إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج0%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج

مؤلف: آية الله السيد علي الحسيني السيستاني
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف:

الصفحات: 415
المشاهدات: 104470
تحميل: 9056

توضيحات:

إيضاح مناسك الحج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 104470 / تحميل: 9056
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

وأما الفواكه والخضروات الطيبة الرائحة - كالتفاح والسفرجل والنعناع - فيجوز للمحرم أكلها(١) ، ولكنّ الأحوط الإمساك عن شمها حين الاكل(٢) .

وكذلك الحال في الأدهان الطيبة، فإن الاظهر(٣) جواز أكل

____________________

=

الاذخر والقيصوم والخزامي والشيح وأشباهه وانت محرم» والشيح نبات بري له رائحة طيبة، وكذا القيصوم، والخزامي كذلك وله ورد كورد البنفسج، والأذخر نبات عريض الاوراق طيب الرائحة.

(١) لموثقة الساباطي قال: سألته عن المحرم يأكل الأترج ؟ قال نعم، قلت له: رائحة طيبة، قال: الاترج ليس من الطيب » وكونها ليس من الطيب لايعني جواز شمها بل لابد من امساك الانف عند الاكل، والامامعليه‌السلام أقر ارتكاز الراوي على ان مطلق الرائحة فيها بأس وإنما يجوز أكلها لانها ليس من مصاديق الطيب الاربعة او الستة على الخلاف.

ويشهد لذلك مرسل ابن ابي عمير عن بعض أصحابه عن ابي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن التفاح والاترج والنبق وماطاب ريحه ؟ فقال: يمسك على شمه ويأكله ».

(٢) واحتاط بعض الاعاظم فيه استحبابا، وجزم بعض الاعلام بالجواز، والصحيح وجوب امسكاك الانف لما تقدم.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية « غير أنه يكره الادهان الطيبة» وقد تقدم ان الكراهة من حيث الاكل فحسب لا من حيث الشم

=

١٠١

مايطعم منها ولايعد من الطيب عرفا، ولكن الأحوط أن يمسك عن شمها حين الأكل(١) .

مسألة ١٠٦: لايجب على المحرم أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة حال سعيه بين الصفا والمروة(٢) ، إذا كان هناك من يبيع العطور، وعليه أن يمسك على أنفه من الرائحة الطيبة في غير هذه الحال(٣) ، نعم لابأس بشمّ خلوق الكعبة على ماتقدم.

* مسألة ١٠٧: الصابون والشامبو اذا لم يكن ذا رائحة عطرة يجوز استعماله، وإن كان ذا رائحة عطرة وإن لم تكن قوية فالاحوط الاجتناب عنه(٤) ، وكذا استعمال السكاير ذات الرائحة العطرة.

مسألة ١٠٨: إذا تعمد المحرم أكل شيء من الطيب، أو لبس

____________________

=

والالتذاذ برائحته.

(١) بل الظاهر من الروايات وجوب الامساك، والله العالم.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة هشام: لابأس بالريح الطيبة فيما بين الصفا والمروة من ريح العطارين ولايمسك على أنفه.

(٣) اقتصاراً على مورد النص.

(٤) شماً على الظاهر، وعلى ماقربناه في الفاكهة والادهان فراجع، والله العالم.

١٠٢

مايكون عليه أثر منه، فعليه كفارة شاة على الاحوط لزوما(١) ، ولاكفارة عليه في استعمال الطيب فيما عدا ذلك(٢) ، وإن كان التكفير أحوط(٣) ·

مسألة ١٠٩: يحرم على المحرم أن يمسك على أنفه من الروائح الكريهة(٤) ·

____________________

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة « من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم » وقولهعليه‌السلام في صحيحة الاخرى « من لبس ثوبا لاينبغي له لبسه أو أكل طعاما لاينبغي له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة »، ولامعارض سوى معتبرة ابن هارون وفيها « إني أكلت خبيصاً فيه زعفران حتى شبعت وأنا محرم، قال: إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فابتع بدرهم تمراً فتصدق به، فيكون كفارة لذلك، ولما دخل في احرامك مما لاتعلم » وموردها الجاهل كما هو ظاهر ذيلها، فتوقف الماتن في ثبوت الكفارة في خصوص الاكل لم استظهره.

