إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج9%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108835 / تحميل: 9666
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

العمرة قبل زوال الشمس من يوم عرفه، وأما جواز العدول لو تمكّن من إتمامها قبل ذلك - في يوم التروية او بعده - فلا يخلو عن إشكال.

مسألة ١٤: من كان فرضه حجّ التمتّع إذا علم قبل أن يحرم للعمرة ضيق الوقت عن إتمامها قبل زوال الشمس من يوم عرفه، لم يجزئه العدول الى حج الافراد او القِران(١) ، بل يجب عليه الإتيان بحجّ التمتّع بعد ذلك إذا كان الحجّ مستقرا عليه.

مسألة ١٥: إذا احرم لعمرة التمتّع في سعة الوقت، وأخر الطواف والسعي متعمداً إلى زوال الشمس من يوم عرفة بطلت عمرته(٢) ، ولايجزئه العدول إلى الافراد على الاظهر(٣) ، وإن كان الاحوط(٤) الاتيان باعماله رجاءا، بل الاحوط أن يأتي بالطواف وصلاته والسعي والحلق أو التقصير فيها بقصد الاعم من حج الافراد والعمرة

____________________

(١) اذ مورد الجواز في الروايات فيما اذا تلبس بالعمرة ثم بَانَ الضيق.

(٢) اذ صحتها منوطة بما اذا كان أداؤها قبل زوال الشمس من يوم عرفة.

(٣) لكون الروايات الناصة على جواز العدول انما هي فيمن ضاق به الوقت بلا اختيار منه، ولاتشمل فيما اذا كان الضيق بسبب سوء الاختيار.

(٤) لاحتمال شمول إطلاقات الأدلة للعامد وغيره، وقد قوى سيد المشايخ والاساتذة - الگلبيگاني - بطلان عمرته وانقلاب حجه الى الافراد.

٢١

المفردة

حجّ الإِفراد

مر عليك أن حجّ التمتّع يتألّف من جزءين هما: عمرة التمتّع والحجّ، والجزء الأول منه متّصل بالثاني، والعمرة تتقدم على الحجّ.

وأما حجّ الإفراد فهو عمل مستقل في نفسه، واجب مخيراً بينه وبين حجّ القِران - كما علمت - على أهل مكة، ومن يكون الفاصل بين منزله وبين مكّة أقلّ من ستّة عشر فرسخاً، وفيما إذا تمكن مثل هذا المكلف من العمرة المفردة وجبت عليه بنحو الاستقلال أيضاً.

وعليه: فإذا تمكّن من أحدهما دون الاخر وجب عليه ما يتمكّن منه خاصّة، وإذا تمكّن من أحدهما في زمان ومن الآخر في زمان آخر وجب عليه القيام بما تقتضيه وظيفته في كل وقت.

وإذا تمكّن منهما في وقت واحد وجب عليه - حينئذٍ - الإتيان بهما، والمشهور بين الفقهاء(١) في هذه الصورة وجوب تقديم الحج

____________________

(١) بل في المنتهى الاجماع عليه، وفي الرياض أن ظاهر الاصحاب الاتفاق عليه.

٢٢

على العمرة المفردة، وهو الاحوط(١) .

مسألة ١٦: يشترك حجّ الإفراد مع حجّ التمتّع في جميع أعماله، ويفترق عنه في أمور:

أولا: يعتبر في حج التمتّع وقوع العمرة والحج في أشهر الحج من سنة واحدة - كما مر - ولايعتبر ذلك في حج الإفراد.

ثانيا: يجب النحر أو الذبح في حج التمتع - كما مر - ولا يعتبر

____________________

(١) ومنشأه عدم استفادة ذلك من الاخبار، فالدليل منحصر في الاجماع ان تم، بل في بعض الاخبار جواز تقديم العمرة على حج الافراد ففي موثقة سماعة عن ابي عبداللهعليه‌السلام قال: «من حج معتمرا في شوال... وإن اعتمر في شهر رمضان أو قبله وأقام الى الحج فليس بمتمتع، وإنما هو مجاور أفرد العمرة، فان هو أحب ان يتمتع في أشهر الحج بالعمرة الى الحج فليخرج منه حتى يجاوز ذات عرق او يجاوز عسفان فيدخل متمتعا بالعمرة الى الحج، فإن هو أحب ان يفرد الحج فليخرج الى الجعرانة فيلبي منها» ومرسل الصدوق عن امير المؤمنينعليه‌السلام قال: أمرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدىء.

وعليه يمكن حمل كلام الاصحاب على وجوب الاتيان بالعمرة بعد الحج بمعنى ان من وجبت عليه العمرة المفردة ولم يأت بها فيجب عليه ان يأتي بها بعد حجه لاانهم بصدد اشتراط كون العمرة بعد الحج، والله العالم.

٢٣

شيء من ذلك في حج الإفراد.

ثالثا: الأحوط عدم تقديم الطواف والسعي على الوقوفين في حج التمتع(١) إلا لعذر - كما سيأتي في المسألة ٣٢٢ - ويجوز ذلك

____________________

(١) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بعدم الجواز، ومنشأ احتياط الماتن دام ظله دلالة بعض النصوص على الجواز مطلقا، كصحيحة ابن بكير وجميل عن ابي عبداللهعليه‌السلام انهما سألاه عن المتمتع يقدم طوافه وسعيه في الحج، فقال: « هما سيّان قدمت أو أخرت »، وصحيحة ابن الحجاج قال: سألت أبا ابراهيمعليه‌السلام عن الرجل يتمتع ثم يهل بالحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه الى منى، فقال: لابأس»، وصحيحة ابن يقطين قال: سألت ابا الحسنعليه‌السلام عن الرجل المتمتع يهل بالحج ثم يطوف ويسعى بين الصفا والمروة قبل خروجه الى منى ؟ قال: لابأس به »، وصحيحة البختري عنهعليه‌السلام في تعجيل الطواف قبل الخروج الى منى، فقال هما سواء أخّر ذلك أو قدمه يعني للمتمتع » وغيرها.

وروايات تعجيل الطواف والسعي للمريض والمرأة التي تخاف الحيض وامثالها، لادلالة فيها على عدم جواز التقديم لغيرهم اذ يمكن ان تحمل على الافضلية لغيرهم، مضافا الى ان لفظ التعجيل الوارد فيها لعله يفيد عكس المدعي اذ التعجيل غير التقديم وهو ظاهر فيما كان في الوقت دون الثاني، واخبار ايقاع الطواف والسعي يوم النحر وكذا الترتيب بين اعمال منى والطواف والسعي لاتنافي جواز الترخيص قبله، وحمل روايات الجواز على التقية في

٢٤

في حج الافراد.

رابعا: إن إحرام التمتع يكون بمكة، وأما الإحرام في حج الافراد فيختلف الحال فيه بالنسبة إلى أهل مكة وغيرهم كما سيأتي في فصل المواقيت.

خامسا: يجب تقديم عمرة التمتع على حجه، ولايعتبر ذلك في حج الافراد(١) .

سادسا: لايجوز بعد إحرام حج التمتع الطواف المندوب على الاحوط وجوبا(٢) ، ويجوز ذلك في حج الإفراد.

____________________

غير محله، اذ لم يحكى الجواز الا عن الشافعي والشيخ في الخلاف ادعى الاجماع على الجواز قبال العامة، لكن مخالفة الشهرة العظيمة والاجماع المدعى في المقام أمر مشكل.

(١) وقد تقدم من الماتن الاحتياط في تأخير العمرة عن الحج كما هو المشهور فراجع.

(٢) ذهب الشيخ وابن حمزة الى حرمة ذلك تبعا لبعض الروايات كصحيحة الحلبي قال: سألته عن رجل أتى المسجد الحرام وقد أزمع بالحج أيطوف بالبيت ؟ قالعليه‌السلام : نعم مالم يحرم »، وصحيحة حماد وفيها «ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس الى منى على احرامه ».

