إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج14%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108906 / تحميل: 9671
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

من جهة أخرى؟

إلى غير ذلك من الأبحاث الكثيرة والمتعدّدة.

هذه الأمور والاحتمالات التي طرحناها لم تُعرض ضمن بحث مستقلٍ منفرد ومتميّز في الكتب، أو الأبواب الفقهيّة.

وقد يجدها المتتبّع في طيّات كلمات الفقهاء وأبحاثهم هنا وهناك في موارد متفرّقة، ومواضع مختلفة.

مثلاً: قد يجدها المتتبّع في موضوع حرمة تنجيس القرآن أو وجوب تطهيره إذا لاقته النجاسة.

وفي بحث الوقف والصدقات وإحياء الموات، وقضيّة حُرمة المؤمن، وحُرمة الكعبة، وفي باب الحدود، في حكم سبّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - والعياذ بالله تعالى - أو هتك مقدّسات الدين، حيث يبحث العلماء في هذه الموارد عن الشعائر الدينيّة، وإنّ هتكها هل هو موجب للكفر أم لا؟

ومضافاً إلى ذلك، هناك بعض الكتب والرسائل التي أُلِّفت في بحث الشعائر الحسينيّة(1)، وقد ذكروا فيها بعض الضوابط الشرعيّة إلى حدّ ما، فمن الجدير مراجعة تلك الكتب وملاحظة الخطوط العامّة لهذا البحث، وما تتضمّنه من نقض وإبرام.

____________________

(1) نذكر - على سبيل المثال - بعض تلك الرسائل والمؤلّفات:

الشعائر الحسينيّة في الميزان الفقهي، لآية الله الشيخ عبد الحسين الحلّي (رحمه الله).

نصرة المظلوم، لآية الله الشيخ حسن المظفّر (رحمه الله).

الشعائر الحسينيّة، سماحة السيّد حسن الشيرازيّ (رحمه الله).

نجاة الأمّة في إقامة العزاء، الحاج السيّد محمّد رضا الحسيني الحائري.

الشعائر الحسينيّة سُنّة أم بدعة، الشيخ أحمد الماحوزي.

٢١

الجانبُ الرابع: إطار موضوع القاعدة

قد تُضافُ الشعائر إلى لفظ الجلالة (الله) فنقول: (شعائر الله)، كما في الآيات الكريمة(1) ، ومنها قوله تعالى:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (2) .

وأيضاً الشعائر أو الشعيرة أو الشعارة - على اختلاف هيئات المادّة - قد تضاف إلى المذهب، فيقال: شعائر المذهب.

وأيضاً، قد تضاف إلى الحسين (عليه السلام) باسم الشعائر الحسينيّة.

وأيضاً، قد تضاف إلى الدين، فتُعرف باسم شعائر الدين وشعائر الإسلام.

وسيتبيّن أنّ هذه الإضافات ما هي إلاّ تفريعات وتطبيقات لنفس القاعدة الواحدة، فيقال: شعائر الله، أو يقال: الشعائر الحسينيّة، أو يقال: شعائر المذهب، أو يقال: شعائر الإسلام، أو شعائر الدين، وهي - على كلّ حال - تبويبات وتصنيفات لذكر فروع لأصل واحد، أو تكون مرادفات لنفس المسمّى.

وسيظهر ما في هذا التعبير من نواحٍ تربويّة متعدّدة، وتفريعات لنكاتٍ فقهيّة مختلفة.

____________________

(1) المائدة: 2، الحج: 32، البقرة: 158.

(2) الحجّ: 32.

٢٢

الجانبُ الخامس:

جرياً على ديدن العلماء في تصنيف كلّ مسألة بإدراجها في باب من الأبواب الفقهية، ففي أيّ باب من الأبواب يمكن درج هذه القاعدة؟ هل في باب الفقه السياسي، أم في باب الفقه الاجتماعي، أم باب فقه القضاء، أم فقه المعاملات؟

وسيظهر خلال مراحل البحث: أنّ من خصائص هذه القاعدة وهذا الواجب الدينيّ العظيم، أنّ هذا الواجب ليس واجباً ملقى على عاتق رموز الدولة الإسلاميّة أو الحكومة فحسب، وليس مُلقى على عاتق المرجعيّة فقط، الّتي قد تُسمّى بالاصطلاح الأكاديمي الحديث حكومة المرجع، ولا على عاتق الهيئات الدينيّة دون غيرها.

وإنّما هذا الواجب - كما سيتبيّن - هو واجب كفائيّ يُلقى على عاتق عموم المسلمين، ويتحمّل مسؤوليّة إقامته جميع طبقات وشرائح المجتمع الإسلامي، ومن ثُمّ كان الأولَى إدراج هذه القاعدة في أبواب فقه الاجتماع، من قبيل: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا في خصوص الفقه السياسي، ولا في خصوص فقه الأبواب الأُخرى، بل يكون انضمامها تحت باب الفقه الاجتماعي هو الأنسب لهذه القاعدة.

هذه جوانب ذكرناها بعنوان ديباجة وتمهيد للبحث، أمّا بالنسبة إلى تبويب وتصنيف جهات البحث؛ فإنّ البحث سيقع - إن شاء الله تعالى - في مقامين رئيسيّين:

٢٣

المقامُ الأول

في عُموم قاعِدة الشَعائر الدينيّة

وهذا المقام يتألّف من الجهات التالية:

الجهة الأولى: الأدلّة الإجماليّة الواردة في هذه القاعدة.

الجهة الثانية: أقوال الفقهاء والمتكلّمين والمفسّرين والمحدّثين حول قاعدة الشعائر الدينيّة.

الجهة الثالثة: البحث في معنى وماهيّة الموضوع، وهو الشعيرة والشعائر من الناحية اللُّغويّة.

الجهة الرابعة: كيفيّة تحقّق الموضوع، وهو الشعيرة والشعائر ومعالجة العديد من قواعد التشريع.

الجهة الخامسة: البحث في متعلّق الحكم لقاعدة الشعائر.

الجهة السادسة: نسبة حكم الشعائر مع العناوين الأوّليّة للأحكام من جهة، ومع العناوين الثانويّة للأحكام من جهة أُخرى.

الجهة السابعة: الموانع الطارئة على الشعائر، كالخرافة والاستهزاء والهتك والشنعة.

٢٤

المقامُ الثاني

الشَعائرُ الحُسينيّة

يقع البحث في خصوصيات الشعائر الحسينيّة، ودراسة قوّة وتماميّة الأدلّة الخاصّة الواردة فيها، وردّ الإشكالات والانتقادات التي وُجِّهت لها، وأُثيرَت حولها.

