إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج14%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108829 / تحميل: 9666
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

[ المقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى]

الأسماء الحسنى

وسنوردها هنا بثلاث عبارات :

الاُولى : ما ذكرها الشيخ جمال الدين أحمد بن فهد(1) رحمه‌الله في عدّته ، أنّ الرضاعليه‌السلام روى عن أبيه عن آبائه عن علي(2) عليه‌السلام : أنّ لله تسعة وتسعين اسماً من دعا بها استجيب له ومن أحصاها(3) دخل الجنّة ، وهي هذه :

الله ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، الأول ، الآخر ، السميع ، البصير ، القدير ، القاهر ، العليّ ، الأعلى ، الباقي ، البديع ، الباري ، الأكرم ، الظاهر ، الباطن ، الحيّ ، الحكيم ، العليم ، الحليم ، الحفيظ ، الحقّ ، الحسيب ، الحميد ، الحفيّ ، الربّ ، الرحمن ، الرحيم ، الذاري ، الرازق ، الرقيب ، الرؤوف ، الرائي ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، السيّد ، السبّوح ، الشهيد ، الصادق ، الصانع ، الطاهر ،

__________________

(1) أبو العباس أحمد بن فهد الحلي ، يروي عن الشيخ أبي الحسن علي بن الخازن تلميذ الشهيد وغيره ، له عدة مصنفات ، منها : عدّة الداعي ونجاح الساعي ، في آداب الدعاء ، مشهور نافع مفيد في تهذيب النفس ، مرتّب على مقدّمة في تعريف الدعاء وستّة أبواب ، توفي سنة ( 841 ه‍ ).

الكنى والألقاب 1: 368 ، أعيان الشيعة 3: 147 ، الذريعة 15 : 228 ، معجم رجال الحديث 2 : 189.

(2) في العدة : « عن علي بن موسى الرضاعليه‌السلام عن آبائه عن عليعليهم‌السلام ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ لله عزّ وجلّ تسعة وتسعين اسماً من دعا الله بها استجاب له ومن أحصاها دخل الجنة ».

(3) في هامش (ر) : « قال الصدوقرحمه‌الله : معنى إحصائها هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها ، وليس معنى الإحصاء عدّها ، قاله الشيخ جمال الدين في عدته.

ووجدتُ بخط الشيخ الزاهدرحمه‌الله : أن هذه الأسماء حجاب من كل سوء ، وهي للطاعة والمحبة وعقد الألسن ولإبطال السحر ولجلب الرزق نافع إن شاء الله تعالى. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : التوحيد : 195 ، عدّة الداعي : 298.

٢١

العدل ، العفوّ ، الغفور ، الغنيّ ، الغياث ، الفاطر ، الفرد ، الفتّاح ، الفالق ، القديم ، الملك ، القدّوس ، القويّ ، القريب ، القيّوم ، القابض ، الباسط ، القاضي(4) ، المجيد ، الولي ، المنّان ، المحيط ، المبين ، المقيت ، المصوّر ، الكريم ، الكبير ، الكافي ، كاشف الضرّ ، الوتر ، النور ، والوّهاب ، الناصر ، الواسع ، الودود ، الهادي ، الوفيّ ، الوكيل ، الوارث ، البرّ ، الباعث ، التوّاب ، الجليل ، الجواد ، الخبير ، الخالق ، خير الناصرين ، الديّان ، الشكور ، العظيم ، اللطيف ، الشافي(5) .

الثانية : ما ذكرها الشهيد(6) رحمه‌الله في قواعده ، وهي : الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الباري ، الخالق ، المصوّر ، الغفّار ، الوّهاب ، الرزّاق ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحليم ، العظيم ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، الجليل ، الرقيب ، المجيب ، الحكيم ، المجيد ، الباعث ، الحميد ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيّوم ، الماجد ، التوّاب ، المنتقم ، الشديد العقاب ، العفّو ، الرؤوف ، الوالي ، الغني ، المغني ، الفتّاح ، القابض ، الباسط ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الغفور ، الشكور ، المقيت ، الحسيب ، الواسع ، الودود ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، المحصي ، الواجد ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، البرّ ، ذو الجلال والإكرام ، المُقِسط ، الجامع ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، البديع ، الوارث ، الرشيد ، الصبور ، الهادي ، الباقي(7) .

__________________

(4) في هامش (ر) : « قاضي الحاجات / خ ل ».

(5) عدّة الداعي : 298 ـ 299.

(6) أبو عبدالله محمد بن مكي العاملي الجزيني ، الشهيد الأول ، روى عن الشيخ فخر الدين محمد بن العلاّمة وغيره ، يروي عنه جماعة كثيرة منهم أولاده وبنته وزوجته ، له عدّة مصنّفات ، منها : القواعد والفوائد ، كتاب مختصر مشتمل على ضوابط كلية اُصولية وفرعية يستنبط منها الأحكام الشرعية ، استشهد مظلوماً سنة ( 786 ه‍ ).

رياض العلماء 5 : 185 ، الكنى والألقاب 2 : 342 ، تنقيح المقال 3 : 191 ، الذريعة 17 : 193.

(7) القواعد والفوائد 2: 166 ـ 174.

٢٢

قالرحمه‌الله : ورد في الكتاب العزيز من(8) الأسماء الحسنى : الربّ ، والمولى ، والنصير ، والمحيط ، والفاطر ، والعلاّم ، والكافي ، وذو الطّول ، وذو المعارج(9) .

الثالثة : ما ذكرها فخر الدين محمد بن محاسن(10) رحمه‌الله في جواهره ، وهي :

الله ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدّوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبّار ، المتكبّر ، الخالق ، الباري ، المصوّر ، الغفّار ، القهّار ، الوهّاب ، الرزّاق ، الفتّاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعزّ ، المذلّ ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العليّ ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الماجد ، الباعث ، الشهيد ، الحقّ ، الوكيل ، القويّ ، المتين ، الوليّ ، الحميد ، المحصي ، المبدي ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحيّ ، القيوم ، الواحد ، الأحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدّم ، المؤخّر ، الأوّل ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البرّ ، التوّاب ، المنتقم ، العفوّ ، الرؤوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المُقسِط ، الجامع ، الغنيّ ، المُغني ، المانع ، الضارّ ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور. فهذه تسعة وتسعون اسماً رواها محمد بن إسحاق(11) في المأثور.

__________________

(8) في ( القواعد ) و (ر) و (م) : « في » وما أثبتناه من (ب) وهو الأنسب.

(9) القواعد والفوائد 2 : 174 ـ 175.

(10) لم أجد من تعرّض لترجمته ، حتّى أن الشيخ العلاّمة الطهراني في الذريعة 5 : 257 حينما ذكر الجواهر ، قال : للشيخ فخر الدين محمد بن محاسن ينقل عنه الكفعمي في آخر البلد الأمين ، فالظاهر أنّه لم يجد له ترجمة أيضاً ، بل إنّما عرف كتابه واسمه من نقل الكفعمي عنه ، ومحمد بن محاسن نفسه الذي يأتي بعنوان البادرائي.

(11) يحتمل أن يكون هو : محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف بن علي القونوي الرومي ، من كبار تلاميذ الشيخ محيي الدين ابن العربي ، بينه وبين نصير الدين الطوسي مكاتبات في بعض المسائل الحكمية ، له عدّة مصنّفات ، منها : شرح الأسماء الحسنى ، مات سنة ( 673 ه‍ ).

كشف الظنون 2: 1956 ، أعلام الزركلي 6 : 30.

٢٣

ولمّا كانت كلّ واحدة من هذه العبارات الثلاث تزيد على صاحبتيها بأسماء وتنقص عنهما بأسماء ، أحببت أن أضع عبارة رابعة مشتملة على أسماء العبارات الثلاث ، مع الإشارة إلى شرح كلّ اسم منها ، من غير إيجاز مخلّ ولا إسهاب مملّ.

وسمّيت ذلك بالمقام الأسنى في تفسير الأسماء الحسنى.

فنقول وبالله التوفيق :

الله :

اسم ، علم ، مفرد ، موضوع على ذات واجب الوجود.

وقال الغزّالي(12) : الله اسم للموجود الحق ، الجامع لصفات الإلهية ، المنعوت بنعوت الربوبية ، المتفرّد بالوجود الحقيقي ، فإن كلّ موجود سواه غير مستحقّ للوجود بذاته ، وإنّما استفاد الوجود منه(13) .

وقيل : الله اسم لمن هو الخالق لهذا العالم والمدبر له.

وقال الشهيد في قواعده : الله اسم للذات لجريان النعوت عليه ، وقيل : هو اسم للذات مع جملة الصفات الإلهية ، فإذا قلنا : الله ، فمعناه الذات الموصوفة بالصفات الخاصة ، وهي صفات الكمال ونعوت الجلال.

قالرحمه‌الله : وهذا المفهوم هو الذي يعبد ويوحد وينزه عن الشريك والنظير والمثل والند والضد(14) .

وقد اختلف في اشتقاق هذا الاسم المقدّس على وجوه عشرة ، ذكرناها

__________________

(12) أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزّالي ، الملقّب بحجّة الإسلام الطوسي ، تفقّه على أبي المعالي الجويني ، له عدّة مصنّفات ، منها : إحياء علوم الدين ، والمقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وغيرهما ، مات سنة ( 502 ه‍ ).

المنتظم 9 : 168 ، وفيات الأعيان 4 : 216 ، الكنى والألقاب 2 : 450.

(13) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : 14.

(14) القواعد والفوائد 2: 166.