وبازائهما موثقة اسحاق قال: سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن المتمتع

٢٥

مسألة ١٧: إذا أحرم لحجّ الإفراد ندبا جاز له أن يعدل إلى عمرة التمتع فيقصر ويحلّ(١) ، إلا فيما اذا لبىّ بعد السعي، فليس له العدول - حينئذ - إلى التمتع(٢) .

مسألة ١٨: إذا أحرم لحجّ الإفراد ودخل مكّة جاز له أن يطوف

____________________

اذا كان شيخا كبيرا أو امرأة... وسألته عن الرجل يحرم بالحج من مكة ثم يرى البيت خاليا فيطوف به قبل أن يخرج، عليه شيء ؟ فقال: لا »، ورواية عبدالحميد بن سعيد عن ابي الحسنعليه‌السلام قال: سألته عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحج، ثم طاف بالبيت بعد احرامه وهو لايرى أن ذلك لاينبغي، اينقض طوافه بالبيت احرامه؟ فقال: لا، ولكن يمضي على احرامه ».

قلت: وكلا الروايتين ليس فيهما ظهور على الجواز، بل لعلهما من أدلة عدم الجواز، اذ السؤال في كليهما عن الحكم الوضعي بعد الفراغ عن الحكم التكليفي، فقولهعليه‌السلام في الاول «لا» راجع الى «عليه شيء» بمعنى ليس عليه شيء من حيث الحكم الوضعي، اما الثانية فهي أوضح دلالة، فالظاهر تبعا للشيخ وابن حمزة عدم جواز الطواف المستحب قبل الخروج الى عرفات.

(١) نصاً وإجماعاً.

(٢) يشهد له موثقة اسحاق قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، قال: إن كان لبى بعدما سعى قبل أن يقصر فلا متعة له.

٢٦

بالبيت ندباً(١) ، ولكنّ الاحوط الأولى أن يجدد التلبية بعد الفراغ من صلاة الطواف إذا لم يقصد العدول الى التمتع في مورد جوازه(٢) ، وهذا الاحتياط يجري في الطواف الواجب(٣) أيضا.

حجّ القِران

مسألة ١٩: يتّحد هذا العمل مع حجّ الإفراد في جميع الجهات، غير أن المكلّف يصحب معه الهدي وقت الإحرام، وبذلك يجب

________________________

(١) قال في الحدائق: الظاهر أنه لا خلاف بين الاصحاب رضوات الله عليهم انه يجوز للمفرد والقارن بعد دخولهما مكة الطواف المستحب، واحتجّ عليه في المدارك بأنه مقتضى الاصل ولا معارض له ·

(٢) ففي صحيحة معاوية قال: سألته عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة ؟ قال: نعم ما شاء ويجدد التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة، يعقدان ما أحلا من الطواف بالتبية ·

(٣) قلت: الصحيحة السابقة موردها فيما اذا جاء بطواف مستحب بعد طواف الفريضة، وأدلة جواز أو تعيّن تقديم طواف الفريضة للمفرد خالية من وجوب التلبية بعده، ولعل قولهعليه‌السلام «يعقدان ما أحلا من الطواف بالتبية» فيما اذا كان الطواف المأتي به ليس من واجبات الحج، والله العالم ·

٢٧

الهدي عليه، والإحرام في هذا القسم من الحجّ كما يكون بالتلبية يكون بالإشعار أو بالتقليد، وإذا أحرم لحجّ القِران لم يجز له العدول إلى حجّ التمتع.

مواقيت الإحرام

هناك أماكن خصّصتها الشريعة الاسلامية المطهّرة للإحرام منها، ويجب أن يكون الإحرام من تلك الأماكن، ويسمّى كلّ منها ميقاتا، وهي تسعة:

١ - ذو الحليفة(١) : وتقع بالقرب من المدينة المنورة، وهي

____________________

(١) الروايات في المقام على ثلاث طوائف، الاولى: مادل على ان الميقات هو ذو الحليفة، والثانية: أنه ذو الحليفة وفسر بمسجد الشجرة، والثالثة: ذو الحليفة وفسر بالشجرة، والرابعة: انه الشجرة، ولاريب ان المقصود من الشجرة هو المسجد اذ من الواضح عدم كون الميقات نفس الشجرة، فيدور الامر بين الطائفة الاولى والثانية.

وقد قيل في مقام الجمع ان الطائفة الثانية مفسرة للاولى او حاكمة عليها، بمعنى ان ذا الحليفة اسم للمسجد خاصة وليس بأعم منه، او هو أعم منه لكن

٢٨

ميقات أهل المدينة وكلّ من اراد الحج من طريق المدينة، والأحوط(١) الإحرام من مسجدها المعروف بـ «مسجد الشجرة» وعدم كفاية الإحرام من خارج المسجد - لغير الحائض ومن بحكمها - وإن كان محاذيا له(٢) .

مسألة ٢٠: يجوز للحائض الاحرام من خارج المسجد، وإذا احرمت حال الاجتياز فيه بالدخول من باب والخروج من باب آخر صح(٣) ،

____________________

التعبد ضيّق دائرته، فتكون النتيجة أن الميقات هو خصوص المسجد، إلا ان الصحيح أن الميقات هو الوادي بأكمله لاخصوص المسجد، وسياتي بيان ذلك في المسألة ٥٠.

(١) الظاهر ان الاحتياط استحبابي، والشاهد عليه عدوله دام ظله عمّا في منسك السيد الخوئي من كون الميقات مسجد الشجرة، مضافا الى حكمه بجواز تأخير التلبية إلى اول البيداء كما في المسالة ٥٠ ولاينعقد الاحرام إلا بها، نعم في ملحق المناسك صرح دام ظله بكون الاحتياط لزومياً.

(٢) * لايبعد جواز الاحرام من أي موضع من المسجد حتى الاقسام المستحدثة.

(٣) لعدم حرمة اجتياز المساجد بالدخول من باب والخروج من آخر أو نحوه للحائض والجنب.

٢٩

بل يصح مطلقا(١) على الأقرب.

مسألة ٢١: لايجوز تأخير الإحرام من ذي الحليفة الى الجحفة(٢) إلا لضرورة من مرض أو ضعف أو غيرهما من الأعذار.

٢ - وادي العقيق: وهو ميقات أهل العراق ونجد، وكل من مرّ عليه من غيرهم، وهذا الميقات له أجزاء ثلاثة:

المسلخ ؛ وهو اسم لأوله، والغمرة ؛ وهو اسم لوسطه، وذات عرق ؛ وهو اسم لاخره.

والأحوط الأولى أن يحرم المكلف قبل ان يصل ذات عرق(٣) فيما إذا لم تمنعه عن ذلك تقية أو مرض.

____________________

(١) لعله لجواز اجتماع الامر والنهي.

(٢) على المشهور شهرة عظيمة كادت ان تكون اجماعا، وتدل عليه جملة من النصوص منها اخبار المواقيت وغيرها، ففي رواية ابي بصير عن الصادقعليه‌السلام قال: خصال عابها عليك أهل مكة، قال ؟ وماهي ؟ قلت: قالوا: أحرم من الجحفة ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أحرم من الشجرة، فقال الجحفة أحد الوقتين فاخذت بأدناهما وكنت عليلا.

(٣) لاحتمال خروجها عن العقيق، إذ صريح بعض الروايات ذلك، كصحيحة ابن يزيد وفيها « وقت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاهل المشرق العقيق نحوا من بريد مابين بريد البعث الى غمرة ».

