الحديث النبوي بين الرواية والدراية

الحديث النبوي بين الرواية والدراية0%

الحديث النبوي بين الرواية والدراية مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 676

الحديث النبوي بين الرواية والدراية

مؤلف: الشيخ جعفر السبحاني
تصنيف:

الصفحات: 676
المشاهدات: 85428
تحميل: 5984

توضيحات:

الحديث النبوي بين الرواية والدراية
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 676 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 85428 / تحميل: 5984
الحجم الحجم الحجم
الحديث النبوي بين الرواية والدراية

الحديث النبوي بين الرواية والدراية

مؤلف:
العربية

ليلة العقبة مع والده وكان والده من النقباء البدريين، استشهد يوم أُحد.(١)

قال ابن سعد في طبقاته: ويجعل جابر في الستة نفر الذين أسلموا من الاَنصار، أوّل من أسلم منهم بمكة وشهد جابر بدراً وأُحداً والخندق والمشاهد كلّها مع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد روى عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحاديثه وتوفي وليس له عقب.(٢)

روى الاِمام أحمد، عن أبي الزبير، عن جابر، انّه قال: غزوت مع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسع عشرة غزوة، قال جابر: لم أشهد بدراً ولا أُحداً منعني أبي، قال: فلما قتل عبد اللّه يوم أُحد لم أتخلف عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة قط.(٣)

قال الذهبي: مات جابر بن عبد اللّه سنة ٧٨ وهو ابن ٩٤ سنة وكان قد ذهب بصره.

مسنده بلغ ألفاً وخمسمائة وأربعين حديثاً، اتّفق له الشيخان على ٥٨ حديثاً، وانفرد له البخاري ب- ٢٦ حديثاً، ومسلم ب- ١٢٦ حديثاً.

والعجب انّ ابن سعد وغيره لم يترجموا له ترجمة وافية بحقه، مع أنّهم ربما أطنبوا الكلام فيمن لا يصل إلى منزلة جابر، وأمّا ما هو السبب من وراء ذلك فنحيل دراسته إلى القارىَ الكريم.

فلنذكر شيئاً من روائع رواياته ثمّ نعرج إلى السقيمة منها.

روائع رواياته

١. أخرج أحمد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:

____________________

١ سير أعلام النبلاء: ٣/١٨٩ برقم ٣٨، نقل بتصرف.

٢ طبقات ابن سعد: ٣/٥٧٤.

٣ مسند أحمد: ٣/٣١٩.

٥٨١

سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أفضل الصدقة صدقة عن ظهر غنى، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى.(١)

٢. أخرج مسلم في صحيحه، عن أبي نضرة، قال: كان ابن عباس يأمر بالمتعة، وكان ابن الزبير ينهى عنها.

قال: فذكرت ذلك لجابر بن عبد اللّه، فقال: على يديّ دار الحديث، تمتّعنا مع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما قام عمر، قال: إنّ اللّه يحل لرسوله ما شاء بما شاء، وإنّ القرآن قد نزل منازله، فأتمو الحجّ والعمرة للّه كما أمركم اللّه.

وأبتّوا نكاح هذه النساء فلن أُوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّ رجمته بالحجارة.(٢)

أقول: الرواية ناظرة إلى متعتين:

الاُولى: متعة الحجّ، وإليه يشير قول جابر: «تمتعنا مع رسول اللّه».

الثانية: متعة النساء وإليه يشير قول الخليفة «وابتوا نكاح هذه النساء...».

وربما يلتبس على البعض معنى «المتعتين» نقوم بتوضيحها فنقول:

أمّا الاُولى فهي عبارة عن الاِتيان بالعمرة في أشهر الحجّ ثمّ الحجّ، من عامه بفصل العمرة عن الحج بالتمتع بينهما. وقد كان عمر بن الخطاب يرغب عن التمتع بين العمرة والحج.

فعن أبي موسى الاَشعري انّه كان يفتي بالمتعة، فقال له رجل: رويدك ببعض فتياك، فانّك لا تدري ما أحدث أمير الموَمنين في النسك بعدك، حتى لقيه(أبو موسى) بعدُ فسأله عن ذلك.

____________________

١ مسند أحمد: ٣/٣٣٠.

٢ صحيح مسلم: ٤/٣٨، باب في المتعة بالحج والعمرة.

٥٨٢

فقال عمر: قد علمت انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد فعله هو وأصحابه، ولكن كرهت أن يظلّوا بهنَّ معرِّسين في الاَراك ثمّ يروحون بالحجّ تقطر روَوسهم.(١)

وعن أبي موسى من طريق آخر، انّ عمر قال: هي سنّة رسول اللّه - يعني المتعة - و لكنّي أخشى أن يعرسوا بهنّ تحت الاَراك ثمّ يروحوا بهنّحجاجاً.(٢)

وقد جاء في مصادر الشيعة أوضح من ذلك روى الشيخ المفيد (٣٣٦-٤١٣ ه- ) في إرشاده صورة ما دار ما بين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم و عمر من الحوار.