وهل يختلف حكمها عن الأحكام العامّة في الشعائر؟

أم هي تتضمّن الأحكام العامّة للشعائر وزيادة؟

ويقع البحث خلال الجهات الآتية:

الجهة الأولى: أهداف النهضة الحسينيّة.

الجهة الثانية: أدلّة الشعائر الحسينيّة.

الجهة الثالثة: أقسام الشعائر الحسينيّة.

الجهة الرابعة: الرواية في الشعائر الحسينيّة.

الجهة الخامسة: البكاء.

الجهة السادسة: الشعائر الحسينيّة والضرر.

الجهة السابعة: لبس السواد.

الجهة الثامنة: ضرورة لعن أعداء الدين.

الجهة التاسعة: العزاء والرثاء سُنّة قرآنيّة.

مِسكُ الختام: مآتم العزاء التي أقامها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على الحسين (عليه السلام).

هذا ما سنتطرّق إليه مفصّلاً فيما يأتي من البحوث - إن شاء الله تعالى - ونبدأ البحث في جهات المقام الأول:

٢٥

٢٦

المقامُ الأوّل الشَعائرُ الدينيّة

٢٧

٢٨

الجهةُ الأوّلى:الأدلّةُ الإجماليّة

٢٩

٣٠

في بداية كلّ بحث لابدّ أن يعثر الفقيه أو المجتهد على أدلّة معيّنة لعنوان البحث، وهذه الأدلّة حسب قواعد علم الفقه والأصول لها ثلاثة محاور، هي: الموضوع، والمحمول، والمتعلّق.

الموضوع: هو ما يُشار به إلى قيود الحُكم.

والمحمول: هو الحكم الشرعي، إمّا وجوب، أو حُرمة، أو مِلكيّة، أو غير ذلك، بمعنى الحُكم الشرعي الشامل للحُكم التكليفي وللحُكم الوضعي.

المتعلَّق: وهو الفعل المطلوب حصوله في الخارج إذا كان الحُكم وجوباً، أو الفعل اللازم تركه إذا كان الحكم حرمةً.

على سبيل المثال: في دليل: (إذا زالت الشمس فصلِّ)، نلاحظ هذه المَحاور الثلاثة كالآتي:

الموضوع: هو الزوال.

والمحمول: الحُكم وهو الوجوب.

والمتعلّق: وهو صلاة الظهر.

ومِحور الموضوع الذي هو قيود الوجوب، ويُطلق على قيود أيّ حكم تكليفي أو وضعي بأنّه: موضوع أصولي، أو موضوع فقهي، وفي مثالنا السابق يعتبر الزوال من قيود الوجوب.

٣١

فاللازم استعراض الأدلّة الواردة في قاعدة الشعائر وتقرير مفادها على ضوء هذا التثليث.

الطائفة الأولى من الأدلّة:

(1) -( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آَمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ ) (1) .

قد ورد في الآية عموم لفظ الشعائر، وهو حُكم من الأحكام القرآنيّة، فلنتعرّف على موضوع ومتعلّق هذا المورد، وعلى حكمه أيضاً.

الموضوع: هو الشعائر(2) .

المتعلّق: هو التعظيم إن جُعِل الحُكم إيجابيّاً، أو التهاون إن جُعِل الحكم تحريميّاً.

الحُكم: حرمة التحليل وحرمة التهاون، ويمكن جعل الحُكم وجوب التعظيم.

(2) -( وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ *

____________________

(1) المائدة: 2.

(2) وقد يقال للموضوع: متعلّق المتعلّق، ففي مثال حرمة شرب الخمر؛ فإنّ الحُرمة تتعلّق بالشُرب، والشرب بدوره يتعلّق بالخمر، فالخمر يقال له: متعلّق متعلّق الحكم.. وهذا تابع لقاعدة أصوليّة محرّرة عند علماء الأصول تقول: إنّ متعلّق متعلّق الحُكم يكون موضوعاً للحُكم، سواء كان الحكم تكليفيّاً أم وضعيّاً. اعتمدَت عليها مدرسة الميرزا النائيني (رحمه الله)، إلاّ أنّ مشهور الطبقات المتقدِّمة من العلماء على خلاف ذلك، وهو الأصح.

٣٢

لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) (1) .

هذا المقطع من الآية الشريفة( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ... ) ، أدرجهُ كثير من العلماء ضمن آيات الشعائر أيضاً، مع أنّه لم يرد فيه لفظة الشعائر، والوجه في ذلك: هو الاعتماد على قاعدة معروفة ومشهورة لدى أساطين الفقه.

وهي أنّ الموضوع أو المتعلّق كما يمكن الاستدلال له بالأدلّة الوارد فيها العنوان نفسه أو المتضمّنة له، أو مرادفاته، كذلك يمكن الاستدلال له بالأدلّة الوارد فيها العنوان نفسه أو المتضمّنة له، أو مرادفاته، كذلك يمكن الاستدلال له بما يشترك معه في الماهيّة النوعيّة أو الجنسيّة، أي المماثل أو المجانس، بشرط أن يكون الحُكم مُنصبّاً على تلك الماهيّة، وإلاّ كان التعدّي قياساً باطلاً، كما يمكن الاستدلال له بالدليل الذي يتضمّن جزء الماهيّة، كذلك يمكن الاستدلال له بما يدلّ على اللازم له أو الملزوم له، فتتوسّع دائرة دلالة الأدلّة الدالّة على المطلوب.

ففي هذه الآية الشريفة:

الموضوع: حُرمات الله.

المتعلّق: التعظيم.

الحكم: الوجوب، أي: وجوب التعظيم.

(3) -( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (2) .

____________________

(1) الحج: 27 - 30.

(2) الحج: 32.

٣٣

وهذه من أوضح الآيات على إثبات المطلوب، حيت تدلّ على محبوبيّة ورجحان التعظيم لشعائر الله، حسب التقسيم الثلاثي المذكور من الموضوع والمتعلّق والحُكم.

(4) -( وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ) (1) .

هنا وردت (مِن) تبعيضيّة، والمعنى: أنّ البدن من مصاديق الشعائر.

(5) -( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) (2) .

(6) -( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ ) (3) .

هذه الآية الشريفة تعرّضت للشعائر، ولكن بصيغة المشعر.