٣٠

مسألة ٢٢: قيل يجوز الإحرام في حال التقية قبل ذات عرق سرّا من غير نزع الثياب إلى ذات عرق، فإذا وصل ذات عرق نزع ثيابه ولبس ثوبي الإحرام هناك(١) ولاكفارة عليه، ولكن هذا القول لايخلو

____________________

(١) وجزم السيد الخوئي واعاظم تلامذته بالجواز، لصحيحة - مكاتبة - الحميري عن صاحب الزمان عليه افضل الصلاة والسلام أنه كتب إليه يسأله عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء ويكون متصلا بهم يحج ويأخذ عن الجادة ولايحرم هؤلاء من المسلخ، فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه الى ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة أم لايجوز إلا أن يحرم من المسلخ ؟ فكتب إليه في الجواب: يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب ويلبي في نفسه، فإذا بلغ ميقاتهم اظهره.

وهي كما ترى صريحة في الجواز، والمناقشة في سندها عليل، اذ الشيخ رواها في الغيبة بسنده الى ابي الحسن محمد بن احمد بن داود قال وجدت بخط أحمد بن ابراهيم النوبختي وإملاء ابي القاسم الحسين بن روحرضي‌الله‌عنه ، وسنده الى ابن داود صحيح اذ ذكر في الفهرست انه يروي جميع كتبه وروايته عن جماعة عنه ومن الجماعة الشيخ المفيد، وابن داود - كما في رجال النجاشي - شيخ هذه الطائفة وعالمها وشيخ القميين في وقته وفقيههم، وقال عنه الغضائري - الابـ لم ير أحد أحفظ منه ولا أفقه ولا اعرف بالحديث ورد بغداد وأقام بها وحدث، فتوقف بعض المعاصرين اصحاب الوسواس الزائد في توثيقه من أكبر المجازفات، وإلا تقريض النجاشي له يفوق ماذكره في

=

٣١

عن إشكال.

٣ - الحجفة: وهي ميقات أهل الشام ومصر والمغرب، بل كل من يمرّ عليها حتى من مر بذي الحليفة ولم يحرم منها لعذر او بدونه على الاظهر(١) .٤ - يلملم: وهو ميقات أهل اليمن، وكلّ من يمرّ من ذلك الطريق، ويلملم اسم لجبل.

٥ - قرن المنازل: وهو ميقات أهل الطائف، وكلّ من يمر من ذلك الطريق(٢) .

____________________

=

الشيخ الصدوق طاب ثراه، فهو يجلّ ان يقال عنه انه ثقة.

(١) لعله لصحيحة الحلبي وفيها « من اين يحرم الرجل اذا جاوز الشجرة ؟ فقال: من الجحفة ولايجاوز الجحفة إلا محرما »، وصحيحة معاوية عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقالعليه‌السلام : لابأس»، وصحيحة علي بن جعفر وفيها « ولاهل المدينة من ذي الحليفة والجحفة »، فترتب الاثم لترك الحكم التكليفي لاربط له بصحة الاحرام والله العالم.

(٢) * وهناك خلاف في تعيين مكان الميقات في قرن المنازل بين الهدا - وادي محرم - ووادي السيل، فإذا اطمئنّ المكلف بكون احدهما هو قرن المنازل احرم منه، وإلا تخلص عن الاشكال بالنذر من الهدا إن كانت بالنسبة الى مكة واقعة خلف وادي السيل، ولاحاجة للاحرام من الموضعين

=

٣٢

ولايختص الميقات في هذه الاربعة الأخيرة بالمساجد الموجودة فيها، بل كل مكان يصدق عليه أنه من العقيق أو الجحفة أو يلملم أو قرن المنازل يجوز الإحرام منه، وإذا لم يتمكن المكلّف من إحراز ذلك فله أن يتخلص بالإحرام نذرا قبل ذلك كما هو جائز اختيارا.

٦ - محاذاة أحد المواقيت المتقدمة: فإن من سلك طريقا لايمر بشيء من المواقيت السابقة إذا وصل إلى موضع يحاذي أحدها أحرم من ذلك الموضع(١) ، والمراد بمحاذي الميقات: المكان الذي إذا استقبل فيه الكعبة المعظّمة يكون الميقات على يمنه أو شماله بحيث لو جاوز ذلك المكان يتمايل الميقات الى ورائه، ويكفي في ذلك الصدق العرفي ولايعتبر التدقيق العقلي.

____________________

=

كما يفعله الكثير.

(١) على المشهور، ومستنده صحيحة ابن سنان عن ابي عبداللهعليه‌السلام : من أقام بالمدينة شهرا وهو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن احرامه من مسيرة ستة أميال، فيكون حذاء الشجرة من البيداء » وليس لمسجد الشجرة خصوصية اذ قولهعليه‌السلام « فيكون حذاء... » يشعر بعدم الخصوصية لاي شيء سوى محاذاة الميقات، والله العالم.

٣٣

وإذا كان الشخص يمرّ في طريقه بموضعين يحاذي كل منهما ميقاتا فالأحوط الاولى له(١) اختيار الإحرام عند محاذاة أولهما.

٧ - مكة: وهي ميقات حج التمتّع، وكذا حج القِران والإفراد لأهل مكة والمجاورين بها(٢) - سواء انتقل فرضهم الى فرض أهل مكة أم لا - فإنه يجوز لهم الإحرام لحج القِران أو الإفراد من مكة ولايلزمهم الرجوع الى سائر المواقيت، وإن كان الأولى - لغير النساء - الخروج الى بعض المواقيت - كالجعرانه - والإحرام منها.

والأحوط الأولى الإحرام من مكة القديمة التي كانت على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن كان الاظهر جواز الإحرام من المحلات المستحدثة بها(٣) أيضا إلا ماكان خارجا من الحرم.

____________________

(١) لعله لقولهعليه‌السلام في صحيحة علي بن جعفر «فليس لاحد أن يعدو من هذه المواقيت إلى غيرها » فهي وإن كانت في المواقيت الموقتة لكن يحتمل شمولها لمن لايمر بأحد المواقيت، فيكون ميقاته المحاذاة فيشمله الحكم.

(٢) وكذا المتواجدين فيها.

(٣) كما هو مقتضى إطلاق الروايات في المقام، ولامقيّد ولو كان لبان، لإزْدهار مكة المكرّمة في عهد المعصومينعليهم‌السلام ، ولذا قيّدت الروايات في قطع التلبية فيما اذا شاهد بيوت مكة القديمة، ففي صحيحة

٣٤

معاوية عنهعليه‌السلام : إذا دخلت مكة وانت متمتع فنظرت الى بيوت مكة فأقطع التلبية، وحد بيوت مكة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيين، فان الناس قد احدثوا بمكة مالم يكن، فأقطع التلبية » وليس المقام بأقل ابتلاءا منه، وهذه الروايات لاتقيِّد اطلاق تلك الروايات اذ لاظهور فيها أن جميع احكام مكة أحكام لمكة القديمة بل هي في قبال الروايات التي تدل على وجوب قطع التلبية في عمرة التمتع عند دخول الحرم، هكذا افاد بعض الاعلام المعاصرين.

إلا ان قولهعليه‌السلام « وحد بيوت مكة... » بيان لمكّة المأخوذة في لسان الادلة مطلقا، ولاخصوصية للحكم المذكور، ولعل في صحيحة زرارة عن ابي عبدالله اشارة لذلك قال: سألته أين يمسك المتمتع عن التلبية ؟ فقال: إذا دخل بيوت مكة لابيوت الأبطح » فعندنا عنوانان: مكة والابطح ولكل منهما احكام خاصة، وفي ذلك الزمان كانت بيوت مكة والابطح متصلة كما هو ظاهر قولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية المتقدمة « وحد بيوت مكة» فلو لم تكن متصلة لكان بيان الحد لغوا، فعليه يكون عندنا تحديد شرعي لمكة المكرمة، فنحن في غنى عن البحث عن المقيّد.

ويؤيده صحيحة الفضلاء - البختري والدهني والحجاج والحلبي - عن ابي عبداللهعليه‌السلام - في حديث - وإذا أهللت من المسجد الحرام للحج فإن شئت لبيت خلف المقام، وافضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء، وتلبي قبل أن تصير الى الابطح.

