٥- غفرنا ذلك لهما.

٦- إن الناس آلوا بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ثلاثة.

٧- رجع قوم على الأعقاب.

٨- لو كنتم قدمتم من قدم الله و أخرتم من أخر الله...

٩- لو أن الامة لاتبعوني و أطاعوني...

٢٧٣

١- لقد قبض الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله و لأنا أولى الناس به مني بقميصي هذا.

كتاب أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى شيعته

قال ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل:عن علي بن إبراهيم باسناده قال :كتب أمير المؤمنينعليه‌السلام كتابا بعد منصرفه من النهروان و أمر أن يقرأ على الناس،و ذلك أن الناس سألوه عن أبي بكر و عمر و عثمان،فغضبعليه‌السلام و قال:

«قد تفرغتم للسؤال عما لا يعنيكم و هذه مصر قد انفتحت و قتل معاوية ابن خديج و محمد بن أبي بكر،فيالها من مصيبة ما أعظمها بمصيبتي بمحمد،فو الله ما كان إلا كبعض بني،سبحان الله بينا نحن نرجوا أن نغلب القوم على ما في أيديهم إذ غلبونا على ما في أيدينا،و أنا كاتب لكم كتابا فيه تصريح ما سألتم إن شاء الله تعالى».

فدعاعليه‌السلام كاتبه عبيد الله بن أبي رافع فقال له:

«ادخل علي عشرة من ثقاتي».

فقال:سمهم لي يا أمير المؤمنين.فقال:

«ادخل أصبغ بن نباتة،و أبا الطفيل عامر بن وائلة الكناني،و رزين بن‏

٢٧٤

حبيش الأسدي،و جويرية بن مسهر العبدي،و خندف بن زهير الأسدي،و حارثة بن مضرب الهمداني،و الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني،و مصباح النخعي،و علقمة بن قيس،و كميل بن زياد،و عمير بن زرارة».

فدخلوا عليه،فقالعليه‌السلام لهم:

«خذوا هذا الكتاب،و ليقرأه عبيد الله بن أبي رافع و أنتم شهود كل يوم جمعة،فإن شغب(١) شاغب عليكم فانصفوه بكتاب الله بينكم و بينه».

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى شيعته من المؤمنين و المسلمين،فإن الله يقول:( وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ‌ ) (٢) و هو اسم شرفه الله تعالى في الكتاب،و أنتم شيعة النبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ،كما أن من شيعته إبراهيم،إسم غير مختص،و أمر غير مبتدع،و سلام الله عليكم،و الله هو السلام المؤمن أوليائه من العذاب المهين،الحاكم عليكم بعدله.

أما بعد فإن الله تعالى بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله و أنتم معاشر العرب على شر حال،يغذو أحدكم كلبه،و يقتل ولده،و يغير على غيره فيرجع و قد أغير عليه،تأكلون العلهز(٣) و الهبيد(٤) و الميتة و الدم،تنيخون على أحجار خشن(٥) و أوثان مضلة،و تأكلون الطعام الجشب(٦) ،و تشربون الماء الآجن(٧) ،تسافكون دماءكم و يسبي بعضكم بعضا،و قد خص الله قريشا بثلاث آيات و عم العرب بآية،فأما الآيات اللواتي في قريش فهو قوله

____________________

(١)الشغب:تهييج الشر و العناد.

(٢)الصافات: .٨٣

(٣)العلهز- كزبرج- :طعام كانوا يتخذونه من الدم،و وبر البعير،في سني القحط و المجاعة.

(٤)الهبيد:الحنظل أو حبه.

(٥)تنيخون:تقيمون.و الخشن- كالقفل- جمع خشناء،من الخشونة ضد«لان».

(٦)جشب الطعام:غلظ.

(٧)الآجن:المتغير اللون و الطعم.

٢٧٥

‏تعالى:( وَ اذْکُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَکُمُ النَّاسُ فَآوَاکُمْ وَ أَيَّدَکُمْ بِنَصْرِهِ وَ رَزَقَکُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ‌ ) (١) .

و الثانية:( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْکُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَکِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِکُونَ بِي شَيْئاً وَ مَنْ کَفَرَ بَعْدَ ذٰلِکَ فَأُولٰئِکَ هُمُ الْفَاسِقُونَ‌ ) (٢) .

و الثالثة:قول قريش لنبي الله تعالى حين دعاهم إلى الإسلام و الهجرة فقالوا:( وَ قَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَکَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ) فقال الله تعالى:( أَ وَ لَمْ نُمَکِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ کُلِّ شَيْ‌ءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَ لٰکِنَّ أَکْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ) (٣) .

و أما الآية التي عم بها العرب فهو قوله تعالى:( وَ اذْکُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْکُمْ إِذْ کُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَ کُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَکُمْ مِنْهَا کَذٰلِکَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَکُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّکُمْ تَهْتَدُونَ‌ ) (٤) .

