إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج0%

إيضاح مناسك الحج مؤلف:
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف: علم الفقه
الصفحات: 415

إيضاح مناسك الحج

مؤلف: آية الله السيد علي الحسيني السيستاني
المحقق: الشيخ أحمد الماحوزي
تصنيف:

الصفحات: 415
المشاهدات: 104316
تحميل: 9042

توضيحات:

إيضاح مناسك الحج
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 415 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 104316 / تحميل: 9042
الحجم الحجم الحجم
إيضاح مناسك الحج

إيضاح مناسك الحج

مؤلف:
العربية

أن يعود إليها بعده فينفر قبل الغروب أو في نهار اليوم الثالث عشر بعد الرمي.

رمي الجمار

الثالث عشر من واجبات الحج: رمي الجمرات الثلاث: الاولى والوسطى وجمرة العقبة(١) .

____________________

=

الاول قبل ان تزول الشمس ؟ فقال: لا، ولكن يخرج ثقله إن شاء، ولايخرج هو حتى تزول الشمس » وعن علي - لعله البطائني - عن احدهما عليهما أنه قال: في رجل بعث بثقله يوم النفر الاول وأقام هو الى الاخير، قال: هو ممن تعجل في يومين.

(١) بلا خلاف كما في السرائر، وفي المنتهى لانعلم فيه خلافا، وعن الخلاف الاجماع على وجوب الترتيب بين رمي الجمار الثلاث ووجوب القضاء، وعده في التبيان من المسنونات أي ماثبت بالسنة، نعم ظاهر التهذيبين الاستحباب وهو شاذ لايلتفت إليه للنصوص المستفيضة.

والعجب من بعض الاعلام المعاصرين استظهاره عدم كون الرمي من واجبات الحج وأجزائه، بل هو واجب مستقل كالمبيت بمنى أيضا، بدعوى وقوعه بعد طواف النساء وهو بعد الحج فما بعده يكون خارجا عن حقيقة

=

٣٢١

ويجب الرمي في اليوم الحادي عشر،والثاني عشر، وإذا بات ليلة الثالث عشر في منى وجب الرمي في اليوم الثالث عشر أيضا على الاحوط(١) .

ويعتبر في الجمرات المباشرة، فلا تجوز الاستنابة اختياراً.

____________________

=

الحج، مضافا الى عدم بطلان الحج بتركه عمدا وهو مشعر بعدم الجزئية، وقد تقدم ان طواف النساء جزء من الحج ومناسكه فراجع، مضافا الى قولهعليه‌السلام في صحيحة ابن أُذنية قال: سألته عن قول الله تعال ( الحج الاكبر) ؟ قال: الحج الاكبر الوقوف بعرفة ورمي الجمار »، وكونه جزئا لايلازم بطلان الحج بتركه عمدا، لكثرة الاحكام المخالفة للقواعد في الحج والعمرة.

(١) اجماعا كما عن بعض، ودليله غير واضح، إلا مايظهر من صحيحة معاوية في كيفية حج الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها « زار البيت رجع الى منى فأقام بها حتى كان اليوم الثالث عشر من آخر أيام التشريق ثم رمى الجمار ونفر » وفعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله مجمل لايدل على الوجوب خاصة، إلا أن صحيحة معاوية الاخرى وفيها « إذا اردت أن تنفر في يومين فليس لك أن تنفر حتى تزول الشمس، وإن تأخرت إلى آخر أيام التشريق وهو يوم النفر الاخير فلا عليك أي ساعة نفرت ورميت قبل الزوال أو بعده » وفي نسخ الكافي بلا زيادة «ورميت» ورواها الشيخ عنه بالزيادة، كما ان الصدوق رواها من كتاب معاوية بزيادة اللفظة المزبورة، وهذا مايجعلنا نجزم بثبوتها، وزيادتها لاتوجب الاخلال بالرواية وعدم المناسبة كما في بعض الكلمات.

٣٢٢

مسألة ٣٤٨: يجب الابتداء برمي الجمرة الاولى، ثم الجمرة الوسطى ثم جمرة العقبة، ولو خالف وجب الرجوع الى مايحصل به الترتيب، ولو كانت المخالفة عن جهل أو نسيان(١) .