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من لم يَسُق منكم هدياً فليحلّ وليجعلها عمرة (أي فليقصر أي يأخذ من شعره وظفره فيحل له ما حرم له بالاِحرام) و من ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه».

فالتفت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عمر، وكان ممن بقي على إحرامه ، وقال: ما لي أراك يا عمر محرماً أسُقْتَ هدياً؟

قال عمر: لم أسُق.

فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فلم لا تُحل، وقد أمرتُ من لم يسق الهدي بالاِحلال؟

قال عمر: واللّه يا رسول اللّه لا أحللت وأنت محرم.

وكان عمر يستغرب الاِحلال ويقول: كيف تقطر روَوسنا من الغسل و نحن زوار البيت.(٣)

وأمّا استدلال الخليفة على الوصل بين العمرة والحجّ. بقوله سبحانه:( وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للّهِ ) (البقرة / ١٩٦) فغير تامّ و الآية أجنبية عمّا يرومه،

____________________

١ مسند أحمد :١/٥٠.

٢ مسند أحمد : ١/٤٩.

٣ الارشاد،ص٩٣.

٥٨٣

وذلك لاَنّها بصدد بيان إكمال كلّ من الفريضتين للّه سبحانه، والاِتيان بهما على وجه قربي، وأين هو من وصل إحداهما بالآخر؟

هذا ما يرجع إلى الاَوّل من الرواية.

وأمّا الثانية وهي قوله: «ابتّوا نكاح هذه النساء فلن أُوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلاّرجمته بالحجارة» فهو راجع إلى متعة النساء التي ورد فيها قوله سبحانه:( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) (النساء/٢٤).

وقد اشتهر من الخليفة قوله: يا أيّها الناس ثلاث كنَّ على عهد رسول اللّه وأنا أنهى عنهنَّ وأُحرمهنَّ وأُعاقب عليهنَّ: متعة النساء، ومتعة الحجّ، وحيّ على خير العمل.(١)

وبما ذكرنا يظهر الخلل فيما جاء به النووي في شرح صحيح مسلم عند تفسير الرواية حيث ذكر في تفسيره وجهين: ١. فسخ الحج إلى العمرة، ٢. العمرة في أشهر الحجّ ثمّ الحجّ من عامه.(٢)

والثاني هو المتعين لكن بإضافة «والتمتع بين العمرة والحجّ بالتحلل من محرماتها».

٣. أخرج ابن خزيمة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة لا يقبل اللّه لهم صلاة، ولا يصعد لهم حسنة: العبد الآبق حتى يرجع إلى مواليه فيضع يده في أيديهم، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى يرضى، و السكران حتى يصحو.(٣)

____________________

١ مفاتيح الغيب: ١٠/٥٢- ٥٣؛ القوشجي، شرح التجريد: ٤٨٤ طبع إيران.

٢ لاحظ شرح صحيح مسلم للنووي: ٨/٤١٨، الباب ١٨ ، باب في المتعة.

٣ مسند ابن خزيمة: ٢/٦٩ برقم ٩٤٠.

٥٨٤

٤. أخرج مسلم في صحيحه، عن عمرو بن دينار، انّه سمع جابر بن عبد اللّه، يقول: نهى رسول اللّه عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه.(١)

٥. أخرج النسائي في سننه، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قضى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالشفعة في كلّ شركة لم تُقْسم رَبْعَة، وحائط لا يحل له أن يبيعه حتى يوَذن شريكه، فإن شاء أخذ وإن شاء ترك وإن باع ولم يوَذنه فهو أحقّ به.(٢)

٦. أخرج أحمد في مسنده، عن أبي الزبير، عن جابر: انّ رسول اللّه «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ، قال: من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة.(٣)

٧. أخرج ابن ماجة، عن عمر بن دينار، عن جابر بن عبد اللّه، انّ امرأة أتت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت: إنّ أُمّي تُوفّيت وعليها نذر صيام، فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال لها رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليصم عنها الولي.(٤)

٨. أخرج أحمد عن سليمان بن موسى، قال: قال جابر: قال النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » : لا وفاء لنذر في معصية اللّه.(٥)

٩. أخرج مسلم عن الاَمير، عن جابر: انّامرأة من بني مخزوم سرقت، فأُتي بها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعاذت بأُمّ سلمة زوج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : واللّه لو كانت فاطمة لقطعت يدها، فقطعت.(٦)

١٠. أخرج أحمد في مسنده، عن أبي الزبير، عن جابر عن رسول اللّه

____________________

١ صحيح مسلم: ٥/١٢، باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها من كتاب البيوع.