فيالها من نعمة ما أعظمها إن لم تخرجوا منها إلى غيرها،و يالها من مصيبة ما أعظمها إن لم تؤمنوا بها و ترغبوا عنها.

فمضى نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و قد بلغ ما ارسل به،فيالها مصيبة خصت الأقربين،و عمت المؤمنين،لن تصابوا بمثلها،و لن تعاينوا بعدها مثلها،فمضىصلى‌الله‌عليه‌وآله لسبيله و ترك كتاب الله و أهل بيته إمامين لا يختلفان،و أخوين لا يتخاذلان،و مجتمعين لا يتفرقان

____________________

(١)الانفال: .٢٦

(٢)النور: .٥٥

(٣)القصص: .٥٧

(٤)آل عمران: .١٠٣

٢٧٦

و لقد قبض الله محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله و لأنا أولى الناس به منى بقميصي هذا،و ما ألقي في روعي(١) و لا عرض في رأيي أن وجه الناس إلى غيري،فلما أبطأوا عني بالولاية لهممهم(٢) و تثبط الأنصار- و هم أنصار الله و كتبية الإسلام- و قالوا:أما إذا لم تسلموها لعلي فصاحبنا أحق بها من غيره.

فو الله ما أدري إلى من أشكو فإما أن يكون الأنصار ظلمت حقها،و إما أن يكونوا ظلموني حقي،بل حقى المأخوذ و أنا المظلوم،فقال قائل قريش:الأئمة من قريش،فدفعوا الأنصار عن دعوتها و منعوني حقي منها.

فأتاني رهط(٣) يعرضون علي النصر،منهم ابنا سعيد،و المقداد بن الأسود،و أبو ذر الغفاري،و عمار بن ياسر،و سلمان الفارسي،و الزبير بن العوام،و البراء بن عازب،فقلت لهم:إن عندي من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عهدا،و له إلي وصية لست أخالفه عما أمرني به،فو الله لو خزموني بأنفي لأقررت لله تعالى سمعا و طاعة. فلما رأيت الناس قد انثالوا على أبي بكر للبيعة،أمسكت يدي و ظننت(٤) أني أولى و أحق بمقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منه و من غيره،و قد كان نبي الله أمر أسامة بن زيد على جيش و جعلهما(٥) فى جيشه و ما زال النبي إلى أن فاضت نفسه يقول:أنفذوا جيش أسامة،أنفذوا جيش أسامة فمضى جيشه إلى الشام حتى انتهوا إلى أذرعات فلقي جيشا من الروم فهزموهم و غنمهم الله أموالهم.

____________________

(١)الروع- بضم الراء على زنة الروح- :القلب.

(٢)لعله جمع الهمة- كعلة- و هو العزم القوي.

(٣)الرهط:الجماعة و العدة،هو جمع لا واحد له من لفظه.

(٤)أي:أيقنت.ورود الظن بمعنى العلم و اليقين شائع في كلام البلغاء و الآيات و الروايات.

(٥)الضمير عائد إلى أبي بكر و عمر.

٢٧٧

فلما رأيت راجعة من الناس قد رجعت عن الإسلام تدعوا إلى محو دين محمد و ملة إبراهيمعليهما‌السلام خشيت إن لم أنصر الإسلام و أهله أرى فيه ثلما و هدما تكون المصيبة علي فيه أعظم من فوت ولاية أموركم التي إنما هي متاع أيام قلائل،ثم تزول و تنقشع كما يزول و ينقشع السحاب،فنهضت مع القوم في تلك الأحداث حتى زهق الباطل،و كانت كلمة الله هي العليا و إن رغم الكافرون.

و لقد كان سعد لما رأى الناس يبايعون أبا بكر،نادى أيها الناس إني و الله ما أردتها حتى رأيتكم تصرفونها عن علي،و لا أبايعكم حتى يبايع علي،و لعلي لا أفعل و إن بايع.ثم ركب دابته و أتى حوران و أقام في خان حتى هلك و لم يبايع.

و قام فروة بن عمرو الأنصاري،و كان يقود مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فرسين،و يصرم ألف وسق من ثمر فيتصدق به على المساكين فنادى:يا معشر قريش أخبروني هل فيكم رجل تحل له الخلافة و فيه ما في علي؟فقال قيس بن مخرمة الزهري:ليس فينا من فيه ما في علي.فقال :صدقت،فهل في علي ما ليس في أحد منكم؟قال:نعم.قال:فما صدكم عنه؟قال:اجتماع الناس على أبي بكر.قال:أما و الله لئن أصبتم سنتكم لقد أخطأتم سنة نبيكم،و لو جعلتموها في أهل بيت نبيكم لأكلتم من فوقكم و من تحت أرجلكم.