نعم، إذا نسي أو جهل فرمى جمرة بعد أن رمى سابقتها أربع حصيات أجزأه اكمالها سبعا، ولايجب عليه إعادة رمي اللاحقة(٢) .

مسألة ٣٤٩: ماذكرناه من واجبات رمى جمرة العقبة في الصفحة (٢٥٣) يجري في رمي الجمرات الثلاث كلها.

مسألة ٣٥٠: يجب أن يكون رمي الجمرات في النهار(٣) ، ويستثنى

____________________

(١) كما هو مقتضي القاعدة، مضافا الى الروايات الناصة على ذلك.

(٢) تدل عليه صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام في رجل رمى الجمرة الاولى بثلاث والثانية بسبع والثالثة بسبع، قال: يعيد ويرميهن جميعا بسبع سبع، قلت: فإن رمى الاولى بأربع والثانية بثلاث والثالثة بسبع، قال: يرمي الجمرة الاولى بثلاث والثانية بسبع ويرمي جمرة العقبة بسبع، قلت: فانه رمى الجمرة الاولى بأربع والثانية بأربع والثالثة بسبع، قال: يعيد فيرمي الاولى بثلاث والثانية بثلاث ولايعيد على الثالثة.

(٣) لمجموعة من الروايات، منها صحيحة صفوان بن مهران قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: إرم الجمار مابين طلوع الشمس الى غروبها.

٣٢٣

من ذلك الرعاة وكل معذور عن المكث في منى نهارا لخوف أو مرض أو علة أخرى، فيجوز له رمي كل نهار في ليلته(١) ، ولو لم يتمكن من ذلك جاز الجميع في ليلة واحدة.

مسألة ٣٥١: من ترك الرمي فى اليوم الحادي عشر نسيانا أو جهلا وجب عليه قضاؤه في اليوم الثاني عشر، ومن تركه في اليوم الثاني عشر كذلك قضاه في اليوم الثالث عشر(٢) ، والمتعمد بحكم الناسي

____________________

(١) ففي صحيحة ابن مسلم المتقدمة - مرارا - في الخائف أنه لابأس بأن يرمي الجمار بالليل ويضحي بالليل ويفيض بالليل »، وفي موثقة سماعة عنهعليه‌السلام أنه كره رمي الجمار بالليل ورخص للعبد والراعي في رمي الجمار ليلا.

* فالنساء والصبيان والضعفاء ممن جوز لهم الافاضة ورمي جمرة العقبة ليلة العيد، فإن لم يكونوا معذورين في المكث بمنى نهاراً بمقدار الرمي فمع عدم تيسر الرمي لهم في النهار لكثرة الزحام او لغيرها عليهم ان يستنيبوا لذلك، وإن كان الاحوط الاول الجمع بين الرمي ليلا والاستنابة في النهار.

(٢) ففي صحيحة ابن سنان قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن رجل أفاض من جمع حتى انتهى الى منى فعرض له عارض فلم يرم حتى غابت الشمس، قال: يرمي إذا اصبح مرتين: مرة لما فاته، والاخرى ليومه الذي يصبح فيه، وليفرّق بينهما، يكون احدهما بكرة وهي للامس والاخرى عند زوال الشمس.

٣٢٤

والجاهل على الاحوط(١) .

والأحوط أن يفرق بين الاداء والقضاء، وإن يقدم القضاء على الاداء(٢) ، والاحوط الاولى أن يكون القضاء أول النهار والاداء عند الزوال(٣) .

مسألة ٣٥٢: من ترك رمي الجمار نسيانا أو جهلا فذكره أو علم به في مكة وجب عليه أن يرجع إلى منى ويرمي فيها(٤) ، وإذا كان

____________________

(١) ان لم يكن أولى، ويمكن ان يستفاد ذلك من حسنة عمر بن يزيد عنهعليه‌السلام قال: من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فان لم يحج رمى عنه وليه، فان لم يكن له ولي يستعان برجل من المسلمين يرمي عنه فانه لايكون رمي الجمار الا أيام التشريق » وفي سندها محمد بن عمر بن يزيد ذكره الشيخ والنجاشي في أصحابنا المصنفين ولم يوثقاه.