هذه الطائفة من الأدلّة وافية في المقام، وعلينا أن نسبر غَورها لنصل إلى المَحاور الأساسيّة فيها، ولنتعرّف على مفادها ودلالتها.

الطائفةُ الثانية من الأدلّة:

هذه الأدلّة لم يرد فيها لفظ (الشعائر)، إلاّ أنّ بعض العلماء والمحقّقين(4) ذهبوا إلى استفادة حُكم الشعائر منها، وهي:

____________________

(1) الحجّ: 36.

(2) البقرة: 158.

(3) البقرة: 198.

(4) الميرزا القمّي (قدِّس سرّه) ضمن فتواه في كتاب (جامع الشتات) حول الشعائر الحسينيّة، والسيّد اليزدي (قدِّس سرّه) صاحب العروة في فتواه، والسيّد جمال الدين الگلبايكاني، أشاروا إلى وجود عمومات أخرى إضافةً لأدلّة الطائفة الأولى في المقام.

٣٤

(1) -( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) (1) .

ومن سياق الآيات التي قبلها:( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الأَخِرِ.. ) .

وآية:( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ.. ) .

يُفهم أنّ الآيات بصدد بيان مسألة وجوب الجهاد، وضرورة المعرفة الحقّة والتوحيد ونشر الدين وتبليغه..

ثُمّ بعد ذلك تُبيّن الآية:( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاّ أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) أهميّة النور الإلهي، ومحاولات أعداء الدين لإطفاء ذلك النور، ولكنّ الله سبحانه كتبَ على نفسه إحباط تلك المحاولات الشيطانيّة، ويأبى سبحانه إلاّ إتمام النور ونشر الصلاح والهدى.

ففي هذه الآية الشريفة:

الموضوع: هو نور الله سبحانه، وهو بدل لفظ (الشعائر) في آية( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ... ) ، ونور الله سبحانه عام يشمل جميع الأحكام.

المتعلَّق: النشر والتبليغ والبيان، وهو بدل التعظيم في تلك الآية.

والحُكم: وهو الوجوب، وجوب النشر أو حرمة الإطفاء والكتمان.

فيكون هذا الدليل - كقضيّة شرعيّة - مرادفاً ومكافئاً للآية الشريفة:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ ) .

- وهذا يعني أنّنا لا نقتصر في إثبات هذه القاعدة على الآيات من الطائفة

____________________

(1) التوبة: 32.

٣٥

الأولى من الأدلّة، بل يمكن الاستدلال أيضاً بما يفيد مفادها أيضاً.

(2) -( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ والآصَال ) (1) بملاحظة الآيات التي تسبق هذه الآية من سورة النور، وهي:( وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ * اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (2) من سياق هذه الآيات، يظهر أنّ المراد من لفظة( فِي بُيُوتٍ... ) : هي البيوت التي فيها نور الله، والمراكز التي تكون مصادر إشعاع الدين، ومحالّ نشر الهداية والحق، ومحطّات بيان أحكام الدين الحنيف.

وهذه (البيوت) النوريّة والباعثة للنور، شاء الله وأراد أن تُرفع وتُكرّم، وأن تُبجّل وتُحترم، وينبغي أن يستمرّ ويدوم فيها ذِكر الله وعبادته وطاعته.

فهذه الآية من سورة النور، مرادفة لآية تعظيم الشعائر(3) ، ولآية( لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ... ) .

فالآية الشريفة تدلّ على وجوب نشر ورفع كلّ موطن ومركز ومحلّ يتكفّل ببيان أحكام الله وتعاليم رسالة السماء، المكنّى عنه في الآية الشريفة بنور الله.

____________________

(1) النور: 36.

(2) النور: 34 - 35.

(3)( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحجّ: 32.

٣٦

ومن ذلك يظهر أنّ الشعائر لا تختصّ بباب دون آخر، فهي لا تختصّ بمناسك الحجّ، ولا بالعبادات.

وإنّما تشمل كلّ ما فيه نشر لأحكام الدين، وتعمّ جميع ما به بيان وتبليغ للمعارف الإسلاميّة المختلفة.

(3) -( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (1) .

هذه الآية تدلّ على أنّ حفظ الدين وحفظ ذِكر الله سبحانه، وكذلك حفظ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي هو قوام الدين، وحفظ ذِكر أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم العِدل الآخر للقرآن، كلّ ذلك يُعتبر من الأغراض الشرعيّة العُليا للحق سبحانه وتعالى.

(4) -( وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (2) .

بتقريب أنّ كلّ ما يؤول إلى إعلاء كلمة الله سبحانه وإزهاق كلمة الكافرين، فهو من الأغراض الشرعيّة والمقاصد الدينيّة.

(5) -( فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (3) .

تُقرِّر الآية الكريمة وجوب التفقّه على المسلمين بعد الهجرة، ثُمّ الرجوع إلى بلادهم ووجوب التبليغ والإنذار، مُقدّمةً لحصول حالة الحذر، فهذا الإنذار

____________________

(1) الحجر: 9.

(2) التوبة: 4.

(3) التوبة: 122.

٣٧

لنشر معالم الدين وترسيخ قواعده يُبيّن في الواقع ماهيّة الشعائر.

فهذه الآية (آية الإنذار) بمنزلة المُبيّن والمفسِّر لأحد أركان ماهيّة العناوين التي وردت في الألسنة الأخرى من الأدلّة، وهو التبليغ والنشر للدين الحنيف.

(6) -( فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (1) .

لسان هذه الآية، يوضِّح بُعداً آخر في حقيقة الشعائر، حيث تتضمّن في متعلّقها جنبة أخرى غير الأحكام الأوّليّة، ألا وهي جنبة ازدياد العلو والسُموّ للإسلام والمسلمين، وهذه غير جهة الإعلام، وإن كانت هي أحد نتائج الإعلام والنشر والإنذار.

فالبُعد الآخر الذي تتضمّنه قاعدة الشعائر الدينيّة: هو جنبة إعلاء كلمة الله سبحانه، وإعزاز كلمة المسلمين.

وقد توفّرت الأدلّة في إثبات ذلك بقدر وافٍ.

الطائفةُ الثالثة من الأدلّة:

وقد استُدلّ أيضاً على هذه القاعدة بما وردَ في الأبواب الخاصّة من الأدلّة، مثل: أدلّة خاصّة في مناسك الحج، أو أدلّة خاصّة في الشعائر الحسينيّة وغير ذلك، مثل: قول الصادق (عليه السلام):(رحمَ الله مَن أحيا أمرَنا) (2) .

وقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :(يا علي، مَن عمّر قبوركم، وتَعاهدها، فكأنّما أعانَ

____________________

(1) النساء: 141.

(2) بحار الأنوار 2: 151: 30.

٣٨

سليمان بن داوود على بناء بيت المَقدس) (1) وما شابه ذلك.

أو ما ورد على لسان العقيلة زينب الكبرى (عليها السلام) بالنسبة لعزاء سيّد الشهداءصلى‌الله‌عليه‌وآله :(وسيوكِّل الله مَن يُجدّد له العزاء في كلّ عام) (2) تلك العناوين خاصّة في أبواب خاصّة.

وهذا اللسان الثالث من الأدلّة هو عبارة عن أحكام خاصّة في الموارد الأخرى، التي مفادها هو عين مفاد الشعائر، من لزوم البثّ والإعلان.

فزبدة القول: إنّ لدينا ثلاثة أشكال من الأدلّة:

الأوّل: أدلّة عامّة وردَ فيها لفظ الشعائر.

الثاني: أدلّة عامّة ومطلقه يظهر منها جانب الإعلام والإعلاء للدين.

الثالث: أدلّة مختصّة ببعض الأبواب، وتكون مرادفة لتعظيم الشعائر ولنشر الدين وإعلاء كلمته.

____________________

(1) بحار الأنوار 100: 120: 22.

(2) بحار الأنوار 44: 292.

٣٩

الجهةُ الثانية أقوالُ العامّة والخاصّة حول هذه القاعدة

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

يكن هناك ضرر يتوجّه منها على المحرم(١) ، وأما دفعها فالاظهر جوازه(٢) وإن كان الترك أحوط(٣) .

١٦ - التزيّن

مسألة ١٢٣: الأحوط أن يجتنب المحرم والمحرمة عن كلّ مايعدّ زينة عرفاً سواء بقصد التزيّن أم بدونه(٤) ، ومن ذلك استعمال الحناء

____________________

(١) لشمول بعض النصوص لهما ولامثالهما، ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: اتق قتل الدواب كلها، وفي صحيحة زرارة عنهعليه‌السلام قال: مالم يتعمد قتل دابة » والبق والبرغوث من مصاديق الدابة.

نعم هناك بعض الروايات المجوزة، ففي حسنة زرارة عن احدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن المحرم يقتل البقة والبرغوث إذا راه ؟ قال: نعم » ومثلها صحيحة جميل التي نقلها ابن ادريس في اخر السرائر عن نوادر البزنطي، وخدش في الاولي بوجود سهل في سندها، وفي الثانية بمجهولية طريق ابن ادريس الى البزنطي، وكلاهما قابل للدفع.

(٢) لعدم الدليل على المنع.

(٣) اذ هو حسن على كل حال.

(٤) لجملة من النصوص المعلل للنهي عن لبس الخاتم والاكتحال

=

١٢١

على الطريقة المتعارفة.

نعم، لابأس باستعماله إذا لم يكن زينة، كما إذا كان لعلاج ونحوه(١) ، وكذلك لابأس باستعماله قبل الإحرام وإن بقي أثره إلى حين الاحرام.

مسألة ١٢٤: يجوز التختّم في حال الاحرام لابقصد الزينة، كما إذا قصد به الاستحباب الشرعي، أو التحفظ على الخاتم من الضياع، أو احصاء أشواط الطواف به ونحو ذلك، وأما لبسه بقصد الزينة فالاحوط تركه(٢) .

____________________

=

والنظر في المرآة أنها زينة، ولم استوضح وجه توقف الماتن دام ظله مع أن الروايات صريحة على المطلوب.

(١) في صحيحة ابن سنان قال: سألته عن الحناء، فقال: ان المحرم ليمسه ويداوي به بعيره وماهو بطيب وما به بأس.

(٢) وهو المشهور شهرة عظيمة، وتشهد له رواية صالح بن السندي عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن مسمع عن ابي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث - قال: وسألته أيلبس المحرم الخاتم ؟ قال: « لا يلبسه للزينة » وصالح وإن لم يوثق إلا ان الشيخ روى جميع كتب وروايات ابن محبوب بعدة اسانيد منها الصحيح فيمكن تبديل الاسناد والتخلص من الاشكال، والله العالم.

١٢٢

مسألة ١٢٥: يحرم على المرأة المحرمة لبس الحليّ للزينة(١) بل الأحوط أن تترك لبسها إن كان زينة وإن لم تقصدها(٢) ، ويستثنى من ذلك ماكانت تعتاد لبسه قبل إحرامها، لكنها لاتظهره لزوجها ومحارمها من الرجال على الاحوط الاولى(٣) .

____________________

(١) ففي صحيحة ابن مسلم عنهعليه‌السلام : المحرمة تلبس الحلي كله إلا حليا مشهورا للزينة.

(٢) لشمول الصحيحة لها.

(٣) ففي صحيحة ابن الحجاج قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المرأة يكون عليها الحلي والخلخال والمسكة والقرطان من الذهب والورق تحرم فيه وهو عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها، اتنزعه إذا احرمت أو تتركه على حاله ؟ قال: تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها ومسيرها » والمنصرف من الرجال هم الاجانب.

نعم قصد التزيّن به لزوجها ممنوع لمصححة ابن سويد عن ابي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن المرأة المحرمة، أي شيء تلبس من الثياب ؟ قال: تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس، ولاتلبس القفازين، ولاحليا تتزين به لزوجها » وقد جعلها السيد الخوئيقدس‌سره مؤيدا لشمول الرجال - في صحيحة الحجاج - للزوج والمحارم، وردها بضعف سندها بسهل، مع أنها اجنبية عن الصحيحة السابقة، اذ هذه في مورد التزيّن وتلك متعلقها الاظهار وفرق بين المادتين، فاحتياط الماتن استحبابا في محله والله

=

١٢٣

ولاكفارة في التزيّن في جميع الموارد المذكورة(١) .

١٧ - الأدّهان

مسألة ١٢٦: يحرم الادّهان على المحرم وإن كان مما ليست فيه رائحة طيبة(٢) ، نعم يجوز أكل الدهن الخالي من الطيب وإن كان ذا رائحة طيبة(٣) كما تقدم في المسألة ١٠٥، ويجوز للمحرم استعمال الأدهان غير الطيبة للتداوي، وكذا الأدهان الطيبة أو المطيّبة عند

____________________

=

العالم.