٢٤

على حاشية الصحيفة في دعاء زين العابدينعليه‌السلام إذا أحزنه أمر(15) .

واعلم أنّ هذا الاسم الشريف قد امتاز عن غيره من أسمائه ـ تعالى ـ الحسنى بوجوه عشرة :

أ : أنّه أشهر أسماء الله تعالى.

ب : أنّه أعلاها محلاًّ في القرآن.

ج : أنّه أعلاها محلاًّ في الدعاء.

د : أنّه جعل أمام سائر الأسماء.

ه‍ : أنّه خصّت به كلمة الإخلاص.

و : أنّه وقعت به الشهادة.

ز : أنّه علم على الذات المقدّسة ، وهو مختصّ بالمعبود الحقّ تعالى ، فلا

__________________

(15) وهي كما في حاشية المصباح : 315 نقلاً عن الفوائد الشريفة في شرح الصحيفة :

« الأول : أنّه مشتقّ من لاه الشيء إذا خفي ، قال شعر :

لاهت فما عرفت يوماً بخارجةٍ

يا ليتها خرجت حتى عرفناها

الثاني : أنّه مشتقّ من التحيّر ، لتحيّر العقول في كنه عظمته ، قال :

ببيداء تيه تأله العير وسطها

مخفقـة بالآل جرد وأملق

الثالث : أنّه مشتقّ من الغيبوبة ، لأنّه سبحانه لا تدركه الأبصار ، قال الشاعر :

لاه ربّي عن الخلائق طراً

خالق الخلق لا يُرى ويرانا

الرابع : أنّه مشتقّ من التعبّد ، قال الشاعر :

لله درّ الغانيــات المُـدَّهِ

آلهن واسترجعن من تألّهي

الخامس : أنّه مشتق من أله بالمكان إذا أقام به ، قال شعر :

ألهنا بدارٍ لا يدوم رسومها

كأن بقاها وشامٌ على اليدِ

السادس : أنّه مشتقّ من لاه يلوه بمعنى ارتفع.

السابع : أنّه مشتقّ من وَلَهَ الفصيلُ باُمّه إذا ولع بها ، كما أنّ العباد مولهون ، أي : مولعون بالتضرّع إليه تعالى.

الثامن : أنّه مشتقّ من الرجوع ، يقال : ألهت إلى فلان ، أي : فزعت إليه ورجعت ، والخلق يفزعون إليه تعالى في حوائجهم ويرجعون إليه ، وقيل للمألوه [ إليه ] إله ، كما قيل للمؤتمّ به إمام.

التاسع : أنّه مشتقّ من السكون ، وألهت إلى فلان أي : سكنت ، والمعنى أنّ الخلق يسكنون إلى ذكره.

العاشر : أنّه مشتقّ من الإلهيّة. وهي القدرة على الاختراع ».

٢٥

يطلق على غيره حقيقةً ولا مجازاً ، قال تعالى :( هل تَعلَمُ لهُ سَميّاً ) (16) أي : هل تعلم أحداً يسمّى الله ؟ وقيل : سميّاً أي : مثلاً وشبيهاً.

ح : أنّ هذا الاسم الشريف دالّ على الذات المقدّسة الموصوفة بجميع الكمالات ، حتى لا يشذّ به شيء ، وباقي أسمائه تعالى لا تدلّ آحادها إلاّ على آحاد المعاني ، كالقادر على القدرة والعالم على العلم. أو فعل منسوب إلى الذات ، مثل قولنا : الرحمن ، فإنّه اسم للذات مع اعتبار الرحمة ، وكذا الرحيم والعليم. والخالق : اسم للذات مع اعتبار وصف وجودي خارجي. والقدّوس : اسم للذات مع وصف سلبي ، أعني التقديس الذي هو التطهير عن النقائص. والباقي : اسم اللذات مع نسبة وإضافة ، أعني البقاء ، وهو نسبة بين الوجود والأزمنة ، إذ هو استمرار الوجود في الأزمنة. والأبديّ : هو المستمرّ في جميع الأزمنة ، فالباقي أعمّ منه. والأزلي : هو الذي قارن وجوده جميع الأزمنة الماضية المحقّقة والمقدّرة. فهذه الاعتبارات تكاد تأتي على الأسماء الحسنى بحسب الضبط(17) .

ط : أنّه اسم غير صفة ، بخلاف سائر أسمائه تعالى ، فإنها تقع صفات ، أمّا أنّه اسم غير صفة ، فلأنّك تصف ولا تصف به ، فتقول : إله واحد ، ولا تقول : شيء إله ، وأمّا وقوع ما عداه من أسمائه الحسنى صفات ، فلأنّه يقال : شيء قادر وعالم وحيّ إلى غير ذلك.

ي : أن جميع أسمائه الحسنى يتسمّى بهذا الاسم ولا يتسمّى هو بشيء منها ، فلا يقال : الله اسم من أسماء الصبور أو الرحيم أو الشكور ، ولكن يقال : الصبور اسم من أسماء الله تعالى.

إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه قد قيل : إنّ هذا الاسم المقدّس هو الاسم الأعظم. قال ابن فهد في عدّته : وهذا القول قريب جداً ، لأنّ الوارد في هذا المعنى

__________________

(16) مريم 19 : 65.

(17) القواعد والفوائد 2: 166.

٢٦

كثيراً(18) .

ورأيت في كتاب الدرّ المنتظم في السرّ الأعظم ، للشيخ محمد بن طلحة بن محمد ابن الحسين(19) : أنّ هذا الاسم المقدّس يدلّ على الأسماء الحسنى كلّها التي هي تسعة وتسعون اسماً ، لأنك إذا قسمت الاسم المقدّس في علم الحروف على قسمين كان كلّ قسم ثلاثة وثلاثين ، فتضرب الثلاثة والثلاثين في حروف الاسم المقدّس بعد إسقاط المكرر وهي ثلاثة تكون عدد الأسماء الحسنى ، وذكر أمثلة اُخر في هذا المعنى تركناها اختصاراً(20) .

ورأيت في كتاب مشارق الأنوار وحقائق الأسرار ، للشيخ رجب بن محمد بن رجب الحافظ(21) : أن هذا الاسم المقدس أربعة أحرف ـ الله ـ فإذا وقفت على الأشياء عرفت أنها منه وبه وإليه وعنه ، فإذ أُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كلّ شيء ، فإن اُخذ اللام وترك الألف بقي إله ، وهو إله كلّ شيء ، وإن اُخذ

__________________

(18) عدّة الداعي : 50.

(19) أبو سالم محمد بن طلحة بن محمد بن الحسن القرشي الشافعي ، له عدّة مصنفات ، منها : الدرّ المنظم في السرّ الأعظم أو الدرّ المنظم في اسم الله الأعظم ، مات سنة ( 652 ه‍ ).

شذرات الذهب 5 : 259 ، أعلام الزركلي 6 : 175.

علماً بأنّ في (ر) و (ب) و (م) ذكر : الدرّ المنتظم وفي مصادر الترجمة : الدر المنظم ، وكذا ذكر في (ر) و (ب) : محمد بن طلحة بن محمد بن الحسين ، وفي المصادر : ابن الحسن ، فتأمّل.

(20) في حاشية (ر) : « منها : أنك إذا جمعت من الاسم المقدّس طرفيه ، وقسّمت عددهما على حروفه الأربعة ، وضربت ما يخرج القسمة فيما له من العدد في علم الحروف ، يكون عدد الأسماء الحسنى. وبيانه : أن تأخذ الألف والهاء وهما بستة ، وتقسِّمها على حروف الأربعة ، يقوم لكل حرف واحد ونصف ، فتضربة به فيما للإسم المقدّس من العدد وهو ستة وستين ، تبلغ تسعة وتسعين عدد الأسماء الحسنى. منهرحمه‌الله ».

(21) رضي الدين رجب بن محمد بن رجب البرسي الحلي المعروف بالحافظ ، من متأخّري علماء الإمامية ، كان ماهراً في أكثر العلوم ، له يد طولى في علم أسرار الحروف والأعداد ونحوها ، وقد أبدع في كتبه حيث استخرج أسامي النبي والأئمةعليهم‌السلام من الآيات ونحو ذلك من غرائب الفوائد وأسرار الحروف ، له أشعار لم يرعين الزمان مثلها في مدح أهل البيتعليهم‌السلام ، من مصنافته : مشارق أنوار اليقين في كشف حقائق أسرار أمير المؤمنين ، توفي في حدود سنة ( 813 ه‍ ).

رياض العلماء 2 : 304 ، الكُنى والألقاب 2 : 148 ، أعيان الشيعة 6 : 46.

٢٧

الألف من إله بقي له ، وله كلّ شيء ، فإن اُخذ من له اللام بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له ، وهو لفظ يوصل إلى ينبوع العزة ، ولفظ هو مركب من حرفين ، والهاء أصل الواو ، فهو حرف واحد يدل على الواحد الحق ، والهاء أول المخارج والواو أخرها ، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن(22) .

ولمّا كان الاسم المقدّس الأقدس أرفع أسماء الله تعالى شأناً وأعلاها مكاناً ، وكان لكمالها جمالاً ولجمالها كمالاً ، خرجنا فيه بالإسهاب عن مناسبة الكتاب ، والله الموفّق للصواب.

الرحمن الرحيم :

قال الشهيدرحمه‌الله : هما اسمان للمبالغة من رحم ، كغضبان من غضب وعليم من علم ، والرحمة لغة : رقّة القلب وانعطاف يقتضي التفضل والإحسان ، ومنه : الرحم ، لانعطافها على ما فيها ، وأسماء الله تعالى إنّما تؤخذ باعتبار الغايات التي هي أفعال دون المبادئ التي هي انفعال(23) (24) .