(٢) كما هو مقتضى صحيحة ابن سنان، وإنما لم يجزم الماتن دام ظله، لقيام الاجماع على استحباب التفريق، مضافا الى ان صحيحة ابن سنان واردة فيمن ترك جمرة العقبة

(٣) لصححية ابن سنان وقد عرفت أنها في خصوص نسيان او ترك جمرة العقبة.

(٤) ففي صحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: ماتقول في امرأة جهلت أن ترمي الجمار حتى نفرت الى مكة ؟ قال: فلترجع فلترم الجمار كما كانت

=

٣٢٥

المتروك رمي يومين أو ثلاثة فالاحوط أن يقدم الاقدم فواتاً، ويفصل بين وظيفة يوم ويوم بعده بمقدار من الوقت(١) .

وإذا ذكره أو علم به بعد خروجه من مكة لم يجب عليه الرجوع لتداركه(٢) ، والأحوط الأولى أن يقضيه في السنة القادمة بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج(٣) .

____________________

=

ترمي والرجل كذلك » وفي صحيحة الاخرى قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام رجل نسي رمي الجمار، قال: يرجع فيرميها، قلت: فانه نسيها حتى اتى مكة، قال: يرجع فيرمي متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة، قلت: فإنه نسي حتى فاته وخرج، قال: ليس عليه أن يعيد.

(١) كما هو مقتضي صحيحة معاوية المتقدمة، وإنما لم يجزم الماتن دام ظله لعدم عمل المشهور بها، والله العالم.

(٢) يشهد له إطلاق صحيحة معاوية المتقدمة.

(٣) لحسنة عمر بن يزيد عنهعليه‌السلام قال: من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى تمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فان لم يحج رمى عنه وليه، فان لم يكن له ولي يستعان برجل من المسلمين يرمي عنه فانه لايكون رمي الجمار الا أيام التشريق » وفي سندها محمد بن عمر بن يزيد ذكره الشيخ والنجاشي في أصحابنا المصنفين ولم يوثقاه وعده ابن داود من الثقات.

قال في الرياض لم نر مصرحا بالاستحباب عد الماتن والفاضل فيما

=

٣٢٦

مسألة ٣٥٣: المعذور الذي لايستطيع الرمي بنفسه - كالمريض - يستنيب غيره(١) ، والأولى أن يحضر عند الجمار مع الإمكان ويرمي

____________________

=

حكي عنه من التبصرة، وأما باقي الاصحاب فهم بين مصرح بالوجوب، كالشيخ في التهذيبين والخلاف والشهيدين في الدروس والمسالك والروضة، وباللزوم، كالحلبي فيما حكي، او أمر به كالشيخ في النهاية والحلي في السرائر والفاضل في التحرير والقواعد وابن زهرة في الغنية مدعيا عليه إجماع الطائفة، وحينئذ فتكون الرواية حجة، يقيد بها الأصل والصحيحان، بحمل الشيء والاعادة فيهما على مايجامع الرواية، بأن يراد بالشيء نحو الكفارة، او الاعادة في هذه السنة، وعليها يحمل الإعادة المنفية في الرواية الثانية، مضافا إلى احتمالها الحمل على ماذكره بعض الاجلة، فقال: ويحتمل أن يكون إنما اردا أنه نسي التفريق، انتهى.

قلت: فالاحتياط الوجوبي متعين إن توقفنا في سند الرواية.

(١) بلا خلاف أصلا، وتشهد له النصوص، ففي صحيحة معاوية وابن الحجاج عنهعليه‌السلام قال: الكسير والمبطون يرمي عنهما »، وفي موثقة اسحاق أنه سأل ابا الحسنعليه‌السلام عن المريض ترمى عنه الجمار ؟ قال: نعم، يحمل الى الجمرة ويرمى عنه، قلت: لايطيق ذلك، قال: يترك في منزله ويرمي عنه » وفي صحيحة حريز قال: سألته عن الرجل يطاف به ويرمى عنه؟ فقال: نعم إذا كان لايستطيع.

٣٢٧

النائب بمشهد منه(١) ، وإذا رمى عنه مع عدم اليأس من زوال عذره قبل انقضاء الوقت فاتفق زواله فالاحوط أن يرمي بنفسه أيضا(٢) ، ومن لم يكن قادرا على الاستنابة - كالمغمى عليه - يرمي عنه وليه أو غيره(٣) .