بل يظهر من صحيحة زرارة في خصوص المقام لزوم الإحرام من مكة القديمة قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام : متى أُلبي بالحج ؟ فقال: إذا

٣٥

مسألة ٢٣: المنزل الذي يسكنه المكلف: وهو ميقات من كان منزله دون الميقات إلى مكة، فإنه يجوز له الاحرام من منزله، ولايلزم عليه الرجوع الى الميقات(١)

مسألة ٢٤: أدنى الحل: كالحديبية والجعرانة والتنعيم، وهو

____________________

خرجت الى منى، ثم قال: إذا جعلت شعب الدب على يمينك والعقبة على يسارك فلب بالحج.

ويؤيده صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: اذا انتهيت الى الردم وأشرفت على الابطح فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى.

مضافا الى الروايات الواردة في ابواب العود الى منى الناصة على انه اذا خرج من مكة فلا بأس بان ينام في الطريق دون منى، ففي صحيحة هشام عنهعليه‌السلام قال: إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز بيوت مكة فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شيء عليه »، فعلى الإلتزام باتساع مكة لابد من الحكم بعدم جواز المبيت، مع ان الكل ظاهراً يفتي بجواز المبيت اذا تجاوز عقبة المدنيين التي هي في قلب مكة حاليا.

فالإفتاء بجواز الإحرام من مكة مهما اتسعت بحاجة الى جرأة فقهية، والله العالم.

(١) بلا خلاف على الظاهر، وتدل عليه جملة من الروايات، ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام : من كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فميقاته منزله.

٣٦

ميقات العمرة المفردة لمن أراد الإتيان بها بعد الفراغ من حج القِران أو الافراد، بل لكل عمرة مفردة لمن كان بمكة وأراد الإتيان بها، ويستثنى من ذلك صورة واحدة ستأتي في المسألة ٣٩٨.

أحكام المواقيت

مسألة ٢٥: لايجوز الإحرام قبل الميقات، ولايكفي المرور عليه محرماً، بل لابد من إنشاء الإحرام من نفس الميقات، ويستثنى من ذلك موردان.

١ - أن ينذر الإحرام قبل الميقات(١) ، فإنه يصحّ ولايلزمه التجديد من الميقات، ولا المرور عليه، بل يجوز له الذهاب إلى مكة

____________________

(١) على المشهور شهرة عظيمة، وتدل عليه صحيحة الحلبي قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل جعل لله عليه شكرا أن يحرم من الكوفة، فقال: فليحرم من الكوفة وليف لله بما قال »، وعن ابي بصير عنهعليه‌السلام قال: لو ان عبدا أنعم الله نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتم »، وقيّده بعض الاساتذة المحققين بنذر الشكر دون الزجر والتبرع، ولكن قولهعليه‌السلام في الصحيحة « وليفِ لله بما قال » يستشعر منه العموم، والله العالم.

٣٧

من طريق لايمر بشيء من المواقيت، ولافرق في ذلك بين الحج الواجب والمندوب، والعمرة المفردة(١) .

نعم، إذا كان إحرامه للحجّ او عمرة التمتع فلا بد أن يراعي فيه عدم تقدّمه على أشهر الحج كما علم ممّا تقدم.

٢ - إذا قصد العمرة المفردة في رجب وخشي عدم إدراكها إذا أخّر الإحرام الى الميقات جاز له الاحرام قبل الميقات(٢) ، وتحسب له عمرة رجب وإن أتى ببقية الاعمال في شعبان، ولافرق في ذلك بين العمرة الواجبة والمندوبة.

مسألة ٢٦: يجب على المكلف اليقين بوصوله الى الميقات والاحرام منه، أو يكون ذلك عن اطمئنان أو حجة شرعية، ولايجوز له الاحرام عند الشك في الوصول الى الميقات.

مسألة ٢٧: لو نذر الاحرام قبل الميقات وخالف وأحرم من

____________________

(١) كل ذلك لإطلاق النصوص.

(٢) عليه اتفاق العلماء قديما وحديثا، وتدل عليه موثقة اسحاق عن ابي عبداللهعليه‌السلام عن رجل يجيء معتمراً ينوي عمرة رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق، أيحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أو يؤخر الاحرام الى العقيق ويجعلها لشعبان ؟ قال: يحرم قبل الوقت لرجب فان لرجب فضلاً.

٣٨

الميقات لم يبطل احرامه، ووجبت عليه كفارة مخالفة النذر إذا كان متعمداً.

مسألة ٢٨: كما لايجوز تقديم الإحرام على الميقات لايجوز تأخيره عنه، فلا يجوز لمن أراد الحجّ او العمرة أو دخول الحرم أو مكة أن يتجاوز الميقات اختياراً إلا محرماً، وإن كان أمامه ميقات آخر(١) ، فلو تجاوزه وجب العود إليه مع الإمكان، ويستثنى من ذلك من تجاوز ذا الحليفة الى الجحفة لا لعذر، فإنه يجزيه الإحرام من الجحفة على الأظهر(٢) وإن كان آثما.

والاحوط عدم التجاوز عن محاذاة الميقات إلا محرماً، وإن كان لايبعد جواز التجاوز عنها إذا كان أمامه ميقات آخر او محاذاة أخرى(٣) .

وإذا لم يكن المسافر قاصداً للنسك أو دخول الحرم أو مكة، بأن

____________________

(١) لقولهعليه‌السلام في صحيحة ابن جعفرعليه‌السلام «فليس لاحد أن يعدو من هذه المواقيت الى غيرها ».

(٢) راجع ماتقدم.

(٣) أما الشق الاول فواضح اذ المحاذاة ميقات في ظرف عدم المرور بأحد المواقيت، واما الثاني فَلِما تقدم من احتمال شمول اطلاق بعض الروايات له.

٣٩

كان له شغل خارج الحرم ثم بدا له دخول الحرم بعد تجاوز الميقات، جاز له الإحرام للعمرة من أدنى الحل(١) .

* مسألة ٢٩: من كان في المدينة لايجوز له تخلصاً من الاحرام من مسجد الشجرة ان يجعل مقصده جدة فيحرم منها بالنذر او غيره، هذا فيما اذا عدّ عرفا انه مسافرا الى مكة المكرمة بأن كانت مدة مكوثه في جدة قصيرة كبضع ساعات، اما اذا عدّ عرفا أنه مسافر الى جدة ومن جدة الى مكة جاز له تأخير الاحرام عن مسجد الشجرة، وإذا ترك الاحرام من مسجد الشجرة عاصيا لايجوز له الاحرام من جدة بالنذر في كل الاحوال بل لابد من الاحرام من الجحفة او الرجوع الى مسجد الشجرة.

مسألة ٣٠: إذا ترك المكلّف الإحرام من الميقات عن علم وعمد حتى تجاوزه - في غير الفرض المتقدم(٢) - ففي المسألة صورتان:

الاولى: أن يتمكن من الرجوع الى الميقات، ففي هذه الصورة يجب الرجوع والإحرام منه، سواء أكان رجوعه من داخل الحرم أم كان من خارجه، فإن أتى بذلك صح عمله من دون إشكال.

____________________

(١) كإحرام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من الجعرانة بعد رجوعه من غزوة حنين.

(٢) في المسألة ٢٨.

٤٠

الثانية: أن لايتمكن من الرجوع إلى الميقات، سواء كان خارج الحرم أم كان داخله، متمكناً من الرجوع إلى الحل أم لا، والأظهر في هذه الصورة بطلان الحجّ(١) وعدم الاكتفاء بالإحرام من غير الميقات ولزوم الإتيان بالحجّ في عام آخر إذا كان مستطيعاً.

مسألة ٣١: إذا ترك الإحرام(٢) من الميقات عن نسيان أو إغماء أو ماشاكل ذلك، أو تركه عن جهل بالحكم او جهل بالميقات - في غير الفرض المتقدم(٣) - فللمسألة صورٌ أربع:

الصورة الاولى: أن يتمكن من الرجوع الى الميقات، فيجب عليه الرجوع والإحرام من هناك.