وهل تثبت الكفارة في شم الروائح الطيبة الظاهر العدم لعدم الدليل، نعم قد يقال باستحباب التصدق او وجوبه كما هو ظاهر صحيحة معاوية المتقدمة.

(٢) للقصور في المقتضي.

(٣) خروجا عن مخالفة المشهور ودعوى الاجماع كما في المنتهى.

(٤) لصحيحة معاوية المتقدمة وغيرها.

١٠٣

نعم لابأس بالإسراع في المشي للتخلص منها(١) .

٩ - لبس المخيط(٢) أو مابحكمه للرجل

مسألة ١١٠: لايجوز للمحرم أن يلبس ثوبا يزرّه - اي يربط بعضه بالبعض الآخر بأزرار أو مايفيد فائدتها - أو يتدرعه - أي يلبسه كما يلبس الدرع بأن يخرج رأسه ويديه من الفتحات المخصّصة لها - كما لايجوز له لبس السراويل ومايشبهه في ستر العورتين كالبنطلون، إلا

____________________

(١) اذ المنهي عنه في النصوص هو إمساك الانف لاغير.

(٢) لم يرد في الروايات ترك لبس المخيط بعنوانه وإنما ورد النهي عن لبس أمور خاصة كالسراويل والمدرعة والقميص، فليس هناك دليل على حرمة لبس المخيط مطلقا - حتى لو كان قليلا - بل إطلاق بعض الاخبار شامل لجواز لبس المخيط في الجملة، ففي صحيحة زرارة عن احدهما قال: سألته عمّا يكره للمحرم أن يلبسه؟ فقال: يلبس كل ثوب إلا ثوبا يتدرعه ».

نعم ظهور بعض الاخبار حرمة المخيط كالتي وردت في السؤال عن الهميان والجواب بجوازه لحفظ النقود لان فيها حجته، مضافا الى الاجماع المطبق للمتقدمين الكاشف عن السيرة العملية من زمن المعصومينعليهم‌السلام ، والمتيقن منه ماإذا كانت الخياطة مقومة للباس.

١٠٤

إذا لم يكن له أزار(١) ، والأحوط لزوما أن يجتنب لبس الثياب المتعارفة كالقميص والقباء والجبة والسترة والثوب العربي - الدشداشة - مطلقا وإن لم يزرّها أو يتدرّعها(٢) .

نعم يجوز له في حال الاضطرار أن يطرح القميص أو مايشبهه على عاتقه، ويلبس القباء أو نحوه مقلوبا ولا يدخل يديه في يدي القباء، ولافرق فيما ذكر كلَّه بين أن يكون الثوب مخيطاً أو منسوجاً أو ملبداً أو غير ذلك(٣) .

يجوز للمحرم أن يربط على وسطه محفظة نقوده وإن كانت من قسم المخيط كالهميان والمنطقة(٤) ، كما يجوز له التحزّم بالحزام

____________________

(١) نصاً واجماعا، ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام : لاتلبس ثوبا له أزرار وانت محرم إلا أن تنكسه، ولاثوبا تدرعه، ولا سراويل إلا أن لايكون لك إزار ولاخفين إلا أن لايكون لك نعل.

(٢) أما مع الزرّ والتدرع فيجب الاجتناب كما هو صريح النصوص، أما مع عدمهما اختيارا فظاهر بعض الروايات جوازه، ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: لاتلبس ثوبا له أزرار وانت محرم إلا أن تنكسه » المحمول على حالة الاضطرار، ولعله لهذا احتاط الماتن والله العالم.

(٣) لاطلاق الاخبار والكلمات.

(٤) ففي صحيحة يعقوب قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن

=

١٠٥

المخيط الذي يستعمله المبتلى بالفتق لمنع نزول الأمعاء في الأنثيين(١) * كما يجوز له أن يشد أزاره أو وسطه بحزام أو رباط من القماش غير المخيط وإن كان مكروها(٢)

ويجوز له أيضا أن يغطي بدنه - ماعدا الرأس - في حال الاضطجاع أو غيره باللحاف ونحوه من أقسام المخيط(٣) .

* وإذا جاز للمحرم تغطية الرأس لضرورة فالاحوط أن لايكون

____________________

=

المحرم يصر الدراهم في ثوبه، قال: نعم، ويلبس المنطقة والهميان » وفي صحيحة ابي بصير قال: سألت يا ابا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يشد على بطنه المنطقة التي فيها نفقته ؟ قال: يستوثق منها فإنها تمام حجه.