مسألة ٣٥٤: من ترك رمي الجمار في أيام التشريق متعمداً لم يبطل حجه(٤) ، والاحوط أن يقضيه في العام القابل بنفسه إن حج أو بنائبه إن لم يحج(٥) .

* مسألة ٣٥٥: وقد تسأل ما هي وظيفة المرأة في رمي الجمار في الحالات التالية.

____________________

(١) كما هو مقتضي موثقة اسحاق، وظاهرها الوجوب، وظاهر الاصحاب - كما في المستند - على القول بالاستحباب، بل لم يعرف قائل بالوجوب، والله العالم.

(٢) إذ الادلة فى مشروعية النيابة مطلقة تشمل ماكان مأيوسا من برئه وما احتمل او ظن او لم يعلم بذلك، إلا ان يستفاد من صحيحة حريز المتقدمة احراز اليأس لصحة النيابة كما هو مقتضى الحكم الاضطراري.

(٣) كما هو مفاد جملة من النصوص.

(٤) بلا خلاف في ذلك.

(٥) لعله لحسنة عمر بن يزيد المتقدمة.

٣٢٨

١ - إذا كان الزحام شديداً بحيث لاتتمكن من مباشرة الرمي ولكن احتملت أن يخف الزحام بعد ذلك ؟

والجواب: يجوز لها الاستنابة حينئذٍ ولكن إذا تمكنت بعد ذلك من الرمي مباشرة لزمها ذلك.

٢ - اذا علمت أن الزحام سوف يخف بعد ذلك فتتمكن من الرمي بنفسها.

والجواب: لامورد للاستنابة حينئذٍ فعليها الانتظار حتى تتمكن من الرمي مباشرة.

٣ - اذا ذهبت الى مرمى الجمار فرأت شدة الزحام وحصل لها اليأس من مباشرة الرمي الى آخر الوقت.

والجواب: عليها أن تستنيب غيرها لذلك.

٤ - إذا استنابت ثم علمت بارتفاع الزحام اثناء النهار.

والجواب: عليها العود الى المرمى للرمي بنفسها.

٥ - اذا رمت ليلاً ثم ارتفع الزحام نهاراً.

والجواب: السؤال مبني على جواز الرمي ليلا للمرأة وغيرها ممن يخاف الزحام في النهار ولكنه ممنوع عندنا.

٦ - اذا استنابت في الرمي مع تمكنها من المباشرة جهلا بالحكم.

والجواب: يلزمها الاعادة مع بقاء الوقت والقضاء مع انقضائه.

٧ - في حالات وجوب القضاء هل يجوز لها قضاء الرمي ليلا.

والجواب: لا بل يلزمها القضاء نهاراً

٣٢٩

فصل في النيابة

مسألة ٣٥٦: يعتبر في النائب أمور:

الاول: البلوغ(١) ، فلا يجزىء حج الصبي عن غيره في حجة الاسلام وغيرها من الحج الواجب وإن كان الصبي مميزاً على الاحوط(٢) ، نعم لايبعد صحة نيابته في الحج المندوب بإذن الولي(٣) .

____________________

(١) لعدم الجزم بمشروعية نيابة الصبي في الحج الواجب فتبقى ذمة المنوب عنه غير فارغة، إذ القاعدة الاولية تقتضي عدم صحة النيابة عن الغير في العبادات، وأدلة النيابة لاإطلاق فيها حتى تشمل الصبي، مضافا الى أن النيابة من سنخ المعاملات على الاتيان بأعمال عبادية فيشترط فيها البلوغ كسائر المعاملات، فتأمل.

(٢) وبه جزم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته.

(٣) لمشروعية عبادته، وكون المناط في مشروعية النيابة في

=

٣٣٠

الثاني: العقل، فلا تجزىء استنابة المجنون، سواء في ذلك ماإذا كان جنونه مطبقا، أم أدواريا إذا كان العمل في دور جنونه(١) ، وأما السفيه فلا بأس باستنابته(٢) .

الثالث: الإيمان، فلا عبرة بنيابة غير المؤمن وإن أتى بالعمل على طبق مذهبنا على الاحوط(٣) .

____________________

=

المستحبات هو ايصال الثواب الى المنوب عنه.

(١) بلا خلاف في ذلك عقلا وشرعا.

(٢) إذ الحجر على أمواله لاينافي النيابة كما هو واضح.