الصورة الثانية: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع الى الميقات(٤) لكنه أمكنه الرجوع إلى خارج الحرم، وعليه حينئذ

____________________

(١) كما هو المشهور وقيل بعدم الخلاف، لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه.

(٢) ويتحقق بترك النية او التلبية، أما لبس الثوبين فهو واجب مستقل وليس شرطا في تحقق الاحرام وسيأتي بيانه.

(٣) في المسألة ٢٨.

(٤) بسبب من الاسباب * ككون الرجوع حرجيا عليه بسبب غلاء اجرة النقل المجحفة بحاله.

٤١

الرجوع الى الخارج والإحرام منه(١) .

والاولي(٢) في هذه الصورة الابتعاد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم الإحرام من هناك.

الصورة الثالثة: أن يكون في الحرم ولم يمكنه الرجوع إلى الخارج، وعليه في هذه الصورة أن يحرم من مكانه(٣) ، وإن كان قد دخل مكة.

الصورة الرابعة: أن يكون خارج الحرم ولم يمكنه الرجوع الى

____________________

(١) تدل عليه صحيحة الحلبي قال: سألت ابا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم، قال: قال ابي: يخرج الى ميقات اهل أرضه، فان خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه فان استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج »، وصحيحة ابن سنان عنهعليه‌السلام عن رجل مر على الوقت الذي يحرم الناس منه فنسي او جهل فلم يحرم حتى أتي مكة ؟ فقال: يخرج من الحرم ويحرم ويجزيه ذلك.

(٢) بل ظاهر صحيحة معاوية - في الحائض التي لم تحرم جهلا حتى دخلت الحرم - وجوب الرجوع بقدر الإمكان مع عدم الضيق، إلا ان يقال بأن للحائض خصوصية أو ان موردها الجهل دون النسيان.

(٣) كما هو مقتضى صحيحة الحلبي المتقدمة وغيرها.

٤٢

الميقات، والأحوط(١) له في هذه الصورة أن يرجع بالمقدار الممكن ثم يحرم.

وفي جميع هذه الصور الأربع يحكم بصحة عمل المكلّف إذا قام بما ذكرناه من الوظائف، وفي حكم تارك الاحرام من أحرم قبل الميقات أو بعده ولو كان عن جهل او نسيان(٢) .

مسألة ٣٢: إذا تركت الحائض الإحرام من الميقات لجهلها

____________________

(١) ووجهه أن الصحيحة الدالة على الرجوع والابتعاد عن الحرم بالقدر الممكن واردة فيما اذا تحقق الدخول في الحرم، فإسراء الحكم لغيره لعل فيه شائبة القياس، وإن كان يحتمل عدم الخصوصية لدخول الحرم، ولذا لم يتعرض السيد الخوئي لهذا الذيل في مناسكه وكأنه لايستوجبه، لتخصيصه ذلك بالحائض، مضافا الى اطلاق صحيحة ابن سنان وفيها « رجل مر على الوقت الذي يحرم الناس منه فنسي أو جهل فلم يحرم حتى أتى مكة ؟ فقالعليه‌السلام : يخرج من الحرم ويحرم ويجزيه ذلك ».

وكان الاولى للماتن دام ظله في هذه الصورة الاحتياط استحبابا أو الحكم بالاستحباب كما في الصورة الثانية، فمع تخصيص صحيحة معاوية بالحائض او حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة ابن سنان فالحكم يكون عدم وجوب الرجوع مطلقا لا التبعيض بين صور المسألة، إذ لامدرك آخر للحكم غير صحيحة معاوية، والله العالم.

(٢) لوحدة المناط.

٤٣

بالحكم إلى ان دخلت الحرم، فالأحوط(١) أن تخرج إلى خارج الحرم وتحرم منه إذا لم تتمكن من الرجوع الى الميقات، بل الاحوط(٢) لها - في هذه الصورة - أن تبتعد عن الحرم بالمقدار الممكن ثم تحرم، على أن لايكون ذلك مستلزما لفوات الحج، وفيما إذا لم يمكنها إنجاز ذلك فهي وغيرها على حدٍّ سواء.

مسألة ٣٣: إذا فسدت العمرة - ولو لفساد إحرامها - وجبت إعادتها مع التمكن، ومع عدم الإعادة - ولو من جهة ضيق الوقت - يفسد حجه(٣) ، وعليه الاعادة في سنة أخرى.

مسألة ٣٤: قال جمع من الفقهاء بصحّة العمرة فيما إذا أتى

____________________

(١) وجزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته بوجوب الرجوع كغيرها، ولعل منشأ احتياط الماتن مصححة سورة بن كليب قال: قلت لابي جعفرعليه‌السلام خرجت معنا امرأة من أهلنا فجهلت الإحرام فلم تحرم حتى دخلنا مكة، ونسينا أن نأمرها بذلك، قال: فمروها فلتحرم من مكانها، من مكّة او من المسجد » لكنها على الظاهر مقيّد بصورة عدم التمكن من الخروج من الحرم جمعا بينها وبين صحيحة معاوية.

(٢) ظاهر صحيحة معاوية - كما قدمنا - الوجوب.

(٣) لكون الحج والعمرة تمتّعاً عمل واحد، ففساد احدهما فساد للكل.

٤٤

الملكف بها من دون إحرام لجهل او نسيان(١) ، ولكن هذا القول لايخلوا من إشكال، والاحوط - في هذه الصورة - الإعادة على النحو الذي ذكرنه فيما إذا تمكّن منها.

مسألة ٣٥: قد تقدم أن النائي يجب عليه الإحرام لعمرته من أحد المواقيت الخمسة الأول، فإن كان طريقه منها فلا إشكال، وإن كان طريقه لايمر بها كما هو الحال في زماننا هذا، حيث إن أغلب الحجاج يردون مطار جدة ابتداءً، وقسم منهم يريدون تقديم أعمال العمرة والحج على الذهاب الى المدينة المنورة، ومن المعلوم أن جدة ليست من المواقيت، ومحاذاتها لأحد المواقيت غير ثابتة، بل المضمأن به عدمها، فلهم أن يختاروا أحد الطرق الثلاثة:

الأول: أن يحرم بالنذر من بلده أو من الطريق قبل المرور جواً

____________________

(١) وهو المشهور شهرة عظيمة، تمسكا بمرسل جميل عن احدهماعليهما‌السلام في رجل نسي أن يحرم أو جهل وقد شهد المناسك كلها وطاف وسعى، قال: تجزيه نيّته إذا كان قد نوى ذلك، فقد تم حجه وإن لم يهل » ومورده وإن كان الحج إلا انه قد اطلق الحج على عمرة التمتع في جملة من الروايات، والتوقف في السند - بعد عمل المشهور به وكون المرسل جميل والارسال بلفظ بعض اصحابنا ووجود الرواية في الكافي والتهذيب مضافا الى ان الراوي عن جميل ابن ابي عمير - لايخلو من تأمل.

٤٥

على بعض المواقيت، وهذا لاإشكال فيه(١) فيما إذا لم يستلزم الاستظلال من الشمس - كما إذا كان الطيران في الليل - أو الاتقاء من المطر(٢) .

الثاني: أن يمضي من جدة إلى بعض المواقيت أو الى ما يحاذيه فيحرم منه(٣) ، أو يذهب الى مكان يقع خلف أحد المواقيت فيحرم منه بالنذر كـ (رابغ) الذي يقع قبل الجحفة، وهو بلد مشهور يربطه بجدة طريق عام فيسهل الوصول اليه، بخلاف الجحفة التي ربما يصعب الذهاب إليها.

الثالث: أن يحرم من جدّة بالنذر، ويجوز هذا فيما لو علم - ولو اجمالا - بأن بين جدة والحرم موضعا يحاذي أحد المواقيت كما لايبعد ذلك بلحاظ المحاذاة مع الجحفة(٤) ، وأما اذا احتمل وجود

____________________

(١) لصحة الاحرام قبل الميقات بالنذر كما تقدم.