(١) إذ التحفظ على صحته لاتقل أهمية من التحفظ على أمواله، اذ بدونها لايتمكن من أداء المناسك.

(٢) ففي صحيحة الحلبي عنهعليه‌السلام قال: المحرم يشد على بطنه العمامة، وإن شاء يعصبها على موضع الإزار ولايرفعها إلى صدره » وفي قبالها صحيحة ابي بصير قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يشد على بطنه العمامة ؟ قال: لا » المحمولة على الكراهة أو على رفعها الى الصدر او كونها من الحرير والاول هو الاقرب.

(٣) اذ المحرم هو لبس بعض الثياب الخاصة لا التغظية والافتراش والتلحف، لعدم صدق اللبس عليها.

١٠٦

الغطاء معدوداً من الثياب كالعمامة والقلنسوة.

* مسألة ١١١: لامانع من لبس ثوبي الاحرام إذا كان في حواشيهما خياطة(١) وكذا في لبس النعال والخف المخيطين(٢) اذا لم يكن الخف ساترا لتمام البدن.

مسألة ١١٢: الأحوط أن لايعقد المحرم الإزار في عنقه(٣) بل لايعقده مطلقا ولو بعضه ببعض(٤) ، ولايغرزه بأبرة ونحوها(٥) ، والاحوط أن لايعقد الرداء أيضا(٦) ، ولابأس بغرزه بالإبرة

____________________

(١) لعدم الدليل على حرمة المخيط مطلقا حتى ولو كان يسيراً.

(٢) لعدم كونهما من ثوبي الاحرام.

(٣) تشهد له صحيحة علي بن جعفر عن أخيهعليه‌السلام قال: المحرم لايصلح له أن يعقد ازاره على رقبته ولكن يثنيه على عنقه ولايعقده، وفي صحيحة الاعرج انه سأل أبا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يعقد ازاره في عنقه: قال: لا » ومنشأ التوقف نسبة الجواز الى المشهور.

(٤) يشهد له اطلاق صحيحة علي بن جعفر المتقدمة، ومكاتبة الحميري وفيها «ولم يعقده ولم يشده».

(٥) لقولهعليه‌السلام في مكاتبة الحميري « جائز ان يتزر الانسان كيف شاء اذا لم يحدث في الميزر حدثا بمقراض ولاابرة تخرجه عن حد الميزر ».

(٦) ذهب العلامة والشهيد الى عدم جواز عقد الرداء ولادليل عليه

١٠٧

وأمثالها(١) .

مسألة ١١٣: يجوز للمرأة لبس المخيط مطلقاً عدا القفازين - اي الكفوف - فإنه لايجوز لها أن تلبسها في يديها(٢) .

مسألة ١١٤: إذا لبس المحرم متعمداً شيئا يحرم عليه لبسه وجبت عليه كفارة شاة(٣) ، حتى ولو كان مضطراً الى ذلك على الأحوط(٤) ،

____________________

=

ظاهرا، فالاحتياط الاستحبابي لابأس به.

(١) لعدم الدليل على المنع.

(٢) بلا خلاف أصلا، وتشهد له جملة من النصوص، ففي صحيحة العيص عنهعليه‌السلام قال: المرأة المحرمة تلبس ماشاءت من الثياب غير الحرير والقفازين.

(٣) نصاً واجماعاً.

(٤) ووجه الإحتياط دعوى الإجماع بقسميه عليه كما في الجواهر، وصحيحة محمّد بن مسلم قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن المحرم إذا إحتاج إلى ضروب من الثياب يلبسها قالعليه‌السلام : « عليه لكلّ صنف منها فداء »، فهي بإطلاقها تشمل المضطر وغيره، إلاّ انّه لابدّ من رفع اليد عن إطلاقها بحديث الرفع المشهور، إلاّ أن يقال انه يرفع المؤاخذة دون الكفّارة فتدبّر.

نعم يمكن أن يستظهر من روايات لبس السراويل لمن لم يتيسر له الازار عدم الكفارة على المضطر، إلا ان يناقش في دلالتها بأنها في صدد بيان الحكم

=

١٠٨

ولو تعدد اللبس تعددت الكفارة، وكذا لو تعدد الملبوس - بأن جعل بعض الألبسة في بعض ولبس الجميع دفعة واحدة - مع اختلافها في الصنف(١) ، بل وكذا مع اتحادها على الأحوط(٢) .