٢ سنن النسائي: ٧/٣٢٠.

٣ مسند أحمد: ٣/٣٥٦.

٤ سنن ابن ماجة: ١/٦٨٩ برقم ٢١٣٣.

٥ مسند أحمد: ٣/٢٩٧.

٦ صحيح مسلم: ٥/١١٥، باب قطع السارق الشريف من كتاب الحدود.

٥٨٥

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انّه قال : لكلّ داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن اللّه عزّ وجلّ.(١)

١١. أخرج مسلم في صحيحه عن أبي الزبير، عن جابر، قال: اقتتل غلامان، غلام من المهاجرين، وغلام من الاَنصار.

فنادى المهاجر أو المهاجرون: يا للمهاجرين، ونادى الاَنصاري: يا للاَنصار.

فخرج رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: ما هذا دعوى أهل الجاهلية؟!

قالوا: لا، يا رسول اللّه إلاّ أنّ غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر، قال: فلا بأس ولينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه فانّه له نصر، وإن كان مظلوماً فلينصره.(٢)

١٢. أخرج الترمذي عن أبي بكر المنكدر ، عن جابر، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاث من كنّ فيه ستر اللّه عليه كنفه، وأدخله جنته: رفق بالضعيف، وشفقة على الوالدين، وإحسان إلى المملوك.(٣)

هذه نخبة من روائع أحاديثه، وما أكثرها، وعزيت إليه روايات لا تصح نسبتها إلى ذلك الصحابي الجليل، وإليك دراستها.

١. إفتاء النبي بقتل السارق ثمّ العدول عنه إلى القطع

أخرج النسائي في سننه، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد اللّه الاَنصاري، قال: جيء بسارق إلى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول اللّه إنّما سرق، قال: اقطعوه، فقطع.

____________________

١ مسند أحمد: ٣/٣٣٥.

٢ صحيح مسلم: ٨/١٩، باب نصر الاَخ ظالماً أو مظلوماً من كتاب البر والصلة والآداب.

٣ سنن الترمذي: ٤/٦٥٦ برقم ٢٤٩٤.

٥٨٦

ثمّ جيء به الثانية، فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول اللّه إنّما سرق، قال: اقطعوه، فقطع.

فأتي به الثالثة، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول اللّه إنّما سرق، فقال: اقطعوه ثمّ أتى به الرابعة، فقال: اقتلوه، قالوا: يا رسول اللّه إنّما سرق، قال: اقطعوه فأتى به الخامسة، قال: اقتلوه.

قال جابر: فانطلقنا به إلى مربد النعم وحملناه فاستلقى على ظهره ثمّ كشر بيديه ورجليه فانصدعت الاِبل، ثمْ حملوا عليه الثانية، ففعل مثل ذلك، ثمّ حملوا عليه الثالثة فرميناه بالحجارة فقتلناه، ثمّ ألقيناه في بئر ثمّ رمينا عليه بالحجارة.(١)

وهناك إشكال واضح يوجب سقوط الحديث عن الحجّية مضافاً إلى ما في كيفية القتل من القساوة التي لا يرضى بها نبيّ الرحمة، وهو انّ النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » - حسب الرواية - أفتى بقتل السارق أربع مرات وفي الوقت نفسه لما أُخبر بأنّه سرق أفتى بالقطع، وعندئذٍ يُطرح السوَال التالي وهو انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أفتى بالقتل أربع مرّات، فهل ثبت عنده ما يوجب القتل بشهادة الشهود العدول أو لا ؟

فعلى الاَوّل لماذا عدل عن الحكم بالقتل إلى القطع، وعلى الثاني يلزم الاِفتاء بالقتل قبل التثبت وهو أمر لا يليق أن ينسب إلى القاضي العادل فضلاً عن النبي المعصوم.

فإن قيل قد أفتى بالقتل بعد الثبوت ولكن تبين فسق الشهود وزيف شهادتهم، فلذلك عدل بالقتل بعد ثبوت سببه.

يلاحظ عليه: - مضافاً إلى بُعد تبين فسق الشهود متتابعاً - أنّهلماذا لم يعزّر

____________________

١ سنن النسائي: ٧/٩٠، باب قطع اليدين والرجلين من السارق؛ وسنن أبي داود: ٤/١٢٤ برقم ٤٤١٠.

٥٨٧

الشهود أوّلاً ؟ وأخذ بقولهم في المراتب اللاحقة أيضاً كلّ ذلك يوَدي إلى سقوط الرواية عن الحجّية وانّه لا يليق بساحة النبي المعصوم ولا القاضي العادل.