وقال صاحب العدّة : الرحمن الرحيم مشتقّان من الرحمة وهي النعمة ،

__________________

(22) مشارق الأنوار : 32 ـ 33 ، وفيه : « والقرآن له ظاهر وباطن ، ومعانيه منحصرة في أربع أقسام ، وهي أربع أحرف وعنها ظهر باقي الكلام ، وهي ( أل‍ ل‍ ه ) ، والألف واللام منه آلة التعريف ، فإذا وضعت على الأشياء عرفتها أنّها منه وله ، وإذا اُخذ منه الألف بقي لله ، ولله كل شيء ، وإذا اُخذ منه ( ل‍ ) بقي إله ، وهو إله كلّ شيء ، وإذا اُخذ منه الألف واللام بقي له ، وله كلّ شيء ، وإذا اُخذ الألف واللامان بقي هو ، وهو هو وحده لا شريك له. والعارفون يشهدون من الألف ويهيمنون من اللام ويصلون من الهاء. والألف من هذا الاسم إشارة إلى الهويّة التي لا شيء قبلها ولا بعدها وله الروح ، واللام وسطاً وهو إشارة إلى أنّ الخلق منه وبه وإليه وعنه ، وله العقل وهو الأول والآخر ، وذلك لأنّ الألف صورة واحدة في الخطّ وفي الهجاء ».

(23) القواعد والفوائد 2 : 166 ـ 167.

(24) في هامش (ر) : « وقال السيد المرتضى : ليست الرحمة عبارة عن رقّة القلب والشفقة ، وإنّما هي عبارة عن الفضل والإنعام وضروب الإحسان ، فعلى هذا يكون إطلاق لفظ الرحمة عليه تعالى حقيقة وعلى الأول مجاز. منهرحمه‌الله تعالى ».

٢٨

ومنه :( وما أرسلناك إلاّ رحمّة للعالمينّ ) (25) أي : نعمة ، ويقال للقرآن رحمة وللغيث رحمة ، أي : نعمة ، وقد يتسمّى بالرحيم غيره تعالى ولا يتسمّى بالرحمن سواه ، لأن الرحمن هو الذي يقدر على كشف الضر والبلوى ، ويقال لرقيق القلب من الخلق : رحيم ، لكثرة وجود الرحمة منه بسبب الرقة ، وأقلها الدعاء للمرحوم والتوجع له ، وليست في حقّه تعالى كذلك ، بل معناها إيجاد النعمة للمرحوم وكشف البلوى عنه ، فالحدّ الشامل أن تقول : هي التخلص من أقسام الآفات ، وإيصال الخيرات إلى أرباب الحاجات(26) .

وفي كتاب الرسالة الواضحة(27) : أنّ الرحمن الرحيم من أبنية المبالغة ، إلاّ أنّ فعلان أبلغ من فعيل ، ثم هذه المبالغة قد توجد تارة باعتبار الكمّية ، واُخرى باعتبار الكيفية :

فعلى الأول قيل : يا رحمن الدنيا ـ لأنّه يعمّ المؤمن والكافر ـ ورحيم الآخرة لأنه يخص الرحمة بالمؤمنين ، لقوله تعالى :( وكان بالمؤمنين رحيماً ) (28) .

وعلى الثاني قيل : يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيم الدنيا ، لأنّ النعم الاُخروية كلّها جسام ، وأمّا النعم الدنيوية فجليلة وحقيرة.

وعن الصادقعليه‌السلام : الرحمن اسم خاصّ بصفة عامة ، والرحيم اسم عامّ بصفة خاصة(29) .

وعن أبي عبيدة(30) : الرحمن ذو الرحمة ، والرحيم الراحم ، وكرر لضرب

__________________

(25) الأنبياء 21 : 107.

(26) عدّة الداعي : 303 ـ 304 ، باختلاف.

(27) الرسالة الواضحة في تفسير سورة الفاتحة ، للمصنف الشيخ علي بن إبراهيم الكفعمي : مخطوطة.

(28) الأحزاب 33 : 43.

(29) مجمع البيان 1 : 21.

(30) أبو عبيدة معمّر بن المثنى البصري النحوي اللغوي ، أول من صنّف غريب الحديث ، وكان أبو نؤاس الشاعر يتعلّم منه ويصفه ويذمّ الأصمعي ، له عدّة مصنفات ، منها : مجاز القرآن الكريم وغريب القرآن ومعاني القرآن ، مات سنة ( 209 ه‍ ) وقيل غير ذلك.

وفيات الأعيان 5 : 235 ، الكنى والألقاب 1 : 116.

٢٩

من التأكيد(31) .

وعن السيد المرتضى(32) رحمه‌الله : أن الرحمن مشترك فيه اللغة العربية والعبرانية والسريانية ، والرحيم مختصّ بالعربية.

قال الطبرسي(33) : وإنّما قدّم الرحمن على الرحيم ، لأن الرحمن بمنزلة الاسم العلم ، من حيث أنه لا يوصف به إلاّ الله تعالى ، ولهذا جمع بينهما تعالى في قوله :( قلِ ادعوا اللهَ أو ادعوا الرحمنَ ) (34) فوجب لذلك تقديمه على الرحيم ، لأنه يطلق عليه وعلى غيره(35) .

الملك :

التامّ الملك ، الجامع لأصناف المملوكات ، قاله البادرائي في جواهره.

__________________

(31) اُنظر : مجمع البيان 1 : 20.

(32) أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام ، المشهور بالسيد المرتضى ، جمع من العلوم ما لم يجمعه أحد وحاز من الفضائل ما تفرّد به وتوحّد وأجمع على فضله المخالف والمؤالف ، كيف لا وقد أخذ من المجد طرفيه واكتسى بثوبيه وتردّى ببرديه ، روى عن جماعة عديدة من العامة والخاصة منهم الشيخ المفيد والحسين بن علي بن بابويه أخي الصدوق والتلعكبري ، روى عنه جماعة كثيرة من العامة والخاصة منهم : أبو يعلى سلار وأبو الصلاح الحلبي وأبو يعلى الكراجكي ومن العامة : الخطيب البغدادي والقاضي بن قدامة ، له عدّة مصنفات مشهورة ، منها الشافي في الإمامة لم يصنّف مثله والذخيرة ، توفي سنة ( 433 ه‍ ) وقيل ( 436 ه‍ ).

وفيات الأعيان 3 : 313 ، رياض العلماء 4 : 14، الكنى والألقاب 2 : 439.

(33) أبو علي الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي المشهدي ، من أكابر مجتهدي علمائنا ، يروي عن الشيخ أبي علي بن الشيخ الطوسي وغيره ، يروي عنه ولده الحسن وابن شهرآشوب والشيخ منتجب الدين وغيرهم ، له عدة مصنفات ، منها : مجمع البيان لعلوم القرآن ، وهو تفسير لم يعمل مثله عيّن كل سورة أنّها مكّية أو مدنية ثم يذكر مواضع الاختلاف في القراءة ثم يذكر اللغة والعربية ثم يذكر الإعراب ثم الأسباب والنزول ثم المعنى والتأويل والأحكام والقصص ثم يذكر انتظام الآيات ، توفي سنة ( 548 ه‍ ) في سبزوار وحمل نعشه إلى المشهد الرضوي ودفن في مغتسل الرضاعليه‌السلام وقبره مزار.

رياض العلماء 4 : 340 ، الكنى والألقاب 2 : 403 ، الذريعة 20 : 24.

(34) الإسراء 17 : 110.

(35) مجمع البيان 1 : 21 ، باختلاف.

٣٠

وقال الشهيد : الملك المتصرف بالأمر والنهي في المأمورين ، أو الذي يستغني في ذاته وصفاته عن كل موجود ، ويحتاج إليه كلّ موجود في ذاته وصفاته(36) .

والملكوت : ملك الله ، زيدت فيه التاء كما زيدت في رهبوت ورحموت ، من الرهبة والرحمة.

القدوس :

فعول من القدس وهو الطهارة ، فالقدّوس : الطاهر من العيوب المنزّه عن الأضداد والأنداد ، والتقديس : التطهير ، وقوله تعالى حكاية عن الملائكة :( ونحنُ نسبّحُ بحمدكَ ونقدّسُ لكَ ) (37) أي : ننسبك إلى الطهارة.

وسمّي بيت المقدس بذلك ، لأنه المكان الذي يتطهر فيه من الذنوب. وقيل للجنة : حظيرة القدس ، لأنها موضع الطهارة من الأدناس والآفات التي تكون في الدنيا.

السلام :

معناه ذو السلامة ، أي : سلم في ذاته عن كل عيب ، وفي صفاته عن كل نقص وآفة تلحق المخلوقين ، والسلام مصدر وصف به تعالى للمبالغة. وقيل : معناه المسلم ، لأن السلامة تنال من قبله.

وقوله :( لهم دارُ السلام ) (38) يجوز أن تكون مضافة إليه تعالى ، ويجوز أن يكون تعالى قد سمّى الجنة سلاماً ، لأن الصائر إليها يسلم من كلّ آفة.

* * *

__________________

(36) القواعد والفوائد 2 : 167.

(37) البقرة 2 : 30.

(38) الأنعام 6 : 127.

٣١

المؤمن :

المصدّق ، لأن الإيمان في اللغة التصديق ، ويحتمل ذلك وجهان :

أ : أنّه يصدق عبادّه وعده ، ويفي لهم بما ضمنه لهم.