١٠ - الاكتحال

مسألة ١١٥: الاكتحال على قسمين:

١ - أن يكون الاكتحال بالكحل الاسود، أو أي كحل آخر يعد الاكتحال به زينة عرفا، وهذا حرام على المحرم إذا قصد به الزينة على الاظهر(٣) ،

____________________

=

التكليفي لا الوضعي.

(١) كما هو مقتضى اطلاق صحيحة ابن مسلم المتقدمة.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة: من نتف إبطه... أو لبس ثوبا لاينبغي له لبسه... ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ومن فعل متعمدا فعليه دم شاة » ووجه التوقف دعوى الاتفاق على عدم التعدد والله العالم.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة حريز: لاتكتحل المرأة المحرمة بالسواد، ان السواد زينة » وفي صحيحة معاوية قال: لايكتحل الرجل والمرأة

=

١٠٩

بل مطلقا على الاحوط(١) ، نعم لابأس بالاكتحال به في حال الاضطرار لغرض التداوي والعلاج(٢) .

٢ - أن يكون الاكتحال بغير الكحل الأسود ومايعد مثله في التزين به، وهذا لابأس به إذا لم يقصد به الزينة(٣) ، وإلا فالأحوط تركه(٤) ،

____________________

=

المحرمان بالكحل الاسود إلا من علة» وغيرها من النصوص.

(١) لحرمة الزينة، وهي متحققة قُصد منها التزين ام لا، فتكون مشمولة لاطلاقات الادلة، نعم في صحيحة زرارة عنهعليه‌السلام قال: تكتحل المرأة بالكحل كله إلا الكحل الاسود للزينة » إذ ظاهرها استثناء الكحل الاسود اذا كان بقصد الزينة، فموضوع الحكم الكحل الاسود وقصد الزينة ومع عدم تحققهما لاتحقق للحكم، لكن يمكن تقييد إطلاقها بالروايات المعلل حرمة الكحل لانه زينة، والله العالم.

(٢) بلا خلاف أصلا، وتشهد له النصوص.

(٣) نصاً واجماعا، وتدل عليه النصوص.

(٤) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: لابأس أن يكتحل وهو محرم بما لم يكن فيه طيب ويجد ريحه فاما للزينة فلا» فذيلها صريح على النهي عن الاكتحال بقصد الزينة، إلا ان في قباله صحيحة زرارة المتقدمة الدالة على ان الكحل المنهي عنه هو الاسود بقيد الزينة، مع وجاهة تقييدها بروايات التعليل.

١١٠

ولاكفارة في الاكتحال مطلقا(١) ، وإن كان الاولى التكفير بشاة إذا اكتحل بما لايحل له(٢) .

١١ - النظر في المرآة

مسألة ١١٦: لايجوز للمحرم أن ينظر في المرآة للزينة(٣) ، ويجوز إذا كان لغرض آخر كتضميد جرح الوجه أو استعلام وجود حاجب عليه، أو كنظر السائق فيها لرؤية ماخلفه من السيارات ونحو ذلك(٤) ،

____________________

(١) لقصور المقتضي، بل لعدم الدليل.

(٢) لعله لقولهعليه‌السلام في حسنة علي بن جعفر: لكل شيء خرجت - جرحت - من حجك فعليه فيه دم تهريقه حيث شئت » والرواية ضعيفة سندا وفق المباني الرجالية المتأخرة لعدم التوثيق الصريح لعبدالله ابن الحسن الراوي عن ابن جعفر، مضافا الى اختلاف في النسخة المفضي الى اختلاف الدلالة.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: لاينظر المحرم في المرآة لزينة.

(٤) لكون المستفاد من بعض النصوص حرمة النظر فيها اذا كان بقصد الزينة، نعم في بعضها الاخر التعليل بأنه زينة، ففي صحيحة حماد عنه عليه

=

١١١

وقد تلحق بالمرآة سائر الاجساد الصقيلة التي تفيد فائدتها(١) ·

ويستحب لمن نظر في المرآة للزينة أن يجدد التلبية(٢) ، وأما النظر عبر النظارة الطبية فلا بأس به(٣) ، نعم الاحوط الاجتناب عن لبسها إذا عدت زينة عرفا(٤) .