ولحن الحديث أشبه بكلام قاض متساهل لا يقيم لدم الاِنسان قدراً وقيمة، فيحكم بالقتل قبل السوَال والتريث، ولما الفت نظره إلى فقدان سبب القتل ووجود سبب القطع، حكم بالثاني.

هذا هو الاِشكال الواضح في الرواية.

والعجب انّ شرّاح الحديث لم يلتفتوا إلى ذلك وإنّما ركزوا البحث على الخامسة بتصور انّه لا يباح دم السارق وإن تتكررت منه السرقة و ربما يوجه بأنّ الحديث مخرج على مذهب مالك وهو أن يكون السارق الوارد فيها من المفسدين في الاَرض فانّ للاِمام أن يجتهد في عقوبته و إن زاد على مقدار الحد، وإن رأى أن يقتل قتل، وربما يوجه بوجه آخر وهو إن قتله في الرابعة ليس حداً وإنّما هو تعزير بحسب المصلحة وعلى هذا يتخرج حديث الاَمر بقتل السارق.(١)

وهناك وجه آخر وهو انّ السارق في المرتبة الرابعة إذا سرق في السجن يقتل، وهو المروي عن الاِمام الصادقعليه‌السلام ، قال: إذا أخذ السارق قُطعت يده من وسط الكف، فإن عاد قطعت رجله من وسط القدم فإن عاد استودع السجن، فإن سرق في السجن قتل.(٢)

والمهم هو الاِشكال الاَوّل.

____________________

١ عون المعبود في شرح سنن أبي داود: ١٢/٩٧ برقم ٤٣٨٧.

٢ وسائل الشيعة: ٨/٩٣، الباب الخامس من أبواب حدّ السّرقة، الحديث ٤.

٥٨٨

٢. سبُّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولعنه وجلده زكاة للمسبوب و...

أخرج مسلم في صحيحه، عن أبي سفيان، عن جابر، عن النبيقال:

اللّهمّ إنّما أنا بشر، فأيّما رجل من المسلمين سببتُه، أو لعنتُه أو جلدُته فاجعلها له زكاة وأجراً.(١)

أقول: كيف تصح نسبة السبّ إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أنّه قال: «سباب المسلم فسوق» و هو أرفع من أن يكون سبّاباً، وأدبه يأبى ذلك؟!

و مع غض النظر عن ذلك نقول: إنّ صدور السبّ واللعن والجلد لا يخلو عن حالتين:

الاُولى : أن يكون المسبوب والمجلود والملعون مستحقاً لذلك الفعل فالقيام بمثل ذلك العمل فريضة إلهية جعلت على عاتق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى القائم مقامه بعده، ومثل هذا - لو جاز - لا يحتاج إلى الاعتذار كما هو ظاهر الحديث، ولا يحتاج إلى أن يقول إنّما أنا بشر.

مثلها ما إذا لم يكن مستحقاً لذلك عند اللّه وفي واقع الاَمر ولكن قامت الاَمارة الشرعية على الاستحقاق في الظاهر ، والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مأمور بالحكم بالظاهر واللّه يتولّى السرائر ، فعندئذٍ الذي يتولّى كبره هو شاهد الزور، لا القاضي فلا وجه للاعتذار.

الثانية: ما إذا لم يكن هناك مسوغ لهذه الاَعمال لا واقعاً ولا ظاهراً، وإنّما قام الفاعل بذلك متأثراً عن قوى حيوانية وهذا هو المتبادر من الرواية بشهادة قوله «إنّما أنا بشر» ولازم ذلك أن يكون النبي فاحشاً ولعّاناً وسبّاباً و مع أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منزَّه عن هذه العيوب.

____________________

١ صحيح مسلم: ٨/٢٥، باب من لعنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو سبّه أو دعا عليه.

٥٨٩

أخرج البخاري بسنده عن أنس، قال: لم يكن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاحشاً ولا لعاناً ولا سبّاباً ، إلى غير ذلك من الروايات.(١)

وقد ذُكر احتمال آخر لتصحيح الرواية وهو انّ المراد من سبّه ودعائه ما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نيّة كقوله: «تربت يمينك و عقري حلقي»، وفي هذا الحديث «لا كبرت سنك» وفي حديث معاوية «لا أشبع بطنه» ونحو ذلك لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء، فخافصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يصادف شيء من ذلك أجابة فسأل ربّه سبحانه وتعالى ورغّب إليه في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهوراً وأجراً.(٢)

يلاحظ عليه: أنّه على خلاف الظاهر أوّلاً، والنبيّ المعصوم أجلّ شأناً من أن يحوم حول اللغو العبث ثانياً وعلى فرض كونه المراد فاللّه سبحانه حكيم لا يوَاخذ من دعا عليه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بلا جدٍ و نية حتى يسأله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل دعائه عليهم زكاة وأجراً.