ب : أنّه يصدق ظنون عباده المؤمنين ولا يخيّب آمالهم ، قاله البادرائي.

وعن الصادقعليه‌السلام : سمّي تعالى مؤمناً ، لأنه يؤمن عذابه من أطاعه(39) .

وفي الصحاح(40) : الله تعالى مؤمن ، وهو : الذي آمن عباده ظلمه(41) .

المهيمن :

قال العزيزي(42) في غريبه والشهيد في قواعده : هو القائم على خلقه بأعمالهم وآجالهم وأرزاقهم(43) .

وقال صاحب العدّة : المهيمن : الشاهد ، ومنه قوله تعالى :( ومهيمناً عليه ) (44) أي : شاهداً ، فهو تعالى الشاهد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل ، وقيل : هو الرقيب على الشيء والحافظ له ، وقيل : هو الأمين(45) .

__________________

(39) التوحيد : 205.

(40) كتاب الصحاح لأبي نصر إسماعيل بن حمّاد الجوهري الفارابي ، ابن اُخت أبي إسحاق الفارابي صاحب ديوان الأدب ، له عدّة مصنّفات ، منها : هذا الكتاب ـ الصحاح ـ وهو أحسن من الجمهرة وأوقع من التهذيب وأقرب متناولاً من مجمل اللغة ، مات سنة ( 393 ه‍ ).

يتيمة الدهر 4 : 468 ، معجم الاُدباء 5 : 151، النجوم الزاهرة 4 : 207.

(41) الصحاح 5 : 2071 ، أمن.

(42) أبو بكر محمد بن عزيز السجستاني العزيزي. اشتهر بكتابه غريب القرآن ، وهو على حروف المعجم صنّفه في (15) سنة ، مات سنة ( 330 ه‍ ).

أعلام الزركلي 6 : 268.

(43) غريب القرآن ـ نزهة القلوب ـ : 209 ، القواعد والفوائد 2 : 167.

(44) المائدة 5 : 48.

(45) عدّة الداعي : 304 ـ 305 ، باختلاف.

٣٢

وإلى القول الأوسط ذهب الجوهري ، فقال : المهيمن الشاهد ، وهو من آمن غيره من الخوف(46) .

قلت : إنّما كان المهيمن من آمن ، لأن أصل مهيمن مؤيمن ، فقلبت الهمزة هاء لقرب مخرجهما ، كما في هرقت الماء وأرقته ، وإيهاب وهيهات ، وإبرية وهبرية للخزاز الذي في الرأس ، وقرأ أبو السرائر الغنوي(47) : هياك نعبد وهياك نستعين(48) .

قال الشاعر :

وهياك والأمر الذي إن توسعت

موارده ضاقت عليك مصادره

العزيز :

الغالب القاهر ، أو ما يمتنع الوصول إليه ، قاله الشهيد في قواعده(49) .

وقال الشيخ علي بن يوسف بن عبد الجليل(50) في كتابه منتهى السّؤول في شرح الفصول : العزيز هو الحظير الذي يقلّ وجود مثله ، وتشتدّ الحاجة إليه ، ويصعب الوصول إليه ، فليس العزيز المطلق إلاّ هو تعالى.

وقال صاحب العدّة : العزيز المنيع الذي لا يُغلب ، ويقال : من عزّ بزّ ،

__________________

(46) الصحاح 6 : 2217 ، همن.

(47) كذا ، ولم أجد هذا الاسم في كتب التراجم.

(48) قال الزمخشري في الكشّاف 1 : 62 : « وقرئ إياك بتخفيف الياء واياك بفتح الهمزة والتشديد وهياك بقلب الهمزة هاء ».

قال طفيل الغنوي :

فهياك والأمر الذي ان تراحبت موارده ضاقت عليك مصادره.

(49) القواعد والفوائد 2 : 167.

(50) ظهير الدين علي بن يوسف بن عبد الجليل النيلي ، عالم فاضل كامل ، من أجلة متكلمي الإمامية وفقهائهم ، يروي عن الشيخ فخر الدين ولد العلاّمة ، يروى عنه ابن فهد الحلي ، له عدة مصنفات ، منها : منتهى السّؤول في شرح الفصول ، وهو شرح على فصول خواجه نصير الدين الطوسي في اُصول الدين ، وهو شرحُ بالقول يعني قوله قوله.

رياض العلماء 4 : 293 ، الذريعة 23 : 10.

٣٣

أي : من غلب سلب ، ومنه قوله تعالى :( وعزّني في الخطابِ ) (51) أي : غلبني في محاورة الكلام ، وقد يقال العزيز للملك ، ومنه قوله تعالى :( يا أيها العزيزُ ) (52) أي : يا أيها الملك(53) .

والعزيز أيضاً : الذي لا يعادله شيء ، والذي لا مثل له ولا نظير.

الجبار :

القهار ، أو المتكبر ، أو المتسلّط ، أو الذي جبر مفاقر الخلق وكفاهم أسباب المعاش والرزق ، أو الذي تنفذ مشيته على سبيل الإجبار في كل أحد ولا تنفذ فيه مشية أحد. ويقال : الجبّار العالي فوق خلقه ، ويقال للنخل الذي طال وفات اليد : جبّار.

المتكبّر :

ذو الكبرياء ، وهو : الملك ، أو ما يرى الملك حقيراً بالنسبة إلى عظمته ، قاله الشهيد(54) .

وقال صاحب العدّة : المتكبّر المتعالي عن صفات الخلق ، ويقال : المتكبّر على عتاة خلقه ، وهو مأخوذ من الكبرياء ، وهم اسم التكبّر والتعظّم(55) .

الخالق :

هو المبدئ للخلق والمخترع لهم على غير مثال سبق ، قاله البادرائي في جواهره.

__________________

(51) ص 38 : 23.

(52) يوسف 12 : 78 ، 88.

(53) عدّة الداعي : 305.

(54) القواعد والفوائد 2 : 167.

(55) عدّة الداعي : 305 ، باختلاف.

٣٤

وقال الشهيد : الخالق ، المقدّر(56) .

قلت : وهو حسن ، إذ قد يراد بالخلق التقدير ، ومنه قوله تعالى :( إنّي أخلقُ لكم منَ الطينِ كهيئةِ الطيرِ ) (57) أي : اُقدّر.

البارئ :

الخالق ، والبرية : الخلق ، وبارئ البرايا أي : خالق الخلائق.

المصوّر :

الذي أنشأ خلقه على صور مختلفه ليتعارفوا بها ، قال تعالى :( وصوّركم فأحسنَ صوَركُم ) (58) .

وقال الغزّالي في تفسير أسماء الله تعالى الحسنى : قد يظنّ أنّ الخالق والبارئ والمصور ألفاظ مترادفة ، وأن الكلّ يرجع إلى الخلق والاختراع ، وليست كذلك ، بل كل ما يخرج من العدم إلى الوجود مفتقر إلى تقديره أولاً ، وإلى إيجاده على وفق التقدير ثانياً ، وإلى التصوير بعد الإيجاد ثالثاً ، والله تعالى خالق من حيث أنّه مقدر ، وبارئ من حيث أنه مخترع موجد ، ومصوّر من حيث أنه مرتب صور المخترعات أحسن ترتيب. وهذا كالبناء مثلاً ، فإنه يحتاج إلى مقدّر يقدّر ما لابدّ منه : من الخشب ، واللبن ، ومساحة الأرض ، وعدد الأبنية وطولها وعرضها ، وهذا يتولاّه المهندس فيرسمه ويصوّره ، ثم يحتاج إلى بنّاء يتولّى الأعمال التي عندها تحدث اُصول الأبنية ، ثم يحتاج إلى مزيّن ينقش ظاهره ويزيّن صورته ، فيتولاه غير البناء. هذه هي العادة في التقدير في البناء والتصوير ، وليس كذلك في أفعاله تعالى ، بل هو المقدّر والموجد والصانع ، فهو الخالق والبارئ والمصور(59) .

__________________

(56) القواعد والفوائد 2 : 167.

(57) آل عمران 3 : 49.

(58) غافر 40 : 64 ، التغابن 64 : 3.

(59) المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى : 18.

٣٥

الغفّار :

هو الذي أظهر الجميل وستر القبيح ، قاله الشهيد(60) .

وقال البادرائي : هو الذي يغفر ذنوب عباده ، وكلّما تكررت التوبة من المذنب تكررت منه تعالى المغفرة ، لقوله :( وإني لغفّارٌ لِمن تابَ ) (61) الآية. والغفر في اللغة : الستر والتغطية ، فالغفّار : الستّار لذنوب عباده.

القهّار القاهر :

بمعنى ، وهو : الذي قهر الجبابرة وقهر العباد بالموت ، غير أنّ قهّار وغفّار وجبّار ووهّاب ورزّاق وفتاح ونحو ذلك من أبنية المبالغة ، لأنّ العرب قد بنت مثال من كرر الفعل على فعّال ، ولهذا يقولون لكثير السؤال : سأّال وسأّالة.

قال :

سَأّالةٌ للفتى ما ليس في يده

ذهّابة بعقول القوم والمالي

وكذا ما بني على فعلان وفعيل كرحمن ورحيم ، إلاّ أن فعلان أبلغ من فعيل. وبنت مثال من بالغ في الأمر وكان قوياً عليه على فعول ، كصبور وشكور. وبنت مثال من فعل الشيء مرّة على فاعل ، نحو سائل وقاتل. وبنت مثال من اعتاد الفعل على مِفعال ، مثل امرأة مذكار إذا كان من عادتها أن تلد الذكور ، ومئناث إذا كان من عادتها أن تلد الإناث ، ومعقاب إذا كان من عادتها أن تلد نوبة ذكراً ونوبة اُنثى ، ورجل منعال ومفضال إذا كان ذلك من عادته.