(٢) أما اذا استلزم ذلك فصحة نذر الاحرام قبل الميقات مطلقا محل إشكال، لعدم رجحانه شرعاً.

(٣) لصحة الاحرام من محاذاة المواقيت مطلقا كما مر.

(٤) * فإن الخرائط الجغرافية تبيّن أن جدة بالنظر الى خطوط الطول تقع قبل الجحفة لابعدها وعلى هذا الاساس فالنقطة المحاذية للجحفة تقع في الجنوب الشرقي من جدة.

٤٦

موضع المحاذاة ولم يحرزه فلا يمكنه الإحرام من جدة بالنذر.

نعم، إذا وردها عازما على الذهاب إلى أحد المواقيت أو مابحكمها ثم لم يتيسر له ذلك جاز له الإحرام منها بالنذر أيضا، ولايلزمه في هذه الصورة أن يجدد إحرامه خارج الحرم قبل الدخول فيه على الاظهر(١) .

مسألة ٣٦: تقدّم أن المتمتع يجب عليه أن يحرم لحجّه من مكة، فلو أحرم من غيرها - عالما عامدا - لم يصحّ إحرامه وإن دخل مكة محرما، بل وجب عليه الاستئناف من مكة مع الإمكان وإلا بطل حجّه.

مسألة ٣٧: إذا نسي المتمتّع الإحرام للحجّ بمكّة وجب عليه العود مع الإمكان، وإلا أحرم في مكانه - ولو كان في عرفات - وصح حجه، وكذلك الجاهل بالحكم(٢) .

____________________

(١) لصحة الاحرام بالنذر، وإن أدنى الحل ليس ميقاتا لعمرة التمتع، ومع عدم القطع بكون جدة خلف الميقات فروايات الناسي والجاهل للاحرام المتقدمة شاملة له بلا ريب، بل يمكن الاستدلال بها على صحة الاحرام بلا حاجة الى النذر في ظرف عدم التمكن من الذهاب الى احد المواقيت او مابحكمها.

(٢) يدل عليه صحيحة علي بن جعفر عن أخيهعليه‌السلام قال: سألته

=

٤٧

مسألة ٣٨: نسي إحرام الحجّ ولم يذكر حتى أتى بجميع أعماله صحّ حجه، وكذلك الجاهل(١) .

كيفيّة الإحرام …

* مسألة ٣٩: لايجوز لمن أحرم للعمرة أو الحج أن يعرض عن إحرامه ويترك أداء المناسك، ولو فعل ذلك وكان في عمرة التمتع أو الحج الى ان انقضى الوقت المحدد لهما بطل إحرامه(٢) ، وأما لو كان

____________________

=

عن رجل نسي الإحرام بالحجّ فذكر وهو بعرفات، ماحاله ؟ قال: يقول اللهم على كتابك وسنة نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقد تم إحرامه، فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحجّ حتى رجع الى بلده إن كان قضى مناسكه كلّها فقد تمّ حجه »، اما وجوب الرجوع مع الامكان فلكونه الوظيفة الاولية لاتنتفي إلا بعد تعذرها، مؤيدا ببعض الروايات الواردة في عمرة التمتع لمن دخل الحرم جاهلا او ناسيا.

(١) تشهد له الصحيحة السابقة ومرسل ابن ابي عمير عن جميل عن بعض اصحابنا عن أحدهماعليهما‌السلام في رجل نسي أن يحرم أو جهل وقد شهد المشاهد كلها وطاف وسعي، قال: تجزيه نيته إذا كان قد نوى ذلك، فقد تم حجه وإن لم يهل.

(٢) لانقضاء وقتهما، وهل ينتقل الى العمرة المفردة للتحلل، خلاف منشأه التردد في حقيقية الاحرام بين الجزئية والشرطية والاستقلالية والارتباطية كما سيأتي.

٤٨

في العمرة المفردة فلا يخرج من إحرامه إلا بأداء مناسكها·

كيفيّة الإحرام

واجبات الإحرام ثلاثة أمور:

الأمر الأول: النّية(١) ؛ ومعنى النيّة أن يعقد العزم على الإتيان

____________________

(١) لعدم تقيّدها بوقت معيّن·

(٢) قد وقع البحث: في أن الاحرام هل هو جزء في الحج أم شرط فيه، وعلى الاول يبطل ببطلان الحج وعلى الثاني لايبطل، لكن يمكن القول بالبطلان حتى على الثاني، فهو ليس من قبيل الوضوء لايبطل ببطلان الصلاة، بل من قبيل الاستقبال في الصلاة، فهو شرط مادام متلبساً باعمال الحج، فإذا بطل الحج انحل الشرط كما تنحل شرطية الاستقبال عند بطلان الصلاة، وقياسه على الوضوء في غير محله لكونه عبادة مستقلة بخلافه.

وهناك بحث آخر: وهو هل أن أعمال الحج - بما فيها الاحرام - ارتباطية كأجزاء الصلاة، أما أنها مستقلة مرتبطة بحسب الوجود والزمان كارتباط حج التمتع بعمرته، فعلى الثاني ترك البعض لايستوجب بطلان البعض الاخر بخلافه على الاول.

=

٤٩

بالحجّ أو العمرة متقربا إلى الله تعالى، ولا يعتبر فيها المعرفة التفصيلية بما يشمل عليه نسكه، بل تكفي المعرفة الإجمالية أيضا، فلو لم يعلم المكلف حين النيّة بتفاصيل مايجب عليه في العمرة - مثلا - كفاه أن يتعلّمه شيئا فشيئا من الرسالة العملية أو ممن يثق به من المعلمين.

____________________

=

وبالجملة: الذي تميل إليه النفس أن الاحرام لايبطل ببطلان الحج والعمرة إذا وقع صحيحاً، بل لابد من المحلل له من عمرة أو حج.

ولو كان كذلك لوجب المصير إليه بمجرد الحصر او الصد او الخوف، فلو كان كتكبيرة الاحرام - كما مثل به جماعة من الاعلام والاعاظم - لتحلل بلا وجوب البعث والذبح أوالطواف والسعي في حج او عمرة لحلية النساء بالنسبة للمحصور، ولوجب بطلانه في الجماع المفسد للحج على القول بأن الحجة الثانية هي الواجبة، مؤيداً بروايات العدول من نسك الى آخر عند العذر كضيق الوقت وغيره، وماسيأتي من عدم اشتراط التعيين للاحرام المشعر بكونه عملا مستقلا لاربط له بنوعية النسك.

نعم ظاهر صحيحة ضريس عنهعليه‌السلام في رجل أمر جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت ولم يكن هو أحرم، فغشيها بعدما أحرمت، قال: يأمرها فتغتسل، ثم تحرم ولاشيء عليه » بطلان الاحرام ببطلان النسك.

وخلاصة المسألة كما ذكر صاحب المدارك قوية الاشكال، فالاحتياط الوجوبي لايترك.

٥٠

ويعتبر فى النية أمور:

١ - القربة والاخلاص كما في سائر العبادات.

٢ - حصولها في مكان خاصّ، وقد تقدم بيانه في بحث المواقيت.

٣ - تعيين المنويّ وإنه الحجّ او العمرة، وإن الحج حج تمتع أو قِران أو إفراد، وإذا كان عن غيره فلا بد من قصد ذلك، ويكفي وقوعه عن نفسه عدم قصد الوقوع عن الغير، والأظهر أنه يكفي في سقوط الواجب بالنذر انطباق المنذور على المأتيّ به، ولايتوقف على قصد كونه حجّا نذرياً مثلاً، كما يكفي في كونه حجة الإسلام انطباق الواجب بالأصالة عليه ولايحتاج الى قصد زائد.