ولعلّّ مصدر الرواية هو أبو هريرة ومنه انتشرت الرواية.

روى مسلم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال، قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

إنّما أنا بشر فأيّما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعل له زكاة و رحمة.(٣)

وقد تقدم عند دراسة أحاديث أبي هريرة انّ الحديث موضوع لغاية ابراء مروان بن الحكم وأبيه وبنيهما الملعونين على لسان رسول اللّه. فلاحظ.

____________________

١ البخاري: الاَدب المفرد: ١٥٤ برقم ٤٣٠.

٢ شرح صحيح مسلم: ١٦/٣٨٩-٣٩٠.

٣ صحيح مسلم: ٨/٢٥، باب من لعنه النبي أو سبّه أو دعا عليه.

٥٩٠

٣. محمد بن مَسْلَمة قاتل مرحب

أخرج الاِمام أحمد، عن عبد اللّه بن سهل بن عبد الرحمان بن سهل أخي بني حارثة، عن جابر بن عبد اللّه الاَنصاري، قال: خرج مرحب اليهودي من حصنهم، قد جمع سلاحه يرتجز ويقول:

قد علمت خيبر انّي مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

أطعن أحياناً وحيناً أضرب

إذ الليوث أقبلت تلهب

كان حماي لحمى لا يقرب

وهو يقول: هل من مبارز؟ فقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لهذا؟ فقال محمد بن مسلمة: أنا له يا رسول اللّه، وأنا واللّه المأثور الثائر، قتلوا أخي بالاَمس، قال: فقم إليه، اللّهمّ أعنه عليه، فلما دنا أحدهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه، كلما لاذ بها منه اقتطع بسيفه ما دونه، حتى برز كلّواحد منهما لصاحبه، وصارت بينهما كالرجل القائم، ما فيها فنن، ثمّ حمل مرحب على محمد فضربه، فاتقى بالدَّرقة فوقع سيفه فيها، فعضّت به، فأمسكه وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله.(١)

إنّ الرواية لا تتفق مع التاريخ الصحيح الذي اتّفق عليه علماء كلا الفريقين كابن هشام في سيرته(٢) والطبري في تاريخه(٣) ابن الاَثير في كامله(٤) والواقدي في مغازيه.(٥)

____________________

١ مسند أحمد: ٣/٣٨٥.

٢ السيرة النبوية لابن هشام: ٣/٣٤٩.

٣ تاريخ الطبري: ٢/٢٣٣.

٤ ابن الاَثير: الكامل في التاريخ: ٢/٢٢٠-٢٢٢.

٥ الواقدي، المغازي: ٢/٦٥٣.

٥٩١

أخرج مسلم في صحيحه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً، فقال: ما منعك أن تسبَّ أبا تراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً، قالهنَّ له رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلن أسبَّه، لئن تكون لي واحدة منهنّأحبّ إليَّ من حمر النِّعم.

ثمّذكر من هذه الثلاثة قوله:

وسمعته يقول يوم خيبر: لاَعطينّ الراية رجلاً يحب اللّه ورسوله، ويحبه اللّه ورسوله، قال: فتطاولنا لها، فقال: ادعو لي علياً فأُوتي به أرمد، فبصق في عينه ودفع الراية إليه ففتح اللّه عليه.(١)

إنّ القول بأنّ ابن مَسْلمة هو الذي قتل مرحباً من الوهن بمكان لا يقاوم ما اشتهر في التاريخ الاِسلامي، لاَنّ محمد بن مسلمة لم يكن ذلك الرجل الشجاع، والبطل الصنديد الذي توَهله شجاعته لاَن يكون فاتح خيبر وقاتل بطلها الاَكبر، فانّالتاريخ لا يذكر له موقفاً بارزاً من بطولته وشجاعته.

فقد كُلّف في السنة الثالثة من قبل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يغتال كعب بن الاَشرف الذي حرّك المشركين واليهود ضد الاِسلام عقب معركة بدر الكبرى.

وقد بقي ثلاثة أيام بلياليها لا يطعم شيئاً خوفاً، فأنكر عليه رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خوفه و سأله عن سبب ذلك، فقال: يا رسول اللّه قلت لك قولاً لا أدري هل أفي-نَّ به أم لا ؟

فلمّا رأى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنه ذلك أرسل معه أربعة رجال ليعينوه على هذه المهمة ويتخلّصوا من كعب.