الوهّاب :

هو من أبنية المبالغة كما مرّ آنفاً ، وهو الذي يجود بالعطايا التي لا تفنى ، وكّل من وهب شيئاً من أعراض الدنيا فهو واهب ولا يسمّى وهّاباً ، بل الوهّاب

__________________

(60) القواعد والفوائد 2 : 168.

(61) طه 20 : 82.

٣٦

من تصرّفت مواهبه في أنواع العطايا ودامت ، والمخلوقون إنّما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال ، ولا يملكون أن يهبوا شفاء لسقيم ولا ولداً لعقيم ، قاله البادرائي.

وقال صاحب العدّة : الوّهاب الكثير الهبة ، والمفضال في العطية(62) .

وقال الشهيد : الوهّاب المعطي كل ما يحتاج إليه لكلّ من يحتاج إليه(63) .

الرزّاق الرازق :

بمعنى ، وهو : خالق الأرزقة والمرتزقة والمتكفّل بإيصالها لكلّ نفس ، من مؤمن وكافر ، غير أنّ في الرزّاق المبالغة.

الفتاح :

الحاكم بين عباده ، وفتح الحاكم بين الخصمين : إذا قضى بينهما ، ومنه :( ربّنا افتح بيننا وبينَ قومنا بالحقِ ) (64) أي : احكم.

وهو أيضاً الذي يفتح أبواب الرزق والرحمة لعباده ، وهو الذي بعنايته ينفتح كل مغلق.

العليم :

العالم بالسرائر والخفيات وتفاصيل المعلومات قبل حدوثها وبعد وجودها(65) .

__________________

(62) عدّة الداعي : 311.

(63) القواعد والفوائد 2 : 68.

(64) الأعراف 7 : 89.

(65) في هامش (ر) : « والعليم مبالغة في العالم ، لأنّ قولنا : عالم ، يفيد أنّ له معلوماً ، كما أنّ قولنا : سامع ، يفيد أنّ له مسموعاً ، وإذا وصفناه بأنّه عليم أفاد أنّه متى صحّ معلوم فهو عالم به ، كما أنّ سميعاً يفيد

٣٧

القابض الباسط :

هوالذي يوسع الرزق ويقدره بحسب الحكمة.

ويحسن القران بين هذين الاسمين ونظائرهما ـ كالخافض والرافع ، والمعزّ والمذلّ ، والضارّ والنافع ، والمبدئ والمعيد ، والمحيي والمميت ، والمقدّم والمؤخّر ، والأول ، والآخر ، والظاهر والباطن ـ لأنّه أنبأ عن القدرة ، وأدلّ على الحكمة ، قال الله تعالى :( واللهُ يقبضُ ويبسطُ ) (66) فإذا ذكرت القابض مفرداً عن الباسط كنت كأنك قد قصرت الصفة على المنع والحرمان ، وإذا وصلت أحدهما بالآخر فقد جمعت بين الصفتين. فالأولى لمن وقف بحسن الأدب بين يدي الله تعالى أن لا يفرد كلّ اسم عن مقابله ، لما فيه من الإعراب عن وجه الحكمة.

الخافض الرافع :

هو الذي يخفض الكفار بالإشقاء ويرفع المؤمنين بالاسعاد. وقوله :( خافضةُ رافعةٌ ) (67) أي : تخفض أقواماً إلى النار وترفع أقواماً إلى الجنة ، يعني : القيامة.

المعزّ المذلّ :

الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممّن يشاء ، أو الذي أعزّ بالطاعة أولياءه ، فأظهرهم على أعدائه في الدنيا وأحلّهم دار الكرامة في العقبى ، وأذل أهل

__________________

أنّه متى وجد مسموع فلابدّ أن يكون سامعاً له ، والعلوم كلّها من جهته تعالى ، لأنّها لا تخلو من أن تكون ضرورية فهو الذي فعلها ، أو استدلالية فهو الذي أقام الأدلة عليها ، فلا علم لأحد إلاّ الله تعالى. منهرحمه‌الله ».

(66) البقرة 2 : 245.

(67) الواقعة 56 : 3.

٣٨

الكفر في الدنيا ، بأن ضربهم بالرق والجزية والصغار ، وفي الآخرة بالخلود في النار(68) .

السميع :

بمعنى السامع ، يسمع السّر والنجوى ، سواء عنده الجهر والخفوت والنطق والسكوت. وقد يكون السميع بمعنى القبول والإجابة ، ومنه قول المصلّي : سمع الله لمن حمده ، معناه : قبل الله حمد من حمده واستجاب له. وقيل : السميع العليم بالمسوعات ، وهي : الأصوات والحروف.

البصير :

العالم بالخفيّات ، وقيل : العالم بالمبصرات.

وفي عبارة الشهيد ،السميع : الذي لا يعزب عن إداركه مسموع خفيّ أو ظاهر ، والبصير : الذي لا يعزب عنه ما تحت الثرى ، ومرجعهما إلى العلم ، لتعاليه سبحانه عن الحاسّة والمعاني القديمة(69) .

الحَكَم :

هو الحاكم الذي سلّم له الحكم ، وسمّي الحاكم حاكماً لمنعه الناس من التظالم(70) .

__________________

(68) في هامش (ر) : « وقيل يعزّ المؤمن بتعظيمه والثناء عليه ، ويذلّ الكافر بالجزية والسبي ، وهو سبحانه وإن أفقر أولياءه وابتلاهم في الدنيا ، فإنّ ذلك ليس على سبيل الإذلال ، بل ليكرمهم بذلك في الآخرة ، ويحلّهم غاية الإغزاز والإجلال ، ذكر ذلك الكفعمي في كتابه جُنّة الأمان الواقية. منهرحمه‌الله ».

انظر : جُنّة الأمان الواقية ـ المصباح ـ : 322.

(69) القواعد والفوائد 2 : 168.

(70) في هامش (ر) : « قلت : ومن ذلك اُخذ معنى الحكمة ، لأنّها تمنع من الجهل. وحكمة الدابة ما أحاط بالحنك ، سمّيت بذلك لمنعها من الجماح ، وحكمت السفيه وأحكمته إذا أخذت على يده

٣٩

العدل :

أي : ذو العدل ، وهو مصدر اُقيم مقام الأصل ، وحفّ به تعالى للمبالغة لكثرة عدله. والعدل : هو الذي يجوز في الحكم ، ورجل عدل وقوم عدل وامرأة عدل ، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث.

اللطيف :

العالم بغوامض الأشياء ، ثم يوصلها إلى المستصلح برفق دون العنف ، أو البرّ بعباده الذي يوصل إليهم ما ينتفعون به في الدارين ويهيّئ لهم أسباب مصالحهم من حيث لا يحتسبون ، قاله الشهيد في قواعده(71) .

وقيل : اللطيف فاعل اللطف ، وهو ما يقرب معه العبد من الطاعة ويبعد من المعصية ، واللطف من الله التوفيق.

وفي كتاب التوحيد(72) عن الصادقعليه‌السلام : أنّ معنى اللطيف هو :

__________________

ومنعته مما أراد ، وحكمته أيضاً إذا فوّضت إليه الحكم ، وفي حديث النخعي : حكّم اليتيم كما تحكّم ولدك ، أي : امنعه من الفساد ، وقيل : أي حكّمه في ماله إذا صلح لذلك ، وفي الحديث : إنّ في الشعر لحكمة ، أي : من الشعر كلاماً نافعاً يمنع عن الجهل والسفه وينهى عنهما ، والحكم : الحكمة ، ومنه :( وآتيناه الحكم صبيّاً [ 19 : 12 ]) أي : الحكمة ، وقوله تعالى :( فوهب لي ربيّ حكماً [ 26 : 21 ]) أي : حكمة ، والصمت : حكم وقوله تعالى عن داودعليه‌السلام :( وآتيناه الحكمة [ 38 : 20 ]) قيل : هي الزبور ، وقيل : هي كلّ كلام وافق الحق ، والمحاكمة : المخاصمة إلى الحاكم ، من مغرب المطرزي ، وغريبي الهروي وصحاح الجوهري. منهرحمه‌الله ».

اُنظر : المغرب 1 : 133 حكم ، الصحاح 5 : 1901 حكم.

(71) القواعد والفوائد 2 : 170.

(72) كتاب التوحيد لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ، شيخ الحفظة ووجه الطائفة المستحفظة ، ولد بدعاء مولانا صاحب الأمر روحي له الفداء ، وصفه الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف في التوقيع الخارج من الناحية المقدّسة بأنّه : فقيه خيِّر مبارك ينفع الله به ، فعّمت بركته ببركة الإمام وانتفع به الخاصّ والعامّ ، له عدّة مصنفات ، منها : هذا الكتاب ـ التوحيد ـ توفي سنة ( 381 ه‍ ) بالري ، وقبره قرب قبر عبد العظيم الحسني معروف.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

فيبطل السعي إذا كانت الزيادة عن علم وعمد(١) على ماتقدم في الطواف.

نعم، إذا كان جاهلا بالحكم فالاظهر عدم بطلان السعي بالزيادة(٢) وإن كان الإعادة أحوط(٣) .

مسألة ٢٤٣: إذا زاد في سعيه خطأ صح سعيه، ولكن الزائد إذا كان شوطا أو أزيد يستحب له أن يكمله سبعة أشواط ليكون سعيا كاملا غير سعيه الاول(٤) ، فيكون انتهاؤه الى الصفا.