____________________

=

السلام قال: لاتنظر في المرآة وانت محرم فانه من الزينة » ومثلها صحيحة حريز، لكن بقرينة صحيحة معاوية أن علة النهي هو ما كان للزينة اذ ليس النظر للمرآة بما هو هو من الزينة، مضافا الى ماأفاده سيد الفقهاء الخوئي من لغوية القيد لو كان الحكم ثابتا لمطلق النظر للمرآة، فلكي نفر من اللغوية لابد من الالتزام بان التقييد يدل على عدم ثبوت الحكم لمطلق النظر، ولعل في ماأفادهقدس‌سره نظر، والله العالم.

(١) إذ لاخصوصية للمرآة بما هي هي وإنما هي للعلة، فمع تحققها يتحقق الحكم.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: فان نظر فليلب » المحمول على الاستحباب لتسالم الاصحاب عليه، لالما أفاده بعض الاعلام من عدم كون النظر الى المرآة مانعا من صحة الاحرام، إذ الالتزام بذلك لاينافي عدم الوجوب في المقام تعبدا.

(٣) لعدم الدليل على الحرمة.

(٤) للنهي عن التزيّن مطلقاوسيأتي، وهو من المفاهيم العرفية، فما عدّ عرفا انه زينة فهو من مصاديق التزيّن، وليس للشارع معنى مستحدث غير

=

١١٢

١٢ - لبس الخف والجورب للرجال

مسألة ١١٧: يحرم على الرجل المحرم أن يلبس مايغطي تمام ظهر قدمة كالجورب والخفّ، إلا في حال الاضطرار، كما إذا لم يتيسر له نعل أو شبهه، فدعت الضرورة الى لبس الخفّ(١) ، فإنه يجوز له ذلك ولكن بعد شق ظهره على الاحوط(٢) .

____________________

=

المعني العرفي.

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي: وأي محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين اذا اضطر الى ذلك، والجوربين يلبسهما اذ اضطر الى لبسهما.

(٢) لقولهعليه‌السلام في مصححة ابي بصير: له أن يلبس الخفين إن اضطر الى ذلك وليشقه عن ظهر القدم » وفي صحيحة محمد بن مسلم في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل ؟ قالعليه‌السلام : نعم لكن يشق ظهر القدم » وتوقف في كلا الروايتين سنداً، اما الاولى فلوجود البطائني واما الثانية فلضعف سند الصدوق الى كتاب محمد بن مسلم، وقد تقدم غير مرة تصحيح روايات البطائني اذا روى عنه الكبار، ويمكن تصحيح سند الصدوق الى ابن مسلم عبر عملية تبديل السند، مضافا إلى ان الضرورات تقدر بقدرها، فليس

=

١١٣

ويجوز لبس مايستر بعض ظهر القدم(١) ، كما يجوز له ستر تمامه من دون لبس كأن يلقي طرف ردائه عليها حال الجلوس(٢) ، ولاكفارة في لبس الخف وشبهه مطلقا(٣) .

وأما لبس الجورب ومايماثله فتجب الكفارة فيه على المتعمد على الاحوط(٤) ، والكفارة دم شاة.

ولابأس بلبس الجورب والخف وغيرهما مما يغطي تمام ظهر

____________________

=

في الروايتين انشاء حكم جديد.

(١) اذ المنهي عنه في الروايات مايستر تمام البدن كالخف والجورب.

(٢) إذ المحرّم على المُحرم هو اللبس خاصة.

(٣) لعدم الدليل، لكن قولهعليه‌السلام في صحيحة زرارة: من لبس ثوبا لاينبغي له لبسه وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فلا شيء عليه ومن فعله متعمدا فعليه دم » يمكن ان يكون شاملا للمقام بدعوى كون الخف من مصاديق الثياب، والشاهد عليه قولهعليه‌السلام في صحيحة العيص: المرأة تلبس ماشاءت من الثياب غير الحرير والقفازين » فاذا صدق على القفازين الثياب فالظاهر صحة صدقه على الخف والجورب، فالاحتياط في المقام لايترك.

(٤) اذ الاطمئنان بصدق الثياب على الجورب لامجازفة فيه، خصوصا مع صدقها على القفاز كما هو ظاهر الصحيحة السابقة.

١١٤

القدم للنساء(١) .