فخرجوا إليه في منتصف الليل وقتلوا عدو اللّه كعباً وفق خطة مدروسة،

____________________

١ صحيح مسلم: ٧/١٢٠، باب مناقب علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

٥٩٢

ولكن محمد بن مسلمة جَرح أحدَ رفاقه من شدة الخوف والوحشة التي أصابته.

نقل ابن هشام في سيرته عن محمد بن مسلمة انّه قال:

وقد أصيب الحارث بن أوس بن معاذ، فجرح في رأسه أو في رجله، أصابه بعض أسيافنا.(١)

ولا شكّ انّ مثل هذا الشخص لا يمكنه أن يبارز صناديد «خيبر» المعروفين وينازلهم.

على أنّ فاتح خيبر لم يقاتل مرحباً وحده بل قاتل بعد مصرع مرحب من كانوا معه من شجعان اليهود، وإليك أسماء الذين قاتلهم عليّعليه‌السلام بعد قتل مرحب:

١. داود بن قابوس، ٢. ربيع بن أبي الحُقيق، ٣. أبو البائت، ٤. مرّة بن مروان، ٥. ياسر الخيبري، ٦. ضحيج الخيبري.

وكلّ هوَلاء قاتلهم علي خارج حصن خيبر، فكيف يمكن أن ينفرد محمد بن مسلمة بقتل مرحب، ويترك نزال الآخرين لعليعليه‌السلام ؟ إذ لا يمكن لشجاع أن يرجع إلى معسكره إلاّ بعد أن يخضِّب سيفه بدماء الاَبطال واحداً تلو الآخر.

هذا وانّ أبناء الدنيا حاولوا أن يسلبوا تلك المنقبة الثابتة لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ولكنّه سبحانه جرت سنته تعالى على ابطال تلك الخطط الشيطانية، ولذلك ملاَت الخافقين فضائله ومناقبه بعدما منع نقلها ونشرها أحقاب متتالية، و من خططهم الشيطانية ، نقل هذه الرواية على لسان جابر بن عبد اللّه، المعروف بالولاء لعلي وأهل بيتهعليهم‌السلام وإلى اللّه المشتكى.

____________________

١ السيرة النبوية لابن هشام: ٣/٥٦.

٥٩٣

٤. طلحة شهيد يمشي على وجه الاَرض

أخرج الترمذي في سننه، عن أبي نضرة، قال: قال جابر بن عبد اللّه: سمعت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: من سرّه أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الاَرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد اللّه.(١)

أقول: ما هو الملاك في تسمية طلحة شهيداً يمشي على وجه الاَرض أكان جهاده في سبيل اللّه؟ فلم يكن هذا سمة خاصة به وقد شاركه فيها علي بن أبي طالب والزبير وسعد بن أبي وقاص وأبو دجانة وغيرهم من الاَنصار.

أو كان الملاك انّه وقى بيده رسول اللّه يوم أُحد فصارت شلاء؟

روى ابن ماجة عن قيس، قال: رأيت يد طلحة شلاء وقى به رسول اللّه يوم أُحد.(٢)

ومعنى ذلك أن يصحّ تسمية كلّمن نقص منه عضو في سبيل حفظ الرسول بالشهيد، وهذا ممّا لا يقبله الذوق السليم.

وعلى كلّتقدير فهذه الرواية لا تضفي على الرجل ثوب العصمة والعدالة ولا تجعله في عداد الشهداء بعدما حارب الاِمام المفترضة طاعته.

والعجب انّ بعض هذه الروايات تنتهي إلى معاوية بن أبي سفيان.

أخرج ابن ماجة عنه، قال: نظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى طلحة، فقال: هذا ممّن قضى نحبه.(٣)

____________________

١ سنن الترمذي: ٥/٦٤٤ برقم ٣٧٣٩؛ وأخرجه أيضاً ابن ماجة في سننه: ١/٤٦ برقم ١٢٥.

٢ سنن ابن ماجة: ١/٤٦ برقم ١٢٨.

٣ سنن ابن ماجة: ١/٤٦ برقم ١٢٧.

٥٩٤

٥. اللّه ليس بأعور

أخرج أحمد في مسنده، عن زيد بن أسلم، عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال ولا من نبي إلاّ وقد حذَّر أُمّته، ولاخبرنّكم بشيء ما أخبره نبيّ أُمّته قبلي، ثمّ وضع يده على عينه، ثمّ قال: اشهد انّ اللّه عزّوجلّ ليس بأعور.(١)

وقد تكلمنا حول هذا الموضوع في عدّة مواضع فلاحظ.

____________________

١ مسند أحمد: ٣/٢٩٢.