* مسألة ٢٤٤: مرشد الحجاج إذا تقدم وتأخر أثناء سعيه وهو غافل عن كونه زيادة في السعي فإن كان جاهلا قاصراً لم يضر بصحة سعيه(٥) .

____________________

(١) كما تدل عليه بعض النصوص.

(٢) تشهد له صيححة جميل قال: حججنا ونحن صرورة فسعينا بين الصفا والمروة أربعة عشر شوطا، فسألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن ذلك فقال: لابأس سبعة لك وسبعة تطرح.

(٣) لاطلاق بعض الروايات.

(٤) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن مسلم: وإذا استيقن انه سعي ثمانية أضاف اليها ستاً.

(٥) والظاهر كذلك حتى لو كان جاهلا مقصراً، ففي صحيحة هشام بن

=

٢٢١

ويشكل سعي من شاهد الناس يهرولون في المسعى فظن أن ذلك شيء واجب فرجع القهقري وواصل سعيه مهرولا، إلا اذا كان جاهلا قاصراً.

مسألة ٢٤٥: إذا نقص من اشواط السعي عامد - عالما بالحكم أو جاهلا به - فحكمه حكم من ترك السعي كذلك(١) وقد تقدم.

وأما إذا كان النقص نسيانا فيجب عليه تدارك المنسي متى ماذكر سواء كان شوطاً واحدا أم أزيد على الاظهر(٢) .

____________________

=

سالم قال: سعيت بين الصفا والمروة أنا وعبيد الله بن راشد فقلت له: تحفظ علي، فجعل يعد ذاهباً وجائياً شوطاً واحداً، فبلغ مثل ذلك، فقلت له: كيف تعد ؟ قال: ذاهباً وجائيا شوطاً واحداً، فأتممنا أربعة عشر شوطاً، فذكرنا لابي عبداللهعليه‌السلام فقال: قد زادوا على ما عليهم ليس عليهم شيء » فإذا كان الزيادة في الشوط بأكمله جهلا ليست مخلة بالسعي فكذلك جزء الشوط، مضافا الى اتحاد حكم الناسي والجاهل في كثير من الاحكام في الحج، والله العالم.

(١) اذ ترك الجزء ترك للكل كما لايخفي.

(٢) لعله لصحيحة سعيد بن يسار قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام رجل متمتع سعي بين الصفا والمروة ستة أشواط، ثم رجع الى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم أظافره وأحل، ثم ذكر انه سعى ستة أشواط، فقال لي

=

٢٢٢

ولو كان تذكره بعد مضي وقته - بأن تذكر وقوع النقص في سعي عمرة التمتع وهو بعرفات، أو التفت إلى وقوع النقص في سعي الحج بعد مضي شهر ذي الحجة - فالاحوط أن يعيد السعي بعد التدارك(١) ، وإذا لم يتمكن منه مباشرة أو كان فيه حرج عليه استناب غيره، والاحوط أن يجمع النائب بين تدارك الأشواط وإعادة السعي.

____________________

=

يحفظ أنه قد سعي ستة أشواط، فان كان يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما، فقلت: دم ماذا؟ قال: بقرة » ولاخصوصية للشوط الواحد، وصحيحة معاوية وفيها « فإن سعى الرجل اقل من سبعة اشواط ثم رجع إلى اهله فعليه أن يرجع ليسعى تمامه، وليس عليه شيء » ومثلهما مصححة ابن مسكان الاتية.

وأما مرسل الكافي عن احمد الحلال عن ابي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن امرأة طافت خمسة أشواط ثم اعتلت، قال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت، فإذا هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله » ومثله حسنة ابي بصير، فيمكن أن يكون الحكم في الذيل مختص بالطواف إذ لاتشترط الطهارة في السعي فتأمل.

(١) مقتضي اطلاق صحيحة سعيد كفاية الإتمام مطلقا.

٢٢٣

مسألة ٢٤٦: إذا نقص شيئا من السعي في عمرة التمتع نسيانا فأحل لاعتقاد الفراغ من السعى فالاحوط لزوم التكفير عن ذلك ببقرة(١) ، ويلزمه اتمام السعي على النحو الذي ذكرناه.

* وأما اذا وقع النقصان جهلا بعدد أشواط السعي مثلا(٢) ، او كان ذلك في العمرة المفردة(٣) ،

____________________

(١) واستظهره السيد الخوئي وجزم به بعض أعاظم تلامذته، وتشهد له صحيحة سعيد بن يسار المتقدمة، فتكون مخصصة للعمومات الدالة على ان الناسي لاشيء عليه في غير الصيد.

ولا تنافيها مصححة ابن مسكان قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن رجل طاف بين الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنه سبعة، فذكر بعد ما أحل وواقع النساء أنه انما طاف ستة أشواط ؟ قال: عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر » اذ الفرض من سؤال الراوي نعم لو كان من الامامعليه‌السلام لامكن القول بإعتبار الامرين معا فتقيد إطلاق الصحيحة المتقدمة بما اذا احلّ وجامع.

(٢) لكون مورد الروايتين المتقدمتين النسيان، فينفي عن الجاهل الكفارة بالعمومات الدالة على ان كل من ارتكب امرا بجهالة في الحج فلا كفارة عليه.

(٣) اقتصاراً على مورد النصين بعد كونه خلافا للعمومات، ومورده عمرة التمتع كما لايخفي على من تدبر في كليهما.

=

٢٢٤

أو الحج(١) فلا تلزمه الكفارة بل يتم سعيه ويعيد التقصير ولا شيء عليه.

* مسألة ٢٤٧: إذا قصر المعتمر قبل أن يسعى عالما عامدا، فعليه كفارة التقليم(٢) إذا كان تقصيره به بناءً على الاكتفاء به في التقصير، وإما اذا كان التقصير بقص شيء من شعره فالاظهر عدم ثبوت الكفارة عليه(٣) وإن كان آثما.

____________________

=

ولايبعد لزوم الاقتصار على ستة أشواط لكونه مورداً للخبرين، الا مع القول بعدم الخصوصية، والقطع به مشكل في المقام المخالف للقواعد والعمومات.

(١) كذا في ملحق المناسك والظاهر أنها من زيادات الكتّاب، إذ لاتقصير بعد السعي في الحج مطلقا، إلا اذا قدمه على الطوافين فيمكن تصوره.

(٢) وقد مر ذكرها مفصلا فراجع.

(٣) وقد تقدم منه دام ظله أن من نتف شعر لحيته او غيرها فعليه أن يطعم مسكينا بكف من الطعام، وإذا امر المحرم يده على رأسه او لحيته عبثا فسقطت شعرة او اكثر فليتصدق بكف من طعام، فالكفارة المنفية هنا هي الدم.

إلا ان يقال: ان الكفارة مترتبة على النتف أما قص شيء من الشعر فلا لعدم الدليل، نعم إزالة الشعر مطلقا سواء بالنتف او القطع لاتجوز للمحرم لعموم قولهعليه‌السلام في الصحيح « لابأس أن يحتجم المحرم مالم يحلق او

٢٢٥

أما إذا كان جاهلاً فلا شيء عليه وعليه الاتيان بالسعي ثم التقصير، وقد مر حكم الناسي لبعض الاشواط في المسألة السابقة.

* مسألة ٢٤٨: إذا تخلى الساعي عما أتى به من الاشواط واستأنف السعي، فإن كان بعد فوات الموالاة العرفيه صح سعيه، وإلا اشكل صحته، نعم لو فعل ذلك عن جهل قصوري فالاظهر الصحة.

* مسألة ٢٤٩: لو استدبر المروة أو الصفا - بسبب الزحام أو رؤية شخص - وهو متجه الى أحدهما، لم يجزئه، فعليه الرجوع وتدارك المقدار الذي وقع الاخلال به.

* مسألة ٢٥٠: يجوز قطع السعي اختياراً على الاظهر(١) ، وليستأنف بعد فوات الموالاة العرفية.

* مسألة ٢٥١: اذا علم ببطلان سعيه في العمرة بعد التقصير فهو باق على إحرامه، وعليه أن يجتنب عن محرمات الاحرام، إلى أن

____________________

=

يقطع الشعر »، وقوله «لايأخذ المحرم من شعر الحلال ».

(١) يدل عليه صحيح الازرق قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة ثم يلقاه الصديق له فيدعوه الى الحاجة او الى الطعام قال: ان أجابه فلا بأس، ولكن يقضي حق الله عز وجل أحب اليّ من أن يقضي حق صاحبه.

٢٢٦

يحل من احرامه باكمال نسكه.

الشك في السعي

لا اعتبار بالشك في عدد أشواط السعي أو في صحتها بعد التجاوز عن محله(١) ، كما لو كان الشك فيه في عمرة التمتع بعد التقصير أو في الحج بعد الشروع في طواف النساء.

ولو شك في عدد الأشواط بعد الانصراف من السعي، فإن كان شكه في الزيادة بنى على الصحة(٢) ، وإن كان شكه في النقيصة وكان ذلك قبل فوات الموالاة بطل سعيه(٣) ، وكذا إذا كان بعده على الاحوط(٤) .

مسألة ٢٥٢: إذا شك في الزيادة في نهاية الشوط، كما لو شك وهو على المروة في أن شوطه الأخير كان هو السابع أو هو التاسع فلا

____________________

(١) لقاعدة الفراغ.

(٢) لليقين بالسبعة والشك في الزائد فيجري استصحاب عدمه.