١٣ - الفسوق

مسألة ١١٨: الفسوق - ويشمل الكذب والسب والمفاخرة المحرمة - وإن كان محرما في جميع الأحوال، إلا أن حرمته مؤكدة في حال الاحرام(٢) .

والمقصود بالمفاخرة، التباهي أمام الاخرين بالنسب أو المال أو الجاه وماأشبهها، وهي محرمة إذا كانت مشتملة على إهانة المؤمن والحط من كرامته، وإلا فلا بأس بها ولا تحرم لا على المحرم ولا على غيره.

____________________

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة العيص: المرأة المحرمة تلبس ماشاءت من الثياب غير الحرير والقفازين » وفي مصححة ابن سويد قالعليه‌السلام : تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس، ولاتلبس القفازين » وفي رواية ابي عيينة قالعليه‌السلام : الثياب كلها ماخلا القفازين والبرقع والحرير.

(٢) لقوله تعالى ( فلا رفث ولافسوق ولاجدال في الحج) المفسر في النصوص بالكذب والسب والمفاخرة.

١١٥

ولا كفارة في الفسوق إلا الاستغفار(١) ، وإن كانت الأحوط التكفير ببقرة(٢) ·

١٤ - الجدال

مسألة ١١٩: يحرم الجدال على المحرم(٣) ، ويختص بما كان مشتملا على الحلف بالله تعالى في الإخبار عن ثبوت أمر أو نفيه، والأظهر عدم اعتبار أن يكون بأحد اللفظين - بلى والله، ولا والله - بل يكفي مطلق اليمين بالله سواء كانت مصدرة بـ (لا) وبـ (بلى) أم لا،

____________________

(١) كما هو ظاهر الاصحاب، قاله في الجواهر، وفي صحيحة الحلبي - في حديث - أرأيت من ابتلي بالفسوق ما عليه؟ قال: لم يجعل الله له حدا، يستغفر الله ويلبي » وفي صحيحة ابن جعفر عن أخيهعليه‌السلام قال: وكفارة الفسوق يتصدق به إذا فعله وهو محرم» وذهب صاحب الحدائققدس‌سره الى وجوب الكفارة عند اجتماع السباب والكذب ·

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن خالد: وفي السباب والفسوق بقرة، والرفث فساد الحج ·

(٣) كما هو صريح الآية السابقة.

١١٦

وسواء كانت باللغة العربية أم بغيرها من اللغات(١) .

وأما الحلف بغير الله تعالى من المقدسات فلا أثر له فضلا عن مثل قولهم: «لالعمري وبلى لعمري».

كما لاأثر للحلف بالله تعالى لغير الاخبار، كما في يمين المناشدة، كقول السائل: أسألك بالله أن تعطيني، ويمين العقد - أي مايقع تأكيدا لما التزم به من ايقاع أمر أوتركه في المستقبل - كقوله: والله لاعطينّك كذا.

وهل يعتبر في تحقق الجدال في اليمين الصادقة تكرارها ثلاث مرات ولاءاً، فلا يتحقق شرعا إذا لم تكن كذلك أم لا ؟ اختار بعض الفقهاء ذلك، وهو لايخلو عن وجه(٢) ، وإن كان الاحوط خلافه(٣) ،

____________________

(١) لعله لعدم الخصوصية والموضوعية، ولشمول الحلف والايمان بما ذكر.

(٢) ولعل وجهه قولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: والجدال قول الرجل: لا والله وبلى والله، واعلم ان الرجل اذا حلف بثلاثة أيمان ولاءا في مقام واحد وهو محرم فقد جادل وعليه دم يهريقه » فظاهرها ان الجدال لايتحقق الا بعد الثلاث.

(٣) ففي صحيحة الحلبي عنهعليه‌السلام - في حديث - قال: فمن ابتلي بالجدال ماعليه ؟ قال: إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه

=

١١٧

وأما الجدال في اليمين الكاذبة فلا يعتبر فيه التعدد بلا إشكال(١) .

مسألة ١٢٠: يستثني من حرمة الجدال كل مورد يتضرر المكلف من تركه، كما لو كان مؤديا الى ذهاب حقه.

مسألة ١٢١: إذا حلف المجادل صادقا ثلاث مرات ولاءا فعليه كفارة شاة(٢) ، ولو زاد على الثلاث لم تتكرر الكفارة.