(١) لعدم الدليل إلا حسنة علي بن جعفر عن اخيهعليه‌السلام قال: لكل شي خرجت (جرحت) من حجك فعليه فيه دم تهريقه حيث شئت » بناءاً على قراءة جرحت.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي: وادهن بماشئت من الدهن حين تريد ان تحرم، فاذا احرمت فقد حرم عليك الدهن حتى تحل » فمع صراحة هذا النص وغيره لامجال للقول بالكراهة المستفادة من بعض الاخبار ظاهرا والقابلة للحمل على الاضطرار او قبل الاحرام وبعد الغسل او قبله.

(٣) مع الأمساك عن شمّه.

١٢٤

الضرورة(١) .

مسألة ١٢٧: كفّارة الادّهان بالدهن الطيب أو المطيّب شاة إذا كان عن علم وعمد، وإذا كان عن جهل فإطعام فقير على الاحوط في كليهما(٢) .

____________________

(١) ففي صحيحة هشام عنهعليه‌السلام قال: إذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمّل فلبطّه وليداوه بسمن أو زيت » وفي صحيحة ابن مسلم عن احدهماعليهما‌السلام قال: سألته عن محرم تشققت يداه ؟ قال: يدهنهما بزيت أو سمن أو إهالة.

(٢) ففي صحيحة معاوية في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج، قال: إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين، وإن كان تعمّد فعليه دم شاة يهريقه » وقد توقف جماعة من الاعلام فيها وعلى رأسهم سيد الفقهاء والمجتهدين الخوئي باعتبار ان عمار لم يسند الرواية للمعصومعليه‌السلام وصرح بأن دعوى الجزم بان معاوية لايفتي الا بما سمعه من الامام ولايخبر الا عنه عهدتها على مدعيها لاحتمال اجتهاده أو أنه سمع ممن ينقل عن الامامعليه‌السلام ولم تثبت وثاقته عندنا، واضاف: وعمل المشهور لو قلنا بجبره للخبر الضعيف لاينجع إذ لم يعلم انه رواية حتى تجبر.

قلت: والنفس لاتميل إلى ماافادهقدس‌سره واذا اردت الشاهد فعليك بسبر روايات معاوية التي أخرجها في كتابه «الحج» ورواها عنه اصحاب الكتب الاربعة وغيرهم.

١٢٥

* مسألة ١٢٨: إذا لم يكن الدهن ذا رائحة طيبة فلا كفارة عليه فيما اذا اضطر اليه للتداوي لتدهين نفسه(١) .

١٨ - إزالة الشعر عن البدن

مسألة ١٢٩: لايجوز للمحرم أن يزيل الشعر عن بدن نفسه أو بدن غيره - ولو كان محلا - بحلق او نتف او غيرهما، بلا فرق في ذلك بين قليل الشعر وكثيره حتى بعض الشعرة الواحدة(٢) .

نعم، إذا تكاثر القمّل في رأسه فتأذى من ذلك جاز له حلقه(٣) ،

____________________

(١) على فرض قبول الرواية السابقة فموردها الدهن الطيّب او المُطيّب، ومع فقد القيدين لادليل ظاهرا على الكفارة مطلقا، اختيارا واضطرارا، والله العالم.

(٢) ففي صحيحة حريز عنهعليه‌السلام قال: لابأس أن يحتجم المحرم مالم يحلق أو يقطع الشعر » وفي صحيحة معاوية قالعليه‌السلام : لايأخذ المحرم من شعر الحلال.

(٣) لقوله تعالى ( فمن كان منكم مريضا او به أذى من رأسه ففدية من صيام او صدقة او نسك ) وهي وإن كانت واردة في المحصور لكن لاخصوصية له على الظاهر.

١٢٦

وكذا تجوز له إزالة الشعر عن جسده إذا كانت هناك ضرورة تدعو إليها، ولابأس بسقوط الشعر من بدن المحرم غير قاصد له حال الوضوء(١) او الغسل او التيمم أو الطهارة من الخبث أو ازالة الحاجب اللاصق المانع من إحدى الطهارتين، ونحو ذلك.

مسألة ١٣٠: إذا حلق المحرم رأسه من دون ضرورة فكفارته شاة، وإذا حلقه لضرورة فكفارته شاة أو صيام ثلاثة أيام او إطعام ستة مساكين(٢) ، لكل مسكين مدان من الطعام.

وإذا نتف المحرم شعره النابت تحت إبطيه فكفارته شاة(٣) ، وكذا إذا نتف أحد أبطيه على الاحوط(٤) .

____________________

(١) يدل عليه صحيحة هيثم قال: سأل رجل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن المحرم يريد اسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة او الشعرتان، فقال: ليس بشيء ماجعل عليكم في الدين من حرج » وذيلها يستفاد منه التعميم لكل ماذكره الماتن دام ظله.

(٢) كما هو مقتضي الاية الكريمة.

(٣) تبعا لعدة من الروايات سيأتي ذكر بعضها.

(٤) وفاقا للرياض وخلافا للمشهور، ومستنده صحيحة زرارة قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: من نتف إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه ناسيا أو جاهلا فليس عليه شيء ومن فعله متعمداً فعليه دم شاة » وفي قبالها

=

١٢٧

واذا نتف شيئا من شعر لحيته أو غيرها فعليه أن يطعم مسكينا بكف من الطعام(١) .

ويجري مجرى الحلق والنتف في الموارد المتقدمة مايفيد فائدتهما من سائر طرق الإزالة على الاحوط(٢) .

ولاكفارة في حلق المحرم راسه غيره محرما كان أو محلا(٣) .

مسألة ١٣١: لابأس بحكّ المحرم رأسه مالم يقطع الشعر عن

____________________

=

رواية ابن جبلة وصحيحة حريز ففي الاولى عن ابي عبداللهعليه‌السلام في محرم نتف إبطه، قال: يطعم ثلاثة مساكين » وفي الثانية عنهعليه‌السلام : إذا نتف الرجل ابطيه بعد الاحرام فعليه دم » ومفهومها عدمه اذا نتف احد ابطيه، ورواها الصدوق بلفظ «ابطه» بغير تثنية فلا يمكن الركون إليها فتسقط عن المعارضة، أما الرواية الاولى فكذلك لضعف سندها، أو تحمل على عدم العلم والعمد، وهو ليس ببعيد لاستحباب التصدق بكف من الطعام اذامس المحرم لحيته فسقطت منها شعرة او شعرتان كما سيأتي، لكن مخالفة المشهور امر مرغوب عنه.