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن يسار: وإن لم يكن حفظ انه قد سعى ستة فليعد فليبتدىء السعي حتى يكمل سبعة اشواط.

(٤) لاطلاق الصحيحة المتقدمة.

٢٢٧

اعتبار بشكّه ويصحّ سعيه(١) ، وإذا كان هذا الشك في اثناء الشوط بطل سعيه ووجب عليه الاستئناف(٢) .

مسألة ٢٥٣: حكم الشك في عدد الأشواط في أثناء السعي حكم الشك في عدد أشواط الطواف في أثنائه، فيبطل السعي به مطلقا.

التقصير

وهو الواجب الخامس في عمرة التمتع.

ويعتبر فيه قصد القربة والخلوص، ويتحقق بقص شعر الرأس أو اللحية أو الشارب، ولايكفي فيه النتف بدلا عن القص على الاظهر(٣) ، والمشهور تحققه بأخذ شيء من ظفر اليد والرجل أيضا، ولكن الاحوط عدم الاكتفاء به وتأخير الإتيان به عن الأخذ من الشعر(٤) .

____________________

(١) لصحيحة الحلبي المتقدمة في الطواف فراجع.

(٢) كما هو مقتضى صحيحة ابن يسار المتقدمة.

(٣) لعدم النص عليه في النصوص، فراجع.

(٤) لعدم وروده في النصوص بمفرده، بخلاف قص الشعر، وذهب السيد الخوئي وأعاظم تلامذته الى كفايته تبعا للمشهور.

٢٢٨

* مسألة ٢٥٤: إذا نتف شعر لحيته أو شاربه باعتقاد كفاية ذلك في التقصير ثم أحرم لحج التمتع، فالظاهر انقلاب حجه الى الافراد فيأتي بعمرة مفردة بعده إن تمكن، والاحوط الاولى اعادة الحج في سنة اخرى أيضا.

مسألة ٢٥٥: يتعين التقصير في احلال عمرة التمتع ولايجزىء عنه حلق الرأس، بل يحرم الحلق عليه(١) ، وإذا حلق لزمه التكفير عنه بشاة إذا كان عالما عامداً(٢) ، بل مطلقا علىالاحوط الاولى(٣) .

مسألة ٢٥٦: إذا جامع بعد السعي وقبل التقصير فإن كان عالما عامداً فعليه كفارة بدنة - كما تقدم في تروك الاحرام - وإن كان جاهلا فلا شيء عليه على الاظهر(٤) .

____________________

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية: وليس في المتعة إلا التقصير.

(٢) لصحيحة جميل عنهعليه‌السلام عن متمتع حلق رأسه بمكة، قال: إن كان جاهلا فليس عليه شيء وإن تعمد ذلك في اول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شيء وإن تعمد بعد الثلاثين يوما التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه.

(٣) خروجا عن خلاف المحققرحمه‌الله .

(٤) كما هو مقتضى صحيحة معاوية الدهني قال: سألت ابا عبدالله عليه

٢٢٩

= السلام عن متمتع وقع على أهله ولم يقصر، قال: ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شيء عليه.

ودعوى: سيد الفقهاء والمجتهدين ان هناك اختلاف في النسخ بزعم ان الكليني رواها في موردين مورد بلفظ «لم يزر» ومورد آخر بلفظ «لم يقصر» وكذلك رواها الشيخ عن الكليني بكلا اللفظين، وحيث انا لانعلم ايهما الصادر عن الامام فلا يمكن الاستدلال بها.

ليست بصحيحة: اذ كتاب معاوية هو مجموعة من الاسئلة طرحها على الامامعليه‌السلام ، فتارة سأله فيمن لم يقصر في العمرة وجامع واخرى فيمن لم يزر وجامع، ولذا ذكر الشيخ والكليني الرواية في بابين ولو كان ثّمة اختلاف في النسخ لاشارا إليه، مضافا الى أن الصدوق رواها من كتاب معاوية بلفظ «ولم يقصر» قال: وسأله معاوية عن رجل متمتع وقع على امرأته ولم يقصر: قال ينحر جزورا وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شي عليه، قال: وقلت له: متمتع قرض من أظفاره بأسنانه وأخذ من شعره بمشقص فقال: لابأس به ليس كل أحد يجد الجلم » - الفقيه رقم ٢٧٤٥ - ورواها الشيخ أيضا من كتاب صفوان عن معاوية مع حذف الذيل بنفس اللفظة، فلا بد من المصير الى القول بتعدد الرواية، أو سقوط رواية الكليني فقط عن الحجة لانها منشأ الاختلاف.

أما صحيحة الحلبي قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : جعلت فداك انّه لمّا قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اُقصّر ؟ قال: عليك بدنة، قال: قلت: انّي لمّا آتيتها قرضت بعض شعرها بأسنانها، فقال: رحمها الله كانت أفقه

=

٢٣٠

مسألة ٢٥٧: محلّ التقصير بعد السعي، فلا يجوز الإتيان به قبل الفراغ منه.

مسألة ٢٥٨: لاتجب المبادرة إلى التقصير بعد السعي، ويجوز فعله في أي محلّ شاء(١) ، سواء كان في المسعى أم في منزله أم في غيرهما * ويجوز أن يكون خارج مكة أيضا، وإن كان الاولى رعاية الاحتياط(٢) .

مسألة ٢٥٩: إذا ترك التقصير عمداً فأحرم للحج، فالظاهر بطلان عمرته وانقلاب حجه الى الإفراد، فيأتي بعمرة مفردة بعده إن تمكن(٣) ،

____________________

=

منك، عليك بدنة وليس عليها شيء » فقولهعليه‌السلام «رحمها الله كانت أفقه منك» ليس بالضرورة ان الحلبي كان جاهلا بالمسألة، ومع التسليم فهي ظاهر في الكفارة وصحيحة معاوية ناصة بعدمها فيقدم النصف على الظاهر، مضافا الى إعراض المشهور عنها فيما اذا كانت تستوجب الكفارة فتدبر.

(١) لعدم الدليل على كلا الشّقين.

(٢) تأسياً بالائمةعليهم‌السلام ، ولاحتمال التعيّن في مكة كتعينه يوم النحر في منى.

(٣) تشهد له موثقة ابي بصير عنهعليه‌السلام قال: المتمتع إذا طاف

=

٢٣١

والاحوط إعادة الحج في سنة أخرى أيضا(١) .

مسألة ٢٦٠: إذا ترك التقصير نسياناً فأحرم للحج صحت عمرته وصح إحرامه(٢) ، والاحوط الاولى التكفير عن ذلك بشاة(٣) .

مسألة ٢٦١: إذا قصر المحرم في عمرة التمتع حلّ له جميع ماكان يحرم عليه من جهة إحرامه حتى الحلق على الاظهر(٤) ، وإن كان

____________________

=

وسعى ثم لبى بالحج قبل أن يقصر، فليس له أن يقصر وليس له متعة » ومصححة العلاء بن الفضيل قال: سألته عن رجل متمتع طاف ثم أهل بالحج قبل أن يقصر ؟ قال: بطلت متعته هي حجة مبتولة » وفي اسنادها محمد بن سنان وهو ثقة وعدل على الاصح.

(١) لانقلاب حجه وفرضه الى الافراد كما هو صريح مصححة العلا، نعم الاحتياط الاستحبابي حسن خروجا عن مخالفة الروضة والمسالك.

(٢) تبعا لجملة من النصوص، ففي صحيحة الدهني عنهعليه‌السلام قال: سألته عن رجل أهل بالعمرة ونسي أن يقصر حتى دخل في الحج، قال: يستغفر ولاشي عليه وقد تمت عمرته » ومثلها دلالة صحيحة ابن سنان وغيرها.

(٣) خروجا عن خلاف من أوجب، ولموثقة اسحاق قال: قلت لابي ابراهيمعليه‌السلام : الرجل يتمتع فينسي أن يقصر حتى يهل بالحج، فقال: عليه دم يهريقه.

(٤) لاطلاق جملة من الروايات.

٢٣٢

الأحوط تركه بعد مضي ثلاثين يوما من يوم عيد الفطر(١) ، ولو فعله عن علم وعمد فالاحوط الاولى التكفير عنه بدم(٢) .

____________________

(١) وذهب المشهور الى جوازه بعد التقصير واستحباب التوفير، والظاهر من صحيحة جميل حرمته قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن متمتع حلق رأسه بمكة، قال: إن كان جاهلا فليس عليه شيء، وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوماً فليس عليه شيء، وإن تعمد ذلك بعد ثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فان عليه دما يهريقه » وقد أعرض المشهور عن العمل بها ممّا يشعر بعدم حجّيتها، ولعل الحلق كان قبل التقصير، إلا ان التفصيل بين كون الحلق أول شهور الحج أو في وسطه له دلالته واضحة على الشمول لما قبل ومابعد التقصير فتدبر.

قال بعض مشايخنا المحققين: الاحوط لزوما اجتناب الحلق في ذي القعدة وان كان غير محرم لمن يريد الحج، ولاسيما ذي الحجة إن لم يكن اقوى، لاسيما في الحج الواجب فضلا عن المتمتع، ولو كان محلاً من عمرته فروايات النهي عن الأخذ دالة بالاولية او التشكيك على الحلق، وصحيح ابن جعفر مرخص في خصوص الاخذ وهو مقدار مايرافع اليد عنه، وكذا المفروغية في صحيح جميل وغيرها من حرمة الحلق، وكذا نظائرها مما لوحظ فيه تفويت الحلق في الحج هذا فضلا عن ثبوت كفارة دم في المتمتع.