نعم، لو كفر بعد الثلاث أو الزائد عليها أو انقطع التتابع ثم حلف ثلاثا فما فوقها وجبت عليه كفارة أخرى.

وإذا حلف كاذبا فعليه كفارة شاة للمرة الواحدة وشاتين لمرتين، وبقرة لثلاث مرات(٣) ، ولو زاد على الثلاث ولم يكفر لم

____________________

=

وعلى المخطىء بقرة » فالجدال يتحقق بالمرة والمرتين، نعم تحقق الكفارة في اليمين الصادقة لابد من تكرارها ثلاث مرات، مضافا الى صدق الجدال على المرة الواحدة شرعا وعرفا، فتحمل الصحيحة السابقة ومثلها موثقة ابي بصير على الجدال التي تترتب عليه الكفارة، والله العالم.

(١) نصاً واجماعاً.

(٢) تدل عليه صحيحة الحلبي المتقدمة.

(٣) تشهد له صحيحة معاوية وابي بصير عنهعليه‌السلام : « اذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه » وفي صحيحة الحلبي عنهعليه‌السلام : « اذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه، وعلى المخطي

=

١١٨

تتكرر الكفارة.٩

ولو كفّر ثم جدد الحلف كاذبا وجبت عليه الكفارة على النحو المتقدم(١) .

ولو حلف كاذبا مرتين فكفر، ثم حلف كذلك مرة ثالثة وجبت عليه كفارة شاة لابقرة.

١٥ - قتل هوامّ الجسد

مسألة ١٢٢: لايجوز للمحرم قتل القمّل(٢) ، وكذا لايجوز له إلقاؤه من جسمه أو ثوبه على الاحوط(٣) ، ولاباس بنقله من مكان الى مكان

____________________

=

بقرة»، وليس في الروايات تعرض لمن حلف مرتين فتشمله الصحيحة الاول، فتكون النتيجة ماأفاده في المتن.

(١) لانه بعد التكفير يشرع فى حساب جديد، لاربط له بالسابق.

(٢) بلا خلاف بينهم فيه، للنصوص المتعددة.

(٣) تبعا لجماعة منهم الشيخ في النهاية والكركي في الجامع والهندي في كشف اللثام وفي الرياض اتفاق الاصحاب ظاهرا على حرمته ونفى عنه الخلاف في الغنية، وجزم به السيد الخوئي واعاظم تلامذته، ومستنده جملة من الروايات، ففي صحيحة معاوية قالعليه‌السلام : المحرم يلقي عنه

=

١١٩

آخر، وإذا قتله أو ألقاه فالاحوط الاولى التكفير عنه بكف من الطعام(١) ، أما البقّ والبرغوث وأمثالهما فالاحوط عدم قتلها إذا لم

____________________

=

الدواب كلها إلا القملة فإنها من جسده، وإن اراد أن يحول قملة من مكان الى مكان فلا يضره » وغيرها من الصحاح.

وفي قبالها رواية مرة مولى خالد قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يلقي القملة، فقال: ألقوها أبعدها الله غير محمودة ولامفقودة » ومرة وإن لم يوثق إلا ان الراوي عنه صفوان الذي اجمعت الطائفة على تصحيح مايصح عنه، مضافا الى تأييدها بمعتبرة ابي الجارود قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : حككت رأسي وانا محرم فوقعت قملة، قال: لابأس، قلت: أي شيء تجعل عليّ فيها ؟ قال: وما اجعل عليك في قملة، ليس عليك فيها شيء» فقوله «أي شي تجعل عليّ فيها» لعله ظاهر في كون ذلك عن علم وتعمد، نعم هي متعرضة لنفي الكفارة وكأن الامامعليه‌السلام أقر ارتكاز الراوي من مفروغية حرمة الالقاء، فلا تكون مؤيدة فالقول بالحرمة هو المتعيّن، والله العالم.

(١) تشهد له صحيحة ابن مسلم عنهعليه‌السلام قال: سألته عن المحرم ينزع القملة عن جسده فيلقيها ؟ قال: يطعم مكانها طعاما» المحمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة معاوية قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : ماتقول في محرم قتل قملة ؟ قال: لاشيء عليه في القملة ولاينبغي أن يتعمد قتلها » ولعل نفي الكفارة هنا بمعناها الاصطلاحي - وهو الدم - لامطلقا.

١٢٠