(٣) وبه جزم جملة من الاعلام منهم السيد الخوئي وأعاظم تلامذته، والوجه في ذلك انّ الإيمان شرط في صحّة العمل - كما هو الصحيح - وتدل عليه الروايات الكثيرة، وعدم وجوب قضاء الصلاة والحجّ والصيام بعد الاستبصار لايلزم منه صحة عمله، بل كان ذلك رحمةً وتحنّنا وتفضلا عليه، كما هو الشأن بالنسبة للكافر إذا أسلم.

ويؤيّد بل يدل عليه موثق عمار بن موسى عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يكون عليه صلاة أو صوم هل يجوز أن يقضيه غير عارف ؟ قال: « لا يقضيه إلاّ مسلم عارف » والصلاة والصوم من باب المثال لا الخصوصية، ولايشكل بضعف السند للارسال فان الحديث رواه ابن طاوس في غياث سلطان الورى بسنده الى عمار وسنده يمر عبر زعماء الطائفة - كالشيخ الطوسي والصدوق والكليني والتلعكبري والزراري وكذا ابن عقدة - وأسانيدهم الى

=

٣٣١

الرابع: أن لايكون النائب مشغول الذمة بحج واجب عليه في عام النيابة إذا تنجز الواجب عليه(١) ، ولابأس باستنابته فيما إذا كان جاهلا بالوجوب أو غافلا عنه، وهذا الشرط شرط في صحة الإجارة لافي صحة حج النائب، فلو حج - الحال هذه - برئت ذمة المنوب عنه(٢) ، ولكنه لايستحق الاجرة المسماة، بل يستحق أجرة المثل(٣) .

____________________

=

عمار صحيحة، وقد صرح في فلاح السائل بعد ذكرِ اسانيده الى شيخ الطائفة: وراويتي هذه اشتملت على راويتي عنه للكتب والاصول والمصنفات وبعيد ان يكون قد خرج عنها شيء من الذي أذكره من الروايات، ورواه ايضا الشهيد الاول في الذكرى عن كتاب عمار وسنده كما في الاجازات يشمل جميع مارواه الشيخ في الفهرست وغيره، فالتوقف في السند حينئذ حرفة العاجز.

(١) ففي صحيحة الاعرج أنه سأل أبا عبداللهعليه‌السلام عن الصرورة، أيحج عن الميت ؟ فقال: نعم، إذا لم يجد الصرورة مايحج به، فإن كان له مال فليس له ذلك حتى يحج من ماله، وهو يجزي عن الميت كان له مال أو لم يكن له مال »، وفي صحيحة سعد بن ابي حلف الزهري قال: سألت أبا الحسن موسىعليه‌السلام عن الرجل الصرورة... وهي تجزي عن الميت إن كان للصرورة مال وإن لم يكن له مال.

(٢) كما هو مقتضى الصحيحتين السابقتين.

(٣) لبطلان الاجارة، وبما ان الحج كان بامر المستأجِر فيستحق أجرة

=

٣٣٢

مسألة ٣٥٧: لايتعبر في النائب أن يكون عادلا، ولكن يعتبر أن يكون موثوقا به في أصل إتيانه العمل نيابة عن المنوب عنه، وفي كفاية إخباره مع عدم الوثوق إشكال(١) .

مسألة ٣٥٨: يعتبر في فراغ ذمة المنوب عنه إتيان النائب بالعمل صحيحا، فلا بد من معرفته بأعمال الحج وأحكامه وإن كان ذلك بإرشاد غيره عند كل عمل، ومع الشك في إتيانه بها على الوجه الصحيح - ولو لاجل الشك في معرفته باحكامها -فلا يبعد البناء على الصحة(٢) .

* مسألة ٣٥٩: النائب يعمل على طبق تقليد نفسه(٣) ، نعم إذا كان اجيراً وفرض تقييد متعلق الاجارة بالصحيح في نظر المنوب عنه أوالمستأجِر صريحا أو لانصراف إطلاقه إليه كانت وظيفته حينئذ العمل بمقتضاه(٤) مالم يتيقن بفساد العبادة معه(٥) .

____________________

=

المثل، إلا اذا كان المستأجِر اشترط صحة الاجارة فلا يستحق شيئا.

(١) لعدم إحراز الصحة.