(٢) للصحيحة المتقدمة، وخروجا عن موضع الخلاف.

٢٣٣

مسألة ٢٦٢: لايجب طواف النساء في عمرة التمتع(١) ، ولابأس بالاتيان به رجاءا(٢) .

إحرام الحج

تقدم في الصحفة(١١) أن واجبات الحج ثلاثة عشرة، ذكرناها مجملة، إليك تفصيلها:

الاول: الإحرام، وأفضل أوقاته يوم التروية عند الزوال، ويجوز التقديم عليه للشيخ الكبير والمريض إذا خافا من الزحام فيحرمان ويخرجان قبل خروج الناس، كما يجوز التقديم لمن له تقديم طواف الحج على الوقوفين كالمرأة التي تخاف الحيض.

وقد تقّدم جواز الخروج من مكة محرما بالحج لحاجة بعد الفراغ من عمرة التمتع في أي وقت كان.

____________________

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة صفوان: انما طواف النساء بعد الرجوع من منى.

(٢) لوجوبها عند بعض العلماء كما ذكر ذلك الشهيد الاول.

٢٣٤

ويجوز التقديم في غير ماذكر أيضا بثلاثة أيام(١) ، بل بأكثر على الاظهر(٢) .

مسألة ٢٦٣: كما لايجوز للمعتمر عمرة التمتع أن يحرم للحج قبل التقصير، كذلك لايجوز للحاج أن يحرم للعمرة المفردة قبل أن يحل من احرامه(٣) وإن لم يبق عليه سوى طواف النساء على الاحوط(٤) .

____________________

(١) ففي موثقة اسحاق عن ابي الحسن قال: سألته عن الرجل يكون شيخا كبيرا أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم، يحرم بالحج ويخرج الى منى قبل يوم التروية، قال: نعم، يخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروح بذلك المكان، قال: لا، قلت: يعجل بيوم، قال: نعم، قلت: بيومين، قال: نعم، قلت: ثلاثة قال: نعم، قلت: أكثر من ذلك، قال: لا.

(٢) للنصوص المتعددة الناصة على ان الحج أشهر معلومات لايجوز لاحد أن يحرم في غيرها، المستفاد منها جواز الاحرام في أي وقت فيها.

(٣) لانه ادخال نسك في نسك، فيختل بذلك وحدة العمل المركب، مضافا الى توقيفية العبادة فصحة الاحرام الثاني متوقفة على الاذن الشرعي، واشعارات النصوص واطلاقها تقتضي وجوب اتمام النسك للدخول في نسك آخر.

(٤) للخلاف الموجود في كون طواف النساء من نسك الحج او واجب مستقل متفرع على الاحرام - وسياتي - وقد جزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بجواز الدخول في العمرة المفردة قبل طواف النساء.

٢٣٥

مسألة ٢٦٤: من يتمكّن من إدراك الوقوف بعرفات يوم عرفة في تمام الوقت الاختياري لايجوز له تأخير الاحرام الى زمان يفوت منه ذلك(١) .

مسألة ٢٦٥: يتحد إحرام الحج وإحرام العمرة في كيفيته وواجباته ومحرماته، والاختلاف بينهما إنما هو في النية فقط.

مسألة ٢٦٦: يجب الإحرام من مكة المكرمة - كما تقدم في بحث المواقيت - وأفضل مواضعها المسجد الحرام، ويستحب الإتيان به بعد صلاة ركعتين في مقام ابراهيم أو في حجر إسماعيلعليهما‌السلام .

مسألة ٢٦٧: من ترك الاحرام نسيانا أوجهلاً منه بالحكم الى أن خرج من مكة، ثم تذكر أو علم بالحكم وجب عليه الرجوع إلى مكة - ولو من عرفات - والاحرام منها(٢) ، فإن لم يتمكن من الرجوع لضيق الوقت أو لعذر آخر يحرم من الموضع الذي هو فيه، وكذلك لو تذكر أو علم بالحكم بعد الوقوف بعرفات وإن تمكن من العود الى مكة والاحرام منها(٣) .

____________________

(١) لانه تفويت للواجب.

(٢) لقدرته على الاتيان بالمأمور به على وجهه.

(٣) تشهد له صحيحة ابن جعفر عن أخيهعليه‌السلام قال: سألته عن

=

٢٣٦

ولو لم يتذكر أو يعلم بالحكم إلى أن فرغ من الحج صح حجه(١) .

مسألة ٢٦٨: من ترك الاحرام عالماً عامداً حتى فاته الوقوف الاختياري بعرفات بسبب ذلك فسد حجه(٢) ، ولو تداركه قبل أن يفوته الوقوف الركني لم يفسد وإن كان آثما(٣) .

مسألة ٢٦٩: الاحوط أن لايطوف المتمتع بعد إحرام الحج قبل الخروج الى عرفات طوافا مندوبا(٤) ، فلو طاف جدد التلبية بعد الطواف على الاحوط الاولى(٥) .

____________________

=

رجل نسي الاحرام في الحج فذكر وهو بعرفات، ماحاله ؟ قال: يقول: اللهم على كتابك وسنة نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد تم احرامه، فان جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع الى بلده ان كان قضى مناسكه كلهافقد تم حجه.

(١) للصحيحة السابقة، وذيلها شاهد على أن الجهل والنسيان حكمهما واحد.

(٢) لفوات الركن وهو مسمى الوقوف

(٣) لفوات الواجب.

(٤) تقدم في المسألة ١٦، فراجع.

(٥) للأمر به في حج الافراد والقران، وقد تقدم.

٢٣٧

الوقوف بعرفات

الثاني: من وجبات حج التمتع: الوقوف بعرفات بقصد القربة والخلوص، والمراد بالوقوف هو الحضور بعرفات من دون فرق بين أن يكون راكباً أو راجلاً ساكناً أو متحركاً.

مسألة ٢٧٠: حد عرفات من بطن عُرنة وثويّة ونمرة الى ذي المجاز، ومن المأزمين إلى أقصى الموقف، وهذه حدود عرفات وهي خارجة عن الموقف.

مسألة ٢٧١: الظاهر أن جبل الرحمة موقف، ولكنّ الأفضل الوقوف على الأرض في السفح من ميسرة الجبل(١) .

مسألة ٢٧٢: يعتبر في الوقوف أن يكون عن قصد(٢) ، ولو قصد الوقوف في أول الوقت - مثلا - ثم نام أو غشي عليه إلى آخره كفى، ولو نام أو غشي عليه في جميع الوقت غير مسبوق بالقصد لم يتحقق منه

____________________

(١) ففي موثقة اسحاق قال: سألت أبا ابراهيم عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب اليك أم على الارض، فقال: على الارض.

(٢) لكونه عبادة لا تأتي الا به.

٢٣٨

الوقوف وإن كان مسبوقاً به ففيه إشكال(١) .

مسألة ٢٧٣: يجب الوقوف بعرفات في اليوم التاسع من ذي الحجة مستوعبا من أول الزوال على الاحوط إلى الغروب، والاظهر جواز تأخيره عن الزوال بمقدار الاتيان بالغسل وأداء صلاتي الظهر والعصر جمعا(٢) .

والوقوف في تمام هذا الوقت وإن كان واجبا يأثم المكلف بتركه اختياراً، الا انه ليس من الاركان، بمعنى أن من ترك الوقوف في مقدار من هذا الوقت لايفسد حجه.

نعم لو ترك الوقوف رأسا باختياره فسد حجه، فما هو الركن من

____________________

(١) لاعتبار مقارنة النية لاول وقت الوجوب.

(٢) بل الاظهر جواز تأخيره بأكثر من ذلك قليلا للنصوص الحاكية عن فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اقام بالمدينة عشر سنين لم يحج، ثم انزل الله عليه ( واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) فأمر المؤذنين أن يؤذنوا... فلبى بالحج مفردا... فلما زالت الشمس خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه قريش وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس وامرهم ونهاهم ثم صلى الظهر والعصر بأذان واحد واقامتين، ثم مضى الى الموقف فوقف به.

٢٣٩

الوقوف هو الوقوف في الجملة.

مسألة ٢٧٤: من لم يدرك الوقوف الاختياري بعرفات - الوقوف بالنهار - لنسيان أو لجهل يعذر فيه او لغيرهما من الاعذار، لزمه الوقوف الاضطراري فيه - الوقوف برهة من ليلة العيد - وصح حجه، فإن تركه متعمداً فسد حجه.

هذا إذا أمكنه إدراك الوقوف الاضطراري على وجه لايفوت معه الوقوف بالمشعر قبل طلوع الشمس، وأما مع خوف فوته في الوقت المذكور بسبب ذلك فيجب الاقتصار على الوقوف بالمشعر ويصح حجه(١) .

مسألة ٢٧٥: تحرم الافاضة من عرفات قبل غروب الشمس عالما عامداً، لكنها لاتفسد الحج، فإذا رجع الى عرفات فلا شيء عليه(٢) ، وإلا كانت عليه كفارة بدنة ينحرها يوم النحر(٣) ، والاحوط أن يكون

____________________

(١) ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام في رجل أدرك الامام وهو بجمع، فقال: إن ظن أنه يأتي عرفات فيقف بها قليلا، ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها وإن ظن انه لايأتيها حتى يفيضوا فلا يأتيها وليقم بجمع فقد تم حجه » ومثلها دلالة صحيحة الحلبي.

(٢) لعدم صدق الافاضة حينئذ.

(٣) ففي صحيحة ضريس عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415