* مسألة ٤٠: إذا رأت المضطربة الدم قبل أن تحرم ولم تدر هل ينقطع عنها قبل يوم عرفة فتنوي التمتع، أم لا ينقطع فتنوي الافراد، يجزيها الإحرام لما يجب عليها في علم الله تعالى(١) .

____________________

(١) لعله لكفاية التعيين الاجمالي، كإهلال عليعليه‌السلام وعدم تعيينه نوعية النسك، وإنما قال: اهلالا كاهلال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وما عن: بعض الفحول من عدم ثبوت انهعليه‌السلام لم يكن عالماً باحرام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بل كان عالما باحرامه واهل كاهلاله.

لايشك فيه: إلا من ضعف ايمانه بهم عليهم افضل الصلاة والسلام، إلا

=

٥١

مسألة ٤١: لايعتبر في صحة النية التلفظ بها وإن كان مستحبا، كما لايعتبر في قصد القربة الإخطار بالبال، بل يكفي الداعي على حد سائر العبادات.

مسألة ٤٢: لايعتبر في صحّة الإحرام العزم على ترك محرماته - حدوثا وبقاءا - فيصح الإحرام حتى مع العزم على ارتكابها(١) .

____________________

=

أنهمعليهم‌السلام دأبهم أو مأمورون باتباع العلم العادي المستحصل من الاسباب المتعارفة لتنجّز الاحكام الشرعية عليهم والتفصيل في محله فراجع.

فقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في صحيحة معاوية بعد أن أمر الناس بالاحلال إلا من ساق هدياً، وقدوم عليعليه‌السلام من اليمن مهلا: وانت ياعلي بما أهللت ؟ قال: قلت يارسول الله: إهلالا كاهلال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كن على إحرامك مثلي، وانت شريكي في هديي » ومثلها صحيحة الحلبي، أنه لاعلم له بذلك بواسطة الاسباب العادية والمتعارفة التي هي مناط تنجّز الاحكام عليهمعليهم‌السلام وعلى غيرهم في هذه النشأة، ولذا زاد في اعلام الورى حينما سئل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله علياً، بم أهللت ياعلي، فقال له: يارسول الله إنك لم تكتب إلي باهلالك، فقلت: إهلالا كاهلال نبيك، فقال لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فانت شريكي في حجي ومناسكي وهديي.

(١) ذكرنا في «مجمع مناسك الحج » ان التروك غير دخيلة في حقيقة الاحرام، بل هي احكام مترتبة عليه فلا تؤخذ في حقيقته، فهو ليس كالصوم

=

٥٢

نعم، إذا كان عازما حين الإحرام في العمرة المفردة على أن يجامع زوجته قبل الفراغ من السعي أو تردد في ذلك، فالظاهر بطلان إحرامه(١) ، وكذلك الحال في الاستمناء على الاحوط(٢) .

وأما لو عزم على الترك حين الاحرام ولم يستمر عزمه، بأن نوى بعد تحقق الإحرام الإتيان بشيء منهما لم يبطل إحرامه(٣) .

____________________

=

المتقوم بالتروك الخاصة.

وقلنا هناك: ان للمسألة صور:

الاولى: هل أن «قصد ترك المحرمات» شرطا في صحة الاحرام أم لا ؟ بمعنى هل يكفي قصد النسك - عمرة مفردة، تمتع، حج مفرد، تمتع - فقط ام لابد من قصد ترك المحرمات، وعلى القول بالاشتراط فهل هو حدوثا واستدامة أم لا ؟

الثانية: مع فرض عدم كون ذلك شرطا، فهل ان قصد ضده وهو «ارتكاب المحرمات» مانعا من صحة الاحرام ام لا ؟ وعلى فرض كونه مانعا فهل هو مطلقا بالنسبة لكل المحرمات ام بعضها، وللاطلاع على بقية فتاوى الاعلام راجع الكتاب المزبور.

(١) لعدم قصد إتمام النسك، اذ الجماع قبل السعي مبطل للعمرة، فالعزم عليه معناه عدم نية الإتمام من أول الامر.

(٢) لوجود الخلاف في مبطلية الاستمناء وسيأتي بيانه.

(٣) لانعقاده صحيحا، فبطلانه بحاجة الى دليل وهو لَيْسٌ.

٥٣

* مسألة ٤٣: إذا أخطأ فاحرم لحج التمتع بدلا عن عمرة التمتع فاتى باعمال العمرة ثم تنبّه الى خطأه لم يضره ذلك.

وكذا اذا كان قاصدا العمرة التي هي وظيفته فتخيل أنها العمرة المفردة لم يضره الخطأ في التطبيق، وإلا أتى بأعمال العمرة المفردة فاذا بقي في مكة الى يوم التروية قاصداً للحج كانت عمرته متعة فيأتي بحج التمتع.

الأمر الثاني: التلبية ؛ وصورتها أن يقول: « لبّيك اللّهمّ لبّيك، لبّيك لا شريك لك لبّيك » والأحوط الأولى(١) اضافة هذه الجملة «ان(٢) الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك» ويجوز اضافة

____________________

(١) تشهد له صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام - في حديث - قال: التلبية أن تقول: لبّيك اللّهم لبّيك، لبّيك لاشريك لك لبّيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لاشريك لك لبّيك، لبّيك ذا المعارج لبّيك... واعلم أنه لابد من التلبيات الأربع التي كن في أوّل الكلام وهي الفريضة وهي التوحيد، وبها لبّى المرسلون، وأكثر من ذي المعارج فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكثر منها.

(٢) حكى العلاّمة في المنتهى عن بعض أهل العربية: ان من قال «إِن» بكسرها فقد عم، ووجهه ظاهر، فان الكسر يقتضي تعميم التلبية وافشاء الحمد مطلقاً، والفتح يقتضي تخصيص التلبية، أي لبيك بسبب ان الحمد لك.

٥٤

«لبيك» إلى آخرها، بان يقول: «لاشريك لك لبيك ».

مسألة ٤٤: على المكلّف ان يتعلم ألفاظ التلبية ويحسن اداءها بصورة صحيحة، كتكبيرة الإحرام في الصلاة، ولو كان ذلك من جهة تلقينه هذه الكلمات من قبل شخص آخر، فإذا لم يتعلم تلك الألفاظ ولم يتيسر له التلقين اجتزأ بالتلفظ بها ملحونا إذا لم يكن اللحن بحدّ يمنع من صدق التلبية عليها عرفا(١) ، وإلا فالاحوط الجمع بين الاتيان بمرادفها وبترجمتها والاستنابة في ذلك(٢) .

____________________

(١) تشهد له معتبرة مسعدة بن صدقة - والتي رواها الحميري في قرب الاسناد وعلي بن جعفر في كتابه - قال سمعت جعفر بن محمد يقول: إنّك قد ترى من المحرّم من العجم لايراد منه مايراد من العالم الفصيح وكذلك الاخرس في القراءة في الصلاة والتشهد وماأشبه ذلك، فهذا بمنزلة العجم والمحرّم لايراد منه مايراد من العاقل المتكلم الفصيح... الحديث » والمحرّم من لايقدر على القراءة الصحيحة كقول العرب ناقة محرّمة الظهر اذا لم تذلل، ويؤيدها معتبرة السكوني في الاخرس وصحيحة زرارة في الصبي الآتيتان.

(٢) قلت: صريح رواية ياسين الضرير - التي رواها الكليني والشيخ - عن حريز عن زرارة «أن رجلا قدم حاجاً لايحسن أن يلبي فاستفتي له أبو عبداللهعليه‌السلام فأمر له أن يلبى عنه » هو الاستنابه، لكنها ضعيفة سندا عند جماعة من الاعلام لعدم توثيق ياسين، إلا ان تلقي المشهور روايته في تحديد

=

٥٥

مسألة ٤٥: الأخرس لعارض مع التفاته إلى لفظة التلبية ياتي بها على قدر مايمكنه، فإن عجز حرّك بها لسانه وشفتيه حين إخطارها بقلبه وأشار بإصبعه إليها على نحو يناسب تمثيل لفظها.