(٢) لاصالة الصحة.

(٣) لكونه هو الصحيح بنظر الاجير اجتهادا او تقليدا.

(٤) لكونه صحيح شرعا فتصح الاستنابة عليه وبذل المال أزائه.

(٥) لعدم المشروعية حينئذ.

٣٣٣

مسألة ٣٦٠: لابأس بالنيابة عن الصبي المميّز، كما لابأس بالنيابة عن المجنون(١) ، بل إذا كان مجنونا أدواريا وعلم بمصادفة جنونه لأيام الحج دائما وجبت عليه الاستنابة حال إفاقته(٢) ، كما يجب الاستئجار عنه إذا استقر عليه الحج في حال إفاقته وإن مات مجنوناً(٣) .

مسألة ٣٦١: لاتشترط المماثلة بين النائب والمنوب عنه، فتصح نيابة الرجل عن المرأة وبالعكس(٤) .

مسألة ٣٦٢: لابأس باستنابة الصرورة عن الصرورة وغير الصرورة(٥) ، وقيل بكراهة استنابة الصرورة(٦) ولم يثبت، بل لايبعد

____________________

(١) لإطلاق أدلة النيابة وشمولها لهما.

(٢) لكون القيام بأعمال الحج من مقدمات الواجب لاالوجوب.

(٣) ووجه واضح.

(٤) ففي صحيحة حكم عنهعليه‌السلام قال: يحج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل والمرأة عن المرأة.

(٥) لعموم بعض الأدلة وإطلاق الاخرى.

(٦) استظهره صاحب الجواهر، وقيل بتأيده بمكاتبة ابراهيم بن عقبة عن ابي جعفرعليه‌السلام قال: كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحج قط حج عن صرورة لم يحج قط أيجزي كل واحد منهما تلك الحجة عن حجة

=

٣٣٤

____________________

=

الإسلام أو لا ؟ بين لي ذلك ياسيدي إن شاء الله، فكتبعليه‌السلام : لايجزي ذلك » وهي كما ترى أجنبية عن المقام.

وقال الشيخ في النهاية والمبسوط والتهذيب بعدم جواز نيابة المرأة الصرورة مطلقا، وفي الاستبصار بعدم ذلك عن الرجل فقط.

وقال في الحدائق بعد ان نقل الاقوال في المسألة: وكيف كان فما ذكره الشيخ - وهو عدم جواز نيابة المرأة الصرورة عن الرجل والمرأة - هو الاوفق بالاحتياط ولاسيما في باب الحج الذي قد عثرت فيه أقدام جملة من صرورة العلماء فضلا عن غيرهم، فالواجب تقييد نيابة المرأة بكونها قد حجت أولاً سيما مع كونها فقيه عارفة، والله العالم.

قلت: وما افادهقدس‌سره هو الصواب، اذ الروايات في المقام على ثلاث طوائف: فالاولى تلغي اشتراط المماثلة بين النائب والمنوب عنه مطلقا، والثانية تفيد أن المرأة الصرورة لاتحج عن غيرها مطلقا رجلا ام امرأة، والثالثة تشترط ان لاتكون المرأة صرورة فان كانت صرورة فلا تنوب عن الرجال فقط.

فمقتضى الصناعة تقييد الطائفة الاولى - وهي عدة صحاح - بكلا الطائفتين فتكون النتيجة ان المرأة الصرورة لاتنيب عن غيرها مطلقا، هذا هو الاوفق بقواعد الجمع بين الاخبار، لكنه قد خدش في سند الاخيرتين، اذ الطائفة الثانية منحصرة في رواية ابن أشيم وهو لم يوثق ولم يضعف فقد ذكره الشيخ في الرجال في أصحاب الامام الرضاعليه‌السلام ولم يذكره النجاشي مع أنه صاحب كتاب، ويمكن تحسين حاله اذ عدّ الصدوق كتابه من الكتب

=

٣٣٥

____________________

=

المعتمدة وهو من رواة كامل الزيارة، وروى عنه احمد بن محمد الاشعري المعروف بتشدده على الضعفاء بل على من يروي عن الضعفاء، وروى عنه ايضا يعقوب بن يزيد وعلي بن مهزيار، فطرح روايته وعدم الاعتناء بها مطلقا فيه تطرف.