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي: إذا نتف المحرم من شعره لحيته وغيرها شيئا فعليه أن يطعم مسكينا في يده.

(٢) بل هو الظاهر، لعدم الخصوصية في النتف والحلق كما هو واضح، والله العالم

(٣) لعدم الدليل.

١٢٨

رأسه ومالم يدمه، وكذلك البدن، وإذا أمرّ المحرم يده على رأسه أو لحيته عبثا فسقطت شعرة أو أكثر فليتصدق بكف من طعام(١) ، وأما

____________________

(١) تشهد له صحيحة منصور عن ابي عبداللهعليه‌السلام في المحرم اذا مس لحيته فوقع منها شعرة، قال: يطعم كفا من طعام أو كفين » المحمولة على الاستحباب لمصححة المفضل ابن عمر قال: دخل النباجي على ابي عبداللهعليه‌السلام فقال: ماتقول في محرم مس لحيته فسقط منها شعرتان، فقال ابو عبداللهعليه‌السلام : لو مسست لحيتي فسقط منها عشر شعرات ماكان علي شيء » وحسنة المفضل بن صالح عن ليث المرادي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل يتناول لحيته وهو محرم يعبث بها فينتف منا الطاقات بيقين في يده خطاءا او عمداً، قال: لايضره.

وقد نوقش في كلا الروايتين سندا ودلالة:

أما أولا: فلوجود عمرو بن المفضل في الاولى والمفضل بن صالح في الثانية وكلاهما ضعيفان.

قلت: اما ابن المفضل فتضعيفه من أكبر المجازفات الناشىء من ضعف التتبع وتقليد الرجال، واما ابن صالح فقد نسب تضعيفه النجاشي الى مجهول ولعله - بل هو - ابن الغضائري وتضعيفه كعدمه، مضافا الى أن منشأ التضعيف هو الغلو - المزعوم لدى جمهور القميين - في حق الائمةعليهم‌السلام الذي هو اليوم من ابجد عقائد الامامية، وقد روى عنه اكثر من ثلاثين نفرا من الثقات والاجلاء ومنهم اصحاب الاجماع، بل روى عنه العامة ووثقه بعضهم كابن

=

١٢٩

إذا كان في الوضوء ونحوه فلا شيء عليه.

١٩ - ستر الرأس للرجال

مسألة ١٣٢: لايجوز للرجل المحرم ستر رأسه ولو جزءً منه، بالقناع أو الخمار أو الثوب ونحوها(١) ، بل الأحوط أن لايستره أيضا بمثل الطين أو الحشيش أو بحمل شيء عليه(٢) .

____________________

=

حبان وضعفه اخرين لروايته ابلاغ جابر ابن عبدالله الانصاري سلام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله للامام الباقرعليه‌السلام وحديث السفينة، والعجب كل العجب من النجاشي شيخ الاصحاب في معرفة الرجال يقدح في مثل جابر والمفضلان ويوثق النصاب.

وأما الثاني: فلنفي الكفارة المتعارفة وهي الدم في الاولى، وعدم صراحة «لايضره» على عدم الكفارة في الثانية، ولعل الجزم بذلك فيه نوع من المجازفة، فالاحتياط في المقام مما لاينبغي تركه والله العالم.

(١) نصاً واجماعاً، وتشهد له النصوص.

(٢) قال في الجواهر بلا خلاف اجده فيه، وفي التذكرة نسبته الى علمائنا، وتوقف في المدرك وصرح بأن دليله غير واضح لان المنهي عنه في الروايات المعتبرة تخمير الرأس ووضع القناع عليه والستر بالثوب لامطلق

=

١٣٠

نعم، لابأس بوضع عصام القِربة على الرأس عند حملها(١) ، وكذا لابأس بتعصيبه بالمنديل ونحوه لمرض كالصداع(٢) .

والمراد بالرأس هنا منبت الشعر، ويلحق به الأذنان على الأقرب(٣) .

مسألة ١٣٣: يجوز ستر الرأس بشيء من البدن كاليد(٤) ، والاولى

____________________

=

الستر، وفيه: ان قولهعليه‌السلام في صحيحة ابن ميمون « احرام المرأة في وجهها واحرام الرجل في رأسه » وجوب كشف الرأس والوجه وحرمة تغطيتهما فاذا صدق التغطية بالطين والحشيش وما اشبه شمله النهي، والله العالم.

(١) ففي حسنة محمد بن مسلم عنهعليه‌السلام عن المحرم يضع عصام القربة على رأسه إذا استسقى ؟ فقال: نعم.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن وهب: لابأس بان يعصب المحرم رأسه من الصداع.

(٣) تشهد له صحيحة الحجاج قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المحرم يجد البرد في أذنيه يغطيهما ؟ قال: لا » وفي رواية سماعة عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: سألته عن المحرم يصيب اذنه الريح فيخاف أن يمرض هل يصلح له أن يسد اذنيه بالقطن ؟ قال: نعم، لابأس بذلك إذا خاف ذلك والا فلا.

(٤) لجواز حك الرأس للمحرم، ومسح الرأس في الوضوء، مضافا الى

=

١٣١

تركه(١) * كما يجوز وضع الرأس على الوسادة وإن كان يستلزم ستر بعض الرأس(٢) ، نعم لايجوز على الاحوط أن ينشف المحرم راسه بالمنديل ونحوه إذا كان بنحو المسح والامرار(٣) .

* مسألة ١٣٤: إذا احرم الرجل مع الشعر المستعار فإن كان لضرورة فلا شيء عليه، وإن لم يكن فعليه دم شاة على الاحوط(٤) .

مسألة ١٣٥: لايجوز للمحرم رمس تمام رأسه في الماء(٥) وكذلك

____________________

=

صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام : لابأس ان يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس ولابأس ان يستر بعض جسده ببعض » الدال على ان الساتر الممنوع ما كان بإمر خارجي.

(١) اذ الاحتياط حسن على كل حال، ولاحتمال صدق التغطية في الجملة.

(٢) لكن لايخمّر رأسه، ففي صحيحة زرارة عنهعليه‌السلام قال: قلت له: المحرم يؤذيه الذباب حين يريد النوم يغطي وجهه؟ قال: نعم، ولايخمّر راسه، والمرأة المحرمة لابأس أن تغطي وجهها كله عند النوم ».

(٣) لصدق التغطية عليه.

(٤) ووجهه واضح كما لايخفي، وسيأتي وجه التوقف في أصل الحكم.

(٥) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن سنان: ولاترتمس في ماء تدخل فيه رأسك ».