٥٩٥

٣٥- أبو أمامة الباهلي

(...- ٨١ه-)

سيرته وأحاديثه الرائعة

أحاديثه السقيمة:

١. مجيَ الاُمّة يوم القيامة غرّاً محجلين.٢. ملك الموت لا يقبض شهيد البحر.

٣. مشاهدات النبي في الجنّة. ٤. لا وصية لوارث.

٥. النهي عن السياحة.

صُدي بن عجلان بن الحارث، أبو أمامة الباهلي السهمي، غلبت عليه كنيته سكن «حمص» من الشام، روى عنه : سليمان بن عامر الجنائزي، والقاسم أبو عبد الرحمان، وأبو غالب خرورَّ، وشرحبيل بن مسلم، ومحمد بن زياد الالهاني وغيرهم.

روى سليمان بن حبيب المحاربي، قال: دخلت مسجد «حمص» فإذا مكحول وابن أبي زكريا جالسان، فقال مكحول: لو قمنا إلى أبي امامة صاحب رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأدّينا من حقّه وسمعنا منه، قال: فقمنا جميعاً حتى أتيناه فسلّمنا عليه فردّالسلام، ثمّ قال: إنّ دخولكم عليَّ رحمة لكم وحجّة عليكم ولم أر رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من شيء أشدّ خوفاً على هذه الاُمّة من الكذب والعصبية، ألا وإيّاكم والكذب والعصبية، ألا وانّه أُمرنا أن نبلغكم ذلك

٥٩٦

عنه، ألا وقد فعلنا فأبلغوا عنّا ما قد بلغناكم.(١)

وقال ابن الاَثير في فصل الكنى: أخبر فضال بن جبير، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي، يقول: سمعت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يقول: اكفلوا لي ست، أكفل لكم بالجنة، إذا حدَّث أحدكم فلا يكذب، وإذا ائتُمن فلا يخن، وإذا وَعد فلا يُخلف، غضُّوا أبصاركم، وكفُّوا أيديكم، واحفظُوا فروجكم. وهو آخر من مات بالشام من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قول بعضهم.(٢)

وفي قول آخر: آخرهم موتاً بالشام عبد اللّه بن بشر.

قال ابن سعد: قال أبو امامة: شهدت صفين فكانوا لا يجهزون على جريح، ولا يطلبون مولِّياً، ولا يسلبون قتيلاً.

ونقل انّه توفي بالشام سنة ٨٦ في خلافة عبد الملك بن مروان، وهو ابن احدى وستين.(٣)

وما ذكره محرّف قطعاً فقد روى الذهبي عن سليم بن عامر، قال: سمعت أبا امامة يقول: سمعت النبي يقول في حجَّة الوداع. قلت لاَبي امامة: مثْل من أنت يومئذٍ؟ قال: أنا يومئذ ابن ثلاثين سنة.(٤)

ولو قلنا انّه توفي في سنة ٨١ه- يكون حينئذٍ هو ابن ١٠١ ، ولو قلنا بالقول الآخر يكون ١٠٦ سنين لا إحدى و ستين. وقد جمعت أحاديثه في المسند الجامع فبلغت ١٦١ حديثاً(٥) وإليك شيئاً من محاسن رواياته.

____________________

١ أُسد الغابة: ٣/١٦.

٢ أُسد الغابة: ٥/١٣٨.

٣ طبقات ابن سعد: ٧/٤١١- ٤١٢.

٤ سير أعلام النبلاء: ٣/٣٦٠.

٥ المسند الجامع: ٧/٤٨١.

٥٩٧

روائع أحاديثه

١. أخرج أحمد في مسنده، عن زيد بن سلام، عن جدّه، قال: سمعت أبا أُمامة، يقول: سأل رجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: ما الاِثم؟ فقال: إذا حكّ في نفسك شيء فدعْه، قال: فما الاِيمان؟ قال: إذا ساءتك سيّئتك، وسرّتك حسنتك، فأنت موَمن.(١)

ويوَيده قوله سبحانه:( إنّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطان تَذَكّروا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُون ) (الاَعراف/٢٠١).

٢. أخرج أبو داود في سننه، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، انّه قال: «من أحبّ للّه وأبغض للّه وأعطى للّه ومنع للّه فقد استكمل الاِيمان».(٢)

٣. أخرج ابن خزيمة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي أُمامة الباهلي، عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: عليكم بقيام الليل، فانّه دأبُ الصّالحين قبلكم، وهو قربة لكم إلى ربّكم،ومكفِّرة للسّيّئات، ومنهاة عن الاِثم.(٣)

ويوَيده قوله سبحانه:( إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطأً وَأَقْوَمُ قِيلاً ) (المزمل/٦). ٤. أخرج مسلم في صحيحه، عن عكرمة بن عمار، حدّثنا شداد، قال: سمعت أبا أمامة، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا ابن آدم، انّك إن تبذل الفضل خير لك، وإن تمسكه شرّ لك، ولا تلام على كفاف، وابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السُّفلى.(٤)

____________________

١ مسند أحمد: ٥/٢٥١.