وأما الأخرس الاصم من الأول ومن بحكمه، فيحرّك لسانه وشفتيه تشبيها بمن يتلفظ بها، مع ضمّ الإشارة بالإصبع إليها

____________________

=

المطاف بالقبول والعمل بها وكونه من مشيخة الصدوق المعتمدين وذكر النجاشي والطوسي له في اصحابنا المصنفين وعدم القدح فيه أصلا، قرائن يستفاد منها حسن حاله.

والعجب من بعض الاعلام اعتبار حال مسعدة بن صدقة وترجيح روايته مع أن حاله كحال ياسين كماهو مقتضى المواد الرجالية، مع إمكان ادعاء أن رواية مسعدة في خصوص الصلاة - وإن كان بعيدا - لكون الاستنابة فيها غير متصورة بخلاف التلبية، مضافا الى أن رواية ياسين مروية في الكتب الاربعة المعتبرة، فاسقاطها لضعف سندها لعل فيه شائبة المجازفة، ويمكن الجمع بين الروايتين بحمل رواية زرارة على عدم صدق التلبية عرفا فعندها تتعين الاستنابة.

وإن كان لايبعد كفاية الاتيان بها مطلقا - حتى مع عدم الصدق العرفي - مع الاشارة بالاصبع كما هو شأن الاخرس، اذ من الواضح لاخصوصية للاخرس فلا مورد للاستنابة، لكن الاحتياط لايترك بالجمع بين الامور المذكورة.

٥٦

أيضا(١) .

مسألة ٤٦: الصبي غير المميز يلبى عنه(٢) ·

مسألة ٤٧: لا ينعقد إحرام حج التمتع وإحرام عمرته وإحرام الإفراد وإحرام العمرة المفردة إلاّ بالتلبية.

وأما حج القران فكما يتحقق إحرامه بالتلبية يتحقق بالاشعار والتقليد(٣) ، والاشعار مختص بالبُدن والتقليد مشترك بين البُدن وغيرها من أنواع الهدي، والأولى الجمع بين الاشعار والتقليد في البُدن(٤) ،

____________________

(١) لموثقة السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: تلبية الأخرس وتشهده وقراءته القرآن في الصلاة تحريك لسانه واشارته باصبعه.

(٢) تشهد له صحيحة زرارة عن احدهماعليهما‌السلام « اذا حج الرجل بابنه وهو صغير، فانه يأمره ان يلبي ويفرض الحج فان لم يحسن ان يلبي لبوا عنه ».

(٣) وفاقاً للأكثر، وقد نسبه في الجواهر للمشهور، وتشهد له النصوص الكثيرة، منها صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام « يوجب الإحرام ثلاثة اشياء التلبية والاشعار والتقليد، فاذا فعل شيئاً من هذه الثلاثة فقد احرم »، وفي صحيحته الأخرى « والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية ».

(٤) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية « البدن تشعر في الجانب

=

٥٧

والأحوط الاولى(١) أن يلبي القارن وإن كان عقد إحرامه بالاشعار أو التقليد.

ثم ان الاشعار: هو طعن صفحة سنام البدنة وتلطيخها بالدم ليعلم أنها هدي، والاحوط أن يكون الطعن في الصفحة اليمنى.

نعم، إذا كانت البُدن كثيرة جاز أن يدخل الرجل بين كل بدنتين فيشعر احدهما من الصفحة اليمنى والاخرى من اليسرى(٢) .

والتقليد: هو أن يعلق في رقبة الهدي خيطاً أو سيراً أو نعلا(٣)

____________________

=

الايمن ويقوم الرجل في الجانب الايسر ثم يقلدها بنعل خلق قد صلى فيها » المحمولة على الاستحباب جمعا بينها وبين صحيحة الاخرى - وروايات أخر - الدالة على ان موجب الاحرام احد امور ثلاثة: التلبية، والاشعار، والتقليد.

(١) خروجا عن مخالفة علم الهدي والفقيه ابن ادريس من عدم انعقاد الاحرام الا بالتلبية.

(٢) لقولهعليه‌السلام في صحيحة حريز « إذا كانت بدن كثيرة فأردت أن تشعرها، دخل الرجل بين كلّ بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن، ويشعر هذه من الشق الايسر ».

(٣) لقولهعليه‌السلام في صحيحة معاوية « يقلدها نعلا خلقا قد صليت فيه » وقوله في صحيحة زرارة « كان الناس يقلدون الغنم والبقر وانما تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط وسير » وعدم ردع الامام مع انه في مقام

=

٥٨

ونحوها ليعلم أنه هدي، ولايبعد كفاية التجليل بدلا عن التقليد(١) ، وهو ستر الهدي بثوب ونحوه ليكون علامة على كونه هدياً.

مسألة ٤٨: لا يشترط الطهارة عن الحدث الأصغر والأكبر في صحة الإحرام(٢) ، فيصح الإحرام من المحدث بالأصغر أو الأكبر، كالمجنب والحائض والنفساء وغيرهم.

مسألة ٤٩: التلبية وكذا الإشعار والتقليد لخصوص القارن بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة، فلا يتحقق الإحرام بدونها، فلو نوى الإحرام ولبس الثوبين وفعل شيئاً من المحرمات قبل تحقق الإحرام لم يأثم(٣) وليس عليه كفّارة.

____________________

=

البيان شاهد على شرعيته.

(١) يشهد له قولهعليه‌السلام في صحيحة الحلبي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن تجليل الهدي وتقليدها ؟ فقال: لاتبالي أي ذلك فعلت.

(٢) كما هو مقتضى النصوص الكثيرة الصريحة.

(٣) إذ الأثم والكفّارة مترتب على الإحرام، وهو مترتب على النية والتلبية فمع عدم احدهما عدمه، مضافا الى الروايات الدالة على جواز ارتكاب محرمات الإحرام مالم يلب.

ففي صحيحة ابن الحجاج عنهعليه‌السلام في الرجل يقع على أهله بعدما

=

٥٩

مسألة ٥٠: الافضل لمن عقد الإحرام من مسجد الشجرة أن يؤخر التلبية الى اول البيداء عند آخر ذي الحليفة حين تستوي به الأرض(١) ، وإن كان الاحوط التعجيل بها وتأخير رفع الصوت بها

____________________

=

عقد الاحرام ولم يلبّ ؟ قال: ليس عليه شيء» ومثلها صحيحة البختري، وفي صحيحة النضر بن سويد عن بعض اصحابه قال: كتبت الى ابي ابراهيمعليه‌السلام رجل دخل مسجد الشجرة فصلى واحرم وخرج من المسجد، فبدا له قبل ان يلبي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء، أله ذلك ؟ فكتب: نعم، او: لابأس به » وغيرها من الروايات الكثيرة.

(١) سيأتي من الماتن دام ظله أن الإحرام لاينعقد إلا بالتلبية، وعليه فجواز تأخير التلبية الى آخر ذي الحليفة معناه ان ميقات أهل المدينة هو الوادي لاخصوص المسجد، وهو المستفاد من الجمع بين الروايات ولقد أحسن فيما أفاد حينما قال أن البيداء آخر ذي الحليفة، لاأنها على بعد ميل من ذي الحليفة كما في كثير من المناسك، ولعل منشأ التوهم هو قولهعليه‌السلام في روايات متعددة «حيث المَيْل، الى أول مَيل على يسارك» والمقصود من الميل ليس هو المسافة وإنما الانعطاف والانحناء، فالبيداء عند أول مَيْلٍ من ذي الحليفة باتجاه مكة، بل يمكن دعوى ان ذا الحليفة جزء من البيداء كما هو ظاهر جملة من النصوص.

ففي صحيحة ابن سنان عنهعليه‌السلام قال: من أقام بالمدينة شهراً وهو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415