١٣٢

في غير الماء على الاحوط(١) ، والظاهر أنه لافرق في ذلك بين الرجل والمرأة(٢) .

والمقصود بالرأس هنا مافوق الرقبة بتمامه.

مسألة ١٣٦: إذا ستر المحرم رأسه فكفارته شاة على الأحوط(٣) ، والظاهر عدم وجوب الكفارة في موارد جواز الستر والاضطرار(٤) .

٢٠ - ستر الوجه للنساء

مسألة ١٣٧: لايجوز للمرأة المحرمة أن تستر وجهها بالبُرقُع أو

____________________

(١) ووجه التوقف ان مورد النصوص هو الارتماس في الماء وحرمته على انه من مصاديق تغطية الرأس غير ثابته بل هو محرم على حدة، وجزم بعض الاعاظم من تلامذة السيد الخوئي بجواز الارتماس في غير الماء والورد.

(٢) لكونه محرما مستقلا لاربط له بتغطية الرأس حتى يكون من مختصات الرجل.

(٣) على ماهو المقصوع به بين الاصحاب، كما في المدارك والذخيرة، بل بلا خلاف كما في المنتهى والتذكرة، وصرح في الحدائق ان الاصحاب ذكروا الحكم ولم ينقلوا عليه دليلا وكأن مستندهم الاجماع، فالمقام يقتضي الاحتياط خوفا من مخالفة المجمع عليه بين الفقهاء.

(٤) إذ لا دليل على الكفارة إلا الاجماع فيقتصر فيه على القدر المتيقن.

١٣٣

النقاب أو المروحة أو ماشابه ذلك(١) ، والاحو ط أن لاتستر وجهها بأي ساترا كان(٢) ، كما أن الاحوط أن لاتستر بعض وجهها أيضا(٣) .

نعم، يجوز لها أن تغطي وجهها حال النوم(٤) ، ولابأس بستر بعض وجهها مقدمة لستر الرأس في الصلاة أذا لم يتيسر لها ستره

____________________

(١) نصاً واجماعاً.

(٢) بل هو الظاهر من الروايات لعدم الخصوصية للبرقع ونحوه، وقولهعليه‌السلام «احرام المرأة في وجهها» كما في صحيحة ابن ميمون خير شاهد على التعميم، وكذا الامر بالاسفار في صحيحة الحلبي وقوله «انك ان تنقبت لم يتغير لونك» وقولهعليه‌السلام في موثقة سماعة أنه سأله عن المحرمة، فقال ان مر بها رجل استترت منه بثوبها، ولاتستتر بيدها من الشمس، وغيرها من النصوص، إلا ان يقال بأن روايات إسدال الثوب الى الانف او النحر مؤيدة لاختصاص النهي في الامور المذكورة، والله العالم.

(٣) ذكرنا في «مجمع المناسك» أن النصوص الواردة في المقام متعرّضة للنهي عن النقاب والبرقع وما أشبه ذلك ممّا له شأنيه تغطية المساحة الكبرى من الوجه، أما تغطية الوجه في الجملة ولو كان يسيرا فهذا ما لايمكن الجزم باستفادته من الروايات، ولعل روايات جواز إسدال الثوب إلى طرف الأنف والذقن مؤيّدة لذلك، والله العالم.

(٤) تشهد له صحيحة زرارة المتقدمة فراجع.

١٣٤

باسدال ثوبها عليه(١) .

مسألة ١٣٨: للمرأة المحرمة أن تتحجب من الاجنبي بإسدال ثوبها على وجهها، بأن تنزل ماعلى رأسها من الخمار أونحوه إلى مايحاذي أنفها بل نحرها(٢) ، والاظهر عدم لزوم تباعد الساتر عن الوجه بواسطة اليد او غيرها(٣) وإن كان ذلك أحوط(٤) .

مسألة ١٣٩: كفارة ستر الوجه شاة على الاحوط الاولى(٥) .

____________________

(١) بل مطلقا لما ذكرناه آنفا، ولاتصل النوبة للتزاحم.

(٢) ففي صحيحة زرارة عنهعليه‌السلام قال: إن المرأة المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها » وقيده بعض الاعلام بالركوب لصحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها الى النحر اذا كانت راكبة.

(٣) لعدم الاشارة إليه في النصوص.

(٤) خروجا عن شبه الخلاف، لاشتراط ذلك في القواعد واوجبه في المبسوط وجامع الشرائع بل في الاول ايجاب الدم مع الاصابة والتواني في الازالة.

(٥) لعدم الدليل على الكفارة، سوى ذهاب الشيخ كما في المسألة السابقة، وعن الحلبي ان لكل يوم شاة مع الاختيار وإلا شاة للجميع، وخبر - او حسنة - علي بن جعفر المتقدمة بناءا على نسخة «جرحت».

١٣٥

٢١ - التظليل للرجال

مسألة ١٤٠: التظليل(١) على قسمين:

____________________

(١) عندنا في المقام عنوانان: الاضحاء والتظليل، ويدور امرهما بين شرطية الاول للاحرام ومانعية الثاني، أو كون الاول من واجباته والثاني من محرماته، لاسبيل للاول أصلا لعدم فساد الاحرام بالاخلال بالاضحاء او تحقق التظليل، اذ غاية مايترتب حينئذ وجوب الكفارة، فيتعين الثاني.

والظاهر تبعاً لصاحب الحدائق أن التحريم في الظل لفوات الضحى لالمكان الستر، والروايات بذلك صريحة الدلالة:

ففي صححيحة ابن المغيرة قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الظلال للمحرم ؟ فقال: اضح لمن أحرمت له »، وفي صحيحة عثمان الكلابي قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام ان علي ابن شهاب يشكو رأسه والبرد شديد ويريد ان يحرم ؟ فقال: ان كان كما زعم فليظلل، وأما انت فاضح لمن احرمت له».

مضافا الى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المأثور عنه «اضح لمن احرمت له»، ومجرد النهي في بعض الاخبار عن الكنيسة او المحمل المظلل او نحوهما لايقتضي كون العلة في التحريم هو الاستتار حتى انه لو لم يستتر بهذه الاشياء فلا يضره الاستظلال بغيرها من مالايوجب الاستتار.

١٣٦

الاول: أن يكون بالأجسام السائرة كالمظلة وسقف المحمل أو السيارة أو الطائرة ونحوها، وهذا محرم على الرجل المحرم، راكباً كان أم راجلاً، إذا كان مايظلله فوق رأسه كالامثلة المتقدمة(١) ، نعم لابأس بالاستظلال بالسحابة السائرة(٢) .