فولي أبو بكر فقارب و اقتصد،فصحبته مناصحا و أطعته فيما أطاع الله فيه جاهدا حتى إذا احتضر قلت في نفسي:ليس يعدل بهذا الأمر عني،و لولا خاصة بينه و بين عمر،و أمر كانا رضياه بينهما لظننت أنه لا يعدله عني،و قد سمع قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لبريدة الأسلمي حين بعثني و خالد بن

٢٧٨

الوليد إلى اليمن،و قال:إذا افترقتما فكل واحد منكما على حياله(١) و إذا اجتمعتما فعلي عليكم جميعا فغزونا و أصبنا سبيا فيهم خولة بنت جعفر جار الصفا،فأخذت الحنفية خولة،و اغتنمها خالد مني،و بعث بريدة إلى رسول الله محرشا(٢) علي،فأخبره بما كان من أخذي خولة فقال:«يا بريدة حظه في الخمس أكثر مما أخذ،إنه وليكم بعدي».سمعها أبو بكر و عمر،و هذا بريدة حي لم يمت،فهل بعد هذا مقال لقائل؟!!

فبايع عمر دون المشورة،فكان مرضي السيرة من الناس عندهم،حتى إذا احتضر قلت في نفسي:ليس يعدل بهذا الأمر عني للذي قد رآى مني في المواطن،و سمع من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،فجعلني سادس ستة و أمر صهيبا أن يصلي بالناس،و دعا أبا طلحة زيد بن سعد الأنصاري فقال له:كن في خمسين رجلا من قومك فاقتل من أبى أن يرضى من هؤلاء الستة.

فالعجب من اختلاق(٣) القوم،إذ زعموا أن أبا بكر استخلفه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،فلو كان هذا حقا لم يخف على الأنصار،فبايعه الناس على شورى،ثم جعلها أبو بكر لعمر برأيه خاصة،ثم جعلها عمر برأيه شورى بين ستة،فهذا العجب من اختلافهم،و الدليل على ما لا أحب أن أذكره قوله:«هؤلاء الرهط الذين قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و هو عنهم راض».فكيف يأمر بقتل قومرضي‌الله‌عنه م و رسوله،إن هذا لأمر عجيب،و لم يكونوا لولاية أحد منهم أكره منهم لولايتي،كانوا يسمعون و أنا أحاج أبا بكر و أقول:يا معشر قريش أنا أحق بهذا الأمر منكم،ما كان منكم من يقرأ القرآن‏

____________________

(١)أي على إنفراده:أي في صورة الانفراد كل واحد منكم أمير على جنده.

(٢)التحريش:الاغراء بين القوم و الفساد بينهم بالسعاية و النميمة.

(٣)و في بعض النسخ:«فالعجب من خلاف القوم».

٢٧٩

و يعرف السنة و يدين بدين الله الحق؟و إنما حجتي أني ولي هذا الأمر من دون قريش،إن نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،قال:«الولاء لمن اعتق»فجاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعتق الرقاب من النار و أعتقها من الرق،فكان للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،ولاء هذه الأمة،و كان لي بعده ما كان له،فما جاز لقريش من فضلها عليها بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جاز لبني هاشم على قريش،و جاز لي على بني هاشم بقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم:«من كنت مولاه فعلي مولاه»إلا أن تدعي قريش فضلها على العرب بغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،فإن شاءوا فليقولوا ذلك.

فخشي القوم إن أنا وليت عليهم أن آخذ بأنفاسهم و أعترض في حلوقهم و لا يكون لهم في الأمر نصيب،فأجمعوا علي إجماع رجل واحد منهم حتى صرفوا الولاية عني إلى عثمان رجاء أن ينالوها و يتداولوها في ما بينهم،فبيناهم كذلك إذ نادى مناد لا يدرى من هو فأسمع أهل المدينة ليلة بايعوا عثمان فقال:

يا ناعي الإسلام قم فانعه

قد مات عرف و بدا منكر

ما لقريش لا على كعبها

من قدموا اليوم و من أخروا

إن عليا هو أولى به

منه فولوه و لا تنكروا

‏فدعوني إلى بيعة عثمان،فبايعت مستكرها و صبرت محتسبا،و علمت أهل القنوط أن يقولوا:اللهم لك أخلصت القلوب،و إليك شخصت الأبصار،و أنت دعيت بالألسن،و إليك تحوكم في الأعمال،فافتح بيننا و بين قومنا بالحق.اللهم إنا نشكوا إليك غيبة نبينا و كثرة عدونا،و قلة عددنا،و هواننا على الناس،و شدة الزمان و وقوع الفتن بنا،اللهم ففرج ذلك بعدل تظهره و سلطان حق تعرفه.

فقال عبد الرحمن بن عوف:يابن أبي طالب إنك على هذا الأمر

٢٨٠