أما الطائفة الثالثة فعدة رويات منها روايتي مصادف مولى ابي عبداللهعليه‌السلام والشواهد على تقويته متعددة واعتمد عليه الصدوق في الفقيه وطريقه اليه يمر عبر عيون الطائفة واجلائها، نعم روايته الاولى فيها اللؤلؤي وهو كما في جامع الرواة الحسن بن الحسين كوفي ثقه كثير الرواية قاله النجاشي، واستثناء ابن الوليد له لعله من جهة الغلو وهو غير قادح في العدالة ورواياته في التهذيبين كثيرة، وفي الثانية سهل بن زياد والامر فيه جدا سهل كما افاد الشيخ البهائي وهو كما أفاد، مع امكان تبديل سند الشيخ الى الحسن بن محبوب فلاحظ.

ومنها مصححة زيد الشحام وفيها « يحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة ولا تحج المرأة الصرورة عن الرجل الصرورة » وليس في السند الا المفضلرضي‌الله‌عنه وتضعيفه من أكبر المجازفات، ولذا ذهب سيد الفقهاء الخوئي مع ماهو دأبه من التشدد في التوثيق والتعديل الى وثاقته وعدالته، فما افادهقدس‌سره في المعتمد من عدم الدليل على عدم جواز المرأة الصرورة للرجل الصرورة كان قبل انشغاله بالمعجم على الظاهر.

ومنها ايضا موثقة ابن زرارة قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام الرجل الصرورة يوصي أن يحج عنه هل يجزي عنه المرأة ؟ قال: «كيف تجزي امرأة

=

٣٣٦

أن يكون الاولى فيمن عجز عن مباشرة الحج وكان موسرا أن يستنيب الصرورة فى ذلك(١) ، كما أن الاولى فيمن استقر عليه الحج فمات أن يحج عنه الصرورة(٢) .

مسألة ٣٦٣: يشترط في المنوب عنه الإسلام، فلا تصح النيابة عن

____________________

=

وشهادته شهادتان، قال: انما ينبغي ان تحج المرأة عن المرأة والرجل عن الرجل، وقال: لابأس ان يحج الرجل عن المرأة » وقولهعليه‌السلام «لاينبغي» لايستلزم الاستحباب، بل في موارد كثيرة في الروايات استفيد منه الحرمة والمنع، فما في المعتمد من كون الذيل يدل على الاستحباب لعل فيه مافيه، والله العالم.

نعم تقيّد الموثقة بروايتي مصادف لان ظاهرها عدم صحة حج المرأة مطلقا عن الرجل، ويؤيده ان سؤال الراوي عن الرجل الصرورة، لاأنها تطرح لمخالفة النص والفتوى كما في بعض التقريرات.

(١) ففي صحيحة الحلبي إن كان رجل موسر حال بينه وبين الحج مرض يعذره الله فيه، قال: عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لامال له » ومثلها مصححة البطائني، وهي وإن كان ظاهرها وجوب كون النائب صرورة إلا أن أصل الحكم وهو وجوب بعث من يحج عنه غير ثابت سوى دعوى الاجماع عليه وإيماء جملة من النصوص القابلة للخدش فيها.

(٢) تشهد له صحيحة معاوية في رجل صرورة مات ولم يحج حجة الاسلام وله مال، قال: يحج عنه صرورة لامال له.

٣٣٧

الكافر(١) ، فلو مات الكافر مستطيعاً وكان الوارث مسلما لم يجب عليه استئجار الحج عنه، وأما الناصب فلاتجوز النيابة عنه إلا إذا كان أباً(٢) ، وفي غيره من ذوي القربى إشكال، نعم لابأس بالاتيان بالحج وإهداء الثواب إليه(٣) .

مسألة ٣٦٤: لابأس بالنيابة عن الحي في الحج المندوب تبرعا كان أو بإجارة(٤) ، وكذلك لابأس بالنيابة عنه - باستنابة - في الحج

____________________

(١) ( ماكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى ).

(٢) ففي صحيحة ابن عبد ربه قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام : أيحج الرجل عن الناصب ؟ فقال: لا، قلت: فإن كان أبي، قال: ان كان أباك فنعم.