وأما إذا كان مايظلله على احد جوانبه، فالظاهر أنه لابأس به للراجل مطلقا، فيجوز له السير في ظل المحمل والسيارة ونحوها(٣) .

وأما الراكب فالأحوط أن يجتنبه(٤) إلا إذا كان بحيث لايمنع من صدق الإضحاء - اي البروز الى الشمس - عرفاً، كأن كان قصيراً لايستتر به رأسه وصدره كجدران بعض السيارات المكشوفة(٥) .

الثاني: أن يكون بالاجسام الثابتة كالجدران والانفاق والاشجار

____________________

(١) بلا خلاف في ذلك وتشهد له النصوص المستفيضة.

(٢) لكون المنهي الظل الذيعنه في الروايات هو يحدثه المحرم او الذي يتحرك بحركته.

(٣) تدل عليه صحيحة ابن بزيع قال كتبت الى الرضاعليه‌السلام هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل المحمل ؟ فكتب: نعم.

(٤) لإطلاق الروايات الآمرة بالاضحاء والناهية عن التستر.

(٥) * كما يجوز استعمال المظلة اذا أحرز أن وجودها وعدمها سواء، وكذا اذا شك مالم تقتض الحالة السابقة خلاف ذلك.

١٣٧

والجبال ونحوها، وهذا جائز للمحرم، راكباً كان أم رجلاً على الاظهر(١) ، كما يجوز له أن يستتر عن الشمس بيديه(٢) وإن كان الأحوط ترك ذلك(٣) .

مسألة ١٤١: المراد من التظليل التستر من الشمس، ويلحق بها المطر على الاحوط، وأما الريح والبرد والحر ونحوها فالاظهر جواز التستر منها، وإن كان الاحوط تركه، فلا بأس للمحرم أن يركب السيارة المسقفة ونحوها في الليل - فيما إذا لم تكن السماء ممطرة على الاحوط(٤) - وإن كانت تحفظه من الرياح مثلا.

____________________

(١) لكون المنهي عنه في الروايات هو خصوص مايحدثه المحرم من ظل يتحرك بحركته ويسكن بسكونه، ولو كان هناك منع مما ذكر لَبَانَ في أسئلة الرواة.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: لابأس ان يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس، ولابأس ان يستر بعض جسده ببعض.

(٣) لصحيح الاعرج انه سأل ابا عبداللهعليه‌السلام عن المحرم يستتر من الشمس بعود وبيده، قال: لا إلا من علة » المحمول على الكراهة جمعا بينه وبين صحيحة معاوية.

(٤) ففي صحيحة ابراهيم قال: قلت للرضاعليه‌السلام : المحرم يظلل على محمله ويفديه اذا كانت الشمس والمطر يضران به، قال: نعم، قلت: كم

١٣٨

الفداء ؟ قال: شاة »، وفي صحيحة الحميري عن صاحب الزمانعليه‌السلام أنه كتب اليه وسأله عن المحرم يستظل من المطر بنطع او غيره حذرا على ثيابه ومافي محمله أن يبتل فهل يجوز ذلك ؟ فأجابعليه‌السلام : إذا فعل ذلك في طريقه فعليه دم »، وفي صحيحة ابن بزيع عنهعليه‌السلام قال: سأله رجل عن الظلال للمحرم من اذى مطر أو شمس وانا اسمع، فأمره أن يفدي شاة ويذبحها بمنى » وغيرها من الروايات، وهي ظاهر - سيما صحيحة الحميري - في عدم اختصاص التظليل من الشمس بل يصدق التظليل عن المطر، وحيث أنا لم نجد في الروايات وكذا كلمات الاعلام التعرض لقضية التظليل في الليل مع أن دأبهم ذكر الفروع النادرة في المسائل المدونة فالقطع بشمول الحرمة الي الليل لعل فيه شائبة المجازفة.

وبما انا قرّبنا كون التحريم في الظل لفوات الضحى فيكون مختصاً بالنهار لامحالة، لكون الضحى لاتحقق له الا بالنهار، فضحا ظله أي اذا صار شمسا، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله «اضح» قال الاصمعي: من ضحيت واضحى لانه انما امره بالبروز للشمس، ومنه قوله تعالى ( والضحى والليل اذا سجى ) وقوله ( والشمس وضحاها ) قال الراغب في المفردات: الضحى انبساط الشمس وامتداد النهار وسمي الوقت به.

وهو المستفاد ايضا من النصوص ففي صحيحة ابن المغيرة المتقدمة قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الظلال للمحرم ؟ فقال: اضح لمن أحرمت له، قلت: اني محرور وإن الحر يشتد عليّ ؟ فقال: أما علمت أن الشمس

١٣٩

تغرب بذنوب المحرمين » فجعلعليه‌السلام غاية الاضحاء غروب الشمس، واوضح منها دلالة صحيحة الاخرى قال: قلت لابي الحسنعليه‌السلام : أظلل وانا محرم ؟ قال: لا، فأظلل وأكفر قال: لا، فان مرضت ؟ قال ظلل وكفّر، ثم قال: اما علمت ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مامن حاج يضحي ملبياً حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه معها » ودلالتها على ما افاده صاحب الحدائق من كون التحريم في الظل لفوات الضحى واضحة لمقام التعليل في الذيل، وهو مغيّى بغروب الشمس.

ودعوى: بعض الاعلام المعاصرين: من ان الذيل ليس بعلة، بل هو بيان لما يترتب على ذلك من الاثار والفوائد والحكم، فلا يصلح لان يكون قرينة على تقييد إطلاقها، ولا على نفي تلك الفوائد عن غير موردها.

خلط: بين التعليل ومفهوم الغاية، إذ علة النهي عن التظليل وجوب الاضحاء كما هو ظاهر الصحيحة، وهو مغيى بغروب الشمس.

نعم يمكن ان يقال أن الثواب مغيّى بغروب الشمس دون الاضحاء فتدبر.

كما أنه يمكن أن يستشعر من صحيحة عثمان بن عيسى قال: قلت لابي الحسن الاول إن علي بن شهاب يشكو رأسه والبرد شديد ويريد أن يحرم، فقال: إن كان كما زعم فليظلل وأما أنت فاضح لم أحرمت له » شمول التظليل لليل والنهار اذ البرد في جو الحجاز لاتحقق له الا بالليل حتى في ايام الشتاء فتأمل.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415