٢ سنن أبي داود: ٤/٢٢٠ برقم ٤٦٨١.

٣ المسند الجامع: ٧/٤٠٧ برقم ٥٢٤٩.

٤ صحيح مسلم: ٣/٩٤، باب النهي عن المسألة من كتاب الزكاة.

٥٩٨

٥. أخرج ابن ماجة في سننه، عن القاسم، عن أبي امامة، عن النبي «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » ، أنّه كان يقول: ما استفاد الموَمن بعد تقوى اللّه خير له من زوجة صالحة، إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرَّته، وإن أقسم عليها أبرَّته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله.(١) ٦. أخرج ابن ماجة في سننه، عن عبيد اللّه الافريقي، عن أبي أمامة، قال: نهى رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن بيع المغنِّيات وعن شرائهنّ وعن كسبهنَّ وعن أكل أثمانهنّ.(٢) ٧. أخرج أحمد في مسنده، عن القاسم، عن أبي أمامة، انّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلاّ للّه، كان له بكلّ شعرة مرّت عليها يده حسنات، ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده، كنت أنا وهو في الجنة كهاتين، وفرَّق بين اصبعيه السبّاحة والوسطى.(٣) ٨. أخرج أحمد في مسنده عن محمد بن زياد الالهاني، قال: سمعت أبا أمامة، يقول: سمعت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوصي بالجار حتى ظننت انّه سيورّثه.(٤) ٩. أخرج البخاري في الاَدب المفرد، عن القاسم بن عبد الرحمان، عن أبي أمامة، انّ رسول اللّه، قال: من لم يرحم صغيرنا ويُجلّ كبيرنا، فليس منّا.(٥) ١٠. أخرج ابن ماجة في سننه، عن القاسم، عن أبي أمامة: انّ رجلاً، قال: يا رسول اللّه، ما حقُّ الوالدين على ولدهما؟ قال: هما جنَّتك ونارك.(٦)

____________________

١ سنن ابن ماجة: ١/٥٩٦ برقم ١٨٥٧.

٢ سنن ابن ماجة: ٢/٧٣٣ برقم ٢١٦٨.

٣ مسند أحمد: ٥/٢٥٠.

٤ مسند أحمد: ٥/٢٦٧.

٥ الاَدب المفرد: ١٣٠ برقم ٣٥٨.

٦ سنن ابن ماجة: ٢/١٢٠٨ برقم ٣٦٦٢.

٥٩٩

١١. أخرج ابن ماجة في سننه، عن القاسم، عن أبي امامة، قال: قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :... العالم والمتعلم شريكان في الاَجر ولا خير في سائر الناس.(١) ١٢. أخرج ابن ماجة في سننه، عن أبي غالب، عن أبي أمامة، قال: عرض لرسول اللّه رجل عند الجمرة الاُولى، فقال: يا رسول اللّه: أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رأى الجمرة الثانية سأله، فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة وضع رجله في الغرز ليركب، قال: أين السائل؟ قال: أنا يا رسول اللّه، قال: كلمة حقّ عند ذي سلطان جائر.(٢) ١٣. أخرج أحمد في مسنده، عن سليم بن عامر، عن أبي أمامة، قال: إن فتى شابّاً أتى النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا رسول اللّه: ائذن لي بالزّنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه، مه، فقال: ادنه، فدنا منه قريباً، قال: فجلس قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أتحبه لاَُمّك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا النّاس يحبونه لاَُمهاتهم، قال : أفتحبُّه لابنتك؟ قال: لا واللّه، يا رسول اللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال: أفتحبه لاَُختك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لاَخواتهم ، قال: أفتحبّه لعمتّك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبُّونه لعمّاتهم، قال: أفتحبّه لخالتك؟ قال: لا واللّه، جعلني اللّه فداءك، قال: ولا الناس يحبّونه لخالاتهم، قال: فوضع يده عليه، وقال: اللّهمّ اغفر ذنبه، وطهِّر قلبه، وحصِّن فرجه، فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء.(٣) هذه نماذج من روائع أحاديثه التي يشهد شموخ مضامينها على صحتها

____________________

١ سنن ابن ماجة: ١/٨٣ برقم ٢٢٨.

٢ سنن ابن ماجة: ٢/١٣٣٠ برقم ٤٠١٢.

٣ مسند أحمد:٥/٢٥٦.

٦٠٠