(٣) لموثقة اسحاق عن أبي ابراهيمعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يحج فيجعل حجته وعمرته أو بعض طوافه لبعض أهله وهو عنه غائب ببلد آخر، قال: فقلت: فينقض ذلك من أجره ؟ قال: لا، هي له ولصاحبه، وله أجر سوى ذلك بما وصل، قلت: وهو ميت، هل يدخل ذلك عليه ؟ قال: نعم، حتى يكون مسخوطاً عليه فيغفر له، أو يكون مضيقاً عليه فيوسع عليه، فقلت: فيعلم هو في مكان أن عمل ذلك لحقه ؟ قال: نعم، قلت: وإن كان ناصبيا ينفعه ذلك ؟ قال: نعم، يخفف عنه.

(٤) بل يستحب التطوع بالحج عن المؤمنين احياءاً وامواتاً.

٣٣٨

الواجب إذا كان معذورا عن الاتيان بالعمل مباشرة على ماتقدم(١) ، ولاتجوز عن الحي في غير ذلك، وأما النيابة عن الميت فهي جائزة مطلقا، سواء كانت إجارة أم بتبرع، وسواء كان الحج واجبا أم مندوباً.

مسألة ٣٦٥: يعتبر في صحة النيابة قصد النيابة، كما يعتبر فيها

____________________

(١) في شروط الحج قال دام ظله: إذا استقر عليه الحج ولم يتمكن من الحج بنفسه لمرض أو حصر أو هرم، أو كان ذلك حرجا عليه ولم يرج تمكنه من الحج بعد ذلك من دون حرج، وجبت عليه الاستنابة، وكذلك من كان موسراً ولم يتمكن من المباشرة أو كانت حرجية، ووجوب الاستنابة فوري كفورية الحج المباشري.

وتدل عليه صحيحة الحلبي عن ابي عبداللهعليه‌السلام - في حديث - قال: « وإن كان موسراً وحال بينه وبين الحج مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه فإن عليه أن يحج عنه من ماله صرورة لامال له »، وصحيحة معاوية عنهعليه‌السلام قال: أن علياًعليه‌السلام رأى شيخا لم يحج قط، ولم يطق الحج من كبره، فأمره أن يجهز رجلا فيحج عنه.

* نعم الظاهر رجحان أن يتحمل الحرج والمشقة ويؤدي الحج بنفسه مع الاستنابة فيما لايقدر على مباشرته من طواف أو سعي او رمي أو غيرها.

ووجهه واضح، لجواز الاستنابة في الطواف والسعي وغيرها حين العجز كما سيأتي، ولعدم كون الحرج والمشقة من قيود الملاك.

٣٣٩

تعيين المنوب عنه بوجه من وجوه التعيين، ولايشترط ذكر اسمه، وإن كان يستحب ذلك في جميع المواطن والمواقف.

مسألة ٣٦٦: كما تصح النيابة بالتبرع وبالاجارة تصح بالجعالة وبالشرط في ضمن العقد ونحو ذلك.

* مسألة ٣٦٧: لاتكفي النيابة التبرعية عمن عجز عن أداء بعض مناسك الحج، بل لابد من الانابة والتسبيب(١) ، فمن عجز أو صد عن المناسك يوم العيد - مثلا - لايكفي لاحدٍ من رفقائه القيام برمي جمرة العقبة والذبح عنه من دون الاتصال به.

مسألة ٣٦٨: الظاهر أن حال النائب حال من حج عن نفسه فيما إذا طرأ عليه العجز عن أداء بعض المناسك مطلقا(٢) ، او على النهج المقرر لها، فيصح حجه ويجزي عن المنوب عنه في بعض الموارد، ويبطل في البعض الاخر، مثلا: إذا طرأ عليه العجز عن الوقوف الاختياري بعرفات أجتزأ بالوقوف الاضطراري فيها وصح حجه وتفرغ ذمة المنوب عنه، بخلاف ما لو عجز عن الوقوفين جميعا فإنه

____________________

(١) اذ مع عدمهما لايقع العمل عنه لعدم الدليل عليه، وأدلة كفاية النيابة التبرعية عن الحج - في الجملة - لاتشمل المقام كما لايخفي.

(٢) لشمول إطلاق الروايات له كما لايخفى، إذ هي في مقام بيان وظيفة من طرأ عليه العذر أعم من كونه حاجا عن نفسه أو غيره.

٣٤٠